منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   لكي لا ننسى .. (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=256)
-   -   شهداء من فلسطين (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=21478)

المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:51 AM

هذه الصياغة كانت تعتمد على استخدام ثلاثة أشكال من المقاومة:

الشكل الأول :هو توسيع دائرة المقاومة الشعبية العفوية التي يستخدم فيها المواطنون كل ما يقع تحت أيديهم من وسائل تصلح للمقاومة من حجارة وزجاجات فارغة ،و زجاجات مولوتوف ، وزيوت وشحوم، وكرات حديدية ،ومسامير مثلثة ،ومقاليع وسهام وسكاكين ومدى وخناجر.
الشكل الثاني :يعتمد على المفارز المتقدمة من الشبان الأكثر جرأة وبسالة ، والأقدر على المواجهة والتضحية.هؤلاء الذين شكلوا ما يسمى بالقوات الضاربة للانتفاضة،وكان "أبوجهاد" يعول عليهم كثيرا في تشكيل نواة الجسم العسكري الذاتي للانتفاضة الذي يكتسب علومه ومعارفه الحربية في أتون المواجهة اليومية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
الشكل الثالث : كان يعتمد على تطوير الدوريات الفدائية لتعمل ضد الأهداف العسكرية الإسرائيلية التي تقع جغرافيا خارج مناطق الانتفاضة وتكون أهدافها عسكرية نوعية منتخبة ومنتقاة وتسعى إلى تحطيم معنويات العدو وكسر جبروته وضعضعة كبريائه وبالمقابل تعمل على تعزيز قدرات الصمود والمواجهة والاستمرار للانتفاضة نفسها.

وعندما استقر رأي "أبوجهاد" على هذه الصيغة بدأ على الفور في اعتمادها وتعميمها.كانت الانتفاضة أيامها تكاد تختتم شهرها الثاني.
ومن بين قائمة طويلة من الأهداف ،ومن بين ألفي ملف يحتويها أرشيف معلومات "أبوجهاد التقط "ملف ديمونا" و وضعها أمامه على مكتبه.
ومن بين عشرات الفدائيين والشبيبة والكوادر الذين يعملون معه،انتقى "أبوجهاد" "شرف الطيبي" ليعهد إليه بملف "ديمونا" .. ويكلفه بمهمتها.

عندما سلم "أبوجهاد" ديمونا لـ "شرف الطيبي" كان يعني ذلك أن "ديمونا" تحولت من ملف إلى هدف ، ومن معلومات وبيانات نظرية للاطلاع والقراءة إلى خطة عملية عسكرية جاهزة للتطبيق والتنفيذ.
إن قرار "أبوجهاد" خطير للغاية فـ "ديمونا" ليست مجرد هدف عسكري ، ولاهي مجرد مفاعل نووي ، بقدر ما هي سر أسرار الدولة العبرية ، وخطها الأحمر ، ورمز حصنها الحصين الذي لم يخترق من قبل ، والدرة التي يزهو بها تاج مملكة صهيون الجديدة.
ديمونا هي ذلك كله وأكثر لهذا كان قرار أبوجهاد خطيرا للغاية وصعبا إلى حد الاستحالة ، لأنه لم يكن مسموحا حتى للعصافير باختراق هواء "ديمونا" المحروسة بشبكات الإنذار الالكترونية ومنصات صواريخ "هوك" المعدلة ،ورجال الأمن والمخابرات المنثورين كالرمل حولها ، والمزروعين خارجها وفي أرجائها.

كان قرار "أبوجهاد" خطيرا للغابة صعبا ‘إلى حدود الاستحالة لكن "شرف الطيبي" ورجاله الثلاثة كانوا في النهاية .. لها.


ثلاثة يحفرون اسم أبو جهاد على جبين ديمونا


في يوم 8/2/1988 كانت الانتفاضة تتأهب لتجاوز عتبة اليوم الستين من عمرها,شهران من الانتفاضة الفلسطينية المتواصلة,"مائة وسعة وثلاثين شهيداً,سبعة آلاف معتقل ,1500جريح" الحصيلة الأولى لستين يوماً من الانتفاضة.
في اليوم الستين بالذات سجل تطور جديد,المستوطنون اليهود يدخلون الحرب إلى جانب قوات الجيش الإسرائيلي في عمليات اقتحام المدن والمخيمات الفلسطينية في هذا اليوم سجلت محاولة اقتحام في احد عشر مخيما فلسطينيا دفعة واحدة.
*كانت "ديمونا" ما تزال ترقد بين ملفات القائد الفلسطيني "أبو جهاد"لكنه قرر أخيرا, وفي هذا اليوم بالذات أن يلتقطها ليضعها أمامه على مكتبه.
"ديمونا"هي الهدف,قالها "أبو جهاد" بحزم وهو يدفع ملفها الكبير إلى يدي "شرف الطيبي".
*كان "أبو جهاد" يرى في "شرف الطيبي" جوانب كثيرة من مرحلة شبابه,حماسه المتفجر,روحه العملية التي تتملكه ,والصلابة التي نحتتها سنوات الاعتقال والمطاردات على ملامح وجهه.
كان "شرف الطيبي" عادة ما يمشي وهو يقفز على أطراف أصابعه كراقص الباليه, وكأنما يتحفز دائما للانقضاض على شيء ما .
كانت تجتمع في "شرف" بساطة البداوة وشراسة البادية لكنه في الحقيقة كان أميل إلى الشراسة منه إلى الألفة والبساطة.
هاهو الآن وجها لوجه أمام الهدف الكبير والمهمة الصعبة..."شرف الطيبي"في مواجهة ديمونا.

المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:52 AM

العصفور المغربي الذي طار من ديمونا

http://www.silviacattori.net/IMG/jpg/Vanunu_texte.jpg


كانت مهمة " شرف الطيبي " صعبة إلى حد الاستحالة ، ومبهمة إلى حد اليأس ، لم يكن هناك من ذهب من قبل إلى هذه المهمة .
كانت " ديمونا " محرمة على الجميع بما في ذلك أمراء الجيش الإسرائيلي ، وملوك السياسة ، وأباطرة الحاخامية اليهودية الذين كانت تتفتح أمامهم الأبواب ، إلا بوابات " ديمونا " الموصدة أمام كل الوجوه .
لم يكن " شرف الطيبي " معنيا كثيرا بمطالعة المعلومات العلمية التي احتواها ملف " ديمونا " ولم يكن مهتما بالفرق بين البلوتونيوم واليورانيوم ، وما إذا كانت القنابل التي في قبو " ديمونا " ذرية أم هيدروجينية ، وما إذا كان عددها 200 قنبلة أم اقل أو أكثر .
كان " شرف " يفتش بين مئات الأوراق عن " مفتاح " لديمونا وعن معلومات وصور وخرائط , وفجأة وقعة عيناه على قصة العصفور المغربي الذي طار من " ديمونا " وتوسم أن تكون هذه القصة هي مفتاح مهمته فتابعها وتتبعها منذ بدايتها .
*بطل القصة شاب يهودي من أصل مغربي اسمه " مردخاي فعنونو " كان قد نزح مع أسرته من مراكش إلى " ارض الميعاد " بينما ترك خلفه السيدان " دافيد عمار " و" روبرت اسراف " رئيس الطائفة اليهودية المغربية وسكرتيرها للاهتمام بأمور هذه الطائفة .. وترتيب أوضاعها والاشتغال بأمور أخرى . لم يكن " فعنونو " المغاربي الوحيد في " ديمونا " فهناك 60 % من سكان مدينة ديمونا من أصل عربي من يهود بلاد المغرب العربي الكبير .
كما لم يكن " فعنونو " هو الوحيد الذي يتحدث العربية في أقبية مفاعل ديمونا النووي ، كان هناك خبراء وتقنيون يهود من أصل تونسي ومغربي وخلافه .

***
ويبدو أن " فعنونو " رغم حيازته للجنسية الإسرائيلية ، وحصوله على امتياز العمل في مفاعل ديمونا بالذات , لم يكن قد انخرط كليا في واقعه الجديد ، كانت هناك جذوة ما تزال في جوفه وتلسعه وتكويه .
كان " فعنونو " ما يزال يطرب لاغاني والحان " ناس الغيوان " ويحن لمذاق " الكسكسي ورشفة الشاي الأخضر ، وطعم التمر واللبن ، ويرتاح لنسق الحياة الفضفاض مثل عباءات مراكش .
ولأنه اشتغل بعلم الذرة ، وانشطارها وانفجارها ، كان أكثر ميلا لدراسة المجرد ، والبحث في الماهيات وفي الجدل والمطلق ، فاختار الفلسفة فرعا آخر للدراسة ربما تهربا من مسؤوليته في المشاركة في صناعة قنابل الموت النووية ، أو تقربا من جذوره العربية التي لم تكن قد ماتت تماما بعد .
كان " فعنونو " يشعر بالغربة وسط اليهود النازحين من أوروبا ، لم يكن هناك سوى القليل من القواسم المشتركة التي تجمعه بهم , لم يكن مثلهم يعاني من أي عقد بالاضطهاد ، أو شعور بالتمايز العنصري ، أو إحساس بالعظمة القومية والتفرد . لذلك كان يكثر من تردده على " بئر السبع " حيث الجامعة ، والطلاب الفلسطينيون الذين زاملهم واقترب منهم وتوطدت مع عدد منهم علاقات صداقة حميمة .
في ملف " ديمونا " المفتوح أمام " اشرف الطيبي " على مكتب " أبو جهاد " كان هناك ما يشير إلى بدايات علاقة ذات طابع سياسي بين " فعنونو " وبعض نشطاء الطلبة الفلسطينيين الوطنيين من جامعة " بئر السبع " وكان واضحا أن " أبو جهاد " معني ومهتم للغاية بتنمية هذه العلاقة وتطويرها ولكن بشكل هادئ وحذر .
كانت الأمور تتطور ببطىء شديد جدا في هذا المجال وفجأة طار العصفور المغربي من قفصه الذهبي في ديمونا .
ويبدو أن الشكوك المتراكمة لدى السلطات الإسرائيلية الأمنية حول آراء " فعنونو " وعلاقاته قد أدت إلى إخراجه من عمله في المفاعل النووي بديمونا في نوفمبر 1985 , وانقطع الخيط مع العصفور الذي طار في هذه المرة إلى آخر الدنيا , حيث اختار استراليا وطنا جديدا له .
وبعد اقل من عام واحد , وبالتحديد في 5 أكتوبر 1986 انفجر موضوع " فعنونو " و " ديمونا " من على صفحات جريدة " صاندي تايمز " احتل " فعنونو " صدارة الصحف والأخبار بعدما أدلى بشهادته المثيرة عن مفاعل ديمونا , ودعم شهادته بحوالي 60 صورة كان قد التقطها بشكل سري للمفاعل ولطوابقه الستة الكبرى التي تختبئ تحت الأرض .
أثارت قضية " فعنونو " الكثير من الجدل حولها ، خاصة بعد أن تواصل عدد من كبار علماء الذرة إلى أن أقوال " فعنونو " " مقنعة جدا " ، والتهبت القضية عندما أقدمت أجهزة الموساد الإسرائيلية على اختطاف " فعنونو " وأعادته في هذه المرة إلى السجن .
كانت الآراء قد انقسمت حول " فعنونو " وقضيته ، وهل ما أقدم عليه كان بملء إرادته وقناعته الذاتية أم أن ذلك أملى عليه ولم يكن سوى خدعة مخابراتية محبوكة من أجهزة الأمن بهدف تضخيم صورة الردع النووي الإسرائيلي في عيون العرب .
وبعيدا عن الاجتهادات والإجابات التي ستحسم قضية " فعنونو " فان الثابت لدينا أن " شرف الطيبي " تمكن من التقاط خيط مهم للغاية عندما قرأ بطريقته الخاصة , وبعينيه الخبيرتين ما بين سطور رواية العصفور المغربي الذي طار من قفصه الذهبي في ديمونا وأعيد بعدها إلى قفص السجن ... والاتهام .
عندما كان " شرف الطيبي " يسجل المعلومات التي انتقاها بدقة في ملف " ديمونا " التمعت فجأة في ذهنه فكرة وارتسمت في مخيلته صورة .
*الخيط الذي التقطناه من العصفور المغربي لا يمكن لأحد أن يتابعه سوى " حمد " , نعم " حمد العزازمة " هذا البدوي الأسمر النحيف اليابس فارع الطول ذو الصوت الأجش ، الذي كان يفاخر الجميع بأصله البدوي العربي وبسرعته الفائقة في المشي والعدو .
ولد " حمد " في قرية صغيرة اسمها " كرنب " في مضارب قبيلة العزازمة في النقب ، وفي عام 1955 اضطر للنزوح مع أسرته من " كرنب " بعدما اجتاحتها الجرافات الإسرائيلية الضخمة ودهمت كل شيء في طريقها وهي تمهد الأرض والتلال لإقامة مدينة ديمونا ارتحل " حمد " مع أسرته إلى " بئر السبع " حيث نال قسطا يسيرا من التعليم ثم هجره . تعرف " حمد " إلى " شرف الطيبي " مصادفة في قطاع غزة .
ومن ثم توطدت بينهما أواصر صداقة حميمة ، في ليالي الصيف عادة ما كان يسهر " حمد " لدى صديقه " شرف " في غزة ، وفجأة كان ينتصب ويضرب الأرض بخيزرانته هاتفا " يا الله " وكان ذلك يعني انه قرر بشكل حاسم أن يعود ماشيا إلى " بئر السبع " التي كان يصلها بعد مسير ليلة واحدة فحسب ، كانت متعته الأساسية المشي ، ولا شيء آخر غيره .
كثيرا ما كانت قدماه تقودانه إلى أشجار اللوز والزيتون المبعثرة في فوضى على التلال المشرفة على قريتهم القديمة حيث كانت تلتمع من هناك الأضواء الخافتة لمدينة ديمونا الحجرية .
لم يكن هناك من ينافس " حمد العزازمة " في الطرق والمسارب والأودية والمدقات والشعاب , وليس هناك بالطلع من يجاريه في المشي والهرولة والعدو .
بعد عام 1967 انساحت جنوب فلسطين على سيناء فوسع " حمد " خارطة تحركه ومخال هوايته , واعتزل مهنة الرعي تحت إغراءات صناعة التهريب .
وفي مرة قلب له " شرف الطيبي " لكن هذا العمل " يا حمد " خطر .. وغبر مشروع .
فانتصب " حمد العزازمة " مشيحا بظهره للحضور ميمما وجهه صوب الشرق ، وأشار بعصاه الخيزرانية باتجاه النقب ، وصرخ كمن ينزف من جرح طري : " أنا عملي غير مشروع ؟ , ومن أعطى اليهودي ابن ال .. شرعية أن يجرف بيتي ويحرمني من فيء الزيتونة ساعة الظهيرة " .
وكانت تلك فاتحة العلاقة السياسية بين " شرف الطيبي " و" حمد العزازمة " .
نعم ليس هناك من هو أفضل من "حمد" لمتابعة الخيط الذي التقطناه من العصفور المغربي ، وبعد أيام قليلة كان الرسول قد وصل إلى "حمد العزازمة" وأبلغه تحيات صديقه "شرف الطيبي" وأسر إليه بكلمتين فقط "الهدف ديمونا".

المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:53 AM

الطريق إلى ديمونا

http://up4.m5zn.com/photos/00007/8252RN14DODG.jpg


الطريق إلى ديمونا شاق ووعر وشائك جداً وكل الذين راودتهم فكرة ارتياد هذا الطريق إما أنهم أحبطوا منذ البداية وتراجعوا عن مهمتهم عندما علموا بمشاق الطريق، وعرفوا أهواله ومخاطره،أو أنهم سقطوا في الأمتار الخمسة الأولى قبل أن يجتازوا الحاجز الأول على هذا الطريق الطويل.
لذلك بقي الطريق إلى ديمونا عذرياً ومجهولاً إلى أن أُتخذ قرار اكتشافه ...واقتحامه.

*كل الطرق التي تؤدي إلى ديمونا وفي محيط دائرة قطرها 50كم توجد عليها حواجز عسكرية ثابتة ومتحركة، وكلما اقتربنا من حدود ديمونا نفسها ازدادت إجراءات الأمن والحماية تحسباً من أي نوع من أنواع الاختراقات المعادية.المفاعل النووي نفسه مستقل بذاته.محصن بنائياً بالبيتون المسلح ضد القصف الجوي ، وجميع الأقسام الحيوية في المفاعل مغمورة تحت الأرض ولمسافة ستة طوابق كاملة.
سماء"ديمونا" محروسة بشكل دائم بشبكة محكمة من الرادارات الحديثة والدفاعات الأرضية الصاروخية والمدفعية هناك منصات صواريخ هوك المعدل، والمدافع المضادة للطائرات المقطورة طراز"بوفورز ل-70"عيار 40ملم ومدافع "الاوركيون عيار 30ملم"، فضلاً عن أسراب الطائرات الاعتراضية الجاهزة دائما للعمل انطلاقاً من مطار ديمونا المشرف على المفاعل، بالإضافة إلى الحماية الجوية التي يمكن أن تتدخل بسرعة لحسم أي معركة انطلاقاً من أي المطارات الثلاث الأحدث التي بنتها الولايات المتحدة لإسرائيل في الصحراء النقب تعويضاً لها عن الانسحاب من سيناء ، وإخلاء المستوطنات الصهيونية منها.
كما أن "ديمونا" تدخل ضمن النقاط الأكثر حيوية التي تتوفر لها إمكانيات الإنذار المبكر بعيد المدى بواسطة الطائرات الرادارية المحلقة من طراز"أي-2 هوكاي"التي تطير في السماء لمدة أربع ساعات كاملة ,ويصل مدى كشف رادارها إلى حوالي 360كلم في مختلف الاتجاهات، وعلى كل الارتفاعات.
هذا في السماء أما في الأرض فهناك نظام آخر من شبكات الحواجز الالكترونية المعقدة والحساسة، وهذه الشبكات تضم منظومة من الرادارات التي تكشف حركة الأفراد والآليات، وهي موزعة على نقاط ثابتة وأخرى متحركة لتغلق كل الدائرة المحيطة "بديمونا"، وتكشف حركة الأفراد والآليات المهاجمة.
وهناك أيضا أجهزة"الجيوفون" التي تعمل على التقاط الذبذبات الأرضية الناشئة عن سير الأفراد والآليات، إلى جانب أجهزة الشم التي تسحب كمية كبيرة من الهواء الجوي المحيط بالمفاعل النووي وتقوم بتحليلها كيماوياً بصورة مستمرة بهدف الكشف عن الروائح والإفرازات العضوية لجسم الإنسان.
ويضاف إلى كل ذلك أجهزة الإنذار التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء وتلتقط التغييرات الحرارية م حول منطقة مفاعل "ديمونا"، إلى درجة إمكانية التقاط الطاقة الحرارية المنبعثة من جسم الإنسان أو من محركات السيارات كما يوجد حول المفاعل دائرة مغلقة من أجهزة الإنذار المغناطيسية التي توضح لغرفة المراقبة المركزية في المفاعل في المفاعل وجود الأسلحة والمعدات المعدنية الأخرى أو تنقلها.وهناك أخيرا شبكة الأسلاك الالكترونية الدقيقة جدا التي تنتجها شركة التا الإسرائيلية، والتي تقل سماكة الواحدة منها عن سماكة شعر الإنسان، ويسري التيار الكهربائي فيها,ويؤدي قطع أي شعرة منها إلى وقف التيار الكهربائي ودق ناقوس الخطر في أجهزة الإنذار المبكر وكل هذه الشبكات المعقدة مرتبطة بغرفة مركزية للتحكم والمراقبة والتحليل والإنذار.
كان هذا هو باختصار "الطريق إلى ديمونا"، كان الأمر أكثر تعقيداً مما تصوره "شرف الطيبي" الذي كلفه "أبو جهاد" بعملية ديمونا دون أن يعطيه لا صواريخ بعيدة المدى، ولا طائرات قاذفة ، ولا إجراءات الكترونية مضادة لشبكات الدفاع الالكترونية المزروعة حول "ديمونا" ولا شيئا آخر سوى فكرة بسيطة، وثلاثة من الفرسان الأحياء ، وثلاثة آخرين...شهداء.


المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:53 AM

فرسان ديمونا الثلاثة


صادق "أبو جهاد" على خطة ديمونا ، وأعطى تعليماته الأخيرة بالتنفيذ ، وبدأ "شرف الطيبي" عملية العد العكسي للانطلاق بالعملية. الخطة الأولى للعملية أجريت عليها تعديلات أساسية غيرت كثيرا من تفاصيلها ، خاصة عندما عثر البدوي "حمد العزازمة" على حصان طروادة الذي سيدخل به الفرسان الثلاثة إلى قلب ديمونا دون أن تكون كل الإجراءات الأمنية والالكترونية الإسرائيلية قادرة على إيقاف هذا الحصان الجامح وهو يتخطى كل الحواجز في طريقه إلى الهدف .. ديمونا.
لم يكن هذا الحصان سوى الأتوبيس "الفولفو" الأزرق اللون الذي يحمل على متنه كل صباح الخبراء والفنيين العاملين في المفاعل في رحلتهم اليومية من "بئر السبع" إلى ديمونا.
كان على ضابط أمن كل أتوبيس أن يتأكد يوميا من ركابه، وكان على السائق ألا يتحرك إلا في مواكبة سيارة جيب عسكرية تفتح الطريق أمامه،وتحمي أغلى ثروة تملكها إسرائيل بداخله.

- "حمد العزازمة" كان قد أمضى أسبوعا كاملا ، وهو ينتظر كل صباح هذا الحصان الأزرق الكبير ، تابعه وهو يشق صحراء النقب في مواعيد ثابتة لا تتأخر ولا تتقدم لحظة واحدة حتى حفظ عن ظهر قلب كل شيء عن هذا الحصان الأزرق الكبير.
كانت الخطة التي صادق عليها "أبوجهاد" بسيطة للغاية ،مجموعة فدائية خاصة من ثلاثة مقاتلين ،ودليل واحد خبير يقوم بتأمينهم إلى أقرب نقطة يمكن منها السيطرة على أتوبيس المفاعل النووي.
كانت التعليمات صريحة بضرورة السيطرة على الأتوبيس وهو في حالة صالحة للحركة، والانطلاق به بالسرعة القصوى إلى قلب ديمونا.
مباني المفاعل النووي كانت تنقسم إلى قسمين ، القسم الأول:ويضم الأقسام الفنية في المفاعل وهي تتألف من ستة طوابق مبنية تحت الأرض ، أما القسم الآخر فهو مكون من عدة مبان على سطح الأرض وتضم مكاتب شؤون العاملين ، ومطعما ومكتبة وقاعة دراسة ومحاضرات وموقفا خاصا بسيارات الأتوبيس التي يترجل منها الخبراء والفنيون كل صباح ليتجمعوا هناك بانتظار سيارات أخرى صغيرة تقود كل أربعة منهم إلى داخل الأقسام الفنية الخاصة بهم ، وهي تمر عادة على عدد آخر من حواجز الأمن والتفتيش ويصل عددها إلى ستة حواجز كان على الفدائيين الثلاثة الوصول بالأتوبيس إلى منطقة موقف الأتوبيسات داخل المفاعل ، حيث تبدأ هناك على الفور عملية طلب مندوبي الصليب الأحمر لتأمين الإفراج عن تسعة آلاف معتقل فلسطيني ، اعتقلتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الانتفاضة.
كانت الخطة على بساطتها محفوفة بمخاطر عديدة ، لكنها مع ذلك كانت الطريقة الوحيدة تقريبا لتناول "قهوة الصباح الساخنة" في قلب ديمونا دون دعوة سابقة لأشخاص ممنوعين أصلا من تخطي عتبة الوطن.
عندما كان " شرف الطيبي " يواصل عملية العد العكسي لإطلاق العملية حدثت المفاجأة الأولى التي كادت أن تلغي العملية كلها.


***


أحد الفرسان الثلاثة الذين وقع الاختيار عليهم لتنفيذ العملية توتر فجأة ،وخذلته أعصابه ، فعجز عن النوم لليال ثلاثة كاملة ، فقد بعدها القدرة على التركيز والعمل ، قاوم كثيرا وكابد وعاند لكن ذلك كله كان يزيده انفعالا وتوترا ، وهكذا أوقف العد العكسي لمدة يومين فقط تم فيهما معالجة هذه المفاجأة ، بمفاجأة أخرى.
هاهو مدرب المجموعة والمشرف عليها يتقدم كفارس عربي أصيل ليحل محل الفارس الذي ترجل، ويقود بنفسه العملية كلها.


http://up4.m5zn.com/photos/00007/MS06SI46GG9N.jpg


انه ( عبدالله عبدالمجيد محمد كلاب) قائد مجموعة ديمونا ، أسرته كانت تعيش في قرية "بشيت" قضاء الرملة بفلسطين المحتلة وبعد هزيمة 67 نزح وأسرته إلى مخيم رفح ، هو من مواليد 13-12-1967 ، عايش حياة اللجوء في المخيم فتمرد عليها ، وتحول بالفطرة من حامل "كارت الإعاشة" الذي ينتظر معونة الأونروا إلى ثائر فلسطيني من جيل الانتفاضة.
تلقى عبدالله تعليمه حتى الثانوية العامة قسم أدبي ، ورغم تفوقه إلا أن ظروفه العائلية القاسية حالت بينه وبين الالتحاق بالجامعة ،والده توفي وخلف لامه "مريم" عشرة من الأبناء ، "قنبلة ديموغرافية متفجرة" ، خمسة من الإناث ، وخمسة من الذكور ، كان "عبدالله" الثاني بين الذكور ، والسادس في الترتيب العام بين أخوته ، لكنه الأول بين جميع أخوته وأقرانه في الوعي والحماسة والجرأة.
لما توفي والده ، تزوج أخوه الأكبر "نعيم" في سن مبكرة وانفصل عن الأسرة فخلفه "عبدالله" على الفور في تحمل مسئوليات الأخ الأكبر ولم يكن قد جاوز بعد سن الثانية عشرة.
لا احد يمنح القائد صفاته، إنها تولد معه كهبة ، لكنها تكبر فيه ، أو تموت داخله بإرادته هو .. وباختياره الحر . هكذا كان "عبدالله" ولد وهو يحمل صفات القائد :شخصية قوية آسرة ، محبوب لكنه مرهوب ، تأمنه لكن كسيف في غمده ، هو من صنف هؤلاء الذين يقولون للآخرين اتبعوني ويمضي بكل ثقة للأمام.
لم يدعه احد إلى الثورة ، إذ لا يحتاج المرء عادة إلى دعوة لدخول بيته ، أو فلاحة أرضه.
هذا هو "عبدالله عبدالمجيد" الأسمر النحيل ذو الأكتاف العريضة وكأنها خلقت هكذا خصيصا لتحمل المسؤوليات الكبيرة التي تقدم لحملها صبيا وشابا وثائرا.
كان"عبدالله" هو الوحيد بين المجموعة، الذي سافر إلى قطر عربي ، حيث التقى "شرف الطيبي" ، وتلقى هناك دورة مكثفة أهلته ليكون مدربا عسكريا.
لمرة واحدة فقط التقى "أبوجهاد" فانطبعت صورته كالوشم في الذاكرة.


http://up4.m5zn.com/photos/00007/O3GL5DJ6CRK2.jpg


* ثاني الثلاثة هو "محمد عبد القادر محمد عيسى" من مواليد 26/10/1966, فلاح فلسطيني آخر ولد في قرية "حتا" بالقرب من "الفالوجا" التي كثيراً ما سمع من أبيه حكايات الحروب الطاحنة التي دارت رحاها بين المصريين واليهود في عام 1947.
أحب محمد "الفالوجا" التي لم يرها ...وحلم طويلاً بالعودة إليها، بعد أن نزح مع أسرته إلى مخيم "رفح"بعد هزيمة 1967.كان لمحمد أسرة كبيرة "قنبلة ديموغرافية أخرى":الأبوان والثلاثة عشر من الأبناء،سبعة من الإناث,وستة من الذكور,كان محمد الثاني بعد أخيه "راسم"في الذكور،والخامس في الترتيب بين جميع إخوته، حصل على شهادة الثانوية العامة ولم تتح له فرصة إكمال تعليمه، فثمة طابور طويل من الأبناء الآخرين ينبغي لهم أن يقتسموا كل شيء معا من رغيف الخبز، وحجرة النوم إلى فرص التعليم.
لم يكن يميز محمد عن الآخرين إلا صمته,ووجهه المكتمل الاستدارة، وشغفه البالغ بالملاحظة والتدقيق والمتابعة كان بفطرته مشروع "رجل امن" رائع.
كان مولعا بتعقب هؤلاء الذين زلت أقدامهم في التعامل مع قوات الاحتلال وأجهزته ومخابراته، في إحدى المرات طعن احدهم "بشبرية"وكاد أن يقتله، وفي مرة ثانية أضرم النار في سيارة عميل آخر.
كان الساعد الأيمن "لعبد الله" في تنفيذ المهمات الخاصة ، وتخزين السلاح، وعندما ابلغ عن العملية كان من المتقدمين لها ، رشحه "عبد الله "لقيادة العملية قبل ترجل ثالث الفرسان فجأة لما توترت أعصابه.
حاول "محمد" جهده أن يثني من عزم رفيق عمره، وتوأم روحه "عبد الله"عن الانضمام للمجموعة الفدائية.أحب أن يوفره للمستقبل ,فقال له"ابق أنت للزراعة ودعنا نحن للحصاد".
ولكن عندما تقرر أخيرا أن ينطلق ثلاثتهم لتنفيذ عملية "ديمونا"غمرته مشاعر الفرحة كعريس في ليلة الحناء محفوف بأخوته.


http://up4.m5zn.com/photos/00007/L14T093ZV0SO.jpg


* ثالث الفرسان الفدائيين هو أصغرهم سناً "محمد خليل صالح الحنفي"، أو"محمد حنفي"شاعر المدرسة والمخيم كما كان يحلو لأقرانه أن يلقبوه.
هو ابن أسرة فلسطينية بسيطة عاشت في "أسدود"على ساحل البحر المتوسط حتى عام 1967ثم اضطرت للنزوح إلى مخيم "رفح" توفي والده وترك خلفه أما وسبعة أبناء كان "محمد"أصغرهم. هو الرابع في الترتيب بينهم، حصل على شهادة الثانوية العامة ثم هجر الدراسة واحترف الثورة.
كان لـ "محمد"كما لكل الشعراء الشبان قدوة، وكان "أبو الطيب عبد الرحيم محمود" شاعر الثورة الفلسطينية وشهيدها المقاتل في ثورة عام 1936هو قدوة "محمد الحنفي" ومالك روحه,ومثله الأعلى. كان "محمد الحنفي"على حداثة سنه خزانة ثقافية متحركة ، وطاقة متفجرة للدعاية والتحريض والتعبئة.

المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:54 AM

الشاعر عبد الرحيم محمود


كبت الشعر في قرارة روحه عندما قرر أن الكلمة وحدها لا تقاتل فاستبدل القلم ببندقية لينظم قصيدته الأخيرة الخالدة.
هاهم يكملون تدريبهم ، واستعدادهم في مطلع شهر الربيع ، بانتظار ساعة الصفر.
كل شيء كان معداً للانطلاق ، الأسلحة,والدليل الخبير والفدائيون الثلاث "العبد لله عبد المجيد",و"محمد عبد القادر" ، و"محمد الحنفي"الذين توحدوا في الفكرة على قلب رجل واحد.
وأخيرا أعطى "أبو جهاد" الأمر بانطلاق عملية "ديمونا".
وفي يوم 2/3/1988 وصل الرسول إلى نقطة انطلاق العملية وابلغ الجميع تحيات أخيهم"شرف الطيبي"وتحيات قائدهم "أبو جهاد".
ساعة الصفر كانت منتصف الليلة تماماً3/3/1988عندما هبت العاصفة ، وانطلق الحصادون إلى مروج الوطن .كان على الفرسان الثلاث"عبد الله و المحمدين" أن يقتفوا اثر الدليل الخبير"حمد العزازمة".
كانت المجموعة مسلحة بثلاث بنادق رشاشة ،واحدة من نوع "كارل غوستاف" مصرية الصنع والأخريان من نوع "الكلاشنكوف" و30 قنبلة يدوية،وأربعة مخازن إضافية لبندقية كل فدائي بالإضافة إلى حقيبة طلقات رصاص تحتوي على 450 طلقة,وأغنيات صامتة تصدح في القلب وأمنيات ثلاث:الحج إلى الرملة ، والصلاة في"حتا" ، وإقامة العرس في "أسدود"بعد انقضاء المهمة في ديمونا.
كان من الصعب على المجموعة الفدائية أن تلحق بدليلها حمد "العزازمة" الذي ابتلعه ظلام الصحراء بعدما انفصل عن المجموعة بفعل الفارق الكبير بين السرعة العادية للبشر وهبوب الزوبعة الصحراوية التي كان ينطلق بها "حمد".
رجاه "عبد الله" أن يتمهل قليلاً ،فاستجاب وأبطأ كثيراً حتى يضبط وقع أقدامه على إيقاع خطو الفرسان الثلاث.
قطعت المجموعة الحدود الدولية ، والتفت على عشرات الحواجز الثابتة ، وتفادت الاصطدام بسيارات الدورية الإسرائيلية رغم حالة التأهب والاستنفار والانتشار التي أعلنها الجيش الإسرائيلي وأجهزة الشرطة والاستخبارات لمواجهة الانتفاضة.

المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:55 AM

تفاصيــــــل الرحلة إلى ديمــــونا

سلام على نفحة

بعد مغيب الشمس في يوم 6-3-1988 وصلت المجموعة إلى "نفحة" فحطت رحالها استعدادا للوثبة الأولى المقررة في خطة العملية.
كان على المجموعة الفدائية أن تبقى في منطقة "نفحة" من مغيب الشمس وحتى مطلع الفجر.
فجأة وقف "عبدالله" قائد المجموعة وألقى على نفحة السلام ، وروى كالحكواتي العجوز قصة نفحة.
في 2 مايو 1980 كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد دشنت سجنا جديدا في صحراء النقب ، كان سجن نفحة الصحراوي بوابة جديدة للجحيم الذي يعيشه الأسير الفلسطيني في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي.
في البداية نقلوا 80 سجينا فلسطينيا إلى "نفحة" ممن كانت سلطات الاحتلال تعتبرهم من القيادات المحرضة في السجون ، وأرادت منذ افتتاح بوابة جحيم "نفحة" أن تكسر إرادة هؤلاء المعتقلين وتسحق روحهم ، فضاعفت من أساليب القمع والبطش والتنكيل في هذا السجن النائي المنعزل البعيد ، وكان عليهم بالمقابل أن يعززوا إرادتهم ومقاومتهم ليواجهوا ، ولوحدهم،هذه المؤامرة الجديدة.
في يوم 14-7-1980 أعلن 74 سجينا فلسطينيا في سجن نفحة الصحراوي الإضراب المفتوح عن الطعام رافعين شعار "ليس من أجل الجوع وإنما ضد الركوع".
وتواصل هذا الإضراب البطولي حتى 14-8-1980 وعندما علمت السجون الثمانية عشر الأخرى بالإضراب ، أعلنت هي الأخرى الإضراب المفتوح عن الطعام تضامنا مع أبطال "نفحة" ونجح الإضراب البطولي ولم تنكسر إرادة المعتقلين رغم خسارتهم لشهيدين بطلين هما الشهيد "علي محمد الجعفري" ، و" راسم حلاوة".
واعتبر يوم استشهادهما في 22-7-1980 يوما لشهيد المعتقلات.

- واليوم وبعد ثلاثة أشهر من الانتفاضة هاهو سجن "نفحة" على بعد ثلاثة كيلومترا فقط منا يعج بمئات جدد من المعتقلين والأسرى الفلسطينيين.
وختم "عبدالله" : "تسعة آلاف معتقل سنعمل على إطلاق سراحهم بإذن الله ".
كان صوت النباح يقطع سكون الليل ، وصفير الرياح المحملة بالأتربة الناعمة لاينقطع ، و"عبدالله" يرنو بنظره تجاه السجن الصحراوي العتيد ويتمتم بما يشبه الترتيل : السلام عليكم " يا علي الجعفري" و"يا راسم حلاوة" السلام عليكم يا سجناء نفحة الشهداء والأحياء.

http://www.palestinebehindbars.org/a...0SJOON/A10.jpg

http://www.palestinebehindbars.org/a...0SJOON/A39.jpg

من خلف التلة التي أقيم عليها سجن "نفحة" بدأ قرص الشمس يبزغ خجولا في البداية وهو يبدد عتمة الليل الصحراوي الموحشة . عند الفجر تجمعت المجموعة كحزمة الحطب وقرأت فاتحة القرآن ، وراجعت تفاصيل الخطة ، ثم استعدوا للوثبة الأولى بعدا تعاهدوا ثلاثتهم على النصر .. أو الشهادة.
كانت الساعة تمام السادسة والدقيقة الخامسة والأربعين من صبيحة يوم الاثنين 7-3-1988 ، عندما قفز "حمد العزازمة" كالجني إلى الطريق الإسفلتي ، فيما كمن الفدائيون الثلاثة على الجانب الأيمن للطريق.
عندما رفع "حمد" عصاه الخيزرانية ، ألقيت على الفور قنبلة يدوية أمام سيارة (رينو-4)عسكرية ، انسل "حمد العزازمة" فجأة كما ظهر قبل برهة واحدة ، وابتلعته تلال الرمال في جوفها . بينما سيطر الفدائيون الثلاثة على السيارة في لحظات.
قال "عبدالله" وهو يجلس خلف المقود ، بصوت واثق : موعدنا في "عرعر" يا حمد بإذن الله.
تأكد فيما بعد أن ركاب السيارة الأربعة كانوا من الضباط العاملين في خدمة جيش الاحتلال الإسرائيلي. لكن مصيرهم نفسه لم يتأكد بسبب الروايات المتضاربة التي أطلقت حولهم.

- وكالة "يونايتد برس" للأنباء: قالت في ورايتها عن العملية أن الفدائيين لم يطلقوا النار على الضباط الفارين من السيارة لأنهم كانوا يرتدون الملابس المدنية ، بل تركوهم وشأنهم كبادرة تؤكد أن الفدائيين الثلاثة لم يكن في نيتهم التعرض للمدنيين بأي أذى.
- الإذاعة الإسرائيلية : قالت في صباح يوم 7-3-1988 " أن المسلحين الثلاثة سيطروا على سيارة عسكرية من نوع "رينو-4" وبداخلها ثلاثة ضباط عسكريين إسرائيليين" ، وقالت الإذاعة نفسها :"أن احد الضباط قد قتل" لكنها عادت ونفت ذلك ولم تف بأي معلومات جديدة حول مصير الضباط الثلاثة.
- صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نشرت مقالات تحت عنوان "تحليلات عسكرية: علامات استفهام على هامش قضية سيارة الباص" ،طرحت في المقال عدة أسئلة منها : كيف حصل أن أربعة من ضباط الجيش الإسرائيلي يستقلون سيارة عسكرية في مهمة بإطار عسكري في منطقة النقب دون أن يكون بحوزتهم أسلحة".
- صحيفة "دافار" من جهتها ادعت "أن الضباط الأربعة الذين فروا من سيارة الرينو سوف يقدمون للمحاكمة العسكرية" ، وقالت المراسلة العسكرية للصحيفة أن أمر الضباط الأربعة أثار الغضب والحنق الشديدين في أوساط القيادة العسكرية الإسرائيلية.
- أما صحيفة "يديعوت احرنوت" فقالت على لسان محررها العسكري "رون بن يشاي" :" أن الضباط الأربعة لم يأخذوا مفاتيح السيارة معهم عندما فروا منها".

• وفي ليلة الأربعاء 9-3-1988 أذاع صوت إسرائيل لمرة واحدة فقط خبرا يقول " أن قاضي الشرطة العسكرية لم يوص بإيقاع أي عقاب على الضباط الثلاثة(وليس الأربعة كما ورد في اغلب الروايات الأخرى) الذين كانوا يستقلون سيارة الرينو يوم أمس بدون سلاح على الرغم من أن كونهم بدون سلاح هو نوع من الإهمال ولم ينسب إليهم أي النوع من التقصير بصدد العملية"!!
رغم أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية كانت هي المصدر الوحيد لتسريب الأخبار عن العملية إلا أن الجميع قد لاحظ التناقض الحاد في رواية " الضباط الأربعة" ركاب الرينو العسكرية .. وهناك ما يؤكد أن احدهم على الأقل قد قتل أثناء نجاح المجموعة الفدائية في السيطرة على هذه السيارة العسكرية في وثبتها الأولى تجاه الهدف .. ديمونا.

جلس "عبدالله" خلف مقود السيارة الرينو العسكرية وإلى يمينه "محمد عبدالقادر" وفي المقعد الخلفي جلس "محمد الحنفي" وكان على المجموعة أن تسرع قدر الإمكان لتصل إلى مفترق الطرق عند مثلث عرعر –ديمونا في الوقت المحدد لها.
آخر حاجز للشرطة الإسرائيلية كان موجودا عند هذا المثلث ، وكل المعلومات كانت تؤكد أن سيارة الأتوبيس الفولفو الزرقاء التي تنقل الخبراء والفنيين العاملين في مفاعل ديمونا النووي ، تتمهل قليلا عند هذا الحاجز عندما تصله في تمام الساعة السابعة والنصف من كل صباح ، ربما بسبب حركة السير البطيئة في الاتجاهين عند هذا الحاجز.
"حمد العزازمة" كان قد هبط الوادي عند نفحة وأطلق ساقيه للريح ليصل إلى نفس المنطقة عبر مسالك الوديان في نفس الوقت الذي يصل فيه أتوبيس ديمونا ، وسيارة الفدائيين الثلاثة عند مثلث عرعر-ديمونا.


المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:56 AM

وسلام آخر على بئر رحمة

دخل "عبدالله" ومجموعته الفدائية بسيارتهم الرينو العسكرية في سباق مع الزمن ، وحتى يصلوا إلى مثلث عرعر-ديمونا في الوقت المحدد كان عليهم أن يخترقوا حاجزا للشرطة والجيش الإسرائيلي عند منطقة أطلق عليها اسم "يروحام" تقع إلى الجنوب على بعد حوالي 25 كيلومترا من مدينة بئر السبع.
كانت هذه المدينة الصهيونية قد أقيمت في عام 1951 على أنقاض قرية فلسطينية اسمها "تل رحمة" بعد أن غزتها أفواج المستوطنين اليهود القادمين من رومانيا.
تذكر "عبدالله" وهو يقترب من حاجز الشرطة الإسرائيلي عند "يروحام" أن بالبلدة القديمة بئر يدعى "بئر رحمة" وكان للفلسطينيين عادة أن يعرجوا على "تل رحمة" ليشربوا من ماء "بئر رحمة" أحيانا للشرب بحد ذاته ، وفي اغلب الأحيان حبا بالبئر ومائه والذين شربوا منه في غابر الأجيال.
وكما فعل "عبدالله" عندما اقترب من سجن نفحة الصحراوي ، قرأ هنا أيضا السلام على بئر رحمة الذي لم يعد بمقدور الفلسطينيين أن يزوروه .. أو يرتووا منه.
عندما فرغ عبدالله من قراءة السلام ، أعطى الأمر بإطلاق الرصاص والقنابل اليدوية فور الاقتراب من عناصر الحاجز العسكري عند "يروحام" ، واخترق الحاجز بالسرعة القصوى مخلفا وراءه الهلع والارتباك .. والدهشة. من بقي على قيد الحياة من جنود حاجز "يروحام" أبلغ قياداته بموكب الرعب الذي اخترقهم ، فانطلقت سيارة شرطة في محاولة مرتبكة لمتابعة سيارة الفدائيين الثلاثة بينما دقت أجراس الإنذار في منازل ومكاتب كل القيادات العسكرية الإسرائيلية ، وأعطيت الأوامر الفورية برفع درجة الاستنفار القصوى في القوات العاملة في المنطقة الجنوبية. عندما شعر "عبدالله" بمتابعة سيارة الشرطة خلفه ، أمر "محمد الحنفي" بإلقاء قنبلة يدوية من النافذة الخلفية باتجاه سيارة الشرطة التي لجم الخوف سرعتها فأبطأت واتسعت المسافة الفاصلة بينها وبين سيارة الفدائيين الثلاثة.


كانت الساعة تقترب من السابعة والنصف ، الشمس تحاول أن تغمر الأرض بوهجها الذهبي لكن السماء المحملة بسحب ثقيلة داكنة كانت تحجز الشمس خلفها وتحجبها . اقتربت السيارة أخيرا من مفترق الطرق عند مثلث عرعر –ديمونا ، ومن بين عشرات السيارات المتزاحمة لاحت أخيرا المهرة الزرقاء أتوبيس الفولفو الذي يقل الخبراء والتقنيين العاملين في مفاعل ديمونا النووي.

اقتحم الفدائيون الثلاثة حاجز عرعر وأطلقوا النار بغزارة على عناصره ، وباغتوا الجميع بترجلهم من السيارة واندفاعهم إلى جانبي الطريق بانتظار اللحظة الحاسمة لمرور المهرة الزرقاء الجامحة.
في لحظة خروج الفدائيين الثلاثة إلى عرض الطريق لملاقاة أتوبيس ديمونا ظهرت فجأة شاحنة إسرائيلية حجبت خلفها الأتوبيس الأزرق ، وحاول سائقها دهس الفدائيين الثلاثة بشاحنته إلا أن "عبدالله" عالجه على الفور بصلية غزيرة من بندقيته مما اضطره على الفور للوقوف حاجزا حركة المرور وسيارة الأتوبيس الأزرق خلفه وفي لحظات تمكن الفدائيون الثلاثة من السيطرة على جماح المهرة الزرقاء ، وامتطوا صهوة الأتوبيس الأزرق الثمين ، وسمع "عبدالله" وسط صريخ الركاب وعويلهم صوت "أبوجهاد" الهادئ القاطع كحد السيف البتار وهو يقول له :"الهدف .. ديمونا".

المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:58 AM

الكيلومترات السبعة الاخيرة

http://up4.m5zn.com/photos/00008/JB9IRFYSY6PY.jpg


كان الطريق قد ازدحم بالسيارات وغص بالفوضى، فاضطرت المجموعة الفدائية لإطلاق عدد من القنابل اليدوية وزخات من الرصاص لتفتح الطريق أمام الأتوبيس الذي شق طريقه باتجاه المفاعل النووي ديمونا.
كان "حمد العزازمة" قد وصل لتوه إلى التلة المشرفة على مسرح العملية تأخر قليلاً فلوح بعصاه الخيزرانية للأتوبيس الأزرق الذي كان قد ابتعد آخذاً في التلاشي شيئاً فشيئاً كأنما ابتلعه هذا التنين الإسفلتي الأسود المتعرج والمنحدر باتجاه بطن المنطقة الصحراوية المحرمة في ديمونا.
عندما اختفى الأتوبيس عن الأنظار المبهوتة التي كانت تتابعه عند مفترق عرعر ، ظهرت على الفور الطائرات المروحية في السماء ، واخلي الطريق بسرعة لأفواج متلاحقة من سيارات الجيش والشرطة وحرس الحدود وعربات الإسعاف التي كانت تتراكض جميعاً كالخنازير البرية الهائجة خلف الأتوبيس الأزرق الذي لم يكن يفصله عن الهدف ديمونا سوى اقل قليلاً من سبعة كيلومترات فقط ،عندها أطلق الجنود الذين انزلوا بواسطة الهيلوكبترات رصاصهم الغزير على إطارات الأوتوبيس فمزقوه قبل أن تقطع هذه السبع كيلومترات الأخيرة.
هاهي المهرة الزرقاء الجامحة ترقد الآن كفريسة كسيحة,تتحلق حولها قطعان الذئاب الشرسة ، وتحوم فوقها الطائرات المروحية كطيور الغربان الكبيرة الناعقة في سماء النقب الصامت وفراغ الصحراء المترامية.سبعة كيلومترات فحسب كانت تفصلنا عن المشهد الكبير، مشهد القيامة في ساحة ديمونا ،لكن لا باس لتكن المعركة التي فرضت علينا في هذه النقطة النائية المعزولة.
الأمور كانت تسير نحو ذروتها، والتصعيد يتسيد الموقف ، ونعيق المروحيات يصم الآذان بهذا الطنين الذي لا ينقطع .الرواية الإسرائيلية الوحيدة التي سمح الرقيب العسكري بنشرها قالت أن الفدائيين الثلاثة عندما سيطروا على الأوتوبيس كان بداخله تسعة من الخبراء التقنيين العاملين بمفاعل ديمونا النووي لكن الدكتور "روبين"مدير مستشفى سوروكا في بئر السبع قال:"أن ثمانية إسرائيليين أصيبوا بجراح ودخلوا المستشفى وأشار إلى أن ستة آخرين تمت معالجتهم من جروح طفيفة وانه تم إخلاء سبيلهم" ، وأضاف:"أن الناس في حالة هلع وفزع" ، وأضاف :"أن ما قاله هو ما سمحت به الرقابة العسكرية الإسرائيلية فقط، وغير مسموح له بالتصريح بغير ذلك".
في حين تأكد أن ثلاثة من الخبراء التقنيين من بين ركاب الأوتوبيس ،قد قتلوا، ولا يمكن في هذه الحالة أن يكون عدد الركاب تسعة فقط.
حسب الخطة كان من المفروض أن يتم تقسيم جميع ركاب الأوتوبيس إلى ثلاثة مجموعات ، واحدة في المقدمة يسيطر عليها "عبد الله عبد المجيد"قائد العملية ، والأخرى في الوسط مع "محمد عبد القادر",والمجموعة الثالثة في المؤخرة تحت سيطرة "محمد الحنفي".
واحدة من الجرحى من ركاب الأوتوبيس قالت بعد العملية:"كان الفدائيون صغاراً في السن ووجوههم لم تكن مغطاة، وكان لأحدهم شارب ، تمركز واحد منهم في الشباك الخلفي ، حاولنا أن ننسق الأمر بيننا ، وطلبنا من الله أن يخلصنا، كانت هناك شابتان تتحدثان العربية لقد خفنا خوفاً كبيراً، في البداية كانوا هادئين، وطلبوا الصليب الأحمر واستخدموا جهاز سماعة كان معنا في السيارة، كان احد الفدائيين هادئ الأعصاب ويعطي الأوامر بينما كان الآخران في حالة عصبية، سمعناهم في الخارج يتحدثون معهم فزادت عصبيتهم لأنهم لم يسمعوهم بشكل جيد".
فتاة أخرى من ركاب الأوتوبيس من العاملات في مفاعل ديمونا النووي اسمها "ستيلا داكار"قالت:"أن الفدائي قال بوضوح استلقوا على الأرض ولن يحدث شيء" .
وقالت:"أن الفدائيين طلبوا التحدث مع الصليب الأحمر بعد أن أحاط الجنود بالباص".
*لم تنقطع حركة التعزيزات العسكرية من حول الأوتوبيس الكسيح، الطائرات المروحية تزايد عددها وهي تحط على الأرض واحدة تلو الأخرى تفرغ من مؤخرتها جنودا وضباطا جدداً، المئات منهم حول الأوتوبيس في حالة استعداد قصوى للقنص والرمي المباشر، بينما اخذ قائد القوة في المماطلة والتسويف كسباً للوقت بغية التأثير على عزائم الشباب وإرادتهم.
خمس وأربعون دقيقة ثقيلة من المفاوضات المتعثرة ، وضبط النفس إلى أن وصل وزير الدفاع الإسرائيلي "اسحق رابين" ورئيس هيئة الأركان"دان شومرون" وقائد المنطقة الجنوبية "يتسحاق مردخاي".
وزير الدفاع "رابين" كان قد صرح في اليوم التالي للعملية في جلسة خاصة عقدها الكنيست:"أن الفدائيين عرفوا على أنفسهم بأنهم من حركة فتح وتابعون لابو جهاد"، وأضاف"أن هدفهم اخذ رهائن والمساومة عليهم".
لم يكن صوت قائد العملية"عبد الله عبد المجيد"مسموعا من داخل الأوتوبيس بسبب ضعف مكبر الصوت الخاص بالأوتوبيس ، وبسبب ضجيج الهيلوكبترات والتي لم تكف للحظة واحدة عن التحليق القريب فوق سطح الأوتوبيس.
"نريد أن نفاوض مندوب الصليب الأحمر,ومطالبنا هي الإفراج الفوري عن كل المعتقلين التسعة آلاف من أول الانتفاضة وحتى الآن".
قائد الشرطة الإسرائيلية حاول المراوغة مجدداً والتعلل برداءة الطقس والمطر المتهاطل، وصعوبة جلب مندوب الصليب الأحمر من القدس إلى النقب.
كان اتجاه المماطلة واضحاً فقرر"عبد الله" أن يحسم الأمر:"نحن لا نرغب في إهدار دم احد لا منا... ولا منكم ، ابعدوا الجنود إلى الخلف بعيدا عن الأوتوبيس ، واحضروا مندوب الصليب الأحمر بواحدة من هذه الهيلوكبترات ، وإلا سنضطر إلى تصفية احد الركاب كل نصف ساعة، نحن جادون تماماً في ما نقول ".
كانت التعليمات عند "عبد الله"صريحة وقاطعة، "ضبط النفس، ولكن لا تتهاون".
قبل أن تنتهي المهلة انهمر رصاص القنص من خارج الأوتوبيس من كل اتجاه، وانفجرت المعركة غير المتكافئة في هذه النقطة النائية المعزولة على بعد سبعة كيلومترات فقط من الهدف ...ديمونا.

المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:58 AM

الدفن في "الطاليت" .. والرد في تونس

http://up4.m5zn.com/photos/00008/7NEIFVJIJMJR.jpg

فرضت السلطات العسكرية الإسرائيلية ستارا كثيفا من التكتيم والتعتيم على أخبار وتفاصيل عملية ديمونا.
وفرضت على الصحافة المحلية والعالمية التقيد بما يصدر فقط عن الناطق العسكري الإسرائيلي ، وبما تفرضه الرقابة الإسرائيلية العسكرية من تعليمات.
وحسب كل المصادر تأكد أن هناك ثلاث قتلى إسرائيليين من الخبراء والتقنيين العاملين في المفاعل النووي في ديمونا .وكان هؤلاء هم :

- "فيكتور رام" 39 عاما ، مهندس متخصص في أشعة الليزر ، حاصل على شهادة الدكتوراه في مجال تخصصه ، يعمل في ديمونا منذ عدة سنوات ، حاصل على شهاداته من جامعة بن غوريون ومن جامعة فرنسية.
- "برنيا شراتسكي " 30 عاما ، تعمل كسكرتيرة فنية في مركز البحوث الذرية بديمونا وزوجها يعمل أيضا كخبير في ديمونا.
- "مريم بن يئير" 45 عاما ، تعمل كسكرتيرة فنية في مركز البحوث الذرية منذ 28عاما ، وتعد من أولى العاملين في ديمونا ، وهي يهودية من أصل تونسي.

في صباح يوم الأربعاء جلبت جثث القتلى الثلاث إلى مدافن اليهود الواقعة على التخوم الخارجية لمدينة بئر السبع ، وبعد أن أقيمت لهم مراسم جنازة عسكرية رسمية حضرها كبار قادة إسرائيل ، أخذت جثث القتلى الثلاثة بنفس ملابسهم الملطخة بالدم بعد أن تم لف كل واحد منهم "بالطاليت" الخاص به الذي كان يضعه فوق رأسه أثناء الصلاة ، وهو يشبه الشال الكبير وهو محلى في كل زاوية من زواياه الأربعة بثمانية خيوط تمثل لون العلم الإسرائيلي ، أربعة بيضاء وأربعة زرقاء. وهكذا دفن القتلى الثلاثة حسب عادة الطقوس اليهودية ، وأغلق عليهم نهائيا "بيت الأحياء" أو "بيت الأزلية" حسب التعبير اليهودي الذي يطلق عادة على المقابر.
عندما انتهت مراسم الدفن في مقبرة اليهود على أطراف مدينة بئر السبع بالنقب الفلسطيني المحتل ، كانت الانتفاضة تختم يومها التسعين وهي تزداد التهابا واشتعالا ، وتخطو بقوة إلى شهرها الرابع ، بينما قال "شامير" : إن الذين يقفون وراء عملية ديمونا هم الجهة نفسها التي تثير التحريض في المناطق.
وقال " شمعون بيرس" : إننا نواجه عدوا لم يعد يفرق في الوسائل المتبعة ، وهو مستعد لأن يصيب كل هدف إسرائيلي.
كانت القراءة الأولية للعملية تؤكد أن الدلالات السياسية لديمونا أكبر بكثير من نتائجها العسكرية ، لذلك عندما انتهت مراسم الدفن في مقبرة اليهود في بئر السبع ، كانت قد بدأت للتو عملية التحضير للرد في تونس.

المفتش كرمبو 25 - 4 - 2011 11:59 AM

دســتورالانتفــاضــة


http://up4.m5zn.com/photos/00008/19WMN220WNJ9.jpg


إلى كل شعبنا العظيم في فلسطيننا المحتلة إلى كل أهلنا وجماهيرنا الثائرة في الوطن والمحتل المحرر إلى كل إخوتنا في القيادة الوطنية الموحدة وفي التنظيم وفي حركة الشبيبة وفي القوات الضاربة، واللجان الشعبية وفي اللجان الوطنية وفي كل ما أبدعتموه من أطر ولجان وهيئات وهياكل تقودون بها الانتفاضة المتجددة والمتوهجة في الوطن المحتل – المحرر بسواعدنا العملاقة وإرادتنا الفلسطينية، بوعينا السياسي الثاقب وبقدرتنا الهائلة على تلمس النبض الثوري لجماهيرنا، وبإصرارنا على تصدر المسيرة الهادرة لشعبنا بمزيد من الجرأة والبسالة وبجسارة البذل والعطاء, وبسخاء التضحية والفداء وبالاندفاع الجسور في المواجهة، وبحماية الشعب حتى الاستشهاد، وتوسم شرف الشهادة.
يا كل شعبنا، يا أهلنا، يا إخوتنا يا أشبالنا وزهراتنا وكل أبنائنا، ها نحن نطلقها معاً صرخة مدوية واحدة وموحدة: لا للتهدئة، لا تتهادن أو التهاون، لا للمذلة ولا للتعايش مع الاحتلال. المجد كل المجد للانتفاضة، ولنستمر في الهجوم .
لنستمر في الهجوم فالله معنا والشعب معنا والعالم كله معنا
لنستمر في الهجوم فقد وضعت الانتفاضة عدونا في المواجهة الأخيرة مع أزمته فإما التنازل وإما التشدد، وفي الخيارين معاً فناؤه ومقتله . فإذا تراجع نشد عليه وإذا تشدد نقاتله ونقاومه ونستمر في الهجوم حتى نحرق الأرض من تحت أقدامه حتى يتنازل ويخضع... ويرحل

*لنستمر في الهجوم حتى نعري عدونا، ونسقط الورقة الأخيرة التي تستر عورته فيغد
عاراً على أصدقائها، وعبئا ثقيلا على حلفائه.

*لنستمر في الهجوم فالعالم كله يعرف الآن أن قطعان المستوطنين اليهود الصهاينة تجفل من الهجرة من حظائرها البعيدة إلى أرضنا المشتعلة بالانتفاضة الملتهبة بالثورة.

لنستمر في الهجوم حتى لا نسمح لأحد بالالتفاف على انتفاضتنا أو تطويقها ولا يمكن لنا نكرر اخفاقات الماضي ولن نسمح لاحد أن يكرر تاريخ النداء المشؤوم الذي وجهه حكام العرب لشعبنا في ثورة 1936 لإنهاء الانتفاضة والإضراب العام.

*لنستمر في الهجوم حتى لا تسقط ثمار الانتفاضة المظفرة في الأيادي المرتعشة للسماسرة وتجار المساومات ودعاة المهادنة والتعايش المذل مع الاحتلال وقبول السلام المذل المهين.

* لنستمر في الهجوم لأن تصعيد الانتفاضة سيزهق روح الباطل الذي ما يزال يحلم بإعادة الوصاية على شعبنا بالتقاسم الوظيفي المشؤوم وبعملاء التنمية وبوثيقة الخزي والعار في لندن.

*لنستمر في الهجوم حتى نساهم في إنضاج شروط عملية استنهاض الوضع الجماهيري العربي فقضيتنا دخلت مع الانتفاضة إلى كل بيت في أمتنا العربية، والجماهير عربية هي في النهاية رصيدنا، وعمقنا، وحليفنا الإستراتيجي، وعندما تخرج الجماهير إلى الشارع العربي يتعزز موقفنا وتقوى جبهتنا وتقترب ساعة انتصارنا الأكيدة.

* لنستمر في الهجوم حتى نحول كل تعاطف كسبناه حتى الآن في أوساط الرأي العام العالمي إلى مواقف عملية ضاغطة على الحكومات والبرلمانات والأحزاب الحاكمة.

*لنستمر في الهجوم حتى نجبر الإدارة الأمريكية على الكف عن المراوغة والتسويف والمماطلة، والرضوخ لمطالبنا علنيا والاعتراف بحقوقنا عمليا، ولننقل المعركة إلى قلب عدونا.
*ولنستمر في الهجوم حتى نشل فعالية ودور اللوبي اليهودي الصهيوني في أمريكا وأوروبا.

* لنستمر في الهجوم حتى نصلب مواقف أصدقائنا وحلفائنا ونغلب المبدئي في هذه المواقف على الأمني والمصلحي منها، ولنستمر في الهجوم حتى نمنع الصفقات التي يمكن أن تتم على حسابنا وضد إرادتنا.

* لنستمر في الهجوم فها هي ثمرة 90 يوماً من الانتفاضة البطولية المتواصلة والمتصاعدة تكاد تهدم كل ما توهم العدو أنه بناه وشيده في 40 عاما من الاغتصاب والاحتلال.

إن ما أنجزته انتفاضتنا الوطنية الكبرى هو حتى الآن كبير بكل المقاييس، وعظيم بكل الحسابات وبطولي ومشرف بكل القيم والمعايير، لكن المعركة ما تزال في عنفوانها والنصر، كما يقول مجاهدو العرب، أن هو إلا ساعة صبر. لنصبر ولا تراجع ولا تهاون ولا تعايش مع الاحتلال، وليس أمامنا إلا تصعيد الانتفاضة والاستمرار في الهجوم، فلنستمر في الهجوم فالله معنا والشعب معنا والعالم كله معنا.

* استمرارنا في الهجوم يعني تكريس الإنجازات التي تحققت منذ اندلاع الانتفاضة وحتى اليوم، تعني أولا المحافظة على كل الأطر واللجان التي تشكلت في كل مخيم وفي كفل حي وقرية ومدينة، استمرارنا في الهجوم يعني أننا نواجه عدونا بشعب موحد ومتفوق من الناحية المعنوية، فالجماهير هي قواتنا وجيشنا ويجب أن نحافظ على روحها الهجومية الوثابة، أن نستمر في الهجوم يعني أن نحافظ على روحية اليقظة والتأهب والاستنفار. أن نستمر في الهجوم يعني أن نضرب نحن المثل قبل الآخرين في الإقدام والعطاء والتضحية، فروح الهجوم تذكيها دائما نار التضحية، وشعلة العطاء المتوهجة.

أن نستمر في الهجوم يعني أن نحافظ على وحدة الهدف السياسي للانتفاضة وللثورة. مطالبنا في أيدينا لا تخدعنا مبادرة من هنا أو مشروع من هناك، لا ننقسم حول تصريح، ولا نختلف على الكلمات بل نبقى موحدين أبداً خلف مطالبنا وأهدافنا لنضع برنامج الانتفاضة في يد كل مواطن وعلى لسان الجميع حتى نحافظ على وحدة الرؤية والهدف
أن نستمر في الهجوم يعني تأمين التنسيق والتكافل والتكامل بين كل المواقع والمدن والقرى والمخيمات.

أن نستمر في الهجوم يعني أن ننمي قدراتنا وقوانا الذاتية بضم أفضل العناصر التي برزت في المواجه إلى صفوفنا، فزمن المواجهة هو زمن التنظيم أيضا.

أن نستمر في الهجوم يعني توسيع نطاق المظاهرات والمواجهات باستمرار، وأن لا نسمح بعد اليوم بالإهانة أو بالمذلة، وأن ندخل في مواجهات تكتيكية صغيرة محسوبة مع سلطات الاحتلال دفاعا عن أي كرامة تهان أو عرض يمس، وأن ننمي الإحساس بالعزة والكرامة الوطنية بالقول والممارسة معاً.

* أن نستمر في الهجوم يعني أن نكثف عمليات التخريب المادي والمعنوي في مؤسسات العدو، لنجعل النار تأكل معاملة وتحرق أعصابه فليس غير لهيب النار المشتعلة ما يبعد الذئاب عن بيوتنا وديارنا، فالي تشكيل فرقة الحريق ووحدات النار المقدسة والمقلاع الذي يرمي الحجر يمكن أن يرمي كرات اللهب أيضاً، وهناك عشرات الطرق والوسائل والأساليب التي يبدعها الشعب دائما وهو يواجه ويهاجم ويشغل الأرض تحت أقدام الاحتلال.

* أن نستمر في الهجوم يعني أن نمنع الحركة على الطرقات أو تعيقها وتربكها بأي وسيلة وبكل وسيلة، لنجعل الحركة على الطرقات والشوارع جحيماً لا يطاق حتى نقطع أوصال عدونا، ونعطل دورة الحياة في جسده، فنرهفه، وندمي أعصابه وندفعه إلى المزيد من الارتباك والحيرة والتخبط.

* أن نستمر في لهجوم يعني أن نقسم المجموعات الضاربة إلى فرق عمل ليلية وأخرى نهارية، لنستفيد من الليل فهو صديق شعبنا ورفيق كل الفدائيين.

*أن نستمر في الهجوم يعني أن نسخر حتى هواء بلادنا ضد العدو، وأن نستفيد من طاقة الشعب التي فجرتها الانتفاضة بحيث يشترك الشعب كله في المعركة مع الاحتلال.

*أن نستمر في الهجوم يعني أن نجد مهمة وموقعها لكل مواطن، رجلا كان أم امرأة، شاباً أو شيخاً، طفلا أو صبياً، الكل في المعركة، والكل في الهجوم المستمر والمتصاعد بحيث نستنزف موارد العدو، ومعنوياته، وندفعه للخروج من الصراع تحت وطأة شعوره بفداحة الثمن المادي والمعنوي الذي يتحمله بالقياس لحجم المكسب السياسي الذي يحصل عليه من استمرار الاحتلال.

* لنستمر في الهجوم موعدنا النصر القادم بإذن الله وبإرادة الشعب والجماهير وأنها لثورة حتى النصر.

المجد للانتفاضة، والخلود للشهداء الأبرار



أخوكم أبو جهاد
27/3/1988


الساعة الآن 05:11 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى