منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الملاحم والأساطير ومعتقدات الشعوب (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=66)
-   -   في فلسفة بوذا وأخلاقه (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=34783)

قلب., 3 - 7 - 2015 12:03 AM

في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
في فلسفة بوذا وأخلاقه
بوذا هو مؤسس ديانة أو فلسفة البوذية ويلفظ اسمه أيضاً بودا، ومعناه الساهر أو اليقظ، وبوذا ليس اسم علم على شخص بعينه، وإنما هو لقب ديني عظيم، معناه الحكيم، أو المستنير، أو ذو البصيرة النفاذة، وهو الذي يعلن طريقة خلاص البشر من دائرة الولادة المتكررة (سمسارا). ولكن أتباعه حولوا تعاليمه إلى مبادئ دينية وألهوه. وتذكر الروايات أنه ولد سنة 568 ق م، فيما تذكر أخرى انه ولد سنة 563 ق. م، في بلدة على حدود الهند ومملكة نيبال. وكان من أسرة نبيلة، وكان أبوه ملكاً صغيراً في تلك البلاد، وقد تربى بوذا في الرفاهية، وكان يعيش كما يعيش أبناء السادة والملوك في نعيم عظيم. توفيت أمه مايا وهو في السابعة من عمره، فربّته عمته وتزوج صغيراً ولما بلغ السادسة والعشرين هجر زوجته إلى الزهد والتقشف والتأمل في الكون وانتهج نهجا خاصاً في الكون ليتخلص الإنسان به من آلامه ودعا إلى ذلك كثيراً من الناس. ترك سيدهارثا القصر الملكي في سن 29، وعاش لمدة ست سنوات بلا مأوى ومات وهو في الثمانين من عمره، والجدير بالذكر أن بعض المؤرخين زعم أن بوذا شخصية خرافية لا وجود لها، وذلك لكثرة الأساطير والخرافات التي نسجها البوذيون حول شخصيته> ويعتقد البوذيون أنه كان هناك على الأقل ستة أشخاص يسمون بوذا قبل غوتاما، بل يزعمون أن هناك بوذا آخر اسمه مايتريا سيظهر في المستقبل. وتقول الأسطورة إن روح بوذا خالدة خلود الدهر، وهي تتمثل في الدلاي لاما وعندما يموت فإنه يموت جسدياً ولكن روحه أو روح بوذا تنتقل إلى أحد المواليد الجدد من المتبعين للبوذية ليصبح بعد ذلك هو الدلاي لاما الجديد وهكذا إلى ما لا نهاية.



يقول بوذا في انجيله :
• تلك أيها الرهبان هي الحقيقة السامية عن الألم : الولادة مؤلمة ، والمرض مؤلم ، الشيخوخة مؤلمة ، والحزن والبكاء والخيبة واليأس كلها مؤلم .
• وتلك أيها الرهبان هي الحقيقة السامية عن سبب الألم : سببه الشهوة ، والشهوة تؤدي الى الولادة من جديد ، والشهوة التي تمازجها اللذة ، شهوة العاطفة ، شهوة الحياة ، وشهوة العدم .
• وتلك أيها الرهبان هي الحقيقة السامية عن وقف الألم : ان نقتلع هذه الشهوة من أصولها ، فلا تبقى لها بقية في نفوسنا ، والسبيل هو الانقطاع ، والعزلة ، والخلاص وفكاك أنفسنا مما يشغلها من شؤون العيش .
• وتلك أيها الرهبان هي الحقيقة السامية عن السبيل المؤدية الى وقف الألم : انها السبيل السامية ذات الجوانب الثمانية :
1. الايمان بالحق … وهو الايمان بأن الحقيقة هي الهادي للانسان .
.2 القرار الحق … بأن يكون المرء هادئاً دائماً لا يفعل أذى بأي مخلوق .
3 .الكلام الحق… بالبعد عن الكذب والنميمة وعدم استخدام اللفظ الخشن .
4 .السلوك الحق … بعدم السرقة والقتل وفعل أي شيء يأسف له المرء فيما بعد أو يخجل منه …
5 .العمل الحق … بالبعد عن العمل السيء مثل التزييف وتناول السلع المسروقة وعدم اغتصاب المرء لما ليس له .
6 .الجهد الحق … بالسعي دائماً الى كل ما هو خير والابتعاد عما هو شر .
7 .التأمل الحق … بالهدوء دائماً وعدم الاستسلام للفرح أو الحزن .
. 8 التركيز الحق … وهذا لا يكون الا باتباع القواعد السابقة وبلوغ المرء مرحلة السلام الكامل .
نستطيع أخذ بوذا على أنه ، في الفكر الهندي ، بمثابة :
صرخة حق في وجه الشر ،
دعوة محبة في ليل الضغينة ،
نور في دياجير الظلمة ،
نداء قيم السيطرة على الذات والارتفاع صوب المتعالي .
ففي اطلالة البشر على الدنيا بمتاعبها وآلامها ، عند الفجر ، فجر العالم الانساني ، وقف بوذا ينادي للقداسة، ويدعو الى التطهر ، ويبحث عن الحقيقة مع الخلاص ، ويبحث عن الخير مع الكمال. قيل : وجد بوذا الحقيقة ، وأدرك مشكلة الالم والموت والشيخوخة والمرض ، وعرف سر مأساة الحياة.
في بوذا اندغم الخلق النبيل باللذة الدائمة . فكانت نفس بلا ازدواجيات أو تناقضات داخلية ، بلا عراك بين الأهواء ، بين الغرائز ، بين الميول والعقل .
ان البوذية ، ليست فلسفة ، ولا علماً ، ولا دين بالمعنى الخاص للكلمة . انها طريقة خاصة في العبادة ، ودعوة للترفع عن الشكليات وما جمد في طقوس ميتة وحركات رتيبة تبعد عن الجوهر.
البوذية نظام حياة ، أو أسلوب حياتي رائع ، يملأ القلب وداعة ونعمة ، ويفعم النفس محبة وطهراً ويشرق على الذات فيضاً من الروحية ، ونداءات الى التجاوز الخلقي أو التسامي . غاية البوذية هي تحقيق تلك الحالة النفسية المتزنة ، بل التامة الاتزان ، التي عرفها العرب الأقدمون في شكل العرفان الاسلامي .
بوذا ، ذلك الأمير الذي تخلى عن العرش ليجوب الأفاق ، ويعيش من صدقات الكرماء ، ويحيا حياة الرهبان الفقراء ، كان ذا تأثير عميق على أبناء جلدته بسيرته ، وبمسلكه خاصة ، أكثر مما فعل بخطبه وأقواله .
ولكننا لا نعرف شيئاً عن بوذا معرفة يقينية ، فقد تجمع حول ولادته واسمه وحياته وموته عدد هائل من الحكايات والاساطير ، تشكل جزءاً هاماً من الأدب والعقيدة البوذية . وتروي لنا غرائب القصص ان الملكة مايا قد حلمت قبل ولادته حلماً عجيباً . ما استدعى ابوه الملك الى قصره في كابيلا الحكماء والعرافين لتفسير الحلم . فقال الحكماء ” ان الملكة حملت بصبي عظيم ، وسيصبح ملكاً على البلاد لو هو استقر في بيته ، اما اذا ترك داره وخرج من احضان العالم ، فسيصبح بوذا (المستنير ) ، وسيكون كاشف نقاب الجهل عن أعين الناس “.
ولما هبط بوذا من جوف أمه ، وقف فجأة وتقدم الى الامام سبع خطوات ، ثم صاح في صوت عذب : ” انا سيد هذا العالم ، وهذه الحياة هي آخر حياة لي” . ويحدد العلماء زمن ولادته بعام يقرب من 564 ق.م. ودعي هذا المولود سيد هارتا. وعاش في قصر ابيه حياة النعيم والترف ، وتدرب على الفنون العسكرية ، واتقن دراسة الفلسفة والعقيدة الهندوسية ، ومن ثم تزوج واصبح والداً سعيداً بحياته . ويروى أنه خرج من قصره ذات يوم الى المدينة ، واذ هو في الطريق رأى شيخاً كهلاً، وخرج يوماً ثانياً فرأى رجلاً مريضاً ، وخرج ثالثاً فرأى ميتاً وعندما عاد الى القصر انتابه حزن عميق ، فقد عاش قرابة ثلاثين عاما في القصور ودرس الكثير من الكتب ، ولكنه يجهل الحياة والناس ، والان رأى بعينيه ما هو المرض ، والشيخوخة والموت . لقد كان هذا الافتراض بداية البحث عن الحقيقة عند بوذا . فالذي جرب بوذا تبديله هو الحياة نفسها التي وجدها . ولهذا ترك سيد هارتا كل شيء واصبح راهباً متسولاً واخضع نفسه لأقصى أنواع التقشف حسب تعاليم براهما .
وذات يوم انهار سيد هارتا من الجوع ، ظن البعض انه قد مات . وحالما استعاد قدرته صرخ : منذ هذه اللحظة سأكف عن تجويع نفسي . ذلك انه لم يلحظ تنويراً جديداً يأتيه من حياة التقشف هذه فقال : “ان التعاليم التي تأمر الناس بتجويع أنفسهم ليحيوا حياة صالحة ويكسبوا الحكمة عن ذلك الطريق، لا بد انها بعيدة عن الصواب، لأني كل ما ازددت قوة زاد وضوح تفكيري”. قال ذلك لأنه كان قد تبين له أن الحكمة التي يبحث عنها لم تكن خارج نفسه .
واستمر سيد هارتا منقطعاً الى حياة التأمل وفجأة تألق وجهه وصرّح : ” اخيراً وجدت مفتاح الحكمة ، انه اول قانون للحياة ، من الخير يجب أن يأتي الخير ، ومن الشر يجب أن يأتي الشر”. عندها أقلع عن زهده وراح يفكر في هذا القانون ، وبعد سبع سنوات احسّ بوذا ان أفكاره قد اصبحت واضحة ، قرر ان يخرج الى العالم ويبشر بالقانون الحق للحياة ، ذلك القانون الذي يعلّم البشرية ان العالم تحكمه العدالة . وقد كان له من الشجاعة ما يمكنه من نقل هذه الرؤيا الى فعل . وحمله تعاطفه مع الناس على توضيح السبيل للكائنات الحساسة التي يعايشها .

لم يضع بوذا أسلوباً جديداً في البحث عن حقائق الأمور ، فشأنه شأن المعلمين الأوائل امثال كونفوشيوس ، وسقراط ، والمسيح…. فقد اختار اسلوب المحاورة والمحاضرة وضرب المثال ، ويلخص مذهبه في عبارات مركزة ، ليسهل وعيها وحفظها .
البوذية تقول ان الأخلاق ضرورية للحصول على التركيز الروحي الحقيقي ، فبالأخلاق يبلغ الانسان الكمال ، ويتهيأ للانطفاء : لا يدخل في الراحة الا من تمتع بمستوى أخلاقي رفيع ، وأفعم قلبه بالنقاوة والوداعة . ويبقى بوذا أول من صاغ قانوناً يرى في الفكر الأخلاقي غنى للشخص ، وطاقات تعمل لصالح الخير، والتغلب على الشر. اذن فهو صاحب رسالة أخلاقية تشدد على الصدق والوئام والسلام ، وترفض الكذب ، والنميمة ، والكلام المسيء والمؤلم واللائم .
ومن بعض الأخلاق البوذية :
أ ) الشفقة : يولي بوذا مكانة ملحوظة للشفقة في عالم الأخلاق . انها أساسية وضرورية ازاء جميع المخلوقات الحية : الانسان المعذّب ، والخادم المظلوم ، والعالم المتالم … وحتى ازاء الحيوانات فالشفقة مطلوبة أيضاً . لقد منع بوذا رهبانه عن استعمال أردية الحرير ضناً بديدان القز عن أن تموت . وفيما يلي بعض الأقوال الحكمية والأمثالية حول الشفقة والمحبة ( مع التفريق الدقيق بينهما ) :
– تأملت في الشفقة والمحبة ، عندها نسيت الفرق بيني وبين الآخرين .
– تجنب الاساءة والأذى بالغير ، أعرض عن الاحتقار والغضب وسوء النية.
– لا تحقد على أحد ،حتى ولا على الذين يسيئون اليك .
– ليكن لنا ازاء جميع المخلوقات الحية عواطف . حسن العاملة والنبل والمحبة .
– ما هي غاية كل عمل أقوم به ؟ انها المخلوقات التي عليّ جعلها تعيش آمنة في هذه الدنيا ، وتكسب النعيم في حياة أخرى .
ب ) واجب عدم الاساءة للآخر : يقول بوذا بمبدأ اللطف ، وبأن مقابلة الاساءة بالاساءة خطأ ؛ فاصلاح الخاطىء يكون بالوداعة والحلم . وفي ” انجيل بوذا ” يرد ان جاهلاً سمع ذلك القول لبوذا فأساء للمعلم وسخر منه . وكان المثل الذي اعطاه بوذا لذلك الجاهل كفيلاً باحارته وانصرافه خجلاً ، ثم رجع الى بوذا طالباً قبوله في عداد المؤمنين. وبدون التوقف عند هذا الحد ، يذهب بوذا الى أبعد في دنيا التعامل السّمح مع الغير ، والنظرة الصفوحة ازاء الآخر. على هذا يدعو حوارييه لتحمّل الآسى والمشاق في تبشيرهم ، وللتحلي بالجلد والصبر اذ انهم ، كباحث عن الماء في الرمل ، يبلغون الغاية بالأناة ورحابة الصدر . التسامح والعفو خلتان ضروريتان لبلوغ تلك الغاية ، ولبلوغ الكمال الأخلاقي . فبالتسامح والصبر يجابه الشر والغضب ، وبالسخاء واللاكره يحارب البخل والحقد . تكثر الروايات الملحة على التسامح وعلى طرح الضغينة ، بغية الكمال الروحي للفرد من جهة ؛ ولتغيير العالم من جهة أخرى أيضاً . من تلك الروايات ما يرويه بوذا عن أمير تغلب على جاره المدعو ديغهيتي وأزال ملكه : تخفى الراهب وزوجه وابنه في عاصمة من غلبه . قبض عليه ، بعد خيانة ، فأوصى ابنه المسمى ديغهافو قائلاً له : ” يزيل الضغينة مبدأ اللاضغينة ، ويطفىء نيران الحقد أمطار اللاحقد” .

ج) المحبة : لها في البوذية منزلة . ثم ان الشفقة والتسامح ، وعدم الاساءة ، ومبادلة الشر بالخير ، كلها مفاهيم تحتضنها البوذية وتدعو اليها مبشرة بامكانياتها الروحية في تغيير الانسان ومساعدته على بلوغ الكمال . وأدهشت هذه المحبة جميع الباحثين في الفكر الهندي بنبلها ، وعدّوها مفهوماً رئيسياً في العمارة البوذية كما في الروح الهندية عامةً .
د ) أخلاق عامة الناس ( اللارهبان أو المدنيون ) : وفي الأخلاق المتعلقة بعامة الناس ، بغير الرهبان ، يتكلم بوذا ، عن ذلك الجانب الذي يلخص بالأقوال : لا تقتل ، لا تأخذ ما لا يخصك ، لا تقرب زوجة غيرك ، لا تكذب ، لا تشرب المسكرات . ومع هذه الوصايا الخمس ، القريبة جداً مما هو معروف في الأديان السماوية ، هناك أخرى كالاهتمام بالأهل ، والارتزاق من عمل شريف ، والكرم ، والصبر ، والمثابرة ، والاعتراف بالجميل ورده … ان أقوال الملك أشوكا ، المنقوشة على الصخور ، تمثل بعض تلك الوصايا والارشادات الوعظية .

الغراب الأسود 3 - 7 - 2015 01:06 AM

رد: في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
سلمت الايادي على الموضوع
يعطيك الصحة والعافية

بلا عنوان 3 - 7 - 2015 01:37 AM

رد: في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
احسنت الطرح والاختيار
تحياااتي لكـ

أرب جمـال 7 - 7 - 2015 03:10 AM

رد: في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
اختيار موفق عزيزتي
تقديري لك

محمد عيسى موسى ابراهيم 7 - 7 - 2015 04:22 AM

رد: في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
يعطيك العاقية
تحيتي لك

المُنـى 7 - 7 - 2015 04:32 AM

رد: في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
يعطيڪَ العافيه..

تسلم الايااادي عالطرح

الامير الشهابي 7 - 7 - 2015 08:16 PM

رد: في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
الأخت الفاضله قلب
موضوع رائع جدا يستهويني لأن القرآءة لتعاليم بو>ا تجدها قد سبقتنا قرونا
قبل نزول الأديان ، وأهم مافي النظرة لتعالميه الفصل بين النقضين (الفضيلة والرزيله )
تقبلي مودتي وتحياتي

B-happy 11 - 7 - 2015 06:15 PM

رد: في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
يعطيك العافية قلب
موضوع مميز
تحياتي

عاشق تراب الأقصى 11 - 7 - 2015 07:27 PM

رد: في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
فكونا من بوذا وخليه بعيد عنا
احكولنا عن فلسفة الاسلام الله يرضى عليك اخت قلب
تحياتي

ابتسام 13 - 7 - 2015 01:13 AM

رد: في فلسفة بوذا وأخلاقه
 
يسلمو الايادي مع تحياتي لك


الساعة الآن 09:46 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى