منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   شعراء قتلهم شعرهم (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=3385)

أبو يقين الكعبي 16 - 1 - 2010 12:27 AM

شعراء قتلهم شعرهم
 
شعراء قتلهم شعرهم









كان

الشعر سلاحاً ماضياً في أيدي شعرائنا القدامى يتهددون به أعداءهم ويهجون خصومهم وكان إلى ذلك سبيلاً إلى اكتساب المال من الممدوحين، ولكنه كان سلاحاً ذا حدّين ربما أدى إلى إلقاء الشاعر في هاوية الهلاك، حين يكون المهجو من أولي البطش والفتك، أو من ذوي السلطان القادرين على إهلاك من يتعرض لهم بهجو أو نقد، وفي هذه الأحوال تصدق مقولة "ومن الشعر ما قتل" قياساً على مقولة شاعرنا الأخطل الصغير، "ومن العلم ما قتل".



وسوف أتحدث عن هؤلاء الشعراء مع بيان الدافع إلى قتلهم بدءاً من العصر الجاهلي حتى العصور المتأخرة.
ـ 1 ـ
طَرَفة بن العبد


ينتمي طرفة بن العبد إلى بني مالك بن ضُبيعة، من بطون قبيلة بكر بن وائل، وهو أحد أبرز الشعراء الجاهليين، جعله بعضهم ومنهم لبيد بن ربيعة ثاني شعراء الجاهلية بعد امرئ القيس، وفضّل ابن قتيبة في الشعر والشعراء معلقته على سائر المعلقات فقال: "وهو أجودهم طويلة"، ولكن لم يؤثر عنه إلا أشعار قليلة، ولعل ما يفسر قلة شعره مقتله المبكر وهو في السادسة والعشرين.

وتذكر الأخبار في سبب قتله أنه كان وخاله المتلمس، وهو من شعراء الجاهلية أيضاً، ممن يفدون على ملك الحيرة عمرو بن هند "عمر بن المنذر" وكان بهما حفياً، وكان لطرفة بن العبد ابن عم اسمه عبد عمرو بن بشر، ولم تكن صلة طرفة به صلة الود والمحبة وإنما كان الود مفقوداً بينهما لسوء سيرته مع أخت طرفة، فهجاه طرفة بأبيات يسخر بها منه فيقول:
ولا خير فيه غير أن لـه غنىً



وأن لـه كَشحاً إذا قام أهضما


وأن نساء الحي يعكفن حولـه



يقلن عسيبٌ من سَرارةِ مَلْهَما



كان من سادة قومه، وكان سميناً بادناً. فأسرّها ابن عمه في نفسه. وكان له منزلة رفيعة عند عمرو بن هند.

ثم إن ابن هند وكل إلى طرفة وخاله المتلمس ملازمة أخيه قابوس بن المنذر، وكان قابوس فتى عابثاً لا يشغله إلا اللهو والقنص والشراب، فوجدا عناءً في ملازمته، وربما أنفقا اليوم كله في الوقوف ببابه، حتى ضاقا ذرعاً بالأمر، فنقما عليه وعلى أخيه عمرو بن هند لإذلالهما على هذا النحو، وكان طرفة فتى جريئاً لا يبالي بعواقب الأمر، فجرى على لسانه هجاء في عمرو بن هند وأخيه قابوس، قال فيه:
فليت لنا مكان الملك عمرو



رَغَوثاً حول قبتنا تخورُ


لعمرك إن قابوس بن هند



ليخلط مُلكَه نَوك كثير



فقد تمنى طرفة لو أنهم بدلوا بعمر بن هند نعجةً تخور حول خبائهم، ورمى أخاه قابوساً بالحمق، ولكن عمرو بن هند لم يبلغه هذا الشعر، وكان طرفة قال قبل ذلك شعراً يتغزل فيه بأخت عمرو بن هند، وقد رأى ظلها، فقال:
ألا بأبي الظبي الذ



ي يبرقُ شِنْفاهُ


ولولا الملك القاعـ



ـد قد ألثمني فاه



فغضب عمرو بن هند على طرفة ولكنه أسرها في نفسه. واتفق بعد ذلك أن ابن هند خرج إلى الصيد ومعه ابن عم طرفة، فأصاب حمار وحش، فطلب الملك إلى عبد عمرو أن ينزل إليه فأعياه، فضحك عمرو بن هند، وقال له: لقد أبصر طرفة حسن كشحك حين قال شعره فيك، وفي رواية أخرى أنه شاهد كشحه وهما في الحمام، فأجابه عبد عمرو: إن طرفة قال فيك ما هو أقبح من هذا الشعر، وروى له ما قاله طرفة في هجائه، فاشتد غضبه، ولكنه لم يشأ أن يقتل طرفة فوراً، اتقاء لغضب عشيرته، فدعاه ودعا خاله المتلمس، وكان قال أيضاً شعراً في هجاء ابن هند، وقال لهما: أمضيا إلى عامل البحرين فقد أمرت لكما بجائزة، ودفع إليهما بكتاب مختوم إلى عامله، وقد أمره فيه بقتلهما.

أما المتلمس فقد شك في حسن نية ابن هند، وقال لطرفة: يا طرفة إنك غلام غِرّ حديث السن، والملك من قد عرفت حقده وغدره، وكلانا قد هجاه، فلست آمناً أن يكون قد أمر فينا بشرّ، فهلم ننظر في كتابينا، فإن يكن أمر لنا بخير مضينا فيه، وإن يكن أمر فينا بغير ذلك لم نهلك أنفسنا. فأبى طرفة أن يفك خاتم الكتاب.

فدفع المتلمس كتابه إلى غلام من غلمان الحيرة يحسن القراءة، فإذا به أمر بقتله، فألقى الكتاب في نهر الحيرة ونجا بنفسه لاجئاً إلى ملوك الشام، ونصح طرفة أن يصنع صنيعه، ولكن طرفة المغرور بمنزلته والمعتز بمنعة قومه لم يصخ لنصيحته وقال لخاله: إن كان اجترأ عليك فما كان ليجترئ علي. وهنا تختلف الروايات في مقتلة، فتذكر إحداها أن طرفة مضى إلى عامل البحرين بهجر وأعطاه كتاب ابن هند، وكان العامل من ذوي قرباه، فنصح لطرفة بأن ينجو بنفسه من ليلته هذه قبل أن يدركه الصبح، فأبى طرفة وأساء الظن بقريبه، واتهمه بأن يرغب في حرمانه من الجائزة. فسجنه العامل، وبعث إلى ابن هند طالباً إعفاءه من عمله لأنه لا يرغب في قتل طرفة، فأقاله ابن هند واستعمل مكانه رجلاً من تغلب، فدعا بكر بن وائل، قوم طرفة، وقرأ عليهم كتاب ابن هند، فهموا بقتل العامل، وعاجلهم التغلبي فأمر بقتل رجلاً من عبد القيس بقتل طرفة، ففعل. ثم طالب معبد أخو طرفة بديته، فأعطيت لـه من بني عبد القيس. وتذكر الرواية أن قبره معروف بهجر.

وتذهب الرواية الأخرى إلى أن عمرو بن هند بعث بطرفة والمتلمس إلى عامل البحرين الربيع بن حوثرة، فأخذه الربيع فسقاه الخمر حتى أثمله، ثم فصد أكحله، فمات. وفي اسم قاتله خلاف بين الروايات. وقد قالت الخرنق، أخت طرفة، وكانت شاعرة مجيدة، أبياتاً في رثاء أخيها طرفة منها قولها:
عددنا له ستا وعشرين حجة



فلما توفَاها استوى سيّداً ضخماً


فُجعنا به، لما رجونا إيابه



على خير حال لا وليداً ولا قَحْما()

صائد الأفكار 16 - 1 - 2010 01:53 AM

بارك الله بك وبجهودك

اسعدني التواجد في صفحتك
بانتظار المزيد من سلسلة الشعراء


صائد

أبو يقين الكعبي 16 - 1 - 2010 09:32 PM

شعراء قتلهم شعرهم...عبد بني الحَسْحاس
 
عبد بني الحَسْحاس

أحد الشعراء المخضرمين بين الجاهلية والإسلام، واسمه سُحيم، وكان عبداً أسود نوبياً أعجمياً، اشتراه بنو الحساس، وهم بطن من قبيلة بني أسد، وكان ينطق العربيّة بلكنة نوبية، ولكنه أوتي ملكة الشعر، فكان إذا أنشد يبدي إعجابه بشعره فيقول: أهشنت والله، مكان: أحسنت.
يقال إنه أدرك النبي عليه الصلاة والسلام وإنه تمثل بشطر من شعره ولكنه قدّم وأخر في الكلمات وأنقص من لفظه فاختل الوزن قال عليه الصلاة والسلام:
كفى بالإسلام والشيب ناهياً
فقال له أبو بكر: يا رسول الله، كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً.
ولما لم يستقم للرسول روايته على وجهه قال له أبو بكر: أشهد أنك رسول الله )وما علمناه الشعر وما ينبغي له( [سورة يس الآية 69].
وكان سُحيم يدفع عن نفسه معرّة السواد بما يتحلى به من حميد الخصال نحو قوله:
إن كنت عبداً فنفسي حرّة كرماً



أو أسود اللون إني أبيضُ الخُلق


وكان، على سواد لونه وضعة أصله، يتغزل بالنساء الحرائر ويهجو الأشراف، وقد تنبأ عمر ابن الخطاب، رضي الله عنه، بقتله حين سمعه، مرّة ينشد متغزلاً:
توَسّدني كفّاً وتثني بمعصم



عليّ وتحوي رِجلها من ورائيا


فقال له عمر: ويلك، إنك مقتول.
وقد اجترأ سحيم على التشبيب بنساء مواليه وقال أبياتاً يشبب فيها بأخت مولاه، وكانت عليلة، وأولها:
ماذا يريد السَّقام من قمر



كلّ جمال لوجهه تَبَعُ


فلما أفرط في التغزل بنساء مواليه ووصف محاسنهن الظاهرة والخافية عزموا على قتله، فلما قدموا به ليقتلوه لم يمنعه موقفه وهو على شفا الهلاك من قول بيتين يظهر فيهما استهانته بالموت ويفخر بما صنعه بنساء مواليه، قال:
شدو وثاقَ العبد لا يفلتكم



إن الحياة من الممات قريبُ


فلقد تحدّر من جبين فتاتكم



عرقٌ على متن الفِراش وطيبُ


فحفروا له أخدوداً وألقوه فيه ثم ألقوا فوقه الحطب فاحرقوه .

أبو يقين الكعبي 16 - 1 - 2010 09:37 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صائد الأفكار (المشاركة 18488)
بارك الله بك وبجهودك

اسعدني التواجد في صفحتك
بانتظار المزيد من سلسلة الشعراء


صائد

اخي الغالي...
تواصلك الرائع وكلماتك الجميلة وساما اعلقه على صدري..
كل الاحترام والتقدير لك...
ابو يقين...

أبو جمال 17 - 1 - 2010 03:18 PM

مشكور على المعلومات القيمه
استفدت كثيرا من الموضوع الشيق

أبو يقين الكعبي 18 - 1 - 2010 12:14 AM

شعراء قتلهم شعرهم...قيس بن الخَطيم
 
قيس بن الخَطيم

قيس بن الخطيم من شعراء قبيلة الأوس المشهورين في الجاهلية، كانت بينه وبين حسان بن ثابت مناقضات، وكان يفخر فيها بقومه الأوس وبوقائعهم مع قبيلة الخزرج، قبيلة حسان، ويعدد مثالبها، وكان لهذا الشعر وقعه الشديد في نفوس الخزرج.
وكان قيس، إلى جانب كونه شاعراً فحلاً، فارساً أبلى أعظم البلاء في الوقائع التي دارت في الجاهلية بين قبيلتي الأوس والخزرج، قبل أن يوحدهما الإسلام في جماعة قبلية واحدة عرفت بالأنصار، دعوا بذلك لنصرهم رسول الله e في وقائعه مع مشركي قريش وغيهم.
نشبت مناقضات قبل الإسلام بين قيس بن الخَطيم وحسان بن ثابت، كل منهما كان يفخر بمنزلة قومه وخصالها ووقائعها. وكان قيس نداً لحسّان في البراعة الشعرية، ومن نقائضهما القصيدتان النونيتان اللتان قيلتا بمناسبة يوم الربيع، وهو أحد وقائع الأوس والخزرج ومن قصيدة حسان قوله:
لقد هاج نفسَك أشجانُها



وعاودها اليومَ أديانُها


تذكّرت ليلى وأنّى بها



إذا قُطِّعت منك أقرانها


وحجّل في الدار غِربانُها



وخفّ من الدار سُكّانُها


وهي طويلة، وقد تغزل فيها حسان بليلى، أخت قيس ليثير غيرته، فأجابه قيس بنقيضة تغزل فيها بعمرة، زوج حسّان، ومنها قوله:
أجدّ بَعمرة غُنيانُها



فتَهجر أم شأننا شانها


وقد عرّض فيها بحسّان وقومه، ومن جيد شعر قيس قصيدته التي مطلعها:
أتعرف رسماً كاطّراد المذهب



لِعمرة وحشاً غيرَ موقف راكبِ


وقد فخر فيها بقومه وبلائه في قتال الخزرج.
وقد ذكروا أن الرسول e استنشد جماعة من الخزرج قصيدة قيس هذه فأنشدها أحدهم، فلما بلغ إلى قوله:
أُجالدهم يومَ الحديقة حاسراً



كأنّ يدي بالسيف مِخراقُ لاعب


التفت إليهم الرسول وقال: هل كان كما ذكر؟ فشهد له ثابت بن قيس بن شمّاس، خطيب الخزرج، وقال له: والذي بعثك بالحق يا رسول الله، لقد خرج إلينا يومً سابع عُرسه، عليه غُلالة وملحفة مورسّة (مصبوغة بالورس وهو الزعفران) فجالَدنا كما ذكر.
فكان شعره فيهم وهجاؤه إياهم من أسباب حقدهم عليه، يضاف إلى ذلك بلاؤه في قتالهم وإيقاعه بهم، فقد جمع قيس بين كونه فارساً ومقاتلاً شديد المراس وكونه شاعراً ممض الهجاء، فلما هدأت حروب الأوس والخزرج، تذكرت الخزرج شعر قيس في هجائه إياهم ونكايته فيهم، فتآمروا على قتله، فلما مر قيس بحصن من حصون الخزرج رُمي بثلاثة أسهم وقع أحدها في صدره فأدى إلى مصرعه، وقبيل أن يلفظ أنفاسه ثأر له أحد رجال الأوس فقتل أحد زعماء الخزرج أبا صعصعة يزيد بن عوف النجّاري، وهو من أكفاء قيس، وأتى برأسه إلى قيس وهو يحتضر، ولم يلبث أن مات قرير العين لأن دمه لم يذهب هدراً .

أبو يقين الكعبي 18 - 1 - 2010 12:40 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جمال (المشاركة 18779)
مشكور على المعلومات القيمه
استفدت كثيرا من الموضوع الشيق


شكرا لك اخي الغالي...
تشرفت بك وبمعرفتك...
كل التقدير والاحترام لك...
ابو يقين..

B-happy 18 - 1 - 2010 10:37 AM

اشكرك اخ ابو يقين على هذه المعلومات
بارك الله بك

أبو جمال 18 - 1 - 2010 03:32 PM

يا ابا يقين
تميزك وابداعك في الطرح واختيار الجديد
يجعلني اعجز عن اختيار كلمات الشكر والثناء
تقبل مروري المتواضع لموضوع رائع

أبو يقين الكعبي 19 - 1 - 2010 01:38 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جمال (المشاركة 19012)
يا ابا يقين
تميزك وابداعك في الطرح واختيار الجديد
يجعلني اعجز عن اختيار كلمات الشكر والثناء
تقبل مروري المتواضع لموضوع رائع


شكرا لك اخي العزيز ابو جمال ...
يكفيني فخرا مرورك على موضوعي وكلماتك الجميلة لي..
كل التقدير والاحترام لك...
اخوك ابو يقين....


الساعة الآن 04:32 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى