منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   صفحات من التاريخ وحضارات الأمم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=201)
-   -   تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح، (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=33826)

الغريب 27 - 12 - 2014 03:14 AM

تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
على ما جاء في العهد القديم

فارس حبيب ملكي

مقدمة

لا توجد تقاليد دفن يهودية محدّدة ومتشابهة عبر العصور. كانت تتبدل تدريجيًا بقدر ما كان اليهود يتّصلون بشعوب أخرى فيأخذون عنها أساليبها وطرقها في الدفن، مع الاحتفاظ ببعض النواحي الخاصّة التي نجدها في التوراة.

كان اليهود يعلّقون أهمية كبيرة على الدفن. هذا يفسر الخوف والخجل الذي كانوا يشعرون بهما في حال لم يتمكّنوا من دفن الميت:
"وتصير جثتك مأكلاً لطيور السّماء ووحوش الأرض، وليس من يقلقها" (سفر تثنية الاشتراع 28 : 26)
"...بل يطمر طمر الحمار، مجرورًا مطروحًا بعيدًا عن أبواب أورشليم" (سفر إرميا 22 : 19)

وكانوا يعبّرون في وصيّتهم عن رغبتهم في الحصول على دفن كامل وجيّد، كما قال ابراهيم (سفر التكوين 23) ويعقوب (سفر التكوين 49 : 29-33) ويوسف (سفر التكوين 50 : 25).

إنّ الدفن هو من وصايا الله:
"بعرق جبينك تأكل خبزًا حتّى تعود إلى الأرض، فمنها أخذتَ لأنّك تراب وإلى التراب تعود" (سفر التكوين 3 : 19)

والدفن واجب لجميع الموتى، بما فيهم المجرمين:
"وإذا كانت على إنسان خطيئة تستوجب الموت، فقتل وعلّقته على شجرة، فلا تبت جثّته على الشّجرة، بل في ذلك اليوم تدفنه، لأنّ المعلّق لعنة من الله..." (سفر تثنية الاشتراع 21 : 22)

لكنّ اليهود لم يعلّقوا أهميّة كبيرة على الموتى:
"فراشي بين الأموات، مثل القتلى الراقدين في القبور، مَن عدتَ لا تذكرهم، وهم من يدك منتزعون... أللأموات تصنع العجائب، أم يقوم الأشباح ليحمدوك؟ أفي القبر يحدّث برحمتك، وفي الهاوية بأمانتك؟ أفي الظلمة تُعرف عجائبك، وفي أرض النسيان برّك؟" (سفر المزامير 88 : 6-13)

وكانت لديهم رغبة دائمة، وهي أن يرقد جسد الميت في أرض الآباء، ويلمس ترابها:
"وأوصاهم يعقوب وقال لهم: أنا منضمّ إلى أجدادي فادفنوني مع آبائي" (سفر التكوين 49 : 29)
"فأموت في مدينتي حيث قبر أبي وأمّي" (سفر صموئيل الثاني 19 : 38)

لهذا السبب، فإنّ اليهود المتشددين، حتّى في أيّامنا هذه، لا يستعملون النعوش، بل يضعون الميت مباشرة في الأرض. وإذا كانت قوانين بعض الدول تجبرهم على استعمال النعش، فانهم يثقبون قعره للسماح للجسم بأن يكون على اتصال مباشر بالأرض.

أين يتمّ الدفن؟

كان الدفن يتمّ عادة في أملاك العائلة، في قبور ثابتة ودائمة، أكان ذلك في مغارة كتلك التي اشتراها ابراهيم، مغارة المكفيلة، التي أصبحت قبر الآباء .... أو في الارض:
"...ودُفن في أرض ميراثه" (سفر القضاة 2 : 9)
"وتوفّي صموئيل، فاجتمع كلّ إسرائيل وناحوا عليه ودفنوه في بيته في الرّامة" (سفر صموئيل الأوّل 25 : 1)

لتجنّب التدنيس، كان يوضع حجر أبيض عند مدفن العائلة. وفي بعض الأحيان، توضع مسلّة كتلك التي وضعها يعقوب لرحيل (سفر التكوين 35 : 20)

أمّا يسوع، فقد دفن في قبر يوسف الرامي، المحفور في الصخر، وهو شبيه بالقبور التي عثر عليها مؤخرًا في إسرائيل، وتعود إلى زمن المسيح.

في زمن مملكة يهوذا ومملكة إسرائيل، كانت المدافن تبنى للملوك والشخصيات:
"واضطجع عزّيّا مع آبائه ودفنوه مع آبائه في الحقل المجاور لمقبرة الملوك" (سفر الأخبار الثاني 26 : 23)

أمّا النبي أشعيا، فقد رفض المقابر الأنيقة:
"ما لكَ هنا ومَن لكَ هنا حتّى نَحتّ لكَ قبرًا هنا؟ أيّها النّاحت له قبرًا رفيعًا، الحافر في الصّخر مسكنًا له، هوذا الربّ يا رجل، يقذف بك قذفًا، ويقبض عليك قبضًا" (سفر أشعيا 22 : 16-17)

إنّ استعمال المدافن الجماعية أتى متأخرًا ونجد له، في التوراة، بعض الحالات، حيث لم يكن بمقدور الناس الحصول على مدفن خاص:
"...وذرّ رماده على قبور عامّة الشعب" (سفر الملوك الثاني 23 : 6)
"فأخرجوا أوريّا من مصر وأتوا به إلى الملك يوياقيم، فقتله بالسّيف، وطرح جثّته في قبور عامّة الشعب" (سفر إرميا 26 : 23)

متى يتمّ الدفن؟

كان الدفن يتمّ، عادة، بعد الوفاة مباشرة، لا أكثر من يوم واحد بعدها، وذلك بسبب المناخ، ولأنّ اليهود لا يحنطون الموتى كالمصريين، ولا يحرقونهم كالرومان.لقد استعملوا التحنيط ليعقوب وليوسف، فقط، وهما توفّيا في مصر، ووضعا في نعشين.
أمّا الحرق، فكانوا يستعملونه كعقاب:
"أخبر يهوذا وقيل له: قد بَغت تامار كنّتك، وها هي حامل من البغاء. فقال يهوذا: أخرجوها فتحرق" (سفر التكوين 38 : 24)
"وأيّ رجل اتّخذ امرأة وأمّها، فتلك فاحشة، فليحرق هو وهما بالنّار" (سفر الأحبار 20 : 14)
"وأيّة ابنة رجل كاهن تُدنّس نفسها للزنى، فقد دنّست أباها، فلتُحرق بالنار" (سفر الأحبار 21 : 9)

او كعلامة وفاء، كما حصل لجثث شاول وأبنائه:
"أخذوا جثّة شاول وجثث بنيه عن سور بيت شان، وأتوا بها إلى يابيش، وأحرقوها هناك" (سفر صموئيل الأول 31 : 12)

لم يكن مسموحًا حرق الاولاد:
"لا يكن فيك مَن يحرق ابنه أو ابنته بالنّار" (سفر تثنية الاشتراع 18 : 10)

يروي المؤرّخ الروماني تاقيطس (55-120) أنّ اليهود كانوا يفضلون دفن موتاهم على حرقهم.

كيف تتمّ عملية الدفن؟

عادة، يتمّ غسل جسد الميت، وقصّ شعره، وحلق ذقنه، ورشّ العطور عليه، وتلبيسه الثياب. هناك واقعتين، في العهد الجديد، تدلان على أنّ الميت لا بدّ من أن يكون لابسًا الثياب : إحياء إبن ارملة نائين (لوقا 7 : 11-17)،
وإحياء طابيثة في يافا، على يد بطرس الرسول (أعمال الرسل 9 : 36-43)، وفي هذا الأخير إشارة إلى غسل الجسد.

غالبًا ما كان يتمّ إغلاق عيني الميت:
"يوسف هو الذي يُغمض عينيك" (سفر التكوين 46 : 4)

إذا كان الميت رضيعًا دون الثلاثين يومًا، كان يقتاد بالأيدي. وإذا كان ما بين الشهر والسنة، فكان يوضع في نعش. وإذا كان ما فوق السنة، كان يوضع على حمالة:
"ومشى داود الملك وراء الحمالة" (سفر صموئيل الثاني 3 : 31)

كان من الممكن استعمال النعوش لنقل الميت إلى أماكن بعيدة. وكان إبن ميمون (1135-1204)، الفيلسوف اليهودي، يوصي باستعمال نعوش من خشب. في أيامنا هذه، في إسرائيل، تنقل الجثث على حمالات ولا تستعمل النعوش إلاّ للجنود، وفي هذه الحال يكون النعش من خشب، بسيطًا ومتواضعًا.

كان الموتى يدفنون ومعهم مؤونة من الطعام وأشياء ثمينة كانوا يملكونها. وكان الميت ملقيًا على الظهر، والكوعان متباعدين، واليدان مكتوفتين على أسفل البطن. وقد تأكدت هذه الوضعية من خلال هياكل عظمية للاسينيين تمّ اكتشافها خلال الحفريات في قمران. ويشار إلى أنّ هذه الوضعية شبيهة بوضعية رجل كفن تورينو.

كان رائجًا لمّ العظام ووضعها في أماكن مخصّصة لها. وكانت تحرق الطيوب خلال المأتم:
"فأضجعوه في سرير كان مملوءًا أطيابًا وأصنافًا عطرة، بحسب صنع العطّارين، وعملوا له حريقة عظيمة جدًا" (سفر الأخبار الثاني 16 : 14)
"الأطياب التي أحرقت لآبائك الملوك الأوّلين الذين كانوا قبلك يُحرق لك مثلها" (سفر إرميا 34 : 5)

يروي فلافيوس يوسيفس أنّه خلال مأتم الملك هيرودوس كان خمسمائة خادم يحملون العطور.

ما قيل عن استعمال العطور يعطي تفسيرًا منطقيًا للطيوب التي أتى بها نيقوديمس:
"وجاء نيقوديمس أيضًا، وهو الذي ذهب إلى يسوع ليلاً من قبل، وكان معه خليط من المرّ والعود مقداره نحو مائة درهم" (يوحنا 19 : 39)

من جهة أخرى، كشفت الحفريات التي جرت في الكتكومب اليهودية في الفيلا تورلونيا بروما، أنّ القبور كانت مطلية بطلاء من المعجون الكثيف المستخرج من الصبر Aloes ومن نباتات عطرية آخرى غير معروفة بعد.

كان بعض الربّانيّون يسمحون بغسل الجثة يوم السبت، شرط عدم تحريك أي جزء من الجسم. بعضهم الآخر كان يوصي باستعمال قطعة واحدة من القماش لدى دفن الاشخاص الذين اعدمتهم السلطات وهذا ربّما ما قد يفسر استعمال الكفن لدفن يسوع.

العادات اليهودية للحداد

- الحداد لمدة سبعة أيام:
"وأقام يوسف لأبيه مناحةً سبعة أيّام" (سفر التكوين 50 : 10)

- الصوم والامتناع عن تنظيم المأدبات:
"وأخذوا عظامهم ودفنوها تحت الطّرفاء التي في يابيش، وصاموا سبعة أيّام" (سفر صموئيل الأول 31 : 13)
"وناحوا وبكوا وصاموا إلى المساء على شاول ويوناتان ابنه وعلى شعب الربّ وبيت ىإسرائيل، لأنّهم سقطوا بالسّيف" (سفر صموئيل الثاني 1 : 12)

- نزع الحلي:
"فلمّا سمع الشعب هذا الكلام المرّ، حزن ولم يجعل أحد زينته عليه" (سفر الخروج 33 : 4)

- الامتناع عن غسل الجسد وعن استعمال العطور:
"...فنهض داود عن الأرض واغتسل وتطيّب وغَيّر ثيابه... (سفر صموئيل الثاني 12 : 20)

- ضرب الصدر:
"إلطمن على الثّديّ" (سفر أشعيا 32 : 12)

- وضع التراب على الرأس:
"فمزّق يشوع ثيابه وسقط على وجهه إلى الأرض قدّام تابوت الربّ إلى المساء، هو وشيوخ إسرائيل، ووضعوا التراب على رؤوسهم" (سفر يشوع 7 : 6)

- حلق شعر الرأس واللحى:
"فقام أيّوب وشقّ رداءه وحلق شعر رأسه" (سفر أيوب 1 : 20)
"في ذلك اليوم دعا السيّد ربّ القوّات إلى البكاء والنحيب وحلق الشّعر والتحزّم بالمسح (سفر أشعيا 22 : 12)

- إرتداء المسوح أو ملابس خاصّة بالحداد:
"قال داود ليوآب ولكلّ الشعب الذي معه: مزّقوا ثيابكم وتمنطقوا بالمسوح ونوحوا أمام أبنير" (سفر صموئيل الثاني 3 : 31)
"...وأتى من هناك بامرأة حكيمة وقال لها: تظاهري بالحزن والبسي لباس الحداد ولا تتطيّبي" (سفر صموئيل الثاني 14 : 2)

- تمزيق الملابس:
"ومزّق يعقوب ثيابه وشدّ مسحًا على حقويه وحزن على ابنه أيّامًا كثيرة" (سفر التكوين 37 : 34)
"فمزّق يشوع ثيابه وسقط على وجهه إلى الأرض قدّام تابوت الربّ إلى المساء" (سفر يشوع 7 : 6)

الغريب 27 - 12 - 2014 03:18 AM

رد: تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
وفي مقال آخر انقل ما يلي:
الدفــــــن والمدافــــــن
Burial and Burial Places

تتسم العقائد الأخروية «قبيراه» عند اليهود بعدم تحدُّدها أو تبلورها، إذ تتعايش داخل إطارها عدة أفكار غير متجانسة بل ومتناقضة على طريقة اليهودية الجيولوجية، بعضها حلولي بدرجات متفاوتة من الحلول والبعض الآخر توحيدي. ويُلاحَظ أن شعائر الدفن والمدافن تكتسب أهمية خاصة داخل الإطار الحلولي. وقد دخل على اليهودية بعض المفاهيم البابلية عن أرض الموتى. وحسب هذه المفاهيم، يتوقف مصير الموتى لا على ما اقترفوه من آثام، وما أدوه من حسنات، وإنما على الطريقة المادية للدفن، وهل تمت طقوس الدفن حسب القواعد المرعية أم لا؟ وهل وُضع بجوارهم طعام أم لا؟ وتوجد مثل هذه الأفكار في العهد القديم، إذ يجب تقديم طعام للموتى على أن يكون قد دُفعَت عشوره.

ويؤكد العهد القديم أهمية الدفن، وخصوصاً في مقبرة الأسرة (تكوين 47/29 ـ 30، 49/29). وقد اهتم الآباء بمكان دفنهم وأعدوا العدة لذلك. والسير التي وردت في العهد القديم تنتهي دائماً بسرد تفاصيل دفن الشخص الذي وردت سيرته. ويُعَدُّ عدم دفن الجثمان عقوبة قاسية تلحق بصاحبه، ومع هذا لم تكن هناك طريقة عبرانية محدَّدة للدفن إذ استمر العبرانيون في استخدام طرق الدفن السائدة في فلسطين قبل التسلل العبراني. ولم ترد قواعد محددة للدفن في العهد القديم.

لكل ما تقدَّم، تشغل طقوس الدفن جزءاً مهماً في اليهودية، وتأخذ أشـكالاً متنوعـة. ويقوم اليهود بغسل موتاهم في أسرع وقت ممكن، ثم يقومون بدفنهم في احتفال يجب أن يتسم بالبساطة بعد أن يتلوا صلاة القاديش. ويستخدم الإشكناز توابيت يدفنون فيها الموتى، أما اليهود الشرقيون فيدفنون موتاهم في الأرض مباشرة كما هي عادة المسلمين. وعادةً ما يُدفَن اليهودي الذي يموت ميتة طبيعية في شال الصلاة (طاليت) الذي كان يستخدمه أثناء حياته. أما من يُقتَل فيؤخذ بملابسه الملطخة، ويُلَف بشاله حتى لا يفقد أي جزء من أعضاء جسمه. ويقوم اليهود بختان الطفل الذي يموت قبل أن يُختن، ثم يُطلق عليه اسم عبري ويُدفَن.

وهناك عدة طقـوس ذات طابـع حلولي شـعبي مرتبطة بمراسم الدفن، فإحدى صلوات الإشكناز في الجنازة اليهودية كانت تتضمن طلب الغفران من الجثة، وهي عادة ظلت قائمة حتى عام 1887 حينما أوقفها الحاخام الأكبر في إنجلترا. ويلقي السفارد عملات في الجهات الأربع كهدية أو رشوة للأرواح الشريرة. ويُدفَن اليهود في اليمن وأقدامهم موجهة نحو القدس. وفي ليبيا، إذا كانت أرملة الميت حبلى، فإنهم يرفعون النعش وتمر الأرملة تحته حتى تبين أن الميت هو أبو الجنين الذي تحمله. ولا شك في أن كل هذه العادات متأثر بالمحيط الحضاري الذي يعيش فيه أعضاء الجماعات اليهودية.

وتحظى المدافن اليهودية بالاهتمام نفسه الذي تحظى به طقوس الدفن، وهي تُسمَّى «بيت الأحياء»، كما يُطلَق عليها أيضاً اسم «بيت الأزلية». وتقع المدافن اليهودية عادةً خارج حدود المدينة لأن جثث الموتى أحد مصادر النجاسة. ويزور اليهود المقابر في الأعياد ليقدموا الصلوات أمام قبور الموتى حتى يتشفعوا لهم عند الإله. ولابد من دفن جميع اليهود في المكان نفسه بالطريقة نفسها، ويُحتَفَظ بأماكن خاصة في المدافن للعلماء والحاخامات والشخصيات البارزة.

وللدفن في الأرض المقدَّسة دلالة خاصة (وهذا أمر منطقي في الإطار الحلولي)، فمع حلول الإله في الأرض والشعب، وعدم تجاوزه لهما، فإن الخلود الفردي يتراجع ويحل محله الخلود عن طريق التوحد مع الأمة والأرض. فإبراهيم اشترى لنفسه قبراً في فلسطين، أما موسى فلم يُدفَن هناك، وقد قلل هذا من شأنه. ولا يزال كثير من أثرياء اليهود في العالم يشترون قطع أرض في إسرائيل ليُدفَنوا فيها. وجرت العادة خارج فلسطين على أن يُرش على رأس الميت تراب يُحضَر خصيصاً من فلسطين. كما أن الحكومة الإسرائيلية وجهت عنايتها البالغة لنقل رفات معظم الزعماء الصهاينة فور إعلان دولة إسرائيل، وبذلت جهداً كبيراً لاسترداد جثث الجنود الإسرائيلين الذي قُتلوا أثناء حرب أكتوبر. ولا يجوز إخراج جثة اليهودي المدفونة من الأرض إلا لإعادة دفنها في مدافن العائلة أو في أرض إسرائيل. ويُقال في الفلكلور الديني في التلمود إن جثة الميت خارج فلسطين تزحف تحت الأرض بعد دفنها حتى تصل إلى الأرض المقدَّسة وتتوحد معها.

وقد تحوَّلت المدافن إلى حلبة أساسية للصراع بين أعضاء الجماعات اليهودية في أمريكا اللاتينية. فالإشكنازي الذي يتزوج سفاردية كان لا يمكن أن يُدفَن في مدافن السفارد. كما أن السيطرة على المدافن أصبحت من أهم مظاهر الهيمنة الحاخامية في أمريكا اللاتينية، الأمر الذي حدا بأحد الباحثين إلى القول بأنه إذا كانت الكنيسة الكاثوليكية تؤكد أنه لا خلاص للمسيحي خارج الكنيسة، فإن المؤسسات اليهودية في أمريكا اللاتينية حولت الدفن في المقابر اليهودية إلى شيء يشبه الخلاص من خلال الكنيسة (لا خلاص خارج المدافن!). وتقوم مجالس الجماعات اليهودية المختلفة بجمع الرسوم الباهظة من أعضاء الجماعة اليهودية. ومع تزايد معدلات العلمنة، بدأت تخف حدَّة هذا التوتر نظراً لعدم اكتراث كثير من أعضاء الجماعات، في الوقت الحالي، بمكان الدفن أو مراسمه.

وتُشكِّل القداسة والنجاسة مشكلة أساسية في عملية الدفن كما هو متوقع في الإطار الحلولي، وتعبِّر القداسة (أو انعدامها) عن درجات الحلول الإلهي. فالكهنة، أي أولئـك اليهـود الذي يُفـترَض أنهم من نسل الكهنة، وهـم الذين يعبِّرون عن الحلـول الإلهي بدرجة أعلى من بقية اليهود، يُدفَنون إما في نهاية صف المقابر أو في الصف الأمامي وعلى بعد أربع خطوات من المقبرة، وذلك حتى يتسنى إقامة حاجز يقي أقارب الميت (وهم أيضاً من الكهنة) من الدنس الذي قد يلحق بهم لو لمسوا جثث الموتى من اليهود العاديين أو اقتربوا منها. وعادةً لا يجوز دفن اليهود في مقابر غير اليهود. ولكن، إن لم تتوافر مدافن خاصة بهم، فيمكن دفنهم في مقبرة عامة على أن يكون هناك فاصل من أربع خطوات بين مقبرة اليهودي ومقبرة أيٍّ من الأغيار (ونلاحظ أن الخطوات الأربع هي أيضاً المسافة التي يجب أن تفصل الكاهن عن اليهود العاديين).

ويتبدَّى الفصل الحاد بين اليهود والأغيار، الذي يشكل مقولة أساسية في اليهودية، في الموقف من مدى قداسة المدافن والموتى أو نجاستها. فمدافن غير اليهود، على عكس مدافن اليهود، لا تُدنِّس الكهـنة نظراً لانعـدام قداسـتها. ولا يمكن إزالة مدافن اليهود لأنها مقدَّسة، أما مدافن العرب والمسلمين وغير اليهود فيمكن هدمها بكل بساطة. وعلى سبيل المثال، أُزيلت مئات المقابر في إسرائيل لإقامة هيلتون تل أبيب. ولكن، عندما هدمت الحكومة الأردنية بعض مقابر اليهود على جبل الزيتون، حدث احتجاج على ذلك وبشدة. وقد أثيرت مؤخراً قضية مقابر اليهود في حي البساتين في القاهرة، إذ تقرر بناء طريق سريع حول القاهرة يمر بهذه المقابر، وهو ما سيؤدي إلى نقل بعضها بضعة أمتار. وهناك فتاوى حاخامية تذهب إلى أنه يجوز نقل هذه المقابر، وهناك سوابق لذلك. ومع هذا، قررت المؤسسة الصهيونية تحويل هذه الواقعة إلى مناسبة للصراع، وإلى وسيلة للضغط على الحكومة المصرية، وتأكيد فكرة الشعب اليهودي على حساب السيادة المصرية. فصرح الحاخام هرتس فرانكيل (من بروكلين) بأن المقبرة، حسب العقيدة اليهودية، أكثر قداسة من المعبد اليهودي، وهو أمر قد يكون صحيحاً من منظور حلولي يهودي يساوي بين الإله (المعبد) والإنسان (المقبرة) بل يُعلي من شأن الإنسان على الإله ومن ثم يُعلي من شأن المقبرة على المعبد. ولكن ذلك ليس صحيحاً من منظور حاخامي توحيدي معتدل. وقد أضاف الحاخام فرانكيل أيضاً أن المقابر اليهودية جزء من التراث اليهودي وتاريخ الشعب اليهودي، فأعطى مضموناً أيديولوجياً للمقابر. وقد جندت المؤسسة الصهيونية بعض رجال الكونجرس للضغط على الحكومة المصرية لبناء كوبري يمر فوق المقبرة بدلاً من نقل المقابر. وقد طُبع مؤخراً في إسرائيل ما يُسمَّى «محذوفات التلمود» جاء فيه أنه إذا مرَّ يهودي على مقبرة فعليه أن يلقي عليها دعاءً بالبركة إن كانت المقبرة مقبرة يهودي، وعليه أن يلعن أمهات الموتى إن كانت المقبرة لغير يهودي.

المُنـى 27 - 12 - 2014 07:09 PM

رد: تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
تسلم الايادي الغريب على الموضوع
يعطيك الف عافية
مودتي

ابو فداء 27 - 12 - 2014 10:49 PM

رد: تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
يسلمووا
موضوع جميل

تراتيل المطر 28 - 12 - 2014 10:01 PM

رد: تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
طرحك في منتهي الروعه والفائده

كل الشكر و التقدير لك على جهودك

ودمت بكل خير

زوج السيدة المدير 28 - 12 - 2014 10:37 PM

رد: تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
شكرا على الموضوع يا الغريب
تحياتي ولي عودة

أوراق الزمن 28 - 12 - 2014 10:52 PM

رد: تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
مشكور على اختيارك
مودتي

أصدق احساس 28 - 12 - 2014 11:19 PM

رد: تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
تسلم الايادي على الطرح
يعطيك العافية

شيرين 23 - 1 - 2015 11:52 PM

رد: تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
شكرا عل افادة
ارق تحية والتقدير

بنت بلادي 24 - 1 - 2015 05:03 AM

رد: تقاليد اليهود في دفن موتاهم زمن المسيح،
 
الغريب
طرحت فابدعت
سلمت يمناك ولا عدمناك
مودتي


الساعة الآن 02:24 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى