منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الملاحم والأساطير ومعتقدات الشعوب (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=66)
-   -   وريقة الحناء - اسطورة من اليمن (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=33339)

قلب., 13 - 8 - 2014 05:06 PM

وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
عاش في قديم الزمان رجل مع ابنته ( وريقة الحناء ) التي ماتت أمها، تزوج بعدها امرأة مات زوجها بعد أن خلف منها فتاة اسمها كرام.
* كانت وريقة الحنا فتاة رشيقة القوام ، مليحة الوجه كريمة النفس ، وعلى جانب من الأدب واللطافة والرقة في الحديث ، وكانت كرام فتاة قصيرة القامة دميمة الوجه ، شرهة النفس ، خشنة الطباع طائشة العقل رعناء التصرف.
وكان الأب ينظر للفتاتين نظرة متساوية كما لو كانتا ابنتيه ، يقسم عطفه وحنانه بينهما وبالتالي دأب على تقسيم العمل بينهما بالتساوي واحدة منهما تتولى رعي الأبقار والثانية تقوم بأعمال البيت ، فإذا صادف ورعت كرام الأبقار اليوم وتولت وريقة الحنا عمل البيت* من طبخ وطحن وكنس فعليها أن تخرج للرعي في اليوم التالي وكرام تتولى أعمال البيت.
إلا أن أم كرام التي عاشت تأكلها الغيرة من جمال وريقة الحنا وحسن طباعها ، دأبت على إرهاقها بالعمل لتخفف عن كرام* وبالتالي دأبت على تفضيل ابنتها في كل شيء وقد اعتادت كل من وريقة الحناء وكرام يوم نوبتهما في رعي الأبقار أن تربط فطورها طرف خمارها وتضعه على رأسها وتسوق الأبقار أمامها حتى تصل إلى المرعى فتشاهد امرأة عجوزاً جالسة بجانب جدار كوخها تستظل به من الشمس فتعاملها كل منهما معاملة مختلفة عن الأخرى.
*كانت وريقة الحناء تشاهد العجوزاً فتتقدم نحوها وهي تفتح رباط فوطتها وتقتطع جزءاً منه وتقدمه للعجوز وهي تقول لها:
-- اطعمي.. هذا من فطوري يا جدة.
فتناولته العجوز وهي تدعو لها.
-- زادك فوق عقلك عقل.
وتضيف العجوز قائلة:
-- القمل أكل رأسي اجلسي فتشي عنهن.
فتجيبها ورقة الحنا معتذرة.
-- انتظريني ريثما أسوق البقر إلى المكان الخصيب في المرعى وسأعود.
فتقول لها العجوز:
-- لا تتعبي نفسك يا بنيتي ولا شيء ، اجلسي هنا وقولي (( ارعى وقرب )) وسيرتعين لحالهن وعند عودتك ستجديهن قريبات منك.

تقول الفتاة ذلك وتجلس بجانب العجوز التي طأطأت رأسها ،
ووريقة الحنا تقلب شعرها الأشيب بأصابعها تبحث عن القمل وكلما عثرت على واحدة إلتقطتها
وهي تقول: هذه مثل كنيمة أمي .
تسمعها العجوز فتدعي لها : زادك وق عقلك عقل.
وتستمر وريقة الحنا تفتش عن القمل في رأس العجوز إلى أن يحين أوان عودتها
فتنادي الأبقار تشعرها بأوان الرواح ، تقبل نحوها وقد إمتلأت كروشها من الشبع ولا تسير إلا بصعوبة ،
إلا أن العجوز تقول لها قبل أن تنصرف عائدة إلى البيت مع أبقارها :
- إذهبي يا بنيتي إلى ذلك المكان وستجدين ثلاث برك مملوءة ماءاً ،
ستجدين الأولى تغمز لك بأن تغتسلي فيها .. فلا تطاوعيها ،
وستجدين الثانية ماءها راكد وهي لا تسير نحوك اغتسلي فيها ..
فتتجه وريقة الحنا نحو المكان الذي تشير إليه العجوز وتلاقي البرك أمامها
فتغمز لها الأولى فتتجنبها وتجد الثانية هادئة وراكدة فتقفز بملابسها تغتسل بمائها وعندما تخرج منها تجد نفسها متعلقة بالذهب والجواهر والياقوت التي التصق بجسمها ولا تسير إلا بصعوبة فتواصل سيرها عائدة نحو البيت
والأبقار تسير أمامها ببطء حتى تقترب من البيت فتنادي أباها: يا أباه يا أباه.
يطل الرجل وزوجته لسماعها فيناديها مستفسرا عن طلبها فتقول له:
لاقني بالجمل والجمال والمشتري والحمال.
لم يفهم أبوها قولها في بادئ الأمر وإلتفت إلى زوجته يستفسرها عن طلباتها فتجيبه:
تقول لك لاقني بالمقص والشريم ، والمودمة والصميل.
إلا أن الرجل يعاود الإصغاء إلى نداء وريقة الحنا فيجد أنها تقول:
لاقني بالجمل والجمال والمشتري والحمال.
فيذهب باحثا عن من سيشتري ومن سيحمل ما تحمله وريقة الحنا في عودتها من المرعى ويقف مشاهدا للأبقار وقد إمتلأت بطونها من الشبع وثقل سيرها.


أما كرام فقد إعتادت على تجنب العجوز حال وصولها المرعى ، إلا أن العجوز تناديها : اعطيني يا كرام من فطورك.
تسمعها كرام وتجيبها صارخة ومحتجة : كم هو فطوري ؟ يالله يكفيني ، وانت تريدين منه لأموت نفسي جوعا.
تسمعها العجوز فتدعو عليها : زادك فوق جنانك جنان.
وتعاود حديثها مع كرام: القمل أكل رأسي ساعديني في البحث عنها.
تلتفت إليها كرام وتجيبها: أنا جئت أرعى الابقار أو جئت أبحث عن القمل الذي يأكل رأسك.
تستمر العجوز في الحاحها ورجائها حتى توافق كرام على تصفية شعر العجوز من القمل فتقول لها العجوز: لا تخافي على أبقارك قولي لها "جوع وباعد" وسوقيها نحو المرعى.
فتقول كرام ذلك وتجلس إلى جانب العجوز التي تطأطأ لها رأسها ، وكرام تفتش عن القمل بين شعرها الأشيب وكلما عثرت على قملة صاحت:
- الله ما أكبرها إنها بحجم الحية.
- الله ما أكبرها إنها بطول الثعبان.
- الله ما أكبرها كأنها عقرب.
والعجوز تسمعها وترد عليها قائلة : زادك فوق جنانك جنان.
وتستمر كرام تفتش عن القمل لتصيح كلما عثرت على واحدة منها حتى يحين أوان عودتها فتذهب تبحث عن الأبقار الضائعة من مكان إلى آخر وتجمعها وبطونها خاوية لم تذق شيئا، إلا أن العجوز تقول لكرام قبل أن تنصرف عائدة إلى البيت مع أبقارها:
- إذهبي إلى خلف تلك الأكمة وستجدين ثلاث برك ماء ،
الأولى ستشير إليك أن تغتسلي فيها ، فعندما تشاهدين اشارتها إقفزي إلى وسطها ..
تمثل كرام لمشورتها وتتجده نحو برك الماء ،
وما إن تشاهد الأولى تشير لها حتى تقفز إلى وسطها وتغطس فيها
وعندما تخرج منها تجد نفسها مثقلة بالحيات والعقارب والثعابين الملتصقة بجسمها ،
ولا تسير منها إلا بصعوبة فتواصل سيرها البطئ عائدة نحو البيت والأبقار تسير أمامها حتى تقترب من البيت فتنادي أباها: يا أباه يا أباه.
يطل الرجل وزوجته لسماعها فيناديها مستفسرا عن طلبها فتقول له:
- لاقني بالمقص والشريم والمودمة والصميل.
يلتفت الرجل إلى زوجته يستفسرها عن طلبات إبنتها فتجيبه:
- تقول لك لاقني بالجمل والجمال والمشتري والحمال.
إلا أن الرجل يعاود الاصغاء إلى نداء كرام فيجدها تقول:
- لاقني بالمقص والشريم والمودمة والصميل ، فيلبي الرجل طلبها ويخرج لملاقاتها وعندما يلاقيها يأخذ في قص وجز الثعابين الممتدة فوق حواجبها ، والحيات والعقارب الملتصقة بباقي جسمها ، ويأخذ المودمة (1) والصميل ويضرب بها الأفاعي حتى يقتلها ، بعدها يقف مشاهدا للأبقار الجائعة ، وقد التصقت بطونها بظهورها ، فيحار في أمره ولا يجد تفسيرا لذلك.
(1) المودمة : قطعة خشب بحجم المرقة الكبير يستخدمها المزارعون لتفتيت التراب المتحجر بعد الحرث و(الصميل) عصا رأسها غليظ وبحجم المطرقة الصغيرة.

يتبع

قلب., 13 - 8 - 2014 05:08 PM

رد: وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
ذات يوم حدث عرس في القرية حضره ابن السلطان فأخذت الغيرة أم كرام من حضور وريقة الحنا لما تتمتع به من جمال ، حفلة العرس تلك لئلا تقع أعين ابن السلطان عليها فيعجب بجمالها فيتزوجها ، فقررت أن تمنعها من الذهاب معهن حتى لا يطغى جمالها على كرام فأختلقت لها عملا يشغلها وتعجز عن تنفيذه .
عمدت إلى مختلف اصناف حبوب الطعام ، وغرفت من الذرة ، والبر ، والدخن ، والشعير ، والدُجر ، غرفت أقدار متساوية منها ووضعتها معها لوريقة الحنا وهي تقول لها:
- نقي هذا الطعام واخرجي كل صنف لوحده ، واطحنيه واحتفظي بدقيق كل صنف لوحده ، واكنسي البيت من اسفلها إلى أعلاها.
فقالت لها وريقة الحنا تترجاها:
- الله يسترك يا خالة ، اسمحي لي بالمجئ معكن حفلة العرس ، كل بنات القرية سيحضرنها.
أجابتها خالتها بجفاف:
- لديك أعمال كثيرة ، إذا فرغت منها الحقينا:
- الله يعافيك يا خالة إسمحي لي أجي معكن وبعدها سأقوم بكل الأعمال.
أجابتها خالتها بغضب:
- قومي بعملك أولا.
قالت لها ذلك وخرجت من البيت وابنتها كرام تسير وراءها مرتدية أحسن ملابسها ومتزينة بأجمل حليها لتستلفت بها نظر ابن السلطان.
استمرت وريقة الحنا في وقفتها تنظر لهما بحسرة وندم على عدم السماح لها بحضور العرس التي تهيأت له كل صبايا القرية.
بينما هي كذلك ظهرت لها العجوز التي تقيم في المرعى وكانت تنقي لها شعرها من القمل فقالت لها:
- لماذا لم تذهبي إلى حفلة العرس ، كل الصبايا والنسا سيحضرنه.
رفعت وريقة الحنا رأسها نحو العجوز ، وأجابتها وهي تشير نحو الطعام:
- خالتي خلطت كل هذه الأصناف من الطعام وأمرتني بإخراج كل صنف لوحده ، وأدقق كل صنف وحده وأمرتني بكنس البيت من اسفلها إلى أعلاها.
تبسمت العجوز لكلام وريقة الحنا وقالت لها:
- لا تخافي من أي شئ ، أنا سأعمل كل هذه في لحظات وأنت قومي وأغتسلي وتزيني وروحي العرس.
قالت لوريقة الحنا ذلك وأخرجت لها ملابس من الحرير الفاخر وعقودا من الذهب والماس ، وقدمت لها حذاءَ جميلا ليس له مثيل ، وراحت تساعدها على إرتداء الملابس والتزين بالحلي ، وتمشيط شعرها ، وعندما إنتهت قالت لها :
- إذهبي رأسا إلى بيت العرس وأرقصي من ساعتك ولا تلتفتي لأحد ، وعندما تقنعي وتشبع نفسك من الرقص عودي سريعا إلى البيت.

خرجت وريقة الحنا فرحة مسرورة ، وراحت تجري وهي ممسكة بيديها أطراف ثوبها لئلا يتسخ من التراب قبلأن تصل إلىالحفل ، واتجهت رأسا إلى مكان الرقص فراحت تزيح الواقفات بالباب بيديها ودخلت إلى وسط ا لمرقص الذي يرقص فيه الفتيان والفتيات، وراحت ترقص ، وترقص والجميع يشاهدونها ويتعجبون من جمالها ومن الملابس والحلي الذي عليها ، والجميع لا يعرف من هي ولامن أين أتت، فقالت كرام لأمها:
- هذه البنت تشبه وريقة الحنا، ولولا أنا تركناها في البيت لقلت انها هي .
فقالت أمها:
- أيش بايندي وريقة الحنا ومعها عمل اسبوع في البيت ومن أين ستأتي بهذه الملابس ، يعلم الله ابنه أي سلطان هي.
وكان ابن السلطان يتابع رقص وريقة الحنا وقد فتنه جمالها وأعجب برقصها ، وعندما تعبت من الرقص جرت نحو الباب فرأت خالتها وكرام واقفات بجانبه ، فداست حذائها قدم خالتها وحاولت أن تضغط عليها بحذائها فسقط الحذاء منها فولت هاربة دون أن تلتقط الحذاء أو تلتفت ورائها ، وعندما وصلت إلى البيت خلعت ملابسها الجديدة وارتدت أسمالها البالية ونكشت شعرها وذرت على وجهها وساعديها بعض الدقيق ووجدت الطعام قد دقق ووضع كل صنف في إناء لوحده ، وقعدت تنتظر عودة كرام وأمها لتسألهما عن العرس وكيف كان ، ومن التي حضرت من الفتيات ومن التي غابت.
أقبلت كرام وأمها وهما شاردات الذهب من جمال تلك الفتاة وتصرفاتها ، فأستقبلتهما وريقة الحنا والمكنسة بيدها كما لو كانت لم تغادر البيت ولم تكمل عملها بعد ، فقالت تسألهما:
- كيف كانت الحفلة ، ومن تغيب عنها من الفتيات .
أجابتها خالتها :
- لو كنت جئت وشاهدتي ماحدث ما باتصدقي عيونك.
تساءلت وريقة الحنا بلهفة وشوق:
- ماذا حدث ؟ ماذا حدث؟
قبل أن تجيبها كرام أجابتها أمها:
واحدة بنت دخلت ترقص ضيعت كل الفتيات بحسنها وجمالها وبرقصها وملابسها وحليها ، حتى الذين كانوا يرقصوا توقفوا عن الرقص وراحوا يتابعونها وهي ترقص وابن السلطان ولا رفع عينه عنها يتابعها بنظراته وهي لا تلتفت إليه ولا إلى واحد غيره ، وعندما قنعت من الرقص خرجت تجري وداستني بحذائها فسقط منها ولم تأخذه ، وأخذه ابن السلطان وهو يقول إنه سيبحث عن صاحبته بنفسه وسيتزوجها.
تظاهرت وريقة الحنا بالحزن وتنهدت وهي تقول:
- ليتني جئت معكن لأتفرج عليها.
ضحكت خالتها من أمنيتها وأجابتها ساخرة:
- أيش الذي بايوصلك لعندها ، نحن جلسنا في الباب ومن دخل أو خرج دهفنا إلى الجدار ، والفتاة كادت تكسر لي رجلي.


في اليوم التالي خرج ابن السلطان يدور على بيوت القرية يبحث عن الفتاة صاحبة الحذاء ويقيسه بنفسه على كل فتاة ، وكلما قاسه على واحدة يجده أكبر او أصغر من مقاسها ، حتى وصل إلى بيت وريقة الحنا فخافت خالتها أن يكون الحذاء على مقاسها فأمرتها أن تختفي بالسطح داخل (الموفى) التنور وأبرزت كرام لابن السلطان ليقيس عليها الحذاء فلما قاسه وجده صغيرا فتساءل :

- أين اختها ؟
أجابته متلعثمة :
- ليس لها أخت.
لم يقتنع ابن السلطان بكلامها وراح يفتش البيت غرفة بعد غرفة وطلع إلى السطلح يبحث عنها ، فلما شعرت وريقة الحنا انه اقترب من الموفى اخرجت قدمها من عين الموفى إلى السطح فشاهده ابن السلطان فجلس يقيس عليه الحذاء فجاءت على مقاسه ففرح بذلك وأخرج وريقة الحنا من الموفى وأخذها إلى أبيها وقرر الزواج منها فوافق أبوها على ذلك وحددوا موعد الزفاف.
إغتاظت أم كرام من اختيار ابن السلطان لوريقة الحنا زوجة له فقررت أن تزف له كرام بدلا منها فتهيأوا للزفاف وزين ابن السلطان قصره لإستقبال وريقة الحنا، وتهيأت أم كرام لزفاف ابنتها فألبستها أحسن الملابس التي لديها وزينتها بأجمل الحلي ، وكلفت وريقة الحنا بطبخ اللحم واعداد الطعام للضيوف فقامت بذلك ، ولما حان أوان زفة كرام إلى بيت ابن السلطان همست العجوز الجنية لوريقة الحنا أن تذهب إلى كرام وتوصف لها أنواع وأصناف الطبخ وتطلب منها أن تطلع إلى المطبخ لتأكل حاجتها ووريقة الحنا ستجلس في مكانها ريثما تعود.
ذهبت وريقة الحنا إلى كرام بائسة ضاحكة وقالت لها :
- لو رأيت يا أختي على طبيخ معنا ، وعلى لحم وسط (البُرام) (والقصاوص) (2) ستأكلي أصابعك ، وكم سأبقى حزينة لو رحت من البيت قبل أن تتذوقيه وتأكلي منه.
سال لعاب كرام وهفت نفسها للأكل ، لكنها قاعدة على أهبة الزفاف و (المردو)(3) ، يغطي رأسها ومن المحتمل في أي لحظة يأتي (المراوحة) (4) ليزفوها إلى بيت ابن السلطان فقالت لوريقة الحنا:
- و(المردو) كيف أعمله؟
إبتسمت لها وريقة الحنا وهي تقول لها:
- إذهبي إلى المطبخ وأكلي ما تشتهيه نفسك وأنا سأجلس بدلا عنك تحت (المردو) ريثما تعودين .. خلعت كرام (المردو) وألقته جانبا وجرت فرحة نحو المطبخ تبحث عن أواني اللحم وتفتش داخلها وتمد بيدها من إناء إلى آخر وهي تخرج أجزاء مما تحويه للتذوقه.
أما وريقة الحنا فقد حضرت لها العجوز الجنية وساعدتها على إرتداء أفخر الملابس والتزين بأجمل الحلي التي أحضرتها لها ، وجلست تحت المردو بدلا من كرام.

(2) البرام : جمع بُرمة ، والقصاوص جمع قصيص ، وهي أواني فخارية مخصصة للطبيخ ، والبُرمة إناء صغير ، والقصيص إناء كبير.
(3) (المردو): هو الغطاء الذي يضع على رأس العروس ويغطي وجهها ويسمى في المدن الطرحة.
(4) المراوحة: الناس الموفدين من قبل العريس إلى بيت العروس ، لزفتها من بيتها إلى بيت العريس.

يتبع

قلب., 13 - 8 - 2014 05:09 PM

رد: وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
أقبل (المراوحة) وأزفت لحظات خروج العروس من بيتها فاتجهت أم كرام نحو (المردو) لتودع ابنتها وأزاحت طرفه لتشاهد وجهها ، فذعرت عندما طالعها وجه وريقة الحنا بدلا من وجه كرام فسألتها حانقة :
- أين كرام؟
أجابتها وريقة الحنا وهي كاسفة الوجه :
- قالت أنها جائعة وطلعت المطبخ وطلبت مني أجلس مكانها ريثما تعود.
راحت الأم تنادي ابنتها حانقة:
- أين أنت يا كرام اسرعي بالمجئ.
سمعتها كرام وهي تلتهم الأكل من هذا الأصيص وذلك وأجابتها :
- عادني بين القصاوص والبرام.
جرت أمها نحو المطبخ لتجدها قد أدخلت رأسها داخل قصيص كبير (حِنِب) بداخله وكلما رفعت القصيص بيديها لتخرج رأسها منه إستكب المرق على ملابسها فعمدت أمها إلى كسر القصيص حتى بان رأس كرام من الأجزاء الباقية حول عنقها ، وراحت تتطلع نحو ملابسها وزينتها فوجدتها قد إتسخت وتشوهت ، وليس لديها من الوقت لتعيد اصلاح ذلك خاصة وقد دقت الطبول منذرة بخروج العروسة فسكتت على مضض وهي تشاهد وريقة الحنا تزف إلى ابن السلطان بدلا من ابنتها كرام فجلست تبكي حظها وهي تنشر بالمنشار الطوق الذي بقى حول عنق كرام من أطراف وبقايا القصيص.
عندما وصلت وريقة الحنا إلى بيت ابن السلطان استقبلها بنفسه ورافقها إلى داخل القصر لتعيش معه في سعادة وهناء أيام وشهور نسي خلالها زوجته لأولى التي دفعتهاالغيرة من وريقة الحنا بالتآمر مع العجوز الماشطة بسحر وريقة الحنا وتحويلها إلى طائر ، فوافقت العجوز الماشطة على القيام بذلك ، فذهبت ذات يوم كعادتها إلى وريقة الحنا لتمشط لها شعرها وغافلتها اثناء المشط وغرست في مؤخرة رأسها سبع شوك (طًلح) مسحورة ، وسبع إبر مسحورة تحولت بعدها وريقة الحنا إلى (جولبة) (5) طارت إلى خارج البيت .

راح السلطان يبحث عنها ويفتش بيت ابيها فلم يعثر لها على أثر ، واتهم أباها باختطافها فأمر بحبسه وربطه إلى مربط الخيل حتى يحضرها.

في صبيحة اليوم التالي ذهب بتول ابن السلطان كعادته يسوق الأثوار إلى الوادي ، وراح يحرث الأرض، وإذا بجولبة تسقط فوق شجرة قريبة منه وراحت تناديه:
- يابتول ، يا بتولين.
كيف حال الحريوين (6)؟
أجابها البتول بقوله:
- مستريحين مريحين.
لكن أبيك بين أرجل الخيلين.
سمعت الجولبة ذلك من البتول وراحت تبكي وتستمر في البكاء حتى هطل المطر من كثرة بكائها فتوقف البتول عن الحراثة وساق الأثوار أمامه وإنصرف عائدا بها إلى القرية فسأله ابن السلطان عن سبب عودته فأجابه البتول:
- المطر منعني من الحراثة.
صمت ابن السلطان وذهب لحاله ، وفي اليوم الثاني ساق البتول الأثوار كعادته ليحرث الأرض وما أن شرع في ذلك حتى سقطت الجولبة فوق الشجرة التي سقطت عليها في اليوم الأول ، وراحت تنادي البتول بما نادته بالأمس ، فأجابها بدوره باجابته السابقة، فراحت الجولبة تبكي وتسترسل في بكائها حتى هطل المطر من كثرة بكائها ، فتوقف البتول عن الحراثة وساق الأثوار أمامه وإنصرف عائدا إلى البيت ، فلاقاه ابن السلطان وسأله عن سبب عودته فأجابه البتول:
- المطر منعمني من الحراثة.
حنق ابن السلطان من كلامه وقال له معاتبا:
- كيف يهطل المطر في الوادي كل اليوم ولا يهطل هنا؟
أخذ البتول يقص عليه ما يجري له مع الجولبه وهطول المطر بعد ذلك فتعجب إبن السلطان وقال للبتول:
سنذهب معا صباح الغد لأسمع كلامها وأتعرف على قصتها.

(5) الجولبة : نوع من القماري والحمام المطوق ، والفرق هو أن طوق القمري أعى عنقه وطوق الجولبة تحت عنقها.



(6) حريو معناها عريس. حريوه معناها عروس ، حريوين معناها عروسين.



قلب., 13 - 8 - 2014 05:11 PM

رد: وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
في اليوم التالي ذهبا معا وجلس ابن السلطان على مقربة من البتول الذي شرع في حراثة الأرض ، وإذا بالجولبة تسقط في مكانها المألوف على الشجرة من البتول:
- يا بتول ، يا بتولين ، كيف حال الحريوين ؟
فأجابها البتول:
- مستريحين ، مريحين ، لكن أبيك بين أرجل الخيلين.
سمعت ذلك منه وراحت تبكي وتسترسل في البكاء حتى هطل المطر من كثرة بكائها ، فأراد البتول أن يتوقف عن الحراثة ويعدود إلى البيت فمنعه إبن السلطان وأمره بمواصلة الحراثة ، وأتجه نحو صخرة قريبة قعد تحتها ريثما يتوقف المطر.
ماهي إلا فترة بسيطة حتى طارت الجولبة من فوق الشجرة وسقطت بالقرب من الصخرة ، وراحت تمشي حتى وصلت إلى مكان ابن السلطان فمسكها بيده وراح يتحسسها باليد الأخرى ، وإذا بأصابعه تعثر على رؤوس الشوك والإبر المغروسة في مؤخرة رأسها ، فراح ينزعها واحدة بعد الأخرى حتى أخرجها كلها وإذا بها ترجع إلى صورتها الأولى وريقة الحنا تقف أمامه وجها لوجه ، ففرح بها وعادا إلى البيت وهي تقص له ما صنعته الماشطة العجوز فطردها من البيت وطلق زوجته الأولى ، وأطلق سراح أب وريقة الحنا وأكرمه ، وعاش مع وريقة الحنا في سعادة وهناء.

- تمت-

منقولة من كتاب حكايات وأساطير يمنية للكاتب : على محمد عبده ، الصفحات من .43-54.


ليل الغريب 13 - 8 - 2014 05:25 PM

رد: وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
‎تسلم ايديك على النقل المبارك
دمت بصحه وعافيه ‏

تهاني 14 - 8 - 2014 11:45 PM

رد: وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
يسلمو على الطرح
بالتوفيق
تحياتي لك

أرب جمـال 15 - 8 - 2014 12:11 AM

رد: وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
قصة سندريلا تقريبا مع اضافات
استمتعت بجد بالقراءة
شكرا قلب

همسه 15 - 8 - 2014 12:39 AM

رد: وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
يسلمو على القصة
مودتي لك

محمد عيسى موسى ابراهيم 15 - 8 - 2014 12:44 AM

رد: وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
طرحك في منتهي الروعه

كل الشكر و التقدير لك على جهودك

ودمت بكل خير

http://www.dohaup.com/album/18/dohaup_597305968.gif



الغضنفر 15 - 8 - 2014 02:14 AM

رد: وريقة الحناء - اسطورة من اليمن
 
سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ
موضوع مميز
يعطيك العافية

#cc#


الساعة الآن 04:09 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى