منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   سِير أعلام وشخصيات (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=57)
-   -   شخصيات إسلامية (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=1910)

أرب جمـال 26 - 11 - 2009 12:42 AM

آراء العلماء فيه:
قال عنه ياقوت الحموي " أبو جعفر الطبري المحدث، الفقيه، المقريء، المؤرخ، المعروف، المشهور "

وقال الخطيب البغدادي " كان أحد أئمة العلم، يحكم بقوله، ويرجع إلي رأيه، لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره "
وقال القفطي " العالم الكامل، الفقيه، المقريء، النحوي، اللغوي، الحافظ، الإخباري، جامع العلوم، لم ير فى فنونه مثله.... وصنف التصانيف الكبار "
وقال ابن سريج " محمد بن جرير الطبري فقيه العلم "
وقال عنه محمد بن إسحاق بن خزيمة " ماأعلم تحت أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير "
وقال ابن كثير " كان احد أئمة الإسلام علما وعملا بكتاب الله وسنة رسوله"
وقال الإمام الذهبي " الإمام الجليل، المفسر أبو جعفر، صاحب التصانيف الباهرة......، من كبار أئمة الإسلام المعتمدين "
وقال عنه ابن تغري بردي " وهو أحد أئمة العلم، يُحكم بقوله، ويُرجع إلي رأيه، وكان متفننا فى علوم كثيرة، وكان واحد عصره "
مؤلفات الطبري:
ترك لنا الطبري ثروة علمية تدل على غزارة علمه، وسعة ثقافته،، ودقته فى اختيار العلوم الشرعية والأحكام المتعلقة به.

وكان له قلم سيال، ونفس طويل، وصبر فى البحث والدرس، فكان يعتكف على التصنيف، وكتابة الموسوعات العلمية فى صنوف العلوم، مع ما من اللله عليه من ذكاء خارق، وعقل راجح متفتح، وجلد على تحمل المشاق.ومن هذه المؤلفات:
1- جامع البيان عن تأويل القرآن،المعروف بتفسيررالطبري، وهو موجود وطبع عدة مرات.
2- تاريخ الأمم والملوك، المعروف بتاريخ الطبري، وهو موجود ومطبوع.
3- كتاب ذيل المذيل،طبع منه جزء، وسوف نعرض له مع كتاب التاريخ تفصيل.
4- اختلاف علماء الأمصار فى أحكام شرائع الإسلام، المعروف باختلاف الفقهاءوهو فى علم الخلاف، وبقي منه جزء وطبع.
5- لطيف القول فى احكام شرائع الإسلام، وهو كتاب فقه فى المذهب الجريري.
6- الخفيف فى أحكام شرائع الإسلام، وهو فى تاريخ الفقه، وهو مختصر لكتاب الللطيف.
7- بسط القول فى أحكام شرائع الإسلام، وهو فى تاريخ الفقه الإسلامي ورجاله وأبوابه.
8- تهذيب اللآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله من الأخبار، وسماه القفطي "شرح الآثار" وهو كتاب فى الحديث، بقيت منه بقايا طبعتفى أربع مجلدات.
9- أداب القضاة، وهو فى الفقه عن أحكام القضاء وأخبار القضاة.
10-أدب النفوس الجيدة والأخلاق الحميدة.
11- كتاب المسند المجرد، ذكر فيه الطبري حديثه عن الشيوخ، بما قرأه على الناس.
12- الرد على ذي الأسفار. وهو رد على داود بن على الأصبهانيمؤسس المذهب الظاهري.
13- كتاب القراءات وتنزيل القرآن، ويوجد منه نسخة خطية فى الأزهر.
14- صريح السنة، وهي رسالة في عدة أوراق فى اصول أصول الدين.
15- البصير فى معالم الدين. وهو رسالة فى أصول الدين، كتبها لأهل طبرستان فيما وقع بينهمو من الخلاف فى الاسم والمسمي، وذكر مذاهب أهل البدع، والرد عليهم.
16- فضائل علي بن أبي طالب. وهو كتاب فى الحديث والتراجم، ولم يتمه الطبري ـ رحمه الله .
17 - فضائل أبي بكر الصديق وعمر، ولم يتمه.
18 _ فضائل العباس. ولم يتمه.
19 _ كتاب فى هعبارة الرؤيا فى الحديث، مات ولم يتمه.
20- مختصر مناسك الحج.
21- مختصر الفرائض.
22- الرد علي ابن عبد الحكم على مالك، فى علم الخلاف والفقه المقارن.
23- الموجز فى الأصول، ابتدأه برسالة الأخلاق، ولم يتمه.
24- الرمي بالنشاب، أو رمي القوس، وهو كتاب صغير، ويشك فى نسبته إلي الطبري.
25- الرسالة فى أصول الفقه. ذكرها الطبري فى ثنايا كتبه، ولعلها على شاكلة الرسالة للإمام الشافعي فى أصول الاجتهاد، والاستنباط.
26- العدد والتنزيل.
27- مسند ابن عباس. ولعله الجزء الخاص من كتاب " تهذيب الآثار " وطبعت البقية الباقية منه فى مجلدين.
28- كتاب المسترشد.
29- اختيار من أقاويل الفقهاء.
والكتب الأربعة الأخيرة لم يذكرها ياقوت في معجم الأدباء.
أولا: تفسير الطبري:
المسمي [جـامـع البيـان في تـأويـل آي القـرآن]:
يعد تفسير الطبري رحمه الله باتفاق العلماء موسوعة علمية كبري، ودائرة معارف متنوعة،لأنه يحتوي مختلف صنوف العلوم الدينية واللغوية، مما يندر وجوده فيتفسير آخر، ولذلك بلغ القمة، واستقر على الذروة، وبقي فى المكان الشامخ، يقصده كل دارس، ويستفيد منه كل مفسر، ويستعين به كل من تناول علما من علوم القرآن.

ويقع هذا التفسير فى ثلاثين جزء من الحجم الكبير، يبدأ بمقدمة ثم يتناول تفسير القرآن الكريم، بحسب ترتيبه المتلو، سورة، وآية آية، ابتدأ من سورة الفاتحة ونهاية بسورة الناس.
أقوال العلماء فى تفسير الطبري:
احتل تفسير الطبري سويداء القلب عند العلماء على مر العصور فى القديم والحديث، وحظي بالرعاية والعناية، وأثني عليه الأئمة والعلماء والمؤرخون والمفسرون، وسطروا الجمل المذهبة حوله،وعلقوا عليه أوسمة الفخار.

قال عنه الإمام النووي " لم يصنف أحد مثله "
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية " وتفسير محمد بن جرير الطبريوهو من أجل التفاسير وأعظمها قدر........" وقال " وأما التفاسير التي فى أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير الكلبي "
وقال مؤرخ الإسلام المحدث الحافظ الذهبي " وله كتاب التفسير، لم يصنف أحد مثله "
وقال عنه القفطي " وصنف التصانيف الكبار، منها تفسير القرآن الذي لم يري أكبر منه، ولا أكثر فوائد "
وقال السيوطي في الإتقان: " وكتابه أجل التفاسير وأعظمها فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض، والإعراب والاستنباط فهو يفوق بذلك على تفاسير الأقدمين " وقال النووي: " أجمعت الأمة على أنه لم يُصنَّف مثل تفسير الطبري "
وقال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور " فكان جديرا بالتفسير، حين تناوله الطبري بتلك المشاركة الواسعة وذلك التفنن العجيب أن يبلغ به أوجه، وأن يستقر على الصورة الكاملة التي تجلت فيها منهجيته، وبرزت بها خصائصه مسيطرة علي كل ما ظهر من بعده من تآليف لا تحصي فى التفسير "
مصـادر الطبري فى تفسيره:
الطابع المميز لتفسير الطبري اعتماده على المأثور عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى آراء الصحابة والتابعين، ثم أضاف إلى التفسير بالمأثور ما عرف في عصره من نحو وبلاغة وشعر، كما رجع إلى القراءات وتخير منها ورجح ما تخيره، وعرض كثيراً من آراء الفقهاء في مناسباته، ورجح ما رآه موافقاً للدليل، وكذلك استعان بكتب التاريخ فنقل عن ابن إسحاق وغيره.

وقد حوى ابن جرير جميع تراث التفسير الذي تفرق قبله في كتب صغيرة منذ عصر عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ إلى النصف الأول من القرن الثالث الهجري.
منهجـه في التفسيـر:
1ـ اتبع طريقة الإسناد في سلاسل الروايات، لذا كان تفسيره سجلاً لما أثر من آراء، وغالباً ما يلخص الفكرة العامة... ويعقب عليها بذكر الروايات التي قد تختلف في التفصيل والإيجاز.

2ـ تجنب التفسير بالرأى. وعقد فصلاً في مقدمة كتابه، ذكر فيه بعض الأخبار التي رويت بالنهى عن القول بالتفسير بالرأي، والتزم هذا الأسلوب في كتابه... حيث أنحى باللائمة على القول بالرأى ومما يزيد ذلك ما جاء في تفسيره: ( فقائل في تأويل كتاب الله الذى لا يدرك علمه إلا ببيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى جعل إليه بيانه، قائل بما لا يعلم وإن وافق قيله ذلك في تأويله ما أراد الله به من معناه، لأن القائل فيه بغير علم قائل على الله ما لا علم له.
3ـ دقة الإسناد: كان رحمه الله أميناً دقيقاً في ذكر السند وفي تسجيل أسماء الرواة، لأنه اتصل بكثير من العلماء وسمع منهم، فإذا كان قد سمع هو وغيره قال: حدثن... وإذا كان قد سمع وحده قال حدثني... وإذا نسي واحداً من سلسلة الرواية صرَّح بنسيان اسمه.
4ـ الاستعانة بعلم اللغة: هذا وقد مكنه علمه باللغة وأساليب استعمالها أن يفضل معنىً للكلمة على معنىً آخر تحتمله، ومن ذلك قوله: وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً}… [الفرقان:61] يعني بالبروج القصور... وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: هي قصور في السماء، لأن ذلك في كلام العرب. ومنه {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}… [النساء:78] ومنها قول الأخطل لعنه الله: كأنها برج رومي يشيده بان بجص وآجر وأحجار
5ـ الإكثار من الأحاديث النبوية: وكان يكثر من الأحاديث النبوية، لأنه درس الحديث على كبار المحدثين في عصره، وفي مقدمتهم علماء طبرستان.
6ـ الاستشهاد بالشعر: وكثيراً ما اعتمد على الشعر في بيان المراد من الكلمة، تارة يذكر اسم الشاعر وأخرى يغفله مكتفياً بالشعر.
7ـ تسجيل القراءات: عرض وجوه القراءات ورجح ما ارتضاه لأنه كان عالماً بالقراءات ومؤلفاً فيه... وله أيضاً عناية بتفصيل مذاهب النجاة في كثير من المواضع ليجلو المعنى.
8ـ مناقشة الآراء الفقهية: للطبري كتاب اختلاف الفقهاء... فهو فقيه دارس للمذاهب كلها، بل ومجتهد صاحب مذهب اختاره لنفسه... ومن البداهة أن يعرض للآراء الفقهية ويناقشها في مناسباتها من آيات الأحكام... وينتهي في مناقشة كل منها إلى ما يستصوبه... وكان يعرض لآراء المتكلمين ويسميهم أهل الجدل ويناقشها ويصوب الرأي السلفي الذي يدين به.
والإدلاء برأيه بعد المناقشة سمة ظاهرة في تفسيره... فكان يرفض ويعلل لرفضه وكان يرجح ويدلل على ترجيحه... وكان يؤيد ويبرهن على تأييده.
9ـ وإذا كان تفسير ابن جرير من أجل التفاسير، بالمأثور وأعظمها قدراً، فلم سمّى كتابه جامع البيان عن تأويل القرآن؟! ولم يستعمل كلمة تفسير بل تأويل. والجواب أن التأويل الذى يريده الطبري هو التفسير كما يتضح من خصائص تفسيره، فاللفظان: التفسير والتأويل مترادفان عنده، وهما بمعنى الكشف عن ألفاظ القرآن والتوضيح لمعانيه ومراميه.
فالتفسير لغة: كشف المراد عن اللفظ المشكل وأصله من الفَسْر، وقيل هو مقلوب: السَّفر، أسفر الصبح إذا أضاء. وقيل التفسير أعم من التأويل. فالتفسير بيان العبارة القرآنية من مفردات وجمل بياناً كاشفاً لحقيقة المعنى على حسب المتعارف عليه من أساليب العرب في كلامهم وخطابهم إما حقيقة وإما مجازاً، سواء كان المعنى متبادراً بالاستعمال، كتفسير الصراط بالطريق والصيب بالمطر، أو غير متبادر كتفسير {أُخْفِيهَا} في قوله {أَكَادُ أُخْفِيهَا}… [طـه:15] بمعنى أظهرها.
والتأويل اجتهاد المفسر في ترجيح المقصود من المعاني المختلفة التي يحتملها اللفظ فكأن التأويل: إخبار عن حقيقة المراد كقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} … [الفجر:14]، تأويله: التحذير من التهاون بأمر الله أو الوعيد [ لمن يخالف أمر الله] بينما تفسير: {لَبِالْمِرْصَادِ} أنه من أرصد، يقال: أرصدته أى رقبته، والمرصاد مفعال...
10 ـ بالجملة: فالطبري رأس المفسرين على الإطلاق، وأنه جمع في تفسيره بين الرواية والدراية ولم يشاركه في ذلك أحد من قبله ولا من بعده.
ومنهجه في التفسير؛ فالطبري - بلا منازع - اُعتبر أبًا للتفسير، بَلْ شيخ المفسرين، وعُدَّ تفسيره من أقوم التفاسير وأشهرها، والمرجع الأول للتفسير بالمأثور.

وقد أجمع العلماء على عظيم قيمة هذا التفسير، وأنه لا غنى عنه لطالب العلم عمومًا، وطالب التفسير على وجه الخصوص؛ يقول النووي فيه: " أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثل تفسير الطبري " أما ابن تيمية فيقرر أن تفسير الطبري أصح التفاسير التي بين أيدي الناس.
وقد كان "تفسير الطبري " محط اعتبار عند المتقدمين، وكان كذلك عمدة عند المتأخرين من أهل العلم عموماً والتفسير خصوصاً؛ فهو مرجع الأولين، وهو ملاذ الآخرين في موضوع التفسير.
وكما كان لهذا التفسير أوَّليَّة زمانية فقد كان له كذلك أوَّليَّة موضوعية، فهو لم يقتصر على لون واحد من التفسير، بل اشتمل على ألوان من التفسير، رفعت من شأنه، وجعلت له تلك المنـزلة عند العلماء؛ فـ الطبري - على الرغم من اعتماده على التفسير بالمأثور أساساً - جمع إلى جانب الرواية جانب الدراية، واهتم بالقراءات القرآنية أي اهتمام، وكان له اعتناء بعرض وجوه اللغة، فضلا عن آرائه الفقهية واجتهاداته التي أودعها كتابه المذكور.
إلاَّ أن السمة البارزة التي ميزت الطبري في " جامعه " ذاك المنهج العلمي الذي سلكه في التفسير؛ فـ الطبري بحق - كما يتبين لقارئ تفسيره - كان صاحب منهج واضح.
ونستطيع أن نوجز منهج الطبري في "تفسيره" في النقاط التالية: - اعتماده أساساً على التفسير بالمأثور الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو صحابته الكرام، أو التابعين؛ وهو لا يكتفي بذلك، بل نجده يشدد النكير على من يفسر القرآن بمجرد الرأي فحسب.
ولا يُفهم من هذا النهج أن الطبري لم يكن يُعمل الرأي في تفسيره، بل الواقع خلاف ذلك، إذ إننا كثيرًا ما نجده يُرجِّح أو يصوب أو يوجِّه قولاً لدليل معتبر لديه.

- كان يقف من السند موقف الناقد البصير، والعالمِ النحرير، الذي لا يقبل الرواية إلا بعد تمحيص وتدقيق.
- ثم إنه كان يقدر إجماع الأمة، ويعطيه اعتباراً كبيراً في اختيار ما يذهب إليه ويرتضيه.
- أما منهجه في التعامل مع القراءات القرآنية فيقوم على رد القراءات التي لم ترد عن أئمة القراءات المشهود لهم، أما القراءات الثابتة فكان له اختيار فيها؛ فهو أحياناً يرفض بعضها لمخالفتها الإجماع، وأحياناً أخرى يفضِّل قراءة على أخرى لوجه يراه، ويكتفي حيناً بالتسوية بين تلك القراءات دون ترجيح.
- ومن منهجه كذلك أنه لم يكن يهتم بتفسير ما لا فائدة في معرفته، وما لا يترتب عليه عمل؛ كمعرفة أسماء أصحاب الكهف، ومعرفة نوع الطعام في المائدة التي نزلت على رسول الله عيسى عليه السلام ونحو ذلك.
- وكان الطبري يحتكم كثيراً في تفسيره عند الترجيح والاختيار إلى المعروف من كلام العرب، ويعتمد على أشعارهم، ويرجع إلى مذاهبهم النحوية واللغوية.
- وكما أِشرنا بداية فقد كان الطبري صاحب مذهب فقهي، وهذا واضح في "تفسيره"، فنحن كثيراً ما نراه يعرض لآيات الأحكام ويناقشها ويعالجها، ثم يختار من الأحكام الفقهية ما يراه الأقوى دليلاً والأوجه تعليل.
- وكان من منهج الطبري أيضًا تعرضه لكثير من مسائل علم الكلام والعقيدة، والرد على كل من خالف فيها ما عليه أهل السنة والجماعة، وكان هذا النهج واضحًا لديه في رده على كثير من آراء المعتزلة ومن شابههم.
- ثم أخيراً نَلْمَحُ الطبري يسوق في تفسيره أخباراً من القصص الإسرائيلي، ومن ثَمَّ يتعقَّبها بالنقد والتمحيص؛ لكن - وعلى الرغم من ذلك فاته بعض المرويات التي لا تزال تحتاج إلى النقد الفاحص، والتمحيص الناقد.
تلكم كانت جولة سريعة أطللنا من خلالها على شيخ المفسرين، وعلى تفسيره "الجامع" وتعرَّفنا - بإيجاز - على أهم سمات منهج الطبري في "تفسيره". نسأل الله لنا ولكم وللمسلمين التوفيق والرشاد في الأمر كله.
المآخذ على تفسير الطبري:
الطبري رحمه الله ليس معصوما من اتالخط، وكل إنسان يؤخذ من قوله ويرد عليه ن إلا صاحب النبوة، كما قال الإمام مالك رحمه الله، وكتاب الطبري الذي بلغ ستة آلاف صفحة ليس غريبا أن ترد عليه بعض الملآخذ، وأن تصدر منه أخطاء، والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول فى الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجة " كل ابن آدم خطاء "

ولذلك لم يسلم تفسير الطبري من النقد، وكشف الأخطاء التي وقع فيه، والغلط الذي جاء فى تفسيره.ويمكن إجمالها فيما يلي:
1- لم يطبق الطبري منهجه النقدي الكامل للأسانيد على جميع ماجاء فى التفسير، وإنما فعل ذلك فى بعض الروايات النادرة، وترك غيرها مع ما فيها من أسانيد ضعيفة كان جديرا به أن ينبه عليها ويكشفه.
2- حشد الطبري فى تفسيره كثيرا من الروايات الإسرائيلية والنصرانية والأساطير والخرافات، وقصص الوعظ الخيالية، وكان المفروض علي الطبري أن ينبه علي حقيقته، دون أن يكتفي بذكرها وإشاعتها والسكوت عنه.
3- ورد في تفسير الطبري بعض الروايات المتناقضة لابن عباس (رضي الله عنهما) ولم يرجح رواية منها على أخري، ولم يتعرض لبيان الصواب من ذلك، كما اعترض بعض العلماء على الطبري فى نقده لبعض القراءات، وإبهامه لأسماء بعض علماء العربية الذين أخذ منهم، وأشار إلى أسمائهم إشارة.
وهذه الأخطاء ـ والحمد لله ـ ليست فى العقيدة، ولا فى أصول الدين، ولا فى أركان الإسلام، ولا فى قواعد الدين، ولا فى الأحكام القطعية، ولا فى النصوص الثابتة ولا فى معاقد الإجماع.
ويبقي تفسير الطبري ثروة عظيمة، وذخيرة من ذخائر الإسلام، ومصدرا أصيلا لكل مفسر وعالم مجتهد، ومرجعا مهما فى جميع العلوم اللغوية والعلوم الشرعية من علوم القرآن، إلي علوم السنة، إلي علوم السيرة إلي علوم الفقه والعقيدة وأصول الدين، والمذاهب الفقهية والكلامية، والفسير بالمأثور والرأي والاجتهاد والمعقول.
ثانيا: تاريخ الطبري: المسمي [تاريخ الأمم والملوك]
بهذا الكتاب لمع اسمه وتخلد، وذاع صيته، وغذا أطلق علي الطبري المؤرخ بسبب هذا الكتاب، واسم الكتابالمشهور به هو " تاريخ الأمم والملوك " وطبع بهذا العنوان، ولكن ياقوت الحموي ذكر اسما آخر لهذا له وهو " تاريخ الرسل والانبياء والملوك والخلفاء "، وكلا الاسمين يدلان على موضوع الكتاب ويسمي أيضا " التاريخ الكبير "
قال ياقوت عن تاريخ الطبري " وهذا الكتاب من الأفراد فى الدني، فضلا ونباهة، وهو يجمع كثير ا من علوم الدين والدنيا "
ويعتبر تاريخ الطبري ذروة التأليف التاريخي عند المسلمين فى القرون الثلاثة الأولي، وهو أوثق مصدر للتاريخ الإسلامي، ويحتل مكانة سامقة بين كتب التاريخ الإسلامي.
محتوي تاريخ الطبري:
انقسم تاريخ الطبري إلي قسمين:
1- القسم الأول تناول الطبري فيه تاريخ العالم قبل الإسلام، وبدأه بخلق آدم أبي البشر، وقصته مع إبليس، ثم عرض الطبري لسيرة الأنبياء من أولاد آدم حتي الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام ) وأرخ بصفةخاصة لبعض الأمم مثلا لفرس، وكذلك الروم وملوكهم، وكذلك اليهود وأنبيائهم، ثم تحدث عن العرب وتحدث عن أجداد الرسول (صلي الله عليه وسلم) وحال قريش ومكة وذلك تمهيدا لعصر الرسالة.

وقد تناول الطبري حوادث هذا القسم على أساس س المواضيع، وليس على طريقة الحوليات، ويمثل هذا الجزء عُشر الكتاب كله.
2- القسم الثاني يتناول فيه تاريخ العالم بعد الإسلام، ابتدأ من نزول الوحي وحتي سنة 302هـ ويشمل هذا القسم أربعة عهود متميزة:
أ ـ العهد النبوي
ب-العهد الراشدي
ج- العهد الأموي
دـ العهد العباسي حتي سنة 302هـ.

أهمية تاريخ الطبري وقيمته العلمية:
وصل كتاب الطبري فى التاريخ إلي قمة التأليف التاريخي عند العرب والمسلمين فى القرون الثلاثة الأولي، واحتل ذروة التقدير والاهتمام لديمعاصري الطبري، وفيما بعد خلال التاريخ الإسلامي، وحتي وقتنا الحاضر، وسيبقي تاريخ الطبري فى القمة والذروة، وسيبقي المرجع الأول، والمصدر الأصيل، والموئل الموثوق به لدي كل باحث وكاتب في التاريخ الإسلامي، وتظهر أهمية الكتاب فى الأمور التالية:

1- كتاب الطبري هو أول كتاب فى التاريخ العام
2- أقدم مصدر كامل للتاريخ العربي وفى اللغة العرية منذ أوائل الزمان إلي أول القرن الرابع الهجري
3- جمع الطبري فى تاريخه كثيرا من أخبار العرب فى الجاهلية وحفظها من الضياع، كما أرخ للقرون الأولي بعد الإسلام
4- دون الطب ي قفى تاريخه تاريخ الفرس، وأبدع فى ذكر كثير من الحقائق والتي لا توجد عند غيره
5- كان الطبري رخمه الله دقيقا جدا في ذكره لتاريخ الرومان، وذكر أسماء الأباطرة حتي عصر هرقل سنة 641م الموافق21هـ.
6- يعتبر كتا ب الطبري المنبع الصافي لكثير من المؤرخين الذين جاؤا بعد ذلك، فقد استقوا منه المادة التاريخية، وتفننوا فى عرضها مثل مسكويه (421هـ) وابن الأثير (630 هـ) وابن خلدون (808هـ).
7- إن كتاب الطبري حافل بالنصوص الأدبية التي ذكرها فى تراجم أصحابه، سواء كانت شعرا أو خطبا أم رسائل أدبية أم محاورات ولا توجد فى كتاب آخر.
آراء العلماء في تاريخ الطبري:
تعددت أقوال العلماء في هذا الخصوص اعترافا منهم بفضل الطبري ومكانته التاريخية، وسجلوا ذلك بعبارات مضيئة، وأحرف من نور منه:

قال الخطيب البغدادي " وله الكتاب تالمشهور فى تاريخ الأمم والملوك "
وقال ابن الأثير " فى مقدمة كتابه الكامل " ولقد جمعت فى كتابي هذا مالم يجتمع فى كتاب واحد ـ فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري، إذ هو المعول عليه عند الكافة، والرجوع إليه عند الاختلاف، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه، لم أخل
بترجمة واحدة منها "
وأخيرا قال الأستاذ شاكر مصطفي عن الطبري " وهو علم معروف فى التاريخ الإسلامي (وفي التفسير ) بلغ به التدوين التاريخي نهاية عهد التكوين والنشأة قمة من قمم التاريخ الحقيقي.
المآخذ على تاريخ الطبري:
قلما يسلم عمل أي إنسان من النقص، أو يصدر بشكل كامل، فإن الكمال لله وحده، وكل عمل للبشر معرض للنقص والخط، والنقد والمآخذ، ولذلك سجل علماء التراجم والتاريخ عدة ملاحظات علي تاريخ الطبري والمادة العلمية فيه، وعلي منهجه الذي سلكه ومن هذه المآخذ:

1- لم يحفظ الطبري التوازن بين فترات التاريخ قبل الإسلام وبعد الإسلام، فإن الجزء الأول تقريبا عشر الكتاب.
2- أسرف الطبري فى ذذكر الإسرائيليتات والخرافات والأوهام والحكايات فيما يتعلق ببدء الخلق وقصص الأنبياء والتاريخ القديم، دون أن يمحص ذلك ويعرضه علي النقض والمنطق والعقل ومما جاء فى القرآن والسنة.
3- اهتم الطبري في تاريخه بالأحداث السياسية، فحصر تاريخه غالبا فى المشاكل الداخلية للدولة، وما يتصل بالسياسة الداخلية للدولة، وأغفل كثير ا الحديث عن الفتوحات الإسلامية مثل الأندلس.
4- كان فهم الطبري للتاريخ العالمي أقل وأضيق من فهم بعض المؤرخين السابقين له كاليعقوبي وابن قتيبة مثلا فى نظرتهم الشمولية، بينما اقتصرت نظرة الطبري إلي تاريخ العالم على الخط الذي يصل بين الأنبياء والعهد الجاهلي كمقدمة للتاريخ الإسلامي.
5- اقتصر الطبري فى تاريخه عما نقله من المصادر والأسناد الماضية، وهذا صرفه عن النظر فى أحداث عصره، فلم يسجلها فى كتابه، ولم يؤرخه، فجاءت الأحداث التي عاصرها باهته، ومختصرة جد، مع أن الطبري كان علي إطلاع واسع به.
6- كان مفهوم التاريخ عند الطبري متأثرا بالنزعة الدينية أكثر من تأثره بالنظرة التجاربية، فأحداث التاريخ عبارة المشيئة الإلهية والتاريخ مستودع خبرات الأمة، دون اهتمام بقيمة التجاربالتي مرت به، ورسالتها التاريخية الواحدة.
وهذه الملاحظة تعتبر مزية فى تاريخ الطبري المحدث والمفسر والمجتهد والعالم والحافظ للقرآن، وقد عبر عن وجهة النظر الإسلامية عامة، ووجهة نظر المحدثين فى كتابة التاريخ بفكرة تكامل الرسالات السماوية فى التاريخ، وأنه تعبير عن المشيئة الإلهية.
يقول الأستاذ شاكر مصطفي " وعلي كل حال، فإن ما قد يوجه إلي تاريخ الطبري من نقد لا يمكن أن يلغي شيئا من قيمته كمؤرخ أول انتهي به العصر الأول للتدوين التاريخي، وكمؤلف ظلت أجيال المؤرخين فى العصور التالية عيالا على كتابه فى كل ما يتصل بالقرون الثلاثة الأولي من تاريخ الإسلام ".
تفسير محيي الدين الخطيب للأخبار الضعيفة في تاريخ الملوك والرسل.
ويتحدث ( محب الدين الخطيب ) عن كتابه فيقول: نحن نعتبر تاريخ الطبري الآن من أقدم مصادرنا، وكان تاريخ الطبري في النصف الثاني من القرن الثالث (أي قبل أحد عشر قرناً)
1- الأخبار الضعيفة عند الطبري فلم يقتصر الطبري على المصادر التي أشرت إلى بعضها، بل أراد أن يقف قارئه على مختلف وجهات النظر، فأخذ عن مصادر أخرى قد لا يثق بها هو بأكثرها، إلا أنها تفيد عند معارضتها بالأخبار القوية، وقد تكمل بعض ما فيها من نقص.
كما صنع بنقله كثيراً من أخبار أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي الذي قال فيه الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال: "إخباريٌّ تالف لا يوثَق به، تركه أبو حاتم وغيره.
وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال مرة: ليس بشيء.
وقال ابن عدي: شيعي محترق صاحب أخبارهم. مات قبل السبعين ومائة".
فقد نقل الطبري من أخباره في مئات المواضع، ولو أن الذين ينقلون عن الطبري ويقفون عنده، استقوا أخبارهم من لوط بن يحيى هذا واكتفوا بعزوها إلى الطبري لظلموا الطبري بذلك، وهو لا ذنب له بعد أن بيَّن لقارئه مصادر أخباره، وعليهم أن يعرفوا نزعات أصحاب هذه المصادر ويزِنُوها بالموازين العادلة اللائقة بهم وبها.
إن مثل الطبري ومن في طبقته من العلماء الثقات المتثبّتين - في إيرادهم الأخبار الضعيفة - كمثل رجال النيابة الآن إذا أرادوا أن يبحثوا في قضية فإنهم يجمعون كل ما تصل إليه أيديهم من الأدلة والشواهد المتصلة بها، مع علمهم بتفاهة بعضها أو ضعفه، اعتماداً منهم على أن كل شيء سيقدَّر بقدره.

وهكذا الطبري وكبار حملة الأخبار من سلفنا كانوا لا يفرّطون في خبر مهما علموا من ضعفِ ناقله خشية أن يفوتهم بإهماله شيء من العلم ولو من بعض النواحي، إلا أنهم يردُّون كل خبر معْزواً إلى راويه ليعرف القارئ قوة الخبر من كون رواته ثقات أو ضعفَه من كون رواته لا يوثَق بهم، وبذلك يرَوْنَ أنهم أدُّوا الأمانة، ووضعوا بين أيدي القرّاء كل ما وصلت إليه أيديهم.

قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الطبراني من لسان الميزان: "إن الحفّاظ الأقدمين يعتمدون في روايتهم الأحاديث الموضوعة مع سكوتهم عنها على ذكرهم الأسانيد، لاعتقادهم أنهم متى أوردوا الحديث بإسناده فقد بَرِئوا من عهدته، وأسندوا أمره إلى النظر في إسناده".
ومن فوائد إيراد الحادث الواحد بأخبار من طرق شتى وإن كانت ضعيفة قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة تفسير القرآن (ص 30-31): "إن تعدُّد الطرق مع عدم التشاعر أو الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون القول (أي بالقدر المشترك في أصل الخبر) لكن هذا يُنتَفع به كثيراً في علم أحوال الناقلين (أي نزعاتهم والجهة التي يحتمل أن يتعصب لها بعضهم)، وفي مثل هذا يُنتَفع برواية المجهول، والسيئ الحفظ، وبالحديث المرسل ونحو ذلك، ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث ويقولون: إنه لا يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره. قال أحمد: قد أكتب حديث الرجل لأعتبره".
ومن الإنصاف أن نشير إلى أن اتساع صدور أئمة السنة - من أمثال أبي جعفر الطبري - لإيراد أخبار المخالفين من الشيعة وغيرهم، دليل على حريتهم، وأمانتهم، ورغبتهم في تمكين قرّائهم من أن يطّلعوا على كل ما في الباب، واثقين من أن القارئ الحصيف لا يفوته أن يعلم أن مثل أبي مخنف موضع تهمة - هو ورواته- فيما يتصل بكل ما هم متعصبون له، لأن التعصب يبعد صاحبه عن الحق.
أما سعة الصدر في إيراد أخبار المخالفين فهي دليل على عكس ذلك. وعلى القارئ الحصيف أن يأخذ ما صفا ويدع م... أن يستخلص الحق عندما يكون موزعاً أو معقداً.
الانتفاع بأخبار الطبري إنما ينتفع بأخبار الطبري من يرجع إلى تراجم رواته في كتب الجرح والتعديل. فتراجم شيوخه مباشرة وشيوخهم توجد في الأكثر في مثل تذكرة الحفاظ للذهبي.
وتراجم الرواة الذين كانوا إلى أواخر المائة الثانية توجد في خلاصة تذهيب الكمال للصفي الخزرجي وتقريب التهذيب، وتهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر. والذين تناولهم الجرح من الضعفاء يترجم لهم الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال والحافظ ابن حجر في لسان الميزان.
وفي طبقات ابن سعد وتاريخ بغداد وتاريخ دمشق لابن عساكر وتاريخ الإسلام للذهبي والبداية والنهاية لابن كثير. وإن كتب مصطلح الحديث تبين الصفات اللازمة للراوي ومتى يجوز الأخذ برواية المخالف.
ولا نعرف أمة عنى مؤرخوها بتمحيص الأخبار وبيان درجاتها وشروط الانتفاع بها كما عنى بذلك علماء المسلمين.
وإن العلم بذلك من لوازم الاشتغال بالتاريخ الإسلامي، أما الذين يحتطبون الأخبار بأهوائهم، ولا يتعرفون إلى رواتها، ويكتفون بأن يشيروا في ذيل الخبر إلى أن الطبري رواه في صفحة كذا من جزئه الفلاني ويظنون أن مهمتهم انتهت بذلك، فهؤلاء من أبعد الناس عن الانتفاع بما حفلت به كتب التاريخ الإسلامي من ألوف الأخبار.
ولو أنهم تمكنوا من علم مصطلح الحديث، وأَنِسوا بكتب الجرح والتعديل، واهتموا برواة كل خبر كاهتمامهم بذلك الخبر لاستطاعوا أن يعيشوا في جو التاريخ الإسلامي، ولتمكنوا من التمييز بين غثّ الأخبار وسمينها، ولعرفوا للأخبار أقدارها بوقوفهم على أقدار أصحابها.
وبعد فإن تَرِكَة سلف هذه الأمة - في كل ضرب من ضروب المعرفة - من أنفس ما وَرِثت عن أسلافها. وقد كانت لعلمائنا الأقدمين مشاركة في علوم كثيرة، فجاءت مؤلفاتهم مرتبطاً بعضها ببعض ومكمّلاً بعضها لبعض.
والذي ألّفوه في التاريخ واعتمدوا فيه على الرواية، مبالغةً منهم في أداء الأمانة كاملة وافية، لا يجوز لمن ينقله عنهم أن يقصر في عرض تلك الأخبار على قواعد علم الرواية وعلى المعاجم المؤلفة في الرُّواة، وإن لم يفعل أخطأ الطريق، وكان عمله خارجاً عن مناهج العلماء.
وإذا كان يؤخذ عليه أنه يذكر سلاسل الروايات من غير بيان وتمييز لصحيح هذه الروايات من ضعيفها فلأنه على ما يظهر أنه من المؤلفين الذين يرون أن ذكر السند يخلي المؤلف من المؤاخذة والتبعة ولو لم ينص على درجة الرواية. رحم الله الطبري رحمة رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته بخدمته الإسلام والمسلمين.
وفاته:
بارك الله فى حياة الطبري فعاش ستة وثمانين عاما فى سبيل العلم ونشره، وتضاعفت الأعوام بنا لا يعلمه إلا الله نعالي، لتبق يذكره خالدة فى التاريخ، واسمه يتردد على الألسنة، وكتبه تتنقل من جيل إليجيل، وعلمه ينتفع به الناس إلي يوم القيامة.

وبقي الطبري مستوطنا فى بغداد ـ عاصمة الدولة العباسية ـ وأعظم مركز للعلم والمعرفة في العالم في ذالك الوقت ـ يؤدي رسالته، ويلتف حوله طلاب العلم والعلماء، ويملي كتبه الي بدأ بعضها فى آخر حياته.
وهكذا عاش الطبرى راهبا فى محراب العلم والعمل حتى جاءته الوفاة ولا رآد لأمر الله قال الخطيب: " واجتمع عليه - حال الجنازة - من لا يحصيهم عدداً إلا الله، وصُلِّي على قبره عدة شهور ليلاً ونهار، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب "، وكان ذلك في يوم 26 من شهر شوال الموافق سنة 310 هـ.


أرب جمـال 26 - 11 - 2009 12:58 AM


جلال الدين السيوطي


نشأته وتربيته:
ولد السيوطي مساء يوم الأحد غرة شهر رجب [849هـ الموافق سبتمبر 1445م] بالقاهرة، واسمه عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي، وكان سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه

يروي السيوطي عن نفسـه في (طبقات المفسرين) فيقول: أما جدي الأعلى همّام الدين، فكان من أهل الحقيقة ومن مشايخ الطرق، ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرياسة، منهم من ولي الحكم ببلده، ومنهم من، ولى الحِسْبة بها، ومنهم من كان تاجرا فيِ صحبة الأمير شيخون،وبَنى مدرسة بأسيوط، ووقف عليها أوقافاَ، ومنهم من كان مقمولا ولا أعلم من خدم العلم حق خدمته إلا والدي.
وأما نسبتنا بالخضيري فلا أعلم ما تكون إليه نسبة هذه النسبة إلا الخضيرية، محلة ببغداد، وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه اللهّ يذكر أن جده الأعلى كان أعجمياً، أو من الشرق، فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة.
وقد توفي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا، واتجه إلى حفظ القرآن الكريم، فأتم حفظه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه وزادت معارفه.
وكان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم "الكمال بن الهمام الحنفي" أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة.
شيوخه:
عاش السيوطي في عصر كثر فيه العلماء الأعلام الذين نبغوا في علوم الدين على تعدد ميادينها، وتوفروا على علوم اللغة بمختلف فروعها، وأسهموا في ميدان الإبداع الأدبي، فتأثر السيوطي بهذه النخبة الممتازة من كبار العلماء، فابتدأ في طلب العلم سنة [864 هـ الموافق 1459م] ودرس الفقه والنحو والفرائض، ولم يمض عامان حتى أجيز بتدريس العربية، وألف في تلك السنة أول كتبه وهو في سن السابعة عشرة، فألف "شرح الاستعاذة والبسملة" فأثنى عليه شيخه "علم الدين البلقيني".

وكان منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخًا واحدًا يجلس إليه، فإذا ما توفي انتقل إلى غيره، وكان عمدة شيوخه "محيي الدين الكافيجي" الذي لازمه السيوطي أربعة عشر عامًا كاملة وأخذ منه أغلب علمه، وأطلق عليه لقب "أستاذ الوجود"، ومن شيوخه "شرف الدين المناوي" وأخذ عنه القرآن والفقه، و"تقي الدين الشبلي" وأخذ عنه الحديث أربع سنين فلما مات لزم "الكافيجي" أربعة عشر عامًا وأخذ عنه التفسير والأصول والعربية والمعاني، وأخذ العلم ـ أيضًا ـ عن شيخ الحنفية "الأفصرائي" و"العز الحنبلي"، و"المرزباني" "وجلال الدين المحلي" و"تقي الدين الشمني" وغيرهم.
ولم يقتصر تلقي السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيوخ من النساء اللاتي بلغن الغاية في العلم، منهن "آسية بنت جار الله بن صالح"، و"كمالية بنت محمد الهاشمية" و"أم هانئ بنت أبي الحسن الهرويني"، و"أم الفضل بنت محمد المقدسي" وغيرهن كثير.
يقول السيوطي رحمه الله فأخذت الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضيّ زمانه الشيخ شهاب الدين الشار مساحي الذي كان يقال: إنه بلغ السنّ العالية، وجاوز المائة بكثير- والله أعلم بذلك - قرأت عليه في شرحه على المجموع.
وأجِزْت بتدريس العربية في مستهل سنة ست وستين، وقد ألفت في هذه السنة، فكان أول شيء ألفته شرح الاستعاذة والبسملة، وأوقفت عليه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البُلقيني،فكتب عليه تقريظاً، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولدَه، فقرأت عليه من أول التدريب لوالده إلى الوكالة، وسمعت عليه من أول الحاوي الصغير إلى العدد، ومن أول المنهاج إلى الزكاة، ومن أول التنبيه إلى قريب من الزكاة، وقطعة من ألروضة، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي،ومن إحياء الموات إلى الوصايا أو نحوها.
وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين، وحضر تصديري، فلما توفي لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوي،فقرأت عليه قطعة من المنهاج، وسمعته عليه في التقسيم إلا مجالس فاتتني، وسمعت دروساً من شرح البهجة ومن حاشيته عليها ومن تفسير البيضاوي.
ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلامة تقي الدين الشبلي الحنفي،فواظبته أربع سنين، وكتب لي تقريظاً على شرح ألفية ابن مالك وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي، وشهد ليِ غير مرة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه، ورجع إلى قولي مجرِّداَ في حديث، فإنه أورد في حاشيته على الشفاء حديث أبي الجمرا في الإسراء، وعزاه إلى تخريج ابن ماجة، فاحتجت إلى إيراده بسنده، فكشفت ابن ماجة، في مظنته فلم أجده، فمررت على الكتاب كله فلم أجده، فاتهمت نظري، فمررت مرة ثانية فلم أجده، فعدت ثالثة فلم أجده، ورأيته في معجم الصحابة لابن قانع، فجئت إلى الشيخ فأخبرته، فمجرد ما سمع مني ذلك أخذ نسخته وأخذ القلم فضرب على لفظ "ابن ماجة" وألحق "أبن قانع " في الحاشية، فأعظمت ذلك وهبته لعظم منزلة الشيخ في قلبي واحتقاري في نفسي، فقلت: إلا تصبرون لعلكم تراجعون! فقال: إنما قلدت في قولي "ابن ماجة" البرهان الحلبي. ولم أنفكّ عن الشيخ إلى أن مات.
ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود محي الدين الكافيجي أربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون من التفسير والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك. وكتب لي إجازة عظيمة.
وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروساً عديدة في الكشاف والتوضيح وحاشيته عليه وتلخيص المفتاح والعَضد.وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين، وبلغت مؤلفاتي ثلاثمائة كتاب، سوى ما غسلته ورجعت عنه.
تلاميذه:
وتلاميذ السيوطي من الكثرة والنجابة بمكان، وأبرزهم "شمس الدين الداودي" صاحب كتاب "طبقات المفسرين" الذي كتبه بمساعدة أستاذه " السيوطي"، و"شمس الدين بن طولون"، و"شمس الدين الشامي" محدث الديار المصرية، والمؤرخ الكبير "ابن إياس" صاحب كتاب "بدائع الزهور"

رحلاته:
كانت الرحلات وما تزال طريقًا للتعلم، إلا أنها كانت فيما مضى من ألزم الطرق للعالم الذي يريد أن يتبحر في علمه، وكان السيوطي ممن سافر في رحلات علمية ليلتقي بكبار العلماء، فسافر إلى عدد من الأقاليم في مصر كالفيوم ودمياط والمحلة وغيرها، وسافر إلى الشام واليمن والهند والمغرب والتكرور (تشاد حاليًا) ورحل إلى الحجاز وجاور بها سنة كاملة، وشرب من ماء زمزم ليصل في الفقه إلى رتبة سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر العسقلاني.

ولما اكتملت أدوات السيوطي جلس للإفتاء سنة [871 هـ الموافق 1466م] وأملى الحديث في العام التالي، وكان واسع العلم غزير المعرفة، يقول عن نفسه: "رُزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع"، بالإضافة إلى أصول الفقه والجدل، والقراءات التي تعلمها بنفسه، والطب، غير أنه لم يقترب من علمي الحساب والمنطق.
ويقول: "وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله تعالى، أقول ذلك تحدثًا بنعمة الله تعالى لا فخرًا.. وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيلها في الفخر؟!!".
وكانت الحلقات العلمية التي يعقدها السيوطي يقبل عليها الطلاب، فقد عُيّن في أول الأمر مدرسًا للفقه بالشيخونية، وهي المدرسة التي كان يلقي فيها أبوه دروسه من قبل، ثم جلس لإملاء الحديث والإفتاء بجامع ابن طولون، ثم تولى مشيخة الخانقاه البيبرسية التي كانت تمتلئ برجال الصوفية.
وقد نشب خلاف بين السيوطي وهؤلاء المتصوفة، وكاد هؤلاء المتصوفة يقتلون الرجل، حينئذ قرر أن يترك الخانقاه البيبرسية، ويعتزل الناس ومجتمعاتهم ويتفرغ للتأليف والعبادة.
السيوطي وعلم التفسير:
للسيوطي رحمه الله باع طويل فة التفسير وعلوم القرآن، لا يقل شلأنا عن أحد من علماء عصره فى ذلك، إن لم يكن أطولهم باع، وأكثرهم تبحرا وتصنيف، يدلنا على ذلك آثاره وما حبرته يده من تواليف ما زالت المرجع فى موضوعاتها حتى اليوم.

يقول السيوطي:" لقد رزقت ولله الحمد التبحر فى سبعة علوم: التفسير والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع.
ومن آثاره فى تفسير القرآن:
1- الدر المنثور فى التفسير بالمأثور، طبع فى ست مجلدات.
2- التفسير المسند المسمي "ترجمان القرآن".
3- الإتقان فى علوم القرآن، وقد جمع فيه ثمانين نوع من علوم القرآن، وما زال هذا الكتاب عمدة الدراسات القرآنية، فلم يصنف أوعب، ولا أجمع منه. 4- التحبير فى علوم التفسير.
5- الناسخ والمنسوخ فى القرآن، وغير ذلك الكثير والكثير من الدراسات التي تخص القرآن الكريم.

منهجه في التفسير:
صنف السيوطي رحمه الله كتابا كبيرا بعنوان " ترجمان القرآن فى تفسير المسند " جمع فيه ما رواه الحفاظ فى الصحاح، والسنن، والمسانيد، والمعاجم، والأجزاء، وأضاف إلبيه ما رواه المفسرون المسندون مثل ابن جرير الطبري، وعبد الرزاق الصنعاني وغيرهم.....

وأهم ما يميز تفسير السيوطي:
1- يذكر مكان نزول السورة، وهل هي مكية أو مدنية.
2- يذكر ما ورد فى هذه السورة من فضائل.
3- يقسم السورة إلي مقاطع، فيذكر الآية أو الآيتين في السورة المدنية الطوال، أو مجموعة من الآيات فى السورة المكية القصار.
4- ثم يفسر الكلمة أو الجملة مبينا فيه:

أ - سبب النزول إن وجد
ب- القراءات: إن ورد فيها قراءات
ج- الناسخ والمنسوخ
د- شرح غريب اللفظ ومبهم العبارات
هـ - إذا كانت الآية تتضمن أحكاما فقهية، فإنه يذكر ما ورد فيها من أحكام.

السيوطي وعلم التاريخ:
صنف السيوطي رحمه الله كتبا كثيرة فى التاريخ مثل " حسن المحاضرة فى أخبار مصر والقاهرة " و" تحفة المذاكر فى المنتقي فى تاريخ ابن عساكر " و" التحفة الظريفة فى السيرة الشريفة " و" الشماريخ فى علم التاريخ "

منهجه في كتابة التاريخ:
كان للسيوطي رحمه الله منهج فى بحثه التاريخي نستطيع أن نتلمس آثاره فى كتبه التي صنفه:

1- كان السيوطي حريصا على ذكر المصادر التي أخذ عنهامعلوماته، فبركة العلم نسبة القول إلي قائله، بل هو فى التاريخ أكثر ضرورة، نظرا لحاجة التاريخ لمصدر يوثق الحادثة.
2- يوضح المسألة بإبراز الأقوال التي جاءت فيه، والردود التي وردت باسم صاحبه، وذلك نظرا لسعة إطلاعه على المرويات والأخبار.
3- اتبع السيوطي منهج المحدثين بتتبع الأخبار ونقده،كما بين ذلك فى فصل له بعنوان " فصل فى بيان كونه عيه الصلاة والسلام لم يستخلف وسر ذلك " حيث أظهر رايه فى آخر الروايات التيذكره، ودفع المتعارضص منه، وبينأنه لا منفاة بين الأخبار، وهو منهج طبقه أهل الحديث على المرويات، واستفاد منه السيوطي فى التاريخ.
بعض مؤلفاته:
وزادت مؤلفات السيوطي على الثلاثمائة كتاب ورسالة، عدّ له بروكلمان (415) مؤلفا، وأحصى له "حاجي خليفة" في كتابه "كشف الظنون" حوالي (576) مؤلفا، ووصل بها البعض كابن إياس إلى (600) مؤلف.

ومن مؤلفاته في علوم القرآن والتفسير:
1- "الاتقان في علوم التفسير"
2- "متشابه القرآن"
3- " الإكليل في استنباط التنزيل"
4- "مفاتح الغيب في التفسير"
5- "طبقات المفسرين"
6- "الألفية في القراءات العشر"

أما الحديث وعلومه، فكان السيوطي يحفظ مائتي ألف حديث كما روى عن نفسه، وكان مغرما بجمع الحديث واستقصائه لذلك ألف عشرات الكتب في هذا المجال، يشتمل الواحد منها على بضعة أجزاء، وفي أحيان أخرى لا يزيد عن بضع صفحات.. ومن كتبه:
7- "إسعاف المبطأ في رجال الموطأ"
8- تنوير الحوالك في شرح موطأ الإمام مالك"
9- " جمع الجوامع"
10 - " الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة"
11- " المنتقى من شعب الإيمان للبيهقي"
12- "أسماء المدلسين"
13- "آداب الفتيا"
14- " طبقات الحفاظ وفي الفقه ألف".
15- "الأشباه والنظائر في فقه الإمام الشافعي".
16 - "الحاوي في الفتاوي"
17- "الجامع في الفرائض".
18- "تشنيف الأسماع بمسائل الإجماع".

وفي اللغة وعلومها كان له فيها أكثر من مائة كتاب ورسالة منها:
19- "المزهر في اللغة"
20 - "الأشباه والنظائر في اللغة"
21- "الاقتراح في النحو"
22- "التوشيح على التوضيح"
23- "المهذب فيما ورد في القرآن من المعرب"
24- "البهجة المرضية في شرح ألفية ابن مالك".

وفي ميدان البديع كان له:
25- "عقود الجمان في علم المعاني والبيان"
26- "الجمع والتفريق في شرح النظم البديع"
27- "فتح الجليل للعبد الذليل".

وفي التاريخ والطبقات ألف أكثر من (55) كتابًا ورسالة يأتي في مقدمتها:
28- "حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة".
29- "تاريخ الخلفاء".
30- "الشماريخ في علم التاريخ".
31- "تاريخ الملك الأشرف قايتباي". 32- "عين الإصابة في معرفة الصحابة".
33- "بغية الوعاة في طبقات النحاة".
34- "نظم العقيان في أعيان الأعيان".
35- "در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة".
36- "طبقات الأصوليين".

ومن مؤلفاته الأخرى الطريفة:
37- "منهل اللطايف في الكنافة والقطايف".
38- "الرحمة في الطب والحكمة".
39- "الفارق بين المؤلف والسارق".
40- "الفتاش على القشاش".41- "الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض".

وقد شاءت إرادة الله أن تحتفظ المكتبة العربية والإسلامية بأغلب تراث الإمام السيوطي، وأن تطبع غالبية كتبه القيمة وينهل من علمه الكثيرون.
اعتزال السيوطي الحياة العامة:
قضى السيوطي فترة غير قصيرة في خصومات مع عدد من علماء عصره، كان ميدانها الحملات الشرسة في النقد اللاذع في الترجمة المتبادلة، ومن خصومه: البرهان الكركي، وأحمد بن محمد القسطلاني، والشمس الجوجري، غير أن أشد خصوماته وأعنفها كانت مع شمس الدين السخاوي، الذي اتهم السيوطي بسرقة بعض مؤلفاته، واغتصاب الكتب القديمة التي لا عهد للناس بها ونسبتها إلى نفسه.

ولم يقف السيوطي مكتوف الأيدي في هذه الحملات، بل دافع عن نفسه بحماسة بالغة وكان من عادته أن يدعم موقفه وقراره بوثيقة ذات طابع أدبي، فألف رسالة في الرد على السخاوي، اسمها "مقامة الكاوي في الرد على السخاوي" نسب إليه فيها تزوير التاريخ، وأكل لحوم العلماء والقضاة ومشايخ الإسلام
وكان لهذه العلاقة المضطربة بينه وبين بعض علماء عصره، وما تعرض له من اعتداء في الخانقاه البيبرسية أثر في اعتزال الإفتاء والتدريس والحياة العامة ولزوم بيته في روضة المقياس على النيل، وهو في الأربعين من عمره، وألف بمناسبة اعتزاله رسالة أسماها "المقامة اللؤلؤية"، ورسالة "التنفيس في الاعتذار عن ترك الإفتاء والتدريس".
وقد تنبه بعض خصوم السيوطي إلى خطئهم فيما صوبوه إلى هذا العالم الجليل من سهام في النقد والتجريح وخصومات ظالمة، فأعلنوا عن خطئهم، وفي مقدمتهم الشيخ القسطلاني الذي أراد أن يسترضي هذا العالم الجليل الذي لزم بيته وعزف عن لقاء الناس، فتوجه إليه حافيًا معتذرًا، غير أن هذا الأمر لم يجعل السيوطي يقطع عزلته ويعود إلى الناس، ولكنه استمر في تفرغه للعبادة والتأليف.
اعتزال السلاطين:
عاصر السيوطي (13) سلطانًا مملوكيًا، وكانت علاقته بهم متحفظة، وطابعها العام المقاطعة وإن كان ثمة لقاء بينه وبينهم، وضع نفسه في مكانته التي يستحقها، وسلك معهم سلوك العلماء الأتقياء، فإذا لم يقع سلوكه منهم موقع الرضا قاطعهم وتجاهلهم، فقد ذهب يومًا للقاء السلطان الأشرف قايتباي وعلى رأسه الطيلسان [عمامة طويلة] فعاتبه البعض، فأنشأ رسالة في تبرير سلوكه أطلق عليها "الأحاديث الحسان في فضل الطيلسان".

وفي سلطنة طومان باي الأول حاول هذا السلطان الفتك بالسيوطي، لكن هذا العالم هجر بيته في جزيرة الروضة واختفى فترة حتى عُزل هذا السلطان
وكان بعض الأمراء يأتون لزيارته، ويقدمون له الأموال والهدايا النفيسة، فيردها ولا يقبل من أحد شيئا، ورفض مرات عديدة دعوة السلطان لمقابلته، وألف في ذلك كتابًا أسماه "ما وراء الأساطين في عدم التردد على السلاطين".
ريادة ثقافية في عصر العلماء:
كان السيوطي من أبرز معالم الحركة العلمية والدينية والأدبية في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، حيث ملأ نشاطه العلمي في التأليف مختلف الفروع في ذلك الزمان من تفسير وحديث وفقه وتاريخ وطبقات ونحو ولغة وأدب وغيرها، فقد كان موسوعي الثقافة والاطلاع.
وقد أعانه على كثرة تأليفه انقطاعه التام للعمل وهو في سن الأربعين حتى وفاته، وثراء مكتبته وغزارة علمه وكثرة شيوخه ورحلاته، وسرعة كتابته، فقد اتسع عمره التأليفي (45) سنة، حيث بدأ التأليف وهو في السابعة عشرة من عمره، وانقطع له (22) عامًا متواصلة، ولو وُزع عمره على الأوراق التي كتبها لأصاب اليوم الواحد (40) ورقة، على أن القسم الأكبر من تأليفه كان جمعًا وتلخيصًا وتذييلا على مؤلفات غيره، أما نصيبه من الإبداع الذاتي فجِدّ قليل.
وقد تمنى السيوطي أن يكون إمام المائة التاسعة من الهجرة لعلمه الغزير، فيقول: "إني ترجيت من نعم الله وفضله أن أكون المبعوث على هذه المائة، لانفرادي عليها بالتبحر في أنواع العلوم.
آراء العلماء فيه:
قال عنه تلميذه عبد القادر بن محمد الشاذلي "الأستاذ الجليل الكبير، الذي لا تكاد الأعصار تسمح له بنظير، شيخ الإسلام، وارث علوم الأنبياء عليهم السلام، فريد دهره، ووحيد عصره، مميت البدعة ومحيي السنة، العلامة البحر الفهامة، مفتي الأنام، وحسنة الليالي والأيام، جامع أشتات الفضائل والفنون،.... وأوحد علماء الدين، إمام المرشدين وقامع المبتدعة والملحدين، سلطان العلماء، ولسان المتكلمين، إمام المحدثين فى وقته وزمانه......"

وقال عنه تلميذه المؤرخ البحاثة ابن إياس " كثير الإطلاع، نادرة فى عصره، بقية السلف وعمدة الخلف، وبلغت عدة مصنفاته نحوا من ست مئة تأليف، وكان فى درجة المجتهدين فى العلم والعمل "
وقال عنه ابن العماد الحنبلي " المسند المحقق، صاحب المؤلفات الفائقة النافعة "
وفاته:
رحم الله شيخنا جلال الدين، الذي كان مفخرة عصره، ومعجز من جاء من العلماء من بعده، وفي منزله بروضة المقياس على النيل بالقاهرة تلقى جموع المسلمون نبأ وفاته الأليم في [19 جمادى الأولى 911هـ الموافق 20 أكتوبر 1505م] ودفن بجواره والده.


أرب جمـال 26 - 11 - 2009 01:03 AM

الإمام أبو حنيفة


نسبه وقبيلته:
هو النعمان بن ثابت بن المرزُبان، وكنيته أبو حنيفة، من أبناء فارس الأحرار، ينتسب إلى أسرة شريفة في قومه، أصله من كابل - عاصمة أفغانستان اليوم - أسلم جده المرزبان أيام عمر رضي الله عنه، وتحوّل إلى الكوفة واتخذها سكنًا.

مولده ونشأته:
ولد أبو حنيفة رحمه الله بالكوفة سنة ثمانين من الهجرة على القول الراجح، سنة 699م.

ونشأ رحمه الله بالكوفة في أسرة مسلمة صالحة غنية كريمة، ويبدو أنه كان وحيد أبويه، وكان أبوه يبيع الأثواب في دكان له بالكوفة، ولقد خلف أبو حنيفة أباه بعد ذلك فيه.
حفظ أبو حنيفة القرآن الكريم في صغره، شأن أمثاله من ذوي النباهة والصلاح.
حين بلغ السادسة عشر من عمره خرج به أبوه لأداء فريضة الحج وزياة النبي صلى الله عليه وسلم ومسجده، فعن أبي يوسف قال: سمعت أبا حنيفة يقول: حججت مع أبي سنة ست وتسعين، ولي ست عشرة سنة، فإذا أنا بشيخ قد اجتمع عليه الناس، فقلت لأبي: من هذا الشيخ؟ قال: هذا رجل قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم، يُقال له عبدالله بن الحارث بن جَزء الزبيدي، فقلت لأبي: قدمني إليه، فتقدم بين يدين فجعل يفرج عني الناس حتى دنوت منه، فسمعت منه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تفقه في دين الله كفاه الله همه، ورزقه من حيث لا يحتسب".
وكان أول ما اتجه إليه أبو حنيفة من العلوم علم أصول الدين ومناقشة أهل الإلحاد والضلال، ولقد دخل البصرة أكثر من سبع وعشرين مرة، يناقش تارة ويجادل ويرد الشبهات عن الشريعة تارة أخرى، وكان يدفع عن الشريعة ما يريد أهل الضلال أن يلصقوه بها، فناقش جهم بن صفوان حتى أسكته، وجادل الملاحدة حتى أقرّهم على الشريعة، كما ناظر المعتزلة والخوارج فألزمهم الحجة، وجادل غلاة الشيعة فأقنعهم.
مضى رحمه الله في هذه السبيل من علم الكلام وأصول الدين، ومجادلة الزائغين وأهل الضلال، حتى أصبح علمًا يُشار إليه بالبنان وهو ما يزال في العشرين من عمره، وقد اتخذ حلقة خاصة في مسجد الكوفة، يجلس إليه فيها طلاب هذا النوع من العلوم.
ثم توجه أبو حنيفه رحمه الله إلى علم الفقه وكان سبب توجهه إليه ما رواه عنه زُفَر رحمه الله تعالى، قال: سمعت أبا حنيفة يقول: كنت أنظر في الكلام حتى بلغت فيه مبلغًا يُشار إلي فيه بالأصابع، وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان، فجاءتني امرأةٌ يومًا فقالت: رجل له امراة أراد أن يطلقها للسنة كم يطلقها؟
فأمرتها أن تسأل حمادًا ثم ترجع فتخبرني، فسألت حمادًا فقال: يطلقها وهي طاهرة من الحيض والجماع تطليقة، ثم يتركها حتى تحيض حيضتين - بعد الحيضة الأولى فهي ثلاث حِيَض - فإذا اغتسلت فقد حلت للأزواج، فرجَعَتْ فأخبرتني، فقلت: لا حاجة لي في الكلام - أي في علم الكلام -، وأخذت نعلي فجلست إلى حمّاد أسمع مسائله، فأحفظ قوله، ثم يعيدها من الغد فأحفظ ويخطيء أصحابه، فقال: لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة.
ملامح شخصيته وأخلاقه:
كان زاهدا ورعا أراده يزيد بن هبيرة أمير العراق أيام مروان بن محمد أن يلي القضاء فأبى وأراده بعد ذلك المنصور العباسي على القضاء فامتنع وقال: لن أصلح للقضاء فحلف عليه المنصور ليفعلن فحلف أبو حنيفة أنه لن يفعل فحبسه المنصور...

وكان واسع العلم في كل العلوم الإسلامية وهو الذي تجرد لفرض المسائل وتقدير وقوعها وفرض أحكامها بالقياس وفرع للفقه فروعا زاد في فروعه وقد تبع أبا حنيفة جل الفقهاء بعده ففرضوا المسائل وقدروا وقوعها ثم بينوا أحكامها وكان أبو حنيفة يتشدد في قبول الحديث ويتحرى عنه وعن رجاله فلا يقبل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا رواه جماعة عن جماعة أو إذا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به.
ورعه و تقواه و عبادته لله تعالى:
قال ابن المبارك: قلتُ لسفيان الثوري: ما أبعد أبا حنيفة عن الغيبة، ما سمعتُه يغتاب عدواً له. قال: والله هو أعقل من أن يسلِّط على حسناته ما يذهب بها.

كان أبو حنيفة يختم القرآن في كل يوم ثم حين اشتغل بالأصول والاستنباط و اجتمع حوله الأصحاب أخذ يختمه في ثلاث في الوتر.
صلى أبو حنيفة ثلاثين سنة صلاة الفجر بوضوء العتمة وحج خمساً وخمسين حجة.
قال مِسْعَر بن كِدَام: رأيتُ الإمام يصلي الغداة ثم يجلس للعلم إلى أن يصلي الظهر ثم يجلس إلى العصر ثم إلى قريب المغرب ثم إلى العشاء، فقلتُ في نفسي متى يتفرغ للعبادة؟ فلما هدأ الناس خرج إلى المسجد وكان بيته بجوار المسجد الذي يؤم فيه حسبة لله تعالى. فانتصب للصلاة إلى الفجر ثم دخل فلبس ثيابه.
وكانت له ثياب خاصة يلبسها لقيام الليل وخرج إلى صلاة الصبح ففعل كما فعل، ثم تعاهدته على هذه الحالة فما رأيته مفطراً ولا بالليل نائماً.
وكان يغفو قبل الظهر إغفاءة خفيفة، وقرأ ليلة حتى وصل إلى قوله تعالى: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] فما زال يرددها حتى أذَّن الفجر. وردد قوله تعالى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46]، ليلة كاملة في الصلاة. وقالت أم ولده: ما توسَّد فراشاً بليل منذ عرفتُه وإنما كان نومه بين الظهر و العصر في الصيف وأول الليل بمسجده في الشتاء.
شيوخه:
بلغ عدد شيوخ أبي حنيفة رحمه الله أربعة آلاف شيخ، فيهم سبعة من الصحابة، وثلاثة وتسعون من التابعين، والباقي من أتباعهم، ولا غرابة في هذا ولا عجب، فقد عاش رحمه الله تعالى سبعين سنة، وحج خمسًا وخمسين مرة، وموسم الحج يجمع علماء العالم الإسلامي في الحرمين الشريفين، وأقام بمكة رحمه الله تعالى حين ضربه ابن هبيرة على تولّي القضاء بالكوفة ثم هرب منه ست سنين، وكانت الكوفة مركز علم وحديث تعجّ بكبار العلماء.

وقد كان الإمام رحمه الله حريصًا على اللقي والاستفادة من العلم وأهله، وقد تيسّر له في خمس وخمسين سنة أن يلتقي بأربعة آلاف شيخ، وأن يأخذ عنهم ما بين مكثر منه ومُقِلّ، ولو حديثًا أو مسألة، وقال الإمام أبو حفص الكبير بعد أن ذكر عدد شيوخ الإمام رحمه الله: وقد صنّف في ذلك جماعة من العلماء ورتبوهم على ترتيب حروف المعجم.
وأستاذ الإمام أبي حنيفة هو حماد بن أبي سليمان جاء في "المغني": هو أبو إسماعيل، كوفي يُعدّ تابعيًا سمع أنسًا والنخعي وكان أعلمهم برأي النخعي، روى عنه المنصور والحكم وشعبة والثوري، مات سنة عشرين ومائة، قال ابن معين: حماد ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال العِجلي: كوفي ثقة كان أفقه أصحاب إبراهيم.
روى عنه أبو حنيفة رحمه الله ألفي حديث من أحاديث الأحكام، وأكثر من ثلث أحاديث الإمام في مسنده الذي جمعه الحَصْكَفي، هي برواية الإمام عنه عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، عن الأسود عن عائشة رضي الله عنهم.
من شيوخه رحمه الله أيضًا: إبراهيم بن محمد المنتشر الكوفي، وإبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي، وأيوب السختياني البصري، والحارث بن عبد الرحمن الهمذاني الكوفي وربيعة بن عبد الرحمن المدني المعروف بربيعة الرأي، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحد الفقهاء السبعة، وسعيد بن مسروق والد سفيان الثوري، وسليمان بن يسار الهلالي المدني وعاصم بن كليب بن شهاب الكوفي... وغيرهم الكثير.
تلامذته:
روى عنه جماعة منهم ابنه حماد وإبراهيم بن طهمان، وإسحاق بن يوسف الازرق، وأسد بن عمرو القاضي، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وحمزة الزيات، وداود الطائي، وزفر، وعبد الرزاق، وأبو نعيم، ومحمد بن الحسن الشيباني، وهشيم، ووكيع، وأبو يوسف القاضي، وغيرهم كثير...

منهجه في البحث:
ابتكر الإمام أبو حنيفة رحمه الله نموذجًا منهجيًا في تقرير مسائل الاجتهاد، وذلك عن طريق عرض المسألة على تلاميذ العلماء في حلقة الدرس ليدلي كل بدلوه، ويذكر ما يرى لرأيه من حجة، ثم يعقّب هو على آرائهم بما يدفعها بالنقل أو الرأي، ويصوّب صوابأهل الصوابن ويؤيده بما عنده من أدلةٍ، ولربما تقضّت أيام حتى يتم تقرير تلك المسألة، وهذه هي الدراسة المنهجية الحرة الشريفة التي يظهر فيها احترام الآراء، ويشتغل فيها عقل الحاضرين من التلامذة، كما يظهر علم الأستاذ وفضله، فإذا تقررت مسألة من مسائل الفقه على تلك الطريقة، كان من العسير نقدها فضلًا عن نقضها.

وقال الموفّق المكي:
وضع أبو حنيفة رحمه الله مذهبه شورى بينهم، لم يستبد فيه بنفسه دونهم اجتهادًا منه في الدين ومبالغة في النصيحة لله ولرسوله والمؤمنين، فكان يلقي مسألة مسألة، يقلّبها ويسمع ما عندهم ويقول ما عنده وربما ناظرهم شهرًا أو أكثر من ذلك، حتى يستقر أحد الأقوال فيها، ثم يثبتها القاضي أبو يوسف في الأصول، حتى أثبت الأصول كلها، وغذا أُشكلت عليه مسألة قال لأصحابه: ما هذا إلا لذنب أذنبته ويستغفر، وربما قام وصلّى، فتنكشف له المسألة، ويقول: رجوتُ أنه تيب عليَّ، فبلغ ذلك الضيل بن عياض فبكى بكاءًا شديدًا، ثم قال: ذلك لقلة ذنبه، أما غيره فلا ينتبه لهذا.

آراء العلماء فيه:
قال وقيع بن الجرّاح شيخ الشافعي: كان أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان يؤثر رِضَى الله تعالى على كل شيءٍ، ولو أخذته السيوف في الله تعالى لاحتملها.

وقال الإمام الشافعي: ما طلب أحد الفقه إلا كان عيالًا على أبي حنيفة، وما قامت النساء على رجل أعقل من أبي حنيفة.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: إن أبا حنيفة من العلم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقد ضرب بالسياط ليلي للمنصور فلم يفعل، فرحمة الله عليه ورضوانه.
وقال الإمام أبو يوسف: كانوا يقولون: أبو حنيفة زينه الله بالفقه والعلم والسخاء والبذل وأخلاق القرآن التي كانت فيه.
وقال عنه الإمام سفيان الثوري: ما مقلت عيناي مثل أبي حنيفة.
وقال عنه يحيى بن سعيد القطان إمام الجرح والتعديل: إن أبا حنيفة - والله - لأعلم هذه الأمة بما جاء عن الله ورسوله.
وقال عنه الحافظ ابن كثير: هو أحد أئمة الاسلام، والسادة الاعلام، وأحد أركان العلماء، وأحد الائمة الأربعة أصحاب المذاهب المتنوعة، وهو أقدمهم وفاة، لأنه أدرك عصر الصحابة، ورأى أنس بن مالك، قيل وغيره، وذكر بعضهم أنه روى عن سبعة من الصحابة...
وفاته:
توفي رحمه الله ببغداد سنة 150 هـ الموافق 767 م يقول ابن كثير: وصُلّي عليه ببغداد ست مرات لكثرة الزحام، وقبره هناك رحمه الله.


أرب جمـال 26 - 11 - 2009 01:04 AM

الإمام أحمد


نسبه وقبيلته:
هو أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، قال ابن الأثير: ليس في العرب أعز دارًا ولا أمنع جارًا ولا أكثر خلقًا من شيبان.

وكان في قبيلة شيبان الكثير من القادة والعلماء والأدباء والشعراء، فالإمام أحمد عربي أصيل ينتمي إلى هذه القبيلة، وهي قبيلةٌ ربعيةٌ عدنانيةٌ تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد بن عدنان.
وكان الإمام أحمد - رحمه الله - رجلًا طوالًا رقيقًا أسمر اللون كثير التواضع.
مولده:
ولد سنة 164هـ الموافق 780م.

البلد التي ولد فيها:
بغداد

البلد التي عاش فيها:
عاش الإمام أحمد رحمه الله في بغداد، ولكنه تنقّل بين كثير من البلاد طلبًا للعلم حتى ذهب إلى الشامات والسواحل والمغرب والجزائر ومكة والمدينة و الحجاز واليمن والعراق وفارس و خراسان والجبال والأطراف والثغور...

طفولته وتربيته:
نشأ أحمد بن حنبل يتيمًا، وكسائر أترابه تعلم القرآن في صغره وتلاه تلاوة جيدة وحفظه عن ظهر قلب، وعندما تجاوز الخامسة عشرة من عمره، بدأ يطلب العلم، وأول من طلب العلم عليه هو الإمام أبو يوسف القاضي، والإمام أبو يوسف كما هو معلوم من أئمة الرأي مع كونه محدِّثاً ولكن في البداية وبعد مرور فترة له مع أبي يوسف.

وجد الإمام أحمد أنه يرتاح لطلب الحديث أكثر، فتحوّل إلى مجالس الحديث وأعجبه هذا النهج واتفق مع صلاحه وورعه وتقواه وأخذ يجول ويرحل في سبيل الحديث حتى ذهب إلى الشامات والسواحل والمغرب والجزائر ومكة والمدينة و الحجاز واليمن والعراق وفارس و خراسان والجبال والأطراف والثغور... وهذا فقط في مرحلته الأولى من حياته.
ولقد التقى الشافعي في أول رحلة من رحلاته الحجازية في الحرم، و أُعجِبَ به وظلّ الإمام أحمد أربعين سنة ما ييبت ليلة إلا ويدعو فيها للشافعي.
وكان يقول عندما يروي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله يبعث على رأس كل أمَّة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها - كان يقول -: لقد أرسل الله تعالى سيدنا عمر بن عبد العزيز يجدد لهذه الأمة دينها على رأس المائة الثانية وآمل أن يكون الشافعي على رأس المئة الثالثة.
وقد حيل بين أحمد ومالك بن أنس فلم يوفَّق للقائه وكان يقول: لقد حُرِمتُ لقاء مالك فعوَّضني الله عز وجل عنه سفيان بن عيينة...
أهم ملامح شخصيته وأخلاقه:
ورعه وتقواه وتعففه:
من عظيم ما عُرِفَ به الإمام أحمد تعففه، وله في ذلك قصص رائعة، فقد كان يسترزق بأدنى عمل وكان يرفض أن يأخذ من صديق ولا شيخ ولا حاكم قرضاً أو هبة أو إرثاً لأحد يؤثره به.

وقد يقبل هدية ولكنه يعجل في إعطاء من أهداه هدية مثلها أو خيراً منها، رافعاً بذلك شأن العلم و العلماء، ولقد أجمعت الأمَّة على صلاحه وكان مضرب مَثَلٍ في الصلاح والتقوى حتى أنَّ بعض العلماء قال: لو أنَّ أحداً قال: إنَّ الإمام أحمد هو من أهل الجنة لم يحنث ولم يتألّى على الله تعالى، ودليلهم على ذلك إجماع أهل العراق والشام وغيرهم على هذا الأمر والإجماع حجة وإجماع الأمة على هذا الأمر إنما كان بعد مماته.
وقد صنف الإمام في الزهد كتاباً عظيماً، أغلب الظن - كما قال الحافظ الإمام ابن كثير - أنه كان يأخذ بما أمكنه منه.
قال أبو داود: كانت مجالس أحمد مجالس آخرة، لا يُذكر فيها شيء من أمر الدنيا، وما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط، وقال مرة لابنه صالح: إذا لم يكن عندي قطعةُ - يعني من المال - أفرح! وقال: ما أعدلُ الفقر شيئاً، وصدق - رحمه الله - إذ صبر على الفقر طول عمره.
وكان رحمه الله عفيفاً، لا يرضى أن يأخذ شيئاً من أحد على شدة حاجة: رهن نعله مرةً عند خبازٍ ليأكل، وأكرى نفسه - أي: اشتغل أجيراً - عند ناس من الجمّالين، ونسخ بالأجرة، وأبى أن يأخذ مالاً، لا قرضاً، ولا هدية، من شيخه الإمام عبدالرزاق.
ثبات الإمام رغم المحنة:
كان الإمام أحمد على موعد مع المحنة التي تحملها في شجاعة، ورفض الخضوع والتنازل في القول بمسألة عمّ البلاء بها، وحمل الخليفة المأمون الناس على قبولها قسرًا وقهرًا دون دليل أو بيّنة.

وتفاصيل تلك المحنة أن المأمون أعلن في سنة (218هـ الموافق 833م) دعوته إلى القول بأن القرآن مخلوق كغيره من المخلوقات، وحمل الفقهاء على قبولها، ولو اقتضى ذلك تعريضهم للتعذيب، فامتثلوا؛ خوفًا ورهبًا، وامتنع أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح عن القول بما يطلبه الخليفة، فكُبّلا بالحديد، وبُعث بهما إلى بغداد إلى المأمون الذي كان في طرسوس، لينظر في أمرهما، غير أنه توفي وهما في طريقهما إليه، فأعيدا مكبّلين إلى بغداد.
وفي طريق العودة قضى محمد بن نوح نحبه في مدينة الرقة، بعد أن أوصى رفيقه بقوله: "أنت رجل يُقتدى به، وقد مدّ الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك؛ فاتق الله واثبت لأمر الله.
وكان الإمام أحمد عند حسن الظن، فلم تلن عزيمته، أو يضعف إيمانه أو تهتز ثقته، فمكث في المسجد عامين وثلث عام، وهو صامد كالرواسي، وحُمل إلى الخليفة المعتصم الذي واصل سيرة أخيه على حمل الناس على القول بخلق القرآن، واتُّخذت معه في حضرة الخليفة وسائل الترغيب والترهيب، ليظفر المجتمعون منه بكلمة واحدة، تؤيدهم فيما يزعمون، يقولون له: ما تقول في القرآن؟ فيجيب: هو كلام الله، فيقولون له: أمخلوق هو؟ فيجيب: هو كلام الله، ولا يزيد على ذلك.
ويبالغ الخليفة في استمالته وترغيبه ليجيبهم إلى مقالتهم، لكنه كان يزداد إصرارًا، فلما أيسوا منه علّقوه من عقبيه، وراحوا يضربونه بالسياط دون أن يستشعر واحد منهم بالخجل وهو يضرب إنسانًا لم يقترف جرمًا أو ينتهك عرضًا أو أصاب ذنبًا، فما بالك وهم يضربون إمامًا فقيهًا ومحدثًا ورعًا، يأتمّ به الناس ويقتدون به.
ولم تأخذهم شفقة وهم يتعاقبون على جلد جسد الإمام الواهن بسياطهم الغليطة، حتى أغمي عليه، ثم أُطلق سراحه، وعاد إلى بيته، ثم مُنع من الاجتماع بالناس في عهد الخليفة الواثق (227-232هـ الموافق 841-846م)، لا يخرج من بيته إلا للصلاة، حتى إذا ولي المتوكل الخلافة سنة (232هـ الموافق 846م)، فمنع القول بخلق القرآن، ورد للإمام أحمد اعتباره، فعاد إلى الدرس والتحديث في المسجد.[أحمد بن حنبل ـ محمد أبو زهرة ].
شيوخه:
شيم، وسفيان بن عيينة، وإبراهيم بن سعد، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى القطان، والوليد بن مسلم، وإسماعيل بن علية،وعلي بن هاشم ابن البريد، ومعتمر بن سليمان، وعمر بن محمد ابن أخت الثوري، ويحيى بن سليم الطائفي، وغندر، وبشر بن المفضل، وزياد البكائي، وأبو بكر بن عياش، وأبو خالد الأحمر، وعباد بن عباد المهلبي، وعباد بن العوام، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعمر بن عبيد الطنافسي، والمطلب بن زياد، ويحيى بن أبي زائدة، والقاضي أبو يوسف، ووكيع، وابن نمير، وعبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، والشافعي وغيرهم...

تلاميذه:
البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن بقي بواسطة، والبخاري وداود أيضاً بواسطة، وابناه صالح، وعبد الله، وشيوخه عبد الرزاق، والحسن بن موسى الأشيب...

ومن تلاميذه أيضًا أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروزي الفقيه، أحد الأعلام وأجلّ أصحاب الإمام أحمد بن حنبل، وكان أبوه خوارزمياً وأمه مروزية، حمل عن أحمد علماً كثيراً ولزمه إلى أن مات، وصنّف في الحديث والسنّة والفقه وهو الذي تولى غماض أحمد بن حنبل وغسله.
من مؤلفاته:
كتاب المسند وهو أكبر داووين السنة المطهرة حيث يحوي أربعين ألفًا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، انتقاها الإمام أحمد من بين سبعمائة وخمسين ألف حديث.

وله من الكتب أيضًا كتاب الأشربة، وكتاب الزهد، وكتاب فضائل الصحابة، وكتاب المسائل، وكتاب الصلاة وما يلزم فيها، وكتاب الناسخ والمنسوخ، وكتاب العلل، وكتاب السنن في الفقه...
وعن أبي زرعة قال: حزر كتب أحمد يوم مات فكانت اثني عشر حملاً...
منهجه العلمي:
اشتُهِرَ الإمام أحمد أنه محدِّث أكثر من أن يشتهر أنه فقيه مع أنه كان إماماً في كليهما. ومن شدة ورعه ما كان يأخذ من القياس إلا الواضح وعند الضرورة فقط وذلك لأنه كان محدِّث عصره وقد جُمِعَ له من الأحاديث ما لم يجتمع لغيره، فقد كتب مسنده من أصل سبعمائة وخمسين ألف حديث، وكان لا يكتب إلا القرآن والحديث من هنا عُرِفَ فقه الإمام أحمد بأنه الفقه بالمأثور، فكان لا يفتي في مسألة إلا إن وجد لها من أفتى بها من قبل صحابياً كان أو تابعياً أو إماماً.

وإذا وجد للصحابة قولين أو أكثر، اختار واحداً من هذه الأقوال وقد لا يترجَّح عنده قول صحابي على الآخر فيكون للإمام أحمد في هذه المسألة قولين...
وهكذا فقد تميز فقهه أنه في العبادات لا يخرج عن الأثر قيد شعرة، فليس من المعقول عنده أن يعبد أحد ربه بالقياس أو بالرأي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "صلوا كما رأيتموني أصلي "، ويقول في الحج: " خذوا عني مناسككم ".
وكان الإمام أحمد شديد الورع فيما يتعلق بالعبادات التي يعتبرها حق لله على عباده وهذا الحق لا يجوز مطلقاً أن يتساهل أو يتهاون فيه.
أما في المعاملات فيتميز فقهه بالسهولة والمرونة و الصلاح لكل بيئة وعصر، فقد تمسَّك أحمد بنصوص الشرع التي غلب عليها التيسير لا التعسير. مثال ذلك: "الأصل في العقود عنده الإباحة ما لم يعارضها نص "، بينما عند بعض الأئمة الأصل في العقود الحظر ما لم يرد على إباحتها نص.
وكان شديد الورع في الفتاوى وكان ينهى تلامذته أن يكتبوا عنه الأحاديث فإذا رأى أحداً يكتب عنه الفتاوى، نهاه وقال له: "لعلي أطلع فيما بعد على ما لم أطلع عليه من المعلوم فأغير فتواي فأين أجدك لأخبرك؟.
و لما علم الله تعالى صدق نيته وقصده قيَّض له تلامذة من بعده يكتبون فتاويه وقد كتبوا عنه أكثر من ستين ألف مسألة. ولقد أخذ بمبدأ الإستصحاب كما أخذ بالأحاديث المرسلة.
ما قيل عنه:
قيل لأبي زرعة: مَنْ رأيتَ مِن المشايخ المحدثين أحفظ؟ فقال: أحمد بن حنبل حزرت كتبه اليوم الذي مات فيه فبلغت اثني عشر حملا وعدلا ما كان على ظهر كتاب منها حديث فلان ولا في بطنه حديث فلان وكل ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه.

وعن ابراهيم الحربي قال: رأيت أحمد بن حنبل كأن الله قد جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف يقول ما شاء ويمسك ما شاء.
وعن أحمد بن سنان قال: ما رأيت يزيد بن هارون لأحد أشد تعظيما منه لأحمد بن حنبل ولا رأيته أكرم أحداً كرامته لأحمد بن حنبل وكان يقعد إلى جنبه إذا حدثنا وكان يوقره ولا يمازحه، ومرض أحمد فركب إليه فعاده.
قال ابن الجوزي: كانت مخايل النجابة تظهر من أحمد رضي الله عنه من زمان الصبا وكان حفظه للعلم من ذلك الزمان غزيرا وعمله به متوفرًا، فلذلك كان مشايخه يعظمونه فكان إسماعيل بن علية يقدمه وقت الصلاة يصلي بهم وضحك أصحابه يومًا فقال: أتضحكون وعندي أحمد بن حنبل؟.
وقال عبد الرزاق: ما رأيت افقه ولا أورع من أحمد بن حنبل.
وقال وكيع وحفص بن غياث: ما قدم الكوفة مثل أحمد بن حنبل.
وقال أبو الوليد الطيالسي: ما بالمصرين احد احب الي من أحمد بن حنبل.
وكان ابن مهدي يقول: ما نظرت إليه الا ذكرت به سفيان الثوري ولقد كاد هذا الغلام أن يكون إمامًا في بطن أمه.
وقال يحيى بن سعيد: ما قدم عليَّ مثل أحمد بن حنبل.
وقال أبو عاصم النبيل وقد ذكر طلاب العلم فقال: ما رأينا في القوم مثل أحمد بن حنبل
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبا زرعة يقول: كان أبوك يحفظ ألف ألف حديث، فقلت له: وما يدريك؟ فقال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب...
وفاته:
توفي في بغداد سنة 241 هـ الموافق 855 م، وقد استكمل سبعاً وسبعين سنة.

قال المروزي: مرض أبو عبد الله ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين ومرض تسعة أيام وتسامع الناس فأقبلوا لعيادته ولزموا الباب الليل والنهار يبيتون فربما أذن للناس فيدخلون أفواجا يسلّمون عليه فيرد عليهم بيده.
وقال أبو عبد الله: جاءني حاجب لابن طاهر فقال: إن الأمير يقرئك السلام وهو يشتهي أن يراك فقلت له: هذا مما أكره وأمير المؤمنين قد أعفاني مما أكره.
ووضّأته فقال: خلل الأصابع، فلما كان يوم الجمعة اجتمع الناس حتى ملأوا السكك والشوارع فلما كان صدر النهار قبض رحمه الله فصاح الناس وعلت الاصوات بالبكاء حتى كأن الدنيا قد ارتجت.
وعن حنبل قال: أعطى بعض ولد الفضل بن الربيع أبا عبد الله وهو في الحبس ثلاث شعرات فقال: هذا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، فأوصى أبو عبد الله عند موته أن يجعل على كل عينٍ شعرة، وشعرة على لسانه ففعل ذلك به بعد موته.
وعن صالح بن أحمد قال: قال لي أبي: جئني بالكتاب الذي فيه حديث بن إدريس عن ليث عن طاووس أنه كان يكره الأنين فقرأته عليه فلم يئن إلا في الليلة التي مات فيها.
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: لما حضرت أبي الوفاة جلست عنده وبيدي الخرقة لأشد بها لحييه فجعل يعرق ثم يفيق ثم يفتح عينيه ويقول بيده هكذا لا بعد لا بعد، ففعل هذا مرة وثانية، فلما كان في الثالثة قلت له: يا أبة أي شيء هذا قد لهجت به في هذا الوقت تعرق حتى نقول قد قضيت ثم تعود فتقول لا بعد لا بعد.
فقال لي: يا بني ما تدري ما قلت؟ قلت: ل،فقال: إبليس لعنه الله قائم حدائي عاض على أنامله يقول لي: يا أحمد فُتَنّي فأقول: لا بعد، لا بعد حتى أموت.
وعن بنان بن أحمد القصباني أنه حضر جنازة أحمد بن حنبل فيمن حضر قال: فكانت الصفوف من الميدان إلى قنطرة باب القطيعة وحزر من حضرها من الرجال ثمانمائة ألف ومن النساء ستين ألف امرأة.
رحم الله الإمام أحمد بن حنبل رحمةً واسعةً وأسكنَه فسيح جناته.


أرب جمـال 26 - 11 - 2009 01:04 AM

الإمام الشافعي


النسب والقبيلة:
هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف.

فيلتقي الشافعي مع الرسول صلى الله عليه وسلم في جدّه عبد مناف، فالشافعي رضي الله عنه قرشي أصيل.
لقي جدُّه شافعُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع، وكان أبو شافع السائب صاحب راية بني هاشم يوم بدر فأُسر وفدى نفسه ثم أسلم فقيل له: لِمَ لَمْ تسلم قبل أن تفدي نفسك؟
قال: ما كنت لأحرم المؤمنين طمعًا لهم في.
أمّا أمّه فإن أكثر من أرّخ للشافعي أو ترجم له قد اتفقوا على أن أمّه أزدية، أو أسدية فهي من قبيلة عربية أصيلة.
الميلاد:
ولد في شهر رجب سنة 150هـ الموافق أغسطس 767م، وهي السنة التي توفي فيها الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله، فكأنهما كما قال الشاعر: (نجوم سماء كلما غار كوكبٌ بدا كوكبٌ تأوي إليه كواكبه).

وكان الشافعي رحمه الله رجلاً طويلاً حسن الخلق محببًا إلى الناس نظيف الثياب فصيح اللسان، شديد المهابة كثير الاحسان إلى الخلق وكان يستعمل الخضاب بالحمرة عملاً بالسنة وكان جميل الصوت في القراءة...
البلد التي ولد فيها:
روى الحاكم بطريقه عن محمد بن عبد الله بن الحكم يقول: سمعتُ الشافعيَ يقول: ولدتُ بغزة وحملتني أمي إلى عسقلان.

البلد التي عاش فيها:
لما مات أبوه انتقلت به أمّه إلى مكة، وذلك لأنهم كانوا فقراء، ولئلا يضيع نَسَبُه، ولأنّ له سهم من ذوي القربى، ثم تنقّل - رحمه الله - بين البلاد في طلب العلم.

طفولته وتربيته:
لم يعِ الشافعي بيئته إلا بالوطن القديم لأجداده - مكة - مهوى أفئدة المسلمين في أنحاء الأرض، ومهبط الوحي ومنبت الإسلام.

وأعظم ما في مكة المسجد الحرام والذي يكاد يكون عند كل سارية فيه محدّث أو فقيه أو باحث أو مناظر ومِن حولهم المتعلمون والمستمعون والسائلون.
وفي وسطه الكعبة المشرفة التي لا يفتر الطواف حولها في ليل أو نهار أبد الدهر.
على هذا كله فتح الشافعي بصره وبصيرته، وبدأ يتفاعل مع هذه البيئة ليأخذ مكانه الطبيعي بين العلماء وأشراف الناس وحقّ ذلك له وهو القرشي الأصيل الشريف النسب.
قال الصفدي:
أقبل - أي الشافعي - على الأدب والعربية والشعر فبرع في ذلك، وحُبب إليه الرمي حتى فاق الأقران وصار يصيب من العشرة تسعة، ثم كتب العلم...

قال الشافعي رحمه الله: كنت يتيماً في حجر أمي ولم يكن لها ما تعطيني للمعلم، فرضي المعلم مني أن أقوم على الصبيان فأخفف عنه في غيابه، وحفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت موطأ مالك وأنا ابن عشر.
ثم قال: أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ من أشعارها ولغاتها.
بعد ذلك استدعي الشافعي إلى بغداد سنة 184هـ الموافق 800م، وكان ذلك بناء على وشاية وصلت إلى هارون الرشيد عنه وعن جماعة من العلويين، فكان متهماً بالتآمر على الدولة العباسية، ضربت بين يديه تسع رقاب كان آخرهم شاباً من أهل المدينة قال للرشيد: لا أعود إلى ما كنت عليه.
ثم توسل إليه أن يتركه حتى يراسل أمه في المدينة ولكنه لم يسعفه فقتله، ولما جاء دور الشافعي قال له: يا أمير المؤمنين أنا لست بطالبي ولا علوي وإنما أدخلت وسط هؤلاء القوم بغيا وظلماً وعدواناً، وإنما أنا رجل من بني عبد المطلب بن عبد مناف وعلى حظ من العلم والفقه والقاضي يعرف ذلك.
وكان القاضي محمد بن الحسن الشيباني قاعداً بين يدي الرشيد، فقال له: يا أمير المؤمنين نعم أنا أعرف ذلك وله من العلم محل كبير، وليس الذي رفع إليك من شأنه.

فقال الرشيد: خذه حتى أبحث في أمره. فأخذه القاضي وكان هذا سبب خلاصه كما قال: لأمر أراده الله عز وجل.
وكانت هذه الحادثة سبباً لبقاء الشافعي في بغداد لسنتين أو أكثر، وتتلمذ خلالها على محمد بن الحسن الشيباني، أما أبو يوسف فلم يلقه ولم يأخذ عنه، فقد مات أبو يوسف قبل أن يقدم الشافعي بغداد، فالرواية أنه قابله وناظره رواية مكذوبة موضوعة.
رجع الشافعي إلى الحجاز وصار بعد وفاة مالك أشهر المفتين فيه نحواً من تسع سنوات، ثم قدم بعد ذلك إلى بغداد والتقى بأحمد بن حنبل هناك، وكان قد التقى به والله أعلم قبل ذلك بمكة، وبعد سنتين رحل إلى مصر حيث كان يحبه واليها ومكث بها حتى توفي سنة 204هـ عن 54 سنة.
تخلل هذا العمر القصير رحلات عديدة إلى اليمن وقبائل العرب كلها، وكان حريصاً على جمع علوم الفقه والطب واللغة والفراسة...
ملامح شخصيته وأخلاقه:
سعة علمه وفقهه:
لا يختلف اثنان أن الشافعي - رحمه الله - قد تميّز في هذا المجال وبلغ فيه مبلغًا عظيمًا، فقد رزقه الله قوة الذاكرة وهيأ له أسباب العلم فنشأ منذ صغره طالبًا للعلم بشتى فنونه فقهًا ولغةً وأدبًا وطبًا... وقد شهد له بذلك الكثير من علماء عصره ومن جاء بعدهم ممن تربى على علمه ونهل من كنوزه.

ولقد عُرف الشافعي بالنجابة والذكاء والعقل منذ أن كان صغيرًا، وشهد له بذلك الشيوخ من أهل مكة، قال الحميدي: "كان ابن عيينة، ومسلم بن خالد، وسعيد بن سالم، وعبد المجيد بن عبد العزيز، وشيوخ أهل مكة يصفون الشافعي ويعرفونه من صغره، مقدمًا عندهم بالذكاء والعقل والصيانة، لم يُعرف له صبوة.
يقول الربيع بن سليمان تلميذ الشافعي وخادمه وراوي كتبه: لو وُزِن عقل الشافعي بنصف عقل أهل الأرض لرجحهم، ولو كان من بني إسرائيل لاحتاجوا إليه.
تقواه وورعه وعبادته:
كما كان الشافعي رحمه الله إمامًا في الاجتهاد والفقه كان كذلك إمامًا في افيمان والتقوى والورع والعبادة، فعن الربيع قال: كان الشافعي قد جزّا الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتبظن والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام، وكان رحمه الله لا يقرأ قرآنًا بالليل إلا في صلاة يقول المزني: ما رأيت الشافعي قرأ قرآنًا قط بالليل إلا وهو في الصلاة.

ووُصِفَ الشافعي - رحمه الله - أيضًا بالحكمة كما وُصِفَ بالكرم والسخاء وغير ذلك من جميل الأخلاق وحسن السجايا...
شيوخه:
شيوخه بالمدينة: وتلقى العلم بالسنة في المدينة على الامام مالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد الانصاري وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وإبراهيم بن أبي يحيى الاسامي، ومحمد بن سعيد بن أبي فديك، وعبد الله بن نافع الصائغ.

شيوخ باليمن: وسمع الحديث والفقه في اليمن، من مطرف بن مازن، وهشام بن يوسف قاضي " صنعاء " وعمرو بن أبي سلمة صاحب الاوزاعي، ويحيى بن حسان صاحب الليث بن سد شيوخه بالعراق: وسمع الحديث والفقه وعلوم القرآن في العراق من وكيع بن الجراح، وأبو أسامة حماد بن أسامة الكوفيان، وإسماعيل بن علية، وعبد الوهاب بن عبد المجيد البصريان.
فيكون عدد شيوخه على هذا تسعة عشرة، خمسة من مكة، وستة من المدينة وأربعة من اليمن، وأربعة من العراق.
هذا ما أفاده الرازي في مناقب الامام الشافعي.
تلامذته:
نبغ على الشافعي كثير من الناس، في مقدمتهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل، والحسن ابن محمد الصباح الزعفراني، والحسين الكرابيسي، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وأبو إبراهيم إسماعيل ابن يحيى المزني، وأبو محمد الربيع بن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي، وأبو حفص حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبى، وأبو يوسف يونس بن عبد الاعلى، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم المصري، وعبد الله بن الزبير الحميدي.

مؤلفاته:
لم يُعرف لإمام قبل الشافعي من المؤلفات في الأصول والفروع والفقه وأدلته بل في التفسير والأدب ما عرف للشافعي كثرة وبراعة وإحكامًا، يقول ابن زولاق: صنف الشافعي نحوًا من مائتي جزء، ويقول الإمام محمد الحسن بن محمد المروزي في خطبة تعليقه: قيل: إن الشافعي - رحمه الله - صنف مائة وثلاثة عشر كتابًا في التفسير والفقه والأدب وغير ذلك.

ولقد كان في سرعة التاليف مع الدقة والنضج والاتقان أعجوبة منقطع النظير، حتى أنه ربما أنجز كتابًا في نصف نهار. يقول يونس بن عبد الأعلى: كان الشافعي يضع الكتاب من غدوة إلى الظهر.
ومن مؤلفاته رحمه الله:
"الرسالة" وهي أول كتاب وضع في أصول الفقه ومعرفة الناسخ من المنسوخ بل هو أول كتاب في أصول الحديث وألف كتابا اسمه "جماع العلم" دافع فيه عن السنة دفاعا مجيدا وأثبت ضرورية حجية السنة في الشريعة وكتاب "الام" و "الإملاء الصغير" و "الأمالي الكبرى" و "مختصر المزني" و "مختصر البويطى" وغيرها.
وكتاب "الرسالة" وكتاب "جماع العلم" حققهما ونشرهما فقيد علم الحديث الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى.
منهجه:
أخذ الشافعي بالمصالح المرسلة والاستصلاح و لكن لم يسمها بهذا الاسم وأدخلها ضمن القياس وشرحه شرحاً موسعاً. وكذلك كان الشافعي يأخذ بالعرف مثل مالك ولكن كل لدرجة ما.

ويروى إنه في أحد الأيام، في مجلس مالك، كان فيه الشافعي، جاء رجل يستفتي مالكاً، يقول أنه ابتاع طائراً من رجل أقسم البائع بالله تعالى وفي رواية بالطلاق أنَّ طائره هذا لا يفتأ عن التغريد.
فلما أخذه المشتري وجده يغرد حيناً و يسكت حيناً، فسأل مالكاً فقال له: لك حق خيار العيب (أي أنه لك الحق في رده بسبب عيب فيه) وقد حنث في يمينه أو على الرواية الأخرى وقع الطلاق.
وكان الشافعي جالساً في ذلك المجلس ولكنه لم يتكلم أدباً مع شيخه مالك. فلما ذهب الرجل لحق به وسأله: طائرك يغرد في اليوم أكثر أو يسكت أكثر؟ قال الرجل: بل التغريد أكثر، فقال له الشافعي: إذاً البيع صحيح وليس لك خيار العيب ولم يحنث وفي تلك الرواية لم يقع الطلاق.
فجاء الرجل إلى مالك، فلما ناقشه الشافعي قال له: يا سيدي، الألفاظ التي ننطق بها إنما نضعها في ميزان العرف الشرعي إن وُجِد (مثل الطلاق و العتق... )، لكن إن فُقِدَ العرف الشرعي عندئذ نشرحه بالعرف اللغوي الدارج بين الناس فإن فُقِدَ العرف اللغوي الدارج بين الناس نعود إلى اللغة العربية في جذورها وأمهاتها.
ونحن نعود في هذا إلى كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد روينا عن المصطفى عليه الصلاة والسلام أنَّ امرأة جاءت تستشيره في رجلين قد خطباها فأيهما تتزوج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أما فلان فلا يضع العصا عن عاتقه و أما فلان فصعلوك (أي لا يليق بك من حيث المستوى الاجتماعي وغيره).
قال الشافعي: فقوله صلى الله عليه وسلم لا يضع العصا عن عاتقه كناية عن كثرة السفر وقد علمت أنه يصلي فيضع العصا عن عاتقه و يأكل ويضعها عن عاتقه وينام ويغتسل وفي كل ذلك يضع العصا عن عاتقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم صادق فيما يقول، إذاً هذه الكلمة سارت مسار العرف الدارج وهنا (أي في مسألة الطائر) عرف في السوق لو قال البائع هذا الطائر لا يفتأ عن التغريد يعني أنَّ أكثر أوقاته التغريد.
وكان الشافعي يتمسك بالأحاديث الصحيحة ويعرِض عن الأخبار الواهية والموضوعة
واعتنى بذلك عناية فائقة. وقال الشافعي ذاكراً فضل الله تعالى عليه: ما كذبت قط وما حلفت قط بالله تعالى صادقاً ولا كاذباً. قال أبو زُرعة: ما عند الشافعي حديث فيه غلط.
وقد وضع الشافعي في فن مصطلح الحديث مصطلحات كثيرة، لم يُسبَق إليها مثل: الاتصال والشاذ والثقة والفرق بين حدَّثنا وأخبرنا...
ما قيل عنه:
قال المزني: ما رأيت أحسن وجهاً من الشافعي، إذا قبض على لحيته لا يفضل عن قبضته. وقال الزعفراني. كان خفيف العارضين يخضب بالحناء. و كان حاذقاً بالرمي يصيب تسعة من العشرة.

قال يونس بن عبد الأعلى: لو جمعت أمة لوسعهم عقل الشافعي.
وقال إسحاق بن راهويه: لقيني أحمد بن حنبل بمكة فقال: تعال حتى أريك رجلاً لم تر عيناك مثله. قال: فأقامني على الشافعي.
وقال أبو ثور الفقيه: ما رأيت مثل الشافعي ولا رأى مثل نفسه.
وقال الشافعي: سُميت ببغداد ناصر الحديث.
وقال أبو داود: ما أعلم للشافعي حديثاً خطأ.
بعض كلماته:
- ما تُقُرِّب إلى الله عز وجل بعد أداء الفرائض بأفضل من طلب العلم.
- طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.
- من ضُحِكَ منه في مسألة لم ينسها أبداً.
- من حضر مجلس العلم بلا محبرة وورق كان كمن حضر الطاحون بغير قمح.
- ما ناظرتُ أحداً قط إلا أحببتُ أن يوفَّق أو يسدد أو يُعان ويكون له رعاية من الله تعالى وحفظ، وما ناظرتُ أحداً إلا ولم أُبالِ بيَّنَ الله تعالى الحق على لساني أو لسانه.

وعن الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول ما اوردت الحق والحجة على احد فقبلهما مني الا هبته واعتقدت مودته ولا كابرني على الحق احد ودافع الحجة الا سقط من عيني.
وعن المزني قال سمعت الشافعي يقول من تعلم القرآن عظمت قيمته ومن نظر في الفقه نبل مقداره ومن تعلم اللغة رق طبعه ومن تعلم الحساب جزل رأيه ومن كتب الحديث قويت حجته ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
وعن الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول اللبيب العاقل هو الفطن المتغافل.
وعن أبي الوليد الجارودي قال سمعت الشافعي يقول لو علمت ان الماء البارد ينقص من مروءتي ما شربته.
وفاته:
ألحَّ على الشافعي المرض وأذابه السقم ووقف الموت ببابه ينتظر انتهاء الأجل. وفي هذه الحال، عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة، دخل عليه تلميذه المزني فقال: كيف أصبحت؟ قال: أصبحتُ من الدنيا راحلاً وللإخوان مفارقاً و لكأس المنيَّة شارباً وعلى الله جلَّ ذكره وارداً ولا والله ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنِّئها أو إلى النار فأعزِّيه! ثم بكى وأنشأ يقول:

ولما قسى قلبي و ضاقت مذاهـبــي جعلتُ الرَّجــا مني لعفوك سلَّـمـا
تعاظـني ذنـبـي فـلمـا قـرنـتـه بعفوك ربي كــان عفوك أعظمــا
وما زلتَ ذا عفوٍ عن الذنب لم تــزل تجود وتعـفـو مِـنَّـةً وتكرُّمـــا

ودُفِنَ الشافعي رحمة الله تعالى عليه في القاهرة في أول شعبان، يوم الجمعة سنة 204هـ الموافق 820م ومات رحمه الله وكان له ولدان ذكران وبنت وكان قد تزوج من امرأة واحدة.


أرب جمـال 26 - 11 - 2009 01:05 AM

أحمد ديدات.. دعوة حتى آخر رمق


في يوم الاثنين الثامن من أغسطس 2005 ودعت الأمة الإسلامية علما بارزا من أعلامها وجبلا شامخا من جبال دعوتها ألا وهو الشيخ المناضل والداعية المجاهد الشيخ أحمد ديدات.. ذلك الجبل الأشم والطود العظيم والعلامة الفارقة في تاريخ الدعوة إلى الله رب العالمين. تلك الدعوة التي تمثلت لتصوغ رجلا من نوع يختلف عن كثير من الرجال كما أنها دعوة تختلف في أسلوبها عن كثير من أساليب الدعوة وطرقها المعروفة.
لقد اختار الرجل طريقا وعرًا لا يسلكها إلا الأفذاذ من الرجال، فاختار مقارعة أهل الكتاب في عقر دارهم وإفحامهم من خلال كتبهم وإظهار عوارها وبيان اختلافها وأن مثلها لا يصلح أن يكون كلمة الرب التي أنزلها على رسله وأن دين الحق هو دين الإسلام الخاتم.. كل ذلك من خلال المناظرة بالحكمة والموعظة الحسنة مما كان له كبير الأثر في عودة الآلاف منهم إلى الدين الحق دين الإسلام.
لقد عاش ديدات حياته يناضل في هذا الجانب، ومات وهو لا يزال يؤدي رسالته من على فراش المرض، ثم ودعنا بعد حياة حافلة تحتاج أن يدرسها كل مسلم ليأخذ منها عبرا وعظات.. وهانحن نقتطف منها ملخصا لا يغني عن التمام:
مولده ونشأته
ولد الشيخ الفقيد أحمد حسين ديدات في مدينة سيرات بالهند عام 1918م، وقد هاجر والده إلى دولة جنوب أفريقيا بعد وقت قصير من ولادته، وعندما بلغ الصغير تسع سنوات ماتت والدته فلحق بأبيه إلى جنوب أفريقيا حيث عاش هناك بقية عمره.

في جنوب إفريقيا برع أحمد في دراسته وفاق أقرانه رغم اختلاف اللغة وبدت عليه علامات التفوق والنبوغ.. لكن الفقر حال دونه والعلم والقراءة الذين شغف بهما، وخرج ديدات الصغير من المرحلة المتوسطة ليبحث عن مصدر رزق يتقوت منه.
مواجهات مبكرة
عمل ديدات في عدة أعمال، وعندما بلغ الثامنة عشرة في حدود عام 1936م، عمل في دكان يمتلكه أحد المسلمين، يقع في منطقة نائية في ساحل جنوب إقليم ناتال بجانب إرسالية مسيحية، وكان طلبة الإرسالية يأتون إلى الدكان الذي يعمل به ديدات ومعه مسلمون آخرون، ويكيلون الإهانات لهم عبر الإساءة للدين الإسلامي والطعن في النبي صلى الله عليه وسلم.. وعن هذا يقول الشيخ ديدات: لم أكن أعلم شيئًا عما يقولون، كل ما كنت أعلمه أنني مسلم.. اسمي أحمد.. أصلي كما رأيت أبي يصلي.. وأصوم كما كان يفعل، ولا آكل لحم الخنزير ولا أشرب الخمور، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

إظهار الحق
يقول الشيخ ديدات: كانت الشهادة بالنسبة لي مثل الجملة السحرية التي أعلم أنني إن نطقت بها نجوت، ولم أكن أدرك غير ذلك، ولكن نهمي الطبيعي وحبي للقراءة وضعا يدي على بداية الطريق، فلم أكن أكتفي بالجرائد التي كنت أقرؤها بالكامل، وأظل أفتش في الأكوام بحثًا عن المزيد مثل المجلات أو الدوريات، وذات مرة وأثناء هذا البحث عثرت على كتاب كان عنوانه بحروف اللاتينية izharulhaq (إظهار الحق)، وقلبته لأجد العنوان بالإنجليزية "Truth Revealed"، جلست على الأرض لأقرأ فوجدته كتب خصيصًا للرد على اتهامات وافتراءات المنصِّرين في الهند، وكان الاحتلال هناك قد وجد في المسلمين خطورة...

فكان من بين الحلول محاولات تنصيرهم لتستقر في أذهانهم عقيدة "من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر"، فلا يواجه بمقاومة أكبر من المسلمين، وبذلك تعرض المسلمون هناك لحملات منظمة للتنصير، وكان الكتاب يشرح تكنيك وأساليب وخبرات توضح طريقة البداية، وطرح السؤال، وأساليب الإجابة لدى نقاش هؤلاء المنصرين، بما جعل المسلمين في الهند ينجحون في قلب الطاولة ضدهم، وبالأخص عن طريق فكرة عقد المناظرات.

عودة إلى طلاب الإرسالية
لقد حملت تهكمات طلبة الإرسالية النصرانية ديدات على البحث؛ فاشترى أول نسخة من الإنجيل وبدأ يقرأ ويعي، ثم قام بشراء نسخ من الأناجيل المتنوعة، وانهمك في قراءتها ثم المقارنة بين ما جاء فيها فاكتشف تناقضات غريبة وأخذ يسأل نفسه: أي من الأناجيل هذه أصح؟ وواصل وضع يده على التناقضات وتسجيلها لطرحها أمام أولئك الذين يناقشونه بحدة كل يوم في الحانوت.

وفي اللقاء الثاني بطلاب الإرسالية كان على استعداد لمناقشتهم، بل ودعوتهم للمناظرات، وحينما لم يصمدوا أمام حججه قام بشكل شخصي بدعوة أساتذتهم من الرهبان في المناطق المختلفة، وشيئًا فشيئًا تحول الاهتمام والهواية إلى مهمة وطريق واضح للدعوة بدأه الشيخ واستمر فيه، فكان له من الجولات والنجاحات الكثير، واستمر في ذلك طيلة ثلاثة عقود قدّم خلالها المئات من المحاضرات والمناظرات مع القساوسة، كما وضع عددًا من الكتب يزيد على عشرين كتابا من بينها الاختيار The Choice وهو مجلد متعدد الأجزاء، هل الإنجيل كلمة الله؟، القرآن معجزة المعجزات، المسيح في الإسلام، العرب وإسرائيل صراع أم وفاق؟، مسألة صلب المسيح…
ديدات تاون؟!!
لقد قيض الله لأحمد ديدات رجلين كان لهما أكبر الأثر في حياته ودعوته ووصوله إلى العالمية في الدعوة:

أولهما: "غلام حسن فنكا" شاب من جنوب أفريقيا حاصل على الليسانس في القانون ويعمل في تجارة الأحذية، جمعت بينه وبين ديدات: رقة المشاعر والاهتمام بقضايا الإسلام.
التقى "غلام" مع ديدات في رحلة البحث والدراسة والقراءة المتعمقة في مقارنات الأديان، وساعد ديدات كثيراً في التحصيل العلمي وصقل الذات. وجابا معا مدنا وقرى صغيرة داخل جنوب أفريقيا، وفي عام 1956 قرر "غلام" التفرغ تماماً للدعوة، وأسس الرجلان "مكتب الدعوة" في شقة متواضعة بمدينة ديربان، ومنه انطلقا إلى الكنائس والمدارس المسيحية داخل جنوب أفريقيا حيث قام أحمد ديدات بمناظراته المبهرة والمفحمة.
وأما الرجل الثاني: فهو "صالح محمد" وهو من كبار رجال الأعمال المسلمين، كان يعيش في مدينة كيب تاون، التي كانت تتميز بكثافة إسلامية، وسيطرة وهيمنة نصرانية، كما أنها تتميز بمكانتها الاقتصادية والسياسية في ذات الوقت.
ومن ثم قام "صالح محمد" بدعوة "ديدات" لزيارة المدينة، حيث رتب له أكثر من مناظرة مع القساوسة هناك، ولكثرة عددهم ورغبتهم في المناظرة أصبحت إقامة ديدات في كيب تاون شبه دائمة، وتمكن ديدات من خلال مناظراته أن يحظى بمكانة كبيرة بين سكانها جميعاً الذين تدفقوا على مناظراته حتى أصبح يطلق على "كيب تاون".. ديدات تاون!!
لقد جاب ديدات البلاد بطولها وعرضها ومعه رفيقا دربه وأحدثت مناظراته اضطرابًا في الوسط الكنسي ومن ثم المجتمع كله، وهز مفاهيم ومعتقدات كانت راسخة ومقدسة واستطاع تغييرها، وأحدث ثغرة داخل الكنيسة بعد أن تحول المئات بإرادتهم إلى الإسلام إثر حضور مناظراته أو بعد زيارته في مكتبه الذي تحول إلى منتدى للزائرين والوافدين من كل مكان.
الانتقال للعالمية
ومن جنوب أفريقيا خرج ديدات إلى العالم في أول مناظرة عالمية عام 1977م بقاعة ألبرت هول في لندن.. وناظر ديدات كبار رجال الدين النصراني أمثال: كلارك – جيمي سواجارت – أنيس شروش، وغيرهم.

وأحدثت مناظراته دويا في الغرب لا تزال أصداؤه تتردد فيه حتى يومنا هذا. فحديثه عن تناقضات الأناجيل الأربعة دفع الكنيسة ومراكز الدراسات التابعة لها والعديد من الجامعات في الغرب لتخصيص قسم خاص من مكتباتها لمناظرات ديدات وكتبه وإخضاعها للبحث والدراسة سعيا لإبطال مفعولها، وسعيا لمنعها وعدم انتشارها.
جهوده ومؤلفاته
ظل الشيخ ديدات يدعو للإسلام وينافح عنه ويدافع ويناظر ويؤلف وكانت له جهود كبيرة في الدعوة منها :

* تأسيس معهد السلام لتخريج الدعاة، والمركز الدولي للدعوة الإسلامية بمدينة [ديربان] بجنوب أفريقيا.
* تأليف ما يزيد عن عشرين كتابًا، كان من أشهرها كتاب "الاختيار The Choice" وهو كتاب متعدد الأجزاء، و"هل الإنجيل كلمة الله؟"، و"القرآن معجزة المعجزات"، و"المسيح في الإسلام"، و"العرب وإسرائيل صراع أم وفاق"، و"مسألة صلب المسيح".
وكتب آخرى طبع الملايين منها لتوزع بالمجان بخلاف المناظرات التي طبع بعضها، وقام بإلقاء آلاف المحاضرات في جميع أنحاء العالم.. وكان يقول: "لئن سمحت لي الموارد فسأملأ العالم بالكتيبات الإسلامية، وخاصة كتب معاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية".
وقد مُنح الشيخ ديدات جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1986م نظرا لمجهوداته الضخمة وأعطي درجة 'أستاذ'.
دعوة حتى آخر رمق
وفي عام 1996م أصيب ديدات بالشلل التام ومن حينها ظل طريح الفراش، ولكنه لم يتوقف لحظة عن الدعوة فكان يعبر عما يريد عن طريق عينين لا تتوقفان عن الحركة والإشارة والتعبير، وعبرهما يتحاور الشيخ ويتواصل مع زائريه ومرافقيه بل ومحاوريه بواسطة لغة خاصة تشبه النظام الحاسوبي، فكان يحرك جفونه سريعا وفقا لجدول أبجدي يختار منه الحروف، ويكون بها الكلمات، ومن ثَم يكون الجمل ويترجم مراد الشيخ ولده يوسف الذي كان يرافقه في مرضه. والعجيب أنه كان يصل إلى الشيخ في مرضه هذا كل يوم قرابة الخمسمائة رسالة فلم يتوقف عن الدعوة حتى وافته المنية مجاهدا داعيا وصابرا محتسبا.

نسأل الله تعالى أن يسكنه فسيح جناته، ويجمعنا به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.


أرب جمـال 26 - 11 - 2009 01:06 AM

الدكتور أحمد عمر هاشم


من الشخصيات الإسلامية البارزة، وهو أستاذ الحديث وعلومه بالأزهر الشريف، وعضو مجمع البحوث الإسلامية.
ولد أحمد عمر هاشم فى 6/2/1941م. تخرج فى كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف عام 1961.
حصل على الإجازة العالمية عام 1967م، ثم عُين معيداً بقسم الحديث بكلية أصول الدين، حصل على درجة الماجستير فى الحديث وعلومه عام 1969م، ثم حصل على درجة الدكتوراه فى نفس تخصصه، وأصبح أستاذ الحديث وعلومه عام 1983م، ثم عُين عميداً لكلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987م، وفي عام 1995م شغل منصب رئيس جامعة الأزهر.
الوظائف التي تولاها:
عضو مجلس الشعب معين بقرار من رئيس الجمهورية - عضو فى المكتب السياسى للحزب الوطنى الديمقراطى - عضو مجلس الشورى بالتعيين - عضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون - رئيس لجنة البرامج الدينية بالتليفزيون المصرى.

من مؤلفاته:
الشفاعة فى ضوء الكتاب والسنة والرد على منكريها-التضامن فى مواجهة التحديات -مباحثات فى الحديث الشريف من توجيهات الرسول-من هدى السنة النبوية- الإسلام وبناء الشخصية.


أرب جمـال 26 - 11 - 2009 01:07 AM

الداعية عمرو خالد


أحد الدعاة الشباب الذين برزوا على الساحة العربية في الفترة الأخيرة فقد أحبه الناس لأنه حبب الدين إليهم وحببهم فيه، وأحبوه أكثر لأنه أخذ يعلمهم كيف يكون الحب في الله وروى لهم تاريخاً عظيماً بناه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ورضوا عنه..
كان عمرو خالد سبباً في هداية مئات بل آلاف الشباب العرب وكان سبباً في عودة الكثير من الفتيات المسلمات نحو الحجاب ولهذا تعرض عمرو خالد لحملة شعواء ممن يقفون خلف الفساد والتعري في العالم العربي والإسلامي..
اسمه بالكامل عمرو محمد حلمي خالد وقد ولد في الخامس من سبتمبر سنة 1967 وهو من مواليد الإسكندرية وهو حاصل على بكالوريوس تجارة من القاهرة منذ سنة 1988 وهو يمتهن مهنة مراجع حسابات وهو شريك بمكتب مراجعة وعضو جمعية المحاسبين والمراجعين المصرية..
وعمرو خالد متزوج و ولديه ولد واحد واسمه عليّ وقد درس بمعهد الدراسات الإسلامية وهو يحضر رسالة الماجيستير في الإقتصاد الإسلامي..
جذب عمرو خالد الكثير من الشباب والفتيات والأسر المسلمة بأسلوبه اللطيف المحبب وقد كان هندامه وهو يرتدي البنطلون والقميص وهو حالق الذقن على غير هيئة أغلب شيوخ الإسلام ذوي اللحى الطويلة والملابس والجلاليب الفضفاضة..
وقد كانت مشاركة عمرو خالد في العديد من البرامج التلفزيونية العربية وخاصة في برنامج (ونلقى الأحبة) سبباً في شهرته ومتابعة الناس لدروسه وخطبه..
وبقي أن نذكر أن عمرو خالد يحب كرة القدم وقد كان أحد ناشئي النادي الأهلي المصري تحت 18 سنة..
المصدر: موقع عمرو خالد

أرب جمـال 26 - 11 - 2009 01:07 AM


الدكتور زغلول النجار


هو عالم وأستاذ للجيولوجيا في العديد من الجامعات العربية والعالمية، جمع بين دراساته للعلوم البحتة وبين ثقافته الدينية، اشتهر من خلال أحاديثه ومقالاته عن مواطن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
وُلد الدكتور زغلول راغب محمد النجار في قرية مشاري، مركز بسيون بمحافظة الغربية في 17 نوفمبر 1933م، وحفظ القرآن الكريم منذ الصغر على يد والده الذي كان يعمل مدرسا بإحدى مدارس المركز.
تدرج زغلول في مراحل التعليم حتى التحق بكلية العلوم بجامعة القاهرة في عام 1951م، ثم تخرج في قسم الجيولوجيا بالكلية في عام 1955م حاصلاً على درجة بكالوريوس العلوم بمرتبة الشرف وكان أول دفعته.
التحق بعدة وظائف في الفترة ما بين 1955م إلى 1963م؛ حيث التحق بشركة صحارى للبترول لمدة 5 أشهر، ثم بالمركز القومي للبحوث 5 أشهر أخرى. كما انضم إلى مناجم الفوسفات في وادي النيل (من إسنا إلى إدفو) لمدة 5 أعوام؛ حيث أثبت تفوقا ملحوظا.
التحق الدكتور زغلول بمناجم الذهب بالبرامية، حتى لاحت له الفرصة للالتحاق بجامعة عين شمس معيدا بقسم الجيولوجيا، فانتقل للعمل بمشروع للفحم بشبه جزيرة سيناء.
في عام 1959م لاحت أول انطلاقة حقيقية للدكتور زغلول النجار في إثبات ذاته، حيث دعي من جامعة آل سعود بالرياض إلى المشاركة في تأسيس قسم الجيولوجيا هناك. ومن المملكة السعودية استطاع السفر إلى إنجلترا.. وحصل هناك على درجة "الدكتوراه في الفلسفة" في الجيولوجيا من جامعة ويلز ببريطانيا عام 1963م، ثم رشحته الجامعة.. لاستكمال أبحاث ما بعد الدكتوراه من خلال منحة علمية من جامعته.
عمل كأستاذ للجيولوجيا في جامعات عربية وعالمية عديدة.. من أهمها: جامعة عين شمس، وجامعة الملك سعود، وجامعة قطر، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة ويلز في بريطانيا، وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. Robertson، Post-Doctoral Research fellows.
المصدر: الهيئة العامة للاستعلامات


أرب جمـال 26 - 11 - 2009 01:08 AM

الدكتور طارق السويدان


اسمه طارق محمد الصالح السويدان من مواليد الكويت عام 1953م ويحمل الجنسية الكويتية وهو متزوج ولديه 6 أبناء وهو حاصل على دكتوراه في هندسة البترول وتخصص مساند في إدارة الأعمال من جامعة تلسا - أوكلاهوما من الولايات المتحدة الأمريكية مع مرتبة الشرف عام 1990م كما أنه حاصل على ماجستير في هندسة البترول من نفس الجامعة عام 1982..
وقد جذب الدكتور طارق السويدان الجمهور الإسلامي بأسلوبه الشيق والجميل في سرد القصص الإسلامية على شاشات التلفزيون وخاصة السيرة النبوية وقصص الأنبياء ونساء خالدات وهذا جذب قطاعاً كبيراً من المسلمين إلى متابعة البرامج التي يقدمها والتعرف عن قرب على التاريخ الإسلامي العظيم..
كما أن للدكتور طارق السويدان مجموعة كبيرة من الشرائط الإسلامية التي تحكي تاريخ العظماء من المسلمين مثل الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل وأبو حنيفة ومالك بن أنس وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب بالإضافة إلى تاريخ الأندلس والقدس وفلسطين وقصص الأنبياء وسيرة الرسول عليه السلام..
وللدكتور طارق السويدان مجموعة كبيرة من الكتب والمطويات والمنشورات ونذكر منها على سبيل المثال:
- مختصر العقيدة الإسلامية
- النجاح في الحياة
- كيف تغير نفسك
- الصوم
- القيادة في القرن الواحد والعشرين
- مبادئ الإبداع
- كيف تكتب خطة إستراتيجية
- صناعة النجاح
- الإبداع خطوة خطوة
- خماسية الولاء
- مرن عضلات مخك



الساعة الآن 11:49 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى