منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القسم الإسلامي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=21)
-   -   الوحي والايحاء (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=14224)

أبو جمال 24 - 2 - 2011 05:58 PM

الوحي والايحاء
 
الوحي والايحاء وألأطار ألفكري للإنسان


أعتمدَتْ ألأديان السماوية وألأديان والمعتقدات ألأخرى لترسيخ أفكارها ومعتقداتها على ألايحاء، فألأذان وألصلاة المتكررين لخمس مرّات في اليوم وألذِكْر وألصوم وألحج من وسائل تثبيت العقائد والافكار في عقول ألبشر، إنَّ ألايحاء ُيحدِث تأثيره بواسطة ألبشر ايضا، فألانسان يستطيع نقل أو ترسيخ أفكاره في عقول ألاخرين بألكلام ألمباشر أو ألكتابة، وحسب المعتقدات ألاسلامية فإنَّ ألشياطين وألجِن لها قابلية ألتأثير على عقول ألنّاس فيسمّى ألايحاء حينئذ بألوسوسة (( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ* مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ* الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ* ))..... سورة ألنّاس، ونفهم مِنْ هذه السورة أنَّ ألوسوسة يُمكِن أنْ تَحدُث بواسطة ألإنسان أيضا وهنا يكون العامل الحاسم في تحديد ذلك هو نيَّة ألموسْوِس، فإذا كانت نيّته شريرة فعندئذ تسمّى بألوسوسة.
أمّا ألوحي فهو ألاتصال بين ألله (جلّ جلاله) وألأنبياء بطريقة مباشرة كتكلُّم ألله (جلّ جلاله) مع النبي موسى(ع) أو عن طريق وسيط كإنزال الوحي على ألنّبي محّمد(ص) بواسطة ألمَلَك جبريل(ع). في أسباب نزول ألآيات(( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ* مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ* ))....ألآيات 97 و 98 مِنْ سورة البقرة، ذَكَرَ بعض المُفسِّرين بأنَّ هذه ألآيات نزلَتْ ردّاً على ألْيَهُودِ الَّذِينَ قَالُوا : إنَّ جِبْرِيل عَدُوّنَا مِنْ الْمَلَائِكَة , وَمِيكَائِيلَ وَلِيّنَا مِنْهُمْ، وفي تفسيره ( في ظلال ألقرآن) يذكُر سيّد قطب في تفسير هذه ألآيات ما يلي:
"وفي قصة هذا التحدي نطلّع على سمة أخرى من سمات يهود . سمة عجيبة حقا . . لقد بلغ هؤلاء القوم مِن الحنق والغيظ مِنْ أنْ يُنزّل الله من فضله على من يشاء من عباده مبلغا يتجاوز كل حد , وقادهم هذا إلى تناقض لا يستقيم في عقل . . لقد سمعوا أنَّ جبريل يَنزِل بالوحي مِنْ عند الله على محمّد [ ص ] ولمَّا كان عداؤهم لمحمّد قد بلغ مرتبة الحقد والحُنق فقد لجَّ بهم الضغن أنْ يخترعوا قصَّة واهية وحجَّة فارغة , فيزعموا أنَّ جبريل عدوهم , لأنَّه يَنزِل بالهلاك والدمار والعذاب ; وأنَّ هذا هو الّذي يمنعهم مِنْ الإيمان بمحمّد من جراء صاحبه جبريل ! ولو كان الّذي يَنزِل إليه بالوحي هو ميكائيل لآمنوا , فميكائيل يتنزَّل بالرخاء والمطر والخصب !
إنّها الحماقة المضحكة , ولكن الغيظ والحقد يسوقان إلى كلِّ حماقة . وإلّا فما بالهم يعادون جبريل ? وجبريل لم يكن بشرا يعمل معهم أو ضدهم , ولم يكن يعمل بتصميم مِن عنده وتدبير ? إنَّما هو عبد الله يفعل ما يأمره ولا يعصى الله ما أمره !
(قل:من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله). .
فما كان له مِنْ هوى شخصي , ولا إرادة ذاتية , في أنْ ينزله على قلبك , إنَّما هو مُنفِّذ لإرادة الله وإذنه في تنزيل هذا القرآن على قلبك . . والقلب هو موضع التلقي , وهو الّذي يفقه بعدَ التلّقي , ويستقر هذا الكتاب فيه ويُحفَظ . . والقلب يُعبَّر به في القرآن عن قوَّة الإدراك جملة وليس هو هذه العضلة المعروفة بطبيعة الحال ."....أنتهى.

إنَّ وحي ألله (جلّ جلاله) غير مقتصر على ألإنسان فقط، فألله (جلّ جلاله) أوحى إلى ألحشرات أيضا ((وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ*)).....سورة ألنحل ألآية 68. يقول أبن كثير في تفسير هذه ألآية: "مُرَاد بِالْوَحْيِ هُنَا الْإِلْهَام وَالْهِدَايَة وَالْإِرْشَاد لِلنَّحْلِ أَنْ تَتَّخِذ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا تَأْوِي إِلَيْهَا وَمِنْ الشَّجَر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ هِيَ مُحْكَمَة فِي غَايَة الْإِتْقَان فِي تَسْدِيسهَا وَرَصّهَا بِحَيْثُ لَا يَكُون فِي بَيْتهَا خَلَل" .... أنتهى.
إنَّ ألوحي للنحل في هذه ألآية يٌقصَد بها: أنَّ ألله (جلّ جلاله) أودع في فطرة هذه ألحشرة كيفية أتّخاذ الجبال والشجر ومما يبني ألانسان من العروش سكنا لها، وبعبارة أخرى أودع في كروموسومات النحل هذه المعلومات ألّتي تتصرّف ألنحل بهديها. كما أنَّ ألله (جلّ جلاله) يوحي الى الجماد أيضا(( أِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا* وَأَخْرَجَتِ الْأَرْض أَثْقَالَهَا* وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا* يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * ))..... ألآيات من 1 إلى 5 مِنْ سورة ألزلزلة. أي أطاعت ألارض ربّها وتحدّثت عن أخبارها ووصفت حالها وما جرى لها.
عند ذكر الملائكة يتبادر إلى ألذهن سؤال مُلِّح وهو: نحن نعلم أنَّ ألله (جلّ جلاله) قادر على كلِّ شيء وإذا أراد لشيءٍ أنْ يكون فيقول له كُنْ فسيكون، لذا هل يحتاج ألله (جلّ جلاله) لكي يَغرُس ألآيات القرآنية في قلب محمَّد ( ص ) إلى ساعي للبريد (جبريل) ؟ إنَّ ألله سبحانه وتعالى قادر على أنْ يوحي ما يشاء إلى ألأنبياء مباشرة، فما ألحكمة إذَنْ مِنْ أستخدام ألملائكة كحلقة للوصل؟
إنَّ ألقرآن نزل في مرحلة معينّة من تطوّر العقل ألانساني وتطوُّرْ العلوم، لذا فمن المنطقِ أنْ يُخاطِب تلك العقول بكلمات وأسماء وجُمَل يستطيعون منْ إستيعابها وفهمها، وقد تكون الملائكة وأسمائها رموز لوسائل اخرى تُستخدَم للاتصال مع ألله (جلّ جلاله) كالموجات الكهربائية، نحن نعلم اليوم وبفضل تقدّم ابحاث ألباراسيكولوجي أنَّ دماغ ألأنسان يبّث ويتلّقى موجات كهربائية ويستطيع بعض ألاشخاص الموهوبين في هذا المجال مِنْ ألأتصال عن بُعدٍ ( ألتليباثي ) مع عقول اشخاص اخرين وأكبر دليل على ذلك عملية التنويم المغناطيسي. وهنا نوّد انْ نطرح تساؤلا:
كيف يتم ألأتصال مع الخالق اثناء دُعاء ألأنسان؟ هل أنَّ الملائكة هم الّذين ينقلون الدعاء، أم أنَّ دماغ او روح الانسان يُرسل الدعاء كموجات كهربائية؟ نأمل أنْ يكشف التقدّم في العلوم هذه الامور وما خفي على الانسان اكثر منْ هذا بكثير.
رُبَّ سائل يتسائل ما الحاجة لإرسال ألأنبياء إذا كان ألله (جلّ جلاله) في كلِّ مكان((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ )).... سورة ألنحل ألآية 40 ،وهو قادر على كلِّ شيء(( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ))... سورة ق ألآية 16، أي أنَّه يستطيع انْ يمسح مِنْ نفوسنا جميع الشكوك والعصيان والكفر ويغرز فيها ألايمان والطاعة كما نمسح حافظة الحاسبة ألألكترونية بعملية الفورمات ( format ) عندما تُصاب بالفيروسات ألألكترونية ؟
للأجابة على هذا ألتساؤل لنفترض أنَّ ألله (جلّ جلاله) خَلَقَ ألنّاس جميعا مؤمنين ومتساوين في مستواهم العقلي، ففي هذه ألحالة سيتحوّل جميع ألجنس ألبشري إلى مخلوق مُماثل للملائكة، وينتهي ألتنازع فيما بينهم وبهذا يبطل الغاية مِنْ استخلاف ألبشر على ألأرض.
أمّا ألتساؤل ألأهم ألّذي يلي ألتساؤل ألسابق فهو: لِمَ خلق ألله ألأنسان؟ وألجواب ألوحيد نجده في ألقرآن ألكريم في سورة ألذاريات ألآيات 55 و 56 و57 (( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ* وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ*مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ* )). ولكن ألتساؤال ألسابق وجوابه يُحيلنا إلى تساؤل آخر وهو: هل يحتاج ألله (جلّ جلاله) إلى عبادتنا له؟ ألجواب طبعا لا، إذنْ لِمَ خَلَقَنا ألله (جلّ جلاله)؟ إنَّ عقلي ألمحدود لَمْ يتوصّل إلى جواب لهذا ألتساؤل ألخطير ولا أملك غير أنْ أقول ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ))...سورة ألإسراء، ألآية 85 .

إنَّ ألايحاء يُكوِّن إطارا فكريا للإنسان وبالتالي للمجتمع ولا يُمكن الفكاك من هذا الاطار بسهولة. أطلّعت في مرحلة الشباب على كتب عديدة مناقضة للافكار الدينية كنظرية ألتطوّر وألأرتقاء للعالم تشارلس دارون وألكتب ألفكرية للعالم ألنفساني سيجموند فرويد( موسى والتوحيد و المستقبل وهمٌ) ولكوني متدينا في تلك الفترة نشأ صراع دامي في عقلي وحاول عقلي ألتخلّص مِنْ ألمعتقدات ألدينية ألّتي ترسّخت فيه نتيجة عيشي في بيئة إسلامية منذ الطفولة وتراكم ايحاءاتها في عقلي ولكنَّ هذا ألأمر لَمْ يَكُنْ سهلا ألبتّة.
صديق لي لَمْ يَكُنْ يؤمن بألأديان، قال وهو يحاورني: أتدري لو أصبحَ موضوع يوم ألقيامة وجهنم حقيقة فإننا سنكون في خبر كانَ، لقد قصدَ بعبارته تلك بأننا سنُعذّب في جهنم عذابا شديدا، مُحدثي قال هذه ألعبارة وهو يضحك، ولكن في قرارة نفسه كان يشعر بالخوف من المستقبل نتيجة لترسّب الافكار الدينية في عقله الباطن منذ طفولته.
الدكتور علي ألوردي في مؤلفه خوارق اللاشعور وفي فصل الاطار الفكري كتب ما يلي:
" إنَّ الانسان اعتاد أنْ ينظر إلى ألكون مِنْ خلال إطار فكري يُحدد مجال نظره، وأنَّه يستغرب أويُنكِر أيَّ شيء لا يراه مِنْ خلال ذلك ألإطار. فألإنسان بهذا ألمعنى يشابه ألحصان ألّذي يجر ألعربات، حيث قد وضع على عينيه إطارا لكي يتوجه ببصره إلى ألأمام فلا يرتبك أو يتطوّح في سيره، وليس هناك فرق اساسي بين المتعلمين وغير المتعلمين في هذا الخصوص، فالفرق( إنْ وجِدَ ) إنّما هو فرقٌ بالدرجة لا بالنوع.
وهنا ينبغي ان نُميِّز بين المتعلِّم والمثقّف، فالمتعلِّم هو من تعلَّم امورا لم تخرج عن الاطار الفكري الّذي اعتاد عليه منذ صغره. فهو لم يزدد من العلم إلّا مازاد تعصّبه وضيّقَ من مجال نظره، هو قد آمنَ برأي من الاراء او مذهب من المذاهب فأخذ يسعى وراء معلومات الّتي تؤيده في رأيه وتحرّضه على الكفاح في سبيله.
أمّا المثقّف فهو يمتاز بمرونة رأيه وبأستعداده لتلّقي كلّ فكرة جديدة وللتأمّل فيها ولتملّي وجه الصواب منها".....أنتهى.
إنَّ ألاطار الفكري للإنسان يتغيّر بتغيّر بيئته ألأجتماعية ونتيجة اطّلاعه على مُعتقدات وثقافات وعلوم وحضارات المجتمعات ألأخرى، وهذا التغيّر يختلف في درجته بين المثقّف والمتعلّم والجاهل فالمثقّف يتأثر أكثر مِنْ المتعلِم والجاهل.
مِنْ محاسن أغتراب ألعراقيين وخاصّة ألمثقفين مِنهم في البلاد ألغربية،(نتيجة للظلم وضيق المعيشة وألتهميش ألّذي عانوا مِنه خلال ألأحقاب الماضية والحقبة الحالية )، تغيُّر اطاراتهم الفكرية نتيجة إطلّاعهم على ثقافات وحضارات ألأمم ألأخرى ألّتي تشاركنا في أستخلاف ألأرض.


أرب جمـال 24 - 2 - 2011 10:11 PM

بارك الله فيك ابو جمال على هذا الطرح الذي افادني وبين لي بعض ما كنت أجهل او لأقل غير متأكدة منه

جزاك الله كل خير وبارك بك

الغريب 24 - 2 - 2011 10:12 PM

بارك الله بك ابو جمال وجعله في موازين حسناتك

B-happy 24 - 2 - 2011 10:13 PM

(( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ* وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ*مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ* ))

جزاك الله خيرا ابو جمال

ملك القلوب 24 - 2 - 2011 10:16 PM

موضوع رائع وجميل
نريد المزيد من هذه الابحاث الجميلة
جزاك الله كل الخير اخي الكريم ابو جمال

أبو جمال 26 - 2 - 2011 07:06 PM

شكرا لكم مروركم العذب والعطر

قبلة الخليج 26 - 2 - 2011 08:05 PM




وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك




شكرا على الإفادة والطرح







الساعة الآن 12:00 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى