منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   البسطه اول المحطه (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=16125)

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2011 11:22 AM

البسطه اول المحطه
 
البسطة اول محطة


http://2.bp.blogspot.com/-3uEJbyObBE...09-19%2BPM.jpg
نشرت في العدد صفر من مجلة نوافذ


sالقصة وما فيها اني احب الكراتين
نعم الكراتين والورق على اشكاله
ابسط كرتونة، امنحها بعضا من الحبر ، فتزيل طبقات من شحبار الفحم المترسب حول اوردتي.
كما ان الورق مستعد دائما لسماعي ، او على الأقل، غير قادر على الاعتراض ، ولا يذكرني بالطالعة والنازلة كم هو حنون وواسع الصدر اذ تحمل تخاريفي، و لا يلعب معي دور الطبيب النفسي ، ويمارس عليّ نظريات فرويد وطاليس وابو قراط ، ولن يحلف بأغلظ الأيمان ان سري في بير ، ثم يفضحه لأول عابر سبيل متعطش لنشاطات القيل والقال.
في طفولتي الأولى ، عشقت كرتونة بسكويت فارغة كانت تشاركني غرفتي الصغيرة ، كنت اسجل اسراري على جدرانها البنية ، واخبئ داخلها اشيائي الحبيبة الخاصة ، وكنت شديد الحرص على ان تكون لي وحدي والا يمسها احد غيري، كانت عالمي الجميل ودنياي الطفولية البريئة،
عندما كبرت قليلا ازدادت مساحات التحجر والقسوة في قلبي، وفي يوم من ايام التقوى التي تصيب المراهقين ، وتكون اكثر جهلا من جاهلية ابو جهل، اخبرنا احد الاساتذة الأزليين في الاعدادية ، ان الحب حرام ، شرعا وعرفا ، وان العشاق سيعلّقون من اعضائهم التناسلية على اعمدة الكهرباء في شوارع جهنم يوم القيامة .
يومها جفت تقاطيع وجهي خوفا من هذا العقاب الاليم، وفي حالة هلع طغت على قدراتي العقلية ، اقمت طقوسا تشبه مراسم الحج عند الهندوس ، واشعلت النار في كرتونتي الغالية ، كان صراخ صوتي محبوسا في حنجرتي المبوحة وانا اقف فوق الحريق اتابع تهافت الرماد، و كانت الدموع تذوب دخان ذكرياتي المترسب على وجنتي ، ثم تهوي عائدة الى فرن الحنين.
في تلك اللحظة احترق داخل قلبي مركز الاهتزاز شوقا لصديقي الحبر المتغلغل في نسيج الاوراق ، ومنذ ذاك اليوم ، التقيت الكثير من الكراتين البنية والبيضاء والصفراء ، لكني لم اكتب على اي منها، فانا لم اجد اي كرتونة تحمل في طياتها اسرار طفولتي .
كثرت سنين عمري، وظل الوضع على هذه الحال، حتى انتقاني احد رجال الأمن من بين الاف المارة، وقام بتفتيشي بدقة مريبة ومزعجة ، وجعلني فرجة للرايح والجاي .
لم تكن تلك المره الاولى التي تفتشني بها الشرطة بهذا الشكل الاستفزازي ، لكنها كانت القطرة الاخيرة التي سقطت في كأس قلبي ، وفقعت معي وانفجرت داخلي نافورة حبر طرطشت باكورة حممها على قصاصة ورق كانت معي صدفة في ذلك الحين ، فنتج اثر الانفجار نسيج متناسق من الكلام الغاضب ، مع الكثير من الكلمات العامية والفصحى والشتائم ، لم يكن نصا مهما على الصعيد الادبي واللغوي ، لكنه تمكن من احتمال جام غضبي واشعرني بذلك الارتياح اياه ، الذي كانت تفعله كرتونتي الغالية.
طويت الورقة وحشوتها في احدى جيوبي .
بعد ايام قررت نشر هذا النص على جداري في الفيسبوك ، كشكل من اشكال الاحتجاج ، يعني بدلا من اشعال عجل سيارة داخل اضلاعي والاحتراق غيظا !
بحثت عن البنطلون فلم اجد له اي اثر ، سألت الوالدة ، فضربت كف بكف ، و تشك تشكت قليلا ، وقالت بنطلونك انغسل وتلحلح وانعصر ، والان يمر بعملية تجفيف على حبل الغسيل !
هرولت نحوه ، واخرجت الورقة المبللة بدلع ورفق ، وبدأت بفتحها رويدا رويدا كما يدلع رجال الاثار مومياءاتهم الحبيبة.

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2011 11:23 AM

كان الحبر قد تحلل قليلا وصبغ بياض الورقة الناصع بلون نيلي شاعري ، لكن مسحوق الغسيل الذي تستعملة الوالدة ليس بالقوة الكافية لتحليل المداد المتشبث في خيوط الورقة، فقد كتبت ما كتبت بغُل، وسقيت الورقة ما يكفيها من الحبر النازف من غضبي المستعر.
اعدت ترميم الحروف الغارقة ، ونشرتها في الموقع ورزقي ع الله.
كان هنالك الكثير من ال "لايك" ، والكثير من الردود التي تراوحت بين " نغنوش" و "حلو" و " شيق" كما ان احدهم اراد ان يمزح معي وقال "خرجك الله لا يقيمك" وهكذا.
لكن اكثر الردود اثارة للانتباه ، ما كتبته صديقة فيسبوكية تعمل معلمة للغة العربية ، والتي استشاطت غضبا وزمجرت وحمّرت وقالت ان هرطقاتي ما هي الا عملية تخريبية لجمال اللغة العربية واني بهذه التخاريف اساهم في تدني مستويات الادب الفصيح ، ثم شتمت الزمان واخوات الزمان الذي صار يُسمح به لم هب ودب من النشر ، وعبرت عن شوقها لزمان المتنبي وابو فراس الحمداني ، ثم وضعت ثلاث نقاط وتابعت وقالت: انه سياتي يوم تكتب به العربية بالحرف اللاتيني من تحت راسي ورأس امثالي من المتسلقين على جدران الادب.
انا حقيقة لم اتسلق في حياتي على اي جدار ، كما لا اعرف ما تعنيه كلمة " هرطقاتي" ، لكن تعليقها كان قويا للغاية ، جعلني اشعر بفداحة عملتي، وحمدت الله ان هذه المعلمة ليست زوجتي، والا لملمت اغراضها وزعلت عند دار ابوها ، او بالاحرى حمّلتني اغراضي ونيّمتني بالشارع ، فامثال هذه الوفية ، يتعاملون مع قواعد اللغة التقليدية على انهم من باقي اهاليهم.

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2011 11:24 AM

تعليق اخر ، كتبه احد الكتاب المحليين الذين احترمهم ، والذي وضعت اسمه على النص، طامعا ان يعبرني بـ شقفة "لايك" أنعش بها مواهبي الغضة ، فذهلت حين كتب تعليق بدأه بحضرة الكاتب محمد مجادلة ، وأخبرني اني اكتب بطريقة مثيرة للاهتمام ، وان علي الاستمرار!
بيني وبينكم، ما ان رأيت انه نعتني " بالكاتب" ، حتى انتشرت مؤخرتي على أنحاء الكرسي ، وجعصت بكثير من الغرور، ووضعت رجلي واحدة على الاخرى ، وتحولت لهجتي معه من الهاوي المعجب، الى الكاتب الزميل ، وطمأنته شخصيا ، وأوصيته ان يطمئن الاوساط الثقاقية، اني مستمر رغم حقد الحاقدين.
وهكذا ، بدأت اكتب عني ، وعن نهفات تحصل معي ومع اناس حولي ، وانشرها هنا وهناك ، حتى اصبح عدد اصدقائي الفيسبوكيين ، مش عارف كم مائة صديق ، الكثير من الادباء والفنانين والقراء، الذين تشرفت بمعرفتهم وتعلمت كثيرا من تجربتهم.
وكان احدهم ، الكاتب معن سمارة ، الذي التقيته في احدى مقاهي رام الله الشعبية ، كان شابا له عيون ثاقبة ، وصراحة حادة النظرات ، تحدثنا بعض الكلمات التي تمكنت بجهد كبير من اقتحام ضجيج المكان ،ثم تبادل معن وصديقنا المشترك انس احمد الابتسامات وانا بينهما انتقل بنظراتي على الجهتين كاني اتابع مباراة تنس ارضي، ولا افهم ما يحصل.
بعد يومين رن الموبايل ، هاتقا بتلقي رسالة قصيرة ، كانت من معن سمارة ، فيها رابط طويل لموقع جريدة الأيام ، وذيّل الرسالة ان هنالك مفاجئة بانتظاري ، ومحسوبكم عاشق متيم بالمفاجئات ، نهضت عن فرشتي وهرولت نحو الحاسوب،وفي الطريق تصادم اصبع رجلي الصغير في حلق الباب وطرق الالم الشديد في مخي فالتفت والدي الحبييب وقال: مالك مستعجل عالصبح ، اقتربت منه واخبرته الموضوع ، فعم صمت مريب في المنزل ، وأطرق أبي وفكّر ، ثم نظر ، فعبس وبسر ، وقال: يا ولدي راح يخوزقوك !
ابتسمت وقبلت صلعته البهية ، وتابعت المسير قفزا على رجل واحدة ، وفتحت الرابط..
كان العنوان " بسطة كتابة"
مقدمة جميلة للموضوع ، واحدى نصوصي، ونص اخر للصديق الكاتب انس احمد.
لم اتمكن من كبح ابتسامتي العريضة التي تمددت بين شحمتي اذني ، لكن سرعان ما تحول الفرح لرهبة المسؤولية المترتبة عن التورط اكثر في دهاليز الكتابة، لقد صارت اللعبة اكبر، الان لدي فرصة كي يصبح صوتي اعلى واخطر ، كي اساهم في انقاذنا من الانقراض ، ومنع الوحل من تولي القيادة .
كي يستمر الحوار بين الغيوم والسنونو، وسمك البحر والاوراق .
كي لا تجف الانوثة ، والجداول ، وعرق الضحى.
كي يظل لليمون مكانا في حارتنا ، ولا يعم الرماد ارجاء المعمورة.

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2011 11:26 AM

تخاريف عالماشي


http://1.bp.blogspot.com/_78c0H01Sjm..._2015971_n.jpg
يقولون ان الرصاصة التي سوف تقتلك ، لن تسمع صوتها ، لذا لا داع للخوف من صوت الانفجارات.

كما انهم يقولون ان الرصاصة ليست بالضرورة شقفة حديد ساخنة تخترق اعضائك بحركة دورانية قاتلة

قد تكون صفعة مثلا!!

يعني كف خماسي يلبس في وجهك، فيعيد ترتيب انظمة مخك من جديد ، حتى تفقد القدرة على التفريق بين قلم الحبر واصابع الايس كريم ، ولا تخف اثار هذه الصفعة قبل تهشيم نفسيتك عالاخر وتحويلك لشظايا متناثرة بين بصمات تلك الكف!

ويقولون ايضا ان كلمة من كم حرف ، تسمعها من احد الذين يهمك امرهم ، يمكنها تمزيق قنواتك السمعية, ثم تستقر في صالات قلبك الممتلئ ، وتبدأ في طقوس تحميص قلبك على نيران هادئة حتى ينضج ويقدم وليمة على موائد الغدر..

كثر هم الذين يقولون هذه الحكم ، وانا صراحة لا اعرفهم بالواحد ، لكن واضح انهم عبّوا البلد..

وانا على غرار هؤلاء وكوني اهم علماء زماني واسطورة تاريخ البشرية ، احاول منذ اعوام ان اقول حكمة واحدة مفيدة ولكن دون جدوى ، ولكني اكتشفت ان اكثر كلامي فائدة ، عندما لا اقول شيئا ، لذا قررت اقتراف الصمت

ليس الصمت بعناه الحقيقي ، انما اريد تقليل منسوب الرغي والكلام الفاضي المسموع ، وارتكاب الاثم الاكبر ، "احكي وانا ساكت"

اتحدث مع نفسي..
فقبل ايام احتفلت انا ورفيقة قلبي باليوبيل المطاطي لحبنا المهندي النوري، وقامت باهدائي سي دي ملفوف بورق مزركشة ملفوفة بشكل انيق بشبرة من النوع العريض.
غمزتني بالعين اليسرى وعضت على شفتها السفلى
وقالت : تعلم من هذا!
لم اعرف من هو الهذا الذي علي التعلم منه ، ولكني خفت ان يكون البوم تامر حسني ، فهذا النموذج قد بلف عقول الفتيات ورفع سقف الرومانسية لحد جعل اشعاري لا تتعدى ان تكون شكل اخر من اشكال الفتور العاطفي.
قمت بحك راسي بطريقة رومنسية ( لا اعرف ان كانت كذلك لكني اهميت ان لا اسلخ فروة راسي عن جمجمتي) وحملت السي دي بكلتا يدي كاني احمل صينية قهوة وهرولت نحو اقرب مسجل للتعرف على معلمي الجديد.
ادخلت السي دي في المكان المخصص لذلك!
كبست بلاي
ثم بلاي اخرى
عدة كبسات بلاي متتابعة..
رفعت الصوت ، اخفضت الصوت، قلبت المسجل، اخرجت السي دي ثم ادخلته
دون فائدة!
لا يوجد صوت!!
يا لهول الموضوع، السي دي فارغ، او بالاحرى مسجل عليه صمت دلهمي عميق.
اتصلت بها موبايليا واخبرتها انها تعرضت لعملية نصب قذرة من بائع السي دي هات وحاولت اخبارها انه معلش، وانها بتصير باحسن العائلات وانه لا داع ان تكون محرجة فالهدية بمعناها وليست بمحتواها ويكفيني عناء تغليفها الذي يدل على ذوق رفيع وعال!
سكتت قليلا ، ثم قالت مممممممم، مع نبرة استياء واضحة ،ثم تنهدت ، وقالت حسنا لم تفهم ، تعلم من هذا القرص فنون الصمت ، اصول الهدوء، جرب ان تجلس ثمانون دقيقة متتالية دون ان تتكلم كلمة واحدة.
...
بيني وبينكم موقف لا احسد عليه ، وانا الذي كنت مفكر نشاطات الثرثرة ودس الانف بشتى الامور من اهم اسس علاقتنا الوطيدة.

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2011 11:27 AM

يا لها من فتاه، لقد احبتني لاني لا اتوانا عن ابداء رايي باي شيئ واعجبت بقدراتي على دس انفي فيما يعنيني وما لا يعنيني والان هي مستاءة من الموضوع
تريدني ان اسكت.
جلست لايام وانا احاول فهم ما حصل ، وحاولت اقناعها ان الصمت وان كان من ذهب، فان الكلام من يورانيوم، وحاولت هي اقناعي ان الصمت افضل من كل المعادن ، حتى لو كانت مخصبة .
وكالعادة اقنعتني!
بيني وبينكم الموضوع يستحق التجربة ، فقد اجمع جميع الانبياء والحكماء والناس الفهمانين ان الصمت افضل من الكلام.
وكبديل مقنع لقضاء الليل في مجالس القيل والقال ، وهتك المستور ونبش المقبور وتتبع عثرات الناس، والخوض المزمن في الجدل الفلسفي الازلي لمن يعود حق الابوة للدجاجة ام للبيضة!
اقترحت فتاتي ان امارس هواية الكسدرة ، المشي في الطرقات والتفكير في امور الدنيا!
على الاقل حين تمشي فانك تصل الى مكان ما، وتحرق بعض الدهون. اضافة ان حكيم اخر لا اذكر اسمه قال انه يمكن حل اعقد المشاكل اثناء المشي!
واليكم يا اخوتي مغامرتي الأولى مع فعاليات الكسدرة!
كان وقت المغرب والدنيا تودع الشتاء ببرودة مستفزة !
ولتفادي الملل الذي يصيب واحد مثلي حين يكون وحيدا صرت اتتبع تفاصيل الشارع ، ومغازلة الرصيف ، عناق الاشارات الضوئية ، صرت اسبل عيوني بخجل للمقاعد المتناثرة على جوانب الطريق ، واحسس عليها احيانا علها تكشف لي بعضا من ارشيف الاسرار في طياتها ، فكل مقعد يحمل مخزون هائل من احاديث الجالسين والمارة.
كنت اتابع ملامح السائقين بشغف ، كاني اول مرة اشاهد وجه بني ادم، وكنت مندهشا من اختلاف تعابير الوجه والملامح.
فعلا ان الناس اجناس ، فتيات ، يرمقنني بنظرة خاطفة سريعة تكفي لتفحص هذا المخلوق ذو الملامح المتداخلة ، فتسأل الله السلامة من زوج مثلي وتتابع المسير ، ونساء اكبر قليلا ، بالعادة يكن مع اطفالهن بالسيارة ، نساء راكزات يسرن بحذر ، اول ما تشعر الواحدة منهن ان عيوني تتبعها ،تقبض عينيها وتبدي ملامح تنشيط لخلايا الذاكرة ، ظانة اني قد اكون معرفة او شيئ من ذلك، وسرعان ما تكتشف ان الموضوع ما هو الا نشاطات معاكسة، فتزيح وجهها مع ابتسامة خفيفة بالكاد تظهر على وجنتيها ، توحي بمدى تعطش هذه الام الرؤوم ، لايام الصبا وشِلًل الشبيبة اللاهثة في الحارات وراء انوثتها المتناثرة على تضاريس الشارع!
ومنهم الشبان ذوي الدم الحامي ، تكون ذراع الواحد منهم مستلقية على حافة شباك السيارة ، واليد الأخرى ممدودة بشكل مستقيم على المقود ، يحدقون بوجهي بعدوانية غريبة كان له ثأرا عندي ، وانا اتابع فوران دمه وتعقيد حاجبيه بلؤم حتى اشعر انها ولعت معه، وان التحديق سينقلب الى طوشة ، فافرد ابتسامتي البلهاء على وجهي المتعب واجمع حبات عيوني عند انفي ، فتظهر محولة ، فيفهم غريمي انه علق مع واحد معتوه ، واتفادى بذلك تعرضي لبدن نظيف يخربط برامجي لذلك اليوم.

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2011 11:28 AM

وهناك نوع اخر من الناس ، طابق الرجال ، اناس لا يعبروني ولا يروني من سانتيمتر ، كانهم مروا عن عامود كهرباء قابع على الرصيف ، منهم من اعمت هموم الدنيا بصره فلا يرى الا ما يكفيه للنجاة من حادث طرق مميت، ومنهم من يركب السيارات اللميعة ، وهؤلاء بالعادة لا يقشعون المخلوقات التي تعيش على ارتفاعات منخفضة نسبيا لخط الفقر القابع فوق رؤوسنا ، وهناك نوع العن من الرجال ، من اذا مروا عن احد المشاة تجمدوا وراء المقود او تظاهروا بالانشغال بالمسجل مخافة ان يكتشفوا ان هذا الماشي من معارفهم ويضطرون بعد ذلك لتوصيله.
يا الهي المشي شيئ جميل جدا ، فانا بهذه الطريقة اعطي نفسي فرصة رائعة لاقامة حوار صريح وشفاف مع دزينة الاحلام التي ترافقني منذ ربع قرن وتمارس علي كل اشكال النصب والاحتيال ، اريد الان ان افرد كل الاوراق على الطاولة واتفاهم يشكل صريح وشفاف مع دزينة الاحلام التي ترافقني منذ ربع قرن وتمارس علي كل اشكال النصب والاحتيال!

كيف احلم ان اكون طيارا وانا لم اركب طائرة في حياتي ، كيف احلم ان اكون كاتبا مهما في بلاد ينظرون بها للورق على انها قذائف عسكرية موجهه نحو مؤخرات معلمي التاريخ والرياضايات.

كيف احلم ان لا اموت قبل ان اطبع بصماتي على مستقبل الانسانية ، وانا لا اشعر بأي أسى لارتفاع درجة حرارة الأرض ولا يؤرق احساسي المرهف موضوع اتساع ثقب الأوزون، كما اني اشاهد مجازر الحروب الاهلية في افريقيا بكل سذاجة، كاني ارى طوشة كرتونية بين توم وجيري.

وانه والله لطز بهيك انساني وهيك انسانية.!!

الان لدي الوقت لتسوية الامور مع هذا الطفل بداخلي الذي توقف عن النمو ، بعد ان سقطت من يده اول حبة ايس كريم اشتراها في حياته، بعد ان جمع ثمنها عشر اغورات تلو العشر اغورات حتى اصبح الحشد شيكل كامل بشحمه ولحمه ، ثم سقطت ارضا ولم يذق منها ولا حتى لحسة واحدة ، فاتكئ حزينا على جدار قلبي وكتب عليه بالغرافيتي، "فك ذا لايف"

سافعل كل هذه الامور وانا اكسدر.
والبقية تاتي...

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2011 11:29 AM

عولمة المطابخ


http://1.bp.blogspot.com/_78c0H01Sjm..._6136209_n.jpg
تطلبني واالدتي الصابره في كثير من المهمات الصعبة ، بداية من البحث عن رقم هاتف خالتي في ذاكرة الموبايل، انتهاءا بضبط قنوات الرسيفر الذي يعتمد على الصور اكثر من الكلمات ، ولكني اتعمد في تلك الحالات نطق بعض الكلمات الانجليزية التي اتذكرها من صف الرابع متل
Open و Enter
بصوت عال
كي احافظ على مكانتي الثقافية بين افراد الأسره ، فوالدتي حفظها الله تعتبرني اكثر اهل الارض علما وثقافة !!
ولم لا ونظاراتي بسمك الزجاج المقاوم للرصاص ، ومشروع التصحر الذي اصاب فروة راسي اخذ بالازدهار
اضف الى ذلك ، فمحسوبكم ، لا اكاد اقول جملة حتى اتحف المستمع ببيت شعر تافه قاله احد الحدايه ، تلك الاشعار التي تحتاج لعشر دقائق حتى تفهم كلماتها ثم تكتشف بعد ذلك انها بدون معنى ، وقبل ان تواجهني بحماقة ما اقول ، ابهرك ببيت شعر اخر يدوخك لعشر دقائق أخرى.
في احدى المرات ، زرت صديق لي في منزل اهله، وصادفت الزيارة اجتماع عدد كبير من اقاربهم في المنزل ، وعند لحظة دخولي وقبل ان اجلس، قال احدهم ربما هذا يعرف!
فسالني اخر : متى يبنى الفعل المضارع ؟
وسبحان الذي خلق هذا المخ ، المعلومة الوحيده التي اعرفها في علم النحو والصرف والاعراب، ان الأية الكريمة " لينبذن في الحطمة" فيها فعل مضارع مبني ،فحركت حواجبي قليلا ، ثم تظاهرت اني أفكر ، واجبتهم بلغة متينة ، فذهل الحضور لقدراتي اللغوية ، وطبطبت ام صديقي على كتفي فخرا ، كأني الحصان الفائز في سباق دبي للخيول ، ومن يومها وانا اعتبر عالم علامة في اللغة العربية رغم اني لا اعرف الفرق بين واو الجماعة والـ "واوا" شيت هيفاء وهبة.
واضح انه ليس امرا معقدا ايهام الناس انك تعرف ، المسألة تحتاج لقليل من التكتيك
(هذه الجملة لا تعني اني شخص تكتيكي على الاطلاق ، لكني محظوظ احيانا)
لست تكتييا ، لكني احب ان اجرب، لا اتوانا عن تجريب اي شيئ ممكن ، فحب الاستطلاع يعد عضو من اعضاء جسمي المتعب!
قبل ايام ، مررت بجانب مطعم سوشي في تل ابيب ، فقامت عصافير بطني بنصب خيمة اعتصام وبدأت تهتف،" يا محمد يا حبيب ، اطعمنا سوشي بتل ابيب "
المهم ، ونزولا عند رغبة العصافير قررت تجريب السوشي واملي كان كبيرا ان احب الفكره.
لا يعقل ان لا احب اكلة لها شعبية كبيرة على مستوى العالم ، شو يعني كل هالشعوب تيوس؟ وانا اللي بفهم؟!
دخلت المطعم بخطى واثقة ، ومكشر ، ومش معبر حدا. فقد خفت ان يشعر النادل اني غشيم فتسول له نفسه ان يكون لئيما معي ،
جلست على كرسي مرتفع مقابلا لشاب صيني له عيون ، قايله هيك ، كلكم عارفين كيف يعني، " ضع اصابعك على طرفي عينينك واسحبهما للخارج"
، وله سكسوكه خفيفه مضحكة تشبه اوائل الشعر الذي ينبت في وجوه المراهقين،ويحاول نيل اعجاب الزبائن بحركة يده الخفيفة ، ومداعبة السكين ، ولكن محسوبكم جامد ،لا تخدعني هذه الحركات.
اعطاني الشاب لائحة الطعام ، والله وكيلكم ، ما فهمت منها شي ، ولا حتى طريقة لفظ الكلمات ، وكي اخفي هشاشة موقفي ، سكرت اللائحة وكأني عايف اللوائح وقلت له ، بماذا تنصحني؟
( هذه طريقه فعاله بمثل هذه المواقف)
بدا الشاب بتلاوة انواع الطعام لديهم فعلقت في أذني كلمة قالها ، فقلت له هذا، تسو شانج يينج ، وكاني راضع حليب صيني بطفولتي .
وتنفست الصعداء وحمدت الله اني لم اتبهدل وبقيت محافظا على هيبتي في المجتمعات الاسيوية.
احضروا لي الوجبة ، مجموعة من القطع المدورة ، بعضها ملفوف بغلاف اسود ، واخرى بغلاف برتقالي وثلاث منها بغلاف اصفر

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2011 11:30 AM

بجانب كل ذلك شيئ احمر مقزز ، وشيء اخر يشبه الطحالب.
ومجموعة صلصات لها رائحة خزانة ملابس قديمة لم تفتح منذ اعوام!!
وكانت الفاجعة ، الجماعة يستعملون عودتين لأكل هذه الاشياء ، ومحسوبكم يستعمل الوسطى والسبابه والابهام لالتقاط امور بهذا الحجم!
اصبح وجهي بلون السوشي ، وقلت انفضحنا ، شعرت ان كل من في المطعم ينظرون الي.
التقطت العودتين وامري لله ، وبعد جهد تمكنت من حمل احدى القطع ، وغمستها في احد اواعي الصلصه ، ثم التقطتها ثانية ، وبدلا من احضار القطعة نحو فمي ، ذهبت بفمي واقتربت نحوها، وعلى بعد سانتيمتر واحد من القطعة سقطت داخل وعاء الصلصه بنية اللون وطرطشت وجهي وقميصي والطاولة ، وجيران الطاولة ، واتبهدلت اخر بهدله !
نظرت الى الشاب ابو سكسوكه وكان يتابعني بنظرات لئيمة وضحكة صفراء بلا سنان فقلت في عقلي فعلا انك ابن 66 سوشي. بدلا من الضحك ، احضرلي فوطة امسح بها الكوارث التي حصلت!
المهم ، قررت التنازل عن مكانتي السوشية ، وحفظ ما تبقى من ماء وجهي ، ناديت النادل اياه ووشوشته ان يدبر لي شوكة ام الاربع اسنان ، تذوقت اول شقفة سوشي ، وكانت محشوه بشيئ احمر اتضح لي فيما بعد انه سلمون نيء وطعمه نفاث ، اكلتها ،فشعرت بدوخه خفيفة.
تناولت القطعه الثانية فاصيبت عصافير بطني بتسمم اسيوي ، وانتقلت الى الرفيق الاعلى، ترافق الموضوع مع بهدوء مريب داخل بطني في ذلك الحين.
تابعت المشوار وتناولت القطعة الثالثة ، فاصبت باكثئاب ما بعد الولاده ، نعم ما بعد الولاده.
فقررت التوقف قبل ان اصاب بفشل كلوي او تفقع مرارتي واروح فيها.
شربت كاسا من الماء ، وجلست اتحسر على ثمن هذه الوجبه الفاشلة , فلمحت في جانب الصحن ، كتلة خضراء اعتقدت انها ابوكادو
ونفس الانسان دنيئة ، تناولتها بطرف الشوكة لقمة واحده ، لقمة واحد مغلول ، وبلعتها
والله لا يفرجيكم ، طلع شيئ حار حارق رهيب حراق ، حريك والدين ، دخل في بلعومي ادى الى اشتعال امعائي ، ثم صعد بسرعة خارقة وضرب في مخي ثم توزع الحر بالتساوي في انجاء الجمجمة ، وبدأت باصدار اشعاعات نووية واحمرار في قزحية العين وبخار من طبلية الاذن ومتأكد اني اذا فحصني دكتور في تلك اللحظة سيكتشف اني متوفي منذ الحرب العالمية الثانية
يعني يا اخوتي ، لا اراكم الله مكروها بعزيز ، منذ تلك اللقمة وانا ارى العالم بطريقة مختلفة عن ذي قبل ، تداخل غريب في الاصوات والالوان والاشكال ، وتحول اكتئاب ما بعد الولادة ، لاكتئاب ما بعد عذاب القبر ، وانا لله وانا اليه راجعون.
وكي اريح ضميري ، وبما انكم لا تعرفون الفرق بين النملة والفيل ، يبنى الفعل المضارع لاتصاله بنون النسوة ، ونون التوكيد!
وبالمناسبة ، ما الفرق بين النملة والفيل؟
الفيل ، رجله تنمّل ، اما النملة رجلها ما تفيّل !
والسلام ختام

B-happy 20 - 5 - 2011 12:26 PM

قلم جميل وادبي وواقعي
يخوض في ذاكرة ويخرج منها خباياها
سلمت الايادي وارجو ذكر الكاتب محمد مجادلة في نهاية الموضوع ليتعرف عليه القارئ اكثر
مع خالص تحياتي لك

المفتش كرمبو 21 - 5 - 2011 12:50 PM

لؤلؤة
ربما نسيت
لك التقدير


الساعة الآن 03:36 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى