منتديات المُنى والأرب - بين الحجارة والرصاص

بين الحجارة والرصاص

بين شخصية وشخصية أجد شخصيتي بين حكاية وحكاية أجد حكايتي بين معانات ومعانات أجد معاناتي ، على هذه السطور وضعت الشخصيات وصنعت المعانات وختمت العبارات لكن نسيت أن أكتب بعض السطور عني ، أنا فتاة مسالمة ولدت على صوت الرصاص وفتحت عيناي على امرأة كانت غارقة في دمائها أظنها أمي ، لا أعرف كيف واجهت الحياة وأنا فتاة صغيرة لاأجيد غير البكاء لكني رأيت قدماي تثبتان على الأرض وقد علت قامتي قليلا فانتهزت الفرصة وتجرأت على العيون فقرأت ماورائها واقتحمت القلوب وفتشت في أركانها وسرقت النظرات وقمت بتحليلها وقتها لم أعد أعرف متى أنزل القلم ومتى أرفعه ، فبدأت البحث عن الصديق الذي سيحسد لكتمانه وعن الحبيب الذي سيجعل نبضات قلبي تتمرد في حضرته وعن العدو الذي سيدفعني إلى سياسة الحيطة والحذر ، وما خلته سيحتاج إلى جهد جهيد فأينما أنظر أجد الدماء تخفي هوية الأفئدة ، وبعد عصر من التأمل بدون إستيعاب فكرت في دراسة الإنسان من خلال خطواته لكنها لم تعرني أي اهتمام ، وبعد عصر آخر من التردد تشجعت وقررت أن اسأل أصحاب الخطى المتبعثرة ، من يدري ربما أجد جوابا يخرجني من كل هذه العصور ؟ فكان البعض يتلعثم في الكلام و البعض لم يجبني حتى والبعض الآخر إكتفى بإلقاء نظرات شبه متكلمة ، وكل هذا لم يزدني إلا جنونا وتيهاً في عصور تكاد تأسرني بجمودها ، فطال وقوفي بين الويلات وأنا صامتة وتكرر مبيتي على الدماء وأنا غير منتبهة وظلت عيناي تائهت وأنا مربطة اليدين وباتت صورتي مشوشة وما السبيل ، فكثر تطاير الجثث في السماء وتصادم الأرواح وهي في الطريق لتزور بارئها وطبعا استعصى علي إشتراء تأشيرة للركوب في إحدى قطارات الحياة لأنه وببساطة لايوجد قطارات أو كليات لكن الجميل في الأمر أن الحروف ساندتني و أحبتني والسطور انحنت لي ، ولا أعرف إن كنت صائبة بقولي محظوظة في هذه الأوقات الصامت ، لأني مجهولة الزمان والمكان وإذا سألني سائل أجيب بإسم يواكب الموضة، ورغم أني في ساحة المعركة لا يمسني ضرر ، ربما يخشى إحداهما بمسي تكون خيانة لإحدى الجنسين ، فحكم علي أن أبقى معلقة إلى حين النظر في قضيتي ، فتطلب مني الأمر أن أنتظر إلى حين تمكن القضاة من إصدار الحكم ، في تلك الفتره شهدت عيني أقوى الصراعات الباردة في حياتي التائهة فالبعض يرى أن الحكم الصائب هو بموتي والآخر يقول بقتلي ، فتهت بين الحكمين ولم أعرف أي منهما أتمنى من أجله ، ولم أذكر حين كنت أوقع إلتزامات الخروج وأنا في بطن
أمي أني لست ملكا لنفسي أظنني كنت متحمسة لعيشة راضية فتجاوزت هذه النقطة ، فعلا جاء اليوم الموعود وبوجود الجنسين وقفت بينهما و أنا لا أعرف لأي طرف أنتمي ولا أعرف كيف أصف تلك اللحظات الصامتة المميتة أو تلك النظرات الخانقة ، كان الوضع حقا ميؤوس منه مع غياب التهمة والأدلة ، إلتقطت ٱخر أنفاسي واستعدت مسامعي لقرار القضاة وماهي إلا لحظات حتى أجمعوا القضاة في حكمهم أن أموت مقتولة فصرخت صرخة لم يتكرر صداها إلا في مسامعي اليائسة وقلت بنبرات مختنقة ليس من العدل أن أعاقب عقوبتين في آن واحد ونسيت أن ذكر كلمة عدل في محكمة وأمام قضاة جريمة بحد ذاتها وسرعان مابدأ تصادم الحجارة والرصاص في جسدي وسرعان ماشتت لحمي و تبعثرت روحي وتاهت في السماء ، و هكذا رفعت الجلسة إلى حين المحاكمة السماوية لإعادة النظر في موتي وقتلي وبقيت معلقة بين الزمان والمكان وبين الحجارة و الرصاص .
zolz