منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   مواضيع ثقافية عامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=67)
-   -   الظاهرة الرحبانية وفيروز ... (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=4386)

ليمار 22 - 2 - 2010 11:53 AM

الظاهرة الرحبانية وفيروز ...
 
http://www.marmarita.com/vb/attachme...1&d=1031599782


"ليست الموسيقى لغة العواطف فحسب،بل هي لغة الفكر والفهم ايضا.إنها لغة النفس الإنسانية بكل ظواهرها وبواطنها،ويمكن القول بأن الموسيقى تتناول العواطف الأولية والحالات النفسية على أنواعها والأصوات على اختلافها والشعر والأدب والفلسفة.
ومن هذه الوجهة لا يمكن تقسيم الموسيقى إلى قسمين :شرقي وغربي ،وإنما يمكن التمييز بين الأساليب الشرقية والأساليب الغربية في التعبير عن المعاني النفسية المقصودة من الموسيقى ،وبين أصناف هذه المعاني عينها.
فمتى كانت الموسيقى الغربية تعبّر العواطف والحالات النفسية التي تعبّر عنها الموسيقى الشرقية عينها لأمكن فهمها بكل سهولةوإن اختلف أسلوبها"
فالموسيقى لغة عالمية بامتياز.
يعتبر الفنان المبدع الراحل"عاصي الرحباني"مؤسس الظاهرة الرحبانية بحق،
هذه الظاهرة الممتازة والمتميزة ،والتي لم تشغل العالم العربي فحسب، بل شغلت العالم أجمع وعلى مدار عقود من الزمن،فهي تستحق الدراسة والتحليل لما أفرزته خلال مسيرتها الطويلة من إبداعات فنية على صعيد الموسيقى ، الغناء،التمثيل ،الرقص،الدبكةالشعبيةوالشعر.ويمكن القول بأن الظاهرة الرحبانية تنقسم إلى مدرستين مهمتين:
"
- مدرسة الآباء ،وهي الأساس وتضم عاصي وفيروز ومنصور والياس .
- مدرسة الأبناء،وتضم زياد ومروان وغدي وغسان .
لقد خرّجت مدرسة الآباء الرحابنة عشرات الفناين المتميزين ،فعدا فيروز كل من :نصري شمس الدين،وديع الصافي،هدى حداد،أنطوان كرباج،وليم حسواني،جوزيف عازار،هيام شماس،ملحم بركات،إيلي شويري،.....الخ.
لقد آمن الرحابنة بأن للفن رسالة مقدسة في المجتمع ،لذلك لم يكونوا مرآة تعكس الواقع المظلم في مجتمعنا فحسب ،بل شكلوا منارة تشع قيما وأخلاقا ومحبة لإنقاذ مجتمعنا من تخبطاته ،فركزوا في أعمالهم على الإرتباط بالوطن ونبذ الهجرة،ومحاربة الطائفية،والتأكيد على وحدة الجوهر في الإنجيل والقرآن ،وهذا واضح في نتاجهم كلّه،وخصوصا في المسرح الرحباني.
فمسرحيات "جبال الصوان"،"ميس الريم"،"لولو"،"يعيش يعيش"،"بياع الخواتم"،
والكثير من الإسكتشات والأفلام مثل:"بنت الحارس"،"سفربرلك" ،كلها تشهد لما تقدم من كلام.
وتعتبر "فيروز" واجهة المدرسة الرحبانية،لما تتمتع به من صوت رائع،وحضور
ملفت على الخشبة،إن في الغناء او في التمثيل،لقد ملأ الرحابنة و"فيروز"
فضاءنا كلّه من خلال مسيرة فنية متميزة وعلى امتداد عقود عديدة من الزمن،
لقد غنوا الوطن بأرضه وشعبه ومدنه وقراه وأنهره وأشجاره وأزهاره وجباله
وسهوله ووديانه وسمائه.
فمن"بحبك يا لبنان" إلى"يا شام عاد الصيف"إلى"عمّان في القلب"إلى"بغداد"
إلى"القدس في البال" ،ومن"جبل صنّين"إلى"جبل الشيخ"،ومن"عينطورة"إلى
"مشغرة"،ومن"بردى"إلى"نهر الأردن"،كان صوت فيروز يغني أرض الوطن بحنان منقطع النظير.
لقد عمد الرحابنة إلى تطويع الأساليب الموسيقية الغربية بطريقة تناسبنا،
لا سيّما السيمفونيات الخالدة ،والمقطوعات الموسيقية العالمية ،فابدعوا و
ابتكروا ما أدهشنا فعلا،وقد استوحوا من الموشحات الدينية والتراتيل الكنسية الشيء الكثير،وكذلك من نصوص الأساطير القديمة،عدا تطويع النص الجبراني غناء الجبراني غناء وخصوصا كتاب"النبي" وقصيدة"المواكب".
بالإضافة إلى إعادة إحياء التراث الأندلسي ،بموشحاته الرائعة،وتراث بلادنا من العتابا والميجانا،والقدود والمواويل.
وأخيرا ،فإن الموسيقى الرحبانية تغذي كل عواطفنا وكل تصوراتنا وأفكارنا،وتظهر بواسطتها قوة نفسيتنا وجمالها،وقد كان للمدرسة الرحبانية عميق الأثر في ترسيخ محبتنا لأرضنا وتشبثنا بكل ذرة رمل وقطرة ماء فيها،
كتشبث الجذر بتربته .

قالوا عن فيروز


محمود درويش

أغنية فيروز هي أحدأاسماء هويتنا العاطفية . هي إحدى رسائلنا إلى الخلاص وإلى الملائكـة.... هي الأغنيه التي تنسى دائما أن تكبر ... هي التي تجعل الصحراءأصغر و القمر أكبر ...


نزار قباني

" رسالة حب من كوكب آخر...لقد غمرتنا فيروز بالنشوه والوجود ,كل الأسماء و التعابير تبقى عاجزه عن وصفها , إنها وحدها مصدر الطيبه فينا "


جاك لانغ ... وزير الثقافة الفرنسي

إنك تملكين سيدتي صوتا أكبر في ذاكرتنا وحنيننا الى هذا أل "لبنان" الذي كان فردوسا رضيا.وبرهانا حيا عبر عشرات السنين على التكامل الضروري والمثري للثقافات والديار كنت تغنين أمام أعمدة بعلبك . جعلت من نفسك ليس فقط سفيرة لبنان الى النجوم ولكن أيضا رمز مجموعات ترفض أن تموت ولن تمـوت لقد استمعت إليك سيدتي . صوتك يملك نقاء البداهات الأولى ، البداهات التي لا تسمح بأي تناول وبأي تواطؤ . انه يشع بهذا التأثر الذي يعجز اللسان عن وصفة والذي تنشره عطور لبنان وألوانه . وإيقاعاته صوتك سيدتي هو إستثنائي فعلا لأنه لا يمكن الاستماع إليك دون الإحساس بتأثير كبير حتى و لـو .لم نفهم كلمة واحدة من لغتك.




قالـــــــــوا عــن الرحابنة


سـعيد عقل


أنا وجورج شحادة نضع استشارتنا منذ زمن تحت تصرف عاصي ومنصور .أنا للشعر، وجورج للمسرح .ويخطيء كل من يعتقد أن في أعمال الأخوين رحباني شيئا من آثارنا .لقد أشاعوا الكثير عن هذا الجانب في أعمال الرحباني .وهي إشاعات ظالمة.فالإبداع هو لعاصي ومنصور .نحن للإستشارة فقط .ولعل الأمر الوحيد الذي عصاني فيه عاصي ،ولم يقبل بنصيحتي ،هو حبه المتفاني
لعمله حتى الإرهاق .أنا شخصيا أعمل كثيرا .ولكن أعرف متى أستريح ،بعكس عاصي الذي كان يتصور أن راحته هي في الإبداع .وكم كنت أمر عليه في مكتبه الذي اختاره في عمارة أسكنها بشارع بدارو ،فأجده منكبا على التأليف ،أو التنويت ،فأنهره قائلا :"وبعدين يا عاصي ؟ فل من هون . روح ارتاح".
ولكن عاصي لم يكن يشعر بالوهن ..
تماما كما قال في إحدى أغانيه الأولى :"وتعيب ليس يشكو الوهنا".
إن عاصي ومنصور مديونان .أنا شخصيا كنت أوقع معهما على كمبيالات في أوقات كثيرة .تسألوني :أين ذهبت مداخيلهما؟أين ذهب كل هذا المال الذي جنياه من الإسطوانة ،والإذاعة ،والمسرح ،والتلفزيونوالسينما؟وبعض الظالمين يقولون أنهما يلعبان القمار . أؤكد لك أن الإثنين لا يميزان بين بنت "الكبا" والبنت الديناري .أما مداخيلهما فيجب أن توضح صورتها جيدا .كل عمل فني يقومان به هو قسمة بين ثلاثة ،بعد أن يسددا حساب فيروز كبطلة،وحسابات باقي الممثلين .أما الثلاثة فهم:عاصي ،ومنصور ،وصبري الشريف . من آخر أعمالهم في بعلبك لم يصب الواحد منهما أكثر من ثلاثين ألف ليرة .ولكن..تعود عاصي على أن يكون ما في جيبه لأبطال أعماله الفنية أولا ،ثم له ..ثانيا. وإذا كان هناك عمل كبير ،فإن عاصي يضحي بثلاثة أرباع حصته حتى يتكامل هذا العمل الكبير ديكورا ، وأشخاصا ،وثيابا .بل أؤكد لك أن عاصي ،وله أصدقاء كثيرون يحرص على إرضائهم ،كان يشتري من جيبه الخاص تذاكر لبعلبك أو المسرح البيكادللي ،بمبالغ ترتفع أحيانا إلى ألوف الليرات حتى لا يقول للأصحاب أنه يعتذر عن دعوتهم..هذا هو عاصي، و يجب أن تتوضح صورته على هذا الأساس .

من مارسيل خليفة إلى عاصي الرحباني



عاصي

عيناك -وهم تقرآن ما أكتب- بيت جدة جبلي يهرب في الولد إليه من الحر والدرس وجيران الساحل...أهرع إليهما تسرحان بين الكلمات على حفافي الجرح حديث قصب الوجع ينبت نايات ساكتة على ألفي بحة "صبا"...فتبلسمان وتضمدان
أكتب وأنا أتصور عينيك والكلمات تقفز الواحدة بعد الواحدة لترتمي في أفياء الهدب ،حيث رائحة حبق وزعتر ونعنع وتراب...الجدة فيهما -ولو قارئة
"سلبية"- تريحني من بعيد كقطعة سكر أو ثمرة أول موسم أو خبزة صاج ساخنة تحرق وتحلق ولا تخفف الجوع ...


عاصي

لا مرة من قبل ،حتى في أحلك الظروف ،كنت بحاجة أن أحكي لك كحاجتي اليوم .إني أحاول أن أصفو ولو من خلال صمتي قدام صفحة أرسلها إليك .
البارحة ،كانت حفلة وداعية .وكانت الصالة الكبيرة حميمة كما لم تكن مرة من قبل ...اصطحبت العود..إذ طلب إلي ذلك ..وعلى المسرح،وفي صمت كبير قال الوتر ما وراء الجلد والعظم ..قال بوحا شجيا عجبت أنا له ..لا براعة ،لا تعقيد،لا تصويرات صعبة،لا شيء من كل هذا ...ضربات سهلة وصمت،نقرات أكثر من عادية قالت ما لم أقله من قبل :كان العزف انعدام الوساطة بين الإحساس والنغم ...لا ريشة،لا وتر،لا أصابع،لا عود ! كان عزف على النغم مباشرة...
وما إن أحسست بأن الصالة معي ،حتى عزفت مقطوعة صغيرة لك،وكانت الصالة تنتظر شيئا كهذا...كانت تحية من القلب لمن جعل لي من العود رمزا لما هو
حميم وأصيل وهادف...وسأظل أعزف وأغني لك،حتى يبح الصوت وينقطع الوتر !


أنسي الحاج


ألهذا نعيش ونموت ؟لهذه النهايات ،لهؤلاء الرجال ،لهؤلاء النساء؟ما أغبانا،أليس كذلك يا عاصي ؟
لا أحد يقدر خيبة أملك أكثر مني . وعندما أعود بالذاكرة إلى قصتك ،تدهشني حقا هذه القدرة فيك على مغالبة المرارة والصمود حتى ذلك اليوم.
أأقول نيالك؟كدت أقولها ،لولا أني أكثر جبنا من أن أعنيها .ولكن بالفعل نيالك،فلا البلد بلدنا ولا الناس ناسنا ولا الحياة حياتنا ،وأما أغنياتك فلا أعرف إذا كانت هي التي أصبحت أرواحا تائهة تمر بين البشر دون أن تلتقيهم أم أن البشر أصبحوا أرواحا تائهة يسمعون كما يسمع الأموات .
وبعدما كان الهاجس هو الحب أصبح الهاجس هو الجوع .ومحل الفن صار التعتير الذي لا إسم له .ومحل لبنان هناك ما هو أبشع من كل ما حذرت منه في مسرحياتك .
كم أغنية كتبت ؟ألف؟و20 ،21 مسرحية غنائية؟وثلاثة أفلام؟واسكتشات بالكيلو؟وأناشيد؟وغزل لم يسمع أحلى منه؟وحنان لم يُبلغ إلى شفافيته؟وسهر على التلحين حتى الصباح وشغل بالكتابة مميت وتفجير الحياة من لا شيء وخلق الجمال من العدم وخلق فنانين وفنانات أحيانا مما هو تحت العدم؟ولماذا كل هذا العناء يا عاصي "لهذا"؟"لهؤلاء"؟ألهذا ولهؤلاء أعطيت حتى الموت؟ألكي ينفجر دماغك ثم وطنك فعملك فكل شيء من حولك ويصبح غبارا ووحلا ؟
أسمعك من هناك .أسمعك تجيبني بأن ثورة الألم هذه تقول عكس ما تضمر ، فظاهرها كفر وحقيقتها قهر طاهر ..
دعنا من الطيبة الآن أيها الطفل الأكبر .لقد احترقت رؤوسنا وقلوبنا وبلادنا وأحلامنا ونحن نقول:معليش ،غدا يطلع الفجر،ولا بد من رحمة أخيرة .
أي رحمة هذه التي سوت بلدنا مسلخا ومشحرة وفرن جثث؟أي رحمة هي هذه التي جعلت من الشعب الذي أطلع عاصي الرحباني - عاصي الرحباني الذي بنى على صوت فيروز ولصوت فيروز أجمل عمارة شعرية-غنائية في العصر- جعلت من شعب عاصي وفيروز أشباحا هاربة من القتل .
لا احد يعرف خيبة أملك أكثر مني .ولعل أقسى ما في علاقتنا أنني لم أفهمك يوما كما بدأت أفهمك بعدما باعد بيننا القدر .كأنما البعاد ،أحيانا، هو شرط الدنو ،والفراق هو اللقاء الأمثل ,.
ألم تزل على كلامك ؟على"الليل والقنديل"؟و"جسر القمر"؟و"بياع الخواتم"؟و"فخر الدين"؟و"هالة والملك"؟و"جبال الصوان"؟على أغانيك؟ ساعدني !...قل ستعدّل فيها! قل أنك تراجعت عن الكثير!
لا تريد؟
حتى لا ينهار كل شيء؟
لقدانهار كل شيء يا عاصي .
وجودك بيننا ،ولو مريضا ومعطلا ،وجودك كان طمأنينة .
كان رسالة أمل باق ،ضوء خفيف .
بعدك الفراغ والإفلاس .
والبلد المباح لكل نهش .
ما أشقى الفنان وما أطهره !
تعطيه قليلا من الفرح والحب فيعطيك عالما من الجمال والسعادة .
ولا تدوم طمأنينته غير ليلة .وسرعان ما يندس التهديد ليأكل منه القلب والعصب والجملة واللحن .
وكل شيء يهدده .الحب والبغض،الصديق والعدو ،القريب والبعيد ، النجاح والفشل ،الطمانينة والخوف...كل شيء يهدده ،ولا شيء يريحه.
لقد كنت يا عاصي أكبر فنان في الشرق . كنت خالق أغنيات وخالق شخصيات وعوالم . ولم يستطع شيء ولا أحد أن يريحك . لأنك كنت شاهد حق وشهيد حلم .

http://www.marmarita.com/vb/attachme...1&d=1031543857
فيروز العائدة من القدس :
التف حولنا أطفال القدس العتيقة وقالوا :"دخيلك يا فيروز رجعي لنا فلسطين"

بيروت - أيلول 1965

منذ أسابيع عادت المطربة الكبيرة فيروز والأخوان رحباني من زيارة للقدس،
عادت وفي عينها دمعة وفي قلبها لوعة ،ذهبت إلى القدس لزيارة الأماكن المقدسة،للحج إلى تلك الربوع التي دعا فيها السيد المسيح إلى المحبة والتسامح والترفع عن المادة ،وصرخ بوجه اليهود:"اخرجوا من بيت أبي الذي جعلتموه مغارة ل اللصوص ".
روت فيروز انطباعاتها المؤلمة عن العذاب والمعاناة ،عن اليأس الذي يسيطر على الفلسطينيين الذين لم يعودوا يرجون أحدا إلا الله في إعادة الذين شردوا ظلما من ديارهم .عن الأطفال والنساء الذين ما إن رأوها تطوف في شوارع القدس العتيقة ،حتى عرفوها للتو ،فتحلقوا من حولها وناشدوها أن تخلصهم..أن تعيد إليهم بلادهم ..قائلين :"دخيلك يا ست فيروز .خلصينا..رجعي لنا بلادنا ،رجعي لنافلسطين،كل فلسطين ،ما إلنا غيرك يا فيروز .يئسنا من الجميع".
وهنا بكت فيروز وذرفت دمعة .وقدم لها أطفال القدس مزهرية،كهدية،حملتها معها إلى بيروت ،واعتبرتها اجمل هدية تلقتها.
هذه الحادثة فجرت شعرية منصور الرحباني ،الذي كتب قصيدة من وحي ما حصل ،وكما حصل .وأسمعنا إياها،قبل ان يكتمل تلحينها،حيث يتوقع أن يتم تسجيلها عما قريب.
تقول القصيدة التي تلاها منصور الرحباني بإلقاء رائع يجسد معانيها أصدق تمثيل :



مريت بالشوارع

شوارع القدس العتيقة

قدام الدكاكين

البقيت من فلسطين

نحكي سوا الخبرية

وعطيوني مزهرية

قالوالي هيدي هدية

من ناس ضايعين

ياصوتي ضلك طاير

زوبع بها الضماير

خبرهم ع اللي صاير

بلكي بيوعا الضمير



ودار حديث حول اليأس الذي يلف الفلسطينيين والغيارى على فلسطين من بؤس الأنظمة العربية التي قالت ،ومازالت تقول بأنها ستعيد فلسطين إلى أهلها..


زياد الكاوبوي



وقطع الحوار أصوات معركة بين أطفال مشاغبين ،ليس في القدس ،وإنما في ردهة منزل السيدة فيروز في أنطلياس .وسألنا :ما الخبر؟...فقالت فيروز :
هذا إبني زياد يقوّص (يطلق النار) من بندقيته الصغيرة ،على الأشقياء(إخوته) ..وأطل زياد بلباس رعاة البقر وبيده مسدس كبسون وعلى رأسه القبعة التكساسية وكأنه راندولف سكوت..وكان إلى جانب فيروز صورة لها مع طفل ،فسألناها عن ذلك الطفل الذي تلاعبه بالكرة،فقالت :إنه زياد إياه ،ولم يكن قد تجاوز السنة الأولى من عمره.وسمحت لنا بتصويرها.
بمراقبة ما يجري،وبسماع ما يروى،ونظره معلق في اللاشيء..لقد كان يدندن لحن القصيدة في سره .ويتوقع أن تولد اغنية تهز المشاعر ،وتهز الضمير،
إن بقي ثمة ضمير يهتز....



فيروز تلاعب زيـــاد ، وهو في حوالي السنة الأولى من عمره .

http://www.marmarita.com/vb/attachme...1&d=1031940328
الرحبانيون والمســـرح الشّـــامل يقول منصــور الرحباني : " انتماؤنا هو للمســـرح الغنائي الشّـــامل .. والتاريخ على المســـرح ليسَ مجرد حكاية "


أوّل عمل للأخوين رحباني كان بإسم " عرس في القرية " عام 1959 وقد اشترك الرحبانيون بقسم منه وتولى القسم الآخر زكي ناصيف وتوفيق الباشا ومحمد محسن .. وكان القسم الذي قدمه الرحبانيون عبارة عن قصة بعنوان " المحاكمة " تخللتها أغنيات منها ، "أنا وهالبير " لوديع الصافي ، و" مافي حدا .. لاتندهي " و " ياقمر أنا وياك " لفيروز ..


موســـم العـــزّ 1960

وكانت أول مســرحية من فصلين ،بطولة " صباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين وفيلمون وهبة "


البعلبكيـــة 1961


بعد أن شكلوا " الفرقة الشعبية اللبنانية "

جســـر القمـــر 1962

وفي عام 1962 عبر الرحبانيون على عملهما الجديد "جسر القمر" من قلعة بعلبك إلى معرض دمشق الدولي .وفي كل من مسرحيتي "موسم العز"و"جسر القمر"
كان الحب وحده هو المنقذ ..فالحب هو الذي أنقذ العروس في "موسم العز" من أن تذهب بلا عرس بعد أن يعجز "قبضايات"أهل العريس عن رفع "القيمة" ،وهو الشرط الذي يتوقف على تحقيقه إقامة العرس،فيتقدم"مرهج"الصيادالذي كان يحب العروس بصمت،ليرفع "القيمة" مع اهل العريس،وليجعل حبيبته تتمتع بالعرس ،ولو على حساب حرمانه وحسرته .كما أن الحب في"جسر القمر" كان الشرط الوحيد لإعادة البنت المرصودة إلى طبيعتها ،وهو الفعل الوحيد الذي بتحقيقه ينتهي الصراع الدائر بين الفريقين ،ويفتح بين الجميع باب الخير عن طريق العمل في الأرض التي كانت البنت المسحورة رمزا لها..



الليل والقنديل 1963




في هذه المسرحية أيضا كان الحب هو الذي كسر الشر الممثل ب"هولو"،قاطع الطريق الذي أحب "منتورة" ولأجلها قبل الهزيمة ،وبأن يعيد القنديل إلى الجبل ،ويغيب هو في العتمة ،على أمل أن يعود ذات يوم فيجد مصباح منتورة -فيروز- لا يزال مضاء..


بياع الخواتم 1964


تحولت هذه المسرحية المتميزة إلى فلم سينمائي وكليهما من بطولة فيروز
الحب في" بياع الخواتم" هو الذي جعل كذبة"راجح" تصير حقيقة،فإذا بالعدو الوهمي الذي اخترعه المختار"نصري شمس الدين" ليعزز مركزه ،يتبين انه إنسان من لحم ودم ،ولكن ليس الشرير،بل واسطة الحب بين فريقين ،وواسطة السلام للناس،والأمل الذي هو على موعد التجدد كل عام،ولهذا تناجيه فيروز في النهاية وتطلب إليه أن يأتيها بخاتم العرس في الموسم القادم.

دواليب الهوا 1965

من بطولة صباح ونصري شمس الدين قدماها في مهرجانات بعلبك..وفي السنة نفسها قدما "سهرةمع فيروز" في مهرجانات بيت الدين ..



أيام فخر الدين 1966


كان العرض عملا تاريخيا ونقلا أمينا..وقد لعبت فيروز في المسرحية دور إبنة أحد جنود الأمير فخر الدين،أما الأمير فلعب دوره نصري شمس الدين.
حاول الرحبانيون في هذه المسرحية الربط بين التاريخ والفن لخلق الحدث المسرحي،ولهذا جاءت المسرحية اكثر ميلا إلى التراجيديا،وهي مغامرة جديدة بالنسبة للمسرح الغنائي ساهم في إنجاحها الربط التاريخي ،والشعر،واللحن المميز،وصوت فيروز..وكان مشهد القسم في المسرحية من المشاهد المسرحية التاريخية المهيبة حيث يقف رجال فخر الدين ليقسموا يمين الولاءله، وللوطن،ويدعوا على من يخون أن يتحول إلى تينة عتيقة تلتهمها النار.


هالة والملك 1967

كانت مسرحية "هالة والملك" قصة خيالية تروي حكاية فتاة فقيرة،تبيع الأقنعة،وتأتي إلى مدينة "سيلينا" حيث يحتفل بعيد الوجه الثاني،ويتنكر الناس بوجوه ليست وجوههم .وينبىء عراف ملك سيلينا "داجور"-الذي يلعب شخصيته نصري شمس الدين-بأن أميرة ستاتي مقنعة إلى العيد وتتزوج من الملك.
وبين دهشة هالة-التي تلعب دورها فيروز-وتخلي والدها عنها للسعادة التي تنتظرها،تكتشف أن الحب ليس له بيت في سيلينا،فترفض الزواج من الملك،وتصارحه بالحقيقة،وتعترف له بانها لا تحبه،ولذلك فهي لن تخدعه كما يفعل الجميع،ثم تعود إلى بلدتها ..
في هذه المسرحية حملت فيروز "الدربكة"لأول مرة .


الـشــخص 1969

مسرحية استعراضية ،ناقدة،جارحة،ساخرة،أو كما سماها أحد النقاد"عريضة احتجاج" على وضع اجتماعي قائم ..بل هي"محرضة" على التغيير من خلال اللهجة الساخرة للعرض..



جبال الصوان 1969


تروي-على طريقة الرحبانيين- قضية الأرض المغتصبة ،قضية الأرض والإنسان .. قضية الحق والباطل..قضية المدينة المغتصبة،والدفاع عنها،والفداء في سبيلها حتى تموت"غربة"-فيروز على أبوابها .
"إذا كانت الأرض تتسع لكل البشر فهي لا تتسع للناس والظلم معا"..
قيل الكثير عن "جبال الصوان" .
قيل أنها تقول ما قاله السيد المسيح :"ما جئت لألقي سلاما بل سيفا"..
وقيل أنها موضوع الدفاع عن الأرض ،وانتفاضة الإنسان الثاني النائم في كل منا تحت شهوة الحكم والجاه والإستسلام ..

يعيش..يعيش 1970

يمكن اعتبار هذه المسرحية استمرارا متطورا لمسرحية "الشخص" من حيث السخرية الرفيعة والتعرية..فهي من المسرح الإنتقادي ،ولكنها لا تنحصر في إطار المجتمع اللبناني فحسب،بل تتعداه إلى العالم العربي ..فجو الإنقلابات التي يسودها،وما يرافقه من "تقاليد"أصبحت فولكلورية في الزمن المعاصر،هو الركيزة المعنوية التي تستند إليها المسرحية كمضمون .. أما الشكل ،فهو ملازم لهذا المضمون،منبثق منه ..



صح النوم 1971


تحكي هذه المسرحية قصة وال ينام كل الشهر في"قصر النوم" ثم يستيقظ يوما واحدا عند اكتمال القمر،ليختم معاملات الناس وطلباتهم المتراكمة،مع العلم أنه لا يختم إلا ثلاث معاملات يختارها على مزاجه..وهو حريص على خاتمه لأنه يرى فيه تمثيل الدولة والقصر والسلالة ،وشجرة الجوز القديمة التي قطعها جده الأول وبنى عليها القصر فأصبح الخشب ،خشب شجرة الجوز القديمة،هوالخاتم،وهو يتصف بالقدم،ولكونه نادرا ، يحرص عليه جيداويضعه في صندوق موصد،وعندما يستيقظ الوالي ويجيء إلى الساحة ليختم معاملات الناس ،تتقدم منه فتاة تدعى قرنفل"فيروز" تحمل معها معاملة تطلب فيها إصلاح سقف بيتها المتهدم،والمعاملة بحاجة إلى خاتم الوالي الذي يؤجلها عند عرضها إلى الشهر القادم ،ويحدث ان يفاجىء النعاس الوالي ،فينام في الساحة ،وتكون قرنفل قد اختبأت تحت الكرسي..وبعد أن تتأكد من نومه تسرق الخاتم وتختم معاملتها ،ثم تختم معاملات الناس ،ويبدأ العمل،وتصبح الدنيا عامرة ،ولكن قرنفل تحتار أين تخبىء الخاتم ،فترميه في بئر مهجورة،وعندما يستيقظ الوالي في الشهر التالي ،ويرى الدنيا قد عمرت،يعترف بأن الخاتم قد سرق،تقع الشبهة على قرنفل،الفتاة التي عمرت الدنيا ..
http://www.marmarita.com/vb/attachme...1&d=1033141490
ناس من ورق 1972

يقول عاصي في تعريفه للمسرحية :
الحزن كبير ،والأرض مسكونة بالكآبة .زولا وقت فيها للفرح..لهذا فالمسرحية تتحدث عن فرقة غنائية تقدم أناشيدها وألحانها وأغانيها فوق الغيم الأزرق،ويحدث أن يأتي رجل ما،من أتباع مرشح ما،للإنتخابات،ويقول لبطلة الفرقة أنه يتوجب على الفرقة الرحيل ،وبسرعة،لأن "البيك" سيقيم في ساحة المدينة حفلة خطابية،ولا يجوز في رأيه أن يكون أكثر من مسرحفي ساحة المدينة.
وتتطور بعد ذلك أحداث المسرحية في إطار الحديث والشعر والموسيقى والأغنية ،عن الحب والصمود ..واسترجاع التاريخ،تسترجع الأغنية أحداث التاريخ ،وصمود زنوبيا في وجه روما الرمز،وفي وجه أورليانوس فترفض الظلم وتعانق الإنتصار ..كما حاول الرحبانيون في هذه المسرحية اختصار كتاب "النبي" لجبران خليل جبران من خلال مشهد غنائي،كما تلعب فيروز أدوارا متباينة:فتاة بدوية،روح جبرانية،شهرزاد،زنوبيا .


ناطورة المفاتيح 1972

هذه المسرحية ثورة من داخل النظام ضد الظلم والتعسف..انقلاب أبيض يقوم به شعب مملكة"سيرا" ضد الملك "غيبون" الذي يفرض جوا ديكتاتوريا على شعبه
فيقرر الأهالي النزوح احتجاجا..وعلى الطريقة الساذجة التي تقول"الحكم يللي ما فيك تطيعو..ارحل وخليه".. تنزح الرعية هربا من الظلم وتترك الملك وحده"ملكا" على الأرض والحيطان والأشجار والظلام..
و"ناطورة المفاتيح" هي"زاد الخير"-فيروز-التي ترفض الإشتراك في هذا "الإنقلاب الأبيض" وترفض النزوح.زتتسلم مفاتيح المنازل من الأهالي وتبقى وحدها ناطورة المفاتيح ورعية الملك،وعندما يجد الملك نفسه معزولا "يؤاخذ نفسه" ويتراجع عن تدابيره التعسفية ،فيعود الناس إلى ديارهم ومملكتهم
وتعمر البلاد بالسهرات والليالي الملاح ..


المحطة 1973

وقفت فيها فيروز على المسرح لأول مرة بعد الحادث الصحي الذي وقع لعاصي تغني"سألوني الناس عنك يا حبيبي"من ألحان ابنها زياد ،وفي السنة نفسها قدم الرحبانيون وفيروز "قصيدة حب"في مهرجانات بعلبك.زكما قدمت"المحطة" على مسرح البيكاديللي في بيروت .
ومسرحية المحطة كتبها عاصي الرحباني قبل أن يفاجئه المرض ،وقد قرأت على نسخة بخط يده،وعلى الصفحة الأولى الجملة التي يقدم بها للمسرحية :
"الإنتظار خلق المحطة .. وشوق السفر جاب الترين ".


لــولــو 1974

مسرحية جديدة وطريفة،ومثلت فيها فيروز دورا صعبا ،لولو السويعاتية التي سجنت ظلما وخرجت من السجن لتنتقم ..ولكن هذه المسرحية ظلت دون المسرحيات التي قبلها والتي بعدها ..

ميس الريم 1975

في هذه المسرحية حكاية رومانسية جميلة وبسيطة ..حكاية زيون التي لديها محل لبيع الصحون،والتي تقصد قرية جدتها كحلون لحضور عرس هناك،فتتعطل السيارة في "ميس الريم" وتبدأ قصة جديدة ..

محطات ومنوعات غنائية 1976

في هذا العام كان للرحابنة محطات ومنوعات غنائية خارج بعلبك والبيكاديللي.في دمشق وعمان وبغداد ومصر ،نظرا لظروف الحرب التي مر بها لبنان،فقدموا منوعات لبنانية فولكلورية .


بترا 1977

قدمها الرحابنة في عمان ودمشق وتعتبر مسرحية تاريخية هامة ومن أضخم الأعمال المسرحية العربية
وكان السؤال المطروح حول سبب اختيار هذه المسرحية بالذات ،وقد أجاب منصور الرحباني على ذاك التساؤل
بدمشق قائلا :اخترناها لأنها تراجيديا إنسانية متميزة وغنية بأحداثها وأبعادها،ثم إنها شيء من تاريخنا ..ألا يكفي هذا سببا لاختيارها؟؟.
وفي العام 1978 قدم الرحابنة بترا في البيكاديللي ،وفي كازينو لبنان،بعد أن قدموها في دمشق وعمان.


المؤامرة مستمرة 1980

قدم الرحبانيون هذه المسرحية على مسرح كازينو لبنان،وفيها عروا الحرب اللبنانية على حقيقتها،وكان هذا العمل الأول الذي قدمه الرحابنة من دون فيروز،وقد أدت دور البطولة في هذا العمل رونزا..


الربيع السابع 1982

قدمت بدون فيروز أيضا،وهي ترمز إلى الأمل المتوقع أن يولد بعد المأساة في لبنان .


عن كتاب " الرحبانيون وفيروز " لجان ألكسان... بتصرّف لقاء مع الفنان منصور الرحباني . مجلة الكفاح العربي بتاريخ 28/9/1992



عبر مسيرتهم الموسيقية والغنائية قام ( الأخوين رحباني ) بمهمة عملاقة لجهة تجديد الموسيقى العربية وتغذيتها بروح العصر دون أن يغرقو في التّغريب ,أو يتخلّو عن الموروث الموسيقي والغنائي
فمعهما كفّ الفلكلور الشعبي على أن يكون مجرّد تكرار تتوارثه الأجيال ,فقد عدا إلى إنضاج هذا الفلكلور واختبار مكاناته وتطويعه ليجاري لغة العصر .
كذلك الحال بالنسبة للموسيقى ., فقد استطاع الأخوين رحباني أن يقرنا مرحلة موسيقية بتوقيعهما .
ويمكن القول في هذا السّياق أن أي حديث عن الموسيقى العربية الحديثة يظل ناقصاً مالم يأت هذا الحديث على ذكر الأخوين رحباني

يقول منصور الرحباني : عندما بدأنا العمل الموسيقي ( الأخوين رحباني ) حاولنا أن نعبّر عن أنفسنا وأفكارنا فجاء ذلك جديداً بمعنى ما , جاءت موسيقانا رحبانية لاشرقيّة ولا غربيّة , والإنسان المبدع هو القادر على الإبداع وتجاوز السائد . ونحن لم نأت إلى الموسيقى من الموهبة فقط , فلقد أدركنا منذ البداية أهميّة العلم الموسيقي ولهذا درسنا الموسيقى الشرقية على يد الأبّ ( بولس الأشقر ) مايزيد على (6) سنوات , فقد وضع تحت تصرفنا العديد من مراجع الموسيقى العربية نادرة الوجود , وكذلك درسنا علم التأليف الغربي لمدة (9) سنوات , وهذا ساعدنا على تكوين وبلورة شخصيتنا الموسيقية , وبعد ذلك سرعانما أدركنا أهميّة تاليف موسيقى ذات طابع قومي , لأنه إذا لم يكن الانسان أبن ارضه لايستطيع أن يصل إلى العالميّة , فمن المحدود يجب أن تنطلق إلى اللا محدود .
وأضيف هنا أن عواطف الناس تتشابه لذلك كـنّـا في كل ما كتبناه من موسيقى وغناء ومسرح غنائي نستلهم روح شعبنا وتراثنا , بالإضافة إلى الإفادة من كل الحضارات .

العرب سبّاقون :
000000000

صحيح ان الموسيقى الغربيّة غنيّة بمقاماتها لكنها مثل غابة بكر لم تخضع للفلاحة والغرس لذلك فإن هؤلاء الموسيقيون يستعملون تقنية التأليف ( الهارموني ) و ( الكونتربوان ) وهذا جديد بالنسبة للتطور الموسيقي العالمي . فأربعمائة سنة قليلة في عمر الزّمان , والمدقّقون في الموسيقى العربية ( الكندي ) على سبيل المثال لا الحصر , يلاحظون بدية وجود تنوّع وتعداد صوتي عند العرب, وقد قرأت ذلك من خلال اصطلاحات تمّ نقلها إلى " نوتة" لذلك , وإيماناً بشرعيّة الانتقال إلى العالميّة , كان لابد من الإنتقال إلى " النوتة" التي لم يعرفها العرب في السّابق .
وإذا لم نتمكّن نحن اليوم ,كما العرب القدماء من معالجتها بطريقة ما فهذا يؤدي إلى انقطاع تطوّرها .
وربما يفعل الغزوات المتعددة التي تعرضت لها الامّة العربية وأدّت من جملة ما أدّت إلى تدمير حضارتها كما فعل المغول , كل هذا أدّى إلى انقطاع التواصل العلمي بين العرب كما كان يحدث في زمن العبّاسيين والحضارة الأندلسيّة , حيث وصل الإبداع العربي إلى أرقى المحطّات في كل المجالات العلميّة والفنيّة وبفعل هذا الغزو العسكري تارة والسياسي تارة أخرى , كان لابد للعرب من إعادة التّجربة والعودة إلى البداية , وكان يمكن لولا هذه الضغوطات التاريخيّة التي ووجه بها العرب وبقساوة . أن نسبق الغرب , أو على الأقل تحقيق ماتوصّل إليه من العلم الموسيقي .
وهنا لتبسيط الأمور أقول أن القاعدة هي ما اتفق عليه الذوق الأدبي والثقافي والفنّي العام , كما يقال , الفاعل مرفوع أجمل من أن يكون منصوباً .....هكذا بدأ وضع القاعدة سمعياً وذوقيّاً وقد أخذ ذلك ردحاً من الزّمن حتى تكتمل التّجربة . فالقاعدة هي خلاصة الذوق الجمالي وتندرج في هذا المفهوم القواعد الموسيقية الأوروبية أو مايسمى علم التأليف الذي صار مع توالي الأجيال ملك الأنسانية ., ومن حقّ العرب أن يطرقو هذا الباب لتطوير موسيقاهم و شرط الاحتفاظ بالشخصيّة العربية و المهم أن يحافظ الانسان على أصالته حتى لايتحول إلى نسخة طبق الأصل عن الغير , كل الآلات متشابهة , وتعبّر شرقيّاً وغربيّاً ومجرّد السّماع لهذه المقطوعة أو تلك يمكنك تأصيلها غلى موسيقى ألمانية أو روسيّة أو لبنانيّة أو مصريّة .
وهناك أيضاً " اللفتة " الموسيقية كأن تسمع مثلاً ( زوروني كل سنة مرّة ) فتتأكّد أنّها لحن " عجمي " أو مايسمّونه في أوروبا " ماجور " انما " لفتة " الجملة عجمية مئة بالمئة لذلك لايجوز محو الشّخصيّة الفنية كرمى لعين التطور , ومن هنا يجب على المؤلفين الموسيقيين تنمية شخصيتهم المحلية بهدف خلق التنوع الانساني والحضاري

الموسيقى العالمية مصطلح يوضح أن اللغة الموسيقية لغة مفهومة عالمياً , السمفونيات مثلاً لغة عالمية , أما مانسمعه من موسيقى اليوم فهي على حلاوتها لاتنتمي إلى الموسيقى الخالدة , وماذُكر عن حضارات موسيقية عربية / شرقية وحضارة أوروبية/غربية , هذه الحضارات تزاوجت بفعل وسائل الإعلام .
وتعميم العلم الموسيقي في الدول العربية قد أوجد بعض الفرق السيمفونية في القاهرة والأردن وسلطنة عمان والعراق وتضمّ مجموعات من خيرة العازفين والمطلوب أن يعبّر التأليف الموسيقي عن حضارته بالوسائل نفسها والآلات ذاتها التي تحمل هذه الحضارة .
أما عن فهمنا للموسيقى الكلاسيكية أو غيرها من الفنون فإن أي فن يحتاج إلى تعليم , لأن الفنّ المشغول يتطلّب وعياً وإدراكاً وتعباً على عكس الفنون الشفهية الشعبية .
ولهذا السبب نرى أن الفلكلور على تنوعه هو الأكثر رواجاً بين الجماهير .
للحديث بقيه


ليمار 22 - 2 - 2010 11:55 AM

آه يافيروز
فيروز .. و الرحابنة ..
لا أستطيع أن أتجاهل موضوعا حميما إلى هذه الدرجة .
يخصني إلى هذه الدرجة ..
فيروز ..
الصوت الذي فتحنا عليه أعيننا
و منه تعلمنا الحب .. حب الوطن .. حب الناس .. حب الحبيب .. و حب الله .
لا أعرف نفسي قبلها ، قد وعيتها عندما وعيت ذاتي
رافقت أيامي كلها حتى لكأنها عايشتها
و تؤرقني فكرة أنها لا تعرفني
كيف يؤثر فيك شخص لا يعرفك كل هذا التأثير ..

منذ يومين قالت لي ابنتي
" صار لي كام يوم ما سمعت فيروز ..أشعر بأنني خائنة حين يمر علي وقت لا أسمعها فيه "
أولادي الثلاثة .. كأمهم .. وعوا ذاتهم .. معها .

تذكرت مشاركة قديمة لي في المنتدى الذي إليه أنتمي تحدثت فيها عن فيروز
نقلتها لكم .. تحية مني إليها .. و إليكم

يا طير يا طاير على طراف الدني
لو فيك تحكي للحبايب شو بني

يا طير و آخد معك لون الشجر
ما عاد في إلا النّطرة و الضجر
بنطر بعين الشمس ع برد الحجر
و ملبّكة .. و إيد الفراق تهدني
يا طير

--------------------------------------

ملبّكة .. و إيد الفراق تهدني ..

و تعن ع بالي ليالي الولدنة ..

هذه أنا .

أعتقد ، بأن هذه الأغنية تشكل أحد أحجار الأساس في نفسي .
و لو لم تكن قد طرّزت سمائي يوما لما كنت أنا أنا .
كنت سأكون أخرى .
فيروز .. و معها أغنياتها و صوتها ..
قد تشابكت مع أغصاني
و تغلغلت مع نسيج نفسي .
و حاكت بإبرتها و أساورها ذكرياتي كلها ..

في طفولتي ، جمعتني الظروف مع فيروز مرة واحدة .
فوجئت يومها بقصر قامتها ..
أنظر إليها و لا أصدق عيناي ، أهي من تقول :
أتمرجح بقلبك
و قل لك أنا بحبك ..
قطّف نجوم و قطّف
و أزرعهن بدربك
وقل لك أنا بحبك ..أنا بحبك ..

و هي من تقطف له زهرة حمرا و بس :
بقطف لك بس هالمرة
هالمرة بس ع بكرة
ع بكرة بس شي زهرة
شي زهرة حمرا و بس ..

و هي من تقول :
فايق علي ؟
نحن اللي كنا بهاك العلية
و كنا نلعب بالقناطر وقت الشتوية

و هي التي تقول :
تعا و لا تجي
و اكذب علي
الكذبة مش خطية
اوعدني أنو رح تجي
و تعا و لا تجي

هي من كانت أغنياتها أول ما وعيت في الدنيا ..
هي الماشية في شوارع القدس العتيقة
زهرة ..زهرة المدائن ..
أغنيها في مسرح مرتجل أخترعه في بيت جدتي
و أرخي ورائي الستائر بعد أنهي الأغنية بوعد قاطع بسلام القدس
الآتي ..
للقدس سلام آتٍ ..
آتٍ ..آتٍ .. آتٍ .
تدهشني الآن و أنا ألتفت إلى تلك الصغيرة شدة إيمانها بما تقول .
لم أكن أردد كلمات الأغنية كببغاء ، كنت أفهمها و أغنيها و أنا ..أعنيها ..

أذكرها تقف أمامي ، كما لو كانت الذكرى طازجة
ضحكتها شعاع .. تحمل أختي بين ذراعيها و تغمرها بالقبلات ..
تتغزل في جمالها و تنظر إلىخضرة و اتساع عينيها بشغف ..
صوتها الفريد حين تحكي ، غريب ، لكنه عفوي و حنون ..
لا زالت أختي حتى الآن تتفاخر علينا بهذه الذكرى ،
غريب كيف احتفظت بها ذاكرتها و لم تكن تتجاوز الثالثة من عمرها حينها .

كانت تنزل كل عام لتقيم حفلات معرض دمشق الدولي ،
و تقيم في فندق قريب من بيتنا .
بقيت أذكرها كلما مررت من أمامه حتى توقفت عن المرور ..
و بقيت رائحة الصنوبر تتعشق الشارع متغلبة على رائحة الشاورما و الدخان المنبعث من صالة السينما القريبة .

و كلما :
يا شام عاد الصيف متئدا ….و عاد بـ " فيروز " الجناح ..
عاد المعرض ..
و عادت فيروز ..تقول للشام :
شام يا ذا السيف لم يغب ……… يا زمـان المجـد في الكتب
قبلك التاريخ في ظلمة ………… بعدك استولىعلى الشهب
تفتحت قصيدة و لم يبق سوى رفعها إلى السماء .
إحدى صديقات أمي كانت شاعرة . تزرع كل صيف في يد فيروز قصائد شعر تنظمها فيها .
لا أذكر بأعوامي الثمانية من ذلك الشعر إلا انبهاري بروعته .
و أن تلك الصديقة المتشحة أبدا بالسواد قد شبهت صوت فيروز
بمزامير داود ..

و كانت في كل عام ، بعد أن تنهي كتابة الشعر تتوجه إلى الفندق
تقابل فيروز ،
تتوجها بالشعر
تتبادلان الكلام و القبلات و الضحكات ..و بس .
تعود المرأة إلى البيت ،رغم إلحاح فيروز عليها بقبول دعوتها لمرة لحضور حفلة من حفلاتها
و كانت المرأة ترفض لأنها في فترة حداد استمرت دهرا على أخ لها مات شابا .
و كنت أستغرب ، هل في سماع فيروز ما يتعارض مع الحداد ؟

جارة القمر ، كانت في كل عام جارتنا لأيام ..
تقيم خلف تلالنا ،تطلع من قبالنا .. تزرع الألحان .
تسطع كشهاب يمر و يختفي بسرعة قبل أن نصحو من دهشتنا لمروره ..
و عودته ، كمعجزة نشهد تكررها المستحيل .

فيروز و الشام ، أمران وعيتهما قبل أن أعي ذاتي .
أمران شكلا ذاتي ..
و مازالا يشكلانها .
لملمت ذكرى لقاء الامس بالهدب*****ورحت احضنها في الخافق التعب
ايد تلوح من غيب وتغمرني ****** بالدفءوالضوء , بالاقمار والشهب
ما للعصافير تدنو , ثم تسالني ***** اهملت شعرك , راحت عقدة القصب
رفوفها وبريق في تلفتها ***** تثير بي نحوها بعض من التعب
حيرى انا , ياانا والعين شاردة ***** ابكي , واضحك في سري بلا سبب
اهواه ؟ من قال ؟ اني ما ابتسمت له ***** دنا ,فعانقني شوق الى الهرب
نسيت من يده ان استرد يدي ***** طال السلام وطالت رفة الهدب
حيرى انا , ياانا , انهد متعبة ***** خلف الستائر في اعياء مرتقب
اهو الهوى ؟؟ ياهلا ان كان زائرنا ***** ياعطر خيم على الشباك وانسكب

*************
شعر رقيق للشاعران الموسيقيان المبدعان الرائعان الاخوان عاصي ومنصور الرحباني



لقد أدخل الرحابنة الألحان الغربية المعتمدة على الهارموني في موسيقاهم كما أخذوا الموسيقى الشرقية إلى مسارين هامين
أولا
من الناحية الآلية اتجهوا لتأليف صروح موسيقية تستند على القواعد العالمية للتأليف مع الاحتفاظ بالطابع الشرقي ووزعوا الأنغام العربية ذات ربع الصوت وهذا عمل فني لم يسبق لسواهم من الفنانين الموسيقيين أن قام بتنفيذه
ثانيا
أما المسار الثاني فقد قاموا بإحياء المسرح الغنائي العربي بإيجاد نوع من الأوبريت تتفاعل مع الإحساس العربي وتتلاءم مع مقتضيات العصر هذا على الصعيد الموسيقي أما على الصعيد الشعري فقد تميزت الكلمة عند الرحابنة بعفويتها وقد استطاعوا بمهارة تصعيد هذه العفوية في المشاعر الفطرية إلى مصاف راقية وخرجت أشعارهم على أوزان الشعر المألوفة كما أن المعاني التي تضمنتها تلك الأشعار قد كسرت الأطر المحددة الكلاسيكية تكسيرا شعاعيا إن جاز لنا هذا التعبير وهكذا انبثقت الكلمة حزمة من نور يشع مفاهيم جديدة سامية وباقة من عطر انطلقت من فوهة التمرد على العادي المطروق والمعهود المألوف فدخلت الكلمة عوالم تأملية تلامس عمق الحس الإنساني وتخترق حدود النفس وأغوارها فتصل اللب ببساطة متناهية بلغت حد الإعجاز
أما اللحن فيأتي ثوبا رائعا مناسبا وقامة ألحان الرحابنة كانت تقاس على صوت فيروز فهو المعيار الذي لحن عاصي ومنصور على أساسه إنهما يقيسان ويفصلان فيجيدان ويبرعان وفيروز تطلق هذه اللوحة الفنية الرائعة بعد اكتمال حلتها البهية لذا كانت مدرسة الرحابنة الرائدة الأولى في العصر الحديث بلا منازع فقد اكتملت فيها الدعائم الثلاثة للطرب ألا وهي الكلمة واللحن والأداء ومن أسرة الرحابنة لمع إلياس الرحباني فكان ملحنا بارعا غنى له كبار المطربين وكذلك كان زياد الرحباني ثمرة عاصي وفيروز مبدعا حالما حاول أن ينسج لونا موسيقياً وألحانا جديدة ويبدو تأثره الواضح بموسيقى الجاز الغربية

أعلام الموسيقى
هل تمكن قراءة المسرح الرحباني نصاً في كتاب؟
عبده وازن الحياة 2003/07/3


قراءة المسرحيات الرحبانية مطبوعة في كتب لا تستطيع أن تلغي من ذاكرة القارئ الجو الموسيقي والغنائي الرحباني البديع ولا أن تطوي صوت فيروز أو نصري شمس الدين أو فيلمون وهبي وسواهم. يشعر قارئ المسرحيات أن الموسيقى والأغنيات والحوارات الملحنة تسبق الكلمات الى ذاكرته فيستعيد الشخصيات الرحبانية من خلال أصواتها. فالمسرح الرحباني، بصفته مسرحاً غنائياً وموسيقياً، يصعب أسره في كتب وتحويله نصوصاً مقروءة. والرحبانيان كتبا أعمالهما لتقدّم على الخشبة ببعدها الاستعراضي وليس لتقرأ، على رغم ما تتسم به من عمق وجداني وميتافيزيقي ووعي اجتماعي أو سياسي، إلا أن صدور "الأعمال المسرحية الكاملة" للأخوين رحباني تباعاً في كتب منفصلة عن دار "ديناميك غرافيك" (في إشراف الشاعر هنري زغيب) قد يفرد لها حيزاً كبيراً في المكتبة التراثية اللبنانية ويضعها الى جانب الأعمال الأدبية والفنية التي صنعت التراث الشفوي والغنائي للبنان. ويتيح هذا الصدور أمام الفرق البلدية والقروية التي تعيد تقديم الأعمال الرحبانية (ومعظمها من الهواة) اعتماد النصوص المطبوعة لا المسجلة. أما الجمهور الرحباني الكبير الذي اعتاد مشاهدة الأعمال أو الاستماع إليها عبر الإذاعات والتسجيلات فلن يجد في الكتب ما يشفي غليله. فالمسرح الرحباني أولاً وأخيراً هو مسرح غنائي وموسيقي لا تنفصل فيه الكلمة لحظة عن اللحن ولا عن الصوت وإن كان صوت ممثل في أحيان.

ستة نصوص مسرحية هي أول الغيث: بياع الخواتم، جسر القمر، جبال الصوان، يعيش يعيش، الليل والقنديل والمحطة... أما البقية فتصدر لاحقاً، الى أن تلتئم كلها في علبة كرتون واحدة هي علبة الذكريات الرحبانية...

تصعب قراءة المسرحيات الرحبانية كنصوص مطبوعة وبعيداً من نسيجها الموسيقي والغنائي الذي برع الأخوان في حبكه. بعض الحوارات تفقد بريقها إن هي قرئت فقط ولم تُسمع عبر أصوات الممثلين الذين كان الرحبانيان يكتبان لهم في أحيان كثيرة ويخصّانهم بما يناسبهم. أما الأغنيات الفيروزية فتستحيل لدى قراءتها قصائد رحبانية جميلة لا يكتمل أثرها إلا عبر صوت مطربتنا الكبيرة. عند كل مقطع يتذكر القارئ: هنا برع فيلمون وهبي في أدائه، هنا رقّ صوت نصري شمس الدين، هنا ارتفع صوت إيلي شويري أو انطوان كرباج أو وليم حسواني أو هدى... كأن مسرحيات الأخوين غابة تصطخب فيها الأصوات والألحان والكلمات وليست مجرد نصوص تقرأ وتوضع على الرف. ولذا عرفت نجاحاً إذاعياً كبيراً إضافة الى نجاحها المسرحي. فالأخوان جاءا المسرح أصلاً من الموسيقى والأغنية بعد أن وجدا في العمل الغنائي مساحة واسعة لإنجاز مشروعهما الموسيقي والغنائي الكبير. لكن الشغف الموسيقي لم يعن يوماً أن الشعر يأتي في الدرجة الثانية. الأخوان شاعران في موسيقاهما وألحانهما مثلما هما شاعران في نصوصهما الدرامية وأغانيهما. وقد التحمت القصائد والموسيقى في أعمالهما التحاماً جوهرياً حتى بات يستحيل الفصل بين القصيدة وموسيقاها أو لحنها. ولعل استمرار الخلاف على تسمية المسرح الرحباني أو تصنيفه بين المغناة والأوبريت والمسرح الغنائي والاستعراضي يدل على استحالة حصره في نوع مسرحيّ أو تحديده كمسرح جاهز وثابت. علاوة على احتوائه على معظم التيارات المسرحية وإن في طريقة عفوية وغير منهجية: كالتيار الواقعي والرمزي والسياسي والشعبي وحتى العبثي... المسرح الرحباني هو أقرب الى المسرح الشامل والحرّ والمشرع على سائر الأنواع المسرحية: مسرح غنائي وموسيقي واستعراضي، مسرح مأسوي وكوميدي، مسرح قضايا وأفكار ومواقف... وهو أيضاً مسرح ذو بناء درامي ومشهدي وشخصياته متنوعة ومتعددة وإن بدت في أحيان كثيرة تتكلم لغة الأخوين المشبعة شعراً وحنيناً وسخرية... فاللغة الرحبانية هذه تطغى على القصائد والحوارات من شدة قوتها وشفافيتها وجمالها. وهي لغة رحبانية صرفة بخصوصيتها المحلية وإيقاعها العذب وشعريتها الراقية!

لا تنفصل درامية المسرح الرحباني عن غنائيته، شعراً وموسيقى، ومعظم الذين حاولوا إعادة تقديمه بدوا كأنهم يقلّدونه إذ يستحيل تخطّي خصوصيته الرحبانية، وتجاوز صيغته الشاملة التي رسّخها حضور فيروز والوجوه الأخرى. حتى مسرحية "الشخص" بدت، عندما قدمت في المسرح المصري، نسخة مشوهة عن الأصل الرحباني. ولو أعاد منصور نفسه اليوم تقديم أعمال الأخوين لبدا أنه يقلّد أعمالهما. هكذا مثلاً فشلت المحاولات الكثيرة لإعادة تقديم الأعمال القديمة حتى مع فيروز نفسها وغدت أشبه بالإشاعات. وهكذا أيضاً راح منصور يكتب نصوصاً مسرحية أخرى منفتحاً على المفهوم الاستعراضي الحديث أو الميوزيكال. لكن هذه الخصوصية لا تعني أن المسرح الرحباني هو مسرح محلّي أو "بلدي" أو هو ابن لحظته التاريخية. بل على العكس، فالقضايا التي يطرحها هذا المسرح والمواقف التي يعلنها تخاطب الإنسان أياً يكن وحيثما يكن، عطفاً على موسيقاه العالمية وشعريته الراقية.

وإن كان إصدار الأعمال المسرحية الرحبانية في كتب يلبّي حاجة النقاد والباحثين والطلاب والفرق المسرحية، فهو لن يغني الجمهور الرحباني الكبير عن العودة الى التسجيلات القديمة والحديثة، ولن يلغي من ذاكرة هذا الجمهور الألحان الساحرة والأصوات الفريدة، وفي طليعتها صوت فيروز. وكان في الإمكان ضم النصوص المطبوعة الى الاسطوانات على غرار ما تفعل المؤسسات الكبيرة في العالم. فيترافق النصّ والتسجيل ويكمّل واحدهما الآخر.

دور الرحبانيين وفيروز والسينما والسياحة في نهضة الفنون الفولكلورية


"النهار"


الاحد 27 تموز 2003
محمد أبي سمرا




منصور الرحباني، فيلمون وهبي، بديعة مصابني، محمد عبد الوهاب، فيروز، فريد الأرش، عاصي الرحباني ونجيب حنكش في شتورا الستينات.




- 1 -


يصعب الفصل بين ما وصلت اليه صناعة العروض الفولكلورية، الغنائية والاستعراضية الراقصة، من ازدهار ورواج في لبنان الستينات والنصف الاول من السبعينات، والدور الذي لعبه المسرح الغنائي الرحباني - الفيروزي في تلك الحقبة. فصوت فيروز وأغانيها وأدوارها التي صنعها لها الاخوان رحباني، وانطلقت في الاذاعات منذ مطلع الخمسينات، وفي المهرجانات الفولكلورية منذ ،1957 وفي عروض البيكاديللي الشتوية منذ ،1967 كانت النوابض او الرافعة التي حملت صناعة العروض الفولكلورية الى أوج ازدهارها، وجعلتها فناً جديداً رائجاً ومطلوباً ومحتفى به لدى فئات لبنانية وغير لبنانية، متباينة المنابت الاجتماعية والثقافية، وتطغى عليها الاجيال الشابة. وبدون الاطلالة الفيروزية الرحبانية، ودورها المحوري في إنهاض الاغنية اللبنانية في حلتها الشعرية الجديدة في العامية اللبنانية، وبعثها واستجابتها ميولا وأهواء وذوقاً ومخاطبة جديدة، لما كُتب لتلك الاغنية ولعروض الفن الفولكلوري ان تنهض نهضتها غير المسبوقة، وتشق لنفسها مكاناً في صدارة المشهد الثقافي والفني اللبناني، والعربي تالياً، في تلك الحقبة.


- 2 -


لبيان ما تمثله "المؤسسة الرحبانية - الفيروزية" في المشهد الثقافي والفني اللبناني آنذاك، نختار أن نتوقف في محطتين اثنتين من مسار تلك المؤسسة، متتبعين شذرات من الاحتفال الصحافي الذي حف بعرض "ناس من ورق" في معرض دمشق الدولي صيف ،1971 وبحادثة إصابة عاصي الرحباني بجلطة دماغية في أيلول .1972


فغداة سفر الفريق الفني العامل في "ناس من ورق" (نحو 70 شخص) الى الولايات المتحدة الاميركية، للقيام بجولة فنية طويلة هناك، بعد العروض الدمشقية، نقلت بعض الصحف اللبنانية عن الرئيس الاميركي، ريتشارد نيكسون، قوله إن "أميركا تسافر الى فيروز" ترحيباً بـ"سفيرة لبنان الى النجوم". وصوت فيروز، بحسب المتابعات الصحافية نفسها، يشكل "ارتباطنا بالرقي"، و"شراعنا المعاصر الذي يشق لنا البحار لنفتتح الدنيا"، بعدما "غزاها"، من قبل، جبران خليل جبران الذي قدم الرحبانيان وفيروز "تابلو النبي" من شعره في عروضهم الاميركية، بعدما كان هذا "التابلو" قُدم في مهرجانات الارز صيف .1969


وتعود ضخامة عدد الفريق الفني العامل في "ناس من ورق" الذي قُدم في البيكاديللي شتاء ،1972 بعد الجولة الاميركية، الى مشاركة "فرقة كركلا" للمرة الاولى في الاعمال الرحبانية الفيروزية. والحق أن "ناس من ورق" جرى بناؤها "المسرحي" على الغناء الفيروزي الرحباني، وعلى الاحتفال بالاطلالة الاستعراضية الجديدة للفرقة الراقصة التي أنشأها عبد الحليم كركلا، واستقل بها وجعلها أكثر احترافاً في فن الاستعراض الراقص الذي ظل على حاله تقريباً منذ إطلالاته الاستعراضية المشهدية الاولى في النصف الثاني من الخمسينات، وحتى أواخر الستينات، مع "الفرقة الشعبية اللبنانية" المرافقة للعروض الرحبانية الفيروزية، وغيرها من الفرق الفولكلورية الاخرى.


ومن مظاهر الاحتفال المتواصل بفيروز و"الفن الرحباني" وتصدرهما مشهد الحياة الثقافية اللبنانية مطلع السبعينات، ان كاتبة صحافية لبنانية، خصصت معظم مقالة لها لمديح فيروز وصوتها في سياق تعليقها على معرض رسم في مطعم "السان بيكو" على شاطىء الاوزاعي - حينما كان ما يزال شاطئاً بعد - وذلك لأن صوت فيروز كان يصدح في أغنية "يا طير" من شريط كاسيت في صالة المطعم الذي استضاف المعرض. ثم إن كاتبة صحافية أخرى، جعلت من تعليقها على كتاب جديد، لكاتبة اميركية، في عنوان "كيف تصبحين المرأة المثيرة"، مشجباً لمديح المغنية اللبنانية الاولى، فذكرت ان "فيروز في غنجة واحدة من غنجاتها، تستطيع ان تعلم الكاتبة الاميركية كيف تصبح المرأة المثيرة". وفي مناسبة عيد الشجرة من ذلك العام نفسه، جرى احتفال بزرع أرزتين في ملعب مدرسة في بحمدون، تقديراً لكل من فيروز وسعيد عقل الذي منح جائزته السنوية آنذاك للفنان صبري الشريف، لأنه "أعد" لرحلة الرحبانيين وفيروز الى اميركا، "ومهد (لها) ورعاها". وحين راحت بعض التكهنات الصحافية اللبنانية تروّج لنيل شاعر لبناني جائزة نوبل للأداب في ذلك العام، ذكرت أن مساهمة الشاعر سعيد عقل في نهضة "الفن الرحباني - الفيروزي" من العوامل في استحقاقه الجائزة الادبية الاولى في العالم.


أما حين خيّم شبح الموت على عاصي الرحباني، بعد أصابته بجلطة دماغية صاعقة في يوم من أيام ايلول 1972 الاخيرة، فقد استبدلت الصحافة اللبنانية "الهذيان الصوفي الجماهيري" الذي أصاب القاهرة أثناء تشييع كل من أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الاطرش الى مثواهم الاخيرو بـ"هذيان ابتهالي" لخلاص الذي "منذ عشرين سنة يعطي بلادنا الخير والعافية". ومن هذه الابتهالات الصحافية نقتطف دعوة "آخر قديس في آخر مزار، ليشفع" لعاصي الرحباني، وينجيه من الموت. لأنه وأخيه منصور الرحباني "الوسام (الذي) يحمله العربي الخارج من صحرائه الى العالم". ولأن الأخوين رحباني هما اللذين منحا "العافية للحضارة العربية السقيمة الآسنة"، ولأنهما يجسدان رموز الطوبى اللبنانية: "القلم والمعول والأرض والسنابل، وفنهما العظيم ترجيح لحزن الاطفال وقهر المضطهدين وأحلام المشردين، ولحكايات العشاق في الشرق القديم، ولعزاء الفلاحين الذين يروون الارض بدمائهم والرعيان الذين يطعمون البشر".


- 3 -


لكن الاقلام الصحافية اللبنانية تأخرت قليلا في تجاوزها الاكتفاء بمديح "عظمة" صوت فيروز و"عبقرية" الاخوين رحباني في تحويل المسرح الغنائي الاستعراضي "قيمة ثقافية" أساسية في لبنان. فمع عروض "ناطورة المفاتيح" في بعلبك ومعرض دمشق الدولي صيف ،1972 راحت المتابعات الصحافية لهذا العمل، تركز على دور تصميم الازياء (جان بيار دوليفر)، والديكور (رفيق شرف)، و"الرقص التعبيري"، في تجديد المسرح الغنائي. فالرقص التعبيري "خفف" العرض من جمود "الدبكة" بفضل "فرقة كركلا" التي "ملأت النقص الذي كانت تشكو منه" الاعمال الرحبانية ما قبل "ناس من ورق".


وقد يبرز ما لهذه العناصر الجديدة من قيمة وتطلب لدى جمهور المشاهدين اللبنانيين، في مرآة جمهور المشاهدين السوريين. فـ"الجمهور السوري" في عروض "ناطورة المفاتيح" في معرض دمشق الدولي، لم "يهتم بالموسيقى ولا بالقصة ولا بالرقص ولا بالحوار ولا بالازياء" قياسا باهتمامه بفيروز وحدها، بحسب احد التعليقات الصحافية. ويؤكد ذلك التطلب لدى الجمهور اللبناني على حاجته الى عناصر استعراضية، مشهدية وبصرية، اي صناعية ومحدثة، ترفع من قيمة صوت فيروز واغانيها لدى هذا الجمهور الذي - على خلاف الجمهور السوري - لم يعد تذوقه المسرح الغنائي وتطلبه عروضه يقتصران على حاسة السمع، بل تعددياها الى إعمال حاسة البصر التي تشكل العنصر الحاسم في تلقي الفنون المشهدية الاستعراضية، رغم ما لصوت فيروز من اهمية قصوى وحاسمة ايضا في ذلك التلقي.


وتشير التعليقات الصحافية في تلك الحقبة الى تكاثر العروض الفولكلورية الاستعراضية في المناطق اللبنانية، وانتشارها بوصفها ثقافة ترفيهية رائجة. ففي اثناء عروض "ناطورة المفاتيح" كانت فرق مدرسية واخرى تابعة لنوادي ثقافية ورياضية في كثير من المناطق اللبنانية، تقدم عروضا لأعمال الاخوين رحباني وفيروز القديمة. فمن مرجعيون الى حمانا، ومن بيت شباب الى حبوش الى بتغرين، ومن دوما الى بعبدا، ومن المتين الى ملتقى النهرين الى فرن الشباك... كانت فرق محلية شبابية صغيرة تؤدي الاعمال الرحبانية - الفيروزية وغيرها من الاعمال الفولكلورية، في مواسـم الصـيـف ابـتـداء مـن الـنـصـف الـثـانـي مـن الستينات.


وبينما رأت تعليقات صحافية ان تفشي هذه الظاهرة "ينشر المهرجانات الفولكلورية في المحافظات على اختلافها، وصولا الى الجنوب الذي كان بعيدا عن اجوائها"، رأت تعليقات اخرى ان هذا الانتشار الكثيف (اكثر من 50 عرض محلي في اواسط صيف 1972 وحده) "يـبـتـذل المهرجانات الفولكورية، ويحولها دكاكين".


-4-


وتتصل نهضة الفنون الفولكلورية اللبنانية، وتحولها موضة دارجة ووجهاً من وجوه ثقافة الترفيه في الستينات والسبعينات، اتصالا وثيقا ومتزامنا بشيوع صورة لبنان كبلد للسياحة والاصطياف، على نطاق واسع في الداخل والخارج. ولترويج هذه الصورة، دأبت وكالات السفر والرحلات السياحية على استخدام صور مؤدي الدبكة ومؤدياتها في الازياء الفولكلورية، وخلفهم الجبل والبحر والارز وقلعة بعلبك وغيرها من الصروح الاثرية في لبنان، كمشاهد في الدعايات والاعلانات التي توزعها تلك الوكالات. والمدارس الثانوية اللبنانية ودور المعلمين والمعلمات، جعلت من تدريب طلابها وطالباتها على الدبكة نشاطا رائجا ادرجته في حفلاتها السنوية، واستقدمت له مدربين من الفرق الفولكلورية الناشطة والمعروفة. وفي مواسم الاضرابات والاعتصامات الطالبية والاحتجاجات المزدهرة في تلك الحقبة، تحولت حلقات الدبكة نشاطا ترفيهيا واحتفاليا ودعاويا للتعارف والتأطير بين فئات من الطلاب والطالبات، من ذوي المنابت الريفية والميول والاهواء اليسارية في المرحلتين الثانوية والجامعية.


اما العناصر او الملامح التي جرى ابرازها في صورة لبنان السياحة والاصطياف، فتبدأ بصور الطبيعة اللبنانية الخلابة في الجبل والساحل وبهناءة العيش ورخائه في رحاب هذه الطبيعة، وتنتهي بصور سفور النساء وجمالهن الاخاذ وتحررهن من سطوة التقاليد المحافظة، مرورا بصور ازدهار الحياة الليلية الصاخبة في بيروت، وباضفاء ملامح من الرفاه والمتعة على الحياة اللبنانية. وقد شاعت هذه الصور في البلدان العربية عن بلد الارز الذي ليس من قبيل المصادفة ان يؤنث اسمه في المحكية المصرية، وان يكتب احد نقاد السينما المصريين ان لبنان هو "المكان المفضل لدى العرسان المصريين لتمضية شهر العسل". هذا فيما شرعت بعض الافلام المصرية بتزيين مقتطفات منها بمشاهد في لبنان مع انطلاق التصوير السينمائي "بالالوان الطبيعية" ومع توسع ظاهرة الانتاج السينمائي المصري اللبناني المشترك، والذي ادى الى ازدهار نسبي في قطاع السينما اللبنانية التجارية في الستينات والسبعينات، فراحت هذه السينما تنسج على منوال نماذج من الافلام المصرية المصورة في لبنان، وجعلت دأبها ترويج الصورة السياحية والترفيهية عن لبنان.


وما ان كان يقول مؤدو الادوار الرئيسية المصريون في تلك الافلام، انهم ذاهبون في اجازة الى لبنان، حتى كانت تنتقل الكاميرا، فجأة، الى تصوير مشاهد من الرقص الفولكلوري اللبناني في رحاب الطبيعة الجبلية، او في الملاهي الليلية، مباشرة بعد هبوط الطائرة في مطار بيروت، وخروج بطل الفيلم وصحبه من بوابة المطار. وغالبا ما كان الباعث على تصوير مشاهد من تلك الافلام في الربوع اللبنانية، هو تزينها بمشاهد ترفيهية ممتعة، وحاجة ابطالها الى الاختلاء السري والغفل، العلني والسافر، في وقت واحد، بخليلات وعشيقات يصعب وصالهن على هذا النحو في غير بلد الارز والبحر والجبل والحرية والسفور والعلانية، الذي كان يفتح ذراعيه لاستقبال طالبي المتعة والرخاء والحياة الليلية والسياحة الجنسية والغرامية، بحسب الصورة التي شاعت في تلك الافلام.


لذا كنت ترى فريد الاطرش يغني في اللهجة اللبنانية، ويطارد معشوقاته في الربوع اللبنانية في بعض افلامه التي يظهر في خلفية مشاهد منها شابات وشبان يؤدون رقصات فولكلورية لبنانية. ولذا ايضا صوّرت اجزاء طويلة من فيلم عبد الحليم الحافظ المشهور "ابي فوق الشجرة" في مواقع سياحية من لبنان، حيث راح العندليب الاسمر يختلي بعشيقته "الماجنة" في الفيلم، الممثلة ناديا لطفي، بعدما كان غنى اغنية "ضي القناديل" من تلحين الاخوين رحباني.


-5-


اما صانع "امجاد" السينما اللبنانية التجارية، محمد سلمان، فقد جمع في احد افلامه التي اخرجها في مطالع السبعينات، كل من ملكة جمال الكون، اللبنانية جورجينا رزق، والمغنية صباح وابنتها هويدا، اضافة الى طروب وعازف الغيتار والممثل المصري الوسيم والصاعد عمر خورشيد، والراقص اللبناني من اصل ارمني، كيغام. وجاءجمع هذه الاسماء كلها وغيرها، لتقديم صور رائجة، ولا تخلو من ابتذال، عما تفترض الرؤية السلمانية ان الحياة اللبنانية، والبيروتية خصوصا، تضج به آنذاك، من تفلت اخلاقي يرذله الفيلم ضمنا، ويحتفل به علنا، على قاعدة تقديم مشاهد فاحشة من العري الانثوي والاثارة الجنسية التي تستجيب تعطش مشاهدين الى التلصص على اجساد نجمات فاتنات في مرايا شهوات ذكورية مبتورة، ممتنعة ومستحيلة. وهكذا ظهرت في ذلك الفيلم طروب وهويدا شبه عاريتين، فيما ظهرت جورجينا رزق في فتنتها الساحقة، تتمايل في ازياء ورقصات فولكلورية لبنانية الى جانب الراقص كيغام وفرقته، وعلى انغام اغنية لصباح، في احد الملاهي الليلية البيروتية، حيث يعزف الممثل عمر خورشيد على اوتار غيتاره، كما على نياط قلبه المشبوب هياما بملكة جمال الكون اللبنانية التي ساهمت في الترويج لصورة بلدها السياحية.


وكان الاخوان رحباني قد استقدما مخرجين مصريين من اصل لبناني قديم (يوسف شاهين وهنري بركات) لاخراج افلامهما الفيروزية الثلاثة: "بياع الخواتم"، "سفر برلك" و"نجمة بنت الحارس". وهي الافلام التي اراد الرحبانيان فيها وعبرها نقل نجومية فيروز من المسرح الغنائي الاستعراضي الفولكلوري الى السينما، تحت الحاح اتساع حضورها الجماهيري، ولايصال نجومية المغنية اللبنانية الاولى الى دوائر من المشاهدين غير القادرين على متابعة المهرجانات والعروض الغنائية الفولكلورية الموسمية، ناهيك عن استثمار هذه النجومية في السينما. وقد ادت هذه الدوافع مجتمعة الى صناعة الافلام الثلاثة، لتكون امتدادا سينمائيا يحاكي بالصور مثال "الفن الرحباني - الفيروزي" في المسرح الغنائي الاستعراضي الفولكلوري.

__________________


فيروز وزياد ولا كيف


عبد الستار ناصر


ألف ياء 08/09/2003




منذ أيام وأنا أصغي إلي شريط فيروز (ولا كيف) وأكرره أكثر من ثلاث مرات في اليوم الواحد، وبرغم أن خبرتي مع الموسيقي لا تتجاوز الإحساس بما أسمعه، رأيتني أقرأ فيروز وأمشي إلي مشارف وتخوم هذا العالم المتشعب المضيء الذي عاش فينا منذ طفولتنا وصبانا.. كم من السنوات مرت علينا وفيروز معنا في البيت والمساء والشوارع والطرقات؟ كانت معنا، تمشي لصق خطانا في الغربة والمحطات والموانئ، بل وفي رسائل الحب والحنين التي غالباً ما يأتي بين شعابها سطر من أغنية أو همس من مواويل الشوق.


هناك جرح غامض وخفي في كل أغنية جاءت في هيكلية ألبومها الغرائبي هذا:


أنا فزعانة تقول عن جد


تنساني


ويمكن حبك جد


بس أنا تعبانة


وحتي أغنياتها السريعة التي توحي بالفرح أول وهلة، ستري أنها تحكي قصة جرح آخر من نوع مختلف، لكنه يصبّ في المجري نفسه بما في ذلك أغنية (يا ليل) التي تعتمد علي إيقاع (السامبا) فهي غلق حساب مع الحبيب الذي يقول ما لا يفعل والذي عاد خائباً من الكويت والشارقة ومسقط وقطر وجدة بعد وعود كبيرة قطعها صوب حياة أفضل لم يتحقق منها أي شيء:


كلمة كلمة يا حبيبي دا أفهم عليك


أو فتش عن غيري بيفهم


إذا راح تبقي هيك


كما أن فيروز داخل هذه المقطوعة ترجع إلي دنياها القديمة وتأخذ سطراً من أغانيها التي نعرفها وأعني بذلك (يا ريت أنتو وأنا في البيت، شي بيت أبعد بيت) حتي أنها تلتهب شوقاً إلي شيء مطموس داخل النفس أرغمها علي أن تنهي الأغنية بكلمة (يا الله) وهي الأغنية الوحيدة كما أظن التي ستنتهي باسم الجلالة.


أما في أغنيتها الرائعة (أتذكر ما ينعاد) فقد حققت مع أبنها زياد قفزة نحو مستقبل الغناء العربي، حيث الموسيقي تعمل عمل المنجل في حقول شاسعة لا بد من حصادها قبل فوات الموسم، ثمة إيقاع متجانس يحفر في الأرض، ربما تسمع ضرب الفأس والمنجل والمطارق وجيوش من الفلاحين مع أسراب من الطيور، كلها تزف إلي (العرس اللي واعدني فيه وإلي البيت الذي تحلم بالعليّة فوق حجارته)..


كنت أصغي إلي خبب خيول جامحة، زخات مطر وهجوم علي غزلان هاربة، ثم شموع وليل دامس، من أين جاءت الغيوم ومتي سينتهي المطر وإلي أين تمضي تلك الخيول وهي تسابق نفسها إلي أين؟ لا تدري، لكنك تسمع كل هذا وقد تراه فعلاً إذا ما تكرر إصغائك لفيروز وهي ترقص ــ أو هكذا ظننت ــ علي موسيقي رائعة ومجنونة تحكي عن عواصف السندباد البحري وألف ليلة وليلة، تصرخ بك :


شو ها الحب اللي طالع لي فيه؟


شو ها القلب اللي بس نسمع بيه؟


وتحاسبك أيضاً علي ترك أرض الأجداد وتسخر منك (نشوفك بالأعياد) وأنت أمام حرائق الموسيقي وأمطارها معاً لا تملك غير أن تكرر الشريط ثانية حتي تتأكد بأن ما تسمعه لم يكن غير أغنية!!


ثم، لا شيء يحدث وما من أحد يجيء، تخفت الموسيقي وتبتعد الغزلان والخيول والمطر ويسكت السندباد ويكف عن مغامراته وتسكت معه شهرزاد عن الكلام المباح!


ماذا فعل زياد الرحباني مع فيروز؟


هو يدري تماماً أن فيروز لا تشبه غير نفسها في دنيا الغناء، أنها ماركة خاصة لا يمكن تقليدها أو استنساخ حنجرتها، وبسبب هذه الخصوصية كان علي زياد أن يفعل شيئاً استثنائياً مع هذه الحنجرة لئلا تستمر علي إيقاعها السابق وتكرر نفسها في عالم تتلاطم فيه أمواج الباعة من ملحنين وكتاب كلمات وتجار ومستثمرين وحناجر بالجملة مرفوعة علي أجساد تعج بالأغراء وإعلانات الشراء التي لا تخفي علي أحد.


لقد أعطي زياد الرحباني كل ما يعرفه من أسرار الموسيقي وكل ما هو مزروع تحت مساماته من ثورة وإبداع وتجارب، وقام بتسليم أفكاره ومفاتيح عبقريته المبكرة إلي (فيروز) وحدها والتي بدورها مضت في طريق أسئلته وإبداعه دون أن يعكر صفو قرارها من يري بأنها تنكرت لتأريخها العتيق وأنها نزعت عنها جلد فيروز التي عرفوها مع (حبيتك بالصيفو (شادي) و (عاقد الحاجبين) أو (نسمّ علينا الهوي) وغيرها عشرات القطع المخزونة في الذاكرة، فقد أدركت فيروز بغريزتها (كفنانة) وليس بأمومتها، أن زيادها يعرف ما يفعل وأنه كنز من العطاء لا ينضب. دعونا نسمعها ثانية وهي تشدو: (شو بخاف نص الليل) أنها هنا لا تغني، بل تنصاع لفعل الموسيقي وسطوتها.. ذلك ان القبض علي المفردات لا يعني الكثير موازاة الرحيل في قطار العزف الذي يأخذ نسبة 90 بالمائة قياساً مع صوت فيروز..


زياد الرحباني يلعب لعبته الخطيرة مع الوقت الذي نعيش حرائقه ولا معقوليته ــ ويلعب مع المستمع في وقت واحد ــ فماذا يعني ان تسمع مئات الأغاني التي لا مكان لها في الروح، تلك التي لا تدري حتي ما يقال فيها ما دمت تري الأجساد تتلوي شبقاً ولهاثاً وتعرض بضاعتها (ع المكشوف)؟ لكنك حين تسمع فيروز إنما تصغي معها إليها، لا زخارف من أفخاذ عارية حولها ولا أزياء تفضح اكثر مما تستر.. أنت وأحزانها حين تحزن، أنت وأفراحها حين تفرح :


فيه ناس كتير


لكن بيصير


ما في غيره


هناك نوع من الطعام لا يمكن استساغته في سنوات الطفولة، لكنك حين تكبر تري هذا اللون من الطعان ونكهته لا تفارق بيتك.. وقد تقطع نصف العمر وأنت مولع بقراءة كاتب ما إذا بك ترفضه حين يصل العقل مدي أبعد وأكثر عمقاً..


والحال نفسه مع الغناء والموسيقي.


صباح ومسا


شي ما بينتسي


تركت الحب


أخذت الأسي


بهدوء عجيب، تري نفسك وأنت بين أمواج الموسيقي والسفينة بقيادة زياد الرحباني تمخر عباب البحر، لا شيء أمامك غير السماء والأرض ورحلة من التأمل والسحر.


كم هو رائع أنك في لحظة من العمر تكتشف ان الحياة ما تزال ممكنة في لجة الأخطاء الكبري!


أما الكلام عن الرفيق (صبحي الجيز) الذي تركها علي الأرض وحط المكنسة وراح.. فما تزال القصة بين أصابع كاتبها وما يزال يمشي عسي أن يكفي الطريق

تهاني 7 - 3 - 2010 10:43 PM

رااااااااائعة
تختارين مواضيعك بدقة اخت ليمار
بارك الله بك وبجهودك الواضحة

سلوى 7 - 3 - 2010 11:13 PM

فيروز ظاهرة ما رح تتكرر
مشكورة

ليمار 7 - 3 - 2010 11:27 PM

شكرا لمروركما الرائع
الملكه الصغبره
ولحظة ندم
لكما تقديري


الساعة الآن 08:31 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى