منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   حكايات الف ليلة وليلة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=19998)

جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:08 AM


قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية قالت للشاب: لا أقبلك على عدم عقلك وسوء فعلك، ثم تناولت من جانبها سوطاً ونزلت به على ظهري ثم على مقاعدي حتى غبت عن الوجود من كثرة الضرب ثم إنها قالت للجواري: خذوه وامضوا به إلى متولي ليقطع يده التي أكل بها الزرباجة، ولم يغسلها فلما سمعت ذلك قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله أتقطع يدي من أجل أكل الزرباجة وعدم غسلي إياها فدخلن عليها الجواري، وقلن لها: يا أختنا لا تؤاخذيه بفعله هذه المرة، فقالت والله لا بد أن أقطع شيئاً من أطرافه، ثم راحت وغابت عني عشرة أيام ولم أرها إلا بعد عشرة أيام ثم أقبلت علي وقالت لي: يا أسود الوجه أنا لا أصلح لك فكيف تأكل الزرباجة ولم تغسل يدك ثم صاحت على الجواري فكتفوني وأخذت موساً ماضياً وقطعت إبهامي يدي وإبهامي ورجلي كما ترون يا جماعة فغشي علي، ثم ذرت علي بالذرور فانقطع الدم وقلت في نفسي: لا آكل الزرباجة ما بقيت حتى أغسل يدي أربعين مرة بالإشنان وأربعين مرة بالسعد وأربعين مرة بالصابون فأخذت علي ميثاقاً أني لا آكل الزرباجة حتى أغسل يدي كما ذكرت لكم فلما جئتم بهذه الزرباجة تغير لوني وقلت في نفسي: هذا سبب غبهامي يدي ورجلي، فلما غصبتم علي قلب: لا بد أن أوفي بما حلفت. فقالت له والجماعة حاضرون ما حصل لك بعد ذلك؟ قال: فلما حلفت لها طاب قلبها ونمت أنا وإياها وأقمنا مدة على هذا الحال وبعد تلك المدة قالت: إن أهل دار الخلافة لا يعلمون بما حصل بيني وبينك فيها وما دخلها أجنبي غيرك وما دخلت فيها إلا بعناية السيدة زبيدة ثم أعطتني خمسين ألف دينار وقالت: خذ هذه الدنانير واخرج واشتر لنا بها داراً فسيحة فخرجت واشتريت داراً فسيحة مليحة ونقلت جميع ما عندها من النعم وما ادخرته من الأموال والقماش والتحف إلى هذه الدار التي اشتريتها فهذا سبب قطع إبهامي فأكلنا وانصرفنا وبعد ذلك جرى لي مع الأحدب ما جرى وهذا جميع حديثي والسلام، فقال الملك: ما هذا بأعذب من حديث الأحدب بل حديث الأحدب أعذب من ذلك ولا بد صلبكم جميعاً.








جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:10 AM



وفي الليلة الثلاثين
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك قال: لا بد من صلبكم جميعاً فتقدم اليهودي وقبل الأرض وقال: يا ملك الزمان أنا أحدثك بحديث أعذب من حديث الأحدب، فقال له ملك الصين هات ما عندك فقال: أعجب ما جرى في زمن شبابي أني كنت في الشام وتعلمت منه صنعة فعملت فيها، فبينما أنا أعمل في صنعتي يوماً من الأيام، إذا تأتي مملوك من بيت الصاحب بدمشق، فخرجت له وتوجهت معه إلى منزل الصاحب فدخلت فرأيت في صدر الإيوان سريراً من المرمر بصفائح الذهب وعليه مريض راقد وهو شاب لم ير أحسن منه في زمانه فقعدت عند رأسه ووعدت له بالشفاء فأشار إليه بعينيه فقلت له: يا سيدي ناولني يدك فأخرج لي يده اليسرى فتعجبت من ذلك وقلت في نفسي: يا الله العجب أن هذا الشاب مليح ومن بيت كبير وليس عنده أدب إن هذا هو العجب، ثم جسست مفاصله وكتبت له ورقة ومكثت أتردد عليه مدة عشرة أيام وفي اليوم الحادي عشر قال الشاب: هل لك أنت نتفرج في الغرفة؟ فقلت: نعم فأمر العبيد أن يطلعوا الفراش إلى فوق وأمرهم أن يشووا خروقاً وأن يأتوا إلينا بفاكهة ففعل العبيد ما أمرهم به وأتوا بالفاكهة فأكلنا وأكل هو بيده الشمال. فقلت له: حدثني بحديثك فقال لي: يا حكيم الزمان اسمع حكاية ما جرى لي، اعلم أنني من أولاد الموصل وكان لي والد قد توفي أبوه وخلف عشرة أولاد ذكور من جملتهم والدي وكان أكبرهم فكبروا كلهم وتزوجوا ورزق والدي بي وأما إخوته التسعة فلم يرزقوا بأولاد فكبرت أنا وصرت بين أعمامي وهم فرحون بي فرحاً شديداً، فلما كبرت وبلغت مبلغ الرجال وكنت ذات يوم مع والدي في جامع الموصل وكان اليوم ويم جمعة فصلينا الجمعة وخرج الناس جميعاً وأما والدي وأعمامي فإنهم قعدوا يتحدثون في عجائب البلاد وغرائب المدن إلى أن ذكروا مصر فقال بعض أعمامي: إن المسافرين يقولون: ما على وجه الأرض أحسن من مصر ونيلها، ثم أنهم أخذوا يصفون مصر ونيلها، فلما فرغوا من كلامهم وسمعت أنا هذه الأوصاف التي في مصر صار جاري مشغولاً بها ثم انصرفوا وتوجه كل واحد منهم إلى منزله. فبت تلك الليلة لم يأتني نوم من شغفي بها ولم يطب لي أكل ولا شرب فلما كان بعد أيام قلائل تجهز أعمامي إلى مصر فبكيت على والدي لأجل الذهاب معهم حتى جهز لي متجراً ومضيت معهم وقال لهم: لا تدعوه يدخل مصر بل اتركوه في دمشق لبيع متجره فيها ثم سافرنا وودعت والدي وخرجنا من الموصل وما زلنا مسافرين إلى أن وصلنا إلى حلب فأقمنا بها أياماً ثم سافرنا إلى أن وصلنا دمشق فرأيناها مدينة ذات أشجار وأنهار وأثمار وأطيار كأنها جنة فيها كل فاكهة فنزلنا في بعض الخانات واستمر بها أعمامي حتى باعوا واشتروا وباعوا بضاعتي فربح الدرهم خمسة دراهم ففرحت بالربح ثم تركني أعمامي وتوجهوا إلى مصر.







جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:13 AM

الليلة الحادية والثلاثون
http://www.alsumereon.com/up//upload...6dc7d9f241.jpg

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما تركوه أعمامه وتوجهوا إلى مصر قال: مكثت بعدهم وسكنت في قاعة مليحة البنيان يعجر عن وصفها اللسان أجرتها كل شهر بدينارين وصرت أتلذذ بالمآكل والمشارب حتى صرفت المال الذي كان معي فبينما أنا قاعد على باب القاعة يوماً من الأيام وإذا بصبية أقبلت علي وهي لابسة أفخر الملابس وما رأت عيني أفخر منها فعزمت عليها فما قصرت بل صارت داخل الباب فلما دخلت ظفرت بها وفرحت بدخولها فرددت الباب علي وعليها وكشفت عن وجهها وقلعت إزارها فوجدتها بديعة الجمال فتمكن حبها من قلبي فقمت وجئت بسفرة من أطيب المأكول والفاكهة وما يحتاج غليه المقام وأكلنا ولعبنا وبعد اللعب شربنا حتى سكرنا ثم نمت معها في أطيب ليلةإلى الصباح، وبعد ذلك أعطيتها عشرة دنانير فحلفت أنها لا تأخذ الدنانير مني ثم قالت: يا حبيبي انتظرني بعد ثلاثة أيام وقت المغرب أكون عندك وهيء لنا بهذه الدنانير مثل هذا وأعطتني هي عشرة دنانير وودعتني وانصرفت فأخذت عقلي معها.
فلما مضت الأيام الثلاثة أتت وعليها من المزركش أو الحلي والحلل أعظم مما كان عليها أولاً وكنت هيأت لها ما يليق بالمقام قبل أن تحضر فأكلنا وشربنا ونمنا مثل العادة إلى الصباح ثم أعطتني عشرة دنانير وواعدتني بعد ثلاثة أيام أنها تحضر عندي فهيأت لها ما يليق بالمقام وبعد ثلاثة أيام حضرت في قماش أعظم من الأول والثاني ثم قالت لي: يا سيدي هل أنا مليحة? فقلت: أي والله فقالت: هل تأذن لي أن أجيء معي بصبية أحسن مني وأصغر سناً مني حتى تلعب معنا ونضحك وإياها فإنها سألتني أن تخرج معي وتبيت معنا لنضحك وإياها ثم أعطتني عشرين ديناراً وقالت لي: زد لنا المقام لأجل الصبية التي تأتي معي، ثم إنها ودعتني وانصرفت، فلما كان اليوم الرابع جهزت لها ما يليق بالمقام على العادة فلما كان بعد المغرب وإذا بها قد أتت ومعها واحدة ملفوفة بإزار فدخلتا وجلستا ففرحت وأوقدت الشموع واستقبلتهما بالفرح والسرور فقامتا ونزعتا ما عليهما من الثياب، وكشفت الصبية الجديدة عن وجهها فرأيتها كالبدر في تمامه فلم أر أحسن منها فقمت وقدمت لهما الأكل والشرب فأكلنا وشربنا وصرت أقبل الصبية الجديدة وأملأ لها القدح وأشرب معها فغارت الصبية الأولى في الباطن ثم قالت: بالله إن هذه الصبية مليحة أما هي أظرف مني?
فقلت: أي والله قالت: خاطري أن تنام معها قلت: على رأسي وعيني ثم قامت وفرشت لنا فقمت ونمت مع الصبية الجديدة إلى وقت الصبح فلما أصبحت وجدت يدي ملوثة بدم فتحت عيني فوجدت الشمس قد طلعت فنبهت الصبية فتدحرج رأسها عن بطنها فظننت أنها فعلت ذلك من غيرتها منها ففكرت ساعة ثم قمت قلعت ثيابي وحفرت في القاعة ووضعت الصبية ورددت التراب وأعدت الرخام كما كان ورفعت المخدة فوجدت تحتها العقد الذي كان في عنق تلك الصبية فأخذته وتأملته وبكيت ساعة ثم أقمت يومين وفي اليوم الثالث دخلت الحمام وغيرت أثوابي وأنا ما معي شيء من الدراهم فجئت يوماً إلى السوق فوسوس لي الشيطان لأجل إنفاذ القدر فأخذت عقد الجوهر وتوجهت به إلى السوق وناولته للدلال فقام لي وأجلسني بجانبه وصبر حتى عمر السوق وأخذه الدلال ونادى عليه خفية وأنا لا أعلم وإذا بالعقد مثمن بلغ ثمنه ألفي دينار فجاءني الدلال وقال لي: إن هذا العقد نحاس مصنوع بصنعة الإفرنج وقد وصل ثمنه إلى ألف درهم، فقالت له: نعم كنا صنعناه بصنعة الإفرنج لواحدة نضحك عليها به وورثتها زوجتي فرأينا بيعه، فرح واقبض الألف


http://www.alsumereon.com/up//upload...9704ac4ce0.jpg

جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:14 AM

الليلة الثانية والثلاثون
http://www.alsumereon.com/up//upload...5c5f228f33.jpg


قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما قال للدلال اقبض الألف درهموسمع الدلال ذلك عرف أن قضيته مشكلة فتوجه بالعقد إلى كبير السوق وأعطاهإياه فأخذه وتوجه به إلى الوالي وقال له: إن هذا العقد سرق من عندي ووجدناالحرامي لابساً لباس أولاد التجار فلم أشعر إلا والظلمة قد أحاطوا بيوأخذوني وذهبوا بي إلى الوالي فسألني الوالي عن ذلك العقد فقلت له ما قلتهللدلال فضحك الوالي وقال: ما هذا كلام الحق فلم أدر إلا وحواشيه جردوني منثيابي وضربوني بالمقارع على جميع بدني فأحرقني الضرب فقلت: أنا سرقته ولاأقول إن صاحبته مقتولة عندي فيقتلوني فيها، فلما قلت أني سرقته قطعوا يديوقلوها في الزيت فغشي علي فسقوني الشراب حتى أفقت فأخذت يدي وجئت إلىالقاعة فقال صاحب القاعة حيثما جرى لك هذا فادخل القاعة وانظر لك موضعاًآخر لأنك متهم بالحرام فقلت له: يا سيدي اصبر علي يومين أو ثلاثة حتى أنظرلي موضعاً، قال: نعم ومضى وتركني.
فبقيت قاعد أبكي وأقول: كيف أرجع إلى أهلي وأنا مقطوع اليد والذي قطع يديلم يعلم أني بريء فلعل الله يحدث بعد ذلك أمراً، وصرت أبكي بكاء شديداًفلما مضى صاحب القاعة عني لحقني غم شديد فتشوشت يومين وفي اليوم الثالث ماأدري غلا وصاحب القاعة جاءني ومعه بعض الظلمة وكبير السوق وادعى علي أنيسرقت العقد فخرجت لهم وقلت: ما الخبر فلم يمهلوني بل كتفوني ووضعوا فيرقبتي جنزيراً وقالوا لي: إن العقد الذي كان معك طلع لصاحب دمشق ووزيرهاوحاكمها وقالوا: إن هذا العقد قد ضاع من بيت الصاحب من مدة ثلاث سنين ومعهابنته فلما سمعت هذا الكلام منهم ارتعدت مفاصلي وقلت في نفسي إنهمسيقتلونني ولا محالة، والله لا بد أنني أحكي للصاحب حكايتي فإن شاء قتلنيوإن شاء عفى عني، فلما وصلنا إلى الصاحب أوقفني بين يديه فلما رآني قال: أهذا هو الذي سرق العقد ونزل به ليبيعه إنكم قطعتم يده ظلماً ثم أمر بسجنكبير السوق وقال له: أعط هذا دية يده وإلا أشنقك وآخذ جميع مالك، ثم صاحعلى أتباعه فأخذوه وجردوه وبقيت أنا والصاحب وحدنا بعد أن فكوا الغل منعنقي بإذنه وحلوا وثاقي ثم نظر إلي الصاحب وقال: يا ولدي حدثني واصدقني كيفوصل إليك هذا العقد فقلت: يا مولاي إني أقول لك الحق، ثم حدثته بجميع ماجرى لي مع الصبية الأولى وكيف جاءتني بالثانية وكيف ذبحتها من الغيرةوذكرتله الحديث بتمامه.
فلما سمع كلامي هز رأسه وحط منديله على وجهه وبكى ساعة ثم أقبل علي وقاللي: اعلم يا ولدي أن الصبية ابنتي وكنت أحجز عليها فلما بلغت أرسلتها إلىابن عمها بمصر فجاءتني وقد تعلمت العهر من أولاد مصر وجاءتك أربع مرات، ثمجاءتك بأختها الصغيرة والاثنتان شقيقتان وكانتا محبتين لبعضهما فلما جرىللكبيرة ما جرى أخرجت سرها على أختها فطلبت مني الذهاب معها ثم رجعت وحدهافسألتها عنها فوجدتها تبكي عليها وقالت: لا اعلم لها خبر ثم قالت لأمهاسراً جميع ما جرى من ذبحها أختها فأخبرتني أمها سراً ولم تزل تبكي وتقول: والله لا أزال أبكي عليها حتى أموت وكلامك يا ولدي صحيح فإني أعلم بذلك قبلأن تخبرني به فانظر أن أزوجك ابنتي الصغيرة فإنها ليست شقيقة لهما وهيبكرولا آخذ منك مهراً فأجعل لكما راتباً من عندي وتبقى عندي بمنزلة ولديفقلتله: الأمر كما تريد يا سيدي ومن أين لي أن أصل إلى هذا فأرسل الصاحبفيالحال من عنده بريد وأتاني بمالي الذي خلفه والدي والذي أنا اليوم فيأرغدعيش.
فتعجبت منه وأقمت عنده ثلاثة أيام وأعطاني مالاً كثيراً، وسافرت من عندهفوصلت إلى بلدكم هذه فطابت لي المعيشة وجرى لي مع الأحدب ما جرى، فقال ملكالصين: ما هذا بأعجب من حديث الأحدب ولا بد لي من شنقكم جميعاً وخصوصاًالخياط الذي هو رأس كل خطيئة قال: يا خياط إن حدثتني بشيء أعجب من حديثالأحدب وهبت لكم أرواحكم.


فعند ذلك تقدم الخياط وقال: اعلم يا ملك الزمان أن الذي جرى لي أعجب مماجرى للجميع لأني كنت قبل أن أجتمع بالأحدب أول النهار في وليمة بعض أصحابأرباب الصنائع من خياطين وبزازين ونجارين وغير ذلك، فلما طلعت الشمس حضرالطعام لنأكل، وإذا بصاحب الدار قد دخل علينا ومعه شاب وهو أحسن ما يكون منالجمال غير أنه أعرج فدخل علينا وسلم فقمنا، فلما أراد الجلوس رأى فيناإنساناً مزيناً فامتنع عن الجلوس وأراد أن يخرج من عندنا فمنعناه نحن وصاحبالمنزل وشددنا عليه وحلف عليه صاحب المنزل وقال له: ما سبب دخولك وخروجكفاقل: بالله يا مولاي لا تتعرض لي بشيء فإن سبب خروجي هذا المزين الذي هوقاعد.
فلما سمع منه صاحب الدعوة هذا الكلام تعجب غاية العجب وقال: كيف يكون هذاالشاب من بغداد وتشوش خاطره من هذا المزين ثم التفتنا إليه وقلنا له: إحكلنا ما سبب غيظك من هذا المزين فقال الشاب: يا جماعة إنه جرى لي مع هذاالمزين أمر عجيب في بغداد بلدي وكان هو سبب عرجي وكسر رجلي وحلفت أني مابقيت قاعداً في مكان ولا أسكن في بلد هو ساكن بها وقد سافرت من بغداد ورحلتمنها وسكنت في هذه المدينة وأنا الليلة لا أبيت إلا مسافر فقلنا: باللهعليك أن تحكي لنا حكايتك معه فاصفر لون المزين حين سألنا الشاب، ثم قالالشاب: اعلموا يا جماعة الخير أن والدي من أكابر تجار بغداد ولم يرزقها للهتعالى بولد غيري.
فلما كبرت وبلغت مبلغ الرجال توفي والدي إلى رحمة الله تعالى وخلف ليمالاًوخدماً وحشماً فصرت ألبس الملابس وآكل أحسن المآكل، وكان اللهسبحانهوتعالى بغضني في النساء إلى أن كنت ماشياً يوماً من الأيام في أزقةبغدادوإذا بجماعة تعرضوا لي في الطريق فهربت ودخلت زقاقاً لا ينفذوارتكنت فيآخره على مصطبة فلم أقعد غير ساعة وإذا بطاقة قبالة المكانالذي أنا فيهفتحت وطلت منها صبية كالبدر في تمامه لم أر في عمري مثلهاولها زرع تسقيهوذلك الزرع تحت الطاقة فالتفتت يميناً وشملاً ثم قفلتالطاقة وغابت عنعيني.
فانطلقت في قلبي النار واشتغل خاطري بهما وانقلب بغضي للنساء محبة فما زلتجالساً في المكان إلى المغرب وأنا غائب عن الدنيا من شدة الغرام وإذابقاضيالمدينة راكب وقدامه عبيد ووراءه خدم فنزل ودخل البيت الذي طلت منهتلكالصبية فعرفت أنه أبوها، ثم إني جئت منزلي وأنا مكروب ووقعت علىالفراشمهموماً فدخلن علي جواري وقعدن حولي ولم يعرفن ما بي وأنا لم أبدلهن أمراًولم أرد لخطابهن جواباً، وعظم مرضي فصارت الناس تعودني فدخلتعلي عجوزفلما رأتني لم يخف عليها حالي، فقعدت عند رأسي ولاطفتني وقالتلي: قل ليخبرك فحكيت لها حكايتي
http://www.alsumereon.com/up//upload...9704ac4ce0.jpg

جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:15 AM

^][®][ حكايات الف ليلة وليلة ][®][^]الليلة 33[®][^]

http://www.alsumereon.com/up//upload...5c5f228f33.jpg



قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنالشاب لما حكى للعجوز حكايته قالت له: ياولدي إن هذه بنت قاضي بغدادوعليها الحجر والموضع الذي رأيتها فيه هوطبقتها وأبوها له هالة في أسفلوهي وحدها وأنا كثيراً ما أدخل عندهم ولاتعرف وصالها إلا مني فشد حيلكفتجلدت وقويت نفسي حين سمعت حديثها وفرح أهليفي ذلك اليوم وأصبحت متماسكالأعضاء مرتجياً تمام الصحة، ثم مضت العجوزورجعت ووجهها متغيراً فقالت: يا ولدي لا تسأل عما جرى منها، لما قلت لهاذلك فإنها قالت لي: إن لمتسكتي يا عجوز النحس عن هذا الكلام لأفعلن بك ماتستحقينه ولا بد أن أرجعإليها ثاني مرة. فلما سمعت ذلك منها ازددت مرضاًعلى مرضي، فلما كان بعدأيام أتت العجوز وقالت: يا ولدي أريد منك البشارة.
فلما سمعت ذلك منها ردت روحي إلى جسمي وقلت لها: لك عندي كل خير فقالت: إنيذهبت بالأمس إلى تلك الصبية، فلما نظرتني وأنا منكسرة الخاطر باكية العينقالت: يا خالتي أراك ضيقة الصدر، فلما قالت لي ذلك بكيت وقلت لها: ياابنتيوسيدتي إني أتيتك بالأمس من عند فتى يهواك وهو مشرف على الموت منأجلكفقالت لي وقد رق قلبها: ومن يكون هذا الفتى الذي تذكرينه قلت: هوولديوثمرة فؤادي ورآك من الطاقة من أيام مضت وأنت تسقين زرعك ورأى وجهكفهام بكعشقاً وأنا أول مرة أعلمته بما جرى لي معك فزاد مرضه ولزم الوسادوما هوإلا ميت ولا محالة، فقالت وقد اصفر لونها: هل هذا كله من أجلي قلت: إيوالله فماذا تأمرين قالت: أمضي إليه وأقرئيه مني السلام وأخبريه أنعنديأضعاف ما عنده فإذا كان يوم الجمعة قبل الصلاة يجيء إلى الدار وأناأقولافتحوا له الباب وأطلعه عندي وأجتمع أنا وإياه ساعة ويرجع قبل مجيءوالديمن الصلاة.
فلما سمعت كلام العجوز زال ما كنت أجده من الألم واستراح قلبي ودفعت إليهاما كان علي من الثياب وانصرفت وقالت لي: طيب قلبك فقلت لها: لم يبق في شيءمن الألم وتباشر أهل بيتي وأصحابي بعافيتي، ولم أزل كذلك إلى يوم الجمعةوإذ بعجوز دخلت علي وسألتني عن حالي فأخبرتها أني بخير وعافية ثم لبستثيابي وتعطرت ومكثت أنظر الناس يذهبون إلى الصلاة حتى أمضي إليها فقالت ليالعجوز: إن معك الوقت اتساعاً زائداً فلو مضيت إلى الحمام وأزلت شعرك لاسيما من أثر المرض لكان في ذلك صلاحك، فقلت لها: إن هذا هو الرأي الصوابلكن أحلق رأسي أولاً، ثم أدخل الحمام فأرسلت إلى المزن ليحلق لي رأسي وقلتللغلام: امض إلى السوق وائتني بمزين يكون عاقلاً قليل الفضول لا يصدع رأسيبكثرة كلامه فمضى الغلام وأتى بهذا الشيخ فلما دخل سلم علي فرددت: عليكالسلام فقال: أذهب الله غمك وهمك والبؤس والأحزان عنك. فقلت له: تقبل اللهمنك، فقال: أبشر يا سيدي فقد جاءتك العافية أتريد تقصير شعرك أو إخراج دمفإنه ورد عن ابن عباس أنه قال: من قصر شعره يوم الجمعة صرف الله عنه سبعينداء وروي أيضاً أنه قال: من أحتجم يوم الجمعة، فإنه يأمن ذهاب البصروكثرةالمرض.فقلت له: دع عنك هذا الهذيان وقم في هذه الساعة احلق لي رأسي،فإني رجلضعيف فقام ومد يده وأخرج منديلاً وفتحه، وإذا فيه اصطرلاب وهوسبع صفائحفأخذه ومضى إلى وسط الدار ورفع رأسه إلى شعاع الشمس ونظر ملياًوقال لي: اعلم أنه مضى من يومنا هذا وهو يوم الجمعة، وطالعه بمقتضى ماأوجبهعلم الحساب المريخ سبع درج وستة دقائق واتفق أنه يدل على أن حلقالشعر جيدجداً، ودل عندي على أنك تريد الإقبال على شخص وهو مسعود لكنبعده كلام يقعوشيء لا أذكره لك فقلت له وقد أضجرتني وأزهقت روحي وفولتعلي، وأنا ماطلبتك إلا لتحلق رأسي ولا تطل علي الكلام فقال: والله لوعلمت حقيقة الأمرلطلبت مني زيادة البيان وأنا أشير عليك أنك تعمل اليومبالذي أمرك به،بمقتضى حساب الكواكب وكان سبيلك أن تحمد الله ولا تخافني،فإني ناصح لكوشفيق عليك وأود أن أكون في خدمتك سنة كاملة وتقوم بحقي ولاأريد منك أجرةعلى ذلك فلما سمعت ذلك منه قلت له: إنك قاتلي في هذا اليوم،ولا محالة




http://www.alsumereon.com/up//upload...9704ac4ce0.jpg

جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:16 AM

[^][®][ حكايات الف ليلة وليلة ][®][^]الليلة 34[®][^]

http://www.alsumereon.com/up//upload...5c5f228f33.jpg


قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب قالله: إنك قاتلي في هذا اليومفقال: يا سيدي أنا الذي تسميني الناس الصامتلقلة كلامي دون إخوتي لأن أخيالكبير اسمه البقبوق والثاني الهدار والثالثبقبق والرابع اسمه الكوزالأصوني والخامس اسمعها العشار والسادس اسمهشقالق والسابع اسمه الصامت وهوأنا فلما زاد علي هذا المزين بالكلام رأيتأن مرارتي انفطرت، وقلت للغلام: أعطه ربع دينار وخله ينصرف عني لوجه الله،فلا حاجة إلى حلاقة رأسي، فقالالمزين حين سمع كلامي مع الغلام: يامولاي، ما أظنك تعرف بمنزلتي فإن يديتقع رأس الملوك والأمراء والوزراءوالحكماء والفضلاء، وفي مثلي قال الشاعر: جميع الصنائع مثل العقودوهذاالمزين در السلـوك فيعلو على كل ذي حكـمةوتحت يديه رؤوس الملوك
فقلت: دع ما لا يعنيك فقد ضيقت صدري وأشلتخاطري فقال: أظنك مستعجلاً فقلتله: نعم فقال: تمهل على نفسك، فإن العجلةمن الشيطان وهي تورث الندامةوالحرمان وقد قال عليه الصلاة والسلام: خيرالأمور ما كان فيه تأن وأناوالله رأبني أمرك فأشتهي أن تعرفني ما الذيأنت مستعجل من أجله ولعله خيرفإني أخشى أن يكون شيئاً غير ذلك وقد بقي منالوقت ثلاث ساعات ثم غضب ورمىالموس من يده وأخذ الاصطرلاب ومضى إلىالشمس ووقف حصة مديدة وعاد وقال: قدبقي لوقت الصلاة ثلاث ساعات لا تزيدولا تنقص فقلت له: بالله عليك، اسكتعني فقد فتت كبدي فأخذ الموس وسنه كمافعل أولاً وحلق بعض رأسي وقال: أنامهموم من عجلتك فلو أطلعتني على سببهالكان خيراً لك لأنك تعلم أن والدك ماكان يفعل شيئاً إلا بمشورتي. فلماعلمت أن مالي منه خلاص قلت في نفسي قدجاء وقت الصلاة وأريد أن أمضي قبلأن تخرج الناس من الصلاة فإن تأخرت ساعةلا أدري أين السبيل إلى الدخولإليها فقلت: أوجز ودع عنك هذا الكلاموالفضول فإني أريد أن أمضي إلى دعوةعند أصحابي.
فلما سمع ذكر الدعوة قال: يومك يوم مبارك عليلقد كنت البارحة حلفت عليجماعة من أصدقائي ونسيت أن أجهز لهم شيئاًيأكلونه وفي هذه الساعة تذكرتذلك وافضيحتاه منهم فقلت له: لا تهتم بهذاالأمر بعد تعريفك أنني اليوم فيدعوة فكل ما في داري من طعام وشراب لك إنأنجزت أمري، وعجلت حلاقة رأسيفقال: جزاك الله خيراً صف لي ما عندكلأضيافي حتى أعرفه فقلت: عندي خمسةأوان من الطعام وعشر دجاجات محمراتوخروف مشوي فقال: أحضرها لي حتى أنظرهافأحضرت له جميع ذلك فلما عاينه،قال: بقي لله درك ما كرم نفسك لكن بقيالشراب فقلت له: عندي قال: أحضرهفأحضرته له، قال: لله درك ما أكرم نفسكلكن بقي البخور الطيب فأحضرت لهدرجاً فيه نداً وعوداً وعنبر ومسك يساويخمسين ديناراً وكان الوقت قد ضاقحتى صار مثل صدري فقلت له: خذ هذا واحلقلي جميع رأسي بحياة محمد فقالالمزين: والله ما آخذه حتى أرى جميع ما فيه.
فأمرت الغلام ففتح له الدرج فرمى المزينالصطرلاب من يده وجلس على الأرضيقلب الطيب والبخور والعود الذي في الدرجحتى كادت روحي أن تفارق جسمي ثمتقدم وأخذ الموسى وحلق من رأسه شيئاًيسيراً وقال: والله يا ولدي ما أدريكيف أشكرك وأشكر والدك لن دعوتي اليومكلها من بعض فضلك وإحسانك وليس عنديمن يستحق ذلك وإنما عندي زيتونالحمامي وصليع الفسخاني وعوكل الفوال وعكرشةالبقال، وحميد الزبال وعكارشاللبان، ولكل هؤلاء رقصة يرقصها فضحكت عن قلبمشحون بالغيظ وقلت له: أقضشغلي وأسير أنا في أمان الله تعالى وتمضي أنتإلى أصحابك فإنهم منتظرونقدومك، فقال: ما طلبت إلا أن أعاشك بهؤلاء القوامفإنهم من أولاد الناسالذين ما فيهم فضولي ولو رأيتهم مرة واحدة لتركتجميع أصحابك فقلت نعمالله سرورك بهم ولا بد أن أحضرهم عندي يوماً.



http://www.alsumereon.com/up//upload...9704ac4ce0.jpg

جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:19 AM

[^][®][ حكايات الف ليلة وليلة ][®][^]الليلة 35[®][^]

http://www.alsumereon.com/up//upload...5c5f228f33.jpg

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما قال للمزين لا بد أن أحضرأصحابك عند يوماً فقال له: إذا أردت ذلك وقدمت دعوى أصحابك في هذا اليومفاصبر حتى أمضي بهذا الإكرام الذي أكرمتني به وأدعه عند أصحابي يأكلونويشربون ولا ينتظرون، ثم أعود إليك وأمضي معك إلى أصدقائك فليس بيني وبينأصدقائي حشمة تمنعني عن تركهم والعود إليك عاجلاً، وأمضي معك أينما توجهتفقلت: لا حول ولا قوة غلا بالله العلي العظيم امضي أنت إلى أصدقائي وأكونمعهم في هذا اليوم فإنهم ينتظرون قدومي فقال المزين لأدعك تمضي وحدك، فقلتله: إن الموضع الذي أمضي إليه لا يقدر أحد أن يدخل فيه غيري، فقال: أظنكاليوم في ميعاد واحد وإلا كنت تأخذني معك وأنا أحق من جميع الناس وأساعدكعلى ما تريد فإني أخاف أن تدخل على امرأة أجنبية فتروح روحك فإن هذه مدينةبغداد لا يقدم أحد أن يعمل فيها شيئاً من هذه الأشياء لا سيما في مثل هذااليوم وهذا ولي بغداد صار عظيم فقل: ويلك يا شيخ الشر أي شيء هذا الكلامالذي تقابلني به.
فسكت سكوتا طويلاً وأدركنا وقت الصلاة وجاء وقت الخطبة وقد فرغ من حلقرأسي. فقلت له: أمضي إلى أصحابك بهذا الطعام والشراب وأنا أنتظرك حتى تمضيمعي. ولم أزل أخادعه لعله يمضي، فقال لي إنك تخادعني وتمضي وحدك وترمينفسكفي مصيبة لا خلاص لك منها، فبالله لا تبرح حتى أعود إليك وأمضي معكحتىأعلم ما يتم من أمرك، فقلت له: نعم لا تبطئ علي فأخذ ما عطيته منالطعاموالشراب وغيره وأخرج من عندي فسلمه إلى الحمال ليوصله إلى منزلهوأخفى نفسهفي بعض الأزقة ثم قمت من ساعتي وقد أعلنوا على المنارات بسلامالجمعةفلبست ثيابي وخرجت وحدي وأتيت إلى الزقاق ووقعت على البيت الذيرأيت فيهتلك الصبية وإذا بالمزين خلفي ولا أعلم به فوجدت الباب مفتوحاًفدخلت وإذابصاحب الدار عاد إلى منزله من الصلاة ودخل القاعة وغلق الباب،فقلت من أينأعلم هذا الشيطان بي? فاتفق في هذه الساعة، لأمر يريده اللهمن هتك ستري أنصاحب الدار أذنبت جارية عنده فضربها فصاحت فدخل عنده عبدليخلصها فضربهفصاح الآخر فاعتقد المزين أنه يضربني فصاح ومزق أثوابه وجثاالتراب علىرأسه وصار يصرخ ويستغيث والناس حوله وهو يقول قتل سيدي في بيتالقاضي ثممضى إلى داري وهو يصيح والناس خلفه وأعلم أهل بيتي وغلماني فمادريت إلاوهم قد أقبلوا يصيحون واسيداه كل هذا والمزين قدامهم وهو يمزقالثيابوالناس معهم ولم يزالوا يصرخون وهو في أوائلهم يصرخ وهم يقولواواقتيلاهوقد أقبلوا نحو الدار التي أنا فيها فلما سمع القاضي ذلك عظمعليه الأمروقام وفتح الباب فرأى جمعاً عظيماً فبهت وقال: يا قوم ما القصةفقال لهالغلمان إنك قتلت سيدنا، فقال يا قوم وما الذي فعله سيدكم حتى أقتله،
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:21 AM

[^][®][ حكايات الف ليلة وليلة ][®][^]الليلة 36[®][^]

http://www.alsumereon.com/up//upload...5c5f228f33.jpg

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن القاضي قال للغلمان: وما الذي فعله سيدكمحتى أقتله وما لي لا أرى هذا المزين بين أيديكم، فقال له المزين: أنتضربته في هذه الساعة بالمقارع وأنا أسمع صياحه، فقال القاضي، وما الذي فعلهحتى أقتله ومن أدخله داري ومن أين جاء وإلى أين يقصد، فقال له الزين لاتكن شيخاً نحساً فأنا أعلم الحكاية وسبب دخوله دارك وحقيقة الأمر كله وبنتكتعشقه وهو يعشقها، فعلمت أنه قد دخل دارك وأمرت غلمانك فضربوه والله مابيننا وبينك إلا الخليفة أو تخرج لنا سيدنا ليأخذه أهله ولا تحوجني إلى أنأدخل وأخرجه من عندكم وعجل أنت بإخراجه فالتجم القاضي عن الكلام وصار فيغاية الخجل من الناس وقال للمزين: إن كنت صادقاً، فادخل أنت وأخرجه فنهضالمزين ودخل الدار، فلما رأيت المزين أردت أن أهرب فلم أجد لي مهرباً غيرأني رأيت في الطبقة التي أنا فيها صندوقاً فدخلت فيه ورددت الغطاء عليهوقطعت النفس، فدخل بسرعة ولم يلتفت إلى غير الجهة التي أنا فيها بل قصدالموضع الذي أنا فيه والتفت يميناً وشمالاً فلم يجد إلا الصندوق الذي أنافيه فحمله على رأسه.
فلما رأيته فعل ذلك غاب رشدي ثم مر مسرعاً فلما علمت أنه ما يتركني فتحت الصندوق وخرجت منه بسرعة ورميت نفسي على الأرض فانكسرت رجلي، فلما توجهت إلى الباب وجدت خلقاً كثيراً لم أر في عمري مثل هذا الازدحام الذي حصل فيذلك اليوم فجعلت أنثر الذهب على الناس ليشتغلوا به فاشتغل الناس به وصرتأجري في أزقة بغداد وهذا المزين خلفي وأي مكان دخلت فيه يدخل خلفي وهو يقولأرادوا أن يفجعوني في سيدي الحمد لله الذي نصرني عليهم، وخلص سيدي منأيديهم فما زلت يا سيدي مولعاً بالعجلة لسوء تدبيرك حتى فعلت بنفسك هذهالأفعال فلولا من الله عليك بي ما كنت خلصت من هذه المصيبة التي وقعت فيهاوربما كانوا يرمونك في مصيبة لا تخلص منها أبداً فاطلب من الله أن أعيش لكحتى أخلصك، والله لقد أهلكتني بسوء تدبيرك وكنت تريد أن تروح وحدك، ولكنلانؤاخذك على جهلك لأنك قليل العقل عجول.فقلت له: أما كفاك ما جرى منكحتى تجري ورائي في الأسواق وصرت أتمنى الموتلأجل خلاصي منه فلا أجد موتاًينقذني منه، فمنشدة الغيظ، فررت ودخلتدكاناً في وسط السوق واستجرتبصاحبها فمنعه عني، وجلست في مخزن وقلت فينفسي ما بقيت أقدر أن أفترق منهذا المزين، بل يقيم عندي ليلاً ونهاراً ولميبق في قدرة على النظر إلىوجهه، فأرسلت في الوقت أحضر الشهود وكتبت وصيةلأهلي وجعلت ناظراً عليهموأمرته أن يبيع الدار والعقارات وأوصيته بالكباروالصغار، وخرجت مسافراًمن ذلك الوقت حتى أتخلص من ذلك القد ثم جئت إلى بلادكم فسكنتها ولي فيها مدة فلما عزمت علي وجئت إليكم رأيت هذا القبيح القواد عندكم في صدر المكان فكيف يستريح قلبي ويطيب مقامي عندكم مع هذا وقد فعل معي هذه الفعال وانكسرت رجلي بسببه ثم أن الشاب امتنع من الجلوس
فلما سمعنا حكايته مع المزين قلنا للمزين: أحق ما قاله هذا الشاب عنك فقالوالله أنا فعلت ذلك بمعرفتي ولولا أني فعلت لهلك وما سبب نجاته إلا أناومن فضل الله عليه بسببي أنه أصاب برجله ولم يصب بروحه ولو كنت كثير الكلامما فعلت معه ذلك الجميل وها أنا أقول لكم حديثاً جرى لي حتى تصدقوا أنيقليل الكلام وما عندي فضول من دون إخوتي وذلك أني كنت ببغداد في أيام خلافةأمير المؤمنين المنتصر بالله، وكان يحب الفقراء والمساكين ويجالس العلماءوالصالحين، فاتفق له يوماً أنه غضب على عشرة أشخاص فأمر المتولي ببغدادأنيأتيه بهم في زورق فنظرتهم أنا، فقلت: ما اجتمع هؤلاء إلا لعزومة وأظنهم يقطعون يومهم في هذا الزورق في أكل وشرب ولا يكون نديمهم غيري فقمت ونزلت معهم واختلطت بهم فقعدوا في الجانب الآخر فجاء لهم أعوان الوالي بالأغلال ووضعوها في رقابهم وضعوا في رقبتي غلال من جملتهم فهذا يا جماعةما هو منمروءتي وقلة كلامي لأني ما رضيت أن أتكلم فأخذونا جميعاً في الأغلال وقدمونا بين يدي المنتصر بالله أمير المؤمنين فأمر بضر رقاب العشرة فضرب السياف رقاب العشرة


http://www.alsumereon.com/up//upload...9704ac4ce0.jpg

جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:23 AM

[^]الليلة 37[®][^]

http://www.alsumereon.com/up//upload...5c5f228f33.jpg

قال: بلغني أيها الملك السعيد أن المزين قال: لماالسياف ضرب رقاب العشرةوبقيت أنا فالتفت الخليفة فرآني فقال للسياف: مابالك لا تضرب رقاب جميعالعشرة فقال: ضربت رقاب العشرة كلهم، فقال لهالخليفة: ما أظنك ضربت رقابغير تسعة وهذا الذي بين يدي هو العاشر فقالالسياف: وحق نعمتك أنهم عشرةقال: عدوهم فإذا هم عشرة فنظر إلي الخليفةوقال: ما حملك على سكوتك في هذاالوقت وكيف صرت مع أصحاب الدم فلما سمعتخطاب أمير المؤمنين قلت له: اعلميا أمير المؤمنين أني أنا الشيخ الصامتوعندي من الحكمة شيء أكثر وأمارزانة عقلي وجودة فهمي وقلة كلامي فإنها لانهاية لها وصنعتي الزيانة فلماكان أمس بكرة النهار، نظرت هؤلاء العشرةقاصدين الزورق فاختلت بهم ونزلتمعهم وظننت أنهم في عزومة فما كان غيرساعة وإذا هم أصحاب جرائم فحضرتإليهم الأعوان ووضعوا في رقابهم الأغلالووضعوا في رقبتي غلاً من جملتهم،فمن فرط مروءتي سكت ولم أتكلم بين يديكفأمرت بضرب رقاب العشرة وبقيت أنابين يدي السياف ولم أعرفكم بنفسي، أماهذه مروءة عظيمة وقد أحوجتني إلى أنأشاركهم في القتل لكن طول دهري هكذاأفعل الجميل.
فلما سمع الخليفة كلامي وعلم أني كثيرة المروءة قليل الكلام ما عندي فضولكما يزعم هذا الشاب الذي خلصته من الأهوال قال الخليفة: وأخوتك الستة مثلكفيهم الحكمة والعلم وقلة الكلام قلت: لا عاشوا ولا بقوا إن كانوا مثليولكن ذممتني يا أمير المؤمنين ولا ينبغي لك أن تقرن أخوتي بي لأنهم من كثرةكلامهم وقلة مروءتهم كل واحد منهم بعاهة ففيهم واحد أعرج وواحد أعور واحدأفكح وواحد أعمى وواحد مقطوع الأذنين والأنف وواحد مقطوع الشفتين وواحدأحول العينين، ولا تحسب يا أمير المؤمنين أني كثير الكلام ولا بد أن أبينلك أني أعظم مروءة منهم ولكل واحد منهم حكاية اتفقت له حتى صار فيه عاهة،وإن شئت أن أحكي لك فاعلم يا أمير المؤمنين أن الأول وهو الأعرج كان صنعتهالخياطة ببغداد، فكان يخيط في دكان استأجرهامن رجل كثير المال وكان ذلكالرجل ساكناً في الدكان وكان في أسفل دار الرجل طاحون، فبينما أخي الأعرججالس في الدكان ذات يوم إذ رفع رأسه فرأى امرأة كالبدر الطالع في روشنالدار وهي تنظر الناس فلما رآها أخي تعلق قلبه بحبها وصار يومه ذلك ينظرإلهيا وترك اشتغاله بالخياطة إلى وقت المساء، فلما كان وقت الصباح فتحدكانه وقعد يخيط وهو كلما غرز غرزة ينظر إلى الروشن فمكث على ذلك مدة لميخيط شيئاً يساوي درهماً، فاتفق أن صاحب الدار جاء إلى أخي يوماً من الأيامومعه قماش وقال له: فصل لي هذا وخيطه أقمصة فقال أخي: سمعاً وطاعة ولميزليفصل حتى فصل عشرين قميصاً إلى وقت العشاء وهو لم يذق طعاماً، ثم قالله: كم أجرة ذلك فلم يتكلم أخي فأشارت إليه الصبية بعينها أن لا يأخذ منهشيئاً وكان محتاجاً إلى الفلس واستمر ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب إلاالقليل بسبب اجتهاده في تلك الخياطة، فلما فرغ من الخياطة التي لهم أتىإليهم بالأقمصة وكانت الصبية قد عرفت زوجها بحال أخي وأخي لا يعلم ذلكواتفقت هي وزوجها على استعمال أخي في الخياطة بلا أجرة بل يضحكون عليه فلمافرغ أخي من جميع أشغالهما عملا عليه حيلة وزوجاه بجاريتهماوليلةأراد أنيدخل عليها قالا له: أبت الليلة في الطاحون وإلى الغد يكون خيراً،فاعتقدأخي أن لهما قصداً بريئاً فبات في الطاحون وحده وراح زوج الصبيةيغمزالطحان عليه ليدوره في الطاحون فدخل عليه الطحان في نصف الليل وجعليقول: أن هذا الثور بطال مع أن القمح كثير وأصحاب الطحين يطلبونه فأناأعلقه فيالطاحون حتى يخلص طحين القمح، فعلقه في الطاحون إلى قرب الصبح.
فجاء صاحب الدار، فرأى أخي معلقاً في الطاحون والطحان يضربه بالسوط فتركهومضى وبعد ذلك جاءت الجارية التي عقد عليها وكان مجيئها في بكرة النهارفحلته من الطاحون وقال قد شق علي أو على سيدتي ما جرى لك وقد حملنا همك فلميكن له لسان يرد جواباً من شدة الضرب، ثم أن أخي رجع إلى منزله وإذابالشيخ الذي كتب الكتاب قد جاء وسلم عليه وقال له: حياك الله زواجك مباركأنت بت الليلة في النعيم والدلال والعناق من العشاء إلى الصباح فقال له أخيلا سلم الله الكاذب يا ألف قواد،والله ما جئت إلا لأطحن في موضع الثورإلىالصباح فقال له: حدثني بحديثك فحدثه أخي بما وقع له فقال له: ما وافقنجمكنجمها ولكن إذا شئت أن أغير لك عقد العقد أغيره لك بأحسن منه لأجل أنيوافق نجمك نجمها فقال له: انظر إن بقي لك حيلة أخرى.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


http://www.alsumereon.com/up//upload...9704ac4ce0.jpg

جمال جرار 24 - 11 - 2011 12:24 AM


وفي الليلة الثامنة والثلاثين
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الأعرج لما قال للشيخ انظر إن بقي لك حيلة أخرى فتركه وأتى إلى دكانه ينتظر أحداً يأتي إليه بشغل يتقوت من أجرته وإذا هو بالجارية قد أتت إليه وكانت اتفقت مع سيدتها على تلك الحيلة فقال له: إن سيدتي مشتاقة إليك وقد طلعت السطح لترى وجهك من الروشن فلم يشعر أخي إلا وهي قد طلعت له من الروشن وصارت تبكي وتقول: لأي شيء قطعت المعاملة بيننا وبينك فلم يرد عليها جواباً فحلفت له أن جميع ما وقع له في الطاحون لم يكن باختيارها فلما نظر أخي إلى حسنها وجمالها ذهب عنه ما حصل له وقبل عذرها وفرح برؤيتها، ثم سلم عليها وتحدث معها وجلس في خياطتها مدة وبعد ذلك ذهبت إليه الجارية وقالت له: تسلم عليك سيدتي وتقول لك: إن زوجها قد عزم على أن يبيت عند بعض أصدقائه في هذه الليلة، فإذا مضى عندهم تكون أنت عندنا وتبيت مع سيدتي في ألذ عيش إلى الصباح وكان زوجها قد قال لها ما يكون العمل في مجيئه عندك حتى آخذه وأجره إلى الوالي فقالت: دعني أحتال عليه بحيلة وأفضحه فضيحة يشتهر بها في هذه المدينة وأخي لا يعلم شيئاً من كيد النساء. فلما اقبل المساء جاءت الجارية إلى أخي وأخذته ورجعت به إلى سيدتها فقالت له: والله يا سيدي إني مشتاقة إليك كثيراً فقال: بالله عليك عجل بقبلة قبل كل شيء فلم يتم كلامه إلا وقد حضر زوج الصبية من بيت جاره فقبض على أخي وقال له: لا أفارقك إلا عند صاحب الشرطة فتضرع إليه أخي فلم يسمعه بل حمله إلى دار الوالي فضربه بالسياط وأركبه جملاً ودوره في شوارع المدينة والناس ينادون عليه هذا جزاء من يهيم على حرائم الناس ووقع من فوق الجمل فانكسرت رجله فصار أعرج ثم نفاه الوالي من المدينة فخرج لا يدري أين يقصد فاغتظت أنا فلحقته وأتيت به والتزمت بأكله وشربه إلى الآن فضحك الخليفة من كلامي وقال: أحسنت فقلت: لا أقبل هذا التعظيم منك دون أن تصغي غلي حتى أحكي لك ما وقع لبقية أخوتي ولا تحسب أني كثير الكلام فقال الخليفة: حدثني بما وقع لجميع أخوتك وشنف مسامعي بهذه الرقائق واسلك سبيل الأطناب في ذكر هذه اللطائف. فقلت: اعلم يا أمير المؤمنين أن أخي الثاني كان اسمه بقبق وقد وقع له أنه كان ماشياً يوماً من الأيام متوجهاً إلى حاجة له وإذا بعجوز قد استقبلته وقال له: أيها الرجل قف قليلاً حتى أعرض عليك أمراً فإن أعجبك فاقضه لي فوقف أخي فقال له: أدلك على شيء وأرشدك إليه بشرط أن لا يكون كلامك كثيراً فقال لها أخي: هات كلامك قالت: ما قولك في دار حسنة وماؤها يجري وفاكهة مدام ووجه مليح تشاهده وخد أسيل تقبله وقد رشيق تعانقه ولم تزل كذلك من العشاء إلى الصباح، فإن فعلت ما أشترط عليك رأيت الخير فلما سمع أخي كلامها قال لها: يا سيدتي وكيف قصدتيني بهذا الأمر من دون الخلق أجمعين فأي شيء أعجبك مني؟ فقال لأخي: أما قلت لك لا تكن كثير الكلام واسكت وامض معي ثم ولت العجوز وسار أخي تابعاً لها طمعاً فيما وصفته له حتى دخلا داراً فسيحة وصعدت به من أدنى إلى أعلى فرأى قصراً ظريفاً فنظر أخي فرأى فيه أربع بنات ما رأى الراؤون أحسن منهن وهن يغنين بأصوات تطرب الحجر الأصم، ثم إن بنتاً منهن شربت قدحاً فقال لها أخي: بالصحة والعافية وقام ليخدمها فمنعته من الخدمة ثم سقته قدحاً وصفعته على رقبته.

فلما رأى أخي ذلك خرج مغضباً ومكثراً الكلام فتبعته العجوز وجعلت تغمزه بعينها ارجع فرجع وجلس ولم ينطق فأعادت الصفعة على قفاه إلى أن أغمي عليه ثم قام أخي لقضاء حاجته فلحقته العجوز وقال له: اصبر عليلاً حتى تبلغ ما تريد فقال لها أخي: إلى كم أصبر قليلاً؟ فقالت العجوز إذا سكرت بلغت مرادك فرجع أخي إلى مكانه فقامت البنات كلهن وأمرتهن العجوز أن يجردنه من ثيابه وأن يرششن على وجهه ماء ورد، ففعلن ذلك فقالت الصبية البارعة الجمال منهن: أعزك الله قد دخلت منزلي فإن صبرت على شرطي بلغت مرادك فقال لها أخي: يا سيدتي أنا عبدك وفي قبضة يدك، فقالت له: اعلم أن الله قد شغفني بحب المطرب فمن أطاعني نال ما يريد، ثم أمرت الجواري أن يغنين فغنين حتى طرب المجلس، ثم قالت الجارية: خذي سيدك واقض حاجته وائتيني به في الحال، فأخذت الجارية أخي ولا يدري ما تصنع به فلحقته العجوز وقالت له: اصبر ما بقي إلا القليل، فأقبل أخي على الصبية والعجوز تقول: اصبر فقد بلغت ما تريد وإنما بقي شيء واحد وهو أن تحلق ذقنك. فقال لها أخي: وكيف أعمل في فضيحتي بين الناس؟ فقالت له العجوز إنها ما أرادت أن تفعل بك ذلك إلا لأجل أن تصير أمرد بلا ذقن ولا يبقى في وجهك شيء يشكها فإنها صار في قلبها لك محبة عظيمة فاصبر فقد بلغت المنى فصبر أخي وطاوع الجارية وحلق ذقنه وجاءت به إلى الصبية وإذا هو محلوق الحاجبين والشاربين والذقن فقام ورقص فلم تدع في البيت مخدة حتى ضربته بها وكذلك جميع الجواري صرن يضربنه بمثل نارنجة وليمونة وأترجة إلى أن سقط مغشياً عليه من الضرب ولم يزل الصفع على قفاه والرجم في وجهه إلى أن قالت له العجوز: الآن بلغت مرادك واعلم أنه ما بقي عليك من الضرب شيء وما بقي إلا شيء واحد وذلك أن من عادتها أنها إذا سكرت لا تمكن أحداً من نفسها حتى تقلع ثيابها وسراويلها وتبقى عريانة من جميع ما عليها من ثيابها وأنت الآخر تقلع ثيابك وتجري ورائها وهي تجري قدامك كأنها هاربة منك، ولم تزل تابعها من مكان إلى مكان حتى يقوم عضوك فتمكنك من نفسها، ثم قالت له: قم اقلع ثيابك فقال وهو غائب عن الوجود وقلع ثيابه جميعاً،

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


الساعة الآن 07:42 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى