منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   قصص بأقلام الأعضاء (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=6)
-   -   مجرد موقف.. (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=6291)

فسحة أمل 28 - 4 - 2010 11:41 PM

مجرد موقف..
 
كنت يومها عائدة من الجامعة أسير بخطوات ملأها غرور الشباب، لا أعرف عن الغد سوى ما ترسمه لي الأحلام، لا تعرفني المرآة دون ابتسامة، أصعب امتحان خضته هو امتحان الورقة و القلم أين أكتب نجاحي الدائم، لم أفكر كثيراً في من حولي أو ما قد يحويه العالم من أوجه و تقلبات، كنت أعتقد أن الحياة يسيرة يسر تلك الخطوات التي أرميها دون معوقات، مازلت لم أعرف عنها ما يلزمني لأتوقع وجود الحفر.
في تلك الصبيحة قادتني الأقدار إليها، إلى تلك التي جعلتني أعيد التفكير بكل شيء، لم يكن لقائي بها صدفة أبداً لأني يومها تركت أهم محاضرة في الأسبوع دون سبب، رغبت العودة إلى المنزل لأني فقط.. مللت، كان الشارع أشبه بالخالي أسير فيه وأسمع وقع خطواتي كدقات الساعة، رأيتها عن بعد دون أن آبه لها، لكن اقترابنا من بعض أثناء السير جعلني أنتبه إلى أنها تسير نحوي، شعرت بأنها ستكلمني و ذاك ماحدث، كلمتني بجمل غير مترابطة مشتتة، شرحت سبب وجودها هناك وأنها بحاجة إلى المال لتعود إلى مدينتها، كنت أسمع بعض كلامها و يفلت مني البعض الآخر، أعلق في نفسي بعبارات أكثر شتات من جملها: " تأتين مع صديقك من العاصمة في سيارته، يا لأخلاقك؟ تطلبين المال بعد أن تشاجرت معه و رماك هنا، ما هذا الذل؟ و لما قد أعطي مثلك المال؟ لما جئت معه أصلاً، ما الذي أخرج فقيرة مثلك من منزلها؟" كنت غارقة في تساؤلات كثيرة و احتقار كبير لها، لما قد تفعل بنت ذلك لو لم تكن منحلة الأخلاق، كنت أنزل بنظري من رأسها إلى قدميها و أصعد به مجدداً فعلت ذلك مراراً إلى درجة أن أبسط تفاصيل ملابسها وملامحها مازلت عالقة بذاكرتي، وجهها الشاحب الخالي من أي بسمة عيناها الصغيرتان الخجلتان، اللتان لم تلتقيا ببصري إلّا نادراً، شفتاها، كانتا بالكاد تخرجان الحروف، يداها مجموعتان لا تنفصلان إلّا لوصف بسيط للمكان، بدلتها الرمادية المهلهلة البالية جداً، حقيبة يدها البنية الفاتحة القديمة التي لم يعد لمثلها وجود في الأسواق حذاؤها البني المهترئ، و اضطرابها الواضح الذي شوش معظم كلامها، توقفت عن الكلام تنتظر ردة فعلي، حدقت بها لثوانٍ ثم قلت بكل برود أنه ليس معي فكة فاقترحت بسرعة أن أقف معها في الموقف و أدفع لعامل الحافلة المبلغ المستحق، فقلت بنفس البرود أنه لا يمكن لي أن أقف موقف الشبهة خصوصاً و أني أسكن بالمنطقة، فارتعش كلها و انطلقت مسرعة تلتفت إلي و أنا أقف محلي تطلب أن لا أخبر أحداً عنها، أجبت بهمس مستغربة لما قد أخبر عنها الآخرين و وصفتها بالأميرة ديانا، أكملت طريقي إلى البيت يغمرني شعور بالاشمئزاز أفكر بها بلا انقطاع، كأني أفكر للمرة الأولى، كمن يسأل بعد أن يفيق من غيبوبة طويلة " ماذا حدث؟ " شعورٌ سرعانما انقلب حزناً و انزعاج لا تفارقني صورتها، و دخلت في صراع دام إلى يومي هذا ما زلت أتساءل "ماذا فعلتْ يا ترى"، ندمت يومها على موقفي و قسوتي لمت نفسي حتى أني لم أفارق الشرفة و أنا أنتظر فقط ظلها لألحقها، شعرت أنها غزال نازف في غابة ذئاب، و إن كانت بنتاً منحلة فقد طلبت الأسلم و الأعف... والله وحده الأعلم بظروف الناس.
غريبة هي الحياة، أحياناً لا نحتاج إلى مختبرات لنكتشفها بل يكفينا مجرد موقف...
تذكرتها اليوم، عندما كلمتني ابنتي ذات الثمانية عشر ربيعاً تقول أن نقودها قد سرقت منها في محطة الحافلات و هي وحدها لا تجد من يقرضها و لا تستطيع العودة.

غربة وطن 29 - 4 - 2010 02:15 AM

تذكرتها اليوم، عندما كلمتني ابنتي ذات الثمانية عشر ربيعاً تقول أن نقودها قد سرقت منها في محطة الحافلات و هي وحدها لا تجد من يقرضها و لا تستطيع العودة.

طريقة رائعة في سرد الحدث
دومي بكل الود والخير صاحبة القلم الجميل</b></i>

سلافه1991 29 - 4 - 2010 10:31 PM

ماشاء الله ....


يسلمـــــــــــــــــواا .

فسحة أمل 30 - 4 - 2010 12:51 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة توم & جيري (المشاركة 41704)
تذكرتها اليوم، عندما كلمتني ابنتي ذات الثمانية عشر ربيعاً تقول أن نقودها قد سرقت منها في محطة الحافلات و هي وحدها لا تجد من يقرضها و لا تستطيع العودة.

طريقة رائعة في سرد الحدث
دومي بكل الود والخير صاحبة القلم الجميل</b></i>

الرائعة توم & جيري..
قراءاتك مميزة ومرورك عطر أسعدني
محبتي و تقديري

فسحة أمل 30 - 4 - 2010 12:54 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلافه1991 (المشاركة 41866)
ماشاء الله ....


يسلمـــــــــــــــــواا .

سلافة يا قمر..
مرحباً بك في المنتدى.. نورت
مرورك أسعدني
محبتي..

بشيـــــر 30 - 4 - 2010 10:44 PM

بين من أضاعت الرشد... ومن أضاعت المحفظة
خيط رقيق يوشك أن لا يرى.
غريب جدا أن تكون بعض الفكة كافية...
لغلق باب الجحيم.
تقبلي مروري

فسحة أمل 30 - 4 - 2010 11:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بشيـــــر (المشاركة 42227)
بين من أضاعت الرشد... ومن أضاعت المحفظة
خيط رقيق يوشك أن لا يرى.
غريب جدا أن تكون بعض الفكة كافية...
لغلق باب الجحيم.
تقبلي مروري

أخي بشير..
خيط رفيع تقطعه الانسانية لتصبح الحالة واحدة..
وللحياة أبواب مغلقة قد تكون مفاتيحها صغيرة جداً..
سعيدة جداً بمرورك المميز وقراءتك العميقة..
لك مني أخلص التحية و التقدير..

ناجي أبوشعيب 3 - 9 - 2010 02:55 AM

الأخت أمال
تــعـبـيـر را ق ...
بورك قـيـك
د مـــت بــودّ
أ خوك ناجي

عبدالرحمن حموده 3 - 9 - 2010 03:38 PM


شيماء يوسف 24 - 11 - 2010 11:52 PM

موقف مؤلم بشدة ان تضع نفسك في مكان بارد بعيد عن خوف وزعر الاخرين
قصتك جميلة وشدتني لاخرها
سلمت يمناك


الساعة الآن 08:06 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى