منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القسم الإسلامي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=21)
-   -   تعلّم التفكير من المصطفى صلى الله عليه وسلم (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=21683)

B-happy 20 - 1 - 2012 06:53 PM

تعلّم التفكير من المصطفى صلى الله عليه وسلم
 
تعلّم التفكير من المصطفى صلى الله عليه وسلم

روى علي ابن أبي طالبٍ رضي الله عنه في أحداث غزوة بدر فقال: لما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا؛ سار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بدر (وبدرٌ): بئر، فسَبقَنَا المشركون إليها، فوجدنا فيها رجلين منهم رجلًا من قريش، ومولىً لعقبة ابن أبي معيط؛ فأما القرشي فانفلت، وأما مولى عقبة فأخذناه فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول: هم والله كثيرٌ عددهم شديدٌ بأسهم؛ فجعل المسلمون إذ قال ذلك ضربوه حتى انتهوا به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال له -عليه الصلاة والسلام-: (كم القوم ؟) فقال: هم والله كثيرٌ عددهم شديدٌ بأسهم؛ فَجَهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخبره كم هم فأبى؛ ثم إن النبي -صلى الله علي وسلم- سأله: (كم ينحرون من الجزور؟) أي: الإبل فقال: عشرًا كل يوم؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: القوم ألف كل جزورٍ لمائة.

هذه القصة أخرجها الإمام أحمد في مسنده بسندٍ رجاله ثقات ولها شواهد؛ وفيها إثبات أن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- استطاع الحصول على معلوماتٍ مهمةٍ من ذلك الأسير بطريقٍ غير مباشر لما رأى الرجل يتمنّع ويحيد في الأجوبة.
سأله -عليه الصلاة والسلام- سؤالًا ذكيًّا جدًّا تمكّن من خلاله أن يصل إلى المعلومة المطلوبة بمعرفة كم ينحرون من الإبل بغرض الأكل؛ وقد قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه الأذكياء: بابٌ في سياق المنقول من ذلك عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- من الكلمات التي تدل على قوة الفطرة الفطرية؛ فأما ما حصل له بتلقي الوحي، وتثقيفه فذلك كثير؛ وليس هو مرادنا ها هنا؛ إنما المراد القسم الأول ثم ذكر القصة الآنفة.
وحلقتنا اليوم عن مهارةٍ من أهم مهارات التفكير وهي: تعلم الطرق الصحيحة، والوسائل النافعة للوصول إلى المعلومات بدقةٍ وواقعية وهي استمرارٌ للحلقة السابقة.
والمتتبع لسنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وسيرته يتبين له بوضوح مدى حرصه -عليه الصلاة والسلام- على استقاء المعلومات الدقيقة خاصة في مسائل إدارة الدولة الإسلامية.
ومن ذلك مثلًا: أنه -عليه الصلاة والسلام- طلب من بعض الصحابة أن يقوموا بإحصاءٍ دقيقٍ لعدد المسلمين؛ كما جاء في الحديث المخرَّج في الصحيحين عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أحصوا لي كم يلفظ الإسلام)، قال: فقلنا: يا رسول الله، أتخاف علينا قال: (إنكم لا تدرون لعلكم أن تُبتلوا)، قال: فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرًا" وهذا لفظ مسلم.
وفي لفظ البخاري قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اكتبوا لي من تلفّظ بالإسلام من الناس)؛ فكتبنا له ألفًا وخمسمائة رجل.
قال النووي -رحمه الله-: قوله: (أحصوا) معناه عُدُّوا؛ وقد جاء في رواية البخاري (اكتبوا)، وقوله: -صلى الله عليه وسلم-: (كم يلفظ الإسلام؟) معناه: كم عدد من يتلفظ بكلمة الإسلام؟؛ (وكم) هنا استفهامية ومُفَسِّرها محذوف وتقديره: كم شخصًا يلفظ بالإسلام؟ وفي بعض الأصول: تَلََفَظ، وفي بعض الروايات للبخاري وغيره: (اكتبوا من يلفظ بالإسلام)؛ فكتبنا، وفي رواية النسائي وغيره (أحصوا لي من كان يلفظ بالإسلام)، وفي رواية ابن ماجة وأبي يعلى الموصلي: (أحصوا كل من تلفظ بالإسلام).
قال الحافظ ابن حجر: وكأن ذلك وقع عند ترقب ما يُخاف منه؛ ولعله كان عند خروجهم إلى أحد أو غيرها؛ ثم رأيت في شرح ابن التين: الجزم بأن ذلك كان عند حفر الخندق.
أيها المستمع الكريم : لعلك لاحظت فيما مضى أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أراد أن يحصل على معلوماتٍ كميةٍ دقيقةٍ تتعلق بعدد المسلمين، وأن تُكتب تلك المعلومات؛ فما جرى وحصل هو إحصاءٌ كتابيٌ مدون؛ الغاية منه: التحقق من مقدار القوة البشرية المستعدة للقتال بدلالة قوله: (فكتبنا له ألفًا وخمسمائة رجل).
وأحسب أن هذا التوجيه النبوي يدل على رغبةٍ في توفير المعلومات الدقيقة؛ حتى يسهل بعد ذلك التفكير بتمعنٍ، وواقعية في اتخاذ القرارات المصيرية.

ومن أهم ما يوفره الإحصاء: معرفة ميزان القُوى بين المسلمين وأعدائهم؛ وبهذا يصبح النظر في المصالح والمفاسد ممكنًا ومبنيًّا على حقائق علميةٍ قطعية بعيدًا عن حماس المندفعين، أو أمان الحالمين.
وانظروا -حفظكم الباري من شرور الأعادي- إلى قول بعض العلماء: في أن الإحصاء النبوي جاء في غزوة الخندق التي تسمّى أيضًا "بالأحزاب"؛ فلقد كان عدد الكفّار عشرة آلاف مقاتل وهذا أضعاف عدد المسلمين في ذلك الحين.
لقد كان الموقف في غزوة الخندق صعبًا للغاية؛ كما قال تعالى في سورة الأحزاب {إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}.
في مثل تلك الظروف الصعبة جدًّا وربما كان قُبيل حفر الخندق؛ طلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حُذيفة ومن معه كتابة ذلك الإحصاء؛ وقد يقول قائل: إنما حدث الإحصاء مرةً واحدة؛ والصحيح على خلاف هذا: ففي حديثٍ آخر في الصحيحين عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا يخلون رجلٌ بامرأة ولا تسافرنَّ امرأةٌ إلا ومعها محرم)؛ فقام رجل فقال: يا رسول الله، اكْتُتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجَّةً، قال: (اذهب فحُجَّ مع امرأتك).
فهذا الحديث يدل على أنه كان من عادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمر بإجراء الإحصاء خاصةً في أمور الحرب، قال الحافظ ابن حجر: كان من عادتهم كتابة من يتعين للخروج في المغازي. واستمرارًا في العناية بالمعلومات الدقيقة الواقعية يحدثنا حذيفة -رضي الله عنه- عن نموذجٍ ثان من وسائل الحصول على المعلومات في العهد النبوي يقول -رضي الله عنه-: "لقد رأيتنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة الأحزاب وأخذتنا ريحٌ شديدة وقُرّ -أي: بردٌ شديد-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا رجلٌ يأتني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة)، فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم قال: (ألا رجلٌ يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة)، فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم قال: (ألا رجلٌ يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة)، فسكتنا فلم يجبه منا أحد، فقال: (قم يا حذيفة، فأتنا بخبر القوم) فلم أجد بُدًّا إذ دعاني باسمي أن أقوم قال: (اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذْعرهم عليّ)، أي: لا تثيرهم أو تلفت الانتباه؛ فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام -يعني: شعر بالدفء مع أن المناخ كان شديد البرودة- حتى أتيتهم؛ فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهمًا في كبد القوس، فأردت أن أرميه، فذكرت قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ولا تذْعرهم عليّ) ولو رميته لأصبته.

وزاد أحمد وغيره من رواية محمد ابن إسحاق صاحب السيرة بسنده عن حذيفة أنه قال : "فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل ما تفعل لا تَقِرُّ لهم قدرٌ، ولا نارٌ، ولا بناء؛ فقام أبو سفيان ابن حرب فقال: "يا معشر قريش لينظر امرؤٌ مَن جليسه"، فقال حُذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي إلى جنبي فقلت: من أنت؟ قال: أنا فلانٌ ابن فلان، ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش: إنكم والله ما أصبحتم بدار مُقام لقد هلك الكُراع -يعني الدواب-، وأخلفتنا بنو قريظة؛ بلغنا منهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون؛ والله ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل"، قال حذيفة -رضي الله عنه-: فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام؛ فلما أتيته -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته بخبر القوم وفرغت فقُرِرت -أي: شعرت بالبرودة-، فألبسني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من فضل عباءةٍ كانت عليه يصلي فيها؛ فلم أزل نائمًا حتى أصبحت؛ فلما أصبحت، قال: (قم يا نومان) يمازحه عليه الصلاة والسلام.
مستمعي الكرام: هل أدركتم كيف كان حرص المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على المعلومات الدقيقة من خلال قصة حذيفة -رضي الله عنه- في تجسسه على الأحزاب؛ ليأتي بالخبر اليقين، وليطلع الرسول -عليه الصلاة والسلام- على الحالة المعنوية للكفار بعد أن استمروا في حصارهم القاسي للمدينة نحو شهرٍ بأكمله؛ فجاء حذيفة -رضي الله عنه- وهو يحمل الأخبار بدقة من أرض الواقع بكل صدقٍ، ومهارة.

ومن النصوص الدالة على اهتمام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالطرق الصحيحة في الوصول للمعلومات؛ لكي يؤمِّن للدعوة الإسلامية أركانها من كيد اليهود وغدرهم: ما جاء عن زيد ابن ثابتٍ -رضي الله عنه- قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أتعلم له كلماتٍ من كتاب اليهود، قال: (إني والله ما آمن يهود على كتاب)، فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته، قال: فلما تعلمته؛ كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم.
وفي لفظٍ آخر عن زيد ابن ثابتٍ -رضي الله عنه- قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أتعلم السُّريانية. قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح وأصله في صحيح البخاري معلقًا بصيغة الجزم.
فتعلم اللغات الأجنبية عند الحاجة مهمٌ بالنظر إلى كونه وسيلةً للحصول على المعلومات الأمنية للأمة الإسلامية؛ كما يُفهم من الحديث السابق؛ فكيف إذا استعمل المسلم اللغات في طاعة الله؟! كترجمة معاني القرآن والسنة، وشرح محاسن الإسلام، والرد على زيف الخرَّاصين وكذب المبطلين؛ كما أن تعلم اللغات أصبح حاجةً قائمة خاصةً في التخصصات التقنية وما أشبهها.

فالأمة اليوم في حاجةٍ ماسةٍ إلى أن يتعلم عددٌ كبير من شبابها اللغات العالمية وبالأخص اللغات الإسلامية التي قصَّرنا فيها كثيرًا؛ وهذا خطأٌ يجب تداركه؛ فاللغات التي يتكلم بها المسلمون مهمةٌ للتواصل مع إخواننا في العالم الإسلامي.
ومما يحسُن التنبيه عليه هنا؛ أن الحديث الشائع عند كثيرٍ من الناس وهو: "من تعلم لغة قومٍ أمن مكرهم" هو حديثٌ لا أصل له، ولا تصح نسبته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأي حال؛ ويغني عنه حديث زيد ابن ثابتٍ الآنف فإنه في المعنى نفسه مع صحته.
اللهم اهدنا سبيل الرشاد، واكفنا بفضلك طريق أهل العناد، وارزقنا نعمة الاقتداء بسنة النبي الأمين والاهتداء بهديه في كل حين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمةً للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منقول

منتصر أبوفرحة 20 - 1 - 2012 08:39 PM

اللهم آمين
نقل موفق وطيب جزيت خيرا أختي

sad one 21 - 1 - 2012 02:46 PM

بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك

شكرا على الإفادة والطرح

ابتهال 21 - 1 - 2012 02:56 PM

جزاك الله خير وعاشت الايادي على افادتنا

shreeata 21 - 1 - 2012 05:50 PM

عليه الصلاة والسلام
جزاك الله عنا كل خير وجعله في ميزان حسناتك
سلمت لنا
تحيات لك

أبو جمال 21 - 1 - 2012 09:41 PM


جمال جرار 21 - 1 - 2012 09:48 PM


B-happy 21 - 1 - 2012 10:06 PM

بارك الله بكم على حضوركم وتواجدكم بالموضوع وارجو الله ان تعم الفائدة
تحياتي لكم

أرب جمـال 22 - 1 - 2012 12:55 AM

سلمت يداك وبارك الله بك

المفتش كرمبو 22 - 1 - 2012 01:04 AM

وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك
شكرا على الإفادة والطرح


الساعة الآن 05:29 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى