منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   قصص بأقلام الأعضاء (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=6)
-   -   القصة القصيرة جدا - مقال (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=12529)

أرب جمـال 13 - 12 - 2010 10:08 PM

القصة القصيرة جدا - مقال
 
القصيرة جدًا في قفص الاتهام
لم يشهد نوع أدبي ما شهدته القصة القصيرة جدا من جدل محتدم خلال الندوات و المؤتمرات التي عقدت حول هويّتها من جهة و حول أحقيّتها في الحياة من جهة أخرى .
فالأنواع الأدبية الأخرى فرضت نفسها في حيّز الوجود كأسلوب لا غنى عنه من أساليب التعبير ؛ و لم يمانع أحد في تلقّفها و لم يسألها عن بلد المنشأ طالما أنها تقدّم نفسها مرآة للإبداع و الجمال اللذين يتجاوزان حدود الوطن و الجنسية .
لماذا تُحارب القصة القصيرة جدا هذه الحرب الشعواء ؟ تُقام في وجهها السدود و تُغلق دونها الحدود و تكال لها الردود التي تحمل في طياتها التهكّم و السخرية أحيانا .
هذا يسميها ومضة و ذاك يسميها برقية و آخر يقول : لمحة وأخرى تقول:طرفة و خامس يقرّر: إنها فكرة و سادس يشعرنها مطلقا عليها اسم : خاطرة ؛ما جعلني أنضمّ إلى ركب المتفذلكين مختارا لها اسما جديدا: قَصَجَة .اختصارا لاسمها الطويل جدا و الذي لا يتناسب و جوهرها .
إذا كانت حجّة المحاربين تتمركز حول حجمها الصغير جدا فالقصة القصيرة أيضا ثارت على الرواية و أعلنت الانفصال محققة نجاحات لا تُحدّ و جمالات لا تحصى .
وإذا انتُقِدت لاجتزائها بعض عناصر السرد كالزمان أو المكان أو كليهما معا فهذا التحرر يزينها ولا يشينها و يُنصّبها منارة يخترق نورها أمداء الزمان و المكان ويُعلّق على صدرها وسام الشمولية .
و إذا تناوشتها سهام النقد لأنها تُكثّف الصور و المشاهد و الرؤى إلى درجة تقرّبها من الغموض فهذا فخر لها و قد قرّر الإمام النفّري رحمه الله :" كلما ضاقت العبارة اتّسع المعنى." لأن خيال القارئ يسرح في تصوّر المشهد كما يحلو له فيغدو مشاركا في كتابة النص غير مكتفٍ بلعب دور المتلقّي السلبي ؛ولا بأس بمثل يدعم هذا الرأي:
( لو وصفنا الحديقة بأنها قِبلة المتنزهين و أمل الراغبين في السعادة و الجمال ؛ تتطاول أشجارها معانقة كبد السماء وتتلاون أزهارها معلنة أنها السحر بعينه .
ووصفناها بأنها : جنّة .
فأيّ الوصفين أقدر على تحفيز الخيال ؟! )
و إذا جوبهت بأنها تدور حول حدث واحد و حبكة واحدة لا غير فهذا يقدّمها للقارئ على طبق من البساطة و الوضوح بعيدا عن تداخل الأحداث و تشابك العُقد .
و إذا اتّهمت بأنها أباحت نفسها لكلّ من هبّ و دبّ من حملة الأقلام فهذا جُرم هي منه براء و الجاني هو من يستسهلها و ينتهك حرمتها .
و لعل الرمح الذي يكاد يصيب منها مقتلا هو ضبابيتها التي تقلص الرؤية حولها فتجعلها عصيّة على التمظهر بقوام فريد يميّزها عمّا يشبهها من أنواع القصّ الأخرى كالطرفة و النادرة رغم أنّ الفرق بينها شاسع.
فالطرفة ( النكتة و الملحة ) هي نص سردي قصير يهدف إلى الإضحاك تحديدا ،يختلقها الراوي ساخرا من الفكرة التي تختزنها معتمدا على مبدأ الإدهاش و عدم التوقّع ما يجعلها شبيهة بالإحجية. و البعض لا يفرّق بينها و بين النادرة .
بينما القصة القصيرة جدا لا تهدف إلى الإضحاك إطلاقا و إن لبست ثوب الطرافة أحيانا راسمة البسمة على وجه القارئ ؛ و لعل ما يميّزها هو سخريّتها السوداء التي تفضح الواقع المرير والتي تستمطر الحزن بدل الفرح كقصّتي هذه:
وا
(على وقع الاستغاثات الصاخبة بُعث المعتصم من مرقده؛ كانت النداءات حادة و حارّة في لهفتها .
أصمّ أذنيه للوهلة الأولى ثم تلفّت حوله يمنة و يسرة فلم يجد نساء عربيات يستغثن بل ملوكا و رؤساء و أمراء ، فأصيب بسكتة دماغية .)
كما أنّ القصة القصيرة جدا تتميز عن النادرة في كونها تسرح في عالم الفانتازيا الخيالي الرائع بينما النادرة تسجيل حرفي لحدث اجتماعي أو تاريخي غير مألوف يتّصف بالغرابة و الإدهاش لذا فالأَولى تصنيفها في خانة القصص التاريخي كما أن النادرة قد تترهل على مدى صفحات و قد تنكمش في سطور قليلة بحسب عدد الشخصيات و الأحداث فيها، بعكس القصة القصيرة جدا .
أما تشبيهها بالفكرة فخطأ فادح لأن الفكرة قد لا تروي حدثا ولا تتلبس شخصية ولا تتأطّر في زمان أو مكان .
و الخاطرة أيضا تختلف عن القصة القصيرة جدا لأنها أشبه بالمناجاة و البوح الحكيم و هي بعيدة عن السرد المتضمن حكاية كقولنا مثلا :
( لماذا أيها الحُبّ كلّما اقتربنا منك ازددت بُعدا و كلما توددنا إليك ازداد صدّك ؟)
أمّا الومضة فهي لمحة موجزة تتأرجح بين الشعر و الخاطرة وهي إلى الصورة الشعرية أقرب .لذا فهي أبعد ما تكون عن القصة القصيرة جدا .
إزاء ما تقدّم و بعد نفي علاقة القصة القصيرة جدا بالإنواع الأدبية الأخرى فلا بدّ من تحديد معالمها من خلال العناصر الأساسية التي يجب أن تتوافر فيها و هي :
1- الحكاية : فعليها أن تحكي حكاية تماما كالرواية و القصة القصيرة و المسرحية و المقامة و النادرة و...
2- الشخصية : فلا قصة بدون شخصيات تُنجِز الحدث و تشكّل جوهر السرد الأساس و لا يُشترط في الشخصية أن تكون إنسانا فالحيوان و النبات والجماد كلها تصلح للعب الدور.
3- الوحدة : أي الإضاءة على حدث واحد بعينه مصوغ في حبكة واحدة تُبدي وضوحها للعيان لأن تنوّع الأحداث يستدعي تشابكها و يؤدي إلى تعدد الحبكات و العقد التي تقود إلى أكثر من احتمال و إلى تكرار الأفكار في معظم الأحيان ما يرمي بالقصة إلى هاوية الترهل و الذبول .
4- التكثيف المقصود : و لعله الهوية الأبرز التي تحملها القصة القصيرة جدا و هو يعتمد على ضغط الصور و الرؤى بشكل موجز مختصر يحافظ على جوهرها بكل مكوّناته دون شرح أو تفصيل أي على مقاسها تماما دون تطويل مملّ أو إيجاز مُخلّ .و لعل هذا الشرط هو الأصعب بين عناصرها لأنه يحتاج إلى الموهبة المبدعة و الثقافة الثرّة و القدرات اللغوية والتركيز الذهني الشديد و هذه شروط تبدو تعجيزية يجفل منها الكتّاب فيديرون ظهورهم للقصة القصيرة جدا منصرفين إلى مجال إبداعهم الأساس .
5- المفارقة : و هي عنصر جوهري لأنها تتمحور حول تقنية تفريغ الذروة و صدم القارئ بما لا يتوقّع و هنا يلمع وجه الشبه بينها و بين الطرفة و النادرة لأن المفارقة تشكّل عنصر التشويق اللذيذ الذي يميزالقصة الناجحة و يسكب المتعة و الارتياح في نفس القارئ .
6- انتشار الجمل الفعلية بشكل لافت ؛لأنها في إيحاءاتها الدلالية تشير إلى الحركة و الحالة و هما شرطان لازمان من شروط السرد و هذا لا يعني الاستغناء عن الجمل الإسمية لضرورتها في الوصف الذي لا تحتفي به القصة القصيرة جدا في أغلب الأحيان ؛لأنه إن طغى على السرد هدم الحدود التي تفصلها عن الخاطرة وعن المقالة الوصفية .
7- العنوان : وهو رغم أهميته في النصوص على اختلاف أنواعها فإنه في القصة القصيرة جدا يجب أن يختار بدقة لأنه يلعب دورا حاسما مضيئا على المضمون شاحنا للرؤى و الدلالات .
وحين تزدان القصة القصيرة جدا بعناصرها تأتلق فيها الفكرة ماسةً تتعاكس عليها المرامي البعيدة و الدلالات المبطّنة ،يستوحيها القارئ الفطِن متّكئا على المفردات الدالّة و المختارة بدقّة و دراية فإذا هو في دقائق معدودات يقرأ قصّة ماتعة غنية بالرموز و الأبعاد و المعاني التضمينية في جوّ ساحر و ساخر يُشكّله الخيال الخصب المنطلق من أرضية الواقع المرير الذي تعبث به قوى الشرّ و الظلام لتجد القصة القصيرة جدا نفسها الأقدر على ملامسة المواضيع الحساسة كالعولمة و صراع الحضارات و الديمقراطية و الدكتاتورية و قضايا الإنسان العادلة و الإرهاب في أسلوب يتوخّى التلميح مستغنيا به عن التصريح .
و القصة القصيرة جدا إذ تقدّم نفسها نوعا أدبيا جديدا له أنصاره و مؤيدوه المدافعون عنه تضع نفسها تحت المجهر مهيبة بالنقاد أن يفسحوا لها في الطريق كي تأخذ مكانها اللائق بها طالبة منهم الحذر و الدقّة في التعاطي معها لأنها طرية العود تتوق إلى من يحتضنها و يرعاها.
تجارب الكتّاب و المبدعين ما زالت خجولة في ارتياد هذا الفنّ النثري الجديد و هي لا تكفي بضآلتها الحالية لتشكيل نظرة نقدية وافية ومحددة حولها ما يجعل التسرّع في الحكم عليها أقرب إلى النقض منه إلى النقد .
هذا الخجل في التجريب يقابله خلل في المشهد النقدي ,فبين ناقد يُطبّل و يُزمّر لفلان أو علاّن من معارفه كَتَبة القصة القصيرة جدا و بين ناقد محايد،تهتزّ المعايير و يختلّ التوازن وتفقد(القصجة )
عذريّتها و ألقها بعد أن عرّشت الطحالب على صدرها حارمةً ساحتنا الأدبية متعة التلذّذ بنوع أدبي جديد جميل توّاق للظهور، ومناسب لواقع الأمور، اسمه : القصة القصيرة جدا .

/الكاتب والناقد سعيد ابو نعسة /

محمد ماهر مرعي 13 - 12 - 2010 11:04 PM

سلمت يديك العزيزه ارب

أرب جمـال 13 - 12 - 2010 11:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد ماهر مرعي (المشاركة 93594)
مقال جامد جدا ...
رغم أن قصته القصيره جدا جدا بها اخطاء
فلا وجود لواو العطف في ( ق ق ج ) الا للضروره ...
قد يستغنى عنها بالنقاط ...
‏.
‏.
وهذه قصه لصديقه اسمها ليلى
كل من قرأها قال لها أنت مجنونه ...

‏( رحل... من؟
قالت وهي تنظف سكين تحمله في يدها .. أبوك والخوف )
ليس هذا نصها بالضبط لكن هذا ما أتذكره ...
بنفس الفكره تقريبا ... فأعتقد انها واضحه ولا داعي لاتهام ليلى بالجنون ...
سلمت العزيزه ارب على الموضوع

العزيز ميتو
لا انكرك اني الى الآن احاول ان اصل الى موضوع ليوضح ان الومضه او الخاطرة القصيرة جدا هي قصة ولكن الى الآن لم ارى الا ناقد واحد يميل الى ان يسميها قصة ووجدت ايضا منتدى به باب للقصة القصيرة جدا جدا والتي هي اربع اسطر ولكن لم ارى لها قراء او ردود على انها قصص.
ما زال البحث جاري للتحقق.
تحيتي لك ميتو العزيز وارجو ان لا يزعجك ردي فأنا أيضا اريد أن اصل الى الحقيقة فلعل الادب تغير ..ولم لا ؟
سلامي

محمد ماهر مرعي 13 - 12 - 2010 11:10 PM

لا أبدا لم يتغير ...
أنتم أعلم عزيزتي ...
لكن هناك منتديات كثيره بها قسم لهذه النوعيه ... ولها معجبوها ومحاربوها...
ولست الا هاوي ...
لست شاعرا او اديبا أو ناقد
محبتي لك اختي ...

محمد ماهر مرعي 13 - 12 - 2010 11:17 PM

تذكرت قصه ...
كتبها أحمدبارشا82
ولو بحثت عنها ستجدينه وضع اسمي عليها لمساعدته لا أدرى ما سبب وضع الاسم ...

المهم كانت تقول

‏(راح في تيهة يرسم خطوطا عمودية بقلمه .. وفي لحظة تيه حولها من ورقة بيضاء الى أخرى لا تصلح للكتابة مجددا .. قد تصلح للعبث!)
االا يجوز ان نقول على هذه قصه ،

محمد ماهر مرعي 13 - 12 - 2010 11:21 PM

تذكرت قصه ...
كتبها أحمدبارشا82
أعاده الله سلاما من سفره
كنت ساعدته بها ...
المهم كانت تقول
(راح في تيهة يرسم خطوطا عمودية بقلمه .. وفي لحظة تيه حولها من ورقة بيضاء الى أخرى لا تصلح للكتابة مجددا .. قد تصلح للعبث!)
كان عيب هذه القصه عنوانها... فقد سماها ( خطيئه)
كانت افضل لو سميت مثلا ( جرة قلم )
االا يجوز ان نقول على هذه قصه ،‏

أزهار 13 - 12 - 2010 11:36 PM

اولا اشكرك ست ارب على بحثك الدؤوب لألقاء الضوء على هذا الفن الجديد, ثانيا , اعجبني مقولة الكاتب ان اسم هذا النوع من الادب اطول منه, تعبير ساحر و ربما ساخر بعض الشيء.
اعجبني دفاع محمد المستميت عن القصة ق ج, و ربما علينا ان نستقر على تسمية قصجة بدلا من الاختصارات, رأيي البسيط

تحيتي

محمد ماهر مرعي 13 - 12 - 2010 11:50 PM

اها جميل جدا سخريته الناقد اضحكني ...
وكذلك اسم قصجه اعتقده مناسب!
شكرا لإعجابك بدفاعي المستميت سيدتي ازهار ...
لكن انا لا أدافع ...
انا اقول ما اعرفه عنها وقد يحمل الصواب او الخطأ

أرب جمـال 13 - 12 - 2010 11:57 PM

العزيز محمد هل ان كتب الأخ اخمد بارشا او غيره خاطرة من هذا النوع تعتبر كلاما منزلا ونطلق عليه قصة ق ج
احترم قناعاتك يا محمد وأيضا انا احترم قناعاتي ولو بعد مئة سنة لن اغيرها , ليس عنادا بل عدم قناعه هي مجرد خاطرة او ومضة وللعلم بعض خواطرك وخواطر البعض تكاد ان تكون قصة قصيرة وافضل مما قرأت هنا
مع احترامي لكل الأقلام والتي لا اقلل من شأنها.
تحيتي لك ميتو

محمد ماهر مرعي 14 - 12 - 2010 12:01 AM

سيدتي .. انا تساءلت
فلا أحمد يكتب كلاما منزلا ولا محمد ...
وقناعتك فوق رأس الجميع
فلست من أتى بها لعالم الوجود ...
ولا شئ يستدعي للعناد ...
وخواطرى ما هي الا بعض خربشات لا أكثر ... لم تصل بعض الى أن تكون خاطره او حتى ومضه

شيماء يوسف 14 - 12 - 2010 12:09 AM

سلمت يداك
http://www.shy22.com/upfiles/YWx87461.gif

شوقى غنيم 14 - 12 - 2010 12:36 AM

بقلم الدكتور / محمد عبد الحليم غنيم
ـ 1 ـ
إذا حقق العمل الفني قصة قصيرة أو رواية أو غيرها من الأعمال شروط إبداعه الفني ، الذي يجعل منه عملا مؤثرا وأثرا خالدا ، فإنه يمكن الحديث عن شعرية بدايته أو استهلاله أو افتتاحيته ، فإذا بدأ الكاتب عمله ببداية صحيحة أو موفقة فيعني هذا أننا أمام عمل يستحق القراءة .
يرى صبري حافظ أن "البداية عادة ما تكون أصعب أجزاء العمل ، وأنها تستنفذ جهدا يفوق ما يبذل في أي جزء مساو لها من حيث الحجم ، وتستغرق أكثر من غيرها من حيث التفكير والتنفيذ على السواء " (1) ومع ذلك لابد من الحذر لأن البداية يمكن أن تكون " الباب الذي ندلف منه إلى عالم النص الرحب ولكن من الممكن في الوقت نفسه أن تصبح الجدار الذي يصرفنا عن الدخول إلى هذا العالم ويصدنا عن محاولة الولوج إلى ما وراء حائط البداية الأصم " (2) غير أن جذب القارئ إلى داخل العمل القصصي هو أهم وظائف لبداية ، أو على الأقل الوظيفة الأولى لها ، يقول الناقد ديفيد لودج : " مهما يكن التعريف الذي يضعه المرء لبداية رواية ما ، فإنها تمثل عتبة تفصل العالم الواقعي الذي نعيش فيه عن العالم الذي يصوره الروائي ، وعلى ذلك فإنها ينبغي ـ كما يجدر لبقول ـ أن تجذب القارئ إلى داخلها "(3) .
وإذا كانت البداية في الرواية يمكن أن تأخذ مقطعا كبيرا أو فقرة طويلة ، بل ربما تأخذ فصلا كاملا ، فكيف يكون حجمها في قصة قصيرة لا تتجاوز صفحة واحدة أو عدة صفحات؟ إنها في حالة القصة القصيرة ستكون قصيرة بالطبع ، ربما لا تتجاوز جملة واحدة أو عدة جمل وبناء عليه يمكن تحديد لبداية في القصة القصيرة بأنها جملة أو عدة جمل . وقد رأى الناقد ياسين النصير أن الجملة الاستهلالية في القصة القصيرة "أشبه ما تكون بالبيضة المخصبة التي ستكون جنينا "(4) ففي جملة البداية يمكن استبصار مكونات القصة القصيرة وإدراك مغزاها . وقد أجمل الناقد الوظائف الأساسية لجملة البداية أو ما أسماه بالجملة الاستهلالية في النقاط التالية :
" 1 ـ ثمة وضع موشك على الانهيار يراد صياغته .
2 ـ استحضار بطل كفء .
3 ـ صياغة أسلوبية مبهمة غامضة إحالية منفتحة .
4 ـ الجملة الخبرية متعدية وغير لازمة .
5 ـ كل المفردات الواردة ستولد مفردات ومشتقات جديدة داخل النص .
6 ـ لها علاقة بنائية بالمتن من خلال حسن التخلص والانسياب .
7 ـ لها علاقة ممهدة بالنهاية حيث اختتام الخلق التكويني " (5) .
وفي معرض التمييز بين بداية القصيرة وبداية الرواية ، رأى صبري حافظ أن لبداية القصة القصيرة " طبيعة حاكمة من حيث علاقتها العضوية بالعمل ككل ولديها وسائلها الخاصة في التغلغل في ثنايا نسيجه الدقيق "(6) ويفق صدوق نور الدين مع صبري حافظ وياسين النصير في أن للقصة القصيرة بداية واحدة " منها يتسنى الدخول إلى فحوى النص لإدراك طريقة بنائه ومعناه الكامن فيه "(7) إذن يمكن القول أن البداية في القصة القصيرة جملة استهلالية أو عدة جمل يمكن من خلالها الدخول إلى فحوى النص وإدراك طريقة بنائه وكذلك معناه الكامن فيه .
وجملة البداية بوصفها جزءا أساسيا في بناء القصة القصيرة ومكونا بنائيا في تركيب العمل ، يمكن النظر إليها من زوايا مختلفة عبر علاقتها بأجزاء العمل ومكوناته ، فمن حيث اللغة يمكن أن تكون جملة البداية اسمية أو فعلية ، لازمة أو متعدية ، ومن حيث طبيعة السرد يمكن أن تكون جملة سردية أو جملة وصفية , ومن حيث علاقتها ببناء الحدث في القصة يمكن أن تكون البداية قبلية أو بعدية أو وسطية .
وسنحاول في الجدول التالي حصر نماذج البدايات في القصة القصيرة ، وهي محاولة أولية قابلة للتطوير تعتمد على استقراء البدايات في نماذج القصة القصيرة في الأدب العربي عامة .
1 ـ
2 ـ
3 ـ
4 ـ 5 ـ بداية اسمية
بداية وصفية
بداية قبلية
بداية تعتمد ضمير المتكلم بداية تعتمد السرد الذاتي بداية فعلية
بداية سردية
بداية بعدية
بداية تعتمد ضمير الغائب
بداية تعتمد السرد الموضوعي ـــ
ـــ
بداية وسطية
بداية تعتمد ضمير المخاطب
ـــ

ـ 2 ـ
عندما قرأت قصص كل من الأستاذين محمد كمال محمد وفكري داود لاحظت مدى التشابه بين الكاتبين ، حيث تكثر أوجه التشابه بينهما بالرغم من اختلاف التجربة والخبرة الفنية والسن ، وبقطع النظر عن هذه الاختلافات ، فإن ما يجمع بين الكاتبين في قصصهما (قصص هاتين المجموعتين موضوع الدراسة عصف الرياح وصغير في شبك الغنم) الاحتفاء بعالم المهمشين من الشخصيات وسيطرة تيمة الغربة والاغتراب على معظم القصص ، والميل إلى التكثيف والإيجاز على مستوى اللغة والأحداث والشخصيات ، ثم أخيرا اشتراك الكاتبين ـ ولعله الأبرز في أوجه التشابه بينهما ـ فيما يسمى بالقصة / اللوحة ، فيندرج تحت هذا النوع من القصة معظم قصص مجموعة "صغير في شبك الغنم" لفكري داود فيما عدا (نبات الإفك ـ أولياء ومريدون ـ من حكايات العم زيدان ـ تنويع على ما حدث ) أما عند الأستاذ محمد كمال محمد فكل قصص المجموعة عدا القصص الطويلة التي نلمح فيها نفسه الروائي المتميز مثل ( الصغيران والسرداب ـ عصف الرياح ـ حجرة قديمة في فندق حديث ـ الزمن الآخر ) فالقصة اللوحة نوع قار في أدب محمد كمال محمد عامة وفي هذه المجموعة خاصة وهو قار أيضا في مجموعة فكري داود وسنقف في هذه الدراسة عند نماذج من هذه القصص لدى الكاتبين من خلال الوقوف عند تقنية البداية القصصية ، غير أنه لابد قبل التحليل من توضيح المقصود بالقصة / اللوحة .
لا نقصد بالقصة / اللوحة ذلك الشكل البدائي للقصة القصيرة الذي يقوم على وصف مكان أو مشهد أو شخص أو شيء من هذا القبيل كما كنا نقرأ في بعض أعمال يحي حقي والمازني قديما ، إنما المقصود بالقصة / اللوحة هنا تلك القصة القصيرة المكتملة العناصر ، بيد أن ما يميزها هو تجميد الزمن عند لحظة مهمة ثم تعميق هذه اللحظة من خلال رسم في المكان وشحن الكلمات بطاقة مضيئة تسمح برؤية الأبعاد الزمنية السابقة واللاحقة . وكان الدكتور خيري دومة في دراسته "تداخل الأنواع في القصة المصرية القصيرة 1960 ـ 1990 " قد أشار إلى وجود هذا النوع من القص لدى محمد كمال محمد في مجموعاته القصصية : البحيرة الوردية وحصان في نهر وسقوط لحظة من الزمان ، دون أن يتوقف بالتحليل عند أية قصة منها ، غير أن ما يهمنا هنا تحديده الدقيق لشكل القصة / اللوحة ، إذ يقول :" ليست القصة / اللوحة بهذا المعنى مجرد وصف أو تصوير ثابت بل إن الحدث والصراع الدرامي جزء جوهري كامن وفعال في هذا الوصف ؛ ومن ثم فإن الزمن جزء لا يتجزأ منه ، مع أن النص يتخلص من الحبكة الزمنية التقليدية ، إنها الدرامية التي تزيد في صفاء القصة القصيرة وتجعلها مضادة للأحدوثة والزمن الخطي "(8)
في قصة "انسحاب" لمحمد كمال محمد يعتمد الكاتب ضمير الغائب من خلال رؤية سردية ذاتية ، فيكاد يتوحد الراوي والبطل معا ، حيث يصحو البطل عند الفجر متعجبا كيف صحا في هذا الوقت ، حيث العادة أن يكون نائما إلى وقت الضحى ، ومن مكانه في الفراش وعبر النظر إلى الشرفة يراقب البطل العالم الداخلي والعالم الخارجي معا ، فيتداخل الماضي مع الحاضر لرجل عجوز فقد زوجته وانعزل عن الأصدقاء والأصحاب ، يجلس وحيدا في بيته ، والآن يشعر أنه على وشك الانسحاب من هذا العالم الذي لم يعد يريده ، فهل يكون هذا نهاره الأخير ؟ لذلك لم يستجب لطرقات صبي المشتل الذي تعود أن يأتي له بالجريدة كل صباح " حاول النهوض خائفا أن تأتي النهاية جالسا على المقعد هكذا .. لابد أن ينهض .. ارتمى في فراشه ، ينتظر .. تلاشى طرق الصبي .. عزيزة الدنيا .. غالية .ز. هل يستطيع أن يمتلك لحظة من الزمن . ليذرف دمعة "(9)
في هذه القصة / اللوحة يرسم لنا الكاتب بريشته القلمية في مشهد محدد محصور بمكان هو غرفة النوم وزمان من مطلع الفجر إلى الضحى اللحظات الأخيرة لشخص على وشك الموت ، ولأن الرسم فن حكائي سنجد هنا تجاور الحدث مع الوصف ، وقد أشارت البداية القصصية لهذا البناء المعتمد على التجاور ، فتبدأ بالسرد يتبعها الوصف ، تبدأ القصة على النحو التالي :" صحا عند الفجر المنسرب واهنا ، من خصاص الشرفة الواهنة .. تعجب كيف صحا "(10)
تبدأ البداية بالفعل (صحا) ويحدد الزمن بوقت الفجر ثم نجد وصفا للفجر هو "المنسرب" أما وصف الشخصية فنجده في كلمة "واهنا " وإن كان الوصفين في رأيي ينطبقان على الشخصية أيضا ، وفي الجملة الثانية يتقدم الوصف على السرد " من خصاص الشرفة تعجب كيف صحا " حيث يصف الشرفة بأنها واهنة ، وهو وصف يمكن أن ينطبق أيضا على الشخصية كما تشير الأحداث أو قل كما تشير النهاية ، نهاية القصة .
إذن تجاور السرد مع الوصف في جملة البداية سيفرض بنية القصة إذ تسير الأحداث فيما بعد إلى نهاية القصة هذه الوتيرة جملة سردية تتبعها جملة وصفية وهكذا حيث يبرز فحوى النص الذي جاء ملائما للأحداث . وأقف عند نموذج آخر لمحمد كمال محمد وهو قصة "انتظار" ونظرا لصغر حجم هذه القصة أوردها هنا كاملة :
" كنت أرقب العجوز يقف محني الظهر ، مستندا إلى القائم الحديدي جوار مقاعد الانتظار في محطة الأتوبيس .. نحيلا .. يخفض رأسه بنظرة منطفئة ، خلا مقعد بجواري فناديته ليجلس .. وكان يرفع رأسه متجها بنظرته القاصرة ، نحو أتوبيس قادم ويسأل :
ـ كم الرقم ؟
أجبته فقال :
ـ هذا هو
نهض متهافت الجسد .. قلت :
ـ لقد امتلأ بالركاب .. انتظر .. سيجيء غيره
عاد يجلس مهمهما يشكو تزاحم الناس !
قلت له :
ـ أنا أيضا سأركب نفس الأتوبيس
تعلقت نظرته بوجهي في ارتياح تقول " ستساعدني إذن "
أكدت له :
ـ سنركب معا ..
هز رأسه راضيا
قدم أتوبيس آخر وتوقف بعيدا ..
لم يسألني الرجل هذه المرة ، كان مطمئنا إلى مساعدتي ..
نهضت في عجلة :
ـ أنه هو !
هرولت نحو الأتوبيس ، وانزلقت بين الصاعدين لألحق مقعدا .. وكان الرجل يقف على الرصيف منحنيا .. يلاحق الأتوبيس المغادر بنظرة أوجعتني "(11)
في هذه القصة القصيرة جدا ، يضع الكاتب بين أيدينا لوحة مشهدية يتوازن فيها الوصف والسرد ، حيث يتم الحدث في دقائق معدودة ، الراوي يراقب عجوزا ينظر أتوبيسا في المحطة ، يدعوه إلى الجلوس في المقعد الخالي المجاور له ، ومن خلال حوار موجز مكثف يتم الاتفاق ضمنا على مساعدة الراوي للعجوز على ركوب الأتوبيس وعندما يأتي ينسى الراوي العجوز ليعود العجوز ينتظر من جديد فإذا نظرنا إلى البداية التي يمكن تحديدها بالفقرة الأولى في القصة فنجدها تبدأ بفعل الكينونة وخبرها الفعل أرقب ، ثم الفعل "أقف" فالراوي يرقب والعجوز يقف ، أي أنها تبدأ بداية سردية ، يلي هذا السرد مباشرة وصف العجوز : محني الظهر مستندا إلى القائم الحديدي جوار مقاعد الانتظار في محطة الأتوبيس نحيلا كالعصا، يخفض رأسه بنظرة منطفئة "
إن التركيز الوصفي هنا يركز على العجوز ، فهو محني الظهر ، يقف مستندا نحيل مثل عصا ، خافض الرأس ، نظرة عينيه منطفئة ، إنها رؤية السارد للعجوز ، وهو وصف حيادي لا نجد فيه تعاطفا من الراوي نحو العجوز ، إن هذا الوصف الحيادي يتفق ونهاية القصة عندما ينسى الراوي مساعدة العجوز ليتركه يعاني الانتظار من جديد ، إن بداية القصة هنا متسقة تماما مع النهاية ، فهي تبدأ بالانتظار وتنتهي به أيضا دون افتعال .فانطفاء نظرة العجوز واقتصار فعل الراوي عند حد المراقبة فقط في بداية القصة يشيران إلى هذه النهاية ، فهذا المراقب لن يقوم بفعل إيجابي نحو العجوز ، وهذه النظرة المنطفئة تشي بالفشل وعدم القدرة على الإنجاز ، لذلك كان الانتظار .
سأكتفي بهذين النموذجين للأديب محمد كمال محمد وانتقل الآن إلى نموذجين للأديب فكري داود .
يمكن أن نميز شيئا أخر في قصص فكري داود في تلك المجموعة إلى جانب قصة اللوحة ، ألا وهو وحدة الراوي في معظم قصص المجموعة ، خاصة القسم الأول ، بل أن الشخصيات تتكرر أيضا ويسمي النقاد هذا النوع من القصص بقصص الحلقات القصصية ، فكل قصة تمثل حلقة متداخلة مع القصة التي تليها ، فثمة ترابط بين هذه القصص ، لكن في الوقت ذاته لا يمنع ذلك من تكون كل قصة منفصلة وذات بناء محدد قد يختلف أو يتفق مع القصص الأخرى .
في قصة " صغير في شبك الغنم " نجد لوحة قصصية يغلب عليها الوصف المشهدي الثابت لحدث محدد هو ما حدث لقرد صغير محبوس في قفص حديدي تراه جماعة القرود وهو ينتحر داخل القفص بعد أن يأس من الانطلاق ، ولم ينتبه لذلك الراوي ورفاقه إلا متأخرا لأنه كان مشغولا بذكر ما قبل الحدث الرئيسي وهو صراع سعود الذي قام بحبس القرد مع جماعة القرود ، كيف أراد أن ينتقم منهم ، لأنهم سبق أن خطفوا خروفا منه منذ أسبوع مضى إن الراوي في هذه القصة يقف خارج المشهد ويصف لنا كل شيء بدقة ، فالوصف هو الأسلوب المهيمن على القصة ، على حين يتراجع الحدث إلى الخلفية ، ثم يكون التعليق الأخير للراوي من خلال ضمير المتكلم الجمع :
"اقتربت أقدامنا
غرزنا نظراتنا في عينيه الجاحظتين ، أبصرنا بداخلهما حلما ساكنا ، وقمما عالية تسكنها العشيرة وأرضا مفتوحة خلف جبال ممتدة " (12)
في هذا التعليق من الراوي إشارة واضحة إلى بداية القصة ، إنها الحرية الموعودة ، الحلم الساكن في العينين الجاحظتين والتوق إلى الانطلاق في الأرض المفتوحة خلف الجبل والاتصال قبل ذلك بالأهل والعشيرة
لقد بدأت القصة بما يؤدي إلى وأد هذا الحلم ، إنه الوصف الدقيق لشبك الغنم ، الذي يمثل الشيء ونقيضه ، إنه مكان الحفاظ على الغنم ومكان السجن والموت للقرد الصغير .
يميل فكري داود على عكس الأستاذ محمد كمال محمد إلى البدايات الطويلة /


الناقد


د.محمد عبدالحليم غنيم



منقول عن الاديب الناقد الكاتب الروائى الدكتور محمد عبد الحليم غنيم ابن أخى وشكرا اخى محمد ماهر

أبو جمال 15 - 12 - 2010 12:00 AM

منقول عن الاديب الناقد الكاتب الروائى الدكتور محمد عبد الحليم غنيم ابن أخى وشكرا اخى محمد ماهر
منقوليا استاذ شوقي هو عشان ابن اخي صار كلامه صح 100%
مليون ناقد بيقول كلام مغاير لهذا الناقد
واذا الراوي خارج النص بكون بروي حدث موش قصة قصيرة
مع احترامي للناقد والكاتب والدكتور وكل الالقاب
هو سوق خضره بدو الواحد يسوق كلام فيه ولا شو
مشكورين على انكم اثريتوا معلوماتنا

ناجي أبوشعيب 28 - 2 - 2011 10:50 PM

الغالية أرب
بارك اللّه فيك
مميّزة دائما
لا حرمنا منك أختاه
احتراماتي
أخوك الأبدي ناجي


الساعة الآن 10:28 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى