منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   خواطر قصصية - أرب (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=172)
-   -   اُمنيـة ! (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=23728)

أرب جمـال 11 - 4 - 2012 02:13 AM

اُمنيـة !
 
اُمنيـة !

عندما تلوّح السماء بعصا الغضب , تقفز القلوب هلعا من مكانها وتحيل الجسد الى كتلة باردة , وتهيم الروح باحثة عن طريقٍ نجاة.. قد يأذن لها الله سبحانه وتعالى لها بعودة او تستقر حيث منتهاها !

اسموها امنية ,, واغدقوا عليها حناناً لم يغدقوه على اخويها من قبل , طفلة كباقي الأطفال ,, لم يكن يميزها شيء غير انها وُلدت بعد ان كبر والديها ,, فكانت لعبة اخويها ,, ووالديها بعد هذا العُمر ..
كان أخويها يسارعان بالعودة للبيت ليداعباها ويحملانها , بل جلّ امانيهما أن تكبر قليلاً لتتكلم معهما وتصبح رفيقة لهما اينما ذهبا ..
سعادة الوالدان كانت بلا حدود وهما ينظران إلى ولديهما يتناوبان على حملها ودلالها وهي لا تزال في لفاعها ( الكوفلية) ,, وكانا يدعوان الله أن يبقيا هكذا حنونين عليها .. فالأعمار بيد الله ومن يدري ان غيبهما الموت بعد عمر كيف سيكون حال امنيتهم وكيف سيؤول وماهو مصيرها بعدهم؟
لذا , كان الوالدين يرددان على مسامع ابنيهما دوما ان هذه الامنية هي دمهم ولحمهم وما يصيبها بعدهم ان أخذ الله وداعته سيؤثر على مستقبلهم ان لم يرعيانها ويضعانها في حبات اعينهم ويغلقان عليها برموشهم ..فهي رحمهم والله اوصانا بصلة الرحم.
ُتردد الأم وُتكرر : اريدها أن تتعلم وتصبح مثلكما وهذا دين في رقبتيكما ووصية !
وكان الأب يهز رأسه دوما ولسان حاله يؤكد على كلام زوجته وفكره غارق في شيء أبعد مما يعتقده من حوله .
كان الأخوان يدعوان بطول العمر لوالديهما ويعدان ان يصونا امنية , ويحافظان عليها .. كيف لا وهي اختهم الصغرى ؟
اشرف في الجامعة يدرس الهندسة سنة ثانية , ومنير سنة اولى علوم سياسية .. والوالد احيل على التقاعد لوصوله الى سن تسمح له بالتقاعد وبناء على طلبه بعد ان اصيب بمرض لم يخبر ابناءه عن حقيقته .. فقط زوجته الوحيدة التي تعرف بحقيقة مرضه .. فالولدان لا يعرفان عنه غير انه مصاب بالتهاب بالصدر , والكحّة التي أصابته نتيجة التدخين لأكثر من ثلاثين عاما , وما ُكحّته هذه الاّ نتيجة ذلك لا أكثر كما كان يخبرهما ..
آهـٍ لو يعود الزمن إلى الوراء لما تعلم شرب السجائر ولما جعل سيجارة تلامس شفتاه الراجفتين شوقا إلى المزيد من هذه السجائر اللعينة الآن ولكن ..!
ومع هذا فطالما طلب منه ابناه ان يزور الطبيب حين تشتد عليه الكُحّة وخاصة بالليل عندما يضع رأسه على الوسادة لينام .. فيقول لهما لا تقلقا ولا تلقيا بالاً .. لعن الله السجائر والتدخين .. إياكما أن تعتادا على مسك سيجارة .. إياكما ! المهم عندي أن تبقى أسرتي الحبيبة هكذا .. وكان يضم كفيه وتتشابك اصابعه معربا عن وحدتها ..! فيقولان له : سنبقى كذلك الى أن يفرقنا الموت !
فهل سيكونا قدر هذا الوعد؟
هل سيفيان به وبباقي التزاماتهما ووعودهما؟
ستثبت الأيام اللاحقة ذلك ! فمن يدري؟


وفي ليلة اشبه بكابوس حلّ على الاسرة الصغيرة .. اشتدّ عليه المرض .. وتغيرت صوت كُحتّه إلى ُبحّة ,, وجحظت عيناه واضطر الأبناء إلى نقله إلى المشفى بسيارة اسعاف , ليوضع في غرفة العناية المركزة ,, ويخرج الطبيب بعد ساعات ليعلن نبأ الوفاة !
ما اصعب لحظات الانتظار خلف هذه الغرفة المغلقة الا على والدهما والطبيب وسحابة سوداء تلوح بافق مليء برائحة الدواء والملابس البيضاء!
كأنها ُتنبئ بلون الكفن !
هكذا كانت مشاعر الإبنين ووالدهما يرقد في غرفة العناية المُركزة وكذلك كانت الأم!

نظرات حائرة ودعاء وبقية باقية من أمل وامنية حائرة في قلب الأم .. وعلى صدرها تضمّ بشدة صغيرتها وكأن نجاة والدها مرهونة بها ..!
بأمنية !

انتهت مراسيم العزاء وسط صدمة وذهول الأهل والأبناء , والآن يتعين على الاسرة الصغيرة أن تبدأ بتدبير امورها في غياب عامود البيت وأساسه..
اشرف يجلس قابعا في غرفته صامتا يداعب كتابه تارة ويقلب صفحات لا يدري عدد كلماتها ولا مغازي حروفها .,
منير يدور في البيت باحثا عن شيء ,, يحدّق النظر في صورة والده فوق التلفاز الصامت ويسرق النظر إلى اخته الصغيرة وامه ..
والوالدة تحاول أن تدخل الطمئنينة في قلوب ابنائها وان تحتوي انفجاراتهم المكبوتة .. تريدهم ان يبكوا ويصرخوا كي لا تخنقهم احزانهم !
وامنية الصغيرة تكسر صمت البيت وتبدد الحزن بضحكاتها بين الحين والآخر ..
ويوما وبينما كانت الأسرة تجتمع على المائدة لتناول طعام الغذاء , نظر منير إلى كرسي والده وصرخ صرخة كانت مكبوتة منذ زمن في صدره .. بكى بحرقة .. بكى وكأن دموع العمر كله اتحدت لتصبح شلالا من فقدٍ وحسرة .. وكأن دموعه كانت فاتحة لينخرط الجميع في البكاء ..
وبكت امنية لأول مرة على بكاء من حولها ..
احتضنت الأم منير ودموعها الساخنة تستعطفه لأن يمضي بالبكاء ويُخرج ما بصدره
لم ترَ دموعه كما رأتها اليوم ,, ولم تستشعر بهذا الكم من الحب لوالده كما استشعرته اليوم فمن طبعه ان لا يعبّر عن حزنه وفرحه كباقي الأولاد..
وبكى على صدرها بحرية وكأنه طفل هزمته ذكريات والد ُدفن للتو !!

وابتدأت الأم تحسّ بدورها الكبير الآن أكثر !

امّ وأب واخت .. هكذا سيكون دورها منذ هذه اللحظة بالذات .. وكأن دموع منير أكدت لها هذا الدور وهذا الواجب


للقصة بقية
/
/
/
أرب





shreeata 11 - 4 - 2012 02:21 AM

انتظر بقية هذه القصة المثيرة
عزيزتي ارب
كم انت رائعة في خياراتك للفكرة
سلمت لنا
تحيات لك sha@

nouzinka bouchaib 11 - 4 - 2012 02:34 AM

z%zبداية مشوقة وأفكارأكثر من رائعة أختاهz%z

الخنساء 11 - 4 - 2012 04:09 AM

قصة رائعة و حزينة و مؤثرة، في آنٍ واحد، أنامل من ذهب، بانتظار باقي ما تجود به هذه ألأيادي السحرية، تقبلي سيدتي تقديري و احترامي لك. الخنساء sha@sha@sha@

جمال جرار 13 - 4 - 2012 12:23 AM

يسلمو يا صاحبة القلم المميز
منك نتعلم الكثير فأنت مدرسة ومهما قلت لن اوفيك الاعجاب
انتظر ان تكملي القصة

نشمي المنتدى

صائد الأفكار 15 - 4 - 2012 09:25 AM

رائعة ارب
متى سنُحظى بقراءة البقية!؟@@@#

hakimnexen 15 - 4 - 2012 10:46 AM

رائعة دوما

المُنـى 19 - 4 - 2012 12:08 AM

متااااابعة
سلمت الايادي ارب

ناجي أبوشعيب 19 - 4 - 2012 01:08 AM

sha@

قصّة مثيرة حقّا
شكرا الأخت أرب جمال على الإدراج
احترامات لشخصك الكريم
أخوك ناجي بن مسعود

sha@

أرب جمـال 20 - 4 - 2012 07:02 PM

عندما يغيب الحبيب ورفيق الدرب تنقلب موازين الحياة .. تُجاهد الأم عبثا أن تخفي حنينها ,, وتقاوم طول ليلها وينصب تفكيرها على اسرتها ومشوارها الطويل ..
وفي الجانب الآخر هناك الأبناء الذين ينظرون ويقرأون التفاصيل بصمت ويخفون خلف صمتهم الكثير..

بعد أن هدأ منير من انفعاله واشتياقه الكبير لوالده أراد أن يعتذر ,, اوقفته امه وقالت له .. من بكيته وافتقدته ليس غريبا عنك .. هو والدك , ومشاعرك الكبيرة تجاهه لا أريدها أن تتلاشى مع الزمن .. اطلب له الرحمة حيث تكون واقرأ على روحه الفاتحة .. وكلما مررت بموقف يذكرك به ابتسم وادعو له ..
لن يغيب والدك عني ولن انساه ,, فيكفي ان أهدى اليّ اثمن هدية في الحياة .. أشرف ومنير وامنية !!
لذا لا اريده ان يغيب عن بالكم فيكفي أنه اهدى اليكم مالم يهديه لأحد غيركم ..
اعطاكما اسمه ,
اهداكم محبتكم
اهداكم الاخوة الصادقة بينكم ..
وزرع فيكم أخلاقه النبيلة ..
ستمضي الحياة بدونه ولكن روحه ستبقى مغروسة في قلب كلّ واحد منكم ,,.

في الليل مضى منير الى فراشه وتبعه شريف ..
دار بينهما حوار رجال واخوة ..
اخبر شريف منير عن وضع الاسرة الاقتصادي كيف سيكون الآن وكيف عليه أن يتصرف وأمامهم اختهم الصغيرة امنية التي كانت قرة عين والدها وامنيته التي لم تتحقق !!
فقد قالت له امه ذات مساء أن الوالد اختار هذا الاسم لانه كان يتمنى أن يمدّ الله في عمره ليرى ولديه وقد تخرجا من الجامعة وتزوجا وانجبا .. كانت امنيته ان يداعب احفاده ,, ولو انها كانت امنية بعيدة!
- على واحد منا يا منير أن يترك الجامعة ويعمل !
- نترك الجامعة !!
- انا المشوار امامي طويلا واعتقد ان عليّ أن اعمل ولا انتظر أن تأتي اللحظة التي تخبرني بها الوالدة ان الفلوس التي ادخرتها والوالد لتعليمنا قد نفذت!
لا اريد أن تقتّر امنا على حالها لأجلنا , اتفهمني يا منير ؟
- نعم افهمك .. ولكن لديّ اقتراح قد يفي ويسد حاجتنا ..
- ما هو ؟؟
- من الغد سأبحث عن عمل في أحدى الشركات او المطاعم بدوام يتناسب مع دوامي ولعلّ الله ييسر أمري واستطيع أن اخفف من مصاريف دراستي.
- وهو كذلك .. لا أدري لم غابت هذه الفكرة عن ذهني ! سأحاول انا ايضا ان أجد وظيفة في أحد المكاتب الهندسية ,, اتمرن هناك وبنفس الوقت اسد مصاريفي اليومية وابقى على تواصل مع دراستي.
ولكن قبل كلّ شيء علينا أن نخبر الوالدة بالأمر لكي لا تقلق علينا في حال وجدنا وظائف !
كان منير اسرع بايجاد الوظيفة نظرا لوجود معارف واصدقاء ساعدوه ,, عدا عن ذلك فوظيفة توصيل طلبيات او تقديم الطلبيات في المطاعم ليست بحاجة الا الى مظهر وفن التعامل مع الناس .. وكان منير يمتلك المظهر والفن معاً.
اما شريف فقد طرق اكثر من باب ولم يُوفق ولكن خطر بباله أن يذهب الى الشركة التي كان يعمل بها والده ليقدم لوظيفة بدوام جزئي ايّا كانت الوظيفة !
في البداية اعتذر المدير عن توظيفه لان عليه ان يقدم طلباعن طريق ديوان الخدمة وهذه الاشكاليات تأخذ وقتا طويلا, إضافة الى انه لم ينه تعليمه بعد.. ولكنه وعده ان يجد له وظيفة عند مكتب أحد الاصدقاء وطلب منه ان يمر عليه بعد يومين .

كان وقع الخبر على الأم عميقا .. نظراتها تتكلم بصمت !
يا الهي ! كبُر اطفالي !!
بالبداية مانعت الأم واصرت ان يكملا الدراسة ويبتعدا عن التفكير بالعمل وقالت لهم بكل حنان ودموع تخفيها وتجاهد في منعها من االخروج راسمة ابتسامة فخر بابنيها على وجهها : أن الله لا ينسى عباده ولم تتدهور حالتنا لتفكرا بالعمل .. واخبرتهم في سياق حديثها انها كانت تنوي ان تعود الى وظيفتها السابقة ,خياطة في مصنع للألبسة الجاهزة.. ولكن ابناها اقسما ان لو خرجت للعمل فسوف يتركان الجامعة ويجلسان بالبيت.
اين ستضع امنية لو خرجت للعمل؟
اذن عليها أن تُصغي لابنيها ولرغبتهما ولا تجادل.
عمل اشرف في مكتب هندسي ارسله اليه المدير في مكان عمل والده كما وعده..
كان مدير شريف عطوفا وحنونا عليه كأنه والده فقد علّمه وأعطاه من جهده الكثير وبالمقابل كان شريف مخلصا ممتنا له لأبعد الحدود .
كل يوم يزيد اعجاب الأم بابنيها أكثر وتدعو لهم بالتوفيق وهي تودعهم وتستقبلهم وتسمع نقاشهم وضحكهم وترضى عنهم خاصة انهم لم يدخلوا يوما الاّ وبيد كل منهم ولو حبة حلوى لأختهم الصغيرة .. أمنية الغالية عليهم والتي كل يومٍ تكبر في غيابهم عنها أكثر وأكثر وتصبح ضحكتها أجمل وأجمل وكلماتها مضحكة أكثر وأكثر!


للقصة تتمة

أرب


الساعة الآن 04:27 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى