منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   الخيل في المعلقات السبع... (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=12126)

أرب جمـال 1 - 12 - 2010 01:19 PM

الخيل في المعلقات السبع...
 
الخيل في المعلقات السبع...

هذا الموضوع جزاء من موضوع متكامل يتتبع لفظ الخيل لغة واصطلاحا
ومعرفة كيفية خلق الخيل وطبائعه وصفاته وألوانه هذا إلى الخيل في القرأن الكريم وآخيرا في المعلقات السبع
وهنا أكتفي بذكر تتبع لفظ الخيل في المعلقات....

فالحمد لله الذي أجرى على ألسنة الفصحاء روائع البيان،ففاضت أفواههم بينابيع الحكم التي تُغذِّي الأفكار،وتطرب الوجدان،والصلاة والسلام على أفصح العرب والعجم،الذي تسامى إلى ذروة البلاغة بما أوتي من جوامع الكلم ،سيدنا محمد القائل:"إنّ من الشعر لحكمة،وإنّ من البيان لسحرا"،وعلى آله وصحبه وكل من سلك في الحياة جادَّة دربه.

وبعد:

يقول الله تعالى في كتابه العزيز :"والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون" الإسراء/64 ،من هذا المنطلق يمكن القول إن الخيل من مخلوقات الله تعالى التي خصها لخدمة الإنسان،وجعلها عزاً لأوليائه ،وذلاً لأعدائه،وتميزت الخيل عن باقي المخلوقات بعد الإنسان بجمال منظرها ،وروعة شكلها وسرعة عدوها،فهي من مخلوقات الله تعالى التي جعلها للزينة والركوب معاً،وهي العُدَّة التي استخدمها المسلمون الأوائل لنشر دين الله في أرجاء المعمورة،فهذا الحيوان يستحق منّا كل الاهتمام والرعاية ،كما يستحق منا الاعتراف بفضله ودوره الذي خلده على مر هذه العصور المتتابعة وكيف أنه استطاع أن يحتل هذه المرتبة المتميزة بين باقي الحيوانات.

ولو واصلنا التحدث عن الخيل وأسراره وماهيته ودوره فلن تسعنا أوراقاً مجلدات ،وسوف نكتفي نحن في هذا الجهد المتواضع أن نتحدث عن بعض الموضوعات التي تتعلق بالخيل وهي:المعنى اللغوي للخيل،وكيفية خلقه،وطبائعه وعجائبه،كما سنتناول أصوات الخيل وألوانه كما ذكرها العرب،وسوف نخص بابين خاصين للتحدث عن الخيل في القرآن الكريم وفي المعلقات السبع.
الخيل في المعلقات:

الحر الشديد صيفاً،والبرد القارس شتاءً،والعصبية القبلية،وعمليات السرق والنهب،والتنقل والترحال وراء مواطن العشب والماء،والغزو والاعتداء على القبائل المجاورة........إلخ

تلك هي طبية البيئة والحياة في الجزيرة العربية منذ آلاف السنين،ولقد شهت هذه البيئة الصحراوية وما يحيط بها من جبال علاقة مميزة جمعت الخيل والإنسان والصحراء،ولم تكن علاقة الإنسان بالخيل علاقة اقتصرت على الركوب عليه والتنقل به من مكان لآخر أو استخدامه في عمليات القتال،بل تعدّت هذه العلاقة ليصبح الخيل واحدًا من أبناء صاحبه،بل حتّى إنه فضّله على أبنائه في معظم الأحيان،وآثره على نفسه،وكان يلتحف معه نفس الخيمة،ويشرب معه حليب الناقة في مواسم القحط والجدب وقلة الأمطار وغياب العشب،وكان للخيل عند العرب على ما كانوا فيه من قحط وجدب مكانة عالية،وكانت القبيلة تقيم الاحتفالات والأفراح بمجرد سماعها بأن فرس أحد الأشخاص قد أنتجت أو ولدت،يقول صاحب العمدة:"وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد،أو شاعر ينبغ أو فرس تنتج"

فكانت طبيعة الجزيرة العربية وما بها من صحارٍ مترامية،وجبال شامخة هي الدافع على شدة إقبال العربي لامتك الخيل،"وقد سموا الخيل خيلاً لأنها تُشعِر بالخُيلاء في سيرها وعدوها وأثناء وقوفها"

وكان الواقع الاجتماعي للحياة الجاهلية سبباً في اعتناء العربي بخيله،وكان يؤثرها على جميع أهله،حتى إن أحدهم كان يجيع عياله ويؤثر نفسه بالطعام،فقال في فرسه سكاب:

أبيت اللعن أنَّ سُكاب علق .. نفيسٌ لا تُعار ولا تبــــاعُ
مُفدّاة مُكرَّمة علينــــــــــا .. يجاع لها العيالُ ولا تُجاعُ

ويقول الأخطل:

أحبُّوا الخيل واصْطبروا عليها ... فإنَّ العِزَّ فيها والجمالا
إذا ما الخيلُ ضيَّعها رجـــــالٌ ... ربطناها فشاركت العيالا
نصون الخيلَ ما دُمنــا حضوراً ... ونحذوهنَّ في السفر النعالا

فهنا إشارة واضحة إلى مشاركة الخيل العيال في الطعام والشراب،وهي دلالة على إعزاز الخيل وإكرامها.

ويقول مالك بن نويرة:

أُعلِّل أهلي عن قليلٍ متاعهم ... وأسقيه محض الشولِ والحيُّ هاتفُ

بمعنى يصرف عياله عن قليل الطعام الموجود ،ويقدمه لحصانه .

وهكذا نلاحظ كيف أن العربي كان يؤثر جواده على نفسه،ويقدم له الطعام،ويغطيه بردائه،ويسقيه الماء السلسبيل،واللبن الخالص،ويشرب هو وأسرته ما يبقيه الجواد.

وكان العربي في الجاهلية كثير الدفاع عن فرسه،حتى إنه كان يغضب إذا رمى أحدهم خيله بصفات لا يستحبها أو أهان خيله،ومن شدة حرصه على خيله أنَّه علَّق عليها التمائم خوفاً عليه من عين الحاسدين،وأنه كان يعطيها أسماءً وأنساباً ،فسموها بأسماء اشتقوها من صفاتها وألوانها وشياتها،"مثل النعامة والحرون وقرزل،والجون،وداحس والغبراء".

فكانت الخيل عند العربي من مظاهر العز والمنعة،فهي عدَّتهم عند الغارة،ومكسبهم في الغزو والحرب،وكانوا يرسلونها على الطريدة وفي السباق،وهي صديقة العربي ورفيقة دربه في الحاضرة والبادية،فهي مرتبطة أشد الارتباط بمعنى حياته ووجوده ومصيره،فالحياة في شبه الجزيرة العربية كما قلنا كانت تعتمد على السلب والنهب بما في ذلك الكر والفر،فالخيل هو عدة العربي في كل هذا،وهو عدَّته في الحرب يشاركه فيها مشاركة فعَّالة فلا يحفل ولا يكبو،ولا يفر عن المعركة مهما احتدمت ،فسبحان من أودع الشجاعة في هذا المخلوق الجميل الذي تعود على مواجهة السيوف وهي تلمع من حوله ،فلا توهن عزيمتها وثباتها وقوتها بمجرد رؤيتها لهذا الاحتدام واللمعان.

ولهذا أهم ما يميز الحصان العربي وفاءه النادر لصاحبه ،فهو لا يدهسه أبدا إذا سقط عن صهوته،في حين نجده يدوس جماجم القتلى من الأعداء والجرحى،ويغرس سنابكه القوية في أجسادهم،وفي ذلك يقول عنترة:

تدوس على الفوارس وهي تعدو ... وقد أخذت جماجمهم نعالا

وقال "شداد بن معاوية العبسي" والد عنترة في قوة حصانه "الأغر"،وكيفية الدفاع عنه في أرض المعركة:
جزى الله الأغرَّ جزاء صدقٍ .. إذا ما أوقدت نارُ الحروب
يقيني بالجبين ومنكبيــــــــــه ... وأحميه بمطّرد الكــــعوب

وهكذا نلاحظ أن اعتناء العربي بخيله والمحافظة على خصائصها المتميزة يفوق الوصف،مما جعل الحصان العربي النموذج أو المثال في جمال الخيل وكمالها.

والمعلقات التي تعد النموذج الفني الرفيع للشعر العربي على مرِّ العصور المتلاحقة،والتي تعد عنواناً للموهبة الفنية،وقوة البيان وروعته،وما بها من صدق العاطفة،لم يكن غريباً أن تظل كلماتها وصورها معبرة أصدق تعبير عن واقع قائليها وبيئاتهم الاجتماعية والسياسية في بلاد العرب قبل الإسلام.

ومن الصور الفنية الرائعة التي تضمنتها هذه المعلقات هي صورة الخيل،الذي عدّه أصحابه مصدراً للعز والمنعة،ومصدراً للصيد والرحلة في تلك الصحراء القاحلة،وعدّةً للدفاع عن القبيلة وعن حرماتها،"فترددت صورة الحصان في معلقة امرئ القيس،ومعلقة طرفة،ومعلقة لبيد،ومعلقة عنترة،ومعلقة عمرو بن كلثوم".

فإذا أتينا إلى الشاعر الفحل الذي عُدَّ رأس فحول شعراء الجاهلية ،والمُقدَّم في الطبقة الأولى،وهو امرؤ القيس ،نلاحظ أنه يقول في معلقته واصفاً الخيل:

وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُنَاتِها ... بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأوابِـدِ هَيْكَـلِ
مِكَرٍّ مِفَرِّ مُقْبِـلٍ مُدْبِرٍ مَعَـــــــــــاً .. كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
كُمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْدُ عنْ حَالِ مَتْنِهِ ... كما زَلَّتِ الصَّفْـواءُ بالْمُتَنَـزِّلِ
على الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كَأَنَّ اهتزامَهُ ... إِذا جَاشَ فيهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مرجل
مِسَحٍّ إِذا ما السَّابحاتُ على الوَنَى ... أَثَرْنَ الْغُبارَ بالكَدِيـدِ الْمُرَكَّـلِ
يُزِلُّ الْغُلامَ الخِفَّ عَنْ صَهَواتِهِ ... وَيُلْوي بأَثَوابِ الْعَنيفِ الْمُثَقَّـلِ
دَرِيرٍ كَخُذْرُوفِ الْوَليدِ أمَـرَّهُ ... تَتابُـعُ كَفَّيْهِ بِخَيْـطٍ مُوَصَّـلِ
لَهُ أَيْطَلا ظَبْيٍ وسَاقَـا نَعَامَـةٍ ... وَإِرْخاءُ سِرْحَانٍ وَتَقْرِيبُ تَتْفُـلِ
ضَلِيعٍ إِذا استَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ ... بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ ليسَ بأَعْزَلِ
كَأَنَّ على الْمَتْنَينِ منهُ إِذا انْتَحَى ... مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَـلِ
كأنَّ دِمَاءَ الهادِيـاتِ بِنَحْـرِهِ ... عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ
فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كـأنَّ نِعاجَـهُ ... عَذارَى دَوارٍ في مُـلاءٍ مُذَيَّـلِ

ــــــــــ
فأَدْبَرْنَ كالجِزْعِ الْمُفَصَّل بَيْنَـهُ ... بِجِيدِ مُعَمِّ في الْعَشِيرةِ مُخْـوَلِ
فأَلحَقَنـا بالهادِيـاتِ ودُونَـهُ ... جَواحِرُها في صَـرَّةٍ لم تُزَيَّـلِ
فَعَادَى عِدَاءً بَيْنَ ثوْرٍ وَنَعْجَـةٍ ... دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَلِ
وَرُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُونَهُ ... مَتَى مَا تَرَقَّ الْعَيْنُ فيهِ تَسَفَّـلِ
فَبَاتَ عَلَيْهِ سَرْجُـهُ وَلِجامُـهُ .... وبَاتَ بِعَيْني قائِماً غَيْرَ مُرْسَـلِ

لقد أسهب امرؤ القيس في وصف فرسه التي كان يعتز بها بين أصحابه ،حيث يقول أنه يخرج مبكراً قبل استيقاظ الطيور على خيل أصيل ماضٍ في السير،قليل الشعر وخفيفه،وأنه يُقيِّد الوحوش لسرعة لحاقه إيّاها ،وهو عظيم الألواح والجرم بمعنى إنه ضخم الجسم،ثم إن هذا الفرس يجيد الكر والفر،ولونه يميل إلى السمرة،وإنه لاكتناز لحمه وانملاس صلبه يسقط أو يزلق الغلام الخفيف عن ظهره،مثل الحجر الصلب الذي يزلُّ المطر أو الإنسان من فوقه،وإن هذا الفرس يُطيِّر أثواب الرجل الفارس المتمكن،بمعنى أنه يزلق عن ظهره من لم يكن جيد الفروسية عالماً بها.
ويكمل امرؤ القيس وصف خيله بأنه تغلي حرارة نشاطه باستمرار،فهو دائماً قوي نشيط إذا ما ضعفت وتعبت باقي الخيول،وكأنَّ تكسُّر صهيله في صدره غليان قدر،وهو يسبح في جريه ويثير الغبار في الأرض الصلبة التي تكدها الدواب بحوافرها.

ثم يقول إنَّ هذا الفرس دائم العدو والسير ،ويسرع فيهما إسراعاً،كخذروف الصبي إذا أحكم فتل خيطه،وتتابعت كفاه في فتله،وهو يعني أنه مهما بذل من جهد لا يعتريه ضعف ولا فتور،فهو مديم السير والعدو متابع لهما.

وبعد أن وصف امرؤ القيس قوة هذا الفرس وصلابته وشجاعته،انتقل إلى وصف الصفات الجسمية للفرس،فقال:إنه طاوي الكشح مثل الظبي،وله ساقان طويلان مثل ساقي النعامة،وشبه ذراعيه بذراعي الذئب ،وأن له ذيل طويل سابغ يتوسط رجليه،لكنه لا يصل إلى الأرض،وأن هذا الفرس إذا نظر إليه من الخلف رأى ظهره براقاً لامعاً كما تلمع صلاية الحنظل أو الحجر الذي تسحق به العروس الطيب،وهذا تشبيه يدل على فنية امرئ القيس ،فهو أجاد في هذا التشبيه .

ثم ينتقل امرؤ القيس إلى تصوير هذا الفرس أثناء المطاردة ،فيقول إنه حين يطارد قطيعاً ليصيده يعدو هذا الفرس ويشل حركته ويقضي عليه ذكوراً وإناثاً في انطلاقة واحدة،وكأن دماء أوائل الصيد والوحش على نحر هذا الفرس عصارة حناء خضِب بها شيب مُسرَّح،ولا تسيل من هذا الفرس قطرة عرق لأنه يدرك ما يطارده دون معاناة مشقة ومقاساة شدَّة،فمنظره يسر الناظرين،وأداؤه رائع يثير العجب،ولذلك يكون دائماً موضع العناية والرعاية والاهتمام.

هذا بالنسبة لإمرىء القيس ،أما طرفة بن العبد"فقد ذكر في معلّقته أن هناك ثلاثة أشياء تجعل للحياة قيمة ،ومن هذه الثلاثة أن ينطلق مسرعاً لتلبية مستغيث أو مكروب على ظهر حصان قوي يندفع في جريه بسرعة هائلة".

يقول طرفة في معلقته واصفاً هذا الفرس:

ولولا ثلاثٌ هُنَّ من عيشة الفتى ... وجدِّك لم أحفل متى قام عوَّدي
فمنهن سبقي العاذلات بشــربةٍ ... كميت متى ما تعل بالماء تزبدِ
وكرّي إذا نادى المُضاف مُجنّباً ... كسيد الغضا نبّهتهُ المُـــــتورِّدِ

"فجعل الخصلة الثانية إغاثة الملهوف المستغيث وإعانته اللاجئ إليه،فقال:أعطف في إغاثته بفرسي الذي في يده انحناء،وهو محمود في الفرس إذا لم يفرط".




بنت بلادي 1 - 12 - 2010 01:59 PM

http://www.shy22.com/upfiles/YWx87461.gif

حنان عرفه 1 - 12 - 2010 02:01 PM

شكرا ارب للمعلومات القيمة التي قراتها هنا

صائد الأفكار 1 - 12 - 2010 09:15 PM


زهرة عمان 1 - 12 - 2010 09:19 PM


أبو جمال 5 - 12 - 2010 06:19 PM

مشكورة استاذه على هذه الأستفاضه الممتعه والشيقه
سلمت لنا وسلم قلمك



انثى استثنائيه 7 - 12 - 2010 03:26 PM

مشكورة ارب ويعطيك العافية على الطرح

B-happy 8 - 2 - 2011 09:11 PM



شكرا لك على موضوعك الرائع

طرح موفق

راااااق لي جدااا,,

تقديري وودي وبانتظار مواضيعك

http://www.alnayfat.net/vb/imgcache/2/7969alsh3er.jpg


الساعة الآن 04:10 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى