منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الملاحم والأساطير ومعتقدات الشعوب (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=66)
-   -   الزهرة في الإسلام : (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=8048)

YARA 5 - 7 - 2010 03:33 PM

الزهرة في الإسلام :
 
عندما تعتنق الشعوب ديانة سماوية ، فإن أداء أبنائها لعباداتهم أحيانا ، لا يخلو من تأثر بما سبق ذلك الدين ، فهناك مسيحيون في أمريكا الجنوبية يقومون بعباداتهم بخلط واضح مع ما كانوا يعبدون قبل اعتناقهم للنصرانية ..

ومن يراقب معظم الأديان السماوية ، يجد تأثرا كبيرا بالطقوس التي سبقت الديانات المعروفة .. فسواد شكل ( الهرمسية ) التي تؤمن بوجود وكيل لله في الأرض ، قد تفشت عند كل الديانات التي كانت سائدة في الهضبة الإيرانية والتي امتدت فيما بعد الى مختلف أنحاء العالم .. حيث أنه بعد وفاة (إدريس ) عليه السلام والذي عاش أكثر من ثمانية قرون يعلم الناس كل فنون الحياة من نجارة وطب و خياطة إضافة الى التعاليم الدينية ، ويكاد أن يكون النبي الوحيد الذي لم يلق خصومات من البشر .. فعندما توفي حزن الناس حزنا كبيرا ، واعتقدوا أنه ارتفع الى السماء ، لأنه لم يكن من البشر ، بل هو (الله) .. وهناك من قال أنه هو (وكيل الله ) في الأرض .. وهكذا بدأت عبادة النجوم ظنا أنه إدريس أو (هرمس) في تسميات بقية سكان الأرض ..

وما البابا عند الطوائف المسيحية ، و الحبر الأعظم عند اليهود و المراجع عند بعض الطوائف الإسلامية (عدا السنة ) .. إلا امتداد لفكرة ( هرمس ) أو وكيل الله في الأرض ..

وعندما جاء الإسلام أبقى على بعض العادات التي كانت سائدة قبله ، كقطع يد السارق ، و نهى عن عادات سيئة كوأد البنات ، لكن فيما يخص النظم التي تتعلق بتقسيم السنة أو الأسبوع الى سبعة أيام ، فلم يعترض عليها ، و أبقى يوم الجمعة مقدسا عند المسلمين .. وكان الناس قبل الإسلام يسمون يوم الجمعة ب (يوم العروبة ) ..

كذلك استخدم مصطلح (الخنس الكنس) في قوله تعالى { فلا أقسم بالخنس ، الجواري الكنس } .. وكونه كان يخاطب أناسا لديهم من المعارف ما تجمعت عبر مجاورتهم لحضارات ، وتشربهم لها ، ففند بطلان الاعتقادات الخاطئة ، باستخدام ما يعرفون ونقضه ، أو التوسع بما كان حقيقي بمعرفتهم ، ليؤكد لهم عظمة الخالق و دقة تنظيمه .. فذكرهم بنظام (السبعة ) سبع سموات ، وسبع بقرات وسبع سنابل و سبعة أيام الخ ..

ولو عدنا لقصة الزهرة و أهميتها ، عند الشعوب القديمة ، وكيف بقي أثرها ممتدا عند أهل الديانات السماوية و منها الدين الإسلامي ، فقد ورد بالتفسير الحديث ( تفسير وجدي ) 1 مثلا ، لرأينا أن تفسير كلمة فتنة في الآية { و اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ، وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ، يعلمون الناس السحر ، و ما أنزل على الملكين ببابل هاروت و ماروت ، وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ..} 2 .. فالفتنة بالتفاسير الحديثة هي : اختبار وابتلاء ، والفتنة الضلال و الإثم والكفر و الفضيحة .. وأفتن فلان فلانا ، أي أوقعه في الفتنة ..

أما في التفاسير القديمة للآية ( عند الطبري مثلا ) .. يورد قصة يمكن إيجازها بما يلي :

وهي بعد أن كثرت الخطيئة عند بني آدم ، شرعت الملائكة تطعن بأعمال البشر ، فأراد الله عز وجل ، أن يبتلي الملائكة أنفسهم ، فأمرهم أن يختاروا ملكين من أكثر الملائكة تقوى وورع وخوفا من الله ، فاختاروا هاروت وماروت ، وأهبطا الى الأرض بعد أن ركبت فيهما شهوات الإنس ، وأمرا أن يعبدا الله ولا يشركا به أحدا ، ونهيا عن قتل النفس و الزنا وشرب الخمر ، وغير ذلك من المعصيات ، وفي الأرض عرضت لهما امرأة هي الزهرة ، فغلبت عليهما الشهوة ، فأقبلا عليها وراوداها عن نفسها ، فأبت إلا أن يكونا على دينها ، وأخرجت لهما يعبدانه ويسجدان له ، فامتنعا وصبرا ردحا ثم أتياها وراوداها عن نفسها ، فأبت ثانية واشترطت عليهما إحدى ثلاث ، إما عبادة الصنم أو قتل النفس أو شرب الخمر ، فقالا كل ذلك لا ينبغي ، ثم احتدمت بهما الشهوة ، فآثرا أهون المطالب ، وهو شرب الخمر .

فسقتهما حتى أخذت الخمر منهما ، فمر بهما إنسان ، فقتلاه حتى لا يكشف أمرهما و يفضحا ، ويشاآن الصعود الى السماء بعد أن عرفا وقوعهما بالخطيئة فلم يستطيعا ، ويكشف الغطاء بينهما وبين الملائكة في السماء ، فتنظر الملائكة الى ما وقع به هاروت وماروت من الذنب فيعجبون كل العجب ، ويأخذون في الاستغفار لمن في الأرض من البشر .

ويروى أنها طلبت منهما تعليمها الكلام الذي يصعدان به الى السماء فعلماها ، وعرجت بواسطة الكلام السري الى السماء ، ونسيت أن تسألهما عن الكلام الذي يجعلها تهبط ، فبقيت معلقة في السماء 3

أما هاروت وماروت فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا لأنه ينقطع ، فجعلا ببابل يعذبان منكوسين في بئر الى يوم القيامة 4

ويروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنه كلما رأى الزهرة يلعنها ويقول : هذه التي فتنت هاروت وماروت 5 وعندما سأله أحدهم عن سبب ذلك ، قال : لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كلما رآها كان يقول : طلعت الحمراء فلا مرحبا ولا أهلا 6 .

ويزعم ( ديسو) أن قوما مسلمين ظلوا على عبادة الزهرة سرا ، حتى بعد هدم معبدها ـ الممثل في معبد اللات ـ وإقامة مسجدا مكانه ، وقد ذكر ابن الكلبي مثل ذلك 7

كما يزعم ( د أنيس فريحة ) أن عشيقها تموز ، بقي حيا ، وهو نفسه (الخضر) حيث اللون الأخضر رمز الخصوبة ، وله مقامات في أكثر من بلد عربي ، ولم ينزل في القرآن اسم الخضر ، لكن اختلاط المعارف هو ما قد يكون وراء هذا الاعتقاد 8

هذه هي الزهرة منذ فجر تاريخها حتى الإسلام ، ولا أعتقد أنني غطيت موضوعها بشكل كافي ، لكنها مساهمة قد تقرب تفسير ما يخلط بين مفاهيم أسطورية و دينية ..

ــــ
المراجع :
1 ـ د أنيس فريحة ، دراسات في التاريخ ، دار النهار ، بيروت 1980
2 ـ القرآن الكريم سورة البقرة آية 102
3 ـ تفسير الطبري ج1 ص 343ـ 346
4 ـ الطبري نفس المصدر
5 ـ الطبري نفس المصدر
6 ـ الطبري نفس المصدر
7 ـ العرب في سوريا قبل الإسلام /رينيه ديسو / ترجمة عبد الحميد الدواخلي القاهرة 1959 ص 136
8 ـ فريحة / المصدر السابق

أرب جمـال 5 - 7 - 2010 08:53 PM

رائعة على هذه المعلومات يا يارا
تسلمي حبيبتي وربنا ما يحرمنا مواضيعك القيمة
تحيتي وتقديري لك

أزهار 6 - 7 - 2010 12:10 AM


YARA 6 - 7 - 2010 02:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أرب جمـال (المشاركة 57196)
رائعة على هذه المعلومات يا يارا
تسلمي حبيبتي وربنا ما يحرمنا مواضيعك القيمة
تحيتي وتقديري لك

ربي يسلم عزيزتي أرب يسعدني حضورك وتقييمك
لك تقديري يارا

YARA 6 - 7 - 2010 02:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أزهار (المشاركة 57299)

ولك خالص تقديري حياك اله أخت أزهار


الساعة الآن 04:18 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى