منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   مواضيع ثقافية عامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=67)
-   -   بلادي بلادي بلادي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=32666)

المفتش كرمبو 18 - 3 - 2014 10:55 AM

بلادي بلادي بلادي
 
بلادي بلادي بلادي
http://www.aldohamagazine.com/data/2...ges/75_1_1.jpg

إيزابيللا كاميرا



بلادي بلادي بلادي.. هذه الكلمات تتكرر في كثير من الأناشيد والأغاني الوطنية في البلاد العربية، سمعتها مؤخراً في في سياق خاص جداً. قبل شهور قليلة سافرت إلى المغرب، في منطقة بني ملال، بدعوة كريمة لمؤتمر دولي هام حول الهجرة. وفي اليوم الختامي للمؤتمر صعدت مجموعة من الأطفال بثيابهم التقليدية المغربية إلى خشبة المسرح وغنوا الأغنية العربية «بلادي، بلادي».. لكن الانطباع الذي خرجت به هو أنهم قد يكونون من الأجانب، فلَكْنَتُهم لا تشبه لكنة المنطقة. لماذا؟ فهمت بعد ذلك أن هؤلاء الأطفال قد قرأوا بعض المقاطع التي قاموا بتحضيرها مع مدرِّسة الفصل. ثم فجأة أخذوا يتحدثون باللغة الإيطالية، ولكن ليس الإيطالية الكلاسيكية، الخالية من النبرة المحلية، والتي لا تكشف عن شخصية المتحدث، وإنما راحوا يتحدثون بلهجات متعددة، وخاصة لهجات الشمال الإيطالي، وحكوا لنا حكايتهم والتي أود لو أنقلها إليكم هنا.

هؤلاء الأطفال هم أبناء لمهاجرين مغاربة يعيشون منذ سنوات في إيطاليا، وقد ساهموا بعملهم لكي يجعلوا من بلدنا في الشمال الإيطالي بلداً صناعياً غنياً، يزداد دائماً ثراء عن الجنوب، ليس فقط في إيطاليا، ولكن عن الجنوب بالمعنى العام الشامل، جنوب العالم. هؤلاء العمال المغاربة، المهرة والشرفاء، سمحوا لكثير من الشركات الإيطالية بالنمو من عرقهم وكدهم، وأن يزدادوا ثراء، وأن يتوسعوا في أعمالهم، وفي كل مكان. وهؤلاء العمال بأموالهم سمحوا لأبنائهم بأن تكون لهم حياة كريمة في إيطاليا وساعدوا عائلاتهم التي بقيت في المغرب، هنا في منطقة بني ملال. لكن أبناء هؤلاء المغاربة الذين ولدوا في إيطاليا، وبسبب قانون ظالم وشرير، بنفس قدر ظلم وشر من وضعوه، لا حقّ لهم في أن يصبحوا من المواطنين الإيطاليين حتى يكملوا السنة الثامنة عشرة من العمر، عندها فقط تعترف الدولة بوضعهم القانوني وترحِّب بهم بهم كمواطنين يتمتعون بحقوق المواطنين الإيطاليين كلها. ولكن حتى ذلك الوقت يظلون أجانب ليس لهم الحق في الإقامة في البلد الذي ولدوا فيه ولكنه لا يزال بالنسبة لهم البلد الذي يستضيفهم.

إذاً فهؤلاء الصغار والصغيرات المغاربة عاشوا مع أقرانهم الإيطاليين، وتحدثوا معهم ولعبوا، على الرغم من أنهم ليسوا مثلهم من الناحية القانونية، رغم أنه لو سمعهم أي إيطالي يتكلمون فلن يدرك أنهم أجانب. إلا أسماءهم التي يصعب نطقها على من لا يعرف اللغة العربية أو الأمازيغية، وهي وحدها التي تذكرنا بأنهم ليسوا من الإيطاليين، ولكن مغاربة يتكلمون اللغة الإيطالية مثل الإيطاليين.

وكثيراً منهم لم يذهبوا من قبل في حياتهم إلى المغرب، وهو بلد بالنسبة لهم هو المكان الذي يعيش فيه خالاتهم وعماتهم وأخوالهم وأعمامهم وأجدادهم، وحيث يقضون إجازة الصيف، عندما تجعل الحالة الاقتصادية لوالِدِيهم هذه الرحلة ممكنة. هؤلاء الأطفال الجميلون يشاهدون التليفزيون الإيطالي، ويعرفون أغاني مهرجان سان ريمو، ويأكلون المعكرونة، والبيتزا، بالطريقة نفسها التي نتناولها في إيطاليا، وليس على الطريقة الأجنبية. ومن الطبيعي أنهم يحبون «الطحينة» الجيدة التي تعدها أمهاتهم، مثلما يحبون الأطعمة المغربية اللذيذة الأخرى، ولكن تظل متعة الطعام لديهم هي «شريحة اللحم على طريقة ميلانو»!

وتظل المراكز الاجتماعية التي تهتم بالاندماج الاجتماعي للمهاجرين راضية عن عملها: فالاندماج قد حدث وهؤلاء الأطفال يمكنهم أن يعيشوا في مجتمعنا، مثلهم مثل أندادهم من الإيطاليين، وفي المدرسة ليست هناك فروق بينهم، وهم يتنوعون بين الشطارة والبلادة مثل أندادهم أيضاً. ولكن هل يعرفون اللغة العربية؟ هل يعرفون شيئاً عن ثقافتهم الأصلية؟ لا، لأن أحداً لم يعلمهم إياها. الآباء وأحياناً الأمهات، مشغولون في أعمالهم، والمدرسة الإيطالية ليست مهيأة للقيام بهذا الدور، وليس هناك من يهتم من وجهة النظر الثقافة البحتة بهذه الجاليات الأجنبية التي تندمج اندماجاً طيباً في المجتمع الإيطالي. وبعد؟ لا شيء في الإمكان أبدع مما كان. بيد أن شيئاً مختلفاً يحدث هنا.

أعود إلى الأطفال الذين كانوا يغنون «بلادي بلادي بلادي» بنبرة أجنبية. إن هؤلاء الأطفال بمجموعة اللهجات متنوعة الأطياف، التي تنتمي إلى فينسيا، أو ميلانو، أو برجامو، أو فاريزي أو تورينو أو فيرونا، وصلت إلى آبائهم ذات يوم خطابات تخبرهم بأن عملهم في إيطاليا قد انتهى، وأنه اعتباراً من ذلك اليوم لم يعد هناك رزق لهم هنا. والحقيقة أن الأزمة الاقتصادية العالمية تجبر العديد من المصانع على الإغلاق بين عشية وضحاها، ومن ثم: ليذهب الجميع إلى بيوتهم! لأنه بدون عمل وبدون جنسية فما لزوم البقاء في إيطاليا؟ ولكن إلى أين؟ هؤلاء الأطفال قالوا إن بيوتهم هي تلك التي توجد في المدن الإيطالية، وهناك أصدقاؤهم، ومعلموهم، وكل حياتهم، أو الحياة الوحيدة التي يعرفونها منذ أن ولدوا. ولكن أحدهم قال لهم: احزموا حقائبكم واتركوا كل هذا للأبد. بل وأيضاً أن يفرحوا لأنهم سوف يعودون إلى بلاد الآباء، التي لم يكونوا يعرفونها، وسوف يعيشون مع أهاليهم، ويتحدثون لغة لم يكونوا يعرفونها، ويذهبون إلى مدارس لا يفيد فيها كل ما تعلموه من قبل، وأن يروا آباءهم وهم يفقدون الأمل في العثور على عمل حتى هناك.

لن أنسى هؤلاء الأطفال أبداً، ليس لأنهم كان عليهم أن يبقوا في بلدي/بلدكم/بلدهم، ولكن لأنهم ضحايا حقيقيون للهجرة التي عاشوها في سنِّهم الصغيرة هذه مرتين.

وفاء بنت غزة 18 - 3 - 2014 02:39 PM

رد: بلادي بلادي بلادي
 
واه يا بلادي
يعطيك العافيه
سلمت يمينك على الطرحالموفق جدا
لاعدمناك

اسعدني المرور بصفحتك
تحياتي

shreeata 18 - 3 - 2014 07:22 PM

رد: بلادي بلادي بلادي
 
مووضع اكثر من رائع
سلمت الايادي اخي
كرمبو
تحيات لك

~ مذهله ~ 18 - 3 - 2014 08:38 PM

رد: بلادي بلادي بلادي
 
ولكن لأنهم ضحايا حقيقيون للهجرة التي عاشوها في سنِّهم الصغيرة هذه مرتين
سلمت يمناك على الطرح
تخياتي لك

عاشق تراب الأقصى 18 - 3 - 2014 08:42 PM

رد: بلادي بلادي بلادي
 
كان الله في عون هؤلاء الاطفال على غربتهم
جميل ما طرحت لنا
تحيات لك

محمد عيسى موسى ابراهيم 18 - 3 - 2014 08:58 PM

رد: بلادي بلادي بلادي
 
طرح موفق
تحياتي اخي الفاضل

جمال جرار 19 - 3 - 2014 01:02 AM

رد: بلادي بلادي بلادي
 
سلمت يداك
تحياتي لك وشكرا على الادراج الرائع

دمعة معذبة 19 - 3 - 2014 01:06 AM

رد: بلادي بلادي بلادي
 
الاطفال هم الضحية دائماااا
مشكور المفتش كرمبو
مودتي

بنت الأردن 19 - 3 - 2014 01:11 AM

رد: بلادي بلادي بلادي
 
مشكووووووووووووور


الساعة الآن 08:03 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى