منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   النقد الأدبي والفني (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=107)
-   -   قراءة في رواية "جسد وجسد" لـلكاتب عبد الباقي يوسف (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=16001)

المفتش كرمبو 16 - 5 - 2011 06:14 PM

قراءة في رواية "جسد وجسد" لـلكاتب عبد الباقي يوسف
 
عوض سعود العوض

http://www.adabfan.com/thumbnail.php...article_medium



تتضمن رواية "جسد وجسد" حكايتين، الأولى روتها الغجرية سماح، بطلها "قطب" الرجل القادم من المدينة، والذي تربى تربية دينية، وملخصها أن غجرية تقرع بابه، تدخل وتغسل ملابسه لقاء أجر محدد، تصير تأتيه كل يوم جمعة لهذا الغرض، يعجب بها، تتعمق العلاقة، فتمنحه جسدها، وتلد طفلاً نتيجة هذا اللقاء، إلا أن هذا الطفل يتوفى وعمره لا يتجاوز العامين.‏

أما الحكاية الثانية فقد رواها فؤاد، الذي يريد أن يكتبها للذكرى، هدفه أن يسمع قطب حكايته مع السيدة كلوديا، ولقاءه معها في عيادة طبيب الأسنان، ثم في بيتها وبيته، يمارسان الجنس، إلا أن شخصاً ما ينغص عليهما لذة لقاءاتهما، يهددهما باحتفاظه بمكالماتهما المسجلة على كاسيت، يحاول ابتزازها مادياً، ينجح، إلا أنه يكتشف خوفها عندما تعلم أن له زوجة وأولاده ينتظرونه، ترمي كأس الشراب المسموم من يده، تعيد له هذه الحادثة شيئاً من صوابه وأخلاقياته، فيذهب إلى بيت فؤاد "يقدم له التسجيلات وكيس النقود".‏

إذا كانت الحكاية الثانية أتت على جسد الرواية ، إلا أن ما يجمعها بالحكاية الأولى، هولغة الجسد والتنظير إلى إباحته، والتضحية بالحب، الذي يحجمه ويحوله إلى ممارسة جسدية.‏
تطرح الحكاية الأولى موضوع الحرية على حساب الأخلاق والقيم، فالكاتب يمجد حرية الغجر ويقدسها، ويتمنى بطل الرواية ( قطب ) لو يفعل ما يفعلونه، أن يعيش حياتهم البسيطة، والسبب في ذلك إضافة إلى عشقه للغجرية، وجود خلل في حياته، فالفتاة التي أراد خطوبتها، رفض والده ذلك، فذهب معه عمه، لكن بعد سنة من العلاقة والاتفاق على الزواج تمرض وخلال شهر واحد تودع الحياة، تاركة قطب مع الذكريات. فعاش حياة منعزلة: "شكراً لك أيها الرب على هذه الحياة المنعزلة الجميلة التي أعيشها"، صفحة 37، إلا أن الغجرية تعيد له الابتسامة، وهاهو يتحدث عن ماضيه في الصفحات من /85-89/ تدخل الغجرية حياته يخاطبها ولكن لا امرأة في الكون تصلح أن تكون زوجة لي أكثر منكِ، لا امرأة أحق منك" صفحة 102 ويتابع في الصفحة التي تليها: "سماح، وأنا لا أنظر إليك إلا كزوجة، أنت زوجتي على سنة المضطهدين والمقموعين". صفحة 103 فيتحول حبه لها في الثلث الأخير من الرواية إلى لقاءات جسدية، يعد فيها الكاتب عدد مرات الجنس التي يمارسها قطب مع الغجرية .‏
الرواية مشوقة ، لوجود أوصاف جنسية وجسدية بعينها، ولأنه لا يتوانى في وصف الجسد العاري، وكذلك وصف العملية الجنسية .
تقول سماح: "الجنس هو أرقى أشكال الحب، دعني في لحظاتي السرية هذه، جنسنا هو الذي يبني حبنا، حبنا سيذبل بلا جنس سيموت، الجنس هو الذي يمده بنطاف الحياة"، صفحة 93.‏
في الرواية تنظير، فهذه الغجرية تفلسف رؤيتها للخيانة في قولها: "ماهو العهر، إنه حالة لا مسؤولية تجاه الفراش الزوجي أولاً، وتجاه الجسد ثانياً، وهذه اللا مسؤولية تجاه الفراش الزوجي تدفع المرأة إلى اللا مسؤولية تجاه جسدها، لأنها تشعر بأنه إحدى خصوصيات أو عورات هذا الفراش الزوجي"، صفحة 91، ثم تلخص حكمها بقولها: "لا توجد امرأة تعهر من لقاء نفسها، كل عاهرة دفعها رجل إلى العهر، المرأة التي لا تحترم زوجها تخونه مع أقرب رجل إليه لتعبر بذلك عن عدم احترامها له أمام نفسها، أو لأقل لتهينه في نفسها.". صفحة 91.‏

في الرواية إطلالة جميلة على عادات وتقاليد الغجر، نلاحظ ذلك في غير مكان وخاصة في الصفحتين 104/ و 105/: "عند الزواج يمزج الفتى دمه بدم عروسته عندما يجرح كل منهما معصمه ويلصقها بالآخر، وعندما يصنع الغجري طعاماً شهياً، فإنه يقف أمام خيمته وينادي بأعلى صوته: يا غجر أقدموا للطعام، والذي يعتذر يجيب بأعلى صوته: ليأكل الله معك...".‏
هذا عن الحكاية الأولى، أما الثانية الملخصة بالخيانة لإشباع رغبة الجسد، فتؤكد ما ذهب إليه الروائي في تحليلات وتفسيرات وتنظيرات للجنس، الرواية تفلسف وتمنح الجنس مرتبة الحب والشرف في الحياة.‏
الرواية قليلة الشخصيات، لأن الحكايتين مبنيتان على فنية القصة الطويلة، مثلاً الحكاية الثانية اعتمدت على السرد المباشر، وعلى ثلاثة شخصيات: "فؤاد وكلوديا والرجل الذي يراقبهما"، نهايتها أخلاقية ، فالنهاية المفتوحة في مثل هذه القصة أفضل من المغلقة، لأنها تمنحنا إيماءات عدة، وتترك للفكر حرية المناقشة والاختيار.‏
الرواية بشكل عام تقليدية، تعتمد على تتابع السرد والأحداث، على الرغم من الأحداث القصيرة التي اضطر قطب أن يستعيدها.‏
الكاتب يستند في موت الطفل على وازع أخلاقي، ، لهذا فهو لم يمنحنا المبررات للعديد من الأحداث، ومنها موت الطفل، فهل يمكن أن تكون النهاية أخلاقية مفتعلة، لرواية مؤسسة على لغة الجسد؟..‏


جسد وجسد: رواية للكاتب عبد الباقي يوسف، طباعة دار الينابيع، عام 2004، لوحة الغلاف من تصميم أليسا زيلينوفا، تقع في 124 صفحة من القطع المتوسط، وعلى الغلاف الأخير صورة الكاتب وهو يدخن لفافة تبغ.‏



الساعة الآن 04:23 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى