منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   مكتبة الطفل (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=202)
-   -   أيها الأطفال هل فكرتم يوما لنتعلم إسلامنا (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=7449)

ميارى 9 - 6 - 2010 04:31 PM

كُرَوِيَّةُ الأرض
اِختَلف فَهْمُ الناس لِعِلم الفلك في زمن نزول القرآن عن زمنِنا هذا. وكان بعضُ الناس يظنُّون أنَّ الأرض مُسطَّحةٌ، وغيرُهم يعتقدون نظريَّاتٍ أخرى، ولكنَّه بشكل عام لم تكن فكرةُ كُرويَّةِ الأرض معروفة. ورغم ذلك فقد أشار القرآن إلى كروية الأرض ضِمْنِيًّا، وذلك في الآية التالية:
(
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)(سورة الزمر5)
والكلمة العربية "تكوير" تعني ربط الشيء، مِثل ربط العِمامة على الرأس، أي تعني ربط شيءٍ فوق آخرَ؛ كَشريطِ القماش المُكوِّن لِلعمامة. وتَكوِيرُ النَّهارِ على الليلِ، والليلِ على النهار - بهذا المعنى - لا يُمكن أن يَتحقَّق إلا إذا كانت الأرضُ كرويَّةً. ولكنْ كمَا ذكرنا مِن قبلُ؛ فإنَّ العرب الذين عاشوا قبل 1400عامٍ، كانوا يظنُّون أنَّ الأرضَ مسطَّحةٌ. ويعني هذا أنَّ القرآن قد أشار إلى كُروية الأرض ضمنيًّا منذُ القرن السابع الميلاديِّ، وبهذا يُعلِّم الله للبشرية الحقيقة المُشَار إليها في كتابه الذي أنزله، وأثبَت العلماءُ صِحَّتها بعد ذلك بسنواتٍ عديدة.
ونظراً لأن القرآن هو كلام الله، فإنَّه يَستخدِمُ أدقَّ الكلِماتِ حين يشرح حقائقَ الكون، فتُستبعَد بِذلك إمكانيةُ عِلمِ الإنسانِ بهذه الحقائق، واختياره لهذه الكلمات. وبِما أنَّ الله سُبحانَه عالِمٌ بِكلَّ شيء، فَبِاستِطاعَتِه نَقلُ هذه الحقائق إلى الإنسان في أيِّ وقتٍ يشاء.

بَصَمَاتُ الأصابع
عندما أشار القُرآنُ الكريم إلى قُدرةِ اللهِ سُبحانَه في إعادَة الإنسان إلى الحياة بعد الموت، يُلفِتُ الانتباه إلى بصمات الأصابع بصفة خاصة، فيقولُ:

(
أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ) (سورة القيامة 4 - 3 )
ويُعتَبَر إحياءُ إنسانٍ مُجدَّدًا بعدَ تَحلُّل جسده تماماً شيئاً يسيراً على الله .والآن قُم بِفحْصِ بصمَةِ أصبِعك، فبصمة كُلِّ أصبع فريدة؛ لا تخصُّ إلا صاحبَها.وإذا كان لك أخٌ أو أخت تَوْءَمٌ، فسيكون هو الآخر ذو بصمة أصبعٍ مختلفة عن بصمة أصبعك .وقد تميَّز كلُّ إنسان - حيٍّ أو ميِّتٍ، وعبر مُختَلَفِ العصور - بِمجموعة فريدة من بصمات الأصابع، خاصَّةٍ به. فتعتبرُ بصمةُ أصبع كُلِّ إنسانٍ صفةً مميِّزةً له، مِثْلَ شخصيتِه تقريباً.
ويستطيع الله القدير أن يُعيد خلقنا بِكُلِّ ما فينا مِن تفاصيلَ دقيقةٍ. وعلينا أن نتذكر دائماً أهمية بصمات الأصابع، فحقيقةُ تميُّز كُلِّ إنسان ببصماتٍ خاصَّةٍ به لم تُكتَشَف إلا في القرن التاسع عشر. ولكنَّ الله لفت الأنظار إلى بصمات طرف الأصبع في القرآن منذ 1400 سنة.
وهناك موضوعات أخرى عديدةٌ تناولَها القرآنُ بإعجاز .ولم نَتحدَّث هنا إلا عن القليل منها بما يكفي لتوضيح كَونِ القرآنِ كلامَ الله (وللمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى كتاب "معجزات القرآن" لهارون يحيى).
ويخبرنا الله عن القرآن بما يلي:
(
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (سورة النساء 82 )
ويتَّضِح من هذه الآية أنَّ القرآن يزوِّدنا بمعلومات دقيقةٍ، ومع تقدم العلم تنكشف المعجزات التي أشار إليها القرآنُ أكثر فأكثر .وتُوضِّح خصائص القرآن المعجزةِ أنَّه وَحيٌ مِن الله تعالى. وعند هذه النقطة يتَّضِح لنا أنَّ مُهمَّتَنا هي: تعلُّمُ أوامرِ القرآن وتطبيقُها بِمنتهى الحرص.
فالله يأمُرُنا أن نتمسك بالقرآن في العديد من الآيات؛ ومِن ذلك ما يلي:
(
وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (سورة الأنعام 155 )
(
كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء ذَكَرَهُ) (سورة عبس 12 - 1 1 )

ميارى 9 - 6 - 2010 04:32 PM

ما هي نوعية الشخصية التي يريدها اللهُ مِنَّا؟
القرآن الذي هو كلام الله؛ دليلٌ ومرشِدٌ للبشرِيَّةِ بأكملها، فيُمكِنُنا أن نُحقِّق في أنفسنا الشخصيةَ التي تُرضِي اللهَ عنَّا، وهذا بقراءة آيات القرآن، وضَبْطِ مَعِيشتِنا وفق هذه الآيات. ويُعتبَر هذا شيئًا سهلاً، غير أنَّ بعضَ الناسِ يَرتَكِبُون خطأ الانزلاق بعيداً عن القيم التي تُرضِي الله .وإذا ما حَدَث يوماً أن اِمتثل كُلُّ مَنْ حَولَكَ لِمَا يُريده الله، وتَمَسَّكوا بالقيم التي يَطلُبُها الله من الإنسان؛ فالدُّنيا سوف تُصبِح مكاناً أفضلَ بِكَثيرٍ مِمَّا هي عليه. ولْنَستعرض الآن باختصارٍ الصِّفاتِ التي يُرِيدُها اللهُ مِنَّا.
كلُّنا يعرف أنَّ الله خلق الإنسان، فاللهُ يعرِفُ أكثر مِن غيره ما هي الصفاتُ الحسنة، وما هي الصفات السيِّئةُ التي يمتلِكُها الإنسان. ويمكن لشخصٍ ما أن يخدع أُناسًا آخرين، ولكنْ لا يُمكِنُه أبداً أنْ يُخفِيَ شيئًا عن الله، ويرجع هذا إلى أنَّ الله - خلافًا لنا - يعرف الأفكارَ التي تدورُ داخلَ عقل الإنسان، وعلى الإنسان دائماً أن يكون مخلصًا وأمينا في تَعامُلِه مع الله سُبحانَه وتعالى .ويذكُرُ الله في إحدى آياتِ القرآن ما يلي :
(قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (سورة آل عمران 29 )
(لِلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (سورة البقرة 284 )
والشخصُ الذي يُدرِكُ أنَّ الله يسمَع كلَّ كلِمةٍ ينطِقُها، ويعرِفُ كُلَّ فِعلٍ يقومُ بِه، ويطَّلِع على كلِّ فكرةٍ تخطُرُ بِعقله، لن يجرُؤَ أبداً على الإتيان بفعلٍ قبيحٍ، حتى وإن خَفِيَ عن غيره من الناس. وليكون المَرْءُ خيِّراً حقاً فعليه أن يُؤمِنَ إيماناً مُطلقاً بِوجود الله ووِحدانيته، ويعتَرِفَ بقُدرَتِه المطلقة، ويدركَ أنَّه يرى ويسمع كلَّ شيءٍ. ويُعتبَر هذا أحدَ الشروطِ المُسبقة لاكتساب القِيَم التي يُرِيدُها الله في عباده.

ميارى 9 - 6 - 2010 04:33 PM

حبُّ الله والثقةُ به:

إنَّكَ تعتَزُّ بالحُبِّ الذي يُبدِيهِ لكَ أبويك وتتعلق به، أليس كذلك؟ فكما أنَّك تُحبِّهما، فهُما يَحمِيَانِك ويُحِبَّانِك ويُلبِّيَانِ احتياجاتِك. وكما تَثِق في أبَوَيْك، فإنَّك تعلم أنَّهما على استعداد دائمٍ لِمُساندَتِك إذا صادفتَ صعوبات.

ولكنْ هل فكَّرت يوماً إلى أيِّ حَدٍّ تُحِبُّ اللهَ وتَثِق به؟
يُلَبِّي الله كلَّ احتياجات مخلوقاته التي خلقها. ويرجع الفضلُ إلى رحمة الله - التي لا حد لها - في عيشنا وسط هذا العالم بِسلام، ونتمتَّع بِنِعَمٍ لا حَصْرَ لها.

وخلق الله الشمسَ لِنتمكَّنَ مِن العيش على الأرض، كما خلق الخضرواتِ والفواكِهَ والحيواناتِ كُلَّها مِن أجلنا .ونحصل على الخُبزِ واللَّبَن واللَّحم، والعَدِيدِ مِن الخضرواتِ والفواكِهِ اللذيذة لأنَّ الله يَخلُقُها كُلَّها مِن أجلنا.
ويَخلُقُ الله المطرَ لِنحصُلَ على ماءٍ عَذْبٍ نَشرَبُه، ويخلق المحيطات التي هي مساحاتٌ هائِلَةٌ مُتَّصِلة مِن المِيَاه المالِحة. ولولا المطرُ لَمَا احتوت الأرضُ ماءً عذبًا أو مالحًا، والماءُ شيءٌ حَيَوِيٌّ بالنسبة لنا، وكما تعرف؛ فالإنسانُ لا يستطيعُ البقاءَ حيًّا دون ماءٍ إلا لأيَّام معدودة.
ووضع اللهُ داخِلَ أجسادِنا نِظَامَ المناعَةِ لِيَحمِيَنَا مِنَ المِيكرُوبات، ويَرجِعُ الفضلُ إلى هذا النظام، فَبِه تستطيعُ أجسادُنا مُقاوَمةَ ِتأثير الميكروب البسيط الذي يُسبِّب نَزْلَةَ البرد فلا نَمُوت .
وإضافةً لِمَا سبق؛ فإنَّ الله جعل قلوبَنا تَعمَل وتنبُض طِوال فترةِ حياتِنا، ولو كانت قلوبُنا تحتاج إلى راحة في فترات مُعيَّنة - مِثلَمَا تفعل الماكينات - لَكُنَّا قد مِتْنَا بالتأكيد. ولكنَّ قلوبَنا تنبُضُ لعشرات السنين دون تَوقُّفٍ أو راحَةٍ، بما يُمكِّنُنا مِن البقاء على قيْدِ الحياة.
وخلق اللهُ لنا الأعيُن لِنُبصِرَ بها، والآذانَ لِنَسمَعَ بِها، والأُنُوفَ لِنَشُمَّ بِها، والألسِنَةَ لنتذوَّق بها. وما سبق كُلُّهُ لا يُمثِّل إلا جزءاً يسيراً مِن النِّعم التي منحنا الله إيَّاها. ولا يُمكِنُنا حَصْرُ النِّعمِ التي منحنا اللهُ إيَّاهَا أو عَدُّها، ويُعَلِّمنا اللهُ الرحيمُ بنا هذه الحقيقةَ في إحدى آيات القرآن كما يلي:
(وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (سورة ابراهيم 34 )
وكما فَهِمتَ مِنَ القُرآنِ؛ فإنَّ عدمَ شُكرِ هذه النِّعَم، ونِسيانَ كَوْنِها مِن الله، وعدمَ شُكرِه على كلِّ شيءٍ فَعَلَه مِن أجلِنا , يُعتبَرُ سلوكاً سيِّئًا، والله لا يحب ناكري الجميل.
ولا يريد الله مِنَّا - في مقابِلِ نِعَمِه - إلا أن نُحِبَّه، ونعترِفَ بِفضلِه، ونَشكُرَه، ويأمُرُنا الله بهذا في الآية التالية:
(وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (سورة النحل 78 )
(فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (سورة النحل 114 )
(وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) (سورة المؤمنون 78 )
وتذكُرُ لنا آيةٌ أُخرى أنَّ المؤمنين يُحِبُّون الله أكثرَ مِن أيِّ شيء آخر:
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) (سورة البقرة 165 )
يَحمي اللهُ أُمَّك وأباك وكلَّ الناس، ويُطعِمُهم. ونحتاج كلُّنا إلى الله، فلا أبوانا ولا نحن قادِرُون على خلق النِّعم السابقِ ذِكرُها؛ ولهذا السبب يَجِبُ علينا أن نُحِبَّ اللهَ ونضع ثِقَتَنا فيه.
ويُعتبَر حُبُّ اللهِ أكثرَ مِن أيِّ شيء آخر، ووضعُ ثِقتِنا فيه، وتقديرُ نِعَمِه التي تفضَّل بِها علينا، يُعَدُّ مِن أهمِّ صفات الشخصية التي يَرضَى اللهُ عنها.

ميارى 9 - 6 - 2010 04:35 PM

كيف نُعامِلُ الآخرين؟
يُحرِّم اللهُ على الناس التَّكبُّر وَالكَذِبَ والسخريةَ مِن الآخرين، الافتخار بالذَّات. ويأمُرُ الناسَ مِنَ الجانِب الآخر بالأمانةِ والتَّواضُع.
ويعيشُ بعضُ الأشخاص تحت تأثيرِ مَن حَولَهُم مِن الناس؛ فإذا كان لهم أصدقاءُ أشرارُ فإنَّهم قد يتأثَّرون بِهِم سَلباً .ولكنَّ الإنسانَ الذي يُؤمِن بالله، ويُدرِكُ أنَّه يراه دائماً، لا ينحرف عن السلوك القويم، مَهْمَا كان ضغطُ الظروف المحيطة. ويُصبِحُ هذا الشخصُ مثالاً جيِّداً لهؤلاء الذين يفتقرون إلى الأمانة ويميلون إلى إحداث الأذى.
ويُحِبُّ الله الصابرين الثابتين. ولا يعني مُصطَلَح الصبر في القرآن مُجرَّدَ الصَّبرِ في وجه المحن، ولكنَّه يعني الصبرَ في كُلِّ لحظةٍ مِن لَحَظاتِ عُمُرِ الإنسان .ولا يتغَيَّر ثباتُ الشخصِ المُؤمِنِ حَسْبَ الناس أو الأحداث .وعلى سبيل المثال؛ فإنَّ شخصاً قليلَ الخوف مِنَ الله يُمكِنُ أن يُحسِن إلى شخص آخرَ يَتوقَّعُ مِنه منفعةً، ولكنَّه لا يَثبُتُ على هذا الخُلُقِ الحَمِيدِ دائماً، فإنْ أحسَّ أنَّ مَصَالِحَهُ تتعرَّضُ للخَطَرِ، فيُمكِنُه أنْ يتغيَّر فجأةً .أمَّا الشخصُ المؤمِنُ، فإنَّه يتجنَّبُ السلوكَ السَّيِّءَ بِمُنتهى الحرص، ويتعامل مع الجميع بأدبٍ جَمٍّ وسُلُوكٍ مُمتاز، ويُلزِمُ نفسَه الاستمرار في سلوكه القويم، أيًّا كانت الظروف، وأيًّا كانت تصرُّفاتُ الآخرِين، حتى وإنْ غَضِبَ غضبًا شديدًا فإنَّه يتمكَّن مِن التحكم في نفسه، ومِن إظهار الثبات.
ويأمُرُ اللهُ الناسَ في إحدى آيات القرآن بالتنافُس في مجال الصبر، كما يلي:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (سورة آل عمران 200 )
ويُعتَبَرُ ثباتُ الأنبياء الذي ذَكَرَه الله لنا في القرآن الكريم نموذجاً لنا. وكما تذكُرُ فإنَّ معاناةِ أيُّوبَ عليه السلام استمرَّت وقتًا طويلاً جدًّا، ولكنَّ عبدَ الله "أيوبَ" عليه السلام أظهر صبراً عظيماً، ودعا الله. واستجاب الله له، وعلَّمَه كيف يَخرُج مِمَّا هو فيه مِن بلاء.
وأظهر نوحٌ عليه السلام صبراً كبيراً، حين سَخِر منه قومُه بسبب بنائه لِلسَّفينة. وبقي نوحٌ هادئاً، واستمرَّ في إرشادهم. وما سبق يُعتبَر أمثلةً غيرَ عاديَةٍ على الصَّبرِ، ضَرَبَها لنا هؤلاء الناسُ الصالحون. ويُكرِّرُ الله في العديد مِن آياتِه بالقران أنَّه يُحِبُّ عبادَه الصابرين.
وعلى عكسِ ذلك فإنَّ الله لا يُحِبُّ المتكبِّرين المتعالِين. ولا يتمتَّعُ كلُّ الناس بِنفس النِّعَمِ المادِّية في هذه الحياة، فبعضُ الناس يملكون بيوتًا جميلةً وسياراتٍ، بينما لا يملك آخرون شيئاً، ولكنَّ الشيء الهامَّ هو أن يتصرَّف الإنسانُ بصورةٍ سليمة. وعلى سبيل المثال؛ لو ظنَّ واحدٌ أنَّه أفضلُ مِن أصدقائِه لأنَّه يرتدي ملابسَ أفضلَ مِنهُم، فإنَّ هذا السلوكَ يُغضِبُ الله، لأنَّ اللهَ يأمرُنا بتقيِيم الناسِ وفقَ إيمانِهم، لا مظهرِهم.
ولا يَعتبِرُ اللهُ الثروةَ أو الجبروت أو الجمال أو القوَّةَ معاييرَ للتَّفاضُل، فاللهُ يُفاضِلُ بين الناس على أساس التقوى (الخضوع لله ) وعلى أساس حُبِّهم لله وولائِهم لَه، والتزامِهم في العَيْشِ بْقِيَم القرآن، فهذه هي مَعَايِيرُ تَفاضُلِ الناس في عينِ الله. ويذكُرُ لنا اللهُ في القرآنِ قصَّةَ قارون؛ لنتعلَّم منها درساً.
كان قارونُ رجلاً شديدَ الثراء، وكان مِن شِدَّةِ ثرائِه أن يحمل مفاتيحَ كُنُوزِه عددٌ مِن الرجال، يتعَبُون مِن حملِها .وتَطلَّعَ الجُهَّالُ مِن حَولِ قارونَ ليكونوا مثلَه، ويملكون كلَّ ما يملِكُه. ولكنَّ قارونَ كان رَجُلاً مُتكبِّراً متفاخِراً لا يُطِيعُ الله. وأنكَرَ قارونُ أنَّ مَصْدَرَ ثروتِه مِنَ الله، فكانت النتيجة إنزالُ اللهِ لِكارثة مُروِّعةٍ به، فاختفى في ليلة واحدة هُوَ وكلُّ مُمْتلَكاتِه .وبعد مُعايَنَةِ هذه الكارِثة أظهر الذين تمنَّوا مكانَهُ فرحَهَم مِن كونِهم ليسوا مثلَه، وأدرك الجميعُ أنَّ ما حدث عقوبةٌ مِن الله.
ويذكُرُ القرآنُ قارونَ ليكون عِبرةً كما يلي:
(إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (سورة القصص 76 )
(فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) (سورة القصص 82 - 79 )
ويُخبِرُنا القرآن أيضاً أنَّ الغَيبَةَ، والتجسُّسَ على الناس، والتكلُّمَ في أسرارِهم، وظنَّ السوء بالناسِ، مِنَ السلوكِيَّاتِ التي لا يُحِبُّها الله. ويُعتَبَر التجسُّسُ على أخطاء الآخرين، والغيبةُ والسُّخرِية من الآخرين مِن السلوكيات التي يجب على المؤمن الذي يخاف الله أنْ يتجنَّبَها بِمُنتهى الحِرص. ويُحرِّمُ الله الغيبةَ في الآيَة التالية:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) (سورة الحجرات 12 )
ويظهَرُ من الآية أنَّ الله يُعلِّمنا أنَّ الغيبة عمل مقزِّز؛ مَثَله مثلُ أكل لحم أخيك بعد موته.
ويأمرنا الله أن نتصرَّف بطريقة صحيحة أثناء ممارسة حياتنا اليومية، فالحياةُ فرصةٌ يمنحُها الله لنا للسَّير على طريقه (صراطه المستقيم). وتَغِيبُ هذه الحقيقةُ عن أذهان أغلبِ الناس في عصرنا هذا، وبَدَلاً مِن أن يمتثلوا لأوامر الله ويتَّبِعوا إرشاداته، فإنَّهم يبحثون عن الهِدايَةِ عند غيره .ويتبنَّى هؤلاء قِيَمًا خاطئةً تأثُّراً بالأفلام التي يشاهدونها، أو الأغاني التي يسمعونَها .وعلى سبيل المثال؛ فإنَّ الشباب الذين يشاهدون بطلاً سينمائياً في دور شخصية قاسية خالية من الرحمة كثيراً، ما يبدأون في تقليده فور خُروجِهم مِن دار السينما.
أمَّا الإنسانُ المخلِصُ الحكيم، فإنَّه على عكس ذلك دائِماً يُظهِر صفاتِ شخصيةٍ تُرضِي الله. ويُعتبَر الأنبياء هم الناس الذين يجب علينا أن نتَّبِع خطواتهم. والواجِبُ علينا أيضًا أن نمتلك الصفات والاتجاهات الشخصية التي تُرضي الله. وتتضمن تلك الصفات رحيمةُ الإنسان، وتسامُحهُ، وتَواضُعهُ، وصبْرُهُ وطاعتُه لله ولرسوله. ولا يحطُّ من نفسه من يمتلك هذه القيمَ النبيلة فيتورَّطُ في الخلافات والنزاعات، بل هُو يسوِّي هذه النزاعات ويُظهِرُ التسامح. وبدلاً مِن التمرد على الوالدين ومَعصِيَتِهما، فإن القرآن يأمُرُنا بطاعة والدينا واحترامهم، ويؤكِّد القرآن أهمية احترام الوالدين، كما يظهر من الآية التالية:
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (سورة الإسراء 24 - 23 )
وتعتبر طاعة الوالدين وعدم إظهار أصغر علامة إحساس بالضيق منهما بقول "أف" والتزامُ الرحمة معهما ومعاملتُهما دائماً بقلبٍ مُمتلئٍ بالرِّقة صفاتٌ شخصية هامَّة يأمرنا الله بها. وينتج عن التزام هذه الصفات محبَّةُ الله لنا، وجعلهِ إيَّانا سُعداءَ، وغَمْرِ حياتنا اليومية بالسلام.
ويمكن للإنسان أن يتمتع بهذه الصفات الشخصية التي يمتدحُها القرآن حين يحيا بالإسلام. ويصعب على غير المؤمنين أن يلتزموا بمثل هذه القيم النبيلة. ويجب عليك صغيري ألاَّ تكون مِثلَ هؤلاء الناس، وتنتبِهَ للآية التي تقول : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (سورة آل عمران 142 ).ولا تنسَ أبدًا أنَّ الله سَيُحِبُّك أكثر ويمنَحَك المزيد مِن نِعمِه عندما تكون صبوراً، متواضعاً، مضحياً مُؤْثِراً على نفسك، كريماً، وتسلكُ سلوكاً قويماً .

سماح 9 - 6 - 2010 06:27 PM

بارك الله فيك اسلوب جميل
وجزالك الله خيرا وجعله في ميزان حسسناتك

ميارى 11 - 6 - 2010 05:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سماح (المشاركة 52287)
بارك الله فيك اسلوب جميل
وجزالك الله خيرا وجعله في ميزان حسسناتك

شكرا لك سماح على المرور والاهتمام ونورتيني

صائد الأفكار 19 - 6 - 2010 07:35 AM

شكرا يا اخت ميارى وبارك الله فيك على طرحك الموضوع الهادف

B-happy 21 - 6 - 2010 12:06 AM

الأخت الغاليه ميارى
ما اروع ما تنقليه لنا !
بارك الله فيك وفي ثقافتك ونفع بعلمك
تقبلي تقديري واحترامي

ميارى 2 - 7 - 2010 10:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صائد الأفكار (المشاركة 53691)
شكرا يا اخت ميارى وبارك الله فيك على طرحك الموضوع الهادف

http://i46.tinypic.com/iokqwo.gif

ميارى 2 - 7 - 2010 10:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة B-happy (المشاركة 53781)
الأخت الغاليه ميارى
ما اروع ما تنقليه لنا !
بارك الله فيك وفي ثقافتك ونفع بعلمك
تقبلي تقديري واحترامي

http://www.12allchat.com/upload/uplo...32f416e55a.gif


الساعة الآن 09:23 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى