منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   قصص بأقلام الأعضاء (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=6)
-   -   قصة قصيرة: الجرح الأخير بقلم:رشيد شرشاف (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=35843)

rachid charchaf 14 - 9 - 2015 09:11 PM

قصة قصيرة: الجرح الأخير بقلم:رشيد شرشاف
 
قصة قصيرة: الجرح الأخير بقلم:رشيد شرشاف

الضجيج و الزحام و رائحة العرق تعم مقصورة القطار .ثرثرة المسافرين و بكاء الأطفال و طقطقة العجلات المتناغمة تخترق أذناه.
جلس شاردا و يديه ممدودتان أمامه.زوجته آمال ذات الوجه السمح الطيب الممسكة بين يديها روشتات الطبيب تراقبه بصمت .تقترب منه وتهمس في أذنه:
ـ هل أنت بخير يا كاظم؟
ينظر إليها بشرود و يومئ برأسه بتثاقل بعلامة الإيجاب .وجهه شاحب كورقة شجرة في فصل الخريف و حزن جارف يجري بعروقه.لم يشأ أن يظهر لها ضعفه و قلة حيلته .لم يشعر يوما بالإحتقار لنفسه كمثل هذا اليوم .
تذكر زوجته نرجس رفيقة حياته و أم أولاده .تذكر مشاجراته معها .تذكر عصبيته الزائدة كل صباح و إستغراقه في النوم بشكل غير طبيعي ،لكنه لم يفهم أبدا سرّ نظرات الإستهزاء التي تعلو محياها مرة بعد مرة و لا سرّ البريق الخفي الذي يشع من عينيها كل صباح .حياته معها كانت أشبه بالجحيم لذا كان ينتظر الفرصة التي يكبر فيها الأبناء و يستقلون بأنفسهم كالطيور الصغيرة حين تفارق أعشاشها وتنشر جناحيها في الأعالي لتجوب العالم الفسيح ،حينها يتزوج من تقدره و تهتم به و تحن عليه.
نظر بإشفاق إلى زوجته آمال و دس راحته بين كفيها ليشعر بالأمان .إبتسمت مطمئنة إياه.خفض القطار سرعته أثناء ولُوجِه كهفا مظلما فعمّ السكون. إغرورقت عينا كاظم و إرتعشت أصابعه عند تذكره أقوال الطبيب وهو يخبره بكل بساطة أنه وُلد عقيما ولا يمكن له أن ينجب أبدا.أخبره كاظم أن تشخيصه خاطئ فهو قد سبق له الإنجاب لكن الطبيب أصر على موقفه .ودعه ورأسه مطأطأ نحو الأرض فزار الطبيب الثاني والثالث و الرابع لكنهم إتفقوا على نفس الرأي.
تذكر نظرات نرجس المتفحصة و الآلام المزمنة التي كانت تعتري رأسه كل صباح.أقراص المنوم المكدسة بصيدلية المنزل التي ليست لها معنى.أشياء مريبة كانت تحدث من وراء ظهره وهو لسذاجته لم يشعر بأي شيء مريب.
نزلت دمعة حارة على خده فبدأ يبكي بصوت مكتوم:
ـ إهئ..إهئ..إهئ
إنتبهت آمال لنحيبه فضمته إلى صدرها بحنان و هي تهمس في أذنه:
ـ إستهدي بالله يا كاظم ،وربّ الكعبة لأكوننّ لك خير زوجة وخير معين.
إزداد نحيبه و إرتعش جسده بين ذراعيها ثم إستكان.
غادر القطار الكهف المظلم و عم النور مقصورة القطار.جسد كاظم فارق الحياة و دمعتان حارتان تودعانه إلى الأبد..

rachid charchaf 14 - 9 - 2015 09:20 PM

رد: قصة قصيرة: الجرح الأخير بقلم:رشيد شرشاف
 
مساندة مني لمنتدانا المنى والأرب هاأنذا أنشر هذه القصة القصيرة رغم مضايقات المشعوذ الكبير الذي يسمي نفسه معالجا روحانيا و يخترق جميع الصفحات بخرافاته الحقيرة
دمتم بخير والسلام على من إتبع الهدى


الساعة الآن 03:17 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى