منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   سِير أعلام وشخصيات (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=57)
-   -   امرأة في مواجهة القبلية- عائشة حاجى عَلَمِي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=449)

صائد الأفكار 1 - 11 - 2009 06:00 PM

امرأة في مواجهة القبلية- عائشة حاجى عَلَمِي
 
امرأة في مواجهة القبلية- عائشة حاجى عَلَمِي

وجدت السياسية الصومالية عائشة حاجي عَلَمِي نفسها بين مطرقة قبيلتها .. وسندان قبيلة زوجها الغريمة التي اعتبرتها غريبة وجاسوسة

http://www.aawsat.com/2007/05/04/ima...sad.417717.jpg



«أدركت أن هويتي التي لا يستطيع أحد انتزاعها مني هي أنني امرأة.. قبيلتي هي الأنوثة».

تلك كلمات امرأة حولتها مأساتها الشخصية ومأساة بلدها إلى امرأة يشار لها بالبنان، فعندما اندلعت الحرب الأهلية في الصومال عام 1991 وجدت «عائشة حاجى عَلَمِي» نفسها بين مطرقة قبيلتها التي تنتمي إليها وبين سندان قبيلة زوجها الغريمة التي اعتبرتها غريبة وجاسوسة لقبيلتها الأم، «لم أكن يوما ساعية إلى الشهرة، فقط أردت أن أخدم شعبي»، تقول عائشة التي باتت خلال الاشهر الماضية واحدة من ابرز الوجوه السياسية في الصومال بسبب مساعيها الدؤوبة لإظهار ان الحرب على الصومال، ليست حربا على الارهاب، بل حرب تقودها المطامع السياسية لقادتها، وضحيتها الاف الابرياء من الاطفال والرجال والنساء الذين لا تنقل وسائل الاعلام مأساتهم ومعاناتهم. ولدت عائشة في أسرة متوسطة اجتماعيا عام 1962 في إقليم جالجدود بوسط الصومال وحصلت على دراستها في الاقتصاد في الجامعة الوطنية الصومالية عام 1986 قبل أن تنال درجة الماجستير في الإدارة والتنمية الإدارية في الجامعة الأميركية الدولية في العاصمة الكينية «نيروبي».
أسست عائشة عام 1992 جمعية «أنقذوا أطفال ونساء الصومال» كمنظمة غير حكومية سرعان ما لفتت إليها الانتباه لقيادتها حملات ناجحة ضد الختان ولصالح تعليم المرأة وتطوير مهاراتها الاجتماعية ودعمها ماليا وثقافيا وتربويا.
ثم عُيْنَتْ عائشة في عهد الرئيس الصومالي السابق عبد القاسم صلاد حسن مسؤولة عن الشؤون المالية بحكم خلفيتها الأكاديمية لكنها سرعان ما اكتشفت استحالة استمرارها في عملها بسبب استشراء الفساد وعجزها عن التكيف مع عمل حكومي يبعدها كثيرا عن الهموم اليومية للمواطنين البسطاء. تخلت «علمي» عن عملها الرسمي لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرة تقلباتها المهنية المستمرة.. رصدت فيها بتمعن كيف أن جانبا كبيرا من مشكلات النساء في الصومال أنهن مغيبات عن العملية السياسية وأنه نادرا ما اهتم أحد بالاستماع إليهن قبل التفكير في اتخاذ القرارات التي تمسهن بشكل مباشر.
فبحسب تقرير صادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة فان للحرب الأهلية ولاستمرار غياب حكومة مركزية تأثيرا مدمرا في الصومال وفي المواطنات الصوماليات. وغالبا ما سقطت النساء والأطفال ضحايا العنف العشائري أثناء الحرب، كما نشرت تقارير تشير إلى اعتداءات استهدفت النساء في مناطق صومالية مختلفة على مدى السنوات الستة عشر الماضية .فيما تعتبر مشاركة المرأة في قوة العمل مسألة ثانوية بالنسبة لمسألة التنمية الاقتصادية الوطنية، إذ يستنتج التقرير أن غياب البنية التحتية ونقص الاستثمارات وتفشي البطالة والتدهور البيئي تشكل عوائق في وجه التعافي الاقتصادي، على الرغم من أن المرأة تمثل حاليا 43 % من قوة العمل.
رأت عائشة ان هذه القضايا يجب ان تظهر للعلن، وان تترابط معا مع الازمة السياسة في الصومال. لكن لم يكن سهلا أن تتحول عائشة إلى صوت من لا صوت له أو أن تكرس معظم سنوات حياتها التالية لخدمة هذه القضية في ظل مجتمع ذكوري.. الكلمة الأولى والأخيرة فيه للرجل بفعل اعتبارات كثيرة، لكنها راهنت بحسها السياسي على أنه بالإمكان تغيير أو تعديل هذا الوضع نحو الأحسن وبما يتيح الفرصة للمرأة الصومالية لكي تشارك في عملية صنع القرار واتخاذه.
وهي شجعت النساء على لعب دور أكثر حيوية في تشجيع السلام والمشاركة السياسية وفي الحياة العامة في الصومال لأنهن كما في جميع الحروب الأهلية، أوائل الضحايا.
كان رأي عائشة شاذا ومستغربا للوهلة الأولى في مجتمع لم يعد يعترف تحت وطأة الحرب بأن ثمة دورا أنثويا يمكن أداؤه أو ممارسته بعدما سيطر كل الرجال على ساحات الحرب وشوارعها ناهيك عن مقاعد السلطة وأضوائها.
وهي رفضت منذ البداية القبول بأنه في بلد يشكل الإناث فيه نحو 65% من مجموع السكان، أن تقف نسبة النساء اللواتي يعرفن القراءة والكتابة عند حدود 26% فقط، وأن تبلغ نسبة البنات بين تلاميذ مرحلة التعليم الأساسي 48 % ..
ولطالما اعتقدت عائشة أن على النساء في بلدها الذي دمرته الحرب الأهلية الطاحنة التي اندلعت عقب سقوط نظام حكم الرئيس المخلوع محمد سياد بري عام 1991، لعب دور حيوي ورئيسي في وضع الأسس للسلام في بلدهن كجسر يربط بين العشائر والحركات السياسية المتنافسة.
لم يكن حصولها قبل سنوات على مقعد في البرلمان المؤقت الذي تم انتخابه في نهاية مؤتمرين للمصالحة الوطنية الشاملة في جيبوتي عام 2000 ثم في كينيا عام 2004، محض صدفة أو مجرد مرحلة عابرة في حياة امرأة كرست حياتها للدفاع عن المهمشين والضعفاء في مجتمعها، بل كان تتويجا لمسيرة طويلة ومحطات بارزة لناشطة دخلت مجال السياسة عبر العمل التطوعي والاجتماعي وكانت ناشطة حقوقية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان قبل أن تتحول إلى سياسية ومشرعة تشارك في عملية صنع القرار وتنفيذه والرقابة عليه.
نجحت عائشة مع نساء أخريات في قيادة حركة نسوية ذات طابع ثوري مقارنة بما كان الحال عليه في لعبة السياسة المحلية في الصومال، كما ساهمت بشكل قوى في نجاح مفوضات نيروبي التي أسفرت عن إعادة صياغة «ترويكا السلطة المؤقتة (انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة والبرلمان)» بعدما استخدمت النساء كجسر بين الفصائل المتقاتلة فيما بينها وشجعتها على ثقافة تقوم على السلام وروح المصالحة. وفي مواجهة خمس قبائل رئيسية تتحكم منذ سنوات في الواقع السياسي لبلادها، دشنت عائشة حركة القبيلة السادسة التي تحولت النساء من خلالها إلى مبعوثات للنوايا الحسنة وسفيرات يتكلمن لغة واحدة على نحو أسس لدخول منظمات المجتمع المدني على خط السياسة للمرة الأولى وبقوة. وكانت هي المرأة الوحيدة التي شاركت في رئاسة وإدارة جلسات مؤتمر المصالحة الماراثوني في كينيا. ما جرى كما تقول كان إنجازاً تاريخياً لافتا للانتباه ومثيرا لأن المشاركة في محادثات السلام السابقة كانت دوما مقصورة على الأطراف المسلحة.
وبفضل جهودها الدءوبة حصلت المرأة على 10% من مقاعد البرلمان في ختام مؤتمر جيبوتي ثم لاحقا زادت إلى 12% في نهاية مؤتمر كينيا. وتم توزيع المقاعد بشكل يحافظ على التكافؤ بين العشائر المتنافسة، ومثلت كل عشيرة من العشائر الرئيسية الأربع بخمس نساء، فيما خصصت المقاعد النسائية الخمس المتبقية للعشائر الصغيرة. وهكذا أصبحت «علمي» واحدة من بين 23 اعضاء حاليا في البرلمان الصومالي وهو رقم يعتبر قياسيا في معظم البرلمانات العربية والإسلامية، فيما عرفت الحكومة للمرة الأولى أيضا حقيبة للشئون النسائية. بمرور الوقت تحولت القبيلة السادسة إلى رقم يصعب تجاهله في المعادلة السياسية شديدة التعقيد بالصومال وإلى «لوبي ضاغط» من أجل تبني قضايا المجتمع والمرأة وتحسين أوضاعهما. من التقوها وتعاملوا معها مباشرة يعرفون قدر هذه المرأة.. من بين هؤلاء الشيخ حسن طاهر عويس رئيس مجلس شورى المحاكم الإسلامية الذي قال لـ«الشرق الأوسط» عبر اتصال هاتفي من مخبئه داخل الصومال إنه اجتمع معها في السابق عدة مرات، ويعتقد أنها تمثل نموذجا ايجابيا للمرأة الصومالية بصورة عامة. كان مدهشا أن يكون هذا هو رأي الرجل الذي يتهم بالتشدد والتطرف، لكن عويس لا يرى في نشاط عائشة السياسي أي غضاضة دينيا بل على العكس: «هي محل تقديرنا واحترامنا.. من الرائع أن يكون لدينا العديد ممن يترسمون خطاها».
يعتقد «عويس» أن «عائشة» تتمتع بخصال حميدة كثيرة لعل أبرزها تفهمها لتفاصيل المشهد الصومالي برمته وقدرتها على اتخاذ مواقف وطنية لا تطمح إلى إرضاء السلطة وإنما تنظر إلى مصالح الشعب نفسه.
كلام «أويس» يأتي على خلفية إعلان «عائشة» معارضتها المبدئية للغزو الإثيوبي لبلادها وهي معارضة لم تفقدها احترام الرئيس الصومالي الانتقالي عبد الله يوسف، أو رئيس وزرائه علي محمد جيدي، لكنها أوجدت بالضرورة نوعا من الهمهمة في مختلف مؤسسات السلطة الانتقالية.
اليوم تقف «عائشة» على مسافة من هذه المؤسسات وهي تتبنى طرحا قد لا يروق بالضرورة للسلطة، وهي ترى أن هذه اللحظة هي الأكثر حرجاً في تاريخ الصومال بسبب المأساة العميقة التي يعيشها الشعب الذي يعاني نقصا في الغذاء والدواء. وليس أدل على ذلك من أنه في رحلة البحث عن «عائشة» كان السؤال الذي يردده أكثر من مسئول صومالي على مسامعي «ولماذا تحتاج لأن تتحدث إليها، لن نعطيك أرقام هواتفها، ابحث عنها بمفردك، إنها ليست من مؤيدي السلطة». أحدهم قال: «نعم نحترمها.. لكنها مؤخرا أبدت معارضة للتواجد العسكري الإثيوبي وهذا خطأ سياسي عليها التراجع عنه. ليس لائقا انتقاد مساعدة زيناوي لنا علانية على هذا النحو من قبل أعضاء في البرلمان».
على أن هذه النصيحة ذات المغزى السياسي الواضح لم تجد صداها لدى عائشة التي ما تزال مصرة على القيام بما أتقنته طيلة حياتها وهو الصدق مع نفسها ومجتمعها.
لم يكن الجفاء هو طابع علاقتها في السابق مع الحكومة عندما كانت المحاكم الإسلامية ملء السمع والبصر في العاصمة مقديشو، فقد اختارتها «حكومة جيدي» ضمن خمسة أعضاء عينتهم في البرلمان الأفريقي، وهي واحدة من ضمن ثلاث نساء معينات واسمها على رأس قائمة بلادها وفقا للموقع الالكتروني للاتحاد الأفريقي على شبكة الانترنيت.
ولاحقا ضمتها الحكومة لوفدها الرسمي الذي ذهب العام الماضي للتفاوض مع ممثلين عن المحاكم الإسلامية في العاصمة السودانية الخرطوم برعاية الرئيس السوداني عمر البشير (رئيس القمة العربية آنذاك) والجامعة العربية. وهناك برهنت على أنها صوت العقل بتأكيدها المستمر على ضرورة حسم الخلافات في إطار صومالي بعيدا عن أية تدخلات أجنبية، مما أكسبها المزيد من احترام وفد المحاكم. ولم تكتف عائشة بنجاحها المحلي، بل راحت تتطلع لتطوير أدواتها، وشاركت في شهر أكتوبر (تشرين) الماضي في برنامج يديره المعهد الديمقراطي القومي، الذي يدير برامج خاصة تمولها الحكومة الأميركية بهدف رفع مستوى المهارات البرلمانية لدى البرلمانيات الصوماليات.
ما يحتاجه بلدها اليوم من وجهة نظرها هو «حل سياسي وشامل» تتحقق فيه المصالحة الوطنية الجادة بمشاركة جميع الأطراف وعبر «بناء الثقة» بين القبائل والعشائر. وخلقت هذه الرؤية عدم ارتياح تجاهها سواء من قبل أعضاء بالبرلمان أو بالحكومة، بيد أنها لا تبدو مطلقا عابئة بها فلطالما كان الحق يغضب والحقيقة مزعجة. في ذاكرة عائشة مشاهد أليمة للحرب التي عاشتها العاصمة الصومالية مقديشو على مدى الشهور الماضية، قبل أن تتمكن القوات الحكومية الصومالية والإثيوبية من حسم الموقف لصالحها وتخلى جنوب العاصمة من العناصر التي كانت تشن هجمات عنيفة ضدها منذ خروج ميلشيات المحاكم الإسلامية من المدينة.
سحقت الدبابات الإثيوبية والقصف الذي شنته طائرات مروحية أميركية هؤلاء (ميلشيات المحاكم) بعد تسعة أيام فقط من القتال الضاري، فيما تروى «عائشة» بحزن مشهد تلك الأم التي فقدت قدميها بعدما أصابها صاروخ إثيوبي ضل طريقه لهدفه كما يزعم الإثيوبيون.
تقول عائشة بحزم: «هذه إبادة جماعية ومن قتلوا من النساء والشيوخ والأطفال ليسوا إرهابيين إنهم أبرياء، والحرب على الإرهاب ستار استخدمه البعض لذبح شعبنا على هذا النحو».
وعلى الرغم من أن عائشة لم تنضم بشكل واضح إلى الفريق الذي يتزعمه رئيس البرلمان السابق شريف حسن شيخ آدم، الذي أطيح به من منصبه مطلع العام الجاري بسبب ميوله نحو الإسلاميين، فإن عائشة لا تخفي مواقفها التي تدعو رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي إلى سحب قوات بلاده العسكرية من الصومال.
«عائشة»، التي كانت في عام 2005 ضمن مائة امرأة ترشحن من جميع أنحاء العالم لنيل جائزة نوبل للسلام تقديرا لإنجازاتهن في مجتمعاتهن، ترى أن التدخل الخارجي في شؤون الصومال لم يكن مطلقا في مصلحة الشعب الصومالي، ولم يكن له ما يبرره: «كان من الأولى لو تركونا نحل مشاكلنا بأنفسنا.. التدخل الأجنبي في مشاكلنا عقَّدها ولم يوجد لها الحل».


الآماكن 20 - 7 - 2010 03:14 AM



الساعة الآن 06:06 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى