منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   الكنز المرصود في قواعد التلمود (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=3890)

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:01 PM

الكنز المرصود في قواعد التلمود
 
الكنز المرصود في قواعد التلمود
ويشتمل على كتابين ترجم


هما عن الفرنسية سنة 1899 الدكتور يوسف حنا نصرالله.
الكتاب الأول: (اليهودي على حسب التلمود)
تأليف الدكتور (روهلنج) الفرنسي.
والثاني: تاريخ سورية لسنة /1840/ تأليف المؤرخ الفرنسي ( إشيل لوران ).
ينشر الكتابان عن نسخة أولية نادرة وأخرى من تقديم وتعريف الشيخ مصطفى بن أحمد الزرقاء رحمه الله تعالى...
وليكن ما في الكتابين زاد في حوار الحضارات





تنويهـان..
الأول: سبق للأستاذ نجيب الكيلاني الذي كتب روايته (دم لفطير صهيون) من وحي حادثة الأب توما، الذي ذبح في دمشق، أن اتهم بمعاداة السامية. ونحن هنا نضع بين أيدي المتابعين في الكتاب الثاني نصوص سجلات التحقيق دون تدخل ليصير القارئ إلى معرفة الحقائق بنفسه.
ثانياً: نتمنى على المتابعين ممن يعيشون في فرنسا، أن يبحثوا عن أصول الكتابين في مكتبات فرنسا العامة، فإنهم يقدمون بذلك خدمة للحقيقة والتاريخ والإنسانية جمعاء..
الساميـون .. نحـن
مع أن الإسلام الحنيف قد أبطل نظرية التفاضل الإنساني على أساس من الأعراق والأجناس. واعتبر الفرد الإنساني (ماهية ووجوداً) مؤهلاً للتكريم فالتكليف فالحساب ثم الثواب أو العقاب، وأطلق قاعدته الأساسية في الخطاب الرباني: (يا أيها الناس...)
ونسب البشرية جمعاء إلى أب واحد، وتعبدها إلى رب واحد، وجعل التقوى التي هي قرين العمل الصالح أساس التفاضل والخيرية (يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أحمر إلا بالتقوى..)
مع كل هذه الحقائق، انطلقت في ثنايا الحضارة الإنسانية في ظروفها المختلفة نظريات وادعاءات قسمت الناس وصنفتهم فقدمت وأخرت، وأعلت ووضعت، وادعى كل قوم أنهم بعنصرهم أو جنسهم المجرد مستحقون للتكريم، فازدهوا استعلاء على الناس كبراً: بطراً وغمطاً. ووجدت هذه النظريات صداها في حياة الأمم، وبُناها النظرية والعملية؛ فكانت (النازية) بمفهومها للتفوق العرقي وبتصنيفها للشعوب على أساس واه من علوم وهمية، نشأت في خيال إنساني مريض. واستجابت لهذه الدعوات بأنواع من ردود الفعل المتطرفة فئات أحبت أن توظف (العاهة العرقية) في سياق مصالحها، فارتفعت لوافت العرقية والقومية: موقف رداً على موقف، وعاهة مقابل عاهة، (آرية) و(سامية) ثم (نازية) و(لاسامية) تدمغ كل من يقترب من التاريخ أو من الواقع، ممحصاً أو ناقضاً أو ناقداً..

من الحقائق التاريخية المحضة والمجردة، نود التأكيد على الأمور التالية:
أولاً ـ إننا نؤمن بكرامة الإنسان (الوجود والماهية) في إطار الفرد، والمجموع كرامة تؤهله للتكليف ولحمل الأمانة الربانية، ولا يخرج من إطار هذه الكرامة أحد بماهيته أو بوجوده، وإنما يخرج منها من ارتكس في خلقه أو في موقفه فارتد إلى أسفل سافلين:
(والتين والزيتون. وطور سينين. وهذا البلد الأمين. لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. ثم رددناه أسفل سافلين. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون. فما يكذبك بعد بالدين. أليس الله بأحكم الحاكمين).
ثانياً ـ إذا كان للساميين وجود عرقي أو تاريخي حقيقي، فإنما نمثلهم نحن أبناء الأمة العربية وشعوبها حيث أن أبناء هذه الأمة هم اليوم السواد الأعظم لمن يشار إليه حسب النظريات التاريخية بأنه سامي، كما أن اللغة العربية هي سيدة اللغات السامية المنتشرة في العالم بلا منازع.
من هذه الحقيقة، لا يستطيع أحد أن يشهر فوق رؤوسنا شعار معاداة (السامية)، لأنه لا يصلح للمرء أن يكون عدواً لنفسه في إطار موقف تاريخي، أو انتماء عرقي، فإن كان (للساميين) بالمعنى المتداول ناطق رسمي فأولى بأبناء أمة العرب أن ينطقوا باسمهم ويتحدثوا دفاعاً عنهم..
ثالثاً ـ لقد تركزت الحضارة السامية، وهي في جوهرها العام عطاء رباني إلهي، في الآية الأولى في القرآن الكريم: (الحمد لله رب العالمين) حيث شمل الرب برحمته وكلاءته ورعايته (العالمين) ودخل في دارة هذه الحضارة أبناء الأعراق والأجناس والألوان، دون استثناء، فكانت الحنيفية التي جاء بها إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام، واليهودية التي جاء بها موسى عليه السلام، والمسيحية التي جاء بها عيسى بن مريم عليه السلام، والإسلام الذي جاء به محمد عليه السلام.. قواعدَ حضارة، وشرائع علاقات إنسانية متقدمة، لايزال لها أثرها البالغ في صياغة النفس الإنسانية وتهذيبها والبعد بها عن مواطن الزيغ والانحلال.
وكل ما نسب إلى هؤلاء الكرام من رسل الله تعالى، من انغلاق، وضيق، وتحريض على الشر، واستهانة بإنسانية الإنسان، وعدوان على وجوده، إنما هو من صنع الأيدي الخبيثة السوداء التي استطابت العيش أسفل سافلين، وأصرت على تشويه كلمات الله تحريفاً وتبديلاً..
وبالتالي فإن التصدي لكشف ألاعيب هؤلاء المفترين المبدلين لكلمات الله، هو جزء من المعركة الخالدة التي دارت رحاها منذ أول الخليقة بين الإنسان المخلوق في أحسن تقويم، وبين الشيطان وأوليائه الدعاة لارتكاس الإنسان إلى أسفل سافلين.
رابعاً ـ لقد نصب لنا القرآن الكريم معالم الهدى، وميزان الإنصاف، وعلمنا دائماً (.. ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون.) وأخبرنا عن أهل الكتاب: (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك، ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا مادمت عليه قائماً، ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل، ويقولون على الله الكذب وهم يعملون). (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون).
خامساً ـ لقد نال بنو إسرائيل، وهو الاسم الذي سيطلق عليهم بعد سيدنا يعقوب عليه السلام الذي هو (إسرائيل)، الكرامة والتفضيل من الله سبحانه وتعالى، فجعل فيهم الأنبياء وجعل فيهم الملوك، (وإذ اقل موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين) وهي كرامة منحت لهم لأمر يريده الله تعالى، فكان من أنبيائهم اسحق ويعقوب ويوسف والأسباط وداود وسليمان وزكريا ويحيى عليهم السلام..
ولكن فريقاً منهم، رفضوا الكرامة، واستهانوا بكلمات الله، ومردوا على الالتواء وتعلقوا بالدنيا، وانحازوا إلى أحمرها وأصفرها، وأَدَلّوا على الله بالكرامة التي أكرمهم إياها، فزعموا أنه ربهم دون بقية الناس، وأن باقي البشرية إنما هم مسخرون لهم، فاستباحوا حرمات الناس، وسفكوا دماءهم، وأكلوا أموالهم، وغمطوهم كبراً، واستخفوا بهم رعونة. فكان شأنهم أن أصبحوا مَثَلَ السَّوءِ عند من استهانوا به من الناس، اسمهم سبة والوصف بهم شتيمة.!!
نؤمن أن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم هو يوسف بن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم عليهم السلام. وأن الخطيئة فردية، (ولا تزر وازرة وزر أخرى). ولكننا نؤكد أنه إذا كانت أمة أو شعب بحاجة إلى مراجعة حضارية لتراثها ومنطلقات فكرها وقواعد وسلوكها، ومناهج تربيتها وتعليمها، فليسوا هم المسلمين بالتأكيد، وإنما هم أولئك الذي سنقدم هذه الوثائق التاريخية المعبرة عن حالهم، والتي نتمنى، أن يعلنوا رسمياً في كنسهم وعلى لسان أحبارهم براءتهم منها..
حقائق التاريخ ووثائقه تقول:
بأن حضارة الإسلام كانت دائماً (غيرية) منفتحة، تقبل الآخر وتكرمه وتستوعبه وتحميه وتصونه، وشاهدنا هذه الأقليات الدينية والعرقية التي ماتزال تعيش على هامش الشعب العربي المسلم منذ ألوف السنين. وأولئك اليهود الذين لجأوا إلى كنف الدولة الإسلامية في المغرب من ظلم محاكم التفتيش!!
أوليس من حقنا أن نتساءل: أين بقايا المسلمين في الأندلس، أو في صقلية؟ أو أين قبائل الهنود في القارة الأمريكية..؟!
أسئلة لا بد أن تطرح في خضم الحوار الحضاري، ليعود كل فريق إلى تراثه وماضيه بالنقد أو بالنقض، ليكون الحاضر قائماً على ما ينفع الناس.
وهذا السفر النفيس الذي يتقدم به مركز الشرق العربي لمتابعيه يعتبر مدخلاً صالحاً لحوار حضاري بناء، يضع يده على أول الداء...


يتبع

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:02 PM

مقدمة الطبعة الثانية
لكتاب الكنز المرصود في قواعد التلمود
بقلم المرحوم العلامة الجليل الشيخ مصطفى الزرقاء
لما كنا أطفالاً في مدينة حلب موطني الأول من بلاد الشام (سورية) كنا نسمع الأمهات يمنعن أولادهن الصغار من الخروج خارج البيوت وحدهم، ويحذّرنهم بأن اليهود يخطفون الأطفال خِفية، ويأخذونهم إلى حيث يستنزفون دماءهم!
وفي يفوعتنا كنا نتلقى التوصيات بأن لا يمر أحد في حارة اليهود منفرداً (وهي حارة طويلة متعرجة) وأنه إذا مر فيها أحد منا فدعاه يهودي لدخول بيته لإيقاد النار لهم بحجة أنهم لا يمسون النار يوم السبت، فيجب أن لا يدخل حذراً من أن يغدروا به فيقتلوه باستنزاف دمه!
فلما كبرنا ووعينا وتثقفنا كنت أتذكر هذه التخويفات، التي كنا نتلقاها في طفولتنا الأولى وفي يفوعتنا، وانتقدها وأعدها من الجهالات في أساليب التربية التي درسنا قواعدها الحديثة وأصولها، ومن قبيل إساءة الظن بمواطنين من الأقلية الصغار المساكين!!!
ثم لما برزت المشكلة الفلسطينية، وذر قرن الصهيونية اليهودية، بدأنا نسمع عن اليهود وعقائدهم الخطيرة وأفاعيلهم المذهلة، ومكرهم العالمي، ومؤامراتهم الخبيثة وخطرهم على البشرية جمعاء ما جعلنا نعيد النظر في الصورة المنطبعة في أذهاننا عن مسكنتهم المصطنعة، ولكن بقيت قضية خطف الأشخاص واستنزاف دمائهم في نظرنا خرافة لا تصدق، حتى وقع إليّ منذ سنوات مجموعة الأستاذ أسد رستم (أستاذ التاريخ الشرقي في الجامعة الأمريكية ببيروت، الذي توفي من بضع سنوات)، التي جمع فيها بعض وثائق تاريخية تتعلق بتاريخ سورية في زمن إبراهيم باشا (ابن محمد علي) من سنة (1247 ـ 1255هـ) ونقلها عن سجلات المحكمة الشرعية بحلب وأنطاكية وحماة ودمشق في سنة 1927م فإذا به يفتح الجزء الخامس منها بقصة خطف اليهود في دمشق للقسيس الفرنسي الجنسية المسمى: الأب (البادري) توما وخادمه إبراهيم عمار، وذبحهم إياهما، وإرسال دمهما إلى كبير الحاخامين ليدخلوه في خبز الفطير الذي يوزعه الحاخامون على الأسر اليهودية في عيد الفصح السنوي. وينقل الأستاذ أسد رستم من سجلات المحكمة التي حاكمت الفاعلين من الحاخامين وسواهم محاضر جلساتها ووقائعها وينشرها في كتابه المذكور حرفيا، وتصويرها بصورة زنكوغرافية لأول هذه المحاضر بالخط المدون به في سجل المحكمة، وذلك في عهد احتلال جيش إبراهيم باشا المصري وحكمه في سورية. فقرأت القصة مذهولاً من التفاصيل التي فيها، وأنا أفرك عيني بين الحين والحين، خشية أن أكون في منام وأحلام!!! حتى إذا لم أجد في اليقظة شكاّ، رجعت إلى ذاكرتي عن أخبار الطفولة، ورأيت أن ما ظننته من تخويف الأمهات وتحذيرهن جهلاً بأصول التربية، أو إساءة ظن بمواطنين ذوي مسكنة، كان هو الحقيقة الواقعة وأن ظني هو الغرارة والجهالة!!
وكان عندي أغرب من هذه الحادثة ـ التي تدمى لسماعها القلوب ولو كانت متحجرة ـ تلك القواعد التلمودية التي تم تنفيذ تلك الجريمة الفظيعة النكراء تطبيقاً لها، فقد نبشت محاكمة أولئك المجرمين، من الحاخامين الآمرين ومن بقية اليهود الذي قاموا بالتنفيذ، أنابيش من نصوص التلمود مذهلة يقف القارئ أمامها مشدوهاً لا مدهوشاً فقط !!!
يكاد الإنسان لا يصدق ـ لولا الوثائق والنصوص والوقائع التابعة ـ أن تكون ديانة القوم (بعدما تلاعب بأصولها وحرفتها أيدي أحبارهم تأمرهم أن يتعبدوا بشرب دماء البشر من غير اليهود، ولا سيما المسيحيين والمسلمين) وباستباحة أرواحهم، وأ
عراضهم، ووجوب خيانتهم، والغدر بهم، وغشهم واجتناب إغاثة أحد منهم، أو إنقاذه، أو مداواته إلا للتجربة أو للاضطرار أو ستراً للمقاصد والعقائد اليهودية السرية، إلى غير ذلك من العقائد المنكرة الخطيرة القائمة على الحقد العام والامتهان لبني البشر أجمعين، وتبرير ذلك نظرياً بأن كل الناس سوى اليهود ليسوا في الحقيقة سوى بهائم من الحيوان في صورة بشر، فليس لهم حرمة ولا ذمة، ولا يلتزم أحد من اليهود تجاهه بأي التزام إنساني أكثر مما
يلتزم تجاه بهيمة خلقت لمصلحته، يفعل بها ما يشاء ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ولا يخرج عن هذا السلوك المنكر إلا للتقية والتستر والخداع !! ومن هذه التقية التظاهر بالضعف والمسكنة أمام الأكثريات الأخرى من الناس.
نعم لقد كان في نظري هذه العقائد اليهودية التي نبشتها المحاكمة في حادثة مقتل القسيس الأب توما ـ وهو كما سيرى القارئ ممن قضوا حياتهم في الأعمال الإنسانية وإغاثة الملهوفين ـ أشد غرابة وفظاعة من الغاية التي دفعت إلى هذا القتل والتي ألبسوها ثوب الدين !!!
ومنذ أن وقعت علي وقائع هذه الجريمة وملابساتها ومحاضر محاكمتها في مجموعة الأستاذ أسد رستم المذكورة بدأت أتتبع وأستقصي المعلومات عنها وعن أمثالها وعن نصوص التلمود اليهودي، ذلك لأن ما نقله الأستاذ أسد رستم عن هذه الحادثة التي وقعت في دمشق سنة 1840، هو محاضر جلسات المحاكمة وهذه تنتهي عند انتهاء المحاكمة الني كانت نتيجتها الحكم بالإعدام على عدد من الحاخامين المشتركين في ترتيب الجريمة، وعدد من اليهود الرعايا المنفذين لها، سوى الحاخام موسى أبي العافية الذي أعلن اعتناقه للدين الإسلامي وترجم نصوص التلمود، وسوى بعض المشتركين الذي وعدوا بالعفو حتى كشفوا التفاصيل، ودلوا على مكان تصريف الجثة بعد تقطيعها !!
عند هذا الموقف، وهو الحكم بالإعدام نتيجة التحقيق القضائي الذي جرى في المحكمة يقف ما نقله الأستاذ أسد رستم، مع ما تخلل ذلك من محاولة اليهود رشوة بعض المسؤولين الكبار في القضاء وفي الإدارة بمبالغ مغرية لطمس الجريمة، ذلك لأنه كما ذكرنا اقتصر على نقل محاضر جلسات المحاكمة وما تم فيها من تحقيقات وتفصيلات وملابسات ووقائع.
أما مصير الحكم بالإعدام نفسه فليس في مجموعة الأستاذ أسد رستم ما يدل عليه. فهو لم يتتبع هذا المصير، ولم يسجل عنه شيئاً. وقد بقي هذا النقص ثغرة في نفسي أتطلع دائماً لملئها بمعرفة ما تم بعد ذلك، حتى رأيت مرة بطريق المصادفة كتاباً لدى صديقي الأستاذ الشيخ ناصر الدين الألباني المحدث المعروف في دمشق، عنوانه (الكنز المرصود في قواعد التلمود)، فاسترعى انتباهي هذا العنوان، واستأذنت الأستاذ الألباني في أخذه أياماً لقراءته فأعارني إياه، وذهبت به وعكفت من فوري على قراءته فإذا فيه أمنيتي المنشودة !!
تعريف بكتاب الكنز المرصود
كان هذا الكتاب ترجمة لكتابين فرنسيين ترجمهما الدكتور يوسف نصر الله من كبار مسيحي مصر: أحدهما كتاب للدكتور (روهلنج) بعنوان (اليهودي على حسب التلمود) وتكلم فيه عن مضامين التلمود ومنشئه وتكوينه ومخطوطاته وطبعاته المتعددة منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وما فيه من عقائد خطيرة مذهلة تحير العقول، وخرافات عجيبة لا يكاد يصدق الإنسان أن تكون عقائد تعبدية لولا نصوصها المنقولة من التلمود. وفي كتاب الدكتور (روهلنج) هذا من المعلومات الهامة عن التلمود ما يصعب جداً على الباحث أن يستقصيه من مصادر أخرى.
وثانيهما كتاب للدكتور (اشيل لوران) بعنوان (تاريخ سورية لسنة 1840م) تكلم فيه عن حادثة ذبح اليهود للقسيس الأب توما وخادمه إبراهيم الآنفة الذكر في دمشق. وهذا الكتاب الثاني يتفق في جميع تفاصيل الحادثة وتحقيقاتها مع ما نقله الأستاذ أسد رستم، فكلاهما ينقل محاضر جلسات المحاكمة من نفسها ولكن هذا الكتاب يسد الثغرة التي بقيت فارغة في كتاب الأستاذ أسد رستم حيث يتتبع مؤلفه القضية، ويبين مصير الحكم بالإعدام على المتآمرين المجرمين القتلة، ذلك المصير المؤسف الذي خلاصته أن أناساً من كبار أغنياء اليهود المتنفذين في أوروبا تداعوا لإنقاذ المحكوم عليهم، وأرسلوا مندوبين اثنين من فرنسا إلى مصر (وهما كراميو، وموييز مونتيفيوري) فاتصلا بالخديوي(1) محمد علي باشا (والد إبراهيم باشا الذي كان جيشه يحتل سورية في ذلك العهد) فأصدر (فرمانا) بالعفو عن القتلة المحكوم عليهم !!!
وتبقى غامضة تلك الوسيلة التي استخدمها زعماء اليهود في أوروبا للتأثير على محمد علي باشا حتى استجاب للعفو عن هؤلاء القتلة المجرمين في أبشع صور الجريمة (وهي التآمر على خطف البشر الأبرياء الغافلين وذبحهم كالنعاج لشرب دمائهم) فهل كانت تلك الوسيلة التي استخلص بها يهود فرنسا من محمد علي باشا فرمان العفو بهذه السهولة ضغطاً سياسياً من بعض دول أوروبا ولا سيما فرنسا التي كان معروفاً أن محمد علي باشا يتلقى منها العون والتأييد في المجال الدولي، أو كانت تلك الوسيلة مبالغ مغرية من المال قدمها اليهود إلى محمد علي باشا وهو في حاجة إليها، (كما هو شأن اليهود المعروف في الاعتماد على الرشوات المذهلة في شراء ذوي النفوذ أو السلطان لتسوية أمورهم، وتمشية مقاصدهم، وتغطية جرائمهم مهما عظمت)، أو كانت تلك الوسيلة مركبة من الضغط السياسي الدولي والمال معاً ؟ كل هذا محتمل، ولا يعدوه الواقع.
والأغرب الأغرب أن محمد علي باشا لما جاءه هذان اليهوديان(2) من فرنسا وطلبا منه الأمر بإعادة المحاكمة أجابهما بأنه سيفعل خيراً من ذلك، فأصدر فرمانا تضمن الأمر بالعفو عن المحكوم عليهم العشرة، الذين ثبت اشتراكهم في هذه الجريمة النكراء بالبينات القاطعة الدامغة، وباعترافاتهم الصادرة منهم بحضور بعض قناصل الدول الأجنبية (كقنصل بريطانيا، وقنصل فرنسا) في جلسات المحاكمة، وبدلالتهم على أشلاء وأشياء الضحايا التي بعد ذبحهم إياها واستنزافهم دماءهما، قطعوها وكسروا عظامها وقاموا بتصريفها(3) !! ولكن اليهوديين المتشفعين (كراميو ومونتيفيوري) اعترضا على التعبير في الفرمان بلفظ (العفو) لأنه يُشعر بأن المعفو عنهم مذنبون، فغير لهم محمد علي باشا صيغة الفرمان إلى تعابير أخرى لا تدل على ثبوت ارتكاب الجرم !!!(4).
هذان الكتابان الفرنسيان الأصليان (كتاب الدكتور روهلنج عن أصول وفصول التلمود، وكتاب الدكتور اشيل لوران عن تفاصيل حادثة ذبح القسيس الأب توما الكبوشي وخادمه إبراهيم عمار) أصبحا مفقودين لنفاد نسخهما المطبوعة في فرنسا منذ أكثر من ثمانين عاماً، كما أشار إليه المترجم. وسبب فقدانهما فيما يظهر هو سعي اليهود دائماً في جمع ما يدينهم ويفضحهم وإتلافه باستمرار.
وجدير بالذكر أنه منذ نحو أربعين عاماً قام القسيس الأب سمعان القراءلي في مدينة حلب بإصدار كتيب عن حادثة ذبح اليهود للأب توما الكبوشي وخادمه إبراهيم، وكان يطبعه ويوزع منه هدايا، ويضع بقية النسخ في المكتبات للبيع، فلا تمضي فترة من الزمن حتى ينفد الكتيب ولا يبقى له أثر، فيجدد طبعه فلا يلبث أن ينفد كذلك، لأن اليهود ـ فيما يظهر ـ يجمعونه ويتلفونه، حتى كرر طبعه عدة مرات في عدة سنوات. وفي كل طبعة كان يرسل منها مائة نسخة لسماحة مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، فيقوم سماحته بتوزيعها، وهو الذي حدثني عن نشاط الأب سمعان من حلب في نشر هذه الحادثة الإجرامية الشنعاء.
وقد لحظ المترجم المصري الدكتور يوسف نصر الله، بدلالة والده، أهمية ذينك الكتابين الفرنسيين، وأن نسخهما أصبحت نادرة في طريق النفاد، فأراد تعريف أبناء العربية بهما، فقام بترجمتهما إلى العربية، وجمعهما معاً في هذا الكتاب الذي أسماه (الكنز المرصود في قواعد التلمود)، طبعه بمصر سنة 1899، ولم يجدد طبعه للآن حتى أصبحت نسخه في حكم المخطوط النادر.
وقد صدّر المترجم المشكور الدكتور يوسف نصر الله هذه المجموعة بمقدمة طويلة تكلم فيها عن حوادث مماثلة لذبح الأب توما وخادمه، منها حادثة أخرى خطف فيها اليهود طفلاً من دمشق أيضاً اسمه هنري عبد النور، واستنزفوا دمه بثقب في عرق النبض عند الرسغ، ثم اكتشفت الجريمة، واستخرجت جثة الطفل من بئر رموها فيها، وثبتت الجريمة بأدلة كالشمس في وضح النهار على الفاعلين، فاستخدم اليهود وسيلتهم المعهودة في شراء الحكام الذين طمسوا الجريمة عنوة بحجة الحفاظ على الأمن ودرء الفتنة !! وتركوا والد الطفل يتأوه ويذوب كمداً وحزناً، فصاغ آلامه في رسالة وقصيدة أسماها (صراخ البريء) !! ولم يكن لصراخه سامع، ولا لهؤلاء المجرمين قامع !!
بعد قراءتي لهذا الكتاب الهام (الكنز المرصود) الذي وجدت فيه ما أنشد من المعلومات المتكاملة عن التلمود، وعن حادثة ذبح الأب توما وخادمه، وما أضافه المترجم المصري الدكتور يوسف نصر الله أو أشار إليه من حوادث مماثلة أعدته إلى الأستاذ ناصر الألباني الذي أعارني إياه، وبدأت أبحث بنفسي وبالواسطة عن نسخة منه أشتريها في مكتبات مصر ودمشق قديمها وحديثها فأعياني البحث حتى غطاني اليأس، وتيقنت أن اليهود قد جمعوه كعادتهم ولا سيما أنه قد مضى على طبعته الوحيدة في مصر نحو سبعين عاماً.
فلما أصدر الصديق القائد المجاهد السيد عبد الله التل كتابه العظيم الشأن الموسوم باسمه (خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية) وجدت في ثبت مصادره التي ذكرها في الختام هذا الكتاب (الكنز المرصود). ثم في أول لقاء اجتمعت فيه بالسيد عبد الله التل هذا العام (1968) في الكويت سألته عن هذا الكتاب الذي عده من جملة مصادر مؤلفه القيمة، فقال لي: إنه موجود عنده في مكتبته. فعرضت عليه أن يرسله إلى متى عاد إلى بلده لكي أقوم بتصحيح أغلاطه المطبعية الكثيرة، وأعلق عليه بعض التعليقات، وأضع له مقدمة تفيد القارئ، وأسلمه إلى إحدى الجهات العاملة في القضية الفلسطينية لتعيد نشر بطبعة أجود، فوافق السيد التل حفظه الله على ذلك، وبعد عودته بقليل كان الكتاب بيد يدي. وها أنا ذا أقدم الكتاب إلى الجهة التي ستعيد طبعه بعدما صححت أغلاطه المطبعية الكثيرة حتى هيأته لإخراج أجود من الطبعة السابقة السقيمة(5)(6) آملاً أن أكون بذلك قد أسهمت بقليل من الجهد فيما ينفع القضية الفلسطينية ليرى العالم، من كل مذهب ودين، ما آلت إليه اليهودية التي كانت في أصلها ديناً إلهياً إصلاحياً فأصيبت بتغيير المضلين المستغلين الكاذبين على الله تعالى، بالتحريف والتضليل واستباحت دماء البشر من غير اليهود وفي قضية الأب توما وخادمه التي سيقرؤها القراء في القسم الثاني من هذا الكتاب، وفي أخبار أمثالها الصورة الناطقة بكل ذلك.
وإني أهيب بكل ذوي الغيرة، من مسلمين ومسيحيين، تجاه الخطر اليهودي المشترك، أن يحرص من يستطيع منهم على تحصيل بعض النسخ من الكتابين الفرنسيين كتاب الدكتور روهلنج، وكتاب الدكتور اشيل لوران اللذين هما أصل هذا الكتاب، ويقوموا بتجديد طبعهما ونشرهما على العالم، كما أهيب بهم أن ينشطوا لترجمة هذا الكتاب (الكنز المرصود) الجامع لهما إلى أهم اللغات الحية، ولا سيما الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية، وإلى بعض اللغات الأخرى الشرقية والإفريقية، لتعرف البلاد التي تغزوها الصهيونية بالتضليل الإعلامي والسياسي وتسخرها لمآربها: ما هي حقيقة الأساس الديني الرهيب الذي تقوم عليه الحركة الصهيونية، إذ لا سبيل إلى تعريف شعوب العالم بحقيقة جزاريه وسكاكينهم إلا باللغات التي يفهمونها.
وبهذه المناسبة أقول في ختام هذه المقدمة:
كنت في مجلس مع بعض أصدقائي من الشخصيات السياسية العربية، ممن كانوا في أوروبا حينما اندلعت نار الحرب العالمية الثانية، وظلوا هناك حتى وضعت الحرب أوزارها، وكنا نتحدث عما آلت إليه الحرب العربية اليهودية في فلسطين بمؤامرة الدول الاستعمارية التي وراء اليهود، فحدثتهم بقصة العقائد التلمود(7)، وذبح اليهود للقس الأب توما وكنت حديث عهد بقراءتها في مجموعة الأستاذ أسد رستم السابقة الذكر، فلما بينت لهم أن قنصل فرنسا كان يحضر جلسات المحاكمة في دمشق، لأن الضحية المسكين البادري(8) توما كان فرنسي الجنسية، وكان قنصل فرنسا يرسل عقب كل جلسة بتقرير عما تم إلى وزارة الخارجية الفرنسية ـ فإذا بأحد الأصدقاء السامعين ـ وكان ممن عاشوا ظروف الحرب بين ألمانيا وفرنسا ومن ذوي النشاط السياسي البارز في القضايا العربية عامة، يقول لي: الآن وقعت على تفسير أمر عجيب !! قلت وكيف ذلك ؟
قال لما احتل الألمان باريس عاصمة فرنسا أوائل الحرب وأنا هناك وضع الألمان يدهم فوراً على موجودات وزارة الخارجية الفرنسية، فوجدوا بين إضباراتها القديمة إضبارة تشتمل على تقارير قنصل فرنسا في دمشق فيها تفصيل حادثة عجيبة خلاصتها أن اليهود خطفوا أحد القسس الفرنسيين وذبحوه وأخذوا دمه ليعجنوا به فطيراً يأكلونه تعبداً في بعض مناسبات دينية مقدسة عندهم، وتوجب عليهم عقيدتهم عجنه بدماء بشرية من غير اليهود.
فلما اطلعت السلطات الألمانية على هذه الإضبارة الغريبة، وكان هتلر يكافح اليهود، ويحاول تطهير الأرض منهم(9)، وإراحة العالم من مكائدهم(10) ومفاسدهم وجد الألمان في هذه الاضبارة مادة غزيرة لشن حرب دعائية تفضح عقائد اليهود الجهنمية وجرائمهم على الإنسانية جمعاء، ففكر الساسة الألمان بصنع فلم سينمائي يمثل قصة الأب توما وخادمه ويعرضها ماثلة وناطقة بالألوان الطبيعية أمام أنظار العالم، ووافق هتلر على هذه الفكرة وأمر بتنفيذها. فاختار المسؤولون الألمان لجنة فيها بعض الشخصيات العربية لترجمة الإضبارة إلى الألمانية وتهيئتها للإخراج السينمائي(11).
وقبل أن تتم هذه الترجمة والتهيئة بدأ الإرهاب(12) الحربي يتسرب إلى الألمان وثقلت الوطأة عليهم بعد دخول أمريكا في الحرب ضدهم فشغلوا عن متابعة قضية إخراج القصة في شريط سينمائي. حتى فوجئوا أخيراً باستعادة الحلفاء مدينة باريس وبدأ الألمان يعانون الخسائر والانحدار، وتلاشت الفكرة.
قال محدثي ـ وكان هو أحد العرب الذين طلبت منهم المعاونة في ذلك ـ لما اطلعت على مجمل الحادثة كنت لا أصدق ما أقرأ وكنت أستغرب اهتمام قنصلية فرنسا في دمشق بوقائع جلسات المحاكمة ووجود هذه الإضبارة في وزارة الخارجية الفرنسية مع أنها ليست من القضايا السياسية، بل من الجرائم العادية في اصطلاح القانون! ثم قال: فحين علمت منك الآن أن القسيس الضحية كان فرنسي الجنسية، وأن الامتيازات الأجنبية إذ ذاك حمت أحد المشتركين في القتل لأنه كان نمساوي الجنسية وموظفاً في قنصلية النمسا بدمشق وضحت لي الغوامض، وزال العجب من الناحية التي استغربتها، وبقي العجب العجاب في أصل الحادثة ومبناها الإجرامي في عقائد التلمود، وخطره على الإنسانية جمعاء.
مصطفى الزرقاء
الكويت
(1) كذا ورد في مقدمة الشيخ مصطفى. والمعلوم أن الخديوي إسماعيل هو أول من أطلق عليه لقب (الخديوي). وأن لقب محمد علي هو (الباشا).

(2) هما كراميو ومونتيفيوري

(3) كذا في الأصل والأصوب (الضحيتين اللتين بعد ذبحهم إياهما زاستنزافهم دماءهما قطعوهما وكسروا عظامهما.

(4) انظر آخر الكتاب.

(5) أما عباراته ولغته التي فيها كثير من الركاكة وسقم التعبير ولا سيما في الإفادات والتحقيقات القضائية فقد تركتها كما هي.

(6) وقد عدت إلى المقارنة بين فعل شيخنا العلامة الأستاذ مصطفى، وبين بعض الأصول.. ووجدت بعض ما يمكن أن يستدرك من أخطاء مطبعية، وتوضيحات لا بد منها لبعض التعابير الشامية، فحاولت استيفاءها تعميماً للفائدة، وكان شيخنا الشيخ مصطفى قد ذيل تعقيباته بالحرف (م) فنهجت نهجه، وذيلت ما عقبت به بالحرف (ز).

(7) كذا في الأصل وهو تصحيف مطبعي ولا يستقيم. فإما أن تكون العبارة: العقائد التلمودية. أو عقائد التلمود. (ز)

(8) ورد التعبير عن اللقب الديني للقسيس الضحية الذبيح في كتاب الأستاذ أسد رستم بلفظ (البادري) باللغة اللاتينية (كما هو وارد في محاضر جلسات المحاكمة. (م)

(9)كذا في الأصل، ولا نظن أن ما فعله النازيون باليهود من قتل وإحراق مما يستقيم مع منطق الشريعة والحضارة. ولم يكن هتلر النازي إلا وجهاً من وجوها الظلم والطغيان على هذه الأرض. ز

(10) كذا بالأصل، وهو سبق قلم، والصواب مكايدهم، بدون همز. (ز)

(11) وما يزال المشروع مطروحاً على الجامعة العربية والمخرجين العرب للرد على افتراءات هوليود على هذه الأمة حضارة وإنساناً . (ز)

(12) كذا بالأصل، ولعل الصواب: الوهن. (ز)


يتبع

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:03 PM

مقدمة المترجم
الطبعة الأولى سنة 1899
لما عثرتُ على كتابين فرنساويين أحدهما (اليهودي على حسب التلمود) الذي ألفه الدكتور (روهلنج) والثاني (تاريخ سوريا لسنة 1840) الذي ألفه المؤرخ (إشيل لوران)، انتهزت الفرصة وترجمتهما إلى اللغة العربية وأردت أن أتحف بهما أبناء وطني، خصوصاً وأنهما من الكتب التي يتعسر الاستحصال عليها(1) ولو ببذل الأصفر الرنان، مع أنهما يبحثان في مسائل تشتاق النفس إلى الإطلاع عليها: ألا وهي عوائد الأمة الإسرائيلية وأسرار ديانتها الخفية. غير أني ضربت صفحاً عن الجزء الأخير من كتاب الدكتور (روهلنج) المختص بمسألة قتل الأب توما، استغناء عنه بما ذكر مطولاً في كتاب (إشيل لوران) وهو ما سنذكره في القسم الثاني من كتابنا هذا إن شاء الله.
ولا تظن أيها القارئ اللبيب أن هذين الكتابين من عندياتي لأنهما ذكرا في كثير من الكتب المشهورة لدى العموم ككتاب (صراخ البريء) لصاحبه (حبيب أفندي فارس)، وكتاب (فرنسا اليهودية)(2) لادوارد ريمون. ولكن تعذر، بالطبع، على القراء الاطلاع عليهما ومراجعتهما لكونهما لا يمكن الاستحصال عليهما بسهولة(3).
هذا ويا ليت قومي يعلمون أن مقصدي حسن، وغرضي هو فقط اطلاع الجمهور على ما قال هؤلاء المؤلفون بدون إبداء ملحوظة ولا فكرة من عندي. ولو اعترض عليَّ بأن هذه الكتب ليس منها ثمرة الآن لقلت:
تعلم السحر ولا تعمل به العلم بالشيء ولا الجهل به
فلا يتوهمن القارئ حينئذ أن مرادنا ظلم الأمة اليهودية، أو طلب استعمال القسوة معها، أو تحريم ديانتها، أو منعها من إقامة شعائر دينها، كلا ثم كلا، فإنا نعلم أن الديانة الإسرائيلية أصل الديانات المنزلة، وكل إنسان حرٌّ أن يعتنق الدين الذي يعتقد أنه الحقيقي، فإن الله خول له ذلك حيث لم تتعلق إرادته تعالى بجعل الناس أمة واحدة (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون)(4).
لكل امرئ شأن تبارك من برا وخص بما قد شاء كلا من الورى
ولو شاء كان الناس أمة واحدة ولم تلق يومـاً منهم قـط منكـرا
خلق الله الإنسان خاتمة خلقه، وسلطه على كل الخليقة، وجعلها خادمة له تقدم له من أنواع الخدمة بأسرها مما تتداوله الأيدي أو تنظره الأعين. ولكن ذهب الغرور بالتلموديين في الأعصر الخالية، فتصوروا أن أنفسهم من طينة أرفع من طينة باقي العالم، وأن بقية نوع الإنسان الذين لم يعتنقوا الديانة الإسرائيلية خدم لهم كغيرهم من الحيوانات الغير العاقلة. ولما كانوا يخفون تعاليمهم ومبادئهم، ولم يروا لهم ضداًّ ذا بال يردعهم عن أفعالهم الوحشية، طمحوا في تيه ضلالهم حتى خيل لهم أن ما في السماوات والأرض مخلوق لهم، ونصبوا أنفسهم آلهة، لأنهم كانوا يعتقدون أن لهم القدرة على تحليل يمين الله وعدم حنثه بها، وأنه (عز شأنه) جاء أمراً فريًّا لما جعل الأمة اليهودية تعيسة، وأنه يبكي وينوح حيث صرح بهدم بيت المقدس (سبحانه وتعالى عما يقولون علوًّا كبيراً)(5) واستبدت الحاخامات فلا شريعة لهم سوى مرادهم، ولا قانون يردعهم سوى هواهم، فأمروا بسوء معاملة باقي الشعوب، وقتل أولادهم، واستنزاف دمهم وثروتهم، واعتبارهم بصفة حيوانات غير متفكرة. وبالجملة فكانوا يتصرفون فيهم تصرف المالك في ملكه، وسموهم: الأجانب(6)، والوثنيين.
فاتبع بعض اليهود في ذلك الوقت هذه الخطة الوخيمة، وقست قلوبهم (فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وإن من الحجارة لما يتفجر منها الأنهار، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما يعملون).
وإذا أردت بياناً وإيضاحاً أزيد من ذلك فأقول لك إنهم ارتكبوا جملة من الذبائح البشرية ليحصلوا على دم يدعون أنه نافع لهم، وتأمر ديانتهم باستعماله وقد جاء في التاريخ أنه تكرر ارتكاب هذا الفعل الفظيع حتى أنه في 24 يونيو (حزيران) سنة 1240 (هـ) صار عقد جلسة حافلة في سراي الملك لويس التاسع في باريس تحت رئاسة الملكة (بلانش). وكان القصد من هذه الجلسة الفحص عما ادُّعي به على اليهود من الأمور المنكرة. ومن جملتها استنزاف الدم البشري حملاً على اعتقاداتهم الدينية وما جاء في تلمودهم. وهنالك أعطيت الحرية المطلقة لبني إسرائيل بالمدافعة عن أنفسهم وعن تلمودهم. ولما لم يتمكنوا من إخفاء حقيقة ما نسب إليهم أقروا به، وقد تحصل وقتئذ من ترجمة نصوص تلمودهم ما يعتقدون به وهو:
(أن يسوع الناصري موجود في لجات الجحيم بين الزفت والنار، وأن أمه أتت به من العسكري (باندارا) بمباشرة الزنى، وأن الكنائس النصرانية بمقام قاذورات، وأن الواعظين فيها أشبه بالكلاب النابحة، وأن قتل المسيحي من الأمور المأمور بها، وأن العهد مع مسيحي لا يكون عهداً صحيحاً يلتزم اليهودي القيام به، وأنه من الواجب ديناً أن يلعن ثلاث مرات رؤساء المذهب النصراني وجميع الملوك الذين يتظاهرون بالعداوة ضد بني إسرائيل).
ورغماً عن كل ذلك لم تحكم الحكومة وقتئذ بإضرار اليهود، بل اكتفت بإتلاف وإحراق ما وجد من نسخ التلمود(7).
أما الذبائح البشرية فقد ذكرت في جملة كتب: منها ما قاله المؤرخ اليهودي (يوسيفوس) الشهير المولود في سنة 37 مسيحية، وتوفي في رومية سنة 95 متكلماً عن (انطيوخيوس) الرابع الملقب (بابي غان) فاتح مدينة أورشليم والذي تبوأ تخت الملك سنة 174 قبل المسيح، قال إن هذا الملك اليوناني لما دخل المدينة المقدسة وجد في أحد محلات الهيكل رجلاً يونانياً كان اليهود قد ضبطوه وسجنوه بمكان وكانوا يقدمون له أفخر المأكولات حتى يأتي يوم يخرجون به لإحدى الغابات حيث يذبحونه، ويشربون دمه، ويأكلون شيئاً من لحمه، ويحرقون باقيه، وينثرون رماده بالفلاء. وكان هذا السجن لأجل أن يعملوا بشريعة لا يجوز عندهم مخالفتها، وهي أن يأخذوا في كل سنة يونانياً، وبعد أن يطعموه أفخر المآكل ليسمن يعدونه لإتمام الوصية، وأن هذا المسجون استرحم من الملك أن ينقذه فأنقذه(8).
وهذه الذبائح منها ما ارتكب في الشرق ومنها ما ارتكب في الغرب. وقد ذكرت بالتفصيل في كتاب (فرنسا اليهودية)، و(صراخ البريء) وجملة كتب أخرى نقل عنها مؤلف (صراخ البريء) فلنضرب عنها صفحاً لأنه ليس في الإعادة إفادة، ومن أراد مراجعتها فعليه بهذين الكتابين يرى عجائب وغرائب. غير أننا نخص بالذكر منها واقعة قتل (هنري عبد النور)، وواقعة قتل الأب توما وخادمه إبراهيم عمار، لأن الواقعة الأولى هي التي بسببها صار تأليف كتاب صراخ البريء، والثانية هي التي حصلت بسببها التحقيقات التي سنذكرها إن شاء الله.
ـ 1 ـ
جاء عن الواقعة الأولى في كتاب صراخ البريء ما يأتي:
فُقِدَ نهار الاثنين في سابع نيسان الساعة التاسعة ونصف بعد الظهر(9) (هنري عبد النور) أحد أولاد الطائفة النصرانية من الأرمن الكاثوليك في دمشق، وله من العمر ست سنوات. وفي الحال أرسل أهله للتفتيش عليه في بيوت الأقارب والمعارف، وبعثوا من نشده في جميع أحياء المدينة سواد ليلتهم فلم يقفوا له على أثر.
وفي الغداة توجهت أم الغلام ووالدتها إلى منزل والي الولاية (مصطفى عاصم باشا) واتهمت عنده بعض اليهود فأنكروا أن يكونوا فعلوا ذلك. وأمر معاونه، فسار إلى رئيس الشحنة (10 وأخبره أن الوالي أمر بالتفتيش على الغلام المفقود. وبعد مضي أحد عشر يوماً زعموا أنهم قضوا في البحث والتنقيب أمر رئيس الشحنة معاونه أن يفتش في منزل الفقيد ففعل، وأنزل إلى بئر كان هناك مَن بحث فيه، وفي بئر أحد المنازل المجاورة. ثم انتقل فجأة وتخطى عدة بيوت إلى بئر مجهول(11) في مأوى عجلات إلى جانب الثكنة الشاهانية عند فوهة حارة اليهود، ولما دخلوه تقدم أحد الشحنة إلى فم البئر وكان مغطى بلوح خشب عليه حجارة ضخمة ولا يقوي الرجل الواحد على حملها، واستروح رائحة وقال: يغلب على ظني أن الغلام في هذا البئر. ثم جاؤوا بمن نزل إليه، ولما وصل إلى نصفه صرخ فأطلعوه واستخبروه، فقال في البئر شيء لا أدري أغلام هو أم هرة ؟ فطيروا الخبر بذلك إلى طيار باشا وفوزي باشا رئيس الشحنة ومعاون المدعي العمومي (وكانوا في انتظارهم رجماً بالغيب وأخذاً بالوحي!!)(12) فحضروا وأمروا بإخراج تلك (الهرة المنتنة) من البئر وأرسلوا فأخبروا والدة الفقيد وسألوها أولاً وثانياً: هل تعلم أن هذا الغلام غلامها ؟ ثم أحضروا معاون طبيب البلدة وقالوا له أن يدقق ليعلم إن كان الغلام وجد في البئر مختنقاً على أثر سقوطه أم لا ؟ قالوا والدليل على ذلك أن كان بجانب البئر عجلة صغيرة ففي غالب الظن أنه أراد ركوبها فسقط عنها في البئر (ولو كان مغطى كما ذكرنا ! ) ولما استفاض الخبر بوجدان الولد اجتمع خمسون رجلاً من اليهود وذهبوا يبشرون الوالي، ثم عادوا وأمروا في المساء أن تزين منازلهم. وأُلقي القبض على أصحاب مأوى العجلات، فأقروا بعد الاستنطاق (التحقيق) أنه حضر إليهم ليلتهم البارحة الساعة الثامنة نفر من اليهود معهم كيس زعموا أنه فيه زاداً لهم، وطلبوا إليهم عجلتين إلى دمّر (منتزه(13) بعيد عن المدينة). قالوا ولما ذهبنا لإعداد العجلتين دخل بعضهم إلى حيث كان البئر، ثم خرجوا ورجعوا من حيث أتوا ادعاء أننا تأخرنا في الإعداد. فلما رأى أولياء الحكم أن في هذا الإقرار دليلاً كافياً لتأثيم بعض اليهود تَهددوهم(14) إن لم ينكروا الأمر خيفة القلق، لحينما تصل الحكومة لمعرفة الصحيح تأكيداً، ففعلوا خشية ورهبة. وكان أهل الفقيد قد طلبوا أن تستدعى الأطباء إلى تشريح الجثة، فحضر منهم من نظر فيها وأمر بحفظها في المستشفى العسكري تحت الختم، وأجلت ساعة التشريح إلى الغد في 22 نيسان الساعة الرابعة.
وفي الغد قرأ الأطباء أسماء من عين منهم للتشريح وهم نحو العشرين طبيباً بين عسكريين وملكيين، وانصرف الباقون. ولما شرعوا في فحص الثياب وجدوا أن الحذاء اليمين كان في الرجل اليسرى وبالعكس، والرداء ناقصاً قبة العنق والأكمام، والسروال مقلوباً أمامه إلى الوراء وبالعكس، وكذا الصدرية، والتكة من فتيل المصباح وقد كانت من نسيج مطرز، ورباط أحد الجوربين تحت الركبة والآخر متدلياً إلى أسفل وكلاهما من نسيج أسود حال كونهما كانا من الأربطة ذوات الإبزيم. وهذه الفروقات ظهرت أيضاً عند مقابلة حلة الذبيح بحلة أمثاله من تلامذة الراهبات العازبات لأن الغلام كان من أولاد مدرستهن.
وأما ما لوحظ في الجثة عند التشريح فقد وجد عند الصدغ وجانب الرأس جلف ممتد إلى قرب العين. وكانت العضلات التي تحته رخوة مملوءة دماً. وكان على الأسنان تراب وطين وكذلك على طرف اللسان وكان بارزاً من بين الثنايا قليلاً. ورأوا على العضدين والفخذين بقعاً منتفخة حمرة احمراراً خفيفاً وهي ناشئة عن العَصْب لما قبض على الولد ليمنع من الحركة عند الاستنزاف. وكان على طرف اليد اليمنى عند موصل الكف بالساعد جرح صغير عرضي بجانب ثقب واصل إلى العرق المعروف بالأُسيلم ومنه استنزف الدم. ولما وقع خلاف بين يهودي من الأطباء وسائرهم في شأن الجرح وزعم أنه (نخسة فارة) حقن بمحقنة فيها ماء ملون فسرى الماء في العرق صاعداً. وعند فتح الجمجمة لم يوجد فيها دم البتة، ولا أثر يقضي بخلاف الاستنزاف. وكذا في الرئتين والقلب. وكانت المعدة ملأى بأكل مختلف معه قطعة قضامى وجد مثلها في الحلق وفي الرئة أيضاً، وكانت خالية من الماء.
ولما علمت الحكومة بنتيجة هذا الفحص، وتأكد عندها أن الولد مستنزف دمه كما كانت تعلم. أمرت بكتم هذا الأمر، وأخفت أوراق الفحص، وأمرت الأطباء أن يقولوا أنهم لم يثبتوا في التشريح الاستنزاف، وأطلقوا بعد أن أوجبوا قطع اليد وحفظها للغد مراعاة (للخلاف الذي ذكرناه في الجرح). وفي الغد اجتمع العسكريون وحدهم وفتحوا الختم وغب أن تحققوا ثانية الاستنزاف من اليد طلبت أم الذبيح أن يدفعوها لها فأبوا وبادر صاحب (نخسة الفارة) المتطبب اليهودي، وقطعها بالسكين إرباً، وضمت إلى الجثة، ودفن الكل غلس يوم الخميس 24 نيسان خفية من الأهل والناس، وأقيم على القبر الخفر، ستة في النهار واثنا عشر في الليل حذار أن تسرق اليد. وكفى بهذه الخفارة دليلاً لصحة الاستنزاف(15) إذا وهت بقية الدلائل.
وفي هذا اليوم بعينه أرسل الوالي في طلب الأطباء (أيده الله) وقام فيهم خطيباً يذكرهم بما كتب على العلماء من وجوب إسعاف أولياء الحكم في كبح جماح الجهال وبث الراحة والسكينة(16)، ثم نقم عليهم بما عزاه إليهم من إشاعة الاستنزاف، وأنكر انتدابهم للتشريح بعد أن كان قد دعاهم رسمياً، وتهددهم إن عادوا إلى مثل أقوالهم الملفقة !(17)
وهكذا انتهت هذه المذبحة البشرية وفصلت تلك الدعوى. وقد رثا صاحب صراخ البريء الفقيد بأشعار لا بأس من ذكرها وهي:
رثـاء الذبائـح
ولداه يا ولداه، بعدك بلوتـي ما العيش غير تحسر وتنـدم
أخذ اليهود وحيد أحشائي وقد سفكوا دماه بجنح ليل مظلـم
ولداه لما صرت تصرخ باكياً أهل القلـوب عليك لم تتألـم
ولداه لما صحت ويلي قائلاً: أماه، كيف ندا البري؟ لم يعلم
يا ظالمون، أما سمعتم قوله: أماه، لولا الظلـم لـم أتظلـم
يا ظالمون، أما نظرتم خوفه وسقوط أدمعـه بلون العنـدم
إن الصخور إذا رأت وجه البري يتحول الصخر الأصـم إلى فـم
كي يندب المذبوح ندب تحسر ويقول يا ربي، لما لم تنقـم؟
ولداه كأس الموت ذقت معذباً فلما بعدل حميـدنا لم تحتـم(18)
أماه ما من سامع لتضرعـي وخزوا يدي بآلـة لم ترحـم
فصرخت حين رأيت دمي سائلاً ولتي القساوة علـة لم أعلـم(19)
يا أيها الحاخام، أرجعني إلـى أمي وأهلي ليس ينفعكم دمـي
لم يسمع القاسي الصراخ وإنما زاد العذاب بضرب سوط مؤلم
وتقدموا مثل الذئاب إلى خروف منهـم قـد ذاق طعم العلقـم
ناديت يا ربي أزل عني عـذا بهم، فمن قولي لقد سدوا فمي
سأموت يا ولدي عليك كآبـة فالله يعلـم حسرتـي وتألمـي
هنري حبيبي أين أنت لعلنـي أطفي غليلـي ساعـة بتكلـم
قد غبت يا ولداه عن عيني فما لي بالحياة، ومن يزيل تظلمي؟
هل ألقي الحزن الذي ألقي على رأسي على جبل ولم يتحطـم؟
لا ذاقت الحيّات مثل مصيبتي كلا ولا فهـم وما لم يفهــم(20)
ـ 2 ـ
أما ما كان من أمر الأب توما وخادمه إبراهيم عمار فإني رأيت الناس كثيراً ما يتطلعون لمعرفة تفصيلات هذه الواقعة، والتحقيقات التي جرت فيها. ولكوني اطلعت على كل ذلك في كتاب (إشيل لوران) سآتيك بالخبر اليقين. غير أني قبل ترجمة تلك التحقيقات أقص عليك شذرات منها لتقف عليها على سبيل الإجمال، ويكون عندك في الذهن ما يساعدك على فهم محاضر التحقيق إن شاء الله.
اعلم أن مسألة قتل الأب توما الكبوشي وخادمه هي أهم مسألة حصلت من هذا القبيل. ولد هذا الرجل في (كجلياري) من (سردينيا) في إيطاليا نحو سنة /1780/ وسمي فرنسوا انطوان. فدخل رهبنة الكبوشية إذ كان له من العمر ثماني عشرة سنة، وكان ذلك في 15 يناير (كانون الثاني) سنة 1807 وبارح رومة مرسلاً لدمشق الشام حيث بقي فيها إلى يوم ذبح اليهود له سنة /1840/ فيكون هذا المرسل اشتغل بعمل الخير مدة ثلاث وثلاثين سنة مساعداً للإنسانية، عالماً غيوراً أديباً عفيفاً. وكان من أسخى الناس، رحيماً بالخلق، متعطفاً عليهم، محبوباً لكبيرهم وصغيرهم، عطوفاً على شريفهم ووضيعهم، كريم الأخلاق حسن الصحبة(21). وكان قد تعلم فن الصيدلة (الإجزاجية) وطالع في الكتب الطبية فكان يعالج المرضى في دمشق الشام مجاناً، سواء كانوا من المسلمين أو النصارى أو اليهود. وكان على الخصوص ماهراً بصناعة التطعيم ضد الجدري. فخدم البشرية خدمة تليق أن يحفظ له ذكر على صفحات قلوب محبي الخير العام. وكان الناس يأتون إليه أفواجاً من الشام وجميع القرى المجاورة لها. وكان رحمه الله يميل جداً نحو الطائفة الإسرائيلية(22) متأملاً استجلابها إلى الدين المسيحي كما كان يعرب عن أفكاره بذلك مراراً. وكان جميع الناس على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم وطبقاتهم يعتبرون هذا الرجل ويوقرونه ويكرمونه كثيراً. ومن جملة أفعاله المشكورة تمسكه بالحق. فإن رجلاً جاءه يوماً طالباً منه أن يعقد له زواجاً على امرأة، فعلم الأب توما بأن طلب الرجل غير قانوني فرفضه. فعاد الرجل إلى غرفته واستل سيفه، وطلب إلى الكبوشي أن يجيز له الزواج مع تلك المرأة وإلا يعدمه الحياة ! ففي الحال جثا الأب توما على ركبتيه، وأحنى عنقه للسيف قائلاً: الموت أفضل لي من مخالفة الناموس.. فأثر هذا الكلام بالرجل البربري، فترك القسيس وانطلق نادماً على ما فعل.
ولما حل وباء الهواء الأصفر(23) في دمشق، وفتك بسكانها فتكاً ذريعاً كان الأب توما تقدم على المرضى، ويقدم لهم كل ما يحتاجون إليه من المساعدات الروحية والجسدية، فاكتسب محبة الجميع. حتى أن دولة الوالي شريف باشا وقتئذ أمر خدمه أن يسمحوا للأب توما بالدخول إلى دائرته في كل مرة يأتيها. بل وأجاز له الدخول إلى الحرم مع أن العوائد الشرقية لا تسمح بذلك. فهذا ما يثبت الثقة التي كان مستحصلاً عليها الأب توما في دمشق.
وفي مساء اليوم الخامس عشر من شهر فبراير (شباط) سنة /1840/ طُلب الأب توما لحارة اليهود بقصد تطعيم ولد وقاية من الجدري فلبى الدعوة في الحال. ولما شاهد أن الولد المطلوب لأجله مريض وفي درجة الخطر لم ير إجراء التطعيم موافقاً، فرجع لديره. وكان بالقرب من بيت الولد المريض دار (داود هراري). وكان هذا الرجل معدوداً من أتقى اليهود في الشام. وكان النصارى يبالغون في اعتباره وتوقيره وإكرامه، حتى أنهم كانوا يقولون عنه يهودي نصراني صالح. وكان داود هراري صديقاً للأب توما فلما رآه ماراً أمام داره استدعاه للدخول فلبى الأب دعوته، ودخل فوجد هناك أخا داود، وعمه، واثنين من عظماء اليهود. فلما صار في إحدى الغرف أُغلق الباب، وانقض جميع الحاضرين عليه كالذئاب الكاسرة، ووضعوا على فمه منديلاً، وربطوا يديه ورجليه، ثم نقلوه إلى غرفة بعيدة عن مطل الشارع، وألقوه هناك إلى أن أظلم الليل، وأخذوا في الاستعدادات اللازمة لذبحه! فلما جاء حضرة الحاخام استدعوا حلاقاً اسمه سليمان، وأمروه أن يذبح القسيس. فخاف هذا الرجل وامتنع عن الإقدام على العمل. فجاء الرجل التقي بين اليهود، داود هراري صديق الأب توما نفسه، وأخذ السكين ونحره !!
ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب والناس بين مخاتل وموارب
يغشـون بينهم المودة والصفـا وقلوبهم محشوة بعقــارب
ولكن يد هذا الصديق أخذت ترتجف فتوقف عن إكمال العمل، فجاء في الحال أخوه هارون لمساعدته. ومن الغريب أن يكون هذا الأخ المساعد اسمه هارون، فإن هارون كان يساعد أخاه موسى في عمل الخير، وهارون هذا ساعد أخاه في عمل الشر، فقال موسى (وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردأ يصدقني)(24)، أي يبين لهم عني ما أكلمهم به فإنه يفهم عني ما لا يفهمون. ولكن هذه سنة الله في عباده (فمن يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون). وكان سليمان الحلاق قابضاً لحية الأب توما. وكان الحاضرون يتناولون الدم في إناء ثم يضعونه في زجاجة بيضاء، أرسلت فيما بعد إلى الحاخام باشي يعقوب العنتابي.
وبعد أن تمت تصفية دم الذبيح على هذه الحالة نزعوا ثيابه عن جثته وأحرقوها، ثم قطعوا الجسد قطعاً، وسحقوا العظام بيد الهاون، وطرحوا الجميع في أحد المصارف المجاورة لمنزل موسى أبي العافية. وظنوا أنهم بهذه الواسطة قد دفنوا الحادثة في قبر عميق! ولكن الدم البريء يصرخ إلى الله كصراخ دم هابيل عندما قتله قايين (قابيل) أخوه. فلما طال وقت رجوع الأب توما إلى ديره قلقت أفكار خادمه إبراهيم عمار. وبما أنه كان عالماً بتوجه معلمه لحارة اليهود جاء إليها يسأل عنه، فدخل دار داود هراري وسأل من كان فيها عن سيده، فأدخلوه منزل بعض المتهمين، وذبحوه كما ذبحوا معلمه! وسيأتي عليك تفصيل ذلك إن شاء الله.
وكان الأب توما دعي لوليمة عند طبيب والي دمشق في /16/ فبراير (شباط) سنة /1840/ ولكنه لم يذهب في الميعاد المحدد لسبب فقده قبل ذلك اليوم وعدم رجوعه إلى الدير وجرى البحث عليه إذا ذاك بدون فائدة.
أما كشف الحادثة فكان على الصورة الآتية وهو أنه في صباح اليوم الثاني /16/ فبراير جاء الذين كانت عادتهم الحضور لسماع قداس الأب توما. فمن حضر منهم أولاً ظن أنه نائم، ومن حضر أخيراً حسب أن القداس انتهى والقسيس خرج لأشغاله، مع ان بعضهم قرع الباب فلم يجاوبه أحد. وبعضهم قال أنه شاهد الأب توما عشية أمس متوجهاً لحارة اليهود. فقلقت أفكارهم فاعلموا الباقين بالأمر فوقع بين الشعب هيجان وسار البعض إلى سراي الحكومة وطلبوا الفحص والتدقيق عن هذا الأب.
واشتغل قنصل فرنسا بهذه القضية وأعطاها ما تستحقه(25) من الأهمية(26)، فظهر أثناء التحقيق أن الحلاق اليهودي دعي ليلاً عند التاجر اليهودي هراري، فنظر الأب توما مكتفاً ومطروحاً على الأرض، ثم جرى ما جرى كما سلف. وعند وجود الجثة عثر أيضاً على قطعة من الطاقية التي كان يلبسها الراهب وهي معروفة في كل دمشق، واعترف إذ ذاك سبعة من المتهمين قائلين: إنه قبل الواقعة بأيام أخبرهم الحاخام باشي (أي رئيس الحاخامين) أنه يلزم الاستحصال على دم بشري لاستعماله في عيد الفصح القريب، فأجابه داود هراري أنه سيستحصل على ذلك ولو كلفه من الأموال ما لا يعد. وكان المتهمون وقت اعترافهم محبوسين في حبس الانفراد واعترافاتهم جاءت مطابقة لبعضها، وبواسطتها صار الاستكشاف على الجثة وعلى بعض الملابس، ولم تستعمل القسوة معهم قبل الاعتراف كما زعم (بتشوتو) الذي هو أحد المتهمين المنتمي إلى دولة النمسا. وكان هذا الزعم لأجل تهديد السلطة الحاكمة والتخلص من التهمة التي كانت موجهة قبَله. كيف لا وأجوبته كلها كانت مبنية على هذا الزعم. وقد هدد أيضاً (بحري بك) الوالي المسيحي في أثناء التحقيق كما ستراه. وكل ما حصل من التهديدات لشريف باشا أثناء تحقيقه كان يسطر في محضر وعندما يتم أمر في ذلك يحيط به قنصل النمسا التابع له هذا المتهم.
وبعد أن تمت التحقيقات ثبتت التهمة ضد المتهمين، وتوفي في أثناء المحاكمة اثنان منهم كما سنذكره، ونال العفو أربعة لأنهم أقروا بالحقيقة، وحكم على العشرة الباقين بالإعدام.
ومن ضمن الذين صدر عنهم العفو حاخام يسمى موسى أبو العافية اعتنق الدين الإسلامي وتلقب بمحمد أفندي.
وقد كاد أن ينفذ هذا الحكم لولا أن قنصل فرنسا رأى أن يعرض أوراق القضية على دولتلو المغفور له إبراهيم باشا الذي كان وقتئذ قائداً للجيوش المصرية لكي يصدق عليها. ففي أثناء تلك المدة هاج يهود أوروبا وماجوا واغتنموا الفرصة فضاعفوا الوسائط الفعالة، وبذلوا الدرهم الرنان لإطفاء نيران الحادثة، والتحصل على عفو عن المحبوسين، وقيل أنهم قدموا 000 200 قرش(27) إلى وكالة فرنسا و000 500 لأحد المحامين.
ولكن لما خاب مسعاهم وطاح عملهم وثبتت التهمة وصدر الحكم، سافر اثنان من عظمائهم هما (كراميو، ومويز مونتيفيوري)، منتدبان من قبل جمعية الاتحاد الإسرائيلي لإنقاذ المحكوم عليهم. فوصلا مصر ورفعا عريضة لصاحب الدولة المغفور له محمد علي باشا التمسا بموجبها إعادة النظر في الدعوى وتخليص المتهمين. فقبل دولته التماسهما مراعاة للظروف، وأصدر العفو عن المجرمين إجابة لاسترحام عموم الشعب الإسرائيلي(28) كما سنذكره إن شاء الله في محله.
وكل ذلك نشأ عن المعاهدة التي بين اليهود في السراء والضراء وهي التي تكلم عنها إدوارد ريمون في كتابه فرنسا اليهودية حيث قال:
(إن قوة اليهود حاصلة من المعاهدة التي بينهم: فكل اليهود متعاهدون طبقاً لشروط جمعية الاتحاد الإسرائيلي. وقد اتخذوا رمزاً يفيد ذلك الاتحاد وهو يدان مشتبكتان تحت إكليل. وكل اليهود محافظون على قواعد ذلك الاتفاق والاتحاد بكل دقة. فلا غرابة إذا من تسلط اليهود بواسطة هذه المعاهدة على المسيحيين المساكين الذين لا يعرفون غير محبة من والاهم. وإني ليعجبني هذه الصفة المتطبعة في ذهن المسيحي ألا وهي محبة الموالي، فهو لا يدري غيرها، ولأجلها يصرف دراهمه وأوقاته وقلبه وعقله محبة للغير بدون أن يطلب على ذلك أجرة ولا بديلاً.
فينتج عن ذلك أن المسيحيين يفتحون ذراعيهم ويرحبون بالمنكوبين ويساعدونهم ويحبونهم. ولكنهم لا يجتمعون ولا يعقدون جمعيات اتحاد كجمعية الاتحاد الإسرائيلية. ولحسن طويتهم لم يصطفوا صفوفاً لمقاومة اليهود والمدافعة عن أنفسهم، فلا عجب إذا تغلب عليهم اليهودي بواسطة الهجوم على كل واحد منهم بمفرده, وهذا هو ما يفعلونه عادة، لأنهم لما يريدون أن ينهبوا أموال تاجر يتفقون على طريقة مؤدية لتفليس ذلك المسكين، وهي إما أن يتحصلوا على رفيقة يهودية تسلبه الأموال وتوصله إلى الدمار، وإما أن يحضر له أحد النصارى المنتمين لجمعياتهم ويستميله للاشتغال في الأمر الذي يقول له أنه يعود عليه بالنفقة، وهو يغشه في الأول ببعض من المكسب، لأنه كما قيل: بحسن السبك قد ينفي الزغل. ثم لا تمضي مدة إلا وينتهي ذلك إلى العار والخراب، ولا يقتصرون على ذلك بل ربما يتسلطون على كاتب من الكتاب بالسكر وارتكاب المنكر حتى ينتهي إلى الهلاك والجنون! فلو اجتمع هؤلاء المنكودو الحظ لمقاومة اليهود الذين اتفقوا على خرابهم، لخلصوا من هذه الورطة وقاوموا العدو، ولكنهم بغاية الأسف يهلكون ولم يشعروا بيد العدو التي تقبض على أرواحهم(29).
فبواسطة هذه المعاهدة التي بين اليهود حضر اثنان من عظمائهم كما ذكرنا ومنعا تنفيذ الحكم على المتهمين وهكذا انتهت هذه الواقعة أيضاً.
ولم يكفهم ذلك أنهم لما رأوا أن هذه القضية ستكون نقطة سوداء في تاريخ الشام أعدموا الكتاب المسطرة فيه هذه الوقائع وأرخوا عليها سدول الظلماء(30).
هذا ولما كتب المؤرخ لوران مسألة الأب توما قال في المقدمة ما معناه:
(إما أن يكون اليهود أبرياء مما اتهموا به من سفك الدماء في الأزمان الغابرة والمتأخرة، وإما أن تكون تلك التهمة ثابتة فلنصرخ صراخاً واحداً ولنقم قومة واحدة نحن المسيحيين والمسلمين واليهود الفلاسفة لنعدم هذه الاعتقادات الفاسدة ونسلق أهل التلمود بألسنة حداد).
وعلى أي الأحوال فخذ الكتاب أيها القارئ اللبيب واقرأ باسم ربك، وبعدها احكم بما يتراءى لك.
وقبل عرض مسألة قتل الأب توما وخادمه إبراهيم عمار عليك ابتدئ بترجمة بعض فصول من كتاب الدكتور روهلنج المسمى (باليهودي على حسب التلمود) كما وعدتك، لتعرف كيف كانت اعتقادات الأمة اليهودية، وتقف على تلمودها وعوائدها ومبادئها. وتفهم كيف ختم الله على قلوب هؤلاء القوم وجعل على أبصارهم غشاوة، حتى أنهم فتكوا بصاحبهم الرجل التقي البريء وهم لا يشعرون بفساد ما يفعلون.
وإني قد سلكت في ترتيب هذا الكتاب وتبويبه مسلكاً يقربه للفهم مع المحافظة على طريقة ترتيبه الأصلي لعدم ضياع الثمرة المقصودة.
هذا ولما كان الكتاب مشتملاً على أسماء أعجمية تشتمل على حروف ليست من لغة كتابنا ولا اصطلاح أوضاعنا اضطررنا إلى وضع تلك الأسماء بين هلالين لتسهيل قراءتها.
وهذا الكتاب الذي أردت نشره يشتمل على قسمين:
(القسم الأول) يختص بكتاب الدكتور روهلنج المسمى باليهودي على حسب التلمود.
والثاني يختص بقضية قتل الأب توما وخادمه إبراهيم عمار، وما فيها من التحقيقات، وهي مترجمة عن كتاب اشيل لوران المسمى بالمسائل التاريخية عما جرى في سورية سنة 1840.
الدكتور يوسف نصر الله
مصـر
(1) في الأصل المطبوع (عليهما) والصواب ما أثبتناه. (ز)

(2) يتمنى مركز الشرق العربي على أبناء الجالية العربية الذين يعيشون في فرنسا أن يستحصلوا على نسخة من كتاب (فرنسا اليهودية) لادوارد ريمون. وتقديمها إلى قراء العربية.

(3) لأن المعروف عند اليهود أنهم يجمعون ما يكتب وينشسر عن أسرارهم ومخازيهم ويتلفونه. ويسرقون النسخ النادرة والوثائق من المكتبات العامة (م)

(4) (سورة يونس الآية 99). المترجم من مسيحيي مصر وهو يستشهد بآيات القرآن تضميناً دون النص عليها. وسنحاول في طبعتنا هذه أن نصحح الآيت ونعزوها إلى سورها إن شاء الله.

(5) (سورة الإسراء الآية 43).

(6) سموهم حسب التعبير القرآني: (الأميين)، (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) أي لا يؤاخذون ولا يحاسبون على ما يفعلونه بغير اليهودي. (ز)

(7)راجع فرانسا اليهودية وصراخ البريء

(8) صراخ البريء.

(9) هذا التوقيت حسب التوقيت الغروبي الذي يعتبر أن غروب الشمس في الساعة الثانية عشر بينما التوقيت المعمول به حاليا يسمى التوقيت الزوالي وكان قديماً يسمى التوقيت الأول بالتوقيت العربي. (ز)

(10) رئيس الشحنة: أي رئيس الشرطة. (ز)

(11) كانت الآبار متصلة بواسطة قناة تمد المدينة بالماء، وكان من الممكن الانتقال عن طريق هذه القناة من بئر إلى آخر. (ز)

(12) كذا في الأصل والسياق لا يحتمل العبارتين. (ز)

(13) كذا في الأصل والصواب متنزه. (ز)

(14) أي أن أولياء الحكم هددوا أصحاب مأوى العجلات لكي ينكر هؤلاء أقوالهم التي تدين اليهود خشية من أن يحصل قلق عام في البلد فيضطرب الأمن وهذا التهديد من أولياء الحكم دليل على ارتشائهم من اليهود لطمس القضية !! (م)

(15) صراخ البريء.

(16) وهذا أوضح دليل على أن الوالي المذكور قد ارتشى من اليهود رشوة أعمته وقادته إلى تغطية القضية وقلب الحقائق وخيانة أمانته على حقوق الناس!! وإن وجود أمثال هذا الوالي بين الحكام المتسلطين هو الذي يشجع اليهود على الاستمرار في جرائمهم اعتماداً على الرشوة . (م)

(17) وكم قتل أبرياء وسجنوا وشردوا تحت مثل ذرائع الوالي هذا ليستتب الأمر في المنطقة لمصاصي الدماء ومن يؤازرونهم من وراء ستار ثم يتهمون الآخرين بالجهل والعصبية والانتقاص من الوحدة الوطنية. (ز)

(18)هكذا الأصل، ولعلها محرفة (يحكم) بالبناء للمجهول، أي فلماذا لم يحكم بالعدل على القتلة المجرمين ؟

(19)تي اسم إشارة بمعنى هذه أي لم أعلم علة وسبباً لهذه القساوة. (م)

(20) أي ولا ذاق مثل مصيبتي من يفهم وما لا يفهم، فتأمل، شعر ركيك، ولكنه نفثات.

(21) هذه الصفات النبيلة النافعة لبني الإنسان هي ما يزيد عليهم نقمة اليهود أعداء الإنسانية الشرابين للدماء البريئة عقيدة وعبادة !!. (م)

(22) ومايزال هذا حال نصارى الغرب حيث يؤيدون من يشتم السيد المسيح عليه السلام ويقذف أمه بأبشع الفواحش ويساندونهم على كل صعيد ولله في خلقه شؤون. (ز)

(23) وباء الهواء الأصفر: هو داء الكوليرا. (ز)

(24) (سورة القصص الآية 34).

(25) راجع كتاب اشيل لوران القسم الثاني.

(26) سبب ذلك أن الأب توما كان فرنسي التبعية (الجنسية).

(27)كل مائة قرش إذ ذاك تعادل ديناراً ذهبياً وزنه مثقال ونصف من الذهب ـ أي سبعة غرامات تقريباً بمقياس الغرام العالمي اليوم. (م)

(28) يتحفظ المؤلف هنا في انتقاد هذا العفو الصادر بناء على رشوة يهودية ضخمة، لأنه كتب كتابه هذا في ظل سلطان أسرة محمد علي باشا وحكمها (م)

(29) راجع فرنسا اليهودية لادوارد ريمون. وقد تأكد هذا التحالف اليهودي ضد أ[ناء الشعوب الأخرى من خلال (الصهيونية) المنظمة اليهودية العتيدة ثم من خلال جمعيات ونواد تدعي الإنسانية وتستخدم في تحقيق مآربها البلهَ من أبناء الشعوب وأتباع الديانات وذلك مثل الماسونية وسواها.

(30)صراخ البريء.




يتبع

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:05 PM

القسـم الأول
كتاب الدكتور (روهلنج)
عن عقائد اليهود بحسب التلمود
تمهيـد
جمع الدكتور روهلنج كتابه المسمى (اليهود على حسب التلمود) وبين فيه معتقدات بني إسرائيل بغاية التفصيل، وطبع في باريس بعد ترجمته باللغة الفرنساوية بمعرفة مارتيني.
أما الدكتور (روهلنج) فهو مدرس في مدرسة (براج). فمن قراءة هذا الكتاب يمكنك أن تقف أيها القارئ العزيز على كل ما يختص بالقواعد التلمودية وما كانوا يصفون به العزة الإلهية تعالى الله عما يشركون. ويمكنك أن تعرف منه سبب عدم تقدم هذه الأمة التعيسة وعدم تمدنها. فهي كما جاء عن أفرادها(1) (ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)(2) فلا تراهم مشغولين إلا بنهب أموال العالم التي يقولون أنها تعلقهم(3) ولهم الحق في استردادها بأي طريقة كانت، ولو بالنهب والسرقة وارتكاب المنكر، نعوذ بالله من الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، المبشرين بعذاب أليم (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)(4).
الكتاب الأول
في معلومات عموميات(5)
الفصل الأول
(التلمود)
شروحات التلمود ـ ما يحتوي عليه ـ حيل الحاخامات التي يستعملونها لإخفاء تعاليمهم عن المسيحيين ـ طبعات التلمود المختلفة.
أخذ الربيون(6) والحاخامات تعاليمهم ومبادئهم عن الفرّيسيين الذين كانوا متسلطين على الشعب أيام المسيح، يحضونه(7) على اتباع ظواهر شريعة موسى، ويحفظون لأنفسهم تفسير التقليدات المتصلة إليهم.
وبعد المسيح بمائة وخمسين سنة خاف أحد الحاخامات المسمى (يوضاس) أن تلعب أيدي الضياع بهذه التعاليم، فجمعها في كتاب أسماه (المشنا).
وكلمة مشنا(8)، معناها الشريعة المكررة لأن شريعة موسى المرصودة في الخمسة كتب التي كتبها مكررة في هذا الكتاب. أما الغرض من المشنا فهو إيضاح وتفسير ما التبس في شريعة موسى، وتكملة الشريعة على حسب ما يدعون.
وقد زيد في القرون التالية على كتاب المشنا الأصلي شروحات أخرى صار تأليفها في مدارس فلسطين وبابل.
ثم علق علماء يهود على المشنا حواشي كثيرة، وشروحات مسهبة دعوها باسم (غاماراة). فالمشنا المشروحة على هذه الصورة مع الغاماراة كونت التلمود فكلمة التلمود معناها: كتاب تعليم ديانة وآداب اليهود.
وهذه الشروحات مأخوذة عن مصدرين أصليين:
(أحدهما) المسمى بتلمود أورشليم، وهو الذي كان موجوداً في فلسطين سنة /230/.
(وثانيهما) تلمود بابل، وهو الذي كان موجوداً فيها سنة /500/ بعد المسيح ولا يحتوي على أقل من أربع عشرة ملزمة. وهو تارة يكون بمفرده وأخرى مضافاً مع المشنا وتلمود بابل. وهو المتداول بين اليهود والمراد عند الإطلاق(9).
ويوجد في نسخ كثيرة من التلمود المطبوع في المائة سنة الأخيرة (أي في القرن التاسع عشر) بياض أو رسم دائرة بدلاً عن ألفاظ سب في حق المسيح والعذراء والرسل (عليهم الصلاة والسلام أجمعين) كانت مذكورة في النسخ الأصلية. ومع ذلك لم تخل من طعن في المسيحيين(10). فإنه يستفاد من الشروحات أن كل ما جاء في التلمود بخصوص باقي الأمم غير اليهودية كلفظ (أميين، أو أجانب، أو وثنيين) المراد منها المسيحيون(11).
ولما اطلع المسيحيون على هذه الألفاظ هالهم الأمر، وتذمروا ضد اليهود فقرر المجمع الديني لليهود وقتئذ في مدينة بولونيا سنة 1631(م) أنه من الآن فصاعداً تترك محلات هذه الألفاظ على بياض أو تعوض(12) بدائرة على شرط أن هذه التعاليم لا تعلم إلا في مدارسهم فقط فيشرحون للتلميذ مثلاً أن المسيحيين مجبولون على الخطايا ولا يجب استعمال العدل معهم ولا محبتهم أصلاً !!
وقال المحامي (هارت روسكي) أنه يوجد كثير من اليهود لم يطلعوا على التلمود ولم يعلموا ما فيه. ولكن من اطلع عليه منهم يعتقد أنه كتاب منزَّل(13)، ويبذل الجهد في نشر قواعده المضرة بين أبناء جنسه، وهؤلاء يبجلونها ويستعملونها في الغالب.
وقد اعتني بطبع التلمود طبعات مختلفة. والمستعمل منها هي النسخ التي طبعت منها في مدينة البندقية وهي الطبعة الكاملة. أما ما طبع منها في مدينة (أمستردام) في سنة /1644/م، وفي (سلزباج) سنة /1769/م، وفي (فارسوفيا/ سنة /1863/م وفي مدينة (براغ) سنة /1839/م فكلها مشطورة وما لم يذكر من الألفاظ السالفة الذكر إلا في النسخ المطبوعة في مدينة البندقية يشيرون إليه في باقي النسخ بلفظ (بند)، أي ما هو محذوف في هذه النسخة موجود في النسخ المطبوعة في مدينة البندقية، فعليك بمراجعتها(14).
الفصل الثاني
التلمود هو من الكتب المنزلة عند اليهود
التلمود عند اليهود أفضل من التوراة ـ عصمة الحاخامات عن الخطأ ـ كل ما قالوه يعتبر كأقوال إلهية ـ حمار الحاخامات.
يعتبر اليهود التلمود من قديم الزمان كتاباً منزلاً مثل التوراة، ما عدا بعض المعاندين(15)، فإنه لا يعتقد ذلك بالطبع. ولكن إذا أمعن الإنسان نظره في اعتقاداتهم يتحقق أنهم يعتبرونه أعظم من التوراة ! كيف لا وجاء في صحيفة من التلمود:
(إن من درس التوراة فعل فضيلة لا يستحق المكافأة عليها، ومن درس (المشنا) فعل فضيلة استحق أن يكافأ عليها، ومن درس (الغامارة) فعل أعظم فضيلة).
وجاء في كتاب (شاغيجا):
(من احتقر أقوال الحاخامات استحق الموت، دون من احتقر أقوال التوراة، ولا خلاص لمن ترك تعاليم التلمود واشتغل بالتوراة فقط لأن أقوال علماء التلمود أفضل مما جاء في شريعة موسى).
وقد جاءت أقوال الحاخامات وعلماء اليهود مطابقة لهذا المبدأ فقال العالم بشاي: (لا يلزم أن تختلط بمن يدرس التوراة والمشنا دون الغامارة).
وجاء في التلمود أن أشعيا النبي هو الذي قسم أبوابه وفصوله (أشعيا 6.33) وأن الحديث مساو لشريعة موسى.
وجاء أيضاً:
(إن التوراة أشبه بالماء، والمشنا أشبه بالنبيذ، والغامارة أشبه بالنبيذ العطري، والإنسان لا يستغني عن الثلاثة كتب المذكورة كما أنه لا يستغني عن الثلاثة أصناف السالفة ذكرها. وبعبارة أخرى: شريعة موسى مثل الملح، والمشنا مثل الفلفل، والغامارة مثل البهار، فلا يمكن الإنسان(16) أن يستغني عن واحد من هذه الأصناف).
وقال الحاخام (روسكي) المشهور: (التفت يا بني إلى أقوال الحاخامات أكثر من التفاتك إلى شريعة موسى).
وجاء في أحد كتبهم المسمى (الهمار) وهو شرح على التوراة:
(إن الإنسان لا يعيش بالخبز فقط والخبز هو التوراة بل يلزمه شيء آخر وهو أقوال الله كقواعد وحكايات التلمود).
وجاء في التلمود ما معناه:
(قد أعطى الله الشريعة على طور سينا، وهي التوراة، والمشنا، والغامارة، ولكنه أرسل على يد موسى الكليم التلمود شفاهياً، حتى إذا حصل فيما بعد تسلط أمة أخرى على اليهود يوجد فرق بينهم وبين باقي الوثنيين، وجاءت شريعة التلمود شفاهية لأنها لو كتبت لضاقت عنها الأرض).
ولكننا نستنتج مما جاء في التلمود وأقوال الحاخامات أنه ليس من الكتب المنزلة كما يعتبر اليهود ذلك، لجملة أسباب، منها:
أولاً ـ يثبت ذلك ما يحتويه من التعاليم. والحاخامات كلهم متساوون ولم يكونوا رسلاً مكلفين بتبليغ رسالة من قبل الله.
ثانياً ـ اليهود يعتقدون أن لكل الحاخامات سلطة إلهية، وكل ما قالوه يعتبر أنه صادر من الله.
يقول الرابي مناحم، كباقي الحاخامات:
(إن الله تعالى يستشير الحاخامات على الأرض عندما توجد مسألة معضلة لا يمكن حلها في السماء)!!
وذكر في التلمود: (إن الحاخامات المتوفين مكلفون بتعليم المؤمنين في السماء). وجاء في كتاب يهودي اسمه (كرافت) مطبوع في سنة 1509:
(اعلم أن أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء. وزيادة على ذلك يلزمك اعتبار أقوال الحاخامات مثل الشريعة لأن أقوالهم هي قول الله الحي فإذا قال لك الحاخام أن يدك اليمنى هي اليسرى وبالعكس فصدق قوله ولا تجادله فما بالك إذا قال لك إن اليمنى هي اليمنى واليسرى هي اليسرى).
وقال أحد علماء اليهود المسمى (ميمانود) المتوفي في أوائل القرن الثالث عشر (مخافة الحاخامات هي مخافة الله)
وقد جاءت العبارات الآتية في التلمود، وهي: (من يجادل حاخامه أو معلمه فقد أخطأ، وكأنه جادل العزة الإلهية)!!
وقال الحاخام(17) مناحم في أقوال الحاخامات المتناقضة لبعضها (إنها كلام الله مهما وجد فيها من التناقض! فمن لم يعتبرها، أو قال إنها ليست أقوال الله فقد أخطأ في حقه تعالى).
وذكر في كثير من كتب اليهود (إن أقوال الحاخامات المناقضة لبعضها منزلة من السماء، ومن يحتقرها فمثواه جهنم وبئس المصير).
والحاخامات الذين ألفوا التلمود يأمرون بالطاعة العمياء لهم، ويدعون أن ما جاء في التلمود من التناقض بين أقوال الحاخام (هلال) والحاخام (شماي) صادر كله من الله ولو أن هذين الحاخامين لم يتفقا على لفظة مهمة أو غير مهمة. وقد حصلت مشاحنة يوماً ما بين حاخامين أحدهما يدعى الرابي (شايا) والثاني (بار كبارة)، وحلف كل منهما أن أحد الحاخامات قال كيت وكيت مما ادعوه، ولم يفصل في الخلاف الواقع بينهما. فجاء الحاخام (روسكي) وقال (إن الحاخامين المذكورين قالا الحق لأن الله جعل الحاخامات معصومين من الخطأ)!!
وجاء في التلمود (صفحة/74):
(إن تعاليم الحاخامات لا يمكن نقضها ولا تغييرها ولو بأمر الله !! وقد وقع يوماً الاختلاف بين الباري تعالى وبين علماء اليهود في مسألة، فبعد أن طال الجدال تقرر إحالة فصل الخلاف إلى أحد الحاخامات الرابيين، واضطر الله أن يعترف بغلطه بعد حكم الحاخام المذكور(18))
وهذه العصمة لا تختص فقط بالحاخامات بل لكل ما بتعلق بهم أيضاً فقيل (إن حمار الحاخام لا يمكن أن يأكل شيئاَ محرماً)!!
وجاء في أحد كتبهم، حلا لمسألة مهمة، وهي حيث أنه يوجد في الكتب أقوال مناقضة لبعضها فكيف يعرف الإنسان الحقيقة ؟ فأجيب عن ذلك يما يأتي:
(كل هذه الأقوال هي كلام الله فافتح أذنيك مثل القمع واسمع، وليكن عندك قلب يفرق بين ما هو مباح لك وما هو محظور عليك تلك الأقوال معناها العربي: افعل ما شئت إذا تمكنت من ذلك. فإذا أراد أحد الربيين مثلاً أن يتمسك بالحقيقة والعدالة فلك أن تخالفه في قوله وتتبع قولاً آخر مناقضاً له، لأن الأقوال المناقضة لأقواله هي من كلام الله أيضاً. ولذلك ذكر في التلمود بأفصح عبارة: إن الإنسان مهما كان شريراً في الباطن وأصلح في ظواهره يخلص)!!
لنبحث الآن في أقوال الحاخامات الذين يعتبرون أنفسهم معصومين من كل خطأ وأن أقوالهم هي أقوال الله(19).
(1) يلحظ أن المترجم حقوقي ذو ميول أدبية. ومع أنه مسيحي كثيراً ما يستشهد بآيات قرآنية كما هنا. (م)

(2) (سور البقرة الآية 61)

(3) كذا في الأصل ولعل الأصوب تخصهم. (ز)

(4) (سورة التوبة الآية 35)

(5) طريقة تعبير تركية والأصوب معلومات عمومية أو عامة. (ز)

(6) الربيون جمع ربي أو رابي وهم المشتغلون بالدين من أحبار اليهود. (ز)

(7) ضمير المفعول راجع إلى الشعب: أي يحضون الشعب أيام السيح.. الخ .(م)

(8) واضح من الكلمة السامية أن المشنا تقابل المثنى في اللغة العربية وتعني المزدوج أو المكرر. (ز)

(9) وتلمود بابل هو الذي كتب في الأسر الكبير وفي زمن القهر وتسلط الآشوريين على اليهود وضياع الكثير من أصول التوراة ولذلك جاء محرفاً وناقماً على الإنسانية أجمع. (ز)

(10) في الأصل (من طعن المسيحيين) بتركيب إضافي والصواب ما أثبتاه، لكي لا يذهب ظن القارئ إلى أن المسيحيين يطعنون في التلمود بينما المقصود أن نصوص التلمود تطعن في المسيحيين وتذمهم. (ز)

(11) لا خصوصية للمسيحيين، كما هو معروف من هذه الاصطلاحات اليهودية فهذه الأوصاف يريدون بها كل من سواهم من مسيحيين ومسلمين وغيرهم، وإذا كان حقدهم ينصب في الدرجة الأولى على المسيحيين والمسلمين لأسباب تاريخية معروفة. (م)

(12) في الأصل أو تعويض بدائرة ولا يستقيم والصواب ما أثبتناه والعبارة مختلة ولعل الأقوم أن يقال (يترك بياض محل هذه الألفاظ أو تعوض بدائرة). (ز)

(13) وهكذا أحل الجهلة والمتعصبون هذه الشروحات التاريخية محل التوراة الأصلية التي وإن كان فيها هي الأخرى الكثير من التخريف إلا أن الأصل فيها هو أنها كتاب الله المنزل. (ز)

(14) يريد المترجم أن يقول أن طبعة البندقية كانت هي الطبعة الكاملة ثم هذبت باقي الطبعات المطبوعة في القرون التالية فإذا وصلوا إلى مكان فيه عبارة تنال من غير اليهود وتحرجهم أمام الشعوب التي يعيشون بينها فإنهم قد تواطؤوا على حذف تلك العبارات وأن يضعوا مكانها الأحرف (بند) المختصرة من لفظة بندقية وهو تطوير لقرارهم السابق بأن يتركوا محل هذه الألفاظ بياضاً أو أن يضعوا دائرة. (ز)

(15) وصف المعاندين هنا بحسب رؤية اليهود له، وإلا فهؤلاء هم المتنورون والمتفقهون الذين يعلمون حقيقة التلمود وأنه مجرد كتابات بشرية غير معصومة. (ز)

(16) كذا في الأصل والأصوب فلا يمكن للإنسان. (ز)

(17) في الأصل الحاخامات والصواب ما أثبتناه. (ز)

(18) تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً (م)

(19) لعنة الله تعالى الأبدية على الكاذبين. وصدق الله تعالى إذ يقول في قرآنه العظيم: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون). (م)




يتبع

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:06 PM

الكتاب الثاني ـ فساد الدين
الفصل الأول
العزة الإلهية على حسب التلمود
ماذا يصنع الله في السماء ـ الحوت وزوجته ـ خطيئة الله وندمه وسبع الاي سبب الزلازل على الأرض ـ تخطئة القمر لله ـ نقائص أخرى لله.
قال التلمود:
(إن النهار اثنتا عشرة ساعة: في الثلاث الأولى منها يجلس الله ويطالع الشريعة. وفي الثلاث الثانية يحكم. وفي الثلاث الثالثة يطعم العالم. وفي الثلاث الأخيرة يجلس ويلعب مع الحوت ملك الأسماك).
وقال مناحم:
(إنه لا شغل لله في الليل غير تعلمه التلمود مع الملائكة ومع (اسموديه) ملك الشياطين في مدرسة في السماء ثم ينصرف (اسموديه) منها بعد صعوده إليها كل يوم).
والحوت كبير جداً يمكن أن يدخل في حلقه سمكة طولها /300/ فرسخ بدون أن تضايقه. وبالنسبة لحجمه الكبير رأى الله أن يحرمه زوجته، لأنه إن لم يفعل ذلك لامتلأت الدنيا وحوشاً أهلكت من فيها. ولذلك حبس الله الذكر بقوته الإلهية. وقتل الأنثى، وملحها وأعدها لطعام المؤمنين في الفردوس.
ولم يلعب الله مع الحوت بعد هدم الهيكل، كما أنه من ذلك الوقت لم يمل إلى الرقص مع حواء بعد ما زينها بملابسها، وعقص لها شعرها. وقد اعترف الله بخطئه في تصريحه بتخريب الهيكل، فصار يبكي ويمضي ثلاثة أجزاء الليل يزأر كالأسد قائلاً:
تباً لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وشغل الله مساحة أربع سنوات فقط بعد أن كن ملء السماوات والأرض في جميع الأزمان!
ولما يسمع الباري تعالى تمجيد الناس له يطرق رأسه ويقول:
ما أسعد الملك الذي يمدح ويبجل مع استحقاقه لذلك. ولكن لا يستحق شيئاً من المدح الأب الذي يترك أولاده في الشقاء[1].
أما سبع (الاي) الذين يشبهون زئير الله بزئيره فهو سبع غابة (الاي) الذي أراد أن ينظره إمبراطور رومية، ولما أحضر إليه، ووصل على بعد أربعمائة فرسخ زأر مرة زئيراً حصل منه ضجة سقطت منها النساء الحبالى، وهدمت منها أسوار رومية، ولما وصل على بعد ثلاثمائة فرسخ زأر مرة أخرى فوقت أضراس أهل رومية، ووقع الإمبراطور على الأرض من فوق عرشه مغشياً عليه، وطلب بعد إفاقته أن يرد حالاً ذلك السبع إلى محله!!
يندم الله على تركه اليهود في حالة تعاسة حتى أنه يلطم ويبكي كل يوم فتسقط من عينيه دمعتان في البحر فيسمع دويهما من بدء العالم إلى أقصاه، وتضطرب المياه، وترتجف الأرض في أغلب الأحيان فتحصل الزلازل!!
وأما تخطئة القمر لله فإنه قال له: أخطأت حيث خلقتني أصغر من الشمس. فأذعن الله لذلك واعترف بخطئه، وقال: اذبحوا لي ذبيحة أكفر بها عن ذنبي لأني خلقت القمر أصغر من الشمس.
وليس الله على حسب ما جاء في التلمود معصوماً من الطيش، لأنه حالما يغضب يستولي عليه الطيش، كما حصل ذلك منه يوم غضب على بني إسرائيل وحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية. ولكنه ندم على ذلك بعد ذهاب الطيش منه، ولم ينفذ ذلك اليمين، لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة !!
وجاء في التلمود:
(إن الله إذا حلف يميناً غير قانونية احتاج إلى من يحله من يمينه وقد سمع أحد العقلاء من الإسرائيليين الله تعالى يقول: من يحللني من اليمين التي أقسمت بها ؟ ولما علم باقي الحاخامات أنه لم يحلله منها اعتبروه حماراً، لأنه لم يحلل الله من يمينه. ولذلك نصبوا ملكاً بين السماء والأرض اسمه (مي) لتحليل الله من أيمانه ونذوره عند اللزوم)!!
وكما حصل لله أن يحنث في يمينه فقد كذب أيضاً بقصد الإصلاح بين إبراهيم وامرأته سارة. وبناء عليه فيكون الكذب حسناً سائغاً لأجل الإصلاح.
وأن الله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير، وأنه أعطى الإنسان طبيعة رديئة وسن له شريعة لولاها لما كان يخطئ، وقد جبر اليهود على قبولها فينتج من ذلك أن داود الملك لم يرتكب بقتله (لاوريا)، وبزناه بامرأته خطيئة يستحق العقاب عليها منه تعالى، لأن الله هو السبب في كل ذلك[2].
الفصل الثاني
الملائـكـة
أصل الملائكة ـ وظائفهم المختلفة ـ حسدهم لليهود
الملائكة قسمان: من لا يطرأ عليه الموت، وهو الذي خلق في اليوم الثاني. ومن يطرأ عليه الموت، وهو قسمان أيضاً:
ـ من يموت بعد مكثه زمناً طويلاً قدر له فيه الحياة بأجله وهو الذي خلق في اليوم الخامس.
ـ ومن يموت في يوم خلقه بعد أن يرتل لله، ويقرأ التلمود، ويسبح التسابيح، وهو الذي خلق من النار. وقد أهلك الله منهم جيشاً جراراً بواسطة إحراقه بطرف إصبعه الخنصر.
ويخلق الله كل يوم ملكاً جديداً عند كل كلمة يقولها. فهؤلاء الملائكة يأتون إلى عالم الوجود بسرعة كما يخرجون منه.
أما وظائفهم فمنهم من وظيفته حفظ الأعشاب التي تنبت في الأرض، وهم واحد وعشرون ألفاً بعدد أنواع الأعشاب كل واحد يحفظ النوع الذي نيط به.
ومنهم الملك (جركيمو) للبرد. وميخائيل للنار وإنضاج الأثمار.
ويوجد جملة من الملائكة أخرى معروفة أسماؤهم لدى الحاخامات، بعضهم مخصص بالخير، وبعضهم بالشر وبعضهم لبث المحبة والصلح. وبعضهم لحفظ الطيور والأسماك والحيوانات المتوحشة. وبعضهم مختص بصناعة الطب، وبعضهم لمراقبة حركة الشمس والقمر والكواكب.
وقال الحاخام ميمانود (الأجرام السماوية هي صالحو الملائكة ولذلك تراهم يعقلون ويفهمون)!!
وتشتغل الملائكة ليلاً ببث النوم في الإنسان. وتصلي لأجله نهاراً، ولذلك يلزمنا أن نطلب منها ما نريد.
غير أن الملائكة لا تفهم اللغة السريانية ولا الكلدانية. فعلى من يطلب منها شيئاً أن لا يوجه إليها الخطاب بإحدى هاتين اللغتين.
وتجهل الملائكة هاتين اللغتين لسبب مهم وهو أنه يوجد لدى اليهود صلاة عديمة المثال يصلونها باللغة الكلدانية. وجاء في التلمود أن الملائكة يجهلون هذه اللغة حتى لا يحسدوا اليهود على صلاتهم.
وعلى حسب رواية أخرى تفهم الملائكة جميع اللغات غير أنها تكره هاتين اللغتين كراهية كلية، ولا تسمع من يطلب منها شيئاً بهما.
الفصل الثالث
تاريخ الشياطين
أصل الشياطين ـ علاقات آدم مع نساء الشياطين ـ وعلاقات حواء مع الشياطين الذكور ـ رؤساء الشياطين ـ وظائفهم وسكنهم على الأرض ـ شجر البندق وقرون الثور والجنازات الخ ـ التلمود والسحر
خلق الله الشياطين يوم الجمعة عندما خيم الغسق ولم يخلق لهم أجساداً ولا ملابس، لأن يوم السبت كان قريباً وما كان لديه الوقت الكافي ليعمل كل ذلك!!
وعلى حسب رواية أخرى لم يخلق لهم أجساداً عقاباً لهم، لأنهم كانوا يريدون أن يخلق الإنسان بدون جسد.
والشياطين على جملة أنواع فبعضهم مخلوق من مركب مائي وناري، وبعضهم مخلوق من الهواء، وبعضهم من الطين. أما أرواحهم فمخلوقة من مادة موجودة تحت القمر لا تصلح إلا لصنعها.
وبعض الشياطين من نسل آدم لأنه بعد ما لعنه الله أبى أن يجامع زوجته حواء حتى لا تلد له نسلاً تعيساً، فحضر له اثنتان من نساء الشياطين فجامعهما فولدتا شياطين.
وجاء في التلمود: أن آدم كان يأتي شيطانة مهمة اسمها (ليليت) مدة 130 سنة فولد منها شياطين.
وكانت حواء لا تلد في هذه المدة إلا شياطين بسبب نكاحها من ذكور الشياطين. والشياطين على حسب التلمود يتناسلون ويأكلون ويشربون ويموتون مثله[3].
وأمهات الشياطين المشهورات أربع استخدمهن سليمان الحكيم بما كان له عليهن من السلطة، وكان يجامعهن.
قال التلمود: إن إحدى هؤلاء النسوة امرأة الشيطان المسمى (شماعيل) تذهب مع بناتها في مقدمة مائة وثمانين ألف شيطان بصفة رئيسة عليهم ليضروا الناس في ليلتي الخميس والسبت. و(ليليت) السابق ذكرها عصت آدم زوجها فعاقبها الله بموت أولادها، فهي تنظر كل يوم مائة من أولادها يموتون أمامها. ومن ذلك الحين تعهدت أن لا تقتل أحداً من الأطفال التي لها عليهم سلطة إذا تليت عليهم ثلاثة أسماء من أسماء الملائكة. هذا وهي دائماً تعوي كالكلاب ويصحبها مائة وثمانون ملكاً من الأشرار، ويوجد شيطانة أخرى من الأربع المذكورات دأبها الرقص بدون أن تستريح وهي تصحب معها مائة وتسعاً وسبعين روحاً شريرة.
وبحسب التلمود، يولد الآن من بني آدم كل يوم جملة من الشياطين ولكن لا نقص عليك تفصيل ذلك محافظة على الآداب.
ويقدر الإنسان في بعض الأحوال أن يقتل الشياطين إذا أجاد في صناعة فطير الفصح[4]. وقد تسبب نوح في حياة بعضهم لأنه أخذهم معه في السفينة.
أما محل سكن الشياطين فقال الحاخامات: إن بعضهم يسكن في الهواء، وهم الذين يسببون الأحلام للإنسان. وبعضهم يسكن في قاع البحر، وهم الذين يتسببون في خراب الأرض إذا تركوا وشأنهم. وبعضهم يسكن في أجسام اليهود المتعودين على ارتكاب الخطايا.
وعلى حسب التلمود يحب الشيطان الرقص بين قرون ثور خرج من المياه. وهو مغرم أيضاً بالرقص بين النسوة اللاتي يرجعن من دفن ميت.
ويحب (الشيطان)[5] أن يوجد بجانب الحاخامات، لأن الأرض الجافة تحتاج إلى المطر ويحب شجر البندق، والنوم تحت هذه الأشجار خطر لوجود شيطان على كل ورقة من أوراقها.
يسكن جبال الشرق المظلمة ثنتان من الشيطانات المشهورات اسمهما (آذا، وآذيل) وهما اللتان علمتا السحر (لبلعام، وأيوب، ويوترو) وكان يحكم الملك سليمان على الطيور والشياطين بواسطتهما وكانتا السبب في حضور بلقيس إليه.
وبسبب كثرة الشياطين لا ينبغي للإنسان أن ينفرد في المحلات البعيدة، بل يلزمه أن يجتنب الخروج مدة تزايد الهلال أو نقصانه. وعليه أن لا يحيي أحداً بتحية ليلاً، لأنه من المحتمل أن يكون قد وجه السلام لشيطان. وعلى كل شخص أن يغسل يديه في الفجر لأن الروح النجسة تستريح على الأيادي النجسة.
وساوس علماء التلمود التي من قبيل ما ذكرناه كثيرة فلا ننتهي منها إذا ذكرناها كلها. ويوجد عندهم كتب مخصوصة بهذه الوساوس. ويعتقدون أن التلمود من كتب السحر، وقال معلم السحر (اليفاس ليفي) اليهودي: (إن التلمود أول كتاب سحري). والآن فلنكتف بذكر بعض عبارات جاءت في التلمود تثبت ما قدمناه:
جاء في التلمود (سنهدرين ص / 2 ما): إن أحد مؤسسي ديانة التلمود كان في إمكانه أن يخلق رجلاً بعد أن يقتل آخر. وكان يخلق كل ليلة عجلاً عمره ثلاث سنوات بمساعدة حاخام آخر وكانا يأكلان منه معاً وكان أحد الحاخامات أيضاً يحيل القرع والشمام إلى غزلان ومعيز (سنهدرين ص/ 70).
وكان الرابي (نياي) يحول الماء إلى عقارب وقد سحر يوماً ما امرأة وجعلها حمارة، وركبها ووصل عليها إلى السوق (سنهدرين 67.2).
وكان إبراهيم الخليل (عليه السلام وحاشاه) يتعاطى السحر ويعلمه. وكان يعلق في عنقه حجراً ثميناً يشفي بواسطته جميع الأمراض، فوصل هذا الحجر لبعض الحاخامات التلموديين، وكان بقوته هو وباقي رفقائه يقيمون الموتى!! وحصل أن أحد الحاخامات قطع مرة رأس حية ثم لمسها بالحجر المذكور فإذا هي حية تسعى. وقد لمس أيضاً به جملة أسماك مملحة فدبت فيها الروح بقوة السحر!!
الفصل الرابع
(الأسرار)
خلق آدم وحواء ـ الملك عوج ـ طوله وحادثته مع النمل ـ كيف مات وما صنع إبراهيم بعظامه.
قال الحاخام (فابيوس) المولود في مدينة ليون[6] ضمن خطبة ألقاها على الشعب يوم عيد رأس السنة اليهودية سنة 1842: (إن الدين اليهودي أفضل من جميع الأديان لأنه لا يحتوي على أسرار وكل تعاليمه معقولة، بخلاف الدين المسيحي فإن قواعده مبنية على الجنون).
وها قد طالعت أيها القارئ كثيراً من القواعد التلمودية المطابقة للعقل كما يدعى (فابيوس)!! ولكني سأزيد من ذلك وأوفي لك الكيل، وأشرح لك كيفية خلق آدم وحواء كما صورها التلمود، فأقول:
أخذ الله تراباً من جميع بقاع الأرض وكونه كتلة، وخلقها جسماً ذا وجهين، ثم شطره نصفين فصار أحدهما آدم والثاني حوّاء. وكان آدم طويلاً جداً فكانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء، وإذا نام كان رأسه في المشرق ورجلاه في المغرب (سنهدرين ص38.2)
وصنع الله لآدم طاقة ينظر منها الدنيا من أولها لآخرها, ولما عصى آدم نقص طوله حتى صار كباقي الناس.
أما الملك عَوْج الذي ذكر اسمه في التوراة فسبب تسميته بهذا الاسم مقابلته مع إبراهيم الخليل حالما كان يخبز فطير الفصح المسمى باللغة العبرانية (العجة). وتخلص هذا الملك من الغرق في زمن الطوفان لأنه مشى بجانب سفينة نوح حيث كان الماء بارداً. وأما في الجهات الأخرى فكان وصل إلى درجة الغليان.
وكان الملك عَوْج يتغدى كل يوم بألفي ثور، ومثلها من الطيور، ويشرب ألف صاع تقريباً من الماء‍‍‍‍‍!!
ومن أخباره أنه لما اقترب من عاصمة جيش وعلم أن جيش بني إسرائيل الجرار الذي يشغل مسافة ثلاثة فراسخ من الأرض اقتلع جبلاً مساحته ثلاثة فراسخ، وحمله على رأسه، وذهب لمقابلته! فسلط الله على الجبل نملاً كانت تقرضه بأسنانها حتى حفره حفراً موصلاً لرأس الملك، فسقط الجبل حول عنقه على هيئة طوق. فانتهز موسى الفرصة وأحضر معه بلطة طولها عشرة أذرع، وقفز في الهواء بعلوّ عشرة أذرع، وضرب الملك على عرقوبه[7] فقضى عليه!!
وجاء مع ذلك في محل آخر من التلمود: أن الملك عَوْج صعد إلى السماء حياً. وذكر في صحيفة أخرى أن الرابي (يوحانان) وجد مرة عظمة ساق ميت، فمشى بجوارها ثلاث ساعات ولم ينته لآخرها، وكانت هذه عظمة ساق الملك عَوْج!
وجاء في التلمود أيضاً أن إبراهيم الخليل كان غداؤه مقدار غداء أربعة وسبعين شخصاً، وشربه بقدر شربهم، ولذلك كانت قوته قوة أربعة وسبعين شخصاً. وكان قصيراً بالنسبة إلى الملك عَوْج. ومما يحكى عن الملك عَوْج أنه خلع له ضرس، فأخذه إبراهيم واستعمله سريراً لينام عليه.
الفصـل الخامـس
(أرواح اليهود والنصارى)
أصل الأرواح ـ الفرق بين روح اليهودي وروح شخص آخر ـ تناسخ الأرواح والسبب الذي لأجله وجد.
خلقت كل الأرواح في الستة أيام الأولى للخليقة، ووضعها الله في المخزن العمومي للسماء، ويخرج منها عند اللزوم، أي كلما حملت امرأة ولداً.
وخلق الله ستمائة ألف روح يهودية، كما جاء في التلمود، لأن كل فقرة في التوراة لها ستمائة ألف تأويل، وكل تأويل يختص بروح من هذه الأرواح!
وفي كل يوم سبت تتجدد عند كل يهودي روح جديدة على روحه الأصلية، وهي التي تعطيه الشهية للأكل والشرب. وتتميز أرواح اليهود عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله كما أن الابن جزء من والده[8].
ومن ثم كانت أرواح اليهود عزيزة عند الله بالنسبة لباقي الأرواح، لأن الأرواح غير اليهودية هي أرواح شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات.
وذكر في التلمود: أن نطفة غير اليهودي هي كنطفة باقي الحيوانات. وبعد موت اليهودي تخرج روحه وتشغل جسماً آخر، فإذا مات أحد الجدود مثلاً تخرج روحه وتشغل أجسام نسله الحديثي الولادة. وكان لقايين ثلاثة أرواح الأولى دخلت في جسد (قورش)، والثانية في جسد (جترو)، والثالثة في المصري الذي قتله موسى.
ودخلت روح (يافث) في جسد شمسون، وروح (ثار) في أيوب، وروح حواء في اسحاق، وروح رحاب القهرمانة في (هيبر)، وروح (صبائيل) في (هبلي)، وروح اشعيا في يسوع، كما قال الحاخام باشي (اباربانيل)، وذكر في التملود: أن اشعيا كان قاتلاً وزانياً.
أما اليهود الذين يرتدون عن دينهم بقتلهم يهودياً فإن أرواحهم تدخل بعد موتهم في الحيوانات أو النباتات، ثم تذهب إلى الجحيم وتعذب عذاباً أليماً مدة اثني عشر شهراً، ثم تعود ثانياً وتدخل في الجمادات، ثم في الحيوانات ثم في الوثنيين، ثم ترجع إلى جسد اليهود بعد تطهيرها.
أما هذا التناسخ فقد فعله الله رحمة باليهود، لأنه سبحانه وتعالى أراد أن يكون لكل يهودي نصيب في الحياة الأبدية[9].
[1] يقصدون بالعبارة أنفسهم وأنهم الذين تركهم الله في الشقاء ولذلك حسب تعبيرهم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً هو لا يستحق المدح. (ز)

[2]ـ باطل كل ما يدعيه اليهود بحق الله سبحانه وتعالى وبحق أنبيائه الكرام عليهم السلام ولا سيما ما جاء في حق داود ولوط وغيرهما من الأنبياء الذين نسب إليهم اليهود في التوراة من الفواحش ما تقشعر له الأبدان. (ز)

[3] ـ لعل المقصود مثل آدم.

[4] ـ وهو الفطير الذي يدعون أنه يجب أن يصنع من دم غير يهودي مسيحي أو مسلم لإتمام نسكهم التعبدية !! (ز)

[5] ـ ما بين القوصين زيادة ليتضح المعنى والعبارة في هذا السطر غير متناسقة في الأصل فلا علاقة بين الحاخامات والأرض الجافة. (ز)

[6] ـ مدينة ليون جنوب فرنسا. (ز)

[7] ـ العرقوب: الكعب فوق القدم. (ز)

[8] ـ (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً). (ز)

[9] ـ وعقيدة التناسخ هذه انتقلت إلى العديد من المذاهب الإسلامية ذات الصبغة الباطنية فأبطلوا الإيمان باليوم الآخر، واعتقدوا أن الجزاء إنما يكون على هذه الأرض حيث تتقمص أرواحهم في موجودات أخرى إما أكثر سعادة أو أكثر شقاء. (.)


يتبع

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:07 PM

الفصـل السادس
(الجحيم والنعيم)
النعيم لليهود ـ ماذا يأكلون ويشربون هناك ـ الجحيم لباقي الأمم
قال التلمود: النعيم مأوى الأرواح الزكية. وقد وضع إلياس يوماً ما جبة أحد الحاخامات هناك فتعطرت من أوراق الشجر، وبقيت فيها تلك الرائحة العطرية، وبسببها كانت تساوي 300 فرنك!!
ومأكل المؤمنين في النعيم هو لحم زوجة الحوت المملحة كما علمت[1]. ويقدم لهم أيضاً على المائدة لحم ثور بري كبير جداً كان يتغذى بالعشب الذي ينبت في مائة جبل.
ويأكلون أيضاً لحم طير كبير لذيذ الطعم جداً، ولحم إوز سمين للغاية. أما الشراب فهو من النبيذ اللذيذ القديم المعصور ثاني يوم خليقة العالم!! (سنهدرين ص 8).
ولا يدخل الجنة إلا اليهود. أما الجحيم فهو مأوى الكفار ولا نصيب لهم فيه سوى البكاء لما فيه من الظلام والعفونة والطين. ويوجد في كل محل منه زيادة على ذلك: ستة آلاف صندوق، في كل صندوق منها ستة آلاف برميل ملأى من الصبر.
والجحيم أوسع من النعيم ستين مرة لأن الذين لا يغسلون سوى أيديهم وأرجلهم كالمسلمين[2]، والذين لا يختنون كالمسيحيين الذين يحركون أصابعهم (يفعلون إشارة الصليب) يبقون هناك خالدين.
الفصـل السابـع
(المسيح وسلطان اليهود)
ماذا يعنون بهذه الكلمات ـ ماذا يعطي المسيح لليهود وماذا تصير باقي الأمم ـ أوصاف المسيح الحقيقي
ينتظر اليهود وبفارغ الصبر الزمن الذي سيظهر فيه المسيح. ولكن من هو هذا المسيح المنتظر؟
قال التلمود: (لما يأتي المسيح تطرح الأرض فطيراً وملابس من الصوف وقمحاً حبه بقدر كلاوي[3] الثيران الكبيرة. وفي ذلك الزمن ترجع السلطة لليهود، كل الأمم تخدم ذلك المسيح وتخضع له. وفي ذلك الوقت يكون لكل يهودي ألفان وثمانمائة عبد يخدمونه، وثلاثمائة وعشرة أعوان تحت سلطته!! ولكن لا يأتي المسيح إلا بعد انقضاء حكم الأشرار (الخارجين عن دين بني إسرائيل).
يجب على كل يهودي أن يبذل جهده لمنع استملاك باقي الأمم في الأرض حتى تبقى السلطة لليهود وحدهم، لأنه يلزم أن يكون لهم السلطة أينما حلوا، فإن لم يتيسر ذلك لهم يعتبروا بصفة منفيين وأسارى.
وإذا تسلط غير اليهود على أوطان اليهود حق لهؤلاء أن يندبوا عليها ويقولوا يا للعار ويا للخراب. ويستمر ضرب الذل والمسكنة على بني إسرائيل حتى ينتهي حكم الأجانب. وقبل أن تحكم اليهود نهائياً على باقي الأمم يلزم أن تقوم الحرب على قدم وساق ويهلك ثلثا العالم، ويبقى اليهود مدة سبع سنوات متوالية يحرقون الأسلحة التي اكتسبوها بعد النصر. وحينئذ تنبت أسنان أعداء بني إسرائيل بمقدار اثنين وعشرين ذراعاً، خارجاً عن أفواههم!!
وتعيش اليهود في حرب عوان مع باقي الشعوب منتظرين ذلك اليوم. وسيأتي المسيح الحقيقي ويحصل النصر المنتظر، ويقبل المسيح وقتئذ هدايا كل الشعوب، ويرفض هدايا المسيحيين.
وتكون الأمة اليهودية إذ ذاك في غاية الثروة لأنها تكون قد تحصلت على جميع أموال العالم. وذكر في التلمود أن هذه الكنوز ستملأ (سرايات) واسعة لا يمكن حمل مفاتيحها وأقفالها على أقل من ثلاثمائة حمار.
وترى الناس كلهم حينئذ يدخلون في دين اليهود أفواجاً ويقبلون كلهم ما عدا المسيحيين، فإنهم يهلكون لأنهم من نسل الشيطان.
(ويتحقق منتظر الأمة اليهودية بمجيء إسرائيل، وتكون تلك الأمة هي المتسلطة على باقي الأمم عند مجيئه).
هذا ما ينطق به التلمود. ولكن هذه الأوهام قلب لحقائق الأمور نشأ من تخيلاتهم الكاذبة، كما قلبوا الحقيقة في المسيح حال حياته، وآذوه بسبب تحمله. ومن سبهم فيه أنهم جعلوه صنماً، وتفوهوا بذلك علناً في البلاد المسيحية.
وإنه لمن الأمور المستغربة أن يباح لليهود في البلاد المسيحية وصفهم للمسيح علناً بأنه صنم ولد من الزنا!!
[1] ـ انظر ما تقدم في الفصل الأول من الكتاب الثاني تحت عنوان (فساد الدين).

[2] ـ يظهر أن الحاخام الذي أدخل هذه الفرية في جملة خرافات التلمود لك يكن يعلم أن المسلمين يوجب عليهم دينهم أن يغتسلوا من الجنابة غسلاً عاماً لجميع البدن. (م)

[3] ـ يقصد المترجم بالكلاوي جمع (كلية) العضو المعروف جرياً منه على الخطأ العاني لأن العوام يقولون في المفرد (كلوة) ويجمعونها (كلاوي) والصواب (كلية وكلى) مثل (دمية ودمى)




يتبع

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:08 PM

الكتاب الثالث
فساد الآداب
الفصل الأول
(القـريب)
قريب اليهودي هو اليهودي فقط ـ باقي الناس حيوانات في صورة إنسان هم حمير وكلاب وخنازير ـ يلزم بغضهم سراً ـ قاعدة النفاق الجائزة
جاء في التلمود: أن الإسرائيلي معتبر عند الله أكثر من الملائكة. فإذا ضرب أميٌّ[1] إسرائيلياً فكأنما ضرب العزة الإلهية.
ويعتقد اليهود ما سطره لهم حاخاماتهم من أن اليهودي جزء من الله، كما أن الابن جزء من أبيه، (كبرت كلمة تخرج من أفواههم)، ولذلك ذكر في التلمود أنه: إذا ضرب أمي إسرائيلياً فالأمي يستحق الموت (سنهدرين ص 2 و 58)، وأنه لو لم يخلق الله اليهود لانعدمت البركة من الأرض، ولما خلقت الأمطار والشمس، ولما أمكن باقي المخلوقات أن تعيش.
والفرق بين درجة الإنسان والحيوان هو بقدر الفرق الموجود بين اليهود وباقي الشعوب!
وجاء في تلمود أورشليم ص (94) أن النطفة المخلوق منها باقي الشعوب الخارجين عن الديانة اليهودية هي نطفة حصان.!
وقال الرابي(كرونير): (لا فرق بين الأجنبي والخارج عن دين اليهود على حسب التلمود. والغريب هو الذي لا يختتن ولا فرق بينه وبين الوثني.)
وجاء في التلمود أن اليهودي يتنجس إذا لمس القبور[2] وفاقاً للتوراة ما خلا قبور من عداهم من الأمم، إذ كانوا يعدونهم بهائم لا أبناء آدم (بياموت البند 6).
ويعتبر التلمود أيضاً الأجانب بصفة كلاب لأنه مذكور في سفر الخروج (12،16) أن الأعياد المقدسة لم تجعل للأجانب ولا للكلاب.
وقد نقل الرابي موسى بن نعمان هذه العبارة في كتابه فقال ترتبت الأعياد لكم، وليست للأجانب ولا للكلاب (صحيفة 50.4).
وذُكر مثل هذه العبارة أيضاً في كتاب الحاخام (رشي) بخصوص عبارة سفر الخروج (12) التي ذكرت في نسخة طبعت في مدينة البندقية. وأما النسخ المطبوعة في مدينة (امستردام) فلم يذكر فيها عبارة (وليست للكلاب).
وذكر في كتب أخرى: إن الكلب أفضل من الأجانب، لأنه مصرح لليهودي في الأعياد أن يطعم الكلب، وليس له أن يطعم الأجانب، وغير مصرح له أيضاً أن يعطيهم لحماً، بل يعطيه للكلب لأنه أفضل منهم[3]!!
والأمم الخارجة عن دين اليهود ليست فقط كلاباً بل حمير أيضاً، وقال الحاخام (اباربانيل): [الشعب المختار (أي اليهود) فقط يستحق الحياة الأبدية وأما باقي الشعوب فمثلهم مثل الحمير].
ولا قرابة بين الأمم الخارجة عن دين اليهود، لأنهم أشبه بالحمير، ويعتبر اليهود بيوت باقي الأمم نظير زرائب للحيوانات.
ولما قدم بختنصر ابنته إلى ابن (سيرا) ليتزوجها قال له هذا الأخير: إني من بني آدم ولست من الحيوانات.
وقال الرابي مناحم: (أيها اليهود إنكم من بني البشر لأن أرواحكم مصدرها روح الله. وأما باقي الأمم فليست كذلك، لأن أرواحهم مصدرها الروح النجسة).
وكان هذا رأي الحاخام (اريل)، لأنه كان يعتبر الخارجين عن دين اليهود خنازير نجسة تسكن الغابات. ويلزم المرأة أن تعيد غسلها إذا رأت عند خروجها من الحمام شيئاً نجساً، ككلب أو حمار، أو مجنون، أو أميّ، أو جمل، أو خنزير، أو حصان، أو مجزم[4]. والخارج عن دين اليهود حيوان على العموم، فسمه كلباً أو حماراً أو خنزيراً. والنطفة التي هو منها هي نطفة حيوان.
وقال الحاخام (اباربانيل) المرأة غير اليهودية هي من الحيوانات. وخلق الله الأجنبي على هيئة الإنسان ليكون لائقاً لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا لأجلهم، لأنه لا يناسب لأمير أن يخدمه ليلاً ونهاراً حيوان وهو على صورته الحيوانية. كلا ثم كلا فإن ذلك منابذ للذوق والإنسانية كل المنابذة. فإذا مات خادم ليهودي أو خادمة، وكانا من المسيحيين، فلا يلزمك أن تقدم له التعازي بصفة كونه فقد إنساناً، ولكن بصفة كونه فقد حيواناً من الحيوانات المسخرة له!!
وعلى اليهودي أن لا يبالغ في مدح المسيحيين، ولا يصفهم بالحسن والجمال، إلا إذا قصد أن يمدحهم كما يمدح الإنسان حيواناً، لأن الخارج عن دين اليهود يشابه الحيوان!!
وكان الحاخام (ناتاتسون) المتوفى في مدينة (لمبرج) من مدة ثلاث سنوات ينصح اليهود بالكيفية الآتية:
(أنصحكم أن لا تتوجهوا إلى محلات التشخيص (التياترات) خصوصاً عندما يوجد فيها رقص، لأن ملابس الراقصات تستميلكم إلى الزنا، وجمالهن يستميلكم إلى الإطناب في مدحهن، مع أن ذلك ممنوع ومحرم).
فبناء على هذه القواعد لا يعتبر اليهود باقي الأمم كأقارب لهم، لأنه لا يمكن اعتبار الحيوان بصفة قريب للإنسان ويعتبر التلمود أن يسوع المسيح (عليه السلام) ارتد عن الدين اليهودي وعَبَد الأوثان!
ويعتبر اليهود الوثني الذي لا يتهود، والمسيحي الذي يبقى على دين المسيح، عدوّ الله وعدوّهم. يعتبر اليهود كل خارج عن مذهبهم غير إنسان، ولا يصح أن تستعمل معه الرأفة. ويعتقدون أن غضب الله موجه إليه، وأنه لا يلزم أن تأخذ اليهود شفقة عليه.
وذكر في كتاب التلمود (سنهدرين 1،92) (غير جائز أن تشفقوا على ذي جنة[5])!! وقال الرابي (جرسون): (ليس من الموافق أن الرجل الصالح تأخذه الشفقة على الشرير).
وقال الحاخام (اباربانيل): (ليس من العدل أن يشفق الإنسان على أعدائه ويرحمهم).
وجائز لبني إسرائيل على حسب التلمود أن يغشّوا الكفار، لأنه مكتوب: (يلزم أن تكون طاهراً مع الطاهرين ودنساً مع الدنسين)!!
وقال الرابي (اليعازر): (يتميز اليهودي عن باقي الأمم بأفعاله الصالحة[6] كما يتميز المغربي عن باقي الأمم بشكله وزيه).
محظور على اليهود تلمودياً أن يحيوا الكفار بالسلام ما لم يخشوا ضررهم وعدوانهم. فاستنتج من ذلك الحاخام بشاي: (إن النفاق جائز وإن الإنسان (أي اليهودي) يمكنه أن يكون مؤدباً مع الكافر ويدعي محبته كاذباً إذا خاف وصول الأذى منه إليه).
وذكر التلمود أنه جائز استعمال النفاق مع الكفار وهؤلاء الكفار هم كل الخارجين عن الدين اليهودي.
والحسنة والصدقة الصادرة من بني إسرائيل ترفع شأنهم وهي مقبولة لديه تعالى. وأما الصدقة الصادرة من بقية الأمم فهي خطاياهم لأنهم لا يفعلونها إلا كبرياء (برابنداول ص 10)
ويعتبر التلمود كل من لا يختتن من الوثنيين الأشرار الذين ليس لهم عقيدة دينية. وأما اختتان المسلمين فلا يمنعهم أن يكونوا كالباقين، لأنه ليس الختان الحقيقي!!
مصرح لليهودي إذا قابل أجنبياً أن يوجه له السلام، ويقول له (الله يساعدك أو يباركك) على شرط أن يستهزئ به سراً ويعتقد أنه لا يمكنه أن يفعل خيراً أو شراً.
مصرح لليهود أن يزوروا مرضى المسيحيين ويدفنوا موتاهم إذا خافوا وصول الضرر والأذى إليهم منهم!
وكان الرابي (كهانا) تعود أن يسلم على الأجانب بقوله: (الله يساعدك) غير أن سلامه كان مضمراً لسيده أو لمعلمه وليس للأجنبي[7].
الفصل الثاني
التملك والتسلط العموميان
أعطى الله الأرض لليهود ـ من أين تستنتج هذه القاعدة التي تجوّز لهم السلب والسرقة ـ تطبيق غريب لهذه القاعدة
حيث أن اليهود يعتبرون أنفسهم مساوين للعزة الإلهية فتكون الدنيا بما فيها تعلقهم[8]، ولهم عليها حق التسلط. ولذلك جاء في التلمود صراحة إذا نطح ثور يهودي ثور أميّ فلا يلتزم اليهودي بشيء من الأضرار، ولكن إذا كان الأمر بالعكس يلتزم الأميّ بجميع قيمة الضرر الذي حصل لليهودي (ص 36 غامارة). وذلك لأنه ذكر في التوراة أن الله سلط اليهود على الأجانب لما نظر أن أولاد نوح لم يحافظوا على السبع وصايا المعاطاة لهم، فأخذ أموالهم وسلمها لليهود.
وأولاد نوح على حسب التلمود هم الخارجون عن دين اليهود. أما اليهود فإنهم أولاد إبراهيم. وقال الرابي (البو): (سلط الله اليهود على أموال باقي الأمم ودمائهم) وجاء شرح ذلك في التلمود بالكيفية الآتية:
(إذا سرق أولاد نوح (أي غير اليهود) شيئاً، ولو كانت قيمته طفيفة جداً، يستحقون الموت، لأنهم قد خالفوا الوصايا التي أعطاها الله لهم. وأما اليهود فمصرح لهم أن يضروا الأميّ، لأنه جاء في الوصايا (لا تسرق مال القريب).
وقال علماء التلمود مفسرين هذه الوصية: إن الأمي ليس بقريب وإن موسى لم يكتب في الوصية (لا تسرق مال الأميّ) فسلب ماله لم يكن مخالفاً للوصايا.
وجاء زيادة على ذلك: (لا تظلم الشخص الذي تستأجره لعمل ما إذا كان من إخوتك). أما الأجنبي فمستثنى من ذلك.
وقد ضرب الرابي (عشي) مثلاً لذلك فقال: إني نظرت كرماً حاملاً عنباً، فأمرت خادمي أن يستحضر لي منه إذا ظهر أنه تعلق أجنبي، وأن لا يمسه إذا ظهر أنه تعلق يهودي.
وقال (ممياند) مفسراً لقوله تعالى (أي في الوصايا) (لا تسرق): إن السرقة غير جائزة من الإنسان أي من اليهود، أما الخارجون عن دين اليهود فسرقتهم جائزة‍‍ !!
وهذه القاعدة مطابقة لما قيل من أن الدنيا هي تعلق اليهود، ولهم عليها حق التسلط. فالسرقة من الأجانب ليست سرقة عندهم بل استراداً لأموالهم. فإذا قال الحاخام التلمودي لا تسرق يكون الغرض من ذلك عدم سرقة اليهودي. وأما الأجنبي فسرقته جائزة لأنهم يعتقدون أن أمواله مباحة، ولليهودي الحق في وضع اليد عليها.
وجاء في كتاب (الروسيا اليهودية ـ ص 119): (إن الحكام اليهود يبيعون للأفراد الحق في سلب أموال أشخاص معينين من المسيحيين. وبعد حصول البيع يكون المشتري دون غيره من اليهود له الحق في عمل الطرق اللازمة لوضع يده على أموال ذلك المسيحي. فأموال ذلك المسيحي التي كانت مباحة تصبح ملكاً لذلك المشتري من وقت عقد البيع.
ويجوز تداخل يهودي آخر مع الأول بصفة شريك ليتفقا معاً على اللازم إجراؤه لاسترداد ذلك المال، لأن أموال الأميين مباحة ولكل يهودي الحق في وضع يده عليها)!!
وعلى اليهوديين المذكورين أن يقتسما ما يتحصلا عليه من الأموال، لأنه إذا اشترك اثنان من اليهود في سرقة أو غش أو نهب أحد الأجانب فالقسمة بينهما واجبة.
وقال العالم (ففنكرن): أموال المسيحيين مباحة عند اليهود كالأموال المتروكة، أو كرمال البحر، فأول من يضع يده عليها يمتلكها!!
وجاء في التلمود أن مثل بني إسرائيل كمثل سيدة في منزلها: يستحضر لها زوجها النقود فتأخذها بدون أن تشترك معه في الشغل والتعب.
[1] ـ يريدون بالأمي كل من ليس يهودياً. فالأمي والأممي والكافر والأجنبي والغريب والوثني في اصطلاحهم سواء وهم حيوانات في صورة بشر !! (م)

[2] ـ لعل المراد (إذا امتهنها أو أزالها) كما يدل عليه باقي العبارة. (م)

[3] ـ قارن هذا اللؤم والحقد على سائر البشر بقول رسول الإسلام محمد عليه السلام (في كل كبد رطبة أجر). أي في كل ما تطعمه جائعاً ذا كبد ثواب لك من الله تعالى دون تمييز بين مسلم أو غير مسلم. لأنه عمل إنساني. (م)

[4] ـ هكذا الأصل. ولعل (مجذوم) (م)

[5]ـ المجنون.

[6] ـ إذا كانت هذه العقائد والسلوك الإجرامي المذهل صلاحاً فما هو الفساد والإفساد ؟! وصدق القرآن العظيم غذ يقول فيهم: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) (م)

[7] ـ وكان اليهود في المدينة يحرفون لفظ السلام عند دخولهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون السام عليكم بدل السلام عليكم والسام في العربية تعني الموت وكان رسول الله يفطن لذلك فيرد عليهم بقوله وعليكم.وفطنت لذلك مرة السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت لهم (بل عليكم السام واللعنة) فنهاها الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت له أو ما سمعت ما قالوا قال بل سمعت وقلت وعليكم. (ز)

[8] ـ مراده بكونها تعلقهم أنها خاصتهم ، أي ملكهم (تنظر ما سيأتي قريباً في كلام الرابي (عشي) (م)


يتبع

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:10 PM

الكتاب الثالث ـ فساد الآداب
الفصل الثالث
(الغـش)
القاعدة المتبعة في القضايا بين اليهود وغيرهم ـ معنى هذه الكلمات: (يجدف باسم الله)[1] ـ أمثال ضربتها الحاخامات ـ يوم السبت.
قال التلمود: (مسموح غش الأميّ، وأخذ ماله بواسطة الربا الفاحش، لكن إذا بعت أو اشتريت من أخيك اليهودي شيئاً فلا تخدعه ولا تغشه)!!
إذا جاء أجنبي وإسرائيلي أمامك بدعوى فإذا أمكنك أن تجعل الإسرائيلي رابحاً فافعل وقل للأجنبي هكذا تقضي شريعتنا (إذا حصل ذلك في مدينة يحكم فيها اليهود). وإذا أمكنك ذلك وفقاً لشريعة الأجنبي فاجعل الإسرائيلي رابحاً، وقل للأجنبي هكذا تقضي شريعتك. فإذا لم تتمكن من كلا الحالين (بأن كان اليهود لا يحكمون البلد، والشريعة الأجنبية لا تعطي الحق لليهودي فاستعمل الغش والخداع في حق هذا الأجنبي حتى تجعل الحق لليهودي)
وقال الرابي إسماعيل طبقاً لتعاليم الحاخام (اكيبا): (يلزم اليهودي أن لا يجاهر بقصده الحقيقي، حتى لا يضيع اعتبار الدين أمام أعين باقي الأمم). وقالت الحاخامات: إن من يضبط متلبساً بجنحة السرقة أو الكذب يضر بالدين ضرراً بليغاً.
وقال الحاخام (رشي): مصرح لك أن تغش مفتش الجمرك الخارج عن الديانة اليهودية، وتحلف له يميناً كاذبة على شرط أن تنجح في ما لفقته من الأكاذيب).
واعترض عليه الرابي إسماعيل من مدينة (ناربونيا) قائلاً: كيف يكون الكذب والخداع جائزين مع أن الحاخام (اكيبا) حرمهما لعدم الضرر بالدين؟ وأجاب عن ذلك بأن غرض (اكيبا) أن يجتهد اليهودي في أن يغش الأجنبي بدون ما يكتشف هذا الأخير أنه أدخل عليه الغش.
وجاء في التلمود: (أن الرابي (صموئيل) أحد الحاخامات المهمين كان رأيه أن سرقة الأجانب مباحة وقد اشترى هو نفسه من أجنبي آنية من الذهب كان يظنها الأجنبي نحاساً، ودفع ثمنها أربعة دراهم فقط، وهو ثمن بخس، وسرق درهماً أيضاً من البائع)
واشترى (الرابي كهاناً) مائة وعشرين برميلاً من النبيذ ولم يدفع للأجنبي إلا ثمن مائة منها فقط !!
وباع أحد الربيين لأجنبي شجراً معداً للكسر ثم نادى خادمهُ وأمرهُ أن يكسر بعضها ويسرقه، لأن المشتري وإن كان يعرف عددها لكنه يجهل حجم كل قطعة منها.
وقال الرابي موسى (ونظر في ذلك إلى عواقب الأمور): إذا غلط أجنبي في حسبة فعلى اليهودي أن لا يغشه بل يقول له (لا أعرف) لأنه من الجائز أن يكون الأجنبي فعل ذلك عمداً لامتحان اليهودي وتجربته.
وقال الرابي (برنز) في كتابه المسمى (بودنيلج): يجتمع اليهود كل أسبوع بعدما يغشون المسيحيين ويتفاخرون على بعض بما فعل كل منهم من أساليب الغش، ثم يفضون الجلسة بقولهم: (يلزمنا أن ننزع قلوب المسيحيين من أجسامهم ونقتل أفضلهم).
الفصل الرابع
(الأشياء المفـقودة)
ممنوع رد الأشياء المفقودة ـ سبب هذا المنع
جاء في التلمود: إن الله لا يغفر ذنباً ليهودي يرد للأميّ ماله المفقود، وغير جائز رد الأشياء المفقودة من الأجانب (سنهدرين ص 67).
وقال الرابي موسى: غير جائز رد الأشياء المفقودة إلى الكفرة والوثنين وكل من اشتغل يوم السبت.
وإذا دل أحد اليهود على محل وجود يهودي آخر هارب لعدم دفع دين يطالبه به أجنبي فلا يحكم عليه بالإعدام كالمبلغ بأمر كاذب، لأن اليهودي مديون في الحقيقة، غير أن هذا البلاغ يعد كفراً من المبلِّغ، ومثل من يرد الأشياء المفقودة لأجنبي. فيلزم في هذه الحالة أن يدفع لليهودي المبلَّغ عنه قيمة الضرر الذي لحقه من ذلك البلاغ.
وقال الرابي (جريكام) إذا فقد أجنبي سنداً محرراً على يهودي بدين ما، ووجده يهودي، فيمتنع رده إليه لأن الدين يسقط بوجود السند تحت يد يهودي. وإذا قال من وجده إني أرده لصاحبه احتراماً لاسم الله وتأدية للحق فيلزم الرد عليه بما يأتي، وهو: (إذا أردت أن تحترم اسم الله فادفع الدين من مالك)!!
ومعنى احترام اسم الله لدى اليهود وتمجيده: السعي في علو شأن الديانة اليهودية بواسطة إصلاح الظواهر، ولو كانوا أشراراً في الباطن !!
وقال الحاخام (رشي) المشهور: من يرد شيئاً مفقوداً لأجنبي فقد اعتبره في درجة الإسرائيلي. وقال (ميمانود) بذنب اليهودي ذنباً عظيماً إذا رد للأميّ ماله المفقود، لأنه بفعله هذا يقوي الكفرة، ويظهر اليهودي بذلك أنه يحب الوثنيين، ومن أحبهم فقد أبغض الله !!
الفصـل الخامـس
(الربـا)
قاعدة الاستعارة عند المسيحيين ـ تحريف الحاخامات لقاعدة التوراة ـ سوء قصدهم الظاهر ـ مثل الحاخامات ـ نفاق قواعدهم ومبادئهم ـ تربية أولادهم فيما يختص بالربا
تلزم شريعة موسى الغني أن يساعد الفقير بإعطائه بعضاَ من أمواله على سبيل الهبة أو مجرد عارية استهلاك[2]. وعارية الاستهلاك هي أن المعير ينقل إلى المستعير ملكية شيء يلتزم المستعير بتعويضه بشيء آخر من عين نوعه ومقداره وصنفه[3] بعد الميعاد المتفق عليه. وليس من العدل أن يسترد المعير من المستعير أكثر مما أعطاه، لأن الشيء المستعار لم يزد في أموال المستعير باستعماله. وليس للمعير الحق في طلب المزيد عما أعطاه، لأنه لو حصل ذلك منه يكون من قبيل الربا.
ولكن قد يحصل عادة للمعير بسبب منعه عن وضع يده مؤقتاً على الأشياء تعلقه[4] وعدم استعمالها لمنفعته الخصوصية، أو تكون الأشياء المذكورة عرضة للخطر عند المستعير، أو يحرم صاحبها من الكسب بسببها، (ويحصل هذا الأمر الأخير إذا كانت الأشياء من الأشياء ذات الثمرة) ففي كل هذه الأحوال يسوغ للمعير أن يطلب زيادة عن قيمة ما أعطاه لأنه في الحقيقة أعطى زيادة عن الشيء المعطى. فإذا أعطى المستعير قيمة الضرر أو الحرمان الذي حصل من العارية تكون الفوائد قانونية، وإذا زادت عن ذلك فهي الربا.
ولو اتبعنا الأصل الطبيعي في الأشياء لوجدنا أن النقود ليست من الأشياء التي جعلتها الطبيعة تنتج أثماراً، ألا أنه في حالة ما إذا حصل ضرر للمعير بسبب حرمانه من ماله مؤقتاً يجوز إعطاؤه فوائد في مقابل ذلك.
ولكن يلزم أن تكون الفوائد في الأحوال المذكورة قانونية ومناسبة وفي أصل الديانة يلزم معاملة اليهودي وغيره حال الاقتراض بالسوية. وقد صرح الله تعالى لبني إسرائيل عند دخولهم أرض كنعان أن يأخذوا من أهلها الأجانب زيادة عن قيمة الشيء المستعار ولو كانت العارية مجرد عارية استعمال. غير أن الله صرح بذلك في أحوال مخصومة، وأمر أن تكون الفوائد المطلوبة مناسبة لحالة الأجنبي ولقيمة الشيء المعطى إليه، وإلا لكان الأمر من قبيل انتهاز فرصة فقر القريب لسلب أمواله ونهبها بدون حق. ولكن حول الحاخامات هذا الجواز إلى الأمر، وعوضاً عن قولهم: إن موسى سمح بأخذ الفائدة إذا أقرض اليهودي الذميّ مالاً، قالوا يجب أن تأخذ تلك الفائدة !
وكتب (ميمانود) ما يأتي:
أمرنا الله بأخذ الربا من الذميّ وأن لا نقرضه شيئاً إلا تحت هذا الشرط (أي الربا). وبدون ذلك نكون ساعدناه مع انه من الواجب علينا ضرره ولو أنه هو قد ساعدنا في هذه الحالة (بأخذنا منه الفوائد والربا). أما الربا فمحرم بين الإسرائيليين بعضهم لبعض. وادعى أحد الحاخامات أن أقوال موسى بخصوص الربا بصيغة الأمر.
وجاء في التلمود: (غير مصرح لليهودي أن يقرض الأجنبي إلا بالربا) وقرر ذلك أيضاً الحاخام (ليفي بن جرسون) وجملة من الحاخامات. ومع علم اليهود علم اليقين أن موسى لم يصرح إلا بالفوائد القانونية المناسبة للأحوال، فقد حرفوا أقواله وغيروها!!! وقرر العالم بشاي المشهور: (أن الحاخامات لا يصرحون بأخذ فوائد غير قانونية من اليهودي حتى يتمكن من المعيشة).
وقال عن الأميّ في موضع آخر، موجهاً أقواله لليهود: (حياته بين أيديكم فكيف بأمواله) أي مصرح لكم بزيادة قيمة الفوائد واستعمال الربا وارتكاب السرقة والنهب مع الأميّ لأن حياته وأمواله في أيديكم مباحة لكم!!
وجاء في التلمود أن (صموئيل) أجاز للحاخامات أن يطلبوا الربا من بعضهم وفي هذه الحالة يعتبر أن الربا كهدية يريد أحدهم إهداءها للآخر. ويتمسكون بإعارة ابن (اصي) لصموئيل مائة رطل من الفلفل على شرط أن يردها إليه مائة وعشرين رطلاً !!
وقال الرابي (يهوذا) أنه مصرح لليهودي أن يعير أولاده وأهل بيته بالربا ليذوقوا حلاوته ويقدروه حق قدره.
فيستنتج مما ذكر:
أولاً ـ أنه ليس الغرض مما جاء في العبارات السابقة الفوائد القانونية لأنه مذكورٌ فيها عبارة (الربا المحرم) على الكل، كما ثبت ذلك عن موسى النبي. إنما الغرض هو الربا المحرّم لأنها تنطبق على حالة استعمال الأشياء المستعارة البسيطة كما حصل ذلك في مسألة الفلفل.
ثانياً ـ أن فائدة عشرين في المائة تزيد عن الفوائد الاعتيادية المسموح بها.
ثالثاً ـ يوجد في العبارة المذكورة طريقة نفاق، ألا وهي عبارة الهدية لأن موسى النبي حرم الربا ما بين اليهود، سواء أكان بطريقة ظاهرة أو خفية، لأنه حرم الخطيئة من حيث هي ولم يحللها إذا كانت خفية.
فمن كل ذلك يمكنك أيها القارئ أن تفهم بسهولة طريقة الحاخامات في حفظ وتفسير التوراة !!
وقصارى الأمر أنه يؤخذ مما تقدم طريقة لتعليم الأولاد الربا، لأنه إذا استعمل الحاخام مع حاخام آخر فائدة غير قانونية، كعشرين في المائة، بصفة قانونية فيكون بالأولى عند هؤلاء الأولاد ميل غريزي لاستعمال الربا، خصوصاً نحو الأجانب.
وبواسطة هذا التعليم ربما زادوا عن عشرين في المائة كما حصل في مدينة (منشستر) أن إنساناً أقرض آخر سبعين ريالاً، وألزم المدين أن يمضي له سنداً بمائة ريال، واشترط عليه أن يدفع له عن هذا المبلغ الأخير فائدة على حساب ثمانية في المائة.
وهذا الأمر لا يستوجب العجب لأن الحاخام (كرونر) يقول: إن هذه الطريقة غير قابلة للانتقاد، لأن أفكار الناس تختل الآن في مسائل الفوائد عما كانت من قبل.
وقال الحاخام (اباربانيل): إن الشريعة تجوز ارتفاع الفوائد على حسب إرادة المقرض!! غير أنه استدرك أن هذه القاعدة لا تشمل المسيحيين، لأنهم لا يعدون أجانب عند الله. ولكن قال الحاخام المذكور بعد ذلك عندما كان وزير المالية في إسبانيا: أنه لم يستثن المسيحيين كما فعل إلا لحفظ السلام ولأجل ما يعيش اليهود في أمان بين المسيحيين!!
ومن هذا تعلم أيها القارئ أن (اباربانيل) درس قاعدة النفاق درساً متقناً!!
وكتب حاخام آخر ما يأتي بدون إخفاء شيء من أفكاره فقال: لقد أصابت عقلاؤنا عندما صرحوا لنا باستعمال الربا ضد المسيحيين والأجانب!!
وكل ما سبق مطابق لما قاله الحاخام (شواب) الذي ارتد عن الدين اليهودي من أنه إذا احتاج مسيحي لبعض نقود فعلى اليهودي أن يستعمل معه الربا المرة بعد الأخرى، حتى لا يمكنه من أن يدفع ما عليه إلا بتنازله عن جميع أمواله!! فإن تنازل فبها، وإلا طلب حقه أمام المحاكم، ووضع يده على أملاكه بواسطتها!!
[1] ـ لم يأت في هذا الفصل تفسير لمعنى هذه العبارة عند اليهود، فلعل المؤلف أو المترجم نسي ذلك.

[2] ـ عارية الاستهلاك في الاصطلاح القانوني هي القرض، ويقابلها (عارية الاستعمال) كإعارة الآلة أو الماعون لاستعماله ورده . (م)

[3] ـ أي بمثله سواء أكان نقوداً أو أموالاً أخرى مثلية استهلاكية كالسكر والرز والزيت. (م)

[4] ـ أي التي تخصه ، كما سبق تفسيره في مناسبة أخرى جاء فيها التعبير عن الملك والاختصاص بالتعلق.


يتبع

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:11 PM

الفصـل السادس
حياة الأجانب وأشخاصهم
مباح قتل غير اليهود ـ القتل أمر واجب عند التمكن من إجرائه ـ الحفرة والنفاق الممكن استعماله ـ القواعد المنصوص عنها في هذا الفصل تشمل النصارى وباقي الأمم ـ حوادث تاريخية مذكورة في كتب اليهود
غير مصرَّح للكاهن أن يبارك الشعب باليد التي قتل بها شخصاً ولو حصل القتل خطأ أو ندم الكاهن بعد ذلك. ولكن قال الحاخام (شار): إنه يمكنه أن يبارك الشعب بتلك اليد إذا كان المقتول غير يهودي ولو حصل القتل بقصد وسبق إصرار.
فينتج من ذلك أن قتل غير اليهودي لا يعدّ جريمة عندهم، بل فعل يرضي اللهّ !!
وجاء في كتاب (بوليميك): إن لحم الأميين لحم حمير، ونطفتهم نطفة حيوانات غير ناطقة!! أما اليهود فإنهم تطهروا على طور سينا. والأجانب تلازمهم النجاسة لثالث درجة من نسلهم، ولذلك أمرنا بإهلاك من كان غير يهودي!!
ويقول التلمود: (اقتل الصالح من غير الإسرائيليين، ومحرَّم على اليهودي أن ينجّي أحداً من باقي الأمم من هلاك، أو يخرجه من حفرة يقع فيها، لأنه بذلك يكون حفظ حياة أحد الوثنيين).
وجاء في صحيفة أخرى: (إذا وقع أحد الوثنيين في حفرة يلزمك أن تسدها بحجر). وزاد الحاخام (رشي) إنه: يلزم عمل الطرق اللازمة لعدم خلاص الوثني المذكور منها (أي من الحفرة).
وقال (ميمانود) الشفقة ممنوعة بالنسبة للوثني: فإذا رأيته واقعاً في نهر، أو مهدداً بخطر، فيحرم عليك أن تنقذه منه، لأن السبعة شعوب الذين كانوا في أرض كنعان المراد قتلهم من غير اليهود لم يقتلوا عن آخرهم، بل هرب بعضهم واختلط بباقي أمم الأرض. ولذلك قال (ميمانود) إنه يلزم قتل الأجنبي، لأنه من المحتمل أن يكون من نسل السبعة شعوب. وعلى اليهودي أن يقتل من تمكن من قتله، فإذا لم يفعل ذلك يخالف الشرع.
هذا ومن ينكر شيئاً من الاعتقادات اليهودية يعتبر أنه كافر، ومن تلامذة الفيلسوف (ابيقور)،ويلزم بغضه واحتقاره وإهلاكه، لأنه جاء في الكتب: (كيف لا أبغض يا إلهي من يبغضك).
إذا قصد يهودي قتل حيوان فقتل شخصاً خطأ، أو أراد قتل وثني أو أجنبي فقتل يهودياً، فخطيئته مغفورة ملاحظة للقصد.
على أنه من المعلوم المقرران قتل اليهودي من الجرائم التي لا تغتفر، فيلزم أن يكون قتل الأجنبي عندهم من الفضائل حتى أنهم يسامحون القاتل في هذه الحالة.
وقال التلمود: إنه جائز قتل من ينكر وجود الله، وإذا نظر أحد اليهود كافراً في حفرة فعليه أن لا يخرجه منها، وحتى ولو وجد فيها سلما يمكن الكافر أن يخرج بواسطته منها وجب على اليهودي نزعه محتجاً بأنه أخرجه حتى لا ينزل عليه قطيعه. وإذا وجد حجراً بجانب الحفرة وجب عليه وضعه عليها، ويقول أني أضع هذا الحجر ليمر عليه قطيعي.
وقال التلمود: (من العدل أن يقتل اليهودي بيده كافراً، لأن من يسفك دم الكافر يقرب قرباناً إلى الله).
وجاء في التلمود أيضاً: (إن الكافر كما قال الحاخام [اليعازر] هم يسوع المسيح ومن اتبعه. وقال الرابي (يهوذكيا) إن هذه اللفظة تشمل الوثنيين على العموم).
أما ما جاء من قوله تعالى: (لا تقتل) (يقصد في الوصايا العشر) فقال ميمانود: إنه تعالى نهى عن قتل شخص من بني إسرائيل.
ومن المفروض عندهم قتل كل من خرج عن دينهم، وخصوصاً الناصريين، لأن قتلهم من الأفعال التي يكافئ الله عليها. وإذا لم يتمكن اليهودي من قتلهم فمفروض عليه أنه يتسبب في هلاكهم في أي وقت أو على أي وجه كان، ويعدون ذلك من العدالة، لأن التسلط على بني إسرائيل سيدوم مادام واحد من الكفار. فلذلك جاء أن من يقتل مسيحياً أو أجنبياً أو وثنياً يكافأ بالخلود في الفردوس والجلوس هناك في السراي الرابعة. أما من قتل يهودياً فكأنه قتل العالم أجمع ومن تسبب في خلاص يهودي فكأنه خلص الدنيا بأسرها[1].
ولذلك قال (ميمانود): (يصفح عن الأمي إذا جدف على الله، أو قتل غير إسرائيلي، أو زنا بامرأة غير يهودية ثم تهود، لكنه لا يصفح عنه إذا قتل يهودياً أو زنا بامرأة يهودية ثم صار يهودياً. (سنهدرين ص 17).
والذي يرتد عن الدين اليهودي يعامل معاملة الأجنبي، غير أنه إذا فعل ذلك لأجل أن يغشهم فلا خوف عليه ولا جناح، لأنه إذا أمكن اليهودي أن يغش أجنبياً ويوهمه أنه غير يهودي فهذا جائز. أما الذين تعمدوا واختلطوا بالنصارى، وعبدوا الأصنام مثلهم فيعتبرون كأنهم منهم، ويلقون في حفرة ولا يستخرجون منها.
وهذه التعاليم القاسية الصادرة عن النفاق معلومة لدى اليهود الحديثي العهد المدعين الفلسفة وحب القريب[2]، وأفكارهم الحقيقية تظهر من وقت لآخر. وهكذا فقد مدح اليهودي (جراز) (برن رهين) الشهير الذي كان يغش الأجانب بالعبارة الآتية: (إنه في الحقيقة انفصل من الأمم اليهودية في الظاهر، ولكن مثله كمثل المحارب الذي يستولي على أسلحة العدو وراية العدو لأجل أن يتمكن من الفتك به وإهلاكه).
ووصف المعلم (جراز) المذكور ـ وهو خوجة في مجمع الحاخامات في مدينة (برزلو) ـ المسيحي بالعداوة، وقال: (إنه يجب إعدامه، ومدح الوسائط التي يمكن بها التوصل لهذا الغرض، ولو كانت صادرة عن نفـاق أو خيانة !!)
هذا وحب سفك الدم البريء عند الحاخامات ثابت في التاريخ العام، لأنه جاء فيه: إن شاول خرج لمحاربة المسيحيين وهو لا يقصد إلا القتل والفتك بهم فتكاً ذريعاً. ومذكور في رسائل الرسل: أن اليهود كانوا يُهيِّجون سكان المدن التي يسكنونها ضد المسيحيين.
وقالت: اليهود في كتابهم المسمى: (سدرحا دوروت): إن الحاخامات تسببوا برومة في قتل جملة من النصارى !!
ومن الأمور المتفق عليها اتهام الإمبراطور (انطونين لبيو) ببغض المسيحيين ولكن في سنة 1781 اعترض العالم (هافز) على حقيقة الأمر العالي الصادر من هذا الإمبراطور لمنفعة المسيحيين. على انه إذا كان ذلك الأمر حقيقياً وأنه صدر لأجل أن يحمي النصارى من فتك الشعب بهم في بعض المدن ـ كما ادعى ذلك المؤرخ (ازيب) في كتابه (26.4) ـ فإن ذلك لا ينفي ما ذكر في كتاب (سدرحا دوروت) صحيفة 127 وهو ما يلي:
(الحاخام الرباني يهوذا كان محبوباً لدى الإمبراطور، وأطلعه على حيل الناصريين قائلاً له: (إنهم سبب وجود الأمراض المعدية). وبناء على ذلك تحصل على الأمر بقتل كل هؤلاء الناصريين الذين كانوا يسكنون رومة في سنة 3915(عبرية) أي 155 بعد المسيح.
وجاء في الكتاب نفسه بعد هذه العبارة: (إن الإمبراطور (مارك اوريل) قتل جميع الناصريين بناء على إيعاز اليهود).
وقال في صحيفة 125 (أنه في سنة 3974 أي 214 بعد المسيح قتل اليهود مائتي ألف مسيحي في رومة وكل نصارى قبرص).
وذكر في كتاب (سفر يوكاسين) المطبوع في مدينة امستردام سنة 1717 في الملزمة 108 (أنه في زمن البابا [كليمان] قتل اليهود في رومة وخارجاً عنها جملة من النصارى (كرمال البحر، وأنه بناء على رغبة اليهود قتل الإمبراطور (ديو كليسيين) جملة من المسيحيين ومن ضمنهم الباباوات (كليس ومرسلينوس) وأخا (كليس) المذكور، وأخته روزا.
ومن المعلوم أنهم كانوا من المحبوبين عند الإمبراطور (نيرون). فيظهر لك جلياً أيها القارئ أن القاعدة المعلومة عند اليهود لم تكن مجرد خط مكتوب، وأنه كلما قدر اليهود على استعمال ذراعهم في القتل استعملوه ولم يدعوه في راحة.
[1] ـ الملحوظ أن أصل شريعتهم كما عبر عنها القرآن الكريم علقت حظرقتلالإنسان مطلقاً، وليس باعتبار عرق أو دين. وتأمل صياغة القرآن لهذا المعنى التوراتي الذي حرفه اليهود (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) ومعنى النفس يشمل كل نسمة آدمية وهذه الآية أوضح دليل على عملية التحريف التي وقعت في التوراة كتاب الله الذي جاء هدى ونواً. (ز)

[2] ـ كذا في الأصل ولعلها الغريب. (ز)


يتبع

أرب جمـال 1 - 2 - 2010 05:12 PM

الكتاب الثالث ـ الفصـل السابـع
(المـرأة)
لا يخطئ اليهودي إذا اغتصب امرأة مسيحية ـ زواج المسيحيين هو من قبيل وطء الحيوانات لبعضها ـ تفسـير الأحـلام ـ مثل للحاخامات ـ النسـاء اليهوديات
قال موسى (لا تشته امرأة قريبك، فمن يزني بامرأة قريبه يستحق الموت) ولكن التلمود لا يعتبر القريب إلا اليهودي فقط فإتيان زوجات الأجانب جائز. واستنتج من ذلك الحاخام (رشي) أن اليهودي لا يخطئ إذا تعدى على عرض أجنبي، لأن كل عقد نكاح عند الأجانب فاسد، لأن المرأة التي لم تكن من بني إسرائيل كبهيمة، والعقد لا يوجد في البهائم، وما شاكلها. وقد أجمع على هذا الرأي الحاخامات (بشاي وليفي وجرسون) فلا يرتكب اليهودي محرماً إذا أتى امرأة مسيحية.
وقال (ميمانود) أن لليهود الحق في اغتصاب النساء غير المؤمنات، أي غير اليهوديات!!
وقال الحاخام (تام) الذي كان في الجيل الثالث عشر بفرنسا: (إن الزنا بغير اليهود ذكوراً كانوا أو إناثاً لا عقاب عليه، لأن الأجانب من نسل الحيوانات.) ولذلك صرح الحاخام المذكور ليهودية أن تتزوج بمسيحي تهوَّد مع أنها كانت رفيقة له غير شرعية قبل الزواج، فاعتبر العلاقات الأصلية كأنها لم تكن لأنها أشبه شيء بنكاح الحيوانات!!)
وجاء في التلمود: (أن من رأى أنه يجامع والدته فسيؤتى الحكمة، بدليل ما جاء في كتاب الأمثال (213): أن الحكمة تدعى (والدة). ومن رأى أنه جامع خطيبته فهو محافظ على الشريعة. ومن يرى أنه جامع أخته فمن نصيبه نور العقل. ومن رأى أنه جامع امرأة قريبه فله الحياة الأبدية.)
ناشدتك الله أيها القارئ إذا كانت تلك هي القواعد الأدبية أفلا يتمنى الإنسان بعد ذلك أن يرى تلك الأحلام حقيقة، وترقى من هذه إلى تلك لأنه إن كانت نتيجة الأحلام بالكيفية المشروحة فما بالك بالحقيقة ؟
وقال الرابي (كرونر): إن التلمود يصرح للإنسان (يعني اليهودي) أن يسلم نفسه للشهوات إذا لم يمكنه أن يقاومها، ولكنه يلزم أن يفعل ذلك سراً لعدم الضرر بالديانة!!
وذكر في التلمود عن كثير من الحاخامات كالرابي (راب، ونحمان): أنهم كانوا ينادون في المدن التي يدخلونها عما إذا كان يوجد فيها امرأة تريد أن تسلم نفسها لهم مدة أيام.
وجاء في التلمود أيضاً عن الرابي (اليعازر): أنه فتك بكل نساء الدنيا، وأنه سمع مرة أن واحدة تطلب صندوقاً ملآناً من الذهب حتى تسلم نفسها لمن يعطيها إياه، فحمل الصندوق وعدّى سبعة شلالات حتى وصل لها... (ولنضرب صفحاً عن باقي القصة لأنها مخلة بالآداب).
ومن الأمور المذمومة أنه جاء في آخر القصة أنه: (لما توفي هذا الحاخام صرخ الله من السماء قائلاً (تحصل الرابي [اليعازر] على الحياة الأبدية)!!
وليس للمرأة اليهودية أن تبدي أدنى شكوى، على حسب التلمود، إذا زنى زوجها في المسكن المقيم فيه معها.
ولما قال الحاخم (يوحنان) أن اللواط بالزوجة غير جائز عارضوه في ذلك قائلين: إن الشرع لم يحرم هذا الأمر، بل قال لا يخطئ اليهودي مهما فعل مع زوجته، وأية طريقة اتبعها نحوها بأمر الزواج، فهي له بالنسبة للاستمتاع بها كقطعة لحمة اشتراها من الجزار، يمكنه أكلها مسلوقة أو مشوية على حسب رغبته. ويضربون لذلك مثلاً أن امرأة حضرت إلى الحاخام وشكت له أن زوجها يأتيها على خلاف العادة، فأجاب (لا يمكنني أن أمنعه عن هذه المسألة يا ابنتي، لأن الشرع قدمك قوتاً لزوجك).
ولا تظن أيها القارئ أن هذه القواعد لم تذكر إلا في التلمود القديم بل هي مرصودة أيضاً في النسخ الجديدة المطبوعة في مدن (امستردام) سنة 1644 و(سلزباج) سنة 1765 و(فرسوفيا) سنة 1864.
وذكر في كتاب سنهدرين (ص 85) أنه مصرح لليهودي أن يفعل ذلك بزوجته وليس بمصرح للأجنبي أن يفعله إلا بامرأة أجنبية عنهم، على حد قول الشاعر:
فإن لم تكونوا قوم لوط حقيقة فما قوم لوط منكم ببعيد!!
ويلزم أن يكون حاضراً في الكنيس عشرة أشخاص ذكور فإذا حضر تسعة فقط ومليون امرأة لم يكف هذا العدد في الإتيان بالواجب. لأن المرأة تحسب عندهم كصفـر!
قال الرابي (كرونر) أنه لا يوجد بين اليهود أولاد غير شرعيين كما في باقي الأمم. واستنتج من ذلك أن الزنى قليل بينهم. ولكن ثبت من التعداد العمومي خلاف ذلك، ووجدت المومسات من اليهود في المدن الكبيرة بأوروبا أكثر من المومسات في النساء المسيحيات. وما عليك إلا أن تثبت من هذا الأمر بواسطة البحث في مدن (باريس، ولندره، وبرلين، وهمبرج، وفرسوفيا، وكراكوفي).
وقد يجد الإنسان في المحلات العمومية اليهوديات أكثر من المسيحيات مع المحافظة على النسبة بين عدد الأمتين. وهذا من الأمور المحزنة لهم. ولكن عزت الصحف الأمة الإسرائيلية بوفاة امرأة مشخصة[1] منها تسمى الست (يوديت فاريرا) ذات وجه حسن وشيعت جنازتها على حسب الطقس الإسرائيلي، وأكدت تلك الصحف أنه غفر لها كل ما ارتكبته من الأفعال التي لا بد أن يرتكبها كل إنسان يشتغل في فن التشخيص، وذلك لأنها ماتت على دين أهلها.
فينتج من ذلك أن كل ذنب عندهم مغفور إذا مات الإنسان محافظاً على دين اليهود!!
الفصـل الثامـن
(اليمين)
اليمين لا تلزم اليهودي أمام المسيحي ـ قاعدة الرجوع عن اليمين وتحويلها بالنية ـ نفاق الحاخامات ـ طريقة يمكن بها العدول عن اليمين
لا يعتبر اليمين التي يقسم بها اليهودي في معاملاته مع باقي الشعوب يميناً، لأنه كأنه أقسم لحيوان، والقسم لحيوان لا يعد يميناً، لأن اليمين إنما جعلت لحسم النزاع بين الناس ليس إلاّ. فإذا اضطر يهودي أن يحلف لمسيحي فله أن يعتبر ذلك الحلف كلا شيء!
على أنه لا معنى للنزاع القائم بين يهودي ومسيحي بخصوص الملكية، لأنه من المقرر أن أموال المسيحي ودمه من تعلقات اليهودي[2]، وله التصرف المطلق فيها، وله الحق، طبقاً لقواعد التلمود، في استرجاع تلك الأموال. فإذا دعي يهودي لحلف يمين مختصة بشيء متنازع فيه فعليه أن يرفض ذلك، لأنه لا محل لليمين في هذه الحالة. وإذا خاف سلطة شخص أو ضرراً يصل إليه من عدم تأدية اليمين فعليه أن يحلف يما يريدون، غير أنه يلزم أن يكون معتقداً باطناً أن الأموال التي حصل بخصوصها اليمين هي في الحقيقة تعلقه، وله الحق في استرجاعها في أول فرصة.
يجوز لليهودي الحلف زوراً، فلا يخطئ إذا حول اليمين لوجهة أخرى!! وقد حلف الرابي (يوحنان) يوماً لامرأة على أن لا يبوح بسرها قائلاً لها إني لا أبوح بهذا السر أمام الله، ففهمت المرأة أن الحاخام يحلف لها بالله على كتمان السر مطلقاً مع أنه حوله بالكيفية الآتية (احلف أن لا أبوح بهذا السر أمام الله، ولكني سأفشيه لبني إسرائيل)!!
ومن القواعد المقررة عند اليهود أن يستعملوا مثل هذا التأويل إذا كانت اليمين إجبارية، كما إذا كلفت الحكومة مثلاً أحد الأفراد بحلف يمين. ففي هذه الحالة يعتبر اليهودي نفسه أنه غير حرّ، وله الحق في الكذب!!
قالت الحاخامات إذا استشهد أمير يهودياً لأجل أن يعرف منه إذا كان فلان اليهودي زنا بامرأة، وحلفه اليمين ليعلم منه الحقيقة، ويحكم بالإعدام في الأحوال الجائز فيها ذلك قانوناً، فعلى الشاهد أن يعتبر تأدية اليمين جبرية، وأن يؤوله في سره بكيفية أخرى، وإذا أمر الحاكم أحد اليهود مثلاً أن لا يخرج من البلد فعليه أن يحلف له بذلك، ولكنه ينوي في سره أنه لا يخرج منه اليوم. وإذا خصص الحاكم الوقت وقال لليهودي: أن لا يخرج منه أبداً فعليه أن يحلف ولكنه يقصد في سره أنه على شرط كذا وكذا. ولكن كل ذلك غير جائز إذا عرفه الأجنبي واطلع عليه لعدم الضرر بالدين. ولذلك عوقب (سادسيساس) لأنه حلف يميناً كاذبة أمام بختنصر مع أن تلك اليمين كانت إجبارية.
فينتج من ذلك أنه يجوز لليهودي أن يؤدي يميناً كاذبة أمام حكام البلد كلما سئل على شيء لا يجوز له أن يقول طبقاً للشريعة اليهودية، وذلك نتيجة القاعدة العمومية التي مؤداها أن الإنسان مهما كان شريراً في الباطن وأصلح ظواهره يخلص!
وإذا سرق يهودي أجنبياً وكلفت المحكمة اليهودي بحلف اليمين، فعلى باقي اليهود أن يسعوا في صالح أخيهم اليهودي عند الأجنبي حتى لا يحلف اليمين. ولكن إذا صمم الحاكم على تحليفه وأمكن المتهم أن يحلف زوراً بدون معرفة حقيقة الأمر لدى الأجانب فعليه أن يحلف!
وفي كل مدة يوجد في مجمع اليهود يوم للغفران العام الذي يمنح لهم، فيمحو كل ذنب ارتكبوه، ومن ضمنها اليمينات الزور. وليس على اليهودي أن يرد ما نهبه أو سرقه من الأجنبي لأجل التحصل على ذلك الغفران.
وعلى اليهودي أن يؤدي عشرين يميناً كاذبة ولا يعرض أحد إخوانه اليهود لضرر ما. ومن المقرر لديهم أن من يعرف شيئاً مضراً بصالح اليهودي ونافعاً لأميّ فعليه أن لا يعلم به السلطة الحاكمة، وإذا فعل ذلك ارتكب ذنباً عظيماً.
وأما يوم الغفران العمومي فهو اليوم الذي يصلي فيه اليهود صلاة يطلبون فيها الغفران عن خطاياهم التي فعلوها، واليمينات التي أدوها زوراً، والعهود التي تعهدوا بها فلم يقوموا بوفائها. وتقام هذه الصلاة في محفل عمومي ليلة عيد، وينطق بها الكاهن الخادم بمساعدة حاخامين، ويحصل ذلك في يوم واحد من كل سنة. ويمكن لليهود أن يتحصلوا على ذلك الغفران في أي وقت كان من حاخام واحد، أو ثلاثة شهود.
حقيقة يوجد يهود آخرون يدعون أن هذه القواعد ليست متبعة إلا بالنسبة لليمين والنذورات التي تصدر من الإنسان بسرعة وبدون تروّ، على شرط أن تكون مختصة بأشياء خصوصية لا تضر بمصالح الغير. ونحن نريد أن نصدقهم فيما ادعوه، ولكن ما يستعملونه في ليلة الغفران من الرسميات يجعلنا نشك في صحة هذا الادعاء.
ومما يقوي هذا الشك أن كثيراً من اليهود المرتدين عن دينهم شهدوا بأن الاعتذار من الأمة الإسرائيلية بالكيفية التي سلفت ليس إلا لأجل التخلص من الاعتراف بالحقيقة.
ولا يخطر بفكرك عدم تصديق هؤلاء الأشخاص بسبب ارتدادهم عن دين اليهود لأنه من الواجب على كل إنسان أن يشهر علناً كل ما يظنه مضراً بالهيئة الاجتماعية.
ومن هؤلاء المرتدين (يوحنان شمير) الذي قال أن الحاخامات يدعون أن لهم الحق في أن يحللوا الله من أيمانه!! ووافقه (برنز، ودراك) على هذا الأمر بخصوص الأيمان لدى اليهود، مع أنهما من العلماء المعول على أقوالهم ولو أن اليهود أرادوا أن يحطوا من قدر الثاني منهما.
[1]ـ أي ممثلة محترفة فن التمثيل (وكان يسمى في مصر فن التشخيص).

[2]ـ أي كملك اليهودي الخاص به. (م)




يتبع


الساعة الآن 01:32 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى