منتديات المُنى والأرب - اول فتاة غزية تعمل صيادة في بحر غزة

http://www.fedaaqsa.com/images/news/...e87aaffa99.jpg

عندما ذهبت لمقابلة الصيادة مادلين كلاب ، توقعت أني سأري سيدة مفتولة الذراعين، ضخمة الهيكل ، محروقة البشرة ، بمعنى (صيادة) إلا أنى تفا جئت كثيرا عندما التقيت بها ، هي فتاة صغيرة السن لا تتجاوز 17 عام، ضئيلة الجسم رقيقة الملامح ، وعيناها الجميلتين يتلون بلون رمال البحر العسلية. إلا أنها تحمل شخصية سيدة غزيه قوية الشكيمة في عمر الستين، وعن سر هذا التناقض وتلك المهنة الصعبة لهذه الطفلة، كان لدنيا الوطن معها هذا اللقاء.

كيف اخترت مهنة الصيد ؟

لم أفكر يوما باني سأكون صيادة ، أنا لا ارسم لحياتي بل الحياة ترسم لي خطاي ، أبي يأخذني معه للصيد وعندما كنت في المدرسة بمعنى أني تربيت في القارب منذ النشأة وبعد مرض والدي المزمن في النخاع ألشوكي وأصبح غير قادر على العمل أضريت للعمل بدلا منه في البحر، في البداية رفض بشدة خوفا علي من غدر البحر، إلا أني اصريت على العمل، لان وضعنا المعيشي سيئ جدا وبيتنا هدم في فترة الأحداث وفي تلك الفترة والدي كان محتاج للكثير من المصاريف لعلاجه ، وبالفعل غزوت البحر وفي أول غزوة كانت الكبوة الأولى حيث قلب القارب بي وأصبت برأسي الذي اصدم بالصخور، وبعد ذلك كان الأمر سهلا للغاية حتى ولو أن هذا العمل لا يصلح للإناث ، أول ما بدأت العمل كنت أساعد والدي وأنا في 12 من العمر، في حين أنى بدأت اعمل لوحدى في البحر من ثلاث سنوات واصطحبت أخي الأصغر مني 16 عام بعد أن أخرجته من المدرسة، والآن نعمل أنا وهو على قارب مجداف ولا يأتي بالخير الوفير لذلك استأجرنا عامل اسمه بحري معنا وكان يعمل معنا لليل نهار والرزق ازداد وكان رجل أمين ومحترم إلا أن غيرة الصيادين لأنه هو يعمل وهم لا تقدموا بشكوى للتنفيذية والآن منعتنا من تشغيله، وأيضا من أن نشغل أي رجل آخر بحكم أني فتاة ، أنا اذهب للصيد في الليل وأبي ينتظرني على الشط و أهالي البحر الذين تربيت بينهم يعتبروني أمانة ويجب الحفاظ عليها .

ماذا يعني لك البحر ؟.

البحر حبيبي الوحيد الذي لا يمكن أن أخونه يوما وهو لا يخذلني أبدا ، لطالما عشقت حياة البحر ، الكل يقول أن البحر غدار وأنا أقول إن البحر هو جوف الأمان ولا ارتاح إلا في حضنه ولا يهاديني أحدا سواه ، ولا أكرم من الله الذي أهداني البحر منذ نعومة إظفاري فكان لعبتي وعروستي ، وفي مراهقتي كان حبيبي لا ادري إن كان بعد فترة سيصيح زوجي لأني لا ادفأ إلا في أحضانه .. أنا لا أفكر في تركه أبدا إلا إذا هو اختار ذلك وشحت علينا عطاياه ساعتها سأذهب للبر ومع ذلك لن اختار حبيبا سواه .

تحدثى لنا عن رحلتك التعليمية؟

تركت أنا المدرسة في الثالث الإعدادي لأني لم استطيع التوفيق بين دراستي والعمل الشاق الذي كنت أقوم بها وخاصة بعد أصبح مصدر رزقنا الوحيد، وتركتها في سبيل التضحية من اجل كل العائلة الآن لدى اخوين في الثاني الإعدادي سأسعى جاهدة بان اعمل ليل نهار من اجل أن أعلمهم ، ومن شدة حبي في التعليم الذي لم أتوقف في الحصول عليه كنت اسرق الوقت واذهب لتعلم الخياطة في اتحاد الكنائس.

هل عمل الصيد يكفيك أنتي وأسرتك ؟

بالطبع لا إن المساحة المسموح بها لنا في الصيد، لا تتجاوز الثلاثة ميل وهذه المنطقة يتهالك عليها الصيادين بل مئات الصيادين يوميا ، وأصبح رزقه شحيح ، وبعض الأيام اسرح بالأسبوع ولا أصيد شيئا وخاصة بعد أن منعتني الحكومة من الصيد على يخت الماتور وان قارب المجداف متعب وشحيح إضافة إلى أن الصيد في أيام معدودة في البحر ومناطق معدودة .

هل مد يد المساعدة لك احد ؟

الحمد لله دوما أجد الناس الطيبون فأبي يساندني ويقف معي دوما ووالدتي تشعني وأخي الأصغر لا يتركني برهة ، أما على الصعيد الاجتماعي فأمامي وأخوالي وأهلي كلهم يفخرون بي ويحاولون دوما مساعدتي ، ولكنهم كلهم فقراء يحتاجون من يساعدهم ، أما على صعيد العمل فأصدقاء أبي ونساءهم وأطفالهم دوما يقدموا لي المساعدة ويحيطوني بالأمان والحماية .

ما هي أهم المشكلات التي تعاني منها كفتاة صيادة ؟

أولا الشرطة هي التي تعيق عملي بشدة ولا يأبهون أبدا باني فتاة تعيل أسرتها لا احد يفكر في مساعدتي منهم بل لا يتوانوا في مضايقتي هم وبعض الصيادين الغيورين، السيئين الذين لا يتوانوا بدا في رفع التقارير ى الكيدية للشرطة التي بدورها تجمد حركتي رويدا رويدا في البحر، وأنا لا اعلم ما هو ذنبي هل لأني فتاة أم لأني امهر منهم في العمل واجد التعاطف من الجميع.

الاحتلال الإسرائيلي بالطبع هو المعيق الأساسي لي فعل الشط لا يوجد سمك تكون الأسماك فقط بالقرب من الخط الفاصل بيننا وبين الاحتلال وأنا شخصيا تعرضت لإطلاق نار كثيف أكثر من مرة واعرض حياتي للخطر دوما من اجل لقمة العيش .

إضافة إلي غيرة الصيادين وعاملين السياحة لان معظم الرحلات المدرسية ورواد البحر يحبوا أن يكونوا معي بالقارب إن أرادوا أن يدخلوا البحر لأني فتاة وأكثر أمان وراحة ولهذا تقدم مجموعة من أصحاب القوارب العاملة في السياحة بالشكوى للشرطة بدعوى أني اسرق رزقهم مع أن الرازق هو الله .

والمشكلة الثالثة والاهم والأكبر هي الآن هي الإعلام حيث إن الكل يعتقد أن الصحافيين الذين يجرون معي الحوارات يعطوني النقود ويقولون دوما إني غنيت منى الصحافة وهذا الأمر أزعجني كثيرا جدا وقطع رزقي وألان الشرط تضايق على في نزولي للبحر واستقبال الإعلاميين ، ولهم أكثر من شهر يمنعوني من نزول البحر أو استقبال احد، وآخذت تشير بيدها للبوابة وقول "انتى رأيت بعينك ماذا فعلو بك على الباب عندما علموا انك صحفية" .

كيف تتعاملي مع المشكلات المتعلقة بأعطال اليخت أو مشكلات في وسط البحر ؟

أنا اعتمد على الله فقط في حفظ سلامتي أنا وأخي وقد علمني الصيادين بارك الله فيهم كل شيء متعلق بمشكلات البحر وأعطال الماتور .. وقد حدث أكثر من مرة خلل في الماتور أو نفاذ البنزين وعالجت المكلة بسهولة ودما أنا على تواصل مع بعض الصيادين أصدقاء والدي يهبوا لنجدتنا بسرعة ، ولا استطيع أن انسي انه في احد المرات حدث ثقب في القارب ونحن هاربون من نيران العدو جراء إصابته برصاصة وبدأ أخي بالصراخ وأنا بسرعة حاولت أن أغلق الثقب بحشوه أكياس بلاستك إلا حين وصول قوارب الصيادين لإنقاذنا كدنا نموت ، وان متنا ماتت عائلة كاملة ..

تحدثي لنا عن أسرتك ؟

أسرتي أسرة صياد فلسطيني وهذه الكلمة تكفي الآن صياد يعني فقير وفقر تحت المدقع ومريض بفعل عمله الشاق وفلسطيني يعني انه فقير جدا وحياته مهددة بالخطر، ودوما عرضة لإطلاق النار في كل وقت، إضافة إلا أن بيتنا عبارة عن ألواح زنقوا لان لا نستطيع بناء بيت هدم أيام الأحداث لقربه من السفينة ولا احد ساعدنا في بناءه أو عوضنا وأمي مريضة بالغضروف والدوالي وبالأمس القريب صدمتها دراجة نارية منذ شهر وتكسرت ضلوعها وأنا مضيت على نفسي كمبيالات بقيمة 7000 شيقل لعلاج والدي ألان في إسرائيل يتعالج وأنا لا استطيع أن أدبر له مصاريف العلاج وهنا لا احد يقول لك خذ بل هات وهات .

إضافة إلى أني أعاني من آلام شديدة في ظهري من برد الشتاء القارص في البحر و التعب من هذا العمل الشاق .

ماذا تتمنى مادلين ابنه الـ17 ؟

قد تتفاجئي بأمنياتي، انا أتمنى فقط أن يرفع الحصار ويسمح للصيادين بمساحات واسع للصيد لان الصياد هو أفقر مخلوق في العالم ، وأتمنى أن يتكرم البحر على بأكثر من ذلك ، وان ترفع الشرطة عنى الحظر وان تكون معي أكثر لينا ، وان استطيع علاج أبي وأمي وتعليم إخوتي ، وأتمنى على الله أن أجد من يرعاهم .

ما هي خططك المستقبلية ؟

ابحث الآن عن بابا رزق أخر أتعلم حياكة الخياطة لعل الأيام القادمة تكون أكثر سواد، وأنا ابحث عن وظيفة أي كانت حتى أوفر لأبي وأمي مصاريف العلاج . وأحاول أن أجد مؤسسة أو حدا يحاول أن يساعدني في هذا الأمر هذا ما أسعى له وبشدة أما بشأن مستقبلي فهو مستقبل إخوتي أتمنى أن أراهم في أجمل مستقبل ، أما عن النواحي العاطفية أنا قلت آنفا أنا اعشق البحر ولا انوي الزواج على الإطلاق اليوم أو غدا لأنى وهبت نفسي لإخوتي وتربيتهم وتعليمهم ، و الغول بوالدي المريضين .