منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   مواضيع ثقافية عامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=67)
-   -   في تجربة الكتابة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=1245)

Miss Jordan 17 - 11 - 2009 10:09 AM

في تجربة الكتابة
 

في تجربة الكتابة



تأليف: س. ر. مارتين





نشرت صحيفة ((العالم يوم الأحد)) الألمانية قبل سنوات عدة مقالات تحت عنوان ((بحث في تجربة الكتابة)) موقعة باسم مستعار هو: س. ر. مارتين، حيث رصد هذا الكاتب تجربة كل الكتاب المبدعين في العالم وقدرتهم في التأثير على المتلقي والإنسيابية الشفافة التي تخترق عقل القارئ، فيحدث ذلك التفاعل المدهش، ما حدث أن هذه الصحيفة أوقفت نشر هذه السلسلة، فوصلت إلى إدارة تحرير المجلة الكثير من الرسائل المحتجة التي تطالب الاستمرار في نشر هذه المقالات.سر نجاح هذه المقالات التي جمعت في كتاب تحت عنوان ((تجربة الكتابة))، هو العنوان الذي شد القراء فأثار فضولهم لمعرفة أسرار المبدعين وكيف تستيقظ الأحداث في ذات الكاتب وما هي العوامل التي تصقل خطه الدرامي في أي عمل روائي.
فروايات عالمية كان لها الصدى الكبير في دول العالم وترجمت للغات عدة، ما هي أسرارها وقدرتها على التأثير بحيث انتشرت كل هذا الانتشار؟ وكيف استطاع هذا الأديب امتصاص التجربة الشخصية ورؤاه الخاصة إزاء موقف أو حالة يعيشها في الواقع ثم ترجمتها إلى عمل روائي ناجح يخاطب فيه وجدان الإنسان أينما كان في العالم؟
والجدير بالذكر أن كاتب هذه السلسلة اعتمد في توثيق معلوماته على علاقاته الشخصية بالمؤلفين فهو قد تعرف على الكاتبة ((ميتشل)) قبل نيلها الشهرة وانزواءها والتقى ((أرنست همنغواي)) بنيويورك في الثلاثينات وتعرف على ((ريمارك)) من خلال علاقة صداقة مع عائلته أولاً وكان صديقاً مقرباً لـ ((توماس مان)).
في تجربة الكتابة

يستعرض الكاتب تجربة كل روائي من خلال روايته المميزة التي انطلق بها إلى آفاق عالم الشهرة والانتشار، متتبعا الحالة النفسية التي اعترت المبدع وهو يعيش دوافع هذا العمل الذي يتنامى بشكل بطيء حتى يختمر في وجدانه ليفجر تحفته الروائية المميزة، إذ وثق إحساس الكاتب ما بين الرجاء والأمل، النجاح والإخفاق، الإقدام والإدبار، والنزعة النفسية التي تنتابه وهو يعيش حالة المخاض حتى ولادة الرواية.
وقد رصد الكاتب هؤلاء المبدعين وانطلق في تحليله الاستدراجي لكل رواية فأرنست همنجواي وهو يؤلف ((لا جديد في الجبهة الغربية)) ومارغريت ميتشل في روايتها الشهيرة ((ذهب مع الريح)).
توماس مان و((أسرة بود نبروك))، وهارييت بيتشر ستاو وروايتها ((كوخ العم توم))، وجورج سيمون في ((مقتل بيلا))، وأجاثا كريستي في ((مقتل أكرويد))، وأدجار والاس في ((الخائن))، وإدجار رايس بوروز وتأليفه ((طرزان))، وأخيرا فرانسواز ساغان وهي تؤلف ((صباح الخير أيها الحزن)).
أعرض لكم مثلا تجربة الكاتبة ((هارييت بيتشر ستاو)) في (كوخ في العم توم)
متى؟ وكيف حدث كل هذا الأمر؟ المرأة التي تعنى بشؤون البيت والزوج والأطفال تكتب رواية؟!
إنها مشغولة في عالم بعيد عن الكتابة وليست ثمة مؤشرات تدل على أنها مشروع أديبة.
هارييت كانت من الصباح وحتى المساء مشغولة بعمل البيت والعناية بزوجها وكان لها ستة أولاد وكانت بالرغم من ذلك تفتش عن ((اهتمامات فكرية)) إذ كانت تكتب الشعر والنثر وتنشر بعضه في الصحف، اهتمامها بقضية العبيد كان مستحوذاً عليها أكثر أي شيء آخر.
قرأت إعلاناً في الصحف: ((جائزة 100 دولار لمن يعثر على عبدي همفري البالغ من العمر 17 والذي هرب في 22 أكتوبر))، أثارتها هذه الفكرة إذ تذكرت أن الكتاب المقدس يعلمنا أن البشر سواسية ولا فرق بينهم ومع ذلك أناس يبيعون البشر ويشترونهم، ورأت بأم عينيها أصحاب المزارع القساة الذين يسيؤون معاملة العبيد ويضربونهم بشدة ويلاحقونهم ويطاردونهم بوحشية، كانت تسمع قصص عديدة عن ظلم الأميركيين البيض للعبيد والدعاوى التي تقام ضدهم واستعبادهم، صرخت هارييت وقالت: ((لابد من عمل شيء ضد هذا الظلم)).
تبلورت الفكرة في رأسها واختمرت لتعزف أناملها أنين العبيد في رواية ((كوخ العم توم)) ستكتب هذه القصة وستهاجم السياسة العليا وستحارب تجارة العبيد وهذا واجبها وستحاول، والبداية صعبة، لكن الإيمان بالقضية والإرادة في صنع تغيير وانقلاب في المجتمع يغذي دوافعها، وأول من كان يقرأ صفحاتها أولادها تكتب في الليل وتقرأ على أولادها الست، فتراهم يضحكون ويبكون، فكرت هارييت وقالت: ((لو كنت أستطيع التأثير على البلاد كلها بهذا الشكل)) تدور روايتها حول العبد العجوز ((توم)) الذي يعيش مع زوجته ((كلو)) وأطفاله في كوخ صغير، توم إنسان مؤمن وصادق ويعرف القراءة والكتابة بصورة تؤهله لقراءة الكتاب المقدس والتعمق فيه ومعاناة هذا العبد مع مالكه.
تبتسم هارييت وهي تتخيل الأحداث وتنسجها في مخليتها وتبتسم قائلة (إن الله يؤلف الكتاب وما أنا إلا الأداة)).
هذه الرواية كانت تبحث عن ناشر يؤمن بقضية العبيد وصادف أن التقته المؤلفة، بداية نشرتها على حلقات في صحيفة وإذا برسائل المؤيدين والمناهضين على السواء تنهال عليها رغم تعثرها في كتابة الحلقات لانشغالها في بيتها وأولادها، فكانت الجريدة تعتذر نيابة عنها والقراء متحمسون ومتشوقون لمتابعة القصة، إحدى دور النشر في ((بوسطن)) تود نشره ككتاب وتوقع هارييت العقد فهي تدفع نصف تكاليف الطبع وتتقاسم الربح مع دار النشر.
عشرة آلاف قارئ يحتجون على الجريدة التي أوقفت نشر حلقات الرواية ويحاول صاحب الجريدة تهدئتهم، في الأسابيع الثلاثة الأولى يطبع عشرون ألف نسخة والمطابع تعمل دون انقطاع، لم تطبع في أميركا أو في العالم كله هذه الكمية من النسخ آنذاك.
أما هارييت فتجلس في بيتها الصغير تنظف وتعتني بشؤون البيت والأطفال مازالت لا تعلم مدى شهرتها وتصل لها رسالة من الشاعر ((لو نغفيلو)): ((أهنئك على النجاح الكبير، كتابك نصر كبير للتاريخ الأدبي وما يخص الحس الإنساني فإنه يتعدى الوصف))
وفي نيويورك تكتشف هارييت حجم نجاحها، طلبوا منها المقابلات، التواقيع، والزنوج كانوا يتزاحمون لرؤيتها وتقبيل ثوبها، وتقبيل الأرض التي تمشي عليها.
هذه الرواية فجرت ثورة وأحقاد وحملات كبيرة ضد المؤلفة، فانتشرت قصة العم توم وكتب الأشعار والأغاني والمسلسلات والأفلام، حورب هذا الكتاب في المدن الجنوبية وطبع بشكل سري، ترجم الكتاب في كل لغات العالم أينما تحل أو تسافر تستقبلها الشعوب بإجلال وإكبار ويحتشد الناس حولها والرجال يرفعون لها قبعاتهم.
هارييت رغم الغنى والنجاح والشهرة مازالت تعاني من عدم تحرير العبيد خصوصا رفض الولايات الجنوبية لهذا الأمر، ولأن رؤساء أميركا أنفسهم لا يحبذون إطلاق سراح العبيد لأنها تجارة مربحة لهم.
في عهد الرئيس الأميركي ((إبراهام لنيكولن)) يدعوها إلى زيارته وعندما وقفت أمامه قال: ((إذن أنت المرأة التي أضرمت الحرب))، وفي مقابلة سرية استغرقت أكثر من ساعة وهارييت لم تفصح عما دار من حديث بينهما.
وفي 22/9/1826 يعلن لينكولن نداءه التاريخي بتحرير العبيد في الولايات الجنوبية، وفرح عظيم يشمل البلاد.
في ((اندوفر)) يتجمهر الناس أمام بيت هارييت ويهتفون ليباركك الله، ليباركك الله.
وظلت هارييت تؤمن حتى النهاية بأنها كانت مجرد أداة استخدمها الرب لتأليف الكتاب.

أرب جمـال 29 - 11 - 2009 01:25 AM

http://barom11.jeeran.com/%D4%DF%D1%...1%C7%C6%DA.gif

أبو جمال 30 - 12 - 2009 04:18 PM

بارك الله فيكم على الموضوع المميز
اسعدني التواجد بين سطوركم
أبو جمال


الساعة الآن 06:30 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى