منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   كتاب " أخلاق القرآن هي الحل " لهارون يحي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=7411)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:25 AM

ما يحدث في الحياة السياسية

"وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ." (سورة البقرة: 205)

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/1965.jpg
يجب أن تتخلل العدالة، والمبادئ الأخلاقية، والصدق كل لحظة في حياة الإنسان. وفي وضعنا الحالي، حيث يعيش الكثير منا في ديمقراطيات برلمانية، ينطبق ذلك بشكل خاص على السياسيين، لأن السياسي مسؤول عن أناس كثيرين يلجؤون له ليحل مشاكلهم. لذلك، تحتم الضرورة أن يكون هذا السياسي عادلا في قراراته، وألا يميز بين الناس، وأن يحدد المحتاجين تحديدا صحيحا ويتخذ إجراءات وثيقة الصلة باحتياجاتهم ليحل مشكلاتهم. وبينما يقدم خدماته من أجل المصلحة العامة، يجب عليه أن يتعاون مع الخبراء ويعين أشخاصا أكفاء يستطيعون أن يحققوا نتائج ايجابية. وإذا تمكن من الوصول إلى ما يسبب تعطيل إحدى الخدمات، يجب أن يسارع لإيجاد حلول عملية ويجري تغييرات سريعة في سياساته، إذا اقتضت الضرورة. ولتحقيق المصالح العليا للشعب، يجب أن تكون لديه مهارات تمكنه من ترتيب الموضوعات حسب أولويتها.
ولكن بالنسبة للبعض، تحولت السياسة من وسيلة لتقديم الخدمات العامة إلى صناعة مربحة. ومن هذه الناحية، يعتبر الشخص ناجحا في السياسة إذا استطاع أن يحتفظ بالسلطة، ويقويها، ويؤمنها على الرغم من كل الظروف غير المواتية، بل وأن يكتسب، إن أمكن، مزيدا من السلطات. وما إن يصبح ذلك الأسلوب اعتياديا في العمل السياسي، لن يفاجأ المرء إذا أصبحت كل أشكال الفساد والاحتيال سمة أساسية في النظام.
وفي كل مكان، غربا وشرقا، في البلدان المتقدمة وكذلك النامية، يتضح أن السياسة ملتحمة بالعمل التجاري. وهكذا، ليس غريبا أن نرى أمثلة لأشخاص يسيئون استخدام السياسة لجلب المنفعة الشخصية، ويخاطرون بمستقبلهم السياسي أو يضطرون إلى ترك المنصب بعد انكشاف فضائح "الحصص مقابل الخدمات". وفي كثير من الأنظمة الشمولية، ينفق القادة بسخاء على أهوائهم وينغمسون في حياة البذخ في حين تكافح شعوبهم الجوع والأوبئة. ويعتبر موبوتو، رئيس زائير المخلوع، مثالا جيدا على ذلك. فبينما كان الشعب الزائيري يكافح من أجل رغيف الخبز، كان موبوتو يرسل طائرته الخاصة كل شهر إلى فرنسا لتأتي له بحلاقه الخاص. لقد جمع موبوتو ثروة ضخمة، واعتبر أن كل الموارد الطبيعية ومناجم الماس الموجودة في بلاده من ممتلكاته الشخصية. وفضلا عن ذلك، سمح للبلدان الأوروبية بالانتفاع من هذه الثروة الطبيعية لزائير بينما كان شعبه يعاني من ظروف اقتصادية متدهورة وقلاقل مدنية بسبب الصراعات القبلية.
ولا يوجد مجتمع محصن ضد هذه الممارسات ما لم تكن قيم القرآن هي السائدة. ففي البلدان غير المتدينة، نادرا ما يدرك الناس أي معنى لمفاهيم مثل العدالة، والرحمة، والحب، والاحترام، والصدق لأن كل واحد منهم يسعى وراء مصالحه الخاصة ويظهر طمعا لا حد له. وفي الآية التالية، يؤكد المولى عز وجل على حجم التهديد الذي يمثله هؤلاء الناس على المجتمعات:
"وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ." (سورة البقرة: 205)
إن من غير المفيد أن نتوقع حدوث أي تغيير في الخصائص البشرية المذكورة آنفا طالما أن الناس لا يتبعون ما جاء في كتاب الله. ومع ذلك، ففي بلد يخاف أهله الله ويسود فيه حكم الضمير، لا يمكن ألا تطبق العدالة وأن يساء استخدام السلطة. إذ يتم تحديد مشكلات الناس وحلها بشكل صحيح، مما يساعد على تقديم الخدمات بكفاءة. ويجب على المرء ألا يتوقع جزاء الخدمة العامة أو المساعدة المقدمة ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى في هذه الدنيا، لأن الجزاء في الآخرة. وعلى مدار التاريخ، بلغ الله رسالته الإلهية إلى الناس من خلال رسله الذين لم يدعوا الناس لغير دين الحق. ومع ذلك، كان رد فعل الناس تجاه رسلهم هو الكفر وكانوا يشكون في الغالب أن لهؤلاء الرسل أغراضا خفية يجنونها من جهودهم المخلصة. وكان الرسل يجيبون الكفار بنفس الإجابة:
"قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ." (سورة ص: 86)

"يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ."
(سورة هود: 51)
إن أولئك الذين يؤمنون بالله يتخذون من هذا السلوك الذي أثنى عليه القرآن مثلا يحتذى به. فلا يتوقعون أي شكل من أشكال الكسب الدنيوي مقابل الخدمات والمعونات التي يقدمونها. ومع ذلك، ففي الحياة السياسية للمجتمعات الملحدة، نجد أن القضايا السياسية، الداخلية والخارجية، والمصالح الشخصية والحزبية كلها متصلة اتصالا وثيقا ببعضها البعض. وبما أن الحال كذلك، تزخر الحياة السياسية بالأوغاد الذي يميلون إلى اتخاذ قرارات تضر بالمصلحة العامة أو الوطنية. وتتمثل الوسائل المستخدمة لضمان الحصول على دعم هذه الدوائر في الاستثمارات العامة التي تخدم المصالح العليا لمجموعات نفعية معيَّنة، أو فتح باب الاعتمادات لها، أو مجرد تجاهل الفساد والاحتيال. وتقدم مجموعات الضغط المندمجة في النظام السياسي الأمريكي أفضل تفسير للكيفية التي يعمل بها هذا النظام. إذ تقدم هذه المجموعات مبالغ هائلة من التبرعات غير المعلنة من أجل تمويل الحملات الانتخابية للمرشحين. ويكمن الغرض من ذلك في تأمين مقعد لأحد الأشخاص في مجلس الشيوخ، على أن يقوم هذا الشخص بتوجيه الدفة السياسية في الاتجاه الذي يرغبه المتبرعون. وقد تناولت مجلة الايكونومست Economist في أحد أعدادها الحملات الانتخابية الأمريكية التي تموَّل بسخاء مؤكدة أنه في عام 1992 وحده وصلت التبرعات إلى 3 بلايين دولار.4 ومن خلال استغلال التبرعات غير المشروعة تستطيع مجموعات الضغط هذه انجاح انتخاب من تريد واجراء ضغوط كبيرة على الحكومات. وسيذهل المرء حقا من حجم الضغط الذي يُمارَس على السياسيين، عندما يتأمل كيف أن السياسيين لا يجرؤون مطلقا على معارضة طلبات المتبرعين. ويؤدي خوف السياسيين من جماعات الضغط هذه الى اتباع سياسات تتناسب مع المصالح العليا لتلك المجموعات النفعية أو يختلقون الأزمات المفتعلة. وتعاني الأحزاب السياسية أحيانا من وجود صراعات حزبية داخلها. وليت الأمر يقتصر على ذلك، إذ تستخدم وسائل ماكرة لإحداث قلاقل داخل البلد، مما يوفر أساسا ملائما للمجموعات النفعية كي تستفيد.
إن الروابط الوثيقة التي تربط بين المجموعات النفعية وأصحاب السلطة تتسبب في انجراف البلدان في موجة من الفوضى، ويتجلى ذلك بوضوح شديد في ديكتاتوريات أمريكا اللاتينية. فخلال العقود الخمسة أو الستة الماضية، عاش زعماء النظم الفاشية في بلدان أمريكا اللاتينية في بذخ بينما كانت الجماهير تعيش على الكفاف. وما زالت السلطة تنتقل باستمرار، حتى يومنا هذا، من الديكتاتوريات إلى المجالس العسكرية والعكس بالعكس. وتحكم المجالس العسكرية بقبضة حديدية، وتستمد قوتها في الأساس من الضغط الذي تمارسه على الجماهير. وفي تلك البلدان، التي تشكل مفترق طرق لتجارة المخدرات، يؤدي تضارب المصالح بين أصحاب السلطة وعصابات المخدرات إلى إعاقة إرساء قواعد الاستقرار. وتتحقق الاستمرارية لهذه الجماعات، التي لا تزدهر إلا في الفوضى، من خلال الضغط والإرهاب. لذلك، تستمر الأعمال الوحشية، والصراعات، والحروب الأهلية إلى ما لا نهاية. ففي كولومبيا، وقعت 28 ألف جريمة قتل في عام 1992 وحده. ويرسم هذا الرقم صورة ممتازة لنوعية الأعمال الوحشية التي ترتكب هناك. وكما رأينا، فإن عدم اتباع أحكام القرآن والسنة في الحياة يؤدي أيضا إلى ظهور أصحاب السلطة الذين يغضون الطرف عن كل أشكال العنف.
وهناك نقطة أخرى مذهلة في الحياة السياسية ألا وهي: أن السلطة والقوة تصلان إلى من لا يستحقهما، سواء من ناحية السمات الشخصية أو المؤهلات. وهذا هو الأساس الذي يستند إليه نظام أهل الكفر؛ إذ ليس من الضروري أن يكون الشخص مؤهلا لكي يتم تعيينه في منصب معين. وفي تلك الحالات، تصبح المصالح الشخصية هي القوى الدافعة لصنع القرار. ومع ذلك، يأمرنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بنقيض ذلك:
"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا." (سورة النساء: 58)
وفي مجتمع لا يعيش فيه الناس وفقا لأحكام القرآن، وبالتالي، لا تُوزع فيه الواجبات والمسؤوليات حسب المهارات والمؤهلات، يحرص أي شخص يشغل منصبا كبيرا في المقام الأول على تعيين أقاربه وأصدقائه. وبالنسبة للسياسيين والأحزاب على حد سواء، تكون الأسبقية للمصالح الشخصية والأفضلية السياسية. ويصبح العمل من أجل المصلحة العامة مجرد شعار بلاغي يستخدم في أثناء الحملات الانتخابية لمخاطبة الناخبين. ووفقا لهذا الفهم، لا تُقدَّم الخدمات إلى القرى أو البلدات الفقيرة المحتاجة الى الخدمات كالماء والكهرباء بل تؤخذ مصالح الفئات التي ينتظرون منهم التأييد بنظر الاعتبار.
إن الكفر هو المسؤول عن هذا الفهم المشوه والأعمال غير الأخلاقية. لأن الذين لا يخافون الله سبحانه وتعالى لا يتصرفون بالشكل المسؤول الذي تمليه عليهم ضمائرهم. ولنفس السبب، ستجد أن هؤلاء الناس لا يرحمون غيرهم ولا يتصرفون بشكل عادل. وبما أنهم يتظاهرون بالجهل بحقيقة أنهم سيُسألون عن كل ما فعلوه في هذه الدنيا، فإنهم يرتكبون كل أشكال الأعمال المؤذية وغير الأخلاقية. لذلك، يجب على أولئك الذين يلتزمون بوضع حد لهذا البؤس والإعداد لمستقبل واعد أن يتبعوا ما جاء في القرآن الكريم من أحكام ويبلغوها للناس. ومن واجب كل المؤمنين أن يبلغوا الناس بأوامر الله المتعلقة بالقيم الأخلاقية، ويدعوهم إلى العيش وفقا لهذه القيم، ويحذروهم من السير في طريق الشر. ويجب أن يخشى أولئك الذين يتجاهلون هذا الواجب أو يؤجلونه من عدم قدرتهم في الآخرة على تبرير مشاعرهم المتبلدة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:27 AM

آثار الكفر على الحياة الاقتصادية

"يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ." (سورة البقرة: 276)

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...zeykoreakt.jpg
يشغل الاقتصاد معظم أحاديثنا اليومية. وفي البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء، لا توجد سوى بضعة مجتمعات محصنة ضد المشكلات الاقتصادية المتصاعدة. ويعيش غالبية الناس في العالم على الكفاف، بينما تعتمد كثير من البلدان على "المعونة" الأجنبية حتى تستطيع أن تبقى على قيد الحياة. ويضيف الحصول على "المعونة" الأجنبية مزيدا من المشكلات، لأن عجز البلدان حتى عن سداد الفوائد يجعلها تواجه مصاعب كبيرة.
ومن الصحة إلى التعليم، يسير العمل من خلال التمويل. ومع ذلك، سواء كانت البلدان متقدمة أم لا، تؤثر الظروف الاقتصادية في الناس تأثيرا كبيرا. إذ يوجد الثراء والبذخ ونتيجتهما الطبيعية، الانحطاط، جنبا إلى جنب مع الإفقار. ويقتتل الناس فيما بينهم نتيجة عجزهم عن سد احتياجاتهم الأساسية. وعلى الرغم من إعداد الكثير من التقارير والدراسات، وبرامج التطوير، والحلقات الدراسية بغية توعية الناس بهذا الموضوع، فقد تعثرت هذه الجهود كلها لأنها لم تتوصل إلى حلول عملية. وما زال الواقع يؤكد أن كل يوم يضيف إلى جزء كبير من العالم مزيدا من اليأس والشقاء.
وتعتبر البطالة مشكلة عالمية كبرى. وحتى إذا حصل الناس على وظائف، فلن توفر لهم أجورهم ظروفا معيشية جيدة. وبصرف النظر عن ذلك، يتقدم آلاف المرشحين لشغل بضع وظائف حكومية شاغرة يجنون منها دخلا متواضعا. ويصطف الناس لساعات أمام مكاتب التوظيف متشبثين بأمل ضعيف في الحصول على وظيفة.
ما هو الحل إذن؟ لماذا تعجز التدابير عن القضاء على هذه المشكلات؟
إن التطور الاقتصادي، والإنتاجية، وسوق العمل المزدهرة، والقوة العاملة المنتجة عوامل ضرورية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في أي بلد. ومع ذلك، تشير الإحصائيات إلى أن 30% من مجموع القوة العاملة في العالم أي ما يقرب من 820 مليون شخص عاطل حول العالم. وعندما نضيف عدد افراد أسر هؤلاء العاطلين إلى هذا الرقم، تزداد أبعاد المشكلة خطورة.
وفي عصرنا الحالي، تعتمد النظم الاقتصادية، خصوصا في البلدان المتخلفة، على فوائد البنوك. ولكن أسعار الفائدة العالية التي تقدمها البنوك للمودعين لها تأثير مدمر على الاقتصادات الوطنية. وتصبح أسعار الفائدة هذه سببا رئيسيا يجعل الناس يودعون أموالهم في البنوك بدلا من استثمارها أو استخدامها في الإنتاج. ويستسهل الأغنياء العيش على الفوائد التي يحصلون عليها بدلا من العمل، وفي مجتمع لا يعمل فيه معظم الناس، يكون من غير المرجح أن تزيد الاستثمارات، التي تعد عاملا ضروريا لتقدم البلاد.
وفي مثل هذه النظم تنشر الصحف إعلانات البنوك التي تقدم الرسالة التالية: "يمكنك أن تتوقف عملك وعن الاستثمار في عملك وتأخذ إجازة بعد ان تودع اموالك في البنك حيث ستحصل على نسبة فائدة كبيرة ..." ويتسبب هذا المنطق، على الرغم من كونه بسيطا وجذابا ظاهريا، في تدمير البلد بدلا من أن يحقق له الرفاهية والثراء. إن الاقتصاد الذي لا تغذيه الاستثمارات محكوم عليه بالإفلاس، لأن الأموال المكدسة في حسابات البنوك والخزائن تعتبر المصدر الرئيسي لكثير من المشكلات الاقتصادية مثل التضخم. وبالنسبة لأولئك الذين لا يساهمون في دفع عجلة الاقتصاد، ويكتفون بوضع أموالهم في البنوك، و"يذهبون في إجازة"، فإنهم سوف يعانون هم أنفسهم على المدى الطويل من تبعات ذلك التصرف. ذلك أن أموالهم القابعة في البنوك ستخسر قيمتها باستمرار، ولن تستطيع مع مرور الوقت، أن تجاري معدل التضخم المتزايد.
أما في المجتمع القائم على الإنتاج، فسيسترد المستثمرون كل أموالهم ويستفيد الجميع. وفي الواقع، يأمرنا الله جل جلاله بإنفاق أموالنا على ما فيه مصلحة الناس. وفي سورة التوبة، يبشر الله من يكتنز المال بعذاب أليم:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ." (سورة التوبة: 34)
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ." (سورة التوبة: 34)
وفي مجتمع تطبق فيه المبادئ القرآنية، تساعد الممارسات التي تهدف بالضرورة لما فيه نفع الناس على استمرارية النظام. لذا، فقد حرم الله الربا وبالتالي وقى الناس من معاناة عبء الدين:
"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون."َ (سورة البقرة: 275)
وفي آية أخرى، يؤكد الله جل جلاله على أن الربا لا يجلب البركة للإنسان:
"يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ." (سورة البقرة: 276)
ولتحسين مستويات المعيشة، لا بد من توفر الاستقرار والنظام في كل ميادين الحياة الاجتماعية. وينطبق الشيء ذاته على الاقتصاد. والمؤمنون هم الذين يجب أن يتحملوا مسؤولية تقديم الحلول. وفي هذا الصدد، ليس لدى أحد وقت يضيعه وهو ينتظر الآخرين كي يأخذوا بزمام المبادرة. ذلك أن الله سبحانه وتعالى حمّل هذه المسؤولية لكل مؤمن، وبالتالي توجِب هذه المسؤولية على المؤمن أن يعرِّف الناس بالدين والنعم التي يضيفها هذا الدين إلى حياة الإنسان.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/65c.jpg
إن الفوائد المصرفية، التي يرى كثيرون أنها طريقة لجمع الثروة، تؤثر على الاقتصاد سلبا وتثبت في النهاية أنها تدمر الأفراد والبلدان على حد سواء.
وبما أن أفراد المجتمع المؤمن يؤمنون إيمانا مخلصا بأن الأموال التي تنفق على ما فيه مصلحة الناس تعود عليهم بالخير، على عكس أموال الربا، فلن يترددوا في إنفاق ما يزيد عن حاجتهم في سبيل قضية نبيلة. وفوائد هذا النظام بالنسبة للمجتمع واضحة. ومع ذلك، يجب ألا يعتقد الناس أن مثل هذا النظام لا يمكن تحقيقه، بل يمكن تحقيقه من خلال تعليم أحكام القرآن للناس.
ومن المهم أيضا التأكيد على أنه في ظل نموذج الحياة الاجتماعية الذي يرشدنا إليه القرآن والسنة، يسعى الناس جاهدين لا من أجل مصالحهم فحسب، بل من أجل المصلحة العامة أيضا، لأن قيم الإسلام تأمرنا بالتعاون، والتكافل، والاتحاد.
ولن ينتهك المؤمنون حقوق الآخرين امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى. ولن يحاول أحد أن يستولي على أموال الآخر أو حقوقه بطريقة غير مشروعة. ولن يغش أحد في القياس أو الوزن. وفي مجتمع يعيش وفقا لأحكام القرآن الكريم، لن يسمح بالظلم مطلقا. وبالتالي، ستنتهي المعاملات الربوية. ولن يسلب الأغنياء الفقراء ولن يحاول الناس أن يأخذوا حصص الآخرين بطريقة غير مشروعة.
وفي المجتمع الذي تطبق فيه القيم الدينية، لا يتبدد شيء لأن الناس يستهلكون دون إسراف. ويوفر التعاون والعدالة مستويات معيشة أفضل وقدرا أكبر من الرفاهية. ويعتبر عصر المجتمع الإسلامي الأول المبارك - عصر الخير الذي كان فيه الناس عموما يتبعون أحكام القرآن والسنة - مثالا واضحا لهذه الحقيقة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:28 AM

الخلق الديني يأمرنا بحماية المحتاجين والأيتام

"وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ." (سورة النور: 22)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/aclik.jpg
لم يعد الفقر اليوم مشكلة مقصورة على بلدان معينة. إذ يهيمن على أجندة العالم موضوع أطفال الشوارع الذين يكسبون رزقهم عن طريق جمع القمامة، ويقضون لياليَ قارصة البرودة في الشوارع، ويخاطرون بحياتهم نتيجة احترافهم مهنا خطيرة مقابل مبلغ زهيد من المال. ومن ثم، لن يسلم قسم كبير من العالم من وفيات الأطفال الناتجة عن سوء التغذية وغير ذلك من المشكلات المرتبطة بالفقر.
وتستطيع إحصائيات الفقر وأطفال الشوارع وحدها أن تكشف مدى خطورة الوضع.
ففي عام 1982، أعلنت اليونسكو عن وجود 200.000 طفل من أطفال الشوارع في اسطنبول، و10.000 في بوجوتا، ومليونين في ريو دي جانيرو. وفي أفريقيا، تشير التقديرات إلى أن هذا الرقم يبلغ 5 ملايين وهو يزيد بانتظام. وهناك عوامل تساعد على زيادة عدد أطفال الشوارع مثل: الصراعات، والحروب الأهلية، ونقص الغذاء، والإيدز، والتوسع العمراني السريع. وفي أي ليلة من الليالي، فإن هناك 30 إلى 70 مليون طفل على مستوى العالم يفترشون الطرقات.5
وفي أمريكا، تضاعف عدد الأطفال الفقراء ثلاث مرات خلال عقدين فقط. وفي عام 1989، أعلن رسميا في أمريكا أن طفلا من بين كل ستة أطفال يعيش في بيئة فقيرة جدا. وفي عام 1993، كان طفل من بين كل خمسة أطفال فوق سن السادسة يعيش في بيئة فقيرة جدا، أي أكثر من 5 ملايين طفل. وفي عام 1994، أشارت التقديرات إلى أن طفلا من بين كل أربعة أطفال تحت سن الثالثة يعيش على الكفاف. وفي الثمانينات زاد هذا الرقم من 1.8 مليون إلى 2.3 مليون.6
وكما يتبين من الإحصائيات الموضحة أعلاه، فإنه حتى العالم المتقدم غير محصن ضد الفقر. وبشكل عام، تعتبر البطالة الناتجة عن الكساد الاقتصادي وعدم كفاية نظم التأمين الاجتماعي هي المسؤولة عن هذا الفقر.
ومع ذلك، تأمرنا قيم القرآن والسنة بحماية الفقراء والمحتاجين. إذ توجد أحاديث كثيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحض المؤمنين على حماية الفقراء، وقد قال في أحد هذه الأحاديث ما معناه:
أحبوا الفقراء وتقربوا إليهم. إذا أحببتموهم، سيحبكم الله. وإذا اعتنيتم بهم، سيعتني بكم الله. وإذا كسوتموهم، سيكسوكم الله. وإذا أطعمتموهم، سيطعمكم الله. وسيكرمكم الله إذا كنتم كرماء.7
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/70.jpg
The Independent, 11 Sep. 2000http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/70c.jpg






مجرد بضعة أطفال، يحاولون أن يعيشوا معيشة الفقراء.
وسنرى في البلدان الاشتراكية السابقة بعدا آخر من أبعاد الفقر؛ فمستويات معيشة كل الأفراد تقريبا متدنية، دون أن ترتبط ذلك بظروف خاصة، وهو عكس ما يحدث في البلدان المتقدمة وبلدان العالم الثالث. ففي تلك البلدان الاشتراكية، يؤثر الفقر على جميع السكان تقريبا، كما أن تبعات الفقر تؤثر تأثيرا شاملا على البلد بأكمله. فعلى سبيل المثال، ثبت أن البنية الأساسية للمدن ونظم التأمين الاجتماعي غير كافية، وأن هناك ندرة في الطعام. وعلى عكس ما يحدث في معظم البلدان، حتى إذا كان بإمكانك أن تشتري الطعام والسلع الأخرى، فلن تجدها في الأسواق.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/71.jpg
"... وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ..." (سورة البقرة: 220)
ويمكن أن نعدد أسبابا كثيرة للفقر، ولكن من المفيد أكثر أن نناقش تأثير الفقر على المجتمع وطرق القضاء عليه. وفي الفصول التالية، سنتناول المشكلات المرتبطة بالفقر ضمن موضوعات فرعية معينة.
"وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا." (سورة الإسراء: 26)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/73.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/73a.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/73b.jpg
ينام آلاف الأشخاص اليوم على أرصفة الشوارع. ولكن إذا تصرف كل شخص وفقا لما يمليه عليه ضميره، فسوف ينتهي هذا الفقر. ولا يحق لأي أحد أن يتنصل من المسؤولية قائلا: "هل أنا الذي ينبغي أن أساعدهم؟"
الآثار المدمرة للفقر على المجتمع

لا شك في أن الأطفال هم أكثر الفئات معاناة من تبعات الفقر. ذلك أن الأطفال الفقراء، لا سيما المشردين، غالبا ما ترفضهم المدارس لأنه ليس لديهم عنوان دائم، ولا شهادة ميلاد، ولا سجل تطعيم. فهم بالكاد يجدون ما يقتاتون به. وفي أغلب الأحيان، يضطر هؤلاء الأطفال إلى العمل في ظروف صعبة. وفي بعض البلدان، قد تضطر العائلات حتى إلى بيع أطفالها لأماكن العمل بوصفهم "عبيدا".
وفي الأغلب الأعم، يجني هؤلاء الأطفال مبالغ زهيدة من المال وهم يعملون في أكثر البيئات التي يمكن أن تتخيلها منافاة للصحة والتي ثبت في بعض الأحيان أنها مميتة. ويبلغ عدد سكان الهند 940 مليون نسمة منهم 44 إلى 100 مليون طفل عامل، أي أكثر من إجمالي عدد الأطفال العاملين في بقية بلدان العالم. وفي باكستان، التي يبلغ عدد سكانها 120 مليون نسمة، يوجد نحو 8 ملايين طفل عامل.8 ولا يختلف الوضع المحزن الذي يعاني منه الأطفال الفقراء في بقية بلدان العالم.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...hindcocuk2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...hindcocuk1.jpg
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...hindcocuk3.jpg
ليس الأطفال الهنود وحدهم هم الذين يحملون على عاتقهم أعباء عظيمة. ففي كل أنحاء العالم، يقضي كثير من الناس طفولتهم في العمل.
لقد ألِفنا في كل أنحاء العالم وضع الأطفال القصر الذين يضطرون للعمل، والظروف القاسية التي يعملون فيها. ومع ذلك، بدلا من أن تقدم هذه البلدان لهؤلاء الأطفال الخدمات الاجتماعية والدعم التعليمي الضروري جدا لنموهم، نجدها تهتم بالقدرة التنافسية لاقتصاداتها في ظل المنتجات الرخيصة التي تنتجها عمالة الأطفال. بل يناقش مسؤولو هذه البلدان في اجتماعاتهم كيفية زيادة قدرتهم التنافسية وليس كيفية إنقاذ هؤلاء الأطفال.9
وتوجد في العالم بلدان كثيرة تخصص أجزاء مهمة من موازناتها للدفاع. ولا تمثل الهند وباكستان – وهما بلدان تحتاج فيهما قطاعات التعليم والصحة والصناعة إلى إصلاح عاجل - استثناء في هذا الصدد. فعلى سبيل المثال، تخصص باكستان 60% من موازنتها للتسلح ونفقات الدفاع على الرغم من أن غالبية الشعب الباكستاني يعاني من آفة الفقر، ولكن ذلك لا يغير من الوضع شيئا. وفي الولايات المتحدة، تبلغ نفقات التسلح النووي 35 بليون دولار أمريكي في السنة. ومنذ عام 1946، العام الذي بدأ فيه العمل في البرامج المتصلة بالقنبلة الذرية، وحتى عام 1996، تم إنفاق ما يقرب من 5.5 تريليون دولار.10
ولا شك في أن هذه الموازنات المخصصة للدفاع والتسلح كان يمكن ببساطة أن تقدم للفقراء كي تخفف من مشكلاتهم. ومع ذلك، وعلى الرغم من حقيقة أن حياة الأطفال الصغار معرضة للخطر، فإن المخاوف السياسية وحسابات المصالح الشخصية لطالما عرقلت وضع حلول عملية لهذه المشكلات.
وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى نقطة معينة: لا يمكن إهمال نفقات الدفاع في ظل ظروف يفرض فيها الكفر مزيدا من الصراعات، والفوضى، والاعتداءات، والعنف، وهي مشكلات تبدو أنها ستستمر. لذلك، يجب على كل بلد أن يعتمد على دفاعاته ليحافظ على بقائه.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/1909.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/cocuk.jpg
سيضطر الأطفال إلى العمل طالما أن هناك أناسا يفتقرون إلى الحكمة والضمير الحي اللذيْن يهدي إليهما القرآن الكريم.
ومع ذلك، فالبؤس موجود في كل مكان. ومن الواضح أن إلقاء الخطب حول هذه المشكلات لن يقدم أي حلول. كما أن مجرد الاكتفاء بتجاهل المتسولين الذين ينتشرون على أرصفة الشوارع وتقديم الإحسان لهم لن يحل المشكلة أيضا. وتحتم الضرورة أن يتم التنسيق بين برامج منتظمة تختص بسد احتياجات الفقراء من التعليم، والصحة، والمأوى، والملبس.
ومع ذلك، لن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال الحس المرهف الذي يكتسبه الناس من خلال العيش وفقا لأحكام القرآن. ومرة أخرى، ستضمن قيم القرآن بيئة مسالمة تجعل الدولة حساسة بما يكفي بحيث لا تنتهك حقوق دولة أخرى. ونتيجة لذلك، يمكن الحد من نفقات الدفاع كما يمكن أن تستثمر الموارد المخصصة لتلك النفقات في القطاعات ذات الصلة التي تحقق للشعب الرفاهية، والسلام، والتعليم الجيد.
وبالطبع، فإن نفقات الدفاع ليست سوى أحد الأمثلة. ويمكن تقديم الكثير من الحلول الأخرى المشابهة. وكما هي الحال في كل القضايا، فمن الضروري أن ندرك أن الحل يكمن في العيش وفقا لأحكام القرآن والسنة. ذلك أن الشخص الذي وهبه الله قيم القرآن والسنة هو الوحيد القادر على أن يعطي المحتاجين أو الأيتام نصيبه من الطعام حينما يكون هو، نفسه، جائعا. وفوق ذلك، فإن هذا الشخص ذاته هو الذي لا يعطي الآخرين ما يكرهه، ويمد لهم يد العون دون أن يطلب أي شيء في المقابل. ويشرح الله سبحانه وتعالى في سورة النور الكيفية التي يجب أن يتصرف بها الأغنياء:
"وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ." (سورة النور: 22)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/hind4.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima.../hindaclik.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/hind5.jpg
باكستان والهند هما بلدان فقط من بين البلدان التي ابتلي معظم أهلها بالفقر.
كما يشرح الله جل جلاله في القرآن الكريم كيف يجب أن يتعامل الأغنياء مع احتياجات الفقراء. فعلى سبيل المثال، يقول المولى عز وجل إن للفقراء نصيبا في أموال الأغنياء، وإن بعض الناس لا يظهرون فقرهم ومع ذلك يجب أن تصان حقوقهم:
"وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ." (سورة الذاريات: 19)

"لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ."
(سورة البقرة: 273)


ميارى 8 - 6 - 2010 02:29 AM

معاناة المجبرين على مغادرة بلدانهم

تتجسد إحدى أهم تبعات الفقر العالمي في مشكلة اللاجئين، الذين غادر الكثير منهم بلدانهم سعيا وراء فرص عمل أو مستويات معيشية أفضل، أو بسبب الصراع ونقص الغذاء. وقد تسبب ذلك في نزاعات خطيرة بين مختلف البلدان.
ففي البداية، كان تدفق اللاجئين من بلدان العالم الثالث أمرا محبذا بالنسبة للبلدان المضيفة، وتم الترتيب له أساسا من خلال معاهدات دولية رفيعة المستوى بغية توفير عمالة رخيصة للغرب. وكان سبب قبولهم في الغرب يعود الى قبول هؤلاء اللاجئين والعمال اجوراً متدنية والعمل في ظروف سيئة وقاسية وفي الواقع، لطالما ساهم العاملون الأجانب مساهمات هائلة في تدعيم اقتصادات تلك البلدان، ولكن بمرور الوقت، حينما وصلت هذه البلدان إلى مرحلة الاستقرار الاقتصادي والرفاهية، لم تعد بحاجة إلى العمالة الأجنبية واصبحت العمالة الاجنبية تشكل مشكلة في البلدان التي لم تكن تستطيع توفير العمل لمواطينها.
فعلى سبيل المثال، أجبرت ماليزيا العاملين الأجانب الذين عملوا فيها لسنوات طويلة على الخروج من أراضيها. وأصبح هؤلاء العاملون، الذين جاءوا إلى ماليزيا أملا في حياة أفضل، مضطرين للرجوع إلى أوطانهم بعد سنوات من الخدمة.
ولم تكن أسباب الرحيل مقصورة على الرغبة في الحصول على ظروف معيشة أفضل. فالصراعات بين البلدان مسؤولة أيضا عن رحيل المواطنين. ففي بلد دمره الفقر بعد الحرب، يمكن أن تُجتث غالبية السكان. وعلى الرغم من مشاهدة الويلات التي يتعرض لها الفارون من الحرب، فلن تجد غير بضعة بلدان فقط لديها استعداد لقبول اللاجئين. ويقضي اللاجئون المحتاجون إلى إعادة التوطين أسابيع وهم يمشون في البرد القارص إلى وجهة يأملون أن تكون آمنة، ولكن في معظم الأحيان لا يسمح لهم بالدخول.
وفي آذار/ مارس 1998، ونتيجة لإبعاد أكثر من 300.000 لاجئ من كوسوفا، أصبحت كل مدن كوسوفا تقريبا مهجورة. وفي غضون ذلك، تسبب البرد القارص في إزهاق أرواح الكثيرين في أثناء عملية الفرار.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...avutnw1298.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/multeci.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...rikmulteci.jpg
لا يدرك الأطفال في الغالب حجم البؤس الذي يعانون منه. ومع ذلك، وكما توضح هذه الصورة، فالبالغون يدركون بالفعل ما يقاسونه، ولكنهم يلجؤون إلى وسائل خاطئة لإنقاذ أنفسهم. ويكمن الحل الأوحد في القرآن الكريم.
وفي ‏تشرين الثاني‏‏/ نوفمبر 1990، حاول الشيشانيون الذين فروا على أقدامهم من الهجمات الروسية أن يلجأوا إلى البلدان المجاورة، ولكن تلك البلدان شددت الضوابط الحدودية ووضعت قواعد للترانزيت، كاشفة بذلك عن نفورها من استضافة أي شيشاني. وعندما وصل اللاجئون إلى الحدود التركية حيث سمح لهم أخيرا بالدخول، كان كثير من النساء، والأطفال، والشيوخ قد فقدوا أرواحهم بسبب البرد القارص.
وفي أفريقيا، تسببت الصراعات القبلية في فرار عشرات الآلاف من الناس. ويعتبر النزاع بين قبيلتي الهوتو والتوتسي في زائير مثالا على ذلك. فقد عانى المرحَّلون من المجاعة والأوبئة، وحاولوا أن يلجؤوا إلى بلدان أخرى ولكن لم يسمح لهم عادة بالدخول. (لمزيد من التفاصيل انظر الفصل المعنون: "التمييز العنصري").
ومع ذلك، تضع قيم القرآن والسنة أساسا لهيكل اجتماعي مختلف تماما. وفي هذا الهيكل، تتم حماية حقوق الفقراء وأولئك الذين أجبروا على مغادرة أوطانهم. وتستخدم كل الوسائل لتوفر لهم ظروفا معيشية أفضل وتقلل من آلامهم. ولهذا السبب، لا يتجنب الناس التضحية. ففي أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، كان هذا النسق القيمي واضحا جدا في سلوك الأنصار نحو المهاجرين في سبيل الله سبحانه وتعالى:
"وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ." (سورة الحشر: 9)
"لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ." (سورة الحشر: 8)
وكما هو واضح من الآيات، فإن القيم التي يصفها القرآن بعيدة كل البعد عن تلك التي نطبقها اليوم. ففي القرآن الكريم، يقابَل طلب المساعدة دائما بالكرم والإحسان، ويبذل المؤمنون كل ما لديهم لمساعدة المحتاجين. وفي حين يحضنا القرآن الكريم على مساعدة المحتاجين، فإنه يطلب من المتصدق ألا يظهر أي نقائص أخلاقية مثل التعبير عن احتياجاته الشخصية أو التطلع إلى المساعدة المقدمة. وستساهم هذه القيم في حل مشكلات كثيرة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:31 AM

الانحلال الأخلاقي في المجتمعات الكافرة

"وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ." (سورة الأحقاف: 20)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...kakcinayet.jpg
إن انحراف الإنسان عن الغاية الحقيقية من الحياة يعني، إلى حد ما، فقدانه لقيمه. وفي الواقع، لا يتوقع المرء أن يجد قيما سامية لدى من يؤمن بأن العالم هو المكان الأوحد للحياة وأن كل الأشخاص، بما فيهم هو ذاته، ستنتهي حياتهم تماما عند الموت. وعلى نحو مشابه، لا يتوقع المرء أن تتوفر الصفات الإنسانية في شخص لا يعتقد أن في أعماله اختبارًا له في هذه الدنيا وأنه سيجازَى عن كل أعماله، حسنة كانت أم سيئة، في الآخرة.
ولا شك في أن هذه المجتمعات التي تتشبث بمثل هذه الفلسفات الفاسدة ستعاني لا محالة من الخواء الروحي. وفي هذه الحياة القصيرة، يهتم الأفراد في الغالب بكسب المنافع الشخصية وإرضاء أهوائهم، وهدفهم الأساسي من ذلك هو أن يعيشوا حياة لا يضطرون فيها إلى تحمل مسؤوليتها. وفي غضون ذلك، لا يطمحون أبدا إلى الارتقاء بشخصياتهم إلى حد الكمال، لأنهم يعتقدون أن ذلك لن يضيف إلى حياتهم أي شيء مفيد. وعلى العكس من ذلك، يرى هؤلاء الناس، استنادا إلى نظرتهم المشوهة للحياة، أن الشخص الخدوم، صاحب الضمير الحي، العطوف، المتسامح ما هو إلا شخص "أحمق". ذلك أن منطقهم يأمر القوي بممارسة الضغط على الفقير واستخدام العنف ضده، دون احترام أي من حقوق الفقير.
ويؤكد المولى عز وجل في كتابه أن من لا يؤمن بالآخرة ويوم القيامة لا يعرف حدودا لارتكاب المعاصي:
"وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ. الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ." (سورة المطففين: 10-12)
إن هؤلاء الناس، الذين حادوا عن طريق التدين، يطمحون في جني المزيد من المكاسب ويغرسون هذا الطموح في عقول المحيطين بهم ويُعِدّونهم مقدما للتعدي على حدود الله سبحانه وتعالى.
نحن نعيش في زمن تهجر فيه الغالبية القيم الدينية هجرا تاما. ونظرا لأن هؤلاء الناس غير راضين عما يفعلونه هم شخصيا، فستجد لديهم أيضا استعدادا لجر الآخرين معهم إلى هذا الطريق المظلم. وهذا هو الوقت الذي تظهر فيه من جديد الأعمال غير الأخلاقية؛ إذ لن توجد حدود لارتكاب المعاصي، والأفعال الخاطئة، والاعتداءات العنيفة، والفراغ الروحي، والانحلال الأخلاقي، والبغاء، والحث على "الاكتناز" كما تقول الآية، والاتجاهات الجنسية المنحرفة، وإدمان المخدرات، والقمار. وفي الصفحات التالية، سنمعن النظر في الأبعاد الخاصة بتبعات التدهور الأخلاقي الناتج عن الكفر.
تلقين المبادئ اللاأخلاقية

يسهل على الشخص الكافر وكذلك على الشخص ضعيف الإيمان بالله والآخرة أن يزني، أو يلعب القمار، أو يسرق، أو يفعل غير ذلك مما حرمه الله. ذلك أن الكفر في الواقع هو الذي يضع الأساس لهذه النزعات. ويرى منطق الكفر هذا أن البشر وجدوا في الحياة بالمصادفة وأنه بالتالي لا يتعين على المرء أن يشعر أنه مسؤول تجاه الخالق. ووفقا لنظرية التطور، التي تحتضن الكفر أيديولوجيا، فإن البشر ليسوا سوى شكل متطور من أشكال الحيوانات. ومن هذا المنطلق، يجب ألا نهتم بأي شيء باستثناء سد احتياجاتنا. أما بالنسبة لإرضاء أهواء النفس الأمارة بالسوء، فلا يجب علينا أن تحدنا أي حدود؛ إذ يمكننا أن نتصرف مثل الحيوانات. وباختصار، تعجز هذه الفلسفات، التي لا تحتوي على أي بعد روحي، عن إدراك المبادئ الأخلاقية.
وفي الواقع، يعبر الماديون وأنصار الداروينية المشهورون بوضوح عن نظرة الكفر إلى القيم الأخلاقية. ويفسر ويليام بروفين William Provine ، الأستاذ بجامعة كورنيل، كيف تقيِّم المادية المبادئ الأخلاقية:

"يدل العلم الحديث دلالة مباشرة على أن العالم منظم بشكل كامل وفقا لمبادئ ميكانيكية. ولا توجد في الطبيعة أي مبادئ هادفة على الإطلاق. ولا توجد أيضا آلهة ولا قوى مخطِّطة يمكن اكتشافها منطقيا... ثانيا، يدل العلم الحديث دلالة مباشرة على عدم وجود أي قوانين معنوية أو أخلاقية متأصلة، ولا أي مبادئ إرشادية ثابتة تنظم المجتمع البشري. ثالثا، البشر آلات تتميز بقدر مدهش من التعقيد. ويصبح الفرد شخصا أخلاقيا بإحدى آليتين أساسيتين هما: الوراثة والتأثيرات البيئية. وهذا هو كل ما في الأمر. رابعا، ينبغي أن نستنتج أنه عندما نموت، فإننا نموت وهذه هي النهاية بالنسبة لنا..." 11
وكما أوضح هذا العالم، الذي هو نفسه مادي، فإن الكفر لا يسمح للإنسان بأن يؤمن بالآخرة. إذ يعتقد الناس ببساطة أنهم سيفنون بموتهم. وقد حدثنا القرآن الكريم عن هذا الاعتقاد الفاسد الذي يؤمن به الكفار على النحو التالي:
"إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ." (سورة المؤمنون: 37)
إن أولئك الذين لا يؤمنون بالبعث بعد الموت، لا يلتزمون بأي حدود ولا يرون ضررا في الفجور. فبالنسبة لهؤلاء الناس، لا يوجد سبب يدفع الإنسان لممارسة قوة الإرادة. ولهذا السبب، يمثل الكفر السبب الرئيسي في الانحلال الأخلاقي، وهو ما أكده أيضا العالم المادي بروفين في كلماته المذكورة آنفا. إذ توضح تلك الكلمات الأفكار والقيم الأخلاقية الفاسدة التي يعتنقها الكافر.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه ليس كل من يفجر يفعل ذلك والأفكار الداروينية أو المادية في ذهنه. ومع ذلك، يجب أن يتذكر المرء أن هذه الأيديولوجيات ومعلميها من الكفار يغرسون هذه الأفكار الفاسدة في عقول الناس، وبالتالي يشعر غالبية الناس برغبة جامحة في التشبث بمتاع هذه الحياة الفانية بدلا من أن يعيشوا حياتهم والآخرة في أذهانهم.
لقد كان الفهم السائد بين جيل الستينيات الذي دعا الى حرية مطلقة لا ضابط لها ناتجا أيضا عن عدم الالتزام بأي حدود سلوكية. إذ يُذكَر هذا الجيل بجميع أشكال الفجور مثل التحرر في ممارسة الجنس، وتعاطي المخدرات، والاستقلالية بتغطرس، والتمرد. واليوم، بعد ثلاثة عقود، نرى كثيرا ممن هاجموا المعتقدات التقليدية في الستينيات يجلسون إما على مقاعد الحكم أو على مقاعد التدريس في الكليات. كما أن الآباء والأمهات الذين ربوا شباب اليوم ينتمون أيضا إلى نفس الجيل. لذلك، نلاحظ اليوم قدرا من الفجور يكاد أن يكون غير مسبوق في تاريخ العالم. ويرجع أحد الأسباب في ذلك إلى وجود جيل على قدر عال من الانحلال الأخلاقي، تربى على أيدي آباء وأمهات كفرة. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم القوم الذين غفلوا عن الدين لأن آباءهم لم ينذرهم أحد:
"لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ." (سورة يس: 6)
إن الشخص الذين لا يخاف الله من داخله لا يراعي أي حدود، وهو ما يفسر الانحلال الأخلاقي المنتشر في المجتمعات.
ومثلما أكدت أيضا هذه الآية، فإن الأجيال التي تولد لأناس كافرين تصبح غير متدينة ومجردة من القيم الأخلاقية مثل آبائها وأمهاتها.
واليوم، يعود السبب الرئيسي في الانحلال الأخلاقي المنتشر في العالم، من أمريكا إلى هولندا، ومن الشرق الأقصى إلى روسيا، إلى وجود أناس يفترضون، بسبب كفرهم، أنهم لن يحاسبوا على أعمالهم وأنهم أحرار. ولأن الكفر منتشر جدا في عصرنا الحالي – بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم – أصبح الشذوذ الجنسي قاعدة اجتماعية. ولنفس السبب، أصبح البغاء، والاستغلال الجنسي للأطفال، والمقامرة، والاحتيال، والرشوة خارج نطاق السيطرة. إن كم الفساد الموجود في المجتمع لا يحتاج إلى إيضاح، إذ يكفي أن نشير إلى انعدام الثقة المنتشر في كل مكان، حتى بين أفراد الأسرة المقربين؛ وتحوُّل العلاقات الجنسية التي تحدث قبل الزواج وخارج نطاق الزواج إلى سمة مميزة "للسلوك العصري". ونكرر مرة أخرى أن الكفر هو المسؤول عن فقدان الناس لقيم مثل التواضع، والحياء، والخلق الحسن. فقد أصبح الناس يُشجَّعون باستمرار على اتباع سلوكيات لم تكن مقبولة أخلاقيا قبل بضعة عقود فقط.
ولا يمكن إنكار أن الكفر يتسبب في الفجور. ومع ذلك، فقد يوجد أناس يدعون أنهم على خلق، بالرغم من كفرهم. ويؤكدون أنهم لا يمارسون أيا من السلوكيات غير الأخلاقية المذكورة آنفا. وفي الواقع، من الممكن جدا أن يمتنع أي شخص كافر امتناعا تاما عن أي شكل من أشكال الفساد، وأن يظل مصرا على موقفه هذا. ومع ذلك، لا يعد هذا مؤشرا على أنه شخص حسن الخلق. ذلك أن الشخص الذي يتصرف بشكل فاضل لا لشيء إلا لخوفه من الله جل جلاله يظل ثابتا على سلوكه الحسن مهما كانت الظروف. في حين أن الشخص الكافر، الذي يدعي أنه لم يحصل على رشوة قط، يمكن أن يكذب بسهولة إذا كان ذلك يخدم مصالحه. ومن ناحية أخرى، يعترف الشخص ذاته بأنه تلقى رشوة كي يسدد للمستشفى فاتورة علاج ابنه المريض. وباختصار، فمع تغير الظروف، قد يقوم الشخص الكافر، تحت ذريعة "الظروف الاضطرارية"، بارتكاب أشياء يقر هو نفسه بأنها خاطئة. فعلى سبيل المثال، قد يحدث في يوم من الأيام أن يقوم الشخص الكافر الذي يعتبر أن جريمة القتل أمر لا يمكن تصوره بالاستسلام لغضبه وارتكاب هذه الجريمة.
ومع ذلك، فاكتساب الخلق الحسن يتطلب صبرا وقوة إرادة. فمهما كانت الظروف اضطرارية، يجب أن يجاهد المرء ليظفر بالخلق الحسن. ولكي يظهر المرء مثل هذا الصبر وقوة الإرادة التي لا تلين، يجب أن تكون لديه غاية. ويستطيع المؤمنون القيام بذلك لأن لديهم هدفا أبعد في الحياة ألا وهو: نيل رضا الله، ورحمته، وجنته. فهم يعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن".12 لذلك، يغتنمون كل فرصة سعيا وراء الفضيلة. ومن ناحية أخرى، ليس لدى الشخص الكافر أو عديم الهدف أي سبب يدعوه للمثابرة على الصبر وقوة الإرادة. فعلى سبيل المثال، تدعي العاهرات أن البغاء هو الطريقة الوحيدة التي تمكنهن من إعالة أنفسهن. ولكن إذا آمنَّ بالله واليوم الآخر، فلن يتجهن أبدا إلى مثل هذا الطريق المخزي لكسب الرزق. وإذا عرفن أنهن لن يستطعن أن يبررن فعلتهن، فسيحرصن على تجنب هذه المعصية لخوفهن الشديد من الحساب.
"الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ." (سورة البقرة: 268)
وكما تشير الآية، يتجرأ غالبية الناس على الانغماس في كل أشكال الفجور لخوفهم من الفقر. ومن ناحية أخرى، فإن مجرد التفكير في العيش بطريقة غير أخلاقية لا يطرأ على ذهن الشخص الذي يأمل في نيل رحمة الله عز وجل. وفي الآية التالية، يؤكد المولى عز وجل على أن خشية الله جل وعلا تجعل المؤمنين يجاهدون للحفاظ على الخلق الحسن:
"وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ. وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ." (سورة الرعد: 21-22)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:32 AM

المشكلات التي تواجه كبار السن

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/90b.jpgيقف كبار السن في الحافلات المزدحمة بينما يجلس الشباب ويتجنبون النظر إليهم... ويصطف كبار السن لساعات في طوابير تحت أشعة الشمس الحارة أو الأمطار الغزيرة... ويحتاج الوالدان الضعيفان اللذان تقدم بهما العمر إلى الرعاية, ولكن ينظر إليهما بوصفهما عبئا في المنزل... وأصبح وجود النساء والرجال كبار السن الذين يعانون من ضعف عقلي أو بدني أمرا غير محبب بالنسبة لأعزائهم.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/90.jpg
وهذه بضعة أشياء فقط مما يواجهه كبار السن، الذين من المؤكد أنهم يستحقون الاحترام لا الإهمال، في السنوات الأخيرة من حياتهم. وفي بلدان الكفر، تجد أن الأشخاص الذين يعانون من مشكلات متصلة بتقدم العمر، بدنيا وروحيا، يتعرضون لمتاعب كثيرة. ويزيد من صعوبة الحياة بالنسبة لهؤلاء الناس وجود الكثير من التحديات الفردية والاجتماعية المتصلة بمستوى الحياة عند تقدم العمر. وتزداد مشكلاتهم تعقيدا نتيجة لما يلاقونه من سوء المعاملة ونوعية الأماكن التي يتركون فيها.
ومع ذلك، يأمرنا القرآن الكريم باحترام كبار السن وإظهار الاحترام المناسب لهم. وفي الآية التالية، يحدثنا الله جل جلاله عن الاحترام الذي يستحقه كبار السن:

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ERLYP_copy.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/indian.jpg


"وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا." (سورة الإسراء: 23)

وفي مجتمع يعيش فيه أناس يتمتعون بالوعي القرآني، لن يواجه كبار السن والمحتاجون مطلقا التعصب، أو العنف، أو الغضب. إذ يوفر المؤمنون، لكبار السن والشباب على حد سواء، أكثر الظروف سكينة وراحة دون أن يتوقعوا جزاء عن هذه الأعمال إلا من المولى عز وجل.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/90c.jpgوإذا كان الشخص مؤمنا، سواء كان شابا أو عجوزا، فسوف يبذل ما في وسعه دائما لكي يبقى عطوفا، ومحترما، ومتفهما. وفي المجتمعات البعيدة عن الدين، يضايق كبار السن مََن حولهم بسبب حساسيتهم أو غير ذلك من الصفات غير المحبذة. ولكن الوضع مختلف في بيئة يلتزم فيها الناس بأحكام القرآن والسنة، لأن كبار السن سوف يبذلون ما في وسعهم، أيضا، لإظهار الخلق الفاضل في جميع الظروف.
تشجيع الناس على الفجور
تجري في عصرنا هذا عملية لتكييف الناس عموما، والمراهقين خصوصا، على الفجور، تحت ستار "السلوك العصري" أو "التحرر". فقد أصبح من السهل على مجتمعات اليوم أن تستوعب قيما كانت تتجنبها تجنبا تاما منذ بضعة عقود. وأصبحت كل أشكال الرذيلة تعرض على شاشات التليفزيون، أو في صحف الإثارة أو المجلات. وأصبحت القدوة التي تقدم للعامة تتجسد في المزورين، والشاذين جنسيا، ومن يبيعون أجسادهم، والآباء والأمهات الذين يدفعون بناتهم نحو البغاء، والمقامرين، ومن يُسمون بالمشاهير الذين تدعو سلوكياتهم للرثاء. وحتى إذا كان هؤلاء الناس أحيانا مثيرين للاشمئزاز بحق، فإن أسلوب حياتهم أصبح محل تقليد من جانب الجماهير. وفي غضون ذلك، تُقدَّم للناس حياة الفجور التي يعيشها أولئك المشاهير بوصفها قيمة تجسد "السلوك العصري" بل وحتى "التحضر".
وفي السنوات الأخيرة، أصبح سلوك المخنثين، وأسلوبهم، وملبسهم المنتشر بين الرجال يجسد إحدى تبعات هذا التلقين. ويعتبر ميل المجتمعات إلى مثل هذا الانحلال دليلا على حماقتها. وعلى نحو مشابه، يشجع المشاهير جماهيرهم على إقامة علاقات خارج إطار الزواج وتعاطي المخدرات. وتقلد الجماهير الجاهلة كل شيء يفعله هؤلاء الناس – من السلوكيات إلى الفلسفات، ومن طريقة الملبس إلى استخدام اللغة. ولا تكاد تلك الجماهير تلاحظ أن هؤلاء الناس – الذين يتملقهم الملايين – هم مجرد أشخاص سطحيين يعانون من مشكلات نفسية، وجنسية، وروحية خطيرة وبالتالي يتعرضون باستمرار للإذلال على يد زملائهم المقربين الذين يعرفون حقيقة عوالمهم الداخلية. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت غالبية الناس لا تفهم ذلك. ويلفت الله سبحانه وتعالى انتباهنا إلى حقيقة أن غير المؤمنين مجردون من الحكمة:
"وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ." (سورة القصص: 60)
The Daily Telegraph, 1 June 2000
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/93.jpg
تتحمل الصحافة ووسائل الإعلام، عموما، مسؤولية إدخال الشذوذ الجنسي إلى قيمنا المجتمعية، وهو سلوك يُدينه وينهى عنه القرآن الكريم.
ومع ذلك، يجب على الأذكياء، أصحاب الضمائر الحية، الحكماء، الذين يراعون مشاعر الناس ويخافون الله خوفا شديدا أن يتولوا مهمة تشكيل الإطار الأخلاقي للمجتمع. ذلك أنهم سينشئون نموذجا اجتماعيا صحيا يطرد كل الرذائل من المجتمع. وبدلا من أن ينشغل المراهقون بأمور تافهة، سوف ينشغلون أكثر بإثراء شخصياتهم. ومن الجلي أن أصحاب الضمائر الحية هم الذين يلزمون أنفسهم بإصلاح المجتمع بدلا من تدميره. وهؤلاء هم الأشخاص ذوو العقول المتفتحة، الذين يستطيعون أن يفكروا في أحوال المجتمع بحرية واستقلالية. وبما أنهم نبذوا الكفر، فلن يصبحوا عميا وبالتالي سيتمكنون من إدراك الغاية من الحياة. ولأنهم يعلمون أن الله خلقهم، فلن يشعر هؤلاء الناس بأنهم مسؤولون إلا أمام الله جل وعلا وبالتالي سيظهرون سلوكا متميزا. وبما أنهم لن يتبعوا سوى أحكام القرآن والسنة، فلن يقتدوا إلا بأصحاب الضمائر الحية، والحكماء، والمخلصين الذين يجاهدون بخلق حسن:
"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً." (سورة الأحزاب: 21)
وكما تشير هذه القصة المنشورة في أحد أعداد مجلة تايم الصادرة في عام 1979، كان الشذوذ الجنسي في العقود السابقة ينشر بين الجماهير بوصفه ظاهرة طبيعية.
ولا شك في أن الثناء على أولئك الذين يجاهدون من أجل نشر الخلق الكريم في المجتمع وعرض الفضائل التي يجلبها الخلق الحسن للإنسان مع التعبير عن كراهية النقائص الأخلاقية سيحول دون ميل الناس إلى الفجور.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:35 AM

رمز انعدام قوة الإرادة المميِز للكفار: المخدرات

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...usturucuti.jpgلقد زاد استخدام المخدرات زيادة تنذر بالخطر لا سيما خلال العقد الماضي. فقد أصبح غالبية المراهقين يتعاطون المخدرات، وهذه حقيقة تؤكدها التقارير. وعلى نحو مشابه، لا يمكن لأحد أن يستهين بأي شكل من الأشكال بعدد المدمنين حول العالم. فقد توصل تقرير أجري في عام 1992 إلى أن 50% من المراهقين في بريطانيا يتعاطون المخدرات، وشكل المدمنون 30% من المراهقين البريطانيين. كما أشار تقرير آخر، غطى الفترة بين عامي 1988 و1995، إلى أن الأمريكيين أنفقوا 57.3 بليون دولار أمريكي على المخدرات.13
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...usturucuka.jpg
ومن المؤكد أن كل المخدرات تضر بصحة الإنسان. وينتهي الحال بمتعاطي المخدرات في الجوانب المظلمة من المجتمع. إذ يحتاج هذا المتعاطي إلى مبالغ كبيرة من المال لشراء المخدرات، ولكن المفارقة تتمثل في أن المخدرات تمنعه بدنيا من العمل. وفي هذه المرحلة، يبدأ المدمن في كسب رزقه خارج إطار القانون عن طريق السرقة، والغش، وممارسة البغاء مع أفراد من الجنس الآخر أو من نفس الجنس، إلخ. وفي نهاية المطاف، تؤدي الحاجة الملحة للحصول على المال وعدم القدرة على الانخراط في عمل محترم إلى دوران المدمن في حلقة مفرغة.
ولا يمكن أن نتصور كيف يستطيع أي شخص أن ينجرف بملء إرادته إلى مثل هذه الحياة الحقيرة. فالشخص الحكيم ذو الضمير الحي لا ينحدر أبدا إلى مثل هذا المستوى. ولكن انعدام قوة الإرادة، الذي ينتج بشكل محض عن الكفر، قد يتسبب في إحداث قدر أكبر من الضرر للإنسان كما جاء في قوله تعالى:
"
إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ." (سورة يونس: 44).
إن أولئك الذين يغرون الشباب بتناول المخدرات يظهرون جانبا آخر من جوانب الكفر. ذلك أن تجار المخدرات، الذي فقدوا تماما قيما مثل الضمير، والشفقة، والرحمة، والرثاء، يسعون لجذب مزيد من الشباب لمجرد أن يجنوا مزيدا من الأموال. فعلى سبيل المثال، في بعض بلدان أمريكا اللاتينية أو روسيا، يعتبر تهريب المخدرات من أجل الكسب التجاري ضمن أكثر الأنشطة المربحة. وبشكل عام، تتحكم الدولة بتلك البلدان في تجارة المخدرات أو تسمح للشبكات التي تتاجر فيها بالاستمرار في عملها. ولو كان من بين هذه الجهات جهة واحدة، على الأقل، مخلصة ومؤمنة بالله واليوم الآخر، لتخلّص العالم من هذه المشكلة. وإذا امتنع الإنسان لخوفه من الله عن المخدرات – تجارة وتعاطياً - فسوف تنتهي هذه المشكلة إلى الأبد.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/95b.jpg
إن الحرمان من الحكمة والضمير الحي اللذيْن يهدي إليهما القرآن الكريم هو ما يفسر استسلام الشباب للمخدرات.
واليوم، نجد أن المبادرات الموجهة ضد المتاجرة في المخدرات وتعاطيها غير المشروع تعجز عن تقديم أي حلول دائمة. فعلى سبيل المثال، إذا عالجت المستشفيات المدمنين الذين يفتقرون إلى قوة الإرادة اللازمة للتغلب على الإدمان، فإنهم سرعان ما يعودون إلى حالتهم السابقة. أما في السجون، فيظل أعضاء شبكات المتاجرة في المخدرات يمارسون نشاطهم غير المشروع على المستوى الدولي. ومن ناحية أخرى، تتمثل الطريقة الوحيدة لإنقاذ مدمن المخدرات في تزويده بقوة الإرادة. والدين وحده هو القادر على تزويد الإنسان بإرادة قوية لا تتزعزع. وحتى الكفار الذي يبدون قوة إرادة لديهم ميل نحو شيء ما، ويكون هذا الشيء سببا في إضعافهم. ولكن الخوف من الله عز وجل ومن عذاب النار هو وحده القادر على تزويد المرء بقوة إرادة لا يستطيع أحد أو شيء أن يزعزعها.



بعض التصرفات المخجلة لكن المنتشرة: البغاء، والزنا، والشذوذ الجنسي
بدأ البغاء ينتشر بسرعة كبيرة بوصفه طريقة لكسب الرزق. ومع كل عام يمر، يقل متوسط أعمار العاهرات الشابات. بل وصل الأمر ببعض الأسر إلى إجبار فتياتها وفتيانها الصغار جدا على بيع أجسادهم. وينبغي أن يكون الدفع بهؤلاء الأطفال إلى مثل هذه المجالات المثيرة للاشمئزاز، في سن ما زالوا يحتاجون فيها للحماية والرعاية، بمثابة إنذار كافٍ لبلدان العالم كي يحموا أولئك الأطفال من هذا الضرر. وعلى العكس من ذلك، يتم الترويج لبلدان مثل الفلبين بوصفها مناطق جذب سياحية رائجة لممارسة الجنس مع الأطفال. ويتدفق السياح من مناطق كثيرة في العالم على هذه الأماكن لا لشيء إلا لهذا الغرض.
ويمثل الزنا فعلاً آخر غير لائق ولكن منتشرا. ووفقا للإحصائيات الصحية الوطنية المعتمدة، يولد 32% من إجمالي الأطفال في الولايات المتحدة خارج إطار الزواج، مما يعني أن 1.267.383 طفلا يولدون لوالدين غير متزوجين كل سنة.14 وهكذا، فإن الفكرة التي لم يكن ليتصورها أحد قبل عقدين أو ثلاثة فقط، أصبحت الآن تشكل جزءا من الحياة اليومية
ولا شك في أن الأضرار المادية والروحية التي يجلبها الزنا على المجتمع واضحة. ولا حاجة أيضا للإشارة إلى أن الوالدين غير المتزوجين أو الأمهات العزباوات، اللاتي يعدن أنفسهن أطفالا، يلدن أطفالا يعانون بشكل دائم من المشكلات أثناء نشأتهم. ويتسم مستقبل هؤلاء الأطفال في الغالب بعدم الوضوح. ويعلق "موجز تقارير الأزمات العالمية الراهنة" “A Synopsis of Current World Crisis Reports” (9 مارس/ آذار 1998) على الانحلال الأخلاقي الموجود في الهيكل الأسري على النحو التالي:
"لقد استلزم التحول الأخير الذي حدث في أوائل القرن العشرين تدمير ثلاثة أركان اجتماعية أساسية... تمثل الركن الأول هذه المرة في التدمير الكامل للأخلاقيات والأسرة بوصفها أساس المجتمع. وقد حدث ذلك في البداية منذ الستينيات. وفي تلك الأيام، كانت العناصر الراديكالية التي تحكم البلاد الآن تسمى بالخنافس، وكان شعارهم الحب الحر. ولم يكد أحد يلحظ أنهم لم يكونوا أحرارا لأنهم كانوا دائما يقاتلون شخصا ما، وأن ما كانوا يشعرون به لم يكن حبا، بل كان فجورا وانحلالا".15
إن الزنا إثم حرمه المولى جل وعلا في القرآن الكريم. وقد أشار المولى جل جلاله في كتابه الحكيم إلى أن أولئك الذين يرتكبون هذا الإثم يعذبون في النار ما لم يتوبوا عنه:
"وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً." (سورة الإسراء: 32)
"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا." (سورة الفرقان: 68)
وبعد التلقين المكثف، أصبح غالبية الناس ينظرون إلى الزنا، الذي هو في الواقع عمل يؤدي إلى النار، بوصفه "سلوكا عصريا"، مما يغري كثيرين بارتكابه.
إن الشذوذ الجنسي، الذي لم يكن مقبولاً ضمن القواعد الأخلاقية للمجتمعات حتى الماضي القريب، هو تصرف آخر مخزٍ يتخلل حياتنا الاجتماعية اليوم. ويتمتع الشاذون جنسياً هذه الأيام بكثير من الحقوق الاجتماعية، بدءا من الزيجات التي تتم بين نفس الجنس إلى إنجاب الأطفال عن طريق الأمهات البديلة أو الحق في تبني الأطفال. ويحق للشاذين جنسياً أن ينضموا إلى الأحزاب، والنوادي، وأن يحضروا المؤتمرات التي تنظم من أجلهم فقط. وفي غضون ذلك، تسعى كثير من المجلات والصحف لكي تغرس في عقولنا أن الشذوذ الجنسي أسلوب حياة رائج ومقبول. ومع ذلك، فالشذوذ الجنسي ليس سوى ضلالة. وعلى الرغم من ذلك، فعند استخدام كلمات مثل "كل شخص حر في اختيار ما يفضله أو يرغب فيه جنسيا"، تنسب صفة "فكرية" إلى تلك الكلمات وبالتالي تصطبغ بصبغة منطقية. ولكن الجميع متفقون على غياب القيم الأخلاقية من حياة المثليين جنسيا والعاهرات. فهم في العادة أناس عدوانيون يصعب إقناعهم بأي موضوع. وهم يكثرون من الشتائم، ولا يحافظون على نظافة أجسامهم ولا منازلهم. كما أن قلوبهم مليئة بالغضب والكراهية تجاه الناس إلى حد أن كثيرا منهم يسهل عليهم نقل أمراضهم المعدية إلى الآخرين، دون أي إحساس بالذنب. وهم لا يراعون أي حدود في أي موضوع، كما أنهم مجردون من الشرف. ونتيجة لسوء حالتهم النفسية، تجدهم يميلون كثيرا إلى الانتحار بل يتعدونه إلى ارتكاب جرائم القتل. ولن تجد لدى هؤلاء الناس قط ما يساهمون به في المجتمع، بل يصبحون دائما مصدرا للقلاقل، والتوتر، والمرض، والفجور في بيئتهم. وتضع الصحافة الشذوذ الجنسي على قائمة جدول أعمالها لتجعل الجمهور منحلا أخلاقيا. ذلك أنه نظرا لوجود نسبة عالية من المثليين جنسيا في وسائل الإعلام وعالم الترفيه، فإن حملاتهم النشطة لمناصرة الشذوذ الجنسي تؤثر تأثيرا كبيرا على الجمهور. ولا شك في أن نشرهم لهذه الدعاية يسبب مزيدا من الضعف للقيم الأخلاقية للمجتمع إلى الأبد.

إن الشباب الذين لا يدركون معنى العفة، التي هي إحدى النعم التي تمنحها قيم القرآن الكريم، لا يرون سببا يمنعهم من بيع أجسادهم.
ويعتبر الكفر أهم صفة مميزة للمجتمع المنحل أخلاقيا. وتعتبر الشذوذ الجنسي شكلا من أشكال الضلالة التي يعد الله بأن يجازي كل من يرتكبها بالعذاب في الدنيا والآخرة على حد سواء، ما لم يرجع الشخص إلى الله تائبا. ويعلن الله جل جلاله في القرآن أن العصاة الذين خالفوا أمر نبي الله لوط سويت قراهم بالأرض بسبب ممارستهم للمثلية الجنسية، وهي كارثة سجلها التاريخ. وعندما طلب منهم نبي الله لوط، عليه السلام، الإقلاع عن هذه الضلالة وأنذرهم بعذاب الله، رفضوا الاستماع إليه واستمروا في ضلالتهم. عندئذ، دمر الله قوم لوط بالكارثة التي أنبأهم بها نبيهم من قبل:
"أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ. قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ. قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ. رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ. فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ. ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ." (سورة الشعراء: 165-174)
الطريقة التي تتعامل بها المؤسسات الاجتماعية والجهات ذات الصلة مع المشكلة تنذر بالخطر
لا تؤكد أي من هذه المؤسسات على حقيقة أن هذا الانحراف الجنسي عمل آثم لا يرضى عنه الله سبحانه وتعالى وأنه يسبب الألم في الدنيا وكذلك العذاب الأبدي في الآخرة. ويجب أن تتم إزالة المرض الذي يجلبه هؤلاء المنحرفون للمجتمع. ومع ذلك، فإن الضرورة الأكثر إلحاحا الآن هي أن يتم إنقاذ هؤلاء الناس مما هم منغمسون فيه. واليوم، يوجد حول العالم ملايين الناس الذين يعيشون في ضلال وفساد، ومن خلال التلقين المكثف، أدخلوا إلى حياتهم الفجور، والتمرد، وكل أشكال الأنماط السلوكية المروعة.
"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا." (سورة الفرقان: 68)
ومن ناحية أخرى، تجد الناس في المجتمع المؤمن يبذلون ما في وسعهم لتحقيق ما هو أفضل، وأشرف، وأجمل، وأصدق. ويخبرنا الله جل وعلا في الآية التالية عن الراشدين:
".... وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ." (سورة الحجرات: 7)
إن الدين هو القوة الوحيدة التي تمنع الإنسان من الانغماس في الآثام والضلالات وتنشر القيم الحسنة في المجتمع. وفي الآية التالية يخبرنا الله بذلك:
"اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ." (سورة العنكبوت: 45)

المقامرة تضر بحياة الإنسان

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/103a.jpg
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/103.jpg
يعتقد بعض الشباب أن طاعة الشيطان سوف تمكنهم من الاستمرار في ممارسة انحرافاتهم معه في جهنم. ومع ذلك، فهم ينسون أن الله يسيطر على جهنم سيطرة كاملة، وأنه جل وعلا سوف يعاقبهم على أفعالهم في جهنم مع الشيطان.
في عصرنا هذا، تفسد المقامرة المجتمعات. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت المقامرة من بين أحد أكثر القطاعات المربحة. ومع ذلك، يمكن أن توجه الأموال الهائلة التي تنفق على متعة محضة، أي على المقامرة، إلى غرض أفضل، أي إلى زيادة رفاهية الشعب.
وتؤثر المقامرة على الناس تأثيرا ضارا للغاية. ذلك أن المجتمع لا يستطيع أن يتحمل تكاليف المقامرة، وهو ما يتضح أيضا من الأخبار المنشورة في الصحف وأجهزة التليفزيون. فسنجد الناس ينتحرون بسبب الدَّين، ولا يستطيعون الحفاظ على تماسكهم الأسري، ويعانون من الإحباط، بل إنهم يرتكبون جرائم القتل، لأنهم يخسرون في بضع ساعات فقط ما جمعوه على مدى سنوات. ويقدم هذا القطاع من الاقتصاد مثالا مهما على الانحلال الأخلاقي، لأنه يقوم على تبديد شمل الأسر، وانهيار الزيجات، وكسب المال خارج إطار القانون.
وكم هو مذهل أن المقامرة، التي تلحق ضررا كبيرا بالمجتمع، يتم الترويج لها بشكل مكثف. ومن المؤكد أن من يجنون المال من المقامرة ويضفون عليه صفة قانونية ليسوا ممن يستمعون إلى صوت الضمير.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/103b.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/103c.jpg
إن عبادة الشيطان هي أحد الشرور التي تظهر أحيانا على السطح. وعندما يلتفت الرأي العام لهذا الموضوع، يعلق كل شخص على الموضوع وفقا لآرائه ويقدم طرقا عديدة لحماية الشباب من هذا التهديد. ومع ذلك، من الواضح أن هذه الحلول لا تتضمن أي حل أصيل وجذري ودائم، وأنه لا توجد سوى طريقة واحدة لحماية الناس من هذا الانحراف، ألا وهي: الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وإدراك دلائل وجوده وقوته، والخوف منه، والعيش وفقا لقيم القرآن، وتعليم الشباب. ولن تساعد أي طريقة أخرى في تخليص الناس من هذا التهديد.
وسنجد أن أولئك الذين يسمحون بانتشار المقامرة على نطاق واسع في المجتمع، وهي التي تعتبر مصدرا لمعاناة الجميع، يعترفون بهذه الرذيلة عندما يبدؤون هم أنفسهم في المعاناة منها. ومع ذلك، إلى أن تنتهي بهم الحال هم أنفسهم إلى هذه النهاية غير المرغوبة، يكونون قد تسببوا في انجراف الكثيرين نحو حياة مظلمة. ولن يتسنى القضاء على مثل هذا السلوك الذي لا ينبع عن ضمير حي إلا من خلال اتباع ما جاء في القرآن الكريم. ويعرِّف المولى عز وجل المقامرة (الميسر) بأنها رجس، وينبه الإنسان إلى ضرورة الابتعاد عنها:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ." (سورة المائدة: 90-91)
ويجب على المؤمنين ذوي الضمائر الحية أن يعملوا على توعية الناس بأضرار المقامرة وأن يدعوهم لتجنب هذه الرذيلة.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ." (سورة المائدة: 90)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:36 AM

الجرائم الناتجة عن الكفر

"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا." (سورة الفرقان: 68)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/104.jpg
إن البعد عن قيم الإسلام يصيب المجتمع بأضرار كثيرة، من بينها انتشار قسوة القلب، والغضب، والعنف. إذ يسهل على الكافرين ارتكاب جريمة القتل عندما يشعرون أن مصالحهم في خطر أو عندما يعجزون عن التحكم في الغضب الذي يشعرون به تجاه شخص آخر.
وهناك أناس كثيرون تدفعهم شرارة من الغيرة أو الغضب إلى طعن شخص آخر حتى الموت بدون أي سبب، أو إلى قتل أحد أفراد الأسرة المقربين أو شخص غريب عنهم. وأضف إلى تلك الصورة، السفاحين والقتلة المأجورين. ولا شك في أن الصحف ونشرات الأخبار التليفزيونية التي تزخر بقصص جرائم القتل تعد مؤشرات على الانحلال الأخلاقي الناتج عن الكفر.
ويُقتل يوميا عشرات الآلاف من الناس حول العالم. فهناك أناس يقتلون سائقي سيارات الأجرة في منتصف الليل من أجل حفنة من المال. وهناك الكثير من القتلة المأجورين الذين يكسبون رزقهم من قتل أناس لا يعرفونهم. ويلجأ هؤلاء الناس في الغالب إلى ذرائع غير منطقية مثل "إذا لم آخذ هذا المال، فسأموت من الجوع". وتحدث كل هذه الأفعال العنيفة نتيجة لحياة لا تعرف أن لوجودها غاية إلهية.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/xxx.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/xx.jpg
Time, 25 March 1996

يسهل على أولئك الذين لا يراعون حدود الله ارتكاب جريمة القتل.
وهناك أناس يقتلون من أجل المتعة فقط، وسفاحون يمتهنون ذبح الأبرياء. كما أن هناك أناسا يقتلون آباءهم وأمهاتهم أو يستأجرون شخصا آخر ليقتلهم لا لشيء إلا لكي يرثوا ثرواتهم. وهناك أيضا من يرتكبون جرائم القتل بدافع الغيرة، وآخرون تدفعهم الرغبة في الانتقام إلى الانتظار لسنوات من أجل الأخذ بثأرهم. وهناك من يقتلون أشخاصا غرباء عنهم تماما لأنهم لا يحبون الطريقة التي ينظرون بها إليهم. وهناك كذلك من يذبحون عائلة بأكملها، بما في ذلك النساء والأطفال، بسبب عداء دموي. وهناك أيضا من يغيرون على رياض الأطفال ويرهبون القلوب الصغيرة. هناك أمثلة كثيرة جدا ولا توجد نهاية للأخبار السيئة التي تنشر في الصحف كل يوم.
إن أحد الأسباب في حدوث كل ما سبق يتجسد في تجاهل الآية المذكورة أدناه:
"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا." (سورة الفرقان: 68)
وكما جاء في الآية المذكورة أعلاه، يتوعد الله سبحانه وتعالى أولئك الذين يقتلون نفسا بدون حق بعذاب أليم. ويخبرنا المولى عز وجل أن قتل نفس واحدة يعادل في إثمه قتل كل الناس. ومع ذلك، ففي عصرنا هذا أصبح الناس كثيرا ما يرتكبون جريمة القتل لأنهم لا يمتثلون لما جاء في هذه الآيات ولأن قلوبهم لا تخشى الله جل وعلا. وبما أن هؤلاء الناس لا يؤمنون باليوم الآخر ويتظاهرون بجهلهم بحقيقة أنهم سيُسألون عن مثل هذا العنف في ذلك اليوم، فإنه يسهل عليهم التصرف بمثل هذه القسوة. ومع ذلك، فإن من المستبعد ألا يتمكن شخص يراعي حدود الله من السيطرة على غضبه فيؤذي شخصا آخر. ويمكن أن يهرب الناس من العدالة في هذا العالم ولكن بعد الموت يستحيل أن يحدث ذلك في وجود الله. وعندئذ لن يستطيع المرء أن يهرب من العذاب الأبدي. ويلفت الله انتباهنا إلى هذا الموضوع في الآية التالية:
"إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ." (سورة آل عمران: 21)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:37 AM

أولئك الذين انحرفوا عن طريق الدين القويم ينشئون ذرية قاسية القلب


http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/108.jpg
إن هؤلاء الأطفال، الذين يتأثرون تأثرا كبيرا بالأفلام، هم نتيجة حتمية للمجتمعات الكافرة.
لقد احتلت جرائم القتل في الفترة الأخيرة مكانة بارزة في أجندة العالم بسبب بعد آخر محزن ألا وهو العنف المتبادل بين الأطفال. فمن خلال حوادث إطلاق النار التي وقعت مؤخرا في المدارس على يد أطفال، تبينت بوضوح شديد سرعة تأثر الأطفال بالعنف. ذلك أن عقولهم وقلوبهم النقية قد تشبعت بالبرامج والأفلام التليفزيونية المليئة بمشاهد عنف غير مسبوقة، لا سيما أن مشاهد القتل، التي تسيطر على بعض الأفلام، تعرض كثيرا من الأطفال للخطر وتظهر الجانب المظلم من الكفر.
إن ما يدفع الشباب فعليا إلى مثل هذه الكآبة ويجعلهم يميلون للقسوة هو وجود أناس حادوا عن طريق الدين المستقيم. ذلك أن هؤلاء الناس لا يخافون الله، وعلاوة على ذلك، فهم ينشئون ذرية قاسية لا تخاف الله. إذ يغرسون في أطفالهم الضلال بدلا من الرحمة، والتعاطف، والعدالة، والحكمة، وباختصار فهم يزرعون فيهم قيم الكفر. ويوضح دعاء نبي الله نوح، عليه السلام، المذكور في القرآن الكريم أن كل الكافرين يتصرفون بقسوة:
"وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا. رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا." (سورة نوح: 26-28)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/108a.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/108b.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/108c.jpg
هذا الطفل الذي يبدو في قمة البراءة، ارتكب مذبحة مروعة على الرغم من حداثة سنه. وكل الآلام التي يعاني منها هؤلاء الناس الظاهرين في الصورة ادناه سببها هذا الطفل. إن النهاية قريبة بالنسبة لأي مجتمع لا يزود أطفاله بالقيم. لقد أصبح الارتفاع الكبير في أعداد الأطفال القتلة مأساة إنسانية من كل النواحي.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:39 AM

الحروب في جميع أنحاء العالم

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ." (سورة البقرة: 208)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/1936o.jpgلقد كان القرن العشرون قرن الحروب، والإبادات الجماعية، والصراعات. فقد أريقت فيه الدماء بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم. وخلال سنواته، رأينا بأم أعيننا صورا لملايين الناس الذين لقوا حتفهم. وفي ذلك القرن أيضا، أجبر عشرات الملايين على ترك منازلهم، أو فقدوا أحباءهم، أو انتهى بهم الحال مشوهين أو مصابين أو معاقين. كما تأسست دول جديدة وانهارت دول أخرى كثيرة، وكانت لذلك آثار مهمة للغاية على تاريخ العالم. وشهد ذلك القرن حربين عالميتين امتدت أبعادهما لتشمل العالم على نحو لم يسبق له مثيل في القرون السابقة. ففي الماضي، لم تكن هناك سوى بضعة بلدان تخوض الحروب وعدد محدود من الخطوط الأمامية التي كانت مسرحا لتلك الكوارث. ومع ذلك، فأثناء الحرب العالمية الأولى وحدها، لقي تسعة ملايين شخص مصرعهم وجرح أكثر من عشرين مليونًا آخرين، أما في الحرب العالمية الثانية، فقد لقي ما لا يقل عن خمسة وخمسين مليون شخص مصرعهم.
والحقيقة هي أن أكثر الضحايا معاناة من تلك الحروب لم يكونوا المقاتلين بل كانوا ملايين المدنيين الذين أصيبوا في أثناء تبادل إطلاق النار، بالإضافة إلى النساء، والأطفال، والشيوخ الذين ذبحوا. وألِف الناس في القرن العشرين مصطلح الإبادة الجماعية. وابتليت مناطق مثل فيتنام، وفلسطين، وكشمير، ورواندا، والبوسنة، والشيشان بصراعات خلّفت كل منها حصيلة من الأموات. وعُذب عشرات الآلاف من الناس وعاشوا بقية حياتهم مبعدين عن أوطانهم.
وفي القرآن الكريم، يحكي لنا الله جل جلاله كيف أن فترة حكم فرعون مصر كانت شبيهة بهذا العصر. ذلك أن المذابح الوحشية، التي حدثت في عصر فرعون، كانت دائما موجهة نحو الفقراء، والمعدمين، والعزل. ويحكي لنا الله في الآيات التالية كيف عذب فرعون شعبه:
"إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ." (سورة القصص: 4)
"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ. وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ." (سورة إبراهيم: 6-7)

وفي عصرنا الحالي، تبين التغطية الإعلامية لهذه المذابح الجماعية كيف حاد مرتكبوها عن المبادئ الإنسانية. وبما أن هؤلاء الناس مجردون تماما من أي نوع من أنواع الحس الخلقي والمشاعر الإنسانية، فإنهم لا يدركون في العادة ما يسعون لتحقيقه. وينطبق الشيء ذاته على الحروب. ذلك أن المسؤولين عن التخطيط للحروب وزرع بذور الحرب في المجتمعات يفعلون ذلك أملا في تحقيق مصالح معينة. ومع ذلك، ستجد في أغلب الأحيان أن كثيرا ممن يشتركون في الحرب ليست لديهم أي فكرة عما يحاربون من أجله.
إن السبب الفعلي في قسوة قلوب الناس، إلى الحد الذي يدفعهم إلى ارتكاب جرائم القتل أو المذابح الجماعية، يعود إلى العقلية التي استقوها من قادتهم. ففي نظام يُعامَل فيه الإنسان مثل الحيوان، ويصطبغ فيه التعذيب والعنف بصبغة منطقية، تكون القيم بلا مغزى. وإذا نظرنا للأمر من وجهة النظر هذه، فستتضح نقاط التشابه بين القادة وجبابرة الأرض الذين يشكلون القوى الدافعة للعنف في عصرنا، وبين فرعون وجنوده الذين روى لنا القرآن الكريم عنهم:
"وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ. وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ." (سورة القصص: 41-42)
جذور العنف

عندما ندقق عن كثب في الأسباب التي تدفع الإنسان إلى ذبح أخيه الإنسان دون أن يعتريه أي شعور بالذنب، يبرز أمامنا الفكر المادي الذي كان له أثر كبير على الحياة الفلسفية في القرنين التاسع عشر والعشرين. إذ تؤكد الفلسفة المادية على أنه لا وجود لغير المادة، وأن المادة سرمدية. وبما أن هذه الفلسفة تنطلق من هذه الفرضية، فهي تنكر وجود الله سبحانه وتعالى وجميع القيم المتصلة بالحياة الروحية والخلق الحسن كذلك. ومرة أخرى، يرى هذا المنطق الفاسد أن الإنسان وجد ليبقى، وأنه غير مسؤول أمام أي أحد عن أي شيء. لذا، يقول الماديون إن الإنسان يجب ألا يسعى إلا لتحقيق مصالحه الشخصية.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/113.jpg
النظرية الداروينية هي أساس الكثير من الأعمال الوحشية المنتشرة في العالم الحديث.
وتمثل نظرية التطور التي يؤيدها الفلاسفة الماديون الركن الأساسي الذي استند إليه هذا الفهم المنحرف. وعندما قدمت نظرية التطور لأول مرة، كانت تدعم وجهة النظر المادية، وبالتالي وضعت هذه النظرية أساسا للتفكير الوحشي الكامن وراء جرائم القتل والمذابح الجماعية. وفي إطار فكرة "البقاء للأصلح"، اقترح داروين أن الضعيف سيفنى دائما في حين أن القوي سيبقى. وأصبحت الفكرة المعروفة باسم "الداروينية الاجتماعية" هي المعتقد الأساسي للآراء العنصرية التي هيمنت على الفكر الرأسمالي في القرن التاسع عشر. ووفقا لهذا الرأي، تم تعريف الضعفاء، والمعدمين، والمعاقين بل وحتى أجناس كاملة من البشر بوصفهم كائنات ضعيفة عاجزة عن التطور وبالتالي ينبغي عليها أن تخدم مصالح "الأصلح".
ولا يولي الاتجاه المادي أي أهمية لحياة الإنسان، وعلى وجه الخصوص، فإنه لا يوجد ما يعوق إبادة الضعفاء. وتفسر هذه الاستهانة بحياة الإنسان السبب الكامن وراء قتل الناس من أجل فدان من الأرض فقط، أو من أجل طموحات شخصية، أو من أجل اكتساب بعض الموارد الطبيعية. وإذ ينسب أولئك الذين ينكرون الروح صفة المطلق إلى المادة، فإنهم يميلون إلى ارتكاب كل أنواع الآثام والحماقات كما أنهم يدفعون غيرهم إلى هذه القسوة. ومع ذلك، يولي القرآن أهمية بالغة لحياة الإنسان. فقد جاء في القرآن الكريم أن من قتل نفسا واحدة فكأنما قتل الناس جميعا:
"مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ." (سورة المائدة: 32)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/asker.jpg
يزخر تاريخ العالم بأناس فقدوا أرواحهم في حروب قامت من أجل فدان من الأرض أو أيديولوجية.
وكما جاء في الآية المذكورة أعلاه، ففي مجتمع يتبع أفراده أوامر الله، لن تتيح الظروف إزهاق أرواح الناس وإبعادهم عن أوطانهم. لأن الناس في ذلك المجتمع لا يتعرضون للتعذيب، أو السجن، أو سوء المعاملة. وكما ذكرنا سابقا، يأمر القرآن الناس بالمعاملة العادلة الكريمة وينهاهم عن العنف، والقسوة، والطمع، وتخطي الحدود. وقبل أن نشجب العنف والظلم على الأرض، علينا أن نتحمل مسؤولية إبلاغ الناس بوجود الله، ويوم القيامة، وقيم القرآن الكريم والسنة. وعلى أولئك الذين يمتنعون عن أداء هذا الواجب ويتجاهلونه ببساطة أن يخافوا من عقاب الله لأن هذه الدنيا دار اختبار للإنسان:
"وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ. ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ." (سورة يونس: 13-14) أسباب الحرب

لن نكتشف الخلفيات غير المنطقية التي تؤدي إلى نشوب الحروب إلا من خلال تحليل أسبابها. ولا يوجد ضمن أسباب الحرب ما يبرر خسارة آلاف الأرواح وإصابة أعداد هائلة من البشر. ويتمثل السبب الرئيسي في جعل الحروب هي مصدر الألم الدائم للإنسانية والدمار التام للاقتصادات الوطنية في أولئك الذين يختارون إلحاق الأذى بالآخرين وينتهكون حقوقهم. وأفضل وصف لهذا الخُلق هو القسوة والأنانية. وبما أن هؤلاء الناس مجردون تماما من كل الصفات الإنسانية مثل التعاطف، والرحمة، والقدرة على التعاون، فهم لا يسعون إلا لإرضاء مطامعهم الشخصية ويتوقون بشدة لإشباع تطلعاتهم القيادية. ويصف القرآن الكريم هذا الخُلق على النحو التالي:
"وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ." (سـورة البقرة: 205-206)
"وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ." (سورة فصلت: 34)

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/aglayan.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/116.jpg
في المجتمع الذي يتبع فيه الناس أحكام القرآن والسنة، لا يُسمح أبدا بإراقة الدماء بدون حق، خاصة حينما يتعلق الأمر بالأبرياء والشباب. وإذا كانت الرغبة في السلام والسلوك القويم هما اللذان يحكمان العلاقات البشرية، فستكون النتائج مرضية.
وفي أغلب الأحيان يصبح انتهاك بلد لحقوق بلد آخر سببا يدفع البلد المعتدى عليه إلى شن حرب على البلد المعتدي. وجدير بالذكر أن الحرب التي تعلن من أجل فدان من الأرض عادة ما تشكل القوة الدافعة التي يتعذر إيقافها والتي تقود كل البلدان المتحاربة إلى طريق الدمار. وأثناء الحروب التي تستمر لسنوات، تخصص كل البلدان المشتركة في الحرب استثمارات ضخمة للتسلح، إلى الحد الذي تستنفد فيه كل ثرواتها المادية. وفي غضون ذلك، يتبين أن الموازنات المخصصة أصلا من أجل التعليم والصحة لا تكفي لتحقيق الصالح العام للمجتمع. وتتسبب بعض مجموعات الضغط الحيوية ومصالح الشركات ذات النفوذ في نشوب تلك النزاعات. وفي غضون ذلك، نجد أن الشعب دائما هو الذي يقاسي من تبعات الحرب الأليمة. ومع ذلك، تكون النتيجة دائما دمارا كليا لكلا طرفي الحرب، لأن أولئك الذين يتورطون في ثورات العصيان يواجهون دائما المتاعب في هذه الدنيا ولا ينجحون أبدا في عيش حياة مريحة. وفي القرآن الكريم، يتوعد الله الظالمين بالعذاب:
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...orfeztempo.jpg
ليس الجنود وحدهم هم الذين يعانون من تبعات الحرب. فبالإضافة إلى فقد الأرواح والممتلكات، تلحق الحروب أضرارا نفسية خطيرة بالمدنيين.
"إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ." (سورة الشورى: 42)
وتمثل الموارد الجوفية والطبيعية، والمناجم، ومصادر المياه عوامل أخرى تدفع البلدان لشن الحروب. وتنشأ الصراعات في أغلب الأحيان عندما تبدأ البلدان المحرومة من هذه الموارد بتهديد جيرانها كي تقتسم معها مواردها. ويمكن حل هذه المشكلات باستخدام التكنولوجيا المتقدمة والتخطيط الملائم. إلا أنه بما أن الحال كذلك، فإن بعض البلدان تكرس كل قوتها لممارسة نفوذها وسيطرتها عن طريق الحروب والنزاعات، ولا ترى خطأ في تخريب البلدان الأخرى من خلال قصف قنوات الري بالقنابل، على سبيل المثال، أو اللجوء إلى أي شكل آخر من أشكال العنف. وفي غضون ذلك، لا تهتم تلك البلدان القوية حقا بموت النساء والأطفال الأبرياء – أي "بالأضرار المصاحبة".


الساعة الآن 04:26 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى