منتديات المُنى والأرب - أيّ طعم للقب على جثث الأبرياء ؟!!

أيّ طعم للقب على جثث الأبرياء ؟!!

الجـزائــر ...

قبل أيام قليلة وقعت أحداث عنف في مباراة إتحادي العاصمة والحراش وكسر مشاغبون خلالها كاميرا التلفزيون، وقبلها سالت دماء مشجعي الفريقين الجارين شباب قسنطينة وجمعية الخروب أحداث عنف
وحملت لنا أخبار مباريات الأقسام السفلى من مختلف مناطق الوطن أنباء عن أحداث دامية كادت تؤدي إلى سقوط الأرواح، قبل أن تحدث الكارثة في ملعب سعيدة إذ لو لم تلطف الأقدار بلاعبي إتحاد العاصمة لعاد بعضهم جثثا هامدة إلى بيوتهم، حيث كان من الممكن أن تحدث مجزرة مثل تلك التي وقعت في بور سعيد المصرية، لنقف مرة أخرى على خطورة الوضع لأنّ الدماء التي تنزف في ملاعبنا نهاية كل أسبوع لم تتوقف وقد تتحوّل إلى شلال سيجرف الكل ويجعل من الجميع ضحايا ومذنبين أمام الله في الوقت نفسه، لهذا كان من الضروري التوقف مجددا أمام هذه الظاهرة لوضع اليد على الجرح.
الجمهور الأوربي أخطر بكثير لكن ...
في البداية يجب أن نتفق على أنّ الجمهور الأوروبي أخطر بكثير من الجزائري والعربي ككل لكنه أقل استعمالا لخطورته بسبب القوانين الردعية، فهو يعرف عندما يدخل الملعب أن أي تصرف غير سليم قد يؤدي به إلى السجن، ففي ملعب الإمارات الخاص بنادي أرسنال توجد 45 ألف شاشة مراقبة داخل الملعب تقوم بتسجيل كل ما يتعلّق بالأمن ومراقبة سلوك الجماهير، في وقت أن الملعب حسب مسؤوليه يستقبل سنويا نحو نصف مليون متفرج نصفهم نساء ومع هذا لم تسجل أي أحداث خطيرة، وهو أول ما تفتقر إليه ملاعبنا فتجهيزها بكاميرات بات ضروريا لمعرفة بدقة ما يحصل لأنّ العودة إلى شريط كاميرا ملعب سعيدة كان كفيلا بالمساعدة في التحقيقات لا أن تبقى القضية مقيّدة ضد مجهول.
التشهير بالمشاغبين ضروري والغرامات في أوروبا تُجبرهم على بيع بيوتهم
وقد تحرّكت الحكومات الأوروبية قبلنا بسنوات لإيجاد حلول سريعة لظاهرة العنف، فيما كان الإنجليز سباقين لوضع بطاقات تعريفية خاصة بالمشاغبين الذين تملك قوات الأمن قائمة بأسمائهم ويمنعون من الدخول إلى الملاعب مدى الحياة أو على فترات طويلة في سنة 2010 مثلا تم منع 290 شابا بريطانيا من ارتياد الملاعب، وأكثر من ذلك أنهم يدفعون غرامات كبيرة عندما يتم الإيقاع بهم دائما من خلال كاميرات الملعب التي كانت بالمناسبة قد تسببت في القبض على مناصر صربي تسبّب في توقيف مباراة إيطاليا في جنوة شهر أكتوبر 2010 رغم أنه كان يضع قناعا، وهي غرامات تضطر بعض المشاغبين إلى بيع بيوتهم لتسديدها، وهو حل يبقى ممكنا تطبيقه من خلال التشهير بمثيري الشغب والتعريف بهم لأنهم معروفون في ملاعبنا.
الصرامة واستعمال القوة مطلوبان وبهما تكسّرت شوكة "الهوليڤانز" في إنجلترا
شدة العقوبات في أوروبا أدّت إلى كسر شوكة "الهوليڤانز" الإنجليز الذين وصل بهم الأمر في وقت ما إلى حد إقامة شراكات مع العصابات والمجموعات المسلحة للحصول على العون عند المواجهة مع الشرطة أو المنافسين، خاصة بعد كارثة ملعب "هيسل" في بروكسل التي أضعفت أكبر جمهور عنفا في العالم وهو جمهور ليفربول، إذ تصدت أجهزة الأمن لهم بعد أن أخذت كل الصلاحيات في التعامل معهم (بالعصي وحتى الرصاص المطاط والحي) حتى تنجح كل الإجراءات في إخراج الفريقين المتنافسين وجماهيرهما في أمان، والنتيجة أن ملاعبهم صارحت "مسارح" رغم أنها بدون سياج ولا تبعد سوى بمتر عن المدرجات بقرار من الإتحاد الإنجليزي، بل ونتيجة للتحكم التام في الوضع وصلت العقوبات في أوروبا إلى حد المعاقبة على هتافات الجماهير كما حصل 4 مرات هذا الموسم لفريق جوفنتوس، لكن رغم كل ما رأيناه من رايات الازدراء التي تدعو إلى الفتنة وتؤجّج النفوس في ملاعبنا إلا أن هيئة قرباج وكأن أبصارها غشيت.
جمهور 2012 في ملاعبنا أقل مستوى ووعيا والجامعي فيه هو من يكسر كاميرا التلفزيون!
أمام هذه المقارنات يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو هل نملك نفس وعي الأوروبيين، وهل تخضع ملاعبنا إلى مقاييس الأمان التي توفرها ملاعبهم؟ إذ يصل المناصر هناك 5 دقائق قبل بداية المباراة ليجلس على كرسي يحمل الرقم المدوّن في تذكرته، في وقت يكسر الجمهور عندنا الأبواب للدخول وقبل ذلك عليه أن يقتتل للحصول على تذكرة إن كان يقتينها ولا يتسلق الأسوار، وحتى نوعية الجمهور مختلفة إذ أصبح غير ذلك الذي كان يتنقل إلى المدرجات سنوات السبعينيات والثمانينات، حيث بات مشكلا من فئة أقل من 18 سنة وحتى الأطفال في غياب الكهول وكبار السن - حتى لا نتحدث عن النساء - أغلبهم منحرفون ومستهلكون لمختلف أنواع المخدرات يأتون إلى الملعب ليس بحثا عن الفرجة بل لإخراج الكبت النفسي والإجتماعي الذي يعيشونه، وحتى المثقفين ينساقون إلى شر الأفعال كما فعل الطالب الجامعي في قسم الحقوق الذي رمى كاميرا التلفزيون من أعلى مدرجات 5 جويلية.
ماذا يقدّم لاعبو البطولة حتى تكون أرواح الأبرياء قربانا لهم؟
وإذا كانت الكرة استحدثت لتوطيد الروابط فإنها صارت في الجزائر على حد تعبير سرّار جسرا للكراهية، مع أن ملاعب بطولتنا لم تقدّم لنا لاعبا واحدا أساسيا يزيد المنتخب قوة ومع أننا أيضا لا نشاهد 3 تمريرات متتالية طيلة 90 دقيقة، وإذا كان هذا "اللاشيء" الذي نتابعه نهاية كل أسبوع قربانه هي أرواح الأبرياء فإنه لا داعي لممارسة كرة القدم أصلا وتوقيف البطولة قد يكون أفضل مثلما فعل أشقاؤنا في مصر، خاصة في غياب الحلول أو عدم البحث عنها أصلا، لأن توقيف البطولة أو اعتمادها بيضاء لن يجعلنا نخسر شيئا مادام منتخبنا مكوّنا من المحترفين وأغلب فرقنا أقصيت في المنافسات الخارجية في الدور الأول.
أي طعم للقب على جثث الأبرياء، وحذار من كارثتين جاهزتين للوقوع هذا الجمعة
أمر آخر لابد من الإشارة إليه يتعلّق بطعم لقب هذا الموسم إن كان سيتحقق فوق جثث لاعبين ومناصرين، نقول هذا الكلام لأنّ لاعبا متخلقا مثل العيفاوي كان يمكن أن لا يكون اليوم في عالمنا لولا لطف الأقدار، وقبل مباراتي نصف نهائي كأس الجمهورية تحذّر "الهدّاف" بشدة من كارثة أخرى خاصة في ظل رغبة المئات بل الآلاف من أنصار إتحاد الحراش وشباب قسنطينة في التنقل هذا الجمعة إلى سطيف وملعب 20 أوت، إذ ينبغي تخيّل موقف مناصر يسافر مئات الكيلومترات ثم لا يدخل الملعب، ويبدو أنه من الحكمة التحذير من الآن من كوارث جاهزة لتقع لأنه ربما علينا انتظار تكرار ما حصل في بور سعيد حتى نتخذ قرارات صارمة.

الهداف اليومي