منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   فتاوي اسلامية (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=261)
-   -   هل الصم والبكم يجب عليهم حضور صلاة الجمعة ؟؟ (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=22170)

منتصر أبوفرحة 5 - 2 - 2012 12:44 AM

هل الصم والبكم يجب عليهم حضور صلاة الجمعة ؟؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى :



السـؤال:
يحتاج الصمُّ والبكم -في فهم خطبة الجمعة- إلى لغة الإشارة، فهل يجوز لمن يُحسن استعمالَ هذه اللغة أن يُترجم لهم خطبةَ الخطيب أو على الأقلِّ خطوطَها العريضةَ بحيث يكون على مقربةٍ من الخطيب وبمرأًى من المصلِّين؟


الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالأصمُّ الأبكم البالغ من الذكور المتمتِّع بقواه العقلية ليس مستثنًى من الجمعة بل يدخل في جملة من يجب عليه شهودُها في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة: 9]، ولقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ»(١)، ولقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَعَلَى مَنْ رَاحَ الْغُسْلُ»(٢)
.
فإن كان العاجز عن السماع صبيًّا أو امرأةً أو مريضًا أو مسافرًا أو من عموم أهل الأعذار فإنه يُستثنى ممَّن تجب عليهم الجمعة لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلاَّ أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ»(٣)، ولقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ جُمُعَةٌ»(٤)
، وكذا للأحاديث المتعلِّقة بأهل الأعذار، فإن صلاَّها أحدهم صحَّت منه جمعةً وأسقطت عنه فرْضَ الظهر.
هذا، والذي تقضي به النصوص الحديثية الأمرُ بالإنصات للخطبة لمن شهدها وعدمِ الكلام أثناءها منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ»(٥)
.
والعاجز عن السماع غير مكلَّفٍ بالسماع لأنه لا يدخل تحت قدرته إذ: «لاَ تَكْلِيفَ إِلاَّ بِمَقْدُورٍ»، وإنما هو –وسائرَ الحاضرين- مأمورٌ بالإنصات الذي هو السكوت وتركُ الكلام(٦)، سواءً كان قريبًا من الخطيب يسمعه أو بعيدًا عنه لا يسمعه أو قريبًا فاقدًا لحاسَّة السمع، فهُم سواءٌ في الحظِّ، فقد روى البيهقي -رحمه الله- عن مالك بن أبي عامرٍ «أنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ، قَلَّ مَا يَدَعُ ذَلِكَ إِذَا خَطَبَ: إِذَا قَامَ الإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَاسْمَعُوا وَأَنْصِتُوا. فَإِنَّ لِلْمُنْصِتِ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ مِنَ الْحَظِّ مِثْلَ مَا لِلْمُنْصِتِ السَّامِعِ»(٧)، وعن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «يَحْضُرُ الجُمُعَةَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، رَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو وَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَدْعُو، فَهُوَ رَجُلٌ دَعَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ، وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا فَهِيَ كَفَّارَةٌ إِلَى الجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا، وَزِيَادَةِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: 160]»(٨)، قال الشافعي -رحمه الله-: «ومن لم يسمع الخطبة أحببتُ له من الإنصات ما أحببتُه للمستمع»(٩)
.
وإذا تقرَّر حصول أجر الجمعة للبعيد المنصت الذي لا يسمع الخطيبَ وكذا القريبِ الفاقد لحاسَّة السمع؛ فإنه ترتفع عنه المطالبة والتكليف إلاَّ إذا ابتغى أحدهما فهمًا للخطبة وأمكن ترجمتها بالإشارة بعد انتهاء الجمعة إسعافًا للأصمِّ الأبكم لكان حسنًا..
أمَّا إذا كانت مصلحة الصمِّ البكمِّ مُلِحَّةً فيمن يخاطبهم بما يفهمون، والاستفادة من مقاصد الخطبة التربوية ومراميها التوجيهية تحصيلاً للنفع ومشاركة المستمعين في فهم مضامين الخطبة فأرجو أن تصحَّ مخاطبتهم بِلُغة الإشارة إذا ما اجتمع أفرادٌ من الصمِّ البكم في قاعةٍ داخلَ المسجد تُخصَّص لهم -يومَ الجمعة- يرَوْن المترجِم دون سائر المصلِّين، إذ لا يجوز للمترجِم بالإشارة أن يقوم أمامَ المصلِّين ولا بالقرب من الخطيب؛ لأنه يشغل المصلِّين ويشوِّش عليهم بكثرة حركاته، لِما فيه من أذى المسلمين وصدِّهم عن الخطبة كما لا يخفى، إلا إذا كان لذوي هذه العاهة مسجدٌ داخل المراكز الخاصَّة بالعناية بالصمِّ البكم فله أن يترجِم لهم مضامينَ الخطبة بالإشارة من غير إحراجٍ للمصلِّين.
هذا، وتقرير جواز ما تقدَّم مبنيٌّ على عدم حرمة الكلام أثناء الخطبة إذا اقترن الوضع بالحاجة، فقد ثبت في وقائعَ متعدِّدةٍ أنْ كلَّم فيها النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بعض الصحابة وكلَّموه حالَ الخطبة فيما فيه مصلحةٌ وتعلُّمٌ، ففي قصَّة سُلَيْكٍ الغَطَفَانِيِّ رضي الله عنه لَمَّا دخل المسجد فجلس -والنبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يخطب- قال صلَّى الله عليه وآله وسلم: «أَصَلَّيْتَ يَا فُلاَنُ؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ»(١٠)، قال النووي -رحمه الله-: «وفي هذه الأحاديث أيضًا جواز الكلام في الخطبة لحاجةٍ وفيها جوازُه للخطيب وغيره وفيها الأمر بالمعروف والإرشاد إلى المصالح في كلِّ حالٍ وموطنٍ»(١١)
.
وإذا جاز تكلُّم غير الإمام في خطبة الجمعة لحاجةٍ أو مصلحةٍ معتبرةٍ شرعًا مع كون الكلام أصلاً في بيان المقاصد والأغراض؛ فإنَّ تحقيق المصلحة بالاقتصار على الإشارة كفرعٍ يُنَزَّل منزلةَ الكلام يجوز من بابٍ أَوْلى ويدلُّ عليه حديثُ أنسٍ رضي الله عنه أنه: «دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ أَنِ اسْكُتْ، فَسَأَلَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ،...»(١٢)
.
ففيه جواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإشارة، قال ابن قدامة -رحمه الله-: «وإذا سمع الإنسان متكلِّمًا لم يَنْهَهُ بالكلام؛ لقول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ» ولكنْ يشير إليه. نصَّ عليه أحمد فيضع أصبعه على فيه.
وممَّن رأى أنْ يشير ولا يتكلَّم، زيد بن صوحان، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والثوري، والأوزاعي، وابن المنذر، وكره الإشارةَ طاوسٌ.
ولنا، أنَّ الذي قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم متى الساعة؟ أومأ الناس إليه بحضرة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بالسكوت، ولأنَّ الإشارة تجوز في الصلاة التي يُبطلها الكلام، ففي الخطبة أَوْلى»(١٣).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.




الجزائر في: 16 صفـر 1432ﻫ
الموافق ﻟ: 10 يناير 2012م


--------------------------------------------
١- أخرجه مسلم في «الجمعة» (865)، من حديث عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم.

٢- أخرجه ابن حبان (1220)، وأخرج أوله بمعناه النسائي في «الجمعة» باب التشديد في التخلف عن الجمعة (1371)، من حديث حفصة رضي الله عنها، وصححه الألباني في «التعليقات الحسان على صحيح ابن حبَّان» (1217)، و«صحيح الجامع الصغير» (3521).

٣- أخرجه أبو داود في «الصلاة» باب الجمعة للمملوك والمرأة (1067) من حديث طارق بن شهاب. وصححه ابن الملقن في «البدر المنير» (4/ 637)، والألباني في «صحيح أبي داود» (4/ 232).

٤- أخرجه الدارقطني في «سننه»: (1559)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصحّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (5405).

٥- أخرجه البخاري في «الجمعة» باب الإِنصاتِ يَوم الجمُعَة والإِمَام يَخطب (934)، ومسلم في «صلاة المسافرين وقصرها» (851)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

٦- قال ابن الأثير في «النهاية» (5/ 62): «يقال: أنصت ينصت إنصاتا: إذا سكت سكوت مستمع».

٧- أخرجه مالك في «الموطإ» (2/ 144)، وصححه الأرناؤوط في تحقيقه ﻟ«جامع الأصول» (5/ 686).

٨- أخرجه أبو داود في «الصلاة» باب الكلام والإمام يخطب (1113)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. وصحّح إسناده ابن الملقن في «البدر المنير» (4/ 683)، وحسنه الألباني في «صحيح أبي داود» (4/ 276).

٩- «الأم» للشافعي (1/ 234).

١٠- أخرجه البخاري في «الجمعة» بَاب إِذَا رأَى الإمامُ رَجلا جَاء وَهو يَخْطب، أَمرَهُ أَنْ يصلِيَ ركعتين (930)، دون ذكر اسم الجائي، ومسلم في «صلاة المُسَافِرِين وقصْرِها» (875)، من حديث جابر رضي الله عنه.

١١- «شرح مسلم» للنووي (6/ 164).

١٢- انظر: «صحيح ابن خزيمة» (3/ 149)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (3/ 313).

١٣- «المغني» لابن قدامة (2/ 239).

من موقع الشيخ


أرب جمـال 5 - 2 - 2012 01:04 AM

بارك الله فيك منتصر على التوضيح والفائدة
تقديري لك

ابو فداء 5 - 2 - 2012 01:16 AM

مشكووور أخي منتصر
طرررح موفق بأستمرار
مشكووور

ابتهال 5 - 2 - 2012 01:48 AM

عاشت الايادي وبارك الله بك

المفتش كرمبو 5 - 2 - 2012 02:04 AM


يسلمو على الطرح الرائع
لا عدمنا حضورك
تحياتي لك






ملك القلوب 5 - 2 - 2012 04:57 AM

بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك

شكرا على الإفادة والطرح

shreeata 5 - 2 - 2012 05:03 AM

جزاك الله عنا كل خير
سلمت لنا
تحيات لك

منتصر أبوفرحة 6 - 2 - 2012 12:10 AM

وإياكم إخواني ونفع الله بالجميع

ناجي أبوشعيب 6 - 2 - 2012 04:11 PM


بارك الله فيك منتصر
دمت بودّ

امال 6 - 2 - 2012 05:23 PM

مشكورة على الموضوع
تحيتي لك


الساعة الآن 02:42 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى