منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   منتدى الأخبار المحليه والعالمية (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=131)
-   -   الرابحون .. والخاسرون (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=14027)

ناجي أبوشعيب 15 - 2 - 2011 05:38 PM

الرابحون .. والخاسرون
 
الرابحون .. والخاسرون

*عبد الباري عطوان
http://moheet.com/image/72/225-300/721690.jpgعبد البارى عطوان
من يريد تحسس ملامح العهد الجديد الذي بدأ في مصر يوم الجمعة الماضي، بإجبار الرئيس حسني مبارك على الرحيل.
فإن عليه أن يتابع قنوات التلفزة المصرية ـ والانقلاب الكبير الذي حدث في برامجها ولهجتها ونوعية ضيوفها.
فمن كان يصدق انه سيرى في يوم من الأيام الأستاذ محمد حسنين هيكل جالسا في أستوديو محطة دريم 'ضيفا' في برنامج المذيعة اللامعة منى الشاذلي.
او يشاهد الزميل الأستاذ حمدي قنديل الذي هاجر الى محطات عديدة على طول الوطن العربي وعرضه بحثا عن مكان 'لقلم رصاصه' يكون ضيفا على قناة 'المحور' او الفضائية الرسمية؟
هذه القنوات المصرية كانت تدار من قبل منظومة حكومات محور الاعتدال العربي، ووفق قائمة سوداء تضم أسماء عديدة من الإعلاميين والكتاب المصريين والعرب.
وبمجرد انهيار محور الارتكاز الأساسي لهذه المنظومة في القاهرة، تغيرت الصورة بالكامل وأصبحنا أمام مرحلة جديدة بوجوه جديدة، وإعلام جديد سيغير الخريطة الفضائية ومن بعدها السياسية العربية حتما، فالإعلام هو الذي يضع الأجندات السياسية هذه الأيام وليس العكس مثلما كان يحدث على مدى الستين عاما الماضية.
الثورة الشعبية الكبرى التي اندلعت في مصر ونظيرتها التي سبقتها في 'تونس الكرامة'، أعادتا صياغة المنطقة، ورسمتا خريطة جديدة، لشرق أوسط جديد ولكن بعيون عربية، ترى المستقبل من ثقب المصالح الوطنية، وبمنظار عربي اسلامي، وليس بعيون امريكية او ديكتاتورية توريثية.

زمن الأحكام العرفية، والدول البوليسية، وإفساد القضاء، ونهب ثروات الفقراء المحرومين، وحصر الوظائف، والمناقصات، والمناصب العليا في اطر الأسر الحاكمة وبطانتها الفاسدة في طريقه الى الانقراض وبسرعة قياسية، وفي اكثر من بلد عربي.
مصر تشهد حاليا 'عملية تنظيف' تبدأ من ارض ميدان التحرير، وعلى ايدي شباب الثورة، لتنطلق الى كل رموز الفساد المسئولة عن 'تقزيم' مصر ودورها الريادي الطليعي.
في مؤسسات الدولة، في البرلمان المزور، في مجلس الشورى المفبرك، في الوزارات، في الإعلام، في السفارات.. في كل مفاصل الدولة.

الرابحون من هذا الزلزال الاكبر في تاريخ المنطقة كثر، ابرزهم فقراء الشعب المصري واحراره وشرفاؤه، الذين عانوا كثيرا على مدى السنوات الاربعين الماضية تقريبا.
ومعهم مئات الملايين من العرب الذين عاشوا الذل والهوان بعد انسحاب مصر من المواجهة مع المشروع العدواني الإسرائيلي، والانتقال من المعسكر التقدمي الى المعسكر الامريكي رافعة الراية البيضاء اسيرة لفتات المساعدات.
الخاسرون كثر ايضا، وعلى رأسهم الغالبية الساحقة من الزعماء العرب الذين استمرؤوا احتقار شعوبهم، وحولوا بلدانهم الى 'عزب' لهم ولأولادهم وأحفادهم وكل من تفرع عن نسلهم.
فهؤلاء يرتعدون خوفا وهم يرون الإدارة الامريكية تنحاز مكرهة الى الثوار في ميدان التحرير، وتتخلى عن زعيم (مبارك) كان خادما وفيا لمصالحها، مشاركا بحماس في حروبها، حاميا مخلصا لحدود حليفها الإسرائيلي.
الولايات المتحدة الامريكية خسرت في الرئيس مبارك ونظامه، الثقل الحقيقي لسياستها الخارجية، ومشاريعها في الهيمنة على المنطقة، مثلما خسرت حليفاً قوياً في حربها المقبلة ضد ايران والحالية في كل من افغانستان والعراق.
فالحلفاء العرب الباقون في المملكة العربية السعودية والخليج والأردن وشمال افريقيا يظلون هامشيين بالمقارنة مع مصر.
ولم يخوضوا حرباً واحدة بمفردهم ومن دون الاستعانة بالقوات الأمريكية (اخراج العراق من الكويت)، او التصدي للثورة الإيرانية الخمينية (من خلال النظام العراقي السابق).
النفوذ الامريكي في المنطقة في حال انحسار متسارع، وهو نتيجة منطقية لسياسات جسدت النفاق الأمريكي الغربي في ابشع صوره.
فكيف لأمريكا الدولة التي تدعي قيادة العالم الحر ان تدعم أنظمة بوليسية تحت مسميات الاستقرار، ومحاربة وهم التطرف الإسلامي؟
سماسرة السلام المغشوش لا يمكن ان يحققوا استقراراً، لان ما يهم هؤلاء هو ملء جيوبهم بالأموال، والحصول على دعم وحماية الذين يسمسرون لهم على حساب شعوبهم، وتعاليم دينهم وعقيدتهم، ومبادئ امتهم الأخلاقية العريقة.
ولعل إسرائيل هي الخاسر الأكبر، ومعها السلطة الفلسطينية من انهيار نظام الرئيس مبارك، فقد كان الحضن الحنون للطرفين، والدرع التي توفر لهما الأمان والبقاء والشرعية.

حجيج بنيامين نتنياهو وايهود باراك وفؤاد بن اليعازر وتسيبي ليفني وشمعون بيريز وغيرهم الى منتجع شرم الشيخ حيث السجاد الأحمر والاستقبال الحار، والضيافة العربية الأصيلة، هذا الحجيج سيتقلص ان لم يكن سيتوقف نهائياً.
ولن تستطيع تسيبي ليفني إعلان الحرب على غزة وهي تقف الى جانب رئيس مصر العظيمة، ولن يتباهى وزير مصري بتكسير عظام الشرفاء المحاصرين في قطاع غزة، فهذه السنّة غير الحميدة انكسرت، وربما الى غير رجعة.
السلطة الفلسطينية في رام الله يجب ان تعود الى ثوابتها، وتعيد النظر في كل مواقفها وسياساتها، فقد ذهب الرئيس المصري الذي وفر لها الدعم والملاذ على مدى العشرين عاماً الماضية.
ذهب الى المجهول تطارده ارواح الشهداء الذين مزقت أجسادهم الطاهرة رصاصات أمنه، ولن تجد هذه السلطة رئيساً مصرياً منتخباً يقف في خندقها بعد ان يطلع على مسلسل تنازلاتها في القدس المحتلة وحق العودة.
فعندما يرحب الرئيس الامريكي باراك اوباما بانخراط الإخوان المسلمين في الحوار مع حكومة مبارك في الدقائق الأخيرة من عمرها، فلا يوجد اي سبب لكي لا يرحب بحوار حكومته مع حركة 'حماس'، ورفع 'الفيتو' المفروض عليها من قبل إسرائيل.
ولن نستغرب ان يتخلى اوباما وغيره عن هذه السلطة مثلما تخلى عن راعيها الأبرز حسني مبارك، فالمنطقة تتغير، والمنطق يتغير، وكذلك أمريكا أيضا.
الزحف الوطني الديمقراطي انطلق من تونس الكرامة، وحط رحاله في ارض الكنانة، وسيقفز منها حتماً الى محطة جديدة، ستكشف لنا الأيام او الأسابيع المقبلة عن اسمها.
وما أكثر المحطات العربية التي تتلهف على استقبال هذا الزحف المقدس.
فالمثل الشعبي العربي يقول 'لقد كرّت السبحة' والأيام المقبلة أيام عزة وكرامة وتغيير انتظرته الشعوب طويلا، ألم نقل لكم؟!


*رئيس تحرير القدس العربي
جريدة القدس العربي
14/2/2011


الساعة الآن 04:20 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى