منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   كتاب " أخلاق القرآن هي الحل " لهارون يحي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=7411)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:12 AM

كتاب " أخلاق القرآن هي الحل " لهارون يحي
 
مقدمة

"وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا."؟ (سورة النساء: 75)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/1936.jpgيندرج غالبية الناس حول العالم تحت فئة المضطهدين. ذلك أنهم يتعرضون للتعذيب، وسفك الدماء، ويعيشون مشردين في فقر مدقع، كما أنهم مجبرون على العيش دون حماية من قوى الطبيعة، ويواجهون المرض دون الحصول على عناية طبية مناسبة. ويوجد أولئك الذين لا يستطيعون حتى أن يشتروا رغيف خبز. كما يوجد الشيوخ الذين يواجهون الإهمال، والهجر، والحرمان من العناية الطبية. ويوجد أيضا أولئك الذي يعانون من التمييز، والترحيل من منازلهم وأراضيهم بل وحتى المذابح لمجرد أنهم ينتمون لعرق، أو لغة، أو جنس، أو قبيلة معينة. أما بالنسبة للأطفال الأبرياء الذين لا يجدون من يحميهم، والذين يعانون من سوء التغذية، والذين لا حول لهم ولا قوة فيضطرون للعمل أو التسول من أجل الحصول على المال.
ويعيش عدد لا حصر له من الناس وهم خائفون على حياتهم وقلقون من قدرتهم على البقاء على قيد الحياة وسط عالم، يوجد فيه أيضا إلى جانب الفقر والاضطهاد، قدر هائل من التبذير، والامتيازات، والثراء. ويمر أولئك الذين ينعمون "بحياة كريمة" بالمتشردين، ويرون صورا ويشاهدون مناظر في التليفزيون لمن هم أقل منهم حظا. وفي بعض الأحيان ينتابهم شعور بالشفقة للحظة خاطفة، ولكنهم سرعان ما يغيرون قناة التليفزيون، ويطردون الصورة من ذهنهم، وخلال فترة قصيرة يمحون تماما تلك الوخزة العابرة التي أثرت في ضمائرهم.
إن كثيرا ممن ينعمون بالرفاهية وسبل الراحة لا يفكرون قط في بذل جهد لإنقاذ من هم أقل حظا منهم من الظروف التي يعيشون فيها. فهم يعتقدون أن إنقاذ هؤلاء الناس ليس من واجبهم، لأن هناك كثيرين يفوقونهم ثراء وقوة ومكانة بإمكانهم أن يساعدوا من هم أقل حظا.
ومع ذلك، لن يكفي الرخاء والقوة وحدهما لإنقاذ الأقل حظا وتحويل هذا العالم إلى مكان خير تسوده العدالة، والسلام، والثقة، والرفاهية. وعلى الرغم من انتشار البلدان المتقدمة حول العالم، فما زال هناك الكثير من البلدان أيضا، مثل إثيوبيا، التي لا يزال الناس يموتون فيها يوميا بسبب المجاعة. ومن الواضح أن ثراء بعض الأمم وقوتها لا يكفيان في حد ذاتهما لحل آلام القحط، والفقر، والحروب الأهلية.
لا شك في أن أصحاب الضمائر الحية هم وحدهم القادرون على توجيه الموارد والقوى لما فيه خير الفقراء واليائسين. والسبيل الوحيدة لصحوة الضمائر هي الإيمان. ذلك أن المؤمنين وحدهم هم الذين يعيشون دائما وفقا لما تمليه عليهم ضمائرهم.
وأخيرا، لا يوجد سوى حل واحد للظلم، والفوضى، والإرهاب، والمذابح، والجوع، والفقر، والاضطهاد المنتشر في العالم؛ وهذا الحل هو: خُلق القرآن وقيمه.
لقد نشأت تلك الظروف السيئة في المقام الأول بسبب الكراهية، والحقد، والأنانية، واللامبالاة، والقسوة؛ لذلك ينبغي أن تمُحى بالحب، والشفقة، والرحمة، والكرم، والإيثار، ورقة الإحساس، والتسامح، والفطرة السليمة، والحكمة. ولا تتوافر سمات الشفقة هذه إلا في أولئك الذين يعيشون حياتهم بأكملها وفقا للخلق التي تعلموها من القرآن الكريم، الذي يعتبر مرشدنا المباشر من خالقنا جل جلاله. ويشير الله سبحانه وتعالى في إحدى آيات الذكر الحكيم إلى قدرة القرآن على إخراج البشرية من الظلمات إلى النور.
"... قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ." (سورة المائدة: 15-16)
وفي آية أخرى، يبين الله سبحانه وتعالى أن الفساد والفوضى سيحلان بكل شيء إذا ما جاء الحق موافقا لأهواء البشر:
"وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ." (سورة المؤمنون: 71)
أثناء قراءتك لهذه الآية، سيكون ملايين الناس في معاناة كبيرة اما من البرد والجوع، أو لمواجهتهم خطر الترحيل من أوطانهم. ولهذا السبب، يجب أن يفكر أصحاب الضمائر الحية في هذا الأمر، ويتخذوا إجراءات لحل هذه المشكلات وكأنهم هم أنفسهم أو أحبابهم الذين يواجهونها. كما يجب أن نتصرف على الصعيدين الروحي والمادي للتقليل من المعاناة والاضطهاد. وفي إحدى آيات الذكر الحكيم، يأمر الله أصحاب الضمائر الحية والمؤمنين بتحمل هذه المسؤولية:
"وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا."؟ (سورة النساء: 75)
وعندما نتدبر الأوامر القرآنية، تتضح لنا ماهية التزاماتنا. ويتمثل أهم شيء بالنسبة للمسلمين في أن يبدؤوا أولا النضال في الميدان العقلي حتى تتغلب خلق القرآن والسنة وقيمها على قيم الكفر. وتتمثل السبيل الوحيدة لخلاص الضعفاء، والبائسين، والشريدين، والمعدمين في تطبيق الإرشادات القرآنية الموجهة إلى البشرية جمعاء. لذا، فإن من واجبنا أن ننشر كلمة الله ونبلغ رسالته، ويشكل هذا مكونا أساسيا من مكونات العبادة بالنسبة لجميع المسلمين.
ويجب أن نذكّر بأن أولئك الذين لا يتبعون ما تمليه عليهم ضمائرهم، ولا يبالون بمعاناة الآخرين، وينفقون ثرواتهم على أشياء تافهة عديمة الجدوى، ولا يبدون اهتماما بالأيتام، وينظرون إلى النساء والأطفال والشيوخ المضطهدين بقدر من اللامبالاة، ولا يسعدون إلا عندما يسود العالم الفسوق والقبح، سوف يُسألون لا محالة عن تلك الأعمال في الآخرة.
"أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ. وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ." (سورة الماعون: 1-7)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:13 AM

انعدام الغاية لدى الكفار

"ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ." (سورة الحجر: 3)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...n/kolombia.jpg
يفتقر الناس بشدة في عصرنا الحالي إلى وجود غاية في الحياة؛ إذ يتبع الجميع تقريبا أسلوبا معيشيا نمطيا. فقد أصبح إطعام الشخص لنفسه، والبحث عن منزل يسكن فيه، وتكوين أسرة، والعمل في وظيفة هي القيم المحمودة التي يطمح إليها المرء في أغلب الأحيان. وفي إطار هذا الأسلوب المعيشي النمطي، يتمثل أهم هدف في إيجاد سبل لتحسين الأسلوب المعيشي وتنشئة الأطفال.
ولكي نفهم بصورة أفضل ما يتخلل حياة مجتمعنا من انعدام للغاية والمغزى، سيكون من المفيد أن نلقي نظرة على مجالات أخرى للاهتمام غير تلك المذكورة آنفا. سنجد أن غالبية الناس ينظرون إلى الأمور بنظرة محدودة. ففي أغلب الأحيان، يعتبر هؤلاء أن عدم تفويت حلقة من مسلسل تليفزيوني أو مشاهدةَ فيلم رائج بين الناس هو الذي يعطي لحياتهم اليومية معنى. وبالنسبة لهؤلاء الناس، يتمثل الهدف الأسمى في الحياة، إن وجد، في الانضمام إلى ناد اجتماعي.
وهناك مجموعة أخرى من الناس يمثل العمل الشغل الشاغل لها؛ إذ يقضي هؤلاء الناس حياتهم بأكملها في التنقل بين المكتب والمنزل. ويظل الشخص، الذي بدأ مستقبله المهني في أوائل العشرينيات من عمره، يعمل بنفس الوظيفة لمدة 40 سنة تقريبا. وفي غضون ذلك، يجد نفسه في أغلب الأحيان ينتظر قدوم أيام الجمع. وتتمثل طموحاته الأساسية في إقفال الشهر الضريبي دون مشاكل، وتدبير الإيجار كل شهر، وتأمين مستقبل أطفاله. ولا تكاد تثير اهتمامه أي أحداث وطنية أو عالمية، ولا يستوعب أي أحداث غير تلك التي تؤثر على عمله. وبما أنه لا يتأمل مطلقا في الأحداث، فهو يقبل الوضع الراهن بسهولة ولا يبدي أي اهتمام بأي قضية إلا عندما تتعارض مع عمله. ولكي يعبِّر هذا الشخص عما يقلقه، يشترك في البرامج الحوارية بالتليفزيون أو يتحدث حتى الساعات الأولى من الصباح دون أن يصل إلى حل أو استنتاج جوهري. وفي اليوم التالي، يبدأ يوما جديدا شبيها باليوم الذي سبقه.
ويعاني الشباب أيضا، من انعدام الغاية ذاته، ويفتقرون إلى العوامل الضرورية التي تعطي للحياة معنى. ذلك أن السواد الأعظم من المراهقين لا يعرفون حتى أسماء قادة بلدانهم، ولا القرارات السياسية التي يتخذونها، ولا أثر هذه القرارات على الأمن القومي أو الاقتصاد أو النظامين التعليمي والقضائي. وهم غافلون تماما عن الأحداث والتطورات الهامة في العالم، لأنهم يضيعون وقتهم باستمرار في الموضوعات التافهة وغير المجدية. ويحرمهم هذا من المهارات التي تساعدهم على استيعاب أهمية العديد من الأحداث التي يحفل بها تاريخ العالم. وتقتصر حواراتهم في الغالب على ألعاب الكمبيوتر، أو الدردشة على الإنترنت، أو المواعدة، أو الأحداث التافهة التي تحدث في المدرسة، أو الغش في الامتحانات، أو خطط عطلة نهاية الأسبوع، أو الملابس، أو مباريات كرة القدم. وفي استطلاعات الرأي التي تجريها المجلات وتطلب فيها من المراهقين أن يرتبوا "أعظم الأهداف الجديرة بالسعي لتحقيقها"، يأتي على رأس القائمة التشبه بعارضة أزياء مشهورة أو العزف على الجيتار مثل عازف جيتار في فرقة مشهورة.
ونظرا لانجراف الشباب مع التيار السائد، فهم لا يفكرون مطلقا في توسيع آفاقهم. فمثلا، لا يفكرون حتى في تحسين مهاراتهم في التخاطب، لأنهم ببساطة ليست لديهم أدنى فكرة عن التحدث إلى الناس أو التأثير عليهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم لا يقرأون. فالشخص الذي لديه غاية ووجهة نظر عن العالم يقرأ ليثري معلوماته وليتعرف أيضا على وجهات النظر المعارضة. وتتمثل الغاية من ذلك في الارتقاء بفهم الأيديولوجيات التي من المرجح أن تتعارض مع أفكار الشخص وتحديد نقاط الضعف في كل منها. ولكن من المؤكد أن وجود أفكار معينة لن يعني أي شيء بالنسبة لشخص ليست لديه غاية أو رؤية للعالم. وعلاوة على ذلك، لا يدرك هؤلاء الناس حتى الأفكار الحالية ووجهات نظر الأشخاص الآخرين الموجودين في العالم. وفي العديد من مجتمعات اليوم، يعاني الناس من نقص خطير في الاهتمام بقراءة الكتب والصحف في حين يتزايد الطلب على الصحف الصفراء، وأعمدة النميمة في الصحف والمجلات، والبرامج التليفزيونية. وعلى الرغم من تمتع غالبية الناس بقدر كبير من وقت الفراغ، فإنهم يميلون إلى قضاء أيامهم أمام أجهزة التليفزيون وهم يشاهدون المسلسلات والبرامج التي لا تضيف شيئا لملكاتهم العقلية، وهو ما يعتبر دليلا واضحا على انعدام الغاية والانحطاط الفكري.
ويشكل انعدام الغاية في الحياة والغفلة عن الجوانب الأخرى للوجود تهديدا للإنسانية. ومع ذلك، وبالإضافة إلى ما سبق، فإن غالبية الناس الذين يتخذون موقفا معينا في الحياة يؤيدون آراء تفتقر إلى القيم الحقيقية وتضر بالإنسانية، وهذا هو التهديد الحقيقي. ويرجع السبب في ذلك إلى أن أصحاب الأفكار الخطيرة ومؤيديها يجدون آذانا صاغية لدى الجماهير التي تفتقر تماما للملكات العقلية التي تستطيع من خلالها أن تدرك الخطر، ومن ثم تتقبل أي افتراض مسبق دون أن تخضعه للتدقيق المستقل.

ونتيجة لهذه الظروف، لا يواجه أصحاب الأفكار الخطيرة أي مقاومة تثنيهم عن محاولاتهم لجذب الأنصار؛ والمؤمنين بالمبادئ الفوضوية؛ والإرهابيين، الذين يكنون عداوة راسخة لبلدانهم وشعوبهم. فمثلا، في كافيتيريا الكلية، حيث يغرسون آراءهم بشكل هدام ليحققوا غرضهم، سنجد أن المراهق الخامل يشاهد الشباب المجاورين له مباشرة وهم يخضعون لعملية تلقين دون أن يفهم ما يدور حوله. ولا يدرك على الإطلاق أن هؤلاء الشباب سرعان ما سيبدأون في التصرف تحت تأثير الفوضويين والإرهابيين ويصبحون مجرمين عديمي الرحمة يمكنهم بسهولة أن يضعوا أيديهم على الأسلحة ليستخدموها ضد الشرطة، والجنود، والأبرياء من أبناء وطنهم. وحتى إذا أدرك المراهق هذا التهديد، فسيظل غير مبال بالخطر. وعلى أي حال، فإن هذا الشخص ليس لديه ما يكفي من الإدراك أو الإحساس بالمسؤولية ليمكنه من معالجة الموقف بحكمة.

وفي إحدى الآيات، يشير الله سبحانه وتعالى إلى انعدام الغاية لدى الناس، لذا: "ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ." (سورة الحجر: 3)
ويلاحظ الشخص اليقظ أن رد فعل جماعات معينة تجاه أي سياسة جديدة يتم اتباعها في الجامعات يثبت في الغالب أن ضرره أكثر من نفعه. وينتج ذلك عن موقف الجماعة، لأن الجماعة لا تدافع عن الصواب والخير. ومن ناحية أخرى، ستجد مجموعة أخرى تفضل التزام الصمت وتكتفي بتجاهل هذه الأحداث بدلا من دعوة الناس إلى السلوك القويم، ونصحهم بالحفاظ على ولائهم لدولهم والابتعاد عن التمرد. وفي غضون ذلك، تظهر جماعات أخرى بحقدها وعدائها وتمشي في مسيرات وتحمل الشعارات، والأحجار، والعصي لتكشف عن نوع آخر من الاضطهاد والإرهاب. ومع ذلك، لم تسفر جهودهم عن أي فائدة؛ ذلك لأنهم لا يؤيدون القيم التي أوصانا بها الله سبحانه وتعالى، بل يمارسون كل أنواع السلوكيات التي لا تتماشى مع القرآن. وفي إحدى آياته جل جلاله، يصف الله جهود الكفار في هذا العالم بأنها تضيع سدى:
"مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ." (سورة إبراهيم: 18)
وتوجد بلا شك سبل تستطيع البشرية من خلالها أن تتجنب مثل هذا الوضع، وتتمثل هذه السبل في: التأكد من عدم تحول البشر إلى أشخاص لا يهتمون إلا بعيش حياتهم وسد احتياجاتهم. ولتحقيق هذا الغرض، يجب أن يشجَّع هؤلاء الأشخاص على أن يصبحوا أفرادا يسعون إلى خدمة غيرهم من الناس ومعالجة لا مشكلاتهم أو مشكلات بلدانهم فحسب، بل مشكلات العالم أيضا. ويبين الدين الذي اختاره الله سبحانه وتعالى للناس وأظهره لهم في القرآن الكريم هذا المقصد الأساسي:
"فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ." (سورة الروم: 30)
لقد شرع الله، خالق الإنسان، الدين ليناسب الإنسان إلى أقصى الحدود ويضمن له أقصى درجات السلام والأمن. ومن ثم، لا يمكن لأي فلسفة أو أيديولوجية من أي نوع كان، باستثناء الدين، أن توفر الكمال والسعادة التي يبحث عنها الناس. ولهذا السبب، يجب أن نوضح لأنصار الأفكار الخاطئة سبب خطأ أفكارهم، كما يجب أيضا أن نقدم لهم الأدلة والإرشادات ذات الصلة التي تجعلهم يتبنون الأفكار الصحيحة بدلا من الأفكار الخاطئة.
ومن الضروري أن نتحدث مع الأشخاص عديمي الهدف والخاملين وأولئك الذين يتعلقون تعلقا أعمى بالأفكار الخاطئة عن القرآن. وعندئذ فقط، سيتمكنون من إدراك وفهم حقيقة أن هذا العالم قد خلق لغاية مهمة. وفي القرآن الكريم، يخبرنا الله بغايته من خلق الإنسان: "وما خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدونِ". (سورة الذاريات: 56).
كلنا سيموت في يوم من الأيام. عندئذ ستبدأ حياتنا الحقيقية الخالدة. ويكمن الهدف من حياتنا الفانية في أن يكافح الإنسان كي يصبح شخصا يرضى عنه الله ويستضيفه في جنته. ومن خلال سلوك كل إنسان، ومثله العليا، ومعتقداته سيتحدد ما إذا كان سيقضي حياة الآخرة الأبدية في النار أم في الجنة. ولهذا السبب، فإن أولئك الذين يقضون وقتهم بشكل غير ذكي في وظائف عديمة الجدوى والقيمة، ويكرسون حياتهم لهذه الوظائف، ويتصرفون وكأن وجودهم على الأرض لا غاية منه، ينبغي أن يتم تحذيرهم وإيقاظهم بشكل عاجل من الغفلة التي يعيشون فيها.
وإذا أدركنا أن الغاية من وجودنا في هذا العالم هي كسب رضا الله سبحانه وتعالى، وتأييده، وجنته، لا يمكن أن نظل غير مبالين أو متبلدي المشاعر تجاه أي حدث يقع حولنا. ذلك أننا نعلم أن كل حدث إنما هو فرصة لكسب رضا الله، ومن ثم سنتصرف دائما بناء على ذلك. وسنشعر بوخز الضمير كلما شهدنا ظلما أو اضطهادا يحدث في الجوار أو في العالم. فمثلا، سنشعر بالمسؤولية تجاه كل غلام شريد يعيش في ظروف صعبة ويضطر لقضاء حياته على أرصفة الشوارع في الشتاء البارد. ولكي نلتزم بأمر الله جل جلاله الوارد في الآية التالية: "فأمَّا اليتيمَ فلا تقهرْ، وأمَّا السائلَ فلا تنهرْ" (سورة الضحى: 9-10)، سنعامل هؤلاء الغلمان بلطف. وسنكافح لإيجاد طريقة ننقذهم بها من الظروف غير المواتية التي يعيشون فيها. ولكننا ندرك أن هؤلاء الأطفال لا يمكن أن يتم إنقاذهم بجهودنا أو بجهود الأشخاص القليلين غيرنا الذين يتصرفون بما يتماشى مع القرآن. ولهذا السبب، سنكافح من أجل نشر قيم القرآن والسنة بين الناس.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:14 AM

انعدام الغاية هو السبب في الأنانية

إن انعدام الغاية يجعل الناس، والمجتمعات على حد سواء، أنانيين وغير مبالين. إذ يميلون للاهتمام بشؤونهم فقط دون إظهار أي رد فعل أو في اهتمام بالأحداث التي تقع حولهم. ذلك أن الشخص الذي يتمثل هدفه الوحيد في أن يعيش حياته في خضم كل الأحداث التي تقع حوله، لن يلاحظ إلا الأحداث التي ترتبط بحياته ولن يبالي بأي شيء آخر. فمثلا، في حال اندلاع حرب أهلية في أحد البلدان التي يتاجر معها هذا الشخص، فإنه لن يهتم إلا بالأموال التي سيخسرها. ولن يفكر قط في الأشخاص الذين ذُبحوا، وفي الأطفال الذي قُتلوا بوحشية، وفي الحياة المخيفة والمحزنة التي يعيشها الناس في ذلك البلد. ولن تطرأ هذه الصور المؤلمة على ذهنه قط. ونظرا لأن اهتمامه لا ينصب إلا على تعقب أمواله، فلن يفكر قط في مساعدة هؤلاء الناس بطريقة أو بأخرى. ومع ذلك، ما هذا إلا مثال واحد من أمثلة اللامبالاة التي يراها غالبية الناس أمرا معقولا، ويعتبرونها أمرا مسلما به.
"إِلَّا الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُون. وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ. لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ. وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ." (سورة المعارج: 22-27)
وفي كل يوم تقريبا، تطالعنا الصحف والتليفزيون بتغطية شاملة لقصص أناس في جميع أرجاء العالم يتعرضون لقدر لا يُحتمل من المصاعب والعنف. وتعتبر الفوضى الناشئة عن عدم الالتزام بقيم القرآن والسنة، بالإضافة إلى الكفر، هي السبب في غالبية هذه المحن. وسواء كان ذلك في فلسطين، أو إندونيسيا، أو كوسوفا، أو الشيشان، أو أي مكان آخر في العالم، سترى صورا لأناس يُسحبون على الأرض أو يُركلون أمام أعين أطفالهم بسبب حفنة من التراب. وعلى نحو مشابه، ألِف الجميع مشاهدة الأطفال الصغار وهم يقذفون الأحجار بعنف دفاعا عن أنفسهم. ومع ذلك، وعلى الرغم من مشاهدة هذه المناظر الفظيعة، ما زال الناس قادرين على أن يخلدوا للنوم وأن يمارسوا حياتهم بشكل اعتيادي لأنهم لم يصابوا شخصيا بأي أذى. وبما أن هؤلاء الناس لم يعتادوا التفكير على نطاق "كبير" ويفتقرون أيضا إلى القيم السامية والضمائر، فإن مثل هذه القسوة - ببساطة - لا تحرك مشاعرهم.
وإذا تخيل المرء نفسه مكان المضطهدين، سيتبين لنا بالتأكيد كيف أن هؤلاء الناس تخلَّوا تماما عن ضمائرهم تجاه هذه الأحداث المحزنة. ماذا سيحدث إذا وُضع أحد هؤلاء الناس في بيئة يُقتل فيها الأبرياء، وتتعرض فيها زوجاتهم، وأطفالهم، وإخوانهم، وآباؤهم وأمهاتهم للمجاعة والمعاملة الوحشية؟... ماذا سيحدث إذا تعرض للفقر الشديد؟... ماذا سيحدث إذا لم يكن لديه المال أو الوسائل الضرورية ليؤمن العناية الطبية لطفله المريض؟... ماذا سيحدث إذا طُرد من وطنه دون أي سبب واضح؟... ومن جهة أخرى، ماذا سيعتقد إذا قابل شخصا لم يعان من كل هذه المحن، ولم يكن لديه هم سوى المال الذي يمكن أن يجنيه، وكان فكره يتجسد ببساطة فيما يلي: "هل أنا الذي يجب عليه أن ينقذ هؤلاء الناس؟" ألن يعتقد أن هذا الشخص بلا ضمير، وغير مبال، وقاس؟
ومع ذلك، ليس من الضروري أن تعاني من الاضطهاد كي تصبح شخصا ذا ضمير حي يراعي مشاعر الآخرين وحقوقهم. إذ يكفيك أن تنظر إلى محنة الناس وتفكر فيها في إطار قيم القرآن. ولكن، كلما ابتعد الناس عن القرآن، ازداد إحساس ضمائرهم تبلدا. ويروي لنا الله سبحانه وتعالى في الآيات التالية كيف يتصرف الأشخاص غير المتدينين بأنانية، وتبلد، وقسوة:
"إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا. إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا." (سورة المعارج: 19-21)
وفي الآيات التالية، يبين لنا الله أن هناك أناسا ليسوا "أنانيين" يهتمون بالمحتاجين:
"إِلَّا الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ. وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ. لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ. وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ." (سورة المعارج: 22-27)
وكما أوضح الله جل جلاله، فإن هناك أناسا يخافون الله ويتحملون مسؤولية المعدمين. ويبين لنا الله أن هناك طريقين أمام الناس في هذه الحياة، أحدهما هو طريق الخير والآخر هو طريق الشر. وقد قال جل جلاله في القرآن الكريم:
"وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ. فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ. أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ." (سورة البلد: 10-20)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...avutnw0599.jpg
تذكر أن الاضطهاد، والظلم، والطغيان، والعذاب المنتشر اليوم في جميع أرجاء العالم هي قضايا يجب على كل ذي ضمير حي أن يبحث لها عن حل. ومع ذلك، فالأرجح أن الشخص الذي يوافق على الاضطهاد سيتجاهل كل هذه النداءات.
إن طريق الخير المبين في الآية المذكورة أعلاه واضح جدا. لذا، من غير المحتمل بالنسبة لشخص ذي ضمير حي، يسعى لكسب رضا الله ورحمته وجنته، أن يظل متبلد المشاعر تجاه الممارسات الظالمة في العالم، أو تجاه المعدمين والمحتاجين، وألا يفكر في مستقبلهم.
"فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ." (سورة البلد: 13-17)
ويجب أن يتذكر كل شخص بداخله ضمير حي أن الفوضى، والاضطهاد، والظلم المنتشر في مختلف أرجاء العالم اليوم هو السبب الذي جعل ملايين الأشخاص ينجرفون في موجة من الشقاء والرعب. ويقول البعض: "هناك أشخاص معينون مسؤولون عن هذا الشقاء، فهل أتحمل أنا مسؤولية ذلك؟" ولكن هذه كلمات لا يمكن أن تصدر عن شخص ذي ضمير حي. وفي النهاية، سوف يأخذ الله في الآخرة كل الأشخاص الذين وهبهم إدراكا وصحة سليمة ليحاسبهم عن هؤلاء الفقراء. ولا شك في أن أولئك الذين يتبنون أيديولوجيات تضع أساسا ملائما لازدهار العنف والوحشية تجاه الإنسانية يظلون – سواء رضوا أم أبوا – في نفس الدرجة مع الظالمين. وينطبق ذات الشيء أيضا على أولئك الذين يتجنبون مواجهة هذه الأيديولوجيات. وسيؤدي عدم الالتزام بمبادئ الدين حتما إلى ظهور نمط من المجتمعات يكوِّنه أناس غير مسؤولين وغافلون يفترضون أنهم سيغادرون هذه الدنيا دون أن يحاسبهم أي أحد. وهؤلاء الناس هم في الواقع أولئك الذين يهتمون أولا، أكثر من أي شخص آخر، بمصالحهم الشخصية، ويضعون خططا لبقائهم على قيد الحياة دون اكتراث بغيرهم.
وفي الواقع، يكمن في أساس نظرية التطور، التي "يفترض" أنها تقدم دعما علميا للفلسفة المادية والمذهب المادي اللذين يشكلان أساس الكفر، طموح لتكوين نموذج من البشر غير مسؤول وغافل ومجرد من جميع القيم الروحية. إذ يشعر إنسان هذا النموذج أنه غير ملزم بتبرير تصرفاته لأي أحد. ذلك أن الإنسان، وفقا لنظرية التطور، هو حيوان متقدم تطور عن القرد وتكوّن بالصدفة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يؤدي النظر إلى الإنسان بوصفه كائنا بدائيا إلى التضحية من أجل الآخرين، أو إنقاذ إنسان يعاني، أو الشعور بالرحمة والشفقة تجاهه. وعلاوة على ذلك، تعتبر الحياة، وفقا لنظرية التطور، مكانا للصراع لا يحق لغير القوي أن يعيش فيه. ومن ناحية أخرى، يُكتب على الفقراء والضعفاء الهلاك. لقد ظل الناس في جميع أنحاء العالم يُلَقَّنون هذه الآراء لسنوات من المدارس، والتليفزيون، والصحف، والناس المحيطين بهم. وتتمثل السبيل الوحيدة للتخلص من هذا التلقين ولترسيخ أواصر الحب، والرحمة، والتعاون، والتكافل بين الناس في إبلاغ الناس بقيم القرآن والسنة وتوضيح الخسائر التي سيجلبها عليهم الكفر في كل من الدنيا والآخرة. وهذا واجب مهم على كل المؤمنين، لأن الله سبحانه وتعالى يعِد أولئك الذين يتحملون هذه المسؤولية المهمة والمشرفة بعاقبة حسنة.
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ." (سورة النور: 55)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:16 AM

ماذا يحدث إذا لم يَخف الإنسان من الله؟

"كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ. وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا. وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا." (سورة الفجر: 17-20)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...n/terorbas.jpg
فكر في رجلين، أحدهما يعرف أنه سيقابل الله جل جلاله ويعي أنه سيجازى عن كل فعل يقوم به؛ والآخر، على العكس من ذلك، يفترض أنه لن يُحاسب على الإطلاق. هناك فرق كبير بالتأكيد بين تصرفات هذين الرجلين. إذ يرجح أن يقوم الشخص الذي لا يخاف الله بارتكاب أي إثم وتجاهل جميع الأخلاقيات عندما يشعر أن مصالحه في خطر. ومن ثم، فإن الشخص الذي يسهل عليه قتل إنسان آخر، على سبيل المثال، دون أي سبب واضح أو لمصلحة دنيوية، يفعل هذا لأنه لا يخاف الله. ولو كان إيمانه بالله واليوم الآخر راسخا، لما تجرَّأ على فعل أي شيء لا يستطيع أن يبرره في الآخرة.
وفي القرآن الكريم، ضرب الله مثلا قصة ابنَي نبي الله آدم، عليه السلام، ليلفت انتباهنا إلى الاختلاف الحاد بين الشخص الذي يخاف الله والشخص الذي لا يخافه:
"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ." (سورة المائدة: 27-28)
فقد تجرأ الأخ الذي لا يخاف الله على قتل أخيه دون أن تطرف له عين، علما بأن الأخ القتيل لم يرتكب ذنبا. في حين أن الأخ الضحية، على الرغم من أنه مهدد بالقتل، قال إنه لن يحاول أن يقتل أخاه، وهذا نتيجة خوفه من الله. ومن ثم، بمجرد أن يشعر أفراد مجتمع ما بالخوف من الله، سوف ينتهي القتل، والاضطهاد، والظلم، والجور الذي لا يرضى عنه الله.
إن اشتهاء الدنيا هو سبب أيضا في الأعمال الوحشية وغير الأخلاقية التي يرتكبها الناس. إذ إن الشغل الشاغل لكثير من الناس هو خوفهم من أن يصبحوا فقراء أو من عدم قدرتهم على تأمين مستقبلهم. وتفسر هذه المخاوف بالضرورة السبب الذي جعل من الرشوة، والفساد، والسرقة، وشهادة الزور، والبغاء أسلوب معيشة بالنسبة لكثير من الناس. ومع ذلك، فبالنسبة لشخص مؤمن بالله، يتقدم رضا الله عنه على كل ما عداه. لذا، يتجنب هذا الشخص أي شيء من شأنه أن يفقده رضا الله. ولا يملأ قلبه غير الخوف من الله جل جلاله؛ فلا الموت، ولا الجوع، ولا أي نوع آخر من المصاعب يمكن أن يحيد به عن طريق الحق.
ونتيجة لذلك، لا يمكن أبدا أن يحيد الشخص الذي يخاف الله عما جاء في القرآن، مهما كانت الظروف. وبشكل مساو، ستجد أن هذا الشخص جدير بالثقة ويتصرف دائما بضمير حي. وبما أن لديه شعورا عميقا بأن الله يرى ويسمع كل شيء، فلن يحاول التصرف ضد ما يمليه عليه ضميره حتى عندما يكون بمفرده.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/trende.jpg
إن الافتقار إلى الضمير الحي هو من أخطر الأضرار التي تنشأ عن انعدام الخوف من الله سبحانه وتعالى. ذلك أن من يفتقرون إلى الضمير الحي لا يحاولون حتى مساعدة المكروبين.
إن قلة التدين تحرض على فقدان الضمير. ولتوضيح هذه النقطة، فكر في شخص لا يتردد في الهرب بعد أن يصدم شخصا آخر بسيارته في الشارع. هذا مجرد مؤشر على بعده عن الدين. ولا شك في أن انعدام الضمير لدى هذا الشخص - الذي يترك إنسانا يتألم بمفرده في وسط الشارع، وقد كان من الممكن في أحوال أخرى أن تتوفر له فرصة للنجاة - يدعوه للاعتقاد بأنه يستطيع أن يتفادى الناس بالهروب منهم. ومع ذلك، فهو لا يعتقد مطلقا أن الله يحيط به، ويراه، ويسمعه في كل ثانية. ولا يمكن لأي إنسان قط أن يهرب من حساب الله في يوم الحساب. فسيجازي الله في هذا اليوم كل واحد عن كل ما ارتكبه من أفعال ظالمة، ووحشية، ومجردة من الضمير الحي:
"... وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ." (سورة آل عمران: 161-162)
وعندما نذكّر الناس بآيات الله، ونرشدهم إلى هذه الحقيقة المهمة، لن تحدث هذه الأفعال المنافية للأخلاق.
ويتجسد أحد الأمثلة على الأفعال المنافية للأخلاق التي يقوم بها الأشخاص البعيدون عن الدين في أولئك الذين يقدمون العناية الطبية في بعض المجتمعات وكأنهم أطباء، مع أنهم لا يمتلكون أي خلفية طبية. وعلى الرغم من أن هؤلاء الناس جاهلون تماما بأي فرع من فروع الطب، فإنهم يخدعون المرضى بسهولة ويتجرؤون على معالجتهم دون أن يعيروا اهتماما للعواقب الخطيرة التي تهدد صحتهم. بل قد تنتهي هذه الأفعال المنافية للأخلاق بموت المريض. وبينما يتجاهل مثل هؤلاء الناس تماما هذه الآثار السلبية، فإنهم لا يفكرون إلا في الحصول على بعض المنافع وجني الأموال. ومع ذلك، يأمر الله المؤمنين في القرآن الكريم بما يلي: "أن تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهلِها" (سورة النساء: 58). وتعتبر صحة الإنسان، أيضا، أمانة غالية. ومن ثم، يجب على الناس، امتثالا لما جاء في الآية السابقة، أن يتجنبوا ممارسة مهنة لا يحق لهم العمل بها وألا يقوموا بأي محاولات من شأنها أن تضر الآخرين.
ومن المرجح أن يقابل المرء في جميع مجالات الحياة أناسا لا يخافون الله ويرتكبون أفعالا منافية للأخلاق. وإذا تعذر على المرء أن يدرك مدى قرب يوم الحساب ولم يتأمل فيه، سيسهل عليه أن يفتري على شخص بريء. وفي غضون ذلك، لن يفكر في إقناع الناس ببراءة هذا الشخص بل سيركز جهوده على إقناعهم بصدق كلامه هو. ومن الواضح أن مثل هذا الشخص لا يفهم مطلقا أن الله شاهد على كل شيء، بلا استثناء، وأنه سيحاسب الإنسان في الآخرة على كل ما فعله في الدنيا. ومن هذا المنطلق، لن ينزعج ضمير هذا الشخص إذا عرف أن الشخص البريء يمر بمحنة، أو يشعر بضيق، أو أودع السجن. ويوضح الله سبحانه وتعالي في القرآن عقاب من يفتري على الآخرين على النحو التالي:
"... وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ." (سورة آل عمران: 161-162)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ekardoktor.jpg

نتيجة انقيادهم الأعمى وراء طموحهم لنيل المكاسب المادية، يتحكم البعض في صحة الناس ويعرضون حياة البشر للخطر. وهؤلاء بالتحديد هم الذين لا يخافون الله وبالتالي لا يعتبرون أن حياة الإنسان غالية.
"وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا." (سورة النساء: 112)
"إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ." (سورة النور: 11)
إن الشخص الذي لا يخاف الله لا يحترم الآخرين ولا يقدرهم. ويفسر انعدام الخوف هذا عدم اهتمام الكثير من أصحاب المطاعم بنظافة مطاعمهم وعدم احترام غالبية الناس لكبار السن. وعلى نحو مشابه، يفسر عدم الخوف من الله موت المرضى بغرف الطوارئ بسبب قلة العناية، وذبح المستضعَفين والفقراء وملايين الأبرياء من أجل حفنة من التراب، إلخ.
أما في المجتمعات التي تخاف الله، فلن يفعل أحد أيًّا من الأعمال السابقة، لأن الكل يعلم أن أي ذنب يرتكبه الإنسان في هذه الحياة الفانية سوف يلقى جزاءه في الآخرة. وإذا تحلى أفراد المجتمع بضمير حي سليم، يحق لهذا المجتمع أن ينعم بالسلام والإحساس بالثقة. وتجدر الإشارة إلى أن تجنب الفسوق، والبغاء، وأي شكل آخر من أشكال الأعمال اللاأخلاقية تجنبا تاما وما يصحبه من التحلي بقيم مثل الاحترام، والشفقة، والرحمة يضمن تكوين روابط عائلية لا تنفصم، وهذا أمر ضروري بلا شك من أجل إقامة مجتمع قوي ينعم بهذه الأسس المتينة في المقام الأول لأن أفراده يخلصون لبعضهم البعض.


ميارى 8 - 6 - 2010 02:18 AM

فعل الخير دون انتظار مقابل

لا شك في أن الشخص الذي يخاف الله هو نفسه شخص يستمع إلى ضميره ويتصرف دوما وفقا لأحكام القرآن الكريم. فقد أمر الله سبحانه وتعالى الناس في القرآن بأن يعملوا الأعمال الصالحة دون أن يتوقعوا أي مكافأة دنيوية، وأن يمدوا يد العون للآخرين، وأن يكافحوا ليوفروا حياة جيدة لهم. وفي الآية التي تقول: "ولا تَمنُن تَسْتَكْثِر" (سورة المدثر: 6)، يؤكد هذا النهي على ضرورة أن يمتنع الناس عن طلب المكاسب الدنيوية مقابل المعروف الذي يقدمونه ويرجون به مرضاة الله. إن الشخص الذي يتبع أوامر الله ولا يتوقع أي مكاسب دنيوية يفعل كل هذا من أجل غاية واحدة؛ هي نيل رضا الله حتى يقبله ضمن عباده الصالحين الذين يستحقون دخول الجنة.
ومع ذلك، فإن عددا كبيرا من أعمال الخير في عصرنا الحالي تُؤدَّى بهدف الحصول على مكافأة دنيوية. فعلى سبيل المثال، رجل الأعمال الذي يتعهد بإنشاء دار للفقراء تحت مسمى الأغراض الخيرية، يبدو ظاهريا أنه لا يجني أي كسب مادي من هذا التعهد. ولكن الحقيقة مختلفة، لأنه يبني هذا المشروع في المقام الأول من أجل الدعاية لاسمه، الذي سيظهر على الصفحات الأولى بالجرائد وفي برامج التليفزيون الإخبارية، مما يحول هذا العمل الخيري إلى شكل من أشكال التباهي. وفي غضون ذلك، ستوفر شركته أموالا لأن تكاليف هذا العمل الخيري تخصم من ضرائبه. وعلاوة على ذلك، فإن العمل الخيري الذي يُقدم من أجل الحصول على مزايا مشابهة غالبا ما يكون بعيدا كل البعد عن الاحتياجات الفعلية للمستفيدين منه. إذ سنجد، على سبيل المثال، أن الشاحنة المحملة بالطعام التي يتم إرسالها إلى منطقة ضربها زلزال لا تسد حاجات المتضررين، إما لأنها فاسدة من الأساس أو لأنها لا تلائم احتياجات الضحايا الفعلية.
ويكفينا الاستشهاد بمواقف السياسيين لإيضاح هذه المسألة. إذ يكرر السياسيون في خطبهم، على مدار حملاتهم الانتخابية المطولة، شعارات تعبر عن التزامهم العميق بخدمة بلدهم. ومع ذلك، إذا لم يعينوا في منصب وزاري، سرعان ما يقطعون كل صلة تربطهم بحزبهم، وينسون "الأهداف" المزعومة المذكورة في جدول أعمالهم، ويكشفون عن دوافعهم الخفية المرتبطة بدخول مجال العمل السياسي. ويتبين أنهم ترشحوا من أجل الحصول على "المنصب" والمكانة الاجتماعية. ولن تصدق كم هي قليلة المزايا التي يجنيها المجتمع من مثل هذه العقليات.
وباختصار، يصبح المعروف بلا ثمرة في الآخرة إذا خلا من الإخلاص. ويبين الله ذلك في الآية التالية:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ." (سورة البقرة: 264)
ولكن من ناحية أخرى، يثبت أن المعروف الذي يؤدَّى بإخلاص لمساعدة الناس وكسب رضا الله مربح ومفيد، كما جاء في العديد من آيات الذكر الحكيم. وفي مقابل هذه النوايا المخلصة، يقود الله جل جلاله الناس إلى النجاح في كل أعمالهم ويضمن لهم نتائج مثمرة لما عاهدوه عليه. وقد تمت الإشارة إلى ذلك في الآية التالية:
"وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ." (سورة البقرة: 265)
إن من يسعى فقط لنيل مرضاة الله لا يقصر جهده على مجالات معينة لعمل الخير والتضحية. وفي مجتمع بعيد عن التدين، يميل الناس في الغالب للاعتقاد بوجود مصلحة خفية وراء التضحية، وما هذا إلا منطق الكفار الذي غرسوه في عقول الناس. وفي مجتمع لا يسعى أفراده لنيل مرضاة الله، يقدم الناس المصالح الشخصية على كل ما عداها. ومن ناحية أخرى، يسعى المؤمنون لنيل مرضاة الله جل جلاله دون سواها:
"يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا. وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا. إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا." (سورة الإنسان: 7-11)
وتقدم الفصول التالية من هذا الكتاب تغطية شاملة للحلول التي تطرحها آيات الذكر الحكيم للمشكلات التي تتطلب حلولا عاجلة. وعند قراءة هذه الحلول، تذكّر أن مجرد العيش وفقا لقيم القرآن سيوفر حلولا دائمة لكل المشكلات. ومن أمثلة هذه المشكلات في عصرنا الحاضر: التعامل مع احتياجات الفقراء، وتوفير العناية الجيدة لكبار السن، وغرس القيم الصالحة في الأطفال، وتحرير المراهقين من قبضة الانحلال الأخلاقي، وتوفير مساعدة عاجلة للبلدان التي تحل بها الكوارث، والإطاحة بالأيديولوجيات القاسية المتأصلة في العقول والمسؤولة عن انجراف البلدان في الحروب وقتل آلاف الأبرياء، ومواجهة المتمردين على بلدانهم، والعديد من القضايا الأخرى التي تنتهي غالبا إلى طريق مسدود. ومن هذه الناحية، فإن الحل الوحيد لمختلف المشكلات التي نواجهها في حياتنا لا يتأتى إلا من خلال الالتزام بما جاء في القرآن الكريم، المرشد الوحيد للبشرية في عصرنا الحالي، الذي قدمه الله لها لكي ينير طريقها. ذلك أن العيش وفقا لأوامر الله سبحانه وتعالى سيزيل كل أنواع الشرور من الأرض. أما في حالة الابتعاد عن هذه المبادئ، فسيلزم الناس أنفسهم عمدا بنظام قاس. ويلفت الله الانتباه في القرآن الكريم إلى الأذى الذي يسببه الناس لأنفسهم:
"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ." (سورة الروم: 41)
الحلول التي تظهر باستخدام العقل والحكمة
يعتبر التحلي بسمات العقل والحكمة، والبصيرة، والحصافة من الضروريات التي تساهم في حل المشكلات الملوِّثة للأرض، في كل ميادين الحياة، والتي تجلب الخير للإنسانية. ولن يتسنى اكتساب هذه السمات إلا من خلال اتباع ما جاء في القرآن الكريم. وفي الآية التالية، يؤكد سبحانه وتعالى على الحكمة الذي يمنحها الإيمان للإنسان:
"يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ." (سورة الأنفال: 29)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...okakcocuk2.jpg
يوجد اليوم آلاف الأطفال المشردين ممن يتعاطون المخدرات وممن هم عرضة لارتكاب الجريمة، وهو ما يعد نتيجة طبيعية للبيئات الملوثة التي نشؤوا فيها. والأرجح أن هؤلاء الأطفال عندما يكبرون سيصبحون أفرادا معاقين اجتماعيا وغير قادرين على تقديم أي خدمات مفيدة للمجتمع الذي يعيشون فيه.
وفي بعض الأحيان، قد يشعر الناس بضرورة السعي لإيجاد حلول للمشكلات التي يواجهونها. ومع ذلك، فهم لا يصلون إلى النتائج المرجوة لأنهم ليسوا جهات متخصصة في تقديم الحلول كما أنهم ينقصهم الحدس، والحصافة، والبصيرة، وكلها صفات تنتج عن الإيمان. وبما أن الحماس الذي يدفع هؤلاء الناس غير صادر عن الإيمان، فإن قراراتهم تتأخر في الغالب عندما تصل إلى مرحلة التنفيذ. ومن ناحية أخرى، فإن عدم إدراكهم لتفاصيل مهمة أو تغاضيهم عنها يجعلهم يواجهون طرقا مسدودة في مختلف المراحل.
فعلى سبيل المثال، هناك مشكلة كبيرة في عصرنا الحالي تبحث عن حل حاسم، ألا وهي مشكلة الأطفال المشردين والأيتام المنتشرين في جميع أنحاء العالم الذين تُركوا للعيش في الشوارع. وتجدر الإشارة إلى أن بعثات المعونة والإجراءات التي تتناول المشكلات المتعددة للمشردين، لا سيما تلك التي يُستهدف بها منع الأطفال المشردين من الانحراف نحو الجريمة أو إدمان المخدرات، أثبتت في أغلب الأحيان أنها غير فعالة، مما يدفع هؤلاء الأطفال إلى طريق التشرد الذي ينحدر بهم إلى الشوارع ومنها إلى الإصلاحيات أو تتهيأ لهم الظروف المواتية للانتحار أو الموت بسبب نقص العناية. ومع ذلك، فسيختلف الوضع بالتأكيد إذا تلقى هؤلاء الأطفال تدريبا يستند إلى القرآن الكريم مصحوبا بالخدمات المناسبة. ذلك أنهم نتيجة خوفهم من الله، لن يميلوا إلى النشاط الإجرامي، بل على العكس من ذلك، سيبلغون سن الرشد ويكافحون لتقديم أفضل الخدمات لبلدهم وشعبهم.
وستتضح هذه النقطة أكثر إذا تعرضنا إلى أولئك الذين يعانون من أمراض تحتاج إلى علاج مكلف. يمتلك الأغنياء، الذين لا يواجهون عادة مشكلات في دفع فواتيرهم، الموارد الضرورية لإبقائهم على قيد الحياة. ومن ناحية أخرى، يُترك الفقراء، الذين لا يملكون تأمينا صحيا، فريسة للموت. ويندر أن يؤثر هذا الوضع في أي أحد، والدليل على ذلك أنه لم يبادر أي أحد باتخاذ أي إجراءات.
ومرة أخرى، يعتبر انعدام الخوف من الله، وما يتبعه من انعدام الحكمة، مسؤولا عن حالة اللامبالاة هذه. إذ يتعذر على الذين لا يميزون بين الخير والشر أن يصلوا إلى حل للمشكلات التي يواجهونها. وتجدر الإشارة إلى أن انعدام التمييز بين الخير والشر صفة يتميز بها الكفار. ويبين الله كيف يتصرف هؤلاء الناس:
"وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ." (سورة البقرة: 171)
ومع ذلك، يمتلك الأشخاص الذين يعيشون وفقا لأحكام القرآن والسنة، بفضل الحكمة التي يتحلون بها، ملكات عقلية متطورة جدا تمكنهم من إيجاد الحلول، وتكوين الموارد، والتنظيم. ويمكن أن تساعد المنظمات التي يديرونها ومساهمات الموسرين بشكل كبير في بناء حياة أفضل لهؤلاء التعساء. أولا، يمكن تنبيه الناس إلى المشكلات الموجودة، وبناء عليه يمكن أن يقدم لهم النصح بشأن الحلول المناسبة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتعهد بعض رجال الأعمال ببناء أو تجديد ملاجئ للأطفال المشردين وتعليمهم، الأمر الذي يتطلب في الواقع قدرا بسيطا من التنظيم. وفي مجتمع يعيش وفقا لأحكام القرآن والسنة، ستختفي هذه المشكلة إلى الأبد بفضل هذه الحلول العملية. إذ يمكن أن تتعهد كل أسرة لديها قدر كاف من الموارد المالية، مثلا، برعاية طفل واحد وتعليمه. ويستطيع الناس الذين وهبهم الله قيم القرآن والحكمة أن يتعاملوا مع جميع أنواع المشكلات بمثل هذه الحلول العملية. وعلى نحو مشابه، يمكن حصر المرضى الذين ليس لديهم تأمين صحي على أن تتم تغطية تكاليف علاجهم من صندوق مخصص لهذا الغرض. وفي مثل هذه الأمور، لا بد من استخدام أكثر الطرق إنتاجية لتوجيه موارد العالم إلى المجالات الصحيحة، دون السماح حتى بأدنى قدر من التبذير. ويطالب الله سبحانه وتعالى الإنسان في القرآن الكريم باتباع هذا النوع من السلوك.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/034.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/aids.jpg
على الرغم من توفر كل الموارد الضرورية في متناول اليد، فإن غياب التنظيم الجيد والتوزيع السليم للموارد يتسبب في تردي مستوى الرعاية الطبية التي يحصل عليها الناس من المستشفيات. وبسبب الفقر، لا يحصل البعض على أي علاج طبي. والأمر المثير للسخرية هو أن شعار هذه المرحلة أصبح: "لا مال، إِذن لا رعاية طبية".
ويتمكن الأشخاص الذين يتبعون ضمائرهم ويستخدمون عقولهم من السيطرة على الأحداث، وبالتالي يستطيعون التعرف على الطرق المسدودة والاحتياجات بسرعة، ومن ثم يضعون الحلول. وفي أغلب الأحيان يتعذر على الناس أن يكتشفوا مواضع الفشل في النظم أو يتظاهرون ببساطة بأنهم لا يدركونها. وحتى إذا وخزت الظروف ضمائرهم، فإنهم لا يعرفون ما يجب عليهم فعله، أو يشعرون بالكسل إلى درجة لا تجعلهم يبدؤون في اتخاذ أي إجراء. ونتيجة لترددهم خشية تعكير صفوهم، ستجد أنهم يتجنبون قضاء الوقت أو بذل الطاقة في مثل هذه الأمور. ومع ذلك، سيتمكن أصحاب الضمائر الحية والحكماء، من خلال ما يبذلونه من مجهود لتنظيم الناس حسب قوتهم وقدراتهم، من إيجاد حلول سريعة لمشكلات كثيرة تحتاج إلى الصبر.
وقد أثنى الله في القرآن ثناء كبيرا على من يشجعون الناس على فعل الخير:
"مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا." (سورة النساء: 85)
في حين ذكر القرآن السلوك المضاد بوصفه صفة من صفات الكفار وصنفه باعتباره نوعا من الشرور:
"كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ. وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا. وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا." (سورة الفجر: 17-20)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:19 AM

العيش وفقا لخلق القرآن الكريم يحقق العدالة الحقيقية

"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ." (سورة النحل: 90)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...yugoslavya.jpg
إن العدالة شرط ضروري للحفاظ على النظام الاجتماعي. ولكل بلد نظام قضائي خاص به. ومع ذلك، نظرا للصعوبات المستمرة التي يعاني منها الناس في النظم القضائية المعاصرة، لم ينته البحث قط عن نموذج مثالي.
ويتمثل جوهر النظام القضائي المثالي الذي يطمح إليه الناس في أرجاء العالم في: وضع آلية قضائية يُجازَى بها كل شخص عن جميع تصرفاته دون أن يخضع لأي شكل من أشكال التمييز. ومع ذلك، على الرغم من المناهج الجديدة، والوسائل المختلفة، والمشروعات، والحلول التي ابتكرت للوصول إلى هذا النموذج المثالي، فإن تطبيق العدالة ما زال طريقا وعرا لم يسلكه أحد بعد.
إن التدهور الأخلاقي للمجتمع هو السبب في وجود هذه الأوضاع غير المواتية. وبسبب هذا التدهور، الذي يعد تبعة بسيطة لعدم الالتزام بالقيم التي أمر الله بها، تلحق الأضرار بالمجتمعات في جميع ميادين الحياة.
ومرة أخرى، فإن هذا التدهور هو المسؤول عن الاحتيال، والرشوة، والغش، والظلم، والكثير من الشرور الاجتماعية. وتزخر الحياة اليومية بأمثلة من هذا النوع. ومن المواقف التي نواجهها كثيرا في الحياة العملية، على سبيل المثال، رجال الأعمال الذين يغشون شركاءهم ويخدعونهم عن طريق اختلاس أموالهم، أو منازلهم، أو سياراتهم. وفي غضون ذلك، لن تعني الصداقة الطويلة والخسائر المادية والمعنوية التي يعاني منها الطرف الآخر أي شيء بالنسبة للمحتال. وبما أن هذا المحتال لا يهتم في المقام الأول إلا بمصالحه الذاتية، فإن قيما مثل الصداقة، والروابط الأسرية، والروحانية، والتماسك الاجتماعي، والأخلاق الحميدة لا تعني له شيئا البتة.
ويؤثر هذا المنطق على كل العلاقات التي يقيمها هذا الشخص مع الآخرين لأنه لا يدرك أن الله يعلم كل ما يفعله، وأن المولى عز وجل سيسأله عن كل تصرف يصدر عنه. ويتدعم هذا المنطق الملتوي بسبب النسيان التام لحقيقة أن الاحتيال كسب حرام وسلوك ظالم.
وسيساهم المثال التالي في إيضاح هذه النقطة بشكل أفضل: إن الشخص الذي يؤمن بأن الاحتيال جريمة فظيعة، سيتجنبه تجنبا تاما طوال حياته. ولكن بمجرد أن يعتقد الشخص أن باستطاعته الحصول على منفعة شخصية، قد يدلي هذا الشخص ذاته بشهادة زور ضد شخص آخر أو يفتري على هذا الآخر بأن ينسب له شيئا هو بريء منه تماما. وفي غضون ذلك، قد يتذرع شاهد الزور بعذر ما فيقول إن الظروف اضطرته إلى ذلك أو أن مسؤولياته تجاه أسرته مهدت الطريق لمثل هذه الجريمة... إلخ. ومهما كانت الأعذار، ستظل الحقيقة أن الافتراء على الناس شيء فظيع مهما كانت الظروف.
ويظهر النمط المذكور آنفا بالتحديد في الأوقات التي يشعر فيها الناس أن مصالحهم في خطر. وينطبق هذا المنطق أيضا على اللصوص، والمحتالين، والظالمين. وفي مجتمع يكثر فيه أصحاب المصالح، يصبح الظلم، وتضارب المصالح، والفوضى أمورا لا يمكن تفاديها.
قد يصبح الاحتيال، والفساد، والسرقة أسلوب معيشة بالنسبة للشخص الذي لا يعيش وفقا لقيم القرآن، وهو قد لا يشعر مطلقا بوخز الضمير عندما يرتكب هذه الآثام.
وعلى الرغم من ذلك، مهما كانت القوة الاضطرارية، فإن الشخص الذي يعيش وفقا لأحكام القرآن لن ينحدر أبدا إلى مثل هذه الأفعال الشريرة ولن تصدر عنه أبدا مواقف لا تتلاءم مع قيمه. ذلك أن الشخص الذي يخاف الله كثيرا لا ينسى أبدا حقيقة أنه في يوم ما سيلقى جزاءه عن كل فعل قام به وعن كل كلمة تفوه بها. وإذا تأملنا في الظلم الناتج عن التدهور الأخلاقي مثل السعي وراء المصالح الشخصية فقط، واكتناز الأموال، وتجاهل المحتاجين وأصحاب المشاكل، سنجد أن هذا الظلم ليس له إلا حل أوحد هو: نشر قيم القرآن بين الناس، لأن الله يأمر عباده المؤمنين الذين يعيشون وفقا لهذه القيم السامية في القرآن بأن يكونوا عادلين:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا." (سورة النساء: 135)
"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ." (سورة النحل: 90)
وفي مجتمع يفهم فيه الناس العدالة على النحو الموضح في الآية المذكورة آنفا، لن ينتشر الظلم. ذلك أن البيئة التي تتبع فيها قيم القرآن والسنة، تطبق فيها العدالة تطبيقا كاملا بحيث لا يوجد ما يبرر الاستثناء بسبب القرابة، أو الثروة، أو المكانة الاجتماعية، أو أي عوامل أخرى. وعلى الرغم من ذلك، سنجد أن نظم العدالة التي تطبق حاليا حول العالم تختلف عما ذكرناه. ففي بعض الحالات، يتم التغاضي ببساطة عن جرائم شخص ما أو يتم تخفيف عقوبته، مراعاة لثروته، أو مكانته، أو بيئته الاجتماعية. ويُستبعد أن يحدث ذلك في مجتمع تسود فيه العدالة الحقيقية. إذ لن تصبح قط عوامل مثل القرابة، أو الثروة، أو المكانة الاجتماعية سببا في الانحراف عن طريق العدالة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:20 AM

ما نوع المشكلات التي تظهر في المجتمعات التي لا تطبق فيها العدالة الحقيقية؟

زيادة حنث اليمين

يلعب الشهود دورا رئيسيا في اكتشاف الحقيقة وترسيخ أسس العدالة. ذلك أن شهادة شهود العيان توضح كثيرا من القضايا بسرعة وتميز الحق عن الباطل. ولكن في المجتمعات التي لا تتبع قيم القرآن والسنة، لا يمكن قط التعويل على شهادة الشهود من أجل اكتشاف الحقيقة. ويرجع هذا ببساطة إلى أن الناس الذين لا يتبعون أحكام القرآن والسنة يمكنهم أن يكذبوا مقابل منفعة أو مال بنفس السهولة التي يتنفس بها معظم الناس. وهم بذلك يديرون ظهورهم لكل سلوك أخلاقي مثل قول الحقيقة أو مناصرة البريء.
بل إن الأمر قد يصل في بعض الحالات إلى امتناع الناس عن الإدلاء بالشهادة في قضية معينة، مهما كانت أهمية شهادتهم بالنسبة لسير العدالة. وتفسر عادة سلوكيات هذا النوع من الناس بأفكار غير واقعية، مثل الخوف من التورط في مشاكل أو التعرض لظروف غير مواتية. ويؤكد المولى عز وجل في الآية التالية على أهمية الكشف عن الحقيقة:
"... وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ." (سورة البقرة: 283)
وقد يكون الحقد والكراهية الموجهان نحو شخص ما سببا في إغراء الناس بتلفيق الشهادة. فمن خلال شهادة الزور وتشويه الحقائق، يستطيعون أن يعرقلوا سير العدالة. وقد فسر أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية الصدق في الحديث التالي:
"عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا".1
إن الناس الذين لا يعيشون وفقا لقيم القرآن والسنة لا يطبقون العدالة، خاصة عندما تكون الأسبقية عندهم لمصالحهم وأهوائهم الشخصية، ولا يفكرون أبدا في تبعات شهادة الزور التي يدلون بها. إذ لا يخطر ببالهم قط ما يعانيه الشخص البريء وأسرته في أثناء مدة سجنه الطويلة ظلما، لأنهم لا يضعون أنفسهم مكان الآخر لكي يتخيلوا كيف ستكون الحياة حينئذ...
ويولي المولى عز وجل في القرآن الكريم أهمية خاصة لهذا الموقف الذي يتعرض له الناس، ويأمرنا بأن نكون عادلين مهما كانت الظروف:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ." (سورة المائدة: 8)
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث التالي لكي يتجنب الناس الظلم: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان2
وينحرف بعض الناس عما هو صحيح وعادل بدافع الخوف، أو المال، أو الطمع. ولن يتحرر هؤلاء الناس من هذه العبودية إلا باكتساب قيم القرآن. لأنهم عندئذ لن يميلوا قط إلى إلحاق الأذى بالناس، مهما كانت الظروف، سواء كانوا تحت تأثير التهديد أو الإكراه أو تحت إغراء أي منفعة شخصية، لأنهم يدركون أن الله محيط بهم في كل لحظة. كما يدرك المؤمنون أنهم سيُسألون في الآخرة عن كل إثم ارتكبوه وكل شر نطقوا به. ويعلن الله في الآية التالية أن عباد الرحمن لا يشهدون زورا:
"وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا." (سورة الفرقان: 72)
ويجدر بنا أن نلفت الانتباه هنا إلى نقطة أخرى تتعلق بأولئك الذين يسعون وراء مصالحهم مفضلين ذلك على تطبيق العدالة، وهذه النقطة هي: أنه في يوم ما قد يلحق بهم نفس الأذى. وإذا حدث ذلك، لا شك في أنهم سينزعجون كثيرا من المظالم التي ستقع عليهم وسيسعون لإيجاد شاهد موثوق به لا يلفق الشهادة. وعلى أولئك الذين لا يودون أن يمروا بهذه التجربة أن يكافحوا لنشر القيم التي أمرنا الله بها وأن يلتزموا التزاما كاملا بالمبادئ الأخلاقية التي أثنى الله عليها في القرآن الكريم.


ميارى 8 - 6 - 2010 02:21 AM

معايير الحكم على الناس هي المال والمستوى الاجتماعي

يشكل المال والمكانة الاجتماعية المعيارين الأساسيين لتقييم الناس في المجتمعات التي لا تتبع قيم القرآن والسنة. وفي هذه المجتمعات، سنجد أن كل الطبقات مشبعة بهذه العقلية، مما يوفر لنا قدرا وافرا من الأمثلة لتحليلها.
ويمدنا سلوك صاحب المتجر تجاه زبونين مختلفين بمفاتيح مذهلة لفهم خفايا هذه المشكلة. إذ يتعامل صاحب المتجر بأدب واهتمام مع الشخص الذي يوحي مظهره بالثراء. في حين أنه لا يتعامل بنفس الطريقة مع الزبون الآخر الذي يوحي مظهره بالفقر. ولا يتغير هذا الأسلوب على الرغم من أن كلا الزبونين يذهب إلى المتجر لشراء نفس الأشياء وإنفاق نفس القدر من المال. ولكن المظهر والمكانة هما اللتان تحددان الطريقة التي يتعامل بها صاحب المتجر مع زبائنه.
ولكن هذه المعايير لا تصح لدى شخص يعيش وفقا لأحكام القرآن الكريم. لأن المؤمن حسن الخلق مع غيره من البشر لمجرد أنهم "بشر". كما أنه لا يميز بأي شكل من الأشكال بين من حوله. وهو لا يحتاج إلى "ألقاب" كي يقدر شخصا ما. كما أنه لا يبالي بما إذا كان الشخص غنيا أو فقيرا، يعيش في كوخ أو في فيلا. كما أن ثياب المرء الغالية، أو وجهه الجميل، أو شهادته الجامعية التي حصل عليها من أعرق الجامعات، أو مكانته الاجتماعية، أو غير ذلك من رموز المكانة الاجتماعية المشابهة لا تعني له شيئا البتة. فقد ذكر الله جل وعلا في كتابه الحكيم أن إيمان المرء بالله وقربه منه هو المعيار الوحيد الذي يجب أن يطبق على حب الناس.



مشكلات التعليم
التعليم حق لكل فرد. وبصرف النظر عن اعتبارات الدين، أو اللغة، أو الجنس، أو المكانة الاجتماعية، يحق لكل فرد أن يسعى للحصول على المعرفة. ومع ذلك، فالظلم الاجتماعي يجعل تحقيق ذلك مستحيلا، لأنه يتسبب في مشكلات كثيرة تتطلب حلولا عاجلة، تتمثل أهمها في عدم توفر التعليم المجاني لكل فرد من أفراد المجتمع. وفي بلدان كثيرة، يتسبب الفقر في حرمان أعداد ضخمة من الأطفال والمراهقين من التعليم الجيد؛ في حين يخصص عدد قليل جدا من المدارس الجيدة للأقلية الثرية. ولا يكاد الناس العاديون يحصلون على التعليم المدرسي الذي يفي باحتياجاتهم التعليمية الفعلية. ومن ثم، يحصل الأغنياء على أفضل تعليم بينما يكتفي الفقراء بما يقدمه لهم النظام فقط.
ويمكن تطوير مهارات الأطفال من خلال المختبرات والعديد من الوسائل الأخرى شريطة أن تتلقى المدارس الدعم المادي المناسب. ومن ناحية أخرى، تشكل الموارد المحدودة لبعض المدارس عائقا أمام تطور الشباب من نواح كثيرة.
ويجب أن يُسمح للناس بتلقي التعليم في أي مجال يرغبونه. وفي الواقع، ثبت أن النظام التعليمي الذي يتيح للناس الفرصة لكي يحصلوا على تعليم مدرسي يتوافق مع اهتماماتهم، وميولهم، ومهاراتهم يحقق قدرا أكبر من النفع والإنتاجية للمجتمع. ومع ذلك، ففي وقتنا الحاضر، تضطر الظروف الاقتصادية والاجتماعية كثيرا من الناس للتخلي عن التعليم المدرسي أو إكماله في مجال لا يثير اهتمامهم.
ولكن العيش وفقا لقيم القرآن يتعامل مع مثل هذه المشكلات الاجتماعية ويضع لها حلولا، لأن البيئة التي تضمنها هذه القيم لا تسمح بوجود خدمات تعليمية لا تفي بالمطلوب. ومن خلال ما يوفره القرآن الكريم من حكمة وقدرة على الإدراك، يتصرف الناس كجهات متخصصة في حل مشكلات التعليم، كما هي حالهم في مجالات الحياة الأخرى. وفضلا عن ذلك، لا يوجد في هذا المجتمع تمييز بين الفقير والغني. وكما ذكرنا آنفا، فإن أولئك الذين يحبون الله سبحانه وتعالى ينفقون ما يفيض عن حاجتهم من أجل منفعة الآخرين. وبمجرد أن توجه هذه الأموال المجمعة إلى المجالات الكثيرة التي تحتاج لحلول عاجلة مثل التعليم والصحة العامة، فسرعان ما ستحَل هذه المشكلات. وإذا طبقت هذه الحلول على مستوى العالم، فسوف يتضاءل التمييز الموجود بين البلدان الفقيرة والغنية؛ لأن البلدان الغنية سوف تحول فائض مواردها إلى البلدان المتخلفة دون أن تتوقع أي شيء في المقابل.
ولا شك في أن تقديم الحلول مهمة كبيرة تقع على عاتق المسلمين لأنهم مسؤولون عن توفير نوعية التعليم التي توجه الشباب في حياتهم إلى ما يتوافق مع أحكام القرآن. وهذا هو التعليم الذي يوضح للشخص غايته الفعلية في الحياة ويبين له آيات الله سبحانه وتعالى على الأرض وفي الكون. وإذا لم يحدث هذا، فستكبر الأجيال الجديدة، التي ستُغرس فيها أيديولوجيات الكفر التي لا صلة لها بالإسلام، وتتحول إلى شباب غير منتجين لا ينفعون أوطانهم، وشعوبهم، ودينهم. إن التعليم الخاطئ هو المسؤول عما يتبعه الشباب من أنماط حياتية غير محبذة تفقدهم بالتالي البركة التي يجلبها الدين فيضلون الطريق. ولا شك في أن صاحب الضمير الحي الذي يخاف الله لن يخاطر بهذه المسؤولية.


ميارى 8 - 6 - 2010 02:23 AM

عدم المساواة بين الرجال والنساء

في المجتمعات التي تخلو من العدالة الحقيقية، يشكل عدم المساواة بين النساء والرجال قضية اجتماعية خطيرة تنتج عنها مشكلات كبيرة. وفي بلدان كثيرة حول العالم، تعامل النساء في أحيان كثيرة كمواطنات من الدرجة الثانية بل حتى كمنبوذات، ويتعرضن كثيرا لسوء المعاملة، إذ يُعتبرن كائنات ضعيفة بحاجة إلى الحماية. ولهذا السبب ذاته، سنجد أن النساء لا يؤدين دورا ذا قيمة في المجتمع يكسبهن الاحترام.
وفي المجتمعات التي ينتشر فيها هذا التحيز، يندر أن تحظى المرأة التي تنعم بمسار باهر في الحياة العملية بالقبول. إذ يُنظر إلى النساء، عموما، بوصفهن أشخاصا يفتقرون إلى الثقة في النفس والعزيمة، ويمتلكون ملكات عقلية ضعيفة. ويجب أن نشير هنا إلى أن هذا التبرير الذي يضع "قالبا نمطيا للمرأة" في المجتمع يُتخذ – دون وجه حق - تفسيرا لكل خطأ ترتكبه المرأة. وفي الواقع، لا تقتصر هذه الأخطاء على النساء بل تشمل كل البشر.
وعند التقدم لشغل وظائف شاغرة، يتم تفضيل الرجال على النساء، حتى إذا كان للنساء نفس الخلفيات ونفس القدر من الذكاء والمهارة مثل الرجال تماما. وتفسر هذه النزعة محدودية الفرص المتاحة للنساء في الحياة العملية.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/45b.jpg







The Independent, 29 Sep. 2000

ما زالت بلدان كثيرة تعاني حتى اليوم من تبعات مذهلة للتفرقة الاجتماعية بين الجنسين، تظهر أخبارها كل يوم في الصحافة ضمن الحوادث الاعتيادية.
وفي كثير من البلدان، تتعرض النساء للعنف إما في أماكن عملهن أو على أيدي أزواجهن.
ومن ناحية أخرى، تتصرف غالبية النساء بما يتوافق مع هذه الصورة المنسوبة إليهن. وهذا التوافق يجعلهن يقبلن بسهولة الأدوار الدونية التي تنسب إليهن في كثير من المجتمعات.
ولا شك في أن التحيز في الحياة الاجتماعية لجنس على حساب الآخر له تبعات مذهلة في البلدان المتخلفة. فإذا تجاوزنا عن حرمان النساء من حقهن في التعليم والعمل، فسنجد أنهن يحرمن حتى من حقهن في اتخاذ قراراتهن الخاصة بمسألة الزواج. ذلك أن كل أشكال القرارات الشخصية الخاصة بالنساء يتخذها لهن آباؤهن أو أزواجهن.
وهناك جهود مستمرة لوضع حلول لهذه الممارسات المعيبة التي لم نذكر إلا بضعًا منها في هذا الكتاب. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاتحادات التي تأسست لحماية حقوق النساء، ومبادئ الحرية والمساواة، والحركة النسوية، والحلقات الدراسية، والمناقشات العامة لم تساهم كثيرا في إيجاد حل عملي. فقد ثبت أن كل هذه الجهود تؤدي إلى حلول تلازمها تعقيدات أكثر. وهذه نتيجة طبيعية؛ لأن الحل الحقيقي الوحيد، كما هي الحال في جميع الميادين الأخرى هو: اتباع أحكام القرآن الكريم.
"وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ." (سورة التوبة: 71)
ففي مجتمع يتبع أحكام القرآن والسنة، لن يحدث أي تمييز بين أفراده سواء كانوا نساء أو رجالا، أغنياء أو فقراء، شبابا أو شيوخا. ذلك أن المكانة الاجتماعية، أو المهنة، أو الثراء، أو الجنس لا يعطي الناس الحق في التمتع بمزايا معينة دون سواهم. فالأعمال الحسنة التي يعملها المرء وخوفه من الله هو الذي يميزه، كما ألمح الخالق جل جلاله في الآية التالية: "وتزوَّدوا فإن خيرَ الزادِ التقوَى" (سورة البقرة: 197). وفي القرآن الكريم، لا يُصنف الناس بشكل متحيز كرجال أو نساء، لأن الله سبحانه وتعالى يخاطب الرجال والنساء المؤمنين به الذين يعملون الأعمال الصالحة. ويؤكد المولى عز وجل أهمية العيش وفقا للقيم التي أمر بها. ومن هذه الناحية، لا يشكل كون العبد ذكرا أو أنثى أي أهمية. وفيما يلي بعض الآيات التي تؤكد هذا المعنى:
"وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ." (سورة التوبة: 71-72)
"إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا." (سورة الأحزاب: 35)
"وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا." (سورة النساء: 124)
المشكلات التي تعاني منها النساء في الحياة الاجتماعية

في المجتمعات البعيدة عن الدين، تواجه النساء مصاعب كثيرة، لا سيما تلك التي يواجهنها بعد الطلاق. إذ يتسبب الطلاق في مشكلات كثيرة للمرأة التي منعها زوجها من العمل وأصبحت بالتالي تعتمد عليه اقتصاديا.
ومما يصعِّب الوضع بالنسبة للنساء المطلقات أن غالبيتهن لا يمتهِنَّ مهنة، أو لسن صغيرات بما يكفي للحصول على عمل، أو ليس لهن أي حقوق اجتماعية. ويجب ألا ننسى أن المنافع الإضافية التي يطلبها طرفا الطلاق من بعضهما البعض وإصرارهما على السعي وراء مصالحهما الشخصية يساهم في نشوب النزاعات بين الطرفين ويزيد الوضع سوءا.
ومع ذلك، ففي مجتمع المؤمنين، لا يمر الناس بكل هذه المتاعب عندما يلتزمون بأحكام القرآن والسنة. ذلك أن الاحترام والحب الذي يشعر به الطرفان في بداية الزواج لا يضيع عندما يقرران إنهاء الزواج لأن هذا القرار يتم بموافقة الطرفين. وينبع هذا السلوك من المنطق القائم على أن الطرفين لا ينظران إلى بعضهما البعض بوصفهما مجرد رجل أو امرأة بل بوصفهما بشرا مؤمنين بالله، وبالتالي فهم أسمى خلق الله. ويحافظ هذا السلوك على استمرار المودة بعد الطلاق.
وقد وضع القرآن الكريم تدابير كثيرة لتأمين حقوق المرأة بعد الطلاق. إذ تحافظ التدابير المتصلة بوضعها الاقتصادي على رفاهية المرأة المطلقة. وتخبرنا الآيات التالية بالمزايا والمساعدات المالية التي تخصص للمرأة، برضا الطرفين، وكذلك بالمعاملة الصحيحة للمرأة بعد الانفصال:
"وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ." (سورة البقرة: 241)
"وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ. وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ." (سورة البقرة: 236-237)
"لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا." (سورة الطلاق: 7)
ومرة أخرى، نعرف من الآيات، أنه بعد الطلاق، لا يحق للرجل شرعا أن يسترد أي شيء أعطاه لزوجته في أثناء الزواج. كما يضمن الدين للمرأة المطلقة أيضا كل احتياجاتها المتصلة بالمسكن في أثناء فترة العدة التالية للطلاق. ووفقا لما جاء في القرآن الكريم، لا يحق للرجل أيضا أن يرث المرأة بالإكراه.
إن ما رويناه حتى الآن يبين أن اتباع أحكام القرآن الكريم يجلب الحلول. ففي مجتمع يعيش فيه الناس وفقا لأحكام القرآن، لا تتعرض المرأة لسوء المعاملة والإهانة كما هي الحال في مجتمعات أخرى.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:24 AM

المساواة في توزيع الموارد



لا يحصل كل الأفراد في العالم، اليوم، على حصص متساوية من الموارد. إذ تقدر احتياجات الذكر البالغ من الطاقة الأساسية نحو 2800 سعرة حرارية في اليوم. وتكفي الموارد الغذائية المتوفرة على الكوكب لسد احتياجات كل فرد. ومع ذلك، ما زال قسم كبير من العالم محروما من هذه المنافع، ويعاني أكثر من 800 مليون شخص على الأرض من سوء تغذية شديد. كما أن مقدار السعرات الحرارية اليومية المتاحة لنسبة 75% من سكان العالم (4.03 بليون شخص في عام 1991) يقل كثيرا عن الحد الأدنى المطلوب يوميا من هذه السعرات. ويختلف عدد المصابين بسوء التغذية من بلد إلى آخر، بسبب عدم التوازن في توزيع الغذاء حول العالم. وتشير إحصائية أخرى إلى أن تأمين ما يلزم البلدان النامية من الاحتياجات الأساسية (الغذاء، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والرعاية الصحية، والتعليم) يتكلف سنويا نحو 40 مليون دولار. ويساوي هذا الرقم 4% من مجموع ثروات أغنى 225 شخصا في العالم.3
كما تشير تلك الإحصائيات إلى أن فائض الموارد الموجود في بعض البلدان غير متوفر في بلدان أخرى، على الرغم من الأهمية الحيوية لهذه الموارد. ففي البلدان الغنية، يتم الإبقاء على بعض الموارد التي لم تعد مستخدمة دون الاستفادة منها، على الرغم من أنها يمكن أن تُنقل إلى البلدان الفقيرة. ويعتبر البؤس الذي تعاني منه بعض البلدان الأفريقية مثالا مألوفا للجميع.
ولا تقتصر مظاهر الظلم حول العالم على الغذاء والماء. إذ ينطبق الظلم ذاته أيضا على الخدمات الصحية، الأمر الذي يتسبب في مشكلات خطيرة حول العالم. وبفضل البحوث والتقدم الذي حدث في مجال الطب، أصبح من السهل اليوم معالجة الكثير من الأمراض والوقاية منها. ويتسنى ذلك من خلال التكنولوجيا الطبية والموارد المالية المتوفرة لدى البلدان الغنية. ومع ذلك، يصعب قول الشيء ذاته بالنسبة للبلدان المتخلفة والنامية. ذلك أن المشكلات الصحية البسيطة، التي تتغلب عليها البلدان الغنية بسهولة، تشكل تهديدات خطيرة بالنسبة للبلدان الفقيرة.
فعلى سبيل المثال، هناك مرض الجذام الذي هو مرض بكتيري غادِر يزدهر في الغالب في "حزام الفقر" العالمي. واليوم، أصبح من السهل نسبيا معالجة هذا المرض الذي أصاب البشرية منذ قديم الأزل. وبينما يشكل الجذام تهديدا خطيرا بالنسبة للبلدان التي تعاني من الفقر، لا توجد سوى حالات متفرقة بل لا توجد أي حالات منه في العالم المتقدم. ويعتبر طول فترة العلاج وارتفاع التكلفة سببا رئيسيا في عدم القضاء على هذا المرض في البلدان الفقيرة. ولكن الحقيقة هي أن المساعدة الطبية التي تقدمها البلدان الغنية يمكن أن تساهم في القضاء على هذه المشكلة.
وعند دراسة كل المشكلات الصحية بشكل عام، يظل الجذام قطرة في محيط. ففي البلدان المتخلفة، تقف التكنولوجيا عاجزة أمام أوبئة أخرى كثيرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه نظرا لنقص الموارد المالية، يكون من المستبعد أن تتم معالجة هذه الأمراض ناهيك عن القضاء عليها. ومع ذلك، فحل كل المشكلات الصحية بسيط؛ فبقدر معقول من التنظيم، يمكن استخدام طرق كثيرة مثل نقل المعدات الطبية غير المستخدمة المخزنة في مستودعات البلدان المتقدمة إلى البلدان الفقيرة.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...n/colyesil.jpg
في عصرنا الحالي، يمكن أن يتم تحويل الأراضي القاحلة إلى حقول منتجة بفضل التكنولوجيا الزراعية التي تستخدمها بعض البلدان مثل الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. ويجب أن تنقل هذه التكنولوجيا على الفور إلى البلدان التي تعاني من الجفاف.
وتتضح أيضا مظاهر الظلم في توفر تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم. فلكي تتوسع البلدان المتقدمة في مناطقها الزراعية، لا بد أن تستثمر هذه البلدان استثمارات ضخمة في البحوث الخاصة بتكنولوجيا الزراعة والري، حتى تجعل الأنشطة الزراعية ممكنة في الأراضي غير المنتجة، بل حتى في الصحاري. واليوم، بدأت نظم الري تتغير بفضل قدرة تكنولوجيا المعلومات. فمن خلال نظم الري المدعمة بأجهزة الكمبيوتر، التي تهدف إلى تقليل فاقد المياه إلى أقصى حد، يتم توجيه المياه مباشرة إلى جذور النباتات تحت التربة، مما يوفر كل قطرة ماء للاستفادة منها في الزراعة. وقد قُدمت مشروعات لتكرير كل الموارد المائية، مثل استخدام مياه البحر والفيضان في ري الصحاري.
وتتيح هذه النظم الزراعية الحديثة إنتاج المحاصيل حتى في الصحاري. وكل هذه أخبار جيدة. ولكن بما أن البلدان التي تعاني من الفقر لا تستفيد من هذه الابتكارات، فإن الأمر لا يزال يمثل مشكلة تحتم التفكير فيها بشكل جدي. ذلك أن التكنولوجيا المتواضعة المستخدمة في تلك البلدان لا تعطي إنتاجية عالية حتى في الأراضي الخصبة، وبالتالي يشكل الجوع تهديدا خطيرا بالنسبة لشعوبها.
وفي بعض الحالات، يعيش كل سكان البلد تحت تهديد الجوع. وتفرد الجرائد والمجلات صفحات لهذا الشقاء الإنساني لكي يدرك الجميع خطورة الموقف، ولكنها تقف عاجزة عن خلق البصيرة التي تؤدي إلى إيجاد الحلول. وهناك مساع لحل المشكلة من خلال التدابير المؤقتة والمشروعات قصيرة الأجل، ولكن مثل هذه الإجراءات الواهية التي تفتقر إلى البصيرة لا تقدم حلولا.
وعند هذه المرحلة، يكون الناس في حاجة فعلية لحلول سريعة وعملية تتعامل مع احتياجاتهم الحقيقية. واليوم، تتلقى الدول التي تعاني من الفقر كميات كبيرة من المعونات الغذائية. ومع ذلك، فمعظم هذه المعونات غير مفيدة لأنها تُقدَّم لمجرد التباهي ولا تتفق مع احتياجات من يعانون من المجاعة. ومن ناحية أخرى، إذا تأخر وصول المعونات الغذائية، أو حدثت معوقات تنظيمية، يفسد الطعام قبل أن يصل إلى وجهته. وعلى الرغم من إنشاء جمعيات لتنظيم وصول هذه المعونات، فإن هذه الجمعيات تفتقر إلى المصداقية، لأنها مليئة في الغالب بالفساد.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/israf.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/israf2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/israf3.jpg
تقوم بعض البلدان اليوم برمي حمولات شاحنات عديدة من الخضراوات والفاكهة واعدامها لكي ترتفع اثمانها مع انه يوجد ملايين الأشخاص الذين يعيشون على الكفاف في العديد من الاماكن في العالم. ومن خلال التوزيع السليم لموارد العالم، يمكن أن يوضع حد للبذخ كما يمكن في الوقت نفسه إنقاذ الناس الذين يتضورون جوعا في أماكن مختلفة من العالم.
ويعزى عدم الوصول إلى حلول جذرية إلى الغرور، والمصالح الشخصية، والطموح، والغفلة، وغير ذلك من أوجه الضعف الأخلاقي المشابهة. وتتمثل السبيل الوحيدة لإنهاء هذه العيوب الأخلاقية في تبليغ القرآن الكريم إلى الناس وتذكيرهم بأنهم سيُسألون عن كل أعمالهم في الآخرة.
"...كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ." (سورة الأنعام: 141)

وكما هي الحال في الأمثلة السابقة التي وردت في الأقسام المتصلة بالصحة والتعليم، فسوف تضع العدالة نهاية لكثير من المشكلات المنتشرة حول العالم. ومع ذلك، هناك نقطة تجدر الإشارة إليها بشكل خاص ألا وهي: عندما نتحدث عن التوزيع العادل، يجب ألا يُفهم من ذلك أن كل شيء سيكون متوفرا لكل شخص في كل مكان بنفس القدر. ذلك أن ما نعنيه فعليا هو سد احتياجات الناس بالكامل. ولا شك في أن نظام الري الخاص المستخدم في الصحاري لن يفيد في مكان آخر. وعلى نحو مشابه، لا يتوقع المرء من أي بلد أن يرسل أدوية إلى بلد آخر إذا كانت هناك حاجة لهذه الأدوية داخل هذا البلد ذاته. وفضلا عن ذلك، ليس من الضروري أن يمتلك كل المواطنين نفس القدر من الممتلكات بالضبط. فالمهم فعليا هو ألا يوجد أناس ينغمسون في حياة البذخ بينما يوجد، على مقربة منهم، أناس آخرون يعانون من الفقر. ومن الضروري أن نتفادى حدوث فجوة لا تُسد بين الفقراء والأغنياء.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/52.jpg
Newsweek, 24 February 1997
إن حقيقة وجود ملايين الأشخاص حول العالم ممن لا يزالون يعانون من الجوع، تعد دلالة على الاستخدام غير الفعال لموارد العالم.
ومتى تم اتباع أمر الله التالي: "يسألونَكَ ماذا يُنفقونَ قلِ العفوَ" (سورة البقرة: 219)، سيظهر تلقائيا التوزيع العادل الذي يؤدي إلى نشر السلام في المجتمعات.
"يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ." (سورة البقرة: 215)
السلام: النتيجة الطبيعية لإقامة العدالة الحقيقية

ما إن تتم دراسة كل هذه الحقائق، سوف نصل إلى استنتاج بأن العيش وفقا لأحكام القرآن الكريم هو وحده القادر على أن يضمن لنا هيكلا اجتماعيا عادلا تماما. ذلك أن قواعد السلوك القرآنية هي وحدها التي توصل إلى السلوك الأخلاقي والحكمة. إذ سيتحول الأنانيون، والمغرورون، والغافلون إلى رحماء منصفين يفكرون في مصلحة الآخرين وبالتالي يكونون قادرين على إيجاد الحلول. ويعني هذا ببساطة وضع نهاية لمشكلات كثيرة.
وفي المجتمعات التي تنعم بالعدالة الحقيقية، لا ينحدر الناس إلى مرحلة الضعف الأخلاقي المتمثلة في السعي وراء المصالح الشخصية، أو الاحتيال، أو انتهاك حقوق الآخرين. وتحض تعاليم القرآن الأساسية على أمور مثل التعاون والرحمة، تمثل جوهر المجتمع العادل. وفي مثل هذا المجتمع، يحمي كل فرد مصلحة الآخر وبالتالي يتم تأمين حقوق الجميع ومصالحهم، وهذا ما يشيع السلام والأمن في المجتمع بأكمله. ومن هذه الناحية، تتمثل مسؤولية جميع المؤمنين في تبليغ العالم بأكمله بالقيم التي أثنى عليها المولى عز وجل والدين العادل. وهذه واحدة من أهم صفات المؤمنين:
"وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ." (سورة آل عمران: 104)
"التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ." (سورة التوبة: 112)
يذكر الله جل جلاله أن هناك أناسا يعيشون وفقا لهذه القيم وبالتالي يدعون الناس إليها. ولن ينجو في الآخرة إلا أولئك الذين يحضون الناس على تجنب المعاصي:
"فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ." (سورة الأعراف: 165)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:25 AM

ما يحدث في الحياة السياسية

"وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ." (سورة البقرة: 205)

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/1965.jpg
يجب أن تتخلل العدالة، والمبادئ الأخلاقية، والصدق كل لحظة في حياة الإنسان. وفي وضعنا الحالي، حيث يعيش الكثير منا في ديمقراطيات برلمانية، ينطبق ذلك بشكل خاص على السياسيين، لأن السياسي مسؤول عن أناس كثيرين يلجؤون له ليحل مشاكلهم. لذلك، تحتم الضرورة أن يكون هذا السياسي عادلا في قراراته، وألا يميز بين الناس، وأن يحدد المحتاجين تحديدا صحيحا ويتخذ إجراءات وثيقة الصلة باحتياجاتهم ليحل مشكلاتهم. وبينما يقدم خدماته من أجل المصلحة العامة، يجب عليه أن يتعاون مع الخبراء ويعين أشخاصا أكفاء يستطيعون أن يحققوا نتائج ايجابية. وإذا تمكن من الوصول إلى ما يسبب تعطيل إحدى الخدمات، يجب أن يسارع لإيجاد حلول عملية ويجري تغييرات سريعة في سياساته، إذا اقتضت الضرورة. ولتحقيق المصالح العليا للشعب، يجب أن تكون لديه مهارات تمكنه من ترتيب الموضوعات حسب أولويتها.
ولكن بالنسبة للبعض، تحولت السياسة من وسيلة لتقديم الخدمات العامة إلى صناعة مربحة. ومن هذه الناحية، يعتبر الشخص ناجحا في السياسة إذا استطاع أن يحتفظ بالسلطة، ويقويها، ويؤمنها على الرغم من كل الظروف غير المواتية، بل وأن يكتسب، إن أمكن، مزيدا من السلطات. وما إن يصبح ذلك الأسلوب اعتياديا في العمل السياسي، لن يفاجأ المرء إذا أصبحت كل أشكال الفساد والاحتيال سمة أساسية في النظام.
وفي كل مكان، غربا وشرقا، في البلدان المتقدمة وكذلك النامية، يتضح أن السياسة ملتحمة بالعمل التجاري. وهكذا، ليس غريبا أن نرى أمثلة لأشخاص يسيئون استخدام السياسة لجلب المنفعة الشخصية، ويخاطرون بمستقبلهم السياسي أو يضطرون إلى ترك المنصب بعد انكشاف فضائح "الحصص مقابل الخدمات". وفي كثير من الأنظمة الشمولية، ينفق القادة بسخاء على أهوائهم وينغمسون في حياة البذخ في حين تكافح شعوبهم الجوع والأوبئة. ويعتبر موبوتو، رئيس زائير المخلوع، مثالا جيدا على ذلك. فبينما كان الشعب الزائيري يكافح من أجل رغيف الخبز، كان موبوتو يرسل طائرته الخاصة كل شهر إلى فرنسا لتأتي له بحلاقه الخاص. لقد جمع موبوتو ثروة ضخمة، واعتبر أن كل الموارد الطبيعية ومناجم الماس الموجودة في بلاده من ممتلكاته الشخصية. وفضلا عن ذلك، سمح للبلدان الأوروبية بالانتفاع من هذه الثروة الطبيعية لزائير بينما كان شعبه يعاني من ظروف اقتصادية متدهورة وقلاقل مدنية بسبب الصراعات القبلية.
ولا يوجد مجتمع محصن ضد هذه الممارسات ما لم تكن قيم القرآن هي السائدة. ففي البلدان غير المتدينة، نادرا ما يدرك الناس أي معنى لمفاهيم مثل العدالة، والرحمة، والحب، والاحترام، والصدق لأن كل واحد منهم يسعى وراء مصالحه الخاصة ويظهر طمعا لا حد له. وفي الآية التالية، يؤكد المولى عز وجل على حجم التهديد الذي يمثله هؤلاء الناس على المجتمعات:
"وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ." (سورة البقرة: 205)
إن من غير المفيد أن نتوقع حدوث أي تغيير في الخصائص البشرية المذكورة آنفا طالما أن الناس لا يتبعون ما جاء في كتاب الله. ومع ذلك، ففي بلد يخاف أهله الله ويسود فيه حكم الضمير، لا يمكن ألا تطبق العدالة وأن يساء استخدام السلطة. إذ يتم تحديد مشكلات الناس وحلها بشكل صحيح، مما يساعد على تقديم الخدمات بكفاءة. ويجب على المرء ألا يتوقع جزاء الخدمة العامة أو المساعدة المقدمة ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى في هذه الدنيا، لأن الجزاء في الآخرة. وعلى مدار التاريخ، بلغ الله رسالته الإلهية إلى الناس من خلال رسله الذين لم يدعوا الناس لغير دين الحق. ومع ذلك، كان رد فعل الناس تجاه رسلهم هو الكفر وكانوا يشكون في الغالب أن لهؤلاء الرسل أغراضا خفية يجنونها من جهودهم المخلصة. وكان الرسل يجيبون الكفار بنفس الإجابة:
"قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ." (سورة ص: 86)

"يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ."
(سورة هود: 51)
إن أولئك الذين يؤمنون بالله يتخذون من هذا السلوك الذي أثنى عليه القرآن مثلا يحتذى به. فلا يتوقعون أي شكل من أشكال الكسب الدنيوي مقابل الخدمات والمعونات التي يقدمونها. ومع ذلك، ففي الحياة السياسية للمجتمعات الملحدة، نجد أن القضايا السياسية، الداخلية والخارجية، والمصالح الشخصية والحزبية كلها متصلة اتصالا وثيقا ببعضها البعض. وبما أن الحال كذلك، تزخر الحياة السياسية بالأوغاد الذي يميلون إلى اتخاذ قرارات تضر بالمصلحة العامة أو الوطنية. وتتمثل الوسائل المستخدمة لضمان الحصول على دعم هذه الدوائر في الاستثمارات العامة التي تخدم المصالح العليا لمجموعات نفعية معيَّنة، أو فتح باب الاعتمادات لها، أو مجرد تجاهل الفساد والاحتيال. وتقدم مجموعات الضغط المندمجة في النظام السياسي الأمريكي أفضل تفسير للكيفية التي يعمل بها هذا النظام. إذ تقدم هذه المجموعات مبالغ هائلة من التبرعات غير المعلنة من أجل تمويل الحملات الانتخابية للمرشحين. ويكمن الغرض من ذلك في تأمين مقعد لأحد الأشخاص في مجلس الشيوخ، على أن يقوم هذا الشخص بتوجيه الدفة السياسية في الاتجاه الذي يرغبه المتبرعون. وقد تناولت مجلة الايكونومست Economist في أحد أعدادها الحملات الانتخابية الأمريكية التي تموَّل بسخاء مؤكدة أنه في عام 1992 وحده وصلت التبرعات إلى 3 بلايين دولار.4 ومن خلال استغلال التبرعات غير المشروعة تستطيع مجموعات الضغط هذه انجاح انتخاب من تريد واجراء ضغوط كبيرة على الحكومات. وسيذهل المرء حقا من حجم الضغط الذي يُمارَس على السياسيين، عندما يتأمل كيف أن السياسيين لا يجرؤون مطلقا على معارضة طلبات المتبرعين. ويؤدي خوف السياسيين من جماعات الضغط هذه الى اتباع سياسات تتناسب مع المصالح العليا لتلك المجموعات النفعية أو يختلقون الأزمات المفتعلة. وتعاني الأحزاب السياسية أحيانا من وجود صراعات حزبية داخلها. وليت الأمر يقتصر على ذلك، إذ تستخدم وسائل ماكرة لإحداث قلاقل داخل البلد، مما يوفر أساسا ملائما للمجموعات النفعية كي تستفيد.
إن الروابط الوثيقة التي تربط بين المجموعات النفعية وأصحاب السلطة تتسبب في انجراف البلدان في موجة من الفوضى، ويتجلى ذلك بوضوح شديد في ديكتاتوريات أمريكا اللاتينية. فخلال العقود الخمسة أو الستة الماضية، عاش زعماء النظم الفاشية في بلدان أمريكا اللاتينية في بذخ بينما كانت الجماهير تعيش على الكفاف. وما زالت السلطة تنتقل باستمرار، حتى يومنا هذا، من الديكتاتوريات إلى المجالس العسكرية والعكس بالعكس. وتحكم المجالس العسكرية بقبضة حديدية، وتستمد قوتها في الأساس من الضغط الذي تمارسه على الجماهير. وفي تلك البلدان، التي تشكل مفترق طرق لتجارة المخدرات، يؤدي تضارب المصالح بين أصحاب السلطة وعصابات المخدرات إلى إعاقة إرساء قواعد الاستقرار. وتتحقق الاستمرارية لهذه الجماعات، التي لا تزدهر إلا في الفوضى، من خلال الضغط والإرهاب. لذلك، تستمر الأعمال الوحشية، والصراعات، والحروب الأهلية إلى ما لا نهاية. ففي كولومبيا، وقعت 28 ألف جريمة قتل في عام 1992 وحده. ويرسم هذا الرقم صورة ممتازة لنوعية الأعمال الوحشية التي ترتكب هناك. وكما رأينا، فإن عدم اتباع أحكام القرآن والسنة في الحياة يؤدي أيضا إلى ظهور أصحاب السلطة الذين يغضون الطرف عن كل أشكال العنف.
وهناك نقطة أخرى مذهلة في الحياة السياسية ألا وهي: أن السلطة والقوة تصلان إلى من لا يستحقهما، سواء من ناحية السمات الشخصية أو المؤهلات. وهذا هو الأساس الذي يستند إليه نظام أهل الكفر؛ إذ ليس من الضروري أن يكون الشخص مؤهلا لكي يتم تعيينه في منصب معين. وفي تلك الحالات، تصبح المصالح الشخصية هي القوى الدافعة لصنع القرار. ومع ذلك، يأمرنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بنقيض ذلك:
"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا." (سورة النساء: 58)
وفي مجتمع لا يعيش فيه الناس وفقا لأحكام القرآن، وبالتالي، لا تُوزع فيه الواجبات والمسؤوليات حسب المهارات والمؤهلات، يحرص أي شخص يشغل منصبا كبيرا في المقام الأول على تعيين أقاربه وأصدقائه. وبالنسبة للسياسيين والأحزاب على حد سواء، تكون الأسبقية للمصالح الشخصية والأفضلية السياسية. ويصبح العمل من أجل المصلحة العامة مجرد شعار بلاغي يستخدم في أثناء الحملات الانتخابية لمخاطبة الناخبين. ووفقا لهذا الفهم، لا تُقدَّم الخدمات إلى القرى أو البلدات الفقيرة المحتاجة الى الخدمات كالماء والكهرباء بل تؤخذ مصالح الفئات التي ينتظرون منهم التأييد بنظر الاعتبار.
إن الكفر هو المسؤول عن هذا الفهم المشوه والأعمال غير الأخلاقية. لأن الذين لا يخافون الله سبحانه وتعالى لا يتصرفون بالشكل المسؤول الذي تمليه عليهم ضمائرهم. ولنفس السبب، ستجد أن هؤلاء الناس لا يرحمون غيرهم ولا يتصرفون بشكل عادل. وبما أنهم يتظاهرون بالجهل بحقيقة أنهم سيُسألون عن كل ما فعلوه في هذه الدنيا، فإنهم يرتكبون كل أشكال الأعمال المؤذية وغير الأخلاقية. لذلك، يجب على أولئك الذين يلتزمون بوضع حد لهذا البؤس والإعداد لمستقبل واعد أن يتبعوا ما جاء في القرآن الكريم من أحكام ويبلغوها للناس. ومن واجب كل المؤمنين أن يبلغوا الناس بأوامر الله المتعلقة بالقيم الأخلاقية، ويدعوهم إلى العيش وفقا لهذه القيم، ويحذروهم من السير في طريق الشر. ويجب أن يخشى أولئك الذين يتجاهلون هذا الواجب أو يؤجلونه من عدم قدرتهم في الآخرة على تبرير مشاعرهم المتبلدة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:27 AM

آثار الكفر على الحياة الاقتصادية

"يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ." (سورة البقرة: 276)

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...zeykoreakt.jpg
يشغل الاقتصاد معظم أحاديثنا اليومية. وفي البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء، لا توجد سوى بضعة مجتمعات محصنة ضد المشكلات الاقتصادية المتصاعدة. ويعيش غالبية الناس في العالم على الكفاف، بينما تعتمد كثير من البلدان على "المعونة" الأجنبية حتى تستطيع أن تبقى على قيد الحياة. ويضيف الحصول على "المعونة" الأجنبية مزيدا من المشكلات، لأن عجز البلدان حتى عن سداد الفوائد يجعلها تواجه مصاعب كبيرة.
ومن الصحة إلى التعليم، يسير العمل من خلال التمويل. ومع ذلك، سواء كانت البلدان متقدمة أم لا، تؤثر الظروف الاقتصادية في الناس تأثيرا كبيرا. إذ يوجد الثراء والبذخ ونتيجتهما الطبيعية، الانحطاط، جنبا إلى جنب مع الإفقار. ويقتتل الناس فيما بينهم نتيجة عجزهم عن سد احتياجاتهم الأساسية. وعلى الرغم من إعداد الكثير من التقارير والدراسات، وبرامج التطوير، والحلقات الدراسية بغية توعية الناس بهذا الموضوع، فقد تعثرت هذه الجهود كلها لأنها لم تتوصل إلى حلول عملية. وما زال الواقع يؤكد أن كل يوم يضيف إلى جزء كبير من العالم مزيدا من اليأس والشقاء.
وتعتبر البطالة مشكلة عالمية كبرى. وحتى إذا حصل الناس على وظائف، فلن توفر لهم أجورهم ظروفا معيشية جيدة. وبصرف النظر عن ذلك، يتقدم آلاف المرشحين لشغل بضع وظائف حكومية شاغرة يجنون منها دخلا متواضعا. ويصطف الناس لساعات أمام مكاتب التوظيف متشبثين بأمل ضعيف في الحصول على وظيفة.
ما هو الحل إذن؟ لماذا تعجز التدابير عن القضاء على هذه المشكلات؟
إن التطور الاقتصادي، والإنتاجية، وسوق العمل المزدهرة، والقوة العاملة المنتجة عوامل ضرورية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في أي بلد. ومع ذلك، تشير الإحصائيات إلى أن 30% من مجموع القوة العاملة في العالم أي ما يقرب من 820 مليون شخص عاطل حول العالم. وعندما نضيف عدد افراد أسر هؤلاء العاطلين إلى هذا الرقم، تزداد أبعاد المشكلة خطورة.
وفي عصرنا الحالي، تعتمد النظم الاقتصادية، خصوصا في البلدان المتخلفة، على فوائد البنوك. ولكن أسعار الفائدة العالية التي تقدمها البنوك للمودعين لها تأثير مدمر على الاقتصادات الوطنية. وتصبح أسعار الفائدة هذه سببا رئيسيا يجعل الناس يودعون أموالهم في البنوك بدلا من استثمارها أو استخدامها في الإنتاج. ويستسهل الأغنياء العيش على الفوائد التي يحصلون عليها بدلا من العمل، وفي مجتمع لا يعمل فيه معظم الناس، يكون من غير المرجح أن تزيد الاستثمارات، التي تعد عاملا ضروريا لتقدم البلاد.
وفي مثل هذه النظم تنشر الصحف إعلانات البنوك التي تقدم الرسالة التالية: "يمكنك أن تتوقف عملك وعن الاستثمار في عملك وتأخذ إجازة بعد ان تودع اموالك في البنك حيث ستحصل على نسبة فائدة كبيرة ..." ويتسبب هذا المنطق، على الرغم من كونه بسيطا وجذابا ظاهريا، في تدمير البلد بدلا من أن يحقق له الرفاهية والثراء. إن الاقتصاد الذي لا تغذيه الاستثمارات محكوم عليه بالإفلاس، لأن الأموال المكدسة في حسابات البنوك والخزائن تعتبر المصدر الرئيسي لكثير من المشكلات الاقتصادية مثل التضخم. وبالنسبة لأولئك الذين لا يساهمون في دفع عجلة الاقتصاد، ويكتفون بوضع أموالهم في البنوك، و"يذهبون في إجازة"، فإنهم سوف يعانون هم أنفسهم على المدى الطويل من تبعات ذلك التصرف. ذلك أن أموالهم القابعة في البنوك ستخسر قيمتها باستمرار، ولن تستطيع مع مرور الوقت، أن تجاري معدل التضخم المتزايد.
أما في المجتمع القائم على الإنتاج، فسيسترد المستثمرون كل أموالهم ويستفيد الجميع. وفي الواقع، يأمرنا الله جل جلاله بإنفاق أموالنا على ما فيه مصلحة الناس. وفي سورة التوبة، يبشر الله من يكتنز المال بعذاب أليم:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ." (سورة التوبة: 34)
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ." (سورة التوبة: 34)
وفي مجتمع تطبق فيه المبادئ القرآنية، تساعد الممارسات التي تهدف بالضرورة لما فيه نفع الناس على استمرارية النظام. لذا، فقد حرم الله الربا وبالتالي وقى الناس من معاناة عبء الدين:
"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون."َ (سورة البقرة: 275)
وفي آية أخرى، يؤكد الله جل جلاله على أن الربا لا يجلب البركة للإنسان:
"يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ." (سورة البقرة: 276)
ولتحسين مستويات المعيشة، لا بد من توفر الاستقرار والنظام في كل ميادين الحياة الاجتماعية. وينطبق الشيء ذاته على الاقتصاد. والمؤمنون هم الذين يجب أن يتحملوا مسؤولية تقديم الحلول. وفي هذا الصدد، ليس لدى أحد وقت يضيعه وهو ينتظر الآخرين كي يأخذوا بزمام المبادرة. ذلك أن الله سبحانه وتعالى حمّل هذه المسؤولية لكل مؤمن، وبالتالي توجِب هذه المسؤولية على المؤمن أن يعرِّف الناس بالدين والنعم التي يضيفها هذا الدين إلى حياة الإنسان.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/65c.jpg
إن الفوائد المصرفية، التي يرى كثيرون أنها طريقة لجمع الثروة، تؤثر على الاقتصاد سلبا وتثبت في النهاية أنها تدمر الأفراد والبلدان على حد سواء.
وبما أن أفراد المجتمع المؤمن يؤمنون إيمانا مخلصا بأن الأموال التي تنفق على ما فيه مصلحة الناس تعود عليهم بالخير، على عكس أموال الربا، فلن يترددوا في إنفاق ما يزيد عن حاجتهم في سبيل قضية نبيلة. وفوائد هذا النظام بالنسبة للمجتمع واضحة. ومع ذلك، يجب ألا يعتقد الناس أن مثل هذا النظام لا يمكن تحقيقه، بل يمكن تحقيقه من خلال تعليم أحكام القرآن للناس.
ومن المهم أيضا التأكيد على أنه في ظل نموذج الحياة الاجتماعية الذي يرشدنا إليه القرآن والسنة، يسعى الناس جاهدين لا من أجل مصالحهم فحسب، بل من أجل المصلحة العامة أيضا، لأن قيم الإسلام تأمرنا بالتعاون، والتكافل، والاتحاد.
ولن ينتهك المؤمنون حقوق الآخرين امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى. ولن يحاول أحد أن يستولي على أموال الآخر أو حقوقه بطريقة غير مشروعة. ولن يغش أحد في القياس أو الوزن. وفي مجتمع يعيش وفقا لأحكام القرآن الكريم، لن يسمح بالظلم مطلقا. وبالتالي، ستنتهي المعاملات الربوية. ولن يسلب الأغنياء الفقراء ولن يحاول الناس أن يأخذوا حصص الآخرين بطريقة غير مشروعة.
وفي المجتمع الذي تطبق فيه القيم الدينية، لا يتبدد شيء لأن الناس يستهلكون دون إسراف. ويوفر التعاون والعدالة مستويات معيشة أفضل وقدرا أكبر من الرفاهية. ويعتبر عصر المجتمع الإسلامي الأول المبارك - عصر الخير الذي كان فيه الناس عموما يتبعون أحكام القرآن والسنة - مثالا واضحا لهذه الحقيقة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:28 AM

الخلق الديني يأمرنا بحماية المحتاجين والأيتام

"وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ." (سورة النور: 22)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/aclik.jpg
لم يعد الفقر اليوم مشكلة مقصورة على بلدان معينة. إذ يهيمن على أجندة العالم موضوع أطفال الشوارع الذين يكسبون رزقهم عن طريق جمع القمامة، ويقضون لياليَ قارصة البرودة في الشوارع، ويخاطرون بحياتهم نتيجة احترافهم مهنا خطيرة مقابل مبلغ زهيد من المال. ومن ثم، لن يسلم قسم كبير من العالم من وفيات الأطفال الناتجة عن سوء التغذية وغير ذلك من المشكلات المرتبطة بالفقر.
وتستطيع إحصائيات الفقر وأطفال الشوارع وحدها أن تكشف مدى خطورة الوضع.
ففي عام 1982، أعلنت اليونسكو عن وجود 200.000 طفل من أطفال الشوارع في اسطنبول، و10.000 في بوجوتا، ومليونين في ريو دي جانيرو. وفي أفريقيا، تشير التقديرات إلى أن هذا الرقم يبلغ 5 ملايين وهو يزيد بانتظام. وهناك عوامل تساعد على زيادة عدد أطفال الشوارع مثل: الصراعات، والحروب الأهلية، ونقص الغذاء، والإيدز، والتوسع العمراني السريع. وفي أي ليلة من الليالي، فإن هناك 30 إلى 70 مليون طفل على مستوى العالم يفترشون الطرقات.5
وفي أمريكا، تضاعف عدد الأطفال الفقراء ثلاث مرات خلال عقدين فقط. وفي عام 1989، أعلن رسميا في أمريكا أن طفلا من بين كل ستة أطفال يعيش في بيئة فقيرة جدا. وفي عام 1993، كان طفل من بين كل خمسة أطفال فوق سن السادسة يعيش في بيئة فقيرة جدا، أي أكثر من 5 ملايين طفل. وفي عام 1994، أشارت التقديرات إلى أن طفلا من بين كل أربعة أطفال تحت سن الثالثة يعيش على الكفاف. وفي الثمانينات زاد هذا الرقم من 1.8 مليون إلى 2.3 مليون.6
وكما يتبين من الإحصائيات الموضحة أعلاه، فإنه حتى العالم المتقدم غير محصن ضد الفقر. وبشكل عام، تعتبر البطالة الناتجة عن الكساد الاقتصادي وعدم كفاية نظم التأمين الاجتماعي هي المسؤولة عن هذا الفقر.
ومع ذلك، تأمرنا قيم القرآن والسنة بحماية الفقراء والمحتاجين. إذ توجد أحاديث كثيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحض المؤمنين على حماية الفقراء، وقد قال في أحد هذه الأحاديث ما معناه:
أحبوا الفقراء وتقربوا إليهم. إذا أحببتموهم، سيحبكم الله. وإذا اعتنيتم بهم، سيعتني بكم الله. وإذا كسوتموهم، سيكسوكم الله. وإذا أطعمتموهم، سيطعمكم الله. وسيكرمكم الله إذا كنتم كرماء.7
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/70.jpg
The Independent, 11 Sep. 2000http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/70c.jpg






مجرد بضعة أطفال، يحاولون أن يعيشوا معيشة الفقراء.
وسنرى في البلدان الاشتراكية السابقة بعدا آخر من أبعاد الفقر؛ فمستويات معيشة كل الأفراد تقريبا متدنية، دون أن ترتبط ذلك بظروف خاصة، وهو عكس ما يحدث في البلدان المتقدمة وبلدان العالم الثالث. ففي تلك البلدان الاشتراكية، يؤثر الفقر على جميع السكان تقريبا، كما أن تبعات الفقر تؤثر تأثيرا شاملا على البلد بأكمله. فعلى سبيل المثال، ثبت أن البنية الأساسية للمدن ونظم التأمين الاجتماعي غير كافية، وأن هناك ندرة في الطعام. وعلى عكس ما يحدث في معظم البلدان، حتى إذا كان بإمكانك أن تشتري الطعام والسلع الأخرى، فلن تجدها في الأسواق.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/71.jpg
"... وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ..." (سورة البقرة: 220)
ويمكن أن نعدد أسبابا كثيرة للفقر، ولكن من المفيد أكثر أن نناقش تأثير الفقر على المجتمع وطرق القضاء عليه. وفي الفصول التالية، سنتناول المشكلات المرتبطة بالفقر ضمن موضوعات فرعية معينة.
"وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا." (سورة الإسراء: 26)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/73.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/73a.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/73b.jpg
ينام آلاف الأشخاص اليوم على أرصفة الشوارع. ولكن إذا تصرف كل شخص وفقا لما يمليه عليه ضميره، فسوف ينتهي هذا الفقر. ولا يحق لأي أحد أن يتنصل من المسؤولية قائلا: "هل أنا الذي ينبغي أن أساعدهم؟"
الآثار المدمرة للفقر على المجتمع

لا شك في أن الأطفال هم أكثر الفئات معاناة من تبعات الفقر. ذلك أن الأطفال الفقراء، لا سيما المشردين، غالبا ما ترفضهم المدارس لأنه ليس لديهم عنوان دائم، ولا شهادة ميلاد، ولا سجل تطعيم. فهم بالكاد يجدون ما يقتاتون به. وفي أغلب الأحيان، يضطر هؤلاء الأطفال إلى العمل في ظروف صعبة. وفي بعض البلدان، قد تضطر العائلات حتى إلى بيع أطفالها لأماكن العمل بوصفهم "عبيدا".
وفي الأغلب الأعم، يجني هؤلاء الأطفال مبالغ زهيدة من المال وهم يعملون في أكثر البيئات التي يمكن أن تتخيلها منافاة للصحة والتي ثبت في بعض الأحيان أنها مميتة. ويبلغ عدد سكان الهند 940 مليون نسمة منهم 44 إلى 100 مليون طفل عامل، أي أكثر من إجمالي عدد الأطفال العاملين في بقية بلدان العالم. وفي باكستان، التي يبلغ عدد سكانها 120 مليون نسمة، يوجد نحو 8 ملايين طفل عامل.8 ولا يختلف الوضع المحزن الذي يعاني منه الأطفال الفقراء في بقية بلدان العالم.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...hindcocuk2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...hindcocuk1.jpg
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...hindcocuk3.jpg
ليس الأطفال الهنود وحدهم هم الذين يحملون على عاتقهم أعباء عظيمة. ففي كل أنحاء العالم، يقضي كثير من الناس طفولتهم في العمل.
لقد ألِفنا في كل أنحاء العالم وضع الأطفال القصر الذين يضطرون للعمل، والظروف القاسية التي يعملون فيها. ومع ذلك، بدلا من أن تقدم هذه البلدان لهؤلاء الأطفال الخدمات الاجتماعية والدعم التعليمي الضروري جدا لنموهم، نجدها تهتم بالقدرة التنافسية لاقتصاداتها في ظل المنتجات الرخيصة التي تنتجها عمالة الأطفال. بل يناقش مسؤولو هذه البلدان في اجتماعاتهم كيفية زيادة قدرتهم التنافسية وليس كيفية إنقاذ هؤلاء الأطفال.9
وتوجد في العالم بلدان كثيرة تخصص أجزاء مهمة من موازناتها للدفاع. ولا تمثل الهند وباكستان – وهما بلدان تحتاج فيهما قطاعات التعليم والصحة والصناعة إلى إصلاح عاجل - استثناء في هذا الصدد. فعلى سبيل المثال، تخصص باكستان 60% من موازنتها للتسلح ونفقات الدفاع على الرغم من أن غالبية الشعب الباكستاني يعاني من آفة الفقر، ولكن ذلك لا يغير من الوضع شيئا. وفي الولايات المتحدة، تبلغ نفقات التسلح النووي 35 بليون دولار أمريكي في السنة. ومنذ عام 1946، العام الذي بدأ فيه العمل في البرامج المتصلة بالقنبلة الذرية، وحتى عام 1996، تم إنفاق ما يقرب من 5.5 تريليون دولار.10
ولا شك في أن هذه الموازنات المخصصة للدفاع والتسلح كان يمكن ببساطة أن تقدم للفقراء كي تخفف من مشكلاتهم. ومع ذلك، وعلى الرغم من حقيقة أن حياة الأطفال الصغار معرضة للخطر، فإن المخاوف السياسية وحسابات المصالح الشخصية لطالما عرقلت وضع حلول عملية لهذه المشكلات.
وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى نقطة معينة: لا يمكن إهمال نفقات الدفاع في ظل ظروف يفرض فيها الكفر مزيدا من الصراعات، والفوضى، والاعتداءات، والعنف، وهي مشكلات تبدو أنها ستستمر. لذلك، يجب على كل بلد أن يعتمد على دفاعاته ليحافظ على بقائه.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/1909.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/cocuk.jpg
سيضطر الأطفال إلى العمل طالما أن هناك أناسا يفتقرون إلى الحكمة والضمير الحي اللذيْن يهدي إليهما القرآن الكريم.
ومع ذلك، فالبؤس موجود في كل مكان. ومن الواضح أن إلقاء الخطب حول هذه المشكلات لن يقدم أي حلول. كما أن مجرد الاكتفاء بتجاهل المتسولين الذين ينتشرون على أرصفة الشوارع وتقديم الإحسان لهم لن يحل المشكلة أيضا. وتحتم الضرورة أن يتم التنسيق بين برامج منتظمة تختص بسد احتياجات الفقراء من التعليم، والصحة، والمأوى، والملبس.
ومع ذلك، لن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال الحس المرهف الذي يكتسبه الناس من خلال العيش وفقا لأحكام القرآن. ومرة أخرى، ستضمن قيم القرآن بيئة مسالمة تجعل الدولة حساسة بما يكفي بحيث لا تنتهك حقوق دولة أخرى. ونتيجة لذلك، يمكن الحد من نفقات الدفاع كما يمكن أن تستثمر الموارد المخصصة لتلك النفقات في القطاعات ذات الصلة التي تحقق للشعب الرفاهية، والسلام، والتعليم الجيد.
وبالطبع، فإن نفقات الدفاع ليست سوى أحد الأمثلة. ويمكن تقديم الكثير من الحلول الأخرى المشابهة. وكما هي الحال في كل القضايا، فمن الضروري أن ندرك أن الحل يكمن في العيش وفقا لأحكام القرآن والسنة. ذلك أن الشخص الذي وهبه الله قيم القرآن والسنة هو الوحيد القادر على أن يعطي المحتاجين أو الأيتام نصيبه من الطعام حينما يكون هو، نفسه، جائعا. وفوق ذلك، فإن هذا الشخص ذاته هو الذي لا يعطي الآخرين ما يكرهه، ويمد لهم يد العون دون أن يطلب أي شيء في المقابل. ويشرح الله سبحانه وتعالى في سورة النور الكيفية التي يجب أن يتصرف بها الأغنياء:
"وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ." (سورة النور: 22)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/hind4.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima.../hindaclik.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/hind5.jpg
باكستان والهند هما بلدان فقط من بين البلدان التي ابتلي معظم أهلها بالفقر.
كما يشرح الله جل جلاله في القرآن الكريم كيف يجب أن يتعامل الأغنياء مع احتياجات الفقراء. فعلى سبيل المثال، يقول المولى عز وجل إن للفقراء نصيبا في أموال الأغنياء، وإن بعض الناس لا يظهرون فقرهم ومع ذلك يجب أن تصان حقوقهم:
"وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ." (سورة الذاريات: 19)

"لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ."
(سورة البقرة: 273)


ميارى 8 - 6 - 2010 02:29 AM

معاناة المجبرين على مغادرة بلدانهم

تتجسد إحدى أهم تبعات الفقر العالمي في مشكلة اللاجئين، الذين غادر الكثير منهم بلدانهم سعيا وراء فرص عمل أو مستويات معيشية أفضل، أو بسبب الصراع ونقص الغذاء. وقد تسبب ذلك في نزاعات خطيرة بين مختلف البلدان.
ففي البداية، كان تدفق اللاجئين من بلدان العالم الثالث أمرا محبذا بالنسبة للبلدان المضيفة، وتم الترتيب له أساسا من خلال معاهدات دولية رفيعة المستوى بغية توفير عمالة رخيصة للغرب. وكان سبب قبولهم في الغرب يعود الى قبول هؤلاء اللاجئين والعمال اجوراً متدنية والعمل في ظروف سيئة وقاسية وفي الواقع، لطالما ساهم العاملون الأجانب مساهمات هائلة في تدعيم اقتصادات تلك البلدان، ولكن بمرور الوقت، حينما وصلت هذه البلدان إلى مرحلة الاستقرار الاقتصادي والرفاهية، لم تعد بحاجة إلى العمالة الأجنبية واصبحت العمالة الاجنبية تشكل مشكلة في البلدان التي لم تكن تستطيع توفير العمل لمواطينها.
فعلى سبيل المثال، أجبرت ماليزيا العاملين الأجانب الذين عملوا فيها لسنوات طويلة على الخروج من أراضيها. وأصبح هؤلاء العاملون، الذين جاءوا إلى ماليزيا أملا في حياة أفضل، مضطرين للرجوع إلى أوطانهم بعد سنوات من الخدمة.
ولم تكن أسباب الرحيل مقصورة على الرغبة في الحصول على ظروف معيشة أفضل. فالصراعات بين البلدان مسؤولة أيضا عن رحيل المواطنين. ففي بلد دمره الفقر بعد الحرب، يمكن أن تُجتث غالبية السكان. وعلى الرغم من مشاهدة الويلات التي يتعرض لها الفارون من الحرب، فلن تجد غير بضعة بلدان فقط لديها استعداد لقبول اللاجئين. ويقضي اللاجئون المحتاجون إلى إعادة التوطين أسابيع وهم يمشون في البرد القارص إلى وجهة يأملون أن تكون آمنة، ولكن في معظم الأحيان لا يسمح لهم بالدخول.
وفي آذار/ مارس 1998، ونتيجة لإبعاد أكثر من 300.000 لاجئ من كوسوفا، أصبحت كل مدن كوسوفا تقريبا مهجورة. وفي غضون ذلك، تسبب البرد القارص في إزهاق أرواح الكثيرين في أثناء عملية الفرار.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...avutnw1298.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/multeci.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...rikmulteci.jpg
لا يدرك الأطفال في الغالب حجم البؤس الذي يعانون منه. ومع ذلك، وكما توضح هذه الصورة، فالبالغون يدركون بالفعل ما يقاسونه، ولكنهم يلجؤون إلى وسائل خاطئة لإنقاذ أنفسهم. ويكمن الحل الأوحد في القرآن الكريم.
وفي ‏تشرين الثاني‏‏/ نوفمبر 1990، حاول الشيشانيون الذين فروا على أقدامهم من الهجمات الروسية أن يلجأوا إلى البلدان المجاورة، ولكن تلك البلدان شددت الضوابط الحدودية ووضعت قواعد للترانزيت، كاشفة بذلك عن نفورها من استضافة أي شيشاني. وعندما وصل اللاجئون إلى الحدود التركية حيث سمح لهم أخيرا بالدخول، كان كثير من النساء، والأطفال، والشيوخ قد فقدوا أرواحهم بسبب البرد القارص.
وفي أفريقيا، تسببت الصراعات القبلية في فرار عشرات الآلاف من الناس. ويعتبر النزاع بين قبيلتي الهوتو والتوتسي في زائير مثالا على ذلك. فقد عانى المرحَّلون من المجاعة والأوبئة، وحاولوا أن يلجؤوا إلى بلدان أخرى ولكن لم يسمح لهم عادة بالدخول. (لمزيد من التفاصيل انظر الفصل المعنون: "التمييز العنصري").
ومع ذلك، تضع قيم القرآن والسنة أساسا لهيكل اجتماعي مختلف تماما. وفي هذا الهيكل، تتم حماية حقوق الفقراء وأولئك الذين أجبروا على مغادرة أوطانهم. وتستخدم كل الوسائل لتوفر لهم ظروفا معيشية أفضل وتقلل من آلامهم. ولهذا السبب، لا يتجنب الناس التضحية. ففي أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، كان هذا النسق القيمي واضحا جدا في سلوك الأنصار نحو المهاجرين في سبيل الله سبحانه وتعالى:
"وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ." (سورة الحشر: 9)
"لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ." (سورة الحشر: 8)
وكما هو واضح من الآيات، فإن القيم التي يصفها القرآن بعيدة كل البعد عن تلك التي نطبقها اليوم. ففي القرآن الكريم، يقابَل طلب المساعدة دائما بالكرم والإحسان، ويبذل المؤمنون كل ما لديهم لمساعدة المحتاجين. وفي حين يحضنا القرآن الكريم على مساعدة المحتاجين، فإنه يطلب من المتصدق ألا يظهر أي نقائص أخلاقية مثل التعبير عن احتياجاته الشخصية أو التطلع إلى المساعدة المقدمة. وستساهم هذه القيم في حل مشكلات كثيرة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:31 AM

الانحلال الأخلاقي في المجتمعات الكافرة

"وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ." (سورة الأحقاف: 20)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...kakcinayet.jpg
إن انحراف الإنسان عن الغاية الحقيقية من الحياة يعني، إلى حد ما، فقدانه لقيمه. وفي الواقع، لا يتوقع المرء أن يجد قيما سامية لدى من يؤمن بأن العالم هو المكان الأوحد للحياة وأن كل الأشخاص، بما فيهم هو ذاته، ستنتهي حياتهم تماما عند الموت. وعلى نحو مشابه، لا يتوقع المرء أن تتوفر الصفات الإنسانية في شخص لا يعتقد أن في أعماله اختبارًا له في هذه الدنيا وأنه سيجازَى عن كل أعماله، حسنة كانت أم سيئة، في الآخرة.
ولا شك في أن هذه المجتمعات التي تتشبث بمثل هذه الفلسفات الفاسدة ستعاني لا محالة من الخواء الروحي. وفي هذه الحياة القصيرة، يهتم الأفراد في الغالب بكسب المنافع الشخصية وإرضاء أهوائهم، وهدفهم الأساسي من ذلك هو أن يعيشوا حياة لا يضطرون فيها إلى تحمل مسؤوليتها. وفي غضون ذلك، لا يطمحون أبدا إلى الارتقاء بشخصياتهم إلى حد الكمال، لأنهم يعتقدون أن ذلك لن يضيف إلى حياتهم أي شيء مفيد. وعلى العكس من ذلك، يرى هؤلاء الناس، استنادا إلى نظرتهم المشوهة للحياة، أن الشخص الخدوم، صاحب الضمير الحي، العطوف، المتسامح ما هو إلا شخص "أحمق". ذلك أن منطقهم يأمر القوي بممارسة الضغط على الفقير واستخدام العنف ضده، دون احترام أي من حقوق الفقير.
ويؤكد المولى عز وجل في كتابه أن من لا يؤمن بالآخرة ويوم القيامة لا يعرف حدودا لارتكاب المعاصي:
"وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ. الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ." (سورة المطففين: 10-12)
إن هؤلاء الناس، الذين حادوا عن طريق التدين، يطمحون في جني المزيد من المكاسب ويغرسون هذا الطموح في عقول المحيطين بهم ويُعِدّونهم مقدما للتعدي على حدود الله سبحانه وتعالى.
نحن نعيش في زمن تهجر فيه الغالبية القيم الدينية هجرا تاما. ونظرا لأن هؤلاء الناس غير راضين عما يفعلونه هم شخصيا، فستجد لديهم أيضا استعدادا لجر الآخرين معهم إلى هذا الطريق المظلم. وهذا هو الوقت الذي تظهر فيه من جديد الأعمال غير الأخلاقية؛ إذ لن توجد حدود لارتكاب المعاصي، والأفعال الخاطئة، والاعتداءات العنيفة، والفراغ الروحي، والانحلال الأخلاقي، والبغاء، والحث على "الاكتناز" كما تقول الآية، والاتجاهات الجنسية المنحرفة، وإدمان المخدرات، والقمار. وفي الصفحات التالية، سنمعن النظر في الأبعاد الخاصة بتبعات التدهور الأخلاقي الناتج عن الكفر.
تلقين المبادئ اللاأخلاقية

يسهل على الشخص الكافر وكذلك على الشخص ضعيف الإيمان بالله والآخرة أن يزني، أو يلعب القمار، أو يسرق، أو يفعل غير ذلك مما حرمه الله. ذلك أن الكفر في الواقع هو الذي يضع الأساس لهذه النزعات. ويرى منطق الكفر هذا أن البشر وجدوا في الحياة بالمصادفة وأنه بالتالي لا يتعين على المرء أن يشعر أنه مسؤول تجاه الخالق. ووفقا لنظرية التطور، التي تحتضن الكفر أيديولوجيا، فإن البشر ليسوا سوى شكل متطور من أشكال الحيوانات. ومن هذا المنطلق، يجب ألا نهتم بأي شيء باستثناء سد احتياجاتنا. أما بالنسبة لإرضاء أهواء النفس الأمارة بالسوء، فلا يجب علينا أن تحدنا أي حدود؛ إذ يمكننا أن نتصرف مثل الحيوانات. وباختصار، تعجز هذه الفلسفات، التي لا تحتوي على أي بعد روحي، عن إدراك المبادئ الأخلاقية.
وفي الواقع، يعبر الماديون وأنصار الداروينية المشهورون بوضوح عن نظرة الكفر إلى القيم الأخلاقية. ويفسر ويليام بروفين William Provine ، الأستاذ بجامعة كورنيل، كيف تقيِّم المادية المبادئ الأخلاقية:

"يدل العلم الحديث دلالة مباشرة على أن العالم منظم بشكل كامل وفقا لمبادئ ميكانيكية. ولا توجد في الطبيعة أي مبادئ هادفة على الإطلاق. ولا توجد أيضا آلهة ولا قوى مخطِّطة يمكن اكتشافها منطقيا... ثانيا، يدل العلم الحديث دلالة مباشرة على عدم وجود أي قوانين معنوية أو أخلاقية متأصلة، ولا أي مبادئ إرشادية ثابتة تنظم المجتمع البشري. ثالثا، البشر آلات تتميز بقدر مدهش من التعقيد. ويصبح الفرد شخصا أخلاقيا بإحدى آليتين أساسيتين هما: الوراثة والتأثيرات البيئية. وهذا هو كل ما في الأمر. رابعا، ينبغي أن نستنتج أنه عندما نموت، فإننا نموت وهذه هي النهاية بالنسبة لنا..." 11
وكما أوضح هذا العالم، الذي هو نفسه مادي، فإن الكفر لا يسمح للإنسان بأن يؤمن بالآخرة. إذ يعتقد الناس ببساطة أنهم سيفنون بموتهم. وقد حدثنا القرآن الكريم عن هذا الاعتقاد الفاسد الذي يؤمن به الكفار على النحو التالي:
"إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ." (سورة المؤمنون: 37)
إن أولئك الذين لا يؤمنون بالبعث بعد الموت، لا يلتزمون بأي حدود ولا يرون ضررا في الفجور. فبالنسبة لهؤلاء الناس، لا يوجد سبب يدفع الإنسان لممارسة قوة الإرادة. ولهذا السبب، يمثل الكفر السبب الرئيسي في الانحلال الأخلاقي، وهو ما أكده أيضا العالم المادي بروفين في كلماته المذكورة آنفا. إذ توضح تلك الكلمات الأفكار والقيم الأخلاقية الفاسدة التي يعتنقها الكافر.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه ليس كل من يفجر يفعل ذلك والأفكار الداروينية أو المادية في ذهنه. ومع ذلك، يجب أن يتذكر المرء أن هذه الأيديولوجيات ومعلميها من الكفار يغرسون هذه الأفكار الفاسدة في عقول الناس، وبالتالي يشعر غالبية الناس برغبة جامحة في التشبث بمتاع هذه الحياة الفانية بدلا من أن يعيشوا حياتهم والآخرة في أذهانهم.
لقد كان الفهم السائد بين جيل الستينيات الذي دعا الى حرية مطلقة لا ضابط لها ناتجا أيضا عن عدم الالتزام بأي حدود سلوكية. إذ يُذكَر هذا الجيل بجميع أشكال الفجور مثل التحرر في ممارسة الجنس، وتعاطي المخدرات، والاستقلالية بتغطرس، والتمرد. واليوم، بعد ثلاثة عقود، نرى كثيرا ممن هاجموا المعتقدات التقليدية في الستينيات يجلسون إما على مقاعد الحكم أو على مقاعد التدريس في الكليات. كما أن الآباء والأمهات الذين ربوا شباب اليوم ينتمون أيضا إلى نفس الجيل. لذلك، نلاحظ اليوم قدرا من الفجور يكاد أن يكون غير مسبوق في تاريخ العالم. ويرجع أحد الأسباب في ذلك إلى وجود جيل على قدر عال من الانحلال الأخلاقي، تربى على أيدي آباء وأمهات كفرة. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم القوم الذين غفلوا عن الدين لأن آباءهم لم ينذرهم أحد:
"لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ." (سورة يس: 6)
إن الشخص الذين لا يخاف الله من داخله لا يراعي أي حدود، وهو ما يفسر الانحلال الأخلاقي المنتشر في المجتمعات.
ومثلما أكدت أيضا هذه الآية، فإن الأجيال التي تولد لأناس كافرين تصبح غير متدينة ومجردة من القيم الأخلاقية مثل آبائها وأمهاتها.
واليوم، يعود السبب الرئيسي في الانحلال الأخلاقي المنتشر في العالم، من أمريكا إلى هولندا، ومن الشرق الأقصى إلى روسيا، إلى وجود أناس يفترضون، بسبب كفرهم، أنهم لن يحاسبوا على أعمالهم وأنهم أحرار. ولأن الكفر منتشر جدا في عصرنا الحالي – بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم – أصبح الشذوذ الجنسي قاعدة اجتماعية. ولنفس السبب، أصبح البغاء، والاستغلال الجنسي للأطفال، والمقامرة، والاحتيال، والرشوة خارج نطاق السيطرة. إن كم الفساد الموجود في المجتمع لا يحتاج إلى إيضاح، إذ يكفي أن نشير إلى انعدام الثقة المنتشر في كل مكان، حتى بين أفراد الأسرة المقربين؛ وتحوُّل العلاقات الجنسية التي تحدث قبل الزواج وخارج نطاق الزواج إلى سمة مميزة "للسلوك العصري". ونكرر مرة أخرى أن الكفر هو المسؤول عن فقدان الناس لقيم مثل التواضع، والحياء، والخلق الحسن. فقد أصبح الناس يُشجَّعون باستمرار على اتباع سلوكيات لم تكن مقبولة أخلاقيا قبل بضعة عقود فقط.
ولا يمكن إنكار أن الكفر يتسبب في الفجور. ومع ذلك، فقد يوجد أناس يدعون أنهم على خلق، بالرغم من كفرهم. ويؤكدون أنهم لا يمارسون أيا من السلوكيات غير الأخلاقية المذكورة آنفا. وفي الواقع، من الممكن جدا أن يمتنع أي شخص كافر امتناعا تاما عن أي شكل من أشكال الفساد، وأن يظل مصرا على موقفه هذا. ومع ذلك، لا يعد هذا مؤشرا على أنه شخص حسن الخلق. ذلك أن الشخص الذي يتصرف بشكل فاضل لا لشيء إلا لخوفه من الله جل جلاله يظل ثابتا على سلوكه الحسن مهما كانت الظروف. في حين أن الشخص الكافر، الذي يدعي أنه لم يحصل على رشوة قط، يمكن أن يكذب بسهولة إذا كان ذلك يخدم مصالحه. ومن ناحية أخرى، يعترف الشخص ذاته بأنه تلقى رشوة كي يسدد للمستشفى فاتورة علاج ابنه المريض. وباختصار، فمع تغير الظروف، قد يقوم الشخص الكافر، تحت ذريعة "الظروف الاضطرارية"، بارتكاب أشياء يقر هو نفسه بأنها خاطئة. فعلى سبيل المثال، قد يحدث في يوم من الأيام أن يقوم الشخص الكافر الذي يعتبر أن جريمة القتل أمر لا يمكن تصوره بالاستسلام لغضبه وارتكاب هذه الجريمة.
ومع ذلك، فاكتساب الخلق الحسن يتطلب صبرا وقوة إرادة. فمهما كانت الظروف اضطرارية، يجب أن يجاهد المرء ليظفر بالخلق الحسن. ولكي يظهر المرء مثل هذا الصبر وقوة الإرادة التي لا تلين، يجب أن تكون لديه غاية. ويستطيع المؤمنون القيام بذلك لأن لديهم هدفا أبعد في الحياة ألا وهو: نيل رضا الله، ورحمته، وجنته. فهم يعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن".12 لذلك، يغتنمون كل فرصة سعيا وراء الفضيلة. ومن ناحية أخرى، ليس لدى الشخص الكافر أو عديم الهدف أي سبب يدعوه للمثابرة على الصبر وقوة الإرادة. فعلى سبيل المثال، تدعي العاهرات أن البغاء هو الطريقة الوحيدة التي تمكنهن من إعالة أنفسهن. ولكن إذا آمنَّ بالله واليوم الآخر، فلن يتجهن أبدا إلى مثل هذا الطريق المخزي لكسب الرزق. وإذا عرفن أنهن لن يستطعن أن يبررن فعلتهن، فسيحرصن على تجنب هذه المعصية لخوفهن الشديد من الحساب.
"الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ." (سورة البقرة: 268)
وكما تشير الآية، يتجرأ غالبية الناس على الانغماس في كل أشكال الفجور لخوفهم من الفقر. ومن ناحية أخرى، فإن مجرد التفكير في العيش بطريقة غير أخلاقية لا يطرأ على ذهن الشخص الذي يأمل في نيل رحمة الله عز وجل. وفي الآية التالية، يؤكد المولى عز وجل على أن خشية الله جل وعلا تجعل المؤمنين يجاهدون للحفاظ على الخلق الحسن:
"وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ. وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ." (سورة الرعد: 21-22)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:32 AM

المشكلات التي تواجه كبار السن

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/90b.jpgيقف كبار السن في الحافلات المزدحمة بينما يجلس الشباب ويتجنبون النظر إليهم... ويصطف كبار السن لساعات في طوابير تحت أشعة الشمس الحارة أو الأمطار الغزيرة... ويحتاج الوالدان الضعيفان اللذان تقدم بهما العمر إلى الرعاية, ولكن ينظر إليهما بوصفهما عبئا في المنزل... وأصبح وجود النساء والرجال كبار السن الذين يعانون من ضعف عقلي أو بدني أمرا غير محبب بالنسبة لأعزائهم.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/90.jpg
وهذه بضعة أشياء فقط مما يواجهه كبار السن، الذين من المؤكد أنهم يستحقون الاحترام لا الإهمال، في السنوات الأخيرة من حياتهم. وفي بلدان الكفر، تجد أن الأشخاص الذين يعانون من مشكلات متصلة بتقدم العمر، بدنيا وروحيا، يتعرضون لمتاعب كثيرة. ويزيد من صعوبة الحياة بالنسبة لهؤلاء الناس وجود الكثير من التحديات الفردية والاجتماعية المتصلة بمستوى الحياة عند تقدم العمر. وتزداد مشكلاتهم تعقيدا نتيجة لما يلاقونه من سوء المعاملة ونوعية الأماكن التي يتركون فيها.
ومع ذلك، يأمرنا القرآن الكريم باحترام كبار السن وإظهار الاحترام المناسب لهم. وفي الآية التالية، يحدثنا الله جل جلاله عن الاحترام الذي يستحقه كبار السن:

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ERLYP_copy.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/indian.jpg


"وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا." (سورة الإسراء: 23)

وفي مجتمع يعيش فيه أناس يتمتعون بالوعي القرآني، لن يواجه كبار السن والمحتاجون مطلقا التعصب، أو العنف، أو الغضب. إذ يوفر المؤمنون، لكبار السن والشباب على حد سواء، أكثر الظروف سكينة وراحة دون أن يتوقعوا جزاء عن هذه الأعمال إلا من المولى عز وجل.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/90c.jpgوإذا كان الشخص مؤمنا، سواء كان شابا أو عجوزا، فسوف يبذل ما في وسعه دائما لكي يبقى عطوفا، ومحترما، ومتفهما. وفي المجتمعات البعيدة عن الدين، يضايق كبار السن مََن حولهم بسبب حساسيتهم أو غير ذلك من الصفات غير المحبذة. ولكن الوضع مختلف في بيئة يلتزم فيها الناس بأحكام القرآن والسنة، لأن كبار السن سوف يبذلون ما في وسعهم، أيضا، لإظهار الخلق الفاضل في جميع الظروف.
تشجيع الناس على الفجور
تجري في عصرنا هذا عملية لتكييف الناس عموما، والمراهقين خصوصا، على الفجور، تحت ستار "السلوك العصري" أو "التحرر". فقد أصبح من السهل على مجتمعات اليوم أن تستوعب قيما كانت تتجنبها تجنبا تاما منذ بضعة عقود. وأصبحت كل أشكال الرذيلة تعرض على شاشات التليفزيون، أو في صحف الإثارة أو المجلات. وأصبحت القدوة التي تقدم للعامة تتجسد في المزورين، والشاذين جنسيا، ومن يبيعون أجسادهم، والآباء والأمهات الذين يدفعون بناتهم نحو البغاء، والمقامرين، ومن يُسمون بالمشاهير الذين تدعو سلوكياتهم للرثاء. وحتى إذا كان هؤلاء الناس أحيانا مثيرين للاشمئزاز بحق، فإن أسلوب حياتهم أصبح محل تقليد من جانب الجماهير. وفي غضون ذلك، تُقدَّم للناس حياة الفجور التي يعيشها أولئك المشاهير بوصفها قيمة تجسد "السلوك العصري" بل وحتى "التحضر".
وفي السنوات الأخيرة، أصبح سلوك المخنثين، وأسلوبهم، وملبسهم المنتشر بين الرجال يجسد إحدى تبعات هذا التلقين. ويعتبر ميل المجتمعات إلى مثل هذا الانحلال دليلا على حماقتها. وعلى نحو مشابه، يشجع المشاهير جماهيرهم على إقامة علاقات خارج إطار الزواج وتعاطي المخدرات. وتقلد الجماهير الجاهلة كل شيء يفعله هؤلاء الناس – من السلوكيات إلى الفلسفات، ومن طريقة الملبس إلى استخدام اللغة. ولا تكاد تلك الجماهير تلاحظ أن هؤلاء الناس – الذين يتملقهم الملايين – هم مجرد أشخاص سطحيين يعانون من مشكلات نفسية، وجنسية، وروحية خطيرة وبالتالي يتعرضون باستمرار للإذلال على يد زملائهم المقربين الذين يعرفون حقيقة عوالمهم الداخلية. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت غالبية الناس لا تفهم ذلك. ويلفت الله سبحانه وتعالى انتباهنا إلى حقيقة أن غير المؤمنين مجردون من الحكمة:
"وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ." (سورة القصص: 60)
The Daily Telegraph, 1 June 2000
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/93.jpg
تتحمل الصحافة ووسائل الإعلام، عموما، مسؤولية إدخال الشذوذ الجنسي إلى قيمنا المجتمعية، وهو سلوك يُدينه وينهى عنه القرآن الكريم.
ومع ذلك، يجب على الأذكياء، أصحاب الضمائر الحية، الحكماء، الذين يراعون مشاعر الناس ويخافون الله خوفا شديدا أن يتولوا مهمة تشكيل الإطار الأخلاقي للمجتمع. ذلك أنهم سينشئون نموذجا اجتماعيا صحيا يطرد كل الرذائل من المجتمع. وبدلا من أن ينشغل المراهقون بأمور تافهة، سوف ينشغلون أكثر بإثراء شخصياتهم. ومن الجلي أن أصحاب الضمائر الحية هم الذين يلزمون أنفسهم بإصلاح المجتمع بدلا من تدميره. وهؤلاء هم الأشخاص ذوو العقول المتفتحة، الذين يستطيعون أن يفكروا في أحوال المجتمع بحرية واستقلالية. وبما أنهم نبذوا الكفر، فلن يصبحوا عميا وبالتالي سيتمكنون من إدراك الغاية من الحياة. ولأنهم يعلمون أن الله خلقهم، فلن يشعر هؤلاء الناس بأنهم مسؤولون إلا أمام الله جل وعلا وبالتالي سيظهرون سلوكا متميزا. وبما أنهم لن يتبعوا سوى أحكام القرآن والسنة، فلن يقتدوا إلا بأصحاب الضمائر الحية، والحكماء، والمخلصين الذين يجاهدون بخلق حسن:
"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً." (سورة الأحزاب: 21)
وكما تشير هذه القصة المنشورة في أحد أعداد مجلة تايم الصادرة في عام 1979، كان الشذوذ الجنسي في العقود السابقة ينشر بين الجماهير بوصفه ظاهرة طبيعية.
ولا شك في أن الثناء على أولئك الذين يجاهدون من أجل نشر الخلق الكريم في المجتمع وعرض الفضائل التي يجلبها الخلق الحسن للإنسان مع التعبير عن كراهية النقائص الأخلاقية سيحول دون ميل الناس إلى الفجور.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:35 AM

رمز انعدام قوة الإرادة المميِز للكفار: المخدرات

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...usturucuti.jpgلقد زاد استخدام المخدرات زيادة تنذر بالخطر لا سيما خلال العقد الماضي. فقد أصبح غالبية المراهقين يتعاطون المخدرات، وهذه حقيقة تؤكدها التقارير. وعلى نحو مشابه، لا يمكن لأحد أن يستهين بأي شكل من الأشكال بعدد المدمنين حول العالم. فقد توصل تقرير أجري في عام 1992 إلى أن 50% من المراهقين في بريطانيا يتعاطون المخدرات، وشكل المدمنون 30% من المراهقين البريطانيين. كما أشار تقرير آخر، غطى الفترة بين عامي 1988 و1995، إلى أن الأمريكيين أنفقوا 57.3 بليون دولار أمريكي على المخدرات.13
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...usturucuka.jpg
ومن المؤكد أن كل المخدرات تضر بصحة الإنسان. وينتهي الحال بمتعاطي المخدرات في الجوانب المظلمة من المجتمع. إذ يحتاج هذا المتعاطي إلى مبالغ كبيرة من المال لشراء المخدرات، ولكن المفارقة تتمثل في أن المخدرات تمنعه بدنيا من العمل. وفي هذه المرحلة، يبدأ المدمن في كسب رزقه خارج إطار القانون عن طريق السرقة، والغش، وممارسة البغاء مع أفراد من الجنس الآخر أو من نفس الجنس، إلخ. وفي نهاية المطاف، تؤدي الحاجة الملحة للحصول على المال وعدم القدرة على الانخراط في عمل محترم إلى دوران المدمن في حلقة مفرغة.
ولا يمكن أن نتصور كيف يستطيع أي شخص أن ينجرف بملء إرادته إلى مثل هذه الحياة الحقيرة. فالشخص الحكيم ذو الضمير الحي لا ينحدر أبدا إلى مثل هذا المستوى. ولكن انعدام قوة الإرادة، الذي ينتج بشكل محض عن الكفر، قد يتسبب في إحداث قدر أكبر من الضرر للإنسان كما جاء في قوله تعالى:
"
إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ." (سورة يونس: 44).
إن أولئك الذين يغرون الشباب بتناول المخدرات يظهرون جانبا آخر من جوانب الكفر. ذلك أن تجار المخدرات، الذي فقدوا تماما قيما مثل الضمير، والشفقة، والرحمة، والرثاء، يسعون لجذب مزيد من الشباب لمجرد أن يجنوا مزيدا من الأموال. فعلى سبيل المثال، في بعض بلدان أمريكا اللاتينية أو روسيا، يعتبر تهريب المخدرات من أجل الكسب التجاري ضمن أكثر الأنشطة المربحة. وبشكل عام، تتحكم الدولة بتلك البلدان في تجارة المخدرات أو تسمح للشبكات التي تتاجر فيها بالاستمرار في عملها. ولو كان من بين هذه الجهات جهة واحدة، على الأقل، مخلصة ومؤمنة بالله واليوم الآخر، لتخلّص العالم من هذه المشكلة. وإذا امتنع الإنسان لخوفه من الله عن المخدرات – تجارة وتعاطياً - فسوف تنتهي هذه المشكلة إلى الأبد.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/95b.jpg
إن الحرمان من الحكمة والضمير الحي اللذيْن يهدي إليهما القرآن الكريم هو ما يفسر استسلام الشباب للمخدرات.
واليوم، نجد أن المبادرات الموجهة ضد المتاجرة في المخدرات وتعاطيها غير المشروع تعجز عن تقديم أي حلول دائمة. فعلى سبيل المثال، إذا عالجت المستشفيات المدمنين الذين يفتقرون إلى قوة الإرادة اللازمة للتغلب على الإدمان، فإنهم سرعان ما يعودون إلى حالتهم السابقة. أما في السجون، فيظل أعضاء شبكات المتاجرة في المخدرات يمارسون نشاطهم غير المشروع على المستوى الدولي. ومن ناحية أخرى، تتمثل الطريقة الوحيدة لإنقاذ مدمن المخدرات في تزويده بقوة الإرادة. والدين وحده هو القادر على تزويد الإنسان بإرادة قوية لا تتزعزع. وحتى الكفار الذي يبدون قوة إرادة لديهم ميل نحو شيء ما، ويكون هذا الشيء سببا في إضعافهم. ولكن الخوف من الله عز وجل ومن عذاب النار هو وحده القادر على تزويد المرء بقوة إرادة لا يستطيع أحد أو شيء أن يزعزعها.



بعض التصرفات المخجلة لكن المنتشرة: البغاء، والزنا، والشذوذ الجنسي
بدأ البغاء ينتشر بسرعة كبيرة بوصفه طريقة لكسب الرزق. ومع كل عام يمر، يقل متوسط أعمار العاهرات الشابات. بل وصل الأمر ببعض الأسر إلى إجبار فتياتها وفتيانها الصغار جدا على بيع أجسادهم. وينبغي أن يكون الدفع بهؤلاء الأطفال إلى مثل هذه المجالات المثيرة للاشمئزاز، في سن ما زالوا يحتاجون فيها للحماية والرعاية، بمثابة إنذار كافٍ لبلدان العالم كي يحموا أولئك الأطفال من هذا الضرر. وعلى العكس من ذلك، يتم الترويج لبلدان مثل الفلبين بوصفها مناطق جذب سياحية رائجة لممارسة الجنس مع الأطفال. ويتدفق السياح من مناطق كثيرة في العالم على هذه الأماكن لا لشيء إلا لهذا الغرض.
ويمثل الزنا فعلاً آخر غير لائق ولكن منتشرا. ووفقا للإحصائيات الصحية الوطنية المعتمدة، يولد 32% من إجمالي الأطفال في الولايات المتحدة خارج إطار الزواج، مما يعني أن 1.267.383 طفلا يولدون لوالدين غير متزوجين كل سنة.14 وهكذا، فإن الفكرة التي لم يكن ليتصورها أحد قبل عقدين أو ثلاثة فقط، أصبحت الآن تشكل جزءا من الحياة اليومية
ولا شك في أن الأضرار المادية والروحية التي يجلبها الزنا على المجتمع واضحة. ولا حاجة أيضا للإشارة إلى أن الوالدين غير المتزوجين أو الأمهات العزباوات، اللاتي يعدن أنفسهن أطفالا، يلدن أطفالا يعانون بشكل دائم من المشكلات أثناء نشأتهم. ويتسم مستقبل هؤلاء الأطفال في الغالب بعدم الوضوح. ويعلق "موجز تقارير الأزمات العالمية الراهنة" “A Synopsis of Current World Crisis Reports” (9 مارس/ آذار 1998) على الانحلال الأخلاقي الموجود في الهيكل الأسري على النحو التالي:
"لقد استلزم التحول الأخير الذي حدث في أوائل القرن العشرين تدمير ثلاثة أركان اجتماعية أساسية... تمثل الركن الأول هذه المرة في التدمير الكامل للأخلاقيات والأسرة بوصفها أساس المجتمع. وقد حدث ذلك في البداية منذ الستينيات. وفي تلك الأيام، كانت العناصر الراديكالية التي تحكم البلاد الآن تسمى بالخنافس، وكان شعارهم الحب الحر. ولم يكد أحد يلحظ أنهم لم يكونوا أحرارا لأنهم كانوا دائما يقاتلون شخصا ما، وأن ما كانوا يشعرون به لم يكن حبا، بل كان فجورا وانحلالا".15
إن الزنا إثم حرمه المولى جل وعلا في القرآن الكريم. وقد أشار المولى جل جلاله في كتابه الحكيم إلى أن أولئك الذين يرتكبون هذا الإثم يعذبون في النار ما لم يتوبوا عنه:
"وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً." (سورة الإسراء: 32)
"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا." (سورة الفرقان: 68)
وبعد التلقين المكثف، أصبح غالبية الناس ينظرون إلى الزنا، الذي هو في الواقع عمل يؤدي إلى النار، بوصفه "سلوكا عصريا"، مما يغري كثيرين بارتكابه.
إن الشذوذ الجنسي، الذي لم يكن مقبولاً ضمن القواعد الأخلاقية للمجتمعات حتى الماضي القريب، هو تصرف آخر مخزٍ يتخلل حياتنا الاجتماعية اليوم. ويتمتع الشاذون جنسياً هذه الأيام بكثير من الحقوق الاجتماعية، بدءا من الزيجات التي تتم بين نفس الجنس إلى إنجاب الأطفال عن طريق الأمهات البديلة أو الحق في تبني الأطفال. ويحق للشاذين جنسياً أن ينضموا إلى الأحزاب، والنوادي، وأن يحضروا المؤتمرات التي تنظم من أجلهم فقط. وفي غضون ذلك، تسعى كثير من المجلات والصحف لكي تغرس في عقولنا أن الشذوذ الجنسي أسلوب حياة رائج ومقبول. ومع ذلك، فالشذوذ الجنسي ليس سوى ضلالة. وعلى الرغم من ذلك، فعند استخدام كلمات مثل "كل شخص حر في اختيار ما يفضله أو يرغب فيه جنسيا"، تنسب صفة "فكرية" إلى تلك الكلمات وبالتالي تصطبغ بصبغة منطقية. ولكن الجميع متفقون على غياب القيم الأخلاقية من حياة المثليين جنسيا والعاهرات. فهم في العادة أناس عدوانيون يصعب إقناعهم بأي موضوع. وهم يكثرون من الشتائم، ولا يحافظون على نظافة أجسامهم ولا منازلهم. كما أن قلوبهم مليئة بالغضب والكراهية تجاه الناس إلى حد أن كثيرا منهم يسهل عليهم نقل أمراضهم المعدية إلى الآخرين، دون أي إحساس بالذنب. وهم لا يراعون أي حدود في أي موضوع، كما أنهم مجردون من الشرف. ونتيجة لسوء حالتهم النفسية، تجدهم يميلون كثيرا إلى الانتحار بل يتعدونه إلى ارتكاب جرائم القتل. ولن تجد لدى هؤلاء الناس قط ما يساهمون به في المجتمع، بل يصبحون دائما مصدرا للقلاقل، والتوتر، والمرض، والفجور في بيئتهم. وتضع الصحافة الشذوذ الجنسي على قائمة جدول أعمالها لتجعل الجمهور منحلا أخلاقيا. ذلك أنه نظرا لوجود نسبة عالية من المثليين جنسيا في وسائل الإعلام وعالم الترفيه، فإن حملاتهم النشطة لمناصرة الشذوذ الجنسي تؤثر تأثيرا كبيرا على الجمهور. ولا شك في أن نشرهم لهذه الدعاية يسبب مزيدا من الضعف للقيم الأخلاقية للمجتمع إلى الأبد.

إن الشباب الذين لا يدركون معنى العفة، التي هي إحدى النعم التي تمنحها قيم القرآن الكريم، لا يرون سببا يمنعهم من بيع أجسادهم.
ويعتبر الكفر أهم صفة مميزة للمجتمع المنحل أخلاقيا. وتعتبر الشذوذ الجنسي شكلا من أشكال الضلالة التي يعد الله بأن يجازي كل من يرتكبها بالعذاب في الدنيا والآخرة على حد سواء، ما لم يرجع الشخص إلى الله تائبا. ويعلن الله جل جلاله في القرآن أن العصاة الذين خالفوا أمر نبي الله لوط سويت قراهم بالأرض بسبب ممارستهم للمثلية الجنسية، وهي كارثة سجلها التاريخ. وعندما طلب منهم نبي الله لوط، عليه السلام، الإقلاع عن هذه الضلالة وأنذرهم بعذاب الله، رفضوا الاستماع إليه واستمروا في ضلالتهم. عندئذ، دمر الله قوم لوط بالكارثة التي أنبأهم بها نبيهم من قبل:
"أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ. قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ. قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ. رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ. فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ. ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ." (سورة الشعراء: 165-174)
الطريقة التي تتعامل بها المؤسسات الاجتماعية والجهات ذات الصلة مع المشكلة تنذر بالخطر
لا تؤكد أي من هذه المؤسسات على حقيقة أن هذا الانحراف الجنسي عمل آثم لا يرضى عنه الله سبحانه وتعالى وأنه يسبب الألم في الدنيا وكذلك العذاب الأبدي في الآخرة. ويجب أن تتم إزالة المرض الذي يجلبه هؤلاء المنحرفون للمجتمع. ومع ذلك، فإن الضرورة الأكثر إلحاحا الآن هي أن يتم إنقاذ هؤلاء الناس مما هم منغمسون فيه. واليوم، يوجد حول العالم ملايين الناس الذين يعيشون في ضلال وفساد، ومن خلال التلقين المكثف، أدخلوا إلى حياتهم الفجور، والتمرد، وكل أشكال الأنماط السلوكية المروعة.
"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا." (سورة الفرقان: 68)
ومن ناحية أخرى، تجد الناس في المجتمع المؤمن يبذلون ما في وسعهم لتحقيق ما هو أفضل، وأشرف، وأجمل، وأصدق. ويخبرنا الله جل وعلا في الآية التالية عن الراشدين:
".... وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ." (سورة الحجرات: 7)
إن الدين هو القوة الوحيدة التي تمنع الإنسان من الانغماس في الآثام والضلالات وتنشر القيم الحسنة في المجتمع. وفي الآية التالية يخبرنا الله بذلك:
"اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ." (سورة العنكبوت: 45)

المقامرة تضر بحياة الإنسان

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/103a.jpg
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/103.jpg
يعتقد بعض الشباب أن طاعة الشيطان سوف تمكنهم من الاستمرار في ممارسة انحرافاتهم معه في جهنم. ومع ذلك، فهم ينسون أن الله يسيطر على جهنم سيطرة كاملة، وأنه جل وعلا سوف يعاقبهم على أفعالهم في جهنم مع الشيطان.
في عصرنا هذا، تفسد المقامرة المجتمعات. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت المقامرة من بين أحد أكثر القطاعات المربحة. ومع ذلك، يمكن أن توجه الأموال الهائلة التي تنفق على متعة محضة، أي على المقامرة، إلى غرض أفضل، أي إلى زيادة رفاهية الشعب.
وتؤثر المقامرة على الناس تأثيرا ضارا للغاية. ذلك أن المجتمع لا يستطيع أن يتحمل تكاليف المقامرة، وهو ما يتضح أيضا من الأخبار المنشورة في الصحف وأجهزة التليفزيون. فسنجد الناس ينتحرون بسبب الدَّين، ولا يستطيعون الحفاظ على تماسكهم الأسري، ويعانون من الإحباط، بل إنهم يرتكبون جرائم القتل، لأنهم يخسرون في بضع ساعات فقط ما جمعوه على مدى سنوات. ويقدم هذا القطاع من الاقتصاد مثالا مهما على الانحلال الأخلاقي، لأنه يقوم على تبديد شمل الأسر، وانهيار الزيجات، وكسب المال خارج إطار القانون.
وكم هو مذهل أن المقامرة، التي تلحق ضررا كبيرا بالمجتمع، يتم الترويج لها بشكل مكثف. ومن المؤكد أن من يجنون المال من المقامرة ويضفون عليه صفة قانونية ليسوا ممن يستمعون إلى صوت الضمير.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/103b.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/103c.jpg
إن عبادة الشيطان هي أحد الشرور التي تظهر أحيانا على السطح. وعندما يلتفت الرأي العام لهذا الموضوع، يعلق كل شخص على الموضوع وفقا لآرائه ويقدم طرقا عديدة لحماية الشباب من هذا التهديد. ومع ذلك، من الواضح أن هذه الحلول لا تتضمن أي حل أصيل وجذري ودائم، وأنه لا توجد سوى طريقة واحدة لحماية الناس من هذا الانحراف، ألا وهي: الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وإدراك دلائل وجوده وقوته، والخوف منه، والعيش وفقا لقيم القرآن، وتعليم الشباب. ولن تساعد أي طريقة أخرى في تخليص الناس من هذا التهديد.
وسنجد أن أولئك الذين يسمحون بانتشار المقامرة على نطاق واسع في المجتمع، وهي التي تعتبر مصدرا لمعاناة الجميع، يعترفون بهذه الرذيلة عندما يبدؤون هم أنفسهم في المعاناة منها. ومع ذلك، إلى أن تنتهي بهم الحال هم أنفسهم إلى هذه النهاية غير المرغوبة، يكونون قد تسببوا في انجراف الكثيرين نحو حياة مظلمة. ولن يتسنى القضاء على مثل هذا السلوك الذي لا ينبع عن ضمير حي إلا من خلال اتباع ما جاء في القرآن الكريم. ويعرِّف المولى عز وجل المقامرة (الميسر) بأنها رجس، وينبه الإنسان إلى ضرورة الابتعاد عنها:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ." (سورة المائدة: 90-91)
ويجب على المؤمنين ذوي الضمائر الحية أن يعملوا على توعية الناس بأضرار المقامرة وأن يدعوهم لتجنب هذه الرذيلة.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ." (سورة المائدة: 90)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:36 AM

الجرائم الناتجة عن الكفر

"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا." (سورة الفرقان: 68)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/104.jpg
إن البعد عن قيم الإسلام يصيب المجتمع بأضرار كثيرة، من بينها انتشار قسوة القلب، والغضب، والعنف. إذ يسهل على الكافرين ارتكاب جريمة القتل عندما يشعرون أن مصالحهم في خطر أو عندما يعجزون عن التحكم في الغضب الذي يشعرون به تجاه شخص آخر.
وهناك أناس كثيرون تدفعهم شرارة من الغيرة أو الغضب إلى طعن شخص آخر حتى الموت بدون أي سبب، أو إلى قتل أحد أفراد الأسرة المقربين أو شخص غريب عنهم. وأضف إلى تلك الصورة، السفاحين والقتلة المأجورين. ولا شك في أن الصحف ونشرات الأخبار التليفزيونية التي تزخر بقصص جرائم القتل تعد مؤشرات على الانحلال الأخلاقي الناتج عن الكفر.
ويُقتل يوميا عشرات الآلاف من الناس حول العالم. فهناك أناس يقتلون سائقي سيارات الأجرة في منتصف الليل من أجل حفنة من المال. وهناك الكثير من القتلة المأجورين الذين يكسبون رزقهم من قتل أناس لا يعرفونهم. ويلجأ هؤلاء الناس في الغالب إلى ذرائع غير منطقية مثل "إذا لم آخذ هذا المال، فسأموت من الجوع". وتحدث كل هذه الأفعال العنيفة نتيجة لحياة لا تعرف أن لوجودها غاية إلهية.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/xxx.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/xx.jpg
Time, 25 March 1996

يسهل على أولئك الذين لا يراعون حدود الله ارتكاب جريمة القتل.
وهناك أناس يقتلون من أجل المتعة فقط، وسفاحون يمتهنون ذبح الأبرياء. كما أن هناك أناسا يقتلون آباءهم وأمهاتهم أو يستأجرون شخصا آخر ليقتلهم لا لشيء إلا لكي يرثوا ثرواتهم. وهناك أيضا من يرتكبون جرائم القتل بدافع الغيرة، وآخرون تدفعهم الرغبة في الانتقام إلى الانتظار لسنوات من أجل الأخذ بثأرهم. وهناك من يقتلون أشخاصا غرباء عنهم تماما لأنهم لا يحبون الطريقة التي ينظرون بها إليهم. وهناك كذلك من يذبحون عائلة بأكملها، بما في ذلك النساء والأطفال، بسبب عداء دموي. وهناك أيضا من يغيرون على رياض الأطفال ويرهبون القلوب الصغيرة. هناك أمثلة كثيرة جدا ولا توجد نهاية للأخبار السيئة التي تنشر في الصحف كل يوم.
إن أحد الأسباب في حدوث كل ما سبق يتجسد في تجاهل الآية المذكورة أدناه:
"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا." (سورة الفرقان: 68)
وكما جاء في الآية المذكورة أعلاه، يتوعد الله سبحانه وتعالى أولئك الذين يقتلون نفسا بدون حق بعذاب أليم. ويخبرنا المولى عز وجل أن قتل نفس واحدة يعادل في إثمه قتل كل الناس. ومع ذلك، ففي عصرنا هذا أصبح الناس كثيرا ما يرتكبون جريمة القتل لأنهم لا يمتثلون لما جاء في هذه الآيات ولأن قلوبهم لا تخشى الله جل وعلا. وبما أن هؤلاء الناس لا يؤمنون باليوم الآخر ويتظاهرون بجهلهم بحقيقة أنهم سيُسألون عن مثل هذا العنف في ذلك اليوم، فإنه يسهل عليهم التصرف بمثل هذه القسوة. ومع ذلك، فإن من المستبعد ألا يتمكن شخص يراعي حدود الله من السيطرة على غضبه فيؤذي شخصا آخر. ويمكن أن يهرب الناس من العدالة في هذا العالم ولكن بعد الموت يستحيل أن يحدث ذلك في وجود الله. وعندئذ لن يستطيع المرء أن يهرب من العذاب الأبدي. ويلفت الله انتباهنا إلى هذا الموضوع في الآية التالية:
"إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ." (سورة آل عمران: 21)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:37 AM

أولئك الذين انحرفوا عن طريق الدين القويم ينشئون ذرية قاسية القلب


http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/108.jpg
إن هؤلاء الأطفال، الذين يتأثرون تأثرا كبيرا بالأفلام، هم نتيجة حتمية للمجتمعات الكافرة.
لقد احتلت جرائم القتل في الفترة الأخيرة مكانة بارزة في أجندة العالم بسبب بعد آخر محزن ألا وهو العنف المتبادل بين الأطفال. فمن خلال حوادث إطلاق النار التي وقعت مؤخرا في المدارس على يد أطفال، تبينت بوضوح شديد سرعة تأثر الأطفال بالعنف. ذلك أن عقولهم وقلوبهم النقية قد تشبعت بالبرامج والأفلام التليفزيونية المليئة بمشاهد عنف غير مسبوقة، لا سيما أن مشاهد القتل، التي تسيطر على بعض الأفلام، تعرض كثيرا من الأطفال للخطر وتظهر الجانب المظلم من الكفر.
إن ما يدفع الشباب فعليا إلى مثل هذه الكآبة ويجعلهم يميلون للقسوة هو وجود أناس حادوا عن طريق الدين المستقيم. ذلك أن هؤلاء الناس لا يخافون الله، وعلاوة على ذلك، فهم ينشئون ذرية قاسية لا تخاف الله. إذ يغرسون في أطفالهم الضلال بدلا من الرحمة، والتعاطف، والعدالة، والحكمة، وباختصار فهم يزرعون فيهم قيم الكفر. ويوضح دعاء نبي الله نوح، عليه السلام، المذكور في القرآن الكريم أن كل الكافرين يتصرفون بقسوة:
"وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا. رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا." (سورة نوح: 26-28)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/108a.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/108b.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/108c.jpg
هذا الطفل الذي يبدو في قمة البراءة، ارتكب مذبحة مروعة على الرغم من حداثة سنه. وكل الآلام التي يعاني منها هؤلاء الناس الظاهرين في الصورة ادناه سببها هذا الطفل. إن النهاية قريبة بالنسبة لأي مجتمع لا يزود أطفاله بالقيم. لقد أصبح الارتفاع الكبير في أعداد الأطفال القتلة مأساة إنسانية من كل النواحي.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:39 AM

الحروب في جميع أنحاء العالم

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ." (سورة البقرة: 208)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/1936o.jpgلقد كان القرن العشرون قرن الحروب، والإبادات الجماعية، والصراعات. فقد أريقت فيه الدماء بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم. وخلال سنواته، رأينا بأم أعيننا صورا لملايين الناس الذين لقوا حتفهم. وفي ذلك القرن أيضا، أجبر عشرات الملايين على ترك منازلهم، أو فقدوا أحباءهم، أو انتهى بهم الحال مشوهين أو مصابين أو معاقين. كما تأسست دول جديدة وانهارت دول أخرى كثيرة، وكانت لذلك آثار مهمة للغاية على تاريخ العالم. وشهد ذلك القرن حربين عالميتين امتدت أبعادهما لتشمل العالم على نحو لم يسبق له مثيل في القرون السابقة. ففي الماضي، لم تكن هناك سوى بضعة بلدان تخوض الحروب وعدد محدود من الخطوط الأمامية التي كانت مسرحا لتلك الكوارث. ومع ذلك، فأثناء الحرب العالمية الأولى وحدها، لقي تسعة ملايين شخص مصرعهم وجرح أكثر من عشرين مليونًا آخرين، أما في الحرب العالمية الثانية، فقد لقي ما لا يقل عن خمسة وخمسين مليون شخص مصرعهم.
والحقيقة هي أن أكثر الضحايا معاناة من تلك الحروب لم يكونوا المقاتلين بل كانوا ملايين المدنيين الذين أصيبوا في أثناء تبادل إطلاق النار، بالإضافة إلى النساء، والأطفال، والشيوخ الذين ذبحوا. وألِف الناس في القرن العشرين مصطلح الإبادة الجماعية. وابتليت مناطق مثل فيتنام، وفلسطين، وكشمير، ورواندا، والبوسنة، والشيشان بصراعات خلّفت كل منها حصيلة من الأموات. وعُذب عشرات الآلاف من الناس وعاشوا بقية حياتهم مبعدين عن أوطانهم.
وفي القرآن الكريم، يحكي لنا الله جل جلاله كيف أن فترة حكم فرعون مصر كانت شبيهة بهذا العصر. ذلك أن المذابح الوحشية، التي حدثت في عصر فرعون، كانت دائما موجهة نحو الفقراء، والمعدمين، والعزل. ويحكي لنا الله في الآيات التالية كيف عذب فرعون شعبه:
"إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ." (سورة القصص: 4)
"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ. وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ." (سورة إبراهيم: 6-7)

وفي عصرنا الحالي، تبين التغطية الإعلامية لهذه المذابح الجماعية كيف حاد مرتكبوها عن المبادئ الإنسانية. وبما أن هؤلاء الناس مجردون تماما من أي نوع من أنواع الحس الخلقي والمشاعر الإنسانية، فإنهم لا يدركون في العادة ما يسعون لتحقيقه. وينطبق الشيء ذاته على الحروب. ذلك أن المسؤولين عن التخطيط للحروب وزرع بذور الحرب في المجتمعات يفعلون ذلك أملا في تحقيق مصالح معينة. ومع ذلك، ستجد في أغلب الأحيان أن كثيرا ممن يشتركون في الحرب ليست لديهم أي فكرة عما يحاربون من أجله.
إن السبب الفعلي في قسوة قلوب الناس، إلى الحد الذي يدفعهم إلى ارتكاب جرائم القتل أو المذابح الجماعية، يعود إلى العقلية التي استقوها من قادتهم. ففي نظام يُعامَل فيه الإنسان مثل الحيوان، ويصطبغ فيه التعذيب والعنف بصبغة منطقية، تكون القيم بلا مغزى. وإذا نظرنا للأمر من وجهة النظر هذه، فستتضح نقاط التشابه بين القادة وجبابرة الأرض الذين يشكلون القوى الدافعة للعنف في عصرنا، وبين فرعون وجنوده الذين روى لنا القرآن الكريم عنهم:
"وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ. وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ." (سورة القصص: 41-42)
جذور العنف

عندما ندقق عن كثب في الأسباب التي تدفع الإنسان إلى ذبح أخيه الإنسان دون أن يعتريه أي شعور بالذنب، يبرز أمامنا الفكر المادي الذي كان له أثر كبير على الحياة الفلسفية في القرنين التاسع عشر والعشرين. إذ تؤكد الفلسفة المادية على أنه لا وجود لغير المادة، وأن المادة سرمدية. وبما أن هذه الفلسفة تنطلق من هذه الفرضية، فهي تنكر وجود الله سبحانه وتعالى وجميع القيم المتصلة بالحياة الروحية والخلق الحسن كذلك. ومرة أخرى، يرى هذا المنطق الفاسد أن الإنسان وجد ليبقى، وأنه غير مسؤول أمام أي أحد عن أي شيء. لذا، يقول الماديون إن الإنسان يجب ألا يسعى إلا لتحقيق مصالحه الشخصية.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/113.jpg
النظرية الداروينية هي أساس الكثير من الأعمال الوحشية المنتشرة في العالم الحديث.
وتمثل نظرية التطور التي يؤيدها الفلاسفة الماديون الركن الأساسي الذي استند إليه هذا الفهم المنحرف. وعندما قدمت نظرية التطور لأول مرة، كانت تدعم وجهة النظر المادية، وبالتالي وضعت هذه النظرية أساسا للتفكير الوحشي الكامن وراء جرائم القتل والمذابح الجماعية. وفي إطار فكرة "البقاء للأصلح"، اقترح داروين أن الضعيف سيفنى دائما في حين أن القوي سيبقى. وأصبحت الفكرة المعروفة باسم "الداروينية الاجتماعية" هي المعتقد الأساسي للآراء العنصرية التي هيمنت على الفكر الرأسمالي في القرن التاسع عشر. ووفقا لهذا الرأي، تم تعريف الضعفاء، والمعدمين، والمعاقين بل وحتى أجناس كاملة من البشر بوصفهم كائنات ضعيفة عاجزة عن التطور وبالتالي ينبغي عليها أن تخدم مصالح "الأصلح".
ولا يولي الاتجاه المادي أي أهمية لحياة الإنسان، وعلى وجه الخصوص، فإنه لا يوجد ما يعوق إبادة الضعفاء. وتفسر هذه الاستهانة بحياة الإنسان السبب الكامن وراء قتل الناس من أجل فدان من الأرض فقط، أو من أجل طموحات شخصية، أو من أجل اكتساب بعض الموارد الطبيعية. وإذ ينسب أولئك الذين ينكرون الروح صفة المطلق إلى المادة، فإنهم يميلون إلى ارتكاب كل أنواع الآثام والحماقات كما أنهم يدفعون غيرهم إلى هذه القسوة. ومع ذلك، يولي القرآن أهمية بالغة لحياة الإنسان. فقد جاء في القرآن الكريم أن من قتل نفسا واحدة فكأنما قتل الناس جميعا:
"مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ." (سورة المائدة: 32)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/asker.jpg
يزخر تاريخ العالم بأناس فقدوا أرواحهم في حروب قامت من أجل فدان من الأرض أو أيديولوجية.
وكما جاء في الآية المذكورة أعلاه، ففي مجتمع يتبع أفراده أوامر الله، لن تتيح الظروف إزهاق أرواح الناس وإبعادهم عن أوطانهم. لأن الناس في ذلك المجتمع لا يتعرضون للتعذيب، أو السجن، أو سوء المعاملة. وكما ذكرنا سابقا، يأمر القرآن الناس بالمعاملة العادلة الكريمة وينهاهم عن العنف، والقسوة، والطمع، وتخطي الحدود. وقبل أن نشجب العنف والظلم على الأرض، علينا أن نتحمل مسؤولية إبلاغ الناس بوجود الله، ويوم القيامة، وقيم القرآن الكريم والسنة. وعلى أولئك الذين يمتنعون عن أداء هذا الواجب ويتجاهلونه ببساطة أن يخافوا من عقاب الله لأن هذه الدنيا دار اختبار للإنسان:
"وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ. ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ." (سورة يونس: 13-14) أسباب الحرب

لن نكتشف الخلفيات غير المنطقية التي تؤدي إلى نشوب الحروب إلا من خلال تحليل أسبابها. ولا يوجد ضمن أسباب الحرب ما يبرر خسارة آلاف الأرواح وإصابة أعداد هائلة من البشر. ويتمثل السبب الرئيسي في جعل الحروب هي مصدر الألم الدائم للإنسانية والدمار التام للاقتصادات الوطنية في أولئك الذين يختارون إلحاق الأذى بالآخرين وينتهكون حقوقهم. وأفضل وصف لهذا الخُلق هو القسوة والأنانية. وبما أن هؤلاء الناس مجردون تماما من كل الصفات الإنسانية مثل التعاطف، والرحمة، والقدرة على التعاون، فهم لا يسعون إلا لإرضاء مطامعهم الشخصية ويتوقون بشدة لإشباع تطلعاتهم القيادية. ويصف القرآن الكريم هذا الخُلق على النحو التالي:
"وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ." (سـورة البقرة: 205-206)
"وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ." (سورة فصلت: 34)

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/aglayan.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/116.jpg
في المجتمع الذي يتبع فيه الناس أحكام القرآن والسنة، لا يُسمح أبدا بإراقة الدماء بدون حق، خاصة حينما يتعلق الأمر بالأبرياء والشباب. وإذا كانت الرغبة في السلام والسلوك القويم هما اللذان يحكمان العلاقات البشرية، فستكون النتائج مرضية.
وفي أغلب الأحيان يصبح انتهاك بلد لحقوق بلد آخر سببا يدفع البلد المعتدى عليه إلى شن حرب على البلد المعتدي. وجدير بالذكر أن الحرب التي تعلن من أجل فدان من الأرض عادة ما تشكل القوة الدافعة التي يتعذر إيقافها والتي تقود كل البلدان المتحاربة إلى طريق الدمار. وأثناء الحروب التي تستمر لسنوات، تخصص كل البلدان المشتركة في الحرب استثمارات ضخمة للتسلح، إلى الحد الذي تستنفد فيه كل ثرواتها المادية. وفي غضون ذلك، يتبين أن الموازنات المخصصة أصلا من أجل التعليم والصحة لا تكفي لتحقيق الصالح العام للمجتمع. وتتسبب بعض مجموعات الضغط الحيوية ومصالح الشركات ذات النفوذ في نشوب تلك النزاعات. وفي غضون ذلك، نجد أن الشعب دائما هو الذي يقاسي من تبعات الحرب الأليمة. ومع ذلك، تكون النتيجة دائما دمارا كليا لكلا طرفي الحرب، لأن أولئك الذين يتورطون في ثورات العصيان يواجهون دائما المتاعب في هذه الدنيا ولا ينجحون أبدا في عيش حياة مريحة. وفي القرآن الكريم، يتوعد الله الظالمين بالعذاب:
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...orfeztempo.jpg
ليس الجنود وحدهم هم الذين يعانون من تبعات الحرب. فبالإضافة إلى فقد الأرواح والممتلكات، تلحق الحروب أضرارا نفسية خطيرة بالمدنيين.
"إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ." (سورة الشورى: 42)
وتمثل الموارد الجوفية والطبيعية، والمناجم، ومصادر المياه عوامل أخرى تدفع البلدان لشن الحروب. وتنشأ الصراعات في أغلب الأحيان عندما تبدأ البلدان المحرومة من هذه الموارد بتهديد جيرانها كي تقتسم معها مواردها. ويمكن حل هذه المشكلات باستخدام التكنولوجيا المتقدمة والتخطيط الملائم. إلا أنه بما أن الحال كذلك، فإن بعض البلدان تكرس كل قوتها لممارسة نفوذها وسيطرتها عن طريق الحروب والنزاعات، ولا ترى خطأ في تخريب البلدان الأخرى من خلال قصف قنوات الري بالقنابل، على سبيل المثال، أو اللجوء إلى أي شكل آخر من أشكال العنف. وفي غضون ذلك، لا تهتم تلك البلدان القوية حقا بموت النساء والأطفال الأبرياء – أي "بالأضرار المصاحبة".

ميارى 8 - 6 - 2010 02:41 AM

عواقب عدم اتباع أحكام القرآن في الحياة

لقد ذكر الله جل جلاله في سورة النساء أن كل مؤمن مسؤول عن مساعدة المستضعفين:
"وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا."؟ (سورة النساء: 75)
إن ما يتوجب فعله في هذه المرحلة هو دعوة الناس إلى خشية الله وتذكيرهم بأن كل إنسان سوف يُسأل عن أعماله يوم القيامة. وستبوء كل المحاولات الأخرى لمعالجة تلك المشكلة بالفشل، لأن الإنسان الذي يخاف الله سبحانه وتعالى هو وحده الذي يتجنب الظلم ولا يستخدم العنف ضد الآخرين. ذلك أن الخوف من الله هو وحده القادر على أن يمنع الإنسان من ارتكاب الآثام؛ لأن الإنسان يستغل كل فرصة تسنح له كي يعود إلى سلوكياته غير المرغوب فيها. ولن "يرجع" إلى الحياة الشريفة سوى أولئك الذين يدركون رفعة شأن القرآن، لأنهم يتبعون أحكامه ويدعون غيرهم لفعل ذلك أيضا. ومن ثم، يجب على كل مسلم جاد أن يبلغ الدين للناس. ويجب على المؤمنين أن يخبروا كل الناس بما يهبه الدين للإنسان من بركة، ومتعة، وإحساس بالأمان والثقة. ومن ثم، لن يظل هناك سبب لاستمرار هذه الحروب، لأن كل النزاعات سوف تتم تسويتها سلميا. ومع ذلك، يجب التأكيد أيضا على أن هذا السلام لا يمكن بلوغه إذا اقتصر الامتثال لأحكام القرآن الكريم على بعض الناس فقط. ذلك أن السلام الدائم حول العالم لن يتحقق إلا إذا اتبع الناس عموما قيم القرآن والسنة. وإذا لم يحدث ذلك، لن تستفيد سوى مناطق معينة من المتعة التي يمنحها القرآن للمؤمن وسيظل الآخرون يعيشون في كآبة، ويعانون من الاضطهاد، ويقاسون بشدة من الفقر والعنف.
نداء من البلدان التي تحتاج إلى مساعدة

يرى المؤمنون بالله، الذين يتبعون أحكام القرآن الكريم والسنة في كل لحظة من لحظات حياتهم، أن كل حادثة تقع تحمل في جوهرها دلالات وغايات كثيرة. ذلك أن الله يقدر كل حادثة لغاية يختبر بها موقف الإنسان وسلوكياته. وتقع على عاتق كل مؤمن مسؤوليات يمكن إيجاز أهمها فيما يلي: أن يشهد بوجود الله جل جلاله ووحدانيته، وأن يأمر بالمعروف وأن ينهي عن المنكر، وأن يقاوم بالحجة الذكية كل حركة تقوم على إنكار وجود الله. وإذا تم تبليغ الدين بدقة للناس، فسوف تظهر مجتمعات ذات ضمير حي تخشى الله بعمق. وحينئذ، سوف تظهر حلول تلقائية لكل المشكلات التي ترجع جذورها إلى عدم الامتثال لأحكام الدين. ويذكرنا الله عز وجل في الآية التالية بالمسؤوليات التي يجب على المؤمنين أن يحملوها على عاتقهم:
"وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ." (سورة البقرة: 193)
وكما ذكرنا سابقا، يجب أن تعطى الأولوية في عصرنا الحالي للمقاومة الفكرية ضد الفلسفة المادية التي ترفض الدين صراحة. ولا شك في أن هذه المقاومة سوف تتم في إطار السلام والتفاهم الذي وصفه المولى عز وجل في كتابه الحكيم. وما إن يتم تدمير الأسس الأيديولوجية والفلسفات الضمنية، سوف تنهار كل الأيديولوجيات المستندة إليها، الواحدة تلو الأخرى. ويخبرنا الله جل وعلا في القرآن الكريم أنه ما إن يظهر الحق حتى يزهق الباطل:
"بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ." (سورة الأنبياء: 18)

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/119.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/119a.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/119b.jpg
إن أولئك الذين يتبعون قيم القرآن في كل لحظة من لحظات حياتهم، لا يمكن أن يهملوا الاستجابة لنداء البائسين.
ولهذا السبب، يجب علينا أن نبلغ الدين لكل من يبتعد عن قيم القرآن. ولنفس السبب، يجب أن نشجع الإنسانية جمعاء على نبذ العالم المظلم الذي يجلبه الكفر. وفي الصفحات التالية، سنخصص مساحة كبيرة لبعض البلدان المضطربة التي ابتليت بالنزاعات. ومع ذلك، فإن الاهتمام الموجه إلى هذه البلدان لا يخدم الأغراض التثقيفية فحسب، لأن هناك آلاف الكتب وعشرات الآلاف من التقارير المتاحة لهذا الغرض. بل تتجه النية في هذا الكتاب إلى تشجيع أصحاب الضمائر الحية على مساعدة المضطهدين الذين ينتظرون هذه الحلول بفارغ الصبر. ومن المهم أن نذكِّر المؤمنين بهذا الواجب الجليل، وأن نجعلهم يتأملون في النزاعات التي تدمر البلدان، والمحن التي يواجهها الرجال، والنساء، والأطفال المضطهدون. وينبغي ألا يعتقد أحد أنه في منأى عن هذه النزاعات، التي تدمر الكثير من البلدان، وأنه بالتالي لا يستطيع أن يفعل شيئا للتغلب عليها.
ومن الواضح أن جمعيات حقوق الإنسان ومنظمات التنمية التي تقدم خدماتها تحت ستار توفير الحماية والمعونة لا تقدم أي حلول واقعية على الإطلاق. ذلك أن هذه المنظمات، التي تستهلك أموالا طائلة وتوظف أعدادا كبيرة من الموظفين، لم تظهر حتى الآن أداء ملائما ولم تقدم العون إلا لعدد محدود جدا من الناس. ويجب أن يدرك الناس أنه بالنسبة لأولئك المضطهدين في كوسوفا، أو البوسنة، أو كشمير، أو فلسطين اليوم، الذين ينتظرون "المخلص" بفارغ الصبر، لا يوجد سوى حل واحد هو: الالتزام بأحكام القرآن في حياتنا.
الشيشان

إن الحرب الروسية الشيشانية الدائرة هي إرث من تركة القرن العشرين يحتل مكانة في أجندة العالم اليوم. وتزداد خطورة الموقف في هذا الجزء من العالم نتيجة الاعتداءات الروسية على الشيشان، التي يقتل فيها غالبا النساء والأطفال المدنيون. إذ تتجلى أمام أعين العالم صور القنابل التي تسقط على الأسواق، دون أن تعطي أي فرصة لنجاة النساء والأطفال الشيشانيين المستضعفين والمدنيين العزل. وفي عملية قصف واحدة فقط استهدفت مستشفى للولادة، لقي خمسة عشر رضيعا حتفهم. وتتضح الأبعاد المذهلة للعنف من خلال تصرفات القادة الروس الذين يأمرون الجنود بإطلاق النار على المدنيين الذين يتركون قراهم بحثا عن ملجأ في البلدان المجاورة.
ويروي لنا القرآن الكريم قصة مذبحة مشابهة في التاريخ، وهي المذبحة التي ارتكبها فرعون ضد شعبه:
"وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ." (سورة البقرة: 49).
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/122.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/122a.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/122b.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/122c.jpg
يشاهد العالم بأكمله الفظائع الدائرة في الشيشان. ومع ذلك، لم تقم سوى قلة من أصحاب الضمائر الحية بمد يد العون، التي ثبت في كثير من الأحيان أنها غير ذات نفع نظرا لقلة الموارد المتاحة.
ويؤكد القرآن الكريم أن المستضعفين ظلوا، على مدار التاريخ، عرضة للأعمال الوحشية التي يمارسها أصحاب الخلق الفرعوني. وإذا استعرضنا بإيجاز تاريخ الشيشان، الذي يتعرض سكانه للتهديد، فسوف يساعدنا ذلك على تكوين فهم أفضل للعنف السائد في البلاد.
ففي عام 1918، كانت القوقاز، بما فيها الشيشان، تحت حكم روسيا السوفييتية. وفي ذلك الحين، كانت موسكو الشيوعية تسيطر على أراض واسعة تقطنها مجموعات عرقية يفصلها عن بعضها البعض ترسيم حدودي مصطنع. وقد ازدادت حدة هذا الفصل العرقي نتيجة عمليات الترحيل الإجبارية. وأثناء الحرب العالمية الثانية، كان النظام الشيوعي ينفذ عمليات في منتصف الليل يجبر فيها سكان القوقاز على أن يرحلوا على متن قطارات متجهة إلى سيبيريا والشرق الأوسط. ولم يتمكن آلاف الناس من الوصول إلى وجهتهم أحياء، وبناء على أمر صادر من النظام الشيوعي، تم توطين مجموعات عرقية أخرى في الأراضي التي رحل عنها سكانها. وعندما عاد القوقازيون إلى أوطانهم بعد بضع سنوات وجدوا أناسا آخرين يعيشون في منازلهم. ولا شك في أن سياسة "فرِّق تسُدْ" التي استخدمتها موسكو في ذلك الوقت أدت إلى تفاقم التوترات العرقية التي نعاني منها اليوم.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/122e.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/122d.jpg وقد أزاح انهيار الاتحاد السوفييتي النقاب عن الطموحات القومية والمنافسات العرقية التي دفعت عددا من المجموعات العرقية الموجودة داخل حدود أراضي الاتحاد السوفييتي السابق إلى إعلان استقلالها. كما سعت مجموعات عرقية أخرى للاستقلال الاقتصادي مع البقاء تحت سيطرة الاتحاد الروسي. وهكذا، بدأ سكان الشيشان البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة، الذين عانوا طويلا من الضغط الروسي القاسي، رحلة كافحوا فيها تحت قيادة زوكار دوداييف كي ينالوا الاستقلال.
وفي عام 1996، انتهت الحرب الروسية – الشيشانية التي دامت 18 شهرا وأعلن الشيشانيون استقلالهم عند انسحاب القوات الروسية. وفي عام 1997، وقعت موسكو وجروزني رسميا اتفاقية سلام أنهت الحرب ومنحت الشيشان استقلالا فعليا. ومع ذلك، سمحت اتفاقية سابقة لروسيا بتأجيل تحديد الوضع النهائي للأراضي الشيشانية حتى عام 2001.
وحذت جمهوريات أخرى حذو الشعب الشيشاني الذي كافح من أجل الاستقلال. وفي عام 1998، اجتمع مجلس شعوب شمال القوقاز في عاصمة الشيشان، جروزني. وفي ذلك الاجتماع، اتفقت شعوب شمال القوقاز على ألا تحارب بعضها البعض. فنتج عن القرارات المتخذة في هذا الاجتماع نشوب النزاعات التي حدثت عام 1999، عندما شنت القوات الروسية حملة قصف بالقنابل استهدفت قرى عديدة في داغستان يقطنها 1500 شخص. وعندما استنجدت تلك القرى بالشعب الشيشاني، لبى نداء الاستغاثة في صيف عام 1999 محارب شيشاني محنك يدعى شامل بساييف. ونتج عن القصف الروسي العنيف تدمير القرى الداغستانية تدميرا كاملا لم ينج منه سوى شخصين. ونتيجة لهذه العملية انساق الشيشان إلى حرب جديدة مع روسيا.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/123.jpg
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/123a.jpg
Crescent International, May 16-31, 2000

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/123b.jpg

Crescent International, April 16-30, 2001

وجدير بالذكر أن داغستان جارة للشيشان، وأن غالبية سكانها من المسلمين (80%). ويرجع السبب الرئيسي الذي جعل الداغستانيين يستنجدون بالشيشانيين لمواجهة الاتحاد الروسي إلى النجاح الكبير الذي حققه الشيشانيون ضد الروس عام 1996.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/124.jpg
في رسالة بعث بها إلى البابا يوحنا الثاني، كتب الرئيس الشيشاني أصلان مسخادوف أن 3265 مدنيا قتلوا وأصيب 5000 آخرين في هجوم جوي شنته القوات المسلحة الروسية بدأ في الخامس من أيلول/ سبتمبر واستمر لمدة شهر.
وهناك أسباب كثيرة تكمن وراء الهجوم الروسي الضاري على الشيشان. ومع ذلك، مهما كانت مبررات نشوب الحرب، فإن النساء، والأطفال، والفقراء هم دائما أكثر الفئات معاناة من ويلات الحرب. فهم دائما الذين يضطرون للكفاح من أجل الصمود في مواجهة الفقر، والمجاعة، والأوبئة. ولطالما تمثل الطموح الروسي الأساسي في الشيشان في إجبار مواطنيه على الهجرة من وطنهم، حتى يمتصهم ويفتح الأراضي الشيشانية أمام أشخاص من أصول عرقية أخرى. ولتحقيق هذا الغرض، تمت الموافقة على مذبحة جماعية قتل فيها آلاف الأبرياء، والعزل، والمستضعفين، وفضلا عن ذلك، ظل العالم بأسره غير مبال بهذا الفعل الوحشي الذي حدث أمام ناظريْه.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/124c.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/124d.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/124b.jpg


ميارى 8 - 6 - 2010 02:42 AM

شعب كشمير بلا حماية

كشمير هي منطقة مضطربة يحتدم فيها العنف باستمرار بسبب الحرب الدائرة بين الهند وباكستان. ومن الناحية التاريخية، ظلت كشمير منطقة يقاسي فيها المدنيون الأبرياء من خسائر ضخمة. وبعد جلاء بريطانيا عن الهند، التي ظلت تحت الحكم البريطاني لمدة طويلة، أسس المسلمون الهنود دولة إسلامية مستقلة تدعى باكستان. وقد جرى تبادل السكان بين باكستان والهند وهاجر الكثير من المسلمين الذين يعيشون داخل الحدود الهندية إلى باكستان. ومع ذلك، بقيت جامو وكشمير، وهي منطقة مليئة بالسكان المسلمين، تحت الحكم الهندي من خلال الجهود التي بذلتها نيودلهي ودعمتها إنجلترا. ومنذ تلك الأيام وحتى الوقت الحاضر، لم تقِل قط حدة التوتر السائد في كشمير. وجدير بالذكر أن الكشميريين لا يسعون للاستقلال بل يتمنون فقط الانضمام لباكستان. ومع ذلك، فقد بلغ الضغط الذي يمارسه الهنود على المسلمين الكشميريين حد استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
كان المسلمون الكشميريون قد قاموا من قبل بمقاومة الإدارة الهندية طالبين بالاستقلال لذا فقد وقعت ثلاث مذابح كبيرة في اعوام 1947، و1965، و1971، مما تسبب في مقتل آلاف المسلمين الكشميريين. وكانت طبيعة عمليات القتل مروعة؛ إذ لم يُستثنَ منها الشيوخ، والمرضى، والأطفال الصغار، والرضع، كما اغتصبت النساء أيضا. وما زالت سياسة المذابح والتطهير العرقي وسياسة الاذابة مستمرة حتى اليوم. وبناء على ما تنقله المنظمات الدولية من كشمير، فقد لقي مئات الأشخاص مصرعهم نتيجة التعذيب وأصبح الآلاف مقعدين. كما أشعل الهنود النيران في المنازل، وأغلقوا الصحف والمدارس التي تتبع منهجا إسلاميا. ولكن الألم لم ينته بعد؛ إذ يعيش حاليا الكثير من الناس في ظروف صعبة للغاية داخل ملاجئ أشبه بالكهوف.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/128a.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/128.jpg
لسنوات طويلة، أبدى المسلمون الهنود في كشمير الصبر في مواجهة العنف. والسبيل الوحيدة لإيقاف هذا التعذيب هي العيش وفقا لأحكام القرآن الكريم.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/128c.jpg
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/128b.jpg
ويعتقد الكثيرون أنه لا يوجد ما يربطهم بهؤلاء الناس الذين يعيشون في أماكن نائية من العالم، على بعد مئات بل آلاف الأميال منهم. ومع ذلك، فإن طريقة التفكير هذه غير إنسانية وبعيدة كل البعد عن المنهج القرآني. وكما ذكرنا آنفا، تتمثل مسؤولية المؤمن في إبلاغ الدين للجميع، سواء كانوا من أفراد العائلة المقربين أو كانوا يعيشون في جزء مختلف من العالم. وفيما يلي سطور مقتبسة من تقرير أعده صحفي زار مخيمًا للاجئين في كشمير. وهذا الوصف في حد ذاته كفيل بأن يحرك ضمير الإنسان، لأنه يوضح الأوضاع الخطيرة في المخيم:
"أسس مخيم اللاجئين في أمبور عام 1990 لاستيعاب الكشميريين الذين فروا من جامو وكشمير. إن الأوضاع المعيشية هنا بائسة للغاية، إذ يتكدس الناس في أكواخ طينية صغيرة. وعندما دخلنا أحد الأكواخ المكونة من غرفة واحدة، لم يكن هناك سوى سرير واحد. وسألنا كم عدد الأشخاص الذين يعيشون في هذه الغرفة، فكانت الإجابة "9". ويستوعب المخيم 214 عائلة، يبلغ إجمالي أفرادها 1110 أشخاص. ولا شك في أن رؤية الكوخ الطيني كفيلة برسم صورة دقيقة للحياة الكئيبة في المخيم. وتتكون هذه الأكواخ عادة من غرفتين... وبضع أوانٍ فخارية قديمة، وسرير أو سريرين، إذا جاز للمرء أن يسميه سريرا. وفي أحد أركان الكوخ جثت أم على الأرض تحمل طفلها الرضيع بين يديها، وعلى النار قِدر تغلي تشعلها بضعة أغصان جافة. ولكني لم أر في الكوخ شيئا يمكن أن يؤكل! ولم تواتني الشجاعة كي أفتح القدر لأرى ما إذا كانت تحتوي على شيء بداخلها. وقد لاحظت في الخيام العديدة التي رأيتها أنه لا يوجد طعام ولا يوجد أي شيء يمكن النوم عليه! وفي إحدى هذه الخيام، كانت هناك ملاءة قديمة مفروشة في الوسط، يبدو أنها كانت تستخدم كسرير. وعندما سألت: "كم عدد الأشخاص الذين يعيشون في هذه الخيمة؟" كانت الإجابة: "11 شخصا"..... ومع ذلك لم يكن بالخارج سوى قِدر معدنية تغلي! "

ميارى 8 - 6 - 2010 02:43 AM

التطهير العرقي في كوسوفا

بقيت كوسوفا، المنطقة التي تعيش فيها أغلبية مسلمة، تحت الحكم العثماني حتى نشوب حرب البلقان عام 1912. وما زال سكان كوسوفا مسلمين حتى اليوم، وهم يشكلون إرثا من الإمبراطورية العثمانية. وفتح انتهاء الحرب الباردة الباب أمام عصر جديد في العالم اتسم بحدوث تغييرات جذرية في الحدود والأنظمة، لا سيما في منطقة البلقان. وظل الجيل المستمسك بالإرث العثماني محورا لهذا التغيير، لأن ما يحدث اليوم في البوسنة وكوسوفا هو نتيجة لهذا التطور التاريخي. إذ إن الدول الجديدة التي ظهرت بعد الحربين العالميتين لم تستطع أن تسد الفجوة التي حدثت بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، التي كانت بمثابة "عامل موازنة" في الأراضي التي كانت تحكمها. وتعتبر النزاعات التي تحدث في المنطقة اليوم نتائج لهذه الفجوة.
إن 90% من سكان كوسوفا - البالغ عددهم مليونَي نسمة - من الألبان المسلمين. وتشكل أراضي الإقليم 12% فقط من مساحة صربيا. وفي عام 1989، ارتكبت قوات الشرطة، المكونة بالكامل من السلوفانيين، أعمالا قمعية. وفي غضون ذلك، منع الصرب تدريس اللغة الألبانية في المناهج المدرسية. ومنذ الثامن والعشرين من شباط/ فبراير وحتى يومنا هذا (أي حتى كتابة هذا الكتاب في تشرين اول /1999) ، ما زال الصرب يمارسون العنف ضد أهل كوسوفا.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/131.jpg
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/131a.jpg
هذه عائلة واحدة فقط من بين ثلاثمائة ألف عائلة فرت من كوسوفا بعد بدء عمليات حلف الناتو في الرابع والعشرين من آذار/ مارس 1999. تمتد صفوف اللاجئين الجوعى لأميال. وعلى الرغم من ذلك فهم يعتبرون أنفسهم أفضل حالا من الذين ظلوا في كوسوفا ليصبحوا ضحايا للعنف والاغتصاب, أو من الذين لم تكتب لهم النجاة نتيجة ظروف الشتاء القاسي فماتوا في الطريق.


لم يُسمح لعشرة آلاف لاجئ أن يتابعوا سيرهم إلى وجهتهم المتمثلة في بوابة مورينا الحدودية على الحدود الألبانية – اليوغسلافية. فقد أُخذوا وحُبسوا في مبان استراتيجية، تعتبر كلها أهدافا محتملة للقصف. وقد أبلغت السفارة الألبانية في روما عن فقدان خمسة وعشرين ألف لاجئ كوسوفي. وقالت القوات الأوروبية التابعة لحلف الناتو (شيب SHAPE ) إن الحرب في كوسوفا نتج عنها 960.000 ألف لاجئ. واستنادا إلى المعلومات الواردة من جيش تحرير كوسوفا، فقد ذكر وزير الخارجية البريطاني أن أكثر من 400.000 مدني ألباني لجأوا إلى المناطق الجبلية في كوسوفا، تتهددهم المجاعة والموت باستمرار. ووفقا لمصادر مسؤولة في جيش تحرير كوسوفا، فقد أطلق الصرب نيرانًا كثيفة على 40.000 مدني ألباني، كانوا ينشدون الحماية في المنحدرات السفلية من جبل بِيريشا.
بعد الحرب العالمية الثانية، ارتكبت صربيا أكبر إبادة جماعية على الإطلاق في تاريخ أوروبا. وكانت النية الأساسية تتجه إلى إبادة الألبان المسلمين في كوسوفا، الذين يشكلون 90% من إجمالي السكان، وتحويل كوسوفا إلى أرض صربية. واصل الصرب سياستهم ضد المسلمين فقتلوا، ونهبوا، واغتصبوا، ودمروا المنازل والقرى، وأبعدوا الألبان المسلمين. وبدأ النظام الصربي ينفذ حملة شعواء لزرع مستوطنين صرب في كل مكان ممكن بكوسوفا في محاولة واضحة لتمزيق النسيج الأساسي للحياة الألبانية هناك. وكانت النية تتجه إلى تغيير الهيكل الديموغرافي لصالح الصرب. وكما قال أحد متحدثي حلف الناتو، لكي يمحو الصرب كل شيء له علاقة بالهوية الثقافية للمسلمين في كوسوفا، لم تسلم حتى وثائق الزواج وسندات تسجيل الملكية من التغيير.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/132.jpg
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/132f.jpg

بحلول آذار/ مارس 1999 بدأ السكان المسلمون في كوسوفا يفرون من منازلهم بسبب التهديدات أو الهجمات، فخلفوا وراءهم قرى مهجورة. وتحت الأمطار الغزيرة وفي البرد القارص، ترك النساء، والأطفال الصغار، والمسنون كل شيء وراءهم ومشوا إلى وجهة مجهولة. وبعد ثلاثة أشهر تقريبا، عندما حاولوا العودة، لم يكن أي شيء باقياً على حاله. فالمنازل أحرقت وصارت خربة، والأقارب فقِدوا، والأطفال مرضوا، والممتلكات نُهبت... وهكذا، أشاعت الحرب والهجرة في حياة كل كوسوفي مسلم، غنيا كان أو فقيرا، فوضى عارمة.
وفي كوسوفا، ذكرت المنظمات الإنسانية في المنطقة أيضا أن الصرب أبادوا المسلمين إبادhttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/132c.jpgة جماعية. وتعرض اللاجئون والشعب لكل أشكال العنف والتعذيب. فقد اغتصب الصرب النساء، وقتلوا الحوامل، وهدموا المباني والممتلكات، وقتل أكثر من 100.000 شخص. وكانت حالة الكوسوفيين الذين اضطروا للهجرة مزرية. ومات على الحدود المقدونية – اليوغسلافية نحو أربعين شخصا، 20 منهم من الرضع والباقي من المسنين، أثناء فترة الإيقاف القسري الطويل لمسيرة ما يقرب من 250 إلى 300 ألف مهاجر.


ميارى 8 - 6 - 2010 02:43 AM

مذبحة البوسنة الوحشية التي دامت ثلاث سنوات

تقدم سنوات العنف الثلاث التي عانى منها المسلمون في البوسنة أفضل مثال لوضع أولئك الذين يعانون من الاضطهاد حول العالم. ففي الحرب التي شنها الصرب في نيسان/ إبريل 1992، كانت الخطة تهدف إلى إبادة المسلمين في بضعة أسابيع لإجبارهم على الهجرة. ولكن القوات البوسنية المسلمة أبدت مقاومة غير متوقعة. واستمرت الحرب حتى ربيع عام 1995. وتجدر الإشارة إلى أن العنف الذي احتدم طوال هذه الحرب لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم. فقد قتل الصرب أكثر من مائتي ألف مسلم بوسني، وأجبروا مليوني شخص على مغادرة منازلهم، واغتصبوا أكثر من خمسين ألف امرأة مسلمة. وفي معسكرات الاعتقال الصربية، كان المسلمون يتعرضون لتعذيب غير محتمل، وتحوَّل عشرات الآلاف إلى مُقعدين... ومما يثير قدرا أكبر من الذهول أن الصرب الذين ارتكبوا هذه الأعمال الوحشية والبوسنيين _ محور الغضب الصربي المحتدم _ ينحدرون من نفس الجنس ويتكلمون نفس اللغة، ولكن عامل الاختلاف الوحيد بينهم هو الدين. وفي عبارة أخرى، إن ما يحدث في البوسنة وكوسوفا هو مجرد حرب دينية، يرى كثيرون أنها نشبت نتيجة الحقد الدفين على الإسلام من الكنيسة الأرثوذكسية.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/135d.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/135c.jpgكل شيء مهجور في سراييفو؛ ولا يكاد يوجد مبنى واحد في المدينة نجا من التدمير بسبب إطلاق النار. وفي الشوارع، توجد أكوام من الحافلات والمركبات التي دمرتها الهجمات الصاروخية. ولا يوجد منزل واحد سلمت نوافذه من التكسير.
أحد معسكرات الاعتقال الصربية في البوسنة.
ضرب الجنود الصرب في البداية حصارا حول القرى البوسنية، وفرضوا سيطرتهم على جميع المخارج. وكلما تحركوا تدريجيا نحو الداخل، كثفوا إطلاق النار وأرهبوا القرويين. وبعد ذلك، أصدروا لأهل القرى بيانات تأمرهم بالتجمع في الميدان الرئيسي للقرية والاستسلام. وإذا لم يمتثلوا للأوامر، فسوف يكون مصيرهم الموت. وكان تقرير مصير القرويين يعتمد على أهواء الجنود.
لم يعد هناك مكان في المقابر، فاتبع الناس نظام المقابر الموضح في هذه الصورة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:45 AM

الديكتاتورية المعادية للدين في أكبر بلد إسلامي:
إندونيسيا

تتسم حياة المسلمين في إندونيسيا، وهي مجموعة من الجزر في الشرق الأقصى، بقدر كبير من عدم الاستقرار مشابه لذلك الذي يعيشه أناس آخرون كثيرون يواجهون الحرب في مناطق أخرى من العالم. وجدير بالذكر أن هذا البلد الذي يمتد على مساحة ضخمة من الأرض، تعادل مساحة أراضي أوروبا بأكملها، يحتل المركز الرابع بين أكثر بلدان العالم ازدحاما بالسكـان، إذ يبلغ عدد سكانه 210 ملايين نسمة (في أواسط عام 2000). ويدين أكثر من 87% من السكان بالإسلام، وتوجد نحو 300 مجموعة عرقية. ولطالما كان المجتمع المسلم، على الرغم من كونه أكبر المجتمعات، هدفا للاضطهاد الشديد.
ففي إندونيسيا، وهي مستعمرة هولندية سابقة، ظل حكم البلاد دائما في أيدي أناس من أصل جاوي، وهم يشكلون 7% من السكان. وبعد أن استولت الصفوة الجاوية على مقاليد الحكم، كافحت من أجل الاحتفاظ بسيطرة كاملة على البلاد. ولتحقيق هذا الغرض، عملت هذه الصفوة بجد لتنفيذ مشروع يهدف إلى تعزيز فكرة القومية الإندونيسية، أو القومية الجاوية، على الرغم من النسيج العرقي المتعدد في البلاد. وفي عام 1953، قامت جماعات من مسلمي جزيرة سومطرة بإعلان الاستقلال ردا على المشروع السابق. حينئذ، أعلنت الصفوة الحاكمة أن المسلمين خونة ونفذت فيهم عمليات إعدام جماعية. وفي غضون ذلك، أصبح سوهارتو، المدعوم من الولايات المتحدة، رئيسا للبلاد في عام 1968، فذبح مليون شخص، وفقا لتقارير منظمة العفو الدولية.
"قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ. لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ." (سورة الأعراف: 123-124)
وبحلول عام 1998، السنة التي أصبح فيها سوهارتو رئيسا للبلاد للمرة السابعة، كان الفساد قد استوطن فعليا في إندونيسيا، لأن سوهارتو استخدم سياسة محاباة الأقارب إلى أقصى حد ممكن. وكانت هذه الخيانة الأخيرة لثقة الشعب سببا في إشعال فتيل الشغب، لأن النظام الشنيع والاضطرابات الاقتصادية أفسدت حياة الجماهير فعليا. ومن ناحية أخرى، مثلت زيادة أسعار المنتجات الاستهلاكية بنسبة 100% القشة الأخيرة التي قصمت ظهر الشعب الذي دخل بدوره في صدامات عنيفة في شوارع جاكرتا. وحاولت الإدارة العسكرية أن تخمد هذه الثورة بإطلاق الرصاص مما تسبب في ذبح آلاف الأشخاص. بينما كان المطلب الوحيد للشعب هو الحصول على ظروف معيشية أفضل والتحرر من اظلم والاضطهاد.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ndon1earth.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima.../endontime.jpg
بحلول عام 1968، أصبح الجنرال سوهارتو، المدعوم من الولايات المتحدة، رئيسا للبلاد وذبح مليون شخص، وفقا لتقارير منظمة العفو الدولية. وفي هذا البلد، انقض العنف والوحشية على المسلمين، كما هو موضح في الصور، على الرغم من أنهم يمثلون الأغلبية.
ولم يتحسن الوضع أو يعُد النظام إلى إندونيسيا حتى بسقوط سوهارتو. وعلى الرغم من تعاقب إدارات كثيرة، فلم تتوقف النزاعات في البلد مطلقا.
والسبيل الوحيدة لضمان بيئة خالية من الظلم، والعنف، والفوضى، كما ذكرنا مرارا وتكرارا في هذا الكتاب، هي العيش وفقا لقيم القرآن والسنة. ذلك أن النمط القرآني في الحياة يزيل التفاوت الاقتصادي، والخلاف الناتج عن تضارب الأفكار، والظلم، والعنف. وفي غياب تلك القيم السيئة سوف تتوفر بيئة لا يتعرض فيها أي شخص للمعاملة الوحشية.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:46 AM

المجتمع المسلم الذي انقطعت كل صِلاته بالعالم: أتراك اليوجور في تركستان الشرقية

قد لا يعرف الكثيرون سوى القليل عن البلد المسمَّى "تركستان الشرقية"، على الرغم من أن مساحته ضعف مساحة تركيا. ولا تدرك بقية العالم الأعمال الوحشية التي يرتكبها النظام الصيني ضد حقوق السكان المسلمين، الذين لا يطمحون في شيء أكثر من أداء واجباتهم الدينية. ذلك أن السلطات الصينية لا تسمح لأي شخص بالخروج من أراضي هذا المجتمع التركي المسلم أو الدخول إليه. ويسمى مجتمع المسلمين باليوجور Uigur ، ولكن الصين تطلق عليه اسم إقليم زنجيانج Xinjiang . ويرجح أن الأرقام المعلنة لا تتسم بالدقة، ومع ذلك فقد نقلت المؤسسات والجمعيات ذات الصلة أن عدد سكان الإقليم يبلغ 20 إلى 30 مليون نسمة. ويؤكد المسلمون أن الصينيين يتعمدون تقليل عدد السكان، وأن عدد المسلمين أكثر بكثير مما تشير إليه الإحصائيات الصينية.
وكثرة وجود الموارد الطبيعية هي سبب اهتمام الصين الكبير بتركستان الشرقية. ذلك أن وجود طبقات غنية بالبترول داخل حدود تركستان الشرقية هو العامل الأساسي الذي دفع الصين للاهتمام بهذا البلد، لا سيما أن البحوث الأخيرة كشفت عن وجود مزيد من احتياطيات البترول. وتؤكد المصادر الصينية الرسمية وجود 20 إلى 40 بليون طن من احتياطيات البترول في المنطقة. وتدعي بعض شركات البترول الغربية أن هذه الاحتياطيات من الضخامة بمكان بحيث يمكن مقارنتها بالاحتياطيات السعودية.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/141.jpg
تتزايد الإبادات الجماعية في تركستان الشرقية، البلد الذي ما زال ضمن الأراضي الصينية. إذ تؤخذ النساء اللاتي يجتمعن في المساجد إلى المقرات الأمنية، ويضربن، ويعذبن عادة حتى الموت على أيدي الجنود الصينيين. ولا تتوقف الاعتقالات والتعذيب. وما بين 4 إلى 7 شباط/ فبراير 1997، أي في غضون ثلاثة أيام فقط، اعتقل 3500 يوجوري وأخذوا إلى معسكرات الاعتقال. وفي عام 1997، تم اعتقال أكثر من سبعين ألف شخص. واتخذ التخويف والعنف الموجه ضد اليوجور أشكالا متنوعة: التعقيم، والإجهاض الجماعي، والاختبارات النووية، والقلاقل التي يسببها المستوطنون الصينيون، والبطالة، وحظر ممارسة الشعائر الدينية، وعرقلة التعليم، وسجن المراهقين.
لقد ظلت تركستان الشرقية تحت السيادة الصينية لما يقرب من 250 سنة. ولم تعترف الصين مطلقا بحق شعب تركستان الشرقية في الاستقلال، وقابلت كل مبادرة للاستقلال بقمع واسع النطاق. ونظرت الصين إلى تركستان الشرقية، وهي مجتمع مسلم، بوصفها مجرد إقليم تابع لأراضيها. وفي عام 1949، أدى استيلاء ماو على الحكم إلى ممارسة مزيد من القمع على تركستان. فقد تعرض السكان المسلمون الذين قاوموا سياسات التطهير العرقي والاذابة الصينية إلى عمليات ذبح وحشية وحرموا من حقوقهم. ومنذ عام 1949 حتى اليوم، قتل نحو خمسة وثلاثين مليون شخص. وفي غضون ذلك، ظل التعذيب، وكل أشكال العنف، والقمع العنيف يشكل نمط الحياة اليومي بالنسبة لمن مكثوا في البلاد. فقد دفن الناس أحياء واغتصبت النساء... وفي عام 1953، شكل المسلمون 75% من عدد السكان في حين شكل الصينيون 6%. ومع ذلك، ففي عام 1990، انقلب هذا الوضع لصالح الصينيين، فشكل الصينيون 53% في حين انخفضت نسبة السكان المسلمين إلى 40%. وتفسر هذه الأرقام في حد ذاتها أبعاد الإبادة الجماعية التي تعرض لها المسلمون في تركستان الشرقية.
ومن المؤكد أن ما قاساه الناس في تركستان الشرقية لا يختلف عما حدث للمسلمين في البوسنة وكوسوفا. ولكن الفارق الوحيد بالنسبة لتركستان الشرقية هو أن عدم السماح لها بإقامة أي نوع من الاتصالات مع بقية العالم، جعل الحصول على أي معلومات منها أمرا صعبا للغاية. وقد كرست الصين جهودها بنجاح كي لا يتناقل العالم أي أخبار عن الفظائع المرتكبة في تركستان الشرقية. ولتحقيق هذه الغاية، أخضعت الصين الإنترنت لرقابة صارمة. ومن ناحية أخرى، يغض العالم الطرف عن المحن المروعة التي يمر بها الأبرياء والمستضعفون في هذه المنطقة ويتناولون المسألة بوصفها مشكلة صينية داخلية. وتفسر الإبادة الجماعية في تركستان الشرقية "قيمة" حياة الإنسان في بلدان مثل الصين ينتشر فيها الكفر. وتحت تأثير هذا النظام السائد، لا يرى الناس سببا يمنعهم من قتل الآخرين إذا كانوا لا يشاركونهم الرأي، أو إجراء تجارب عليهم، أو تعذيبهم بقسوة.


ميارى 8 - 6 - 2010 02:47 AM

بلد فقير تغطيه الواحات: تشاد

بعد أن نال تشاد، وهو بلد غالبية سكانه من المسلمين، استقلاله، استولى المسيحيون على مقاليد الحكم في البلاد واقتسموا الوزارات بالتساوي مع المسلمين. ومع ذلك، كانت البلاد تضم مليوني مسلم وثمانمائة ألف مسيحي فقط.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/cadym.jpg

(الجهة اليسرى) ارتكبت فظائع مروعة ضد المدنيين التشاديين.
وبدأت السلسلة الأولى من الصدامات عندما أقام الحكام المسيحيون، الذين كانت تربطهم روابط قوية بالمستعمرين السابقين، علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وكان التشاديون المسلمون حساسين لهذا الموضوع لأسباب مفهومة، نتيجة أحداث فلسطين، فاعتبروا أن إقامة حلف سياسي مع إسرائيل يعد خيانة لفلسطين. وفي غضون ذلك، اتخذ الكادر المسلم في الحكومة موقفا ضد إسرائيل، ولكن هذه السياسة كلفت الوزراء المسلمين مناصبهم في الحكومة. وفي صبيحة أحد الأيام، تم طردهم جميعا؛ واعتقل كثير منهم، وسجنوا، وصودرت ممتلكاتهم. وأدت هذه الأحداث إلى بدء عصر من القمع الموجه ضد المسلمين وإلى قيام ثورة فاشلة فيما بعد راح ضحيتها ألف شخص وأصيب من جرائها الآلاف.


الفلبين
http://www.harunyahya.com/arabic/ima.../filipin_a.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/filipin.jpg

ديكتاتور الفلبين ماركوس (الجهة اليسرى). بدأ نظام ماركوس عملية لاذلال المسلمين وارهابهم واخضاعهم. (الجهة اليمنى) مسلمون يخضعون للتعذيب.

في بداية القرن العشرين، خضعت الفلبين للسيطرة الأمريكية، وفي عام 1946 نالت استقلالها. وبعد انسحاب أمريكا من الجزيرة، وصل الفلبينيون الذين يخدمون المصالح الأمريكية إلى الحكم وأصبح المسلمون خاضعين لسلطتهم. وقام نظام الفلبينيين على دعامة أساسية تتمثل في سياستهم الخاصة بمصادرة أراضي المسلمين، استنادا إلى استراتيجيتهم الرامية إلى تدعيم السلطة في الجزيرة. ولتحقيق هذه الغاية، تم إصدار قانون ينظم تخصيص الأراضي بين الفلبينيين والمسلمين. ووفقا لهذا القانون، لا يستطيع المسلم أن يحصل إلا على ثلث الأرض التي يحق للفلبيني الحصول عليها. وضمنت هذه السياسة توطين 3.5 مليون مهاجر فلبيني في أراضي المسلمين، مما أشعل فتيل الصدامات بين المسلمين والفلبينيين. وفي محاولة منهم لحماية حقوقهم، أراد المسلمون أن يصلوا إلى حل وسط مع الرئيس فرديناند ماركوس ولكنهم لم ينجحوا في ذلك. فقد بدأ نظام ماركوس في تنفيذ عملية تهدف لامتصاص المسلمين. فمن خلال رفع المرتبات والترقيات الانتقائية، حوَّل ماركوس القوات المسلحة إلى آلته السياسية الشخصية، وأوقف تنفيذ القانون الدستوري، واستبدل به الأحكام العرفية.
وخاضت جبهة التحرير الوطنية مورو معارك دامية نيابة عن المسلمين، راح ضحيتها أكثر من خمسين ألف مسلم، غالبيتهم من المدنيين. وقتل آلاف السيدات، والأطفال، والشيوخ، وتم تجهيز فرق مدربة تدريبا خاصا لإبادة المسلمين شنت حروب عصابات ضارية تمادت فيها كثيرا في استخدام العنف، كتهشيم جماجم ضحاياها أو شرب دمائهم. كما طبقت أساليب خاصة في التعذيب على كل ضحية من الضحايا، وبعد قتلهم، كانت تصادر كل ممتلكاتهم.
وبعد عهد ماركوس واصل الحكام المتعاقبون نفس السياسة الوحشية وارتكبوا نفس الإبادة الجماعية.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:48 AM

لبنان

تدمر المعارك والحروب الدامية بلدان المسلمين في جميع أرجاء العالم. ومن المعروف أن المقاومة الفلسطينية للغزو الإسرائيلي هي الأطول بين كل عمليات إراقة الدماء. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الغزو الذي نفذته إسرائيل وساندته البلدان الغربية كان نظاميا، وخلف وراءه تاريخا دمويا ومئات الآلاف من الموتى واللاجئين. ولا تعكس الصدامات، والحروب، والمذابح إلا نزراً قليلا مما عاناه المدنيون طوال الغزو الإسرائيلي.
فبعد فترة الخمسينيات، قامت القوات الإسرائيلية بعدة تدخلات في البلد المجاور لها، لبنان. حيث أشعلت إسرائيل فتيل النزاع بين عدة مجموعات داخل لبنان، دخلت في حرب أهلية، وحافظت على صلاتها مع إسرائيل وحصلت منها على الدعم. ونتيجة لهذه الصدامات أصبح ميزان القوى في لبنان ضعيفا للغاية، وتحول إلى بلد معرض للغزو. وحرض الإسرائيليون الجماعات التي كانت تعيش في لبنان، أي المارونيين، والمسيحيين، والمسيحيين الأرثوذكس الشرقيين، والمسلمين الشيعيين، والمسلمين السنيين، والدروز، فجنوا تدريجيا ثمار سياسة "فرِّقْ تسُدْ".
المبنى الأصلي في بيروت وحالته بعد الغزو.

ما زال هناك الكثير من الأسرى الفلسطينيين معتقلين في الزنزانات الإسرائيلية يعانون من قسوة المعاملة الوحشية وغير الإنسانية. وبعد كل اتفاقية، تعلن السلطات الإسرائيلية عن إطلاق سراح هؤلاء الأسرى ولكنها لا تفي بوعودها مطلقا. ويحاول بعض الأسرى أن يلفتوا انتباه العالم إليهم من خلال الإضراب عن الطعام، إلا أن هذه المحاولات كثيرًا ما تبوء بالفشل لأن البلدان الغربية تصم آذانها ببساطة عن هذه النداءات.
وانتهت الاستراتيجية التي خططت لها إسرائيل منذ ثمان وعشرين سنة بالغزو الفعلي للبنان في عام 1982. فقد قسمت الحرب الأهلية بيروت إلى مناطق تسيطر على كل منها مجموعة من الأقليات. ومن الطريف أن كل أقلية كانت تحصل على دعم وسلاح من إسرائيل. وكان حزب الكتائب على وجه الخصوص، الذي استولى على الحكم، مرتبطا بروابط قوية مع إسرائيل.
لقد بدا الأمر وكأن الحرب الأهلية في لبنان قد نشبت بسبب الفلسطينيين الذين طردهم الملك حسين من الأردن وتم توطينهم في لبنان. فقد قام المسيحيون، الذين تم تلقينهم ضرورة طرد الفلسطينيين من لبنان، بشن حرب شاملة لطرد الفلسطينيين. وبدا الأمر وكأن المسيحيين والمسلمين كانوا طرفا في هذه الحرب، إلا أن كليهما لم يسلما من التمزق الداخلي. وفي أثناء الحرب، بدأت إسرائيل تنتهك الحدود اللبنانية. وفي غضون ذلك، تدهور الأمن اللبناني تدهورا كبيرا بعد الهجوم الذي دعمته كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ضد لبنان ونفذته سوريا، الدولة المسلمة ظاهرياً!
وكان ترسيخ حزب الكتائب لسلطته السياسية من خلال الدعم الإسرائيلي بداية لحرب دموية دمرت بيروت. وتعرض الفلسطينيون واللبنانيون المسلمون لضغوط كبيرة. وقد أدى غزو عام 1978 في النهاية إلى الغزو الإسرائيلي لبيروت في عام 1982. وأصبح لبنان بلدا مدمرا ممزق الأوصال بسبب الحرب. وفي غضون ذلك، شهد التاريخ المذبحة الوحشية التي ارتكبها حزب الكتائب وراح ضحيتها مئات المدنيين الفلسطينيين في مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين بتحريض ودعم من القوات الإسرائيلية.
المذابح لا تقتصر على المسلمين
هاييتي
إن تاريخ هاييتي، أفقر بلد في النصف الغربي من الكرة الأرضية، زاخر بالفوضى والبؤس. فقد ظلت هاييتي تحت الاحتلال الأمريكي خلال الفترة ما بين عامي 1915 و1934. وبعد ذلك، أعلنت هاييتي استقلالها اسميا فقط لأنها دولة تأسست تحت ظل الولايات المتحدة ويطبق فيها دستور فرضه الأمريكيون على أهلها. وفي الفترة ما بين عامي 1957 و1986، كانت هاييتي خاضعة للحكم الديكتاتوري.
وخلال تلك الحقبة، تولى الحكم في البداية دوفاليي Duvalier الأب ثم خلفه ابنه جون- كلود دوفاليي. وكون كلاهما اتحادات احتكارية في كل القطاعات ونهبوا البلايين من الاقتصاد الهاييتي. وأسس دوفاليي نظاما ديكتاتوريا شأنه في ذلك شأن أي دولة أخرى مجاورة له. وفي هذا البلد الصغير، أُسست وحدة استخبارية أطلق عليها النمور the Leopards ، ومنظمة شُرطية صغيرة تسمى تونتون مافوت Tontons Mavoutes ، أرهبت الشعب وارتكبت جرائم قتل جماعية فظيعة. وكما هي الحال في كل الديكتاتوريات، تنعمت عائلة دوفاليي في حياة البذخ بينما عاش الشعب في بؤس شديد. وتحت ذريعة انتشار الفوضى في البلاد في عهد عائلة دوفاليي، دبرت الولايات المتحدة انقلابا في عام 1994. ويعتبر هذا البلد الصغير مثالا نموذجيا آخر لتبعات انعدام الإيمان في المجتمع: العنف، والصدامات، والفوضى...
هي دولة مقامة على جزيرة في المحيط الهندي جنوب شرق الهند، ويبلغ عدد سكانها ستة عشر مليون نسمة، 20% منهم من التاميل الهنود وغالبيهم من السنهاليين البوذيين (74%) الذين يحكمون البلد. وفي عام 1980، شن التاميل، الذين يعيشون في شمال سريلانكا، حرب عصابات ضد النظام السنهالي تحولت إلى حرب أهلية دامية ما زالت مستمرة.
في سريلانكا، حتى الأطفال الصغار يخوضون غمار الحرب الأهلية.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:50 AM

"الكراهية الناتجة عن التعصب": العنصرية

"إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا." (سورة الفتح: 26)
إن الكراهية التي يشعر بها البعض تجاه الأجناس الأخرى هي المسؤولة عن غالبية النزاعات، والصدامات، والحروب الأهلية حول العالم. وإذا نظرنا إلى المواقف العدائية التي يتخذها الجنس الأبيض تجاه السود، أو الهدف النازي المتمثل في إيجاد جنس نقي ,والنزاع اللاحق مع الحلفاء الذي راح ضحيته ملايين الأشخاص في التاريخ الحديث، أو الصراعات القبلية في أفريقيا، فإننا نواجه نفس العامل: "الكراهية الناتجة عن التعصب".
ويلمح سوء الفهم هذا إلى أن هناك جنسا معينا أسمى، من الناحية الجسمانية أو العقلية أو كليهما، من جنس آخر وأن من غير الضروري أن يُكن الجنس الأسمى أي مشاعر رحمة، أو شفقة، أو احترام للجنس الآخر. ويعتبر نفس المنطق، في بعض الحالات المتطرفة، أنه حتى وجود الجنس الأسمى مع الأجناس الأخرى يعد خطأ. ومع ذلك، فإن هذا منهج قاس جدا لأنه يقود مزيدا من الناس للاعتقاد بأنه لا يوجد سبب لوجود أمم مختلفة، مما يجعل التخلص من الأجناس "المختلفة" أمرا إجباريا.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/1963.jpg
وفي القرآن الكريم، يوضح المولى عز وجل أنه خلق الأمم والقبائل المختلفة "لتتعارف". ولا شك في أن تنوع الأمم، والأجناس، والقبائل، واللغات صفة جمالية فريدة لا توجد إلا في خلق الله سبحانه وتعالى. ومن ثم فإن من غير المقبول أن يكن شخص مشاعر الغضب لشخص آخر لأنه أقصر منه أو لأن لون بشرته سمراء. ذلك أن كل هذه الصفات الفريدة هي من السمات المميزة لخلق الله جل وعلا الذي يحمل في طياته جماليات، وأسراراً دقيقة، وغايات لا حصر لها. ويدرك المؤمن تماما أن المعيار الوحيد للنبل والتفاضل هو تقوى الله، كما توضح الآية التالية:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ." (سورة الحجرات: 13)
وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى الأصول العلمية الزائفة التي يقوم عليها سوء الفهم العنصري، الذي يتجلى في صور بالغة الوحشية، لأن هذه الأصول تمثل أيضا أساسا لكثير من الأيديولوجيات الخاطئة السائدة اليوم. ذلك أن أصول المادية، والشيوعية، والرأسمالية الجامحة تنبع من هذا الأساس العلمي الزائف الذي تستمد منه كل هذه الأيديولوجيات قوتها.
وهذا الأساس العلمي الزائف هو ما يطلق عليه نظرية التطور لداروين. وقد يفترض بعض الذين سمعوا عن "نظرية التطور" أنها تتعلق بمجال البيولوجيا فقط. ومع ذلك، فإن نظرية التطور تمثل في الواقع أكثر من ذلك بكثير، لأنها ليست مجرد مفهوم بيولوجي، بل هي الدعامة الأساسية لكثير من الفلسفات التي يقع الناس تحت تأثيرها. الأساس العلمي الزائف للعنصرية
عندما اقترح داروين نظريته لأول مرة، تبناها علماء تلك الفترة بشيء من التحفظ، لا سيما علماء الحفريات، الذين كانوا يدركون أن النظرية لا تزيد كثيرًا عن كونها ضربًا من ضروب الخيال. وعلى الرغم من ذلك، تمكن داروين من دخول الدوائر العلمية لأن نظريته وفرت أساسا أيديولوجيا غير مسبوق للقوى السائدة في القرن التاسع عشر.
وبينما كانت فكرة التطور تنتشر بسرعة – من خلال نشر كتاب داروين الذين يحمل عنوان "أصل الأنواع" – ظل الأوروبيون يستعمرون قارات وحضارات أخرى في أماكن بعيدة من العالم. وركزت البلدان الأوروبية - وعلى رأسها إنجلترا وفرنسا – جهودها على أجزاء من جنوب آسيا، وأمريكا اللاتينية، وعلى القارة الأفريقية ككل. وفي غضون ذلك، تعرض السكان الأصليون في أمريكا الشمالية إلى مذابح وحشية. وباختصار، نهبت الإمبراطوريات الغربية حضارات العالم الأخرى في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. واستولت، دون أي حق، على مقاليد الحكم في بلدان أخرى باستخدام القوة والترويع، كما صادرت الموارد الطبيعية لتلك البلدان. ولكن الغربيين شعروا بقوة بضرورة إضفاء الشرعية على تصرفاتهم غير المشروعة. وفي تلك المرحلة، قدمت الداروينية فرصة عظيمة للإمبرياليين. فمن خلال هذه النظرية، أصبح من الممكن تقديم "ما يسمى" بالأساس العلمي للفكرة المتمثلة في أن الشعوب المستغلة هي مجرد نوع من "أنواع الحيوانات".
وبين داروين آراءه بشأن أصل البشر بوضوح في كتابه المعنون "سلالة الإنسان" المنشور في عام 1871. وفي هذا الكتاب، قال داروين صراحة إن الإنسان تطور عن أسلاف شبيهة بالقردة. وتمادى إلى القول بأن الأجناس البشرية الموجودة تقع على درجات مختلفة من "سلم التطور"، وأن الأجناس الأوروبية هي الأكثر "تقدما"، وأن أجناسا أخرى كثيرة ما زالت تحمل صفات "القردة".

"الكلوكلوكس كلان" هي جمعية سرية تأسست في الولايات المتحدة بعد الحرب الأهلية لإعادة التأكيد على تفوق الجنس الأبيض من خلال الإرهاب، وهي مسؤولة عن مقتل آلاف الرجال، والنساء، والأطفال. وتضرب لنا هذه الجماعة، التي استخدم أعضاؤها العنف ضد الناس لا لشيء إلا لأنهم من أعراق أخرى، مثالا واضحا للوحشية والفوضى التي تتخلل المجتمعات في غياب قيم القرآن. وأن هذه الأعمال الوحشية ما زالت تمارَس في القرن الحادي والعشرين لهو أمر غريب وجدير بالتأمل.

وقعت هذه الحوادث العنيفة الموجهة ضد السود في التسعينيات. ومن السهل أن يوضع لها حد في عصرنا هذا إذا عاش الناس وفقا لقيم القرآن.
وكان في نظرية داروين بعد آخر مهم. فقد بنى داروين تطور الكائنات الحية، بما في ذلك البشر، على مصطلح "الصراع من أجل البقاء". ويرى داروين أن هناك صراعا ضاريا ونزاعا مستمرا دائرا في الطبيعة تكون الغلبة فيه دائما للقوي على حساب الضعيف، وهكذا يحدث التقدم.
وأكد داروين أن هذا "الصراع من أجل البقاء" ينطبق أيضا على الأجناس البشرية. وقد ظهرت نظرته العنصرية بوضوح في العنوان الفرعي لكتابه أصل الأنواع:
"أصل الأنواع بواسطة الانتقاء الطبيعي"، أو الحفاظ على الأجناس المميزة في صراع الحياة.
ويرى داروين أن الأوروبيين هم الجنس المميز. ومن ناحية أخرى، فإن سكان أمريكا الأصليين، والأفارقة، وكل الأجناس والأمم الأخرى تمثل الأجناس البدائية التي تخلفت عن ركب التطور. ووفقا لهذا المنطق الفاسد، يعتبر ترويض هذه الأجناس الدنيا، أو استرقاقها، أو حتى قتلها أمرا مشروعا مثلما هو مشروع بالنسبة للقردة والحيوانات الأخرى. ولهذا السبب، رأى داروين أن من الممكن أيضا مصادرة ممتلكاتهم. وأشار داروين في كتابه إلى الأجناس الدنيا قائلا: "في فترة ما في المستقبل، ليست بعيدة جدا بمقياس القرون، يكاد يكون من المؤكد أن الأجناس البشرية المتحضرة سوف تبيد الأجناس الهمجية الأخرى وتحل محلها في جميع أنحاء العالم. وفي نفس الوقت، سوف تباد القردة الشبيهة بهيئة البشر دون شك. عندئذ، سوف تزيد الهوة الفاصلة بين الإنسان وأقرب أسلافه". 16
ويتضح من هذه العبارات أن داروين كان عنصريا. فقد اعتقد أن الأوروبيين أسمى من الأمم الأخرى، وبالتالي فإن هذا يعطيهم الحق في استرقاق الآخرين وإبادتهم.
ويطلق على هذه النظرية اسم "الداروينية الاجتماعية"، وهي صيغة معدلة من نظرية التطور تطبق على المجتمعات. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النظرية وضعت الأساس الرئيسي الذي أضفى الشرعية على الإمبريالية والعنصرية. وكانت ألمانيا أحد البلدان التي اعتنقت الداروينية الاجتماعية بحماسة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:51 AM

النازيون والداروينية
ليس من قبيل الصدفة أن يستلهم النازيون الجدد أفكارهم من نظرية التطور لداروين، ذلك أنه منذ مولد الداروينية وهي تشكل جزءا لا يتجزأ من الأيديولوجية النازية.
ولدت النازية في ألمانيا المهزومة بعد الحرب العالمية الأولى. وكان أدولف هتلر، أحد مؤسسي الحزب النازي الألماني ورئيسه، رجلا طموحا وعدائيا بنى جزءا من نظرته للحياة على العنصرية. وآمن هتلر إيمانا راسخا بسمو الجنس الآري، أي "الجنس المسيطر"، وبأن هذا الجنس هو الذي سيقود كل الأمم الأخرى. وكرس هتلر نفسه لكي يؤسس "الرايخ الثالث" الذي يضم كل الألمانيين، ويستمر لمدة ألف سنة. وكانت نظرية التطور لداروين تمثل الأساس العلمي لنظريات هتلر العنصرية.
وتأثر هتلر تأثرا كبيرا بهنريك فون تريتشك Heinrich von Treitcshke ، المؤرخ الألماني العنصري الذي كون آراءه العنصرية أيضا تحت تأثير نظرية التطور لداروين. ورأى أن الأمم لا تستطيع أن تتقدم إلا من خلال منافسة شرسة شبيهة "بالصراع من أجل البقاء" الذي اقترحه داروين. وتكشف العبارات التالية عن موقف تريتشك تجاه الأجناس الأخرى: "لا تملك الأجناس الصفراء المقدرة الفنية وهي محرومة من مفهوم الحرية السياسية. إن قدر الأجناس السوداء أن تخدم البيض وأن تكون موضع اشمئزاز من البيض إلى الأبد... لانه لا يمكن ان توجد حضارة من دون خدم ..."17
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/kavgam.jpg
لقد استوحى هتلر اسم كتاب "كفاحي" من فكرة داروين حول الصراع من أجل البقاء.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/hitler.jpg وأثناء صياغة نظرياته، استلهم هتلر من داروين فكرته حول الصراع من أجل البقاء. وكان اسم كتابه الشهير "كفاحي"، مستلهما أيضا من فكرة داروين حول الصراع من أجل البقاء. وشارك هتلر داروين الرأي حول الأجناس واعتبر، مثل داروين تماما، أن الأجناس غير الأوروبية كائنات شبيهة بالقردة:
"اذا استثنيت الألمانيين الشماليين من تاريخ الانسانية ; لن يتبقى لديك سوى رقص القردة." 18
كانت الآراء التطورية التي يؤمن بها النازيون سببا في تبنيهم جزءا من فكرة "اليوجينيا"، التي تعني "علم تحسين السكان (البشر بالأخص) عن طريق تطهير المجتمع من المرضى والمعوقين والتحكم في النسل من أجل الحصول على صفات وراثية مرغوبة". ومع ذلك، كان أكثر ما اشتهر به النازيون هو المبدأ المتمثل في أن فكرة اليوجينيا يمكن تحقيقها بشكل أفضل من خلال منع المعاقين جسديا وذهنيا من التزاوج، حتى إذا استدعى ذلك تعقيمهم، وقد انتشرت هذه الفكرة في جميع أرجاء أوروبا في ذلك الوقت حتى فيما يسمى بالمجتمعات الليبرالية مثل السويد. وكما هو متوقع، فقد اقترح هذه النظرية الداروينيون: ليونارد داروين Leonard Darwin ، ابن تشارلز داروين، وابن عمه فرانسيس جالتون Francis Galton .
وفي ألمانيا، أصبح إرنست هيجل Ernst Haeckel ، البيولوجي التطوري المعروف، أول من ناصر "اليوجينيا" ونشرها. وظل هيجل، صديق داروين المقرب، يمده بأفكار تمثلت إحداها في الإسراع بعملية التطور عن طريق قتل الأطفال الرضع المعاقين. وفي فكرة أخرى رأى هيجل أن المرضى المصابين بالجذام والسرطان والمعاقين ذهنيا يجب أن يقتلوا دون ألم، لأنه كان يعتقد أنه إذا لم يُقتل هؤلاء الناس، فسيظلون يشكلون عبئا على المجتمع.
أصبح المعتقد الفاسد الذي يرى أن البشرية سوف تتقدم من خلال الصدامات والعنف مصدرا لأيديولوجيات أخرى. فعلى سبيل المثال، استعان بينيتو موسوليني بالأفكار الداروينية في محاولته لإرساء قواعد إيطاليا الفاشستية، وقيَّم الغزو الإيطالي لإثيوبيا من ناحية التسلسل العرقي الذي اقترحته الداروينية.
معسكر القوات الإيطالية في إثيوبيا.
وبعد أن تولى هتلر زمام الحكم، وضع أفكار هيجل هذه في سياسة رسمية، أنشأ بموجبها مراكز خاصة اعتقِل فيها المعاقون ذهنيا وجسديا، والعمي، وأولئك الذين يعانون من أمراض وراثية. ومن وجهة النظر الفاسدة هذه، كان هؤلاء الناس يعتبرون عوامل "ملوِّثة" لنقاء الجنس الآري تعرقل عملية تطوره "المزعومة". وبعد أن عُزلت هذه الفئات من الناس بعيدا عن المجتمع لفترة، أعطى النازيون أنفسهم الحق في قتلهم سرا بأمر خاص من هتلر.
وبعد انهزام "الرايخ الثالث" في الحرب العالمية الثانية، أصبح هذا الرايخ نسيا منسيا، وخلف وراءه ملايين الأبرياء المدمرين. ومع ذلك، استمرت الداروينية الاجتماعية التي كانت أساس الأيديولوجية النازية.
هناك كثيرون يعرفون ما رويناه حتى الآن. ومع ذلك، تظل الحقيقة أنه لا يوجد سوى قليلين يأخذون العبر عن هذه الحوادث التي عاشتها الانسانية في السابق والتي لا تزال اَثارها ممتدة الى أيامنا الحالية. ذلك أن عمليات الإعدام التي نفذت بعنف وبلا رحمة على أناس بسبب حالتهم الذهنية أو الجسمانية تكشف الروح المريضة والمنحرفة الموجودة لدى منفذيها، التي يُسأل عنها الكفر. وطالما ظل الكفر متفشيا، يستطيع المرء أن يتوقع كل أشكال السلوكيات الشاذة، والقاسية، والمنحرفة. كما أن وجود الملايين الذين ضلوا الطريق بسبب هؤلاء الأشخاص غير الأسوياء يعد دلالة أخرى على مسؤولية الكفر.
إن الشخص الذي يخاف الله ويثق به جل جلاله، يعرف أن الله هو القوي الجبار، لذلك لا يميل هذا الشخص أبدا إلى القسوة والانحراف. وفضلا عن ذلك، تجده يسعى أيضا بشجاعة وحماسة لإنقاذ الآخرين من استرقاق الطغاة لهم، وهدايتهم إلى الطريق القويم، وإنذارهم من عاقبة أعمالهم. فمثلا، كافح رسول الله موسى، عليه السلام، وحده ضد فرعون، الذي كانت لديه نفس العقلية الديكتاتورية العنصرية القاسية التي كانت لدى هتلر وموسوليني، واستطاع أن ينقذ بني إسرائيل من حكمه القاسي. وقد استمد رسول الله موسى كل هذه الشجاعة من إيمانه العميق بالله ومما أمده به إيمانه من قيم وضمير حي. ويتضح بجلاء من الطريقة التي تحدث بها موسى مع فرعون مدى قوة إيمانه بالله وثقته به:
"ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ. وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ. حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ." (سورة الأعراف: 103-105)

المعاملة التي يتلقاها المعاقون
في أوائل القرن العشرين، استهل إرنست هيجل، البيولوجي التطوري، دعاية على مستوى العالم تهدف إلى الإسراع بما سُمي بعملية تطوير المجتمعات. ويرى هيجل أن قتل الأطفال المعاقين فور ولادتهم من شأنه أن يضمن تطورا سريعا للسلالة. وتمادى هيجل إلى القول بأن المعاقين والمرضى المصابين بالسرطان والمضطربين عقليا يجب أيضا أن يعدموا سرا لأن وجودهم يشكل عبئا كبيرا على المجتمع. وأكد أنهم – بسبب الحالة التي هم عليها - يشكلون عائقا في طريق عملية تطور المجتمعات. وتمثل أحد الأصداء المعاصرة لهذه الآراء، المدعومة بفكرة الداروينية المتمثلة في "الصراع من أجل البقاء"، في الطريقة التي يُعامَل بها المعاقون في المجتمع. http://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/ozurluc.jpgففي كثير من البلدان، يعامل المعاقون معاملة مختلفة. ومع ذلك، فمن حق كل شخص أن يحصل على قدر كافٍ من الحب والاحترام، ولا تتغير هذه الحقيقة إذا كان في جسم الشخص عضو تالف أو أكثر، أو إذا لم يهبه الله جسما كاملا. ذلك أن شخصية الإنسان تتحقق بسلوكه، وخوفه من الله، وحرصه على الالتزام بأوامر الله جل وعلا. ويعفي المولى عز وجل المعاقين من بعض مسؤولياتهم ولا يحاسبهم إلا على الطاعة والسلوك القويم. ويجب أن يتعامل الإنسان مع عباد الله هؤلاء بشفقة وتفهم، لأن المولى عز وجل يحيطهم برحمته ويخفف عنهم بعضا من أعباء عبادته.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...rusyasakat.jpg
"لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا." (سورة الفتـح: 17)
في كثير من البلدان، يعزل الأطفال المعاقون عن بقية المجتمع. (الجهة العلوية) طفل معاق مربوط اليدين.


ميارى 8 - 6 - 2010 02:52 AM

سنوات العنف التي جلبتها "العنصرية" إلى القارة الأفريقية

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/mobutu2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/mobutu.jpg
Mobutu paid $12,000 to each of his ministers while a teacher made only $8 a month. His personal fortune, excluding his real estate, was about $5,000,000.
لقد ابتليت القارة الأفريقية لسنوات طويلة بالصدامات، والحروب، والمجاعات، والبؤس. ونتيجة لتضارب المصالح الناتج عن عدم الالتزام بالدين القويم واتباع معتقدات غير أخلاقية، ما زال الصراع مستمرا في المنطقة. فحتى فترة الخمسينيات، ظلت شعوب هذه القارة تعاني من كل أشكال العنف والسياسات العنصرية التي فرضتها عليها البلدان الإمبريالية. وفي الخمسينيات، لم تكن في القارة بأكملها سوى أربعة بلدان مستقلة رسميا. ثم ارتفع هذا الرقم إلى ثلاثين في عام 1962. وأخيرا، في عام 1972، نالت القارة الأفريقية استقلالها، باستثناء بعض البلدان. ومع ذلك، لم يكن الاستقلال سوى واجهة كاذبة، لا سيما بالنسبة للشعوب، لأن القوى الإمبريالية السابقة قد حل محلها ببساطة ديكتاتوريون شموليون، قامعون، قساة احتفظ كل منهم بصلات قوية مع القوى الإمبريالية السابقة، أي بلدان الغرب الموجودة اليوم. ومن ثم، لم يحقق الاستقلال الحرية لتلك البلدان بل أضاف إلى معاناتها مزيدا من الفقر والعنف في ظل نظم أكثر قمعا من الأنظمة الاستعمارية ذاتها. وفي تلك الظروف، اتحدت الشعوب كي تكافح الأنظمة الديكتاتورية. وفي غضون ذلك، حرض الديكتاتوريون بعض المجموعات العرقية، وأثاروا موجة من عدم الاستقرار في بلدانهم، فاستفادوا من تلك الفوضى.
وفي زائير، تعتبر الحرب بين قبيلتي الهوتو والتوتسي مثالا نموذجيا للصدامات التي حدثت بين الأجناس في القرن العشرين. ففي ربيع عام 1997، بدأت الحرب بين القبيلتين وامتدت آثار الصدامات إلى منطقة مكونة من خمسة بلدان تشمل: زائير، ورواندا، وأوغندا، وبوروندي، وتنزانيا.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ruandamul2.jpg في زائير، تجاوزت أبعاد الفساد كل الحدود التي يمكن أن نتخيلها. فحتى المعونة التي تقدم للجوعى يتم بيعها لشراء الأسلحة.
احتمى لاجئون من الهوتو ببلدان أخرى فرارا من القتال الدائر بين قوات الحكومة الزائيرية والتوتسي الذي امتد أيضا إلى البلدان المجاورة.
في عام 1994، لقي نحو مليون شخص من التوتسي حتفهم، بسبب القتال الدائر بينهم وبين الهوتو. والتوتسي هي قبيلة تربطها صلات قوية بالثقافة البريطانية الموروثة من فترة الاستعمار. وفي عام 1996، هرب العديد من قبيلة الهوتو إلى رواندا من جراء القمع الذي مارسه عليهم حكام زائير الطغاة ومذابح التوتسي. ولم يكن اللاجئون المحتاجون إلى شريحة الخبز يعرفون المخاطر التي تنتظرهم في طريقهم إلى رواندا.
وفي هذه المنطقة المليئة بالفساد، لم يخفف الاستقلال، الذي حصلت عليه البلاد في عام 1960، سوى قدر ضئيل من الضغوط السياسية التي تمارسها الدول الغربية الإمبريالية. وفي عام 1964، استولى جوزيف موبوتو، المدعوم من الولايات المتحدة، على مقاليد الحكم وجعل كل الموارد الطبيعية لبلاده في متناول يد أمريكا. ولم يضع موبوتو أي خطط للمساهمة في تحقيق الرفاهية لشعبه، واكتفى بجمع ثروة شخصية على مدى السنين ولجأ إلى الإجراءات الاستبدادية لكبت متطلبات شعبه. وعندما وصل معدل التضخم في البلاد إلى ذروته، 6000%، اندلعت صدامات كبيرة بين القبيلتين المهيمنتين في المنطقة. ونتجت عن هذه الحرب القبلية إبادة جماعية واسعة النطاق خلفت وراءها نحو مليون قتيل. وقاسى آلاف المهاجرين من محن رهيبة في الغابات، وفي النهاية لقي معظمهم حتفه بسبب الجوع والأوبئة. كما ذبح الأبرياء، لا لشيء إلا لأنهم كانوا من قبيلة مختلفة، وحتى الرضع والأطفال الصغار لم يسلموا من القتل.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima.../zairemult.jpg
نتيجة لسوء التغذية، يموت أكثر من ثلث سكان زائير بينما يعاني أطفال كثيرون من تلف دائم في المخ. ويعيش إجمالي السكان البالغ عددهم ثلاثين مليون شخص، نصفهم من الأطفال، في أكواخ طينية متضورين من الجوع.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima.../zairetime.jpg
قاوم أربعمائة ألف لاجئ الموت لمدة ثلاث سنوات في معسكرات اللاجئين في ظروف بدائية وقاسية على الحدود الزائيرية. وأصبح الجوع جزءا من الحياة اليومية، كما أضاف انتشار مرض الكوليرا مؤخرا مزيدا من البؤس إلى حياة اللاجئين في تلك المعسكرات. إذ لا يحصل هؤلاء المعدمون على أي معونات، وحتى إن وجدت هذه المعونات، يصادرها الجنود. وفي غضون ذلك، لا يمكن للمرء أن يتخيل قبيلتَي الهوتو والتوتسي، اللتين قاتلتا بعضهما البعض بشكل وحشي، وهما تقتسمان المعونات القادمة بسلام. وقد مات في مدينة جوما الزائيرية وحدها ما لا يقل عن عشرة أطفال رضع في كل ساعة بسبب مصادرة المعونات الطبية.
وفي أغلب الأحيان، عندما تنتهي الحروب بين الأجناس، أي "حمية التعصب" المذكورة في القرآن، تخلف وراءها مشاهد مروعة لمذابحها. ويلفت المولى عز وجل انتباهنا إلى "حمية التعصب" التي سادت في الجاهلية على النحو التالي:
"إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا." (سورة الفتح: 26)
وسواء كان ذلك في أفريقيا أو في أي جزء آخر من العالم، فقد كشفت الحركات العنصرية عن هذا الجانب المظلم من الكفر، الذي لن يتسنى التخلص منه كليا إلا من خلال العيش وفقا لمبادئ الدين القويم وحث الناس على طاعة أحكامه.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:53 AM

الوحشية والفوضى في المجتمعات الكافرة

"وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ. (سورة النحل: 61)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...bisikletli.jpgكما جاء في تحليلنا في الفصول السابقة، فإن المسلمين في جميع أرجاء العالم، في كوسوفا، وكشمير، وفلسطين، والشيشان، وبلدان أخرى كثيرة، يتعرضون لأعمال وحشية قاسية ومتواصلة ولمشكلات لا حد لها. ومن الخطأ أن يعتقد المرء أن الطريقة التي تتوالى بها هذه الأحداث غير مرتبطة ببعضها البعض. ومن ناحية أخرى، يدل إرجاع هذه الصدامات إلى سمات سياسية وجغرافية متأصلة في تلك البلدان على وجود خطأ في فهم تلك الأحداث. ذلك أن كل الحروب وأشكال العنف التي حدثت في تاريخ العالم، مهما كان مكان وقوعها، تشير إلى وجود أناس يستغلون تلك الحروب. ويجب أن يتنبه كل المسلمين إلى هذه الأحداث ويدركوا مغزاها؛ وإلا فسيواجه المرء خطر النظر إلى تلك الأحداث العالمية بوصفها أحداثا عفوية لا تستلزم الحل. وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد أحاديثه إلى أن الظلم سيكون "ظلمات يوم القيامة".19


لقد اتسم القرن العشرون بشكل خاص بقدر غير مسبوق من الوحشية. ومن بين الحركات التي تساند الحروب والأعمال الوحشية، تحتل الشيوعية الصدارة لأنها تؤيد الفلسفة المادية وترفض رفضا باتا الدين، والقيم الأخلاقية، والأسرة. ونظرا لانعدام الخلق الديني في البلدان التي تسيطر عليها الشيوعية، يقدم لنا التاريخ أدلة أكثر من كافية على حجم البؤس الذي تجلبه حياة الكفر للمجتمعات. ولكي تتضح الرؤية أمامنا بشكل أفضل فيما يتصل بهذا النظام الوحشي، فحسبنا إلقاء نظرة سريعة على التاريخ والوضع الحالي في روسيا، البلد الذي ظل تحت الحكم الشيوعي لعقود كثيرة.
آثار الشيوعية في التاريخ - نظام مبني على الكفر
لقد كان ماركس وإنجلز، مؤسِّسا المادية الجدلية ومعلِّما الشيوعية، ملحديْن متعصبيْن للإلحاد. ونظرا لأن كليهما كان يرى أن كل أشكال التقدم في العالم تتحقق من خلال النزاع، فقد اعتقدا بالتالي أنهما لا يمكن أن يحققا أهدافهما إلا من خلال ثورة شيوعية. كان ماركس وإنجلز يشعران بعداء كبير تجاه الدين، واعتبرا التخلص من الدين شرطا أساسيا لانتشار آرائهما. ولم يستطع ماركس قط أن يضع آراءه موضع التطبيق. ولكن بعد موته، قام لينين بالثورة.http://www.harunyahya.com/arabic/ima.../lenin1918.jpg
لقد قدم لينين، الذي استولى على الحكم بعد حرب أهلية دموية بين مقاتليه الشيوعيين وبقايا الجيوش الأرستقراطية، إرهاصات بمعالم السياسة التي سيتم انتهاجها بعد مدة حكمه. فخلال عهده، كان الإعدام مصيرا لمن يعارضه ويعارض النظام الشيوعي. واستمرت الحرب الأهلية لمدة ثلاث سنوات، وجلبت معها الدمار الكامل لروسيا. وبعد هذه الحرب الدموية، أسس لينين ديكتاتورية الحزب الواحد الشمولية لأول مرة في العالم.
لقد حل الخراب الشامل بروسيا في عهد لينين، لا سيما من الناحية الاقتصادية؛ فقد فرضت ضرائب إضافية على الشعب الذي كان يعاني من الفقر الشديد، وزادت المجاعة والبؤس بشكل مطرد. وقد صاحبت سياسة لينين تأميمات واسعة النطاق، وترشيد في الطعام، وسيطرة على الصناعة، ولم يكن بمقدور أحد أن يخاطر بمقاومة سياساته لأنه يعرف جيدا مصير أولئك الذين حاولوا فقط معارضة سياساته.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...eninkitlik.jpg
خلال عهد الزعيم الشيوعي لينين، تسبب الجوع في مقتل عشرات الآلاف من الأبرياء. وقد حدثت المجاعة، التي انتشرت خلال عهدي لينين وستالين، ببساطة لأن الموارد المخصصة لتغذية الشعب كانت تنفق على أغراض أيديولوجية.
وعندما توفي لينين عام 1924، كانت السياسات التي انتهجها قد أكسبته كراهية عارمة من جانب الشعب، ومن جانب معاونيه المقربين كذلك. وخلفه في رئاسة الحزب الشيوعي ستالين، أكثر ديكتاتور دموي عرفه العالم على الإطلاق.
وعلى مدى الخمس والعشرين سنة التي حكم فيها ستالين، كشفت تجارب الناس - مرارا وتكرارا - عن قسوة النظام الشيوعي الذي لا يعرف حدا لجرائم القتل، والمذابح، والتعذيب. لقد أصبح "المشروع الشيوعي" الخاص بستالين تجربة حقيقية لاستبداد الظلم بالناس؛ فقد عانت الملايين من المجاعة والبؤس، وأجبر القرويون على العمل الإلزامي، وتعرض الناس لقمع شديد. وفي غضون ذلك، حرم القانون كل أشكال الممارسات الدينية. وبدأ ستالين بمصادرة حقول القرويين، الذي شكلوا 80% من إجمالي السكان الروس. وكجزء من سياسة التأميم، جمع الضباط كل محاصيل القرويين، وجوّعوا ملايين النساء، والأطفال، والمسنين. وفي كازاخستان وحدها، مات 20% من السكان جوعا. وفي القوقاز، وصلت أعداد الموتى إلى أكثر من مليون شخص.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/stalin2.jpgكان ستالين مسؤولا عن مقتل عشرين مليون شخص على الأقل في كل أنحاء روسيا. وطبقا لما يرويه المؤرخون، فقد كان ستالين يتلذذ بممارسة مثل هذه الأعمال الوحشية، وكان يستمتع كثيرا، في مكتبه بالكرملين، وهو يراجع التقارير الواردة من معسكرات العمل الإلزامي عن أعداد الموتى. ولم يكن الإرهاب في عهد ستالين موجها إلى معارضي النظام أو المفكرين فحسب، ففي ظل هجمات المقاتلين الشيوعيين، كان الجميع مهددين
واعتقل آلاف الأشخاص الذين حاولوا أن يقاوموا هذه السياسات في معسكرات العمل الإلزامي بسيبيريا. ونتيجة العمل الإلزامي الشاق في تلك المعسكرات، لم ينج غالبية المعتقلين من الموت. كما أعدم آلاف الأشخاص على يد الشرطة السرية التابعة لستالين. وأصبح التهجير جزءا من سياسة ستالين؛ فقد رُحل ملايين الأشخاص من أوطانهم واتجهوا إلى أماكن نائية في روسيا.
وكان ستالين مسؤولا عن مقتل عشرين مليون شخص في الأقل في كل أنحاء روسيا. وطبقا لما يرويه المؤرخون، فقد كان ستالين يتلذذ بممارسة مثل هذه الأعمال الوحشية، وكان يستمتع كثيرا، في مكتبه بالكرملين، وهو يراجع التقارير الواردة من معسكرات العمل الإلزامي عن أعداد الموتى.
ولم يكن الإرهاب في عهد ستالين موجها إلى معارضي النظام أو المفكرين فحسب، ففي ظل هجمات المقاتلين الشيوعيين، كان الجميع مهددين. وكانت الجماهير تعتقل دون تمييز في "الجولاج" “Gulag” ، وهي شبكة من معسكرات العمل الإلزامي، تم فيها إعدام الكثيرين. ومن خلال الإرهاب تحققت لستالين السيطرة المطلقة على الجماهير. ولم تخلف خمس وعشرون سنة من الحكم الديكتاتوري سوى جماهير معدمة.
وتعتبر روسيا مثالا واضحا للمجتمعات الكافرة التي من غير المحتمل أن توجد فيها حياة مطمئنة سعيدة. ذلك أن الكفر بطبيعته يغري الناس بارتكاب جميع أنواع الجرائم من أجل المنفعة الشخصية، بما في ذلك القتل أو حتى تعريض الأطفال للعنف من أجل المتعة. وإن المجتمع الروسي اليوم لَيشهد الآثار الهدامة للنظام المعادي للدين الذي عانى منه الناس لعقود طويلة وخلف وراءه الانحلال. ولن يتسنى قلب هذا الوضع إلا من خلال تعليم قيم الإسلام لكل الناس ومساعدتهم على استعادة قيمهم الروحية.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:54 AM

القمع الدائر في الصين تحت حكم ماو
في روسيا، طبق ستالين مشروع الثورة الشيوعية الذي خلف وراءه عشرين مليون قتيل. وفي الصين، حذا حذو هذا النظام الدموي نظام شيوعي آخر.
ففي عام 1949، استولى الشيوعيون على السلطة في الصين، تحت قيادة ماو تسي تونج، بعد حرب أهلية دموية. وما بين عامي 1949 و1976، أسس ماو، مثل حليفه المقرب ستالين، نظاما قمعيا ودمويا نفذ عمليات إعدام سياسية لا حصر لها في الصين. وكان الجيش يتكون من قوات شيوعية تضم رجالا ونساء. وفي الشهور التالية، عمت البلاد حالة من الرعب بسبب المقاتلين الشباب الذين أطلق عليهم ماو اسم "الحرس الأحمر".
وحدث تدهور اقتصادي في الصين شبيه بذلك الذي حدث في روسيا، بسبب المبادئ التي تم اتباعها تحت مسمى "التغيير الاشتراكي والحقوق المتساوية". وتكرر نفس السيناريو في الصين؛ فقد حُرم الناس من حقوقهم وصودرت كل ممتلكاتهم لتنتفع بها الدولة. وباختصار، فإن النظام الشيوعي في الصين، الذي قُدم بوصفه ملاذ الجماهير ومنقذها، صادر الحقول والحيوانات والمحاصيل وممتلكات الناس مثلما فعل النظام الشيوعي في روسيا.
وقُدم التأميم أيضا بوصفه متطلبا أساسيا "للتغيير الاشتراكي". أما "العدالة الاجتماعية"، فلم تطبق إلا لإثراء أصحاب السلطة ومن يداهنونهم. وفي غضون ذلك، فتك الموت بالشعب الذي "كان من المفترض أن تكون حقوقه محمية". وزاد عبء المشكلات الاقتصادية، مما استلزم تطبيق إصلاحات أساسية. ولكن كل إصلاح لم يكن يؤدي إلا إلى مزيد من البؤس والفوضى الاجتماعية المنتشرة في البلاد. وكان كل إخفاق للإصلاح الاقتصادي يودي بحياة الآلاف بل الملايين. وفي ذلك البلد الذي يمتد على مساحة جغرافية شاسعة، نفذ ماو عمليات إبادة جماعية على شعبه، لا سيما على الأقليات.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...n/maoch968.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...maochr1966.jpg
في محاولة لإخفاء حقيقته المظلمة، استخدم ماو الملصقات التي تصوره بوضوح في هيئة إله.
وقام مسؤولو الحزب الشيوعي تحت قيادة الديكتاتور ماو، الذي مارس سلطة مطلقة على كل مجالات الحياة، بعزل الصين عن كل المؤثرات الخارجية وفرض سيطرة صارمة على الصحافة ووسائل الاتصالات. وكان الإعدام مصيرا لكل من يوجه نقدا أو اعتراضا لسياسات الحكومة. كما قام هذا النظام الديكتاتوري الدموي بتجميع كل المؤلفين، والفنانين، والعلماء الذين عملوا في ثقافة الأقليات، وتاريخهم، ولغتهم وأعدمهم. وحتى يومنا هذا، ما زال العالم، بما في ذلك الأمم المتحدة، غير قادر على جمع معلومات حقيقية عن الحوادث التي جرت في الصين الحمراء، مثل قضية الأتراك اليوجور الذين تم إعدامهم.
إن التخلص من المعتقدات الدينية هو الهدف الرئيسي لكل نظام شيوعي. ولتحقيق هذه الغاية، تستخدم سياسة قمعية ودعائية نظامية. وتحل محل المعتقدات الدينية فلسفات يضعها الزعماء الذين تؤلههم شعوبهم. وقد كانت الحال كذلك أيضا في الصين، أحد أكبر البلدان المعادية للإسلام في الشرق الأقصى. وابتداء من عهد ماو، منع حكام الصين كل أشكال الممارسات الدينية، وتعرض أئمة المساجد لتعذيب شديد، وأغلقت المساجد. وأصبح الدين، الذي تم اعتباره عقبة كبيرة في طريق النظام المادي، موضوعا غير مسموح بمناقشته.
وتم تلقين الصينيين بشكل منتظم أن الزعيم الشمولي رفيع القدر ومنزه عن الخطأ. وفي المدارس، أصبحت المناهج تتضمن "الكتاب الأحمر"، الذي يشرح فيه ماو بتوسع فلسفته الشاذة. وكان الأطفال الصغار والشباب يدرسون الفلسفة المادية، التي تقدم فكرة وجود الله سبحانه وتعالى بوصفها عائقا كبيرا في طريق التقدم الإنساني. كما تم تشجيع الناس على قتل بعضهم البعض، بل حتى على قتل أمهاتهم، إذا كان ذلك في مصلحة النظام الشيوعي.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...n/kambocya.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima.../kambocya2.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima.../kambocya3.jpg
تكشف عمليات الإعدام الجماعية التي نفذها الخمير الحمر في كمبوديا، أحد البلدان الشيوعية، عن طبيعة الشيوعية القاسية وغير الإنسانية.
وترى الأيديولوجية الشيوعية أن فكرة الأسرة تتعارض مع غاياتها. لذلك، تم تشتيت ملايين العائلات في الصين. وللحفاظ على ما سُمي بمصالح اقتصاد الدولة، تم تفريق أفراد الأسرة عن بعضهم البعض، وأودع الأطفال دور الأيتام، ولم يكن يسمح لأفراد الأسرة بالاجتماع سوى مرة واحدة في العام.
وكل هذه موضوعات مهمة، لأن الشيوعية ما زالت منتشرة حتى اليوم في أرجاء العالم. ولن تكون نهاية البلد الذي تطبق فيه الشيوعية مختلفة عن نهاية روسيا أو الصين. والطريقة الوحيدة لحماية الأمة من هذا النظام الذي تتجسد أبرز سماته في المذابح، والعنف، والجوع، والوحشية، هي أن يدرك الناس – لا سيما الشباب – القيم الدينية. إن الكفار يميلون للشيوعية لأنهم لا يدركون حقيقة الدين وبالتالي لا يعرفون القيم التي يتضمنها. ولهذا السبب، يرى الماديون أن الدين هو أهم قوة فعالة معادية لهم. ومن بين الاحتياطات التي يمكن أن نتخذها لحماية الأمة من مثل هذه الكارثة، أن نشرح القيم الدينية لهؤلاء الماديين بعيدا عن كل أشكال التعصب الأعمى ونقدم لهم أيضا الأدلة على عيوب الفلسفة الشيوعية.
لقد خدع النظام الشيوعي الجماهير عندما قدم لها الشيوعية بوصفها "السبيل الوحيدة للخلاص الحقيقي". "ولكي تحقق الشيوعية هدفها"، عذبت ملايين الأشخاص تعذيبا شديدا. وتعلن منظمة العفو الدولية في كثير من الأحيان عن المعاملة والتعذيب الوحشييْن المستمريْن اللذيْن يتعرض لهما من يُسمون "بالمجموعات العرقية"، لا سيما الأقلية المسلمة التي تعيش داخل الحدود الصينية. إذ لا يسمح للسجناء بالدفاع عن أنفسهم ويجبرون باستمرار من قبل الجنود على طأطأة رؤوسهم على الدوام. ومن المعروف أن المسلمين يعاقبون بأساليب وحشية وغير إنسانية.
ويثور جدل بين المؤرخين الآن حول ما إذا كانت الشيوعية قد تسببت في مقتل مائة مليون شخص في المجمل أم ثمانين مليونا "فقط".

ميارى 8 - 6 - 2010 02:56 AM

أضرار النظم المعادية للدين على الناس
. في ظل النظم الشمولية، تُستبعد كل أشكال التفكير المستندة إلى القيم الأخلاقية والضمير وتُقمع المجتمعات. ذلك أنه في ظل هذه النظم، لا يحق للناس أن يتمتعوا بحقوقهم وحرياتهم الأساسية، وتُقابل القيم الأخلاقية بالرفض البات، وتسيطر على المجتمع الجماعات النفعية. كما لا يسمح نظام الكفر بأي نشاط لا يخدم مصالح النظام الكافر السائد.
. يتم تلقين الناس كي يؤمنوا بأن الديكتاتور معصوم من الخطأ وأن قراراته صائبة. فيصبح تأليه الزعيم أمرا مألوفا في كل النظم المعادية للدين (الفاشستية والشيوعية).
3. يتم القضاء على حرية الفكر والدين تماما. فلا يسمح بدخول المساجد، والكنائس، والمعابد، ويُمنع الناس من نشر الدين. كما يتم إنشاء صندوق خاص لمحاربة الدين يتم تمويله من الميزانية الوطنية.20
4. تسيطر الدولة سيطرة كاملة على الاقتصاد، فتمنع الاستثمارات الخاصة، وتؤمم المصانع، ووسائل الإنتاج، ومنشآت التصنيع، والبنوك.
5. يصادر الجنود الشيوعيون الممتلكات العقارية الخاصة. ويتم تأميم الحقول ومحاصيل القرويين "من أجل مصلحة البلاد العليا".
6. تودي المجاعة بحياة الملايين، بمن فيهم النساء، والأطفال، والمسنون. ويتسبب النظام في ظهور الفقراء والمحرومين، ويفرض حياة صعبة على الجميع؛ فيصبح شراء رغيف الخبز، على سبيل المثال، يستلزم الانتظار في الطوابير لساعات.
7. تم اعتقال الناس في معسكرات العمل الإلزامي وأعدموا بشكل جماعي. بينما عمل من تبقى منهم قسرا في ظروف صعبة للغاية. وكان النفي إلى سيبيريا مصيرا لأولئك الذين لم يستطيعوا التأقلم مع ظروف العمل.
8. أخمد المقاتلون الشيوعيون حركات التمرد بشكل دموي. وقتل المتمردون رميا بالرصاص أمام أعين الشعب.
9. تم إعدام معارضي النظام ومنتقديه، سواء كانوا من السياسيين أو المفكرين.
بلشفيون بقيادة ليون تروتسكي يطلقون الرصاص على أعضاء الجيش الأبيض (الجهة العلوية). المذبحة المعروفة باسم "الأحد الدامي" (وسط الجهة اليسرى). أناس أبرياء يعدمون أثناء عهد ستالين (وسط الجهة اليمنى). رجال دين قتلوا رميا بالرصاص في أثناء كوميون باريس. (الجهة اليمنى).

10. تنعّم الموجودون في السلطة بحياة البذخ في حين عاش عامة الشعب في بؤس. فعلى سبيل المثال، عندما استولى الحزب الشيوعي على زمام الحكم، كان الفرق بين مرتب العامل ومرتب عضو الحزب الشيوعي يتراوح ما بين 20 إلى 30 ألف روبل. وكانت مرتبات أعضاء الحزب الشيوعي تتراوح ما بين 25 إلى 100 ألف روبل، بينما لم تتجاوز مرتبات غالبية الشعب 150 روبل. وعلاوة على ذلك، كان أعضاء الحزب الشيوعي يمتلكون قصورا وسيارات ويستفيدون من الخدمات الصحية المجانية. ولم تكن أي من هذه المنافع متاحة للجمهور الذي شكل عماله العمود الفقري للاقتصاد الوطني.21
11. قامت قوات الشرطة التابعة للنظام القمعي بإرهاب الشعب، فعاش الشعب مهددا باستمرار.
12. دخل الحزب الشيوعي البلاد في دائرة مفرغة من النزاعات الأهلية، والشغب، والفوضى.
13. كما أثر النظام القمعي الشمولي أيضا على المدارس. فقد كان لينين يرى أن التعليم يجب ألا يكون موضوعيا، وحياديا، ومعزولا عن السياسة. وفي خطابه الذي ألقاه أمام المؤتمر الأول حول التعليم السوفييتي في الخامس والعشرين من آب/ أغسطس 1918، ذكر لينين أن الغاية الأساسية من التعليم هو القضاء على البورجوازية. وقد أعلن صراحة أنه لا يوجد تعليم خارج نطاق السياسة وأن الزعم بغير ذلك يعد كذبا ونفاقا محضا.22 وكانت الغاية من التعليم هي تنشئة أجيال كافرة، مغيبة، ضعيفة أخلاقيا لتخدم مصالح الشيوعية.
14. غُسلت أدمغة الشباب بالكفر وأصبح النظام ينشئ المقاتلين بدلا من الأجيال المسالمة.
15. تم القضاء على فكرة الأسرة. فقد تم فصل الأطفال الرضع عن أسرهم ليتربوا في دور الأيتام، لأن فكرة الأسرة كانت تعتبر ضد "مصالح الدولة". وفي اجتماعات الحزب الشيوعي، كان الأعضاء يعبرون عن آراء مثل "سيقدر للثورة أن تظل ضعيفة طالما أن الروابط الأسرية وفكرة الأسرة ما زالت موجودة" 23
16. لم تتوفر للفن والعلم في ظل النظم الشيوعية بيئة مناسبة تساعد على الازدهار. ذلك أن جزءا كبيرا من الموازنة الوطنية كان يخصص لشراء الأسلحة، التي تستخدم في المقام الأول لإخضاع الجماهير وإعدامها.
17. لم يكن لدى الشباب أي غاية في الحياة مما أدى إلى ارتفاع معدلات الانتحار ارتفاعا كبيرا. كما أن النظام ذاته دفع المراهقين إلى إدمان المخدرات والكحوليات.
18. تم تقليص حرية الصحافة تقليصا تاما. إذ لم يكن يسمح بنشر المواد أو إذاعتها إلا إذا كانت تمدح النظام والزعيم، وإن لم تكن كذلك يتم إسكاتها.

بؤس الناس في البلدان الشيوعية

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/komkat2.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/komkat4.jpg
في المجتمعات الشيوعية، تزخر حياة الناس اليومية بالصعاب والعناء. فعلى سبيل المثال، يحاول الطفل الظاهر في الصورة أن يشرب ماء عكرا لأنه لا يستطيع أن يجد ماء صالحا للشرب. وفي الصور الأخرى، يظهر بوضوح البؤس الذي يجلبه الكفر.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:57 AM

الخاتمة

"وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ." (سورة يس: 17)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...on/dilenci.jpgمن الجوع إلى الفقر، ومن المخدرات إلى الفساد الأخلاقي، تناولنا في هذا الكتاب مشكلات عالمية كثيرة تتطلب حلا فوريا. ومما لا شك فيه أن الجميع يعرف تلك المشكلات، ولكن تظل الحقيقة أن غالبية الناس لم يحاولوا قط تحمل المسؤولية لحل أي منها. وفضلا عن ذلك، فإننا نتجنب مجرد التفكير فيها. ومن ناحية أخرى، يفكر البعض في هذه المشكلات تفكيرا جديا، ويلفت انتباه العامة إليها، ويشعر جديا بوجود مشكلة لدينا في كوننا غير مؤهلين لتقديم الحلول.
إن عجز البشرية عن توفير الحلول على مدى فترات طويلة إنما يرجع إلى لجوئها إلى أيديولوجيات معيبة ونظم كافرة. ومع ذلك، يكمن الحل في الرجوع إلى قيم القرآن الكريم والسنة، وهو الطريق الذي اختاره المولى عز وجل للبشرية. وسيكون من الخطأ التام أن يقبل الإنسان الوضع الراهن بكل عيوبه، أو يظل صامتا، أو يعتبر أن العيش في عالم خال من كل هذه النواقص هدف لا يمكن تحقيقه. ذلك أن الله سبحانه وتعالى، الذي خلق الإنسان، خلق له أيضا الطريق الذي سيشعر عند اتباعه بالأمن والسلام. وقد أبلغنا الله بهذا النظام في القرآن الكريم. وكما يقول تعالى في الآية التالية: "... وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ." (سورة النحل: 89)، فالقرآن يهدي البشرية إلى الحق في كل ميادين الحياة.
ويمكن أن تنتهي كل المشكلات التي يعاني منها العالم اليوم إذا قُدمت للبشرية قيم القرآن والسنة، في شكلها الأصلي خالصة من كل أشكال التعصب الأعمى والبدع.
وتجدر الإشارة إلى نقطة مهمة أخرى تتمثل فيما يلي: وعد الله الإنسان بحياة النعيم في الدنيا وفي الآخرة، وهذا هو سر اتباع القرآن الكريم. ومن ثم، سيمحو القرآن كل المشكلات، وسيجزي الله، الرحيم بعباده، كلا منهم حياة جميلة خالية من كل صور المشكلات والبؤس الموجودة في الدنيا:
"مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ. مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ." (سورة النحل: 96-97)
وبما أن الحل يكمن في قيم القرآن، فإن المؤمنين ذوي الضمائر الحية مكلفون بمسؤولية كبيرة ألا وهي تبليغ القرآن للبشرية جمعاء:
"وما علينَا إلا البلاغُ المُبِينُ" (سورة يس: 17)

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ckolajtiff.jpg

سوف تنتهي مثل هذه المناظر المؤلمة إذا تمسك الناس بأحكام القرآن والسنة.

"قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ." (سورة البقرة: 32)

المُنـى 8 - 6 - 2010 08:28 PM

"وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ. فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ. أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ." (سورة البلد: 10-20)


السلام عليكم اخت ميارى

ان الله سبحانه وتعالى قد ابتلى شعوبا بالفقر مع ان دولهم غنية بالأصل من ثروات باطنيه مثل الدول الافريقية وغيرها وقد يعود ذلك الى حكمةة عند الله سبحانه وتعالى وبعض الدول ابيتليت بالأعاصير والزلازل والفيضانات او البراكين ونتيجة ذلك يتشرد الآلاف ويصبحوا بلا موطن او مسكن ويعيشون في منازل الايواء وترسل لهم المعونات عن طريق الجمعيات وغيرها ،، وللأسف الدول الاسلاميه هي الدول الوحيده التي ان اصيبت بنكبة لا تمتد لها يد العون والمساعدة وان امتدت نراها تحت غطاء السياسة والعقوبة تقطع هذه اليد وتشلّ قبل ان تصل كما رأينا جميعا ما يحصل في غزة للأسف.
اخلاقنا هي أخلاق القرآن لكن جبننا وخوفنا ليس من أخلاق القرآن في شيء حين نرضخ لأوامر الدول الصليبيه ولا نرضخهم لديننا وما فيه رغم كثرة عددنا كمسلمين.
لاحظي حين تحدث كارثة في اي بلد غير اسلامي كيف تنهال عليه المساعدات وتبدأ الجمعيات الخيريه والصليب الأحمر بالقيام بدورهم،، في افريقيا فالهدف واضح في اضعاف هذه الدول وذلك ان بقائها في جوع وحروب مستمرة تجعل الدول الطامعه ان تضع يدها على اماكن هذه الدول المنكوبه وتصبح قواعد عسكريه لها وهنا ان تدخلت الجمعيات الاسلاميه تصبح دورها ارهابي وتصبح مغذية للارهابيين في هذه الدول .
صدقيني صحيح ان هناك قصورا من المسلمين ولكن الخير فيي وفي امتي،، هكذا قال رسولنا الكريم ولكن السياسة لها دور كبير فيما يجري.

اشكرك ميارى على الطرح ولي عودة لاحقا


الساعة الآن 11:38 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى