منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   مختارات من الشعر الليبى (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=17577)

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:16 PM

مختارات من الشعر الليبى
 
إدريس بن الطيب

بطاقة تعريف..

الاسم : إدريس ابن الطيب

تاريخ الميلاد : 11/5/1952

مكان الميلاد : المرج / ليبيا

مجالات الكتابة : الشعر-القصة-المقالة

تعريف قصير: درس في المعاهد الدينية في كل من بنغازي والجغبوب ومعهد أحمد باشا الديني في طرابلس، تحصل على دبلوم صحافة ووسائل اتصال (فلندة)، عمل محرراً في الصحف المحلية- عمل ملحقاً إعلامياً وثقافياً بإيطاليا- قبل أن ينتقل للعمل بذات المهمة إلى الهند، في بداية هذا العام 2001.



إصدارات :

1 - تخطيطات على رأس الشاعر-شعر/76

2 – العناق على مرمى الدم –شعر/91

3 – كوة للتنفس –شعر/97

ترجمت مجموعته الأخيرة (كوة للتنفس) إلى الإيطالية.




نماذج من إبداعه..

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:16 PM

احتمال المطر



هل أنا صدفة في المطر؟

أم أنا مفردٌ دون رونقة مثل كل البشر ؟

مرت الريح ضاحكة فأسرت إلى الأغنيات :

نشيد المسافات ليس يرتله أحد غيرها،

فهي عصفورة مرقت بين إجهادتين

بدفءٍ خفي لأنفاسها فوق خدي كوشوشة للجذور

زمن من سنين على شكل إطلالة

كل شيء مصافحة

غير أن العصافير حين تصافح أنفسها

تتغنى، ترفرف

ثم تشد طويلاً على اليد

كي تتجنب إغفاءة الذاكرة ...

خطاها إشتعال على مدن في القصائد

تطفئ أنوارها بيدها قبيل الذهاب

إلى نومها ثم تحلم حتى الصباح ..

يغازلها البحر حين يكون حزيناً

يغافلها بإحتلال تنهدها

فيفاجئها نزق ناعم

وتفر إلى زمن كخيال الصغار

تتوج ضحكتها وهجاً في الأساطير

يلتفت البحر نحو المدينة

ثم يلامس أقدام شاطئها بحنان

ليودعها في بلاد النعاس

أنا البحر سيدتي

غير أني وحيد على قارب تتقاذفه عاتيات الرياح

ولكنني رغم ذلك أشهر حنجرة للغناء

وأنشودة لاحتمال المطر



طرابلس – 30/1/2001

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:17 PM

كوة للتنفس



يبلغ المرء في أخر الليل غربته

حيث ينكره الكل،

لا يستقيم له الودّ

لا وطن يجتبيه لأوجاعه،

غير هذا الدم المتوثب للإنسفاح،

ولا زهرة أفلتت من رياح السموم

ليزرعها في ابتسامات أطفاله ذات يوم

لا نجوماً ولا قمراً

لا ارتياحاً ولا غضباً،

لا بكاءً ولا طرباً،

غير جمعٍ من التائهين

يمارس كينونة العمر كل صباح

على حدة،

ليعوّد أحلامه البحث عن كوةٍ للتنفس،

أنتِ فتاتي التي أتجول مصطحباً جرحها في شوارع روما

أنام على أنّةٍ في انكسارتها حين تركع راجفة في إباء،

يقول على فمها قائل : إنها اتجهت للحياة انتحاراً،

فأسمع، ثم أرى.. أتفكر،

ماذا تقولين أنت ؟

أنصتُ، أمسكُ نبضات قلبي،

لاشيء،

أعلم أنك لا تستطيعين حتى الكلام،

وأن انكسار الركوع مهين،

ونحن الذين يؤرقنا الصحو،

نذوي على حافة الإنفجار،

ونطلب من ليبيا أن تهدي من روعها قبل أن يتملكنا

دمها في الشوارع،

تؤدي لوجه بلادي كل الطرق،

تركت هناك أمانة قلبي "لعينيك"

كل الرفاق الذين قُتِلنا معاً،

ملّ من دمنا الموت،

لكنه حين جاء قتلناه،

رفاقي جراح البلاد جواهرها،

ينـزفون ويبتسمون،

وتنهشهم كل يوم قصائدهم وحليب الصغار،

فيعتذرون إلى الشعر حين يكون عليهم مطاردة الخبز،

يتكـئون على حملهم في الصباح

لكي يبدءوا ما يشابه يوماً جديداً

أنا هاهنا أتلمس إنهاكهم

ومشاريع بسماتهم حينما تختفي كالفقاعات،

لكنهم – رغم أفق بليد –

يصرون على جذر أسنانهم

ثم يبتسمون.


طرابلس 25/8/1995

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:17 PM

بنغازي تواري السوسي الثرى بعد 83 عاما

http://www.jeel-libya.com/articles/2170_1.gif


مثلما تأتي الروعة على مهل، هاهي تذهب على حين غرة، عندما تتوقف رحلة الشاعر، وتحتبس في كهف الغيب و الأبد رؤى الشفافية الباصرة لما خلف المعاني المبذولة.

ودعت ليبيا الأمس الإربعاء الموافق 22 نوفمبر 2007 أحد أعلامها في الأدب والثقافة. فبعد رحلة طويلة من قرض الشعر، وتطويع الكلمات، ها هو شاعر ليبيا يغادرنا على غير موعد، كما هي سنة الله في خلقه.

شاعر الرقة والرومانسية، والعذوبة، اختارت له العناية وفاة بعد صلاة ظهر الأمس بتونس، الشاعر الكبير: متوقفا قلبه المشبع بتلك المدادات الروحية المنظومة، بعد تسعة وسبعين عاما، وقد نقل جثمانه، وهو في طريقه ليدفن بعد صلاة عصر اليوم الخميس بمدينة بنغازي.

والشاعر حسن أحمد محمد السوسي، ولد عام 1924 في الكفرة، وأقام في سنوات صباه الأولى بدينة مرسى مطروح، حيث قرأ فيها القرآن الكريم على والده، ودخل المدرسة، ثم التحق بالأزهر ونال الشهادة الأهلية 1944.

عاد إلى ليبيا أواخر عام 1944 وعمل معلماً بمدرسة الأبيار، ثم تنقل في وظائف التعليم إلى أن أحيل إلى التقاعد عام 1988.

دواوينه الشعرية: الركب التائه 1963- ليالي الصيف 1970- نماذج 1981- المواسم 1986- نوافذ 1987- الفراشة 1988 - الزهرة والعصفور 1992 - الجسور 1998 - ألحان ليبية 1998 - تقاسيم على أوتار مغاربية 1998.

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:18 PM

جنينة السوكني

بطاقة تعريف..

الاسم: جنينة امحمد السكوني [جنينة السوكني]



تاريخ الميلاد: 21/12/1963

مكان الميلاد: طرابلس

ليسانس لغة عربية-1992/ جامعة ناصر

مجالات الكتابة: الشعر – المقالة



بعد تخرجها من الجامعة، بدأت حياتها العملية من خلال العمل الصحفي والإعلامي.

فأعدت وقدمت برنامجها (آثارنا حضارة وتاريخ) بالتعاون مع مصلحة الآثار في إذاعة الجماهيرية في العام 1999.. كما وشاركت الشاعر "لطفي عبداللطيف" في إعداد برنامجه "المركز الثقافي" للإذاعة طرابلس المحلية.. في شهر رمضان المبارك للعام 2002، أعدت برنامجها المرئي (أنوار) لإذاعة الجماهيرية المرئية.. لتعود في العام 2005 للإذاعة المسموعة من خلال برنامجها الثقافي (مصافحة)، وهو برنامج ثقافي كان يذاع مساء الإثنين من كل أسبوع، وقد سجلت منه 12 حلقة، استضافت فيه مجموعة من المبدعات الليبيات، والتعريف بإبداعهن، ومن الأسماء المُستضافة في البرنامج: شريفة القيادي، حواء القمودي، فاطمة غندور، فتحية خير، ابتسام عبد المولى، مريم سلامة، وغيرهن، بحيث قدمت أكثر من أسم لأكثر من مرحلة.



في الصحافة، بدأت مسيرتها مع صحيفة (الشمس)، فكتبت وأجرت العديد من اللقاءات، حتى تسلمها مسؤولية (الملف الثقافي) للصحيفة.. من بعد أنتقلت إلى أسرة مجلة (البيت) والعمل على الملف الثقافي للمجلة.. لتعود إلى صحيفة الشمس مشرفة على ملفها الثقافي.. كما وكتبت بصحيفة (الدعوة الإسلامية).. كما وشاركت ضمن أسرة تحرير صحيفة (الجليس) التي صدرت مواكبة لمعرض الجماهيرية الدولي للكتاب، في دورته السابعة



نشرت نتاجها الشعري، في الصحف والمجلات المحلية والعربية، فنشرت في صحف: الجماهيرية، الشمس، الحرية (تونس)، أخبار الأدب (مصر)، العرب اللندنية.. وفي المجلات: الفصول الأربعة، البيت، المؤتمر، الحضارة.



كما وصدت أولى مجموعاتها الشعرية تحت عنوان (مسك الحكاية)، عن منشورات مجلة المؤتمر (2005).. وحسب ما أفادتني به "جنينة" فإن لها مخطوط بقصور الثقافة بجمهورية مصر العربية، كما إنها كانت تعد لطباعة مجموعة بتونس (كان هذا في العام 2002-2003)، ولا أدري ما حدث للمخطوطين، أو المخطوط.. كما إن الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع زالإعلان تملك مخطوطاً تحت عنوان (قالت شهرزاد).

أما مخطوطاتها، فالمعروف منها:

- من صفوة الطين، من عصارة عنبر، أم من لغز النار أنا؟



تشكل الشاعرة "جنينة السوطني" رفقة صديقاتها الشاعرات، نسيجاً شعرياً يرفد التجربة الشعرية الليبية بتميزه، ويؤكد ميزة الصوت الأنثوي فيه، فالشاعرة تؤكد حضورها وتعمل عليه بقوة وبهدوء، فهي تؤكد حضورها في النص، وفاعليتها، دون صراخ أو ثورة، إنها تعمل بهدوء، بإدراك العارفة بتسريب همومها وأحلامها.



في العام 2003 اكتشفت إصابتها بالورم الخبيث، لتبدأ رحلة علاجها في الجمهورية التونسية، لتعود للمشاركة في المشهد الثقافي أواخر العام 2004، بشكل أكثر حيوية، وتألقاً، حتى سفرها الأخير لتونس بعد أن تدهورت حالتها، لتكون آخر رحلاتها، فكان أن أعلنت وفاتها الخميس 3/11/2005، ثاني أيام عيد الفطر المبارك (2 شوال).











نماذج من إبداعها..


حرمة الخوف



أفكر في انتهاك حرمة الخوف،

وأشدّ الرحال.. وأرحل.

ترتسم أمامي جنان

وسماء يحلق بها الفرح..

وأناس يزهر على وجناتهم التفاح.

أفكر في خرق تعاليمي

وحرق تمائمي..

أسترق الزمن المتبقي،

أحتضنه.. وأرحل.

*

أفكر في رتقِ كبريائي،

أمتشق قلباً جديداً..

بعدُ لم يُنحت،

أشرع نافذة بحجم عيني..

أركب ريحاً هبّت

بلا موسم.. بلا موعد،

أطلق العنان لجسدي البكر..

وأرحلُ.. أرحل.

*

أفكر في استجماعِ ما تبقى من ربيع،

أشقُّ في المستحيل سبيلاً،

أصوّب صوبَ الآتي شراعي..

وأرحل

حيث لا دماء.. ولا زاد،

حيث أبدأ النهاية،

حيث لا وثاق للمعصمين

حيث.. حيث..

*

أفكر لو أنَّ في الرجالِ.. رجلٌ ،

يمتلكُ مفاتيح القدرَ

وأجوبةً لكلِّ أسئلتي،

يتلقفني كلما هويت..

من قمةِ الحزنْ،

ما كنت فكرتُ في انتهاك

حُرمةِ الخوف،

ولا فكّرتُ في أن أرحلْ.




ما بعد الترحال



دقّت نواقيسي،

فأعلنتُ حالة استنفاري

وشدَدْتُ الرِّحال،

أهزُّ أسف المآقي..

وبيدٍ أبثُ القبل لعُبّاد الجبال.

*

أنا المسكون بزهى الأنهار

تتدفق.. فأتدفق كغانية تختال،

تغتال الأفق والمدى.

*

في ركني الذي اصطفاني..

أدير رحى الذاكرة..

عندها يذوب الجليد..

عندما يغنيّ النخيل

وأتصفح الأشواق كعادتي:

( يشتاقك الكهف

الأقفاصُ الزهرية،

شيوخ الطرق .. وألسنة البخور

تشتاقكِ المناراتُ الخافتة

الزفرات.. الكثبان المنكسرة،

شمسٌ سنتها الشروق).

وتقطعُ الأشواق لذّة الترحال.

*

غرست في مفترق الأقدام .. قدمي،

أستحضرني من العدم،

ودمي يتسلل،

يجاور دماءً غير دمي

أحمل عيون الأرض تمائمي

وبسملتي وشماً بعُمُدِ هيكلي

وأنطلق.. أجرفُ التيارات،

أكتحل بصهيل الغدّ

أنسلخُ من المرآةِ لأراني

*

متاهاتٌ .. أنفاقٌ تسرقني،

وتعبٌ يندسُّ بين الهُدبِ والمحجرْ

وعطرٌ أزرق

واصطلاء العشق الذي أعشق

أسرق ؟ أنا الحاملة لمفاتيح الكونْ..

أيُّ احتمالٍ أرى

لتذبذبِ الموازين واهتزاز المتّسَقْ

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:19 PM

الشاعر الشيخ: حسين الحلافي


ولد الشاعر حسين محمد أحمد الحلافي عام 1905 في قرية" المخيلي" على الأطراف الشمالية للصحراء فوق هضبة الجبل الأخضر وتلقى فيها مبادئ تعليمه . *
درس وحفظ القرآن الكريم في الجغبوب ثم رحل منها عام 1925 حين امتد إليها سرطان الاحتلال الإيطالي حيث التحق بالأزهر الشريف. *
في عام 1940 قطع دراسته في مراحلها الأخيرة ليلتحق بجيش التحرير حيث كان من ضمن من تم حصارهم في طبرق . *
عمل عضوا بجمعية عمر المختار حيث أسندت إليه رآسة القسم الثقافي في فرعها في درنه سنة 1943 كما كان عضوا في الجمعية البرقاوية المعروفة ولم ينقطع عن الكتابة في الصحف والمجلات ونشر قصائده . *
كان من الرعيل الأول من المعلمين حيث قام بالتدريس في مدرسة النصر بدرنة من سنة 1943 الى1947 *
أسس أول مدرسة في منطقة الابرق بالجبل الأخضر عام 1948. *
عين قاضيا في طبرق عام 1948 ثم نقل قاضيا بمدينة اجدابيا عام 1954 . *
عين سنة 1956 وكيلا للمعهد الديني بالبيضاء والذي اسهم في تأسيسه ثم شيخا للقسم العالي الذي اصبح فيما بعد "الجامعة الإسلامية" *
استقال من الوظيفة عام 1960 وانتقل إلى مدينة درنه حيث كان خطيبا وإماما بالمسجد العتيق بدرنة. *
عاد إلى البيضاء عام 1965 لتولي إدارة المساجد بالجامعة الإسلامية والتي بقي فيها حتى سنة 1969 . *
انتقل إلى رحمة الله يوم 20 رجب1394 هـ الموافق 8-8-1974 ودفن بمدينة البيضاء . *
منح وسام التحريــر من الدرجة الأولي *
منح وسام الاستقلال من الدرجة الأولى *
صدر له ديوان شعر باللغة العربية الفصحى تحت اسم : " ديوان شاعر الجبل الأخضر حسين الأحلافي " سنة 1990 تقديم د. إدريس فضيل – عميد كلية اللغة العربية بجامعة عمر المختار *
صدر له ديوان باللهجة العامية الليبية تحت اسم : " ديوان حسين محمد الحلافي " سنة 2004 تحقيق وشرح د. يونس عمر فنوش الأستاذ بكلية الآداب جامعة قاريونس ، والهمالي شعيب الحضيري الباحث في التراث الليبي . *
أعدت عنه دراسة لنيل درجة الماجستير إعداد على صالح العسبلي ، إشراف الدكتور محمد ادغيم- كلية الآداب جامعة قاريونس. *
أعدت عنه دراسة بعنوان " الشاعران حسين الاحلافي " للأستاذ محمد عبد الله المحجوب – رابطة الأدباء والكتاب بمدينة بنغازي. *
أقامت له رابطة الأدباء والكتاب مهرجان تكريم بقاعة الشعب بالبيضاء يومي 8، 9 أغسطس 2001 . *
نشرت عنه دراسات وبعض قصائده في : " مجلد قصائد الجهاد" مركز الجهاد الليبي – سالم الحنديري/ سالم الكبتي 1984 " مجلد الشعر الشعبي – الجزء الأول" كلية الآداب – جامعة قاريونس " الحياة الأدبية في ليبيا " د. طه الحاجري - مصر " الشعر والشعراء في ليبيا" محمد الصادق عفيفي - مصر *
له مخطوطات : " وقائع الجهاد ضد الغزو الإيطالي" " تراجم لبعض الأعلام من ليبيا" *
نشرت له مجموعة مقالات وقصائد في دوريات محلية وعربية في فترات مختلفة، وأذيعت بعض قصائده في
.bbc الإذاعة الليبية وإذاعة لندن *




انتقل إلى رحمة الله يوم 20 رجب1394 هـ الموافق 8-8-1974 ودفن بمدينة البيضاء.



إصدارات

- ديوان شاعر الجبل الأخضر حسين الأحلافي – شعر فصيح/ 1990

- ديوان حسين محمد الحلافي – شعر شعبي/ 2004



مخطوطات:

- وقائع الجهاد ضد الغزو الإيطالي

- تراجم لبعض الأعلام من ليبيا


نماذج من إبداعه..


أبطال ليبيا

نظمت هذه القصيدة وأنا في جيش التحرير، أثناء الحرب العالمية الثانية



نصر الإله وفتحه قد جاء
والعز أقبل والزمان أضاء

وبدا لك العلم المقدس عاليا
يحكي العقاب ترفعا وإباء

يدعوا إلى الميدان كل مواطن
يستنهض الكتّاب والشعراء

يدعوا الكهول ويستحث شيوخها
يدعوا الشباب ليحملوا الأعباء

فالحرب من أجل البلاد فريضة
يعلي الفتى ويخلد الأسماء

فهي السعادة إن أردت سعادة
وهي البقاء لمن يريد بقاء

كم خامل في السلم لا ذكر له
في الحرب أصبح قائدا ولواء




أبطال ليبيا الأوفياء لها لقد
آن الأوان لتسلكوا البيداء

ها أنتم تتجمعون لتنقذوا ال
و طن العزيز وتقهروا الأعداء

عدتم إلى حمل السلاح وإنكم
في ما مضي كنتم به خبراء

عشرون عاما في الدفاع عن الحمى
كانت مآسي كلها وشقاء

تستقبلون رصاصهم بصدوركم
لا تسأمون ولا ترون جلاء

وصمدتم حتى فقدتم نصفكم
وفقدتم البيضاء والصفراء

وملأتم تلك الربوع مقابرا
وبذلتم الأموال والشهداء

نفذت ذخيرتكم وعز وجودها
وبقيتم لا زاد إلا الماء

فتركتم الأرض الحبيبة بعدما
أرويتموها مدامعا ودماء

فقصدتم أرض الكنانة إنها
قلب العروبة تكرم النزلاء

فجعلتموها موطنا ولقيتموا
فيها الحنان وأخوة رحماء




يا ليبيا انتظري اللقاء فكلنا
جند تركنا الأهل والأبناء

فاستبشري هذي طلائع جيشنا
ظهرت يشق زئيرها الأجواء

من كل مقدام يجود بنفسه
يوم الكريهة لا يهاب لقاء



المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:19 PM

سالـم الكبـتي: عام 1957... عـرض حـال بعـد نصـف قـرن !!

بحلول 2007 يمر نصف قرن على عام 1957...



ثمة ألفية من الأعوام أدبرت وألفية أخرى أقبلت، وذلك أمر يتيح فرصة للتأمل أو إستدعاء لبعض الملامح البعيدة التي أضحت جزء من (صدى السنين الحاكي) حتى ليمكن القول؛ أن عام سبعة وخمسين كان واضحا بدلالاته في كثير من الشؤون والأمور وما تداعى عنها فكريا وثقافيا واجتماعيا.

لم تكن التداعيات بالطبع من قبيل الخوارق أو صدى مكسور لصيحة في بئر عميق أو بعيدة عن تأثيرات ومؤثرات شديدة القوى وقعت في المنطقة بأسرها وشغلت العالم وانعكست يومئذ بطريقة أو بأخرى على الواقع الليبي.
في طابور السنوات الطويل... الطابور الموغل في القدم جاء عام سبعة وخمسين حاملا جرابه... وعكازه الذي يتوكأ عليه وكان يمشي على مهل ثم وقف في المنطقة تماما بين عامي 1947 و1957 وقال ".. السلام عليكم".. عشر سنوات من قبل وعشر سنوات من بعد، شهدتا عديد المفارقات والتقلبات والعواصف عبر كل الضفاف، جاء عام سبعة وخمسين وذهب، لكنه خلّف آثارا ستبقى بارزة على مر الأعوام في ضوء النهار.

إرهاصات سبقـته...

في عام سبعة وأربعين كان عامان قد مرا على نهاية الحرب العالمية الثانية وشرع العالم في استقبال الشمس وتضميد الجراح، واستقرت الأمور بشكل ما في كثير من المناطق التي سيصار إلى ترتيبها وفقا لاقتسام النصيب من كعك السوق، وبدأت إرهاصات غيوم تحمل سيولا من الماء وتتجمع عبر الأفق...

عندنا في ليبيا: نشات بعض الإدارات وقرعت الأجراس في المدارس بالأرياف والمدن، وأوفد الطلبة للدراسة في مصر وأخذت العمالة المحلية الصرفة في ترميم وإعادة بناء ما هدمته الحرب.. بأمنيات طيبة وبضعة قروش، وهتف رفيق: عش رافع الرأس حرا أيها الوطن و(حرًك) لعلك توقظ النواما...

وتشكلت بعض الهيئات والنوادي السياسية ولاحت بوادر حركة ثقافية وصدرت في طرابلس صحيفة الأخبار للشيخ محمد الماعزي ومجلة الفجر لصالح بويصير في بنغازي.

من وراء الحدود ذلك العام أصدر مصطفى عبد الله بعيو أول مؤلفاته التاريخية، كتاب له سمات وإشارات يأتي في سياق البواكير لفتح العيون على الوعي بتاريخ الوطن ومحاولة تأسيس مكتبة تاريخية ليبية حديثة، تتجه إلى التأليف والتحقيق بمنهجية وعملية هادئة وليس بمنطق (التخريف والدش)... كان بعيو قد تخرج عام 1943 في قسم التاريخ بجامعة فاروق الأول (الاسكندرية لاحقا) واشتغل معلما في إحدى ثانويات الاسكندرية، لكن عقله وكيانه كان في (لوبيا).. ويتدفق ولها بها، حمل الكتاب عنوانا هو : "المجمل في تاريخ لوبيا من أقدم العصور إلى العصر الحاضر" طبعه في مصر وقدم من قبل الأستاذين عبد الحميد العبادي بك، ومحمد عبد الهادي شعيرة، الثاني سيصل إلى بنغازي مطلع 1956 عقب تأسيس الجامعة الليبية ويشتغل أستاذا بقسم التاريخ ورئيسا له، أشار بعيو في مقدمته لكتابه بالقول " لهذا الكتاب قصة ارتبطت بتاريخ دراستي بمصر إذ شعرت بحاجتي إلى كتاب يعرض علي تاريخ بلادي للإلمام به ومعرفة مدى ارتباطه بالتاريخ العام وكلما تقدمت الأيام ازداد هذا الشعور دون الحصول على ما يحقق هذه الرغبة ويرضي ما تتعرض له مرحلة المراهقة من نزاعات وطنية لم يسلم منها كل من مر في مثل هذه المرحلة والحق أني كنت كثيرا ما أنطوي على نفسي وأشعر بشيء من الخجل أمام زملائي ومدرسي إذا ما حان درس التاريخ وتناول الحديث مختلف الموضوعات وكان علي أن أعيها وأن أعرفها في الوقت الذي أجهل فيه ما يجب أن أعرفه من تاريخ بلادي ولو بتلك الصورة العامة التي كانت تعطى لنا في المرحلة الثانوية..."


سيستمر الشوق عند بعيو تأصيلا لهذا الشعور وللشخصية الوطنية والبحث عن جذورها فظل يلاحقها من دون تعب ولكن عن وعي ودراسة جادة في كتابه الثاني "دراسات في التاريخ اللوبي" الذي أردفه بعد الأول بست سنوات.
كانت لوبيا حاضرة وطاغية في تفكير الأستاذ بعيو الذي سيصبح من أبرز المؤرخين الليبيين المعاصرين ثم تداعت الفكرة وإن اختلفت المعالجة وتباين التناول من بعد في ذهن معلم بسيط في أحد مدارس القوارشة بضوحي بنغازي، هو محمد مصطفى بازامه.. فأخذ في نشر سلسلة مقالات عن "ليبيا"... هذا الاسم في جذوره التاريخية" بمجلة (ليبيا) التي أسسها الأستاذ مصطفى بن عامر عام 1951، ثم أصدرها في كتاب بالاسم نفسه بطرابلس عام 1965.

بعيو وبزامة كانا من جيل العشرينات وكانت أفكارهما معا رغم فروق المدرسة والمنهج تهفو إلى لوبيا وليبيا وتضج في أعماقهما وتضرب بكل ثقلها وسط الدماغ، كانت تلك المبادرة منهما ضمن أولى الخطوات المهمة لمدرسة جديدة في الدرب البعيد تتلمس أبعاد وتفاصيل الوطن ورائحته وشخصيته ومحله من الإعراب بعد إنجازات سابقة لمدرسة ابن غلبون والشماخي والنائب الأنصاري والطاهر الزاوي والسنوسي الغزالي والطيب الأشهب.

وهذا العام في رؤية أخرى، الذي شهد بحثا واستقصاء عن لوبيا المقابلة لنسيم البحر وصهد الصحراء الواسعة من خلفها ستحدث في نهاياته هزة لأحد ديار (العروبة) شرع الانتداب البريطاني في تخفيف رحله في الأرض المقدسة بفلسطين وصدر قرار بتقسيمها من الأمم المتحدة بين العرب واليهود؛ أبناء العمومة ورفض العرب ذلك رفضا قاطعا ثم بحثه عنه في فترات لاحقة مستنجدين بالخطابات وقوافي الشعر والأسلحة الفاسدة ولم يجدوه، لقد شربوا ماء البحر دفعة واحدة دون أن يشرقوا !


1957.. عام الإصدارات...

عام سبعة وخمسين يعد عاما متفردا في موضوع الإصدار الثقافي الليبي قياسا بأعوام خلت، كان هذا العام أحد بوابات العبور إلى بوابة الستينات التي تنامت فيها المصادر الثقافية وتنوعت وزاد عدد الخريجين في الجامعة ومعاهد المعلمين واتسع النشاط الثقافي وصولا إلى إنشاء اللجنة العليا لرعاية الفنون والآداب التي شرعت في اهتمامها بنشر الكتاب الليبي.

شهد العام مخاضا ثقافيا وحراكا باتجاه الفكر مع قلة إمكانيات وتوفر الحماس بمستويات فردية فقط ، سيصح هنا العزم من البعض فيصدر علي مصطفى المصراتي (شاعر من ليبيا.. ابراهيم الأسطى عمر) وخليفة التليسي (الشابي وجبران) وهو أول كتبه وعلي صدقي عبد القادر ديوانه الأول (أحلام وثورة) وكذا علي الرقيعي ديوان (الحنين الظامي) وسيطل عبد القادر بوهروس على قرائه بأول مجموعة قصصية ليبية (نفوس حائرة) دأب على كتابتها ونشرها باسم (سميرة) في بعض الأحيان.

إصدارات أخذت السبق في مسيرة الكلمة المعاصرة الليبية مشكلة حماسا ووعيا ومساندة من القراء والنقاد في تلك الأيام ومن بعض دور النشر والمطابع الليبية التي بدأت في التكون لتسهم في صناعة الحرف إضافة إلى الطباعة في مصر وبيروت ومثلت جهودا طلعت إلى النور من عتمة الليل وكانت في مقدمة الإضاءات في منتصف القرن العشرين من ليبيين تحملوا النهوض بمسؤولية الحركة الثقافية والفكرية في البلاد ولتتصل بها أجيال أخرى أو تختلف.
في مطلع العام يصل إلى بنغازي دكتور مجيد خدوري ابن الموصل في العراق والأستاذ الكبير في جامعة جونس هوبكنز ليظل بها حتى يوليو من العام نفسه ويعين ثاني عميد لكلية الآدات والتربية ولن يظل أسير كرسيه في ذلك المبنى العريق فأخذ يتحرك ويدور في كل الأرجاء وشرع في كتابة مؤلفه (ليبيا الحديثة) وأصدره بالإنجليزية في عام 1963 ثم يترجمه إلى العربية دكتور نقولا زيادة ويراجعه الدكتور ناصر الدين الأسد وهما كانا يعملان في بنغازي أيضا ويصدرانه عام 1966.

وفي الأسبوعين الأولين من العام أيضا سيرحل عن الدنيا بشير السعدواي في غربته في بيروت ويدفن بها قبل أن يرى كتاب (ميلاد دولة ليبيا الحديثة) الذي أعده في جزئين مؤرخ المؤتمر وحميم السعداوي الدكتور محمد فؤاد شكري، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة فؤاد (القاهرة فيما بعد) وصدر بعد وفاة الزعيم ومؤسس المؤتمر بأيام قليلة... لقد غدت ليبيا في كل العناوين وانحسرت (لوبيا) من مفهومات الجيل الآتي بعد أن تمترس في خندقها الأستاذ بعيو مدة من الزمن.
سيصدر في العام نفسه كتاب (الشعر والشعراء في ليبيا) لمحمد الصادق عفيفي، المعلم المصري في المدرسة الثانوية بطرابلس والذي نشر مقالاته في مجلتي (صوت المربًي و المعرفة) وسيظل الكتاب منذ ذلك العام وما بعده مرجعا أثيرا ودائما للباحثين الليبيين عن شعرائهم الذين بلغ عددهم في الكتاب أربعون أو يزيد... وقد بيع آنذاك بأربعين قرشا ليبيا، و تندر رفيق الذي كان يراسله عفيفي ويعرفه معرفة وطيدة بذلك قائلا : الشاعر بقرش! وسينال عفيفي بعد عشر سنوات درجة الدكتوراة في رسالته التي أضحت كتابا بعنوان (الاتجاهات الوطنية في الشعر الليبي الحديث).
في بنغازي ستصدر عامئذ مجلتان: (الضياء) في مارس ثم (النور) في مايو. الأولى استمرت حتى 1958 والثانية تعثرت في عددها الثالث، كانتا شهريتين وتحلق وسطها كتاب ومواهب ودارت معارك وسجالات فكرية ونشرت مقالات وقصص وقصائد بعضها ناضج وطازج والآخر كان في طريقه إلى النضوج. في العدد الأول من (النور) سينشر رشاد الهوني أولى قصائده عنوانها (إلى أخي في الجزائر) كانت الثورة مشتعلة في الجزائر كأنها في أزقة بنغازي وليست في الأوراس أو وهران، ستلاقي انعكاسات قوية في الواقع الصغير بالمظاهرات والاحتجاجات ولعن الفرنسيين الذين قبضوا على جميلة بوحيرد وعذبوها وحاكموها في أبريل سنة 1957.

وسينهض بين الشعراء في ليبيا شاعر اسمه محمد السباعي – من مصراته- يدرس في قسم الاجتماع في بنغازي، بواجب دعوة الفتاة الليبية إلى أن تحذو حذو هذه "الجميلة" فيقول عبر مجلة الضياء:

حدثي شيب البلاد
يا جميلة
حدثيهم
عن كفاحات الشعوب
حدثي ناس بلادي
عن بطولات النساء
أخبريهم يا شهيدة
حدثي بنت بلادي
وأيقظيها...
وابعثي الثورة فيها


ذلك شعر قد انقضى... وقضية قد خلت... لكنها ظلت في الضمير حية... وتداعى حولها يومذاك كثير من الشعراء في ليبيا، وفي خط مواز آخر مثل سكة الحديد سيؤدي الشعر الشعبي دورا في هذا الجانب المشتعل بمزيد من الأهازيج والقصائد والزغاريد أيضا، سيشارك اشريف السعيطي ومحمد الفاخري (والد الكاتب خليفة الفاخري) والسيد بومدين وأبو بكر الرقعي ومحمد المريمي الذي بحث عن جميلة متسائلا في مثال لم ينسه الكثيرون:

يا دنيا كيف حال جميلة
ميش ذليلة..
فيّن حبس اليوم نزيلة


كان الوطن كله مع الجزائر المتاخمة لحدوده الغربية ومتعاطفا برجاله ونسائه ومسؤوليه مع النار والبارود في القصبة وسوق هراس والقبائل والأحراش القصية ويقسم بالنازلات الماحقات مع مفدى زكريا ومحمد بالعيد.. وبرؤوس الزعماء الخمسة أن لا تدخل الدار فرنسا ويسمع عن مشاركة فرانس فانون في الثورة حتى قتله سرطان الدم ويصغى إلى جان بول سارتر وصديقته سيمون دي بوفوار وهما يستنكران مع اليسار الفرنسي في المقاهي الممتدة على ضفاف نهر السين ومدرجات السوربون ألوان التعذيب وبشاعة الأقبية والمقاصل والطاعون الجديد بعد (طاعون ألبير كامو).
ويكاد هذا التعاطف الليبي مع الجزائر يفوق التعاظف مع فلسطين السليبة، كان هناك اقتراب واضح للبصر وشمل كل الأشياء فسمى الليبيون أبناءهم بخيضر وبن بيللا وبناتهم جميلة أيا كانت بوحريد أو بوعزة أو بوباشا وغيرهن من جميلات الجزائر.. وباعوا مقتنياتهم البسيطة دعما للثورة وخلعت الصبايا أقراطهن وتبرعن بها لمكاتب الجبهة ولجان نصرة الجزائر في كافة المدن والقرى وأحسوا بأن (شارّو وابي) الأسود الذي يذرع الشوارع على ظهر حماره الأبيض مستجديا الصدقات، هو بطريقة ما جاسوس لفرنسا، وفعلا قبض عليه بهذه التهمة في بنغازي عام 1960 وبلغ هذا الإسناد العجيب مداه حين انهمر الدم المشترك على الحدود الجنوبية في قرية (ايسين) قرب غات.. التي اعتدى عليها الفرنسيون عام 1957.

الطالب الصادق النيهوم في السنة الخامسة الثانوية حسب نظام التعليم القديم سيكتب أول محاولاته آنذاك بعنوان (شعب يكتب تاريخه بالأغنية) في مجلة رسالة الطالب التي أصدرها طلاب المدرسة الثانوية في بنغازي وستكون هذه أولى محاولاته الأدبية وبداية مشواره وأول إطلالة له على التاريخ من كوّة المدرسة وصار يستدعيه لاحقا في كتاباته وعرّفه بأنه (لعبة الحظ) وبأنه (مجرد أرقام في مسيرة البشرية) وسيتجه إلى الإشراف على موسوعاته في هذا الإطار ويحررها مع آخرين: (تاريخنا) و (أطلس الرحلات) و (قلب العالم) وسواها.. وبعد عشر سنوات في 1967 سيصبح بمقدوره الوقوف على قدميه وسينشر ضمن ما ينشر مقالاته عن (الرمز في القرآن) ويتوقف عن ذلك قبل أن تحل عليه (لعنة ما)!
السبعة والخمسين سيتواصل فيها بالكتابة أحمد العنيزي، محمد المطماطي، محمد فريد سيالة، عبد السلام قادربوه، مفتاح السيد الشريف، كامل المقهور، محمد زغبية، وعبد الله ويوسف القويري، عبد السلام خليل، سليمان تربح... وغيرهم.

وبعيدا في جوف الصحراء سيصدر العدد العدد الأول من صحيفة فزان وتطبع في المطبعة الحكومية هنالك لتضاف إلى بذور الوعي في تلك الجهة المعزولة وتتفاعل مع ما هو قادم من الساحل الطويل.

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:20 PM

أصداء في المنطقة... والعالم...

سيعلن في هذا العام "أيزنهاور" عن مشروعه – سد الفراغ في المنطقة – وستتردد الصيحة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر وترحب به دول عربية وتشيح بوجهها منه أخريات في جو الصراع الدائر بين القطبين... قيل إنه لسد فراغ موحش مثل المبتدأ الذي يسد مسد الخبر في اللغة الجميلة. والآن بعد نصف قرن من السبعة والخمسين، ماذا يقال عن سد الفراغ أو ملئه؟ هل تركوا فراغا حتى يسد؟... هل ساءلوا البحاث عن فتحاته في وجه الريح!
وسيواصل "صوت العرب" هدر الصوت والوقت وسيوالي الشعراء العرب سخطهم عن عذابات الشعوب في الجزائر وكوريا وكينيا وفلسطين.. وستقام لأول مرة مهرجانات بعلبك وتغني فيروز به لأول مرة أيضا.. ستغني حالمة باللاجئين وبالبيت البعيد المتواري وسط أكوام الثلوج وانتظار الحبيب وعيون الأطفال وتدق الدبكة وتلعلع الميجنة والعتابا ويشاركها أيضا وديع الصافي ونصري شمس الدين في الغناء وفيلمون وهبي والأخوين رحباني ونصيف والباشا بالكلمات والألحان ويفتحون مسارب جديدة في حداثة الأغنية العربية المعاصرة المتناغمة مع التراث والفولكلور.

وفي سبعة وخمسين سينطلق إلى السماء (سبوتنيك) أول قمر فضاء روسي وسيدشن بدء مرحلة التسابق العلمي الفظيع مع أمريكا الذي أوصلته إلى ذروته بهبوط (أرمسترونغ) ورفيقيه فوق سطح القمر في يوليو 69. هذه الانطلاقة ستدهش الكثير وتترك شيئا من (حتى) في نفس الشاعر السوري عبد الباسط الصوفي القلقة والمتوترة فيصيح في قصيدة طويلة:

من الأرض، رحت رسولا
غبيا، ترود النجوم
وتومض، كاللمح، ترمق
شيئا، وراء الغيوم
عيونك، موغلة في
سحيق الفضاء، تحوم
حضارة ضوضاء حالمة
في الفضاء البعيد
تفح، وتلفظ أنفاسها
قطعة، من جليد!


وسيتحرك البترول في أحشاء ليبيا وستحبل به حبلا خفيفا ثم ينفجر بقوة ويشرع في تصدير أول شحناته إلى العالم من البريقة بعد أربع سنوات..

معالم لمؤسسات..

في سبعة وخمسين أيضا رغم ضيق ذات اليد والحيلة ستبرز بضعة معالم ومؤسسات داخل الوطن، ستنشأ الكلية العسكرية (الملكية) في بوعطني ببنغازي وتتخرج أول دفعة فيها صيف 1959 وستحتوي تلك الدفعة إضافة إلى الطلبة الليبيين بعض الطلبة المغاربة الذين عادوا إلى مراكش الحمراء حاملين رتبة ملازم ثان على أكتافهم وسيتداول التدريس بها ضباط عراقيون وليبيون عادوا من كليات بغداد والقاهرة وسيتزامن أيضا هذا التخريج (العسكري) مع تخريج مدني في الدفعة الأولى من كلية الآداب والتربية في العام نفسه 1959.

في يوليو 57 تبدأ الإذاعة الليبية إرسالها من رأس عبيدة في بنغازي وشارع الزاوية بطرابلس بعدما كانت محلية في المدينتين وستذيع الأغاني والبرامج وتجذب كثيرا من المواهب من المذيعين والفنيين ومعدي البرامج والمغنيين فيهم (مطربات أيضا) وستؤسس الكلية الثانية في الجامعة ببنغازي هي كلية التجارة والاقتصاد والثالثة في طرابلس وهي كلية العلوم ولتتخرج أول دفعاتهما من الطلبة الليبيين عام 1961.

... وهكذا فالأرقام والأعوام لا تنتهي، إنها رحلة.. رحلة طويلة في تاريخ البشر والأوطان. كان عام 1957 عاما فاصلا بين مرحلة ومرحلة... بين قريب وبعيد ومتواصلا بين جيل وجيل.. ليقف هذا العقد من الأعوام أإلى مقابله في الستينيات (سبعة وستين).
مثقلا بكثير من التداعيات الجديدة وملتهبا بالحرائق الكثيفة التي سيظل دخانها مشتعلا تحت الرماد وفوقه... وحتى الآن في المنطقة بأسرها... منذ النكسة المهيبة ذلك الصيف القاسي الذي غلى فيه الماء في الكوز، و... (تلك أمة قد خلت) !!

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:21 PM

صبحُ عيدِ

أتى عيدٌ ، ووجهُكَ صُبْحُ عيدِ تألَّقَ باسماً يُغري قصيـــدي
وألبسَ وَجْهَهُ أَلَقاً وَعَبْقـــاً فسالَ بضوعةِ اللهفِ الفريـدِ
فطيبُ شذاكَ في قلبي ربيــعٌ وعطرُ صَدَاكَ في شفتي نشيدي


سألتُ اللهَ يجمعُنَا بحــــبٍّ على الإيمانِ والنهجِ السديـد
ويدخلُنا جنانَ الخلدِ زمــراً بحقِّ قداسةِ العيدِ السعيـــدِ
فإنْ سُعَدُ الأنامُ بيومِ عِيـْـدٍ فوجْهُ أحبتي في العيدِ عيـدي


شعر/ جمعة الفاخري.

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:21 PM

الرَّكْبُ الصَّامِت

صلاح الدين الغزال


جَـادَنَا الغَيْـثُ وَكُنَّـا كُلَّمَـا

جَادَنَـا نَحْلُمُ بِالوَصْلِ القَرِيبْ

يَا حَمَامَ القُدْسِ حُضْناً دَافِئـاً

قَـدْ فَقَدْنَـا وَتَفَيَّأْنَـا المُرِيبْ

كَمْ سَأَلْنَا الرَّكْبَ عَنْ وِجْهَتِـهِ

فَإِذَا الصَّمْتُ عَنِ الرَّكْبِ يُجِيبْ

هُوَ لاَ يَدْرِي إِلَى أَيْنَ الخُطَـى

شَاقَهَا الإِدْلاَجُ فِي لَيْلٍ عَصِيبْ

كَمْ صِعَـابٍ قَدْ سَبَرْنَا غَوْرَهَا

وَامْتَطَيْنَـا ظَهْرَ تِنِّينٍ عَجِيبْ

فَمَضَى يَحْمِلُنَـا فِي حُرْقَـةٍ

قَاذِفاً فِي أُفْقِنَا الرَّحْبِ اللَهِيبْ

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:22 PM

قراءةٌ فى تجربة الشعر الليبى الحديث
8/06/2007



"قراري: ألا أتخلى عن ذاتى أبداً، أن أمضى إلى أقصى حدود ذاتي. ماذا يفيدنى ساعة موتي، أن أكون قد زيفتُ نفسي" "هنرى دو مونترلان".
ما يعنينا فى هذا الكلام هو خصوصيته.. هو هذا التلبس بالذات إلى أبعد الحدود، خصوصيته فى هذا التمسك بالذات إلى اللحظة الأخيرة.
من هذا المدخل الصغير نحاول أن نقدم قراءة ولو صغيرة نوعاً ما، إلا إنها تحاول أن تخلق بكلامها عن العموم نوعاً من الشمول.
القصيدة الحديثة فى ليبيا تتكيف حالياً مع الذات بشكلٍ جيد. الذات هنا قاسم مشترك لمجموعةٍ كبيرة من التجارب التى تنطوى تحت سقف الشعر الليبي.
إذاً القصيدة فى ليبيا قصيدة ذات.. ذات مرهقة.. ذات منتهكة، لكنها على الرغم من كلِّ ذلك فهى ذات ساطعة الحضور عند الجميع، تحاول أن تجعل الذات مركزاً للعالم، القصيدة هنا تعلن انحيازها دائماً إلى خصوصيتها.
ربما لأن كثيرين من شعراء هذه التجربة دخل باب الشعر مسكوناً بهم التجريب، فإن كيان القصيدة كان الكيان الأصعب على الدوام.
لذلك ظل شعراء القصيدة العمودية والتفعيلة يراوحون بين عدة مستويات من التأثرات المختلفة.. وظل صدى الآخر يتردد فى قصائدهم على طول الخط.
بينما ظل شعراء قصيدة النثر "هذا النص المشاكس" يراوح بين مجموعة المؤثرات العربية والأجنبية، فى الوقت نفسه كان النص النثرى يستنسخ نفسه.. مخلفاً إرثاً شاسعاً من نتاج متشابه فى الكثير من الوجوه النمطية التى توفرت فى هذه القصيدة فى إحدى مراحلها، فقصيدة النثر فى ليبيا كتبت بروحٍ واحدة وبأصوات متعددة، لذلك أختار هؤلاء الشعراء أن يقدموا قلوبهم الخفاقة التى تعبر عن ذواتهم دون أن يعنوا بالإطار كثيراً.

* * *

"إن المتتبع لسياق التجربة الشعرية الشابة فى ليبيا سيلاحظ أحياناً فتنتها الشديدة إزاء مغامرة التجريب، وأحياناً تبدو كأنها تكتفى بنفسها وفقاً لمتطلبات لحظتها وشروطها المحلية بحساسية خاصة".
يُلاحظ فى تجربة الشعر الليبى إنها فى حالة مخاض مستمر، الأمر الذى يتطابق مع كلام الشاعر مفتاح العمارى هنا.
إذ كان النص الشعرى الليبى فى بدايته يجنحُ كثيراً - منبهراً بتجارب غيره- نحو انفعاله الزائد.. كانت فترة الثمانينيات تكبلُ النص أكثر مما تطلق له العنان- خصوصاً فى تجربة القصيدة النثرية - لذلك بدأ يركن فى بداية التسعينيات إلى هدوءه وبساطته، واقترابه أكثر من اليومى والمعاش. نستطيع أن نقول أنه أصبح يركن إلى الذات أكثر من اهتمامه بالأشياء الأخرى. هذا الانهماك جعل الشاعر أن يقولب علاقة هذه الذات بغيرها من الأشياء.
نلاحظ هنا تجربة الشاعرعلى صدقى عبد القادر تجربة استطاعت أن تكرس نفسها عبر امتداد زمنى طويل، وتركن فى بداية التسعينات على نمط شعرى متميز يصوغ الذات بطفولةٍ مطلقة وبأسلوب يتقرب من اللعب اللذيذ.
ونلاحظ كذلك أن نتاج شاعر مثل مفتاح العمارى كان كبيراً جداً، قبل أن يركن فى أواخر الثمانينيات إلى خطوته الواثقة الأولى "قيامة الرمل" ليتوج تجاربه الذاتية فى مجموعة من الدواوين.
مروراً بتجارب شعراء فاعلين فى التجربة كانت فترة نضجهم مرحلة التسعينيات، وإن صح لنا القول هنا فإن تجربة الشعر الليبى كانت تحاول إنتاج خصوصية من خلال إنتاج علامات فارقة فى مسارها.
ونظراً لخصوصية قصيدة النثر كشكل شعرى مغاير عند أغلب هؤلاء الشعراء، فإن هذه القصيدة ظلت المعيار الدائم لقياس الحركة الشعرية فى ليبيا رغم وجود قامات فى شعر التفعيلة والعمودي.
قصيدة النثر هنا ظلت تحاول أن تصنع إرثاً خاصاً لها فى ظل غياب مرجعية تراثية أولاً. وفى ظل حضور تجارب شعراء معاصرين عرب حاولوا أن يجعلوا قصيدة النثر كياناً مغايراً، ثانياً.
نلاحظ هنا أن قصيدة النثر التى بدأت متعثرة فى بداية الثمانينيات صنعت فى منتصف التسعينيات تماماً رصيداً مناسباً من التجربة، ونتاجا نستطيع أن نقول عنه أنه ينتمى إلى خصوصية ليبية. فشعر التسعينيات الليبى يركن إلى قلقٍ لطيف، يحاول يطرح التخبط الذى صاحبه خلال عقد الثمانينات.
بينما يظل شعراء القصيدة الحديثة العمودية يبحثون عن شاعرٍ بحجم كبير جداً، يعطى التجربة غنى ضرورى هى فى أمس الحاجة إليه، على الرغم من توفر الثقافة العالية والتمكن اللغوى والفكرى العالى المستوى عند أغلب شعراء القصيدة العمودية الشباب.
نحاول فى ختام هذه المقدمة الصغيرة أن نلخص بعض سمات تجربة الشعر الليبى الحديث:
أولاً، انفتاح الشعر الليبى على التجارب الشعرية العربية الرائدة، أعطاها الاتساع ولم يعطها العمق، فهى أخذت من الشعر العربى العديد من المزايا، وحاولت القفز على العيوب، فتجربة الشعر الليبى ظلت دائماً ضفاف للتجربة العربية، ولم تشارك فى رسم الخطوط الرئيسية لها.
ثانياً، القصيدة الحديثة فى ليبيا لا تركن إلى أساطير ذات خصوصية ليبية، ولا تستند على مخزون أسطورى كبير، لذلك نلاحظ تناثر الإشارات الأسطورية المستوردة من أساطير عربية. ولقد تأثر شعراؤنا بشعراء الشرق الى حد التناص سواءً على مستوى الشكل أو المضمون. وفى نهاية الستينات كان أحد النقاد كتب ليقول أن الشعر فى ليبيا بعد انفلت خارج حدود الوزن والصورة الشعرية العربية تحول إلى شعر "نواقيس وصلبان".
ثالثاً، الشعر فى ليبيا ينتج قصيدة وليس شاعراً، بمفهوم الشاعر الظاهرة، الذى يتبنى مشروعاً شعرياً متكاملاً، فالغالب فى شعراء ليبيا هو ممارسة الشعر ببعض النـزق، والغالب يظل فى خانة الموهوب فى تعامله مع نصه دون أن يدخل مرحلة الاحتراف.
رابعاً، القصيدة الحديثة "قصيدة الشباب" تتنوع بتنوع الأصناف الأدبية، فالشعر العمودى موجود بجوار شعر التفعيلة وقصيدة النثر. من هنا فالشعر يتجاور بكل أصنافه وتتداخل مع بعضها.
خامساً، فى الشعر الليبى تنعدم التيارات والأجيال الشعرية التى تستمد شرعيتها من واقع ثقافى متقارب، فتجربة الشعر الليبى تجربة تنتج نصوص أكثر من كونها تنتج شاعراً. كذلك تظل تجربة الشعر الليبى تجربة انقطاع وليس اتصال، فالأجيال الحالية التى تمارس كتابة الشعر، لم تستفد من تجربة الجيل السابق، بل تظل المؤثرات العربية هى الغالبة عند جميع الأجيال، فمن تأثيرات "بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، وعبد الوهاب البياتي" على شعراء الستينات، نجد تأثر شعراء قصيدة النثر الليبيين بدرجات متفاوتة خصوصاً فى بداية تعاطيهم لكتابة الشعر برواد قصيدة النثر فى المشرق العربي.
سادساً، القصيدة العمودية الحديثة فى ليبيا تقتربُ من الذات كثيراً الأمر الذى يجعل من أغراض الشعر العمودى السابقة تختفى وراء سطوع الذات الواضح، وبالتالى تختفى بعض أغراض الشعر العمودى التقليدى "هجاء، مديح، رثاء،.. "، نتيجة قرب التجربة الذاتية الكلى من المبدع.
سابعاً، تسعينات القرن العشرين، كانت مرحلة تطور نوعى فى النص الليبي. فبالدرجة الأولى دخلت أصوات شابة جديدة مجال الكتابة الشعرية مسكونة بنشاط محموم، كذلك لوحظ نشاط ملحوظ لأصوات شعرية من عقود السبعينات والثمانينات توجت مشوارها الشعرى خلال هذا العقد.
ثامناً، النص الشعرى الليبى الحالى نص ذاتى متناهى الشفافية لا يركن إلى الغموض، بل يقترب من المتلقى بصورةٍ مدهشة مُصراً على التفاعل مع اليومي، وقصيدة المشاهدات التى تحاكى الواقع.


عبدالباسط أبوبكر محمد
* شاعر وكاتب من ليبيا.

نقلا عن صحيفة العرب اللندنية

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:23 PM

المشهد الشعري في ليبيا



إعداد الشاعر عبد الرزاق الماعزي وعلي الرحيبي

مقدمة تاريخية



من الميسور أن يؤمن المرء بأن حياة الشعر تمتد ما بقي الجسم حيا. وقد بقي الجسم البشري الاجتماعي حياً في ليبيا نابضاً عبر آلاف السنين، واكتسب هيكله الإسلامي العربي من خلال الانضمام إلى هذا الجناح الكبير. وقد استقرت هجرات عربية في مناطق مختلفة من ليبيا وحملت مع الفتح الإسلامي ألوية الدعوة. ومن المؤكد أنه لو توفرت لنا مخطوطات وتتبعنا الماضي إلى مئات السنين إلى الوراء لعثرنا على تاريخ متصل لنظم الشعر. إلا أن أقدم اسم نعثر عليه ولكن دون أن نعثر على مخطوط شعري له هو أبو الحسن الوداني . وليس هناك مكان للتعرف على شعر أبي الحسن الوداني حتى الآن إلا من خلال كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي، وذلك إذا بحثنا عن بلده ودان . تلك الواحة الواقعة بمنطقة الجفرة بوسط ليبيا، والتي استوطنتها هجرة عربية قديمة. وما نعثر عليه لأبي الحسن الوداني هو أبياته الثلاثة:

من يشتري مني النهار بليلة
لا فرق بين نجومها وصحابي
دارت على فلك الزمان ونحن قد
درنا على فلك من الآداب
وأتى الصباح ولا أتى فكأنه
شيب أطل على سواد شبابي



مرحلة الإحياء

ولأننا معنيون بمشهد شعري حديث، فإننا ننتقل على جناح السرعة لنستعرض هذا المشهد من طرفه، أي من مقدمات لها ما يفسرها. وسوف نكتشف أن ليبيا التي كانت سابقة على العرب في التأسيس في أكثر من موضع، دون أن تنعم باتصال هذا التأسيس، شهدت مرحلة الإحياء في الشعر مع ظهور صف من الشعراء، ولدوا بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر وامتدت حياتهم حتى أوائل أو بعد منتصف القرن العشرين، وهم: أحمد الشارف ومصطفى بن زكري وإبراهيم باكير وأحمد رفيق المهدوي وأحمد قنابة.وقد سبق هؤلاء جميعاً مصطفى بن زكري، بأن أصدر ديوانه الذي يقال أنه لم يضم جميع قصائده. ومع ذلك فقد ضم هذا الديوان ملامحه الشعرية القائمة على التغذي على الثقافة التراثية العربية مع ما أتيح في عصره من تحول حديث بدأ في ليبيا مع وصول عاملين:

1- تأسيــس المدارس الحديثة في عهـد الوالي العثماني أحمـد عزت وما عنــاه ذلـك من تنظيم حديث للتعليم تضمن تدريس اللغة الفرنسية.

2- وصول الصحف العربية الصادرة بالمشرق وتداولها من قبل الفئة المثقفة.

مرحلة الإصلاح ومصطفى بن زكري


وكان ذلك هو الانعطاف الذي شهدته مرحلة الإصلاح التي عرفها ما سمي في ليبيا بالعهد العثماني الثاني.

وقد صدر ديوان مصطفى بن زكري الذي عاش بين سنتي 1853 و 1917 سنة 1892. وكان بذلك كما يقول د. محمد مسعود جبران في كتابه مصطفى بن زكري في أطوار حياته وملامح أدبه أسبق في الظهور من ديوان محمود سامي البارودي وأسبق في الظهور من ديوان أحمد شوقي .ص 91 من كتاب الأستاذ محمد مسعود جبران.
وقد تناول ديوان مصطفى بن زكري بالنقد والتعليق أسماء كبيرة بينهم الشاعر أحمد رفيق المهدوي الذي وصفه في مقال له سنة 1937 بأنه شاعر طرابلس بلا نزاع إلى أن يظهر لنا ديوان غيره مجلة ليبيا المصورة نقلاً عن كتاب مصطفى بن زكري لمحمد مسعود جبران .

ووصف الأستاذ محمد الصادق عفيفي في كتابه الشعر والشعراء في ليبيا شعر مصطفى بن زكري بأنه ( ليس بكاء أطلال ودمن وليس وصفاً لسفر حبيب على ناقة تجوب الصحراء ولكنه حكاية لما يجري بين الأحباب ووصف للحب نفسه ولحبيب وما يحدث في نفس المحب من نزوع إلى الكمال وهو لا يتحرج من استعمال لفظ العبادة في الحب ). وقال عنه د. الصيد أبوديب في رسالته المعنونة المدرسة الكلاسيكية في الشعر الليبي : ( ومضات مشرقة في سماء الشعر الليبي في المرحلة الأولى من مراحل تطوره ). وأشار الأستاذ خليفة التليسي في محاضرة له عن الشاعر إلى أنه حوى بداية دخول الوعي السياسي إلى الشعر .

ولا ريب أن قارئ شعر مصطفى بن زكري سوف يلتفت إلى أثر حياة لاهية وهي التي لابد أنها دفعته إلى النظم على أوزان الموشحات والمجزوءات والبحور الراقصة المطربة. وقد حوى ديوان مصطفى بن زكري كما أشار لذلك أحمد رفيق المهدوي 300 بيت من شعر الغزل.
وقد يكون من المجحف عد ما قاله بن زكري غزلاً محضاً إذا قرأنا قصيدته التي تقول:

هواك قوت فؤادي
وفي يديك قيادي
فارحم بفضلك وجدي
وحرقتي وسهادي
أذبت قلبي فهب لي
قلباً لحفظ ودادي
أنا الغريب المعنى
في شيعتي وبلادي
أموت فيك اشتياقاً
إن طال عمر البعاد
وفيك داريت قوماً
لهم طباع الجماد


المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:23 PM

وهذه القصيدة المنظومى على البحر المجتث تؤسس لنفسها تناقضاً مع الروح الجدباء التي لا تحبذ التطلع إلى المرح والاندماج في ولع الشباب باللهو أو التعبير عن الشوق للحبيب، وإن كان الشاعر يحتفظ بجذور الانتماء في قلبه. وهذا البحر الذي نظم عليه الشاعر هو بحر راقص ومفصح عن ميل دنيوي لاه. ومضمون القصيدة يفصح عن طبيعة التناقض: فالقوم الذين يعاني الشاعر من مواجهتهم لهم طباع الجماد ، أي أنهم لا ينفعلون. وهو مضطر لمداراتهم لئلا يصطدم بصلادة ردودهم. وهذا يجعل ما يحمله في داخله يظل مطوياً في عقله وفي أحلامه وأشواقه. ولهذا فلابد أن ذلك يجعله أرق مما يحتمل جمودهم. وإذن فهو غريب معنى . ورغم كل ذلك فإن صلات بن زكري أصيلة وقوية وهو يشدها إليه بضمير الملكية ليحقق انتماءه لأنه مسلم وابن هؤلاء القوم فهو غريب ولكن في شيعته وبلاده .

سليمان الباروني وأحمد الشارف والمهدوي

وقد ظل ديوان مصطفى بن زكري نفسه غريباً لأنه لم يتم طبع ديوان آخر إلا في سنة 1908 بصدور ديوان سليمان الباروني المجاهد الكبير، وهو لا يرقى إلى هذا المستوى الشعري، إذ يغلب عليه طابع النظم والمدائح والاستبشار بصدور الدستور العثماني، وإن كانت قد ظهرت لنفس الشاعر وطنيات، ولكن طابع الرجل المجاهد غلب على سليمان الباروني فأغمط من دوره الشعري، ولن نلحظ صدور ديوان إلا بعد ذلك بفترة طويلة جدا. إلا أن الدور الشعري كان متواكباً بوجود الشعراء المرموقين. ولعل أكثرهم عمقاً وانغماساً في النشاط الشعري هما الشاعران أحمد الشارف وأحمد رفيق المهدوي اللذان شكلا جناحين متقابلين واصلا نفس الدور الشعري الإحيائي وإن اختلفت شخصيتاهما الشعريتان. وهما حتى إن كانا يصغران مصطفى بن زكري فإنهما يشكلان معه نفس العصر الإحيائي. وقد تميزت شخصية أحمد الشارف بالعنصر الديني من خلال تكوينه وإعداده. فقد نهض من خلال التعليم الديني وعمل من خلال القضاء اشرعي، وامتدت في روحه نزعة التصوف. بينما تميزت شخصية أحمد رفيق المهدوي بالنزعة الدنيوية ومحبةالتفكه إلى حد التبسط ومغازلة المذكر بشكل فاضح. لكن لا هذا البعد ولا ذاك أثرا على الجانب الوطني في نفسيهما أو في شعرهما. فقصيدة الشارف رضينا بحتف النفوس رضينا التي قيلت في مطالع الجهاد هي شئ أشبه بالنشيد الذي ينتقل سريعاً ليعبر عن روح جماعية وعن شعر المجاهدين. وهي بإيقاعها وترديدها لرضينا .

إلا أن أهم ملمح للتأثر بدور الشعر أو بدوره كشاعر ربما كان ناجماً بالإضافة إلى ذلك عن بعد في تكوينه الشخصي. فهو كان ميالاً إلى التبسط، وهذا أدى إلى أ، يزدحم شعره بأنواع التفكه، مثلما دعاه إلى أن يكون لسان حال فصيح. وربما كان ذلك من سابق رفقة له للشاعر بيرم التونسي ، حيث أقام أحمد رفيق صغيراً في الإسكندرية ودرس دراسة حديثة بها. إلا أن بيرم التونسي اتجه اتجاهاً عامياً صريحاً بينما جعل المهدوي اتجاهه عامياً في ثوب فصحى. وكثيراً ما تردد أبياته التي قالها لمهاجمة قاض تغاضى عن رؤية هلال العيد في ولاية طرابلس وأفتى بمواصلة شهر رمضان، كانت قد صدرت عن نفس غاضبة جداً، فجاءت بعيدة عن الإسفاف، وإن كانت تتضمن السخرية:

أترى القاضي أعمى أم تراه يتعامى
سرق العيد كأن العيد أموال اليتامى



ومثلما كان هذان الشاعران تواصلاً لسابقيهما مع تألق شخصي وتوهج في الساحة، فإنه كان لابد أن يكون هناك امتداد لهذا الأفق الكلاسيكي. وقد خرج هذا الامتداد من أبعاد المهدوي بالذات، حيث برز شعراء يحترمونه ويواصلون الدور الكلاسيكي، وهم: حسن السوسي وعبدربه الغناي ورجب الماجري، الذين ارتفعت أصواتهم في الحقبة الشعرية التالية بنفس الفهم التقليدي للشعر باعتباره بساطاً واسعاً لكل مكنونات الحياة، فيه المداعبة الشعرية وفيه النظم المقصود والحكمة والإخوانيات وشعر المناسبة.

الرومانسية وبداية التجديد

إن الأفق الثقافي لهؤلاء الشعراء لم يتخلخل كثيراً وكل التصدع الذي حدث هو انفتاحهم على كتابة قصيدة التفعيلة وتجريبها وعدها شعراً مع ميل عاطفي عميق للقصيدة الموزونة المقفاة ونزوع لكتابة الشعر الشعبي، وهو بدوره توجه ظهر لدى أستاذهم المهدوي. إلا أن الأصداء التجديدية للشعر العربي طرحت نفسها بعمق لدى صف آخر اتصل بينابيع التجديد مباشرة لدى شعراء المهجر ولدى شعراء الدور الإجتماعي مثل عبدالوهاب البياتي وتراوحت التأثيرات بين أضواء ملونة للرومانسية والتأمل ظهرت بوادرها عند علي صدقي عبدالفادر ثم عند علي الرقيعي وما لبثت أن أخذت الملامح الشخصية في التشكل باشتداد تأثير البياتي مع أصداء الثقافة العصرية ورياح الثورة. فارتفع صوت النبرة الكفاحية مثلما بدأ يلوح البعد الإنساني الجديد في أشعار علي الرقيعي وخالد زغبية وحسن صالح. وهذا بدوره أخذ يجرف هؤلاء الشعراء بعيداً جداً عن القصيدة التقليدية وعن الشعر المتعمد حتى أصبح من النادر أن يعود علي الرقيعي إلى كتابة القصيدة العمودية مثلما ظهر في ديوانه أشواق صغيرة ومثلما عبأ كتب خالد رغبية الأولى بالقصائد الحرة وملأها بالحس الاجتماعي.

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:24 PM

الجذور الاجتماعية للمشهد الشعري

إضافة إلى كل ما سبق يظل من الضروري تلمس الجذور الاجتماعية للمشهد الشعري تأسيساً على تلك العلاقة الجدلية بين النتاج الفكري والثقافي عموما والواقع الاجتماعي التاريخي، والتي بدونها قد لا نستطيع فهم هذا النتاج وتفسير ملامحه الخاصة. وغذا كان المجتمع الليبي بصورة عامة خلال تلك الحقبة – كغيره من معظم المجتمعات العربية – مجتمعاً أمياً من حيث التعليم، يغلب عليه الطابع البدوي. فلابد أن ينعكس هذا الطابع على المشهد الثقافي والشعري خصوصا. حيث أن النتاج الشعري الفصيح بهذا الخصوص سيكون نتاجاً نخبويا. الأمر الذي يجعل معظم سماته تتراوح بين النفس الذاتي للشاعر، والتأثر بمدارس خارج الوطن وأبعد عن قضايا الواقع باعتبار أنه يشكل أداة مناسبة للتعبير عنها حيث أن الشعر العامي ظل هو الأداة المناسبة لذلك في مجتمع شبه أمي ويعتمد على المنطوق أكثر من المكتوب كما يظل هذا النتاج في إيقاعاته لا يتعدى – في جوانبه ذات الصلة بالواقع – إيقاع الموشح. باعتباره قد كان هذا الإيقاع قريباً من المحكي والمنطوق في المجتمع من خلال انتشار قصائد التواشيح ( والمالوف ) في المراكز الحضرية. وبشئ من التصاعد – من خلال رفيق – وحيث أن قضية الوطن المحتل والاستعمار صارت قضية عامة لها صلة بالجميع. كان رفيق أكثر وعياً بأهمية التواصل مع الناس، وأكثر حملاً لهاجس الخروج من دائرة النخبة للتعامل مع المتلقي العادي. الذي لم يشك رفيق بأن القضية الوطنية الملتهبة قد احتلت حيزاً مهماً في وجدانه يكفي لدفعه للتفاعل مع أي عطاء يتعامل معها.
لذا كان رفيق نافذ البصيرة وتحركه شاعرية عميقة لا شك فيها، ووعي حاد بأهمية أن يسمعه الناس عندما سعى لتبسيط إيقاعه والاقتراب من الشعر العامي. إن هذا السعي لا يمكن إلا أن يعكس اهتماماً أصيلاً عند رفيق بمسألة التواصل مع المتلقي. إضافة إلى رغبته في أن يصل ما يريد قوله إلى الناس وأن يفهموه. لأنه يدرك أنه يتعامل مع قضايا وهموم تهمهم فعلا.. ومن هنا سيهتمون بفهم وتقبل ما يقول إن الوعي بالواقع وقضاياه. والوعي أيضاً بأهمية أن يتواصل الشاعر مع المتلقي والإدراك بأن للشعر – كأي نشاط بشري آخر – وظيفة اجتماعية، هو ما دعا رفيق للتطلع إلى ربط الإيقاع بالواقع وإلى البحث عن صيغ وأشكال تعبيرية جديدة ومتنوعة. ولا يعني هذا في محصلته النهائية إلا التأكيد على حقيقة أن الواقع والواقعية.. هي أساس التطور الغني.

إبراهيم الأسطي

لقد هيأ الزخم الإحيائي بالإضافة إلى ولادة التلاميذ النجباء للقصيدة العربية المصنوعة بعناية القابلين لأن يفتحوا نافذة صغيرة للتجاوب الشكلي مع العصر من خلال مغامرة التفعيلة بكل ما يعنيه ذلك من خلخلة للوعي الجمالي، فإن الأفق كان يطرح مطلبه الرومانسي. وكان هذا المطلب مختلطاً مع التلاقي اليومي بالمطالب الوطنية وكان ينبغي أن يتوافر عنصران هما: 1- الفردية والتغني من خلالها 2- والإحساس بالكل وبالحاضن الوطني من خلال هذه الفردية، فكأننا سنستمع إلى الشابي. والواقع أن التجربة قد حدثت من خلال صوت شاعر درنة الجميلة الهادئة الواقعة قرب الطرف الشرقي للجماهيرية الليبية، تلك المدينة التي كانت تتمتع بالملامح التي تسمح بولادة مثل هذا الإحساس الرومانسي. ففيها يتدفق الماء العذب من خلال شلالها وفيها كروم العنب تعرش في البيوت. وكان إبراهيم الأسطى عمر أحد أبنائها. عاش حياة مكافحة وتثقف ذاتياً منذ صباه – كما يروي هو – فكان بذلك مهيأً مثل بقية الرومانسيين ليشعر بتلك الأحاسيس الحالمة النابعة من شعوره أن الكون كان يجب أن يعترف بألمه، وهو – مع ذلك – في الخضم الكبير، ألم كبير، لأنه لن يلتفت إلى محنته الشخصية، وإنما سينجرف مع الوعي العام وسينقي الأفق من حوله، ولكن بالإشادة بما لصوته من طاقة على إحداث الدوي. ولعله عندما خاطب أحمد رفيق المهدوي قائلاً:

غرد فشأن البلبل التغريد
لا يسكتن الصادح التهديد



كان يجسد منقاره من خلال مثله الشعري الوطني. والواقع أن إبراهيم الأسطى عمر قد تلبس الطيور منذ البداية وفي أكثر من قصيدة، إلى حد أن ديوانه كان بعنوان البلبل والوكر . وهل يمنع أحد الطير أن يشدو ؟.وإذن فإننا قد انتهينا من تواكب الخيل والنهوض لنزع الأرض من المستعمر، وأصبحنا أمام قضايا التعبير. ولهذا فقد صنع إبراهيم الأسطى عمر ديباجة هذا الأفق وانتقى له الصفحة التي سوف تتردد حروفها منذ أن تأسست الدولة، وأصبحت هناك إمكانية للحوار:

قيل صمتاً فقلت لست بميت
إنما الصمت ميزة للجماد

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:25 PM

الشعر الليبي: من الستينات حتى الآن

لكن هذا التعميم لم يكن ليرتاح فوق التربة الليبية التي أصبحت تختلج بهاجس تشكل الفئات الاجتماعية، وبالحقن الواعي الذي يسمح بتفسير هذه المرحلة واستعمال مفرداتها. وقد عاش الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه مخاضاً جديداً، هو المخاض الوطني الصرف، وعاش أيضاً تصدعات في الوعي الاجتماعي، وكان ذلك كله نسيجاً واحداً ينطرح على الساحة برموزه الكبيرة من عبدالوهاب البياتي إلى بدر شاكر السياب بنموهما الثوري ثم نزار قباني بانتظامه العصري مع إحساس أكثر حرية وحركة أكثر رشاقة وانطلاقا. في الوقت الذي تظل أصداء التأمل تنساب من شعراء المهجر ونازك الملائكة وأبي القاسم الشابي. وهكذا فإن المسرح أصبح جاهزاً لظهور هؤلاء الشباب العصريين الذين بدأوا بعلي صدقي عبدالقادر الذي ارتفعت في صوته النبرة الكفاحية للتضامن مع حركات التحرر الوطني في المنطقة ثم علي الرقيعي الذي بدأ من نفس المكان في ديوانه الأول الحنين الظامئ ليعلو بعد ذلك الإحساس بالمحنة الاجتماعية في قصائده بديوان أشواق صغيرة . مع ما شكله كل من خالد زغبية وحسن صالح من ارتفاع ملحوظ في هذه النبرة – نبرة الشعور بالمحنة الاجتماعية – وتلاقح ذلك مع رموز النضال في العالم. إن هذا التوهج هو الذي دفع الوعي الستيني إلى الأمام. ولم تكن الخارطة الشعرية بدون رموز أخرى. فقد كانت هناك تطلعات إنشائية – أي لإعمار القصيدة العربية بنماذج من التغني العاطفي وصنع انتباهة لوجود ذاتي لا يثقل على السمع بصياغاته الشعرية – وقد خرج هذا الشاعر من أنفاس حسن السوسي مجسدا في راشد الزبير ليصنع تفرده. وبالإضافة إلى ذلك كانت هناك ولادة محمد الشلطامي الذي صعد بسرعة على سلم النبرة المؤلمة للشاعر الإنساني الذي يحمل هم الآخرين، ووقعت بداياته بين منتصف الستينيات لتنضج مع سنة 1967 وتصنع لافتاتها الكبيرة بعد ذلك بسنة أو سنتين. وقد انساق هذا الدفق الشعري محملاً بطموحات موازية في صوت الشاعر الراحل علي الفزاني، الذي وصل إلى الساحة رافعاً عقيرته: لسست أفاقًا وما كنت مغامر في رحلة الضياع . إن المرء يستطيع أن ينتبه إلى أصوات أخرى سسبقت وأخرى تلت، مثل عبدالباسط الدلال في مجموعة شعراء درنة التي انسابت باتصال حتى الأفق الشبابي القائم. أو إلى عبدربه الغناي الذي تآلف مع مرحلة ما بعد المهدوي ثم إلى عبدالحميد بطاو وذلك إلى عبدالمجيد القمودي. لكن حلماً جديداً كان بالانتظار وهو حلم كوكبة شعرية تحمل حلم القصيدة العربية بخصوصية وتستقيم مع الالتزام وتعيش هاجس اللغة., وكان ذلك هو الذي جعلنا نرى الإقلاع الأول كالذي حدث على يدي السنوسي حبيب في سنة 1974. وعند هذه النقطة.. ومع عقد السبعينيات. نكون قد تداخلنا مع مشهد شعري اتسم في عمومه بملامح يمكن تقرير اساسياتها في الآتي:

1) الثراء الكمي في المشهد الشعري بدخول كوكبة من الشعراء الشباب إلى ساحة المشهد.فقدمت العديد من الأسماء مثل / السنوسي حبيب، محمد الفقيه صالح، علي الرحيبي، محمود العرفي، عبدالرزاق الماعزي، عاشور الطويبي، عبدالباسط القذافي والشاعر الراحل عبدالعظيم شلوف وغيرهم. وقد ساهمت صفحة آفاق ثقافية التي تولى عدد من الأدباء الشباب إعدادها في النصف الأخير من السبعينيات بصحيفة الفجر الجديد، وكذلك صحيفة الأسبوع الثقافي من أ، تشكل نادياً جمع كل هذه الأسماء متواصلاً معها صف سابق مثل جيلاني طريبشان، بالإضافة إلى علي الفزاني.

2) سطوع هموم التجريب والتحديث في الكتابة الشعرية بصورة تتواصل وتتواقت مع تجليات هذا الجانب في القصيدة العربية الحديثة.

وقد كان للتحولات الاجتماعية التي شهدتها ليبيا في هذه الحقبة ومسيرتها التنموية بما فيها من تشابك وتعقيد، إضافة إلى التطورات التي شهدتها المنطقة العربية خلال هذه الحقبة.. كل ذلك شكل أرضية لا يخفى أثرها في تطور هذا المشهد وتشكل ملامحه الخاصة.. والذي امتد زخمه إلى سنوات الثمانينيات والتسعينيات الذي حقن الساحة بأسماء أخرى لها إضافتها مثل مفتاح العماري، فرج العربي، مجاهد البوسيفي، عائشة المغربي، خديجةالصادق، نصرالدين القاضي، محيي الدين محجوب، عمر الكدي، سالم العوكلي وغيرهم.

إضافة إلى أسماء يمكن أن تمتد جذور تجربتها إلى مراحل السبعينيات، إلا أن الظروف لم تدع للقارئ فرصة لمعرفتها إلا في أواخر الثمانينيات وعقد التسعينيات مثل عبدالرحمن الشرع وعبدالفتاح قباصة وأحمد بللو.

• والآن ونحن على بوابة ومداخل قرن جديد وبنظرة سريعة للمشهد الشعري الوطني في ليبيا يمكن أن نرى هذه الجياد المنسوجة من حمل قصائد شعراء ليبيا تصطف في مضمار المشهد الشعري العربي مندمجة بنفس الدرجة مع جياد القصيدة العربية عموما. تتنوع بتنوعها وتعايش نفس إشكالياتها ومآزقها. بدون أن يلغي ذلك جهد وعناء أصحابها في منح قصيدتهم النكهة الخاصة بهم، النابعة من خصوصيات البيئة والمجتمع، والتي لا تلغي وحدة السمات مع كل المجتمع العربي، بقدر ما تشكل أحد جوانب ثرائه وغناه.

وعلى كل حال. تلك خطوط عامة، ورؤوس عناوين، لا تسعى للتأريخ أو التحليل للحركة الشعرية الحديثة في ليبيا بقدر ما تطمح لتقديم تعريف أولي مبسط بها. فغذا نجحت في ذلك فحسبها، وإن عجزت فيكفي شرف محاولتها للتعريف.


يتكون هذا المدخل من المقالات والدراسات الآتية:



الصفحة الرئيسة ذاكرة الشعر ليبيا مقدمات نقدية ودراسات المشهد الشعري في ليبيا



المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:26 PM

مقاطع من( الوطنيات ) لشاعر الوطن أحمد رفيق المهدوي

*** الحنين إلي الوطن ***


كـادت تطير بأضلعي أشواقي (*) يـوم الفـراق فهل يكون تـلاق ِ
ودعــتــه والله يـعـلـــم أنــنــي (*) ودعــت راحـة قـلبي الخفـاق ِ
لـو كان قـبل الـيـوم يوم قـيامة (*) كــان الفــراق قـيامة العـشاق ِ
وطني من الإيمان حبك ليس لي (*) مـنٌ عـليك وأنت ذو استحقاق ِ






( الـــوطن )



يا أيها الـوطن المقـدس عـندنا (*) شـوق إلـيك فكـيـف حالـك بعدنا
كـنا بأرضك لا نـريـد تحـــولا ً (*) عـنها ولا نــرضى سواهـــا موطنا
في عـيشة لو لم تكن ممزوجة (*) بالــذل ِ كـانـت ما ألـذ وأحسـنــا
عـفنا رفاة العيش فيك من العـدا (*) وأبـى لـنا شمـم النفـوس وعـزنا
قـالوا لـنا جـئـنا نـمـدن أرضكم (*) أيـن الـتمدن والـذي قالوا لـنا ؟!
هـدموا من الأخلاق في أوطننا (*) أضعــاف ما شادوه فيها من بـنا





( فـارقــتكم )



فـارقـتـكـم وفــؤادي لا يفــارقــكــم (*) قــيـدتـمـوه بأسـبـاب ٍ وثـيـقــات ِ
أهــل الــوداد وحـبي لــلـبـلاد هـمـا (*) أسباب تعذيـب قـلبي وأشتياقـاتي
تركـت مـوطن آبـائي عـلـــى مضض ٍ (*) مـما تجـــرعـــت من هــم ٍ وويـــلات
والله ما بـإخـــتــيـاري أن أفارقـه (*) لو لم يـنغــصــه حكم الظالـم العاتي
إني لأذكــر يـوم الـبـيــن إذ هـمـلـت (*) مـدامعي فـوق خـــدي مستــهــلات ِ
وقد تحـيـرت فـي أمرين مـا فـتـئـا (*) يــنـكـدان حـيـاتـي في منـاجــاتي
لم ترض عـزة نفـسي بالـمقـام ِ على (*) ضيـم الأعــادي وأربــاب الجهــالات
خرجت من موطني مثل الطــريد فما (*) ودعـت خــلا ً ولا أدركـت ثـــاراتــي


http://forum.ma3ali.net/imagesn/stat...er_offline.gif

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:26 PM

الشاعر:إبراهيم الأسطى عمر



الطائر السجين


أيها المـسجـون في ضيق القفص

صـادحاً من لـوعـةٍ طـــولَ النهار
رَدَّد الألحـــان من مرِّ الغصـــص

وبــكى في لحْنــــهِ بُعد الديـــــــار

ذكَرَ الغصـنّ تـثـــنـى

وألـــيـفاً يـتــغـــــــنَّى

وهو في السجن معنّى

فشـكا الشــــــوق وأنَّ

وتَمَنّى



والأمــــــاني ما أُحيْــلاها خـــيال

يـتلاشى، أو محـلكٍ في مــــــــنام

لو صحا في روضةٍ والغصن مال

من نسيمِ الفجر، وانجــــاب الظلام

ومضى يصدحُ في دنيا الجــــــمال

طـائراً حـراً طلـيـــــقاً في الأكـــام

راويا للطير من تلك القصـــــــص

مـــــا به هدى وذكـــرى واعـــتبار

كــيف حـــازته أحابـــيل القـــــنص

هو يبغي الحـــب في عرض القــفار

ضاق ذرعاً بالأماني

وهو في نفس المكان

ويعاني ما يعــــــاني

رَددَ الحزن أغــــاني

فرآني



شـــارد الـلب إليه نـــــــــــــــاظراً

قــــال –مـلتاعاً-: ألا تســعــفـــــني

قلت: لو كـــنت قويــــاً قــــــــــادراً

لــم تــذق يــــا طيـــرُ مــرَّ المحـــن

ولهــدمت الـنـــظــــام الجــــــــــائر

ولــمــا استـــخــذى فــقـــير لغــــني

ولكــــان الـــشر في الدنيـــــــا نقص

ولكـــان العـــدلُ للــنــاس شعـــــــار

رزقـنـــا يقـــســم فـــيـنا بالحصـــص

لا غــني لا فــقـــير لا فـينا شــــــرار

هكــذا تصفو الحياة

لجمـيع الكــــــائنات

وتزول الســـــــيئات

سعينا في الحـــسنات

للممات



غـير أنــي، أيــها الطـــير الكئيب

عــاجزُ مثـــلك مــغلول اليـــــدين

في بــلادي بيـــن أهــلي كالغريب

وأنـــــــــا الحر ولو تدري ســجين

فلــتــكن دعواك للرب المجــــــيب

نعـــم من يدعي وعــــون المستعين

وارتــقــب فالحـــظ في الدنيا فرص

ربمــا جــاءت على غــــــير انتظار

وأرتــك الــــــيأس وغرد في القفص

وتـنـاســــاه وغــــني يــــــــــا هزاز

آه لو يدري مقالــــي

لشجاه اليوم حــالـــي

غير أني بخيــــــالـي

في رشــــادٍ أو ظلال

لا أبالي



أيــــــــــها الإنســان ما ذنب الطيور

تودعُ الأقـــفــاص هــل كانت جناة؟

هــل تــمادت في ظـــلال وفجــــور

مثـلنا؟ ما الحــكم؟ أين البيــــــــنات؟

أ من العـــدل ظـــلوم في القـــــصور

وبــريء سجـــنه من قصبـــــــــات؟

لــيس في المعـقـول والمنقــــول نص

يدعــيه الـمـرء فـــي صيد الــــــهزاز

هــو غـــريد إذا غـــنى رقـــــــــــص

كل غــصنٍ طــربـــاً والكـــــــأس دار

بين أطــــــيار وزهر

سكرت من غير خمر

وأنا وحدي بفكــــري

تائه يــا ليت شعـــري

أي خسر

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:28 PM

الشاعر الأديب محمد العربي ابن الصُّغيِّر الهاشمي [ ت 1143هـ]



هو أبو عبد الله محـمد العربي بن محمد بن حمودة بن الصغير الهاشمي ، أديب طرابلس وشاعرها المطبوع ، بها ولد ونشأ ، وأخذ العلم عن أفاضل عصره ، كان كلفاً بالقراءة ، ثاقب الذهن ، جميل الحفظ ، جيد الفهم ، عذب الفكاهة ، حـلو المجالسة ، له باع في الأدب ، وخبرة تامة بالشعر والخطب

ارتحل إلى مصر ، ولقي الأفاضل ، وسمع وتفقه في العلوم ، من الأصول والفروع ، وشارك في كثير من الفنون ، ثم آب إلى طرابلس حـوالى سنة 1130هـ ، أي في عهد ولاية أحـمد باشا القرمانلي ، وألقى عصا الترحال فيها إلى أن وافته المنية سنة 1143هـ



وقد مثَّـل مرحلة قدومه إلى الوطن بعد غربة خيَّم فيها بين ضفتي النيل وقتاً غير قصير ، لكنه ما فتئ يحن إلى الوطن ويرمقه بمقلتين أرَّق جفنيهما ألمُ البَيْن ، فلم يمكث وقفل راجعاً إلى موطن حنينه لا يلوي على شيء سـوى أن يستمتع جالساً بين ظهراني قـومه يستمع إليهم ويستمعون إليه يحكيهم ويحكونه ، يقصُّ عليهم تجاربه وما لاقه في غربته ، يقرضهم شعره ويتحـفهم بأدبه وعلمه ؛ فيكون محط تقدير واحترام !. لكن ما أقسى الزمن حينما يولد شاعر أو أديب أو عالم في محيط لا يقيم للأدب أو للشعر والفـكر وزناً !! وهـكذا كان نصيب شاعـرنا المُجيد ، فقد حل في الوطن دون أن يجد داراً تأويه وسقفاً يحميه وأناساً َيحتفون به يجلسون ويستمعون إليه ؛ فكان أن نشأ صراعٌ مرير بين إرادته القوية وبين هذه الحياة القاسية التي تبدَّت فيها المـرارة من الإحساس بمرور الزمن أمام النتيجة الخاسرة ، فالأيام تمر والحياة لا تريد أن تتخلى عن قسوتها ؛ فيحقق المرءُ آماله وأحلامه .

وشاعرنا لم يملك من أمر الحـياة شيئاً كما شاهدتم ، وبالتالي لم يشأ للزمن أن يمر ولا للأيام أن تنقضي ، ولما لم يجد بدّاً من مرور الزمن بكل هذه الرتابة ، راح يشنف مسامع القـوم بمثل هـذه الآهـات والزفـرات الحرّى التي تخرج من فؤاد يضطرم ، ودموع تجرح الخدود ، وعبارات وجـدانية يقـولها الشاعر في لحـظات صدق ، وعصارة حزن .

وشاعرنا العَرْبي هذا ، وبحساسيته وشفافيته وصـدق عاطفته وصراحته وبذوقه السليم ، لهو أقدر الناس على كتابة هذا النوع من الشعر .

فمضى قائلاً:






ألاَ هل ترى العينُ الألى قبلُ ودّعوا
وهل سيل أجـفاني التأرق والهـمعُ

وهل تبلغ نفسي الأمانيَّ برهـــة
وهل يُسرِج الإحلاكَ من ليلنا شـمعُ

أو الموت أدنى مـن لُبانة قاصــد
يسامره جُنحَ الدجى الشـعرُ والدمـعُ

بلى إن دهــري والعٌ بتبـــدُّدي
إلى الله أشكو من زمـان به ولــعُ

فمالي وللأفـراح من بعد جيــرة
تقضّى بهم رشدي وأعْـوزني الجمعُ

لقد سئمتْ نفسي الحـياةَ وطولَهـا
تساوى لديَّ القبرُ والسـوق والربـعُ

ولا سيما في منبر الجـهل هــذه
فـكل سـليم الذوق ضاق به الـذرعُ

فلولا الأمير المرتضى لم يكـن بها
سجيس(4) الليالي في خواطرنا وقــعُ

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:29 PM

ألقيت هذه القصيدة في الحفل الذي أُقيم بتونس سنة 1971 تأبيناً لفقيد العلم الاستاذ الجليل الراحل الشيخ محمد الفاضل بن عاشور مفتي الجمهورية التونسية وعميد الكلية الزيتونية وذلك بمناسبة ذكرى الأربعين لوفاته والقصيدة من شعر الأستاذ الأديب عبد السلام محمد خليل :



إن فـاضلٌ والفـاضلـون قـليلٌ

أودى فللبـــدرِ المشعِّ أُفُــول


في كـل يـومٍ تسـتجد بـراعمٌ

ويصيب أخرى في الرياض ذبول


تلكم طبيعتها كضـيفٍ إن ثـوى

يـوماً تلاه في الغـــداة رحيل


لابدع إن يهوي الفـناء بكـوكبٍ

فسنا النجوم الزهر ليس يطـول


إن جــف نبـعٌ أو توقف رافدٌ

ما كان هــــذا خارقاً ويهول


لكنما الحدث الذي هـز الورى

بحرٌ عميق الغـور كيف يزول


يا فاضلٌٌ ما كنت إلا فــاضلاً

وسواك من أهل النهى المفضول

قد كنت عالِمَ تونس تشـدو به

مزهوةً وعـلى الزمان تطـول


بل كنت من آي الفخار لشرقنا

تُعلي منارة مجـده وتطـــيل


حتى بكت مسراك من أعماقها

زَوراؤه وشـــآمه والنيــل


وهنا يشاد بفاضلٍ وعــلومه

وله يصاغ مـن الثـنا أكــليل


وتترجم الخَطبَ الجسيمَ محافلٌٌ

فيها شآبيب الدمــوع تســيل


ويسودها جـوٌ كئيبٌ غــائمٌ

وأســىً يَرين على النفوس ثقيل


وهناك تروى للفقــيد مناقبٌ

وضَّـاءَةً كالشــمس حـين تزول


إنَّ القريضَ وإن تسامى مبدعاً

ومحــلقاً وبكــــفه قنــديل


مستطلعاًً آفاقهُ بتعمــــقٍ

لبقي هـــنالك جــانبٌ مجهول


إنا عرفناه خــليفة ( مالك )

قد زانه المعقـــول والمنقــول


وسما به أدبٌ رفيع مــــاله

فيما رأيتُ ومـا سمـعت مثــيل


وله شمائلٌٌ كالصَــبَا نبــوية

وحـديثه مــثل الرُضاب جـميل



عفٌ نديُّ الكف فيه سجــاحةٌٌ

وســماحةً جـمُّ الحــياءِ نبيـل


وإذا تفجر بالبيـان محــاضراً

شُـــدَّت إليه مسامعٌ وعقــول


فهو ابن رشدٍ باحـثاً ومفكــراً

وتَخَاُلُهُ (النعمانَ) حــين يقــول


لا يستثير ولا يهيج حـــماسةًً

فســـبيله الإقــــناع والتدليل


يسمـو ويُبدع مجملاً ومفـصلاً

ولحبذا الإجـــمال والتفـــصيل


أما الكـتاب فقد وعى أسـراره

ويبُين عــن إلهامــه التنــزيل


ولقد جلا آياتِه ببـــــراعةٍ

أوحــى بها التحــليل ُوالتـنزيل


والسنةُُ الغـراءُ خاض غمارها

متجــاوزاً ما لم تصله فحــول


في خدمة الإسـلام كان لفاضلٍ

والعــلمِ دورٌ رائــدٌ وجــليل


ما كان إلا عبقــــرياً لامعاً

في كــل حـقلٍ جـهده مبــذول


متفهمٌ للعصر منـــفتحٌ على

آفاقـه رحــبُ المجـالِ أصـيل


يا تونسُ أودعت نجماً في الثرى

والليل داجٍ والنجــــوم قــليل


عَلمٌ سيبقى في النفـوس مخلّداً

ما حــل جيلٌ ٌ في ربــاك وجيل


لكن إذا راش القضاءُ سهامـه

لا شـــيء دون نفاذِهن يحــول


يـا تونس مهد النــوابغ إننا

نزجي العـــزاء إليك وهـو جميل

جئنا نواسي باسم جامعة الهدى

والنــور تونــس فالمصاب جـليل


خضراء يَعرُب أنت مهبطُُ رادةٍ

وســـجل أفـذاذ وفيك فحـــول


إن كان قد عصف القضاء بفاضلٍ

فغداً سيشـــرق في ســماك بديل


ولسوف يـــأتي الدور صاحبه

ولو أن الزمان بهــؤلاء بخـــيل


فالله يجــــزيه المثوبةَ جـنةً

الظل فيـــها وارفٌ وظلــــيل


والله يلهم أهـله من فضـــله

صـــبراً وأجر الصابرين جـزيل


ويُعــيد ذكـراه على الخضرا

وقد باتت كــــروضٍ داعبته قبول


وتَنَضَّرت أرجــاؤُها بعـمارةٍ

وحضارة تعـطي الجــــنى وتُنيل


وعلى العروبة من ضفاف خليجها

حـــتى المحــيط وقد أُعيد الغيل


والقدس من رجس اليهود تطهرت

ودمُ الشــهيد بساحـــها مطلـول


والكرم والزيتون هبَّ مــزغرداً

وجبالها قد حــــررت وسهــول


وتدفق الطوفان يكتسح العـــدا

وهـــتافه التكــــبير والتهـليل


اليوم تاج العز يعــلو مفرقي

لم يبـــق في أرض الأبــاء ذليل


وتباشرت بالنصـر دنيا أمتـي

فالشام جـــــذلان وعـــزَّ النيل


وكذلك الأيـــام يـومٌ عابسٌ

بــاكٍ وآخــــر مشــرق وجميل


للعرب طاقات إذا ما استقـطبت

حتماً بميزان القـــــوى ســـتميل


فبناء وحدتِنا يشــكل قـــوةً

كبــــرى ويــأتي بعــده البترول


وتسلحٌ بالعلم , وضــعُ بلادنا

أســواقنا , للإنتـــصار ســـبيل


هاذي العناصر إن تكامل حشدُها

فلتُمـــنَى بالزلزال إســـــرائيل


بل كــل جبار يجيء مناصراً

للظلم ســـوف ينـــاله التنكــيل


قـومي بغير النار والإصـرار

لن يُجلى الغــزاة ولن تـــدق طبول


وصمـــودنا بإرادة جـبارةٍ

متكـــتلين مهـــند مســـــلول


لايستــطيع عـدونا تحطيمـه

وهــو الضمان ومــا سـواه فضول


فلنمض في جمع الصفوف ولا يكن

مــن بيننا متــخــاذلٌ وعمـــيل


ولتسر روح العصر في أعلامنا

وليختف التزمــير والتــطــــبيل


والدين إن لم تقتحم بحــسامه

لهب الوغى فسـلاحنا مــفــلول


فإذا استظل جنودنا بلـــوائه

صبراً هوى ( الميراج ) والأسطـول


فلتضربوا صدقاً بعزمة ( خالد )

ما فيكمو جــزع ولا مـدخـول


وشعار إحدى الحسنيين شعاركم

والحق سيــف لا يفـل صقــيل


والله أكـبر في الجهاد نشـيدكم

يعلو ( وأحــمد ) رائـدٌ ودليل


إن خضتمـوها تحت راية دينكم

فالله بالنصر المــبين كـفــيل

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:29 PM

أشجان ليبية


د. أبو القاسم خماج

مجلة كلية الدعوة (العدد السادس) 1989م



عجب يا أمتي هـــذا الصـــدود
وأنا المــجد الذي ولى يعـودُ

وأنا التاريخ .. هـــل مــن أمة
نسيت تاريخها؟ .. بئس الجحود

عشيت عيناك أم أن العـــــمى
بلــغ الروح فضـلت ما تـريد

عجب .. هــــــذا قطيع شارد
أم بقايا أمـــة كــانت تسود؟

أمتي لا تنفـــري منــــي أنا
عاشق بالروح إن شـــئت يجود

الهدايا مــلءُ قـــلبي والمـنى
في يدي والأرض من حولي ورود

جئتُ لا أرجو سوى أن تقـــبلي
ما معــي .. إن الهـدايا لا تعود

لا تصديني .. حــرام أمـــتي
أن تصـــديني ويغشاك اليهـود

أنت عرضي .. دون عرضي أمتي
أجــعل الأرض بما فيها تمــيد

واحيائي .. كم تهاوت أمـــتي
كالبغايا في أيــادي مـن يـريد

كم أذلت نفسها حتى غـــدت
مثلا يضــربه حتى العـــبيد

يا ترى هـل نســيت أمجادها
أم غدت في معصم الروح القيود؟

ليتها تعــــرف ماذا في يدي
ليتها تـــدركني فيما أريـــد

أسفاً إن لم تكـن تسمـعــني
فلمن تهــدر يا هـــذا النشيد؟

أسفاً إن لم تكـن تبصـــرني
فلمن تلـبس يا ثــوبي الجـديد

أسفاً إن لم تكـن تعـــرفني
قد تجشــمتُ إذن مــا لا يفيد

كيف أرتاح وحـولي أمــة
خــدرتها من أعــاديها الوعود

كم لها في كل يوم سجــدة
علـمت نادلها كـيف يجــــود

حان أن تصـحو على آلامها
وتداوي جــرحها وهــو صديد


المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:30 PM

ا أيها الوطن .. !

(1936م)

شاعر الوطن: أحمد رفيق المهدوي



يا أيها الوطن المقـــدس عنـــدنا
شوقا إليك ، فكيف حالك بعدنا

كــنا بأرضــك لا نــريد تحـولا
عنها ولا نرضى سواها موطنا

في عيــشة لو لم تكن ممـــزوجة
بالذل كانت ما ألذ وأحسنــا

عفنا رفاه العــــيش فيك ، مع العدا
وأبى لنا شمم النفوس وعـزنا

وسما بنا شــــوق إلى حريـــة
دسنا إلى استنشاقها سبب الغنى

مــن كــان يوقن أن أسـباب الغنى
بيدي كريم عاش حرا مؤمنـا

والحـرص من ضعف اليقين ومن يطع
طبع النفوس يعش خسيسا هينا

يــا أيها الوطن العـــزيز وإن نكن
بنّا ففيك حبيبنا ومحبــــنا

بنّا فما عــنك استــــطاع تصبرا
قلب ولا فيك اطــمأنت نفسنا

أما هـــواك فلا لزوم لذكــــره
(فالحب ما منع الحديث الألسنا)

لكن ما شاهـــدت فيك مــن الأذى
والحيف دوما قد أغص وأحزنا

لا يستطيع الحـــر فيك معـــيشة
إلا إذا رضي الإهـانة مذعنا

جعـــلوك مسخـــرة بأيدي صبية
لا يبعدون مـن الحمير تمدنا

حكمـــوا كما شــاءوا فكانوا محنة
(والحـر ممتحن بأولاد الزنا)

قــالوا لقد جئنا نمــــدن أرضكم
أين التمدن والذي قــالوا لنا

هـدموا من الأخـــلاق في أوطاننا
أضعاف ما شادوه فيها من بنا

إن العهـــود وما وعــدتم كــله
كذب على مــر الزمان تبيّنا

أمن العــدالة والتمــــدن نزعكم
غصبا ببخس ليس يذكـر ملكنا

جرتم على أربـــابه فتشـــردوا
في كل قفـر لم يصيبوا مسكنا

تحت السماء على الصحارى أصبحوا
مثل الوحوش فلا هناك ولا هنا

خرجوا بلا مــال فصاروا عرضة
للفقر والبأساء يعقـــبها الفنا

**********

يا من تطوح في البــلاد مهاجرا
مثلي وخــلاها لمن قد (طلينا)

لا ترجعوا يا أهل برقة واصبروا
فالصبر يجمل بالذي يبغي المنى

كونوا على حذر ولا يغـرركمو
وعد فيوم الفــوز يوم قـد دنا

وخذوا النصيحة من محب مشفق
صدق الحديث ولا تقولوا من أنا



المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:31 PM

قصيدة ( أمــاه )

للشاعر: د. عمرو بن خليفة النامي




أماه لا تجــزعي فالحافظ الله
إنا سلكنا طــريقا قد خبــــرناه

في موكب من دعاة الحق نتبعهم
على طـــريق الهــدى إنا وجدناه

على حفا فيه يا أماه مــرقـدنا
ومن جماجـــمنا ترســو زواياه

ومن دماء الشهيد الحـر يسفحها
على ضفا فيه نسقـــي ما غرسناه

أماه لا تجزعي بل وابسمي فرحا
فحــزن قلبك ضعف لست أرضاه

إنا شمخنا على الطاغوت في شمم
نحن الرجــال وهم يا أم أشــباه

نذيقهم من سياط الصــبر محنتهم
فلم يروا للـذي يرجــون معــناه

أماه لا تشعــريهم أنهم غـلبوا
أمـــاه لا تسمعـيهم منــك أواه

أرضعتني بلبان العــز في صغر
لا شيء من سطـوة الطاغوت أخشاه

أماه رؤياك في القــلب مسطرة
ونبـــع حــبك أحـيا في ثنايـاه

ومـر طيفك يــا أماه يؤنسنـي
إنــي وإن صفـت القضبان ألقـاه

أماه هذا طـريق الحـق فابتهجي
بمســلم بــاع للرحمــن دنيـاه

هزأت بالأرض والشيطان يعرضها
فــي زيفها ببــريق الذل خـلاه

عشقت موكب رسـل الله فانطلقت
روحي تحــوم فـي آفــاق رأياه

لا راحـة دون تحليق بساحـتهم
ولا هـناء لقـلبـي دون مـغــناه

عشقت ركب الهدى والنور يغمره
عشــقت حسنا عليه الوحـي أضفاه

أماه باعـيت ربي واعتصمت بـه
فــلا يســوؤك كأس إن شـربناه

لا تجزعي لفتى إن مـات محتسبا
فالمـوت فــي الله أسمـى ما تمناه

أماه لا تجـــزعي فالحافظ الله
وهــو الوكــيل لنا بالغــيب أماه

ما كنت أعرف درب الخير لولاه
ما كنت أعـــرف درب الخير لولاه


http://forum.ma3ali.net/imagesn/stat...er_offline.gif

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:31 PM

قصيدة ( قيل صمتا ! )

للشاعر: إبراهيم الأسطى عمر




قيل صمتا فقلت لســتُ بميِّت

إنما الصمت ميــزة للجماد

إن معنى الحيـاة قـول وفعـل

وهي رمـز مقــدَّس للجهاد

لا أطيق السكوت ما دام قلبـي

خافقا واللسان يروي مُـرادي

إنما البلبل المغـرّد يشـــدو

أينما كان في الرُّبى في الوهاد

ذاك دأبي مــدى الحياة وإني

لا أبالي بما تجيء العــوادي

ما أظن الأقفاص مهما ادلهمَّت

تمنع الطـير لــذة الإنشـاد

إنما الرزق والمعيشة والمـو

ت جميعا بأمــر رب العباد

*** ** ***

الديوان

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:32 PM

قصيدة ( الحرباء تدق الطبول )

للشاعر: عبد الحميد بطاو




احمل أقلامك وامضِ

ما عادت تجدي الكلماتْ

والعمر يضيع سدى والناس تموت على الطرقاتْ

ورياح الزيف تهب

فتعصف بالراياتْ

وطبول الدجالين تدق

فتزدحم الساحاتْ

بوجوهٍ تلبس ألف قناع وهتافاتْ

للملك العادلِ

عاش الملك العادل .. أين العدل ؟

العدل غريب بين وفود المؤتمراتْ

العدل تطارده الأحقادُ

تشل يديه العصياتْ

العدل تصلّب فوق شفاه الصمت وماتْ

ولهذا لن تجدي الكلماتْ

وطبول الدجالين تدق

فتزدحم الساحاتْ

بالراقص فوق الحبل وبالحرباء

ولابس أقنعة التدجيلْ

وهواة يبتلعون سيوف الحق

لتمسخ أعواد أباطيلْ

وقرود تتقن فن العزفِ

وتحترف التمثيلْ

فاحمل أقلامك لا تغضبْ

واكتم آلامك في صدركْ

واشرب من كأس الصبر المر

واصبرْ

واصبرْ

واصبرْ

وستعرف أن الصبر جميلْ

*** ** ***

ديوان تراكم الأمور الصعبة



المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:32 PM

قصيدة (( عيد الاستقلال ))

الشاعر : أحمد رفيق المهدوي




عيد عليه مهابة وجــــــلال
عيد وحسبك أنه استقــلال

يوم عليه مــــن السعادة بهجة
وعليه من نور السرور جمال

يــوم سعـــيد فيه نالت أمـة
ملكا تمجد ذكـره الأجــيال

واستقبل التاريخ مظهـــر دولة
فأهل في برج السعود هـلال

وبدا يسير إلى التكامل بـــدرها
فتحققت بظهــوره الآمــال

وتحـــررت أعــناقنا فتنفست
أرواحــنا وتبسم الإقــبال

وتحطمت تلك القيود وكســرت
تلك الكبــول وفكت الأغلال

وإلى حياة حــرة في عيـــدنا
هــذا يكـلل بالنجاح نضال

أعظم بعيدٍ في الســـماء تهللت
فرحا بـه شهــداؤنا الأبطال

وزها بتاج النصر شعب قـــاده
ملك أغـــر كــأنه الرئبال

*** *** ***

يا أيها الشعب الكريم إلى العــلا
سر لا يعوقك في المسير كلال

سر كالزمان مـع الزمـان ملائما
إن الزمان مســـيره استعجال

قد أصبح الطيار لا يـرضى بــه
عصر لعلم الضــوء فيه مجال

أضحى جناح العلم قاب القوس من
قمر السماء ودونه أميــــال

فابنوا على العـلم البناء وأسسـوا
بالعـــدل ملكا لا يليه زوال

قوموا بأمر الملك شـورى بينـكم
إن التحكم والخـــلاف وبال

*** *** ***

ومصائب الأوطان من أحـزابها
إن قام بين المفسدين جــدال

وتخيروا النواب عنكم واحذروا
من أن يقــوم بأمـركم جهال

المـلك محتاج إلـى تــدبيره
بعقول من عركتهم الأحــوال

بالمخلصين وهـم قليل فانظروا
فيهم ولا تغـــرركم الأشكال

*** *** ***

وإلى الشباب الحي خير تحية
فهم الرجاء وفيهم الآمـــال

وعلى كواهلهم وفـي أعناقهم
عهد على أن يحفظوا ما نـالوا

ما بالقليل ولا الصغـير فإنه
فضل عظيم ، إنه استقـــلال

نصر عزيز جــل مانحه له
من روحنا التكبير والإهــلال

عاش المليك وشعـبه وبلاد
ه في عز دستور زهـــاه كمال

__________________

الديوان

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:33 PM

هكذا نطق القاضي

رمضان أبو غالية



هكذا نطق القاضي بعد خمسه :

تؤجل الجلسه

فالوقت ثمين

نختلسه خلسه

لكن القاضي همس همسه

لم ُيسمعها أحداً إلا نفسه :

أيها الأحرار السجناء

ماذا أقول لكم

الأمر ليس بيدي

تؤجل الجلسة

فأنا قاض بغير سلطه

وأنتم مذنبون بغير غلطة

وأنا والله في ورطه

*** *** ***

لاتنظري إلي أيتها الطفله

فأنا أعلم أنها نكبه

نكبة طفل وطفله

نكبة أم وأمه

لكن ليس لدي إلا

تؤجل الجلسة

لا تسألينى

كم أجلت الجلسة !!!

أعذريني فأنا بغير سلطه

لكنها صرخت في وجهه صرخه

أوليس لك مثلي طفله!!!

تنتظر قدومك لحظة بلحظه

تنتظر عند الباب بلهفه

تنتظر منك لعبة أو بسمه

أيها القاضي قف مع نفسك وقفه

واعلم أن الموت يأتي بغته

*******

*خواطر : عقب إحدى جلسات محاكمة الإخوة الدعاة في ليبيا( الإخوان المسلمون الليبيون) دامت خمسس دقائق ويتم التأجيل في كل جلسة.


http://forum.ma3ali.net/imagesn/stat...er_offline.gif

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:33 PM

اسْتِغَاثَةُ الْيَمَامَة



لِثَأْرِكَ يَا كُلَيْـبُ لَقْـدْ نَهَضْنَـا

وَخُضْنَـا الأَرْبَعِيـنَ وَلَـمْ نُبَالِ


وَهَـذَا الْيَـوْمَ دُرَّتُنَــا قَتِيـلٌ

وَلَـمْ أَلْمَـحْ أَبَا لَيْـلَى قِبَـالِي


لَقَدْ بَاءَ الصَّغِـيرُ وَمَا جَزِعْنَـا

بِشِسْعِ النَّعَـلِ مِنْ بَيْنِ الرِّجَالِ


وَلَمْ نَقْرَعْ لأَجْلِ الْحَـرْبِ طَبْـلاً

وَأَسْلَسْنَـا الْقِيَـادَ إِلَى الْمَوَالِي


وَصِرْنَا بَعْدَ نَيْـلِ الْغَيْـرِ مِنَّـا

نَهَابُ الْمَـوْتَ مِنْ قَبْـلِ النِّزَالِ


غَدَا جَسَّـاسُ سَيِّدَنَـا جَمِيعـاً

وَحَالَ الْخَوْفُ عَنْ خَوْضِ الْقِتَالِ


فَزِعْنَـا وَالسَّنَــابِكُ تَعْتَلِينَـا

إِلَى الْقَلَـمِ الْمُذَهَّـبِ لاَ النِّبَـالِ


تَمَرَّغْنَـا تُرَابَ الْخِـزْيِ دَهْراً

وَأَشْعَـبُ أَمَّنَـا عِنْـدَ النَّـوَالِ


نَعُبُّ الْخَـوْفَ مِنْ بَعْدِ اعْتِدَادٍ

بِمِـلْءِ أَكُفِّنَـا تَحْـتَ النِّعَـالِ


وَنِلْنَـا بِالسُّيُـوفِ وَقَدْ تَدَاعَتْ

عَلَـى الأَغْمَـادِ دَرْبـاً لِلزَّوَالِ


فَسُحْقـاً لِلْمَـلاَذِ أَدَاةَ حَـرْبٍ

وَبُورِكَتِ الْحِجَارَةُ فِي الْوِصَالِ


صَرَخْنَاكَ الْمُهَلْهِـلُ قُـمْ أَغِثْنَا

فَقَتْلُ صَغِـيرِنَا (بِالشِّسْعِ غَالِ)


وَدَعْ عَنْـكَ انْفِعَـالاَتِي وَسَلْنِي

عَنِ الْحَـقِّ المُضَيَّـعِ بِالْجِدَالِ


يَضِيقُ الْجِـلْدُ بِي مِمَّا أُلاَقِـي

وَأَفْقَدَنِي صَدَى الصَّمْتِ احْتِمَالِي



فَبَابُ الْفَجْرِ لاَ بِالطَّـرْقِ يُرْجَى

وَلَكِـنْ دُونَـهُ شَبَـقُ الْلَيَالِي


وَهَذِي الْقُدْسُ تَصْرُخُكُمْ جَمِيعاً

وَمَسْجِدُهَا الْمُزَرْكَـشُ بِالنِّصَالِ


لَقَدْ أَضْحَى الْحِمَى نَهْباً مُضَاعاً

وَأَحْوَجَنِـي الْكَـلامُ إِلَى الْفِعَالِ


يَمُـوتُ صِغَـارُنَا غَدْراً وَتَبْقَى

غِمَـارُ الْحَـرْبِ جَامِدَةً حِيَالِي


أَتَرْضَوْنَ الْحَضِيضَ الْيَوْمَ نُزْلاً

بُعَيْـدَ بُلُوْغِكُمْ قِمَـمِ الْجِبَـالِ


دِمَاءُ كُلَيْبِكُـمْ ضَـاعَتْ هَبَـاءً

وَحَيُّكُـمُ مِـنَ الأَبْطَـالِ خَـالِ


وَلَكِنْ قَدْ يَكُـونُ هُنَـاكَ حَمْـلٌ

بِأَحْشَـاءِ الْجَلِيـلَةِ فِي اكْتِمَالِ


سَيَنْهَضُ رَغْمَ رَيْنِ الْخَوْفِ فِينَا

وَيَكْشِفُ خَوْرَ أَصْحَابِ الْمَعَالِي


فَلاَ يُبْقِي لَدَى الأَسْبَـاطِ كَيْـلاً

وَيَمْسَحُ دَمْـعَ رَبَّـاتِ الْحِجَالِ



بنغازي 29/12/2000


نشرت بصحيفة القاهرة/مصر


شعر / صلاح الدين الغزال


http://forum.ma3ali.net/imagesn/stat...er_offline.gif

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:35 PM

حُلْمُ أُمَّـة


شعر / صلاح الدين الغزال



هَلاَّ انْتَفَضْتِ كَمَا قَدْ كُنْتِ فِي الْقِـدَمِ

أَمَا مَلَلْـتِ مِـنَ الأَغْـلاَلِ وَالْلُجُـمِ


إِنَّ الأُلَى غَدَرُوا بِالأَمْـسِ قَدْ قُـبِرُوا

وَأَصْبَحَ الصُّبْـحُ بَعْدَ النَّزْفِ وَالأَلَـمِ


قَدْ نِمْتِ دَهْـراً طَوِيلاً كَـادَ يَجْرِفُنَـا

سَـيْلُ الطُّغَاةِ إِلَى الْقِيعَانِ وَالْحِمَـمِ


يَا أُمَّتِي حُلُمِي فِي الصَّحْـوِ مُشْرِقَةً

حَتَّى أَرَاكِ بِهَذَا الْعَصْـرِ فِي شَمَـمِ


أَرَى الْحِـدَادَ الَّذِي قَدْ كَـانَ جَلَّلَنَـا

بِثَوْبِ حُـزْنٍ تَرَدَّى دُونَمَـا وَصَـمِ


يَا تُحْفَةَ الشَّرْقِ كَمْ غَنَّـتْ حَنَاجِرُنَـا

أُهْزُوجَةَ النَّصْرِ فَارْتَاعَتْ دُنَى الْعَجَمِ


يَا لَلآلِـئِ .. هَـلْ خَيْـطٌ يُنَضِّدُهَـا

خَـوْفَ التَّشَتُّتِ وَالتَّشْرِيـدِ وَالظُّلَـمِ


إِنَّ الْمَقَـادِيرَ قَـدْ مَالَـتْ لِتَرْفَعَنَـا

مِنْ بَعْدِ إِجْحَافِهَا رَدْحـاً إِلَى الْقِمَـمِ


لَكَـمْ تَرَدَّتْ وَكَـمْ مَالَـتْ بِهَامَتِهَـا

تَرْجُو الْلِئَـامَ وَتَشْكُو عُقْدَةَ الصَّمَـمِ


لاَ الْبَحْرُ أَفْضَى بِسِرِّ الْبَوْحِ أَوْ سَلِمَتْ

مِنْ رِبْقَةِ الأَسْـرِ وَالأَحْدَاقُ لَمْ تَنَـمِ


فِي لُجَّـةِ الْجَهْلِ بِالأَحْقَـادِ تَرْمُقُهَـا

تَرْجُو انْقِضَاضاً عَلَى الأَخْلاَقِ وَالْقِيَمِ


لَكِنَّهُ الصَّحْـوُ قَدْ جَـاءَتْ بَشَائِـرُهُ

مِنْ بَعْدِ لأَيٍ مَعَ الإِصْبَـاحِ بِالدِّيَـمِ


فَابْتَـلَّ مِنْهَا وَكَـادَ الْجَـدْبُ يَغْمُرُنَا

سَهْلُ الْيَبَابِ وَأَوْهَتْ قَبْضَةَ السَّقَـمِ


وَاهْتَزَّتِ الْعِيـسُ فِي إِقْبَالِهَـا طَرَباً

وَاجْتَازَتِ الْبِيدَ رَغْمَ الْحَظْـرِ بِالْهِمَمِ



بنغازي 24/9/1999

نشرت بصحيفة الوطن/السعودية

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:35 PM

جزااااكم اااالله خيراااا





بَلـدٌ ولـدتُ بهِ وأوّلُ تُربـةٍ
فيها لبِستُ مِنَ الثيـابِ جَديدا

أمْلتْ على فكري بَدائعُ حُسنهِ
قَـولٌ بهِ حُلّيـتُ منْه الجيِـدا

لا غُرو إنْ نمّقتُ شِعْري باسْمِهِ
وَعدَوتُ فيهِ البُلبـُلَ الغرّيـدا

ونَظمْتُ مِنْ حُرّ الكلامِ قَصائِداً
تَبْقَى علَى مـرّ الزمَـانِ نَشيدا

أشدُو بِذكرِ محاسِنَ الوَطن الذي
اشْتـاق يَومـَاً أنْ أرَاهُ سَعيـدا

وأحـرّ أشْواقـي ليَـومٍ لمْ أزلْ
فِيِهِ أؤمّـلُ أنْ يَكـونَ العيـدا

يـَوماً يَنَالُ الشَعبُ فيهِ مَرامـهِ
ويَكونُ سَعيُ المُخلصـينَ حَميدا




شعر /
أحمد حسن الفقيه

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:36 PM

شعر الأديب / خليفة التليسي



أعْطيتُهَا مِنْ حيَاتِي خَيْرُ مَا فِيهَا

وَلا أمُنّ عَطائِي مِنْ أيَادِيهَا

جَادَتْ عَليْنَا فَجُدنَا مِنْ شمَائِلِهَا

الشُحُ يُفقِرُها وَالجُودُ يُغْنيهَا

أعْطيتُهَا بَعْضَ ما أعْطتْ وَمَا أخَذَتْ

إلاّ اسْتَزَدتُ رَصِيدَاً مِنْ غَواليهَا

فالفَضلُ أوّلهُ منْهَا وآخِرهُ

إلىَ الأُولىَ رَفَعُوا ذِكرى بِنَاديهَا

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:36 PM

شعر / محمد الشلطامي



قل ما تشاء....
وأكتب بخط التاج ما نحت الشقاء
فينا ، وقل متخاذلون ،
جبناء ماتت فى عروق قلوبهم همم الرجال
أنا قد هربت ،
وتركت أحذيتي ورائي ،
وتركت خلف الجسر صوت إذاعة الشرق القتيل
قل ما تشاء ، أنا عميل
متخاذل ، حاف ، يجر وراءه عارا جديدا
قل ما تريد
لكنما أنا لن أموت
أبدا لتركب جثتى للنصر ... لا ... أنا لن أموت

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:37 PM

شعر /راشد الزبير السنوسي




يظل يحاصرني حزنه و حرقته كلما قد كتبتْ
ويؤلمني أنه مفردٌ يصارع حقداً ويطويه صمتْ
يظل بكل الشرايين نبضاً يزلزل صدريَ في كل وقتْ
ويَجْبَه غطرسة المعتدين بكل عنادٍ ويجـتث مقتْ

لماذا يصرّون أن يهزموه وأن يخنقوه بهذا الحـصارْ
وتسعى الجنادب محمومة بأحقادها كي تشق الجـدارْ
لماذا على النخل أن ينحني خضوعاً ويخفرذاك الجوارْ
ليوقـف دجـلة ترحالـه وتذوي الحياة بتلك الديـارْ

مصيبتهم أنـهم دائماً إذا قـدّروا يـخطئون الحسـابْ
ولا يدركون لإجرامهم بأن لـدى الغـير فصل الخـطابْ
فبغـداد لو ضربت مرةً فبالعزم سوف تعـيد الخـضابْ
وتطلـع فجـراً يخـافونه تناسـل بين حطـام القبـابْ

يؤذن في (الكرخ) مستنهضاً فتصحو (الرصافة) و(الأعظميةْ)
ويعلو المثنى على جرحـه يقـود الجموع إلى القادسيةْ
فهذا العـراق ولمّـا تـزل بأعماقـه للسـيوف بقيـةْ
سيرفض أن يشـتري عيشه بترك حمـاه لديـهم سبيةْ

يصـارع زحف الغزاة بصبرٍ على ضفتيه وما من سـندْ
ولم يلقَ عوناً سوى هـادرٍ يِؤخـررجـلاً وما مـدّ يـَدْ
كأن لم تكـن حـوله أكبـد سقاها نـداه بما قـد أعـدْ
فتعساً لمن ينكرون الجميل إذا طلـب العون منهم أحـدْ

ويا دجـلة الخير لو أنّ لي جنـاحاً لطـرت إليكم مـددْ
يـؤرقني أن أرى نـزفـكم ومَنْ حولكم كرمادٍ خمـدْ
يهدّد جند الصليب العـراقَ ونحن نبـارك يوم الأحـدْ
وتبدو الحـراب بأحقـادها مصوّبةً نحـو ذاك الجسـدْ
وفيه طهارة جـرح الحسـين وثأر الإمام وطهر البـلدْ
فيا منْ تذيبون أكبـادكـم بكـأس و تفتقـدون الرشَـدْ
أفيـقوا ـ لعِنتم ـ ولو مرةً وصبوا العزائمَ جمراً يقـدْ
وإلاّ فطوفان نـوحٍ سيـأتي عليـكم ليصبح نعْـمَ القَوَدْ

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:38 PM

ولد بمدينة درنة سنة 1923م، وتلقى مبادئ القراءة بإحدى المدارس الإبتدائية الإيطالية، ثم ترك الدراسة سعياً وراء رزقه، وفي أثناء ذلك تتلمذ على أحد الشيوخ الذي لقنه فروع النحو والصرف، وفي عام 1946م اشترك في مسابقة نظارة المعارف ببرقة للراغبين في القيام بمهنة التدريس، فنجح وباشر التدريس منذ تلك السنة.


باقة من أشعاره


صفا جوها
تفككت الاغلال وانقشع الشر
نمت نبتة بعد الذبول بروضة
فقرت وطابت بالأماني أنفس
صفا جوها بعد الكدور بوحدة
أقر لها الأكفاء بالعدل نصرة
وهم حاولوا بالأمس فل قناتنا
يريدون تقسيم البلاد شراسة
تحدثهم اطماعهم باقتناصنا
فهبت هواصير،وللحق وقفة
فسحقا بني الاطماع خاب رجاؤكم
أعوذ بأسد الغيل أن يدخل الحمى
فلا والذي زان الشباب بنخوة

وشدت عرا الآمال وانشرح الصدر
تعهدها بالسقي "ادريسها" الحبر
قضى الله: ان العسر يعقبه يسر
ولاحت لها الآمال يقدمها بشر
ومعترف من بات للعرف يضطر
فألفوا نبالا لا يرام لها كسر
فهذا له ثلث،وذاك له شطر
كأن لم يكن بالغاب ليث،ولا صقر
فإما جلاء النصر فيها،أو القبر
فليس لكم في أرض أوطاننا شبر
عليها ذئاب دينها الغدر والمكر
يجاورنا قوم لنا عندهم ثأر

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:38 PM

هو محمد الامين محمد الهمالي الحافي الرقيعي اصلا، الساحلي نشأة، القريو مسكنا، ولد بسوق الجمعة سنة 1916م، حفظ القرآن الكريم، وسافر الى مصر سنة 1932، والتحق بمعهد القاهرة الديني، ومنه الى دار العلوم حيث تخرج منها سنة 1946م، وفي هذه الاثناء اشترك مع بعض افراد الجالية الليبية في تأسيس النادي الثقافي الليبي بالقاهرة.
ولما عاد الى الوطن اشتغل بالتدريس في مدرسة طرابلس الثانوية، كما اشتغل فترة بالقضاء الاهلي بمحكمة سوق الجمعة، ولكنه عاد للتدريس وظل يرتقي فيه الى ان وصل الى منصب مراقب للتعليم الثانوي، وله المام بالانجليزية، واللغات السامية.
والشاعر معجب بالمتنبي، وشوقي، ويفضل من ابواب الشعر: الفخر، وما كان حافلا بشئ من انواع المأساة، ويعزو ذلك الى الجو الاستعماري الذي عاش فيه إبان الاحتلال الايطالي.
والشاعر يفضل البقاء على مناهج القدماء لعدم وثوقه بالجديد، ولأنه لم ير فيه جديدا ذا قيمة ادبيةو وحتى يخلق هذا الجديد الذي اساسه الابتكار في الاوزان والقوافي، لا التقليد الذي يتعثر فيه الماشي، فإنه حينذاك يأخذ به ويدعو له. ويقول: إنني لست بالشاعر، وإنما هي مناسبات عننت لي فقلت فيها ما قلت، ولا أصف شعري بالجودة لأنه لا يخلو من الهنات والعيوب، الأمر الذي يدعو الى اعادة النظر فيه وتنقيته مما به من عيوب ليسلم المعنى، ويستقيم الاسلوب.
والشاعر ثالث ثلاثة: مبارك، وعرفة، كانوا يضربون على نغمات الوطنية الصادقة فيهزون من اوتار القلوب، ولو ظل ثلاثتهم على اخذهم للشعر ومعالجته، لانتفع الشعر الليبي بهم، ولجاءوا بشيء من الاعجاز الفني، والابداع العربي.


باقة من أشعاره


المهاجرون


قم فاهد أساد الحمى إكليلا
قوم يزيد الله في تكريمهم
من جاد في حب الحمى بدمائه
هجروا البلاد. ومن يكن ذا همة
حلوا من الشعب الكريم منازلا
إن "الكنانة" للعروبة مهجر
ذكراك يا وطني تهز مشاعري
سلخوك من جسم العروبة خدعة
أيري السياسية ويحها، قد مثلت
كنا بها نحن الضعاف، ولم نزل
زعموا حماة الدين بعد محمد
عجبا. ولم يرعوا له من حرمة
حامي حمى الاسلام مالك آبقا
ما بال جيشك في الفلا متسابقا
ما الحرب من سحر البيان تذيعه
إن الجيوش إذا التقت وتدافعت

من مجد شعرك ضافيا واثيلا
وأعد جنات لهم تفضيلا
رام الخلود مجاهدا وقتيلا
تأبى عليه بأن يعيش ذليلا
نعم الكرام عمومة، وخئولا
بعد الجزيرة إن أردت رحيلا
وتثير داء في الضلوع دخيلا
ودعوك من أوطانهم تضليلا
أهزولة، كانت أسى وفضولا
في الحادثات، وما انتهين فصولا
وتقلدوا سيفا لهم مفلولا
وتنكبوا التوراة، والانجيلا
هلا. فديت حماكم المفلولا؟
ألقى السلاح من الوغى مذهولا؟
فوق المدافع مسهبا معسولا
فالنصر في ظل الحسام صقيلا



سياسة الاصلاح




شيخ الهداة، ومنقذ الارواح
لله ما قمتم به من نهضة
حيث البلاد فقيرة، وعديمة
فجعلت منها أمة عربية
ورفعت ألوية الجهاد مناضلا
ونشرت دعوتك التي البستها
هذي من "المهدي" في خير الورى

من ظلمة الليل البهيم الماحي
شملت رحيبا شاسعا ببطاح
والعدم يخرس منطق الصداح
جلت مآثرها على الشراح
لم تخش طعنا، أو مرير سلاح
ثوب الحجا، وعقيدة الصلاح
سطعت، وتلك سياسة الاصلاح

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:39 PM

ولد بمدينة الزاوية الغربية سنة 1909م، من اسرة عريقة في المجد، شريفة في النسب، يتصل نسبها بإدريس الأول مؤسس دولة الادارسة في المغرب، ومن أسرة علمية تولى اغلب افرادها القضاء والافتاء والتعليم، وأغلبهم درس في الازهر الشريف.
ابتدأ تعليمه في زاوية الابشات المشهورة، فحفظ القرآن الكريم، ودرس مبادئ الدين واللغة بها، ثم سافر الى مصر ولما يتجاوز الرابعة عشرة، فالتحق بالازهر الشريف، ودرس به ثماني سنوات تقدم بعدها الى امتحان شهادة العالمية فنالها.
وقد شغف في اثناء تعليمه بالأدب، ومال الى قرض الشعر بعد ان حفظ الكثير منه لشعراء يمثلون مختلف العصور، وأثر فيه بنوع خاص شعر المتنبي، واحمد شوقي، لأنه يرى فيهما عميدي مدرسة مزجت بين القديم، وبين الحديث في الشعر، في غير ثورة على الماضي، ولا تبرم بالجديد الممتع.
وبعد ان عاد الى الوطن شارك في الحياة الادبية بقدر ما سمحت به ظروف الحياة السياسية في عهد الاستعمار الايطالي. وقد انتدبته هذه الدولة ليحاضر في محطة الاذاعة بطرابلس. وطبعا مال الى التحدث في الادب فحاضر فيه اكثر من سنتين. وكان يلقي بين الفينة والفينة بعض القصائد في المناسبات الدينية كالاعياد والموالد النبوية وختم القرآن، وغيرها من المناسبات.
ثم لما تكسرت اغلال الاستعمار بخروج ايطاليا من ليبيا، ونشطت الحركة الوطنية اسهم فيها بقسط وافر، فما عقد مؤتمر، ولا سارت مظاهرة، ولا أقيم احتفال وطني، ولا ذكرى وطنية، إلا وكان له فيها شعر، حتى كانت زيارة الملك ادريس الاول لطرابلس، فألقى بين يديه قصيدتين: إحداهما بقصر الخلد، والاخرى بمدينة مصراتة، فتفضل وأنعم عليه بلقب "شاعر ليبيا"، واهداه ساعة جيب ذهبية ثمينة. ويلقبه جمهور الادباء ايضا "بشاعر الملك".
وهو من هواة قرض الشعر لا المحترفين له، وهو مقل لا يقول الشعر الا في المناسبات الوطنية، او الاحداث العربية، وله سبحات نفسية رائعة تبين عن شاعرية ملهمة، يكسوها طابع الجدة، وأغلب شعره في المدح والرثاء والوطنيات والغزل
.




باقة من أشعاره


دنيا الغد
تخيلتها زهراء ضاحكة الربا
وأبصرتها سلما يطوف فجاجها

وليس بها من سيد أو مسود
وليس بها جنس كريم، وأخر

وليس بها من جمع المال للخنا
يصول على الفلاح يأكل رزقه

ولا هي دنيا للكسالى وقد غدوا
ولا هي دنيا للمفاليك جهدهم

ولا هي دنيا للمدل بغيره
يريد ليعطى المال والخز كاسبا

ولا هي دنيا كاتب في صحيفة
مقالا من اللفظ الرخيص كأنه

ولا هي دنيا شاعر بات ليله
ولكنها دنيا من الجد لا ترى

فهذا له مسرب الطير مورد
وهذا له من مسبح الحوت منفذ

وذلك يطوي الارض كالبرق مرسلا
وأخر ما بين الحديد كأنه

أولئك اقطاب الحياة وخيرها
وتلك هي الدنيا المرجاة للورى


وقد ملئت علما ونورا وعسجدا
فما خائف ظلما، ولا باسط يدا

سوى من تحلى بالفضائل والندى
يعيش مدى ما عاش عبدا مقيدا

يجول به بين المقاصير مفسدا
ويتركه مما جناه مجردا

يعيشون كلا فوق هامتها سدى
وغايتهم أن يبتغوه تصيدا

ينادي: أنا من فاخر الشمس محتدا
وقد نام لا يبغى رواحا ولا اغتدى

يحبر قولا كل يوم مرددا
وقد قرع الاسماع ترجيعة الصدى

يصوغ القوافي من هراء لينشدا
بساحتها إلا نضالا مجددا

يسابق وفد الريح ان سار او غدا
يشق عباب الماء سهما مسددا

بسيارة لم يخش عادية الردى
من الجن عن حكم الحياة تمردا

وغيرهم لم يدع في الناس سيدا
وإلا تكن هذا فلا خلقت غدا

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:40 PM

هم يملكون البنادق والدروع ومنجنيقات اللهب
ونحن نملك مسيرات الدماء وأعراس الكفن
وبأيدينا نسوي الحجر رسولا ونطيره جناحا للوطن
هم يملكون غرف التعذيب وكتائب الإعدام
ونحن نملك الخيال جسدا داميا ونسمي الحجر الطليق مجازا للكلام
هم يغزون سلام القرى وينهبون المنازل والنجوم
ونحن نملك المقاليع الجريئة وقطعان الغيوم
يفقأون عيوننا فنرى ظلام حقيقتهم يصمون آذاننا فنسمع ضجيج مخاوفهم
وكلما سقط شهيد صرنا نعلو فوق مشيئات المحن
وتغدو جنائزنا أعيادا وتصبح قصائدنا وطن
لهم الحصون والخيول وحقول القتل
وصخب المجازر ولنا النزيف
والعناد الذي يخيف لهم النفير
ولنا أقدام السعير فيطلقوا مزيدا من الرصاص واللهب
وإن يكن فبأيدينا نسوي الحجر رسولا
ونطيره جناحا للوطن



مفتاح العمّاري

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:41 PM

إعداد: إدريس حسين الحلافي


عمـر المختـار





عندما نشرت صورة الشهيد عمرالمختار وهو مكبل بالحـديد ليدفع إلى الجلاد بقرية " سلوق "، وقد ظهر بالصورة ضباط الطليان يبدو على وجوههم السرور بهذا الانتصار والقضاء على المقـاومة، رأى الشاعر حسين الحلافي أن يعبر عما يجيش بنفسه من شعور ونظم هذه الأبيات. وهذه القصيدة نشرت قبل قصيدة أحمد شوقي الشهيرة في رثاء شيخ الشهداء حيث توجد دراسة تحت الطبع تثبت أن الشيخ حسين الحلافي هو أول من رثى عمر المختار باللغة العربية الفصحى .






يا للوقاحة صوروك مكبـّلا]
واستحقـروك وأنـت أعظـم شـانا

وقفوا إزائك مظهرين سرورهم
في موقف يستجلب الأحزانا

أمنوا يمينـك وهي موثقة ولـو
طلقت يمينـك وامتطيت حصانا

ورأوا سلاحك مصلتا لتأخروا
وتهيّبوك وغـادروا الميـدانا

كالليث تسحب في حديدك بينهم
ولأنت أثبت في اللقـاء جنانا

كم مرة زحفـوا عليـك بجحفل
يكسو الجبال ويملأ الوديانا

فـفللت جيشهم العظيـم بقـوة
جبارة لا تعـرف الإذعانا

*****

يا عصبة الطليـان لـولا مواطن
عـقّ العروبة والبـلاد وخانا

وإصابة الفرس التي سقطـت على
يـده وسالـت دماؤهم هتانا

ما كـان في إمكانكـم أسر الذي
يـردي الأسود ويقهر ألا قرانا

كم وقعة مشهـورة قد خاضها
فيها تسيل دماؤكم غـدرانا

في عصبة من شعـب ليبيا كلهم
وهبـوا النفوس وقدّمـوا الأبدانا

ألفـوا ظهور العاديـات ولازموا
طـول الحيـاة ظهـورها فرسانا

يتسابقـون بها إذا شاهـدتهـم
يوم الكريهة خلتهم عقبانا

أو خلتهم أسدا وخلت جيوشكم
يتساقطـون أمامهـا ذؤبانا

******

لن يهمـل التاريخ يـوم (مرادة)
ومعـارك الأبطـال في( خولانا)

كلا ولن ينسى القتال( بجردس)
أبـدا ولا الشهـداء فـي( شقرانا)

وبوادي (كرسة) و(الرحيبة) قبله
حصلت وقائع تدهـش الشجعانا

فيها خسرتـم جيشكم وسلاحكم
وتركتـم الكولونيل والقبطانا

فكأنهـم في مهرجان تسابـق
متنافسين ليدركـوا البنيانا

وكأنهـم فوق الصواهـل خلفهم
آساد جائعـة تطـارد ضـانا

*****


يا عصبـة الطليـان مهـلا إننا
عـرب كـرام لـن تضيـع دمانا

لن تستريحـوا بثأرنا أبـدا ولن
ننـسى وإن طال الزمـان حمانا







http://forum.ma3ali.net/imagesn/stat...er_offline.gif

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:42 PM

رحيلي عنكَ، عزَّ عليَّ جدَّا
وداعاً! أيها الوطنُ المفدّى!

وداعَ مفارقٍ، بالرغم شاءتْ
له الأقدارُ، نيلَ العيش، كدَّا!

وخيرٌ من رفاه العيش، كدٌّ
إذا أنا عشتُ، حرّاً مستبدّا!

سأرحل، عنكَ، يا وطني، وإني
لأعلم، أنني قد جئتُ إدّا!

ولكني، أطعتُ إباءَ نفسٍ
أبتْ لمرادها في الكون حَدّا!

علوُّ النفسِ، إن عظمتْ، شقاءٌ
يلذّ، لمن إلى المجد استعدّا!

إذا رُزِق الفتى، نفساً عزوفاً
تَهاونَ بالخطوب، وزاد جِدّا

طلبتُ العزَّ في وطني، مقيماً
فأوسعني زمانُ السوءِ، ردّا

سأركب عزمةً، حذّاءَ، أمضي
أقدّ بها حجابَ الغيب قدّا!

أُبلِّغها، وراءَ السعي، عذراً
لنُجحٍ، صدَّ عنها، أو تصدّى!

سواءٌ عاد بعد الجهد ساعٍ
بفوزٍ، أم سعى حتى تردّى

فلم أرَ راضياً بالعيش، إلا
ضعيفاً، أو من الجُبن استمدّا!

ويا وطني، هجرتكَ، لا لبغضٍ
ولا أني منحتُ سِواكَ، ودّا

فلا واللهِ، ما هاجرتُ حتى
جهدتُ، ولم أجد من ذاكَ بُدّا!

يقول ليَ الصديقُ: أرحْ ركاباً
فإنكَ واجدٌ أَرَباً، وجَدّا

يُكلّفني، لأبلغَ، من حطامٍ
غِنًى، أرضى به ليديَّ، قِدَّا!

فقلتُ لطالب الإحسان قيداً
قبولُ القيد، من شيم العِبِدّا!

هداكَ اللهُ، كيف تطيب نفسي
وفي عنقي، أرى للأسر قِدّا

تعفَّفْ، ليس غيرُ الله، يعطي
بلا منٍّ، ولا شكر يُؤدّى!

ويا وطني، نبا بي، عنكَ، حبٌّ
وأحياناً يكون الحبُّ صَدّا

وقد يأتي الغيورُ بما يراهُ
خَليٌّ، من جوًى، للعقل ضِدّا

فلستُ أُلام، في تركي حبيباً
أرى في حبّه، الأعداءَ نِدّا!

ويا وطني، وداعاً! من محبٍّ
تحيَّر رأيُه، أخذاً وردّا

وداعاً، لا أظنّ له لقاءً
فوا أسفاً، إذا ما البينُ جَدّا

أناديه، وقد زُمّتْ ركابي
وهدَّ البينُ ركنَ الصبر، هَدّا

وجاشت، تخنق العبراتُ صوتي
وداعاً! أيها الوطنُ المفدّى!





للشاعر / أحمد رفيق المهدوي

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:42 PM

" يامن على البعد "





زمردة شاعر الوطن(( أحمد رفيق المهدوي )) والتي عارض
بها نونية بن زيدون واحمد شوقي .




يامن على البعدِ نهواه ويهوانـــــــــا ***** لشد ماشفنا شوقٌ فأضـنانـــــــــا
ذكرى عهود الهوى باتت تُساوُِرنـــا ****** يامن يبلّغ للأحبابِ شكوانـــــــــــا
ِانّا بحكم الهوى صرنا ولاعجـــــــــب ****** نزيدُ ذكراً لمن يـــزدادُ نسيانــــــــا
مأانصفتنا الليالي في قوىً تركـــــت ***** جسماً هنا وهناك القلب ولهانــــــا
قلبٌ أضرَّ به حبُّ الوفاءِ فما أخـــلَّ ****** بالعهدِ في حــبٍ ولاخـــانـــــــــا
وُأفٍ على البعد لاالنــسيان خامــــره ******ولااستطاعَ على الايام ِسلــوانـــــا
وآهٍ لذكـرى حبيبٍ كلّمــا سنحــــــت ****** كأنــما قد حلت في الجأش نيرانــا
ذكرى تَمثُل فــي ريعـان نضرتـــــهِ ******* عصر الشباب واِخواناً وأوطـــانــا
أمّا الشباب ومـاكـان الشباب لـنــــــا ****** اِلاّ على رغــم انف الدهــر طغيانـا
كان الجنونُ وما احلـى الجــنون بـــه ****** مالــــذة العيش اِلاّ فيه اِذ كانـــــا
وماعرفـنا لـه فـي حـال تشوُّقِـــــــنا ****** قـدرا وكم جَحَدَ الكفرانُ احسانــا
ياحسرتــا ماتمعتّنا برونـقــــــــــــــه ***** اِذ كانَ كالزهرِ رفافاً وريانــــــــا
وكيف يلتّذُ بالاحـــلام من ذهبــــــــت ******بالصبح ِعنهُ فباتَ الدهــر يقضانــا
وَرُبَّ اِخوان صـدقٍ كــان يجـمعنـــــا ****** اِخاء صفــا ســرا واعــلانــــــــــا
كانت مودتهم قرى ورؤيتهــــــــــم ****** تجلو عن القلب من دنــياه مارانــــا
ما سرَّنــــــــا بعدمــــا ولَّت شبيبتُنا ****** اِلا صداقة من بالصــدق صافــانـــا
وفي الصداقة عـــــن الصبا عـــوض ***** ان الصديق شقــيـق عــز او هـانــا
لله ايامنا والشمل مجتمــــــــــــــــع ***** في ظلِّ عيشٍ على الايام اطغانـــــــا
حتى خرجنـ‘ـا عن الاوطـــــان بطــر ***** بنـا جـزانا به الاحباب هجـرانــــــــا
اِنَّا على الهجر ما ننفكُ نذكُرُهــــــم ***** فهل على بالهم يُجرون ذكــــرانــــا
ماخيَّم اللـــــــيلُ اِلابــاتَ يُقلقُنــــــــا **** شوقٌ الى رقد السُمّارِ ناجــانـــــــا
نَحِـــنُّ شوقـــــاً الـــى اوطاننـــا فاذا **** تَبسَّم البارقُ الغربيُّ ابكانـــــــــا
ومن سِوانا جديـــرٌ بالبكـــــــاء على **** ذكرى الفويهات والبدكـا وجليانــا
معاهد حبها لولم يكن شغفــــــــــــــا ***** لما لها من جمال كان ايمــانــــــــا
قـد طوَّحتنا الليالـي عن مواطننــــــا **** ياويح كل غريب قــدره هـانـــــــــا
لاعـــزَّ اِلاّ لِثاوٍ في مـواطنــــــــــــــه ***** ان الغريب مهـــانٌ اينــمـــا كــــــان
ما أقـدر الله أن يـــدني عــلى شحط **** سكـان بـرقـة مــن سكــان جيـحـانا
عينُ الزمانِ أصابـتنا فـلانظــــــــرت **** وعُــذِّبـــتَ بصنــوف الهجــر الوانـــــا





ملحوظة : البيتان الاخيران للشاعر العباسي المعروف العباس بن الاحنف أستعارهما الشاعررفيق مع تغيير طفيف ، وأصل الشطرة في بيت العباس ( سكان دجلة من سكان جيجانا ) كتاب الاغاني في الجزء الثامن .
أحمد رفيق المهدوي من منفاه
جيجان – تركيا 1939م .

المفتش كرمبو 26 - 7 - 2011 03:44 PM

يا ليلة العيــــد

د.عمرو النامي



وغَص بالغيم في أجوائـك الأفـق
حمَّ القضاء وسُـدت دونك الطرق

يجُدْ عليك بهـا طـلُّ ولا غـدق
وبـدد السُحب إعصار الهموم فلم

فقـد أطـلَّ كئيبـا بعده الشفق
كنـا نؤَمل فجراً مشرقـا غـدُه

وأننـا بعـد طيب العيش نفترق
مـا كنتُ أحسبُ أن الحزن يغمُرنا

جـاءت بـوادره كالسيف يمتشق
وأن دهرا أمـنًّـا من حوادثــه

من الطواف وغَصت منهم الطـرق
ذابـت نِعـال أحبـائي ورفقتهم

ويمَّموا بابَـه الموصـود واستبقوا
طـافوا على كعبةِ السلطانِ في أمل

كلت أكُفهمُ من طول مـا طرقوا
وأدْمنوا قرع أبواب الرجـاء فقـد

فالظلم يغمرهـا والطيش والنـزق
ولا عجيبٌ فمـا بالدار من أحـد

مـا نرتجيه فهم بالشر قـد سبقوا
كنـا نظن بهم خيرا فقـد حَبسوا

بهم وبي خلجـاتٌ كلهـا حـرق
نفسي فـداءُ أحبائي فقد عصفت

قلبي حزيـنٌ وجفني غـائم شرِق
أنـا هنـا رهنَ قضبانٍ تقيـدني

من شوقهم ودمـوع العـين تأتلِق
وهم على البعـدِ في قيـد يُكَبلهم

إلا إلى الله يرفُـوا بعض مـا فتقوا
نذوب شوقـا وحزنا لا رجاء لنـا

لكـنَّ حـظ بَنيَّ الحـزنُ والأرق
يا ليلـة العيد كم أقررت مضطربا

أجفـاِنهم ودعــاء الحبِ يختـق
أكـاد أُبصرهم والدمع يطـفُر من

أطفالنـا نحـن والأقفـال تنغلق
يا عيدُ يا فرحةَ الأطفال ما صنعت

والقيدُ في الرسغ والأبواب تصطفق


الساعة الآن 01:36 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى