منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   النقد الأدبي والفني (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=107)
-   -   البحث عن روح هاربة في رواية توت بري (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=15617)

المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:04 PM

البحث عن روح هاربة في رواية توت بري
 
في هذه الجلسة بحث الروائي الناقد غريب عسقلاني عن روح هاربة في رواية توت بري- للأديبة الروائية اللبنانية إيمان إحميدان يونس.
افتتحت الأستاذة فتحية صرصور اللقاء بالترحيب بالحضور الكريم من النخبة المثقفة الذي يقدّر الثقافة والأدب ويعنى بالجلسات الأدبية، فلم يثنه عن الحضور شلال الدم النازف من جسد الوطن من أعلاه إلى أخمص قدميه، فهكذا يكون شعب التضحية والعطاء.
وبعد أن قدّمت الضيف قدّمت للرواية بطرح عدّة تساؤلات:
بدءا بالعنوان: لماذا توت؟ ما مواصفات هذا التوت؟ لماذا أمعنت في الاغتراب فجعلته بريا؟

ثم الإهداء : إلى أبي …
إلى أي مدى تبلغ مكانة أبيها في نفسها كي تفرده بالإهداء متبوعا بثلاث نقط وكأنها تقول هو ولا أحد بعده، ومن أبوها؟ أهو ذلك الإنجليزي الغارق المُغرَّق، أم هو هذا الشيخ الدرزي؟ٍ
ثم هل تمثل البطله شخصية المؤلفة ؟ هل سارة هي إيمان؟
لماذا تركت فصول الرواية بلا عناوين واكتفت بالترقيم اللاتيني؟
لماذا بدأت بـ(لاشيء) ؟ ثم كررتها عدّة مرات؟ أهكذا كانت البطلة (لاشيء)؟
ما دلالة اسم ضحى الذي اختارته لصديقتها؟ وشمس اسما لعمتها؟

المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:05 PM

هل كانتا لها بمثابة الضياء؟ أم أنه من باب المفارقة؟ خاصة أن الضبابية تكتنف حياتها، كان يطلق على أم سارة اسم امرأة من المجهول، لأنها من الأرجنتين ومجهولة بالنسبة لأهل القرية، كما أن ماضيها مجهول، وعندما تركت زوجها خرجت لمكان غير معلوم،علاقتها بماركون كانت مجهولة وأنتجت سارة ابنة المجهول،غرفتها محاطة بالأزهار لكنها صفراء قاتمة، حجب الضباب نور الشمس عنها.
ثم قالت هذه التساؤلات وغيرها جعلتنا نتوجه إلى الأديب والروائي غريب عسقلاني علّه يصل بنا إلى هذه الروح الهاربة .

بدأ الأستاذ غريب حديثه بتقديم ملخصا يعرض أهم الأحداث الواردة في الرواية ثم ولج في الحديث عن الرواية قائلا إنه في محاولة للوصول إلى الحقيقة تسعى إيمان إحميدان يونس في روايتها توت بري إلى لملمة أطراف حكايتها بغية الوصول إلى مرافئ الأمان، لكنها تعود مع بطلتها سارة إلى المكان الذي انطلقت منه، محملة بالأثقال، مزملة بعبء المعرفة والتجربة، ساكنة مع روحها التي فرت بعيدا رغبة في الانفلات من واقع ذكوري محصور ومحاصر بدوائر الجهل والانغلاق وإشكالية النسب والانتساب، عالم تأسس على الاستلاب والسطو والخديعة التي طالت كل ما هو بريء.
ثم تناول البيئة الروائية حيث تدور أحداث الرواية في ضيعة عين الطاحون إحدى قرى الجبل اللبناني في فترة ما بين الحربين العالميتين، أي أن الروائية الشابة تعالج مرحلة مضى عليها أكثر من ستة عقود من الزمن برؤية معاصرة وحصيلة معرفية تراكمت عليها الخبرات والمنجزات لدرجة باتت قيم ومعايير زمن الرواية تنتمي إلى الماضي وتضيف لموروث الجيل الحالي، والرواية في أسلوبها وبنيتها لا تعتبر توثيقا أو تأريخا لأن يوميات وأحداث الرواية لا ترتبط أو تتسلسل على أصداء الأجندة التاريخية السياسية والاجتماعية لذات المرحلة، وإنما تسبر أغوار الرؤى الاجتماعية والوجدان الشعبي الطائفي / الديني، ومكونات الواقع الاقتصادي على ضوء ما آلت إليه أحوال الجبل اللبناني بعد الحرب العالمية الأولى تحت الحكم الفرنسي وما رافق ذلك من تشريعات الاستثمار الزراعي وخاصة في مجال البستنة وزراعة الكروم وتربية دودة القز، يتزامن ذلك مع نشاط البعثات التبشيرية وانتشار مدارس الإرساليات الأجنبية الموجودة في المنطقة.


المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:06 PM

في هذه الأجواء والمناخات تقيم الرواية شبكة أحداثها وعلاقات شخوصها وتستقصي الأبعاد النفسية والاجتماعية المؤثرة في تطور المجتمع مع التركيز على المؤثرات التي ساهمت في تشكيل وعي المرأة وتحديد دورها الاجتماعي والاقتصادي في ظل تشابك الأدوار، وتباين الخلفيات بما تفرزه من علاقات جذب أو طرد في مجتمع ذكوري شبه منغلق،كما تحاول الرواية كشف التوازي والتوازن الاجتماعي والعاطفي للمرأة وسبر عوالمها الداخلية بتقديم نماذج نسوية تتماهى أو تتصادم أو تهرب من قمع المحيط الذكوري.
تقدم الرواية أحداثها عن طريق الإخبار التي تقوم به بطلة الرواية سارة والتي تمثل الراوي الموثوق غير العليم فالسرد يقوم على عدم امتلاك الحقيقة أو بالأحرى على تعدد وجوه الحقيقة، وبذلك تتخذ البطلة الراوية أدوات التقصي والاستكشاف والاستنباط والتأويل للوصول إلى معرفة الأسرار المحيطة بهروب أو اختفاء أمها اللغز / المشكل.
أما عن شخصيات الرواية قال الأستاذ غريب إن شخصية سارة هي الشخصية المحورية تنمو وتتطور مع أحداث الرواية وصولا إلى النهاية التي تريدها الكاتبة وعلى ضفافها تظهر شخصيات نسوية وذكورية ساهمت في تفعيل البنية الروائية وتعميق مساراتها، وجاءت الشخصيات النسائية أكثر انسجاما مع أدوارها بالقياس إلى الشخصيات الذكورية.

من النماذج النسوية:
العمة شمس، ريفية أمية تؤمن بالحسد وترقي الياسمينة بشرائط جلبتها من مقامات السيد عبد الله والست شعوانة، لم تتزوج ظلت تنتظر الزواج من إبراهيم كما وعدها أخوها الشيخ حتى جفت ينابيعها ويبست شهواتها وصار جل اهتمامها أن تصبح شيخة.
ضحى: رفيقة الصبا، تتفتح على حب الأخ وفي عذوبة شفافة تنفذ الكاتبة من خلالها إلى دواخل المراهقات عند بدايات الإحساس بأنوثتهن وممارساتهن لأشواقهن العذرية.
مطيعة الشركسية: زوجة الثاني ذياب الحلبي مدرس اللغة العربية في مدارس الإنجليز، أما زوجها الأول فكان مؤذنا في القرية، مطيعة نموذج تجاوز نساء عين الطاحون، وقد يكون ذلك لكونها من بيئة أخرى، ومنبت شركسي، وابنة طائفة مغايرة، تؤمن ببصيرتها النافذة بأن الروح لا يمكن حصارها لأنها تملك حرية الاختيار والوصول إلى من تحب، وما على الجسد إلا الامتثال لخيارها، وهي تكتشف غياب الأم وهروبها للبحث عن روحها التي لم تطق حصار الزوج كم أنها تحذر سارة من وهم العلاقة بينها وبين كريم.

المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:08 PM

والشخصيات الذكورية: الأب الشيخ محرك الأحداث، قبضايا، كان بمثل عمر الأب حين تزوج أم سارة، أفسد حياة كل من يحيط به وبذلك ترى الكاتبة أن السلطة الذكورية الظالمة المتسلطة تفسد وتدمر البيئة الاجتماعية من حولها، وتطال الجانب النسوي بأضرار أكبر وتغربها عن واقعها.
الأخ الذي يرفض سطوة وتسلط الأب، ويعيش بعيدا عنه، يحاول جاهدا أن يخرج من إطاره ولكن بوسائل سلبية لذلك تراه يهرب إلى أمه المطلقة بدلا من مواجهة أبيه في البيت، هذا الأخ يمثل جيل الشباب السلبي الذي يتخلى عن دوره
فيخذل من حوله وينكص أمام التحدي وينتحي عن مواجهة السلطة الأبوية المستبدة، في الوقت الذي يحب أن يمثل حالة المقاومة.
كريم الفقير ابن خادم الإنجليز الذي يطمح للثروة، فيبحث عن مساعدة البعثات التبشيرية له ويطمع في ميراث سارة فيوظف عواطفه لأجل مصالحه المادية الخاصة.
إبراهيم الشاهد الصامت على الرواية، والذي انحاز للهزيمة أمام سلطة الشيخ، يتلاشى إلى لا شيء ولا يملك حتى قرار قبول الزواج من شمس وقد ذهب عمره في انتظارها، وهو يمثل حالة العجز عن التأثير فتدوسه الأقدار دونما رحمة.
اختتم الأستاذ غريب ورقته بقوله إن الرواية بلّغت رسالتها وطيرت مكاتيبها خارج إطار القفص بلغة مشحونة محملة بالإشارات متكئة على معرفة عميقة بآفاق المجتمع العربي، غائصة في أعماق المرأة العربية، واعية إلى معالجات الروح التي لا يمكن حصارها، والعودة إلى منابع أصيلة تحفظها حتى تحفظ روح الكيان العربي برمته.

بعدها فتح باب النقاش للسادة الحضور وكان أول المداخلين سيادة الأخ يحيى رباح سفير فلسطين الذي أضاف إضاءته على بيئة الرواية حيث قال إن الإشكالية الرئيسية في التباس الهوية والنسب هو شأن كل طائفة في لبنان حيث إن لها أصل محلي ولكن لها قوة إضافية نابعة من الخارج، لذا فإن جميع الطوائف هي طوائف مختلطة.
أما الأديب القاص زكي العيلة فقال نلاحظ أن إيمان يونس وعبر هذه الرواية تطرح قضايا تحرر المرأة دون ضجيج أو صراخ كما تفعل غيرها من الكاتبات، كما أننا نجد كبير الشبه بين شخصيات الرواية وشخصيات روايات سحر خليفة، فسارة تشبه زينة عند سحر، وشمس تشبه العانس في ميراث سحر.

المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:09 PM

وتحدث الأستاذ خليل حسونة قائلا إن أهمية الرواية تكمن في أنها تتناول الشريحة المغايرة (الدرزية) وتعالج قضايا روحية لاهوتية بشكل روائي يتضح ذلك من فكرة من يمتلك الروح ليس بالضرورة أن يمتلك الجسد، وهذه قضية درزية.
مطيعة الشركسية تساعد العمة في أعمال البيت إشارة للطبقية السائدة في تلك الفترة.
وحين كانت المداخلة للأستاذة سلافة حجاوي قالت إن الرواية لا يحكم عليها من خلال التفاصيل السردية، حبذا لو أتبعت الرواية بما صدر في حقها من تعليقات، وكيف صنفت؟ وهل لها مكانة في عالم الرواية اللبنانية والعربية والعالمية، فأين تقع في كروتولوجيا الروايات اللبنانية خاصة أنها تتعلق بصميم الواقع اللبناني.
أما الأستاذ علي خطاب فقال هذه أول رواية تلفت نظرنا للحديث عن الروح، ثم تسائل عما إذا كانت توجد رواية فلسطينية تحمل نفس هذه الروح.

shreeata 2 - 5 - 2011 02:23 PM

العنقاء
رائع ما ادرجتيه عزيزتي
تحيات لك
سلمت


الساعة الآن 11:24 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى