منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القسم الإسلامي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=21)
-   -   ليلة النصف من شعبان (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=8621)

ميارى 23 - 7 - 2010 02:47 AM

ليلة النصف من شعبان
 
حلقة خاصة لتصحيح المفاهيم حول ليلة النصف من شعبان وما فيها من الأحاديث الضعيفة.
يبدأ المقدّم الأستاذ هاشم الحلقة بالتذكير بحديث الدكتور في الحلقة الماضية عن الإسراء والعروج وتصحيحه للتسمية فإما أن نقول الإسراء والعروج أو المسرى والمعراج. وفي هذه الحلقة نودّ توضيح المفاهيم الخاطئة عن ليلة النصف من سعبان وما يفعله بعض المسلمين بناء على أحاديث لا أصل لها في السنة الصحيحة وكذلك موضوع تحويل القبلة لأن بعض الناس يشكّك في هذا الموضوع. فما هي الأحداث التي حدثت في ليلة النصف من شعبان وما هي الأحاديث الضعيفة فيها وما صحة صلاة الجماعة التي يصليها البعض وقراءة سورة يس والدعاء الخاص بهذه الليلة؟
موضوع ليلة النصف من شعبان من الأمور التي دخلت إلى الاسلام بُغية هدم هذا الدين وهذه أمور كثيرة جداً وكل ما دخل الاسلام من بِدَع الغرض منه تشويه وهدم الاسلام ويجب علينا أن نعرِف حقيقة الاسلام كديانة ودين. نحن كمسلمين نستقي عباداتنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجوز لمسلم مهما كانت درجة علمه أن يبتدع شيئاً جديداً يتقرّب فيه إلى الله تعالى. فهل نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطبع لا. فطالما هي بدعة نبتعد عنها نحن المسلمين والأمة التي نزل لها كتاب شامل لتعليمات هذه الأمة أعلاها ووضعها على رأس الأمم ولم يكن هذا بالبِدع وإنما باتّباعها لسُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم. ويجب أن نفهم الآيات التي سنعرضها اليوم على عمق مُراد الله تعالى كالآيات التي سنعرضها في تحويل القِبلة وهذه الآيات التي نقولها في شعبان لكن هل نعمل بما فيها ونفهم ما فيها وهل نعلم معنى قوله تعالى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) البقرة) وهل نطبّقها؟ بِمَ يكون الرسول صلى الله عليه وسلم شهيداً علينا ومتى؟
ليلة النصف من شعبان ليس عندنا فيها حديث صحيح بإجماع سلف هذه الأمة وأنا أقول في هذه المناسبة جزى الله تعالى الدكتور يوسف القرضاوي ساعة أنزل في كتابه "فتاوى معاصرة" بالتفصيل بهذا الذي كتبه أثبت أن هناك من يدافع عن عقيدة الأمة. البِدعة شاعت في المجتمع أكثر مما نظنّ والدعاء الذي يُقال فيها بعد أن يجتمع الناس على صلاة جماعة ويقرأون سورة يس ثم يبدأوا بالدعاء وأنا لن أعرض الدعاء كله لكننا سنعرض جزءاً منه حتى نعرف كيف نرفض البِدعة من الدعاء نفسه. نسمعهم يقولون في هذا الدعاء : اللهم إن كنت قد كتبتني في أُمّ الكتاب عندك شقياً ومحروماً فاكتبني اليوم سعيدا. علينا أن نميّز هذا الخلط الذي قد يُخرِج من المِلّة فهل قال هذا الكلام الرسول صلى الله عليه وسلم؟ معنى الدعاء كأنني أطلب من المولى تغيير القضاء والقدر وهذا ضد العقيدة تماماً فالذي يجب أن يستقرّ في عقيدتنا قوله تعالى (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) ق) يقولها المولى تعالى تأكيداً على أزليته وأن ما قضى به الله تعالى لا يتغيّر وهذه النقطة يجب أن تستقر في عقيدتنا. وصاحب العقيدة الراسخة يدعو الله تعالى استجابة لقوله تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة) فهذا أمر من الله تبارك وتعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) غافر) فالدعاء في حدّ ذاته سمّاه الرسول صلى الله عليه وسلم مُخّ العبادة لأن المسلم يفعل ما أمره الله تعالى به سواء أُجيبت دعوته أو لم تُجَب. فالدعاء الذي يدّعونه في ليلة النصف من شعبان موضوع أصلاً والفيصل عندنا هل هذا الحديث صحيح وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل قال به أحد من السلف؟ وقد دخلنا في نقاشات مع علماء يدعون بهذا الدعاء وأسأل كل الذين يعملون بالدعوة أن يفعلوا هذا لوجه الله تعالى لا لأغراض أخرى . وأؤكد أنه لم يرِد حديث صحيح في هذه الليلة والدعاء الذي جاء فيه كلام مغلوط يهز عقيدة المسلم.
ما هي نقاط الضعف في الدعاء؟:
من عدم فهم من يقول هذا الدعاء أنه يقول: اللهم بحقّ هذه الليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم. هذا التوصيف (يُفرق فيها كل أمر حكيم) لم يرِد في القرآن إلا عن ليلة القدر كما جاء في سورة الدخان (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)) فالليلة المباركة هي ليلة القدر وسنوضح المزيد عن ليلة القدر في حلقة أخرى قادمة إن شاء الله في شهر رمضان لكن أقول أنه لا علاقة لليلة النصف من شعبان بهذا التوصيف.
ثم إنه ادُّعيَ في هذه الليلة أن القبلة تحولت فيها من بيت المقدس إلى البيت الحرام ولكن ليس لدينا شيء ثابت عنها والثابت عن ابن هشام وابن اسحق أن تحويل القبلة كان في شهر شعبان لكنهم لم يحددوا ليلة النصف منه. وأنا أسأل الذين يجتمعون ويصلون ويدعون بهذا الدعاء في ليلة النصف من شعبان هل جاءهم هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل ثبت في السيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلها؟ كتب ابن هشام وابن اسحق في كتبهم عن تحويل القبلة في أربعة أسطر كما كتب الطبري في تاريخه عن الإسراء والعروج. القِبلة حوّلت على رأس ثمانية عشر شهراً من الهجرة (16، 17، أو 18) على اختلاف الروايات. فهل صلّى الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الصلاة في جماعة في تلك الليلة وهل فعلها الصحابة والتابعين وهل جمع أحدهم الناس على صلاة في هذه الليلة؟ يجوز للصحابي أن يسُنّ في الاسلام سنّة لكن بإجماع آراء الصحابة حوله مثل ما فعله عثمان بن عفان رضي الله عنه في الأذان الثاني لصلاة الجمعة لأن ما حصل هو أن الناس تأخروا عن الأذان الأول فعمل الأذان الثاني حتى يجتمع الناس والمسلمون يفعلون هذا إلى الآن وحتى في مكة المكرمة يفعلون هذا إلى الآن، هذا فكر صحابي جليل سنّ سُنّة والحديث الشريف يقول:" من سنّ في الاسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمِل بها إلى يوم القيامة ومن سنّ في الاسلام سنّة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة".
يستطرد المقدم ويسأل الدكتور: لو أن صحابياً هو الذي أتى بشيء جديد يكون قد سنّ في الاسلام سنة حسنة فماذا يُقال في أحد في عصرنا سنّ سّنة؟
لا يوجد ما يُسمّى حسن نيّة في الدين فهل من حسن النيّة أن أصلي الظهر ست ركعات؟ لا ينفع. العبادة توقيفية على الرسول صلى الله عليه وسلم والذي فعله عثمان في الأذان الثاني في الجمعة ليس إنشاء فريضة أو عبادة وإنما اجتهد في الأمر بأن يكون الأذان الأول دعوة للناس والثاني حين يبدأ الخطيب خطبته وهذه كما قلنا ليست إنشاء عبادة. فمن أين نأتي بهذه البِدع وللأسف لما فشل أعداء الاسلام من إبطال القرآن وتحريفه جاءوا بالبِدع ليهدموه. ساعة نزل القرآن حُفِظ في صدور المسلمين (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)الحجر) والله تعالى قادر ومن أسباب الحفظ أن الأميّ يحفظ عن المتعلّم فلو قلت آية محرّفة أمام أي حافظ للقرآن يعرفها على الفور. معنى كلمة السُنّة هو أن يتّبع المسلم الحقّ سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم. احتفالاتنا وعباداتنا وعقيدتنا من الكتاب والسُنّة "تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسُنّتي" فأرجو أن نحافظ على سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها الحامية الواقية لهذا الدين. والبدعة هي فعل شيء لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يردّ عليهم في الحديث: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌ عليه".
يسأل المقدّم: لكن الناس يقولون أنهم يجتمعون على صلاة وطاعة ودعاء فما الضرر في ذلك؟
لو أن الناس يقرأون سورة يس وغيرها فلا مشكلة لكن أن تُخصص يس وحدها فهذه بدعة ولماذا نخصّ ليلة النصف من شعبان فقط بهذا؟ أقول أن أعداء الاسلام يريدون حصول خلافات بين المسلمين ويريدون تغيير ما استقرّ في الأمة مئات السنين وعلينا نحن أن نقضي على البدعة وسندافع عن السنة الصحيحة مهما كان الثمن ولا نقول إلا ما يُرضي الله تبارك وتعالى.
تحويل القِبلة:
يسأل المقدم عن تحويل القبلة ولماذا كانت الصلاة التي فُرضت في العروج إلى بيت المقدس أولاً ثم تحولت إلى البيت الحرام؟
أولاً علينا أن نقول تحويل القبلة وليس تغيير القبلة هذا موضوع يجب أن نفهمه على بعضه ولا نجزّئه ونفهمه ككل. في البداية كانت الصلاة لبيت المقدس لأن هناك أمرين في منتهى الخطورة حدثا في الكعبة والصلاة إلى بيت المقدس في البداية كان لحكمة من الله تعالى ولو لم نفهمها نحن لأن وتحويل القبلة وأنا أسميها إعادتها أو تحويل بإعادة لأن أول بيت وُضع للناس هو البيت الحرام وأول صلاة على وجه الأرض كانت إلى هذا البيت. ثم في عهد أنبياء اسرائيل كانت الصلاة لبيت المقدس فأنت تكون قبلتنا في البداية لبيت المقدس هو لحكمة:
أولاً أن نجمع شتات النبوءات ما قبلنا فالأنبياء جميعاً من بعد أبراهيم (الذي كان يصلي للبيت الحرام) إلى عيسى عليه السلام كانوا يصلون لبيت المقدس فيبدأ الاسلام بالتوجّه بالصلاة إلى بيت المقدس.
ثم الحكمة الثانية أنه ساعة فرضت الصلاة كانت الكعبة مدنّسة بالأصنام فالكفار كانوا يضعون أصنامهم فيها والعرب كانوا يقولون هذا بيتنا فكيف يصلّي المسلمون في البداية إلى البيت الحرام الذي فيه الأصنام والعرب يقولون عنه بيتهم؟ فشاء الله تعالى أن تبدأ الصلاة من محمد صلى الله عليه وسلم وأمّته إلى قِبلة مطهّرة إلى أن يتم نشر الاسلام وتطهير الكعبة من الأصنام لأن التحويل من وجهة نظري هو إعادة إلى البيت الحرام لأن القبلة بدأت بالبيت الحرام كما في قوله تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) آل عمران).
وتحويل القبلة حصل بعد 16 أو 17 أو 18 شهراً بعد الهجرة على اختلاف الروايات وهذا التحويل هو تحويل إعادة لأن القبلة الأولى قبل الرسول r كانت للبيت الحرام فصلّى المسلمون أولاً لبيت المقدس ثم حُوّلت إلى البيت الحرام بعد أن طُهّرت الكعبة من الأصنام.
أرجو أن نصحح المفاهيم البعض يقول أن ابراهيم هو الذي بنى الكعبة ونقول لهم أن ابراهيم لم يبنِ الكعبة وإنما رفع القواعد من البيت فالبيت كان موجوداً من عهد آدم وعلينا أن ننتبه إلى توقيع كلمات القرآن العميقة والمراد منها غاية في الأهمية فلو قلنا أن ابراهيم هو الذي بنى البيت فكأننا نقول أن مَن قبل ابراهيم لم يكن لديهم بيت ونكون قد ظلمناهم لكن الحق أن الدين عند الله الاسلام من عهد آدم (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) آل عمران) وفي الآية لم يُسمّي الله تعالى الفاعل وإنما بُني للمجهول وهذا يعني أن واضعه غير الناس ووضع لهم من قِبل رب الناس.هذا هو منطق الآية والآية شاملة.
هذا البيت وضعه الله تعالى للناس فالعبادة من عهد آدم عليه السلام بدأ محمد صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجهه الله تعالى وجهة فيها تطهير وتقديس لأن الكعبة كانت مدنّسة والعرب كانت تدّعي أنها بيتهمهذه حكمة والحكمة الأهم في توقيع الآيات يجب أن يلقى عند المسلم مُراد الله فيها في القرآن (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) البقرة) السين في (سيقول) تدل على أن هذا سيحصل فيما بعد ويدل على أن الكلام سيحدث ويسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم والسفهاء سيقولون هذا الكلام وهذا إعجاز بنفسه لأن السفهاء كان لديهم الحجة أن يكذبوا محمداً لأنهم قرأوا هذه الآية وكان بإمكانهم أن لا يقولوا لم يملكون ذلك وكانوا حاججوا الرسول صلى الله عليه وسلم في الآية لكن هذا من عظمة التوقيع القرآني. وإذا نظرنا في توقيع الفعل وتوصيف السفهاء. أولاً السفيه هو الذي أصيب في عقله بِخِفّة أو طيش ويجب علينا أن نفطن إلى آيات القرآن فالله تعالى بدأ كتابه في تصنيف الناس إلى فئات ثلاث في بداية سورة البقرة : المتقين ذكرهم في ثلاث آيات، الكفار ذكرهم في آيتين والمنافقون ذكرهم في ثلاثة عشر آية.
وصف المتقين هل هو سابق على الهداية أو لاحق بالهداية؟ هذا شيء مهم ساعة أنزل الله تعالى الكتاب كان الكفر والشرك يعمّ والاسلام هو أن أسمع كلام الله تعالى وعندما أسمع يعطيني الله تعالى ذرّات إيمانية أتحرك بها للتقوى أي أضع بيني وبين الله وقاية وبيني وبين النار وقاية وهذه الآيات هي من أجمل توصيفات المتقين: الإيمان بالغيب وبعدها إقامة الصلاة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) البقرة).
ومن توصيف المنافقين (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) البقرة) فالمنافقون هم السفهاء الذين يظهرون شيئاً ويُبطنون شيئاً غيره وهذا حجر الزاوية في عقيدة الاسلام أنها ترفض النفاق تماماً وعندنا آيات في القرآن (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) و (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) البقرة) فالذي يرغب عن ملة ابراهيم وملة التوحيد والمنافقون هم السفهاء. وبعضهم كان يصلّي مع الرسول صلى الله عليه وسلم وحوّلوا القِبلة معه ثم يقولون (مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) وإذا بدأ النفاق في المجتمع قل على الدنيا السلام.
في رحلة الإسراء والعروج الثابت لدينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى مرآئي اثنين واحدة نعرضها اليوم والثانية نعرضها في حلقة قادمة. رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أناساً تُقرض شفاههم بمقاريض من نار فلما سأل من هؤلاء قال جبريل هم خطباء المساجد أو من يأمرون الناس بالمعروف ولا يأتونه وينهون الناس عن المنكر ويأتونه وهذه سمة من سمات النفاق والدُعاة المدّعين الذين لا يعملون لوجه الله تعالى. ورب قارئ للقرآن أو واعٍ أو حافظ لا يطبّق ما في القرآن (والحديث ربّ حامل للقرآن في سنده كلام).
سيقول السفهاء: من هم السفهاء؟ أقل توصيف لهم في القرآن أنهم المنافقون والآية (مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) كأنهم يعترفون أن بأن للمسلمين قبلة ودين وتوجيه من الله تعالى من غير أن يشعروا وتوقيع القرآن (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)) بطِباق الاستغراق الذي ذكره الدكتور عبد التواب رمضان والعظيم فيما يأتي بعدها ويجب أن نفهمها جيداً ولا نفهمها على أن الصراط المستقيم إلى البيت الحرام وما كان قبله ليس طريقاً مستقيماً. الآية تعني أن القبلة إلى بيت المقدس كانت صراطاً مستقيماً وقبلتنا إلى البيت الحرام صراط مستقيم. ونحن كالما نسمع كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فنحن على الصراط المستقيم. الله تعالى ساعة أمر بالتوجه إلى بيت المقدس وأطعنا هذا صراط مستقيم وساعة حوّلنا إلى البيت الحرام وأطعنا هذا صراط مستقيم والمسلم الحقّ ينفّذ تعليمات الله ورسوله بقدر الإيمان الذي وُصِف به في مطلع القرآن (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) دون مناقشة أو مجادلة. وقوله تعالى في سورة النجم (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12)) تنزيه للرسول عن المجادلة والمناقشة بتوجيه قرآني بديع. في الحقيقة هذه الآيات ابتلاء لنا نحن المسلمين وأهل اللغة في التلقّي عن الله تعالى: هل الله تعالى أوحى للرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة أو جبريل؟ حلّها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث :"فأوحى الله إليّ ما أوحى ففرض علي الصلاة خمسين مرة" فالله تعالى سواء أوحى للرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة أو عن طريق جبريل الذي لا يأتي بالوحي من عنده نُرجِع الأمر إلى الله تعالى (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)) ونعود إلى حديث رسول الله ثم نعود إلى قوله تعالى في سورة الإسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)).
يسأل المقدم عن الهداية وما المقصود في قوله تعالى (إن الله يهدي من يشاء) فهل من يشاء تعني من يشاء الهداية أو من يشاء الله أن يهديه؟
الجواب: ما هي المشيئة؟ أن تشاء أنت أم أن يشاء الله تبارك وتعالى؟ لو فكّرنا في توقيع الإرادات (المشيئة إرادة) أيهما أبلغ (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) الطلاق) تقرّبنا إلى مشيئة الله جاءت نصّاً في القرآن . القرآن ككتاب يوصّف الله تعالى توقيعه على الناس قال عنه القرآن (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) التكوير) هذه المشيئة راجعة لنا ثم يقول تعالى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) الانسان) يعني أن مشيئتنا تأتي سلباً كانت أم إيجاباً تحت مشيئة الله تعالى.
الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقول لنا شيئاً هل نأخذه أو نفكّر فيه ونسأله عنه؟ نحن نصدّق الرسول صلى الله عليه وسلمفي كل ما يقول كما فعل الصديق قال: إن كان محمد قد قال فقد صدق وطالما أن محمداً قد قال لا أفكّر وأصدّقه. يجب أن نُسلم لله تعالى أنا لي إرادة والله تعالى له إرادة ولا وجه للمقارنة بينهما الله تعالى يقول (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30)) ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كلن ساعة يرتقي في الإيمان ويعمل شيئاً يرضي الله تعالى يذكّر نفسه نفسه والأمّة :" الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله" أرجعها إلى الله عز وجلّ. أقصى درجات الإيمان لولا هداية الله لما اهتدينا. والله تعالى حسماً للأمر أنزلها في الكتاب التزاماً وتصريحاً (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) القصص) نفى الهداية هنا وأثبتها في آية أخرى (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) الشورى) أثبت له الهداية بمعنى الإرشاد إلى الطريق لكن حتى أسمع كلاماً أو لا أحتاج إلى هداية الله عزّ وجلّ هذه هداية الدلالة أمشي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بهداية الله والتوقيع والقبول عند الله تعالى وحده. لا نقول مشيئة الإنسان لأن مشيئة الإنسان لا تساوي شيئاً أمام مشيئة الله تعالى. فالهداية أنواع هداية الدلالة الرسول صلى الله عليه وسلم يدلنا على الطريق ونحن نمشي وراءه بهداية الله تعالى للقلب لاتّباع محمد صلى الله عليه وسلم وفي الحديث القدسي: يا عبدي أنت تريد وأنا أريد فإذا رضيت بما أريد أعطيتك ما تريد ولو آجلاً ولو كفرت بما أريد منعتك ما تريد".
قال تعالى (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) الله تعالى حوّل القِبلة لهدف وقوله (إِلَّا لِنَعْلَمَ) الله تعالى يعلم ولكن معناها في الآية إلاّ لنعلم علم إظهار علمنا على مرأى ومسمع من الناس أن هناك من يتّبع الرسول ومن يتقلب على عقبيه لذلك لما قال (يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي من يشاء الله تعالى هدايته وكذلك قال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا).
الوسط هنا يدل على الخيار بالالتزام فلماذا لم يقل أمّة خيّرة؟ لأن الوسط عند أهل اللغة يدل على الخيار وقالها صريحة في القرآن (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (آل عمران)) القرآن يحتاج إلى رجل قرّاء يعرض القرآن على القرآن. بعض العلماء يتساءل لماذا لم يصف الله تعالى الأمة بالخيرية؟ لأن الوسطية هي الخيار وقد شرحها القرآن وفي هذا الموقف يحتاج لوسط (يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي بنفس هدايته إلى الطريق المستقيم في توجيهكم إلى بيت المقدس أولاً ثم البيت الحرام في الوقت الذي كان فيه مصلحة لكم كذلك جعلناكم أمة وسطاً في العقيدة وفي تطبيقها فالأمة الإسلامية وسط. وطالما قلنا وسط فهناك طرفين قبلها إفراط وبعدها تفريط سواء في العقيدة أو تطبيقها فالوسط يكون بين اثنين في كل شيء: فريق يقول لا إله وأن الكون مادة وصدفة وفريق يقول آلهة ونحن في الوسط نقول لا إله إلا الله إله واحد، فريق يقول لا نتزوج وفريق يأخذ الدنيا ولا يؤمن بالبعث ونحن نصلي ونصوم ونسعى ونتزوج، قسم انطلقوا إلى الروحانيات العالية جداً والرهبانية والصوم عن الكلام وفريق يعيشون متع الدنيا كلها ولا يؤمنون بالبعث قسم أفرط وقسم فرّط ونحن في الوسط ضمن حدود الله المسموح بها كأننا أخذنا كل مقومات الدنيا بتعاليم السماء. وفي حديث الثلاثة " من رغِب عن سنتي فليس مني فأنا أصوم وأُفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء" وهذا من رحمة الله تعالى بنا وهذه هي الوسطية في العقيدة وتطبيقها (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) وسط في كل شيء في العقيدة وفي تطبيقها.
بعض الناس في عصرنا يتكلمون كلاماً يدينون الاسلام ولا يدافعون عنه وما زالوا يتحدثون على المنابر وعلى الفضائيات ويدافعون عن تعدد الزوجات في الاسلام وهذا كلام خطأ فالاسلام لم يعدد وإنما حدد الزوجات لأن قبل الإسلام كان الرجل يتزوج من النساء ما يشاء وبدون عقد وهذا زنى عندنا أما الاسلام فحدّد بأربع زوجات على شرع الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا ينفع أن أقول أن الاسلام عدد وإنما أقول حدّد.
(لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) شهداء بماذا ومتى؟ شهداء في الدنيا والآخرة، شهداء في الدنيا يعملنا وشهداء في الآخرة بعلمنا. (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) بماذا؟ يجب يا أمة الوسط أن تتبعوا هذا الرجل وأن تكون أعمالنا من سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم لأننا بعملنا هذا سنكون شهداء على الناس وكم من الناس أسلموا بمجرد صدق المسلمين أو حسن إسلامهم. الكفار الذين اتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر ومجنون وغيره فكّروا بما قالوه لأنهم كانوا هم أنفسهم يقولون عنه في السابق أنه الصادق الأمين وهذا الوصف هو الذي جعل الناس يسلمون وكفى ما قاله برنارد شو عنه صلى الله عليه وسلم. وعلينا قبل أن نقوم بعمل أن نسأل هل عله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإن كان فعله أفعله وإلا أتركه.
سنشرح إن شاء الله في حلقة قادمة من هم الشهداء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. علماء الأمة من قرأ القرآن واستوعبه واستطاع أن يشهد على الأمم السابقة مع الأنبياء هم من الشهداء وأمة محمد صلى الله عليه وسلم شهداء على الناس تأخذ العمل والعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأرجو من المسلمين تطبيق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم"تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي" وأعود فأكرر أنه لم يثبت شيء عن ليلة النصف من شعبان وعلينا أن لا ننسب شيئاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أقول أقرأوا القرآن وصلوا ما شئتم وقوموا من الليل ما شئتم لكن لا أنسب شيئاً الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعله هو وليس حراماً أن أقوم ليلة النصف من شعبان وأصلي لأن صلاة القيام وصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ليلة لكن لا أخصص هذه الليلة بعبادات وأنسبها للرسول صلى الله عليه وسلم وكما سبق أن ذكرت أن الشيخ يوسف القرضاوي عقّب على ليلة النصف من شعبان في كتابه فتاوى معاصرة وذكر أن الأحاديث التي جاءت فيها غير صحيحة وأنها لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكما قلنا سابقاً أن الليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر وليست ليلة النصف من شعبان وتحويل القبلة حصل بعد 16 أو 17 أو 18 شهراً بعد الهجرة على اختلاف الروايات. ولو أردنا أن نتّبع سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم علينا بصيام الأيام البيض من كل شهر (13، 14 و15) من كل شهر عربي ولم يخصص النصف من شعبان والاثنين والخميس من كل اسبوع وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يُكثر من صيام شعبان ولا يفطر فيه إلا قليلاً كما صح عن السيدة عائشة. وخير الصيام صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا قال أحدهم أريد أن أصوم صيام داوود نقول له أيهما أفضل صيام داوود أو صيام محمد صلى الله عليه وسلم؟
خلاصة: لن أملّ من التركيز على قول الرسول صلى الله عليه وسلم "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي" وأسأل الله تعالى أن يُلهِم بعض الدعاة عدم الركون إلى مثل هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة والركون إلى الصحيح من الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطلب من المشاهدين أن يراجعوا وراءنا هذه الأحاديث في الكتب الصحيحة مسلم والبخاري وأحمد والترمذي وما قاله أهل التعديل. وأنا أسمع الكثير من البِدع فأقول اتقوا الله في الأمة ومِصر قِبلة المسلمين والاحتفال بمثل هذه الأمور لم يرِد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر أننا عندما تحدثنا عن قراءة سورة يس قلنا اقرأوا القرآن كله قراءة الحالّ المرتحل أ ابدأ بالفاتحة واختم بالناس ثم ابدأ بالفاتحة وما تيسر من البقرة ثانية ولا نختار سوراً معينة ونهجر باقي القرآن.
وأخيراً أسمع بعض الروايات عن تحويل القبلة منها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان غير مرتاح ولم تعجبه القبلة الأولى إلى بيت المقدس على زعمهم من قوله تعالى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) والآية تشير تشرح عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم كلها فلا هو تكلّم ولا قال فهل دخلوا في قلبه ليعلموا بماذا يفكر وماذا يريد أن يقول؟؟ من وجهة نظري أن ما كان يدور في خلده صلى الله عليه وسلم أن البيت الحرام هو أول بيت وضع للناس وقبلة ابراهيم وأنت يا رب وجهتني لبيت المقدس فتوجهت طائعاً دون تعقيب وما داؤ في خلد الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لم يعجبه والرسول صلى الله عليه وسلم نبي المسلمين قال تعالى له (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) ليس معنى ترضاها أنه لم يكن راضياً في السابق لكنه كان يبحث عن القبلة الأولى.
أسئلة المشاهدين:
سؤال 1: إحدى المشاهدات اتصلت تقول أن ثقافتنا الاسلامية ضعيفة وتطلب من الدكتور تخصيص حلقات لشرح الصحيح من الأحاديث لفهمها. وتسأل أنها تصلي سنة العشاء بعد العشاء بنصف ساعة وهل ينفع أن تصلي القيام بعد العشاء بنصف ساعة وتسأل عن صلاة التراويح.
الجواب: عند اقتراب شهر رمضان يسأل الأخوة أسئلة مهمة وهذه مسائل تتعلق بعلاقة العبد بالله تعالى وعندنا مبدأ ليس كل ما يُعلم يُقال. هناك أمور تحتاج إلى بصيرة من الداعية ليعرف كيف يجيب ولِمن يجيب ومتى وكيف؟ وأقول للسائلة لا بأس إن أجّلت القيام نصف ساعة بعد العشاء وصلاة القيام هي صلاة وصّى بها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي إما ركعتان أو أربع أو ست أو ثمان أو أكثر. وصلاة التراويح سُنّت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أما سُنّة العشاء يمكن أن تؤجّل غلى ما بعد القيام لكن الأولى أن تكون بعد فرض العشاء ثم تًصلي صلاة القيام.
سؤال 2: اتصلت أم المهندس مصطفى عبد اللطيف الذي اختُطف في العراق منذ أيام مع زملائه تطلب من الدكتور هداية الدعاء لابنها ورفاقه بالفرج.
الجواب: هذا ابتلاء ومحنة من الله تعالى أسأل الله تعالى أن يفك أسرهم وأُطمئن ذوي المخطوفين أنهم عند عراقيين عرب وما يفعله بعض العراقيين من خطف ما هو إلا تنفيس عما هم فيه فندعو الله تعالى أن يفرّج كربهم وأن يكونوا مسلمين منصفين. هذا تعبير عما هم فيه من ضيق وليس من الاسلام في شيء ونحن نشعر مع العراقيين وقلوبنا مع أهل العراق فيما يمر به من محنة لكن نوجّه لهم نداء أن ما يفعلوه يجب أن يكون في إطار الاسلام والابتعاد عن سفك الدماء وخطف الأبرياء ونحن نثق بأهل العراق جميعاً وندعوهم لنتبادل الرحمة والمودة فيجب أن يكونوا هم أيضاً معنا ونسأل الله أن يراعوا شعباً بأسره في خطف هؤلاء الستة وأناشدهم باسم الاسلام والعقل فلا يستجلبوا عليهم حقد الشعوب وإن شاء الله نسمع قريباً أخباراً جيدة لأن هيئة علماء المسلمين يبذلون أقصى جهدهم لتحرير المخطوفين وثقتي بالله تعالى وبشجاعة العراقيين وكرمهم والتاريخ يشهد لهم بذلك بإذن الله تطمئن أننا سنسمع أخبار إطلاق سراحهم وشعب مصر بالكامل في صلاتهم يدعو لشعب العراق وما يفعله العراقيون ليس بقصد الإيذاء.
سؤال 3: سألت إحدى المشاهدات عن كتاب موجود في الأسواق يتحدث عن ليلة النصف من شعبان وفيه أحاديث كثيرة منها أن الله تعالى يعطي الخير في أربع ليال ليلة الأضحى والنصف من شعبان وغيرها والحديث موجود على أنه عن الدريني عن عائشة. وتسال هل هذه الأحاديث صحيحة؟
الجواب: كل هذه الأحاديث لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسأل ما هو تخريج الحديث ومن الراوي؟ هذه ليست أحاديث فهل الله تعالى يعطي الخير فقط في هذه الليالي الأربعة فقط هذه فيها تناقضات.
الحديث الصحيح أن الله تبارك وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل. فإذا ارتكب العبد ذنباً بالليل يستغفر ربه فوراً ونأخذ التوقيع من الآية (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) النساء) والحديث يدل على أن الله تعالى يده مبسوطة في الليل والنهار. ما الذي يضمن للعبد أن يحيا حتىيتوب ويغفر الله تعالى له والله تعالى قال في كتابه العزيز (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) فموعد التوبة هو المبادرة بها بعد وقوع المعصية فوراً لأنك لا تضمن عمرك والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم بلّغنا رمضان. ليلة القدر نعلم أن الله تعالى يغفر فيها الذنوب ويعتق فيها الكثيرين فماذا لو لم يبلغ العبد رمضان؟ ولم يبلغ ليلة القدر وماذا لو أذنب ذنباً في شوال فهل ينتظر إلى العام القادم حتى يتوب ويستغفر؟ كلا العبد يتوب الآن من أي ذنب ولا ينتظر ولا يؤجّل.
سؤال 4: إحدى المشاهدات تسأل أنها تنوي إكمال مسجد بمساحة 100 متر وفوقه طابقان وهو في منطقة عشوائية ليس فيها مسجد إلا على مسافة بعيدة وأن أحدهم قال لها أن هذا يعتبر زاوية وليس أجره وثوابه كثواب بناء مسجد فهي تستفسر عن هذا الأمر.
الجواب: أكمليه وثوابك على الله تعالى وطالما أنه لا يوجد في المنطقة مسجد فهو إن شاء الله سيكون بمثابة المسجد ولو كانت المنطقة فيها مساجد لقلنا لا تكمليه. ولا يهم مساحته فهي إن كانت قليلة إن شاء الله تؤجرين على هذا طالما أمه سيكون المسجد الوحيد في المنطقة الآن وهو على صغره أفضل من لا شيء.

ميارى 23 - 7 - 2010 02:50 AM

ليلة النصف من شعبان (تابع)
يبدأ المقدم الحلقة بسؤال الدكتور هداية عن أن أئمة مساجد كُثُر قالوا أن الحديث الذي يتداوله الناس حول ليلة النصف من شعبان حديث ضعيف والبعض الآخر هاجموا الدكتور هداية وقالوا ان الحديث صحيح ونحن نعلم أن الدكتور هداية لا يستند إلا للصحيح من الأحاديث فما تعليقكم على هذا الكلام؟
في الحقيقة حديث ليلة النصف من شعبان حديث موضوع شاءوا أم أبوا والكل سيقف بين يدي الله تعالى يوم القيامة وأحذّر نفسي والآخرين أنه لا بد أن نفهم ما معنى حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. اتفقنا أن القرآن لا يمكن لأحد أن يحرّفه لأن الله تعالى حفظه في صدور المؤمنين. خلافنا في تأويل النصّ أو تفسيره. أما بالنسبة للحديث فهناك تحذير لمن يتقوّل على الرسول صلى الله عليه وسلمولمن يكذب عليه وهو حيّ صلى الله عليه وسلم حذّر من هذا فقال في الحديث المنّفق عليه بسند صحيح "من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار" يعني من وضع أو ألّف أو تناول أو روّج لحيث لم يقله الرسول صلى الله عليه وسلم. أقول لماذا نلجأ الى هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة وعندنا من الأحاديث الصحيحة ما يكفينا؟! ولحساب من نروّج لحديث موضوع ؟ ! وأنا في حيرة من أمري وهذا أمر غريب ! نشأنا وسمعنا عن ليلة النصف من شعبان ثم ذهبنا لعلمائنا مثل الشيخ الغزالي والقرضاوي وعلمنا الحقيقة وتعلّمنا الجرح والتعديل ومعنى الحديث الضعيف والموضوع. وسأستشهد بكتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمّة للألباني وكتاب الأحاديث القدسية الذي وضعه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. جاء في كتاب الأحاديث القدسية عن هذا الحديث في ليلة النصف من شعبان أخرجه ابن ماجه في سننه عن علي بن أبي طالب قال رسول الله إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها .. إلى آخر الحديث. وجاء في سند الحديث أو تخريجه (إسناده ضعيف) ضعّف ابن ابي سمرة وقال فيه الإمام أبن حنبل هذا الرجل يضع الحديث فاوصيفه أنه وضّاع يؤلف على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا نجد هذا الحديث عن مسلم أو البخاري وغيرهما بهذا السند. وإذا قرأت الديث نذهب إلى الشيخ الألباني الذي نركن إليه لتخريج الأحاديث فنجد في المجلد الخامس حديث رقم 2132 في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة ذكر الحديث ثم قال موضوع السند ويقول الألباني وهذا اسناد مُجمع على ضعفه وهو عندي موضوع لأن أبو سمرة رموه بالوضع، وقال ابن حنبل وابن معين يضع الحديث. فهذا الرجل اشتهر بوضع الحديث والحديث لا يروى إلا عن هذا الرجل فلماذا آخذه منه؟! وكل كتب السيرة لم يذكروا هذا الحديث!.
أثر الحديث: هذا الحديث يدعونا إلى قيام ليلة النصف من شعبان وصيام يوم النصف وهذا الحديث يأخذ الناس من عمل استفاضة حثّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلمإلى حديث مقيّد. الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ما معناه إن الله تبارك وتعالى ينزل في الثلث الأخير من كل ليلة ويسأل هل من تائب هل من مستغفر ولم يقل هل من مسترزق لأن الرزق قضى الله تعالى به أزلاً (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) ق) فهل يُعدّل الله تعالى الأرزاق في ليلة النصف من شعبان؟! وماذا عن الكافر الذي لا يقوم هذه الليلة فهل لا يرزقه الله تعالى؟ بالطبع سيرزقه لأن الرزق ليس له علاقة بهذه الليلة.
علّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نصوم ثلاثة أيام من كل شهر (13، 14 و15) ونقول لماذا هذه الأيام؟ هذا الموضوع قيل فيه أكثر من رواية والمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يبالي بأية ثلاثة أيام لكن كان يصوم ثلاثة أيام ونحن أخذنا الليالي التي يستوي فيها القمر وفي حديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها سُئلت أي أيام قالت لا يبالي. وكان يصوم الاثنين والخميس من كل اسبوع وثلاثة أيام من كل شهر ما عدا رمضان وفي شعبان أن الرسول صلى الله عليه وسلم صامه كلّه وهذه الرواية في البخاري لكننا نأخذ الروايات الغالبة التي تذكر أنه كان يترك في شعبان بعض الأيام لأجل يوم الشكّ. وكان شهر شعبان أكثر الشهور صياماً عند الرسول صلى الله عليه وسلم بعد رمضان وهذه أحاديث صحيحة وسندها صحيح وتتفق مع العقل المسلم الذي كوّن عقيدته بالله تعالى. والحديث الموضوع في ليلة النصف من شعبان أصلاً يقصر القيام والصيام على ليلة واحدة ويوم واحد ونحن المفروض أن نركن للأحاديث الصحيحة التي تجعل الإنسان يسعى ويعمل فإذا كان لدينا أحاديث تدعونا للصيام كل شهر وحديث يدعونا لصيام وقيام ليلة واحدة فأيها آخذ؟! وبأيها أعمل؟ فهل من مصلحة الألباني أو الشؤون الاسلامية أن تضعّف حديثاً أو تضعه؟
كنا في أحد البلاد نتكلم عن هذا الموضوع وكان هناك رجل حزن عندما قلنا أن الحديث موضوع فقال وماذا أفعل بالبطّ الذي جهزته لهذه الليلة لأذبحه؟ هذه معتقدات الناس من جرّاء هذه الأحاديث الموضوعة. نحن نأخذ عقيدتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلمفلماذا نضع الأحاديث عنه؟ نقول للذين يريدون الاحتفال احتفلوا لكن لا تنسبوا هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وزارة الأوقاف تحتفل ونحن لا نعترض على الاحتفال لكننا نعترض على أن يقولوا هذا حديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأقول: علِّموا أولادنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر عربي وهي الأيام البيض (وليست أيام الست من شوال هي البيض كما يسمونها) والرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ الأمّة إلى أبعد حدود العمل ونحن نفلّت الأمّة من العمل وفي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب إلى الحوض يوم القيامة فيرى أمته فيعرفهم لأنهم غرٌّ محجّلون فيدعوهم فتُجليهم الملائكة من الحوض وتبعدهم فيقول الرسول هؤلاء أصحابي فيقول الله تعالى إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. والخطورة في الأمر قوله تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الكهف) فهذه الآية مع الحديث يجب أن ننتبه لها. الرسول صلى الله عليه وسلم دعانا بعد رمضان فقال:" من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كلّه" والدهر هنا كما يقول العلماء يعني السنة يحاولون أن يوفقوا بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم ولغة العرب فيقولون أن الدهر هو السنة وصيام رمضان بما أن الحسنة بعشر أمثالها يعادل 30* 10=300 وستة أيام من شوال تعادل 6*10=60 يوماً فيكون المجموع 360 يوماً أي سنة. وأنا أقول بل يعني الدهر كلّه أو الزمان كلّه لأنه لو سمع أحدنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث فقال سأصوم كل رمضان وكل ستة من شوال كل حياتي فكأنه صام الدهر كلّه لأنه نوى ذلك والرسول صلى الله عليه وسلميعلّمنا "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" . فأقول لا تحاولوا أن توفقوا بين كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ولغة العرب لأنه بفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوجيهه للأمة المفروض بمن يسمع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول كالما قالها الرسول صلى الله عليه وسلم فسأصومها كل حياتي فكأنه صام الدهر كله.
موضوع تحويل القبلة:
الموضوع يعنينا أننا نعيش أحداث الاسلام بمُراد الله تعالى فينا. قبلها تكلمنا عن الإسراء والعروج والذي يحب أن نعرفه أن قوله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)) أشار إلى تحويل القبلة ابتداءً لأن الذي يجب أن نعرفه أن الكعبة قبلة الناس من عهد آدم u فلمّا كلّف الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالصلاة أمره بالصلاة لبيت المقدس ابتداء وبقي 16، 17 أو 18 شهراً يصلي لبيت المقدس ثم تعرضنا للإسراء والعروج في سورتي الإسراء والنجم. في الإسراء لم تكن الصلاة قد فُرضت بعد وباتفاق العلماء أن الصلاة فُرضت في رحلى العروج فماذا نفهم من الآية مطلع سورة الإسراء؟ نأخذ إشارة إلى أنكم ستبدأون صلاتكم إلى المسجد الأقصى منتهى رحلة الإسراء وقبلتة محمد صلى الله عليه وسلم ابتداءً. وفي الأساس الكل كان يصلي للمسجد الحرام فلما تأتي آية سورة الإسراء كانها إشارة إلى التحويل التي ستبدأ الصلاة إلى بيت المقدس ولذلك لمّا ذهب الرسول صلى الله عليه وسلمإلى المسجد الأقصى صلّى فيه ركعتين كأن هذا أذان من الله تعالى أن القِبلة ستبدأ إلى هذا المكان. ولمّا حصل التحويل نزلت الآية (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) نأخذ منها معطيات كثيرة من الله تعالى لكن هذه التحويلة إنما هي إعادة لأن المسلمين قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قلنا كانوا يصلون للبيت الحرام ومحمد صلى الله عليه وسلم بدأ بالمسجد الأقصى فعندما يقول تعالى (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) هي إعادة وليس تحويلاً.
ثم نأخذ معطيات الله تعالى بعد هذه السورة ولما أسمع قوله تعالى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) نسمع في تفسيرها أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن راضياً وهذا ما أرفضه تماماً فهل يُعقل أن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يرضى بقضاء الله تعالى؟! وللأسف الشديد هذا الكلام موجود في الكتب. الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه الحقّ (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)) لا يرضى بقضاء الله تعالى ؟! وهل لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم راضياً قبل هذا؟.
قوله تعالى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) كأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتشوق إلى الإعادة وليس قادراً على قولها (قد في الآية حرف تحقيق وهنا للتوكيد). وقوله تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) آل عمران) كان في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه لم يدعو به.
ترضاها: تدل على زيادة في الرضى عن رب العالمين. محمد صلى الله عليه وسلم ساعة توجّه لبيت المقدس كان راضياً لكن يحتاج إلى رضى آخر ألم يقل له ربه تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) هل لم يكن راضياً قبل عطاءات الله تعالى له؟ كلا وإنما دأبُهُ صلى الله عليه وسلمسمعنا وأطعنا وما يقال كلام غير مقبول في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم. أريد أن أعلِّم المسلمين شيئاً من هذه الآية وهو أن الرسول r عنده قضية تحتاج إلى دعاء لكنه يرى أنها عقائدية فلا يدعو بها وإنما ينظر في السماء ينتظر أن ينزل جبريل عليه السلام لعلّه في كل مرة يقول يأتي بأمر تحويل القبلة ولهذا لم يدعو صلى الله عليه وسلم بها. والبديع في القرآن أنه يُعلّمنا آداب الدعاء وكيف يستجيب تعالى للدعاء: ولنسمع أوائل سورة مريم ودعاء زكريا عليه السلام (كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) مريم) نداءً خفياً بمعنى أنه ساعة ندعو لا نصرخ ولا نرفع صوتنا وهذا للأسف ما يحدث في الكعبة في العمرة والحج والسعي رجل يدعو بأعلى صوته والباقي يرددون من ورائه وهذا لا يصح وليس من آداب الدعاء.
ولما أسمع قوله تعالى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) هذه مسألة لم يدعُ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن ترك فيها إرادة الله تعالى تتفق مع ما أراده هو وتمنياته. وننتقل لدعاء سيدنا زكريا (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)) ليعلمنا آداب الدعاء فمقومات النداء نفسه لا تعطي الإجابة (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)) لكن المهم أن النداء كان خفياً وانظروا إلى حال المسلمين الآن حول الكعبة رجل يصرخ بأعلى صوته والناس وراءه يقولون آمين هذا الرجل جزاه الله خيراً بما يفعله ونسأل الله تعالى له الهداية لكنه تحكّم في إرادتي وأنا أقول آمين على ما أراده هو وليس ما أريده أنا لكن لو تركني أنا آخذ السعي أو الطواف حول الكعبة بقلبي وعيني متعلقين يالكعبة وأدعو دعاء خفياً. دخل الرسول صلى الله عليه وسلم على جماعة من الصحابة فوجدهم يدعون بصوت مرتفع فقال: إربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصمّاً ولا غائباً وإنما تدعون سميعاً قريبا" فلماذا ترفع صوتك بالدعاء خذ من قوله تعالى (قد نرى تقلب وجهك في السماء) وخذ دعاء زكريا (إذ نادى ربه نداء خفياً) بصوت خفي خفيض فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يدعو وإنما تمنى بقلبه. والرجل الأخرس ألا يدعو ربه؟ يدعوه بقلبه فالدعاء أساسه القلب وإن كنتَ صادقاً في دعائك بقلبك استجاب الله تعالى لك إما في الدنيا وإما في الآخرة. علينا أن نأخذ الآية (قد نرى تقلب وجهك في السماء) ونفهمها مع قوله تعالى (نداء خفيا) والرسول لم يدعُ ربه بصوت مرتفع أبدا. والبعض يقول وماذا عن دعائه في الطائف فأقول لهم أن هذا الدعاء جاءنا كحديث ولم يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أحداً سمعه منه.
يسأل المقدم عن حكم رفع الأيدي في الدعاء؟
الجواب: ليس بثابت فالرسول صلى الله عليه وسلم كلن يشير بإصبعه وهو يدعو وفي بعض الروايات أنه كان يرفع يديه بالدعاء.
ويسأل المخرج أن الدعاء في صلاة التراويح يكون بصوت مرتفع فيجيب الدكتور هداية : هنا في هذه الحالة الدعاء يجب أن يكون كذلك حتى أقول آمين لكني أتكلم عن الدعاء عموماً من الفرد ذاته. ويجب أن آخذ الآيتين منهاج حياة إن كان لدي قضية أو لدي أمر ما أسأل الله تعالى بقلبي فهل إذا كنت في الشارع وأريد أن أدعو أرفع يدي في الشارع وأدعو بصوت مرتفع؟! لا يحول بيني وبين سؤال الله تعالى شيء وأدعو ربي في أي مكان نحن أُمرنا بهذا.
نعود إلى موضوع تحويل القبلة ويسأل المقدم عن معنى كلمة قِبلة وملولها اللغوي واللفظي ولماذا جاءت كلمة شطر وليس جهة في الآية؟
الجواب: هذا الموضوع يحتاج في الحقيقة لأكثر من حلقة لكن نأخذ منه ملمحا واحدا. الذي نراه في الأمة خلافات في كل شيء وأقسم أنه ما بقي من اتحاد المسلمين أو توحيدهم إلا هذه القبلة وهي الوحيدة التي تجمعنا في أي مكان قبلتنا واحدة فأسأل الله تعالى أن نأخذ منها امتداداً لتوحيد الاسلام وتوحيد المسلمين واتفاقهم على كلمة واحدة. ومع الاختلافات أوجد الله تعالى هذه القبلة للفت النظر إلى الوحدة والتوحيد والاتحاد (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) فالقبلة هي الباقية من توحيد المسلمين ويجب أن نأخذ منها بداية الخير من اتحاد المسلمين على لا إله إلا الله محمد رسول الله.
كلمة قِبلة وردت في القرآن سبع مرات ست منها في سورة البقرة وواحدة في سورة يونس. تتكلم عن أن تأخذ قبلة واحدة لأي مكان في الدنيا ولذلك عبّر الله تعالى في الآية (فولّ وجهك شطر المسجد الحرام).
واستعمال كلمة شطر مناسب في الآية لأنه لو استعمل كلمة جهة لاختلف المعنى ولكان استعصى فهمه في أي مكان في العالم. أنت عندما تقف في أي مكان لك دائرة نصف قطرها هو الشطر (وشَطَر في اللغة يعني قَسَم وشطرته يعني قسمته نصفين) وأنت واقف في أي مكان في أي اتجاه تأخذ شطر ولا تأخذ دائرة كاملة قِبلتك هي شطر وظهرك في شطر ولذلك استخدم تعالى كلمة شطر (فولّ وجهك شطر المسجد الحرام) ليست أية جهة إنما نصف قطر دائرتك في أي مكان أنت فيه يا محمد لك قبلة واحدة و(وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) بدليل أنه إذا نظرت إلى المصلين حول الكعبة من فوق تجدهم يقفون في دائرة وتجد الذي يصلي عند زاوية الكعبة يقف أمام الزاوية تماماً عند أي ركن وهو في نصف قطر ولم يقل جهة الكعبة لأنه لو قال جهة لا يمكن أن يكون لنا نصف دائرة. والشطر النصف والنصف لأنه لي في أي مكان نصف دائرة أمامي قبلة وخلفي لا والذي ورائي يأخذ نفس القبلة وكذلك في كل الاتجاهات. ساعة الأذان الكل يتوجه إلى قِبلتة المسجد أو شطر المسجد وهذا التعبير يجب أن نضعه في قلوبنا . وأتمنى أن نخصص حلقات نشرح فيها صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يصلي كانت قدماه متوجهة للقبلة ووجهه وقلبه وأطرافه ورجليه وساعة ركوعه وسجوده يتوجه للقبلة وفي جلسته للتشهد الأخير أو الأوسط ينصب رجله وأصابعه متوجهة للقبلة فكل جسمه وأطرافه قلباً وقالباً باتجاه القبلة ورحم الله شيخنا الشعراوي على ما أذكر أنه ان يقول نحن نريد سجود قلب قبل سجود القالب وركوع قلب قبل ركوع القالب. صحيح أنك ركعت لكن هل ركع قلبك؟ أنت تتوجه للقبلة فهل توجه قلبك؟ وأذكر مرة أنه دخل علينا رجل ونحن نتناقش في موضوع فسألنا أصليتم العصر قلنا نعم فقال أستأذنكم لأصلي فسكتنا وتركناه يصلي فما كان منه إلا أن التفت إلينا بعد أن سلّم وقال وجدت لكم حلاً للموضوع فهل كان هذا الرجل يصلي؟ قوله تعالى (وحيثما كنتم) أي من حيث المكان والمكين فمكان ما تكون ولّ وجهك شطر المسجد الحرام ولن تُقبل الصلاة إلا إذا توجهت بقلبك وبدنك وعقلك وفكرك إلى القِبلة وإلى الله تعالى.
ويسأل المقدم عن الصلاة في الطائرة أو السيارة فقد يكون المصلي على غير اتجاه القبلة فما حكم ذلك؟
الجواب: الصلاة على الدابة أو في الطائرة لا تكون إلا في النوافل أما في الفروض فقد شرع الله تعالى القصر والجمع تقديماً أو تأخيراً والرسول صلى الله عليه وسلم صلّى النوافل على الدابة. فاي مسافر في طائرة أو غيرها يمكن أن يصلي قصراً وجمعاً غي أي مكان ينزل فيه. ونسمع آراء كثيرة يقولون بجواز الصلاة لغير القبلة في الطائرة أو غيرها وأنا آخذ بالرأي الأعمّ الغالب الصحيح. استقبال القبلة مهم جداً يجب أن نضعه في قلوبنا فالرسول صلى الله عليه وسلم كانت أعضاؤه كلها وقلبه متجهة للقبلة. أما صلاة المريض فاستثناء ولا يقاس عليها فيمكن له أن يصلي قائماً أو قاعداً أو نائماً أو برموش عينيه لكن نحاول قدر الإمكان أن يكون في اتجاه القبلة فإذا استعصى هذا الأمر صلى على غير القبلة ولكني أرى أنه لا يستعصي حتى تبقى القبلة في قلبه. المسألة تحتاج إلى وقفة تحويل القبلة كإعادة للمسجد الحرام الآيات فيها كلمات تلفت الأنظار إلى أشياء وقضايا في منتهى الإبداع فإذا شعرنا بالآيات عندما نسمع (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) نعلم أنه من يتعرض لهذه القضية قديماً أو حديثاً فإنما اتهم نفسه بالسَّفَه قبل أن يتهمه الآخرون وبعض الكتب إلى الآن ما زالت تناقش مسألة الإسراء والعروج وتغيير القبلة. والكلام كله يبيّن أن الإسلام كدين خاتم سيظل فوق الرؤوس رغماً عن أنف حاقديه منتصراً المهم أن نتقي الله في الأمة ولا نركن إلى الضعيف من الأحاديث وأن نذهب إلى التفسير الذي يقبله أهل السلف ويتّسق مع الأية والأحاديث الصحيحة. والباب الواحد لأي موضوع يهم المسلمين فيه من الأحاديث الصحيحة ما يكفي.
شهداء على الناس:
الآيات تحتاج لوقفة في مسألة كون المسلم أقول أنا مسلم فما هي مقومات إسلامي؟ الحق تعالى يشرح هذه الآيات (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) وقوله تعالى (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) بالعمل والعلم و(وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) بعلمه وعمله. السؤال الذي أسأله لو لم يقل الرسول r صلّوا كما رأيتموني أصلّي كيف كنا سنصلي؟ ولو لم يقل في الحج "خذوا عني مناسككم" فكيف كنا حججنا؟ لكنه لم يقلها في الزكاة لأن هذه المسألة يدخل فيها البخل والشُّح فترك الرسول صلى الله عليه وسلم كل واحد على قدر ما يقدّم وكذلك الصيام لم يقل صوموا كما رأيتموني أصوم لأنه صلى الله عليه وسلم فهم حديثاً لله رب العالمين: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به. بمعنى أن الصيام بين العبد وبين المولى وكذلك الزكاة لم يتكلم عنهما الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه تكلم في الصلاة لأنها عبادة فيها حركات تحتاج لتوجيه وتصحيح وشرح فحسمها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال" صلّوا كما رأيتموني أصلّي وفي الحج: الحج فرض لكن توقيع الحج أن تأخذه كما حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا أخطيء وعلى الناس الذين سيذهبون للحج هذا العام أن يراجعوا أنفسهم وأن تتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في عرفة والمزدلفة ومنى لأنها الأماكن التي يكثر فيها الخطأ والفيصل في هذا الأمر هو كيف حجّ الرسول صلى الله عليه وسلم؟.
وفي نهاية الحلقة يسأل المقدّم الدكتور هداية عن حلقات الفوائد البنكية التي وعد المشاهدين بها منذ أشهر عديدة. يجيب الدكتور أن الناس تنتظر هذا الموضوع وأنا أستأذنهم بإمهالنا إلى ما بعد شهر رمضان بأسبوعين حتى نستكمل الموضوع لأنه تبقى منه موضوع القروض والائتمان حتى يكون الرأي متكاملاً. أما في رمضان فسنفرّغ أنفسنا للعبادة والدعوة إن شاء الله. وأنا أريد أن أستوفي الموضوع بحيث لا يكون بعده أسئلة إلا الاستثناءات وأنا أريد عندما أقول هذا حلال أن أقدّم سندي وعندما أقول هذا حرام يجب أن أقدّم البديل. وأنا أجمع آراء الشيخ علي جمعة والشيخ طنطاوي وسنقول بإذن الله الرأي السديد الذي يُرضي الله تعالى ورسوله مهما كانت النتائج لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علّمنا أن الرجل ليتفوه بالكلمة تهوي به في جهنم سبعين خريفاً. ويجب أن نفهم أن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل فتحروا الحلال قدر إمكانكم والله تعالى مطّلع على قلوب الجميع وهو تعالى يحاسب الناس (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) غافر) صحيح أن الملائكة تعلم وتسجّل ظواهر الأمور (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) الانفطار) أما بواطن الأمور فلا يعلمها إلا الله تعالى وساعة قال الله تعالى (مالك يوم الدين) تعني الحساب الكامل لكل شيء أمامه يوم القيامة.
أسأل الله تعالى أن يجعل هذه الأيام المباركة فاتحة لنا وخير علينا في أن نتلقّى عن الله تعالى قرآنه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم سنته الصحيحة على مُراد الله تبارك وتعالى فينا.
[motr]
يتبع ..
[/motr]

ميارى 23 - 7 - 2010 02:52 AM



أسئلة المشاهدين:
سؤال 1: نسمع من يقول أن ربنا يغفر للناس في شهر رمضان فهل هذا الكلام صحيح؟ وقالوا أن فضل شهر شعبان عظيم. وهناك سؤال آخر حول تفسير الآية (يُخرج الحيّ من الميت ومخرج الميت من الحي) وهل لهذه الآية علاقة بأنه عندما يتوفانا الله تعالى يحيينا في روح أخرى لأنه يحدث معنا أن نكون في موقف أو مكان ونشعر أننا مررنا بها سابقاً.
جواب: لا يوجد شيء اسمه فضل شهر شعبان أو فضل شهر كذا. نحن نسأل عن الفضل لأننا نريد أن يغفر الله لنا فهل يُعقل أنه إن أذنب عبد في رمضان سينتظر إلى شعبان القادم حتى يغفر الله تعالى له؟! قال تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) النساء) وشرحنا سابقاً أن الله تعالى يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده باللليل ليتوب مسيء النهار فالذي أساء في الليل لا ينتظر للصبح وإنما يتوب من قريب وهناك فرق بين توصيف الحديث وتوقيعه فوصف الحديث جاء للتقريب لكن طالما علمت أن الله تعالى يبسط يده بالليل وأنا أخطأت بالليل لا أنتظر للصباح وإنما أتوب على الفور.
يستطرد المقدّم قائلاً: قد يفهم الناس أن فضل شهر شعبان هو في مضاعفة الأجر وزيادة الحسنات فما رأيكم؟
كل يوم تقوم فيه لله رب العالمين وتصوم فيه لله رب العالمين هو صاحب الفضل وأنا أريد كل ليلة وليس ليلة واحدة فقط كما يقتصر عليه الحديث الذي نناقشه. وأنا أستعرض ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا تكلمنا عن القيام فكان صلى الله عليه وسلم يقوم طوال العام نحن الذين قصرنا القيام على تراويح رمضان فقط وننام باقي العام ومن المؤسف أن بعض الناس يجتمعون في المسجد في آخر ليلة في رمضان ينتظرون ثبوت هلال شهر شوال فإذا ثبت قاموا يهللون وتركوا المسجد بلا صلاة وإذا كان رمضان صلوا التراويح ثم ذهبوا فهل هذا معقول؟ وكأننا نعبد رمضان فأقول اتقوا الله في أمتّنا كأننا نقصر القيام على رمضان قوموا الليل ولو لم يكن رمضان ولا نقتصر الاحتفال على ليلة واحدة والرسول ٍ وصحابته قاموا العام كله وصلاة التراويح أصلاً لم تحصل إلا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يصلّها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر الصديق ولكن حصل في عهد عمر أن جاءه رجل فقال أدرك الأمة يحدثوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج عمر فنظر إليهم وقال نِعم البِدعة وعاد إلى بيته ولم يصلها . ولهذا أقول صلّوا القيام في رمضان وشوال ورجب وكل الأشهر. نحن نأخذ السُنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي علّمنا وعن عائشة رضي الله عنها أنه كان أحب شيء إلى الله تعالى ما افترضه علينا وأحب شيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن تداوم ولو بقليل. إذن نقوم كل ليلة بركعتين أو أربع أو ست أو ثمان حتى نكون مثل الرسول صلى الله عليه وسلملأنه يجب علينا أن نأخذ شيئاً من قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ) فالذي يريد أن يُحسّن وقفته بين يدي الله تعالى وفي اليوم الآخر يكون مشرّف الوقفة عليه أن يتّبع الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما بالنسبة إلى الصيام فالشهر المفروض على الأمة هو رمضان وكان أول ما يأتي رمضان يعلّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كاه" هذا أول توجيه منه صلى الله عليه وسلم ثم التوجيه الثاني صيام ثلاثة أيام من كل شهر (13، 14، 15) ثم التوجيه الثالث صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع ثم التوجيه الرابع صيام العاشر من محرم (عاشوراء) صامه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال أنه سيصوم التاسع والعاشر في السنة القادمة فمات صلى الله عليه وسلم والبعض اليوم يصوم العاشر فقط والبعض يصوم التاسع والعشر وكلاهما جائز. ثم توجيه آخر وهو صيام يوم عرفة لغير الواقف فيه وسنشرح هذا الكلام في حلقات الحج وبعض الناس يظنون أن صيام عرفة للواقف حرام وهذا غير صحيح وإنما التوجيه بعدم صيامه للواقف هو ليتفرّغ الواقف للعبادة والصلاة والذكر والدعاء. ثم توجيه آخر غاب عن الأمة وهو قوله صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليزوج فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج وإلا فليصم فإن الصوم له وجاء" فالذي ليس معه نفقات الزواج أو الذي ليس لديه إمكانية إدارة البيت فليصم لأن الباءة ليست مالاً فقط وإنما مال ومسؤولية إدارة البيت أيضاً. كل هذا غاب عن الأمة فيجب علينا أن نرجع ونلحق أنفسنا ونصوم في شعبان إلا آخر يومين حتى نضمن قصة يوم الشكّ وما يقوله الناس عن أن الصيام بعد منتصف شعبان لا يجوز كلام غير صحيح لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر شهر صامه بعد رمضان هو شهر شعبان وفي حديث البخاري أنه صامه كله.
يستطرد المقدم سائلاً الرسول صلى الله عليه وسلم صام شعبان ألا يدل ذلك عن أن لهذا الشهر خصوصية معينة؟
كلا، الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث عن شهر شعبان قال أنه شهر يغفل عنه الناس فأكثر هو صلى الله عليه وسلمالصيام فيه. وأنا لا أعترض على الصيام في هذا الشهر وإنما أعترض فقط على تخصيص ليلة النصف من شعبان ويومها بالصيام والقيام. يجب على المسلم الحقّ الإكثار من الصيام في شعبان لأنه توجيه من السيدة عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا تخلطوا بين رفضنا لحديث النصف من شعبان وصيام شهر شعبان . وأقول أن فضل شهر شعبان هو في العمل وليس في الشهر نفسه فهل إن كان هناك شخص يصوم الشهر ويقوم ليله وآخر يصوم نصفه ويقومه وآخر لا يصوم ولا يقوم فيه فهل يتساووا في الفضل؟ بالطبع لا فأجر الصائم والقائم في كل الشهر سيكون أكثر لأن الجزاء من جنس العمل ففضل الشهر ليس في الشهر وإنما في عمل المسلم في هذا الشهر. ولنتذكر حديث الرسول "وأنا آخذ بحججكم وأنتم تتفلّتون من يدي" . لا نقول لا تحتفلوا الاحتفال مقبول إذا كان سيدفع الناس إلى الصيام والقيام طوال الشهر ولا نريد أن نكون ممن يُطردون من على الحوض لأننا أحدثنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليس معنى أن الوزارة تحتفل بهذه الليلة أن الحديث صحيح . الحديث موضوع شئنا أم أبينا والاحتفال قد يكون من وجهة نظر توجيه الناس لكن فضل الشهر هو بعمل المسلم في هذا الشهر ولا فضل لشهر شعبان على من نام وتمنّى وجاء بأحاديث ضعيفة.
أما سؤال الأخت الثاني حول تفسير قوله تعالى (يُخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحيّ) فهذه تحتاج فهذه تحتاج إلى شرح طويل لكن نكتفي بالقول أن لا علاقة للآية بأن الأرواح تدخل مكان روح أخرى وما يتهيأ لنا إنما هو تصور نفسي لا علاقة له بالروح. لأن الروح من غير البدن لا تعطي ذاكرة ولا شيء والروح مع البدن هي النفس التي تتنعّم وتعمل وتتعذب وتُناقش وتُحاسب وتُجازى. وقوله تعالى يُخرج الحي من الميت رأيناها ومخرج الحي من الميت نأخذها على الخلايا الميتة التي تخرج من تلقاء نفسها وتتجدد ليبقى الحيّ حيّاً وبعض المفسرين قالوا أنها كالبيضة من الدجاجة وغيرها من التفسيرات. وأقول أن الله تعالى جاء بلفظ (مُخرج) باستخدام الإسم الدال على الثبوت ويُخرج بلصيغة العل الدال على الحدوث والتجدد.
سؤال 2: تسأل إحدى المشاهدات عن الأموات الذين ماتوا ولم يعرفوا ما يقوله الدكتور هداية عن موضوع ليلة النصف من شعبان فهل يؤاخذون بهذا؟ ثم سألت عن الصيام في شعبان وأنها لم تكن تعلم استحباب الصيام فيه فهل يمكنها أن تصوم الآن ويتقبّل الله تعالى منها؟
الجواب: سؤال قيّم جداً لأنه قلق على من يستمع ويطبق وهو لا يدري فأقول للأخت اطمئني وللمشاهدين اطمئنوا تماماً فالله تعالى يعاملنا بالفضل وليس بالعدل والله تعالى يعلم أن فلاناً لا يعلم وإنما سمِع وطبّق طمعاً بكسب حسنة وإرضاءً لله تعالى وهو بإذن الله تعالى سيؤجر بنيّته وهذه هي الخطورة في الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه إذا زلّ عالمٌ زلّ بزلّته الكثيرون. نحن كمسلمين نسأل نسأل الله تعالى كل يوم لكل أمواتنا إن كانوا مسيئين فتجاوز عن إساءتهم وإن كانوا محسنين فزدهم في إحسانهم وحسناتهم وهذا دعاء كل مسلم لكل مسلم يومياً. والله تعالى يحاسبنا على النوايا ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " فإذا نويت صيام يوم غد ومُتّ سيكتب الله تعالى لي هذا اليوم والذي نوى الحج ولم يأت اسمه في القرعة يأخذ الثواب ويقدّم في العام القادم للقرعة الثانية. فأقول للأخت بإمكانها الصيام الآن وما زال لديها أياماً كثيرة في شعبان لكن لا تصم اليومين الأخيرين لتفادي صيام يوم الشكّ. الله تعالى يحاسبنا كما جاء في الحديث " وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال: إن الله -عز وجل- كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن همّ بحسنة، فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها، فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن همّ بسيئة، فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها، فعملها كتبها الله سيئة واحدة " (رواه البخاري ومسلم) والله تعالى أرحم بنا مما نظنّ.
يجب على كل إنسان أن يفكّر عمّن يأخذ ويتأكد من صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لنا صديق من أفاضل الناس وأحسبه كذلك وأسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة وكان ممتازاً في التطبيق فتح مرة كتاب إحياء علوم الدين للغوالي وفيه من الأحاديث الضعيفة والموضوعة الكثير بحيث أن الكتاب من خمسة أجزاء عندما كتبنا مختصره جاء في كتاب واحد.
هذا الرجل كان لديه مشكلة وأراد أن يعمل شيئاً بحيث يستجيب الله تعالى له ففتح الكتاب فوجد ركعتين قضاء الحاجة وهذه تسمية لا أساس لها من الصحة لأن قضاء الحاجة هي الخلاء وإنما يقال لها صلاة الحاجة فاستقلّ الركعتين فوجد حديثاً آخر أن يصلي 12 ركعة فقام فتوضأ وصلى 12 ركعة ثم أراد أن يدعو ففتح الكتاب فوجد أن الحديث موضوع وكان قد صلّى فحزِن وأخبرني فقلت له ادعو فأنت عملت بنيّتك وحتى لو لم يصلي الإنسان هذه الركعات يمكنه أن يدعو الله تعالى. يجب علينا أن نصحح هذه المفاهيم حديث ال 12 ركعة موضوع وإنما الحديث الصحيح هو صلاة ركعتين تسمى صلاة الحاجة. فالذي يعمل بنيّته سعياً وراء إرضاء الله تعالى سيرضى عنه مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيّات" والواجب علينا نحن الأحياء أن نتدبر التفسير القيّم للقرآن والسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونقول الناس الذين ماتوا قبل تحويل القبلة ما سيكون وضعهم؟ ذكر الله تعالى الإجابة في قوله (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) لمّا نزلت آية تحويل القبلة قال اليهود إن الذين ماتوا يصلون لبيت المقدس ضاعوا فردّ الله تعالى عليهم أن من مات وقد صلّى لبيت المقدس قد نفّذ تعاليم الله تعالى وهو مسلم مئة في المئة وكذلك من مات على شريعة موسى عليه السلام أو شريعة عيسى عليه السلام لغاية آدم عليه السلام قبل الرسول صلى الله عليه وسلم
نسمع في بعض الأماكن من يقول أن الميت في القبر يأتيه ملك الموت فيسأله من ربك وما دينك وما قولك في محمد؟ أقول أنا أتحدى أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا فهل محمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول الأوحد؟ إنما يسأل الملك من ربك، ما دينك، وما قولك في الرجل الذي بُعث فيكم والكتاب الذي أُنزل إليكم؟ فالرجل الذي بُعث إليكم قد يكون عيسى أو موسى أو محمد عليهم صلوات ربي وسلامه هذا الكلام يصدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الأسئلة لا تكون للمسلمين فقط وإنما للناس جميعاً ولكل من يموت. فقد يكون الميت قد مات على الاسلام بالنصرانية أو اليهودية فهو في الجنة إن شاء الله والرجل الذي بُعث فيكم والكتاب الذي أنزل قد يكون التوراة أو الانجيل أو القرآن.
يستطرد المقدم ويسأل أن العوام ونحن نخطئ لأننا تعودنا على هذه المفاهيم فأين دور الدعاة والحكومة؟ ومن الذي يقول أن هذا صحيح وهذا ضعيف؟؟
الجواب: حتى نكون أمناء وصُرحاء أقول أنني في الأسبوع الماضي صلّيت الجمعة في مسجد في مدينة نصر وكان الخطيب شاباً صغيراً قرّاءً لو كان عندنا مئة مثله لكانت مساجد القاهرة بخير وكان في الخطبة يريد أن يصل بالناس إلى برّ الأمان وتجد الناس بعد انتهاء الخطبة مستغربين لأنهم سمعوا شيئاً ما تعودوا على سماعه من قبل وهذا الشاب عندما رآني قال كان الأولى أن تكون أنت الخطيب فأجبته والله لو كنت مكانك لما قلت أكثر مما قلته أنت والحمد لله عندنا من يصحح لكن هل تتخيل وزارة الأوقاف والدكتور زقزوق لديهم من مشاكل وأعباء بعدد المساجد وعدد الأئمة والمسألة صعبة والتغيير صعب لأن ما استقرّ في الأمة لسنوات طويلة يحتاج إلى وقت لتصحيحه وعلينا أن نبدأ بأنفسنا وأقسم أنه لو أرسل لي أحدهم أني أخطأت في أمر لاعتذرت على الهواء مباشرة وصححته فالدين لله تعالى ونحن نتكلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن لم ننشيء علماً ولكننا نأخذ من السلف فلنتفق على الأصول وما اختلفنا فيه نحتكم للكتاب والسنة الصحيحة. الوزارة تقوم بدورها وتعمل فيما أتاحه الزمان والمكان وعندما يُطلب مني أو من غيري السفر إلى أي مكان نسافر وعلينا أن نبدأ بالعمل فعندما نرى آية نبحث عن أحسن تفسير لها وإذا سمعنا حديثاً نوثّقه ونبحث في سَنَده ومتنه ومن رواه هذه الأمور تخرج بنا إلى السُنة الصحيحة وإلى وقفة مشرّفة بين يدي الله تعالى يوم القيامة وإلا سنكون ممن قال تعالى فيهم (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الكهف).
يسأل المقدم الدكتور هداية عن مشروع المؤلفات التي تستبعد الضعيف وتستخلص الصحيح فقط فأجاب الدكتور أن هذا عمل كبير وما زال يجمع فيه وسأل اللع تعالى أن يُتم هذا العمل ليكون بين أيدي الناس.
سؤال 3: يسأل أحد الإخوة أنه يعمل مؤذّناً في مسجد ويريد أن يعرف ثواب المؤذّن ويسأل عن القرار الذي صدر بخصوص توحيد الأذان.
الجواب: ثواب المؤذن ثواب كبير جداً وكفى بالمؤذن فخراً أن يُعلمني بوقت الصلاة حتى لو كان عندي إعلام مسبق به وأسأل الله تعالى أن يكون الأخ السائل من أطول الناس أعناقاً يوم القيامة. أما موضوع توحيد الأذان الذي سأل عنه الأخ إنما هو للمساجد التي ليس لها مؤذّن معيّن من قِبل الوزارة أو وؤذن قائم بأمر الأذان فترى الذي يؤذن فيها لا يؤذّن بشكل صحيح فقد تسمع البعض يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله وهذا خطأ والصحيح أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله، ومنهم من يقول حي على الصلاح بدل حي على الصلاة وهو لا يعلم أنه يجب أن يقول حي على الصلاة. هذه هي الحالات التي تقصده الوزارة أما المساجد التي فيها مؤذن معيّن من الوزارة ويؤذن بشكل صحيح فلا ينطبق عليها القرار.
بُثّت الحلقة بتاريخ 3/10/2004م



ميارى 23 - 7 - 2010 03:00 AM

ليلة النصف من شعبان
تقديم علاء بسيوني
المقدم: اليوم نقدم حلقة خاصة عن شهر شعبان وعن ليلة النصف من شعبان لأنه يجب أن نسمع الناس صوتنا وسط الضوضاء التي ترافق هذه المناسبة ويقال نفس الكلام ونفس الأدعية ونفس الأحاديث وكأن الموضوع يتم بشكل اوتوماتيكي كل سنة من دون أن يتوقف أحد مع نفسه ويتساءل هل هذه الأحاديث التي نتداولها لها أصل أم لا وهذه الأدعية التي تطبع وتباع هل لها أصل والناس تبيع وتشتري من دون أن تتوقف مع نفسها للتأكد هل هذه الأحاديث والأدعية لها أصل من السُنة أم لا، بعد أن مرت ليلة النصف من شعبان وهدأت الفوضى نتكلم عن فضل هذا الشهر الكريم وهل ما نفعله صح أم خطأ؟
كلما تأتي مناسبة دينية أو ذكرى يكون هدف البرنامج أن نستخرج العبر والدروس المستفادة لا أن نعمل حفلة أو نتبادل التهاني وعمل موائد شهية كعادة الأمة الإسلامية تفريغ أي ذكرى من مضمونها والاهتمام بشهوات البطن لكننا سنتكلم عن موضوع سنسميه شهوة العقل أن العقل يشتهي أي شيء بدل ما ينتقي ما هو الصالح فالذي عقله جائع يقول أي شيء ويفكر في أي شيء. هل مسألية الإحتفالية مشروعة أم لا؟
د. هداية: أنا محتار لأن هذه القضية والموقف الذي أنا فيه سأشرح سببه، كل سنة يقال الكلام والدعاء من الحديث الموضوع المنكر الذي لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقدم الحلقة فيخرج أحدهم ويقول ضيعنا جمال الليلة وبهاءها والعجيب أعجب شيء أن السيد وكيل وزارة الأوقاف مهلهل النصف من شعبان والحديث وقال كلاماً عشرة على عشرة لكن الوزارة احتفلت. اليوم في مجلة الدكتور سالم عبد الجليل وهو عالم محترم من علماء الأزهر الأوقاف قال إن هذا الحديث موضوع لكن السؤال هل احتفلت وزارة الأوقاف أم لا؟ احتفلت، وستحتفل السنة القادمة والحديث موضوع والعلماء يعلمون أنه موضوع كل العلماء يعرفون أن هذا الحديث خطأ ولكن ما نشره بين الناس هو شهوة الفراغ، يخرج أحدهم يتكلم فيخرج من يرد عليه لكننا نقول أن الأمة أمانة في رقبة العلماء الحديث موضوع والكلام عن الليلة وبهاءها غير صحيح، ليس هناك ما يسمى النصف من شعبان، القبلة تحولت نعم تحولت لكن ليس في نصف شعبان، الذين حققوا الحديث قالوا أن الحديث موضوع ومنكر وعلّة وضعه إبن أبي سبرة، أحمد ابن جنبل وانب معين قالوا عن هذا الرجل أنه يضع الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يعني شغلته وضّاع. لو راجعنا الحديث ونطلب من الناس أن يردوا علينا لأن ضيلع الأمة مسؤولية العلماء ووقوع الأمة في البدعة مسؤولية العلماء. الحديث الذي يقولون عليه ما يعجبهم فيه أن الله تبارك وتعالى يتنزل في هذه الليلة لكن الله تعالى يتنزل في كل ليلة ويبقى الثلث الآخر من كل ليلة وليس في النصف من شعبان (في الحديث الموضوع يقولون أن الله سبحانه وتعالى يتنزل في ليلة النصف من شعبان) وعندنا حديث في البخاري ومسلم متفق على صحته يقول "ينزل ربنا في كل ليلة حين يبقى الثلث الآخر من الليل فيقول هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه؟ عندنا حديث يقول أنه يتنزل كل ليلة وليس ليلة خاصة، وإذا أخذنا برأيهم إذا كان الله تعالى يتنزل ليلة النصف من شعبان فقط فماذا يحل بالذي مات في ليلة الثالث عشر من شعبان؟ يضيع؟! إنما لما يتنزل كل ليلة ستكون الفرصة أكبر وهذا الحديث يتسق مع أحاديث رسول الله في التوبة، لو سمعنا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في التوبة "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل" هل الآية في القرآن الكريم تقول إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون في النصف من شعبان؟! الآية تقول (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ (17) النساء) التي هي كل ليلة فما معنى أن نتمسك بحديث ضعيف أو حديث موضوع؟ العذر الذي يقدموه أن الحديث الموضوع يؤخذ منه في فضائل الأعمال لكن نسألهم أي فضل سيأتي من حديث موضوع؟! أنت المفروض كرجل حديث أن ترد الحديث وتخرج على الناس تحذرهم من هذا الحديث كما قال الدكتور سالم لكن للأسف الوزارة احتفلت والمذيع يقول احتفال الوزارة بليلة النصف من شعبان، هذه مهزلة! الدكتور سالم يتكلم كلاماً صحيحاً لكن يبدو أن المسألة خارجة عن يده لأن الوزارة احتفلت وهو وكيل وزارة الأوقاف. الحديث موضوع والحديث الصحيح يقول أن الله تعالى يتنزل كل ليلة.
المقدم: ما الذي يجعل الناس تصدق هذا الحديث الموضوع؟ ما الميزة والفائدة؟
د. هداية: أنت قلت عن مسألة شهوة العقل أنا سأسميها شهوة الفراغ فراغ ديني وأنا شخص نصف متدين لأن الذي يتمسك بهذا الكلام الذي لا يريد أن يلتزم كل ليلة فأنت عملتها له ليلة في السنة كلها، هو يقول أتريدون أن أصحو كل ليلة؟! هؤلاء لا يحققوا العلم هذه قضية خطيرة وغير مقبول. ونذكر لما خرج أحدهم وقال 4 سجائر أو 5 سجائر لا تفطر في رمضان ولم يخرج أحد ليرد عليه أبداً.
المقدم: هذا الذي تكلم هكذا أرى أنه من فضل الله ورحمته لأنه سيفضح نفسه بنفسه فكل الناس حتى رجل الشارع العادي غير المتخصص يعلم أن السجائر تفطر.
د. هداية: لكن لم يرد عليه أحد من الأوقاف. لكن لما تقول أن الحديث موضوع يخرج من يرد عليك! نحن نضع الأمة أمام مسؤولياتها لأنك لن تعفى لأنك سمعت الشيخ الفلاني أو سألت الشيخ الفلاني لأن الله تعالى قال (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) الإسراء). لا يوجد ولا حديث صحيح في ليلة النصف من شعبان. والدعاء الذي يتكلمون به يقول للمولى عز وجل اللهم إن كنت قد كتبتني في أُمّ الكتاب عندك شقياً ومحروماً فاكتبني اليوم سعيدا والله تعالى يقول (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) ق) (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس) (وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ (8) الرعد) أنت يمكن أن تغير رأيك لكن لا يحصل هذا مع المولى عز وجل. مثلاً قد يأتيك عريس لابنتك فترفضه فآتي أنا وشخص آخر نكلمك ونسألك لم رفضت هذا العريس؟ نقنعك فتغير رأيك لأننا أغيار أبناء أغيار لكن المولى عز وجل الذي علمك يعني عقيدتك الثابتة في القرآن أن ربك لا يبدل القول لديه فتقول له أنت غيّر؟! أنت تسأل الله أن يغفر لك أو يتوب عليك لكن الصياغة خطأ لا يمكن أن تأتي من رسول أبداً نحن نتكلم في المتن ولو دخلنا إلى السند قلنا أن ابن ابي سبرة قال عنه ابن حنبل وابن معين أن هذا الرجل يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلمفكيف نأخذ منه أحاديث؟! فالقضية خطيرة. لكن هل تحولت القبلة؟ نعم تحولت.
المقدم: إذا كان هناك ذكرى إسلامية تستحق الوقوف عندها وتستحق أن نرى ماذا يمكن أن نتعلمه ونطبقه بعد هذه القرون نعمل مجلس علم ونحتفل. مسألة القبلة فيها نوع من الرمزية نريد أن نتكلم عنه، نسأل أهمية الموضوع كل يمكن أن تكستب بعداً أنه يجب على الأمة إذا أرادت أن تصل إلى شيء طيب ومحمود يجب أن تتوحد حول هدف واحد يجب أن يكون الإتجاه واضحاً والقبلة واضحة لمعرفة أين تذهب واليوم في العلوم الإدارية الحديث تحدد الأهداف والاستراتيجيات الحديثة التي توصل للهدف والكوادر المدربة التي تفهم كيفية تطبيق الاستراتيجية للوصول للهدف، هذه مسألة علمنا إياها الإسلام من أول ما قامت الدعوة على أكتاف رجل واحد محمد r ومعه ست أشخاص الذين يعملوا نواة دار الأرقم بن الأرقم ويخرج أناس يذهبون للحبشة وناس يخرجون للمدينة تؤسس دولة تفتح العالم كله وتوصل النور الإلهي، أليس هذا هدفاً واضحاً وكوادر مدرّبة؟ هل يمكن أن نقول أن أهم درس اليوم هو أن هذه القبلة يعني المسلم يجب أن يعرف هدفه وويعرف كيف يصل له وينجح أن يصل له.
وحدة القبلة رمز لوحدة الأمة الإسلامية ورمز لوحدة الهدف ورمز للأخوة الإسلامية أننا كلنا ذاهبون لهدف واحد شرعنا واحد وأخلاقنا واحدة فهل كل هذه رموز في رمز واحد؟
د. هداية: بالقطع الذي يتبقى الآن للأمة القبلة هي الشيءالوحيد الذي يوحد الأمة في ظل الاختلافات الفقهية والعقائدية واختلافات في المناهج والعقائد فالذي يوحدنا كمسلمين لله هي القبلة وأضف إلى ذلك أن رب العالمين يثبت لنا وحدانيته لأن الكل يتجه إلى مكان واحد لأن المعبود سبحانه وتعالى على اختلاف الأزمنة وقلنا سابقاً أن الظهر في القاهرة يكون الساعة الواحدة وفي الإسكندرية الساعة 1 وخمس دقائق وفي الساحل الشمالي الواحدة والربع إلى أن تصل إلأى البلد التي على المدار يكون الظهر عندهم الساعة 4 والعصر عندك الرابعة والنصف، من الواحدة إلى الرابعة والنصف ليس وقتي وإنما وقت بلاد أخرى بدليل أن الشخص أطلب منه الصلاة في القاهرة الساعة الواحدة ولو ذهب إلى مرسى مطروح لا يصلي الساعة الواحدة لأنه لم يحن موعد الظهر عنده بعد، الوقت يختلف لكن القبلة واحدة إذن الوقت يختلف حتى يكون الكون كله ساجداً على مدار الأربع والعشرين ساعة لهذا الإله الحق لكن على قبلة واحدة إذن تثبت وحدانية هذا الإله. نضرب مثالاً الذين كانوا يعبدون الأصنام في السابق كان يضعونها في الكعبة استشعاراً منهم بقدسية المكان لكن لم يفكر أحدهم بقبلة لهذا الصنم، الكعبة مستطيلة لكن نحن نطوف حولها على شكل دائري حتى تكون من كل بقعة قبلة لكن لما وضعوا الأصنام في الكعبة لم يتفقوا على وحدة الإتجاه وهذا يبين أن هذا ليس ديناً. منهجية الإسلام فيما ذكرته في سؤال يبين أن هذا إله شرع منهج ديانة، الدين واحد والديانات تختلف لكن الأصل واحد والقبلة تعطي رمزيو كل ما ذكرته إذن فعلاً هذا المعبود واحد.
المقدم: في سورة البقرة الآيات التي تتكلم عن القبلة وتتنبأ بما سيقول الناس (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)) لماذا تغيرت القبلة؟ وماذا كانت أول قبلة؟ المفترض أن أول بيت وضع للناس الذي ببكة فلما يأتي الرسول الخاتم الذي إسم رسالته على إسم الشرع العام وهو الإسلام الذي هو الاستسلام والإنقياد للأوامر والنواهي وكل الأنبياء نفس القصة فلماذا يقال للرسول صلى الله عليه وسلم لما فرضت الصلاة أن يصلي للمسجد الأقصى وليس المسجد الحرام؟ لماذا لم يقال من البداية صلوا للمسجد الحرام؟
د. هداية: الآراء في هذا الموضوع كثيرة لكننا نريد أن تبنى آراؤنا على القرآن والسنة الصحيحة. مسألة (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ) جاءت في سورة البقرة، التحويل أريد أن أسميه حقيقة إعادة لما كان عليه الأصل بنص قوله تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96) آل عمران) لو لاحظنا الأداء البياني للآية نجد أن الناس لم تفعل شيئاً وإنما وُضِع لهم فالفعل مبني لما لم يسمى فاعله فالذي يقول أن إبراهيم هو الذي بنى البيت نقول له هذا خطأ ولكن إبراهيم رفع القواعد من البيت إنما بناء إنشاء فهذا عطس النص القرآني لأن الآية تقول (وُضِعَ لِلنَّاسِ) إذن واضعه من غير الناس، الفاعل هنا محذوف ونائب الفاعل حلّ محله (المفعول به صار نائب فاعل) فمن الذي وضع؟ إذن من منطقية هذا الدين أن القبلة التي وضعت للناس واضعها من غير الناس والناس خلقوا على القبلة لذلك قلنا ليس هناك فاعل من الناس. تحويل القبلة المسلمون قبل رسول الله كانوا يصلون إلى أين؟ إبراهيم عليه السلام كان يصلي للكعبة لأنه أول بيت وضع للناس ولما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم منطقية الأمور أن يصلي للكعبة ولكن الرسول بعث لينهي عهد الوثنية والكعبة في ذلك الوقت كانت مدنسة بالأصنام فلو توجه الرسول صلى الله عليه وسلم للكعبة في الصلاة يكون يسجد للأصنام، خالد بن الوليد نفسه كان يسجد لصنم العزى ويقول له يا عزى سبحانك هذا قبل الإسلام، نأخذ مثالاً ماذا فعل خالد بن الوليد الرسول صلى الله عليه وسلم اشتغل في قلب خالد وكان بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يهدم الأصنام لكن الدرس الذي استفاده الرسول صلى الله عليه وسلممن إبراهيم عليه السلام أن إبراهيم قبل أن يكسر الأصنام بنصف يوم (ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ (65) الأنبياء) لأنه هو الذي كسر أصنامهم لكن لو اشتغلت في قلبي وجعلتني أنا أكسر الصنم لا يمكن أن ابنيه ثانياً فخالد بن الوليد نفسه هو الذي أخذ الفأس وكسر الصنم وقال : يا عُزّى كُفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك. شاهدي في الكلام لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه للكعبة كما كان المسلمون قبل ذلك لقيل محمد يسجد للأصنام فشاءت إرادة الله أن يبأ صلاته لبيت المقدس، بعض الآراء تقول حتى يجمع شتات الرسالات السابقة يعني عملية توحيد وأنا لست ضد هذا الرأي لكني لست معه مائة في المائة لكن لو سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للكعبة الملئية بالأصنام فيكون يعمل الشيء وعكسه أتى ليلغي اللات والعزى ويسجد في إتجاههم. الصلاة فرضت في رحلة الإسراء والعروج ننتبه إلى لفت نظر جاء في سورة الإسراء قال (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى) هذا الإسراء وهذا التحويل، هذه كانت إشارة إلى هذا سيحصل من المسجد إلى المسجد كأن القرآن يقول انتبهوا أن المسجد الحرام هو أولى القبلتين بالنسبة لنا لأتباع محمد صلى الله عليه وسلم وليست مطلقة. أول قبلة كانت (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) في الإسراء قال (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى) (من – إلى) أنتم أخذتموها على أنها رحلة الإسراء لكن لماذا لم تأخذوها أنها إشارة أنه سيحصل سجود بهذا الإتجاه بدليل أنه قال على هذا مسجد وعلى هذا مسجد وكانت الصلاة لم تفرض بعد فالمسجد الحرام مسجد بفعل المسلمين قبل محمد صلى الله عليه وسلم النصارى على عهد عيسى واليهود على عهد موسى وعلى عهد إبراهيم وآدم. لما نأخذ أن إبراهيم الذي بنى البيت نكون ظلمنا الناس التي قبل إبراهيم، القبلة هذه من عهد آدم إلى أن بداية عهد صلاة محمد صلى الله عليه وسلم وكأني بسورة الإسراء أنها تلفت النظر أن التحول سيحصل تحول القبلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بدليل قوله تعالى (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ (143)) هذه مسألة امتحان ربنا سبحانه وتعالى أرادها حتى يكشف الذي يقول سمعنا وأطعنا من الذي يقول لماذا؟ وأنا غير مقتنع وهذا غير منطقي وسماهم القرآن سفهاء ولو لم يكونوا سفهاء ما كانوا اعترضوا وقالوا.
المقدم: السؤال الذي نبدأ به أن مسألة عملية الفلترة والاختبارات تتكرر في أكثر من تاريخ إسلامي وعندما تكلمنا عن الإسراء والعروج واستغربنا كيف يحتاج الإسلام أتباع وأنصار والدعوة في بدايتها نريد أناس كثيرون للإسلام ويعمل الله تعالى حادثة معجزة وأناس كثيرون يكذبون وقلنا هذه عملية فلترة لأن الذي إيمانه ضعيف لا ينفع أن يبني الدولة في المدينة فهل هذا نوع من الفلترة على أساس أن الذي إيمانه ضعيف لا يلزمنا خاصة أننا نتكلم عن مجتمع المدينة وفيه منافقين؟
د. هداية: لما كلف المولى تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم بالصلاة في العروج للسماء أرسله من المسجد هذا إلى المسجد ذاك وكان صلى الله عليه وسلم يعرف المسجد الحرام والكعبة لكنه لا يعرف المسجد الأقصى الذي سيكون قبلته فكان لا بد من رحلة الإسراء لم يأخذه في رحلة العروج مباشرة. هذه الحكمة الحقيقية عندي للإسراء، أنا أريد أن أعمل لك شيئاً عظيماً والمولى سيجعلك تصلي في المسجد الأقصى فلا بد أن يريه إياه ومع أن الرحلة كانت ليلاً فلم يكن الأمر في باله فيجعل الله تعالى من يسأله فتحصل عملية نقل مباشر ويصف لهم المسجد والذي كانوا يذهبون في الرحلات يعرفون المسجد والغرض من هذا أن يصدقه هؤلاء وهو يثبت عنده كقبلة التي سيذهب إليها. لو توقفنا عند آية الإسراء فهي آية قوية (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) أنتم أخذتوها على أساس أنها إسراء معجزة لكن لم تنتبهوا إلى من مسجد إلى مسجد ولم تكن الصلاة قد فرضت، مسجد من؟ مسجد غير أتباع محمد والمسلمون قبل محمد صلى الله عليه وسلم كان هذا مسجدهم الذي هو المسجد الحرام لكنه أخذه من هذا المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى لأن هذه ستكون القبلة الجديدة مؤقتاً فيوقع المولى تعالى في الآيات (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا (144)).
المقدم: هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم غير راض عن القبلة
د. هداية: لا ليست هكذا، هناك رضى بطاعة وهناك عدم رضى بعصيان، هذه تحصل معنا أقول لك لي عندك طلب لا ترفضه فتقول أنا سأعمله لكني لست راضي تعمل شيئاً وأنت غير راض عنه. ما معنى ترضاها؟ عندما أقول لك في آيات في كتاب أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) عقله وعواطفه وجوارحه أنه في الكعبة وقبل أن تفرض الصلاة قال له تعالى من المسجد إلى المسجد، الرسول صلى الله عليه وسلم يتمنى على الله ولا يعني أنه غير راضي أو معترض بدليل قوله تعالى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء) لأنه لا يطلب شيئاً كهذا صلى الله عليه وسلم من أدبه ووعيه صلى الله عليه وسلم أن هذه مسألة في قلب العقيدة.
المقدم: نضع هذا الكلام في كفة ومقابها أناس عندما يحصل لهم شيء لا يرضوا عنها يقولوا يا رب لم حصل هذا؟
د. هداية: أنت تأخذ الآية هذه تقولها لهؤلاء الناس هذه مسألة عقائدية والمفروض أن الرسول صلى الله عليه وسلم كرسول يحتاجها مثل إبراهيم عليه السلام لا أقول مثل موسى وعيسى وأنت يا رب قلت لي (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) في المسجد الأقصى أضاف أمراً قيل في المسجد الحرام (إلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) مع فرق أن البيت مبارك ولكن المسجد الأقصى مبارك ما حوله. سورة الإسراء كامت إشارة لهذا الموضوع وسورة الضحى قبل الإسراء كانت إشارة لما سيحصل في الإسراء كإسراء وتحويل القبلة وإعادتها فقال له (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)) وهنا قال له (ترضاها) فسورة الضحى إلى أن هذا الرسول صلى الله عليه وسلم رب العالمين سيرضيه مرة بالإسراء ومرة ومرة بالعروج بالتحويل ومرة بالإعادة لأن سورة الإسراء ألمحت إلى ذلك لكن لم ينتبه لها أحد فقال (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) ولما جاء عند (إلى) لأنه لم يقل شيئاً في بركته لأنه قال في البيت الحرام (مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ) وصّفه بأوصاف تليق بمقام القبلة الأولى أو القبلة لأن القبلة الثانية مؤقتة فقال عن القبلة الثانية التي سيحصل توجه لهاً (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) لكن هناك تلميح لكل هذه الأحداث العظيمة في سورة الضحى
لأن هو هذا الأصل الذي لا يتغير وليس البشر الذي عمله لكن اختيار الكعبة هي القبلة تحت البيت المعمور باختيار الله المسجد الأقصى بني وهناك اختلاف من بناه لكنه لم يقال عليه ما قيل في الكعبة فحتى يكون قبلة مؤقتة يعمل له نوع من البركة حوله، التوجه للمسجد الأقصى مؤقت لأن المساجد كلها في الأرض باختيار الناس أنت تأخذ قطعة أرض وتبني عليها مسجداً لكن القبلة ليست بيدنا فهذا المسجد بنيته أنت باختيارك تتجه فيه إلى القبلة التي اختارها الله تعالى فالقبلة لا ينفع أن تكون باختيار البشر يقوم أحدهم يقول كيف صلى كيف صلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مسجد باختيار البشر؟ نقول له القبلة كانت أين؟ المسجد الأقصى كان باختيار البشر كمكان ولماذا لا يكون الله تعالى هو الذي اختاره؟ ولكن حتى لو كان بأمر البشر القبلة كانت بأمر إلهي. فلما يقول (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) هذه تسمى تحويل إعادة الشيء لأصله.
المقدم: ربنا يرد على كلام السفهاء ويقول لهم أن القصة ليست المشرق والمغرب لأن الله تعالى له كل شيء لكن المشكلة أنه سيهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ولو كان قلبك سليماً ستتبع وتقول سمعنا وأطعنا والنقطة الثانية الصياغة تكررت (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (149)) و(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (150)) فلماذا التكرار؟
د. هداية: التكرارات على قبلة واحد لأنه لو مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن لخليفة أن يقول نعود إلى المسجد الأقصى لنرضي اليهود، كلهم الرسول والأمة وبعد الرسول وليوم القيامة تظل القبلة واحدة باختار الله حتى المسجد الذي تختار مكانه يبقى التوجه فيه لما اختاره المولى تعالى في الأصل (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ). إذن الخلاصة (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ (45) العنكبوت) فيقول أحدهم هذا قرآن؟ تقول له نعم، يقول لك هذا غير صحيح لأن فلان يصلي ويأتي الفحشاء والمنكر، قل له العيب ليس في الصلاة بل في هذا الشخص الذي لا يصلي لا يقيم الصلاة وإنما يؤديها. الشيء الوحيد الذي يجمع الأمة هي القبلة لكن الصلاة لا تبدأ فقط من الصلاة وإنما تبدأ من الوضوء ولو توضأ هذا الرجل صح وتوجه إلى القبلة صح بقلبه تكون صلاته صح وتنهاه عن الفحشاء والمنكر. وضع القدمين في الصلاة وأنت واقف يجب أن يكون مثل رقم 11 حتى إصبع رجلك الذي ستساوي به أعلى نقطة فيك في أعلى لحظات الصلاة وهو السجود يجب أن يكون متجهاً إلى الكعبة لكن إذا رأينا الناس في الصلاة تجد من يقف ورجليه مفتوحتين، لأن قوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ) لا تعني الوجه وإنما يعبر عن كل في المقدمة والوجه يعبر عن الشخص كما نسمي الجاسوس عين وهو ليس عيناً فقط لكن أهم ما فيه العين فالوجه هو الاتجاه لذا عليك أن توجه رجليك للكعبة حتى يكون كل جسمك متوجه للكعبة فلو توضأت صح وتوجهت بقلبك قبل جسمك ثم لما تتوجه بالجسد وتقرأ القرآن في الصلاة بلسانك وتمرره على قلبك تنهاك الصلاة عن الفحشاء والمنكر.


الساعة الآن 06:49 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى