منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الشؤون الأمنية والعسكرية (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=167)
-   -   أمير الظلام (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=14008)

أرب جمـال 14 - 2 - 2011 10:05 PM

أمير الظلام
 
أمير الظلام


لم يبقَ للرجل الملقب بـ (أمير الظلام) إلا دقّ رأسه في الحائط ، بعد أن صعقه الخبر الذي تلقّاه للتو ، و هو مقتل أحد أكفأ رجاله على يد مقاوم فلسطيني .

كان (أمير الظلام) أو (الرجل الغامض) أو (الرجل الظل) كما تسميه الصحف ، يتربع على رأس جهاز (الشاباك) ، ومن يحتل هذا المنصب يكون لديه صلاحيات واسعة ، و منها اتخاذه للقرارات بمفرده ، و عادة ما يكون رأيه في القضايا الأمنية ملزماً لحكومته ، و لكن من جانب آخر فإنه يتحمّل مسؤولية كلّ ما يحدث في الجهاز الذي يترأسه ، و كل خطأ يرتكبه أي من رجاله فإنه يتحمل المسؤولية الكاملة عنه .

و في ذلك الصباح ، لم يكن أمير الظلام قد تناول قهوته بعد ، عندما دق هاتفه الخاص و حمل له نبأ مقتل أحد أكفأ رجاله .
و لم يكفِ سيل السباب و الشتائم التي أطلقها في الهواء لكي تهدّئ من روعه ، لأنه كان يعرِف معنى أن يقتَل أحد رجاله بتلك الصورة التي حدثت ، و يعلم أن قيادته السياسية ستحمّله المسؤولية المباشرة عن ذلك و ربما سيفقد منصبه و ينهار مستقبله المهني في الجهاز الذي حقّق نجاحات كبيرة في عهده ضد المقاومين الفلسطينيين .
و كان عليه وسط همومه و غضبه أن يتصل برئيس وزرائه بواسطة الخط الساخن بينهما فوراً و كذلك إبلاغ وزير الحرب و قائد الجيش و قادة فروع أجهزة المخابرات الأخرى ، كجهاز الموساد المناط به العمليات الخارجية .

ولم يكن يدرك بعد و هو يقوم بمهمة الإبلاغ ، كيف حدثت بالضبط عملية قتل ضابطه ، و لم يكن يعرف بالطبع أن عملية القتل تقرّرت في ذلك اليوم الذي عاد فيه عامل فلسطيني إلى منزله يحمل في قلبه و عقله مأساة شعبه .

حسن و ابنته ميرفت
عاد الشاب حسن أبو شعيرة إلى بيته في مخيم (بيت جبرين) للاجئين الفلسطينيين في مدخل مدينة بيت لحم الشمالي و هو فرح ، رغم أنه كان منهكاً بسبب عمله الشاق في أحد الفنادق .
كان حسن بسيطاً في تعليمه و معيشته ، و كذلك كان ذكياً و حساساً جداً لمعاناة أهله و شعبه ، خصوصاً و أنه يعيش في مخيم للاجئين ، و مثلما جاء أبواه من قرية (بيت نتيف) قرب مدينة (الرملة) الفلسطينية ، بعد أن احتلها الصهاينة و شرّدوا أهلها عام 1948م و الذي يسمّيه الفلسطينيون و العرب و الأحرار في العالم عام النكبة ، التي أقيمت فيه دولة (إسرائيل) على أنقاض الشعب الفلسطيني ، فإن جميع أهالي المخيم جاءوا من قرى هدمها المحتلون بعد اقتحامها و قتل العشرات من سكانها المدنين العزل ، و خصوصاً من قرية (بيت جبرين) التي جاء منها معظم سكان المخيم و الذي سمّي المخيم باسمها ثم أطلق على المخيم اسم (مخيم العزة) .

كان حسن يرى و يسمع و يشعر بمعاناة أهله في المخيم الذي ولد فيه عام 1969م و في المدن و القرى المجاورة ، و نشأ و هو يرى جرائم المحتلين الصهاينة فانضمّ إلى المقاومة عام 1985م و نتيجة لذلك اعتقله المحتلون و زاده السجن إصراراً على مواصلة النضال ، فعندما خرج منه شارك مجموعات المقاومة في مخيمه في الانتفاضة الفلسطينية الكبرى (1987 - 1992م) و تكرّرت تجربة السجن معه ، و في انتفاضة الأقصى التي بدأها الشعب الفلسطيني في 28/9/2002م ، كان حسن ضمن مجموعات العمل العسكري السري ، و شاهد كيف ارتكب المحتلون الصهاينة جرائم قتل للأطفال و الشيوخ و الرجال بدم بارد ، مثلما حدث مع الشهيد الطفل محمد الدرة الذي قتل و هو يحاول الاحتماء بحضن أبيه ، والطفل مؤيّد الجواريش الذي قتله قناص صهيوني بينما كان يحمل حقيبته المدرسية على ظهره فتناثر مخه على دفاتره المدرسية .

وعندما عاد حسن مساء ذلك اليوم إلى منزله ، حدثته ابنته ميرفت كيف سقط مؤيّد بين أيدي أصدقائه الأطفال في نهاية يوم دوام مدرسي ، و نقل مصوّروا وكالات الأنباء العالمية صور مؤيّد إلى أنحاء العالم ، و لكن هذا العالم بقي نائماً عن مأساة الفلسطينيين .
ولم يحرّك هذا العالم ساكناً ، حتى عندما خرج الطبيب الألماني فيشر من منزله ليلاً ليسعف مصابين فلسطينيين فقصفته المروحية العسكرية الصهيونية أمام منزله ولم يعد لأطفاله وأبنائه الذين كانوا ينتظرونه، و مثلهما الكثير من الشهداء .
ومن الصعب على حسن أو على غيره من الفلسطينيين أن ينسوا ليلة القصف المخيفة تلك ، التي ذهب فيها الدكتور (فيشر) إلى غير عودة ، كانت مروحيات الاحتلال تطلق النار على كل شيء متحرك .
وفي الصباح ، ذهب حسن إلى منزل الدكتور فيشر ، مثلما فعل المئات من المواطنين ، كانت رائحة الدم المختلط مع التراب تزكم الأنوف ، في المكان الذي سقط فيه الدكتور فيشر بينما كانت إحدى القطط ، غير عابئة بحركة المواطنين ، تضع قطعة صغيرة من اللحم في فمها و تركض بها إلى الحقول المجاورة لتنضم إلى قطط أخرى كانت تفتّش بحاسة الشم عن قطع أخرى تناثرت من جسد الطبيب الذي قطّعته القذيفة الصهيونية إلى أشلاء يصعب حصرها .

كان منزل الدكتور ذي الطابقين يعجّ بالمواطنين ، و كانت زوجة الدكتور جالسة ترتدي ملابس سوداء وسط النساء ، تحاول أن تتماسك أمام أبنائها ، بينما كانت مجموعات النساء تشدّ من أزر الزوجة و الأبناء .

وبعد أن قام بواجب العزاء ، خرج حسن من المنزل ، و على الدرج سمع إحدى النساء تقول لامرأة أخرى :
هذا قدرنا ؟ ماذا نفعل ؟ يجب أن نقبل به .. !

ولم يقبل حسن على نفسه أن يجلس يندب قدره و حظّه و هو يرى جبروت الاحتلال الصهيوني بينما أشقاؤه العرب و المسلمون و العالم كله لا يحرّك ساكناً ، ففكّر بكيفية مواجهة المحتلين المدجّجين بالأسلحة الحديثة و التكنولوجيا خصوصاً تلك التي تأتيهم من أمريكا ، و رغم أنه أدرك صعوبة ذلك إلا أنه قرّر أن يفعل شيئاً ، و قال لنفسه : "لن أكون بأقل من الشهداء غيري الذين قاوموا ظلم الاحتلال طوال عشرات الأعوام" .

وهداه تفكيره إلى خطة بدت جنونية و هدف منها ليس فقط المشاركة في المقاومة بل الانتصار على الجيش الصهيوني الذي يقول عنه الصهاينة إنه جيش لا يقهر ، و أكثر من هذا قرّر الانتصار على المخابرات الصهيونية التي تعدّ من أقوى مخابرات العالم ؟ فهل سينتصر فعلاً ؟ .
كما قلنا عاد حسن فرحاً إلى المخيم حيث يسكن و دخل منزله ، و رغم أن زوجته أدركت بأنه فرحٌ إلا أنها أبدت استغرابها عندما رأته ساهماً و هو يحتضن ابنته ميرفت بعد أن سألها عن مدرستها ، و لم تشأ زوجته أن تضايقه بإلحاحها و أسئلتها فتركته على سجيّته و قالت في نفسها :
الله يحميه و يحمي جميع الشباب من البطش الصهيوني" .
قالت ميرفت لأبيها :
Øاليوم لم نكمل الدراسة بعد أن قذفنا جنود الاحتلال بقنابل الغاز المدمع و أصابوا العشرات من التلميذات بالاختناق .
وسألت ميرفت :
Øإلى متى سيبقى المحتلون هكذا يسرقون الأرض و يقتلون الأطفال و يطاردونهم في مدارسهم ؟
ربّت حسن بيده على كتف ابنته و ضمّها إليه بحنان قائلاً :
Øثقي يا ابنتي لن نجعل المحتلين ينعمون بالأمن و الهدوء و نحن نراهم يقتلون رجالنا و نساءنا و أطفالنا و يشرّدوننا عن أرضنا .
قفزت ميرفت من حضن والدها و كأنها تذكّرت شيئاً :
Øهل تعرف يا والدي ؟ ، جنود اليهود جبناء ، اقترب أحدهم من المدرسة و هو يصوّب بندقيته نحو مجموعة من الطالبات الصغيرات ، و قبل أن يطلق الرصاص ، رشقته الطالبات بالحجارة و عندما رآهن يحملن الحجارة هرب و هو يصرخ .. !
قال حسن :
Øهذا هو الفرق ، يا ابنتي بين صاحب الحق و السارق الذي يعرف أنه يعتدي على الناس و لا يستطع أن يعيش إلا إذا قتل أكبر عددٍ منهم ليطمئن و لو قليلاً ، و لكن المقاومين لن يتركونهم ..
ردّت ميرفت :
Øعندما أكبر يا والدي ، سأنضم للمقاومة ضد قتلة الأطفال .

ترك حسن ابنته لتذاكر دروسها ، و بعد أن أخذ له مكاناً في المنزل ، بدأ يستعرض ما جرى خلال الأيام الماضية و يكاد لا يصدّق نفسه بأنه كسب ثقة رجل المخابرات الصهيوني البارز مودي .

وتساءل حسن فجأة "هل يمكن فعلاً أن يكون مودي بلع الطعم" ؟؟ ... و سرّ تساؤل حسن هو معرفته الأكيدة لشخصية الضابط الصهيوني مودي .

الضابط مودي

كان (يهودا إدري) الملقب مودي من أذكى ضباط المخابرات الصهيونية (جهاز الأمن العام) و المسمّى (الشاباك) و هذا الجهاز مختص بملاحقة الفدائيين الفلسطينيين و اغتيالهم و اعتقالهم و التحقيق معهم ، و على يد محقّقي هذا الجهاز سقط العشرات من الشهداء الفلسطينيين في زنازين المحتلين التي يمارس فيها أبشع أنواع التعذيب .

ونظراً لذكائه و مثابرته أصبح برتبة (لفتنانت كولونيل) أي عقيد في شعبة الاستخبارات العسكرية ، و انتقل إلى الخدمة في جهاز (الشاباك) بعد اندلاع انتفاضة الأقصى للمساعدة في جمع المعلومات الاستخبارية و تجنيد و تشغيل العملاء و تنفيذ اغتيالات ضد الكوادر الفلسطينية .

ولم يكن اختيار (إدري) الذي أصبح اسمه الكودي بعد انتقاله إلى (الشاباك) مودي عفوياً لمهمة قيادة ملف (504) المناط به تجنيد العملاء و المسؤولية عن تصفية كوادر الانتفاضة ، فهو يجيد اللغة العربية و يتحدّثها بطلاقة و خبير في العادات و التقاليد العربية ، و كان من أبرز المحاضرين في دورات إعداد وحدات (المستعربين) وضباط الاستخبارات، ووحدات المستعربين هي ما يسمّيها الفلسطينيون وحدات الموت، حيث يقوم أفرادها من الكوماندوز بالتخفّي بالزي العربي ومهاجمة الأفراد و المواطنين الذين يتقرّر تصفيتهم أو اعتقالهم من قبل أجهزة مخابرات الاحتلال .
ويعتبر العقيد مودي من غلاة المتطرفين المستوطنين ، وهو يسكن في إحدى المستوطنات التي أقيمت على أرض تم اغتصابها من الفلسطينيين و تشريد سكانها .

ومنذ تسلّم عمله الجديد في (الشاباك) بدأ مودي عمله بهمة و نشاط و استطاع التخطيط لقتل حسين عبيات قائد كتائب الأقصى التي انتمى لها حسن أبو شعيرة ، وذلك بقصف سيارته بالصواريخ مما أدّى إلى استشهاده و استشهاد سيدتين هما : عزيزة دنون و رحمة شاهين .


كان حسين عبيات نزل بسيارته مع آخرين من المقاومين إلى مدينة بيت ساحور ، لمعاينة آثار القصف الصهيوني على منازلها ، و بعد أن أوقف سيارته على جانب الشارع نزل و رفاقه إلى المنازل المتضررة ، و عندما عادوا إلى السيارة ، أطلقت الطائرات الصهيونية التي كانت تحلّق بعيداً الصواريخ على السيارة فهشّمتها ، و استشهد حسين و السيدتان و أصيب آخرون .


ورغم أن عملية قتل القائد حسين عبيات الذي أرّق جنود الاحتلال و المستوطنين بعملياته الجريئة ، لم تستلزم من مودي كثيراً من العمل الاستخباري، بسبب عدم أخذ حسين الاحتياطات اللازمة في التخفّي ، واعتماد مودي ورؤسائه في الشاباك على التفوّق التكنولوجي والطائرات الأمريكية المزوّدة بأحدث الأجهزة، إلا أن قتل حسين عبيات، أثار سعادة كبيرة لدى قادة إسرائيل، ولم يخفِ هؤلاء فرحهم بقتل عبيات ، وعبّر عن ذلك الفرح ، بشكلٍ علني رئيس دولتهم (موسى قصاب) ورئيس حكومتهم الجنرال باراك وقائد الجيش الجنرال موفاز وسلسلة طويلة من المسؤولين الصهاينة .


وفي أحد مكاتب الشاباك كان مودي يشرب مع زملائه و على رأسهم أمير الظلام الغامض قائد الشاباك نخب الانتصار بمناسبة قتل حسين عبيات .

و تمكن مودي أيضاً من التخطيط لاغتيال الشهيد يوسف أبو صوي و هو أحد كوادر انتفاضة الأقصى البارزين ، الذي كان يمارس نشاطه بسرية تامة و لا يظهر كثيراً بشكلٍ علني ، و لكنه لم يستطع مقاومة الذهاب إلى منزل والده لتناول إفطار رمضان ، و وصل إلى منزل والده و كان يظن أنه نجح بذلك دون أن ترصده عيون مودي و لم يعرف بخطئه إلا قبل دقائق من أذان المغرب ، فعندما نزل يوسف إلى أمام المنزل ، كانت سيارة تتقدّم منه بسرعة يسبقها إطلاق عيارات نارية من قناصة محترفين باتجاهه ، و تغطّي عليها مئات الطلقات النارية التي انطلقت من الرشاشات الثقيلة من مواقع جيش الاحتلال على التلال القريبة من المستوطنات . و سقط يوسف شهيداً و جسده مطرّزاً برصاص الحقد .


ونجح مودي كذلك في اغتيال الشهيد (أحمد خليل أسعد) القائد في سرايا القدس و هي الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية .


كان هذا المقاوم المعروف باسم (أبو خليل) قدّم الكثير من أجل وطنه و أمضى سنوات طويلة في المعتقلات الصهيونية بسبب نضاله ضد الاحتلال ، وفي انتفاضة الأقصى كان يقود مجموعات عسكرية وخلايا تنشط ضد المحتلين ولم يتمكّن مودي من النيل منه ، فاعتقل والده العجوز ورماه في زنازين التعذيب كوسيلة ضغط على (أبو خليل) ، الذي كان يعرف أن النضال ضد الاحتلال له ضرائبه و يلزمه تضحيات ، فاستمر في العمل سراً ، ولم يكن يتردّد على منزله إلا نادراً خوفاً من رصده من قبل رجال مودي ، الذي درس عدة خطط للتخلّص من أبي خليل ، ووجد أنجحها تلك التي ستنفذ عندما يكون (أبو خليل) في منزله .
قالت ميرفت لأبيها :
Øاليوم لم نكمل الدراسة بعد أن قذفنا جنود الاحتلال بقنابل الغاز المدمع و أصابوا العشرات من التلميذات بالاختناق .
وسألت ميرفت :
Øإلى متى سيبقى المحتلون هكذا يسرقون الأرض و يقتلون الأطفال و يطاردونهم في مدارسهم ؟
ربّت حسن بيده على كتف ابنته و ضمّها إليه بحنان قائلاً :
Øثقي يا ابنتي لن نجعل المحتلين ينعمون بالأمن و الهدوء و نحن نراهم يقتلون رجالنا و نساءنا و أطفالنا و يشرّدوننا عن أرضنا .
قفزت ميرفت من حضن والدها و كأنها تذكّرت شيئاً :
Øهل تعرف يا والدي ؟ ، جنود اليهود جبناء ، اقترب أحدهم من المدرسة و هو يصوّب بندقيته نحو مجموعة من الطالبات الصغيرات ، و قبل أن يطلق الرصاص ، رشقته الطالبات بالحجارة و عندما رآهن يحملن الحجارة هرب و هو يصرخ .. !
قال حسن :
Øهذا هو الفرق ، يا ابنتي بين صاحب الحق و السارق الذي يعرف أنه يعتدي على الناس و لا يستطع أن يعيش إلا إذا قتل أكبر عددٍ منهم ليطمئن و لو قليلاً ، و لكن المقاومين لن يتركونهم ..
ردّت ميرفت :
Øعندما أكبر يا والدي ، سأنضم للمقاومة ضد قتلة الأطفال .

ترك حسن ابنته لتذاكر دروسها ، و بعد أن أخذ له مكاناً في المنزل ، بدأ يستعرض ما جرى خلال الأيام الماضية و يكاد لا يصدّق نفسه بأنه كسب ثقة رجل المخابرات الصهيوني البارز مودي .

وتساءل حسن فجأة "هل يمكن فعلاً أن يكون مودي بلع الطعم" ؟؟ ... و سرّ تساؤل حسن هو معرفته الأكيدة لشخصية الضابط الصهيوني مودي .

الضابط مودي

كان (يهودا إدري) الملقب مودي من أذكى ضباط المخابرات الصهيونية (جهاز الأمن العام) و المسمّى (الشاباك) و هذا الجهاز مختص بملاحقة الفدائيين الفلسطينيين و اغتيالهم و اعتقالهم و التحقيق معهم ، و على يد محقّقي هذا الجهاز سقط العشرات من الشهداء الفلسطينيين في زنازين المحتلين التي يمارس فيها أبشع أنواع التعذيب .

ونظراً لذكائه و مثابرته أصبح برتبة (لفتنانت كولونيل) أي عقيد في شعبة الاستخبارات العسكرية ، و انتقل إلى الخدمة في جهاز (الشاباك) بعد اندلاع انتفاضة الأقصى للمساعدة في جمع المعلومات الاستخبارية و تجنيد و تشغيل العملاء و تنفيذ اغتيالات ضد الكوادر الفلسطينية .

ولم يكن اختيار (إدري) الذي أصبح اسمه الكودي بعد انتقاله إلى (الشاباك) مودي عفوياً لمهمة قيادة ملف (504) المناط به تجنيد العملاء و المسؤولية عن تصفية كوادر الانتفاضة ، فهو يجيد اللغة العربية و يتحدّثها بطلاقة و خبير في العادات و التقاليد العربية ، و كان من أبرز المحاضرين في دورات إعداد وحدات (المستعربين) وضباط الاستخبارات، ووحدات المستعربين هي ما يسمّيها الفلسطينيون وحدات الموت، حيث يقوم أفرادها من الكوماندوز بالتخفّي بالزي العربي ومهاجمة الأفراد و المواطنين الذين يتقرّر تصفيتهم أو اعتقالهم من قبل أجهزة مخابرات الاحتلال .
ويعتبر العقيد مودي من غلاة المتطرفين المستوطنين ، وهو يسكن في إحدى المستوطنات التي أقيمت على أرض تم اغتصابها من الفلسطينيين و تشريد سكانها .

ومنذ تسلّم عمله الجديد في (الشاباك) بدأ مودي عمله بهمة و نشاط و استطاع التخطيط لقتل حسين عبيات قائد كتائب الأقصى التي انتمى لها حسن أبو شعيرة ، وذلك بقصف سيارته بالصواريخ مما أدّى إلى استشهاده و استشهاد سيدتين هما : عزيزة دنون و رحمة شاهين .


كان حسين عبيات نزل بسيارته مع آخرين من المقاومين إلى مدينة بيت ساحور ، لمعاينة آثار القصف الصهيوني على منازلها ، و بعد أن أوقف سيارته على جانب الشارع نزل و رفاقه إلى المنازل المتضررة ، و عندما عادوا إلى السيارة ، أطلقت الطائرات الصهيونية التي كانت تحلّق بعيداً الصواريخ على السيارة فهشّمتها ، و استشهد حسين و السيدتان و أصيب آخرون .


ورغم أن عملية قتل القائد حسين عبيات الذي أرّق جنود الاحتلال و المستوطنين بعملياته الجريئة ، لم تستلزم من مودي كثيراً من العمل الاستخباري، بسبب عدم أخذ حسين الاحتياطات اللازمة في التخفّي ، واعتماد مودي ورؤسائه في الشاباك على التفوّق التكنولوجي والطائرات الأمريكية المزوّدة بأحدث الأجهزة، إلا أن قتل حسين عبيات، أثار سعادة كبيرة لدى قادة إسرائيل، ولم يخفِ هؤلاء فرحهم بقتل عبيات ، وعبّر عن ذلك الفرح ، بشكلٍ علني رئيس دولتهم (موسى قصاب) ورئيس حكومتهم الجنرال باراك وقائد الجيش الجنرال موفاز وسلسلة طويلة من المسؤولين الصهاينة .


وفي أحد مكاتب الشاباك كان مودي يشرب مع زملائه و على رأسهم أمير الظلام الغامض قائد الشاباك نخب الانتصار بمناسبة قتل حسين عبيات .

و تمكن مودي أيضاً من التخطيط لاغتيال الشهيد يوسف أبو صوي و هو أحد كوادر انتفاضة الأقصى البارزين ، الذي كان يمارس نشاطه بسرية تامة و لا يظهر كثيراً بشكلٍ علني ، و لكنه لم يستطع مقاومة الذهاب إلى منزل والده لتناول إفطار رمضان ، و وصل إلى منزل والده و كان يظن أنه نجح بذلك دون أن ترصده عيون مودي و لم يعرف بخطئه إلا قبل دقائق من أذان المغرب ، فعندما نزل يوسف إلى أمام المنزل ، كانت سيارة تتقدّم منه بسرعة يسبقها إطلاق عيارات نارية من قناصة محترفين باتجاهه ، و تغطّي عليها مئات الطلقات النارية التي انطلقت من الرشاشات الثقيلة من مواقع جيش الاحتلال على التلال القريبة من المستوطنات . و سقط يوسف شهيداً و جسده مطرّزاً برصاص الحقد .


ونجح مودي كذلك في اغتيال الشهيد (أحمد خليل أسعد) القائد في سرايا القدس و هي الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية .


كان هذا المقاوم المعروف باسم (أبو خليل) قدّم الكثير من أجل وطنه و أمضى سنوات طويلة في المعتقلات الصهيونية بسبب نضاله ضد الاحتلال ، وفي انتفاضة الأقصى كان يقود مجموعات عسكرية وخلايا تنشط ضد المحتلين ولم يتمكّن مودي من النيل منه ، فاعتقل والده العجوز ورماه في زنازين التعذيب كوسيلة ضغط على (أبو خليل) ، الذي كان يعرف أن النضال ضد الاحتلال له ضرائبه و يلزمه تضحيات ، فاستمر في العمل سراً ، ولم يكن يتردّد على منزله إلا نادراً خوفاً من رصده من قبل رجال مودي ، الذي درس عدة خطط للتخلّص من أبي خليل ، ووجد أنجحها تلك التي ستنفذ عندما يكون (أبو خليل) في منزله .
الموعـد القاتـل
اتصل حسن بمودي على هاتفه السري :
Øأريد أن أراك لأمرٍ هام .
فوجئ مودي الذي ردّ معاتباً حسن بلهجة قاسية :
Øألم أقل لك لا تستخدم هذا الرقم للاتصال بي إلا إذا كان الأمر طارئاً .
رد حسن :
Øالأمر هام و ضروري .
سأل مودي :
Øألم تكن تستطيع الانتظار حتى موعد المقابلة في المكان السري بالقدس .
أجاب حسن بصوتٍ جعله يبدو جاداً جداً :
Øقلت لك الأمر ضروري ، و على أية حال لديّ معلومات تتعلّق بأمنكم يجب أن تعرفها و أنت حر … !
عندها قال مودي :
Øإذاً موعدنا غداً الخميس في الساعة والمكان المتفقان عليه للحالات الطارئة .
Øاليوم هو الخميس : 14/06/2001

ذهب حسن مبكراً لموعده مع مودي الذي عرف أن مكانه قرب النفق في شارع الستين الاستيطاني على مشارف مستوطنة (جيلو) جنوب مدينة القدس المحتلة ، لتزويد هذا العقيد بالمعلومات الخطيرة التي بحوزته عن العملية الفدائية التي خطّطت لها كتائب شهداء الأقصى .

و قال حسن لنفسه و كأنه يخاطب مودي :

Øكنت دائماً تفخر بأنك صفيت حسين و يوسف و أبو خليل ، و الآن جاء دورك أيها المصفّي ..!

وعندما اقترب من الشارع الذي أقيم لخدمة المستوطنين و ابتلع آلاف الدونمات المزروعة بالزيتون من أراضي الفلاحين العرب ، اختبأ بين شجيرات محاذية للشارع لم تطلها جرافات الاحتلال ، فبقيت شاهدة على عروبة هذه الأرض.


كان كلّ شيء بالنسبة لحسن يسير وفق الخطة الفدائية التي وضعها مع رفاقه ، وعندما اقتربت سيارة مودي الفوكس فاجن الحديثة ، تقدّم حسن وهو يخفي شيئاً في يده و ما إن فتح حارس مودي الباب ليصعد حسن ليذهب معهم لمكتب مودي في مقر المخابرات ، ليقدّم التقرير الهام ، حانت بالنسبة لحسن اللحظة الفارقة التي عاش أشهراً لأجلها و أيقن أن ذكاء الحق سينتصر الآن على تكنولوجيا الباطل ، فأشهر مسدسه وفي ثواني كان يطلق رصاصات قاتلة على مودي فأرداه قتيلاً على الفور ، و قبل أن ينتبه حارسه على المفاجأة ، أطلق حسن رصاصتين في رأس و رقبة الحارس ، الذي لم يقتل ، وبسرعة عاد حسن أدراجه ، إلى حيث أتى بعد أن نفّذ الخطة ، دون أن يدري أن مودي كان معه حارسٌ ثانٍ يجلس في المقعد الخلفي و لم يتمكّن حسن من تمييزه بسبب زجاج السيارة الأسود الذي يجعل من بداخل السيارة يرى ما يجري خارجها دون أن يتمكّن من يقف خارجاً من رؤية من بداخل السيارة .


ولم يحرّك الحارس الثاني ساكناً إلا بعد أن رأى حسن يعود أدراجه ، فأطلق النار عليه من الخلف فسقط حسن على الأرض ، بعد أن أبلغ مودي بطريقته عن العملية الفدائية التي خطّط لها منذ شهور .


وخلال لحظات كانت أجراس الإنذار الحمراء تدقّ في مكاتب رئيس جهاز (الشاباك) و أجهزة المخابرات الصهيونية الأخرى ، و في مكتب رئيس الدولة و رئيس الوزراء و رئيس الأركان ، لتنقل الخبر الصاعق و هو مقتل العقيد (يهودا إدري) .

واتفق أمير الظلام مع المسؤولين الآخرين على صيغة لنشر الخبر وهي أن ("مخرّباً" قام بتصفية ضابط المخابرات الذي يشغله غدراً ، و إصابة حارسه بجراح خطيرة و أن الحارس الثاني تمكّن من قتل "المخرّب") .

وسارع كبار المسؤولين في دولة الكيان الصهيوني إلى مكان الحادث و توجّه الجنرال (موفاز) قائد الجيش الصهيوني إلى منزل العقيد مودي ليقدّم التعازي لوالده و شارك (موفاز) و كبار ضباط جيشه و مخابراته في تشييع مودي إلى مقبرة جبل (هرتزل) في القدس المحتلة و الدموع تملأ أعينهم لهذا الاختراق للجهاز الذي قال عن نفسه إنه من أقوى أجهزة المخابرات في العالم .

ميرفت و حسن

بعد قليل من الحادث كان رفاق حسن و جماهير غفيرة بدأت تتوافد على منزل حسن في مخيم (بيت جبرين) ، فرغم أن أجهزة المخابرات الصهيونية لم تعلن اسم الضابط القتيل أو اسم الذي قتله ، إلا أن جميع المعلومات كانت لدى الكتائب ، فهي تعرف من هو مودي وأن الذي صفاه هو (أسد الكتائب) حسن أبو شعيرة ، كما أطلق على حسن . و أصبح أفراد الكتائب مصدر المعلومات الموثوق لوكالات الأنباء العالمية التي انشغلت بالنبأ الصاعق على أجهزة مخابرات الاحتلال .

في مخيم (بيت جبرين) بدأت المفاجأة على أسرة حسن ، كانت الأخبار تأتي تباعاً ، و لكن الخطأ الذي ارتكبه رفاق حسن ، رغم جهدهم الاستخباري والتدريبي الذي يثير الإعجاب، فهو تصديقهم لرواية المخابرات الصهيونية حول مقتل حسن ، ويبدو أنهم من خلال رصدهم للعملية شاهدوا حسن و هو يسقط برصاص الحارس الثاني ، فاعتقدوا بأنه استشهد ، مع أنه في مثل هذه الحالات وبغياب رواية صادقة أو مستقلة ، فلا يجب أبداً الركون إلى روايات مخابرات معادية .


المهم بينما كان الحزن والصدمة تعلو وجوه مسئولي المخابرات الصهيونية ، كانت الجماهير التي هبّت إلى منزل حسن تشعر بسعادة لما قام به من أجلهم ومن أجل وطنه .


وأقيمت لحسن خلال الأيام التالية مهرجانات وطنية و ألصقت صوره على الجدران وطبعت على القمصان و أصبح اسمه على كل لسان كبطل يحتذى ، وكان الجميع في انتظار تسلم جثمان حسن الذي سلّم لأهله بعد 12 يوماً من العملية، وتبيّن بعد فحص الجثمان، خطأ تسرّع الكتائب بتصديق الرواية الصهيونية حول مقتله ، لأن الشواهد تدلّ على أن حسن اعتقل بعد إصابته وتعرّض لتعذيب قاس، فهناك حروق على الجثمان وأحشائه مفقودة وتم فقأ عينه اليمنى وأصابعه مقطعة وهناك آثار لسبع رصاصات أطلقت على رأس حسن من نقطة صفر .


ونقل جثمان حسن بالزغاريد إلى مثواه الأخير لدفنه بجانب قائد الكتائب الشهيد حسين عبيات ، ورأى المشيّعون زوجة حسن وهي تتقدّم وتحمل في نعشه بدون أن تذرف أية دمعة وتهتف بحياته وحياة جميع الشهداء ، وبجانبها تسير ابنتها ميرفت .


وبعد الجنازة و في ساحة المخيم الذي ولد فيه حسن مشرداً عن بلدته الأصلية وقفت ابنته ميرفت تمسك الورقة التي خطّها واطمئن عليها ليلة ذهابه لموعده مع ضابط (الشاباك) و لم تكن إلا وصيته ، و تلتها ميرفت بصوت واثق و هي ترتدي قميصاً عليه صورة والدها الشهيد :


(بسم الله الرحمن الرحيم)

وداعاً يا دنيا، إلى الذين يريدون معرفة الحق و فتح أبصارهم على النور و إنقاذ أنفسهم من أن يكونوا فرائس سهلة بين أنياب و مخالب هذه الدنيا ، أقول ضارعاً إلى الله عز وجلّ أن يتقبل منا و أن يجعله في ميزاننا يوم القيامة و أن يكون خالصاً لوجهه و أن ينفعنا و ينفع بنا ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
أما بعد ... فأنا حسن سعيد أحمد حسن أبو شعيرة من سكان مخيم العزة أبلغ من العمر 32 سنة متزوج و يوجد لديّ أطفال (3) أرجو من الله أن لا ينساهم أحد من الشرفاء ومن أهلي العظام في هذا المخيم من بعدي ، أهلي سوف أقوم بكلّ فخر بعمل بطولي في سبيل الله والوطن وفي سبيل شهداء الأقصى وأثأر لكلّ شرفاء فلسطين ومن هنا أقول إلى أهلي وجيراني المناضلين وأبناء هذا المخيم المناضل أن يستمروا في مسيرة الكفاح حتى النصر و يرجع الحق إلى أهلنا بإذن الله و أقول حسبنا بالله ونعم الوكيل ..

أهلي الكرام أبناء عمّي أجمعين .. أنتم من جعلني بكلّ فخر واعتزاز أن أكون بطلاً من أجل هذا الوطن وبهذا أقول سوف أقوم بعملٍ بطولي في أقرب وقتٍ ممكن .. يا رب بأن يكون هذا مشرّفاً لكم ولكل فلسطيني ، لا تنسوا أبنائي يا أهلي من بعدي حتى أطمئن في قبري ..

وأخيراً أقول :
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى:
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون)
صدق الله العظيم ...
أخوكم : حسن سعيد أبو شعيرة
في حركة فتح أنا شهيد أنا شهيد يا رب يا رب في سبيل الله و فلسطين الأقصى في دمي وداعاً.
5/6/2002
وأصبح حسن نموذجاً ومثلاً ، وكتب رفاقه الذين تابعوا العمل من بعده على صورة جدارية كبيرة له في مدخل المخيم الذي ولد وعاش فيه بعيداً عن بلدته الأصلية المدمّرة :

(إن كسر المدفع سيفي فلن يكسر الباطل حقّي)

جمال جرار 15 - 2 - 2011 11:31 AM

مجهود رائع وموضوع قيّم
استمتعت بتواجدي بصفحتك

بانتظار المزيد من هذا العطاء

لك مني ارقّ تحية وأعذبها

دمت بخير


نشمي المنتدى

زهرة عمان 15 - 2 - 2011 11:55 AM


shreeata 15 - 2 - 2011 12:45 PM

امي اذا مت والقيد في يدي لا تحسبي اني قد مت في غذى الشباب
غدا سنحرض اهل القبور ونشعلها ثورة تحت التراب
سعدت بما قرات هنا
سلمت ارب
وهناك الالالالالاف الشهداء والابطال
تحيات لك

ناجي أبوشعيب 2 - 4 - 2013 07:04 PM

رد: أمير الظلام
 
موضوع قيّم بورك فيك اختاه

ابو فداء 3 - 4 - 2013 01:56 AM

رد: أمير الظلام
 
سلمتي وسلم قلمك
موووووودتي

ابو الأوس 3 - 4 - 2013 01:59 AM

رد: أمير الظلام
 
يعطيڪَ العافيه..

إختيارڪَ موفق جدا..

تسلم الايادي ..

بـانتظار جديدڪَ..

shreeata 3 - 4 - 2013 03:32 AM

رد: أمير الظلام
 
جميل ورائع ما قراات وكم هناك من القصص التي
ترسم للجميع نضال شعب لا زال يكافح
سلمت الايادي عزيزتي
تحيات لك

بصيرة الأعمى 4 - 4 - 2013 04:38 PM

رد: أمير الظلام
 
مشكورة لطرحك عزيزتي
ويبقى الاسم هو من ينطق بجوهره
محبتي
بصيرة
#cc#


أوراق الزمن 5 - 4 - 2013 09:30 PM

رد: أمير الظلام
 
يعطيك العافية وما يحرمنا جديدك
تحياتي وورودي


الساعة الآن 06:14 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى