036- الخط الكوفي :
- من اقدم الخطوط التي وصلت الينا وتمتاز حروفه بالاستقامة والزوايا ويتخذ للزخرف والزينة ويكثر فيه التعقيد الى درجة يصعب معها قرائته على غير المختصين . ويستعمل للكتابات الزخرفية الكبيرة وعناوين الكتب والصحف... . واهم مايمكن ان يتميز به هذا الخط ظهور الاحرف مشكلة في كلمات على شكل غصون اوزخارف هندسية ونباتية ، كذلك يعرف هذا النوع بتعامد حروفه وتفرع زخارفه الى نجوم ودوائر ومثلثات ومكعبات أوعلى شكل آنية وجوامع أو احاطتها بإطار من الحروف العربية او وضع الكتابة في أطر مثلثة أو مربعة أو منتظمة .
- كان يطلق عليه " الخط الجاف " (ابو الخطوط) .
- لازال الجميع يعترفون بان " الكوفة " كان لها ابرز الاثر في تجويد هذا الخط وقد ابدعت فيه وانتشر منها الى العالم الاسلامي .
- بلغ درجة عالية من الجودة والاتقان في زمن الخليفة الرابع علي كرم الله وجهه.
- وبظهور خط (ا لنسخ ) انسحب الخط الكوفي الزاهر من ميدان الكتابة الاجتماعية واصبحت كتابته مقصورة على المساجد والمحاريب وزخرفة المصاحف .
- دخل مع الفتوحات الاسلامية الى كل بلد دخله الاسلام حتى سماه ا لمستشرقون الخط الاسلامي
- من الخطاطين القدامى المشهورين فيه : مالك بن دينار وبديع الهمذاني وياقوت الرومي وابن مقلة وابن البواب والبخاري والبوصيري والقلقشندي ، ومن النساء الشفاء ، والسيدة حفصة ام المؤمنين وشهدة بنت الإبري والسيدة بزم عالم ام السلطان عبد المجيد خان .
- اشتهر باجادته الاستاذ يوسف احمد ا لمصري الذي بعثه من مرقده طوال (400) عام .
- ومن أشهر انواعه : الخط الكوفي القديم – الخط المنقوط – الخط الكوفي المربع الهندسي – الخط الكوفي الهندسي المحور – الخط الكوفي الدائري – الخط الكوفي القبطي العربي – الخط الكوفي لطراز المصاحف – الخط الكوفي المزخرف – الخط الكوفي المظفور – الخط الكوفي المزهر ، وهناك انوعا اخري كالشطرنجي ، والمملوكي الايوبي ، والمملوكي الشركسي ، والبحري الفاطمي .

- النماذج :

http://hafeed.jeeran.com/shaclkat36.jpg

شكل ( -36- لوحتان بالخط الكوفي المزخرف / المصدر : موسوعة الخط العربي / ايمن عبد السلام )

http://hafeed.jeeran.com/shaclkat37.jpg

(شكل -37 – لوحتان للبسملة ، اليمنى منهما بخط كوفي زخرفي من الطراز المملوكي الجركسي في مصر من كتابات يوسف احمد المصري ، واليسرى نموذج كتابة بسملة كوفية متشابكة معقودة الحروف العمودية / المصدر : الخط العربي جذوره وتطوره /ابراهيم ضمرة )

037- خط النسخ :
- يعتبر خط النسخ من الخطوط العربية الاصيلة التي انحدرت تاريخيا من الخط الآرامي مرورا بالخط ا لنبطي واستقرارا بمكة والمدينة حيث عرف بالخط الحجازي قبل عصر النبوة وبقي متداولا في عصر يصدر الاسلام لتدوين دواوين الدولة والمراسلات . وهناك كثيرا من الكتاب يرون غير هذا الرأي فيِ اصل النسخ
- سمي بخط النسخ لانه الخط الذي اعتاده المؤلفين في نسخ مؤلفاتهم وبخاصة نسخ القرآن الشريف .

- ينسب الى الوزير ابن مقلة واخيه تطوير هذا الخط ووضعه بصورته الكاملة في بداية القرن الرابع الهجري ، ليقفز قفزة نوعية في عهد الاتابكة في اواسط القرن السادس الهجري ويحل محل الخط الكوفي في كتابة القرآن الكريم وبشكل نهائي .

- جاء دور المدرسة السلجوقية الاتابكية فيما بين القرنين العاشر والثالث عشر الهجريين ، والتي زادت من تجويد هذا الخط بحيث ان مصاحفها جاءت آية في الجمال .

- اخذ الاتراك عن السلاجقة خط النسخ خطا ناضجا فساروا فيه سيرتهم وابدعوا فيه ايما ابداع .

- الحروف العربية النسخية هي اكثر الحروف استعمالا في تدوين القرآن وكتب السنة وكتب الدين بين الامم التي احتفظت بلغاتها الاصلية وذلك لسهولته وعدم اللبس فيه .

- ازدهر في القرن السابع الهجري بفضل ياقوت المستعصمي الذي لقب (بقبلة الكتاب ) وتتلمذ على يديه عدد من الخطاطين البارعين ، واجاده حمدالله الاماسي ومصطفى راقم ، واشتهر باجادته محمد عبدالعزيز الرفاعي والحافظ عثمان الذي كتب عدة مصاحف ، ومصطفى نظيف .

- جميع الكتب بالمطابع تكتب بحروف النسخ .

- النماذج :

انظر الشكل (33&38)

http://hafeed.jeeran.com/shaclkat38.jpg

(الشكل (38) صفحتان من القرآن الكريم بخط النسخ بقلم الحافظ عثمان /
المصدر الخط العربي تاريخه وحاضره / بلال الرفاعي )

038- خط الثلث :
- يقول السيد وليد لاعظمي في تراجم خطاطي بغداد : ان هط الثلث هو أصل الخطوط العربية وابهاها واجملها واصعبها . ولايعتبر المرء خطاطا مالم يضبط هذا النوع ويتقنه ، والذي يتمكن من الثلث يتمكن من سواه بسهولة ويسر .

- يعود تاريخ خط الثلث الى اواخر خلافة بني امية واوائل خلافة بني العباس على يد قطبة المحرر ، وقيل ان جودة الخط انتهت الى الشام حيث طور ابراهيم الشجري المتوفي سنة 200 هـ خط الطومار فخفف منه قلما سماه قلم الثلثين ثم اخترع من قلم الثلثين قلما سماه قلم الثلث .
- تعود تسمية هذا النوع بهذا الاسم الى مساحته .

- يستعمل هذا الخط في الاغلب في كتابة سطور المساجد في المحاريب والقباب والواجهات وفي المتاحف الفنية وعناوين الكتب والصحف واوائل سور القرآن الكريم وهو خط جميل ويحتمل كثيرا من التكيل والحركات .

- يقسم الى قسمين : قلم الثلث الثقيل / وقلم الثلث الخفيف .

- اشتهر باجادته من الاتراك : عبدالله زهدي بك ، والشيخ محمد عبدالعزيز الرفاعي ... وغيرهم ، ومن البارعين فيه هاشم محمد العراقي ومحمد بدوي الديراني السوري ، ونجيب هواويني اللبناني ، ومن المصريين محمد مؤنس وتلميذه محمد جعفر وتلميذهم على بك ابراهيم ... وغيرهم .

النماذج :

(انظر الشكل 30& 39 &40)

http://hafeed.jeeran.com/shaclkat39.jpg

(شكل ـ 39 ـ كتابة زخرفية مدورة ،
السطر الاعلى بخط نسخي والكتابة تحته بخط ثلثي جلي
كتبها الخطاط عبدالعزيز الرفاعي /
المصدر موسوعة الخط العربي /ايمن عبدالسلام )

http://hafeed.jeeran.com/shaclkat40.jpg

شكل ـ 40ـ خط الثلث للخطاط عزيز الرفاعي /
المصدر الخط العربي تاريخه وحاضره / بلال الرفاعي )

039- الخط الفارسي :

- ويسمى خط التعليق وهو في غاية الحسن والجمال وتمتاز حروفه بدقتها ويشبه خط الرقعة في انه لايحتمل الشكل ولا التركيب . ويمتاز بالوضوح وعدم التعقيد .

- يختص هذا النوع من الخط بالفرس وما جاورها من البلاد كالافغان والهند وهو خط جميل بهي ومن لايتقنه من خطاطي الفرس لايعد خطاطا .

- وفي الموسوعة الاسلامية ان الخط الفارسي كان مؤرخا سنة 410هـ ، وقد عثر على كتاب قديم في نيسابور بخط البيهقي (خط فارسي) كان مؤرخا في 430 هـ . وابن الاثير كتب بهذا الخط ومخطوطة باسمه لازالت في مكتبة جيستربيتي وهي تبحث في نظريات اقليدس الهندسي .

- من انواعه : خط الشكسته ومعناها بالفارسية (المكور) / وخط التعليق وعرف باسم النستعليق / وخط جلي التعليق / وخط انجه تعليق ومعنى انجه بالتركية (دقيق)

النماذج :

(انظر الشكل 41 & 42)

http://hafeed.jeeran.com/shaclkat41.jpg

(شكل ـ 41 ـ كتابة لوحة بخط فارسي " شكستة " )

http://hafeed.jeeran.com/shaclkat42.jpg

( شكل ـ 42 ـ لوحة زخرفية بخط تعليق / المصدر للشكلين / الخط العربي جذوره وتطوره /ابراهيم ضمرة )

040- خط الرقعة :
- هو اسرع واسهل الخطوط ، وهو يستعمل في جميع دواوين الحكومات العربية ، وبين عامة الناس لسرعته وسهولته ، وقد كان واسع النتشار في الدولة العثمانية فقام المستشار ممتاز بك معلم الخط للسلطان عبدالمجيد خان العثماني سنة 1830 هـ بوضع قواعد خاصة للرقعه.

- لاعلاقة بينه وبين خط الرقاع القديم ويعتبر من خطوط المدرسة التركية العثمانية التي عنيت بالخط واجادت فيه .

النماذج :

http://hafeed.jeeran.com/shaclkat43.jpg

شكل ـ 43 ـ خط رقعة / المصدر: موسوعة الخط العربي /ايمن عبدالسلام )

045- تراجم لأشهر الخطاطين :

- أبن مقلة الوزير الخطاط ( 272 هـ ـ 328 هـ ):

هو ابو علي محمد بن على بن الحسين بن مقلة الوزير المشهور ، اوبن مقلة لقب غلب عليه ومقلة كما ذكر الحنبلي في كتابه " شذرات الذهب " اسم ام لهم كان ابوها يلاعبها ويقول لها يامقلة ابيها ، واما ياقوت فذكر ان مقلة اسم ابيه علي .

ولد ابن مقلة ببغداد ونبغ في الخط ا لعربي وبلغ مرتبة عالية في فنه الى ان انتهت اليه جودة الخط وحسن تحريره . وضع القواعد المهمة في تطوير الخط العربي وقياس ابعاده واوضاعه ، و يعتبر من المؤسس الاول لقاعدتي الثلث والنسخ وعلى طريقته سار الخطاطون من بعده .. (108)

استوزر لثلاثة من الخلفاء العباسيين وهم المقتدر بالله والقاهر بالله والراضي بالله ، وتعرض خلال ذلك للمحن والنفي ومصادرة امواله ، وكانت نهايته ابشع من ان يحتملها عقل فقد وشى به حاجب بن رائق للراضي بالله فقطع يده اليمنى ،
فقال : يد خدمت بها الخلفاء وكتبت بها القرآن الكريم تقطع كما تقطع يد اللصوص !!!
وقال :


اذا ما مات بعضك فأبك بعضا = فإن البعض من بعض قريب .

ثم انه قطع لسانه بعدها وحبس وظل في السجن حتى أسلم الروح الى بارئها .
وقد قيل في خط ابن مقلة الكثير ، فقد قال انشد الشاعر ابوعبيد البحتري في خطه :

سقى الله عيشا مضى وانقضى = بلا رجعة أرتجيها ونقلة
كوجه الحبيب وقلب الاديب = وشعر الوليد وخط ابن مقلة

وقال الصاحب بن عباد :

خط الوزير ابن مقلة = بستان قلب ومقلة

وقال الثعالبي فيه :

خط ابن مقلة يضرب مثلا في الحسن ، لانه أحسن خطوط الدنيا ، ومارأى الراؤون مثله في ارتفاعه من الوصف وجريه مجرى السحر . (109)

وقال الذهبي في سير اعلام النبلاء في ترجمته :
قال الصُّولـيُّ: ما رأيتُ وزيراً منذ توفِّـي القاسمُ بنُ عبـيد الله أحسن حَرَكَة، ولا أظْرَفَ إشَارةً، ولا أمْلَـحَ خَطّاً، ولا أكْثَرَ حِفْظاً، ولا أسلَطَ قَلَـماً، ولا أقْصَدَ بَلاَغَةً، ولا آخذَ بقلوب الـخُـلَفَـاءِ، من ابنِ مُقْلَة. وله عِلْـمٌ بـالإعْرَابِ، وحِفْظٌ للغة، وتوقـيعاتٌ حِسَانٌ.

وقال الصفدي في ترجمته :

ومن العجائب أن الوزير ابن مقلة تقلّد الوزارة ثلاث مرات وسافر فـي عمره ثلاث مرات ، واحدة إلـى الـموصل ، واثنتـين فـي النفـي إلـى شيراز ، ودُفن بعد موته ثلاث مرات فـي ثلاثة مواضع !!! .

رحم الله ابن مقله وجزاه عن العربية واهلها خير الجزاء .

- أبن البواب ( ت413 هـ ) :

هو ابوالحسن على بن هلال بن عبدالعزيز المشهور بابن البواب ويرجع لقبه هذا الى والده الذي كان يعمل بواب بيت القضاء في بغداد .

قرأ ابن البواب القرآن الكريم وتفقه فيه ظن ووعى آياته بفضل شيخه ابي الفتح عثمان بن جني الذي لقنه علوم العربية ، كما تتلمذ على محمد بن أسد بن سعيد الكاتب تليمذ الوزير ابن مقلة فريد زمانه في صناعة الخط . (110)

كان من حفظة القرآن الكريم ، عمل مزوقا للبيوت ودهانا في شبابه ثم صور الكتب واحترف الكتابة توفي عام 413 هـ ودفن بجوار الامام احمد بن حنبل حسب رواية ابن خلكان في وفيات الاعيان بعد ما كتب 64 مصحفا في حياته احدها مصحف بخط الريحاني اهداه السطان سليم الاول الى جامع لالا في اسطنبول .

وقد قيل في خط ابن البواب الكثير منه ماقاله ابوحيان التوحيدي في رسالة الكتابة المنسوبة ، وهو ممن عاصر ابن البواب (( ام الشيخ ابن البواب فوجد الناس قد اجتهدوا قبله في اصلاح الكوفي وأقبلوا على ترطيب الكتابة للسر الخفي وهو حب النفس للرطوبة لانها مادة الحياة ، وهي لمرونة الخط وريه ، الاترى الخارج من زواياه ، وكانت اسباب هذه الصناعة قد كملها الله باسرها ... فرأى ابن مقلة انهما قد اتقنا قلمي التوقيعات والنسخ ، لكن لم يرسخا رحمهما الله اتقانهما ذلك الرسخ ، فكمل معناهما وتممه ... وجد شيخه ابن اسد يكتب الشعر بنسخ قريب من المحقق فأحكمه ، وحرر قلم الذهب واتقنه ، ووشى برد الحواشي وزينه ثم برع في الثلث وخفيفه ، وابدع في الرقاع والريحان وتلطيفه ، وميز قلم المتن والمصاحف ، وكتب بالكوفي فأنسى القرن السالف !! ) .(111)

ولابن البواب يد باسطة في ا لكتابة وحسن التعبير ، وقد افرغ حذقه لفن الخط والابداع فيه في قصيدة تعليمية حوت اسلوب تعلم الخط والابداع فيه ، وتحضير الحبر واستعمال الجيد منه ، وقدم فيها نصيحة للمبدتئين في هذا المجال .... (112)

كما انه اسس مدرسة للخطوط بقيت الى زمن ابي الدر ياقوت المستعصمي . ويرجع الفصل في ابداعه وأستمراه في العطاء الى عمله في مكتبة بهاء الدولة في شيراز ، وبقي في عمله هذا الى ان عاد الى بغداد حيث وافاه الاجل .(113)

وقال الذهبي في سير اعلام النبلاء في ترجمته (قلتُ الكتابةُ مُسَلَّمَةٌ لابن البَوّاب، كما أنَّ أقرأ الأمَّةِ أُبَيُّ بنُ كعب، وأقضاهم عليٌّ، وأفرضَهم زيد، وأعلمهم بالتأويل ابنُ عباس، وأمينهم أبو عُبيدة، وعابدهم محمدُ ابن سيرين، وأصدقهم لهجة أبو ذر، وفقيهَ الأمة مالك، ومحدثَهم أحمدُ بن حنبل، ولُغويَّهم أبو عُبيد، وشاعرَهُم أبو تمّام، وعابدَهم الفُضيل، وحافِظَهُم سفيانُ الثوري، وأخباريَّهم الواقديُّ، وزاهدَهُم معروفٌ الكرخي، ونحويَّهم سيبويه، وعَرُوضِيَّهم الخليلُ، وخطيبَهُم ابنُ نُباتة، ومُنشِئَهم القاضي الفاضل، وفارسهم خالدُ بنُ الوليد. رحمهم الله ).
وقال الصفدي في الوافي في الوفيات في ترجمته : وكان ابن البوّاب فاضلاً؛ ولهذا يعرف الفضلاء خطَّه مِمّا زَوَّره عليه الوليّ العجميّ، وعتَّقَه على خطوطه؛ لأن ابن البوّاب لا يلحن فيما يكتب، والوَليّ يقع له اللحن.

وقال كذلك : ومن شعر ابن البوّاب (الخفيف):

وَلَوَ انّي أَهْدَيْتُ ما هو فَرْضٌ = للرئيس الأجلّ من أمثالي
لنظمتُ النجومَ عِقداً إذا = رصّع غيري جواهراً بلآلي
ثمّ أهديتُها إليه وأقررتُ = بعجزي في القول والأفعالِ
غير أني رأيتُ قدرَك يعلو = عن نظيرٍ ومُشبهٍ ومثالِ
فتفاءلتُ في الهديَّة بالأقـ = ـلام عِلْماً منّي بصدق الفالِ
فاعتقدْها مفاتحَ الشرق والغرب = سريعاً والسَّهل والأجبالِ
فَهْي تستنُّ إن جَرَيْنَ على = القرطاس بين الأرزاق والآجالِ
فاختبرها مُوقّعاً برسوم = البِرّ والمَكْرُمات والإفضالِ

وذكر شعر لمن رثوه فقال: ورثاه الشريف المرتضى بقوله ـــ وكان كثير الملازمة للشريف (البسيط):


رُدّيتَ يا ابن هلالٍ والرَّدى عَرَضٌ = لم يُحْمَ منه على سُخط لَهُ البَشَرُ
ما ضَرَّ فقدُكَ والأيامُ شاهدةٌ = بأنَّ فضلَك فيه الأنجُمُ الزُّهُرُ
أغْنَيْتَ في الأرضِ والأقوامِ كلّهمُ = من المحاسن ما لم يُغْنِهِ المَطَرُ
فللقلوب التي أبهجتَها حَزَنٌ = وللعيون التي أقررتَها سَهَرُ
وما لعيشٍ وقد ودَّعتَه أرَجٌ = ولا لليلٍ وقد فارقتَه سَحَرُ
وما لنا بعد أن أضحت مطالعُنا = مسلوبةً منك أوضاح ولا غُرَرُ

وقيل إن بعض الشعراء رثاه بقوله (الكامل):

استَشْعَرَ الكُتّابُ فقدَك سالفاً = وقضتْ بصحّة ذلك الأيّامُ
فلذاك سُوّدَتِ الدُّوِيُّ كآبةً = أسفاً عليك وشُقَّتِ الأقلامُ


رحم الله ابا الحسن ابن البواب خادم القرآن الكريم وناسخ حروفه ومبدع رسمه ومزخرف صفحاته (114)

046- من الاقوال في الكتابة والقلم والخط العربي :

جاء في صبح الاعشى للقلقشندي :

قال صلى الله عليه وسلم : ( قيدوا العلم بالكتاب )

وجاء ايضا : وقد أطنب السلف في مدح الكتابة والحث عليها فلم يتركوا شأوا لمادح حتى قال سعيد بن العاص من لم يكتب فيمينه يسرى

وقال معن بن زائدة : إذا لم تكتب اليد فهي رجل ،

وبالغ مكحول فقال : لا دية ليد لا تكتب .

وجاء كذلك : قال ذو الرمة لعيسى بن عمر اكتب شعري فالكتاب أعجب إلي من الحفظ إن الأعرابي لينسى الكلمة قد سهرت في طلبها ليلة فيضع موضعها كلمة في وزنها لا تساويها والكتاب لا ينسى ولا يبدل كلاما بكلام.

وجاء كذلك :

ومن ثم قال المؤيد : الكتابة أشرف مناصب الدنيا بعد الخلافة إليها ينتهي الفضل وعندها تقف الرغبة .

وجاء كذلك : ومن كلام أبي جعفر الفضل بن أحمد في جملة رسالته:

الكتابة أس الملك ، وعماد المملكة ، وأغصان متفرقة من شجرة واحدة ، والكتابة قطب الأدب ، وملاك الحكمة ، ولسان ناطق بالفصل ، وميزان يدل على رجاحة العقل ، والكتابة نور العلم وفدامة العقول وميدان الفضل والعدل ، والكتابة حلية وزينة ولبوس وجمال وهيبة وروح جارية في أقسام متفرقة ، والكتابة أفضل درجة وأرفع منزلة ، ومن جهل حق الكتابة فقد وسم بوسم الغواة الجهلة ، وبالكتابة والكتاب قامت السياسة والرياسة ، ولو أن فضلا ونبلا تصورا جميعا تصورت الكتابة ، ولو أن في الصناعات صناعة مربوبة لكانت الكتابة ربا لكل صنعة .

-وجاء عن فضلاء الكتاب والقلم :

أما فضلاء الكتاب ، فلم يزل الشعراء يلهجون بمدح أشراف الكتاب وتقريظهم ، ويتغالون في وصف بلاغاتهم وحسن خطوطهم ، فمن أحسن ما مدح به كاتب قول ابن المعتز :

إذا أخذ القرطاس خلت يمينه = تفتح نورا أو تنظم جوهرا

وقول الآخر :

يؤلف اللؤلؤ المنثور منطقه = وينظم الدر بالأقلام في الكتب

وقول الآخر :

إن هز أقلامه يوما ليعملها = أنساك كل كمي هز عامله
وإن أقر على رق أنامله = أقر بالرق كتاب الأنام له

وقول الآخر:

لا يخطر الفكر في كتابته = كأن أقلامه لها خاطر
القول والفعل يجريان معا = لا أول فيهما ولا آخر

وقول الآخر:

ولضربة من كاتب ببنانه = أمضى وأقطع من رقيق حسام
قوم إذا عزموا عداوة حاسد = سفكوا الدما بأسنة الأقلام

وقال ابن الرومي في القلم :

إن يخدم القلم السيف الذي خضعت = له الرقاب ودانت خوفه الأمم
فالموت والموت لا شيء يغالبه = ما زال يتبع ما يجري به القلم
كذا قضى الله للأقلام مذ بريت = أن السيوف لها مذ أرهفت خدم

والمعنى في ذلك أنها تؤثر في إرهاب العدو على بعد والسيوف لا تؤثر إلا عن قرب مع ما فضل به القلم من زيادة الجدوى والكرم. (119)

وجاء في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ايضا :

وروي عن ابي بكر بن معدان قال: اهدى الي صديق لي من الكتاب اقلاما وكتب الي :

لكل اناس آلة يعملونها = وآلاتنا اللاتي بها نتبجح
وشائج بر انشأتها مغايض = من الماء في اجوافها تترشح
اذا شج من احدى الوشائج رأسه = غدا دمعه من وجنة العلم يسفح
ضوامر يوم الجري لا تعرف الونا = اذا زجرتها هتفة الفكر تمرح

(120)

- ومماجاء في الخط :

قال في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع:

ان بعض كتاب المقتدر سئل متى يجوز ان يوصف الخط بالجودة قال:

اذا اعتدلت اقسامه ، وطالت الفه ولامه ، وتفتحت عيونه ، ولم تشتبه راؤه ونونه ، واشرق قرطاسه ، واظلمت انقاشه ، ولم تختلف اجناسه ، اسرع الى العيون بصوره ، والى العقول بثمره ، وقدرت فصوله ، واينعت وصوله ، وبعد عن حيل الوراقين ، وعن تصنع المتصنعين ، كان حينئذ كما قلت في حسن الخط .(121)

وجاء في صبح الأعشى للقلقشندي :

لا خفاء أن حسن الخط من أحسن الأوصاف التي يتصف بها الكاتب ، وأنه يرفع قدره عند الناس ، ويكون وسيلة إلى نجح مقاصده وبلوغ مآربه ، مع ما ينضم إلى ذلك من الفوائد التي لا تكاد تحصى كثرة .

وقد قال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه : الخط الحسن يزيد الحق وضوحا .

وقال بعض العلماء : الخط كالروح في الجسد ، فإذا كان الإنسان جسيما وسيما حسن الهيئة ، كان في العيون أعظم وفي النفوس أفخم ، وإذا كان على ضد ذلك سئمته النفوس ومجته القلوب ، فكذلك الخط إذا كان حسن الوصف ، مليح الرصف ، مفتح العيون ، أملس المتون ، كثير الائتلاف ، قليل الاختلاف ، هشت إليه النفوس ، واشتهته الأرواح ....

ويقال : إن الخط مواز للقراءة ، فأجود الخط أبينه ، كما أن أجود القراءة أبينها، ولا يخفى أن الخط الحسن هو البين الرائق البهج . (122)

وجاء في ديوان المعاني لابي هلال العسكري:

ومن أحسن الإستعارة في ذكر الخط قول عبيد الله بن العباس بن الحسن العلوي: الخط لسان اليد .

وقال جعفر بن يحيى : الخط سمط الحكمة به يفصل شذورها ، وينظم منثورها.

وجاء ايضا :

ومن أحسن ما قيل في حُسن الخط والشكل قول أحمد بن إسماعيل:

مستودعٌ قرطاسهُ حكما = كالروضِ ميز بينهُ زهرة
وكأنَ أحرفَ خطهِ شجرٌ = والشكلُ في أضعافهِ ثمرة

ومن غريب ما قيل في الشكل ما أنشدناه أبو أحمد قال :

أنشدنا الصولي قال : أنشدني عبد الله بن المعتز لنفسه:

فدونكهُ موشى نمنمتهُ = وحاكتهُ الأناملُ أي حوك
بشكلٍ يؤمنُ الإشكالُ فيه = كأنَ سطورهُ أغصانُ شوكِ


ورفع رَجلٌ إلى محمد بن عبد الله بن طاهر قصةً يعتذر فيها ، فرأى خطه رديئاً ، فوقع : قد أردنا قَبُولَ عذرك ، فاقتطعنا دونه ما قابلنا من قبح خطك ، ولو كنتَ صادقاً في إعتذراك ، لساعدتك حركة يدك ، أو ما علمتَ أن حسن الخط يُناضلُ عن صاحبه بوضوح الحجة ، ويمكن له درك البغية ... !!!

وقيل : حسن الخط أحدى البلاغتين . (123)

وجاء في محاضرات الأدباء:

قال بعض الشعراء :

وما مِنْ كاتِبٍ إلا استبْقَى = كتابتَه وإنْ فنيَتْ يدَاهُ
فلا تكتُبْ بخطّكِ غيْرُ شيء = يسرّك في القيامَة أنْ تراهُ

وقيل في قوله تعالى { يزيد في الخلق ما يشاء } إنه الخط الحسن .

قال الشاعر :

أضحكت قرطاسَك عن جنّةٍ = أشجارها من حِكَم مُثْمِرَه
مسودّة سطحاً ومبيضّةٌ = أرْضاً كمِثْل الليلةِ المُقْمِره

ونظر الحسن بن رجاء إلى خط حسن فقال :

خطك منتزه الألحاظ ، ومجتنى الألفاظ ...

وتحاكم إلى الحسن بن سهل صبيان في خطيهما فقال لأحدهما :

خطك تبر مسبوك ،

وقال للآخر : خطك وشي محوك ، وقد تسابقتما إلى غاية ، فوافيتما في نهاية.

-ومن الحكم العربية والاسلامية في الخط :

- الخط الجميل حلية الكاتب .

- الخط للامير كمال ، وللغني جمال ، وللفقير مال . (124)

-وفي ذم الخط القبيح :

قيل رداءة الخط إحدى الزمانتين ،

قال الحسن المغربي :

جزعتُ من قبْحِ خطّي = وفيهِ وضْعي وحطي
رجعتُ من بعْد حِذْقي = إلى كتابة (حُطي )!!

وقال علي بن محمد العلوي:

أشكو إلى اللهِ خطّاً لا يبلّغُني = خطَ البليغِ ولا حظّ المرجينَا!!

وقال يحيى بن علي :

معَ خط كأنّهُ أرجُلُ البَطّ = أو الشرطُ في طلَى الفتيانِ !!

وقال ابن المستنير وقد سئل عن خط وزير ليس بالجيد :

رأيت حظه أحسن من خطه . !!! (125)

- بعض اقوال غير المسلمين عن الخط العربي :

وقال دونسون روس :

إن حروف العربية مرنة سهلة لها في النفوس ما للصور من الجمال الفني ، ولاسيما حين تنقش على المباني أو الاضرحة ، سواء كان ثلثا كوفيا ، اونسخا . (126)

ويقول بيكاسو : ان اقصى نقطة اردت الوصول اليها في فن الرسم وجدت الخط الاسلامي قد سبقني اليها منذ امد بعيد.(127)

- قصيدة ابن البواب الرائية حول تقنية الخط الجميل:

اغلب المراجع والكتب التي ارخت للخط العربي تذكر قصيدة ابن البواب هذه ، و يقول الاستاذ ابراهيم ضمرة في كتابه الخط العربي جذوره وتطوره عنها: وقد افرغ (أي ابن البواب ) حذقه لفن الخط والابداع فيه ، في قصيدة تعليمية حوت اسلوب تعلم الخط والابداع فيه ، وتحضير الحبر ، واستعمال الجدي منه ، وقدم فيها نصيحته للمبتدئين في هذا المجال . غير ان عبث النساخ بها اضاع كثيرا من مفرداتها بين تصحيف وتحريف الى ان تصدى لها علامة العراق الشيخ محمد بهجة ، وجرد همته فنقحها وهذبها بمعرفته ، وأثبتها في تحقيقاته :


يامن يريد إجادة التحرير = ويروم حسن الخط والتصوير
إن كان عزمك في الكتابة صادقا = فأرغب الى مولاك في التيسير
أعدد من الاقلام كل مثقف = صلب يصوغ صناعة التحبير
وإذاعمدت لبريه فتوخه = عند القياس بأوسط التقدير
أنظر الى طرفيه فأجعل بريه = من جانب التدقيق والتخصير
وأجعل لجلفته قواما عادلا = يخلو عن التطويل والتقصير
والشق وسطه ليبقى بريه = من جانبيه مُشاكل التقدير
حتى اذا أتقنت ذلك كله = اتقان طب بالمواد خبير
فأصرف لرأي القَّط عزمك كله = فالقَّطُ فيه جملة التدبير
لاتطمعنْ في أن أبوح بسره = إني أضن بسره المستور
لكن جملة ما أقول بأنه = مابين تحريف الى تدوير
وألق دواتك بالدخان مديرا= بالخل أو بالحصرم المعصور
وأضف اليه مغرة قد صولت = مع أصفر الزرنيخ والكافور
حتى إذا ما خمرت فأعمد الى = الورق النقي الناعم المخبور
فأكسبه بعد القطع بالمعصار كي = ينأى عن التشعيب والتغيير
ثم اجعل التمثيل دأبك صابرا = ما أدرك المأمول مثل صبور
ابدأ به في اللوح منتضيا له = عزما تجرده عن التشمير
لاتخجلن من الردئ تخطه = في أول التمثيل والتسطير
فالأمر يصعب ثم يرجع هينا = ولرب سهل جاء بعد عسير
حتى اذا ادركت ما أملته = أضحيت رب مسرة وحبور
فاشكر إلهك واتبع رضوانه = إن الإله يحب كل شكور
وأرغب لكفك أن تخط بنانها = خيراً تخلفه بدار غرور
فجميع فعل المرء يلقاه غدا = عند التقاء كتابه المنثور

- كلمة الكتابة في القرآن الكريم:

ذكر السيد محمد الخياري المدني الحسيني في كتابة الخط والكتابة فائدة حول ذكر كلمة الكتابة في القرآن وبعض الآيات البينات عن الكتابة فقال :

ذكر القرآن الكريم الكتابة (كتاب) وتصاريفها التي بلغت (35) لفظا كريما ، ومن باب الاحاطة والعلم باختصار شديد ومجموعها ( 391) :

{ كَتَبَ / 8 } { كَتَبَتْ / 1 } { كَتَبْتَ/ 1}
{ كتبنا/ 5 }{كَتَبْنَاهَا / 1 } {فَسَأ كْتُبُهَا/ 1 }
{ تَكْتُبُوهُ / 1 } { نَكْتُبُ / 3 } { يَكْتُبُ / 4 }{ يَكْتُبُوْنَ / 5 }
{ اكْتُبْ / 1 } { فَاكْتُبْنَا / 2 }{ فَاكْتُبُوهُ / 1 }
{ كُتِبَ / 13 } { سَتُكْتَبُ / 1 }{ اكْتَتَبَهَا / 1 }
{ فَكَاتِبُوهُمْ / 1 }{ كَاتِبٌ / 3 }{ كَاتِبًا / 1 }
{ كَاتِبُون / 1 } { كَاتِبِينَ / 1 }{ الكِتَابُ / 230 }
{ كِتَابًا / 12 } { كِتَابَكَ / 1 }{ بِكِتَابِكُمْ / 1 }
{ كِتَابُنَا / 1 } { كِتَابَهُ / 5 }{ كِتَابِهَا /1 }
{ كِتَابَهُمْ / 1 } { كِتَابِي /1 }{ كِتَابِيَهْ / 2 }
{ كُتُبٌ / 3 } { كُتُبِهِ / 3 }
{ مَكْتُوبًا / 3 } { تَكْتُبُوهَا / 1 }

وفيما يلي بعضا من الآيات البينات عن الكتابة قال تعالى :

{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ } (سورة البقرة / 282)

{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ} (سورة الاعراف /145)

{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (سورة الانبياء /105)

{اذْهَب بِّكِتَابِي هَـذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ، َقالَتْ يأَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} (سورة النمل / 28/29)

{ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(سورة الاحقاف / 4) (128)

وبهذه الآيات البينات التي ذكرت فيها الكتابة في كتاب الله جل وعلى نأتي الى ختام هذا الفصل .

- الخاتمة :

اما ونحن على وشك الختام فهناك الكثير مما يمكن ان يقال حول هذا النجاح المذهل ، الذي احرزه تطور الكتابة والحرف العربي ، فقد راينا كيف تصدى اسلافنا الكرام لضبط الحرف العربي وتجويده ، وكيف كان حرصهم على ضبط القرآن الكريم دافعا لهذا العمل الدؤوب .

فقد لعبت العاطفة الدينية التي كان اساسها تعاليم الاسلام وتعاليم نبي الاسلام صلوات ربي وسلامه عليه في الحظ على العلم والكتابة في دفع هذا التطور الى مصاف الكمال في فترة وجيزة وقياسية ، ناهيك عن التجويد الذي لايملك الناظر اليه من حسنة وبهائه الا ان يقف منذهلا ومعجبا . يقول د حمودة :

وهدف آخر من اهدف تجويد الخط هو خدمة الدين الاسلامي فمنذ العصر الاول تنافس الخطاطون على تجويد المصاحف وزخرفتها وتذهيبها وكان ذلك من بواعث نهضة الخط وتعدد انواعه وكثرة ابتداعاته حت قيل : ان للقرآن فضل على التجويد ، كيف لا وهو قرآن كريم ومن صفاته العطاء والكرم ، ولايمكن ان نتصور ان يكتب الخطاطون القرآن الكريم او كتب الاحاديث الشريفة بخطوط رديئة سقيمة ، بل من الكرامة والعزة التي يتحلى بها المسلمون ان تكون خطوط كتابهم جيدة مجودة وان تكون كتاباتهم لآياته رائعة منسقة ، اذن فتعليم الخط وتجويده من اهم اعمدة خدمة الدين الاسلامي . (129)

وكما كان قبول الامم الاخرى لشريعة خاتم الانبياء والمرسلين ودخولها في دين افواجا ، كان ايضا قبولها للحرف العربي والكتابة العربية فانتشرت الكتابة بالحرف العربي في كافة البلدان المفتوحة ، يقول السيد الخياري الحسيني عن هذا : على العموم فان الكتابة بالخط العربي عامة بين المسلمين الذين يقرأون كتاب الله تعالى ، وان اللغة العربية كانت تسري في نموها وسعة انتشارها مع فتوحات العرب ، فاين حلت العرب حلت لغتهم ، وابادت اللغة الاصلية للاقليم الجديد ، وكذلك الخط العربي فقد كان يسير في انتشاره معها جنبا الى جنب ،لكنه تجاوزها وسار مع الاسلام فاين حل الاسلام حل الخط العربي !!! ،

وهذه الخاصية لعمري لا توجد الا في اللغة العربية وخطها ، وذلك كما قلنا بفضل الاسلام لانه نزل( بلسان عربي مبين.(130 )

ولئن كانت الكتابة الوعاء الذي حفظ لنا تراث الاسلاف ، فقد ساهم هذا بلاشك على اضافة وتنوير عظيمين على مستوى الثقافة ولحضارة الانسانية ، والغربيون يعترفون بهذه الاضافة ، تقول المستشرقة الالمانية زيغرد هونكة:

لم يكن ما انقذه العرب من ثقافات ليحفظ في المتاحف والاقبية بعيدا عن النور والهواء ، كلا ان كل ما انقذوه من الفناء قد خرجوا به من عالم ا لنلسيان والتعفن وبعثوا فيه حياة جديدة وجعلوه في متناول كل راغب عن طريق ترجمته .

وقد ترجموه ليس الى لغة جامدة غريبة عن الشعب لايفهمها الا الخاصة ، كاللاتينية في الغرب منذ القرن الثامن الميلادي ، بل ترجموه الى لغة حية في كل مكان آنذك ، هي لغة القرآن . وكانت هذه الترجمة هي العماد الثاني الذي قامت عليه الثقافة العربية . فكل مسلم يجب عل
يه ان يقرأ ويتلو القرآن بالعربية ، وكل مسلم يتعلم ويفهم اللغة ، ولكل مواكن في الامبراطورية الاسلامية حق الاخذ بنصيب في تلك النهضة العلمية التي اتخذت شكل رائعا في ذلك العصر ، والتي لم تكن وقفا على طبقة من الشعب دون اخرى .(131)

وينبه دحمودة الى اهمية تعليم الخط وتجويده فيقول : وتعليم الخط العربي وتجويده ، هو تعليم الكتابة بالحروف العربية وتجويدها ، وهي التي حار في كيفية محاربتها المستشرقون واعداء الاسلام من العرب ، وفشل الحاقدون من الاجانب في القضاء على تاريخها ومحو تراثها ، وعجرز المتحذلقون في الاجهاز عليها شكلا وموضوعا . ونحن من وراء هذه المحاولات البائسة والمناورات المكشوفة اكثر تمسكا بتعليم الخط وتجويده واكثر اتقنانا له بالعلم والدراسة ، والله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ الحروف العربية ، لانها تكون لغة قرآنه وتكون خط كتابته ، ولايجوز لامة المسلمين ان بكفلوا بضياعها او ان يتهاونوا في تجويدها او يتسببوا في اهمالها ، وان نحن فعلنا ذلك فنما نحن نغضب ربنا ونعطي اسبابا قوية لاعدائنا واعداء ديننا . (132)

الموضوع منقول وجزا الله خيرا كاتبه