منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   سِير أعلام وشخصيات (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=57)
-   -   معلومات + شخصيات مصرية هامة قد لا يعرف عنها البعض شيئ ,, (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=20472)

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:10 AM

انها شخصية عميقة متمردة احبناها جميعا
رفعت الجمال ( الشهير بـ رافت الهجان)



عشرات الأبطال فى جسد واحد
"لأنها تعذبنا فى حبها يا سيدتى "
نعم لأنها تعذبنا فى حبها ولذلك نحبها الى درجة العذاب .. كانت تلك الجملة المؤثرة هى تعقيب رجل المخابرات المصري المعروف " اللواء عبد العزيز الطورى " والشهير باسم " عزيز الجبالى " فى مسلسل رأفت الهجان الذى عالج قصة البطل المصري " رفعت على سليمان الجمال "
هذا التعقيب الذى قاله اللواء عبد العزيز الطورى لزوجة البطل الراحل " فالتراود بيتون" والتى قدمها المسلسل العربي تحت اسم " هيلين سمحون " ..
عندما جمعت بين الاثنين جلسات طويلة استمعت فيها زوجة البطل المصري لقصة زوجها من ضابط الحالة المختص بعملية الجمال رحمهم الله جميعا ..
وكم كانت دهشة فالتراود بيتون الزوجة الألمانية للبطل الراحل عندما سمعت عن مقدار تضحيات زوجها وازدادت دهشتها عندما أيقنت مدى الانتماء الذى يشعر به المصريون تجاه بلادهم وعلى نحو واسع وجامع .. فقالت " انكم أيها المصريون تحبون بلادكم الى درجة العذاب " فعقب عليها ضابط المخابرات الفذ قائلا " لأنها تعذبنا فى حبها يا سيدتى " .. وذلك كما تروى أحداث المسلسل الشهير


وعندما نود القاء الضوء على أشهر أبطال المخابرات المصرية على الاطلاق .. بل أشهر أبطال هذا العالم على الاطلاق .. لابد لى بعد أن قدمه المسلسل الشهير " رأفت الهجان " أن أقدم للقارئ المصري والعربي المتعطش للبطولة شيئا جديدا عن حياة هذا البطل .. وأضيف الى معارفكم شيئا جديدا عنه .. فهيا بنا معا نبحر قليلا فى حياة تلك الأسطورة المصرية " رفعت الجمال "
أولا .. نظرة الى المسلسل العربي " رأفت الهجان "
لم يكن مسلسل " رأفت الهجان " مجرد عمل فنى تم تقديمه للجمهور العربي والمصري عبر أجزاء ثلاثة .. بل كان عملا وطنيا وقوميا هدف الى تفجير الانتماء لدى مختلف الطبقات الجتماعية للجمهور العربي بعرض صور البطولة لاحدى أهم العمليات التى خاضها جهاز المخابرات المصري وكانت سببا مباشرا فى وضع هذا الجهاز فى مرتبة متقدمة للغاية فى ترتيب أجهزة المخابرات العالمية .. لأن الشبكة التى قادها مندوب المخابرات المصرية " رفعت الجمال " وأسسها فى تل أبيب تعد الشبكة الأولى فى مستوى العمليات المماثلة منذ نشأة مجال التخابر وحتى الآن .. لأنها الشبكة الوحيدة فى العالم التى لم تكتشف طيلة ممارستها لعملها عبر عشرين عاما فى قلب العدو وهو انجاز لم يتكرر كما سبق القول لأى جهاز مخابرات مماثل حتى وقتنا هذا بالرغم من فارق الامكانات الضخم التى تتمتع بها الأجهزة الداخلة فى المقارنة مثل " cia " الأمريكية و " kgp " السوفيتية السابقة والتى حل محلها جهاز المخابرات الروسية " svr "


والمكتب السادس البريطانى .. والموساد الاسرائيلي .. وغيرها ..
ويأتى خلفها فى الترتيب العالمى الشبكة التجسسية التى أسسها الجاسوس العملاق " ريتشارد سورج " الألمانى الذى عمل لحساب السوفيات فى الحرب العالمية الثانية وكان لنشاط شبكته الفضل فى قلب موازين الحرب العالمية الثانية ..
وكذلك شبكة التجسس التى عملت لصالح السوفيات أيضا فى قلب المخابرات البريطانية وكانت تضم " كيم فيلبي " نائب رئيس جهاز المخابرات البريطانى نفسه ومعه اثنان من أبرز مساعديه هما برجس وماكلين .. وأصبحت العملية بعد اكتشافها فضيحة كبري للمخابرات البريطانية وقتها ..
وعليه .. كان عرض المسلسل له هدف قومى من الدرجة الأولى ونجح فى ذلك الى حد مدهش .. وبدأت قصة التفكير فى طرح هذه القصة بعد وفاة البطل المصري فى أوائل الثمانينات وكان قد رحل عن اسرائيل الى ألمانيا واعتزل العمل قبل وفاته بنحو خمس سنوات تقريبا ..
وقامت المخابرات المصرية بتقديم الخطوط العريضة الى الكاتب الكبير " صالح مرسي " وهو الأديب المعروف بحنكته فى مجال الرواية الجاسوسية .. وكثفت معه العمل حتى انتهى من صياغة الملف بصيغة روائية قديرة عبر رواية من ثلاثة أجزاء فى ألف صضفحة تقريبا .. حملت الخطوط العريضة للأحداث دون الاشارة الى الأسماء الحقيقية أو الأسرار الحساسة التى لم يحن بعد كشفها .. واستبدلت الأسماء الحقيقية لأبطال العمل بأسماء تحمل نفس الوقع الموسيقي لتلك الأسماء ..وكان الذى اختار الأسماء هو اللواء عبد العزيز الطورى كما أنه هو الذى كتب التفاصيل للأديب الكبير وتم تقديمها الى التليفزيون واشترك فيها العشرات من فنانى مصر وأخرجه باتقان بالغ المخرج المصرييحيي العلمى " وقام ببطولة العمل وقد شخصية البطل المصري الممثل المصري " محمود عبد العزيز " وبلغ الاتقان حدا مذهلا فى اختيار الممثلين وأسماء الشخصيات المستعارة .. هذا لأن الأبطال الحقيقيون للعملية كان وجه الشبه كبير جدا بينهم وبين من قدموا شخصياتهم والأسماء كانت تحمل نفس الوقع كما سبق القول ..
وكمعلومة للقارئ سأذكركم بالأسماء المستعارة والأسماء الحقيقية المقابلة لها ..
1 ـ البطل المصري " رفعت الجمال " قام بتأدية دوره الممثل محمود عبد العزيز تحت اسم " رأفت الهجان " أما اسمه أثناء اقامته باسرائيل " جاك بيتون " وتم تقديمه بالمسلسل باسم " دفيد شارل سمحون "


2ـ مكتشف الجمال وأباه الروحى " اللواء عبد المحسن فائق " قام بتأدية دوره الممثل يوسف شعبان تحت اسم " محسن ممتاز " .. وقد توفي رحمه الله فى عام 1988 م وكان يشغل منصب رئيس هيئة التنشيط السياحى وأندية الغوص بسيناء
3ـ مدرب الجمال وصاحب الفضل فى تطوير أدائه " اللواء محمد نسيم " قام بتأدية دوره الممثل نبيل الحلفاوى تحت اسم " نديم هاشم " .. وهو أبرز ضباط المخابرات العامة فى تاريخها وصاحب أشهر العمليات التى حازت شهرة واسعة على غير المألوف مثل عملية الحج .. وهى المختصة بتدمير الحفار الكندى " كينتنج " الذى استقدمته اسرائيل للتنقيب عن البترول فى سيناء ابان حتلالها .. وقد توفي رحمه الله فى عام 1992م وكان يشغل منصب وكيل أول وزارة التموين بعد اعتزاله
4ـ ضابط الحالة المختص بالعملية " اللواء عبد العزيز الطورى " قام بتأدية دوره الممثل محمد وفيق تحت اسم " عزيز الجبالى " .. وضابط الحالة للمعلومة هو الضابط المسئول عن عملية بعينها يحيط بكل جوانبها ويوجهها حسب رؤيته وحده .. وقد تولى اللواء عبد العزيز الطورى ملف عملية الجمال منذ نهاية الخمسينيات حتى انتهاء العملية عام 1973م .. وهو الذى قدم الخطوط العريضة للقصة التى تناولها صالح مرسي .. وقد توفي رحمه الله فى نهايات عام 2004 م وظل فى عمله بجهاز المخابرات حتى وفاته
5ـ مدير مكتب المخابرات المصرية بروما والذى كان مسئولا عن تأمين الجمال فى فترات زيارته لايطاليا .. اللواء " مصطفي عبد الحميد " قام بدوره الممثل أحمد ماهر تحت اسم " مصطفي عبد العظيم "
6 ـ شقيقة الجمال وأحد أبرز الشخصيات المؤثرة فى حياته " نزيهة الجمال " وقامت بدورها الممثلة عفاف شعيب تحت اسم " شريفة الهجان " .. أما زوجها فهو اللواء " أحمد شفيق " وقام بدوره الممثل صبري عبد المنعم تحت اسم " محمد رفيق "
7ـ ضابط الشرطة الذى ألقي القبض على الجمال فى بدايته ولم يتمكن من معرفة اسمه فرشحه لصديقه عبد المحسن فائق .. هو النقيب " اللواء فيما بعد " شعراوى جمعه" وهو الضابط الذى تولى وزارة الداخلية فيما بعد وقام بدوره الممثل محمد زكريا
8ـ اللواء حسن بلبل .. وهو رفيق اللواء عبد المحسن فائق وأحد المؤسسين الأوائل لجهاز المخابرات العامة وتم تقديمه على الشاشة الصغيرة باسم " حسن صقر " وقام بدوره الممثل مصطفي متولى
9ـ رئيس الخدمة السرية بالمخابرات المصرية " اللواء شعراوى جمعه " وهو الذى أصبح فيما بعد وزير الداخلية وتم تقديمه فى المسلسل تحت اسم " شريف والى " وقام بدوره الممثل صلاح ذو الفقار
10ـ شريك الجمال فى شركة السياحة باسرائيل وهو " ايميري فريد " وتم تقديمه تحت اسم أورلو زوروف .. وقام بدوره الممثل أسامه عباس
11ـ الشخصية الحزبية الكبيرة فى اسرائيل " ادناه مارش " وهى صديقة الجمال باسرائيل تم تقديمها فى المسلسل تحت اسم " سرينا أهارونى "
12 ـ بقي أن نعلم أن الشركة السياحية التى أنشأها الجمال فى اسرائيل ومارس من خلالها نشاطه كان اسمها " سي تورز " ومقرها 2 شارع بيريز بتل أبيب .. وتم تقديم الشركة باسم " ماجى تورز "


13ـ الرسول الذى حمل رسالة فالتراود بيتون " هيلين سمحون " الى المخابرات المصرية فى أول حلقات المسلسل وهو الصديق المصري لزوجة الجمال.. كان هذا الصديق هو الممثل السابق " ايهاب نافع " والذى احترف التمثيل بعد استقالته من الجيش حيث كان أحد ضباط القوات المسلحة المصرية ثم دخل الى دنيا الأعمال وصار رجل أعمال مرموق .. وتم تقديمه فى المسلسل تحت اسم " نهاد كامل "
وبعد عرض تلك الأسماء بقي أن نلقي الضوء على الأحداث التى اختلفت فى الواقع عن عرضها بالمسلسل التليفزيونى وتتمثل فيما يلي
لا شك أن المخابرات المصرية تعد واحدا من أقل الأجهزة نشرا لأعمالها .. فلم يعلن عن نجاحات الجهاز فى الاعلام الا فيما قل وندر .. وحتى عند النشر .. يكون الحرص دائما فيما يخص التفاصيل التى لا يجوز كشفها حتى بعد مرور السنوات الطوال على الأحداث ..
ومن الملاحظ أنه بعد تفجر زوبعة الجمال واعلان قصته سبب مدا عربيا رهيبا متفاعلا مع أحداث القصة التى تفضح مزاعم الأسطورة اليهودية وتفضح قصورها ..
أقول أنه من الملاحظ أن رجال المخابرات العامة المصرية الذين عاصروا الجمال وعمليته اما أن الله تعالى توفاهم ساعة اعلان القصة واما أنهم التزموا الصمت وعدم التعليق بمزيد من المعلومات الا فيما يخص الرد على المزاعم الاسرائيلية بأنها كشفت الجمال وهى الادعاءات التى مزقها اللواء محمد نسيم " نديم هاشم " تمزيقا عبر صفحات مجلة روز اليوسف القاهرية وكذلك التفاصيل والمستندات التى نشرها اللواء عبد العزيز الطورى لتزداد فضيحة المخابرات الاسرائيلية قوة بعد أن تناولت القصة الصحف العالمية الكبري
بقي أن نقول أن المسلسل تم تقديمه شاملا للقصة كلها فيما عدا بعض الاختلافات التى دعتها الحاجة ..
وهى الأحداث التى لم تشملها الرواية وبلغتها عين الباحثين فى حدود المتاح .. وسأجملها لكم فيما يلى ..
• فيما يخص زوجة الجمال .. رحمه الله .. فلم تكن شخصية فالتراود بيتون بالشخصية المحبة لمصر والعرب كما تم تقديمها بالمسلسل .. ولم تعرف شيئا عن بطولات زوجها الا بعد وفاته كما لم تعرف جنسيته وديانته .. وكل هذا قدمه المسلسل .,. الا أنها لم تكن أبدا بالطبيعة السمحة تجاه مصر على النحو الذى تم تقديمه بالمسلسل .. فقد كانت شخصية شرهة للمال وكل ما همها هو السعى للحصول على ثروة زوجها فى مصر وليس أدل من ذلك أنها تزوجت بعد أربعين يوما فقط من وفاة زوجها من صديقها الممثل المصري ايهاب نافع لتتمكن من متابعة تركة الجمال .. حيث أن الجمال كان بعد اعتزاله قد استثمر الجزء الأعظم من ثروته فى التنقيب عن البترول بمصر ..
• قدم المسلسل الجمال بصفته قد أنجب ولدين من زوجته الألمانية .. وحقيقة الواقع أنه أنجب ابنا واحدا فقط هو " دانيال " .. وكانت لزوجته الالمانية بنتا من زواج سابق .. تبناها الجمال .. وفيما يخص نجل البطل المصري .. فقد كان دانيال الجمال على خلاف والدته تماما وشرب طبائع والده الذى لم يعرف حقيقته الا بعد وفاته .. وجاء دانيال الى مصر وأعلن اسلامه وتمسكه بنسبه الحقيقي لى والده .. وبالطبع كان المسئولون يتابعون الابن بسرور غير أن مصلحة الابن اقتضت الحرص على حصوله على نصيبه من تركة والده ولو استجاب المسئولون الى طلبه العاطفي الصميم ساعتها كان دانيال سيخسر تركة والده باعتبارها ثروة مسجلة باسم " جاك بيتون "


• بعد أن اعتزل الجمال عن عمله بالمخابرات العامة المصرية .. كان يتمنى أن يعود الى بلده واسمه الحقيقي غير أن كان مستحيلا بكل المقاييس حرصا على سلامته وأمنه .. فاستغل الجمال اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل وقام باستثمار أمواله التى بلغت عشرين مليون مارك ألمانى فى التنقيب عن البترول بصحراء مصر الغربية وقام بتوقيع عقد انشاء شركة أطلق عليها " ايجيبتكو " مع وزارة الترول المصرية باعتباره المليونير الألمانى جاك بيتون .. ووقعه معه العقد من الجانب المصري وزير البترول فى ذلك الوقت " عز الدين هلال " ثم أنشأ شركة أخرى بينه وبين هيئة البترول المصرية كان فيها الجمال هو الشريك الأجنبي ولا زالت هذه الشركة تابعة لهيئة البترول المصرية وتعد واحدة من أشهر شركات البترول المصرية وهى شركة " عجيبه " وقد اختار الاسم الغريب للشركة الجمال نفسه تعبيرا عن دهشته من القدر الذى جعله يعتبر أجنبيا عن بلاده بالأوراق الرسمية وكم كانت مرارته تبلغ ذروتها عندما يعامله الموظفون والعاملون المصريون بجفاء مطلق ويبالغون فى فرض التعقيدات الادراية أمامه باعتباره يهوديا اسرائيليا يحمل الجنسية الألمانية وهو ما عانى منه الجمال كثيرا مع الرفض الشعبي الرهيب للتطبيع مع اسرائيل ..
• لم تكن عائلته بالسوء الذى تم تقديمه بها فى المسلسل .. فالجمال عاش فى كنف أخيه سامى وكان مثلا له طيلة عمره وهو الذى أصر على أن يرعى الجمال ويكمل تعليمه بالرغم من وفاة والده الحاج على الجمال وكم كان الجمال يتمنى أن يري أخاه سامى نجاحه .. وهو ما لم يتأتى له لوفاة سامى قبل اعتزال الجمال بعامين لكنه قام برد الجميل فى ابن شقيقه والذى رافق عمه بألمانيا وعلم منه بعد اعتزاله أنه رجل مخابرات سابق وظل الفتى كاتما للسر وكاتما صلة القرابة بينه وبين عمه حتى اعلان القصة بعد وفاة البطل
• بقي أن نعرف أن نصيب الجمال فى شركة البترول المصرية الألمانية قامت زوجته الألمانية ببيعه لمستثمر أجنبي بمبلغ 25 مليون دولار
البداية .. مصرية
لا يوجد أدنى مبالغة عندما نقول أن قصة الجمال وبدايته وتاريخه هى قصة جهاز المخابرات المصري وبدايته وتاريخه ..
فقد بدأ التفكير فى انشاء جهاز المخابرات المصري وانشائه مع سنة 1954م .. بعد التفوق الكاسح الذى ساهمت فيه أعمال المخابرات فى الحرب العالمية الثانية وفى انشاء دولة اليهود على أرض فلسطين العربية ..


وقد بنى هذا الجهاز على أكتاف زمرة من خيرة ضباط الجيش المصري مثل عبد المحسن فائق وحسن بلبل ومحمد نسيم وعلى صبري وصلاح نصر .. وحفر هؤلاء الأفذاذ فى الصخر سعيا وراء سبر أغوار هذا العلم الذى تفوق فيه الخصوم ..
ويكفينا لمعرفة الجهد المبذول ما ورد على أن مصر أنشأت جهاز المخابرات الخاص بها بينما الموساد الاسرائيلى أنشأ الدولة اليهودية .. وهذا معروف تاريخيا على أساس أن مؤسس الاستخبارات الاسرائيلية سابقة فى انشائها على الدولة وكل أعضائها من كبار محترفي هذا المجال ولهم أعمالهم وتاريخهم فى الحرب العالمية الثانية ..
وفى تلك الأثناء كما ورد بقصة الجمال التى رواها صالح مرسي خرجت فضيحة لافون وهى العملية التى حاولت فيها اسرائيل ضرب علاقة الثورة المصرية بالولايات المتحدة عن طريق تفجير مكاتب الاستعلامات الأمريكية والمصالح الأمريكية لاظهار عجز النظام عبر مخطط كامل نفذه عملاء الموساد من مجموعة فيليب ناتاسون وألقي القبض عليهم جميعا فيما عرف باسم " فضيحة لافون " نسبة الى وزير الدفاع الاسرائيلي وقتها " اسحاق لافون " والذى اتهم بالتسبب فى الفضيحة المدوية فأعلن استقالته .. وبعدها ظهر للجميع أن الذى أصدر الأمر بتلك العملية هو " دافيد بن جوريون " وكان خارج السلطة الرسمية بذلك الوقت ..
ولم ينجح فى الهرب من تلك المجموعة المنفذة للعملية الا شخصان .. وهما من أبرع ضباط الموساد على الاطلاق .. وهما " ايلي كوهين " و " براهام دار " وهذا الأخير هو الذى عرف فى أوساط اليهود باسم " جون دارلنج "
وأشرف على التحقيق وقتها عبد المحسن فائق وتبينت له مدى ضرورة السعى لتطوير الجهاز الوليد .. والأهم من ذلك ضرورة السعى لزرع مصري فى قلب المجتمنع الاسرائيلي .. كل هذا مع فقر شديد فى الامكانيات والخبرات .. ولم يجد البكباشي بذلك الوقت عبد المحسن فائق الا الاعتماد على حنكته الشخصية لتدبير الأمر .. سعى فى طول مصر وعرضها بحثا خلف الشاب الذى يتمكن من خداع اليهود بمصر أولا ثم باسرائيل ليتم زرعه هناك كعميل مصري
وجاءه الخبر السار من صديقه ضابط المباحث أحمد رشدى والذى ألقي القبض على رفعت الجمال وحار فى تحديد هويته وبدا له هذا الشاب الصغير السن ثعلبا حقيقيا فلجأ الى عبد المحسن لتبدأ العلاقة الروحية الرهيبة التى ربطت بين ضابط المخابرات العتيد والانتحارى المصري العنيد ..


وقام عبد المحسن بتدريب رفعت بالأساليب المتاحة وساعده ذكاء رفعت وثقته المطلقه به فى تشكيل شخصيته على النحو المطلوب .. ليسافر رفعت الى اسرائيل فى وقت لم يكن فيه قد تلقي تدريبا حقيقيا وكان ذلك طبيعيا لأن الجهاز نفسه لم يكن قد تم هندسته اداريا وتكنولوجيا بعد .. ليقضي رفعت باسرائيل زهاء أربعة أعوام حتى عام 1956 م .. لتنتقل ادارة عمليته الى عبد العزيز الطورى أحد الضباط الذين تلقوا التدريبات المكثفة بمدرسة المخابرات بعد انشائها
ومن اليوم الأول .. تناول عبد العزيز الطورى ملف العمليه وأعطاها جهده وحماسه والتقي مع مدرب الجمال ووالده الروحى ضابط المخابرات الفذ عبد المحسن فائق وسمع منه الكثير وكم كانت دهشته من سعة الحيلة والبراعة التى تميز بها عبد المحسن وكيف أن أسلوب العملية والزرع الذى اتبعه عبد المحسن معتمدا على عقليته فقط .. كان هو ذات الذى تعلمه الضباط الجدد فى مدرسة المخابرات على أيدى الخبراء


وأصبح عبد العزيز الطورى ضابط الحالة المختص بالجمال .. وقام بانتداب اللواء محمد نسيم المعروف بقلب الأسد ليتولى اعادة تدريب وهيكلة الجمال وفقا للأسس العلمية الصحيحة .. لأن الجهاز لم يستفد من رفعت فى ذلك الوقت مع السعى الحثيث لهيكلة الجهاز وأيضا فى محاولة تثبيت قدمى رفعت بالمجتمع الاسرائيلي
أما مع تولى قلب الأسد تدريب الجمال فد تغيرت الأمور ..
فمحمد نسيم واحدا من أشاوس المجال دون شك وخبرته وسمعته وشخصيته الجبارة كانت كفيلة باخضاع رفعت رغم عناده .. ومع انتهاء التدريب تغير حال الجمال من مجرد جاسوس عديم الخبرة الى مندوب مدرب يرقي لمستوى ضابط حالة ولم يكن ذلك غريبا .. فالمدرب واحدا من عباقرة المخابرات فى العالم أجمع .. والمتدرب شخصية بلغت من الذكاء والخبرة حدا مدهشا .. ومع توافر الموهبة والعلم خرجت الشخصية الجديدة لرفعت الجمال .. وعاد بعدها الى تل أبيب ليبدأ وفقا للأوامر اجراءات تكوين الشبكة التى لم تكتشف قط ..
وتمر السنون ويبلغ الجمال مستوى القمة فى أدائه مع مرور السنوات وتعميق خبراته وتركيز وعلو مكانته فى المجتمع الاسرائيلي وأصبح الجمال أخطر رجال المخابرات المصرية على الاطلاق وتدين مصر اليه بما لا يحصي عده من الفضل حيث كان سببا مباشرا فى النصر السياسي لحرب 1956 م .. وواحدا من دعائم النصر المؤزر فى أكتوبر 1973 .. حتى عام النكسة أدى الجمال ومن خلفه جهاز المخابرات المصرية واحدا من أعظم بطولاته عندما أرسل بأدق تفاصيل الهجوم الاسرائيلي وموعده !!


وبطولات الجمال من الصعب حصرها حتى فى المعلن منها .. الا أنه من الممكن أن نلقي الضوء على البطولات الرئيسية للجمال من التى كان لها أعظم الأثر فى حياة مصر والأمة العربية بأكملها .. ومنها ..
• كان رفعت الجمال رحمه الله واحدا من أبرز نجوم المجتمع الاسرائيلي على الاطلاق وصديقا شخصيا لموشي ديان وزير الدفاع الاسرائيلي والذى تولى الخارجية الاسرائيلية فيما بعد .. وكان صديقا حميما جدا لرئيسة الحكومة الاسرائيلية فى السبعينيات " جولدا مائير " وكان من حميمية العلاقة بينهما يناديها ب " ماما " ولنا أن نتخيل يا سادة وقع الصدمة على المجتمع الاسرائيلي عندما علم أن هذا النجم هو فى حقيقة الأمر بطل مصري عاش بينهم أكثر من عشرين عاما وأذاقهم الهوان ألوانا دون أن يكتشف أمره ..
• كاد الجمال أن يصبح وزيرا بعد أن تم ترشيحه من حزب " الماباي " وهو حزب عمال الأرض فى اسرائيل وذلك لنيل عضوية الكنيست الاسرائيلي لولا أن صدرت الأوامر اليه من القاهرة برفض العرض.. وكان السبب منطقيا بكل تأكيد لأن ترشيح الجمال لمنصب رسمى كالوزارة كان عرضة لخطر جسيم باكتشاف أمره نتيجة لما يصاحب هذه المناصب العليا من تحريات عنيفة ودقيقة ومتصلة كانت ستصبح قيدا على حرية حركته وحركة شبكته ..
• سبق الحديث عن " ايلي كوهين " رجل المخابرات الاسرائيلية الذى شارك فى عمليه " سوزانا " المعروفة باسم فضيحة لافون وتمكن من الهرب الى اسرائيل , هذا الضابط تم زرعه بعد تلك العملية فى قلب المجتمع السورى على أنه مهاجر عربي عاد الى الوطن السورى بعد سنوات الغربة فى الأرجنتين .. وتمكن ايلي كوهين من تطوير مكانته بالمجتمع السورى تحت اسم " كامل أمين ثابت " حتى بلغ درجة عليا من المناصب الحكومية وأصبح أحد قيادات حزب البعث السورى وتم ترشيحه ليتولى منصبا وزاريا بسوريا .. وفجأة تمكن الجمال من كشف أمره وبعث الى القاهرة يطلب لقاء عاجلا وطار اليه محمد نسيم ليفاجئ بالخبر الصاعق وشاهد صورة كامل أمين ثابت فى صحبة وزير الدفاع السورى فى أثناء زيارته للقوات السورية وقدم له الجمال صورة أخرى لايلي كوهين وتطابقت الوقائع والمستندات ليعود نسيم الى القاهرة بصيد ثمين .. وتم تجميع المعلومات والوقائع فى ملف حمله مدير المخابرات المصرية الى جمال عبد الناصر .. ليصدر أوامره الى مدير المخابرات بالسفر الى سوريا ومقابلة الرئيس السورى أمين الحافظ وتسليمه الملف لتنفجر الزوبعة بدمشق ويلقي القبض على ايلي كوهين ويتم اعدامه بساحة الأمويين بدمشق ويخسر الموساد واحدا من أبرز ضباطه على الاطلاق .. ومن المفارقات أن الجمال وهو مكتشف حقيقة ايلي كوهين شارك المجتمع الاسرائيلي حداده على بطله المشنوق ..
• تمكن الجمال من ارسال خطة حرب السويس المعروفة باسم " العدوان الثلاثى " الى مصر قبل وقوعه بنحو أسبوعين كاملين
• قام الجمال بارسال تفاصيل عملية النكسة فى حرب 5 يونيو .. وكانت التفاصيل دقيقة الى درجة تثير الحسرة على عدم استغلالها حيث تضمنت حقيقة الحشود وعدد الطائرات وتفاصيل الضربة وموعدها بالثانية والدقيقة وأسماء قادة الأفرع والتشكيلات ..
• كان للجمال دورا باهرا فى عمليات حرب الاستنزاف .. حيث تمكن من موفاة المخابرات المصرية بكل الأهداف الاسرائيلية بسيناء كما لكنت لمعلوماته الدقيقة الفضل فى الكشف عن عشرات الجواسيس والعملاء بالمنطقة العربية ومصر


• أما دوره فى حرب أكتوبر .. فهو دور لا يمكن تقييمه الا بأنه دور جيش كامل فقد قام الهجان بمد مصر بخرائط وتحصينات خط بارليف نقطة نقطة مع القوة العسكرية لكل نقطة حصينه .. بالاضافة الى الخرائط الكاملة لأنابيب النابالم المركبة على الشاطئ الشرقي للقناه حيث تضمنت معلوماته أماكن تواجد تلك الأنابيب وفتحاتها تحت مياه القناة بالاضافة الى أماكن تواجد الصهاريج الممتلأة بالمادة الحارقة .. ومع كل هذا عينة من المادة ذاتهامما كان لذلك الفضل فى حماية عشرات الألوف من جنود مصر البواسل عندما تمكنت قوات الصاعقة المصرية فى فجر يوم المعركة المجيدة من ابطال عمل تلك القنوات بعد معرفة أماكنها لتعبر القوات المصرية بسلام ودون خسائر تذكر .. ويكفينا أن نعلم أن النابالم لو كان قد أطلق فى مياه القناه لكان ذلك كفيلا بخسارة ثلاثة أرباع القوات العابرة للقناة فى درجة حرارة تتجاوز 800 درجة مئوية تقريبا .. بقي أن نعرف أن خرائط تلك التحصينات كانت موجودة فى الخزانه الخاصة بوزير الدفاع الاسرائيلي وحده .. ومع ذلك حصل الجمال عليها
• ظل الجمال طيلة الفترة التى قضاها باسرائيل مرفأ أمن لكل عمليات جهاز المخابرات المصري باسرائيل .. فتولى أكثر من مرة مسئولية تأمين ضباط ورجال مخابرات فى عملياتهم .. فيما يعرف بالبيت الآمن فى مجال التخابر
هذه بعض الخطوط العريضة لبطولات واحد من أنبل فدائيي مصر وأبنائها ..
رفعت على سليمان الجمال .. هذا الاسم الذهبي لمعانى البطولة والفداء ..
هذا الرجل الذى ضحى بكل شيئ وأى شيئ .. فى سبيل خدمة وطنه دون انتظار لمقابل حتى عقب انتهاء مهمته المستحيلة .. بعد عشرين عاما من الخوف والقلق والفزع والترقب والعمل .. لم يناقش فى أمر عودته لمصر واستعادة اسمه واستجاب لضرورات الأمن التى تقضي باخفاء سره معه حتى قبره ..
فلنترحم على تلك الأسطورة التى نسجت نفسها فى حب مصر .. رحمه الله .. رحمه الله "

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:26 AM

" اللواء أحمد رشدى "





عندما يصبح وزير الداخلية ضد القانون





انه الشخصية الأكثر انفرادا فى تاريخ وزارة الداخلية بمصر قى عهد ما بعد ثورة يوليو 1952 م ..
اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية فى فترة منتصف الثمانينيات ..
وزير الداخلية الوحيد منذ جمال عبد الناصر وحتى حبيب العادلى فى عهدنا الحالى ..
كان هو الوزير الوحيد الذى وقف ضد القانون لأجل القانون ... !!
وقف فى وجه قانون العصر .. " التخلى والاباده " لأجل قانون الحق .. " العمل والعباده "



وزير الداخلية الوحيد الذى أصبحت شعبيته الساحقه بين رجال وزارته وبين المواطنين مثار دهشة المتابعين على اختلاف مشاربهم ..
فوزير الداخلية .. هو حائط الصد المخيف للنظم السياسية فى عالمنا المتفرد فى طبيعته وغرابته
ولذا ..
فمن المستحيل تقريبا أن يستولى من يشغل هذا المنصب على قلوب الشعب .. لأن مقعده مقام أصلا لحماية الحاكم من الشعب لا العكس
وتفرد أيضا اللواء أحمد رشدى فى أنه وزير الداخلية الوحيد الذى عاش مشاركا فى حياته العملية معظم الأحداث الجسام فى تلك الفترة البالغه الخطورة من تاريخ مصر
بل وكانت له عند كل حادثة حادث .. وفى كل حدث مكان
انه الوزير الوحيد الذى بكاه العقلاء .. واستبشر برحيله عن مقعده عامة الجهلاء ..
انه الرجل الذى وقع ضحية جهلاء عهده من أبناء وزارته .. كما تقول الشواهد ..
وغاب عن ذهن القيادة السياسية وقتها .. أن الهدف الحقيقي للفتنة وسببها هو مكوث أحمد رشدى على مقعد وزير الداخلية وليس رحيله ..
وللأسف ..
تمت الخطة .. وذهب أحمد رشدى .. وجاء بديلا عنه اللواء زكى بدر
لتتحقق مقولة التراث القديمة .. " غدا يرون الأمراء من بعدى "
وفعلا .. شاهدوا زكى بدر .. فبكوا دما على أيام أحمد رشدى ..

فمن هو هذا الرجل يا ترى ..؟!!
تعالوا نتأمل وندرس ..








البداية ..

مصر فى منتصف الخمسينيات .. الساعه قاربت على منتصف الليل تقريبا ..
يستيقظ البكباشي " المقدم " عبد المحسن فائق ضابط المخابرات المصري الذى اشتهر فيما بعد باسم " محسن ممتاز " الأب الروحى للعميل المصري الأسطورة " رفعت الجمال " الشهير باسم رأفت الهجان

ويرفع رجل المخابرات الفذ سماعه الهاتف مجيبا الرنين الذى أيقظه .. فيفاجئ بأنه صديقه ضابط المباحث اليوزباشي
" رائد " فى ذلك الوقت أحمد رشدى ..

ويهتف عبد المحسن بصديقه .. " خيرا يا رشدى ؟! "
فيجيبه رشدى بصوت ضاحك .. " أبشر يا عبد المحسن قد وجدت لك ما تبحث عنه "
فقال له عبد الحسن فى فتور " لقد سمعتها منك عشرات المرات ولم يتحقق وعدك "
فضحك رشدى وقال واثقا .. " تعال الى على الفور .. أنا واثق أن هذا الفتى هو نفس ما تبحث وتتمناه
فسأله عبد الحسن عن بعض بيانات هذا الفتى ..

وكانت الاجابة من أحمد رشدى بلا القاطعه حول أى معلومة مؤكده عن هذا الفتى الغامض والذى فشل جهاز مباحث الاسكندرية بأكمله فى الحصول على أى معلومة قاطعه تخصه حتى عن اسمه الحقيقي أو جنسيته أو حتى ديانته
مما جعل أحمد رشدى يرشحه فورا وباعتماده على غريزته فقط بأن هذا الفتى مصري لكى يهديه لعبد المحسن فائق الذى لف البلاد شرقا وغربا بحثا عن من يصلح للعمل معه فى جهاز المخابرات المصري الوليد .. كعميل مقيم باسرائيل
وتشاء الأقدار أن يصدق حدس اليوزباشي أحمد رشدى فى الفتى بالفعل ..

ليصبح الفتى المجهول هو نفسه البطل المصري العتيد " رفعت الجمال " مندوب المخابرات المصرية الذى قضي أغلب عمره فى اسرائيل نجما من نجومها ولم يكشف أمره أو أمر شبكته مطلقا
وكانت تلك النظرة الموهوبة هى داعى لفت النظر الأول الى هذا الضابط البارع ..
ويستمر بعدها فى جهاز مباحث أمن الدولة " المعروف سابقا باسم المباحث العامة " ويترقي فيه ويصل الى أعلى مناصبه فيما بعد .








جهاز مباحث أمن الدولة


فى أى دولة معتدلة فى العالم أجمع ..
وفى ظل متغيرات ما بعد الحرب العالمية الثانية نبتت فكرة تعدد الأجهزة الأمنية طبقا للتقدم الكاسح بعد الحرب فى نظم المعلومات وأساليب الصراع
فلزم الأمر أن تتوافر أجهزة أمنيه عالية المستوى والتدريب الى جوار الأجهزة الأمنية التقليدية المتخصصة فى مكافحه الجرائم العادية داخل نطاق كل دولة ..
فتم التعارف على انشاء نوعين من الأجهزة الأمنية تختص فقط بأمن الدولة ككيان كامل فى مواجهة الصراعات الاقليمية والدولية المحتدمة ..
نوع داخلى يختص بمتابعه نشاط الدول المعادية والمنظمات الدولية داخل نطاق الدولة وحدودها
كمباحث أمن الدولة فى مصر . وجهاز الشين بيت باسرائيل ومكتب الجاسوسية بفرنسا والمباحث الفيدرالية بالولايات المتحدة
وتكون لتلك الأجهزة ولاية مطلقة على كامل أرض الدولة غير محددة بنطاق اقليمى كما هو الحال مع الشرطة العادية تختص بمقاطعه أو محافظة معينة .. لا تتعداها
لكن يحظر تماما على أجهزة الأمن الداخلى العمل خارج البلاد ولو حدث ودعت الحاجة الى ضرورة التواصل خارج نطاق الدولة يكون على تلك الأجهزة ترك العملية لجهات الأمن المختصة بالشأن الخارجى وهى أجهزة المخابرات
والنوع الثانى خارجى وهى التى تختص بنوعين .. نوع يختص بمحاولة متابعه نشاط الدول الخارجية عبر عمليات التجسس ونوع آخر يختص بالعمل على منع تلك الأنشطة من النجاح فى مخططاتها ولكن يقتصر عملها هنا خارج البلاد الا اذا امتدت احدى العمليات الى داخل البلاد هنا يكون تدخل أجهزة المخابرات محدودا بنطاق العملية ذاتها وفقط .. فاذا اتسع نطاق العملية عليها طلب تعاون أجهزة أمن الدولة ..
وبنظرة بسيطة يمكننا ادراك أن رجال أمن الدولة هم رجال مخابرات داخل نطاق البلاد يتركز نشاطهم فى الجرائم غير التقليدية أو الجرائم التقليدية التى تحول الى غير تقليدية
فمثلا ..
من الجرائم الغير تقليدية التى تختص بها أجهزة أمن الدولة اختصاصا كاملا ..
كل أنشطة التجسس والارهاب والتآمر وعمليات زعزعة الاستقرار عبر النظم المخابراتية المختلفة
ومن الجرائم التقليدية
التى تتحول الى غير تقليدية ومن ثم يختص بها رجال أمن الدولة .. تلك الجرائم التى تبدو عادية فى طبيعتها مثل القتل وتجارة المخدرات لكن حدوثها أتى متعلقا بعنصر آخر غير تلك العناصر المعروفة لجرائم الدولية ... كأن يكون القتيل ممثلا دبلوماسيا لإحدى الدول الأجنبية مثلا أو تكون عملية التجارة فى المخدرات عبارة عن مخطط دولى معادى تشرف عليه أجهزة مخابرات أجنبية وليس مجرد مهربين كبار كما هى العادة
أى أنها تعد نوعا خاصا من الأمن هو الأمن السياسي







وبالنسبة لمصر ..
فقد عرفت هذه النظم قبل الثورة وان كنت أسقطتها من التحليل لكونها لم تتخصص باعتبارها جهازا وطنيا بل كانت معروفة باسم " البوليس السياسي " وكل مهمتها تنحصر فى حماية الأجانب وتطبيق نظم الحماية لسياسة الاحتلال البريطانى ..ولم تكن أهدافها بأى حال حماية أمن البلاد بما يطابق مفهوم الأمن السياسي الوطنى ..
وفيما بعد برزت المباحث العامة المختصة بالشأن السياسي والتى تغير اسمها فيما بعد الى مباحث أمن الدولة .. وفى فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر .. لم يكن للجهاز ذلك الاختصاص الفريد والنشاط المكثف فى حماية أمن البلاد بقدر ما كان لحماية أمن النظام من التنظيمات المختلفة .. الشيوعية بصفة خاصة اضافة الى تدخل جهات أخرى فى خلط كبير للعمل داخل البلاد مثل الأمن الحربي التابع للقوات المسلحة والمخابرات بنوعيها الحربية والعامة
ولا شك أن فترة الخمسينيات والستينيات كانت حاملة لصورة مخيفة لمختلف أجهزة الأمن لا سيما المخابرات العامة نتيجة للممارسات القمعية التى استخدمها النظام المصري على مستوى قياداته الصغري والكبري مما أساء الى تلك الأجهزة اساءة بالغه تعدت التجاوزات كثيرا فى الواقع .
وأغفل الجانب المشرق منها بعد أن طغى الجانب الأسود على الأنشطة الايجابية
وكان النصيب الأوفر من تلك السمعه السيئة من حظ جهاز المخابرات العامة لدرجة أن الاصطلاح المعهود به وصف تلك الفترة هو مصطلح " دولة المخابرات "

ولم ينل جهاز المباحث شيئا بعيدا من تلك السمعه نتيجة لطبيعه العصر ذاته والذى يمكن وصفه بعصر القوات المسلحة حيث كان الجيش مسيطرا على شتى مناحى الحياة وبرز بعض رجاله بروزا مذهلا فى الناحية السلبية بكل أسف وهم المجموعه المحيطة بالمشير عبد الحكيم عامر فى ذلك الوقت
وفى نهاية الستينيات
تمت محاكمة اللواء صلاح محمد نصر النجومى الشهير باسم صلاح نصر وعدد من كبار قادة الجهاز اضافة لعدد كبير من كبار وصغار ضباط القوات المسلحه بعد أحداث النكسة التى كانت إيذانا بانتهاء البطش العسكري الواضح والتفتت القوات المسلحة لمهمتها الكبري بعد أن تولى الفريق محمد فوزي وزارة الدفاع وفتح المجال أمام رجال الجيش المخلصين لبدء الإعداد لمعركة التحرير
وابتداء من تلك الفترة .. وخاصة بداية السبعينيات تزايد اختصاص الشرطة عبر جهاز أمن الدولة بالأمن السياسي الداخلي ولم تعد تتبع القوات المسلحة وقيادتها فى الشأن السياسي كما كان الحال مع فترة المشير عامر
ومع بداية فترة السادات .. تفجرت صراعات مراكز القوى وكان من بين أعضاء تلك الجبهة من رجال عبد الناصر السابقين اللواء شعراوي جمعه وزير الداخلية ..
وكان تحت يده فى الفترة من 67 الى 1971م .. ملفات الأمن السياسي كلها عبر جهاز المباحث العامة التابع له والذي اختص بتلك الملفات بعد إبعاد الجيش عنها

وشعراوى جمعه جدير بالذكر أنه لم يكن من رجال الشرطة فى الأصل ..
بل كان رئيسا لفرع الخدمة السرية فى المخابرات العامة ( منصب قيادى وهام فى الجهاز )
وهو الشخص الذى قدمه المسلسل المصري رأفت الهجان على أنه شريف والى رجل المخابرات القيادى بالجهاز وقام بدوره الممثل المصري الراحل صلاح ذو الفقار ..
وبانتصار السادات فى معركة مراكز القوى ..
تغيرت خريطة جهاز الشرطة المصرية كله فى ذلك الوقت وازداد النفوذ شيئا فشيئا وان لم يبد واضحا الا بعد معركة أكتوبر 1973 م ..
فقد أتى السادات باللواء ممدوح سالم محافظ الاسكندرية ليتولى وزارة الداخلية وكان أول رجل شرطة تولى المنصب فى التاريخ الحديث وكان للحق اختيارا موفقا للغاية فممدوح سالم كان من أقوى رجال الشرطة كفاءة وتنظيما وسمعه على مستوى تاريخ الشرطة
فقبل الثورة كانت الوزارات سياسية غير متخصصة وجرت العادة على أن يتولى وزارة الداخلية أحد رجال القانون .. وبعد الثورة استولى رجال الجيش على زمام المناصب بما فيها الوزارات
ليأتى السادات بأول وزير من رجال الشرطة .. يتولى وزارتهم
وابتعد الجيش تماما عن الأمن السياسي كما ابتعدت المخابرات العامة أيضا عن العمل داخل البلاد الا فى نطاق ضيق .. وانفردت مباحث أمن الدولة بالأمن السياسي الداخلى وتألق فى نجومها بتلك الفترة أحمد رشدى وكان برتبة العقيد وظل بالجهاز فى فترة ممدوح سالم وبعده فى فترة اللواء النبوى اسماعيل والذى كان عهده عهد الانهيار الأمنى الفادح لأمور لم يكن لرجال الشرطة شأن فيها ..
فقد سمح السادات للتيار الاسلامى بالظهور لضرب قواعد الناصرية والشيوعية فى مختلف فئات الشعب فى الجامعات والنقابات العمالية وغيرها ..
وكانت الأوامر الصادرة لرجال مباحث أمن الدولة فى تلك الفترة من منتصف السبعينيات صريحه
وهى منع التعرض نهائيا لنشاط الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية مهما كانت درجة التجاوز وبالذات فى الجامعات ..
مما سبب استفزازا عنيفا لرجال أمن الدولة وتذمر عدد من قادة الجهاز من أمثال اللواء حسن أبو باشا والعميد أحمد رشدى والعميد حسن علام الذين تابعوا التداعيات الخطيرة لسياسة إطلاق الحبل على الغارب للجماعات بالذات بعد أن أكدت تحرياتهم خطورة الوضع على الأمن العام بعد أن خرجت الجماعات الإسلامية عن طوع الإخوان ولم تعد تتبعهم بل تعدى الأمر حدوده أن التنظيمات السرية للجماعات الإسلامية ( التكفير والهجرة " شكرى مصطفي " ـ الجهاد الأول " محمد سالم الرحال " ـ الجهاد الثانى " محمد عبد السلام فرج )








والتى جهلها الأمن نهائيا أعلنت تكفير الإخوان وخيانتهم للدعوة السلامية الى الحد أنهم حاولوا الاعتداء على المرشد العام للاخوان فى تلك الفترة عمر التلمسانى فى احدى الندوات العاصفة بجامعه أسيوط كبري معاقل الجامعات فى نهاية السبعينيات ومن ثم فقد حملوا هم تلك الدعوة بمنطق الجهاد كما يرونه وهو تطبيق لكتابات أبو الأعلى المودودى وتحريفات أخرى مشوهة من كتب السلف أخضعها هؤلاء الشباب الضائع لعقلياتهم المريضة
وحملوا السلاح ووجهوه الى المجتمع من حولهم بزعم تكفيره
وشيئا فشيئا .. حملوه ضد من أعطاهم الفرصة للظهور .. ضد النظام القائم ..
ووقعت الواقعه ..
مع جهل أجهزة الأمن فى تلك الفترة بحقيقة التنظيمات التى تحكم التيار الدينى وتنظيماته لأنهم كانوا موجهين الى غيرهم كالتنظيمات الشيوعية وما الى ذلك وممنوعين من متابعه نشاط الجماعات
ومع الكبت الناجم عن اضطرار الشرطة للافراج فورا عن المتجاوزين من أعضاء الجماعات .. جالءتهم الفرصة أخيرا لتفريغ هذا الكبت عندما صدرت الأوامر بضرورة انهاء نشاط هؤلاء الفئة .. ولكن بعد فوات الأوان
وتفجرت المواجهات الدموية بين تلك التنظيمات التى بلغت من القوة أنها ردت النيران بالمثل ليفاجئ جهاز أمن الدولة بالأسلحه الأتوماتيكية فى أيدى هؤلاء الشباب والكارثة الحقيقية هى درجة البراعه التى تميز بها شباب الجماعات ومقاتليها لتتوالى الاكتشافات أن بعض خلايا تلك التنظيمات تسربت الى داخل الجيش مستغلة السخط العام على نظام السادات بسبب سياساته الداخلية والخارجية

وكان من دواعى الأسف الشديد أن بعض أعمدة تلك التنظيمات كانوا من ضباط الجيش الذى حارب معركة التحرير وفوجئ بعدها بالصلح المنفرد غير المبرر من السادات وانحيازه الى السياسة الأمريكية اضافة الى أن هؤلاء الأبطال تم نسيانهم فى دوامة الانفتاح الاقتصادى التى فرمت الطبقات الوسطى فرما
وكانت النتيجة أن أحد زعماء تلك التنظيمات كان العقيد عصام القمرى ضابط المدفعية فى أكتوبر والعقيد عبود الزمر ضابط المخابرات الحربية وغيرهم
وانطلقت العواصف الدامية أكثر وأكثر .. حتى كان عام 1981 م وفى ساحه العرض العسكرى تم اغتيال الرئيس محمد أنور السادات على أيدى بعض رجال القوات المسلحة من تنظيم الجهاد الثانى

وبعدها مباشرة تفجرت حوادث أسيوط الشهيرة والتى نجحت خلالها الجماعات الاسلامية فى احتلال مديرية أمن أسيوط ذاتها وكافة أقسام ومراكز الشرطة بالمحافظة وقتلوا فوق مائتى رجل شرطة من مختلف الرتب

فأين كان أحمد رشدي فى تلك الفترة يا ترى ..؟!!
كان اللواء أحمد رشدي فى ذلك الوقت مديرا لأمن القاهرة .. وفور اغتيال السادات قام بقيادة قوة مدرعه وتوجه الى مبنى الاذاعه والتليفزيون لحمايته لما فى الجهاز من خطورة فى تلك الظروف خاصة وأن الأمن على مختلف فئاته كان يجهل حدود عملية الاغتيال ونجح أحمد رشدى فى تأمين المنطقة .. وأفاق الأمن قليلا من الصدمة واتخذ اللواء حسن أبو باشا رئيس جهاز أمن الدولة التدابير اللازمة وانطلق بعدها الى أسيوط ليقود عملية تطهير المدينة من احتلال الجماعات .. وتمركزت قوة ضخمة من الأمن المركزي بقيادة أبو باشا وقامت باستخدام مدافع الأر بي جى لدك المنازل التي تحصن بها الجماعات ونجحوا فى إعادة السيطرة على المدينة ...
وخلال تلك الفترة عرف جهاز أمن الدولة حقيقة عدوهم واستمرت المعركة خلال الفترة الباقية من وزارة النبوى اسماعيل وأثناء تولى اللواء حسن أبو باشا وزارة الداخلية خلفا للنبوى اسماعيل .. واختار أبو باشا اللواء أحمد رشدى مساعدا له للأمن الاقتصادي حتى نهاية عام 1984 م ..








الوزارة ..


من الصعوبة بمكان أن نتخيل مدى قوة الصفعه التى تلقتها جميع أجهزة الأمن بلا استثناء بنجاح تنظيم الجهاد فى عملية اغتيال السادات ..
بداية من القوات المسلحه التى اغتيل قائدها الأعلى فى قلب عرينها .. ومرورا بالمخابرات العامة والحربية والحرس الجمهورى ووزارة الداخلية ممثلة فى جهاز أمن الدولة
وبسبب الأثر الرهيب لتلك الصفعه تحرك جهاز أمن الدولة فى عصبية وعنف لادراك مدى قوة خصمه خاصة مع تتابع العمليات الارهابية ضد أهداف حساسة وسقوط العشرات من رجال الشرطة وكبار ضباطها شهداء فى تلك المعارك لا سيما بالصعيد المصري ..
وبحكم الاختصاص
انفردت أمن الدولة بملف الجماعات كملف أمنى بالدرجة الأولى وكلفتها العصبية خسارة العديد من القضايا تحت تأثير استخدام التعذيب فى استنطاق أفراد الجماعات أو الانتقام وتفريغ الكبت ..
على النحو الذى تمثل فى قضية تنظيم الجهاد الثانية التى قدمت فيها أمن الدولة فوق المائتى متهم وكانت النتيجة أن أصدر رئيس محكمة الجنايات وأمن الدولة العليا فى ذلك الوقت المستشار عبد الغفار محمد حكمه المدوى ببراءة أكثر من مائة متهم ولم يتضمن حكمه أى حكم بالاعدام على أى من المقدمين بالرغم من أنهم من قيادات التنظيم كعمر عبد الرحمن ..

وانتقد المستشار عبد الغفار محمد فى مسودة حكمه العادل أسلوب أمن الدولة الأحمق فى التعامل مع المتهمين وغياب المعلومات الرهيب عن جهاز كان من المفترض أنه جهاز معلومات بالدرجة الأولى وطالبت المحكمة جهاز أمن الدولة بالتروى وحسن معاملة القضية حتى لا يتم تقديم أبرياء وترك الجناة الحقيقيين خارج أسوار المحاكمة اضافة الى غياب الجانب القانونى تماما ببطلان اعترافات المتهمين نتيجة التعذيب وتجاوزات التحقيق







وللحق ..
فان الخطأ لا يتحمله جهاز أمن الدولة بمفرده .. بل تتحمله سياسة الرئيس الراحل أنور السادات فى منع متابعه الجماعات أمنيا ورعايتهم تحت سلطته الشخصية ..
وجاء أبو باشا بأسلوب جديد هو أسلوب المراجعات الفقهية ..
فأتى بالمتهمين والجناة من السجون والمعتقلات وأجلسهم علنا مع كبار الفقهاء بمصر يجادلونهم فكريا أمام شاشات التلفاز المصري ونجح هذا الأسلوب الى حد بعيد فى رجوع الكثير من أبناء التنظيمات عن معتقداتهم الشاذة ..
وان تحجمت قوتهم مع وزارة أبو باشا وتمكن الأمن بعد السنوات الأولى العاصفة فى بداية الثمانينات من اختراق تلك الجامعات وأصبح الصراع متكافئا من حيث معلومات كل طرف
الا أن البقية القابعه خارج الأسوار لم تكن لتحتمل هذا الأسلوب ..
. فحاولوا اغتيال أبو باشا وكادوا أن ينجحوا بالفعل عندما تربصوا بسيارته وأطلقوا عليه أكثر من خمسة وستين رصاصة تركته مضرجا فى دمائه .. وتم انقاذه بعناية الله وحده ومعجزة طبيه بكل المقاييس

وفى قلب تلك الأحداث ..
صدر القرار بتعيين اللواء أحمد رشدى وزيرا للداخلية خلفا لأبو باشا







المهمة المستحيلة ..


جاء اللواء أحمد رشدى وزيرا للداخلية فى فترة رهيبة من تاريخ مصر .. فترة منتصف الثمانينات .. ووجد فى انتظاره عدة ملفات يمثل كل واحد منها مهمة مستحيلة بحد ذاته ..

*ملف الجماعات
الذى ما زال مفتوحا بعد أن تعددت تنظيماته ولم تعد قاصرة على التنظيمات القديمة فخرج من القمم تنظيم العائدون من أفغانستان وتنظيم الناجون من النار
* ملف الفساد الرسمى
والذى أصبح عملاقا ومنظما يستنزف موارد البلاد المنهكة القوى ويختبئ تحت رعاية كبار مسئولى الدولة
*ملف تجارة المخدرات ..
وكان فى تلك الفترة .. عبارة عن ملف غير قابل للاختراق والعلاج بعد أن تطورت تنظيماته فى ظل الانشغال الأمنى بأحداث الارهاب ليتخذ ملف المخدرات طابعا تنظيميا جبارا
* ملف الأمن السياسي
الخاص بعمليات المخابرات الأجنبية داخل البلاد بعد أن ظهرت أيادى التمويل الخارجى لمختلف أنشطة التجسس والافساد ضد مصر

ولم يضع الرجل وقتا فى الواقع ..
وبكل حنكة وخبرة السنين الخوالى ..
وبحماسة ضابط فى العشرين من عمره .. لا ضابط قديم كان يستعد لسنوات التقاعد قبل تكليف الوزارة
فتح جميع الملفات دون انتظار ..

وانفجرت حرب أحمد رشدى الخاصة ..








معركة الانضباط


فى دول العالم المسمى بالثالث .. وهو للحق يستحق وصف العاشر لا الثالث .. من المستحيل ألا تجد للنفوذ أبهته الغاشمة بين أصحاب المناصب .. فهذه طبيعة خاصة تحكم تلك الدول بتشجيع الصمت المطبق من الشعوب وميلهم الغريب لقيود الاستعباد ..
ولذا كان من الطبيعى أن يجد أسلوب أحمد رشدى الجديد فى وزارته كل الاعتراض والتذمر من غالبية كبار رجال الشرطة .. بل وبعض المسئولين أيضا ..
ففي الشرطة كان تعليمات أحمد رشدى صارمة وقاطعه فى ضرورة متابعه القيادات الشرطية لأعمالهم من مواقعها .. والخروج من مكاتبهم المكيفة الهواء إلى حيث العناء الذى يعانى منه المواطنين بالشوارع
وتكاثرت حملات التفتيش والمتابعة التى جعلت مديري الأمن كل منهم بغادر مكتبه جريا وراء متابعه العمل الأمنى فى حدود محافظته وعلى مستوى الخدمات المرورية لم يدع أحمد رشدى لأحد فرصة الاعتراض على محاولاته للإصلاح
وضرب عرض الحائط بأية محاذير قد يواجهها من أصحاب النفوذ الذين ساءهم ضرب مصالحهم بأوامر المصادرة والمتابعة لحالات المرور والإصرار على تطبيق القانون ..
فكانت أولى الانجازات التى حققها أحمد رشدى انتظام الشارع المرورى إلى حد بعيد .. وتغير أسلوب المعاملة بين رجال الشرطة والمواطنين وأصبح كل رجل شرطة مضطرا لبذل قصاري جهده سواء شاء أم أبي لإتمام عمله وواجبه وإلا كان الجزاء الرادع فى انتظاره .. وبدا للجميع أن الصورة فى طريقها للتغيير بالفعل بين الشرطة والمواطنين مع الحزم الواضح لسياسة الانضباط الجديدة فى وزارة الداخلية .. على الرغم من أن تلك السياسات الجديدة جلبت على الوزير غضبا مكتوما فى قلوب وصدور الفئة المتسلطة من قيادات الشرطة والتى رأت الوزير يسلبهم بغيا حسبوه حقا لهم .. كما سببت نفس الشعور لدى بعض أولى السطوة وارتكن كل هؤلاء فى انتظار ما يسفر عنه الغد ..

وكان هؤلاء وأولئك أول المنتظرين
!!







المعارك الساخنة ..

كانت حرب الباطنية ضد تجار المخدرات واحدة من أعنف مواقع اللواء أحمد رشدى ..
فملف تجارة المخدرات بمصر بدأ فى نهايات عصر السادات بانتشار مخدر الحشيش بطريقة غير مسبوقة مع تخفيف القبضة الأمنية عليه !!
وكان التخفيف ملحوظا لدرجة جعلت منه سلعه شبه مشروعه ومن هنا جاءت شعبية السادات فى الواقع لدى أوساط مدخني تلك السموم حتى أنها انتشرت كطرفة فيما بعد ..
لكن الأمر فى بدايته كان رهن السيطرة إلى حد كبير لأن السموم الفائقة التدمير لم تكن مصر قد عرفت تجارتها بعد كالأفيون والكوكايين والهيروين والتى كانت تستلزم قيام نظام تهريب كامل يستند إلى منظمات دولية معروفة تقوم بتهريب تلك السموم وتصديرها إلى من يقع اختيارها عليه من الزعماء الإقليميين الكبار ..
ولإيضاح الأمر أكثر ..
فان مخدر الحشيش لا يعتمد على الاستيراد فقط لإمكانية زراعته وتوزيعه محليا ويقوم عليه وعلى تجارته تجار وزعماء جريمة داخليون وهم مهما بلغت خطورتهم فهم أهون أثرا من الجريمة المنظمة التى كانت ولا زالت قادرة على دك نظام أى دولة ..
لأن الجريمة المنظمة تعنى قيام الأنشطة الإجرامية على أسس تنظيمية عالية القدرة عبر اتخاذها ستارا فولاذيا من السرية والقوة من خلال مؤسسات اقتصادية ومالية ضخمة لها فى الواجهة نشاطها المشروع ومن الداخل تختبئ الأنشطة غير المشروعة في حماية تلك الأموال بالإضافة إلى جيش من خبراء القانون مهمتهم تطويع العقبات حال وقوعها ..
وتكتمل دائرة القوة بحرص تلك المنظمات على الوصول إلى المؤسسات التشريعية والتنفيذية لعدد من أفرادها بحيث يصبح نشاطها عبارة عن شبكة عنكبوتيه مستحيلة الاختراق ..
وتتبدى أكبر الأمثلة لتلك المنظمات فى المافيا الايطالية والأمريكية .. والياكوزا " المافيا اليابانية " والمافيا الروسية التى ظهرت عقب انهيار الاتحاد السوفياتى ومافيا تجارة الكوكايين فى كولومبيا
والبلاد النامية عادة لا تعرف الجريمة المنظمة لأنها تحتاج اقتصادا قويا لتنمو فيه .. كما تحتاج إلى نظم غير قمعية لأن تلك النظم لا تحتاج مبررا من قانون لتفعل ما تشاء بمن تشاء
ولذا فالاتحاد السوفياتى لم يعرف الجريمة المنظمة إلا بعد انهياره وتحويل دفته الأيديولوجية من الشيوعية المنغلقة إلى الرأسمالية المفتوحة .. والوحيد الذي تمكن من تحجيم وتدمير قوة المافيا الايطالية التي كانت فى الثلاثينيات دولة داخل دولة غير " بينيتو موسولينى " مؤسس الفاشية وشريك أدولف هتلر فى الحرب العالمية الثانية حيث قاد ضدها حرب أنظمة بلا أى ارتكان أو بحث عن أدلة إدانة وينجح فى القضاء عليها لتنتقل المافيا الايطالية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتتشعب هناك
إلا أن لكل قاعدة استثناء .. والاستثناء هنا فى طبيعة مصر إقليميا ودوليا ..
فعلى الرغم من انتماء مصر إلى حلقة الدول النامية وصعوبة نشأة الجريمة المنظمة بها إلا أنها مع بداية عصر الانفتاح وتخفيف القبضة العسكرية للحكم وتحوله إلى نظام بوليسي ضاغط لكنه لا يمثل بالطبع درجة القهر التى عرفتها مصر فى الحقبة الناصرية
وجاء الانفتاح الاقتصادي ليمثل كارثة الكوارث لأنه وببساطة فتح سدا كان مغلقا بتمامه أمام رغبات استهلاكية بلا حدود .. مع النظام الاشتراكي التي كانت مصر تطبقه ويمنع الاستيراد منعا تاما إلا عن طريق الدولة ومن خلالها ..
فتفتحت شهية المواطنين على استيراد بلا حدود لشتى السلع وظهرت الثروات الفلكية فجأة مع مناخ الفساد المحمى من النظام القائم والذي عبر عنه أنور السادات فى كلمات موحية نسبها البعض إليه وهى " من لم يكون ثروة في عهدي فلن يكون ثروة "
فقد كان النظام السياسي غاضا للبصر على النهج الجديد الذي ارتفع بثروات ما لا يزيد عن خمسة بالمائة من الشعب هم المقربون والمتحالفون مع النظام عبر رؤى مختلفة ..
وفى خلال سنوات قليلة ظهر نموذج مثل رشاد عثمان الملياردير السكندري الذي بدأ حياته عاملا للشحن والتفريغ وخلال أربعه سنوات فقط قدرت ثروته بما يوازى 300 مليون جنيه تقريبا عند حصر أمواله وتقديمه للمدعى العام الاشتراكي .. ولسنا في حاجة بالطبع إلى عميق تخمين لندرك الأسلوب الذي يمكن من خلاله تكوين ثروة بهذا الحجم خلال تلك الفترة .. !!
" على حد قول الطرفة المصرية الشهيرة أنه لو امتلك آله لطبع النقود لاحتاج فترة أكبر من السنوات الأربعة لطبع كل تلك الملايين "
وهكذا تحقق الشرط الأول بوجود مناخ اقتصادي متعاون للجريمة المنظمة تمثل فى رعاية النظام نفسه أو على الأقل غض البصر عن آليات ورقابة السوق .. خاصة بعد أن استجاب الرئيس السادات لمطالب بعض المقربين من رجال الأعمال بإيقاف نشاط جهاز الرقابة الإدارية بمصر وهو الجهاز المختص بتتبع رشاوى المسئولين وقضايا الفساد
وبالنسبة لوضع مصر الدولي كدولة من أكثر دول العالم استهدافا من القوى الدولية المختلفة فقد كان هذا هو العامل الاستثنائي لبدء عهد الجريمة المنظمة من جهات دولية معروفة بالطبع
ومع بداية الثمانينات توافدت على مصر تجارة السموم الأكثر خطورة .. والغريب أن التجار المحليين لم يكونوا ذوو ميل إلى تغيير النشاط من الحشيش إلى مشتقات الأفيون نظرا لخطورة عقوبتها التى تصل للإعدام وقلة شعبيتها باعتبارها قاصرة على فئات الغنى الفاحش ممن يمتلكون ثمن تكلفة هذا المخدر الرهيب .. إلا أن رؤساء منظمات التهريب الكبرى فى تركيا واليونان وأمريكا الجنوبية ودول شرق أسيا سهلوا لهم التعامل وكثفوا الجهود وكان هدفهم بدفع تلك النوعية من السموم إلى مصر ضاغطا ..
واتضح السبب فيما بعد عندما كشفت القضايا اللاحقة أن الممولين الأساسيين لتلك التجارة بمصر هم بعض رجال المؤسسات العسكرية والاستخبارات الإسرائيلية وهو ما تم كشفه عندما وصل الأمن القومي إلى أن أحد الملحقين الدبلوماسيين بالسفارة الإسرائيلية هو الزعيم الخفي كما يسمونه لتجار المخدرات الكبار بمصر
وليس ها غريبا على السياسة الإسرائيلية فهى المنظم والداعم الأول لمافيا تجارة الكوكايين فى كولومبيا حيث سمحت الحكومة الإسرائيلية لشركات السلاح ببيع الأسلحة الخفيفة والثقيلة لعصابات التهريب بأمريكا الجنوبية لا سيما إمبراطورية " مديين " بكولومبيا التى تعد المصدر الأول فى العالم لمخدر الكوكايين سواء كان مصنعا أو على شكل عجينة كما تولت المخابرات الإسرائيلية تدريب كوادر المرتزقة التابعين لتلك العصابات على أحدث النظم القتالية لمواجهة الحرب التى شنها ضدهم الرئيس الكولومبي فى مطلع التسعينيات " باركو "
تلك الحرب المريرة التى قلبت نظام الأمن فى كولومبيا مع استفحال سيطرة تجار المخدرات على العشرات من المسئولين على كافة المستويات إضافة إلى ارتفاع قوتهم العسكرية إلى ما يزيد عن ستين ألف مرتزق بتسليح يقترب إلى حد كبير من تسليح الجيش النظامى بكولومبيا وهى الصورة التى كان من الممكن أن تنتقل إلى مصر والى أى دولة فى العالم الحديث
وكل هذا الدعم الخرافي من قبل الحكومة الإسرائيلية لعصابات الكوكايين بكولومبيا كان ـ وللغرابة ـ يصب فى تدمير البنية الداخلية للولايات المتحدة التى تستوعب أسواقها ما يزيد عن تسعين فى المائة من إنتاج الكوكايين الكولومبي بميزانية سنوية تعدت ستين مليار دولار مما أدى إلى شبه انهيار بالولايات المتحدة اقتصاديا واجتماعيا
فليس غريبا أن تقف المخابرات الإسرائيلية خلف دعم تجارة السموم بمصر والعالم العربي لا سيما وأن أباطرة الكوكايين بأمريكا الجنوبية فتحوا لهم أسواقا جديدة بالعالم العربي بالذات بمصر والسعودية بدعم من الإسرائيليين رغم أن الشرق الأوسط بأكمله كان بعيدا عن تجارة الكوكايين مكتفيا بالحشيش المزروع محليا أو المستورد من لبنان إضافة إلى مخدر الأفيون المجلوب من دول آسيا التى تسيطر على أسواق المخدرات فى الشرق الأوسط وأوربا
وهذا خلافا للتجربة الشهيرة للحكومة الإسرائيلية قبيل حرب يونيو عام 1967 م عندما كشفت بعض التحقيقات تورط الجيش الإسرائيلي فى نقل وتهريب المخدرات عبر طائراته وناقلاته العسكرية إلى مصر بإشراف ضباط كبار من وزارة الدفاع
الملف برمته كان ملفا شائكا لم يقترب منه لا النبوي إسماعيل ولا حسن أبو باشا .. حتى جاء أحمد رشدي وجعلها معركته الأولى ..









الضوء الأخضر

لو تحدثنا عن الفترة الأولى من حكم الرئيس المصري الحالى محمد حسنى مبارك .. فإننا عندما نصفها بأغلى وأفضل فترة فى سنوات رياسته الخمسة والعشرين حتى اليوم فلا نكون بصدد أى مبالغه إطلاقا بالرغم من أن البلاد فى تلك الفترة كانت فى وضع
بالغ الحرج أمنيا بعد اغتيال رئيس الجمهورية فى مشهد درامي غير مسبوق إضافة إلى أحداث جسام أثقلت الاقتصاد الوطنى وتركته ركاما حقيقيا بديون عملاقة لمختلف الجهات الدولية تتزايد فوائدها البنكية كل عام
وفى ظل أزمات سياسية للنظام مع سائر القوى الوطنية من أقصي اليمين لأقصي اليسار
ويضاف فوق هذا كله الخصومة العربية التي تم إعلانها ضد عقب إعلانها الصلح المنفرد بإسرائيل عقب المبادرة الشهيرة للرئيس السادات عام 1977 م ..
أي أن الرئيس مبارك استلم المسئولية في بلد يحتاج إلى إعادة تفكيك وبناء ليواصل دوره فى المجتمع الدولي .. وكانت الطبيعة الملتزمة للرئيس مبارك هي داعيه الأول لبدء التحرك الجاد دون زهو أو غرور بالمنصب فلم يجتمع إليه كهنة السلطان إلا بعد انفراده بالحكم عقب استقالة المشير عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع ورجل النظام القوى الذي كان بمثابة شريك كامل فى الحكم
وبالتالي فقد أصبحت الفترة الأولى برغم كل جسامة تأثيرها إلا أن المسئول هنا كان يعمل بنية مخلصة لم تتسرب إليها أبهة الحكم ودونما التفات لغرض إلا النجاح بالنهوض مرة أخرى بعد الموات الذي ضرب البلاد
وانعكست تلك الطبيعة تلقائيا على طريقة الرئيس في اختيار رجاله ..
وإذا حصرنا الحديث في نطاق وزارة الداخلية سنجد أنه لم يركن إلى استبقاء اللواء نبوي إسماعيل وزيرا للداخلية بالرغم من أن هذا الأخير كان أحد العوامل المساعدة في استقرار مقعد الرياسة له .. بعد أن بادر إلى تحذيره من الاتصالات التي يجريها الفريق كمال حسن على مع بعض المسئولين يشتم منها نيته في السعي للمنافسة على المنصب .. فتم إجراء الاستفتاء في موعده ولم يسمع أحد لاقتراح كمال حسن على بتأجيل الاستفتاء
أراد النبوي من مهمته تلك أن يضمن وجوده فى السلطة بقية عمره جريا على طريقة المغيرة بن شعبه عندما أحس بنية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لعزله عن العراق فقام إليه ذات يوم وأشار عليه بأن يعطى ولاية العهد لولده يزيد وكانت الفكرة لم تخطر لمعاوية قبل المغيرة لصعوبتها .. فأشار عليه المغيرة بالطريقة التي يستخلف بها ولده ويجمع البيعة له من مختلف الأمصار بأن يدعه يأتى له ببيعه العراق وعندما يري الناس البيعة قد توافدت لن يمتنعوا مع الترغيب والترهيب
فثبته معاوية على ولاية العراق وكلفه تنفيذ خطته لإتمام الأمر ليزيد من بعده .. وذهبت نية معاوية بالطبع فى عزل المغيرة ـ أحد دواهي العرب الأربعة بسبب فكرته ـ
لكن التاريخ لم يعد نفسه مع النبوي فلم يكن الرئيس مبارك وقتها ليقبل بوجود شوكتين فى الظهر كل منهما على وزارة من أخطر وزارات السيادة ويتعاملون معه باعتبارهم شركاء حكم لا وزراء تابعون

واكتفي الرئيس مبارك بالمشير القدير محمد عبد الحليم أبو غزالة
وعندما آن الوقت لاختيار وزير جديد للداخلية .. اختار اللواء حسن أبو باشا رجل مباحث أمن الدولة الذي تم هضم حقه أيام السادات وعادت إليه مناصبه مع وزارة النبوي كمدير للأمن العام وكانت نزاهته معروفة وأدى دورا من أخطر الأخطار في مقابلة الجماعات الإسلامية بالفكر والإصلاح قبل الضرب والسلاح
وتبدت الفطرة النقية لمبارك فى تلك الفترة أيضا عندما اختار أحمد رشدي بالذات للداخلية بعد أبو باشا .. بكل ما عـُرف عن هذا الرجل من استقامة وصرامة
وتأكدت تلك الفطرة مع التصريح الذي طلبه اللواء أحمد رشدي صراحة من الرئيس مبارك بالسماح له بالعمل دون محاذير تخص أي شخص أو فئة ..
وكان التكليف مشجعا ..
فأشرف اللواء أحمد رشدي بنفسه على عملية الحرب التي أعلنها فى مؤتمر صحفي .. وبدأت بدراسة ملفات تجارة المخدرات والعقبات التي تعيق النفاذ إلى مصادر تمويلها الكبري ..
واكتشف اللواء أحمد رشدي لدهشته أن حيا من أفقر أحياء العاصمة المصرية القاهرة هو حي
" الباطنية " هو المركز والعصب الرئيسي لتجارة المخدرات بمصر كلها !!
فبهذا الحي الضيق المتميز بكثرة تفرعاته تنصب المخدرات الآتية من شتى أنحاء العالم ومن بؤر التصنيع المحلية على يد كبار المهربين لتبدأ رحلتها مجددا من الحي إلى حيث تجار التجزئة
وبالرغم من عشرات بل مئات الحملات التفتيشية التي قامت بها مباحث مكافحة المخدرات على الحي إلا أن هذه القوات الضخمة لم تفلح ولو لمرة واحدة في ضبط واحد من بؤر التجارة الجهنمية أو الإيقاع بواحد من حيتان السوق فيها ..
فلما درس أحمد رشدي الملفات بحثا عن مبرر منطقي لكيفية فشل رجال الشرطة فى العثور على المخدرات .. خلص بعقلية رجل أمن الدولة القديم إلى أن هناك تواطؤ مكثف من بعض رجال الشرطة حتما وإلا كيف تصل معلومات قيام الحملات قبلها بفترة لتختفي المخدرات في دقائق وهى التي كانت تباع علنا في شوارع الباطنية وأزقتها ويقف المدمنون في صفوف ينتظرون جرعتهم
وشكل الوزير فريق العمل الذي اختار على أعلى مستوى واكتشفوا ببساطة مرعبة أن جميع رجال الشرطة السريين المبثوثين كمرشدين للمباحث في قلب الحي هم الذين يتولون عملية تحذير مافيا المخدرات لتتخذ أهبتها وتختفي في سراديب غير معلومة
وتم إعداد خطة متقنه على طريقة عمليات المخابرات لا عمليات الشرطة وتم توجيه الأوامر لجميع رجال الشرطة المتواجدين بالحي بالإتيان للوزارة بحجة عقد اجتماع مع الوزير الجديد ..
وبمجرد أن تم التأكد من خلو الحي من المرشدين القدامى .. انطلقت قوات الشرطة فى عرباتها المصفحة ولم تعلم بطبيعة اتجاهها ومهمتها إلى في الطريق إلى حي الباطنية بالفعل ضمانا للسرية الكاملة
وتساقط رجال مافيا المخدرات كالذباب في واحدة من كبري عمليات المباحث ضد تجار السموم وكان للعملية وقعها المؤثر دون شك
إلا أنها وعلى الرغم من تأثيرها لم تكن إلا مجرد البداية لما أراد أحمد رشدي الوصول إليه
فإنهاء تلك التجارة لم يكن يقتصر فقط على إنهاء أسطورة الباطنية بدك معاقل تجار المخدرات بها وإقامة الشرطة على نحو دائم بالحي الشهير .. بل إنها كانت ضربة البداية اللازمة لإرجاع هيبة الدولة إلى تلك البؤرة بمنع ظواهر الانفلات الأمني الرهيب الذي تبدى في تجارة المخدرات وبيعها علنا
وكانت التثنية في تطهير إدارة مكافحة المخدرات بالوزارة وضم عناصر نشطة جديدة إليها يجهلها المهربون الذين بلغت قوتهم أنهم جمعوا ملفات لكبار ضباطها وصغارهم !!
وكانت الضربة الثالثة إعادة تشكيل وتخطيط أسلوب رقابة المنافذ التى تأتى المخدرات عبرها .. وانطلقت قوات الشرطة والمكافحة تغلق الطريق أولا فى وجه الزراعة الداخلية لنبات الخشخاش والتى تركزت فى سيناء بشكل أساسي ..
ومن ناحية المطارات والمنافذ البرية والبحرية .. أدخل أحمد رشدى لأول مرة أسلوب استخدام الكلاب البوليسية المدربة فى التفتيش والفحص .. إضافة إلى استمراره فى معالجته قضية المخدرات باعتبارها قضية أمن دولة لا قضية جرائم جنائية .. وبالتالي شهدت المعركة أساليب أقرب لأساليب لعمليات المخابرات ورد الصاع لشبكات تجارة المخدرات عن طريق اختراقهم من
داخلهم بعملاء ومرشدين مدربين وعلى مستوى الضباط لا المرشدين التقليديين من صف الضباط وغيرهم .. فأصبحت الآية معكوسة
الشبكات تم اختراقها وعجزت فى نفس الوقت عن مجاراة أحمد رشدي فى أسلوب حصوله على المعلومات ..
وكانت النتيجة أن أعلنتها شبكات تجارة المخدرات حربا ضروسا ضد هذا الوزير الذى قطع عليهم كل سبيل وعلى نحو لم يستطع وزير من قبله أن يتبعه ..
ولا يمكننا هنا بالطبع أن ننسي أن الزعماء الكبار والممولين كان منهم بعض كبار المسئولين فى الدولة وفى مواقع مختلفة أيضا .. وهو الأمر الذى تبدى فى حقبة التسعينيات مع ظهور " نواب الكيف " وقضيتهم الشهيرة
وكان أن وجدت شبكات التهريب نفسها وقد تقلص نشاطها إلى أدنى مستوياته مما سبب لهم خسائر بالملايين .. فاتخذت الشبكات قرارا مصيريا يعوضها عن تلك الخسائر باتباعها لطريقين رهيبين
الأول تغيير النشاط من المخدرات البسيطة إلى الأنواع الثقيلة .. البودرة بأنواعها من مشتقات الأفيون
وذلك لصعوبة كشفه من جهة .. ولارتفاع منسوب أرباحه إلى عدة أضعاف ..
الثاني تكثيف التعاون مع الجهات الخارجية وهو الأمر الذى كان نوعا ما مقصورا على العملاء الرسميين للدول الأجنبية .. فلما وجدت أجهزة المخابرات المعادية إمكانية وسهولة الاتصال بشبكات التهريب مواتية نتيجة لحاجتهم الماسة إلى الدعم ..
وفوجئ أحمد رشدي بهذا التطور الفادح ..
وغرقت البلاد فى الأنواع المدمرة من السموم المخدرة الغير تقليدية وشهدت البلاد منها أنواع البودرة المختلفة بكثافة أكبر من ذى قبل إضافة إلى أنواع جديدة منها لم تعرفها البلاد من قبل ليظهر بمصر لأول مرة مافيا الأدوية المخدرة .. من الأنواع البسيطة كحبوب ومسكنات جدول المخدرات إلى الماكستون فورت
ولم يتمهل أحمد رشدى بعد أن بلغه التطور الجديد .. فقام بتكثيف المراقبة على نحو أشد على جميع المنافذ .. وأدت الكلاب المدربة دورها بعد إعادة تدريبها على الأنواع الجديدة .. وشدد الرقابة على شركات الأدوية وعلى الصيدليات ..
كما زاد من تكثيف المراقبة على التجار والممولين باستخدام عناصر كانت من داخلهم وتم إعادة تأهيلهم ومكافأتهم نظير التعاون ..
واستمرت الحرب على حافة الاشتعال طيلة فترة ولاية أحمد رشدى ..
وبدا للمراقبين أن هذا الوزير الفذ على وشك تحقيق انتصار ساحق على تجارة المخدرات ..
واضطربت أعصاب مافيا المخدرات والمتعاونين معها ..
وألقوا ببصرهم على امتداد الرؤية طمعا فى حادثة تقلب مجرى الأمور والحوادث








وكان هؤلاء ثانى المترقبين ..

معركة الأمن القومى

على الرغم من أن معركة المخدرات كانت عبارة عن معترك حقيقي للانشغال إلا أن هذا لم يمنع أحمد رشدى من تفعيل دور مباحث أمن الدولة وأجهزة الوزارة المختلفة لتحجيم ومنع نشاط المخابرات الأجنبية والمنظمات المختلفة داخل البلاد ...
وكانت تلك الفترة الساخنة فى منتصف الثمانينات مثار اهتمام عاصف من مختلف الأنظمة .. وتحت سعى النظام المصري لتأمين البلاد فى ظروف بالغه الحساسية .. أفرزت الجهود عن شبكات تجسس ومخططات خارجية لضرب الأمن واستقرار البلاد بمختلف وسائل الإرهاب
ومن المؤسف أن العديد من عمليات النجاح التى صادفها الأمن المصري ما زالت طى الكمان إلا فيما ندر
لكن من حسن الحظ أن إحدى أقوى عمليات الأمن المصري فى ذلك الوقت تم الكشف عنها بحينها ..
ليس هذا فقط ...
بل تم إخراجها تليفزيونيا بحيث صارت العدسات عاملا رئيسيا فى تتابع القصة حتى أنها داعبت خيال أهل السينما فتم تناول القصة بفيلم سينمائي شهير من بطولة إسعاد يونس وسهير البابلي وقام بدور الوزير أحمد رشدى فيها الممثل المصري نظيم شعراوي وقام بدور ضابط أمن الدولة المختص بالقضية الممثل المصري الراحل صلاح قابيل
وأعنى بها عملية البكوش







عملية عبد الحميد البكوش

من المعروف .. أن الصراعات العربية ـ العربية .. لا تتخذ طابعا إعلاميا فى العادة .. كما لا تتخذ طابع التخابر بطبيعة الحال .. على اعتبار أن الأمور مهما زادت بين أطراف عربية فلا توجد مبررات منطقية لتصعيد الصراع لعمليات الإرهاب والتخابر ..
إلا أن لكل قاعدة استثناء .. والاستثناء هنا مؤسف قطعا ..

ومن قبيل المصادفات والمفارقات الغريبة .. أن عمليتين متشابهتين شكلا ومضمونا جرت وقائعهما بين بلدين شقيقين كانت مصر عاملا مشتركا فيهما والفاصل الزمنى بينهما أكثر من خمسة وعشرين عاما
العملية الأولى عملية عبد الحميد السراج والثانية عبد الحميد البكوش
وكلتا العمليتين كانتا مختصتين باغتيال الشخصية المرصودة .. وكلتا العمليتين .. وقفت فيهما مصر موقف المدافع عن الضحية .. وكلتا العمليتين انتهتا بفشل المخطط ونجاح الجهود الأمنية المصرية فى إنقاذهما .. وكلتا العمليتين كانت الضحية فيهما شخصية مسئولة وحكومية كبيرة فى بلدها فى نظام سابق على النظام الذي رصدها للاغتيال
وكلتا العمليتين نفذهما بنجاح مبهر أحد رجال الأمن المصريين المشاهير
العملية الأولى نفذها رجل المخابرات الأسطوري محمد نسيم والثانية نفذها الوزير أحمد رشدى
الفارق هنا أن وقائع العملية الأولى جرت في سوريا والأردن ولبنان .. وعاد فيها عبد الحميد السراج إلى مصر كما سبق رواية أحداثها في معرض الحديث هنا عن رجل المخابرات المصري محمد نسيم
بينما العملية الثانية جرت وقائعها في مصر ..
عبد الحميد البكوش .. رئيس الوزراء الليبي الأسبق .. اللاجئ السياسي لمصر فى تلك الفترة ..
وصلت إلى جهاز مباحث أمن الدولة المصري معلومات مؤكده وبالتفاصيل عن مخطط محكم لاغتياله بالقاهرة وتم تكليف منظمة إرهابية أوربية شهيرة للقيام بالعملية نظير مبلغ ضخم تم سداد نصفه نقدا للمنظمة باليونان وتبقي النصف الآخر لما بعد التنفيذ
ولخطورة الأمر .. تم إبلاغ الوزير أحمد رشدى انتظارا لرؤية القيادة السياسية في العملية وان كانت الرغبة مع إلقاء القبض على فريق الاغتيال فور وصوله أم تتبع العملية والخروج بقضية كبري وجاءت الأوامر متفقة مع وجهة نظر الوزير ... وتم التخطيط للخروج بعملية ناجحة ومتكاملة ..
وبناء على خطة الخداع المبهرة التى تمت .. تم السماح لعنصري المنظمة الذين وصلا للتنفيذ بالدخول وتم وضعهما تحت الرقابة المحكمة .. وتُركا يمارسان خطتهما بكل حرية .. وتم الدفع بضابطين من ضباط أمن الدولة للاتصال بهما وإيهامهما أنهما ضابطان منشقان عرفا من جهازهما بالعملية التى قدما لانجازها .. وصرح الضابطان لهما أنهما على استعداد للقيام بتلك المهمة نظير المبلغ المحدد للعملية
ولا يمكن بالطبع أن يلام عضوى المنظمة على تصديق ادعاء الضابطين ..فالمنظمة المحترفة كانت تلم بمعلومات كاملة عن جهاز الشرطة المصري وتعرف مدى الترهل الذى أصيب به قبل وأثناء حادث المنصة إضافة إلى أن جهاز المباحث تحديدا لم يكن يركز على العمليات الخارجية مع انشغال الوزارة وأجهزة الأمن بملف عمليات الإرهاب الأصولي وعمليات تجارة المخدرات مع مقدم الوزير الجديد أحمد رشدى
وثمة سبب آخر كان داعيا للأمن والتصديق من المنظمة الشهيرة .. وهى أن أسلوب الشرطة المصرية والذى لا يختلف عن أساليب الشرطة التقليدية لم يكن يركن أبدا لأساليب التخابر والسعى لقضية متكاملة وعملية مبهرة على المستوى الخارجى ومد حبال الصبر مع عملية مكشوفة كعملية البكوش فالمفروض بالمنطق أن أجهزة الأمن لو عرفت لما أرسلت الضابطين للخداع .. بل حتما كانت ستتخذ التدابير اللازمة لإفشال العملية والقبض على المنفذين .. فهذا الأسلوب قاصر على عمليات المخابرات فقط .. فأجهزة المخابرات فى المقام الأول يهمها توجيه ضربة قاصمة للخصم عن طريق الصبر والمتابعة وعدم إظهار ما تملكه من معلومات حتى تستوفي العملية ثمارها من المنفذين والمخططين .. ولهذا فأجهزة المخابرات عندما تكتشف جاسوسا أو رجل مخابرات معاد .. من الممكن أن تتركه يواصل عمله وتضعه تحت المراقبة لمدد طويلة ومتفاوتة وتستغل تصورات الأمن لديه للاستفادة منه ولا تنهى العملية بإلقاء القبض عليه إلا بعد استنفاد الغرض منه
لهذه الأسباب اقتنعت المنظمة بصدق نية الضابطين وتم مد جسور التعاون بينهما بالفعل .. وحاز الضابطان نصف المبلغ مقدما عن العملية ونفذاها بالفعل وتم اغتيال البكوش أمام عينى عميلي المنظمة الذين تابعا جسد البكوش الغارق فى دمه قبل أن يودعه الضابطان أحدى المقابر المهجورة ويسرعا مع العميلين بالهرب .. بعد أن سمح الضابطان لعميلي المنظمة بالتقاط الصور الفوتوغرافية لجثمان البكوش ..
وبعد التنفيذ رفض الضابطان السماح للعملين بالرحيل قبل أن يتقاضيا بقية المبلغ المتفق عليه .. وأتى المبلغ مع عميل المنظمة الثالث الموجود فى اليونان .. وعندما أتى العميل الثالث بالمبلغ وجد الشرطة فى انتظاره وتم إلقاء القبض عليه ومصادرة المبلغ ليلحق بزميليه رهن الاعتقال وهو بادى الذهول عندما اكتشف الخدعة التى وقعت فيها منظمته
وفى مؤتمر صحفي وتليفزيوني عالمى لوزير الداخلية اللواء أحمد رشدى يشرح تداعيات العملية ..
إلا أن الجمع المتكاتف من عدسات التصوير ومندوبي الصحف القادمين فى الأساس لسماع خبر وأسباب اغتيال اللاجئ السياسي عبد الحميد البكوش خاصة مع إعلان الصحف فى الأيام السابقة عن نجاح عملية الاغتيال وتم نشر صور الضحية بالفعل
فوجئ العالم كله بوزير الداخلية مبتسما وهو يلقي التحية على جمع المندوبين وأمام كاميرات التصوير مد الوزير يده إلى باب مجاور وسحب شخصا ما .. فإذا به اللاجئ السياسي المغتال ووقف البكوش أمام عدسات التليفزيون سليما معافي يستقبل نظرات الذهول ..
وتضاعفت شعبية الوزير الأسطورى الذى كان عصره عصر تألق أمنى وتكاتف شعبي ـ شرطى غير مسبوق ..
وبطبيعة الحال ترصدت القوى الدولية التى فشلت عملياتها بسبب أحمد رشدى وكان داعى همها وجود هذا الرجل فى منصبه
وكانت تلك الفئة هى الفئة الثالثة المنتظرة والمترقبة







قصة السقوط

لم تكن تلك الفئات التى أصاب رشدى مصالحها فى مقتل تركن وتنتظر وهى مكتوفة الأيدى بالطبع ..
وما كان وقوف أحمد رشدى منفردا فى ساحة من الذئاب ليجدى إلا لو تكاتفت حوله قوى تعاونه من مختلف القيادات .. وهو ما لم يحدث للأسف لطبيعة الفساد الذى أصبح هو الأصل وتراجع الحق ليتخذ مرتبة الاستثناء .. وتعددت العداوات بين البسيط والفادح لهذا الوزير وكلها أخذت تتحرك منفردة أو متعاونة لضرب هذا الوزير العقبة بأى شكل .. والملاحظ قطعا أن كل فئة من تلك الفئات الكبري كان لها الأعوان والقوى ما يجعل الواحدة منها كفيلة بالاطاحه بنظام كامل إن أرادت
فبداية كان ضباط الوزارة الكبار من العينة التى كانت تؤيد التسلط والنفوذ .. ممن لم يرضيهم قطعا إيقاف الوزير لهم عند حدود عملهم فقط
ورجال المال والأعمال أصحاب التحالف بين رأس المال والسلطة لتكوين قوى الفساد الاقتصادي الكبري وهم فئة من أكبر فئات المجتمع قوة وقدرة لسيطرتهم المتشعبة على مختلف مصادر الاقتصاد والنفوذ
وكان هناك الممولون الكبار لتجارة المخدرات والمهربين المتسترين خلف تغطيات مختلفة ونفوذ دولى واقليمى واسع
وليست هناك حتى الآن وعلى الرغم من مرور ما يزيد عن عشرين عاما معلومات واضحة أو حقائق مؤكده عن مسئولية فئة منهم منفردة أو مسئوليتهم مجتمعين عن تلك المؤامرة التى أطاحت برشدى من منصبه فى صدمة قاتلة للجميع
غير أن المؤكد والشاهد هو أن تلك الأحداث المعروفة باسم أحداث الأمن المركزى والتى كانت السبب الرئيسي فى إقالته لم تكن أبدا كما حاول أن يصورها البعض عبارة عن أحداث واقعية ومنطقية
لا سيما وأن الفئات التى أضرها رشدى جعلت همها الحقيقي بعد الأزمة تشويه أحمد رشدى وانجازاته وعصره الذى شهد به الكبير والصغير وتعاونت تلك القوى على تغييب اسم الرجل تماما بعد رحيله حتى أنهم نجحوا بالفعل فى جعل اسمه منسيا ومهملا بالرغم من أن فترته كانت ولا زالت محفورة بقلوب من حضرها على جميع المستويات
فتعالوا نتعرف كيف كانت المؤامرة







أحداث الأمن المركزى

بدا أمر تلك الأحداث وكأنه عود من الثقاب اشتعل فجأة فى محيط من الوقود وانتشر بسرعة مذهلة وغامضة تفوق قدرة المتابعين على استيعابه وتفوق أيضا التتابع المنطقي لحدث فى حجمه
ففجأة .. وبدون أي سابقة تمهيد بلغ الوزير أحمد رشدى أن معسكر الأمن المركزى بالهرم سرى فيه نوع من التمرد ؟!!
ولما كان الحدث غير مسبوق وغير مبرر والأخطر أنه كان منذرا بعاصفة من الفوضي مع خطورة هذا القطاع الذى تم تشكيله أيام السادات كقوة عسكرية تنتمى للشرطة لمعاونتها فى مجابهة أحداث الإرهاب التى احتاجت إلى إمكانيات قتالية لم تكن الشرطة التقليدية بقواتها العادية بقادرة على مجابهتها .. فلزم الأمر إنشاء قطاع متخصص يحتوى على القوة اللازمة كما وكيفا وتدريبا يتبع الشرطة باعتبارها المختص بأعمال الأمن الداخلى وكذلك لمنع اللجوء للقوات المسلحة للعمل داخل البلاد باعتبار أن الأمن القومى يقتضي بقصر نزول الجيش للشارع إلا فى حالات بالغه الندرة لكون المؤسسة العسكرية تختص بالأمن الخارجى ولا يحبذ إقحامها داخليا وإلا كانت صورة النظام الحاكم غير مرغوبة أمام الجماهير باعتباره نظاما عسكريا أو غير قادر على حماية شرعيته
ويمكننا بالطبع مدى فداحة القلق الذى استبد بالوزير عندما علم ببداية التمرد إذا عرفنا ما هي هوية الأمن المركزى وكيفية اختياره
فقطاع الأمن المركزى يتم تغذيته من دفعات المجندين المتقدمين للخدمة العسكرية ويتم إلحاقهم بالشرطة لتأدية خدمتهم العسكرية كجنود شرطة لا جنود جيش
واختيارهم ـ وهذا هو الفادح فى الأمر ـ يكون له شروط تتمثل فى انعدام المستوى التعليمى والثقافي أى من الفئة الشديدة الأمية البسيطة من المتكاملين جسدا ولياقة والتى تكون ذات مستوى ذكاء محدود للغاية
وذلك حتى يمكن السيطرة عليهم باعتبارهم آلات بشرية تتحرك بأوامر قادتها دون أدنى تفكير أو مناقشة
ويتم إعدادهم وتدريبهم على أعلى مستوى قتالى وتسليحهم بالأسلحة الأتوماتيكة والعسكرية البسيطة فى بعض الأحيان .. وتكون لهذا القطاع معسكراته الخاصة وهى أربعه معسكرات فى القاهرة الكبري ومعسكر فى كل منطقة أو قطاع من الدولة
ولا يتحرك الأمن المركزى من معسكراته إلا بأوامر من القيادات العليا للشرطة بخلاف تلك القوى المركزية التى تعمل على حراسة المبانى والمنشآت والهيئات الحساسة والتى تتواجد بها قوة من الأمن المركزى بصفة دائمة
وجنود بتلك القوة الغاشمة وهذا الانعدام فى الإدراك والتفكير لا يمكن تصور فداحة تمردهم لأنه سيكون فى تلك الحالة عبارة عن تمرد ثيران هائجة من المستحيل السيطرة عليها
وعندما هتف الوزير فى مساعديه متسائلا عن سبب التمرد وحدوده .. جاءته الإجابات متخبطة فى معظمها أثارت غضبه أكثر فأرسل لقائد الأمن المركزى والذى أتى من فوره مطمئنا الوزير أنه تمرد بسيط جارى السيطرة عليه وأن سببه اشاعه قوية انتشرت بين صفوف الجنود عن نية الوزير فى مد خدمتهم إلى سنة رابعة عقب انتهاء فترة الثلاث سنوات التى من المفترض أن تنتهى بها مدة خدمة الجندى
ولم يكن هناك وقت للدهشة أمام الوزير .. وهو يتساءل عن كيفية تفجر تلك الاشاعه غير الصحيحة جملة وتفصيلا
وعلى الرغم من طمأنة قائد الأمن المركزى لوزيره إلا أن عقله لم يهدأ وفضل أن يتابع الأحداث من موقعها مهما كانت المخاطر
وفى الوقت نفسه كانت الأحداث تتصاعد إلى نذر عاصفة عندما اندفع جنود معسكر الهرم إلى الشوارع المحيطة بتلك المنطقة السياحية الهامة ليدمروا ما يعترض طريقهم فى عنف ووحشية وثورة .. وتحولت المنطقة إلى فوضي عارمة .. وتحطمت عشرات السيارات والحافلات والمحال وواجهات الفنادق الكبري وانتشر الذعر بشكل مكثف وسقط العديد من الضحايا .. كان من الممكن أن يتضاعف عددهم لولا أن تمكن قائد إحدى الحافلات السياحية الضخمة من الفرار سليما بركاب الحافلة
وانتقل التمرد فى وقت قياسي إلى المعسكر المجاور بالجيزة ومنه إلى مختلف معسكرات القاهرة ثم بعض معسكرات المحافظات الكبري كأسيوط
وانتقلت الأزمة إلى الإعلام الذى نقل الوقائع إلى مختلف الشاشات اقليمية وعالمية والى مختلف الصحف مما أنذر بتزايد أثر الانفلات الأمنى
وكانت كلمات قائد الأمن المركزى الخادعة للوزير سببا فى التحرك بما يوازى سرعه الأحداث
وهنا تحركت الجهات السيادية وعلى رأسها مؤسسة الرياسة لضبط الأمر
وانطلقت مروحيات الهليوكوبتر حاملة معها منشورات تؤكد كذب الشائعة وتم إلقائها على جموع الجنود الثائرين دون فائدة ؟!!
وهنا لم يعد هناك بد من اللجوء لحل جذرى قبل أن يفلت الزمام أكثر وأكثر
وصدرت الأوامر للمشير أبو غزالة وزير الدفاع بالتدخل .. فأصدر الوزير أوامره بنزول عدد من وحدات الصاعقة القتالية وبعض وحدات المدرعات لإقرار الأمن والسيطرة على الموقف







وكانت الأوامر صادرة باستخدام السلاح حال مجابهة نيران من المتمردين وعدم استخدام السلاح مع غير المسلحين
وانطلقت وحدة مدرعة إلى معسكر الأمن المركزى بالهرم الذى شهد بداية الكارثة واعتصم به العديد من الجنود المسلحين وتعاملت قوة الجيش بسرعه وقوة وسيطرت على الموقف لفارق الإمكانات التدريبية والتسليح كما انطلقت كتيبة من الصاعقة إلى مختلف الشوراع التى شهدت فوضي الجنود وفى خلال ساعات محدودة تمكن أفراد القوة من التعامل مع أفراد الأمن المركزى بالقتال اليدوى طبقا للأوامر الصادرة لمواجهة المتمردين العزل من السلاح
وكانت المعارك القتالية فى قلب شوراع العاصمة لافتة لنظر من شهدها خاصة مع تميز أفراد الصاعقة فى التدريب القتالى الذى حسم الأمر بالقطع رغم ضخامة أجساد جنود الأمن المركزى والذين تطايروا أمام ضربات رجال الصاعقة على حد قول شهود العيان
وبعد السيطرة على الأمر أمنيا من جهات عليا تم إنقاذ الوزير أحمد رشدى الذى غامر بالذهاب منفردا بمقر معسكر الهرم فتلقفه بعض الجنود الثائرين بالحجارة وما تدركه أيديهم وكان الوزير الخالى من الحراسة معرضا للقتل بمنتهى البساطة لولا أن أدركته القوات الخاصة فى الوقت المناسب والدماء تفجر من وجهه ..
إلا أن الدهشة وشعور الصدمة لدى الوزير كان يفوق بمراحل الدماء المتفجرة .. لأكثر من سبب
كان يتساءل عن مصدر الشائعة وقوتها فى تحريك غضبة الجنود وكان مذهولا من استقبال الجنود له وهو الوزير الشعبي بهذا الشكل وأيقن تماما بغموض محرك الأحداث
ثم عض شفتيه قهرا وألما وهو يتذكر كلمات قائد الأمن المركزى وكانت كلماته لهذا الأخير عندما رآه معبرة تماما عن صدمته
" إن ما حدث كان مؤلما .. إلا أن ما آلمنى أكثر خديعتك لي وأنت تقول بسيطرتك على الأحداث "
وفور هدوء الأحداث اجتمع الرئيس مبارك مع جنود الأمن المركزى فى بعض معسكراتهم لتلطيف الأجواء .. وأصدر أوامره بسرعة التحقيق فى الأحداث .. وتفجرت حقائق لافته فى التحقيقات كان منها شهادة بعض الجنود الذين رفضوا التورط فى التمرد فى معسكر الهرم بتعرضهم لضغوط وتهديدات بعض زملائهم لإجبارهم على المشاركة .. كما ظهرت بعض المنشورات التى تم توزيعها من مصادر مجهولة على الجنود وكانت تحتوى على تأكيدات بخبر مد الخدمة لعام إضافي






وصدر القرار بإقالة الوزير .. وتحميله مسئولية الأحداث !!!
وتحقق الهدف الذى سعت إليه معظم الجهات المتضررة من رشدى .. والتزم اللواء أحمد رشدى الصمت التام ورفض الحديث عن الوقائع وعن الإقالة مكتفيا بشعور الصدمة واعتكف فى بيته تقريبا بالرغم من وجود تعاطف شعبي ورسمى معه لكنه كان تعاطفا بلا فائدة
وما زالت تلك الأحداث والوقائع غامضة فى أكثر حقائقها وكيفية تحريكها وتناثرت الشائعات قوية عن التواطؤ الكبير ضد الوزير وعمد تحميله الأحداث .. وهو قطعا يتحمل المسئولية لكن إن كانت تلك الثورة قائمة على أسباب ووقائع منطقية وهو ما تنفيه الأحداث
كان من دلائل الابتهاج لخروج الوزير .. فرحة تجار المخدرات الذين احتفلوا بخروج رشدى بأسلوب مميز عندما نزل الأسواق صنف جديد من مخدر الحشيش أطلق عليه صغار الموزعين اسما لافتا وهو " باي باي رشدى " !!
وأسدلت الستائر على قصة هذا النابغ المتفرد .. والصقر الذى حلق خارج السرب فكان لزاما إيقافه
وانتهى عصر الوزير الذى خالف القانون .. لأجل القانون
خالف قانون العصر .. لأجل قانون الشرعية ..

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:28 AM

عرف بأسلوبه العذب البسيط في تفسير القرآن، وكان تركيزه على النقاط الإيمانية في تفسيره جعله يقترب من قلوب الناس، وبخاصة وأن أسلوبه يناسب جميع المستويات والثقافات.
إنه الشيخ محمد متولي الشعراوي أشهر من فسر القرآن في عصرنا.




مولده وتعليمه
ولد فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في 5 أبريل عام 1911 م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره.
في عام 1926 م التحق الشيخ الشعراوي بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، و حظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى، والشاعر طاهر أبو فاشا، والأستاذ خالد محمد خالد والدكتور أحمد هيكل والدكتور حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون.




وكانت نقطة تحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد له والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.
فما كان من الشيخ إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية.
لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم.
فما كان أمام الشيخ إلا أن يطيع والده، ويتحدى رغبته في العودة إلى القرية، فأخذ يغترف من العلم، ويلتهم منه كل ما تقع عليه عيناه.

والتحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فثورة سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر الشامخة في القاهرة، فكان الشيخ يزحف هو وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقى بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م.


التدرج الوظيفي
تخرج الشيخ عام 1940 م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م.
بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذًا للشريعة بجامعة أم القرى.
ولقد اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلاً في اللغة وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع. وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود. وعلى أثر ذلك منع الرئيس عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية وعين في القاهرة مديرًا لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون. ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيسًا لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس وأثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسة يونيو 1967، وقد تألم الشيخ الشعراوي كثيرًا لأقسى الهزائم العسكرية التي منيت بها مصر والأمة العربية وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة وعين مديرًا لأوقاف محافظة الغربية فترة، ثم وكيلا للدعوة والفكر، ثم وكيلاً للأزهر ثم عاد ثانية إلى المملكة العربية السعودية، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز.
وفي نوفمبر 1976م اختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.
وبعد أن ترك بصمة طيبة على جبين الحياة الاقتصادية في مصر، فهو أول من أصدر قرارًا وزاريًا بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو (بنك فيصل) حيث إن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
وقال في ذلك: إنني راعيت وجه الله فيه ولم أجعل في بالي أحدًا لأنني علمت بحكم تجاربي في الحياة أن أي موضوع يفشل فيه الإنسان أو تفشل فيه الجماعة هو الموضوع الذي يدخل هوى الشخص أو أهواء الجماعات فيه. أما إذا كانوا جميعًا صادرين عن هوى الحق وعن مراده، فلا يمكن أبدًا أن يهزموا، وحين تدخل أهواء الناس أو الأشخاص، على غير مراد الله، تتخلى يد الله.
وفي سنة 1987م اختير فضيلته عضواً بمجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين). وقرَّظه زملاؤه بما يليق به من كلمات، وجاء انضمامه بعد حصوله على أغلبية الأصوات (40عضوًا). وقال يومها: ما أسعدني بهذا اللقاء، الذي فرحت به فرحًا على حلقات: فرحت به ترشيحًا لي، وفرحت به ترجيحًا لي، وفرحت به استقبالاً لي، لأنه تكريم نشأ عن إلحاق لا عن لحوق، والإلحاق استدعاء، أدعو الله بدعاء نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أستعيذك من كل عمل أردت به وجهك مخالطاً فيه غيرك. فحين رشحت من هذا المجمع آمنت بعد ذلك أننا في خير دائم، وأننا لن نخلو من الخير ما دام فينا كتاب الله، سألني البعض: هل قبلت الانضمام إلى مجمع الخالدين، وهل كتب الخلود لأحد؟ وكان ردي: إن الخلود نسبي، وهذا المجمع مكلف بالعربية، واللغة العربية للقرآن، فالمجمع للقرآن، وسيخلد المجمع بخلود القرآن.


أسرة الشعراوي
تزوج الشيخ الشعراوي وهو في الابتدائية بناء على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، وكان اختيارًا طيبًا لم يتعبه في حياته، وأنجب الشعراوي ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة. وكان الشيخ يرى أن أول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين. وعن تربية أولاده يقول: أهم شيء في التربية هو القدوة، فإن وجدت القدوة الصالحة سيأخذها الطفل تقليدًا، وأي حركة عن سلوك سيئ يمكن أن تهدم الكثير.
فالطفل يجب أن يرى جيدًا، وهناك فرق بين أن يتعلم الطفل وأن تربي فيه مقومات الحياة، فالطفل إذا ما تحركت ملكاته وتهيأت للاستقبال والوعي بما حوله، أي إذا ما تهيأت أذنه للسمع، وعيناه للرؤية، وأنفه للشم، وأنامله للمس، فيجب أن نراعي كل ملكاته بسلوكنا المؤدب معه وأمامه، فنصون أذنه عن كل لفظ قبيح، ونصون عينه عن كل مشهد قبيح.
وإذا أردنا أن نربي أولادنا تربية إسلامية، فإن علينا أن نطبق تعاليم الإسلام في أداء الواجبات، وإتقان العمل، وأن نذهب للصلاة في مواقيتها، وحين نبدأ الأكل نبدأ باسم الله، وحين ننتهي منه نقول: الحمد لله.. فإذا رآنا الطفل ونحن نفعل ذلك فسوف يفعله هو الآخر حتى وإن لم نتحدث إليه في هذه الأمور، فالفعل أهم من الكلام.





الجوائز التي حصل عليها
منح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد في 15/4/1976 م قبل تعيينه وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر.
ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م، ووسام في يوم الدعاة.
حصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية.
اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.
أعدت حوله عدة رسائل جامعية منها رسالة ماجستير عنه بجامعة المنيا ـ كلية التربية ـ قسم أصول التربية، وقد تناولت الرسالة الاستفادة من الآراء التربوية لفضيلة الشيخ الشعراوي في تطوير أساليب التربية المعاصرة في مصر.
جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989م والذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محليًا، ودوليًا، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة.

مؤلفات الشيخ الشعراوي
للشيخ الشعراوي عدد من المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها وإعدادها للنشر، وأشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوي للقرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات:
الإسراء والمعراج.
أسرار بسم الله الرحمن الرحيم.
الإسلام والفكر المعاصر.
الإسلام والمرأة، عقيدة ومنهج.
الشورى والتشريع في الإسلام.
الصلاة وأركان الإسلام.
الطريق إلى الله.
الفتاوى.
لبيك اللهم لبيك.
100 سؤال وجواب في الفقه الإسلامي.
المرأة كما أرادها الله.
معجزة القرآن.
من فيض القرآن.
نظرات في القرآن.
على مائدة الفكر الإسلامي.
القضاء والقدر.
هذا هو الإسلام.
المنتخب في تفسير القرآن الكريم.

الشاعر
عشق الشيخ الشعراوي ـ رحمه الله ـ اللغة العربية، وعرف ببلاغة كلماته مع بساطة في الأسلوب، وجمال في التعبير، ولقد كان للشيخ باع طويل مع الشعر، فكان شاعرا يجيد التعبير بالشعر في المواقف المختلفة، وخاصة في التعبير عن آمال الأمة أيام شبابه، عندما كان يشارك في العمل الوطني بالكلمات القوية المعبرة، وكان الشيخ يستخدم الشعر أيضاً في تفسير القرآن الكريم، وتوضيح معاني الآيات، وعندما يتذكر الشيخ الشعر كان يقول "عرفوني شاعراً"
وعن منهجه في الشعر يقول: حرصت على أن أتجه في قصائدي إلى المعنى المباشر من أقصر طريق.. بغير أن أحوم حوله طويلا.. لأن هذا يكون الأقرب في الوصول إلى أعماق القلوب. خاصة إذا ما عبرت الكلمات بسيطة وواضحة في غير نقص. وربما هذا مع مخاطبتي للعقل هو ما يغلب على أحاديثي الآن للناس.
يقول في قصيدة بعنوان "موكب النور":
أريحي السمــاح والإيثـار*****لك إرث يا طيبة الأنـوار
وجلال الجمال فيـك عريق*****لا حرمنا ما فيه من أسـرار
تجتلي عندك البصائر معنى*****فوق طوق العيون والأبصار

الشعر ومعاني الآيات
ويتحدث إمام الدعاة فضيلة الشيخ الشعراوي في مذكراته التي نشرتها صحيفة الأهرام عن تسابق أعضاء جمعية الأدباء في تحويل معاني الآيات القرآنية إلى قصائد شعر. كان من بينها ما أعجب بها رفقاء الشيخ الشعراوي أشد الإعجاب إلى حد طبعها على نفقتهم وتوزيعها. يقول إمام الدعاة ومن أبيات الشعر التي اعتز بها، ما قلته في تلك الآونة في معنى الرزق ورؤية الناس له. فقد قلت:
تحرى إلى الرزق أسبابه
فإنـك تجـهل عنـوانه
ورزقـك يعرف عنوانك
وعندما سمع سيدنا الشيخ الذي كان يدرس لنا التفسير هذه الأبيات قال لي: يا ولد هذه لها قصة عندنا في الأدب. فسألته: ما هي القصة: فقال: قصة شخص اسمه عروة بن أذينة.. وكان شاعرا بالمدينة وضاقت به الحال، فتذكر صداقته مع هشام بن عبد الملك.. أيام أن كان أمير المدينة قبل أن يصبح الخليفة. فذهب إلى الشام ليعرض تأزم حالته عليه لعله يجد فرجا لكربه. ولما وصل إليه استأذن على هشام ودخل. فسأله هشام كيف حالك يا عروة؟. فرد: والله إن الحال قد ضاقت بي.. فقال لي هشام: ألست أنت القائل:
لقد علمت وما الإشراق من خلقي***إن الذي هـو رزقي سوف يأتيني
واستطرد هشام متسائلا: فما الذي جعلك تأتي إلى الشام وتطلب مني.. فأحرج عروة الذي قال لهشام: جزاك الله عني خيرا يا أمير المؤمنين.. لقد ذكرت مني ناسيا، ونبهت مني غافلا.. ثم خرج..


وبعدها غضب هشام من نفسه لأنه رد عروة مكسور الخاطر.. وطلب القائم على خزائن بيت المال وأعد لعروة هدية كبيرة وحملوها على الجمال.. وقام بها حراس ليلحقوا بعروة في الطريق.. وكلما وصلوا إلى مرحلة يقال لهم: كان هنا ومضى. وتكرر ذلك مع كل المراحل إلى أن وصل الحراس إلى المدينة.. فطرق قائد الركب الباب وفتح له عروة.. وقال له: أنا رسول أمير المؤمنين هشام.. فرد عروة: وماذا أفعل لرسول أمير المؤمنين وقد ردني وفعل بي ما قد عرفتم ؟..
فقال قائد الحراس: تمهل يا أخي.. إن أمير المؤمنين أراد أن يتحفك بهدايا ثمينة وخاف أن تخرج وحدك بها.. فتطاردك اللصوص، فتركك تعود إلى المدينة وأرسل إليك الهدايا معنا.. ورد عروة: سوف أقبلها ولكن قل لأمير المؤمنين لقد قلت بيتا ونسيت الآخر.. فسأله قائد الحراس:
ما هو ؟.. فقال عروة:
أسعى له فيعييني تطلبه*** ولو قعدت أتاني يعينني
وهذا يدلك ـ فيما يضيفه إمام الدعاة ـ على حرص أساتذتنا على أن ينمو في كل إنسان موهبته، ويمدوه بوقود التفوق.

مواقف وطنية
ويروي إمام الدعاة الشيخ الشعراوي في مذكراته وقائع متفرقة الرابط بينها أبيات من الشعر طلبت منه وقالها في مناسبات متنوعة.. وخرج من كل مناسبة كما هي عادته بدرس مستفاد ومنها مواقف وطنية.
يقول الشيخ: و أتذكر حكاية كوبري عباس الذي فتح على الطلاب من عنصري الأمة وألقوا بأنفسهم في مياه النيل شاهد الوطنية الخالد لأبناء مصر. فقد حدث أن أرادت الجامعة إقامة حفل تأبين لشهداء الحادث ولكن الحكومة رفضت.. فاتفق إبراهيم نور الدين رئيس لجنة الوفد بالزقازيق مع محمود ثابت رئيس الجامعة المصرية على أن تقام حفلة التأبين في أية مدينة بالأقاليم. ولا يهم أن تقام بالقاهرة.. ولكن لأن الحكومة كان واضحا إصرارها على الرفض لأي حفل تأبين فكان لابد من التحايل على الموقف.. وكان بطل هذا التحايل عضو لجنة الوفد بالزقازيق حمدي المرغاوي الذي ادعى وفاة جدته وأخذت النساء تبكي وتصرخ.. وفي المساء أقام سرادقا للعزاء وتجمع فيه المئات وظنت الحكومة لأول وهلة أنه حقا عزاء.. ولكن بعد توافد الأعداد الكبيرة بعد ذلك فطنت لحقيقة الأمر.. بعد أن أفلت زمام الموقف وكان أي تصد للجماهير يعني الاصطدام بها.. فتركت الحكومة اللعبة تمر على ضيق منها.. ولكنها تدخلت في عدد الكلمات التي تلقى لكيلا تزيد للشخص الواحد على خمس دقائق.. وفي كلمتي بصفتي رئيس اتحاد الطلبة قلت: شباب مات لتحيا أمته وقبر لتنشر رايته وقدم روحه للحتف والمكان قربانا لحريته ونهر الاستقلال.. ولأول مرة يصفق الجمهور في حفل تأبين. وتنازل لي أصحاب الكلمة من بعدي عن المدد المخصصة لهم.. لكي ألقى قصيدتي التي أعددتها لتأبين الشهداء البررة والتي قلت في مطلعها:
نــداء يابني وطني نــداء*****دم الشهداء يذكره الشبــاب
وهل نسلوا الضحايا والضحايا*****بهم قد عز في مصر المصاب
شبـــاب برَّ لم يفْرِق.. وأدى*****رسالته، وها هي ذي تجاب
فلـم يجبن ولم يبخل وأرغى*****وأزبد لا تزعزعـــه الحراب
وقــــدم روحه للحق مهرًا*****ومن دمه المراق بدا الخضاب
وآثر أن يمــــوت شهيد مصر*****لتحيا مصر مركزها مهاب


مع الشعراء
وللشيخ الشعراوي ذكريات مع الشعراء والأدباء، شهدت معارك أدبية ساخنة، وكان للشيخ فيها مواقف لا تنسى.
يقول الشيخ: حدث أيام الجماعة الأدبية التي كنت أرأسها حوالي عام 1928.. والتي كانت تضم معي أصدقاء العمر الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي ـ أطال الله عمره ـ والمرحوم محمد فهمي عبد اللطيف وكامل أبو العينين وعبد الرحمن عثمان رحمه الله.. حدث أن كانوا على صلة صداقة مع شاعر مشهور وقتها بطول اللسان والافتراء على أي إنسان اسمه عبد الحميد الديب، صاحب قصيدة "دع الشكوى وهات الكأس واسكر".. والذي لم يسلم أحد من لسانه.. والذي كان يعيش على هجاء خلق الله إلى أن يمنحوه مالا.. وجاءت ذات ليلة سيرتي أمامه.. وقال له الأصدقاء أعضاء الجماعة الأدبية عن كل ما أقرضته من قصائد شعرية.. فرد وقال: الشيخ الشعراوي شاعر كويس.. ولكن لا يصح أن يوصف بأنه شاعر.. ولما سألوه: لماذا؟.. قال: إن المفترض في شعر الشاعر أن يكون مجودا في كل غرض.. وهو لم يقل شعرا في غرضين بالذات ولما حكوا لي عن هذا الذي قاله الشاعر محجوب عبد الحميد الديب.. قلت لهم: أما أنني لم أقل شعرا في الغزل.. فأرجو أن تبلغوه بأنني أقرضت الشعر في الغزل أيضا.. لكنه غزل متورع.. وانقلوا إليه الأبيات عني.. والتي قلت فيها:
مــن لم يحركه الجمال فناقـص تكوينه*****وسوى خلق الله من يهوي ويسمح دينه
سبحان من خلق الجمال والانهزام لسطوته*****ولهذا يأمرنا بغض الطرف عنه لرحمته
مـن شاء يطلبه فلا إلا بطــهر شريعته*****وبذا يدوم لنـا التمتــع ها هنا وبجنته
وأما عن الهجاء فقلت لأصدقائي: إنني لا أجد موضوعا أتناوله إلا أن أهجو عبد الحميد الديب نفسه.. ولن أشهر به.. ولكن فليأت إلينا.. ويجلس معنا.. وأقول له أنني سوف أهجوك بكذا وكذا.. ثم أخيره بعد ذلك أن يعلن هجائي له أو لا يعلنه.. وقد تحداني وقدم إلى منزلي بباب الخلق وسألني: ما الذي سوف تقوله في عبد الحميد الديب يا ابن الشعراوي؟ فقلت له: والله لن أقول شعري في هجائك لأحد إلى أن تقوله أنت وأنا أقطع بأنك لن تكرر على مسامع الناس هجائي لك.. وبالفعل ما سمعه عبد الحميد الديب مني في هجائه لم يستطع ـ كما توقعت ـ أن يكرره على مسامع أحد.. ولذلك كنت الوحيد من شلة الأدباء الذي سلم من لسانه بعدها. لأنه خاف مني وعلم قوتي في شعر الهجاء أيضا.. ومن هنا ترسخ يقيني بأن التصدي للبطش والقوة لا يكون إلا بامتلاك نفس السلاح.. سلاح القوة ولكن بغير بطش..


أشعار ومناسبات
ويقول الشيخ عن أشعاره في المناسبات المختلفة: كنا في كل مناسبة نعقد ندوات ونلقي بالأشعار، وكان هذا مبعث نهضة أدبية واسعة في زماننا.. كانت معينا لا ينضب لغذاء القلب والعقل والروح لا يفرغ أبدا.. وأذكر من هذه الأيام أن كنا نحيي في قريتنا ذكرى الوفاء الأولى لرحيل حبيب الشعب سعد زغلول. وطلب مني خالي أن أقرض أبياتا في تأبين الزعيم.. فقلت على ما أذكر:
عام مضى وكأنه أعوام*****يا ليته ما كان هذا العام
ويومها قال لي خالي ومن سمعوني: يا آمين.. قلت وأوجزت.. وعبرت.. عما يجيش في صدور الخلق.





قالوا عن الشيخ الشعراوي
فقد العلماء بالموت خسارة إنسانية كبرى، إن الناس يحسون عندئذ أن ضوءا مشعا قد خبا، وأن نورا يهديهم قد احتجب، ولقد كان هذا شيئا قريبا من إحساسنا بموت الشيخ محمد متولي الشعراوي يرحمه الله تبارك وتعالى.
كان أول ظهور له على المستوى العام "في التليفزيون" هو ظهوره في برنامج "نور على نور" للأستاذ أحمد فراج.
وكانت الحلقة الأولى التي قدمها عن حلية رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
كانت الحلقة تتحدث عن أخلاق الرسول وشمائله، ورغم أن هذا الموضوع قديم كتب فيه الكاتبون، وتحدث فيه المتحدثون، إلا أن الناس أحسوا أنهما أمام فكر جديد وعرض جديد ومذاق جديد.. لقد أحسوا أنهم يسمعون هذا الكلام لأول مرة.
ولعل هذه كانت أول مزية للشيخ الشعراوي، إن القديم كان يبدو جديدا على لسانه، أيضا أشاعت هذه الحلقة إحساسا في الناس بأن الله يفتح على الشيخ الشعراوي وهو يتحدث، ويلهمه معاني جديدة وأفكارا جديدة.
بعد هذا القبول العام انخرط الشيخ الشعراوي في محاولة لتفسير القرآن وأوقف حياته على هذه المهمة؛ ولأنه أستاذ للغة أساسا كان اقترابه اللغوي من التفسير آية من آيات الله، وبدا هذا التفسير للناس جديدا كل الجدة، رغم قدمه ورغم أن تفسير القرآن قضية تعرض لها آلاف العلماء على امتداد القرون والدهور، إلا أن تفسير الشيخ الشعراوي بدا جديدا ومعاصرا رغم قدمه، وكانت موهبته في الشرح وبيان المعاني قادرة على نقل أعمق الأفكار بأبسط الكلمات.. وكانت هذه موهبته الثانية.
وهكذا تجمعت القلوب حول الرجل وأحاطته بسياج منيع من الحب والتقدير.. وزاد عطاؤه وزاد إعجاب الناس به، ومثل أي شمعة تحترق من طرفيها لتضيء مضي الشيخ الشعراوي في مهمته حتى اختاره الله إلى جواره.. عزاء لنا وللأمة الإسلامية.
"أحمد بهجت"
إن الشيخ الشعراوي عليه رحمة الله كان واحدًا من أعظم الدعاة إلى الإسلام في العصر الذي نعيش فيه. والملكة غير العادية التي جعلته يطلع جمهوره على أسرار جديدة وكثيرة في القرآن الكريم.
وكان ثمرة لثقافته البلاغية التي جعلته يدرك من أسرار الإعجاز البياني للقرآن الكريم ما لم يدركه الكثيرون وكان له حضور في أسلوب الدعوة يشرك معه جمهوره ويوقظ فيه ملكات التلقي. ولقد وصف هو هذا العطاء عندما قال: "إنه فضل جود لا بذل جهد". رحمه الله وعوض أمتنا فيه خيرًا.
د."محمد عمارة"
إن الشيخ الشعراوي قد قدم لدينه ولأمته الإسلامية وللإنسانية كلها أعمالا طيبة تجعله قدوة لغيره في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
د."محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر"
فقدت الأمة الإسلامية علما من أعلامها كان له أثر كبير في نشر الوعي الإسلامي الصحيح، وبصمات واضحة في تفسير القرآن الكريم بأسلوب فريد جذب إليه الناس من مختلف المستويات الثقافية.
د."محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف"
إن الشعراوي أحد أبرز علماء الأمة الذين جدد الله تعالى دينه على يديهم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها].
د."أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر"

إن الفقيد واحد من أفذاذ العلماء في الإسلام قد بذل كل جهد من أجل خدمة الأمة في دينها وأخلاقها.
"الشيخ أحمد كفتارو مفتي سوريا"
إن الجمعية الشرعية تنعى إلى الأمة الإسلامية فقيد الدعوة والدعاة إمام الدعاة إلى الله تعالى، حيث انتقل إلى رحاب ربه آمنا مطمئنا بعد أن أدى رسالته كاملة وبعد أن وجه المسلمين جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها إلى ما يصلح شئون حياتهم ويسعدهم في آخرتهم. فرحم الله شيخنا الشعراوي رحمة واسعة وجعله في مصاف النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وجزاه الله عما قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء.
د."فؤاد مخيمر رئيس عام الجمعية الشرعية"
لا شك أن وفاة الإمام الراحل طيب الذكر فضيلة الشيخ الشعراوي تمثل خسارة فادحة للفكر الإسلامي والدعوة الإسلامية والعالم الإسلامي بأسره، فقد كان رحمه الله رمزًا عظيمًا من رموز ذلك كله وخاصة في معرفته الشاملة للإسلام وعلمه المتعمق وصفاء روحه وشفافية نفسه واعتباره قدوة تحتذى في مجال العلم والفكر والدعوة الإسلامية وإن حزننا لا يعادله إلا الابتهال إلى الله بأن يطيب ثراه وأن يجعل الجنة مثواه.
"د. أحمد هيكل وزير الثقافة السابق"
لا ينبغي أن نيأس من رحمة الله والإسلام الذي أفرز الشيخ الشعراوي قادر على أن يمنح هذه الأمة نماذج طيبة وعظيمة ورائعة تقرب على الأقل من الشيخ الشعراوي ومع ذلك نعتبر موته خسارة كبيرة، خسارة تضاف إلى خسائر الأعوام الماضية أمثال أساتذتنا الغزالي وجاد الحق وخالد محمد خالد. وأخشى أن يكون هذا نذير اقتراب يوم القيامة الذي أخبرنا الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن من علاماته أن يقبض العلماء الأكفاء الصالحون وأن يبقى الجهال وأنصاف العلماء وأشباههم وأرباعهم فيفتوا بغير علم ويطوعوا دين الله وفقا لضغوط أولياء الأمور ويصبح الدين منقادًا لا قائدًا.
ونسأل الله أن يجنب الأمة شر هذا وأن يخلفها في الشيخ الشعراوي خيرًا.
"د. عبد الحليم عويس أستاذالتاريخ الاسلامى



الإذاعة والتلفزيون
دخل الشعراوي الإذاعة و التلفزيون لأول مرة عام 1950م، و كان يكتب في ذلك الوقت حديثين كل أسبوع ، يعطي أحدهما لأحد رؤسائه ليقرأه أمام الميكرفون و يتقاضى هذا الرئيس عشرة جنيهات .
أما الحديث الثاني ، فيلقيه الشعراوي بنفسه مقابل 170 قرشاً تصرفها له الإذاعة ، و بعد خمسة أسابيع جاء تقرير عنه أن صوته " غير ميكروفوني " و لا يصلح لإلقاء الأحاديث ، و عليه فقد أوقفت الإذاعة التعامل معه ، حيث قالوا : إن علم الشيخ جيد .. لكن صوته غير إذاعي ..
أما دخوله مبنى الإذاعة و التليفزيون للتسجيل في برنامج تليفزيوني فقد كان خلال برنامج " نور على نور " الذي كان يعده و يقدمه الإذاعي الكبير" أحمد فراج "، الذي كان يتردد على مكتب الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر ، و في إحدى المرات دار بينه و بين مدير مكتبه في ذلك الوقت " الشيخ الشعراوي " الذي عمل مديراً لمكتب شيخ الأزهر ، الشيخ حسن مأمون تعام 1964م.
و من خلال الحوار تبين - أحمد فراج - أن الشعراوي عالم متمكن واسع الاطلاع فأعجب بعلمه و بقدرته على الإقناع ، فاتفق معه على الظهور في حلقة من برنامجه ، ولاقت هذه الحلقة صدى طيباً عند الناس ، فأصبح الناس يحدث بعضهم بعضاً لقد استضاف برنامج " نور على نور " شيخاً يدعى الشعراوي ، أسلوبه رائع يقول كذا و كذا ..

30 يوماً فى السجن
تمتع الشيخ الشعراوي بطبيعة ثائرة في صباه ورغبة في الصياح في وجه الفساد ، وعندما كان في معهد الزقازيق
رأس اتحاد الطلاب ولم تفجرت ثورة الأزهر 1934م خرج الشعراوي وأنشد بعض الأبيات التي اعتبرت عيبا في الذات
الملكية فقبض عليه وهنا نروى على لسانه .. قال : (إنني كنت الوحيد الذي ظل طليقا لفترة طويلة فقد كان رجال
الحكومة يأتون للقبض على ولكنهم كانوا يخطئونني ويقبضون على أناس غيري فاضطروا إلى القبض على أبي وأخي
فسلمت نفسي إليهم وأخذوني إلى مأمور الزقازيق الذي اصطحبني إلى وكيل النيابة فقلت له أني لن أتكلم حتى يخرج المأمور
ثم قلت :الحقيقة إنها مصيبة أمة التي يعمل فيها بوليس جاهل ،يسوي بيننا وبين اللصوص .
وكان القاضي فيه وطنية تحكمه وكان يمد حبسنا كل أربعة أيام حتى حكم علينا بسجن شهر وكنا قد قضينا شهرا في السجن
وبذلك أفرج عنا حتى جاءت حكومة مصطفى النحاس).

الشعراوى واليهود
أمطر الشعراوي بسيل من الاعتراضات من قبل اليهود فقد شعروا في أقوال الشعراوي إهانة لهم وخاصة أنها كانت تعرض في التلفاز و الراديو فقامت عندهم الدنيا ولم تقعد حيث صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي أن تفسير الآيات التي تعرضت لليهود من شأنه أن يعطل عملية السلام وقد كتبت الصحافة الأمريكية قائلة :" أسكتوا هذا الرجل " ولكني لن أسكت قالها الشعراوي دون تردد حتى إن وزير التعليم الإسرائيلي قد طالب بحذف الآيات القرآنية التي تعرضت لليهود وقال أحد المعلقين :"إن الشعراوي لن يغير الأسلوب الذي سلكه في التفسير والذي يطلق عليه (خواطر إيمانية) فأدى ذلك كله إلى إذاعة الشيخ لخواطره مرة واحدة أسبوعيا في التلفاز بدلا من أربع مرات .
فتاواه فى القضايا المعاصرة
لم يترك الشيخ ميدان الفتوى شاغرا من آرائه بل ألقى فيه بدلوه ورشق بسهمه أهم وأخطر القضايا المعاصرة ومن ذلك:



استماع الأغاني
سئل الشيخ عن استماع الأغاني من المطربين والمطربات ،وعن حكم الشرع فيه؟فقال :إنهم يلهونكم عن طاعة الله ويفقدون الإنسان وقاره الإتزاني.

الزواج العرفي
سئل الشيخ عن الزواج العرفي الذي يتم بموافقة الطرفين ولكنه لا يتعدى دائرة الشهود وتكون السرية أهم سماته
·فقال : هو شرعي إن كان لا يفقد العلنية لأنه في ذلك حماية لوقوع الناس في أعراض من يتزوجون عرفيا.

زواج المتعة
سئل الشيخ عن زواج المتعة وهو زواج مقيد بفترة زمنية محددة يفسخ بعدها العقد.
·فقال : زواج المتعة حمق ممن يفعله ،وجهل بحق الإنسان في أن يطلق متى يشاء ومن يشاء.


سئل الشيخ عن الزواج السري فيقول لها زوجيني نفسك فتقول قبلت فيتزوجها.
فأجاب هذا حرام 000حرام.

أطفال الأنابيب
سئل الشيخ عن أطفال الأنابيبفقال :
لا حرج على شريعة الله في هذا فهي محاولة وجدت أساسا لحل مشكلة مرضية عند بعض السيدات.

تحديد النسل
ولما سئل عن تحديد النسل ؟
·يجوز بحيث يكون تنظيم فترات الحمل ولا يكون بمنع الحمل ويكون باتفاق الزوجين وألا يكون سببه الرزق.

عطر المرأة
وسأل الشيخ عن عطر المرأة خارج بيتها ؟
فقال :استعمال المرأة العطر خارج بيتها حرام لقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ):"أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية "

البنوك ذات العائد التجاري وشهادات الاستثمار
فقال الشيخ :إن البعد عن هذه الطريقة أمثل وأوفق.
وهذا موقع تحميل خواطر الشعراوى لتفسير القراءن كاملا بصيغة MP3
http://www.elsharawy.com

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:29 AM

أشرف مروان.. غموض الحياة والممات


ما بين 5 شارع الحكماء بحي مصر الجديدة حيث ولد، و24 كارلتون هاوس في منطقة جيمس القريبة من القصر الملكي البريطاني ببكنجهام بالعاصمة البريطانية لندن حيث لقي حتفه الأسبوع الماضي، مسافة قدرها 63 عاما من الغموض هي عمر أشرف مروان زوج منى الابنة المدللة للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وواحد من أقرب المقربين من الرئيس أنور السادات، بالإضافة إلى شهرته في دنيا المال والأعمال. طوال حياته وهو رجل الألغاز العصية على الحل.. طوال عمره وهو يدمن السير على الحبل.. المقامرة حتى بحياته.. الرقص على حواف الجمر؛ ولذلك دخل بقوة عالم تجارة السلاح التي لا ترحم.. بالإضافة إلى ادعاء إسرائيل بأنه كان العميل "بابل" الذي عرض عليهم خدماته في عام 1968 لدرجة أنهم ادعوا أنه أخبرهم بموعد ساعة الصفر في حرب أكتوبر 1973. فتجارة السلاح التي عمل فيها تجبره على أن يحمل كفنه على كتفه على الدوام؛ حيث عمره لا يساوي أكثر من ضغطة على زناد مسدس كاتم للصوت، والجاسوسية التي يقال إنه عمل فيها تعني أنه يلف بنفسه حبل المشنقة حول رقبته في حال اكتشافه من أي الأطراف التي يلعب معها، لكنه لم يمت بهذه الطريقة أو تلك.. سقط من شرفة منزلة القريب من القصر الملكي البريطاني مواصلا مسلسل الغموض الذي كان العنوان الأبرز في حياته.

الخطوة الأولى




أشرف مروان من مواليد 2 من فبراير 1944، والده كان ضابطا كبيرا بالجيش المصري، هو اللواء أبو الوفا مروان الذي تولى إدارة سلاح الحرب الكيماوية قبل أن يخرج للتقاعد ويتولى شركة مصر للأسواق الحرة.
داخل هذه الأسرة التي تقدس النظام عاش الشاب مروان حتى حصل على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة في عام 1965، ثم الدكتوراة في نفس التخصص من جامعة لندن عام 1974، وكان قد التحق بالقوات المسلحة منذ عام 1965؛ حيث كان الأمر بالنسبة له سهلا بالنظر لمكانة والده كأحد القادة فيها آنذاك.
لكن مروان رأى أن المكانة التي يحظى بها في المجتمع عادية آنذاك، بالنظر إلى سلم طموحاته اللامحدودة التي يرنو إليها، فأقدم على الخطوة التي ستختصر المسافات.. وتفتح الأبواب المغلقة.
كانت هذه الخطوة هي ابنة الرئيس عبد الناصر نفسه.. وتقدم للزواج من منى الابنة المدللة للرئيس وتم قبوله، ومن هنا كانت بداية ظهوره في الحياة العامة في مصر، حيث انتقل وهو خريج العلوم للعمل في رئاسة الجمهورية كمساعد محدود الاختصاصات لسامي شرف مدير مكتب عبد الناصر. عاش الملك.. مات الملك أشرف مروان في يوم زفافه فور أن مات عبد الناصر في سبتمبر 1970 سارع مروان للدفاع بقوة عن الخطوات التي حصل عليها بالزواج من ابنته على محدوديتها، وببراعة الطموحين قرأ المشهد جيدا.. أيقن أن عهد ناصر ولى بغير رجعة.. وأن لكل زمان دولة ورجالا؛ فعمل بكل ما يملك ليكون واحدا من رجال الزمان القادم، وسارع بتقديم الدعم للسادات، وانضم للفريق المؤيد له، برغم درجة النسب التي تربطه بعبد الناصر. بدأ مروان يعزف على نغمات الرئيس الجديد؛ فأحلام سيادته أوامر.. الأفكار الاشتراكية.. بالية، الاقتصاد الحر.. فيه الخلاص، ومصر.. أخطأت كثيرا بالارتماء في حضن السوفيت ومعادة الغرب.. فهكذا كان السادات يرى الأمور.



وكان نتيجة هذه المعطيات أن وثق السادات في مروان أيما ثقة؛ للدرجة التي جعلته يقوم بتعيينه سكرتيرا خاصا له لشئون المعلومات في 13 من مايو 1971، أي قبل يومين من عمليات الاعتقال الجماعية لرموز الحقبة الناصرية التي أسماها السادات بـ "ثورة التصحيح"، التي لعب فيها مروان والفريق الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري آنذاك الدور الأكبر في تصفية خصوم السادات.
ومن عجيب الأمور أن الليثي لقي حتفه من شرفة الطابق العاشر بعمارة شهيرة في لندن اسمها "ستيورت تاور" -وهي ذات العمارة التي سقطت الفنانة سعاد حسني في يونيو 2001 من شرفة طابقها السادس- وبعد أكثر من 34 عاما لحق مروان برفيقه في الولاء للسادات (ناصف) وبذات الطريقة وفي نفس عاصمة الضباب (لندن)!


عاش الملك.. مات الملك


فور أن مات عبد الناصر في سبتمبر 1970 سارع مروان للدفاع بقوة عن الخطوات التي حصل عليها بالزواج من ابنته على محدوديتها، وببراعة الطموحين قرأ المشهد جيدا.. أيقن أن عهد ناصر ولى بغير رجعة.. وأن لكل زمان دولة ورجالا؛ فعمل بكل ما يملك ليكون واحدا من رجال الزمان القادم، وسارع بتقديم الدعم للسادات، وانضم للفريق المؤيد له، برغم درجة النسب التي تربطه بعبد الناصر.
بدأ مروان يعزف على نغمات الرئيس الجديد؛ فأحلام سيادته أوامر.. الأفكار الاشتراكية.. بالية، الاقتصاد الحر.. فيه الخلاص، ومصر.. أخطأت كثيرا بالارتماء في حضن السوفيت ومعادة الغرب.. فهكذا كان السادات يرى الأمور.
وكان نتيجة هذه المعطيات أن وثق السادات في مروان أيما ثقة؛ للدرجة التي جعلته يقوم بتعيينه سكرتيرا خاصا له لشئون المعلومات في 13 من مايو 1971، أي قبل يومين من عمليات الاعتقال الجماعية لرموز الحقبة الناصرية التي أسماها السادات بـ "ثورة التصحيح"، التي لعب فيها مروان والفريق الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري آنذاك الدور الأكبر في تصفية خصوم السادات.
ومن عجيب الأمور أن الليثي لقي حتفه من شرفة الطابق العاشر بعمارة شهيرة في لندن اسمها "ستيورت تاور" -وهي ذات العمارة التي سقطت الفنانة سعاد حسني في يونيو 2001 من شرفة طابقها السادس- وبعد أكثر من 34 عاما لحق مروان برفيقه في الولاء للسادات (ناصف) وبذات الطريقة وفي نفس عاصمة الضباب (لندن)!
مكاسب متوالية

ارتماء مروان في حضن السادات جعل علاقته (مروان) تسوء مع عائلة عبد الناصر، لدرجة أن قاطعته السيدة تحية كاظم (حماته) وهدى (أخت زوجته) وزوجها حاتم صادق، وكان هو يتربح من هذه المقاطعة عند السادات الذي كان يشعر بتعاطف خاص معه جراء هذه الأمور التي تحدث معه بسبب انضمامه إلى فريقه.
مع الوقت علا نجم مروان في الحياة السياسية المصرية، نتيجة تزايد ثقة السادات الكبيرة فيه؛ فجعله عضوا في لجنة الإشراف على التطوير وصناعة الأسلحة في مصر وليبيا، وعضوا في المجلس الأعلى للمشروعات الطبية في مجال الطاقة النووية عام 1973، ثم سكرتيرا للرئيس للاتصالات الخارجية في عام 1974.
وفي 29 من يونيو 1974 عين مقررا للجنة العليا للتسليح والتصنيع الحربي. وفي 1975 عين رئيسا للهيئة العربية للتصنيع، وفي 1987 عين سفيرا بالخارجية ثم اتجه للعيش في لندن، والعمل في الأعمال الحرة كمستثمر، وكان رئيس الجالية المصرية في لندن.
لم يخل هذا الصعود السريع لمروان من شائعات طالت ذمته المالية، وعلاقته التجارية بالمليونير السعودي كمال أدهم، ويحكي الصحفي المقرب من السادات موسى صبري في كتابه "الحقيقة والأسطورة" أنه دار بينه وبين السادات حديث وديٌّ حول مروان سأله فيه عن سر تمسكه بالأخير برغم هذه الشائعات المحيطة به فأجابه السادات بالقول: "أنا لا أقبل أن أمد يدي لأي حاكم عربي، لكننا نتعرض لمآزق مالية خطيرة، وأشرف يقوم بهذه المهمة، كما أنه قدم خدمات ممتازة في موضوع الأسلحة، واستطاع بجهده الشخصي أن يذلل كثيرا من العقبات مع المصانع الفرنسية بالذات، وتم هذا في أوقات حرجة وقبل حرب أكتوبر 1973".

زلزال2002




مروان يتسلم وساما من السادات كان كل شيء يَسِير على ما يرام في حياة مروان بعد أن منحه الرئيس السادات "وساما" كتكريم له على ما قدمه من خدمات للوطن في حرب أكتوبر 1973، وبعد أن اتجه بقوة لعالم المال والأعمال في عدد من عواصم العالم أهمها لندن، إلى أن جاء العام 2002 حاملا له زلزالا بدرجات مرتفعة من المقاييس التي تجعل من سمعة الإنسان وشرفه ووطنيته موضعا للتشكيك. ففي هذا العام نشر المؤرخ اليهودي المقيم في لندن "أهارون بيرجمان" كتابا بعنوان "تاريخ إسرائيل" أشار فيه إلى أن أشرف مروان -دون ذكر الاسم- عمل جاسوسا للموساد الإسرائيلي، وأنه ذهب بنفسه للسفارة الإسرائيلية في لندن عام 1968 عارضا خدماته على الموساد ليكون رجلهم في بيت عبد الناصر ورئاسة الجمهورية التي يعمل بها.
أصيب الإسرائيليون بصدمة بعدما عرفوا شخصيته، لكنهم رحبوا به وكانوا يدفعون له 100 ألف جنيه إسترليني عن المقابلة الواحدة، وأنه منذ هذه اللحظة حمل أسماء حركية في سجلات الموساد مثل: "الصهر" أو "العريس" أو "رسول بابل"، ولم تكن تقاريره يقرؤها إلا كبار رجال الحكم في إسرائيل من عينة جولدا مائير رئيسة الوزراء وموشي ديان وزير الدفاع بالإضافة إلى كبار رجال الموساد.
سخافات الهدف منها تلويث سمعة البطل المصري

وذكر المؤرخ اليهودي أن مروان سلم الموساد نسخة مكتوبة من حوار جمال عبد الناصر مع القادة السوفيت في 22 من يناير 1970 يطالبهم فيها بقاذفات (طائرات) بعيدة المدى، كما سلمهم نسخة من رسالة سرية بعث بها السادات إلى الرئيس السوفيتي ليونيد بريجينيف في 30 من أغسطس 1972 طالبه فيها بصواريخ بعيدة المدى من طراز "سكود" ويقول فيها إنه من دون هذه الصواريخ لا يستطيع شن حرب لتحرير سيناء.
ويضيف المؤرخ اليهودي في كتابه أن مروان أبلغ الموساد بمعلومات عن الخلية الفلسطينية الفدائية بقيادة أمين الهندي التي كانت تنوي تفجير طائرة "العال" المدنية في روما ردا على قيام إسرائيل بإسقاط الطائرة المدنية الليبية، وقد أفشلت إسرائيل العملية بفضل المعلومات التي قدمها "بابل" أو مروان.
لكن القنبلة المدوية التي فجرها كتاب بيرجمان هي أن "بابل" طلب في 4 من أكتوبر 1973 مقابلة رئيس الموساد "تسفي زمير"؛ فطار إليه الأخير خصيصا في اليوم التالي (5 من أكتوبر)، والتقاه في إحدى الدول الأوروبية فوجده غاضبا "لأن إسرائيل تتجاهل تحذيراته ولا تعمل شيئا لمواجهة خطر الحرب". وفي مساء اليوم نفسه اتصل "بابل" وأبلغ إسرائيل بأن موعد الهجوم المصري السوري سيكون قبل حلول المساء من يوم 6 أكتوبر.

وطني ضلل إسرائيل



ويقول رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) إبان حرب أكتوبر إيلي زعيرا في تحقيقات لجنة "أجرانات" الإسرائيلية التي حققت مع القادة الإسرائيليين في أسباب هزيمتهم في أكتوبر 1973 والتي أفرجت إسرائيل عنها مؤخرا وتنشرها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مترجمة للعربية على حلقات هذه الأيام: إن بابل نقل معلومات دقيقة إلى إسرائيل لكي يحظى بثقتها.
ولكن الهدف من تشغيله من قبل المصريين كان في الواقع التضليل؛ فهو أبلغ عن رسالة السادات إلى بريجنيف فقط لكي يقنع إسرائيل بأن السادات لن يحارب إلا إذا حصل على صواريخ (سكود)، وفي الحقيقة أنه لم يحصل عليها؛ ولذلك سادت القناعة في إسرائيل بأن مصر لن تجرؤ على إعلان الحرب، مما أدى إلى سواد نظرية "الفرضية" المشهورة لدى الاستخبارات العسكرية.
وتقول "الفرضية" وفق تقارير لجنة أجرانات: "إن مصر لن تحارب إلا إذا تمت الحرب بالاشتراك مع سوريا وبالحصول على طائرات حديثة، وأسلحة أخرى تضمن تفوقا مصريا على سلاح الجو الإسرائيلي".
ويضيف زعيرا: "كيف يمكن لمسئول مصري رفيع كهذا أن يأتي إلى السفارة الإسرائيلية في لندن في وضح النهار، في الوقت الذي يعرف هو وقادته بأن هذه السفارة مثل غيرها من السفارات الإسرائيلية في الخارج مراقبة من عشرات أجهزة المخابرات في العالم؟".
ويعتبر رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية السابق بأن أهم مهمة قام بها "بابل" هي عندما أبلغ إسرائيل بموعد الحرب. فهو قال إنها ستتم قبيل حلول المساء وبذلك خدع إسرائيل لأن الحرب بدأت في الثانية من بعد الظهر. فقد فهم منه الإسرائيليون أن الحرب ستقع في السادسة مساء، وخلال الساعات الأربع كانت القوات المصرية قد أتمت عبور القنال، ولذلك فإنه نجح في تضليل إسرائيل.
ويقول أنصار رؤية زعيرا من القادة الإسرائيليين: "إن ما قامت به المخابرات المصرية بزرع "بابل" كعميل مزدوج هو تكتيك روسي تقليدي يتمثل في "زرع عميل مزدوج يغذونه بـ 95% معلومات دقيقة وفي اللحظة الحاسمة ينقلون عبره معلومات كاذبة".
لكن في الموساد من يردون على هذا الزعم بأنه ليس هناك في مصر، ولا حتى السادات نفسه، من كان على استعداد لتحمل مسئولية تسليم معلومات مركزية وهامة عن مصر كالتي سلمها "بابل" طوال أكثر من 4 سنين فقط من أجل التضليل في لحظة معينة.
وقد استمر النقاش في إسرائيل حول مدى مصداقية "بابل"، وأجرت المخابرات الإسرائيلية على اختلاف أجهزتها أبحاثا رسمية حول الموضوع استنتجت منها أنه "كان جاسوسا لها ولم يكن مبعوثا من المخابرات المصرية بهدف التضليل".



في حين يرى المخالفون -وبينهم إيلي زعيرا- أن الثقة في "بابل" كانت "أكبر هزيمة تحققت لإسرائيل في تاريخها" بابل وأكتوبر العام 2004 جاء حاملا مفاجئة مدوية ليست لمروان هذه المرة لكنها للذين يعتقدون داخل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن "بابل" أو مروان كان مخلصا لهم، ولم يكن "طُعْمًا" من المخابرات المصرية ابتلعوه للنهاية؛ حيث شاهد أحد العاملين في جهاز مخابرات إسرائيلي على مراقبة شبكات التلفزيون العربية بثا لإحدى القنوات المصرية الرئيس المصري حسني مبارك وهو يصافح مروان في احتفالات ذكرى حرب أكتوبر في العام 2004.
وقام رجل المخابرات الإسرائيلي بتسجيل مقطع المصافحة والذي تخلله أيضا عناق على شريط فيديو، وبعد أن تأكد من الشخص المقصود هو فعلا أشرف مروان أبلغ المسئولين عنه بالأمر.
ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت في مايو 2005 تقريرًا عن هذا الشريط الذي يجمع مبارك ومروان اعتبر فيه محرر الصحيفة لشئون أجهزة الاستخبارات والقضايا الإستراتيجية أنه "سينهي الجدل الدائر منذ 32 عامًا في إسرائيل حول مروان بأنه بطل قومي مصري".
وكتب المحلل يقول: "بعد الآن لا يتبقى أي مكان للشك.. فالرئيس المصري لا يتعامل على هذا النحو مع أكبر خائن عرفته مصر، بل هكذا يتم التعامل مع بطل قومي".
وجاء تأكيد إضافي لمن يرى في مروان بطلا قوميا أنه منذ الحرب وحتى وفاته، وبعد ما نشره أهارون برجمان، حظي مروان بالازدهار والأمن، وبالقدرة على دخول مصر والخروج منها كما يشاء. وهناك من يرون في ذلك برهانا آخر على أن قادة الحكم المصري والسادات كانوا يعرفون أنه عميل مزدوج، وأنهم زرعوه في الموساد لهذا الغرض.
وفضلا عن ذلك فإن عمرو موسى وزير الخارجية المصري السابق، سمح لابنته بالزواج من ابن مروان، في الوقت الذي كان فيه موسى في منصب يسمح له بالاطلاع على المعلومات الأشد سرية في الاستخبارات المصرية بحكم عمله في الخارجية.
ويقول رجل من وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات الإسرائيلية تعليقا على هذا الأمر بحسب برجمان: "لو كان مروان خائنا حقا، فإن موسى لم يكن أبدا ليسمح بهذا الزواج". علما بأن هانيا عمرو موسي انفصلت عن أحمد أشرف مروان بعد زواج دام 15 عامًا، وله منها ولد وبنت اسمهما محمد وأمينة".





بابل وأكتوبر

العام 2004 جاء حاملا مفاجئة مدوية ليست لمروان هذه المرة لكنها للذين يعتقدون داخل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن "بابل" أو مروان كان مخلصا لهم، ولم يكن "طُعْمًا" من المخابرات المصرية ابتلعوه للنهاية؛ حيث شاهد أحد العاملين في جهاز مخابرات إسرائيلي على مراقبة شبكات التلفزيون العربية بثا لإحدى القنوات المصرية الرئيس المصري حسني مبارك وهو يصافح مروان في احتفالات ذكرى حرب أكتوبر في العام 2004.
وقام رجل المخابرات الإسرائيلي بتسجيل مقطع المصافحة والذي تخلله أيضا عناق على شريط فيديو، وبعد أن تأكد من الشخص المقصود هو فعلا أشرف مروان أبلغ المسئولين عنه بالأمر.
ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت في مايو 2005 تقريرًا عن هذا الشريط الذي يجمع مبارك ومروان اعتبر فيه محرر الصحيفة لشئون أجهزة الاستخبارات والقضايا الإستراتيجية أنه "سينهي الجدل الدائر منذ 32 عامًا في إسرائيل حول مروان بأنه بطل قومي مصري".
وكتب المحلل يقول: "بعد الآن لا يتبقى أي مكان للشك.. فالرئيس المصري لا يتعامل على هذا النحو مع أكبر خائن عرفته مصر، بل هكذا يتم التعامل مع بطل قومي".
وجاء تأكيد إضافي لمن يرى في مروان بطلا قوميا أنه منذ الحرب وحتى وفاته، وبعد ما نشره أهارون برجمان، حظي مروان بالازدهار والأمن، وبالقدرة على دخول مصر والخروج منها كما يشاء. وهناك من يرون في ذلك برهانا آخر على أن قادة الحكم المصري والسادات كانوا يعرفون أنه عميل مزدوج، وأنهم زرعوه في الموساد لهذا الغرض.
وفضلا عن ذلك فإن عمرو موسى وزير الخارجية المصري السابق، سمح لابنته بالزواج من ابن مروان، في الوقت الذي كان فيه موسى في منصب يسمح له بالاطلاع على المعلومات الأشد سرية في الاستخبارات المصرية بحكم عمله في الخارجية.
ويقول رجل من وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات الإسرائيلية تعليقا على هذا الأمر بحسب برجمان: "لو كان مروان خائنا حقا، فإن موسى لم يكن أبدا ليسمح بهذا الزواج". علما بأن هانيا عمرو موسي انفصلت عن أحمد أشرف مروان بعد زواج دام 15 عامًا، وله منها ولد وبنت اسمهما محمد وأمينة".
رحل أشرف مروان، ورحلت معه أسراره، خاصة أنه لم يعلق على كل ما أثير من كونه جاسوسًا سوى بقوله: "إنها قصة بوليسية سخيفة" عام 2002. لكن الرجل أصر ألا يرحل إلا بطريقه تتناسب مع غموضه.. يا له من غموض!.


وفاته




توفي بعد أن سقط من شرفة منزله في . وقد وقع الحادث بعد ظهر الأربعاء، وقد ذكر بيان صادر عن الشرطة أن التحقيقات حول ظروف حادث سقوطه من شرفة منزله لا تزال مستمرة,حيث أنه قد عطلت جميع كاميرات المراقبه الموجودة بموقع وفاته قبل وقوع الحادث بفترة قصيرة , مما يدل على أنه قتل عمداً.
أعلنت ، ان التحقيقات ما زالت مستمرة في حادثة سقوط رجل الاعمال المصري أشرف مروان من شرفة منزله بمنطقة بوسط العاصمة البريطانية ، ليلقى حتفه على الفور.واوضحت الشرطة البريطانية، في بيان اصدرته ان: "الطب الشرعي لم ينته من عمله بعد، وتقريره النهائي هو الذي سيحسم الامر"
تهمة العمالة

اهتمت الصحف العبرية اهتمام كبير بوفاة أشرف مروان واتهامه بإنه عميل مزدوج فقد كتبت [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] : أن هناك غموضا يكتنف وفاة مروان، الذي وصفته بانه كان [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] ما بين المخابرات المصرية والاسرائيلية، وانه كان يخشى على حياته منذ أن كشفت عام 2003 انه عميل كبير وذكرت الصحيفة: أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أثناء1973 وكبار قادة الموساد في ذلك الوقت اعتبروا أن اشرف مروان كان وانه سبب إخفاقا تاما وكبيرا لمؤسسة الموساد، لكن هناك منتقدين لهذا التوجه قالوا انه لا يوجد أساس لهذه النظرية.
وكتبت صحيفة "اشرف مروان عميل مزدوج أفشلنا في حرب أكتوبر، وأيا تكون الأسباب وراء موته فانه ترك بقعة سوداء تلوث تاريخ الجاسوسية في إسرائيل بعد أن خدعها وجعل من هذه المؤسسة أضحوكة". وانتقدت معاريف بشدة "الكشف عن اسم مصدر من قبل الدولة وهو على قيد الحياة".
قال الذي طرد من منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد فشل إسرائيل في التنبؤ بالحرب عليها، في كتاب صدر في العام 1993، إن إسرائيل فوجئت بالحرب لأنها وقعت ضحية عميل مزدوج. غير أنه لم يذكر اسمه في ذلك الكتاب، لكن الصحافة الإسرائيلية قامت بنشر اسم مروان.
وتردد أن مروان كان يحمل لدى الاستخبارات الإسرائيلية إسما حركيا هو "بابل". ووفقا لصحيفة فانه تردد أن مروان عرض خدماته على إسرائيل عام 1969 وظل يمدها في السنوات التالية بالمعلومات عن مصر والعالم العربي، وهي المعلومات التي وصفها مسئولون إسرائيليون بأنها لا تقدر بثمن.
اشادة مطلوبة

وذكر الرئيس المصري : أن مروان كان وطنيا مخلصا وقام بالعديد من الأعمال الوطنية لم يحن الوقت للكشف عنها مشددا على انه لم يكن جاسوسا لإي جهة على الإطلاق .ونفى أنه ابلغ إسرائيل بموعد حرب أكتوبر وذكر أنه لا أساس له من الصحة .
الجنازة

شيعت الجنازة الأحد من بمصر الجديدة حيث أقيمت التي أمها فضيلة الإمام الأكبر د. شيخ الأزهر .وقد شارك في الجنازة رئيس مجلس الشورى رئيس مجلس الشعب وعدد من الوزراء وكبار المسئولين .

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:29 AM

ابراهيم الرفاعى عبد الوهاب لبيب،





من مواليد 1931- العباسية-القاهرة. قائد سلاح العمليات الخاصة في حرب أكتوبر 1973. قائد المجموعة 39 الشهيرة بأداء العمليات الانتحارية. قام بتنفيذ 72 عملية انتحارية خلف خطوط العدو من بين 67، 1973. قام بتدمير معبر الجيش الاسرائيلي على القناة الدفرسوار. حصل على 12 وساما تقديريا لشجعانه. استشهد في حرب أكتوبر فكان استشهاده أروع خاتمه لبطل عظيم.






[بساله وشجاعه المجموعه 39قتال للاسف لم تجمع حتي اليوم نظرا لانتساب جميع افرادها للمخابرات وطبقا لمبدأ حمايه هوياتهم لم يتم نشر موسع لعملياتهم ..

وقد يكون مااعلمه عنهم ضحلا للغايه ولايذكر.. فهم الذين قامو صباح استشهاد الفريق عبد المنعم رياض بعبور القناة واحتلال موقع المعدية رقم 6 الذي اطلقت منه القذائف التي تسببت في استشهاد الفريق رياض واباده 44 عنصر اسرائيلي كانو داخله بقيادة الشهيد ابراهيم الرفاعي الذي كانت اوامره هي القتال باستخدام السونكي فقط

وكانت النتيجه ان اسرائيل تقدمت باحتجاج لمجلس الامن في 9مارس 69 ان قتلاها (تم تمزيق جثثهم بوحشية)






كما ان المجموعه 39 قتال هي صاحبه الفضل في اسر اول اسير اسرائيلي في عام 1968 عندما قامت اثناء تنفيذ احد عملياتها باسر الملازم الاسرائيلي داني شمعون بطل الجيش الاسرائيلي في المصارعة والعودة به للقاهرة دون خدش واحد

وكانو اول من رفع العلم المصري في حرب الاستنزاف علي القطاع المحتل حيث بقي العلم المصري مرفرفا ثلاثه اشهر فوق حطام موقع المعدية رقم 6

وفي 22 مارس 69 قام احد افراد المجموعه القناص مجند احمد نوار برصد هليوكوبتر عسكريه تحاول الهبوط قرب الموقع وبحاسته المدربة ومن مسافه تجاوزت الكيلومتر ونصف اقتنص راس احدهم وماكان الا القائد الاسرائلي العام لقطاع سيناء





كانو الفرقة الوحيده التي سمح لها الرئيس جمال عبد الناصر بكسر اتفاقيه روجز لوقف اطلاق النار عندما تم تغيير اسم الفرقه من المجموعه 39قتال الي منظمة سيناء العربية وسمح لهم بضم مدنين وتدريبهم علي العمليات الفدائية وتم تجريدهم من شاراتهم ورتبهم العسكرية ليمارسو مهماتتهم بحربه خلف خطوط العدو ويقال ان افرادها هم اول من الف نشيد الفدائيين المعروف

استردو شاراتهم ورتبهم العسكرية واسمهم القديم (المجموعه 39قتال) صباح الخامس من اكتوبر 73 عندما تم اسقاطم خلف خطوط العدو لتنفيذ مهمات خاصة واستطلاعات استخباريه ارضية تمهيدا للتحرير واطلق عليهم الجيش الاسرائيلي في تحقيقاته فيما بعد مجموعه الاشباح

فقط ظلت هذه المجموعه تقاتل علي ارض سيناء منذ لحظة اندلاع العمليات في السادس من اكتوبر وحتي نوفمبر ضاربين في كل اتجاه وظاهرين في كل مكان ..من راس شيطاني حتي العريش ومن شرم الشيخ حتي راس نصراني وفي سانت كاترين وممرات متلا بواقع ضربتين الي ثلاثه في اليوم بايقاع اذهل مراقبي الاستخبارات الاسرائيليه لسرعته وعدم افتقادهم للقوه او العزيمة رغم ضغوط العمليات





هاجم محطه بترول بلاعيم صباح السادس من اكتوبر لتكون اول طلقة مصريه في عمق اسرائيل تنطلق من مدافعهم تلتها مطار شرم الشيخ صباح ومساء السابع من اكتوبر ثم راس محمد وشرم الشيخ نفسها طوال الثامن من اكتوبر
ثم شرم الشيخ ثالث مره في التاسع من اكتوبر ثم مطار الطور الاسرائيلي في العاشر من اكتوبر والذي ادي الي قتل كل الطيارين الاسرائيليين في المطار
ثم يعود ليدك مطار الطور في 14 اكتوبر ثم ابار بترول الطور في 15 و16 اكتوبر(كانت للجمات علي ابار البترول اثر قوي في تشتيت دقه تصوير طائرات التجسس والاقمار الصناعيه الامريكية وهو تكنيك اثبت فعاليه

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:32 AM

قصص لابطال مصريين

أفنو حياتهم حبآ في مصر

أتعرف على فخر واسطورة الصاعقة المصرية .. جندى صاعقة مقاتل وهو معاق



http://img401.imageshack.us/img401/9607/14924302.jpg



صورة البطل قبل أصابته




قصة بطل من أبطال مصر .. جندى صاعقه مصرى رفض الخروج من الخدمه بعد اصابته التى تسببت فى اعاقاته وقام بتدمير مدرعة أسرائيلية وقتل 22 جندى أسرائيلى ... بالاضافة لسجله الحافل والمشرف المتضمن 10 عمليات تحت قيادة البطل ( ابراهيم الرفاعى ) اسطورة الصاعقة .. وتمكن من تدمير 16 دبابة و 11 مدرعة و2 عربة جيب و2 بلدوزر واتوبيسا بالاضافة الى الاشتراك فى تدمير 6 طائرات اسرائيلية علما بأنه الجندى الوحيد على مستوى العالم الذى قاتل وهو بنسبة عجز 100 % وايضا الجندى الوحيد الذى تم تكريمه من رؤساء مصر الثلاثة (جمال عبد الناصر , محمد أنور السادات , محمد حسنى مبارك ).. الموضوع عبارة عن حوار صحفى تم أجراؤه مع البطل مع احد مؤلفين الكتب العسكرية عام 2001


عبد الجواد محمد مسعد سويلم .. انتمى الى اسرة شرقاوية كانت تسكن السماعنة التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية ثم انتقل والدى الى الاسماعيلية وفى عزبة ( ابو عمر ) التابعة لابو صوير المحطة كان مولدى فى السادس والعشرين من شهر ابريل عام 1947 وجاء ترتيبى الثالث بين اخوانى فاختى التى تكبرنى ( عزيزة ) ثم ( جودة ) وبعدى اختى ( حميدة ) و لى اخ غير شقيق هو ( على ) .







البطل عبد الجواد .. فى ريعان الشباب بزى الصاعقة قبل اصابته






كنت استعجل الايام للالتحاق بسلاح الصاعقة الذي عشقته من خلال رجالاته عندما كنت اشاهدهم ، وفي عام 1966 تم تجنيدي وبعد الكشف تم توزيعي علي سلاح الحرس الجمهوري فذهبت الي اخي ( علي ) وطلبت منه الحاقي بسلاح الصاعقة وبالفعل التحقت به ، وتلقيت التدريبات وكنت اصيب الهدف بنسبة 100% ولذلك منحني المقدم ( بيومي عبد العزيز ) قائد مركز التدريب 48 ساعة اجازة ولم يكن معي اي مبالغ مالية فقطعت المسافة من انشاظ حتي منزلنا في ابو صوير سيرا علي قدمي .










حصلت علي فرقة الصاعقة ثم فرقة المظلات وكان ترتيبي الاول وتم ترحيلي الي بير تمادا بسيناء في اواخر شهر ابريل عام 1967 ثم كانت حرب الخامس من يونيو عام 1967 وحزنت كثيرا لما حدث لأن الجندي المصري لم يدخل المعركة ، وبالتالي نالت اسرائيل نصرا لا تستحقه ، ونالت مصر هزيمة لا تستحقها ، وحزنت يضا بسبب غرور اسرائيل وقول قادتها مثل ( جولدا مائير ) و ( موشي ديان ) : ( مصر اصبحت جثة هامدة لا حراك فيها ) .. ولكن ارادة الانسان المصري والعربي لا تعرف المستحيل .
واذكر انني خلال معارك 1967 قطعت المسافة من بير تمادا حتي غرب قناة السويس سيرا علي قدميي وهذه المسافة تبلغ حوالي 180 كيلو مترا وشاهدت الضربات الاسرائيلية واستشهاد جنود مصر تحت الدبابات الاسرائيلية بوحشية رهيبة فاختزنت كل هذه المشاهد بذاكرتي وانتظرت يوم الثأر
.




اشتركت فى معركة راس العش فبعد وصولى الى البلاح ذهبت فى مهمة عسكرية وقطعت المسافة من الاسماعيلية حتى بور سعيد سيرا على قدميى وفى الاول من شهر يوليو عام 1967 ومن القنطرة شرق تحركت قوة اسرائيلية متمثلة فى 120 جنديا و 6 دبابات و6 عربات مجنزرة مدعمة بالمدفعية والطيران لاجلال احتلال بور توفيق وفى راس العش كنا فى انتظار القوات الاسرائيلية وبمجرد وصولها تعاملنا معها وتمكنت من تدمير مدرعة ودبابة وقفز من الدبابة مجموعة من الجنود الاسرائيليين فى محاولة للفرار وتمكنت من قتل 6 منهم وحصلت على اسلحتهم ولم تفكر اسرائيل بعد ذلك فى الغارة مرة اخرى على بور توفيق .


فى الخامس من شهر يونيو عام 1967 قمت مع زملائى بالهجوم على مطار المليز وتمكنا من تدمير 6 طائرات اسرائيلية وهذه العملية كان يتابعها الرئيس ( جمال عبد الناصر ) .
عندما استشهد البطل( عبد المنعم رياض ) على الجبهة فى التاسع من شهر مارس عام 1969 زاد اصرارنا على الاخذ بالثار وتواصل كفاحى حيث رصدت اتوبيسا اسرائيليا فى المنطقة الواقعة بين الطاسة والمليز وتمكنت من تدميره وتم قتل 36 من الاسرائيليين .. وفى العشرين من شهر يوليه عام 1969 قمت مع زملائى بالهجوم على منطقة ادارية استراتيجية للقوات الاسرائيلية بين الكاب والتينه شرق قناة السويس وتمكنا من تدميرها ووقت انفجارها تحول ليل ارضنا المحتلة الى نهار وقد قدرت خسائر القوات الاسرائيلية بحوالى 40 مليون دولار مما اصاب اسرائيل بالفزع والهلع .. وكان الرئيس ( جمال عبد الناصر ) يتابع تلك العملية .. وبعد ان اندلعت انفجارات هذه النقطة وفى طريق عودتنا ظهر الطيران الاسرائيلى فى الجو للبحث عمن قام بذلك ورصدنى طيار اسرائيلى وكلما حاول اطلاق النيران على كنت اخادعه حتى اختفى دقيقة واذا بصاروخ اصابنى وكانت الساعة تشير الى السادسة لصباح يوم الحادى والعشرين من شهر يوليه عام 1969 وعندما حضر رفاقى الى مكانى لانقاذى لم اشعر باصابتى ومازلت اذكر رفاق الكفاح .. عبد الفتاح عمران وصابر محمد عوض واحمد ياسين محمد ومحمد محمد ابو سمرة فقد حملوننى الى بور سعيد حيث المستشفى وخلال الطريق واجهوا عاصفة من القذف النيرانى الاسرائيلى من الجهة الاخرى لقناة السويس ولكن عناية الله تعالى حفظتنا بصورة تجعلنا نسجد لله تعالى .. وعندما وصلت الى المستشفى اجريت الاسعافات الاولية وتقرر نقلى الى مستشفى دمياط وعندما وصلت اليه فوجئت بحضور المحافظ لزيارتى .

فى مستشفى دمياط تقرر نقلى الى مستشفى الحلمية العسكرى بالقاهرة نظرا لفداحة الاصابة وعندما وصلت اليه دخلت فى غيبوبة لمدة 72 وبعد ان افقت اعطانى مدير المستشفى الدكتور ( عادل خطاب الشواربى ) عصير المانجو فشربته فكان بمثابة ماء الحياة

نتج عن اصابتى بتر ساقى اليمنى وايضا ساقى اليسرى وكذلك ساعدى الايمن وفقدت عينى اليمنى هذا بالاضافة الى جرح كبير غائر بالصدر .. مما استدعى تركيب اطراف صناعية . واستغرقت رحلة علاجى 37 يوما فقط بسبب عناية الله تعالى وحالتى المعنوية المرتفعة




خرجت من المستشفى فى شهر مايو عام 1970 وقرر التقرير الطبى .. الحصول على اجازة لمدة شهر ثم العرض للرفد من الخدمة العسكرية . ولكننى رفضت .. وخلال تواجدى صممت على اثبات اننى مازلت قادرا على الكفاح فرصدت مدرعة اسرائيلية كانت تحضر فى وقت محدد لاحضار جنود الحراسة واخذ من كانوا قبلهم .. وفى التوقيت المحدد اطلقت نيران اسلحتى عليها فانفجرت وقتل 21 من الاسرائيليين .. وعلم الرئيس ( جمال عبد الناصر ) بذلك فاستدعانى للمقابلة برئاسة الجمهورية فذهبت مع قياداتى فى الموعد المحدد وتقابلت مع الرئيس ( جمال عبد الناصر ) وكان معه اللواء ( سعد الشاذلى ) قائد سلاح الصاعقة .. وعندما هممت لمصافحة الرئيس ( جمال عبد الناصر ) بيدى الغير مصابة .. قال : لا .. وصافحنى على اليد المبتورة وقبلها .. فقلت له : القوات المسلحة تريد رفدى من الخدمة .. فقال : لالا .. خليك فمصر تحتاج امثالك

بعد وفاة الرئيس ( جمال عبد الناصر ) فى الثامن والعشرين من شهر سبتمبر عام 1970 تم انهاء خدمتى فى الاول من شهر يناير عام 1971 ولكن رفضت الرفد ولذا توجهت الى وحدتى واستقبلنى القائد ( سمير محمود يوسف ) بالاحضان وقال : لما حضرت .. ؟ اذهب الى بيتك ونحن نستكمل لك بقية الاجراءات .. فقلت : مصر هى امنا جميعا وحب الوطن ليس حكرا على احد ولن ولم اخرج من الخدمة الا بعد تحرير سيناء او استشهادى .. وسوف اواصل كفاحى واقتسم تعيينك وملابسك .. فبكى القائد وقال : نحن نتشرف بك .. ولم اخرج من الخدمة .. وقرر القائد ( سمير يوسف ) استمرارى بالوحدة لمدة 20 يوما وبقية الشهر اجازة.









تم تكريمى من الرئيس ( جمال عبد الناصر ) حيث منحنى نوط الشجاعة العسكرى كما كرمنى الرئيس ( محمد انور السادات ) بعد توليه رئاسة الجمهورية فى شهر اكتوبر عام 1970 وايضا كرمنى الرئيس ( محمد حسنى مبارك ) فى الاحتفالات باليوبيل الفضى لانتصارات اكتوبر فقد كرم الصاعقة ممثلة فى شخصى وكنت الجندى الوحيد بين المكرمين
خلال خدمتى نفذت مع ابطال الصاعقة 18 عملية عبور داخل وخلف خطوط القوات الاسرائيلية منها 10 عمليات تحت قيادة البطل ( ابراهيم الرفاعى ) اسطورة الصاعقة .. وتمكنت من تدمير 16 دبابة و 11 مدرعة و2 عربة جيب و2 بلدوزر واتوبيسا بالاضافة الى الاشتراك فى تدمير 6 طائرات اسرائيلية .





عندما اندلعت معارك السادس من اكتوبر 1973 عبرت مع الابطال قناة السويس .. وبعد ان انتصرنا خرجت من الخدمة العسكرية .. بصفة نهائية .. ولكن اقسم بالله تعالى اننى على اتم الاستعداد للتضحية بدمى والقيام باى عمل بطولى ضد كل من تسول له نفسه المساس بامن مصر وشعبها العظيم .






بفضل الله تعالى سجل التاريخ اننى الجندى الوحيد على المستوى العالمى الذى قاتل وهو مصاب بنسبة عجز 100 % وايضا الجندى المصرى الوحيد الذى كرم من رؤساء مصر .. جمال عبد الناصر ومحمد انور السادات ومحمد حسنى مبارك .. وايضا الجندى المصرى الوحيد الذى تم تكريمه فى اليوبيل الفضى لانتصارات اكتوبر
.......................؟
اجرت معى وسائل الاعلام العديد من المقابلات واطلقت على ( البطل الاسطورة ) و ( الشهيد الحى ) و ( بطل معارك الاستنزاف ) وتم تكريمى من المدارس و الجامعات والاحزاب السياسية والجمعيات والاتحادات والندوات الوطنية والثقافية










بعض الصور الحديثه الخاصة بالبطل
http://img40.imageshack.us/img40/276/47577855.jpg



البطل عبد الجواد محمد مسعد يتابع حديث البطل محمد المصرى صائد الدبابات
و معهم احد مؤلفى الكتب العسكرية (واضح أصابة البطل سواء فى يده او قدمه)


http://img191.imageshack.us/img191/5926/18135909.jpg


البطل عبد الجواد فى حوار للإذاعة
http://img132.imageshack.us/img132/4945/54578410.jpg

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:33 AM

هناك كثيرا من الذكريات فى قلوب مئات الألأف من الجنود الذين خاضوا اخر حروب مصر واشدها منذ الفراعنة واخشى انها سوف تموت معنا و لا يعلم أحدا شيئا عنها ـ عبد الله المصرى


عبدالله المصرى ورفاقة فى الكتيبة




يبدأ عبد الله المصرى ذكرياته ويقول .... إنى أفخر بأن أكون واحدا من مئات الآلأف الذين ساهموا فى كتابة جزء من تاريخ مصر فى 6 اكتوبر1973
بدايتى فى القوات المسلحة
فى خريف عام 1971 تم تجنيدى فى القوات المسلحة و بسبب دراستى تم ارسالى الى مدارس القوات المسلحة المتخصصة فى الرادار و الصواريخ لتلقى العلوم العسكرية فى أنظمة الدفاع الجوى و لأصبح متخصص فى تشغيل و اصلاح محطات الرادار التى توجه الصواريخ
إنهاء عمل الخبراء الروس
فى صيف عام 1972 انهى الرئيس السادات عمل الخبراء الروس و تم ارسالنا على الفور لحل محلهم فى كتائب الصواريخ وكان مكانى فى كتيبة الصواريخ 14 على الجبهة بالقرب من مدينة السويس
الكتيبة رقم 14 دفاع جوى
عند نزولى ومعى مخلتى من العربة التى تحمل المياه الى الكتيبة و التى وجدتها مصادفة على الطريق خرج أحد الجنود من خندقه وهو يبتسم وقال بصوت عالى.." أيوة هى دى الجبهة "... وكانت إجابة لسؤال يدور فى ذهنى ولم أكن قد نطقت به بعد و لكنى لم اشاهد محطات الرادار و لا قواذف الصواريخ و لا العربات التى تحمل الصواريخ . أين هى هذه الكتيبة ؟!! وعرفت أنها تنصب احد الكمائن لطيران العدو على حافة القناة وهذا المكان هو مؤخرة الكتيبة اى مكان العودة ، وركبت مرة أخرى عربة المياه بعد تزويدها بالطعام واتجهنا فى إتجاه القناة ، انتهى الكمين دون اشتباك مع طيران العدو الذى لم يحاول الاقتراب من القناة وقمنا بفك المحطات و تحميل الصواريخ و كان هذا عمل شاق لان قواعد الصواريخ هذه صممت لتبقى فى مكان ثابت لضخامتها وثقل معداتها و لكن كانت قيادتنا أيضا تدربنا على نقلها من مكان لآخر حتى لا يعلم العدو بمكان ثابت لها عن طريق وسائل استطلاعه فقد كنا فى حركة مستمرة
أول لقاء مع رفقاء السلاح
كان أول لقاء مع رفقاء السلاح . العريف "أبو الفتوح" (مأمور ضرائب) وحبه الشديد للنظافة و الترتيب وكان يعطينى علبة سجائره " البلمونت " التى كانت تصرف لنا مع طعام الصباح خلال أيام الحرب لأنه لا يدخن .
العريف "توفيق" (معهد صناعى) و شنبه الدوجلاس ومغامراته النسائية التى كان يقصها علينا وبيبته فى فمه يفوح منها دخان "الانفورا" ذو الرائحة الجذابة .
العريف "حمدى" (مهندس زراعى) و تحديه الدائم للنقيب "حمدى" و بيبته التي دائما فى فمه حتى عندما تكون مطفاءة و مهارته فى تتبع الأهداف على شاشات الرادار.
الرقيب "سعيد" وتنفيذه الأوامر بدقة والخوف الدائم من الوقوع فى الخطأ.

الرقيب"جرجس" وبشرتة البيضاء و شنبه الاشقر و هدوئه المميت وصداقتة الكبيرة لزكرية الرقيب أول"زكريا".
نقيب (يوزباشى) "حمدى" قائد المحطة ( مهندس مكلف) صارم و نادرا ما يبتسم و دفاعه الدائم عنا مع قائد الكتيبة للحصول على أفضل الامتيازات لنا.
و فى النهاية صديقى " فكرى"( دبلوم) عامل المولد الذى يمد المحطة بالكهرباء واعتناءه الشديد بنفسه ومظهره .
انتقال الكتيبة إلى مرسى مطروح
فى نهاية عام 1972 انتقلت الكتيبة الى" مرسى مطروح" وذلك للراحة لأنها منذ فترة طويلة على خط النار لكن لم يكن الحال افضل كانت هناك طلعات جويه كثيفة من طيراننا للتدريب فى مدينة "مرسى مطروح" كل يوم يصل عدد الطائرات فيها الى 36 طائرة فى المرة الواحدة .
عدة أيام حبس قشلاق
ذات مرة لم الاحق بعضا منهم لعلمى انهم طيارينا و كانت طائراتهم ترد بالايجاب على إشارات التعارف التى أبعث بها من المحطة و بعد فترة صمت أطول من المعتاد شعرالقائد أننى لا أتعامل مع هذه الأهداف و كان من نصيبى عدة أيام حبس قشلاق وتصادف ميعاد أجازتى ولم أحصل عليها و كان هذا درسا لى لا تهاون حتى مع طائراتنا .
رفع درجة الاستعداد "حالة أولى عمليات"
قبل بدء الحرب بعدة أيام شعرنا بأن شئ ما سيحدث فى القريب العاجل فقد صدر الامر برفع درجة الاستعداد إلى "حالة أولى عمليات" أى الحالة القصوى وهذا يعنى قتال واختفت طائرات التدريب من شاشات الرادار لنصبح مطلقى اليد وبدأنا نعد أنفسنا للرحيل الى الجبهة
سنقاتل .... سنقاتل .... الله أكبر
فى يوم السادس من أكتوبر إندلع القتال إنه يوم الثأر وتحرير الأرض و الذى كنا ننتظره بفارغ الصبر وبدأ جنود الكتيبة 14 ثائرين ... ماذا نفعل هنا ؟!! إن مكاننا هناك على الجبهة و اجتمع قائد الكتيبة بنا و قال نحن فى إنتظار الأوامر و فعلا وصل الأمر و كان سرورا عظيما سوف يكون لنا شرف الدفاع عن مصر و تحرير الارض و دخول التاريخ وبدأ الجنود يهتفون سنقاتل....سنقاتل... الله أكبر ... الله أكبر
التحرك إلى الجبهة
تم فك الكتيبة فى لمح البصر ووضعها على القطار المخصص لنا و المتجه إلى الجبهة و بدأ يطوى الطريق فى سرعة و كانت له الأولوية فقد كانت تقف جميع القطارات الأخرى لتفسح له الطريق وكان يتم تغيير القاطرة له بسرعة و وصل الى محطة "طنطا" على ما أذكر ليلا و كانت وجهتنا سرية ولم نكن نعلم من أى مكان سوف ندخل الجبهة ثم أتجه الى مدينة " المنصورة " و تم إنزال المعدات و علمنا أننا سوف نكمل الطريق بواسطة عرباتنا
الله معكم ... الله معكم
فى الصباح حدث اشتباك بين قواعد الصواريخ المحيطة بمدينة " المنصورة " و طائرات العدو وتم إسقاط عددا منها و فى المساء بدأ التحرك فى اتجاه " دمياط " و منها الى " بورسعيد ". لا أستطيع أن أنسى ابدا المصريين البسطاء من فلاحينا الذين خرجوا على طول الطريق من المنصورة حتى دمياط يقذفون لنا كل ما يملكون من حلوى و طعام حتى البصل و الفجل والجرجير والدعوات من كل فم الله معكم.. الله معكم... و نحن على عرباتنا "بشدة " القتال شعرت أن مصر كلها أسرة واحدة
<b>
جنودنا المصابين


بعد دمياط كان الهدوء و الظلام على طول الطريق الساحلى إلى بورسعيد. وعلى الطريق الساحلى بمحازاة البحر الأ بيض المتوسط بدأنا بتوسيع المسافات بين عرباتنا حتى لا تكون هدفا سهلا للعدو من البحر
وكنت داخل المحطة المحمو لة على عربة ضخمة و فجأة توقفت العربة و انفتح باب المحطة من الخارج و شهرت بندقيتى الآ لية فى وجه من فتح الباب وكان زكريا الذى كان يقود العربة وطلب منى أن أكون بجانبه هو وجرجس فى كابينة القيادة حتى نكون أكثر استعداد فى حالة أى هجوم فى هذا الظلام و بعد مرور بعض الوقت تقابلنا مع بعض العربات القادمة من بورسعيد وبها جنود مصابين و سمعنا دعواتهم لنا الله معكم ....الله معكم
خدعة للعدو
تابعنا طريقنا وعندما وصلنا الى بورسعيد كان موقعنا فى منطقة كوبرى الجميل بين البحر شمالا و بحيرة المنزلة جنوبا وكانت الأرض تحت قدمى متفحمة وفوق الكوبري المتهدم جنود يجلسون في الظلام حول طبلية يأكلون وآخرين يقفون علي ابعاد متساوية و لكن الشئ الغريب أنهم لا يتحركون وعندما اقتربت منهم اكتشفت إنهم من القش إنهم خدعة للعدو
آثاره فوق شفتى العليا
وادخلنا محطتنا فى الدوشم المخصصة .. يجب أن نكون مستعدين للقتال قبل أن يحل الصباح وكان أصعب ما فى هذا العمل هو تجميع الهوائيات أولا فى وضع افقى على الارض (هذا فى حالة محطتنا هناك انواعا اخرى مختلفة) ثم رفعها بواسطة أحد المحركات الى الوضع الرأسى وكان العمل فى الظلام على قدم وساق ... وانزلق المفتاح الإ نجليزى من إحدى الصواميل ليصيبنى فى وجهى (مازلت ارى اثاره فوق شفتي العليا حتى اليوم) وانسابت الدماء من وجهى و لكن ليس هناك وقت لتجفيفها و لم اكن أعلم أن دمائي بهذا الطعم المالح و تم تركيب الهوائي ولابد الآن من رفعه فى وضع رأسى و بدأنا بتشغيل المحرك الذى يقوم برفعه و كانت هناك مفاجأة سيئة لقد احترق المحرك ولابد من رفع الهوائي يدويا عن طريق يدا حلزونية و ليس هناك وقت لقد اقترب الصباح ووقفنا واحدا خلف الآخر فى طابورلإدارة هذه اليد بسرعة وارتفع الهوائي ومعه الصباح
لعبة القط والفأر
كنا مستعدين للقتال و بدأ سلاح الجو الاسرائيلى الدخول الى منطقة بورسعيد معتقدا أنه لا توجد قواعد صواريخ و كانت مفاجأة مذهلة لهم و انطلقت صواريخنا لتهز الارض وتشق السماء و لتسقط ثلاث طائرات وهرب الباقى مذعورين فى كل اتجاه و شاهدنا طائراتهم الهليكوبتر تبحث عن قتلاهم فى مياه البحر وبدأت لعبة القط والفأر نحن القط الذى ينتظر الفأر
تضليل القنابل التلفزيونية


بدأنا نعد انفسنا للتغلب على وسائلهم الساعية إلى تدميرنا فكنا نقوم بإطلاق قنابل الد خان حولنا و بهذا تصبح كل المنطقة ملفوفة فى دخان ابيض كثيف (لقد كان له طعم سكرى فى حلقى) وذلك لتضليل القنابل التليفزيونية وقمنا ايضا بإحراق براميل السولار حولنا فى كل مكان لجذب الصواريخ الحرارية بعيدا عنا و هناك طرق اخرى كثيره للتغلب على التشويش الرادارى والصواريخ التى تتبع أشعة الرادار.
كنا أكثر ذكاء منهم
بدأ سلاح الجو الإسرائيلى يدور حولنا فى دائرة نصف قطرها اربعين كيلومتر ليكون فى أمان من صواريخنا و كان هناك اكثر من اربعين هدفا وبدأ الكر والفر وكانوا يدخلون من عدة اتجاهات بمجموعات من طائراتهم لإرباكنا و كنا اكثر ذكاء منهم فكنا نطلق صواريخنا فى كل اتجاه ونختار الأهداف الأ كثر قربا وخطورة ونتحكم فى الصواريخ الموجه الى هذه الأهداف تاركين الصواريخ الأخرى بدون تحكم ونسقط الأهداف القريبة قبل أن تفر أما الأهداف البعيدة نسبيا فتفر من صواريخنا الغير متحكم فيها او نستدير لنتحكم فى صواريخ أخرى لضرب الاهداف التالية من حيث قرب المسافة كل هذا فى ثوانى
اسقاط طائرتين بصاروخ واحد واخرى بدون صاروخ
كان لهم طرقا اخرى ، بعضا من هذه الطائرات تقترب فى مجموعة من عدة طائرات قريبة جدا من بعضها البعض حتى تظهر على شاشات الرادار كهدف واحد ثم يقوم عددا منهم بالهبوط السريع الى ارتفاع منخفض للفر من أجهزة الرادار والهجوم ويعود الآخرين إلى الوراء وكانوا يعتقدون أنهم بهذا يخدعوننا فيظهرون كهدفا واحدا يدخل ثم يعود الى الخلف وهنا يدخل عامل الذكاء مرة اخرى فكنا نقوم بخفض هوائيتنا لنكتشف الذين على ارتفاع منخفض ونقوم بتدميرهم و لقد تم اسقاط طائرتين بصاروخ واحد نظرا لقربهم الشديد من بعضهم (هذا ماابلاغتنا به كتائب الصاعقة التى سقطت الطائرات فى منطقتهم) وتم اسقاط طائرة بدون اصابتها بصواريخنا فقد دخل هذا الطيار من منطقة بحيرة المنزلة و كان على ارتفاع منخفض جدا واطلقنا عليه صاروخا منخفضا وتملكه الذعر وانخفض مرة اخرى ليصطدم بالمستنقعات و ينفجر وينفجر و ينفجر
راديو القاهرة وبعض الراحة!!
كان جميلا جدا عندما اسمع من راديو القاهرة البيان الذى يعلن عدد الطائرات التى اسقطناها اليوم فى بورسعيد و لقد كانت بياناتنا صادقة حقا . وفى ظهر أحد الأيام كنت قد تركت المحطة لأخذ بعض الراحة فقد مرت عدة ايام لم أذق فيهم طعم النوم الإ بضع ساعات قليله وتوجهت إلى خندقى الذى كان موقع راحتى وفى نفس الوقت موقع دفاع ضد أى هجوم من البحر و كان عبارة عن حفرة برميلية وكان يوجد فيها بطاطينى وثلاث صناديق من القنابل اليدوية والذخيرة و كانوا تحت قدمى
اخترق الاسرائيلين دفاعاتنا
فى هذا اليوم تمكن الإسرائيليون من اختراق د فاعتنا ونشطت على الفور المدفعية المضادة للطائرات و تحولت السماء الى مظلة من طلقات المدفعية وحدث قصف لمواقعنا وقررت ترك خندقى لأنتقل الى مكان آخر أكثر أمنا وبعد عدة ثوانى من ترك الخندق سقطت أحد القنابل 1000 رطل مباشرة فوق خندقى ليتحول الى حفرة قطرها عشرة امتار وبعمق خمسة امتار
أرقد يا جرجس .... أرقد
من خلال الد خان و الغبار شاهدت الشاويش جرجس و هو يجرى على الأقدام وعلى ما يبدو لقد سقطت إحدى القنابل قريبا جدا منه فقد كانت ملابسه ممزقة وصرخت فيه ــ( ارقد ياجرجس .. ارقد يا جرجس ) فقد كانت شظايا القنابل والصواريخ تتطاير فى كل مكان و لكنه استمر فى الجرى بإتجاهى معتقدا أن الأمان عندى وفعلا رقد بجانبى

السيطرة على الموقف وأربع شهداء
تمكنت مد فعيتنا من رفع وابعاد طائرات العدو (صواريخنا لا تستطيع اصابتها إذا كانت فوقنا) لتصبح مرة أخرى فى مرمى صواريخنا واستعدنا السيطرة على الموقف واسقطنا طائرتين
فى هذا اليوم سقط أربع شهداء من الكتيبة وكان من بين الجرحى صديقى فكرى عامل الديزل الذى يمدنا بالكهرباء و لم تكن اصابته خطيرة بعض جروح بسيطة فى صدره و لكنها كانت على ما يبدو صدمة عصبية و تم ارساله الى مستشفى بورسعيد
موقف الكتيبة 14
فى مساء هذا اليوم كان مسرح العمليات الحربية فى بورسعيد على النحو التالى:ـ الكتيبة 14 خسرت أربعة شهداء وبعض المعدات التى كان لها بديل ، سلاح الجو الإسرائيلى خسر إثنا عشرة طائرة متناثرة حول الكتيبة 14، نسبة خسائر الكتيبة 14 الى خسائر سلاح الجو الاسرائيلى فى الأفراد كانت 1 : 4 أو 1 : 5
قطاع بورسعيد مقبرة السلاح الجوى الإسرائيلى
لقد كان الإسرائيليين يعتقدون أن قطاع بورسعيد سوف يكون مقبرة لقوات الدفاع الجوى نظرا لإنعزالها عن شبكة الصواريخ بسبب وجود بحيرة المنزلة و إستغلالها كثغرة يدخل منها لمهاجمتنا من جميع الاتجاهات ولكنا حولنا قطاع بورسعيد الى مقبرة للسلاح الجوى الإسرائيلى رغم تركيزه الشديد علينا
سلاح المهندسين وتطهير الموقع
فى مساء هذا اليوم صدر الامر لنا بفك الكتيبة والعودة الى القاهرة لتعويض المعدات المفقودة ولإعطاء الوقت لسلاح المهندسين لتطهير الموقع من القنابل الزمنية الموجودة به و لتحل مكاننا إحدى الكتائب الأخرى
وبدأنا بحل المعدات و لم تكن هناك اصابات جوهرية فى المحطة لقد اصيب إحدى الديازل الذى يمدنا بالكهرباء (كان هناك اخر احتياطيا دخل فى الخدمة على الفور) وقررنا أخذه معنا لاصلاحه و كنا نقوم بدفعه من الخلف للمساعدة و كنت اقف على حافة إحدى الحفرالتى حدثت بفعل القصف وتحت قدمى احدى القنابل الزمنية وكنت اعتقد انها أحد الصخورالناتجة عن القصف فقد كان ظلاما و بعد سحب الديزل إلى الخارج بعدة دقائق انفجرت هذة القنبلة
الطوق الحديدى للقضاء على الثغرة
عدنا الى القاهرة لإستعواض المعدات ، وبعدها تحركنا فى اتجاه مدينة السويس ولم نكن وحد نا كانت هناك اعدادا هائلة من الدبابات والمصفحات وناقلات الجنود والقوات الخاصة (الصاعقة) والمدفعية متجهة إلى القطاع الجنوبى من الجبهة لقد كان حشدا هائلا لم اشاهده من قبل إنه الطوق الحديدى الذى يحيط بالقوات الإسرائيلية غرب القناة لقد كانت قوات حديثة لم تشترك بعد فى القتال إنه الجيش الثالث والذى كان جزء منه فى سيناء يحيطون بالقوات الاسرائيلية المتسللة غرب القناة
نصب كمين للطائرات الإسرائيلية فوق الثغرة
وصلنا إلى الموقع الجديد ، وتم نصب الكتيبة 14. ثم وصل أمر من القيادة بتحرك طاقم أفراد من محطتنا (نظرا لخبرتنا فى القتال) لتدعيم أحد كتائب الصواريخ - كتيبة 12 فولجا وهى صواريخ أبعد مدى من صواريخنا - لنصب كمين للطائرات الإسرائيلية فوق الثغرة وذالك على ما يبدو لإعلام الإسرائيليين بحرمانهم من الغطاء الجوى فى حالة تجدد القتال وليمتد ذراعنا الطويل ليحمى سماء الجيش الثالث فى سيناء
ثقتنا فى قيادتنا كبيرة
وصلنا أنا والعريف حمدى والنقيب حمدى إلى الكتيبة المكلفة بعمل الكمين و بدأنا التحرك فى مساء نفس اليوم فى اتجاه القوات الإسرائيلية و كانت الأنوار مطفاءة و ظللنا نتقدم حتى شعرت أننا فى وسط العدو وكان هذا خطرا لاننا سنصبح هدفا سهلا لقصف الدبابات و المدفعية من الأرض ولكن كانت ثقتنا فى قيادتنا كبيرة أنها تعلم ما تفعل وكانت قواتنا تقوم بقصف الإسرائيليين طوال الليل و تم نصب الكتيبة وفى الصباح شاهدت حولنا وعلى بعد عدة كيلومترات عددا من كتائب الصواريخ بعضا منها هيكليا لخداع العدو
طائرة بدون طيار


كان حولنا اعداد كبيرة من الدبابات التى كانت تخرج من مواقعها فى الليل لمهاجمة العدو. وكان يوجد أيضا بعضا من المدرعات الجزائرية أو المغربية بالقرب منا وتم اسقاط طائرة استطلاع إسرائيلية بدون طيار(شيكار)
صديق طفولتى مصطفى
فى الكتيبة 12 فولجا وجدت صديق طفولتى و دراستى مصطفى لقد كان يقوم بنفس العمل الذى اقوم به فى محطة الرادار و هو التعامل مع الأهداف المعادية على شاشات الرادار بالإضافة الى إصلاح المحطة في حالة الأعطال الألكترونية فى اسرع وقت ممكن ، وكان من واجبنا ايضا التغلب على الاعاقة و الشوشرة الألكترونية التى كان يقوم بها العدو
تم تنفيذ الأمر
واقتربت طائرتان استطلاع إسرائيليتان من طراز فانتوم . وانطلقت صواريخنا واهتزت الارض وتطاير الغبار و تم اسقاطهم و أسر الطيارين . وعدنا بعد ذلك إلى الكتيبة 14(التى كانت فى النسق الثانى) فقد كان الامر الصادر لنا هو البقاء معهم حتى يتم اسقاط طائرات للعدو وتم تنفيذ الامر
اسباب انسحاب الإسرائيليون من غرب القناة


اسباب انسحاب الإسرائيليون من غرب القناة دون أن نسحب جندى واحد من شرقها. وهذا لعدة اسباب فى رأيى:-
أولا - كان هناك حصارا وحشدا هائل من دباباتنا ومدفعيتنا وقواتنا تحاصر الإسرائيليين بعد تقدمهم خلال الأيام الأولى لوقف إطلاق النار ولم يكن هناك مانع مائى بيننا وبينهم
ثانيا - كان ممر الحياه للقوات الاسرائيلية (الموجودة فى غرب القناة) بين الجيش الثالث والثانى فى سيناء بعرض عدة كيلومترات وكان من الممكن غلقه فى حالة تجدد القتال لتصبح القوات الإسرائيلية معزولة نفعل بها ما نشاء لقد كانوا اشبه برجل وضع رأسه تحت المقصلة متطوعا
ثالثا - كان من المستحيل ان يحصلوا على حماية جويه من سلاحهم الجوى نظرا لوجود كتائب الصواريخ وتنظيمها حولهم لقد كان مكتوب عليهم الفناء فى حالة تجدد القتال . ولهذا فضلوا الانسحاب من الضفة الغربية للقناة و بأسرع وقت وكان ذكاء من جولدا مائير وكسنجر
كلمة أخيرة:- يبقى أن أقول أن هذه الذكريات لم تكن بكل تفاصيلها لانها كانت سوف تحتاج الى مئات الصفحات لقد كانت هناك مواقف شجاعة وتضحية تبعث على الذهول وايضا مواقف ضعف بشرى وأخرى مضحكة وأيضا مبكية ، هناك كثيرمن الذكريات فى قلوب مئات الآلأف من الجنود الذين خاضوا أخر حروب مصر وأشدها منذ الفراعنة واخشى انها سوف تموت معنا و لا يعلم أحدا شيئا عنها . سلام لشهدائنا الابرار فى جنات الخلود وسلام إلى أبطال الدفاع الجوى فى حرب اكتوبر</b></i>


</b>

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:34 AM

http://img13.imageshack.us/img13/3921/23839470.jpg

جندى أسرائيلى يعترف بشجاعة مجند مصرى








دقق جيدا فى تلك الصورة .. مجرد صورة لمواطن مصرى بسيط قد تراه فى اى مكان .. فى الشارع .. فى العمل .. قد يكون جارك ... ولكن المؤكد ان ملامحه مش غريبة عليك .. ملامح مصرية اصيله .. وقد تراه ايضا فى مكتب التجنيد كما هو الحال مع معظم شباب مصر ... ولكن الشهيد ده -وأسمه سيد - وقت الحرب فى اكتوبر عام 1973 انكشف معدنه الاصلى وقام بمفرده بقتل 22 جندى اسرائيلى من القوات الخاصة وهو مجرد جندى عادى ! .. تعالوا نتعرف على قصته







قصة الشهيد سيد واحدة من بين مئات القصص التى ابرزت شجاعة المقاتل المصري، ومن الغريب ان قصة هذا الجندي الشجاع ظلت فى طي الكتمان طوال 23 سنة كاملة، حتى اعترف بها جندي اسرائيلي، ونقلت وكالات الأنباء العالمية قصه هذا الشهيد واطلقت عليه لقب (أسد سيناء).

تعود بداية القصة او فلنقل نهايتها الى عام 1996 في ذلك الوقت كان سيد قد عد من ضمن المفقودين فى الحرب، وفى هذا العام أعترف جندي إسرائيلي لأول مرة للسفير المصري في ألمانيا بأنه قتل الجندي المصري سيد ‏,‏ مؤكدا أنه مقاتل فذ ‏وانه قاتل حتي الموت وتمكن من قتل‏22‏ إسرائيليا‏ بمفرده‏.
وسلم الجندي الإسرائيلي متعلقات البطل المصري الى السفير وهي عبارة عن السلسلة العسكرية الخاصة به اضافة الى خطاب كتبه الى والده قبل استشهاده، وقال الجندي الاسرائيلي انه ظل محتفظا بهذه المتعلقات
طوال هذه المده تقديرا لهذا البطل، وانه بعدما نجح فى قتله قام بدفنه بنفسه واطلق 21 رصاصة فى الهواء تحية الشهداء.



تبدأ قصة الشهيد بصدور التعليمات في أكتوبر‏73‏ لطاقمه المكون من ‏8‏ أفراد بالصعود إلي جبل (الجلالة) بمنطقة رأس ملعب، وقبل الوصول الى الجبل استشهد أحد الثمانية في حقل ألغام‏,‏ ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة النقيب صفي الدين غازي بالاختفاء خلف احدي التباب واقامة دفاع دائري حولها علي اعتبار أنها تصلح لصد أي هجوم‏,‏ وعندئذ ظهر اثنان من بدو سيناء يحذران الطاقم من وجود نقطة شرطة إسرائيلية قريبة في اتجاه معين وبعد انصرافهما زمجرت‏50‏ دبابة معادية تحميها طائرتان هليكوبتر وانكمشت المجموعة تحبس أنفاسها حتي تمر هذه القوات ولتستعد لتنفيذ المهمة المكلفة بها.

وعند حلول الظلام وبينما يستعدون للانطلاق لأرض المهمة‏,‏ ظهر البدويان ثانية وأخبرا النقيب غازي أن الإسرائيليين قد أغلقوا كل الطرق‏,‏ ومع ذلك وتحت ستار الليل تمكنت المجموعة من التسلل إلي منطقة المهمة بأرض الملعب واحتمت باحدي
التلال وكانت مياه الشرب قد نفذت منهم فتسلل الأفراد أحمد الدفتار وسيد زكريا وعبدالعاطي ومحمد بيكار إلي بئر قريبة للحصول علي الماء‏,‏ حيث فوجئوا بوجود ‏7‏ دبابات إسرائيلية فعادوا لابلاغ قائد المهمة باعداد خطة للهجوم عليها قبل بزوغ الشمس‏,‏ وتم تكليف مجموعة من ‏5‏ أفراد لتنفيذها منهم سيد وعند الوصول للبئر وجدوا الدبابات الإسرائيلية قد غادرت الموقع بعد أن ردمت البئر.



وفي طريق العودة لاحظ الجنود الخمسة وجود ‏3‏ دبابات بداخلها جميع أطقمها‏,‏ فاشتبك سيد زكريا وزميل آخر له من الخلف مع اثنين من جنود الحراسة وقضيا عليهما بالسلاح الأبيض وهاجمت بقية المجموعة الدبابات وقضت بالرشاشات علي الفارين منها‏,‏ وفي هذه المعركة تم قتل‏12‏ إسرائيليا‏,‏ ثم عادت المجموعة لنقطة انطلاقها غير أنها فوجئت بطائرتي هليكوبتر تجوب الصحراء بحثا عن أي مصري للانتقام منه‏,‏ ثم انضمت اليهما طائرتان أخريان وانبعث صوت عال من احدي الطائرات يطلب من القائد غازي تسليم نفسه مع رجاله.

وقامت الطائرات بإبرار عدد من الجنود
الإسرائيليين بالمظلات لمحاولة تطويق الموقع وقام الجندي حسن السداوي باطلاق قذيفة (آر‏.‏بي‏.‏جي) علي احدي الطائرات فأصيبت وهرع الإسرائيليون منها في محاولة للنجاة حيث تلقفهم سيد أسد سيناء برشاشه وتمكن وحده من قتل‏22‏ جنديا.



واستدعي الإسرائيليون طائرات جديدة أبرت جنودا بلغ عددهم مائة جندي أشتبك معهم أسد سيناء وفى هذه اللحظة استشهد قائد المجموعة النقيب صفي الدين غازي بعد رفضه الاستسلام، ومع استمرار المعركة غير المتكافئة استشهد جميع افراد الوحدة واحدا تلو الآخر ولم يبق غير أسد سيناء مع زميله أحمد الدفتار في مواجهة الطائرات وجنود المظلات المائه‏,‏ حيث نفدت ذخيرتهما ثم حانت لحظة الشهادة وتسلل جندي إسرائيلي خلف البطل وافرغ فى جسده الطاهر خزانه كاملة من الرصاصات ليستشهد على الفور ويسيل دمه الذكي علي رمال سيناء الطاهرة بعد أن كتب اسمه بأحرف من نور في سجل الخالدين.



وقد كرمت مصر ابنها البار، فبمجرد أن علم الرئيس مبارك بقصة هذا البطل‏ حتي منحه نوط الشجاعة من الطبقة الأولي، كما أطلق اسمه على احد شوارع حي مصر الجديدة.

http://img22.imageshack.us/img22/1266/63932187.jpg

منقول من كتاب-عدة كتب- تتحدث عن بطولات المصريين فى الحروب




مقال فى جريدة المصرى اليوم بتاريخ 6/10/2008 عن (أسد سيناء)




انظر لصورته جيداً، فقد يكون أحد أقاربك أو معارفك أو جيرانك، وإن لم يكن، فلتفخر به لمجرد أنه مصري، يحمل جنسية وطنك في زمن عز فيه الانتماء. كان أحد أبطال العبور، لكنه لم يملك من الحظ ما يجعل سيرته يتغني بها المطربون، أو تتخاطف الصحف والمجلات صورته للفوز بسبق نشرها.

وهو فقط بطل سجَّل حروف اسمه في سجل الشهداء، وشاء القدر أن يخلد اسمه بعد سنوات من انتهاء الحرب أحد جنود الأعداء الذي كان موت بطلنا علي يديه.

في المتحف الحربي بقلعة صلاح الدين بالقاهرة ركن خاص لسيرة الجندي «سيد »، الذي لم يكن أحد يعرفه، رغم بلائه الشديد في حرب أكتوبر، حتي كان يوم تناقلت فيه وكالات الأنباء العالمية، بعد مرور سنوات علي الحرب، حديثاً لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية مع أحد جنود الجيش الإسرائيلي، الذي يعيش الآن في مدينة برلين الألمانية، الجندي قال إنه سلم للقنصلية المصرية في برلين متعلقات أحد الجنود المصريين الذين قتلوا ثاني أيام حرب أكتوبر، مطالباً بمنحه وسام الشهيد.



المتعلقات لم تتجاوز بضع أوراق مالية، أكبرها ورقة من فئة الجنيه المصري، وأقلها ورقة من فئة العشرة قروش، وعملة معدنية، ومفتاح، بالإضافة لصورة شخصية للجندي «سيد »، وبطاقته العسكرية، وورقتين أخريين كانتا في حافظته التي كانت ضمن ما سلمه الجندي الإسرائيلي للقنصلية المصرية، لم تكن المتعلقات هي أهم ما في الحوار الذي لفت انتباه وسائل الإعلام وقتها، لكن ما حكاه ذلك الجندي الإسرائيلي عن «سيد » كان هو الأهم.



ففي ثاني أيام الحرب الذي وافق يوم الأحد السابع من أكتوبر، كان موعد المجند المصري سيد ، مع فصيل من الجيش الإسرائيلي كبير العدد، قتل عدداً كبيراً منه، بشكل أدخل الرعب في نفوس باقي جنود الفصيل إلا جندياً منهم كان يراقبه بإعجاب شديد حتي إنه وصفه لاحقاً بـ«الأسد المصري»..

الإعجاب لم يستمر سوي لحظات، غلبته الرغبة في البقاء، ليقرر قتل سيد قبل أن يقتله، فهاجمه مطلقاً عليه الرصاص أثناء قتاله جندياً، وبعد استشهاد سيد لم يتمالك الجندي الإسرائيلي نفسه، فأسرع يبحث في جيوب سترته العسكرية، ليحصل علي ما بها من متعلقات، تقديراً منه لشجاعة ذلك البطل، وهي المتعلقات التي ظل يحتفظ بها عدة سنوات حتي شعر بضرورة تسليمها لمن يهمه الأمر، لتخليد ذكري تلك المعركة، التي وصفها الجندي الإسرائيلي بأنها كانت معركة «حياة أو موت».

تحية للمواطن المصري «سيد ».. الذي باع الروح والجسد واشتري بهما كرامة وحرية الوطن، وهو نفسه الذي روت دماؤه رمال سيناء فانبعثت منها رائحة ذكراه العطرة، تحكي عنه وعن غيره البطولات

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:35 AM

حــــامــــــد من اساطير الجيش المصرى التى لا تنتهى








حـــــامـــــــد


( هذه القصة حقيقية بنسبة 75% ، وما تم حذفه أو استبداله منها هو بعض الحقائق عن الاعمال التي مازال يستخدمها رجالنا حاليا او قد يستخدمونها مستقبلا لتنفيذ مهامهم وقد نضيق عليهم مجال حركتهم أو نعرضهم لخطر الوقوع في ايادي أعدائنا ).


الجزء الأول
من هو بطلنا
هو احد ابطال فترة الحرب الطويلة التي استمرت بيننا وبين اسرائيل اكثر من 6 سنوات ( منذ النكسة 5/6/1967حتى 6/10/1973 ) ... تخرج في يوليو عام 1965 وحصل على الدورات الحتمية التي يفرض على كل ضابط حديث التخرج من الكلية البحرية الحصول عليها ،،، ورسى به الحال في الصاعقة البحرية .....

وحامد لم يكن طويل وعريض زى رجال الصاعقة اللى بنشوفهم في الافلام ولكنه كان بالتاكيد مفتول العضلات ولكن طوله عادي 172 سم وكان نحيف الجسم ولكن عزيمة قبل القوة مثل الحديد ... بعد التدريب والحصول على دورة الصاعقة ، انتدب حامد للإنضمام لمجموعة العمل خلف خطوط العدو .




مين دول .... وايه حكاية العمل خلف خطوط العدو .... ببساطة هم اللذين يكلفون بالقيام بأعمال التخريب وأعمال جمع المعلومات ، ومسرح عملهم خلف خطوط العدو . لذلك يعملوا عادة منفردين كل على حده .

لم يكن حامد من اصدقائي ولم اكن اعرف عنه او عن زملاءه واعمالهم البطولية الكثير ، حتى التقينا في دورة الاركان ، وسبحان الله لقد اصبحنا من اقرب الاصدقاء سواء على المستوى الشخصي او على المستوى العائلي . ويحكي لنا حامد عن اول مهمة له خلف خطوط العدو ..... بعد ان انتهيت من فترة التدريب اللازمة استدعيت الى مكتب القائد ....

وبعد ان اديت له التحية قال لى اجلس يا فدائي ( هكذا ينادي رجال الصاعقة بعضهم بعض ، فلا مجال هنا للرتب الى في اختيار من يقود من.... ولكن اثناء العمليات كلهم سواء .... فدائي ) ، جلس حامد والتفت اليه القائد واعطاه بعض الاوراق ، كانت خريطة لموقع من مواقع العدو ، فعرف انه قد وقع الاختيار عليه لتنفيذ عملية خلف خطوط العدو . قال له القائد اقرأ هذه الاوراق جيدا و بعدين نتكلم ، قال له بحزم انا جاهز من الان يا افندم

فقال له القائد عظيم طيب اقرأ الاوراق اولا ، تنحى حامد جانبا في مكتب القائد يدرس الاوراق وكان في وادي والقائد ومن يدخل عليه ومن يتكلم معه في واد آخر ....




عندما انتهى من دراسة الاوراق التي معه التفت الى القائد وجلس ساكنا ، ،،، انهى القائد بعض الاعمال ثم قال لحامد ... هاه يا بطل اخبارك ايه ؟ ... رد حامد بحزم جاهز يا افندم .... فقال القائد هذا الموقع به مجموعة القيادة والسيطرة لقوات فرق المشاة الميكانيكية للعدو في سيناء ....


مطلوب جمع المعلومات عنه ومراقبته ودراسة ردود افعاله في اوقات واثناء قيلمنا بعمليات معينه لتقييم الموقف .... موجود حاليا زميل لك يقوم بنفس هذه المهمة انت سوف تستلم منه المراقبة وتنفذ الاوامر التي في هذه الاوراق . يايلا يابطل جهز نفسك .... انت من الان في اجازة ثم منتدب لدورة كذا كذا ......

كان يعرف حامد انه لن يكون في اجازة ولا يحزنون وكمان لا دورة ولا يحزنون ولكن عليه ان يقول ذلك للجميع وعلى راسهم والدته واخوته ليخفي عنهم قيامه بهذه المأمورية .

أعاد حامد الاوراق التي كانت معه للقائد مرة اخرى بعد ان حفظ ما بها ..... وذلك جزء من التدريب الذي يحصلون عليه .... ان يكون عقله وحده هو مخزن المعلومات يحفظها ويستطيع ان يمليها بالحرف الواحد دون ان يكون معه ورقة واحدة ..... المهم ان حامد رجع الى حجرته واخذ يجتر كل المعلومات التي درسها في الدورات التي حصل عليها .


فى البيت قال حامد لوالدته انه ذاهب الى دورة تدريبية وكانوا قد اعتادوا على ذلك بين الحين والاخر ..... جهز حامد ما يلزمه مما يخف حمله .



وفي الموعد المحدد وجد القائد في انتظاره ( في مكان بعيد عن الوحده ) وركب معه حامد في سيارته وهو لا يعلم من اين سيبدأ أو اين سيلقى به اذا كان وسيله الذهاب هى لطائرة فقدتدرب على ان يكون مظلي ..... قال له القائد .... نام لك شوية يا حامد محدش عارف حتعرف تنام تاني ولا لأ ..... القى راسه الى الخلف واغمض عينيه وحاول ان ينام ولكن من اين لجفونه النوم ....

شعر انهم تركوا العمران وانهم على طريق السفر ولكن الى اين لا يدري ولا يريد .... بعد عدة ساعات وقفت السيارة وسمع القائد يقول له يالا يا حامد انت نمت بجد ولا ايه ؟ انتفض وقال ابدا ياافندم حد برضه يجيله نوم .... قال له انزل واستنى هنا على الشاطئ ... هنا فقط عرف انه على شاطئ البحر الاحمر .... سيجيئ لك من يحملك وكلمة السر هى كذا كذا . ورجع القائد .... فكر حامد .... الراجل ده رايح الشغل بكره وبالتاكيد من غير نوم .... وتذكر انهم كانوا في كثير من الاحيان يتسائلون لماذا يظهر الارهاق على هذا الرجل وتشعر ان عيونه حمراء كأنه لم ينام طوال الليل .... اذا في كل مرة كان بيوصل واحد منا الى مهمته .

جلس متكوم في مكانه في سكون تام ، وكانه قطعة من رمال الشاطئ .... مر عليه مايقرب من نصف ساعة وفجأة تنبهت حواسه ان هناك انسان سقترب منه ، وضع يده على خنجره واستعد ... اقرب منه الشبح الذي كان يزحف في الظلام وعندما اقترب منه نطق بكلمة السر ، فرد على حامد بكلمة الرد السرية ،،،، فقال له تعالى ورائي ولا تجعل احد يراك .


أسرع حامد خلف الرجل يجري منحني الظهر ، وأحيانا على أربع . كانوا يسيرون في طريق متعرج بين تلال الرمال حتى وصلا الى مكان به مبنى مهدم لا يقوم من جدرانه الا بضع حجر ، ودخل الرجل الىداخل المبنى المتهدم وحامد خلفه ، واشار له أن اثبت واجلس هنا ، وأخرج من جيبه كشاف نور ( بطارية ) صغير يكاد ضوءه لا يرى ، وأشار بنوره الضعيف اشارة معينه .
سمع حامد صوت مجداف في الماء فقد كانالظلام يلف المكان ولا يكاد الانسان يرى كف يده ، اشار له الرجل الذي يلف وجهه ولا يكاد حامد ان يميز من ملامحه شيئا ، اشار له ان اتبعني فجرى حامد منحني الظهر خلفه يفعل مثلما يفعل الرجل ، وثب الرجل وحامد من خلفه الى القارب ( الفلوكه ) الصغير . جدف الرجلان بالقارب الى داخل البحر ، بعد فترة وجيزة أراد حامد ان يتبادل معهما التجديف ، فرد عليه الرجل الاخر .. لا يا بطل وفر قوتك للى جاى ربنا معاك ينصرك وينصر بلدنا ، كان واضحا من اللهجة ان الرجل من اهل البحر الصيادين البسطاء . بعد دقائق من التجديف ظهر في الافق شبح بلنص صيد ( سفينة صيد صغيرة الحجم ) اتجه الرجلان اليه ..... اذن هذه هى وسيلة المواصلات الى سيناء الحبيبة وليس بالطائرة ..... وصلوا الى البلنص وكان الوقت في الثلث الاخير من الليل .... فاستغرب حامد ... ان الوقت الباقي من الليل لا يكفيه ان يصل لى البر و يدخل الى مكان آمن في سيناء . فسأل حامد الرجل الأول – أمال حتنزلزني للبر امتى .... الليل بيجري ؟ .... فأجابه ارجل الثاني الذي أتى بالفلوكه والذى يظهر أنه الريس منهما ....- لا ... انت مش حتنزل البر الليلة .... بعدين في اول الليل ولما نحس ان الجو أمان .... وعلى فكره انت طول ما انت معانا على البلنص لازم تبقى بعيد عن الشوف لا سمح الله احنا مفيش فينا خاين كلنا ولاد مصر وحتشوف كده ...

لكن انت لا تشبهنا ولا لبسك زينا ... انت لابس اللى يناسب الصحرا واحنا لابسين أهل بحر ... يعنى لو حد لمحك من بعيد حتكون زى البقعة البيضه في التوب الاسود .... وكمان يمكن الوقت يبقى ضيق ومتلحقش تنزل تتدارى ، علشان كده انت طول الوقت في مكانك تحت ومتطلعش على الكورته ( السطح ) أبدأ .... تسائل حامد ... – ليه هو حقعد معاكم اد ايه ؟.... فرد الرجل – ليلة اتنين تلاثه اربعة ... لما نلاقي الجو امان .... المهم قبل القمر ما يطلع وينور البحر ... انت حتنزل على شاطئ سينا والدوريات اليهودي في البحر والبر مليا الدنيا .... اصبر على رزقك يا جدع ..... وقاد الريس ( ولا يعرف حامد اسمه حتى الان ) قاد حامد الى اسفل البلنص حيث يبيت البحارة .... واشار الى فرشه قال لحامد دي فرشتك ما تسبهاش ..... فوجئ حامد بأصوات الرجال تقول له اهلا يابطل .... ولم يكن يتوقع ان يتكلم معه احد منهم لذلك اشار اليهم برأسه عندما دخل ولم يكن يتوقع منهم رد ..... استأنس حامد ورد عليهم اهلا بكم انتم ... دا انتم اللى ابطال ... وضحك الجميع واخذ يتحدث مع الرجاله يسألوه عن مصر واهل مصر .... وفي خلال الحديث سأل من يجلس بجانبه ويتكلم معه اكثرهم ..... اسم الكريم ايه ؟...

. فأجابه الرجل اجابه اعادته الى ما هو ذاهب اليه ... قال الرجل _ مالوش لزوم الاسامي ..... لا تسألنا ولا نسألك .... فبتسم حامد في خجل وسأل نفسه ... كيف نسي اول الدروس وفكر ان جو الالفه في وسط هذا الشد العصبي الذى هو فيه جعله يتبسط في التعليمات .... وكويس انه حصل كده هنا علشان ياخد باله ..... واستغرقت الجلسة بعض الوقت ثم بالتوالي نام الجميع بعد ان صلوا الفجر .... حاول حامد النوم ولكنه بقي مستيقظا الى وقت ليس بقصير .



استيقظ حامد على من يهمس في اذنه اصحى يابطل الضهر وجب وعلشان تاكل لك لقمه ... قام من مكانه وذهب الى الدورة وتوضأ ... ورجع فوجد الرجاله مستنياه للصلاة فقد ايقظوه اخر واحد ... صلوا الظهر واحضروا له طبق معدني به فول ولقمة عيش ..... اكل حامد وحمد ربه ... وجلس في مكانه يجتر معلوماته عن مهمته وما يجب عليه ان يفعله ... ومر النهار ودخل الليل .. ونزل اليه الريس وقال له جهز نفسك يا بطل اذا كان الجو مناسب نزلناك ... فاستعد ولملم ملابسه على نفسه فلم يكن معه شئ الا بوصلة مفناطيسية صغيرة وجهاز راديو بطاريه صغير ، والباقي في راسه .بعد فترة وجيزة نزل اليه احد الرجال وقال له تاعالى ورايا .... صعد حامد ورائه فاشار له لينزل الى الفلوكه .... نزل الى الفلوكه فوجد الريس ومعه رجل اخر غير الذى جاء معهم ... جدفوا به الى الشاطئ .... فنزل ونزل معه الريس وحضنه وقال له – تحيا مصر .... فرد حامد - مصر في عنيه.... قال الرجل - ايوه تحيا مصر وترجع لنا بالسلامة ..... احنا عاوزينك سالم انت ومصر .... وجرى راجعنا الى الفلوكه بعد ان ترك له حقيبه بها بعض المعلبات والعيش الشمسي المجفف واربع زمزميات ( جراكن ) ماء .

انحنى حامد واستدار و جلس على اربع وادر نظره فيما حوله واطمأن بخلو المكان ... وكان يسمع صوت مجداف القارب يبتعد ويبتعد ... مشى حامد الى عمق الارض ولكن نظره الذي اعتاد على الظلام ميز طريق من الرمال عرضه يزيد عن المترين الرمل عليه مسوى وليس به اى اثر ..... يا نهار ابيض ده اللى قالوا لنا عليه .... اليهود عاملينه ويساوونه قبل غروب الشمس كل مساء .... فإذا مر عليه اى شئ حتى لو صرصور فسوف تترك اقدامه علامه تدل على مكان عبوره وبالتالي يصبح من السهل اتقفاء اثره .... طيب بقى ازاى حيعبر هذا الطريق الترابي ..... فهو اعرض من ان يقفز من فوقه الا لو كان بطل في القفز بالزانه ..... الحمد لله لقد قالوا له عن هذا الطريق وقالوا لهم ايضا اذاقابلت هذا الطريق فإعبره ولا تخاف ولكن خفف من اثارك عند العبور ..... نحن سنتولى الباقى ..... ولا تخف ستختفي اثار اقدامك بقدرة القادر .... حمل الشنطه وطوح بها في الهواء ثم القاها فوقعت بعد الرمل ، وكذلك فعل مع جراكن ( زمازم ) الماء وبقي عليه هو ان يعبر فأغمض عينيه ودعا ربه ( انه لايخاف الوقوع في ايدي الاعداء ولكنه يضن ان يقع في ايديهم قبل ان ينفذ مهمته ) ..... خفف من وطئ اقدامه وعبر الرمال وحمع جراكن الماء وشنطة الاكل واسرع بالدخول في الصحراء لبعد عن هذا المكان ..... سار ما يقرب من الساعتين ..... ثم جلس في مكانه ومن نجوم السماء حدد مكانه وبالبوصلة حدد اتجاه الهدف ........ فسار الى هدفه في خطوط متعرجة ...... قال حامد في نفسه لو اكتشف اليهود اثار اقدامه على الرمل فسوف يأتون للقبض عليه خلال الليلة او نهار باكر ..... كان حامد يسير منحنى الظهر بخطوات مسرعة لبعد عن الشاطئ وطريق الرمال اكبر مسافة ممكنه ... وكان يسير في خطوط مستقيمه وخطوط متعرجة وفي منحنيات حتى يضلل من يتبعه ..... قدر حامد ان المسافه بينه وبين هدفه مسيره يوم ونصف .... قبل ان يشقشق الفجر بحث حامد عن مكان يتوارى فيه في ضوء النهار .... وجد جامد حفرة يعتقد انها جحر لحيوان من حيوانات الصحراء .... فأخرج خنجره ونزل فيها مستعد للعراك مع اى شئ قد يكون موجودا داخل الجحر ... ولكن والحمد لله كان الجحر فاضي .... فنزل وجهز المكان بحيث يخفيه عن الاعين في ضوء النهار ... ولم ينسى ان يكون مستعدا بخنجره في يده فقد يعود الحوان ساكن الجحر اثناء اختفاءه فيه .

مر النهار بسلام فلا اليهود جم للقبض عليه ولا الحيوان ساكن الجحر رجع ......نام حامد بنصف عين وكل حواسه منتبهه... وعندما اوشك النهار ان يمضى وقبل دخول الليل حدد حامد اتجاه الهدف بواسطة البوصله بعد ان راجع و تأكد من صحة الاتجاهات بها بواسطة الساعة التي في يده مع الشمس . ( كيف يكون ذلك سأشرحه لكم ابنائي بعد انتهاء الحديث عن حامد ) . بعد أن لف الظلام صحراء سيناء خرج حامد من مكانه بعد ان تاكد ان المنطقة حوله خالية من الاحياء بشر او حيوانات .... وبعد أن حفر في الحجر ووضع جركن ماء وبعض المعلبات التي يحملها ... وامن اخفاء الماء والمعلبات حتى لا يخرجها بشر ولا حيوان من مكانها .... وخرج من الجحر ووضع علامة ثابته لا يزبلها ريح ولا ارجل حيوان ليميز الجحر اذا رجع اليه .... ويستطيع اخراج الماء والأكل ... سار حامد طوال الليل بنفس الطريقة في خطوط متعرجة واقواس دوائر ، يستدل بالنجوم وكان غالب الليلى يجري وهو محني الظهر وفي كل بضع دقائق يرقد على الارض ويفتش بعينيه ليتأكد من خلو المكان من البشر ومن الحيوانات ....... استغرق وصول حامد الى هدفه خمسه ليلي بأربع ايام .... يختفى في النهار ويمشي في الليل ... وعل مسافات قدرها وحدد مكانها أنها ستكون في طريق عودته أو لأختفاءه ، دفن ماء وأكل ...... وتذكروا أبنائي اننا قلنا ان تقدير حامد الاولي للوصول الى هدفه بخط مستقيم كان يوم ونصف .... ولكن بالمشى المتعرج وفي منحنيات استغرق خمس ليالي بأربع ايام ..... و تعمد ان يكون وصوله للهدف في اول الليل .

دار حامد حول هدفه من بعيد وحدد ملامحة وبنظرة اوليه حدد اماكن الحراسات ... ثم ابتعد ودار ودار حول المكان ببطئ وعينيه في وسط راسه حيث يريد ان يرى علامه محدده على الرمال او على شجرة او على اى شئ ..... حتى ميزت عينيه علامه على صخرة لايميزها الا من يبحث عنها .... كانت العلامة تشير الى اتجاه معين وتحدد له وقت يقد بساعتين من المشى في هذا الاتجاه .... فسار حامد الى ذلك الاتجاه
انطلق حامد مسرعاً في الاتجاه الذي تشير اليه العلامة ، وفي هذه المرة كان يجري في خط مستقيم ليسبق الوقت ويصل قبل بزوغ الفجر بوقت كاف ، وحتى اذا لم يجد ما يبحث عنه كان عنده الوقت الكافي ليجد مخبأ الى صباح اليوم التالي .

مر من لوقت مايقرب الساعتين وهو يجري بعيون كالصقر تمسح الارض والجو حوله عن اى خطر ، وأيضا عن اىعلامة أخرى معينة يتوقع أن يجدها . وفي الدقائق الأخيرة خفف من سرعته وزاد من التركيز في البحث ظلمة الليل ، حتى ميز نظره العلامة الأخرى في المكان الذي حددته العلامة الأولى ، دار حامد حول نفسه وتأكد أن المنطقة خالية من البشر والحيوانات ثم اقترب من العلامة الثانية والتي كان معناها أنه توجد رسالة مخبأة في حفرة تحت الارض في مكان حددته الاشارة التي في العلامة ، بخفة أزاح حامد الرمل والتراب الذي يغطي وجه الارض الى أحد الجوانب ثم حفر الارض واستخرج قطعتين صغيرتين من أفرع الشجر ، ثم اعاد الرمل الى مكانه ثم غطاه مرة اخري بالرمل والتراب الذي كان على وجه الارض حتى عادت الارض كما كانت وكأن أحداً لم يعبث بها .


طيب ...والأن نرجع الى الرسالة أو بمعنى أصح الى قطعتي افرع الشجر ، أه اه ...... معناها ابحث عن شجرتين متجاوتين في المنطقة ، أجال البصر حوله فوقعت عيناه على شجرتين متجاورتين على بعد ، توجه حامد اليهما ووقف يجيل البصر ، فإذا به يسمع من يقول ... أهلا يا فدائي ..... التفت بسرعة فلم تقع عيناه على اى انسان ، وفجأة تحركت قطعة من الحجر وانتصبت قائمة .... فإذا به عادل ..... زميله كان متكوما على بعضه وجالس بلا حراك حتى ان عين حامد لم تميزه الا كقطعة من الحجارة .... اندفع كل منهما الى الاخر بخطوات بطيئة وبحذر ، ثم ارتمى كل منهما في أحضان زميلة ...... الله ..... يا خبر هو انت اللىكنت هنا من يوم ما غبت عنا هناك ... نعم والان دورك يا بطل ..... تعالى بقى نروح حته أمان نتكلم فيها على راحتنا حتى لو النهار طلع علينا !!،،،، سار الرجلين كاعادة كما لو كان كل منهما يمشي على اربع أو يكاد يزحف حتى وصلا الى مكان بعيد عن العدو ، وهناك قاد عادل زميله الى مخبأ لا يكاد يرى من فوق الارض ... في الغالب هو جحر حيوان . جلس الرجال يهمسان ... وأطلع عادل زميلة على كل ما سأل أو لم يسأل عنه بخصوص هذا الموقع للعدو ( الموقع هو مركزللقيادة الميدانية والسيطرة على قوات العدو ) نظام الحراسة وعددها وطرق تبديل الحرس ونظام تبديل الحرس وفترات الاستخدام لكلمة السر الواحده – فترة تغيير كلمة السر بكلمة اخرى – وطرق الدخول والخروج للبشر وللعربات ، والعلامات والاجهزة التي اذا رآها تنصب وتقام يعرف انه يوجد استنفار لدرجة الاستعداد القتالية ( توضيح : تشبه القوات المقاتلة الآله الميكانيكية .. لا تستطيع العمل كل الوقت بكل الطاقة ، ففي حالات الاسترخاء تعمل الآلة بقدرتها الاقتصادية التي تعطى القدر اللازم بأقل استهلاك للقوة ..... فإذا اردنا زيادة الناتج شغلنا الآلة بقوة اكبر شوية ..... وفي الحالات الضرورية تعمل الآلة بكل طاقتها ولكن لفترة محدودة ... ارجو ان اكون قد وضحت الفرق بين عمل القوات في فترات الاسترخاء مثلا 25% - غير عملها اذا زيدت حالة الاستنفار الى 50% - وغير اذا زيدت الى 75% - وفي حالات الاشتباك الفعلي تكون 100% ) . وفي حالة الاستنفار القصوى للإشتباك الفعلي تعمل الوحده لعسكرية بكامل طاقتها وهنا الموضوع في مركز القيادة هو رادارات ووسائل اتصال .... ايضا لم ينسى عادل ان يدل زميله الى الاماكن التي يمكن ان يحصل منها على الماء .... واماكن وانواع الشجر الذي يمكن ان يأكل من اوراقه اوساقه لسد رمق الجوع ..... وقال له هيا نؤمن المكان وننام الى الغد ..... بعد ان صلوا الفجر جماعة وهما جلوس في الحجر وبعد ان تيمموا .... جلسا يعيدان الكلام والشرح ..... وخطر على بال حامد شئ فالتقت الى زميله وقال له الحمد لله على نعمة الاسلام ..... انظرسماحة ديننا .... فلولا سماحة ديننا وسنة نبينا ( اللهم صلى وسلم وبارك عليه ) وارشاده لنا ، ما كنا عرفنا التيمم وفي حالتنا هذه هو نعمة كبيرة وايضا لولا سماحة هذا الدين ما صلينا جلوس ونحن مختبئين في هذا الجحر الضيق .

وعندما جن الليل قال عادل لزميله هيا لتعرف كيف ترسل برسالة الى مصر بوصولك سالماً و استعدادك لاستلام العمل ..... تحرك الاثنان مبتعدين في عكس اتجاه مركز عمليات العدو ...و أثناء السير كان عادل يرشد زميلة الى العلامات الدالة على طريقه ... وبعد مايقرب من 3 ساعات قال عادل عليك ان تضع رسالتك هنا ثم تتوجه الى هذا الحجر وتقلبه هكذا .... ثم تسرع بالانصراف راجعاً ...... وبعد ان وضعا رسالتهما وقلبا الحجر ..... واسرعا بالعودة الى مكان لجحر آخر غير الذي باتا فيه ارشد عليه عادل ..... وجلسا بقية الليل يتشاوران حامد يسأل وعادل يجيب ويشرح ، وقد فهم حامد ان الرد على الرسالة التي ارسلاها سوف يكون عن طريق الراديو اعتباراً من مساء باكر ..... ووصى عادل زميلة الا يستخدم نظام الرسائل هذا الافي حالات الضرورة القصوى ..... وبعد الفجر ناما وسكنا في جحرهما الي بداية الليل ..... و تحركا الى الهدف وذهب كل منهما من اتجاه يراقبان ويحفظان كل حركة لقوات العدو عن ظهر قلب و يترجمان ذلك بما تعلما عن العدو من اعمال ..... و عندما انتصف الليل تحرك كل منهما راجعا الى نقطة اللقاء وعندما تعرفا على بعضهما البعض من بعيد ببعض الاشارات المدروسة واسرع حامد خلف زميلة الى مكان للإختباء غير المكانين السابقين .... وهناك بعد ان امنا المكان و انزويا قال عادل لزميلة افتح الرايو نشوف رد القيادة على رسالتنا أمس ..... وجلسا يتناقشان ويتبادلان المعلومات ويفسر كل منهما تصرفات العدو من وجهة نظره .... وبعد فترة انتبها الى كلمة معينه قيلت في الراديو .. ثم تلتها بعض الكلمات عرفا من معناها ان على عادل ان يتأكد من تمام وثوق حامد انه جاهز للإستلام ثم يرجع هو الى مكان محدد تم تحديده بالقرب من ساحل البحر الاحمر وهناك سيجد رسالة في انتظاره ......عرف الزميلان ان هذه آخر ليلة لهما ونهار اليوم التالي هو آخر نهار لهما معاً ...... في نظر حامد انقضى الليل والنهار الذي يليه بسرعة البرق ، اما عادل فكان على العكس .

في اول الليل تعانق الرجلان وذهب كل منهما في اتجاه .... حامد الى الهدف ، وعادل الى طريق العودة ..... ولأول مرة منذ ان قابل عادل شعر حامد بالوحشة من وجوده وحده ..... ولكن نفي هذا الاحساس عن ذهنه واندمج في العمل ودفن راسه فيه حتى لا يشعر بغير العمل الذي ارسل للقيام به .

إستمرت الايام تمضي وبطلنا يراقب موقع العدو ليل نهار ( بعد أن عرف المنطقة وحفظها عن ظهر قلب ، وعرف ممراتها الظاهر منها و المختفي عن اعين العدو ، و كان في كل مرة يراقب من اتجاه مختلف عن الليلة التي سبقت أو عن اليوم الذي سبق ....حتى كان يوما يقوم بجولة نهارية ..... فسمع همس واصوات خافته .....فتجمد في مكانه وبسرعة البرق أجال النظر فيما حوله ، فلما وجد ان المكان خال فيما حولة اتجه مباشرةً زحفاً بسرعة البرق الى مكان اختباء كان قد عاينه من قبل ...... وانزوى في مكانه ويده على خنجره وكل حواسه مستنفره لأفصى درجة ....... مرت لحظات وتلاشت الاصوات .. اذن هم لم يكتشفوا وجوده ولم يرسلوا من يبحث عنه .... اذن من هؤلاء ...... اطل بطرف عينه من مخبأه ، فلم يجد شيئاً ، وأنصت قلم يسمع شيئاً ...... حشد كل حواسه وخرج من مخبأه بحرص وزحف في الاتجاه الذي اتى منه الصوت ..... فرءا جنديين من جنود العدو يحرقان بعض الاوراق في حفرة ...... وبسرعة خطر على باله ان ينقض عليهما ويذبحهما قبل ان ينتبها أو يدريان ماذا حدث ...... فوضع يده على خنجره وأخرجه من مكانه واستعد للقفز ...... ولكن كلمح البصر خطر على باله وماذا بعد ...... سيكتشف العدو موتهما ... ثم سيبحثون عن من قتلهم .... ويقبضوا عليه .... أو على الاقل سيضطر للأبتعاد وترك الهدف بدون مراقبة ...... وباظت المهمة ... مش كده وبس ده بالأكيد سوف يركز العدو من حراساته وبذلك لن يستطيع احد يأتي بعده من مراقبة هذا الموقع الهام .... أو على الاقل ستصبح المهمة صعبة ..... مش بس كده ده يمكن يعرض زميل له يراقب موقع أحر في مكان أخر لأن يكتشف وقد يقتل ... فهل حياة هؤلاء الاثنين تساوي كل ذلك ....... وهنا تصبب حامد عرقاً وترك خنجره يرجع الى غمده ...... وحمد ربه ان اتنبه قبل ان يفعلها .

ولكن حامد انزوى وبقي يراقبهما حتى ظنا انهما انتهيا من حرق الاوراق ..... وأفلا راجعين الى الموقع ....... وانتظر الى ان ابتعدا لمسافة كافية فنزل من مكانه و اخذ يطفئ النار بيديه ورجليه واستطاع انقاذ بعض الاوراق قبل ان تحرق تماماً ..... لم يهتم حامد بقرأة الاوراق و معرفة ما فيها قدر اهتمامه بإنقاذها من الاحتراق ...... جمع حامد الاوراق ورجع الى مكان مخبأه البعيد ... وبعد ان أمن المكان ، جلس يرى مافي هذه الاوراق ..... كانت الاوراق مكتوبه بكود لا يعرفه ...... فقرر ان يرسل هذه الاوراق الى من يعرف كيف يقرأها ..... انتظر حامد حتى دخل الليل .... وأسرع في الطريق الذي ارشده اليه عادل ليرسل بهذه الاوراق الى مصر ...... وصل الى المكان فجلس ساكنا لبرهة يراقب المكان ولما تأكد ان المكان خالي وضع الرسالة في مكانها ثم قلب الحجر كما شرح له عادل و اسرع راجعا الى موقعه فدار حوله دورة سريعة ليتأكد من عدم وجود اى شئ غير عادي ثم رجع الى مكان حفرة حرق الاوراق فوجدها كما تركها ..... فإطمأن وحمد الله انه لم يكتشف شئ مماجرى ..... ولما كان الفجر على وشك الطلوع اسرع الى مخبأ من مخابئه ..... وأمن المكان حتى لا يلفت نظر احد وجلس داخله وعلبه النعاس .




استقظ بعد بضع ساعات .... وكان النهار على وشك الانتصاف .... بلل منديله ومسح به شفتيه ووجهه وراسه و وبحذر خرج من مكانه ودار بعينيه حوله والحمد لله تأكد من خلو المكان .

مساء اليوم التالي في موعد الإنصات الى رسائل الراديو جلس في جحر بعيد واذنه مع الاصوات الصادرة من الراديو ... ولكن لم تكن هناك اى رساله له ......وتكرر ذلك في اليوم التالي ، وفي اليوم الذي يليه حتى اصبح الفجر على وشك البزوغ .... سمع من ينادي على اسمه الحركي ويقول له راقب المكان جيدا وابلغ فوراً عن اى صناديق معدات تصل الموقع أو اى تركيبات لصواري جديدة . انتهى ..... اسرع حامد بحساب جدول بسيط يحدد فيه لنفسه ساعات مراقبة زيادة عن المعدل وساعات نوم أقل .... وحدد لنفسه الاماكن التي سيأوي اليها للراحة بحيث تكون قريبه على قدر الامكان من الموقع . ثم اغمض عينيه وحاول ان ينام ليرتاح .... ولكن لم يغمض له جفن ...... ما معنى هذه الاشارة .... ضروري فيه معدات جديدة جايه لهذا الموقع .... هل ممكن تكون الاوراق التي ارسلها هل التي دلت على ذلك ..... الحمد لله الحمد لله انني لم اقصر في واجب .

استمر حامد في مراقبة الموقع ليل نهار وكان قد مضى عليه مايزيد عن شهر ونصف ..... كان يراقب في اوقات متغيرة من الليل والنهار ، ومن اتجاهات متغيرة ليلاحظ اى تغيير في عدد صواري هوائيات الاجهزة ونوعها وطريقة نصبها في الهواء ...... ثم بعد ما يزيد عن عشرة ايام وكان الوقت ليلاً ، لاحظ حامد انوار خافتة زرقاء كثيرة تتجمع في الميدان الاوسط للموقع ..... هاه هذه بالتأكيد انوار سيارات نقل لمعدات ثقيلة ...... امن حامد نفسه وطريقة التمويه التي يتخفى بها واقترب بحرص وحذر شديدين من الموقع حتى ترامت لأذنيه اصوات جنود العدو وهم يتكلمون بوضوح .... وركز نظره على الاماكن التي كانت تأتي منها الانوار الزرقاء الخافته ،،،، فميز اربع سيارات نقل كبيرة من نوع التريللا وعليها صناديق من مختلف الاحجام ....... إذن هذه هى الشحنة التي عليها العين ..... ودار حامد حول الموقع أكثر من مرة ليتأكد من هذه السيارات ومما تحمله ...... ثم اسرع الخطى الى موقع ارسال الرسائل ...... وصل الى المكان بعد أقل من ساعتين حيث كان تقريباً يجري بكل ما أوتي ....... وضع حامد الرسالة وقلب الحجر ، واسرع عائدا الى مخبأه ليقي نظرة سريعة على ملابسه وطريقة التمويه ثم اسرع الى موقع العدو مرة اخرى ليراقب اخر الاحداث.

وجد ان الجنود بدءوا في تنزيل الصناديق من فوق العربات وانهم يرتبونها على الارض في ترتيب وتسلسل معين ،،، تمنى لو استطاع ان يعرف ما تحتويه هذه الصناديق وان يدمرها بنفسه ،،،، بس ازاى انه لا يملك مفجرات او اى معدات اخرى . طيب وايه يعنى المتفجرات موجوده عندهم وسهل انه يعرف مكان تخزينها ، والباقي سهل جدا . لكن حامد كان يعرف انه يعمل طبقاً للأوامر فقط ... وهو لم يكلف بفعل ذلك .


رجع حامد الى جحر من التي يختفي فيها ليأخذ بعض الراحة .... وتأكد من تأمين المكان وخلوه ثم راح في نوم نصفه يقظة ....واستمر في اليوم التالي في المراقبة حتى اقترب الليل على الانتهاء .... فرجع الى مكان من اماكن الراحة ،،،، وهناك فتح الراديو وفوجئ في بداية الارسال بمن يتادي عليه ويبلغة بترك الموقع فورا والعودة الى ساحل البحر الاحمر ،،،،على ان يسرع بالأبتعاد عن موقع العدو ..... وتحدد له موعد بعد اربعة ايام في مكان محدد .

اسرع حامد بجمع معداته البسيطة وبعض الطعام والماء المتبقي عنده وولى وجهه شطر البحر الاحمر وبدأ في الاسراع بخطاه مبتعدا عن موقع العدو ..... سار حامد ما يقرب من ساعتين ثم فوجئ بأصوات انفجارات تأتي من جهة موقع العدو ، فإلتفت فإذا بسحب سوداء تصعد للسماء من جهة موقع العدو .... عرف حامد ان طاراتنا تقوم بقذف موقع العدو وتدميره .

في طريق العودة كان يمر على الاماكن التي دفن فيها الاكل والماء فيستخرجها وتكون زاده الى المكان التالي ..... وفي الموعد المحدد وصل الى المكان المعين على ساحل البحر الاحمر ، وهناك كان لزاماً عليه ان يختبئ حتى ظهرت له العلامة الضوئية المتفق عليها مسبقاً ، برز حامد من مكانه فوجد احد الصيادين في انتظاره وكما كان في رحلة القدوم كان في رحلة العودة مع اختلاف الاشخاص وسفينة الصيد .

عند وصول حامد الى ارض الوطن وجد قائده في انتظاره فأخذه بالأحضان وقاده الى السيارة ،،،، وعرف حامد اهمية الاوراق التي ارسلها والبلاغ عن وصول المعدات الذي فعله ..... وتأكد فعلا ان طائراتنا دمرت الموقع ومن فيه و الاهم المعدات الجديدة . وبعد ان وصلوا الى الوحدة قرب الفجر ....... قال له القائد اذهب واستحم وارتدي ملابس نظيفة وتعالى سلم على قبل ان ترجع الى البيت ..... فعل حامد ما غير من شكله الذي رجع به ..... ذقن طويلة وملابس متسخة وجلد لم يعرف الماء منذ شهرين .

عندما انتهى ذهب الى مكتب القائد الذي ابلغه ان قائد القوات البحرية يريد ان يراه قبل ان يرجع الى بيته ...... صحب القائد رجلنا الى قيادة القوات البحرية والى مكتب القائد الذي قام من مكانه لاستقبال بطلنا وأخذه بالأحضان وهنأه بسلامة العودة بعد ان ادى واجبه كاملا ..... ثم قال له : لك عندنا مفاجأة يا بطل ..... صدق السيد رئيس الجمهورية على منحك نوط الشجاعة العسكري نظير ما قمت به . و علق قائد القوات النوط على صدر بطلنا الذي تمتم انا كنت بأدي واجبي يا افندم .

ورجع بطلنا الى منزله والى والدته التي ارتمى في احضانها وهى تمسح على رأسه .......... ونام بعمق .

تكررت مأموريات حامد التي من هذا النوع ، وقد حصل خلالها على نوط الشجاعة العسكري مرتين اخرتين ثم على نوط النجمةالعسكرية وهى أعلى وسام عسكري بعد نجمة الشرف العسكرية .

كان هذا هو بطلنا حامد .

محمد ماهر مرعي 11 - 12 - 2011 04:39 AM

الطريق الى أيلات... حقائق تاريخية

أكيد كلنا شوفنا الفيلم الجميل (الطريق الى ايلات ) بطولة الفنان عزت العلايلى و الفنان نبيل الحلفاوى ومادلين طبر ومحمد سعد واخرون .. لكن للاسف الفيلم مكانتش احداثه دقيقه ... وده اللى هانعرفه من القبطان عمرو ابراهيم البتانوني - ملازم اول وقت تنفيذ العمليه - وهو احد الابطال المشاركين فى تلك العملية القوية والتى اصابت العدو الاسرائيلى فى صميم كرامته..

بداية هيا نتعرف على البطاقة الشخصية للبطل عمرو البتانوني
الاسم: عمرو إبراهيم البتانوني
تاريخ الميلاد: 25 فبراير 1943
الحالة الاجتماعية: متزوج ولي من الأبناء ولد وبنت
العمل الحالي: صاحب ومدير مزارع البتانوني بالنوبارية وشركة ستاليون للتجارة، ونائب رئيس نادي سبورتنج بالأسكندرية
العمل السابق: ضابط بحري بلواء الوحدات الخاصة للقوات البحرية (الضفادع البشرية)



و الآن نبذه قصير عن حياته


ولدت بالقاهرة وعشت بها لمدة عامين قبل أن انتقل مع عائلتي إلى الاسكندرية، كنت مهتما بالرياضة منذ صغري ومارستها أثناء الدراسة، بداية من كرة السلة حيث قمت بتمثيل نادي سبورتنج حتى دوري الدرجة الأولى ثم انتقلت إلى كرة اليد ومثلت النادي أيضا، ثم منتخب الاسكندرية.

التحقت بكلية سان مارك وتخرجت فيها عام 1962 ثم التحقت بالكلية البحرية وتخرجت فيها عام 1966، ومثلت القوات البحرية في كرة اليد حتى نكسة 1967.

بعد تخرجي في الكلية البحرية بدأنا جولات بحرية على السفن تدور حول العالم إلى أن تعرضت مصر للنكسة عام 1967 التي كانت صدمة قوية جدا وغير متوقعة للمصريين عامة وللقوات المسلحة بشكل خاص.




كيف التحقت بلواء العمليات الخاصة؟

بعد النكسة شعر الناس بأن مصر تعرضت لمحنة كبيرة وان احدا لن يتمكن من اخراج البلد مما هي فيه غير أبنائها.. فتم الإعلان عن فتح باب التطوع للقوات الخاصة التي كانت ستبدأ المشوار بعمليات خلف خطوط العدو,

في القوات البحرية كان هناك لواء للقوات الخاصة فاشتركت به وحصلت على فرق صاعقة ومظلات وضفادع بشرية وكان التدريب شاق وفي ظروف مرهقة إلى أقصى الحدود، فعمل القوات الخاصة أصلا صعب ويحتاج للصبر وقوة التحمل لتدريب المقاتل على القيام بعمليات شديدة الصعوبة.

طبعا لم يتم قبول كل من تقدموا للإلتحاق بالقوات الخاصة لأن فرد القوات الخاصة يجب ان يتميز بعدة صفات منها الشجاعة والرغبة في تقديم شئ للوطن فضلا عن قوة الأعصاب وهو شئ في خلق الإنسان ولا يمكن اكتسابه.




كيف ولدت الرغبة في مهاجمة ميناء إيلات وغيره من الأهداف في عمق العدو الإسرائيلي؟

في أعقاب النكسة بدأت القوات المسلحة كلها في إعادة بناء نفسها بالإعداد والتدريب والتسليح والتنظيم .. الخ، وكل هذا كان ممكنا لكن الشئ الأصعب كان هو إعادة الروح المفقودة لفرد القوات المسلحة بعد النكسة وما كسرته في داخل صفوف المقاتلين.. لكن على أي حال فقد بدأ الفريق محمد فوزي بعدما تولى المسئولية في دعم كل هذا عدا الروح المعنوية التي كان رفعها صعبا للغاية لأنها شئ نفسي لن يعود بالتدريب .. من هنا كان اللجوء للقوات الخاصة لتنفيذ عمليات ناجحة خلف خطوط العدو تعيد الروح المعنوية ليس للقوات المسلحة فقط ولكن للمصريين جميعا.

وعلى نطاق القوات البحرية فقد كان لواء الوحدات الخاصة هو الذراع الطويلة للقوات المصرية فنفذنا هجمات ناجحة عدة، كان وقتها قائد القوات البحرية هو اللواء محمود فهمي عبد الرحمن رحمه الله وكان مقاتل بطل مصمم على النصر أو الشهادة وكان هو أول من اقتنع بضرورة تحريك لواء القوات الخاصة وبعنف.



لماذا إيلات؟

كل هدف كان له سبب فحينما قررنا دخول ميناء إيلات كان لأن الولايات المتحدة الأمريكية أمدت اسرائيل بناء على طلبها في أوائل عام 68 بناقلتين بحريتين إحداهما تحمل 7 مدرعات برمائية واسمها "بيت شيفع" وأخرى ناقلة جنود واسمها "بات يم" ، واستغلت إسرائيل تفوقها الجوي الكاسح وشنت نحو 3 أو 4 عمليات قوية بواسطة الناقلتين على السواحل الشرقية لمصر منها ضرب منطقة الزعفرانة حيث ظل جنود الكوماندوز الإسرائيليين في المنطقة 15 ساعة كاملة، فكان الغطاء الجوي الإسرائيلي يوفر للناقلتين حرية الحركة فتقوم البرمائيات بالنزول على الشواطئ المصرية ويقوم الكوماندوز بالدخول لأي منطقة عسكرية وأسر رهائن ونهب المعدات.




فقررتم القضاء على الناقلتين..

نعم .. فقد قررت القيادة العامة للقوات المسلحة القيام بعملية بهدف التخلص من الناقلتين بأي وسيلة، واستقر الأمر على القوات الجوية والقوات البحرية لكن عند دراسة قيام القوات الجوية بشن هجوم على الناقلتين في العمق الإسرائيلي كانت احتمالات الخسائر كبيرة جدا، لذا وافق الرئيس عبدالناصر على اقتراح قائد القوات البحرية بتنفيذ أول عملية للضفادع البشرية المصرية في العمق الإسرائيلي.




وكيف بدأ الاستعداد ؟

عن طريق الاستطلاع تم التحقق من أن الناقلتين تخرجان دائما من ميناء إيلات إلى شرم الشيخ فخليج نعمة ومنه إلى السواحل الشرقية المصرية فتم تشكيل ثلاث مجموعات من الضفادع البشرية كل مجموعة مكونة من فردين (ضابط وصف ضابط) وسافروا إلى ميناء العقبة الأردني القريب من إيلات كما تم تحضير مجموعتين -كنت أحد أفرادها- في الغردقة، وكانت الخطة الأولى تقضي بأن تهاجم مجموعتا الغردقة الناقلتين إذا غادرتا مبكرا وقامتا بالمبيت في خليج نعمة عن طريق الخروج بلنش طوربيد ثم بعوامة ونقترب من الناقلتين ونقوم بتفجيرهما، أما الخطة الثانية فكانت ستنفذ إذا قامتا بالمبيت في إيلات فيكون التنفيذ من جانب المجموعات الثلاث الموجودة في العقبة .. ما حدث أنهما قامتا بالمبيت في إيلات فعلا فألغيت مهمة الغردقة وقامت مجموعات العقبة في 16 نوفمبر عام 1969 بالخروج بعوامة من العقبة حتى منتصف المسافة ثم السباحة إلى الميناء لكنهم لم يتمكنوا من دخول الميناء الحربي فقاموا بتلغيم سفينتين إسرائيليتين هما (هيدروما ودهاليا) وكانتا تشاركان في المجهود الحربي الإسرائيلي في ميناء إيلات التجاري، وهذه هي العملية التي استشهد فيها الرقيب فوزي البرقوقي وقام زميل مجموعته بسحب جثمانه حتى الشاطئ حتى لا تستغل إسرائيل الموضوع إعلاميا.



كيف كان وقع العملية برغم انها لم تحقق أهدافها المرجوة؟



كانت العملية جيدة جدا وأدت لضجة كبيرة داخل وخارج إسرائيل ورفعت الروح المعنوية للقوات المسلحة وفي الوقت ذاته أدركت إسرائيل أننا تمكنا من الوصول إلى إيلات وأننا نريد "بيت شيفع" و"بات يم" فأصدروا تعليمات للناقلتين بعدم المبيت في ميناء إيلات بحيث تقوم بالتجول في البحر بداية من آخر ضوء وحتى أول ضوء لأن قوات الضفادع البشرية لا يمكنها العمل نهارا.



وهل توقفت الناقلتين عن مهاجمة السواحل المصرية؟

لا.. على العكس، فقد قامتا تحت الغطاء الجوي بالهجوم على جزيرة شدوان وهي جزيرة صخرية مصرية تقع في البحر الأحمر وأسروا عددا من الرهائن واستولوا على كميات كبيرة من الذخائر، ونقلوها بواسطة "بيت شيفع" واثناء تفريغ الذخيرة انفجر بعضها مما أدى لمقتل نحو 60 اسرائيليا وتعطل باب الناقلة الذي كان يعمل بطريقة هايدروليكية..



وكيف استغلت مصر هذا الحادث؟


تم نقل هذة المعلومات للقيادة المصرية عن طريق نقطة المراقبة الموجودة في العقبة وقدرت إسرائيل أننا سنستغل فترة وجود الناقلتين بالهجوم عليهما فقاموا بعمل تجهيزات كثيرة جدا لإعائقة أي هجوم محتمل فتم إغلاق الميناء بالشباك وتم تحريك لنشات لضرب عبوات ناسفة مضادة للضفادع البشرية وخرجت طائرات الهليكوبتر لإطلاق قنابل مضيئة للرؤية وتم وضع كشافات قوية جدا حول الناقلتين بحيث يتم اكتشاف اي حركة تحت العمق وعلى مسافة 100 متر فضلا عن زيادة الحراسة على الناقلتين.


لكنكم صممتم على تنفيذ العملية واستغلال الفرصة..


نعم.. تمت دراسة كل هذه التغيرات وحصلت القوات البحرية على الضوء الأخضر للقيام بعملية قبل إصلاح العطب في الناقلة، وتم تشكيل مجموعتين الأولى بقيادتي وكنت برتبة ملازم أول ومعي الرقيب علي أبو ريشة والثانية بقيادة الملازم أول رامي عبد العزيز ومعه الرقيب محمد فتحي وتحركنا من الإسكندرية بمعداتنا الى العراق حيث هبطنا في مطار h3 واستقبلنا أعضاء من منظمة فتح الفلسطينية ومنها سافرنا برا إلى عمان في الأردن حيث قمنا بالمبيت لليلة واحدة قمنا خلالها بتجهيز الألغام (لغم مع كل فرد) والمعدات وانتقلنا إلى ميناء العقبة حيث استقبلنا ضابط أردني برتبة رائد تطوع للعمل معنا بغير علم سلطات بلاده لأن المنطقة كلها هناك كانت مغلقة عسكريا فكان من الضروري ان نحصل على معاونة من أحد أفراد القوات المسلحة الأردنية.



إذن فلا أحد كان يعلم بالعملية؟

بالضبط.. ففي العراق كانوا على علم بأننا نجلب معدات إليكترونية لمنظمة فتح الفلسطينية وكان هذا ممكنا ومتاحا لأن العراق كان يساعد الحركة.



وماذا حدث بعد ذلك؟

دخلنا المنطقة العسكرية الأردنية وقمنا بالتجهيز النهائي ونزلنا الماء بالفعل في الساعة الثامنة والثلث مساء 5 فبراير 1970 بدون عوامة لأنها كانت تحتاج لتجهيزات خاصة واعتمدنا على السباحة والغطس.. وفي منتصف المسافة اكتشف الرقيب محمد فتحي أن خزان الأكسجين الخاص به أوشك على النفاذ (بفعل النقل في وسط الجبال) فتم اتخاذ قرار بعودته إلى نقطة الإنزال في العقبة وأكملنا المهمة بدونه إلى أن وصلنا في منتصف الليل تماما إلى ميناء إيلات بعد السباحة والغطس لنحو 5.5 ميل بحري..

وفي الساعة 12.20 مررنا من تحت الشباك، وهجم الملازم أول رامي عبد العزيز بمفرده على "بات يم" بينما هجمت انا والرقيب علي أبو ريشة على الناقلة "بيت شيفع" وقمنا بتلغيمهما وضبطنا توقيت الانفجار على ساعتين فقط بدلا من أربع ساعات كما كانت الأوامر تنص، ففرد القوات الخاصة له أن يقوم بالتعديل في الخطة الموضوعة حسب مقتضيات الظروف..

وفي الساعة الثانية من صباح يوم 6 فبراير بدأت الانفجارات تدوي في إيلات وخرجت الدوريات الإسرائيلية للبحث عن منفذي الهجوم لكن ارادة الله فوق كل شئ وكما يقول تعالى ("فأغشيناهم فهم لا يبصرون") فقد وصلنا بنجاح إلى الشاطئ الاردني.




وماذا حدث بعدما عدتم لنقطة الإنزال؟


في ميناء العقبة قبضت علينا المخابرات الأردنية فقد أدركت أن هذا الهجوم لابد أنه انطلق من أراضيها، وكانت القصة التي ينبغي أن نذكرها في هذه الحالة هي اننا ضفادع بشرية مصرية ألقتنا هليكوبتر قرب إيلات وكان من المفترض أن تعود لالتقاطنا لكنها لم تفعل وأن لدينا توصية بتسليم انفسنا لأشقائنا في الأردن لإعفائها من حرج استخدام أراضيها في تنفيذ هجوم عسكري دون علمها، لكن المخابرات الأردنية لم تستسغ هذه القصة فقاموا باقتيادنا نحن الأربعة بجفاء إلى أحد مقراتهم في عمان ويدعى (القلعة).





وكيف كان وقع ذلك عليكم؟



لم نكن نصدق فالأردن دولة عربية أولا وثانيا فقد تعرضت هي أيضا للنكسة وتم احتلال جزء من أرضها فكيف يعاملوننا بهذا الشكل.



وماذا عن القاهرة؟



وصلت هذه التطورات للسفارة المصرية في عمان عبر الضابط الأردني الذي تعاون معنا فقام اللواء إبراهيم الدخاخني وكان من المخابرات المصرية بمخاطبة المخابرات الأردنية للإفراج عنا لكنهم أجابوا بأنهم لا يملكون أي معلومات عنا وأننا لسنا محتجزين لديهم!

كانت هذه معلومات في غاية القلق للسفارة المصرية التي شعرت بأن ثمة مخطط للتخلص منا، وقتها كان يعقد في القاهرة مؤتمر الملوك والرؤساء العرب فقام الفريق محمد فوزي بإبلاغ الرئيس عبدالناصر باحتجازنا في الأردن فقام الرئيس عبدالناصر بوقف المؤتمر للراحة واصطحب الملك حسين ملك الأردن في غرفة جانبية وأبلغه أن المخابرات الأردنية تحتجز رجال الضفادع البشرية المصرية الذين نفذوا العملية في إيلات وأنه – أي الملك حسين – سيظل ضيفا على مصر إلى أن يتم الإفراج عنا ونعود إلى مصر.

وعلى الفور أصدر الملك حسين تعليماته فشعرنا نحن بتغير المعاملة ففتحت لنا الأبواب وحصلنا على الطعام والملابس بعد أن قضينا 12 ساعة بملابس الضفادع البشرية وبملح البحر في قلعة المخابرات الأردنية وهي شاهقة الارتفاع حتى إن الثلج كان يغطي أجزاء منها وكل ذلك في برد فبراير القارص.

وتم الإفراج عنا بالفعل حيث سُلمنا لقائد العملية اللواء مصطفى طاهر رحمه الله ونُقلنا من عمان إلى لبنان ومنها إلى القاهرة.

وحصلنا بعد عودتنا على وسام النجمة العسكرية وكان وقتها أعلى وسام عسكري يُمنح للأحياء.

وفي سجلات التاريخ العالمي صُنفت هذه العملية كواحدة من أنجح عمليات الضفادع البشرية في ميناء معادي من حيث النتائج ومن حيث عودة الأفراد سالمين.





ما رأيك في فيلم "الطريق إلى إيلات" الذي يروي أنباء العمليات التي قمتم بها؟



هناك نقاط ضعف كثيرة جدا في الفيلم تثير الضحك من قبل المتخصصين في الحروب البحرية لكنه يبقى برغم ذلك يمثل محاولة لا بأس بها.
فمثلا يظهر الفيلم أحد أفراد الضفادع البشرية يصاب بالبرد فيحجم عن النزول للبحر وهذا غير وارد في الوحدات الخاصة .. فأنت مدرب لتجاهل العطش والجوع والمرض والالام والتعب لتنفذ العملية المكلف بها مهما كانت الظروف ..

كما يظهر الفيلم ايضا اللجوء لفتاة "بمايوه" للكشف على الشباك في ميناء إيلات وهذا جهل واضح لأن هذه الشباك يتم تركيبها حول الميناء في يومين كاملين وقد وصلتنا صور تركيبها من نقطة المراقبة في العقبة.

ايضا تم اظهار مهندس اللنش بشكل كاريكاتوري ساخر، فهو ساذج لا يعرف إلى أين يتجه ولا أي عملية سيقوم بها .. برغم أن صاحب الشخصية الحقيقية واسمه المهندس أسامة مطاوع كان بطلا بكل المقاييس وكان يقفز بنفسه في اللنشات المقاتلة لمتابعة عملها أثناء العمليات وكنا نعجز عن إثناؤه عن الخروج معنا بسبب إصراره برغم أن التعليمات الصادرة إليه تقصر دوره على البقاء على الشاطئ فقط، أذكر إنه في عملية أبورديس وبلاعيم كان معنا في اللنش يحاول إحكام ربط قطعة ما في موتور اللنش وعندما لم تثبت ظل يمسكها بيده حتى يستمر الموتور في العمل وتنفذ العملية .. فهل يليق أن تخرج صورته على الشاشة بهذا الشكل؟

أيضا يظهر أحد رجال القوات الخاصة في العوامة وهو يخشى النزول إلى البحر، وهذا مستحيل.

فضلا عن أن الفيلم دمج عمليتي إيلات في عملية واحدة، وقال إن "بيت شيفع" و"بات يم" غرقتا في 16 نوفمبر وهذا خطأ فادح .


فالفيلم في مجمله ضعيف ربما بالنسبة لي لأنني عشت هذه اللحظات، لكن كفيلم وطني يقص هذه العمليات على شبابنا فهو جيد نسبيا.



.................................................. .........




بعض الصور الخاصة بالعملية و ابطالها








http://img8.imageshack.us/img8/9081/55677303.jpg

الملازم أول عمرو البتانوني



http://img8.imageshack.us/img8/2992/33912985.jpg





الرقيب علي ابو ريشه




http://img26.imageshack.us/img26/5676/59366861.jpg




الملازم أول رامي عبد العزيز

http://img6.imageshack.us/img6/5786/88999585.jpg








رائد فؤاد رمزي


http://img12.imageshack.us/img12/8416/ist101cy2.jpg





http://img12.imageshack.us/img12/295/ist111rp8.jpg

http://img13.imageshack.us/img13/9566/ggggjnw.jpg

http://img13.imageshack.us/img13/7505/1011j.jpg

http://img19.imageshack.us/img19/1759/42966150.jpg














أسحاق رابين فى ضمن جولة تفقدية مفاجئة على متن السفينة بيت شيفع بمنطقة مرحبا بشرم الشيخ
http://img19.imageshack.us/img19/9890/19022907.jpg








سفينة الامداد بيت شيفع (بئر السبع) فى أثناء الاحتلال الاسرائيلى لمدينة شرم الشيخ ولمن يعرف بمدينة شرم الشيخ فالمنطقة هية حاليا ما يطلق عليها شاطىء مرحبا ويشير السهم الى منطقة الهضبة الشهيرة بشرم الشيخ
http://img8.imageshack.us/img8/176/57453171.jpg









سفينة الامداد بيت شيفع (بئر السبع) فى شرم الشيخ









سفينة الانزال بات يم فى منطقة شاطىء مرحبا وتظهر فى الخلفية منطقة الهضبة بشرم الشيخ


الساعة الآن 09:16 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى