منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   لحلوي... شاعر المغرب الأقصى (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=16214)

المفتش كرمبو 23 - 5 - 2011 03:41 PM

لحلوي... شاعر المغرب الأقصى
 
الحلوي... شاعر المغرب الأقصى

إدريس الكنبوري
فقدت الساحة الثقافية والأدبية في المغرب والعالم العربي واحدا من كبار الشعراء في المغرب الأقصى الذين أثروا ديوان الشعر الإسلامي الحديث، وظلوا متشبثين بالأصالة العربية والإسلامية في القصيدة من حيث الشكل الشعري، والاقتراب الموضوعي من قضايا الأمة وهمومها.
ففي يوم الجمعة الماضية 10 ذي القعدة 1425 للهجرة الموافق للرابع والعشرين من ديسمبر 2004 رحل الشاعر المغربي الأصيل محمد الحلوي عن سن تناهز الثانية والثمانين، بعد حياة حافلة بالعطاء في مجالات الشعر والأدب وخدمة اللغة العربية الفصحى التي كان من أشد المدافعين عنها في وجه دعاة التبعية والنزعة الفرنكوفونية، مخلفاً وراءه صرحاً شعرياً غنياً بناه طيلة أزيد من ستين عاماً، طرق فيه مختلف الموضوعات والقضايا العربية والإسلامية، من سياسية واجتماعية ودينية، كما جال مختلف الأغراض الشعرية من مرثيات وطبيعيات وحكميات.
ولد الشاعر محمد الحلوي رحمة الله عليه عام 1922 بمدينة فاس، وتلقى تعليمه الديني بجامع القرويين الذي كان في ذلك الوقت منارة تخرج فيها العديد من رجالات الفكر والأدب والسياسة أمثال العلامة الراحل علال الفاسي، والشيخ المختار السوسي والفقيه محمد اليوسي وغيرهما من أعلام المغرب المعاصرين، وارتبط في الأربعينيات والخمسينات بحركة المقاومة الوطنية للاستعمار الفرنسي والدعوة السلفية وتعرض للسجن على يد المحتل الفرنسي. وفي عام 1947 حصل على شهادة العالمية من جامعة القرويين التي كانت تحضن المبرزين، وعمل أستاذاً للغة العربية طيلة سنوات عدة إلى حين تقاعده وتفرغه للتأليف وقرض الشعر.
ورغم رسوخ باعه في الشعر ومعايشته لظهور الشعر الحر المتمرد على التفعيلة، فقد ظل الحلوي وفياً للقصيدة العمودية التقليدية التي كان يرى أنها الشكل الشعري الأكثر أصالة، رافضاً القول بأن القصيدة العمودية تعادي التطور والتجديد، واستطاع بشعره الكثير أن يثبت صدق دعواه، وأن يبرهن على أن الشعر العمودي قادر على مسايرة العصر والتجاوب مع انشغالات الأمة وقضاياها والقرب من القارئ عبر تنزيل القصيدة إلى أرض الواقع، فكان أحد شعراء العربية القليلين في العصر الحديث الذين لم يغادروا معطف العمود الشعري القديم أمثال شاعر العراق والعرب محمد مهدي الجواهري وشاعر اليمن عبد الله البردوني وشاعر السودان عبد الله الطيب وآخرين.
ترك محمد الحلوي عدداً من الدواوين الشعرية من بينها"أنغام وأصداء" الذي صدر عام 1965 و"شموع" الصادر عام 1988، و"أوراق الخريف" الذي صدر عام 1990، كما ألف عدة كتب في اللغة العربية من بينها"معجم الفصحى في العامية" الذي درس فيه خيوط التقارب بين العربية الفصيحة واللهجة المغربية. وقد نال الحلوي عدة جوائز داخل وخارج المغرب، من بينها جائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين وجائزة الاستحقاق الكبرى عام 1995 وجائزة الدولة التقديرية عام 1996.


المفتش كرمبو 23 - 5 - 2011 03:42 PM

شهادات في حق الشاعر

وقد استقى موقع(الإسلام اليوم) شهادات عن الشاعر الراحل، حيث قال الناقد الدكتور سعيد الغزاوي ـ أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء ـ:" برحيل الشاعر محمد الحلوي تفقد القصيدة المغربية دعامة من دعاماتها في القرن العشرين ، وتظل الأمانة في أعناق الجيل التالي للشعراء المغاربة الأصلاء الذين أدركوا مكانة الشعر، ومعنى أن يكونوا شعراء لهم رسالة يؤدونها في تجاربهم الشعرية"، وقال الغزاوي أن المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية بالمغرب" كان يعتزم تنظيم ندوة تكريمية احتفاء بالشاعر محمد الحلوي بوصفه شاعر القصيدة المغربية العمودية بامتياز، لكن قدر الله سبق ما ارتآه المكتب و لا راد لقضائه"، وعن المرثيات التي كان الشاعر الحلوي ينظمها قال الغزاوي: كثيرة هي المرثيات التي نظمها الشاعر الفقيد محمد الحلوي ، وبينها مرثيته " موت شاعر " التي يدافع فيها عن رسالة الشعر وصلته بالقيم الإنسانية الرفيعة"، وعن إجماع النقاد على اعتبار الشاعر الراحل شاعراً"تقليدياً" قال الدكتور الغزاوي لـ(الإسلام اليوم): "يكثر الحديث عن تصنيف الشعراء المغاربة إلى تقليديين وحداثيين، وينعون على "الحلوي" منهجه العمودي في القصيدة، وهم في الحقيقة يمدحون أصالة الشعر الذي ظل محافظاً على الإيقاعات العروضية والصور الأصيلة والأساليب البلاغية الراقية".
أما رئيس اتحاد كتاب المغرب الشاعر حسن نجمي فقال: "كان الشاعر محمد الحلوي آخر الشعراء المغاربة الكبار الذين كتبوا القصيدة العمودية، و إننا نفقد برحيله شاعراً كبيراً حقيقيا ارتبط اسمه بالقصيدة المغربية الحديثة"، وأضاف قائلاً: " إننا -ومن دون شك- لا نستطيع أن نتصور خريطة الشعر المغربي بدون اسمه وحضور صوته وثراء تجربته رحمه الله، فبالرغم من حرصه الشديد على تكريس الكثير من جهده الشعري والإبداعي لتأريخ الكثير من الأحداث السياسية الوطنية والقومية والإنسانية فقد تمكن من أن يخترق إكراهات الحدث السياسي بروحه الإبداعية, وبضوئه الداخلي, وبشفافيته ورؤيته البسيطة التلقائية الحميمية للأشياء وللعلائق".

المفتش كرمبو 23 - 5 - 2011 03:43 PM

وقالت الشاعرة أمينة المريني ـ عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية ـ لـ(الإسلام اليوم): إن الشاعر محمد الحلوي "كان واحداً من الشعراء الذين قلما تجود بهم العربية مثل شوقي والجواهري، عاش كبيراً ومات كبيراًً، فكان وطنياً غيوراًً ومسلماً فخوراً معتزاً بدينه، لم ينل إلا القليل ولم يوفّ حقه في وطن لا يلتفت للمستحقين إلا بعد وفاتهم".
وقال عبد الهادي دحاني رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بالجديدة: "لقد استمعت إلى قصيدة رثائية للشاعر المرحوم برحمة الله الواسعة إن شاء الله، وكانت قصيدة مطولة ورائعة في مضمونها وشكلها، اختار لها روي الباء على غرار قصيدة الشاعر أحمد شوقي البائية في أبي الزهراء صلّى الله عليه وسلم. ولقد أقعدت العلل شاعرنا الكبير فألقاها أحد الأساتذة نيابة عنه، والقصيدة في أزيد من خمسين بيتاً، كان الحضور ينصت إليها باهتمام وبشغف وبإعجاب، حتى إذا ما وصل منشد القصيدة إلى قوله:
يا حامل النعش تمهل
ولم تسعفني الذاكرة في استحضار البيت بأكمله، ولكن مضمونه يدل على التمهل في حمل النعش، يريد أن يقضي المشاة وراء النعش أكبر قدر من الوقت حتى لا يكون آخر عهد لهم بصاحبه أقصر مما يتصورون، ويعز عليهم أن يواري التراب حبيبهم الذي طالما استأنسوا بإنشاده، واستمتعوا بشدوه. وكنت أستمع إلى كلمات القصيدة الذهبية النابضة بالصدق والحب للمرثي، وكنت أرى وجه "الحلوي" الصبوح يتفجر نوراً وإشراقاً من بين القوافي وكأن الشاعر حاضر بيننا، وكأنني أشعر بقصيدة مودع يريد اللحاق بالمرثي. وانتهى اليوم الأول من الندوة التي كانت عبارة عن أيام دراسية حول الشيخ زايد في محيطه الإسلامي والعربي والدولي، وفي المساء يأتينا خبر مفجع بدخول الشاعر غرفة الإنعاش، والتي لم يخرج منها إلا محمولا على النعش ، فرحمة الله عليه وعلى جميع الأموات من المسلمين".

المفتش كرمبو 23 - 5 - 2011 03:44 PM

من قصائده
1-مرحى بعالمنا الجديد
ودّعتَ يوم مضيت غير مودّعِ لم نبك من أسف ولم نتوجّعِ

وتنفس الصعداء من أرهقتهم ورأوا رحيلك يوم عيد أروع

ماذا سنذكر عن نظام لم يكن فيه لأمة يعرب من موضع?

الشرق منه الشمس تطلع وهي في أيامه من أفقه لم تطلع!

ماذا سنذكر عن نظام قاتم أشباحه الشوهاء توحش مضجعي?

ما زال يقتل شعبنا في قدسنا ويخوض في دمنا, ولما يشبع

أبناؤه صرعى الضلالة والهوى ما بين ضائعة به ومضيَّع

ماذا سنذكر عن نظام بائد قهر الشعوب لأنها لم تركع?

وكأنه ما زال في غاباته في العلم لم ينشأ ولم يترعرع

مرحى بعالمنا الجديد ولا رأت عيناي ما لا يشتهيه توقعي

فعسى تعود به الحياة كريمة وتسود روح الحب كل الأربع

ويضم كل أخ أخاه معانقا في ظل أمن مستطاب مُمرِع

ينسى به الماضي وما حفلت به أيامه من مفجع ومروع

فتأهبي يا أمتي لمسيرة أخرى مباركة الجهود وأقلعي

إني لآمل بعد عهد مظلم في فجر يوم للعروبة ممتع

لتعيدها دول العروبة أمة وتعيد رفع بنائها المتصدع

فمتى يعم الأمن دنيا رُوّعت ويغيب عن سمعي هدير المدفع?

ويرى بنو الدنيا سلاما عادلا من بعد عهد بالمآسي مترع

واحسرتي إن خابت الآمال في عهدي الجديد, وعدت للمستنقع

2-ربيع بلادي
وافى الربيع وأشرقت أنوارهُ وافترّ في خُضر الربا نُوارهُ

وشدت بلابله على أفنانها فتراقصت في شدوه أشجاره

وسرى عبير الزهر بين خمائل نشوى فطابت بالشذا أسحاره

وجرت جداوله لُجَيناً ذاب فيـ ـه مع الأصيل جماله ونُضاره

ومباسم الأزهار يغشاها الندى سَحَرا ويرشف ثغرها أطياره

حام الفراش على كؤوس رحيقها ثملا فزاد أوامه وخُمَاره

وعلى الروابي الخضر بين شياهه راعٍ يغني للهوى مزماره

يشدو لليلاه لواعج حبه لحنا تدغدغ قلبها أوتاره

تروي البطاح لحونه وشجونه وتظل خالدة بها أشعاره

جاد الغمام على الثرى بفُيوضه فاخضرّ سنبله ورفّ عَرَاره

وكست رباه مطارفا موشية وزرابياً مبثوثة أمطاره

راق النسيم فهب يسكب عطره متجولا بين الرّبى عَطّاره

وأشاع في الدنيا بشائر بهجة مخضرة طفحت بها أنهاره

من بعدما اكتسح الشتاء جمالها واجتاح فتنة أرضها إعصاره

أبلى محاسنها الشتا وأحالها شمطاء تكسو جسمها أطماره

عقد الكرى أجفانها حتى إذا وافى الربيع وأينعت أزهاره

دبّت حياة لم تكن في كائن ورأيت إبداعا سمت أطواره

نطف تظل دفينة تحت الثرى حتى إذا اكتملت بدت أسراره

لوحات خلاقٍ كبير لم يزل في كل قلب مؤمن إكباره

يزجي السحاب لمن يشاء متى يشا ماء تطل من الغصون ثماره

ومراتع ملء العيون نضارة سار النسيم بها فطاب مساره

أنّى التفت رأيت فيضا من سنا وسريت في كون زهت أقماره

وسمعت موسيقى الطبيعة همسة وخرير نهر صاخب تياره


المفتش كرمبو 23 - 5 - 2011 03:45 PM

إلى روح الشاعر الكبير محمد الحلوي

قالوا : انطوى علـم فقلـت مبتـدرا
كل، إلـى رمسـه ، تَرَقَُّـب السفـرا
وقيل: ذاك " محمد القصيـد" قضـى
فقلت: ليـت سـواك أمسـك القـدرا
الشعر بعدك في رزء ، وفـي شجـن
يا خسر ما كبـد القصيـد والشعـرا
حجت إليك القوافـي وهْـي طائعـة
وقد تأبَّـت علـى سـواك فاحتجـرا
أهدتـك رايتهـا بيضـاء راضـيـة
وتوجتـك ، وأنـت قاعـد ، ظفِـرا
فكم أضأت سماء الشعر حيـن دجـت
فكنت في الشعر أنت النجم والقمـرا
وكنت في الشعر صوتا هـز سامعـه
وكنت فيه الصدى، واللحن، والوتـرا
وكنت في الأفق بلبـلا سمـا غـردا
حتى ارتقـى قممـا شواهقـا وذرى
وكنت مـن دررا صاغـت قريحتـه
في العمق، غاصت إليها البحر والنهرا
مـا زلـت تبذلهـا مجلـوة فتـري
للعين ، من حسنها، ما يخطف البصرا
أزجيت للقلب لحنـا كـم يهيـم بـه
صب، وأشجيت من عن فهمه قصـرا
قـد خـف أغنيـة شجـيـة فــإذا
لحن الأماني فشا في القلب وانتشـرا
فلم تـدع مـن نسـام الشعـر أفئـدة
إلا حيارى، تناغي السهـد والسهـرا
ولم تغادر على روض الهوى شجـرا
إلا وفتقـت فيـه الزهـر والثـمـرا
لما شدوت تركت اللـب فـي شغـف
والعقل ،في حيرة، يستطرف الصورا
والخلب فـي طـرب، فمـن تطلبـه
يجد، بخافقـه ، مـن سحـره، أثـرا
"أصداؤك " السحـر ، إلا أنهـا نغـم
ورب سحر على وقع الصدى اقتصرا
شققت في "معجم الفصحى" على كلـم
فاستل من جوفه مـا كـان مستتـرا
أعـذب ب"أنـوالَ" تحفـةً ملامحهـا
راقت لراء ، وأبهجـت لـه النظـرا
تحكي ملاحمهـا الـذي حكـاه لنـا
هومير ، في لوَحـات لقنـت عبـرا
تلك "الشموع" و"أوراق الخريف"حوت
مذهباتٍ، مضيئـاتِ الدجـى غـررا
تلك الشموع شموس بالضحى سطعت
أو أنجم الليل، منها، قـد همـت دررا
أينعت بالزهر "أوراق الخريف" كمـا
وشيت بالقطر، دون خدها ، الطـررا
أثقلتها بثمـار الشعـر -يـا عجبـا-
فما هوى ورق ، ولا النـوى انتثـرا
أخجلت من زعموا في الشعر منزلـة
واحمرتَ اوجههم ، وإن شكت خفـرا
ربأت بالضـاد عنهـم إذ بصائرهـم
رأت بريـق القوافـي ظلمـةً وهُـرا
لكن من شال في ميزان شعـره يـح
سبْ غيره، راجحا، في القعر منتحرا
فإن تكن في المدى قد جبت شـم ذرى
فكم ،على ألـم، طويـت مصطبـرا
وكنت،لو شئت، عشت العمر في رغد
مدفأ الحضن ، لا تشكو به الحصـرا
فمـا ركنـت إلـى ضيـم تصافحـه
ولـم تطأطـئ لـه رأسـا إذا أمـرا
ولـم تربـت، تقربـا، علـى كتـف
ومـا تهيبـت مـن معمـر خطـرا
فذدت عن وطن قـد كـان مغتصبـا
وذقـت سمـا، لقـد جُرِّعْتَـه هـدرا
وفي الضلوع فـؤاد كـان يصهـره
قهر ، فذاب بنـار القهـر وانصهـرا
لكن أذبت مـن الضلـوع كـم قيـم
فجاء شعرك مـن بلـواك معتصـرا
لقد أذقـت الحميـم غاصبـا فهمـى
من فيك جم اللهيب، يقـذف الشـررا
فإن تكن قد حمدت الخير فـي ملـك
فقد حمدتـه فـي الملـوك والفقـرا
وكيف يسهو عن النعمـاء مخلصهـا
إن كان أنفق في إخلاصهـا العمـرا؟
الموت في الناس ألوان وكـم رجـل
يُرى، وإن لبس الشبـاب، محتضـرا
ما مِتَّ إذ ضرحوا تحت الثرى جسدا
ما ظل شعرك روضا باسمـا نضِـرا
تفنى الريـاض ويبقـى طيبهـا أبـدا
بالمسك يعبق، فـواح الشـذا عطـرا

ما وضع بين مزدوجتين مؤلفات أدبية للشاعر المرحوم



الساعة الآن 05:28 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى