منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الملاحم والأساطير ومعتقدات الشعوب (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=66)
-   -   من كتاب كيد النساء - هيلين وقصص اخرى (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=11184)

أرب جمـال 26 - 10 - 2010 01:09 AM

الفاتنة أوجيني

http://docsouth.unc.edu/fpn/fearn/fearn106.jpg

في عام 1852م ضج المكان بحفل مدينة فوتينبلو وكان في مقدمة الوفد الغفير نابليون الثالث ،

صورة نابليون الثالث
http://img71.imageshack.us/img71/9946/92671721pf3.jpg

وبينما كان رجال الدولة منشغلين بالحفل أقبلت فارسة ذات قوام رشيق وجمال ساحر جذب جميع الحضور تمتطي جوادها بمهارة فائقة ، توجهت أنظار نابليون الثالث إليها معجباً بفتنتها وهنا همس نابليون الثالث لأحد مستشاريه بأن يبحثوا عن معلومات عن تلك الحسناء المجهولة ، وقد تبين له بعد ذلك أن تلك الحسناء هي أوجيني دي مونتيو كونته " تيبا" ولدت بأسبانيا عام 1826م بإقليم غرناطة ، يعد والدها من كبار رجال أسبانيا العظام ، تلقت أوجيني العلم في تولون وبعدها في بريستول ، وأجادت 3 لغات (اللغة الفرنسية والانجليزية والأسبانية )، كتب عنها الكاتب الأمريكي واشنطن أرفنج الفصول الطوال التي تحكي قصتها وهي فتاة حسناء إلى أن أصبحت فتاة يتحدث العالم عن أناقتها وفتنتها حتى أصبحت إمبراطورة فرنسا ،

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...er_Fransen.jpg

ومع الأيام ازدادت لقاءات نابليون الثالث بأوجيني ونما الحب في قلبيهما فتزوجها عام 1853م في زفاف أسطوري لم تعش فرنسا أحداثه بالتاريخ قط ، ورغم أن أوجيني استحوذت على حب الأغلبية إلا أن هناك فريقاً عارض هذا الزواج فقد قال البعض : لو أن الإمبراطور تزوج زواجاً سياسياً لخدمة فرنسا لتوطيد العلاقة بين الجيران لكان ذلك أفضل ، فأيقظ ذلك دماغ أوجيني ورأت مدى ضعف مكانتها السياسية بأوروبا ، فاستخدمت سلاح أنثوي غيرت فيه وجه التاريخ ، وجدت أوجيني أن العواصف السياسية تقيد فرنسا وانجلترا نتيجة العداء بينهما فاتخذت خطوة جريئة لتزيل العداء القديم أدى لعقد التحالف بين فرنسا وانجلترا ، فانقلبت الموازين بأوروبا بعد أن ذهبت أوجيني مع زوجها عام 1855م انجلترا ، فأكرمتهم الملكة فيكتوريا وزوجها ألبرت أشد تكريم وقيل أن انجلترا شهدت احتفالات ضخمة أسطورية للاحتفاء بأوجيني وزوجها الإمبراطور لم تشهدها انجلترا ، وبعد مرور الأيام أعادت الملكة فيكتوريا الزيارة لفرنسا فمحي العداء القديم بين الدولتين فكان ذلك القرار قرار هز أوروبا بأسرها ......
وفي يوم جميل احتفلت فرنسا بنبأ جميل ، نبأ ولادة طفل أوجيني الذي لقب بابن فرنسا و" الأمير الإمبراطوري "

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...s_Napoleon.jpg



http://www3.hants.gov.uk/eugenie-and-baby.jpg



واستمرت أوجيني بجمالها وبعقلها تحكم فرنسا ولكن جمالها جعلها في موقع حسد من البعض ، ففي عام 1858م استقل كل من أوجيني ونابليون الثالث عربتهما الملكية ، وفوجئا بأشخاص يلقون 3 قنابل على العربة بقصد اغتيالهما ولكن القنابل انفجرت قرب العجلات فأودت بحياة الحراس وأفراد الحاشية .....

ومع مرور الزمن أصبحت أوجيني الآمر والناهي وطغى نفوذها وفتحت من جديد في فرنسا لعبة البذخ والإسراف وأصبحت ملهمة في دار الجمال والأناقة ........


https://www.metmuseum.org/toah/image...2_1978.403.jpg

فلنترك الآن العواصف السياسية بأوروبا ، نحن الآن في قناة السويس 16 نوفمبر عام 1869م حيث دعا إسماعيل باشا خديوي مصر أوجيني وزوجها للاحتفاء بفتح القناة ولكن نابليون الثالث تخلف عن الحضور بسبب تأزم الأوضاع السياسية بأوروبا فحضرت أوجيني بمفردها وهي في عمر الثالثة والأربعين ولكن بجمالها وبأناقتها يحسبها الجميع بعز شبابها ، فأقام لها الخديوي إسماعيل المعروف بحب المظاهر والترف والبذخ حفلاً ذكرته كتب التاريخ بأنه ببذخه وإسرافه فاق روعة ليالي ألف ليلة وليلة بينما الشعب المصري يعيش في إرهاق وكد دائم لمواجهة الحياة ، ويذكر التاريخ في شأن حفر القناة بأنه انجاز فرنسي على أرض مصر حيث كانت هناك صداقة متينة بين سعيد باشا والد إسماعيل باشا وبين المسيو دي ليسبس فأدى ذلك لحصول دي ليسبس على قرار شق القناة بين البحرين الأبيض والأحمر ..........
والغريب أن أوجيني حضرت مصر قبل موعد الاحتفال بثلاثة أسابيع فعاشت أروع الأجواء الرومانسية في قاعات المرمر بقصر الجزيرة الذي خصصه إسماعيل لها ، وهنا أمام الأعين تشهد مصر أجواء ألف ليلة وليلة على ضفاف النيل وقصر الجزيرة وهضبة الأهرام تلك الأجواء الحالمة ، حتى أن أوجيني في استقبالها قالت مندهشة بين الجموع المحتشدة :" بالله لم أر في حياتي أجمل ولا أروع من هذا الحفل الشرقي العظيم!"

وعادت شهرزاد لفرنسا حيث كانت الثورات والمؤامرات في أوج اشتعالها ، وأدت الحرب بين بروسيا وفرنسا أن أوقعت زوجها نابليون الثالث بهزائم مستمرة ،وبدأ الشعب يوجه أصابع الاتهام لأوجيني فقبعت بقصر التويلري حزينة ، وثار الشعب في ساحة القصر فأمرت بإحضار خيلها من أجل استرضاء الشعب ، وفي أثناء ارتداء أوجيني ثياب الفروسية استغل الخدم الفوضى فسرقوا كل ملابسها وجميع ما تحويه أياديهم من ممتلكات وفروا بها ...
نظرت أوجيني حولها بذهول فعرض عليها " السنيور نيجر " سفير إيطاليا بباريس الفرار من القصر بالخروج من البوابة الخلفية لتستقل يختاً ليوصلها انجلترا ......
وفي لندن بقيت أوجيني تحت حماية الملكة فيكتوريا وأكرمتها وجعلتها بإحدى القصور الملكية ولحق بها بعد ذلك زوجها نابليون الثالث وابنها لويس إلى لندن .........
واستمرت النوائب تلتف حول عنق أوجيني فلقد مات ابنها لويس وهو في ريعان شبابه .........
وبقيت أوجيني تجر أحزانها في المنفى وابتعدت عن السياسة بشتى جوانبها ...

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...ss_Eugenie.jpg

ويجدف الزمن في بحار الأحزان وتمر عقاربه ببطيء ، وأشتعل رأس الإمبراطورة أوجيني شيباً في عام 1905م
وهناك تعود إليها ذكريات الليالي الشرقية المترفة فتحن لها لتعود إلى مصر متنكرة في فندق "سافوري " في بورسعيد وبعد هذا الحدث انطلقت الأخبار عن ذلك فأمسك شعراء مصر ريشتهم من أجل التعبير عن ذلك والمقارنة بين الأمس والحاضر ........
وفي عام 1920 م بلغت أوجيني الرابعة والتسعين من عمرها فقررت زيارة أسبانيا مسقط رأسها والتي احتضنت فيها طفولتها وشبابها لتحتضن فيها رحيلها فكانت تربطها بملكة أسبانيا علاقة صداقة وثيقة ولكن في مدريد اشتد المرض عليها وبدأ الضعف واضحاً على ملامحها التي غيرها الزمن ، فصعدت روحها للسماء 11 يوليو من نفس العام .


أرب جمـال 26 - 10 - 2010 01:12 AM

الفاتنة بولين بونابرت


http://up.arab-x.com/uploads/images/...0a31f124fe.gif

وقف الجميع مبهوراً أمام تمثال حسناء متحف " بورجيزي" في العاصمة الإيطالية روما وجميع من تمعن بالتمثال وقف مذهولاً أمامه :" إذا كان هذا التقليد فكيف يا ترى الأصل؟!"

هو تمثال أبدعته يد الفنان الشهير " كانوفا" للفاتنة بولين بونابرت ، ولهذا التمثال قصة تطرقت إليها موسوعات " هيستوار دي فرانس" ومن الطرائف الذي تسوقها لنا الموسوعة حول التمثال أنه عندما أنهت الأنامل المبدعة نحت تمثال الحسناء بولين بناء على طلب زوجها ويدعى كميل بورجيزي ، جثا على ركبتيه أمام التمثال وبدأ يطبع قبلاته فيه بشغف ، ورفض في حياته أن يرى أحد غيره التمثال حتى ولو كانت نظرة خاطفة عابرة ومن شدة غيرته وولعه بزوجته الفاتنة رفض كذلك من أن يسمح للفنان صانع التمثال من أن يلقي نظرة أخيرة على تمثاله المبهر !"

http://www.copia-di-arte.com/kunst/r...te_1780_hi.jpg


بولين بونابرت اسم ارتبط ذكره دائماً بالعظيم نابليون بونابرت فكل من يدقق النظر في الاسم يحسب أن بولين ابنة لنابليون ، ولكن من يصدق أن بولين بونابرت هي شقيقة نابليون بونابرت الصغرى واسمها الحقيقي هو " ماريا باوليتا" ونابليون من اختار لها اسم بولين بونابرت نظراً لحبه الشديد لها ولقربه منها ، ولها غير هذا الاسم أسماء متعددة عرفت بها عبر التاريخ : " أميرة بورجيز _ دوقة جاستالا _ أميرة بيمونتي"
وقد أخذت تلك الألقاب من زوجها الأمير " كميل بورجيزي" وهو من شرفاء إيطاليا وحكم " جاستالا ثم ولاية " بيمونتي"
ولدت بولين بونابرت في 20 أكتوبر 1780م وهي العاشرة في ترتيبها بين أشقائها الذين عاشوا في كنف أبويها شارل بونابرت وليتسيارا مولينو ، وكانت أجمل فتاة بالعائلة لذا قال لها شقيقها نابليون يوماً:" أنا فخور بك يا بولين ، ولكني أخاف عليكِ من جمالكِ المفرط وجاذبيتكِ التي لا تقاوم "

صور لأخوات نابليون الثلاث وطبعاً الثالثة بولين وقد وضعت صورتها

http://up.arab-x.com/uploads/images/...72bf93c06d.jpg

Caroline (1782-1839

http://up.arab-x.com/uploads/images/...1c5fae34be.jpg

Elisa (1777-1820)

صورة لأمهم

http://www.napoleonicsociety.com/images/chap4010.gif

الأخت أليسا مع زوجها يستمعون للشكاوي في إمارتهم
http://www.napoleonicsociety.com/images/chap406.jpg

صور للقائد الفرنسي نابليون بونابرت

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...ppiani_002.jpg

ومع مرور الوقت المحمل بإشراقه فجر جديد وصل شقيقها بونابرت للمجد ، فكثر عدد المتقدمين لخطبة شقيقاته ولاسيما بولين ، فساعدها بونابرت على اختيار شريك حياتها فإذا به يختار مساعد له يدعى " الجنرال لوكلير"

الزوج الأول لبولين

http://www.napoleonicsociety.com/images/chap404.jpg

وفي هذه الأثناء ما يزال بونابرت يشغل منصب القنصل الأول فاشتعلت ثورة الزنوج عام 1801م في جزيرة " سان دومنيك" بأمريكا ، فأعطى نابليون مهمة قيادة الحملة لإخماد تلك الثورة لزوج شقيقته الجنرال "لوكلير "
وهنا بدأت الفاتنة بولين تنغمس بنزواتها وسهراتها التي تهدد سمعته وسمعة زوجها فأمرها بالسفر لمساندة زوجها ، فسافرت مرغمة تاركة الليالي الساحرة الحالمة ، وفي سان دومنيك وفي ساحة المعركة انتشرت الأوبئة المعدية ولاسيما مرض الحمى الصفراء الذي قضى على العديد من الجنود ، وقامت بولين في المعركة بدور بطولي فقد كانت تداوي الجرحى في ساحة المعركة ، وبكلماتها الرقيقة تنشر الحماس والأمل في قلوبهم ، فوصلت الأخبار عن الدور البطولي الذي تقدمه بولين لوطنها ، فطلب منها المسئولين ضرورة العودة وعدم المخاطرة بالبقاء ولكنها قالت بشجاعة :" إذا كنتم تخافون عليّ من المرض أو الموت .. فمن أنا؟ إنني لا أرتقي إلى عطاء القادة أو إلى تضحيات أحد جنودنا على أرض القتال ..إنني أتعلم منهم كل يوم بل كل لحظة .. كيف تهون الدماء والأرواح في سبيل مجد الوطن ولا تنسوا يا سادة أنني شقيقة نابليون "
واستمرت بذلك الدور الوطني لتفاجأ عام 1802م بخبر وفاة زوجها بعد أن فتكت الحمى به فبكت عليه بحرقة وقصت شعرها الحريري الطويل ووضعته على جثمان زوجها " الجنرال لوكلير "

http://www.costumes.org/history/rege...1115fre-78.jpg




وكانت بولين وقتها في عمر الثانية والعشرين ، فاعتزلت العالم وبقيت مكتئبة حزينة ترتدي السواد في قصرها المطل على ميدان الكونكورد ، فأشفق عليها شقيقها نابليون فأراد أن يبعدها عن الحزن والعزلة فقرر تزويجها من نبيل إيطالي من أسرة بورجيزي يدعى كميل بورجيزي عرف بثقافته وباستقامته فتزوجها في 28 من شهر أغسطس عام 1803م فانتقل الزوجان بعدها لروما ، ونسيت بولين حياة الحداد لتفتح باب البذخ والسهرات وأغدق عليها زوجها كل ما تشتهيه لحبه الكبير لها ، ورغم أن زوجها حاول إسعادها بشتى الطرق ومع وجودها الدائم بين شعب كريم كشعب روما إلا أنها أحست بالغربة فأخذت تقرب إليها العديد من السفراء والقادة وأبرز شخصيات المجتمع فصبر زوجها رغم ذلك ، وفي صباح يوم جديد استيقظ الزوج ليجد زوجته بولين تعد الحقائب للعودة لباريس ، فلجأ بأدب لشقيقها نابليون ..
فأرسل لها بونابرت رسالة رقيقة كالنسيم يقول فيها :" قيل لي أنكِ تتناسين من وقت لآخر أنكِ شقيقتي التي أحبها وأحب فيكِ بصفة خاصة وفاءكِ وإخلاصكِ ..
كما تنسين أن لكِ زوجاً له عليكِ حقوق ، ويؤلمني أشد الألم أن ينال سمعتكِ أي سوء ... فالجمال زائل والشباب لا يدوم ... وبقدر ما نعطي بكل التجرد والحب والوفاء بقدر ما نكسب احترام الآخرين "

وبقيت بولين في مكانها بهدوء ، وبعد مرور 10 أشهر على زواجها عام 1804 م أصبح شقيقها بونابرت إمبراطور فرنسا فحملت لقب :" صاحبة السمو الإمبراطوري بولين بورجيزي"

http://www.istockphoto.com/file_thum...-bonaparte.jpg

[فتحولت بولين لامرأة يملؤها الغرور والثقة فأقامت بقصر بورجيزي حفلات ضخمة لا تنام ، واستمرت على ذلك تهدر مالها على تلك الحفلات الأسطورية ولكن بعد مرور شهرين عبس القدر بوجهها بوفاة ابنها "دراميد" ابن زوجها السابق وهو بعمر السابعة وعادت من جديد للعزلة والحزن وأصبحت زاهدة في متع الحياة ، فقلق عليها بونابرت من جديد فأرسل يطلب منها ومن زوجها القدوم لباريس للترفيه عن شقيقته الحزينة ، وفي باريس بالغ بونابرت في إقامة أروع الحفلات الارستقراطية للترفيه عن بولين ووجه العديد من الدعوات لها لحضور المعارض الفنية والحفلات الموسيقية والرحلات والندوات ، وظن الجميع بأن بولين لن تحتمل فاجعة موت ابنها لفترة طويلة ولكنها سرعان ما أغلقت الستار على أحزانها وعادت لحياة اللهو والترف وأقامت الحفلات في باريس واتخذت من قصرها مكاناً للجمال والتأنق يفد إليه فاتنات باريس وسيدات المشاهير ، فأصبحت بولين عرضة لكلام الحساد من قبل حسناوات باريس فأثيرت الشبهات حولها ، حتى زعم أنها تتخذ من حراسها ومساعديها عشاقاً لها ، فانتشرت الأخبار لتصم الآذان في قصر شقيقها نابليون فاستدعاها شقيقها ليستوضح منها الأمر ، فقالت له بثقة وبشجاعة مستخدمة لسانها الأشبه بالشهد:
" لقد وضعت ثقتك في، وأني جديرة بهذه الثقة ، ولكنك يا أعز الأحباب منغمس في مهامك الكبرى ، ولا يسعفك وقتك لدراسة ميول البشر من رجالات


القصر وذوي النفوذ التي أفرزتها .. قيادتك العبقرية ........وكان لزاماً عليّ أن أعمل على جمع الشمل بأن استميل أكبر عدد من هؤلاء ...........حتى لا تجابهك مشاعر التفرقة والتمرد ..... وحرى بي أن أحرص على استرضائهم جميعاً لكي نكسب ولائهم ......... وكما علمتني فكلما كانت الأشجار مثمرة ، ازداد عدد الذين يقذفونها بالحجارة ..........فانتشرت الهمزات واللمذات ............ أستطيع أن أؤكد لشقيقي وإمبراطوري الحبيب أن سلوكي شريف بمعنى الكلمة في وسائله و غاياته ..
أن أحداً من الرجال لم يحظ مني بأكثر من عبارات لطيفة وابتسامات ودودة أوزعها هنا وهناك ........ أنهم يتقولون بدافع الغيرة والأحقاد النسائية "
وبهذه الكلمات انفرج فم بونابرت بابتسامة رضا و تعاطف بونابرت معها وأشفق عليها ونظر إليها نظرة إعجاب وأربت على رأسها بعطف قائلاً لها عند وداعها :" هذه أنتِ يا بولين ، وثقتي فيك ليس لها حدود "
ويمر الزمن وتعصف الثورات بأمجاد فرنسا وبأوروبا وتستيقظ البراكين الثائرة ويسقط الأسد الشجاع ، فتنازل نابليون عن العرش 15 من شهر ابريل عام 1814م لإنقاذ بلاده من الفتن والثورات فتم نفيه لجزيرة "ألبا"
وابتعد الأحباب عنه وتركوه بمحنته وحيداً ، ولكن بولين لن تفارقه فلحقت به بالمنفى في ذلك المكان المتواضع النائي فقالت :
" أريد أن أبقى بجانبه حتى النهاية ، فما أحببته لأنه الإمبراطور صاحب النفوذ .. ولكني أحببته لأنه شقيقي الإنسان الحنون "
وفي أثناء عودته البلاد ألقت بين يديه جميع ممتلكاتها من مدخرات ومجوهرات ، ولكن الزهور لم تعبر دروب نابليون فتخلى عن العرش للمرة الثانية والأخيرة فنفاه الإنجليز لجزيرة " سانت هيلانة "
ومُنع من رؤية أهله وابنه ، فتخلى زوج بولين كميل بورجيزي عن بولين بعد سقوط الأسد شقيقها نابليون ومع عثراته المتلاحقة ، فرحلت بولين لإيطاليا مع أمها تندبان الحظ ويزداد الحنين لتلك الأمجاد الحالمة الزائلة ، ومع كثرة هموم بولين حاصرتها الأمراض وبقيت تنتظر موتها على أحر من الجمر ، وفي اللحظات الأخيرة من حياتها جلس الكاهن بجوارها يطلب منها التوبة والغفران على ما اقترفته يداها في حياتها ، فوجهت إليه نظرة فقدت بريقها أذبلتها المصائب فقالت له :"
لست في حاجة إلى التوبة .. فقد كنت أعرف تماماً كل ما أقدم عليه من قول وعمل ..
ولو عشت مرة أخرى لما فعلت غير ما فعلت ، ولما سلكت طريقاً غير الذي سلكته !"
ولفظت أنفاسها الأخيرة عام 1925م ...../]


صورة للفاتنة بولين

http://up.arab-x.com/uploads/images/...b3f73199f8.gif



أرب جمـال 26 - 10 - 2010 01:15 AM

كاترين الأولى




عندما يقلب التاريخ صفحاته ويقف أمام هذه الإمبراطورة يصيبه الدهشة فهي فتاة صعدت لأكبر إمبراطورية في ذلك الزمان بعد أن أوقعت الحاكم بشباك غرامها رغم أنها لم تكن بشيء من الجمال كما يؤكد معاصريها من رجال البلاط الروسي ، إنها كاترين الأولى

اسمها الحقيقي مارتا أما لقب كاترين الأولى فقد منحها إياه بطرس الأكبر،


احتار التاريخ في نسبها وجذورها الأصلية ، فلا يوجد ما يؤكد على تاريخ ميلادها أو مسقط رأسها ، ورغم ذلك ذكر بعض الباحثون أنها ولدت في قرية من قرى أسوج أو بولندا تقريباً 1685م من أبوين فقيرين ، لها أخوة وأخوات عرفوا بلقب سكوفرونسكي .

عندما بلغت سن السابعة عشرة عملت خادمة للقس كلوك راعي كنيسة مارنبرج تهتم بواجباتها كخادمة تجاه أسرته .

في تلك الفترة حاصرت الجيوش الروسية مدينة مارنبرج ، فخُيّر الأهالي بين الموت داخل المدينة أو الموت بين الأعداء فقرر القس وأسرته وخادمته "مارتا " (كاترين) الفرار ، فخرجوا من المدينة متوجهين لمعسكر الروس يطلبون الرحمة وهناك أعجب القائد (بمارتا) فاستبقاها عنده وأرسل القس وأسرته إلى موسكو ..

فاستطاعت "مارتا" (كاترين) كسب مودة الضباط ورجال الجيش وكانوا يتسابقون في الاستماع لحديثها الشائق، وكانت تحاول بألا تثير الغيرة بينهم بأن تراضيهم جميعاً ، فسرق قلبها أحدهم فهام بها عشقاً ولكنه بعد ذلك هجرها فكتمت أشجانها ولوعتها داخل قلبها .

انتقلت "مارتا بعد ذلك لخدمة "منشيكوف" صديق الإمبراطور المقرب منه باعتبارها وصيفة له ، فأحبها وصار يلازمها ولا يستغني عنها حتى أنه سافر مرة مضطراً مدينة " ويتسبك" لمهمة سياسية فشعر بالشوق إليها فأرسل إليها رسالة يستقدمها لجواره فلازمته حتى انتهاء مهمته .

وفي موسكو زاره الإمبراطور بطرس الأكبر فاندهش لحسن تنظيم وترتيب منزله فسأله عن سر ذلك ، فلم يتفوه الوزير بكلمة واكتفى بإزالة الستار وكانت مارتا ورائه وهي تنظف وتمسح الزجاج ، وهناك تعرّف الإمبراطور عليها ، وحار المؤرخين في ذلك لأنها لم تكن بشيء من الجمال، ولكنها بأخلاقها وبملامحها البسيطة كسبت حبه ، استطاع الإمبراطور بعدها أخذها من منزل الوزير معه إلى البلاط واظهر حبه لها وأغدق عليها الهدايا ، ويقال أنه في إحدى المرات جاء إليها بالكثير من الحلي والجواهر وكانت وقتها نائمة فلما استيقظت قالت له بلهجة عتاب :" وهل تحتاج أن ترشوني لتنال حبي يا مولاي "




فأعجبه كلامها وازدادت مكانتها في عينيه ، نالت مكانة رفيعة في البلاط نتيجة أخلاقها ووجها المشرق الصبوح ، وما يميزها أنها صريحة في القول والفعل لا تتصنع ذلك ، أحبها الجميع ولم يكن لها أعداء داخل أو خارج البلاط لحسن معشرها وخلقها ، حتى حسدتها على ذلك الأميرات والملكات رغم ملامحها البسيطة ، حتى أن صورها وضعت داخل قصور ملوك الروس على هيئات مختلفة .

ساهمت كثيراً في إبداء نصائح جوهرية ثمينة لبطرس الأكبر لإدارة المملكة .





وقد صرح بعض المؤرخين أن الإمبراطور بطرس الأكبر تزوجها سراً ودليل ذلك أنه في عام 1708م خرج الإمبراطور من موسكو لينضم إلى جيشه فكتب وصيته بخط يده قبل ذهابه تقول :" إذا شاء الله أن أموت قبل أن أعود إلى عاصمة مملكتي فإنني أوصي لكاترين وابنتها بثلاثة آلاف روبل " ومن هنا نستدل أن كاترين قد ولدت له أولاداً رغم أن زواجهما لم يكن رسمياً ، لذا قرر الإمبراطور بعد عودته لموسكو أن يتزوجها رسمياً وتم ذلك عام 1712م فشهد البلاط الروسي أفخم الحفلات .

أحب الجميع كاترين وتسرب ذلك الحب والاحترام والود لها إلى الجيش من صغار وكبار القواد فكانت ابتسامتها لا تفارقها وكانت تساند الجيش في ساحة المعركة بأن تمتطي جوادها صامدة مبتسمة أمام الجيش المقاتل والقنابل تتساقط أمامها والقتلى من جميع الجهات .

وبعد أن بلغت كاترين تلك المنزلة استقدمت أهلها الفقراء ( فقد كان أحد أخوتها فلاحاً وآخر اسكافياً وثالث منهم سائقاً والرابع خادماً فأغدق عليهم الإمبراطور الهدايا وخصص لهم مرتباً سنوياً يتقاضونه وأولادهم من بعدهم .

وقد شهد الجميع بأنها كانت متواضعة لم يكن الغرور من صفاتها ، فقد كانت دائماً تفخر بأنها كانت وصيفة عند الوزير تغسل ثيابه فيضحك الإمبراطور لكلامها الذي كانت تطلقه من القلب .

ومن شدة غرام الإمبراطور بكاترين كان يتبادل معها الرسائل الغرامية ويقال أنها لو جمعت ستضم مجلدات ضخمة فإذا ما فارقها أسبوع كان يراسلها يوماً بيوم ويخاطبها ب " حبيبتي " و" حبة فؤادي " و" ملاكي" ومن أروع الرسائل الغرامية التي كتبها لها وهو غائب عنها لمدة أسبوع :

" كيفما التفت حولي أرى العالم أشبه بفراغ عظيم لأنك لست بقربي ، وقد تملك مني الملل فكلما دخلت غرفة أجدها فارغة مقفرة فأشعر .... بدافع يدفعني إلى اللحاق بك أينما كنت وحيثما تقيمين ، ........ فلماذا أنتِ بعيدة عني يا كاترين وأنتِ تعلمين شدة ما أعانيه من لوعة الفراق ؟

وها هي ذي الحياة كلها ملل وسآمة بدونك أيتها الحبيبة "

ويجري الزمن بسرعة ليهدي كاترين أعظم هدية فقد حكم الإمبراطور بطرس على ولي عهده " الكسيس " بالموت لأسباب تتعلق بالسياسة وأعفي عنه بعد ذلك ولكن ولي العهد مات بالسجن مذبوحاً ، فاتخذ بطرس الأكبر خطوة جريئة بتعيين ابن كاترين الوارث للعرش ، وبقيت كاترين تنتظر بلهفة تتويجها كإمبراطورة وتم بالفعل ذلك في شهر مايو عام 1729م




ويؤكد التاريخ أن بطرس أمر بصنع تاج جديد لكاترين أنفق عليه مبلغ مليوناً ونصفاً من الروبلات ، بينما أنفق على ثوب تتويجها المصنوع بباريس أربعة آلاف روبل ، فأقيمت الحفلات الرائعة في موسكو وفي حفل تتويجها عندما تقدم بطرس بخطواته ليضع التاج على رأس كاترين سقطت أمام قدميه تبكي من شدة الفرح .




و تمضي السنون وتعصف بوجه كاترين حتى كادت تسقط مجدها للأسفل ، فقد كانت كاترين محاطة دائماً برجال البلاط الذين كانوا يتوددون إليها فعشقت أحدهم ويدعى " وليم مونس " أخ الآنسة مونس المقربة من الإمبراطور ، فساد خبر العشاق في البلاط وخشي الجميع من تسريب الخبر للإمبراطور ولكن الإمبراطور عرف بذلك بعد أن باغتهما ذات ليلة يسيران معاً في حديقة القصر تحت ضوء القمر وقد احتضن أحدهما الآخر .

وفي نفس الليلة أمر الإمبراطور بالقبض على مونس ، فجيء به للإمبراطور فاعترف بكل ما نسب إليه فأمر الإمبراطور بقتله ويقال أنه عندما قُتل كانت كاترين ترقص في إحدى حفلات البلاط على وقع الآلات الموسيقية وعلى ثغرها ابتسامة تخفي حزناً عميقاً .

وفي صباح يوم كئيب أخذها الإمبراطور في جولة معه ليريها جثة عشيقها التي تم تعليقها بأحد الميادين ،فحولت نظرها عن الجثة والتفتت للإمبراطور متكلفة الابتسامة ، ولم يهدأ بال بطرس بذلك فقرر الانتقام أكثر فأمر بوضع رأس القتيل عشيق كاترين بزجاجة مملوءة بالكحول على أن يتم وضعها بغرفة كاترين ، فتجاهلت كاترين كل ذلك فغضب بطرس لعدم مبالاتها فأمسك بوعاء ثمين في القصر وألقى به في الأرض فتحطم فقال بغضب :" هكذا سأحطم أعدائي "

أجابته برقة :" لقد حطمت وعاءاً ثميناً كان يزين هذا القصر فهل تظن أنك زدت بلاطك جمالاً"

وظل الإمبراطور غاضباً على كاترين فترة من الزمن حتى رق قلبه لها فتعاطف معها ، فعاد يغدق أمواله عليها إلى أن وافته المنية وهو ما يزال مخلصاً في حبه لها ، ولكن كاترين لم تحفظ الأمانة فأخذت تلهو بأموال القصر بإقامة الحفلات تاركة إدارة المملكة بين يدي منشيكوف إلى أن أدركتها المنية بعد أن حكمت المملكة بسنة وأربعة أشهر!!






أرب جمـال 26 - 10 - 2010 01:25 AM

الفاتنة (دي بومبادور)

ملكة فرنسا الغير متوجة !!

http://img77.imageshack.us/img77/609...ieswap2ex1.jpg


"الحياة معركة "
عبارة تفوهت بها امرأة ساعدها جمالها وذكاءها أن تخترق أبواب قصر فرساي ، وتأسر عقل وقلب الملك لويس الخامس عشر ، حكمت فرنسا باعتبارها العشيقة والملكة الغير متوجة!
ففي ذلك العصر كانت عشيقات الملك بمثابة ملكات غير متوجات!! .
كانت بالفعل حياتها معركة بين كر وفر ..
أعدتها والدتها منذ نعومة أظفارها لتصبح يوماً ما عشيقة للملك بعد نبوءة العرافة عن ابنتها الفاتنة ، فما سر تلك النبوءة التي أيقظت الأم لتلتفت إلى طفلتها الساحرة الجمال ؟


http://parisapartment.files.wordpres...11/2madame.jpg


ففي يوم تزهر فيها أزهار بيضاء في 29 ديسمبر 1721م فتحت زهرة بيضاء وردية الخدود عينيها ، ولونت لوحة الشمس الشقراء شعرها الذهبي ، كانت تلك الزهرة تدعى " أنطوانيت بواسون" أبصرت نور الدنيا فوجدت حولها أمها "مادلين ديلاموت "وعشيقها " تورنهيم " رجل من رجال المال في باريس بعد أن طوقت المصائب الزوج مسيوبراسون وأخذ بعيداً إلى المنفى ، فتخلصت الزوجة بذلك من تلك الحياة ، أغدق ذلك العشيق عليهما مظاهر الرفاهية والبذخ .
بدأت الأم ترقب تفتح جمال طفلتها أكثر ، فأرادت لأبنتها أن تدخل أرقى الطبقات غير الطبقات البرجوازية التي غزتها أمها بفضل عشيقها ، فرأى "مسيو تورنهيم " أن يرعى جمال أنطوانيت ، وكيف لا وهو الرجل الذي اعتاد على رنين الذهب الخالص والأحجار الكريمة بين يديه ، فادخلها تعليماً يليق بها ، فقد كان التعليم بذلك العصر حكراً على بعض الطبقات وبعيد المنال عن أبناء الطبقات الوسطى والدنيا ، ولكنه تعليم مختلف قليلاً حيث يؤهل أنطوانيت الصغيرة بأن تتسلح بشتى وسائل الإغراء ، وكان ذلك التعليم تقره التقاليد في ذلك العصر رغم أنه شاذ ومنافي للأخلاق .
ترعرعت أنطوانيت لتكون فاتنة تخطف عقول الرجال ، ازداد دلال عشيق أمها لها فكان يناديها" بالأميرة الصغيرة "، وبدأت أمها تملئ أذنها بالأحلام الكبيرة ، وتحاول بشتى الوسائل إظهار أنوثة وجمال ابنتها وذلك بأن تحزم خصرها الضئيل لتظهر نحوله وتصفف شعرها على شكل ضفائر لتظهر جمال شعرها الذهبي الكثيف .
وفي يوم ما جاءت عرافة إلى المنزل فرأت أنطوانيت تمرح وهي ترتدي ثوباً فضفاض الذيل من المخمل الأحمر ، نسج بأسلاك الذهب ، ويجمل هذا الثوب تسريحة شعرها التي صففت على هيئة تاج مجمل بالزهور .
نظرت العرافة إليها بعين ثاقبة فتنبأت لأنطوانيت وهي بعمر التاسعة بأنها ستصبح يوماً ما عشيقة الملك! .
ودعت أنطوانيت طفولتها البريئة ، تفتح جمالها مع الوقت ، فأحاط المعجبون من الشبان حول الفتاة أنطوانيت ، فكان عشاقها من الفتيان يسترضونها بالهدايا فتأخذها بغرور ، ولكنها كانت تنفر من اللعب عند الفتيات ، فعندما بلغت أنطوانيت سن العشرين تقدم رجل لخطبتها يمت بصلة لخليل أمها ويدعى :" المسيو "دتوال"
فوافقت الأم رغم أنه زواج لا يحقق طموح الأم لابنتها ، ولكنه زواج رفعها إلى الطبقة البرجوازية وفتحت لها أبواب صالونات باريس ، فعاشت أنطوانيت برفاهية رغم أنها رفاهية لا ترقى لحياة البذخ لدى الأمراء .
كانت فرنسا وقتها تحت حكم لويس الخامس عشر ، الذي حكم فرنسا وهو في الخامسة من عمره بعد أن خلا المكان من جده لويس الرابع عشر صاحب المقولة الشهيرة :" أنا الدولة والدولة أنا"وقد كان الوصي على الطفل الدوق أوليان ثم حوّل للدوق بوربون .
فجلس لويس الخامس عشر على كرسي العرش وهو في عمر الثالثة عشرة ولكن بتوجيه الوصي أي اسم لويس كحاكم فقط على الورق ، وعندما أكمل لويس سن الخامسة عشرة اختارت عشيقة الوصي " الدوق بوربون " المركيزة "دبري"للصبي لويس زوجة لا تتمتع بشخصية قوية كي لا تسلبها نفوذها ، اختارت له كزوجة " ماريا لرينسكا" ابنة ملك بولندا المطرود وبالتالي هذا الزواج سيرفع "ماريا " لأعلى منزلة وستكون وفية لهم ،


لوحة للملكة ماري ليزينسكا زوجة لويس الخامس عشر و ابنه دوفين لويس

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...zczynska05.jpg


لويس الخامس عشر لوحة للوي ميشيل فان لو

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...an_Loo_002.jpg


تم الزواج رغم أن الزوجة ماريا كانت أكبر سناً من لويس ، لم تكن قبيحة ولكنها كانت كثيرة الانطواء، بينما كان لويس فارغ العقل ، ترعرع على الفضائل لخوفه من عقاب جهنم كما أخبره معلمه و مرشده "الأسقف فليري" الذي أصبح بعد ذلك وزيره الأول ، ولكن أخلاق لويس ليس خوفاً من جهنم بل جبناً ، حتى في وفائه لزوجته التي أنجبت له ولدين وعددًا من البنات كان ضعفاً .
ابتعد القصر عن سياسة الإسراف والبذخ فتحول لسياسة التقشف فضاقت الحاشية بتلك السياسة التي فرضها "الكردينال فليري" ، وضاقوا أكثر لعدم وجود فضائح ليلية داخل القصر بسبب بُعد لويس عن تلك الملذات ، فقد اعتاد قصر فرساي على الفضائح والمؤامرات ولكن مع وجود تلك السياسة ووجود رجل غائر العزيمة مثل لويس فكانت الأوضاع هادئة ، فبدأت هنا عاصفة مستترة تظهر في القصر بعد أن حيكت مؤامرة دنيئة مصدرها " الدوق ريشيليو " لإخراج لويس من حياة التقشف المتدينة التي يعيشها ، فنجحت تلك المؤامرة فأفرط الملك لويس الشراب ، واعتاد الخروج للصيد ولكن ما زال الجبن يسيطر عليه فبعد أن يفيق يبكي منتحباً على نفسه ، ثم أعدت له المصيدة الأخيرة لإبعاده من تلك الحياة المتواضعة بعد أن أمر أحدهم خادم من خدم القصر بأن يلقي بين ذراعي لويس فتاة جميلة تدعى :" مدام " مايلي "فوقع لويس في الفخ .
وبدأ لويس يركض وراء نزواته فهو ما يزال شاب في الخامسة والعشرين وزوجته تكبره ، فكان بحاجة إلى من يبدد سأمه وتثاؤبه الذي اعتاد عليه يومياً من الضجر ، فأصبحت " مدام مايلي" العشيقة الرسمية للملك فمنحها الملك لويس لقب " دوقة شاتورو " .
كانت "مدام مايلي" تخشى أن يختار لويس امرأة أخرى تكون عشيقته ويزول نفوذها ولاسيما أن لويس بدأ يعدو وراء نزواته وغرامياته .
فأرسلت لاستدعاء أختها الثانية التي كانت نزيلة بإحدى الأديرة ، فقدمتها للملك على أن تكون عشيقته حتى لا يختار الملك امرأة غريبة وتسلبها كل شيء ، فعشق الملك الأخت ولكنها وفت لأختها مدام مايلي بحيث لم تقم على طردها من القصر ، بل عاشت كلتاهما عشيقتان للملك ، فلما أحست أختها بعوارض الحمل قرر لويس تزويجها زواجاً صورياً من "المركيز فانتميل " أحد أحفاد كبير أساقفة باريس .
في هذه الأثناء كانت الضرائب تقيد الشعب الفقير بينما الملك وحاشيته غارقين في البذخ والإسراف ، وبدأ لويس يقع في وحل الرذيلة بعد أن قام بصيد عشيقاته من طبقة الشعب ، فثار النبلاء مدافعين بذلك عن طبقتهم .
وحتى تبعد " الدوقة شاتورو " الملك لويس عن الملل أمرته بالذهاب مع الجيوش المحاربة في "الفلاندرز "
فلحقت به الدوقة كأنها ملكة متوجة، وسرعان ما هُزم الملك وجيشه فاحتمى في مدينة " متز " ،
فأصيب بالحمى ، فقرر التوبة بعد أن أسقط جام غضبه على عشيقته وأمر بأبعادها عن القصر ، ولكنه شفي وعاد باريس فأصدر أمر إرجاع الدوقة " شاتورو" للقصر ونفي كل من أظهر العداء لها ، ولكنها لم تستطع الصمود طويلاً فقد ماتت الدوقة " شاتورو" وهي في عمر العشرين! .
بعد وفاة الدوقة خلا الجو لفاتنتنا في نصب شباكها حول الملك لويس رغم أنها تمتلك زوجاً محباً لها ( المسيو دتوال) رغم أنه كان يفتقر إلى اللباقة والوسامة، وقد أتاح قرب صالونات قصر زوجها من "غابات سينار" التي يتردد إليها الملك للصيد فرصة لتنقض أنطوانيت على الملك بأنياب فتنتها الطاغية، فقد باءت محاولتها سابقاً بالفشل عندما كانت عشيقته الدوقة " شاتورو" على قيد الحياة ، فقد استغلت ذات مرة مرور الملك أمام عتبة بابها فارتدت ثوباً وردياً متزينة بطريقة جذابة محاولة اعتراض الملك حتى تقع عينيه على فتنتها، ولكن الدوقة تنبهت لذلك فغيرت طريق الملك .
والآن بعد وفاة الدوقة خلا الجو لها فاستطاعت أن تجعل الملك يعترف بوجودها ، وحاول لويس التقرب إليها بإعطائها الصيد الملكي الذي كان يوزعه على المقربين منه كما جرت التقاليد في ذلك .
وفي ليلة راقصة من ليالي فبراير 1745م أقامت بلدية باريس حفلة راقصة احتفالاً بزواج ولي العهد بأميرة أسبانية ، دخلت أنطوانيت بوابة القصر كسندريلا وبدأت تتقرب من الملك بنظراتها ، ورأت تتبع الملك لها فألقت قاصدة منديلها قرب قدميه، فانحنى يلتقط المنديل فقدمه لها ، فتناقلت الهمسات بأن هناك عشيقة جديدة قادمة لقصر فرساي .
وبعدها استمرت زيارة أنطوانيت لقصر فرساي تترد على الملك ، واعتاد الجميع رؤية عربتها قرب القصر فتناقلت صالونات باريس تلك الفضيحة ، ولم يقف الأمر عند ذلك بل أوقعته هي وأمها في وحل الخطيئة على المكشوف في أجرئ عملية في الغرام .


وفي ذات مساء اتجه الملك ومعه " بينيه " مساعده في هذه المهمة الدنيئة بعربته إلى منزل أنطوانيت ، طرق " بينيه " الباب فلحق به الملك فخرجت أمها مقبلة يدي الملك ، فاتجه الملك إلى عشيقته أنطوانيت و في غفلة من زوجها ، فقد كان همه إشباع غرائزه ونزواته ، ولكن مع مرور الأيام دخلت الكرامة قلب لويس فرفض الذهاب إلى منزل الدعارة الخاص بأنطوانيت ، ولكن أنطوانيت رفضت الاستسلام ، فذهبت بعربتها لقصر فرساي فألقت نفسها على الأرض تبكي وتنتحب أمام قدميه مًدعية أن زوجها علم بعلاقتهما الآثمة وأنه هدد بقتلها ، لذا لابد من الملك أن يحميها ، فوقع الملك في شباكها فأمر بتخصيص مكاناً لها بالقصر فتم إعطائها مكان العشيقة المتوفاة "الدوقة شاتورو "
كان لويس يستعد للسفر مع جيوشه المحاربة على حدود فرنسا الشرقية ، فصحب الملك معه ولي العهد ، فحققت الجيوش الفرنسية انتصاراً عند " فونتنوي " رغم خسارة فرنسا لآلاف الأرواح ، عاد لويس إلى باريس تستقبله الحفلات الكبرى ، فمنح أنطوانيت لقب " مركيزة بومبادرو " ، وبالتالي مُحيت من كتب التاريخ والأدب اسم " مدام دتوال " فحل محله لقب " المركيزة دي بومبادور " أو مدام لامركيز"
ورغم أن مدام لامركيز أحيطت بالخدم كملكة إلا أنها كما قالت عنها خادمتها في مذكراتها الخاصة التي كانت تكتبها عن أنطوانيت :" أن "مدام بومبادور " مع صلابة إرادتها سيدة شديدة القلق تفزع من كل ريح تهب، وتتصور الدسائس تحاك لها في الظلام ، كان لابد لها أن تكون مفتوحة العينين ، لهذا كان الرجل الثاني الذي يجب أن تشتري صداقته " قومسير البوليس " الذي بث عيونه ......... في كل مكان .......بل لم تكن فضيحة غرامية ......... إلا وتصل أخبارها إلى " مدام بومبادور " بل أن عيونها وجواسيسها كانت تترصد سفراء الدولة الرسميين في خارج فرنسا "

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...oucher_019.jpg

ابتكرت أنطوانيت وسائل مبتكرة لطرد الملل عن الملك لويس فكانت تصفف شعرها كل يوم تسريحة مغايرة وتضع عليها العطور النفاذة ، وأمرت الأدباء بتأليف مسرحيات لطرد الملل عن لويس فتطلب من الممثلين تأدية الأدوار على مسرح لويس فكانت تؤدي هي دور البطلة فتارة تكون فينوس آلهة الحب وتارة في دور آخر فيسعد الملك عندما تبرع في التمثيل ، ورفض لويس من حضور أحد لمشاهدة المسرحيات المعروضة على خشبته التي تؤديها عشيقته ، ولكنه سمح لبعض المقربين منه بالمشاهدة ، ولم تكتفي بذلك فكانت دائماً تهدي الملك الابتكارات لمنع حرب الملل أن تأتي لطريق لويس ، فأغدقت آلاف الجنيهات على المهندسين والفنانين والمزخرفين وصانعوا الأثاث في بناء وتجميل قصر التريانون ، وقصر شواذي ، وكريسي ، ومنترو ، ولاسل ، وأولني ، وفونتميلية ، وسان ريمي ، وبلفيه .
وفي عام 1750م افتتح قصر بلفيه ، فأعطت أنطوانيت لكل ضيف حضر من ضيوف الملك ثوب من قماش نادر ، قرمزي اللون مزين بأسلاك الذهب تكلفة الثوب الواحد 100.000 من الجنيهات الفرنسية ، وبدأت المركيزة تنفق المال لأنصارها وأتباعها بإسراف، ويقال أنها كانت تلقي بالمال من نافذة القصر دون أن تعده ، في حين أن الزوجة الملكة عاشت منطوية عن نفسها ولكن المركيزة كانت تظهر الاحترام لزوجته .

ومع إسرافها المتواصل وعيش الشعب تحت خط الفقر بسبب الضرائب وبذخ المركيزة، احتقرها الشعب وانتشرت الأغاني الساخرة منها ومن الملك فأقيمت حملة اعتقال لجميع من حامت حولهم الشبهات في تأليف هذه الأغاني ، فامتلأت السجون وامتدت ذراع الاتهام للكاتب " مارمونتل" الذي اتهم بنظم أبيات تعرض فيها للدوق " أومام" ولاسيما أن الحاشية كانت تعيش غرامياتها المفضوحة ، وتم طرد الكونت " مورباس" وزير البحرية لاتهامه بنظم أبيات دسها تحت طبق المركيزة على مائدتها .
وبدأ الشعب يطلق الشائعات الكاذبة الغير معقولة عن المركيزة نتيجة حقدهم عليها بعد أن أمرت الشرطة عام 1750م بجمع أطفال الشوارع المشردين لإرسالهم للمستعمرات الفرنسية الجديدة بأمريكا الشمالية ولكن الشرطة استغلوا الأوامر بجمع جميع الأطفال بدون تمييز ومطالبة الأثرياء آباء الأطفال بدفع دية لإخراجهم لتعود الأموال للشرطة دون علم المركيزة فانطلقت شائعات تقول بأن الأطفال يُجمعون ثم يذبحون على أن يتم إعداد حمام من دمائهم للملك ليستعيد شبابه!
وعاودت العواصف تعصف أمام المركيزة والملك من جديد عندما حاول أحدهم الاعتداء على حياة الملك في يناير 1757م فشيع بأن خنجر المعتدي مسموم ، فظهرت مؤامرة لإقصاء المركيزة من القصر كما حدث سابقاً مع "الدوقة شاتورو " ، وكان الوزير ماشو من المتآمرين الذي رفعته المركيزة لهذا المنصب ، ولكن المركيزة رفضت الانسحاب بسهولة ففضلت أن تبقى وصيفة للملكة على ألا تخرج من القصر ، ولكن بعد شفاء لويس أعاد المركيزة لمكانتها السابقة مع نفي جميع المتآمرين عليها ومنهم " الوزير ماشو "
وعلى المسرح السياسي وجهت المركيزة سياسة فرنسا الخارجية وقربت لها سفراء الدول.
وكانت هناك معركة كبرى بين النمسا التي كانت تحت حكم ماريا تريزا وبروسيا التي يحكمها فردريك الأكبر، وكان فردريك فيلسوفاً ساخراً يسخر من سياسة المركيزة وكان يسميها "بالفستان رقم واحد " فقررت المركيزة الانتقام منه بإرسال وزيرها الكونت كادنتز الشاب الوسيم ، المعسول اللسان لماريا تريزا لعقد تحالف بين فرنسا والنمسا ، فأرسلت إليها ماريا تريزا رسالة ود بدأتها بعبارة " أختي العزيزة "

ماريا تريزا من النمسا

http://www.marefa.org/images/3/3e/Ka..._%28HRR%29.jpg

فسُرت المركيزة لذلك وطلبت من الملك لويس أن يحالف الملكة الكاثوليكية التي كما قالت له ستمنحه الغفران من ذنوبه !

حدائق قصر فرساي http://www.galano.net/album-foto-imm..._fontana_1.jpg


قصر فرساي كما رسمه أحد الرسامين بذلك العصر
http://www.amedias.ch/blog/thailand_...illes_thai.jpg


http://www.galano.net/album-foto-imm...versailles.jpg

http://www.asinine.org/albums/Paris/...lles.sized.jpg

http://www.asinine.org/albums/Paris/...lles.sized.jpg

http://www.asinine.org/albums/Paris/...lles.sized.jpg

http://www.lindsayfincher.com/galler...sailles_12.jpg

http://www.asinine.org/albums/Paris/...rors.sized.jpg

http://www.asinine.org/albums/Paris/...lles.sized.jpg

http://www.swalif.com/forum/attachme...tid=8671&stc=1

http://www.swalif.com/forum/attachme...tid=8672&stc=1
http://www.swalif.com/forum/attachme...tid=8673&stc=1

http://www.swalif.com/forum/attachme...tid=8674&stc=1


http://www.petrophoto.net/photos/con...ersailles4.jpg


http://www.kipar.org/period-gallerie...60/vers_68.jpg


أدركت مدام بومبادور أنها مع الأيام قد يسأم الملك منها ، فأنشأت بأموال لويس قصراً على أطراف حدائق قصر فرساي عرف ب" الارمتاج" أو الصومعة ولكنه لم يكن مكاناً للعبادة بل كان مكاناً خصصته المركيزة للملك لتحضر له الفتيات الجميلات بمساعدة قريبها "المركيز ليجاك " وقيل أن أكثر الفتيات المجلوبات يجهلن حقيقة تلك التجارة الآثمة ، حتى سمي القصر بعدها باسم " رياض الوعل"
ومر الزمن وبدأ وجه مدام بومبادرو بالذبول لكثرة تلك الذنوب ، فقد عاشت سنواتها حرباً في سبيل الحفاظ على مكانتها بالقصر باستخدام جسدها،

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...Pompadour6.jpg

http://i22.tinypic.com/e9ev6e.jpg


ولكن تلك الحروب امتصت نضارة وجهها ، فقد كانت الدوقة شديدة البياض تعاني حساسية شديدة فكانت تظهر أحياناً شاحبة فتخفي آثار ذلك بالمساحيق ، لذا قال عنها الوزير الشاعر مورباس :
" إن المركيزة ذات جاذبية وإغراء "
"إن ملامحها رقيقة وتقاطيعها رقيقة"
"وأن الأزهار تتفتح بين ذراعها "
"ولكنها ويا للأسف زهور بيضاء "
ظلت المركيزة محافظة على جاذبيتها رغم مرضها ، فمرت عشرين عاماً تحكم فرنسا عشيقة للملك بدون تتويج ، ولكنها لم تستطع أن تخفي نحولها وشحوبها المستمر بسبب مرضها "بمرض الصدر" ، فأصبح لويس يصفها بالبرود بل أنه شبهها بتمثال الثلج البديع !

http://upload.wikimedia.org/wikipedi..._Pompadour.jpg


فحاولت المركيزة أن تقهر المرض بتناولها العديد من العقاقير والكرفس والشيكولاته المعطرة بالعنبر ، وكانت تسليه من وقت لآخر بقراءة الكتب ، ولكنه سرعان ما تسرب الضجر إليه ، فعاد الطفل الكبير يتثاءب .

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...ourDrouais.jpg

وفي 15 ابريل سنة 1764م أحست المركيزة باقتراب أجلها فارتدت أفخر الثياب الملكية ، وتجملت بأبهى زينة ، فماتت على هذه الهيئة ، فحمل جثمانها على عربة ، فوقف الملك لتشييعها وهو يلقي نظرة أخيرة عليها ، فانهمرت أمطار شديدة وتغيرت الأجواء للأسوأ ، فقال لويس الخامس عشر كلماته الأخيرة لها :" لقد اختارت المركيزة لرحلتها الأخيرة أسوأ جو!! "


أرب جمـال 26 - 10 - 2010 01:31 AM

كاترين الثانية ( الكبرى ) الجمال الذي حكم روسيا


http://germanhistorydocs.ghi-dc.org/...894%20copy.jpg

صحت البراكين الثائرة من فوهتها في روسيا ، عندما اعتلت على العرش الروسي حسناء زهاء أربعين عاماً، كانت فترات حكمها أصخب فترات مر بها تاريخ روسيا ، فبعد رحيل بطرس الأكبر البطل الملقب ببطل الشمال " 1725م " صعد على العرش من بعده أمراء وأميرات ألبسوا أنفسهم ثوب الانحطاط والاستهتار .


صورة الإمبراطور بطرس الأكبر

http://www.rtarabic.com/images/photo/orig/d21/441.jpg



فقد كان بطل الشمال يسعى لأن ترتقي روسيا بشتى الوسائل ، فاتخذ عدة خطوات سياسية وتبقى خطوة انتزاع روسيا من آسيا لإبعادها عن الحضارة البدائية وإدخالها في لب أوروبا خطوة غيرت قلب أوروبا في الفترة الراهنة ، فاتصل بملوكها وتتلمذ في مصانعها باعتباره تلميذ بسيط ، وحتى يفتح مفتاح حلمه أنشأ مدينة (بطرسبرج ) لكي تكون نافذة تتواصل بها روسيا مع أوروبا ، وذبح ابنه المسكين ( ألكسس ) لخشيته أن يعمل ابنه على إعادة روسيا لآسيويتها ، وزوج بناته الأميرات وبنات أخوته لملوك أوروبا ليوطد العلاقات بين بلدهم والدول الأخرى ، ولكن لم يكن بطرس الأكبر على دراية بأن ما بناه سيهدم بسبب أشراف الروس المعتنقين لمبادئ وتقاليد أوروبا ومتحدثين بلغتها فقطعوا حبل الصلة الوثيقة بينهم وبين رعيتهم .
رحل بطرس الأكبر مخلفاً بعده للعرش زوجته كاترين الأولى تلك الخادمة المتواضعة ، وبعدها آل العرش لأبنها بطرس الثاني ، إلا أنه قضى نحبه بسرعة وهو في عمر الخامسة عشرة ، ثم انتقل العرش للأميرة " آن " بنت أخي بطرس الأكبر وسرعان ما فاضت روحها للسماء لينتقل تاج روسيا لأبن أخيها جون السادس وكان عمره سنة واحدة ! ثم خلع الملك عنه بعد عام فقط ، فوضع التاج على رأس " أليسا بات " الابنة الصغرى لبطرس الأكبر ، ثم انتقل العرش لبطرس الثالث ابن أميرة "هولشتاين " الأميرة المطالبة بعرش السويد وبجواره زوجة حسناء صغيرة تدعى "صوفيا فون انهالت "، لكنها تبدو أكثر نضجاً ودهاءً وفطنة من ذلك فمن هي تلك الفتاة يا ترى المجاورة لبطرس الثالث التي ستغير العرش الروسي بالحيلة وبالمؤامرات وبسياسة الحب .

بدأت قصة كاترين الثانية وهي في عمر الرابعة عشرة ، فتاة حلوة التقاسيم ، رقيقة الملامح ، ليست من أصول روسية ، فقد كان والدها " مارشالا " في جيش بروسيا، دخلت أمها روسيا مع ابنتها صوفيا ومعهما ثلاثة فساتين فقط ، فسرعان ما أبعدت الحكومة الأم لسوء سمعتها وأخلاقها .
تفجرت أنوثة صوفيا المبكرة ، وظهر جمالها وضوح الشمس .

صورة تمثل زواج بطرس الثالث من الأميرة صوفيا
http://wpcontent.answers.com/wikiped...px-CathyII.jpg


وفي 21 أغسطس 1744م غردت العصافير في روسيا ، وقرعت أجراس كنيسة العذراء في " قازان " لتعلن خبراً تاريخياً سعيد " نبأ زواج الأمير الأحمق بطرس الثالث "الأمير الذي لم يكن وسيماً ، ذو العينين الصغيرتان اللتان لا تنبعث من خلالهما أي بريق ذكاء بالأميرة الألمانية "صوفيا فون انهالت" القطعة الفنية الجميلة واستبدلت مذهبها البروتستانتي لمذهب زوجها الأرثوذكسي وغيرت القيصرة اليزابيث " ابنة الراحل بطرس الأكبر " اسم صوفيا إلى كاترين وأشرفت على سير الزفاف متمنية السعادة أن تضم قلبيهما وأن ينجبا وريثاً لعرش روسيا ويرقى بها للشهرة والآفاق ..
تنفست "كاترين الثانية " الصعداء فقد تحققت أحلامها فأصبح الشعب الروسي يطيعها طاعة عمياء ، ولكنها لم تستطع أن تروض زوجها الذي لم يُسمعها يوماً كلمات الحب والحنان ، وعندما كانت القيصرة تحيطها بالحب ، يضحك بسخرية واستهزاء من هذا الموقف .

http://www.pc4up.com/2009/3-2009/uDZ94114.gif


كتمت كاترين آلامها بسبب الزوج داخل مفكراتها فباحت لها بأسرار خفية تقول فيها :" إن قلبي ينبئني بأنني لن أجد السعادة في الزواج ، ولكن ما أطمع فيه من مجد وعز وسلطان يجعلني احتفظ بالأمل والثقة ، فلابد أن أصبح سيدة روسيا المطاعة ، والقيصرة التي يخضع لها الجميع "
انقضت سبع سنوات على زواجهما ولم يجتمع قلبيهما ، فقد كان الزوج يعود ليلاً سكيراً تنبعث من فمه رائحة الخمر النتنة ، فيلقي بجسده على فراشه ، بكت كاترين كثيراً ، فاتهمتها القيصرة اليزابيث بأنها مقصرة تجاه زوجها ، لكن كاترين دافعت عن نفسها قائلة بأن زوجها لا يريد أن يكون زوجاً صالحاً .
أحست الحاشية بوجود العلاقة الفاترة بين الزوجين ، فاستغل هذا الموقف رجلين من رجال الحاشية ممن يعنيهم أمر الأميرة وهما " نارشكين وسرج سوليتكوف .
ويعتبر سرج من أجمل شبان روسيا ومبتعد عن النساء ، له مكانة خاصة في القصر باعتباره عضو من أعضاء الأسرة المالكة ، فاستغل خروج الزوج الأمير للصيد ، فأخذ يتحدث مع الأميرة بلباقة بحديث طويل .
وفي هذه الليلة أخذت كاترين تفكر بأن زوجها بطرس لم يمنحها يوماً الحب والحنان فلا بأس من البحث عنهما عند سواه .

http://www.mainlesson.com/books/berg...a/zpage185.gif
أوصت القيصرة السيدة تشوجوكوف على أن تسهر على راحة كاترين وتحيطها بالرعاية ، فقامت بمهمتها على أكمل وجه وذات مرة همست السيدة تشوجوكوف بأذن كاترين بكلمات خطيرة قائلة لها :" إن الشعب ينتظر منها أن تمنحه ولي العهد المنتظر ، وأن هذا الشعب في دهشة و... وألم لأن ولي العهد المنتظر لم تشرق طلعته ، رغم مضي سبع سنين "
قالت كاترين بألم وحزن :" بطرس هو السبب "
نظرت إلى عينيها قائلة :" إذا كان هو لا يريد فلماذا لا تريدين أنتِ ما يريده الشعب وتريده القيصرة ؟
إن هذا لا يكلفكِ إلا أن تختاري من رجال الحاشية الكثيرين من تشائين !"
تعجبت كاترين من هذا التصريح الجريء ، ثم قالت السيدة الصريحة لها :" أن للضرورة أحكاماً لابد من الخضوع لها "
بقيت كاترين صامته فعادت السيدة تسألها :" أيعجبكِ ليون ؟
فسكتت كاترين ، فقالت السيدة :" إذن يمكنكِ اختيار سرج"
جاء بعدها رئيس التشريفات يتحدث مع كاترين بشأن ولي العهد ، عرض عليها بأمر من القيصرة اليزابيث أن تتخذ سرج عشيقاً لها لتنجب ولي العهد لأنها تخشى أن تموت ولا تجد ابناً لها يرثها بعد موتها .

http://www.pc4up.com/2009/3-2009/SCM94114.gif




نفذت كاترين أوامر القيصرة فألقت قلبها وذراعها لرجل آخر وسيم هو "سرج سوليتكوف "
لكن الزوج الذي أهمل كاترين تلك السنوات استفاق فبدأ يغار ويعامل كاترين بقسوة فتدخلت اليزابيث لتهدئة الأوضاع .
مرت عشرة أشهر فوضعت كاترين طفلها الأول الذي أطلقت عليه اسم " بولس بتروفتش " أي بولس بن بطرس
وبعد مرور أربعين يوماً على ولادة الطفل رأته أمه كاترين للمرة الأولى ، فبدأت تحدق في وجه طفلها فهل هو يشبه قيصر أم يشبه العشيق الوسيم سرج ، كلا إنه بالفعل يشبه سرج فهو ثمرة الغرام المحرم .
انطلقت الحفلات في روسيا وقرعت أجراس الكنائس فرحة بولادة طفل سيضمن وراثة العرش إلى حقبتين ، فكافأت القيصرة اليزابيث ( كاترين ) بولادتها الوريث بإعطائها 100.000 روبل ، وأقصت سرج عن القصر بعد نجاح مهمته الخبيثة و تم تعيينه سفيراً عند ملك السويد ، فرحل بدون أن يودع الحبيبة .
لكن "كاترين" ذات الثلاثة والعشرين عاماً أحبت "سرج" لحد الجنون ، لكن اليزابيث قطعت حبل الحب .
أقامت القيصرة اليزابيث حفلة تنكرية لرجال ونساء الحاشية واشترطت عليهم أن يتنكر الرجال بزي نساء ويتنكر النساء بزي رجال ، انزعج الجميع لذلك ولكن رضخوا للأمر .
كانت هذه الحفلات الراقصة المقامة في القصر وسيلة وفرصة لاقتطاب السياسيون إليها لتحقيق الأهداف السياسية لصالح بلدهم ، ففي هذه الحفلة التنكرية حضر السير شارلس هانبري الإنجليزي والسيدة ليا دي بومون الفرنسية ، فالسير شارلس كان يحاصر القيصرة لعقد تحالف مع بلاده ضد فرنسا بينما السيدة ليا دي بومون ترغب بعقد تحالف مع فرنسا ضد الإنجليز ، لكن السيدة ليا دي بومون كسبت حب القيصرة أولاً ، فعينتها قارئة بالقصر ولكن اتضح فيما بعد أن تلك السيدة لم تكن امرأة بل رجل يدعى " شفالية ديون " كان يتجول بأوروبا متنكراً بزي امرأة لصالح بلده فرنسا .
عرفت كاترين بأن سرج قادم لرؤية أهله فظنت أنه قادم للحفلة التنكرية ، فبدأت تقلب بصرها بين أركان القصر لكنها لم تعثر عليه .
فأخبروها جواسيسها بأن سرج نسيها بعد أن عشق غيرها من النساء ، فقررت كاترين البحث عن رجل آخر مسجلة ألمها في مفكرتها تقول :" إن عزة نفسي تجعلني لا أطيق في أنني سأكون تعيسة يوماً من الأيام ، فإذا شعر الإنسان بدنو التعاسة منه عليه أن يترفع عنها ويرفع فوقها ، وليعمل بحيث لا تظل سعادته رهناً للحوادث "
بدأت كاترين رحلة البحث عن عشيق جديد ولاسيما أنها ضاقت بحياتها بعد أن حرمتها القيصرة من المال فكانت تبذر المال بينما ابنة أختها كاترين بلا مال .
استغل السير وليامز سفير بريطانيا معاناة الأميرة كاترين والضائقة المالية التي تمر بها ففتح لها خزانته لتغترف منها ما شاءت ، فجاءت فرصته حتى توقع محالفة بين روسيا وانجلترا ومحاولاً استغلال ضعفها حتى تتخذه عشيقاً ليصعد للمجد والشهرة ولكنها لم تسمح أن يتجاوز حدوده معها ، فعرض عليها بأن تختار عشيقاً آخر يدعى " الكونت ستانسلاس بويناتوفكسي " البولوني الشريف وهو كما قيل أجمل شبان عصره ، يقيم في بلاط القيصرة و يحبه الجميع .
وضع السفير الانجليزي خطة لإلقاء الشباك على كاترين فاتفق مع ليون ناريشكين : وأخته " آنا " على خطة لتلتقي بها كاترين بالكونت .
وفي ليلة ماكرة هادئة دعا ليون (كاترين) إلى سهرة تقيمها أخته كما قال ، وما أن دخلت الأميرة حتى رأت الكونت وجهاً لوجه فعرفت أنها حيلة ، فقضت كاترين ساعات من اللهو والغرام مع بويناتوفكسي .
عادت كاترين القصر في وقت متأخر فرآها زوجها وهي تصعد السلالم المؤدية لغرفتها فقال لها بصوت مرتفع عنيف :
-ــ من أين أنتِ قادمة يا سيدتي ؟

-ــ كنت أبحث عنك يا سيدي كما يقضي عليّ الواجب !

اقترب الأمير شاهراً سيفه بوجهها فصرخت بوجهه :

-ــ مبارزة ،إذن أنا في حاجة مثلك إلى سيف "

فتراجع وقال بعبارة أقرب للهذيان :" سوف انتقم "

وعادت كاترين تقابل عشيقها بويناتوفكسي في موعد غرامي آخر أمام باب القصر بعد أن تنكرت هي بزي خادم من خدم القصر ، فجاء الحبيب في عربة يجرها حصان ، فاتجهت بهما إلى الغابة ولكن في الطريق هاج الحصان وانقلبت المركبة ليسقط الحبيبان في الوحل ، استيقظ بويناتوفكسي من الصدمة بينما بقيت كاترين في حالة إغماء ، فأخذها بين ذراعبه إلى دار القنصل البريطاني ليخرج من ورطته ، فاستقبلهما القنصل بحفاوة .

http://thepeerage.com/101941_001.jpg

فوضعت كاترين بهذه السنة طفلة جديدة لها وهنا صرح بطرس الثالث بعبارة أثارت حولها الشبهات :" لست أدري من أين تأتي زوجتي بأطفالها !"
توثقت العلاقة بين بويناتوفكسي ووليامز وبين كاترين وبستوجيف كبير الأمناء ، فخططوا على أن يتم التخلص من زوجها ليذهب العرش لكاترين ، لكن كانت هناك عقبة في طريقهم وهي وجود عشيق القيصرة اليزابيث " شوفالوف " نائب كبير الأمناء وأعلاهم سلطة الذي دفع اليزابيث أن تتخذ سياسة لتقرب روسيا من فرنسا في العلاقات بعد أن جعلها تعلن الحرب على فردريك ملك بروسيا ، فزحف الجيش الروسي لبرلين بقيادة المارشال ابراكسين .
فوقع هنا ظرف جعل اليزابيث تطلب من وليامز مغادرة بطرسبرج فهدمت أمنيات السفير والأصدقاء .
أحرزت روسيا انتصارات بقيادة مارشال ضد فردريك فأقيمت الزينة في العاصمة الروسية ولكن سرعان ما انقلبت الموازين فتحولت من نصر إلى هزيمة ، ففر براكسين خائفاً من الجيوش البروسية القوية .
في هذه الأثناء التي اشتعلت فيها الحرب دعا بطرس الثالث زوجته كاترين وعشيقته اليزابيث فورنستوف وعشيق زوجته بويناتوفكسي حتى يرغم الأخير بالإفصاح عن قصة عشقه مع كاترين ، ولكن بدل أن يعاقب بطرس زوجته على الخيانة ، قال لعشيقها ببرود بأنه على علم بعلاقته مع كاترين ولكنهما حالياً تشابها في الظروف ، فهو له عشيقة وهي لها عشيق أي خذي عشيقكِ وسآخذ عشيقتي .
هذه هي الأخلاق المنحطة السائدة بين أمراء القرن الثامن عشر .
في ظل تلك المؤامرات عزلت القيصرة " بستوجيف " من منصبه ذلك الصديق المتآمر مع كاترين وأصدقائها ضد القيصرة ، فخافت كاترين أن ترى القيصرة الوثائق التي تثبت تآمرهم ضد القيصرة فظلت كاترين تخابر بستوجيف وهو في سجنه بواسطة بويناتوفكسي فأكد لهما بأنه أحرق الوثائق التي تدينهم جميعاً ولكن القيصرة عرفت بالمؤامرة فأرسلت العاشق بويناتوفكسي إلى السويد دون أن يودع حبيبته كاترين ، فبقيت كاترين وحيدة في بطرسبرج ليس لديها سوى بعض الأصدقاء الجواسيس الذين أخبروها في إحدى الأيام بأن القيصرة تفكر بأمر إرسالها للمنفى .
فلجأت كاترين للحيلة مدعية أنها مريضة وطلبت مجيء الكاهن لغرفتها ، فجعلته وسيطاً بينها وبين القيصرة اليزابيث ، فدعتها اليزابيث لغرفتها وجاء معها زوجها بطرس وهو على أمل بأن تموت زوجته .
استمر الحديث الطويل بين المرأتين واستطاعت كاترين بلسانها أن تزيل مخاوف القيصرة وعادت صداقتهما السابقة ، فحقد الزوج على زوجته ، ولم يتم إرسالها للمنفى بل أن القيصرة أرسلت عشيقها رسولاً لكاترين يخبرها هذه العبارات :" إن مولاتي علمت أنكِ تفكرين في الابتعاد عن بطرسبرج وهي ترجو أن تبقي هنا "
فبالحيلة قلبت كاترين أمر النفي لتجعله لصالحها ، فبدل نفيها جاءها رجاء القيصرة بألا تنفي نفسها.
كانت القيصرة اليزابيث تثق بعشيقها الذي اتخذ له عشيقة جديدة حسناء هي الأميرة " كورالين "
وتم اكتشاف أمر هذه العلاقة بالصدفة عندما حاول ضابط من رجال الحرس الإمبراطوري التغزل بالأميرة يدعى " أورلوف " وكان لأورلوف ثلاثة أخوة من ضباط الحرس الإمبراطوري، فأرسل إليه شوفالوف عصابة لتأديبه فتغلب أورلوف عليهم .
وجدت كاترين في ذلك الضابط الرجل الذي انتقم لها من عدوها عشيق القيصرة ، فطلبت من إحدى وصيفاتها أن تمهد الطريق لأورلوف حتى يدخل القصر لتلتقي به ، ذهبت الوصيفة ليلاً لمنزل أورلوف فأخبرته أن هناك سيدة عظيمة تنتظره ولا تريد التصريح باسمها ، فوضعت على عينيه عصابة وهي تقتاده للقصر ، فاستقبلته كاترين في غرفتها فوقع الغرام ، فظل أورلوف يزور كاترين خلسة بدون أن يعرف هويتها .
وفي عام 1762م فاضت روح القيصرة اليزابيث ، وقرعت أجراس الكنائس حزناً ، فخرج في موكب الجنازة رجال الجيش والحرس ومنهم أورلوف وأخوته .
وأمام الجنازة مرت كاترين مع زوجها ولي العهد بطرس ، فوقع نظر أورلوف على كاترين فكانت الصدمة أنها المرأة المجهولة التي عشقها .
فأراد أن يصرخ بأعلى صوته للجميع ليقول :" هذه من أحببت زوجة ولي العهد ، هذه عشيقتي "
بعد وفاة القيصرة صعد بطرس الثالث العرش في مدينة بطرسبرج وبجانبه كاترين التي كرهها وأراد قتلها .
وفي بطرسبرج جاءت عاصفة ماجنة فيها بعد أن أحضر الإمبراطور الجديد شبان ونساء وخصص لهم غرف خاصة وضعت للفسق والفجور ، ويقدم لهم الشراب والطعام على حسابه.
وحتى ينتقم بطرس الثالث من زوجته الخائنة كاترين قرر إحضار عشيقها الأول " سوليتكوف " والد ابنها الأول بولس وولي عهده ، وذلك حتى يجبر العشيق على أن يقر بأن بولس ابنه ولكن العشيق رفض ذلك .
في هذه الأثناء وضعت كاترين طفلاً ثالثاً من حبيبها أورلوف .
فخشيت كاترين من افتضاح أمرها فأمرت بعض الخدم بإخفاء الطفل بإبعاده عن القصر ، وتم إبعاده لمكان مجهول .
فاتسعت فجوة المشاحنات بين بطرس وكاترين مما جعل سفير فرنسا يصرح لحكومته بهذه العبارات القليلة التي تكشف عن سر ما " لا يدهشني ، وأنا أعرف الإمبراطورة كاترين ، أن تعمد هذه المرأة إلى أساليب العنف لإحداث انقلاب في روسيا "
كانت هذه التنبؤات صائبة و مثلما يقول المثل الروسي :" أن من أراد أن يأكل العسل ، عليه أن يقتل النحل "
http://www.pc4up.com/2009/3-2009/hjK02755.gif
ففي الثامن من يوليو 1762م خططت كاترين وعشيقها أورلوف وأخوته بخطة لإحداث الانقلاب على بطرس لتصبح كاترين من بعده الإمبراطورة ولاسيما بعد أن قرر بطرس طرد بعض ضباط الحرس فاستطاع أورلوف أن يجعل هذا الموقف لصالحه بعد أن أثار رفاقه ضد بطرس برشوة مقدارها 100.000 روبل سرقها من الجيش ، وعندما قرر بطرس تغيير مذهبه الديني ، قام أورلوف بحشو أفكار رجال الدين ضد بطرس ليفسح الدرب لكاترين عند حودث هذا الانقلاب .
وفي فجر يحمل معه بشرى لكاترين ، ليبدل ثوب العرش الروسي ، دخل على كاترين شقيق حبيبها الكسيس أورلوف يقول :" تعالي يا سيدتي ، فكل شيء معد للعمل "
ثم قال لها بعد أن سألت عن بطرس بأنه في بلدة " أوارننيون " وقد أشاعوا بالقصر بأنه اعتقل الامبراطورة فثار الجيش ، وهم في انتظار نزولها لإعلان سقوط بطرس وأن ينادى بها كامبراطورة على العرش ،
ذهبت كاترين مع أنصارها من رجال الدين والحرس ، فأُرغم بطرس الثالث على أن يوقع وثيقة التنازل عن العرش ، فأعلتت كاترين عرش الامبرطورية الروسية .
وبسبب هذا الانقلاب حدثت بعض المشاحنات البسيطة التي لم تتعدى ذلك ، فقد جرح من جرح من ضباط ، وبينما كانت كاترين تضمد جرح عشيقها أورلوف ، سمعت صراخ شقيق عشيقها الكسيس يقول :" لقد قتل الإمبراطور ، لم نكن نقصد قتله ، ولكنه تشاجر مع أحد رفاقنا وأسفرت المشاجرة عن مصرعه "
رحل بطرس وبدأ العشاق يتسابقون في امتلاك قلب كاترين فقرر العشيق بويناتوفسكي العودة لبطرسبرج واشتعل قلب حبيبها الأخير جريجوار أورلوف بسبب غيرته من العشاق حتى تجرأ بأن يضرب كاترين ، وألكسيس أورلوف شقيق جريجوار أورلوف عشق كاترين فمنحته أيضاً قلبها ، و ظهر بوتمكين العاشق الجديد في حياتها ، وهنا تسابق العشاق في نيل قلب كاترين ، وحتى تتخلص كاترين من هذا الصراع قررت أن تختار زوجاً لها من بينهم فاختارت جريجوار أورلوف ولكن قرارها لاقى الرفض من قبل أحد الأشراف قائلاً بحزم :" إن الإمبراطورة حرة بأن تصنع ما تريد ، ولكن مدام أورلوف لن تصبح أبداً إمبراطورة "
فغيرت كاترين رأيها بالزواج ، ولكنها بقيت مع أورلوف لا تفارقه .
بدأت ألوية العصيان والثورة على الأميرة تظهر على ضفاف فولجا ، فقد أدعى أحدهم ويدعى " يوجاتشيف " بأن بطرس لم يقتل ولكنه فر من جلاديه وعاد لينتقم من كاترين ، انتشر الخبر فوصل للابن ولي العهد بولس فهمس لمعلمه بعبارات غريبة :" عندما سأصبح رجلاً ، سأنتزع من أمي العرش الذي انتزعته من أبي !"
إلا أن يوجاتشيف قُتل ، فقامت ثورة أخرى حمل لواءها رجل يدعى " بوجومولوف" مُدعيا بأنه بطرس الثالث ، فأصدرت الأميرة أوامرها بأن يجدع أنفه وينفى إلى سيبيريا .
أحرزت كاترين العديد من الانتصارات لروسيا وكما يقول أحدهم "بأن الحظ كان أكثر عشاق كاترين وفاء، فهو يخدمها كلما ضاقت السبل في وجهها "رغم ذلك يصرح المؤرخين بإعجابهم في سياسة كاترين الدقيقة وتوجيهها الحكم .

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...therine_II.jpg

ما تزال كاترين تنتقل من عاشق لآخر وكانت تجهل أنهم يهدفون إلى الجاه والسلطان فقط ، فاتخذت من بوتمكين عشيقاً جديداً ، فثار أخوة أورلوف ، فتشاجروا مع بوتمكين حتى فقد إحدى عينيه ، فتزوج أورلوف ابنة عمه وسرعان ما أصيبت زوجته بداء السل فماتت ، ولم تكلف كاترين نفسها على إرسال رسالة عزاء لأورلوف ، وهو الرجل الذي أوصلها للعرش ، فقد كانت كاترين وقتها تعيش لحظات غرام مع "لانسكوي "
وفي ليلة شاحبة ، وبينما كانت الأميرة في إحدى حجرات القصر مع عشيقها " لانسكوي" ، دخل رجل أشبه بشبح ضائع القصر ، يرتدي الحداد ، تبدو عليه علامات الجنون ، كان يمتلك مفاتيح القصر بجيبه ، فتح باب غرفة كاترين وألقى برأسه على كتفها ساخراً منها :" أهذا هو العشيق الجديد ؟ كيف وقعت في الفخ أيها الأبله ؟"
فزع لانسكوي ، فصرخت كاترين قائلة :" دعه إنه مجنون"
صاح بصوت عالي :" نعم مجنون ، لقد جننت بسببك يا كاترين ! فعلت من أجلك كل شيء وأنتِ الآن تقولين أنني مجنون "
تم إخراج أورلوف من القصر ومات بعد أيام في نوبة جنون .
وتمر أيام أخرى بقى فيها " لانسكوي " على سريره فطرق الموت بابه ، فظن الجميع أن كاترين ستظل وفية له ، ولكنها سرعان ما نسته فحل محله " الكونت مامونون "وقيل أن بوتمكين عشيقها هو من أحضره لها .
ذهبت كاترين برحلة عمل شاقة قامت خلالها بالعديد من المشروعات فأنشئت القرى والمدن ، فعادت من رحلتها متعبة تطلب المزيد من الشبان العشاق ولكنهم بدءوا ينفرون منها .

http://www.thelizlibrary.org/undelet...atherineII.gif


لقد جاءت الحقيقة المرة لكاترين عندما وجدت أن التجاعيد قد ظهرت في وجهها ، وبدأت الشيخوخة تزيل جمالها، حتى أنها ذات مرة صرخت بوجه إحدى وصيفاتها قائلة :" ظننت أن الإمبراطورة تحتفظ بسن الشباب ، وأنها تبقى دائماً في الخامسة عشر من العمر "



[]وفي 16 نوفمبر 1796م ماتت كاترين ، ولم يكن بجوارها أحد سوى أحد عشاقها من أفراد أسرة أورلوف .
دخل عليها ابنها " بولس " فوجد أمه جثة هامدة فقال للخدم :" انبشوا قبر أبي ... وضعوا التاج على جمجمته الصلعاء "
، فطلب قيصر روسيا الجديد " بولس الأول " من الخدم أن ينبشوا قبر والده ، ويستخرجوا جثته حتى تحمل مع جثة أمه في نعشين وفي نفس الموكب إلى قبر يضمهما معاً ، فنُقش على الضريح هذه العبارة :" فرقتهما الحياة فجمعهما الموت ".]

أرب جمـال 26 - 10 - 2010 01:35 AM

كاترين دي مديسي ( الأفعى الدموية التي ارتكبت أكبر مجزرة في التاريخ )

" النفاق والخداع والرياء والحيلة لبلوغ الغاية ، فالغاية تبرر الوسيلة "

هذا ما قالته تلك الأفعى وهي تصفق بإعجاب لمخططاتها الجهنمية التي أغرقت كتب التاريخ بالمآسي اللاإنسانية،رفعت نخب انتصاراتها وهي تشاهد مناظر الدماء الممزوجة بدموع البكاء ، حتى صار شيطان الجنوب " فيليب الثاني " أمام جرائمها لا يساوي شيئاً ، ذلك الشيطان الذي يرتكب جرائمه ليقول بعدها بأنه فعل ذلك لنصرة الكنيسة الكاثوليكية ، في حين أن تلك الأفعى امرأة لا دين لها فما حجتها لارتكاب جرائم دينية ؟ فهي لا تأبه للبروتستانت ولا للكاثوليك ، كما أن محاكم التفتيش بأسبانيا التي ذكرها لنا التاريخ بصورها البشعة ضد المسلمين كانت بحجم النملة أمام مذبحتها الكبرى التي هزت فيها تاريخ البشرية ، شخصية هتلرية الطباع ، ميكافيللية المبادئ، لم تعش زمانهما ولكن الزمان والمكان يكرر أحياناً نفس الطغاة .
كانت تلك الأفعى متشبثة بأفكار مكيافيللي ذلك المفكر السياسي القادم بمبادئه ونصائحه السياسية النارية في كتابه الأمير الذي اعتبرته
الكنيسة بأنه شيطان رهيب هبط على الإنسانية فاراً من الجحيم ، وأن كتابه الأمير هو كتاب أودعته يد الشيطان.

صورة كاترين وهي طفلة

http://www.yy44.net/upfiles/48823669.gif
تلك الأفعى تدعى " كاترين دي مديسي" ، هي ابنة لورنزو دي مديسي حاكم فلورنسا ، قست عليها الحياة وهي صغيرة ،ألبستها الشجون فكانت لها أسيرة ، فقد رحل والديها وهي ما زالت طفلة تحتاج لنبع الحنان والمحبة ، أرسلت فيما بعد لإحدى الأديرة لتتلقى العلوم هناك، كبرت الطفلة كاترين لتصبح فتاة في فترة المراهقة هادئة الطباع ، متزنة الفكر .
http://www.yy44.net/upfiles/7zA23484.gif

أعجب بها دوق أورليانس فتزوجها عام 1533م وهي لم تتعدى بعد سن الرابعة عشر ، لم يكن لها تأثير في بادئ الأمر على سياسة فرنسا في ظل حكم فرنسيس الأول ، كانت تلك الفتاة الإيطالية هادئة ، ملتزمة الصمت .
جاء القدر يُهدي الحظ السعيد لزوجها دوق أورليانس ، حيث قضى القدر بموت أخيه الملك فرنسيس ، وتتويجه عام 1547م ملكاً على عرش فرنسا باسم هنري الثاني .
http://www.yy44.net/upfiles/Wd723910.jpg
كانت كاترين في ظل حكم زوجها الملك فتاة انطوائية تعتزل الجميع ، كانت لا شأن لها ولا نفوذ تجاه زوجها الملك الذي وقع في شباك الغانية الجميلة ديانا دي بواتيه التي استغلت جمالها وحكمتها ودهائها في تسيير الملك حتى عُدت ملكة فرنسا الحقيقية .
لم تظهر كاترين أيه انزعاج وامتعاض تجاه ديانا التي أخذت مكانتها قسراً بل كانت تتقرب من ديانا وطلبت صداقتها !

كان الملك الجديد هنري الثاني يحكم بقلب حجري ، عديم الإحساس ، ظالماً ، فقد عمد في أول احتفال له في باريس بعد تتويجه إلى إصدار أمر إحراق ستة من الخوارج أمام الجماهير المحتشدة ، كما خصص له غرفة أسماها " الغرفة المضطرمة "
وكان يجلس أمام نافذة فندق دي لاروش بوث في شارع سانت انطوان المطلة على ساحة التنفيذ ، يراقب بسعادة تلوي الخوارج وهم يحترقون ، إلا أن ظلمه كان صفراً أمام ظلم كاترين دي مديسي .
بدأ دور كاترين يظهر على المسرح السياسي عندما ذهب زوجها الملك إلى كومبين لإثارة حماس جيوشه حيث جاءت الأنباء التشاؤمية التي وردت في باريس بسقوط سانت كوينتين في الحرب القائمة بين ملك فرنسا وبين ملك أسبانيا فيليب الثاني ، ففر من بقى في المدينة بحالة هلع وذعر فقد شيعت إشاعة تقول بتقدم الأعداء ، أسرعت كاترين تجر خطواتها للبرلمان برفقة الكرادلة والأمراء والأميرات تستنجد أعضائه لمساندة الجيوش المنكوبة فأمر لها البرلمان بمائة ألف كرون لهذا الغرض .
هنا تغير مركزها السياسي وتغير موقف الملك هنري الثاني تجاهها ، وأولاها بشيء من الاهتمام والرعاية .
مرت السنوات لتمر غيمة سوداء في أراضي فرنسا وتهب رياح الحزن لتخبرهم بموت الملك هنري الثاني ، تولى العرش من بعده ابنه الفتى فرنسيس الثاني ولم يكن لأمه كاترين من نفوذ عليه لانصرافه لزوجته الحبيبة الحسناء ماري ستيوارت ، ولكن لم يبقى على عرش فرنسا سوى عام واحد فقضي نحبه ، ليتولى العرش من بعده أخيه شارل الذي توّج باسم شارل التاسع .
http://www.yy44.net/upfiles/NQ923910.gif
كان شارل وقتها في عمر العاشرة لذا كان نفوذ والدته كاترين عليه كبيراً ، لتقبض بكلتا يديها الحديدية على حكومة فرنسا لتظهر أخلاقها الدنيئة الحقيقية .
كانت أوروبا في أواخر القرن السادس عشر تموج في صراعاتها الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت ، وكان عدد البروتستانت الهوغونوت كبيراً بفرنسا مقارنة بعدد الكاثوليك ، كان زعيم البروتستانت هو برنس دي كوندية .
بينما كانت كاترين بدون دين تدافع عنه ولكنها أخذت تناصر الكاثوليك لكثرة أعدادهم في أوروبا ، فبدأت بإشعال أولى معاركها الدينية في عهد ابنها شارل التاسع في عام 1562م ، حيث قتل أحد شبان البروتستانت زعيم الكاثوليك .
فجهزت كاترين جيشاً عظيماً وأصبحت القائد الأعلى لجيش الكاثوليك ، تقدمت جيوشها التي اكتسحت جيوش البروتستانت لتحقق النصر العظيم لجيشها بعد ذبح زعيم البروتستانت برنس دي كوندية ، هنا استفاقت روح البروتستانت من جديد بعد أن ألهبت حماسهم ملكة نافار في خطابها المؤثر ، كما أمدتهم بالعطايا .
سارت كاترين على نهجها واشتعلت نيران الغيرة في قلبها ، فخطبت في جيشها خطبة ووزعت الهدايا ، إلا أن الجيش لم يكن محباً لها بل كان ساخطاً ، كارها لها ، خاضعاً لها خوفاً .
التقى الجيشان من جديد فهزم البروتستانت للمرة الثانية ، وجرح قائد جيوش الإصلاح جرحاً بالغاً خطيراً في المعركة فنقل على أثره إلى منزله .
فاندهش الكاثوليك عندما شاهدوه بعد أسبوع يقاتل في ساحة الحرب ضدهم ، فأمدت ملكة نافار جيشها بجيش ثالث ، فأسرعت كاترين بطلب الصلح لتفتح ستاراً جديداً على مأساة التاريخ اللاإنساني الدامي بهذه الخطوة ، لتخفي قناعاً دنيئاً وراء طلبها للصلح المفاجئ.

صورة توضح عقد الصلح بين كاترين والثوار
ثم بدأت كاترين تؤدي دورها التمثيلي البارع فقد دعت لقصرها أمير نافار الفتى وعرضت عليه يد ابنتها الفاتنة مارغريت .
http://www.yy44.net/upfiles/NIs23445.gif
كانت هذه بداية الفصل الأول للمأساة التي دبرها شارل مع والدته ، وبالفعل نجحت مخططات كاترين وأعلنت أن الأمير أصبح بمثابة ابناً لها ، لم تكن ملكة نافار تشعر بارتياح تجاه هذا الزواج ولكنها بالأخير رضخت للأمر لأنه زواج سيقضي على سفك الدماء ضد البروتستانت كما صرح شارل في خطابه المؤثر الذي كان يخفي ورائه لعبة دنيئة :"أنا أزوج أختي ليس لأمير نافار فقط ، ولكن لأي واحد من جماعة البروتستانت ، وأن هذا الزواج سيكون أقوى عامل لحصول الصلح بين رعاياي ودليلاً أكيداً على حسن طويتي نحو البروتستانت"
وجهت كاترين بطاقات دعوة لزعماء البروتستانت للقدوم إلى باريس ضيوفاً لحفلة الزواج .
وقيل أن شارل رحب بملكة نافار ترحاب يغلفه الود والمحبة الزائفة، حتى أنه دعاها بخالتي العظيمة المحبوبة .
وفي وسط الحفلة الضخمة ، انطلقت ضحكات شارل وهو يحدث أمه بخبث :" أماه أترينني قد أجدت تمثيل دوري !"
فأجابته ببعض الجفاء والمكر :" حسناً ولكن ما قيمته إذا لم يستمر"
فقال لها وعيناه تنطلق منهما شرارتا مكيدة :" اسمحي لي أن استمر وسترينني أتصيدهم"
بالفعل نجح أول فصل المسرحية حيث لم تكد ملكة نافار تدخل في ضيافة كاترين حتى أصيبت بحمى شديدة لمدة تسعة أيام فماتت متأثرة بها ولم يكن ابنها قد وصل إلى باريس بعد .
أخذ شارل يبكي وينتحب ويصرخ في مشهده التمثيلي حزناً على موت ملكة نافار ، وأظهرت كاترين حزناً عميقاً عليها ورغم أن كاترين أتقنت دورها الكاذب الحزين فقد شيعت إشاعة في أوروبا بأن كاترين هي التي سمّمت ضيفتها.
فتم تأخير حفل الزفاف حتى جاء كبار رجال البروتستانت والكاثوليك شهوداً على هذا الزواج ، وتم الزواج بل وقعت الفريسة في الفخ الأول ، فقد أصيب الأميرال كوليني برصاصة عابرة خاطفة من نافذته ، وفر الجاني ليخفي جريمته ، وأظهرت كاترين أسفها ومدى مقتها لتلك الأفعال الدموية الشنيعة ، بينما ذهبت ( ملكة نافار الجديدة ) مارغريت ابنة كاترين للأميرال تخبره بأن أمها وأخيها شارل يمقتان تلك الأعمال المتهورة الدموية العنيفة ، في حين أن أمها وأخيها شارل يتباحثان معاً في جلسة سرية من أجل القضاء على زوجها هنري ومتسائلين بخبث :" هل يقتلانه أو يبقيانه على حياته"
حتى قررا سجنه من أجل أن يتخلى عن عقيدته البروتستانتية.
بعد تلك الجلسة السرية أُصدرت الأوامر في أنحاء فرنسا ، تلك الأوامر التي ستهز التاريخ بعد قليل تقول الأوامر :" بأن يلبس الكاثوليك صليباً أبيض على القبعة ، وأن يضعوا على أذرعهم رقعة قماش بيضاء، حتى يستطاع تمييزهم في الليل ، وأنه عندما يدق الجرس في الساعة الثانية بعد نصف الليل من برج دار العدالة يكون ذلك بمثابة الإشارة المتفق عليها فيقومون في الحال بذبح البروتستانت في جميع أنحاء فرنسا ولا يبقون حتى على النساء والأطفال "
وفي هذه الأثناء وبينما تعد كاترين المؤامرة أخذت بتوزيع الهدايا الثمينة والعطايا بين أشراف وقواد البروتستانت ، كما أن ابنها الخبيث شارل دعاهم إلى حفلة مثيرة قبل وقوع المذبحة بليلة واحدة .
كان هنري زوج مارغريت يشك في تصرفات شارل وأمه ، في حين أن زوجته المسكينة تجهل لكل ما يقومان به بالخفاء ، حتى أن أختها الصغيرة قالت في ذعر وقلق لأمها :" أنها تخشى أن تتعرض مارغريت لسوء لو افتضح الأمر"بدأت عقارب ساعة المؤامرة تدق بصخب فبدأ شارل يظهر جيناً وخوفاً من تنفيذ المذبحة ، فأثارت الأم حماسه قائلة له بغضب :" أجبان أنت"
فقال وقد استعاد ثقته بنفسه :" حسناً فلنبدأ "
وفي 24 آب ( أغسطس) عام 1572م ، كان هذا يوم القديس بارثولوميو ، فوقعت المذبحة الشهيرة التي سميت باسم القديس مذبحة سانت بارثولوميو.
وانتشرت أصداء صاخبة في شوارع فرنسا تردد مع الرياح القادمة عبارة " اقتل اقتل "

صورة لمذبحة سانت بارثولوميو أكبر مذبحة بالتاريخ والصورة تتحدث عن نفسها ( كاترين تتجول أمام الجثث التي خلفتها مذبحتها وعلى فمها ابتسامة انتصار )


بدأ الصخب يعم في المدينة التي تحولت لبركان من الدماء ، وعلى عتبة باب قصر ملكة نافار مارغريت سمعت صراخاً يقول :" "نافار نافار "
فظنت أنه زوجها ، فأمرت الخدم بفتح الباب له فإذا به رجل بروتستانتي يلوذ بها راكعاً أمام قدميها والجند الكاثوليك يحاصرونه فانفطر قلبها له ، قلبها الرءوف الذي لم تعرفه أمها قط، فطلبت منهم أن يتركوه في حال سبيله فتركوه .


لوحة توجد بمتحف اللوفر تصور هذا الحدث عندما جاء الرجل البروتستانتي يلوذ بملكة نافار مارغريت وهو يصرخ :" نافار نافار " راكعاً أمام قدميها والجيوش الكاثوليكية تحاصره فتوسطت له بأن يتركوه

عجزت صفحات التاريخ عن وصف تلك المذبحة الشنيعة وهول تلك الليلة المقمرة ، حيث ذكر التاريخ أن الجثث كانت تلقى من النوافذ حتى غطت الطرقات ، وجرت دمائهم لتتشكل أنهاراً حمراء ، وكان الجنود يلعبون بالرؤوس الآدمية في الطرقات كلعب الكرة ، استمرت المذبحة أسبوعاً فقط وقد قدر عدد ضحايا البروتستانت مائة ألف نسمة ، وانتشر الذعر بين البروتستانت الموجودين في أنحاء أوروبا وارتفعت صرخاتهم ، وبالفعل لم يكن لهذه المذبحة مثيل في التاريخ ، وفي صباح يوم المذبحة دخل جنود ملك فرنسا شارل على ملك نافار وجروه لملكهم ، فأمره شارل بطرح عقيدته البروتستانتية وأعطاه مهلة ثلاثة أيام للتفكير التي انتهت بخضوع ملك نافار لشارل .
وبعد عامين من تلك المذبحة المؤلمة التي قطعت القلوب بدأت الأحلام المزعجة تدق أبوابها للملك شارل وكأنه يسمع أصوات موتى المذبحة تلاحقه في كل ساعة حتى مات في نوبة ذعر وكوابيس ، وتقول خادمته : إن وخز الضمير هو الذي قتله"
وتمر أعوام وضمير كاترين لم يصحو بعد ولا لدقيقة واحدة حتى ماتت واسمها مبغوض ومنبوذ من الكاثوليك والبروتستانت على السواء



قلب., 28 - 10 - 2010 01:29 PM

مجهود رائع وموضوع قيّم
استمتعت بتواجدي بصفحتك

بانتظار المزيد من هذا العطاء

لك مني ارقّ تحية وأعذبها

دمت بخير

شيرين 29 - 10 - 2010 02:29 PM

يسلمو على الطرح الرائع

انثى بروح المطر 2 - 11 - 2010 01:19 AM

مشكورة
الموضوع طويل ويحتاج الى جلسة للقراءة
ساتابعه

جمال جرار 2 - 11 - 2010 03:06 AM

~ شكراً يا الغلا على الطرح والفائدة
طرح مميز
بارك الله فيك
~


الساعة الآن 01:23 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى