منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الشعر والأدب العالمي المترجم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=127)
-   -   مسرحية يابانية طيور الأسى "أوتو" (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=6662)

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:10 AM

مسرحية يابانية طيور الأسى "أوتو"
 
مسرحية يابانية طيور الأسى "أوتو"
تعريف بالكاتب‏
زيامي موتوكي يو (1363 –1443) أبرز كتاب مسرح النو ومطوريه. وهو مؤلف معظم مسرحيات النو التي لا تزال تمثل حتى الآن. وقد كتب بالإضافة إلى ذلك عدداً من المقالات النقدية التي يشرح بها الأسس الجمالية القائم عليها فنه. وهو يستخدم أحياناً لغة غامضة تستعصي على الترجمة كما يشير إلى ذلك المترجم الإنكليزي الذي نقلنا عنه المقالة والمسرحية المنشورتين على هذه الصفحات، ويعزى ذلك إلى تأثيرات مذهب رن البوذي، وذلك لتأكيده على الفهم بواسطة الحدس.‏
ومن يرغب في الاطلاع على مزيد من آراء الكاتب يستطيع الرجوع إلى مقالة له منشورة في مجل "المعرفة" السورية عدد أيلول 1973
آ-المسرح (المنصة الرئيسية) ب-المسرح (المنصة الخلفية) ج-الجسر د-ستارة ه‍-غرفة المرآة و-عمود شيت ز-عمود المواجهة ح-عمود واكي ط-عمود عازف الناي ى-عمود خادم المسرح ك –مقعد التقديم ل-مقعد كيوجين م- الجوقة ن-قارع طبل س-قارعو طبول غ-عازف ناي ف-أشجار سرو ص –باب جانبي للخروج ق-سُلَّم نحو الجمهور.‏
حَول بُلوغ درجَة التوهّج‏
يعتبر التوهج 1 سمة الاقتدار في جميع الفنون والمواهب في فن الـ "نو" بشكل خاص يحتل إبراز التوهج مركز الصدارة، وحين يظهر في "النو" لا تخطئه العين ويعد من أهم الأمور التي تثير إعجاب الجمهور. غير أن الممثلين الذين يمتلكون التوهج ندرة، ذلك لأنهم لا يعرفون معناه الحقيقي ومن ثم لا يبلغون مستواه.‏
كما يمكن بلوغ درجة التوهج؟ فلنبدأ بتفحص طبقات الناس المختلفة على أساس المظهر الخارجي الذي يتخذه أولئك الناس في المجتمع. ألا يمكن أن رجال البلاط ذوي السلوك المتميز والذين فاقوا في مظهرهم بقية الناس قد بلغوا درجة التوهج؟ ومن هنا أنى نرى أن جوهر التوهج هو الجمال الصرف ومنتهى اللطف. يتجلى التوهج في الرضا والأناقة اللذين يتحلى بهما المظهر الشخصي، وعلى هذا النحو فإن توهج المحادثة يكمن في رشاقة اللغة وأصالتها والتمكن منها بحيث تبدو الإيماءات العابرة رشيقة في الحديث. كذلك يمكن القول أن العرض الموسيقي متوهج إذا سالت أغانيه عذبة جميلة وفاضت فيه الأصوات بالرقة والحساسية. والرقصة تتوهج أيضاً عندما ينضبط إيقاعها انضباطاً كاملاً ويبتهج الجمهور بحركات الراقص ومظهره الرصين.‏
ويتوهج التمثيل حين تقدم الأدوار الثلاثة 2 ببهاء وجمال. قد يستدعي التشخيص عرض الغضب أو تجسيد الشر ومن ثم لا بد أن يتسم الأداء بالعنف ولكن ما دام الممثل مدركاً جمال التأثير ومثبتاً في ذهنه ذلك التوازن بين الأداء العقلي والجسدي وبين حركات جسمه وقدميه 3 سيظل مظهره رائع الجمال إلى درجة يمكن أن تدعى بتوهج الشر.‏
يجب أن تبقى ملامح التوهج هذه ماثلة في ذهن الممثل وأن تصبح جزءاً من كيانه كيلا يغيب التوهج في أي دور من الأدوار التي يلعبها سواء كانت الشخصية التي يصورها نبيلة المحتد أو وضيعة الأصل. رجلاً كانت أو امرأة، كاهناً أو فلاحاً، ساذجاً، أو شحاذاً، أو منبوذاً. عليه أن ينظر إلى كل واحدة من هذه الشخصيات على أنها متوجة بإكليل من الزهر على الرغم من تباين أوضاعها في المجتمع. ذلك أن حقيقة كونها جميعاً تحب الزهور تجعل منها زهوراً، وزهرة الشخصية المتميزة تبرز في مظهرها الخارجي. واستخدام الممثل لذكائه هو الذي يجعل عرضه جميلاً وذكاؤه هو الذي يمكنه من إدراك المبادئ السالفة الذكر. كما أن على الممثل أن يتعلم الشعر ليضفي على حديثه التوهج وأن يدرس أساليب الأناقة في اللباس ليبرز التوهج في تصرفه. وعلى الرغم من أن التشخيص يختلف باختلاف الأدوار فإن على الممثل أن يدرك أن بذرة التوهج هي القدرة على الظهور جميلاً.‏
كثيراً ما يحدث أن تتولد لدى الممثل قناعة بأنه قادر على تمثيل مختلف الأدوار ببراعة تامة وعند ذلك يغفل مظهره ومن ثم يفقد القدرة على ولوج مملكة التوهج. وما لم يدخل هذه المملكة يظل عاجزاً عن تحقيق إنجاز رائع، ومن ثم لن يكون معلماً في فنه، ومن هنا كان المعلمون ندرة. على الممثل أن يعد التوهج العنصر الأكثر أهمية في فنه وعليه أن يتابع الدرس كيما يصبح فهمه للتوهج أكثر دقة. إن الإنجاز الرائع إنما هو في جمال الشكل والسلوك والانتباه الشديد والحرص على المظهر المعروض. حين يكون الشكل جميلاً سواء في الرقص أو الغناء أو أي نوع من أنواع التشخيص يمكن أن نقول أنه إنجاز رائع وحين يكون الشكل قبيحاً فإن العرض لا بد رديء. على المثل أن يدرك أن التوهج يحصل عندما تكون أشكال التعبير السمعية والبصرية جميلة. وحين يعمل الممثل على هدي هذه المبادئ ومن ثم يتملكها يمكن أن نقول عنه أنه دخل مملكة التوهج. وإذا ما أخفق في العمل من تلقاء ذاته على هديها فإنه لن يتملكها ولن يحلم، مهما حاول، بالوصول إلى درجة التوهج طيلة حياته.‏


يتبع

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:16 AM

طيور الأسى "أوتو"‏
العنوان الأصلي للمسرحية (أوتو) ويكتب باليابانية في ثلاثة مقاطع تعني إن صحت الترجمة "طائر معرفة الفضيلة" والـ "أوتو" أو "أوتوياسوكاتا" في الأساطير القديمة نوع من طيور البحر المنتشرة في شمالي اليابان والتي بالغ الناس في اصطيادها طمعاً بلحمها اللذيذ. ومن عادة هذه الطيور أن تخفي صغارها في أعشاش تبنيها في الرمل وتخفيها إخفاء كاملاً إلى درجة يصعب فيها عليها أن تجدها هي نفسها. ولذلك حين تجلب تلك الطيور لصغارها الطعام تناديها بصيحة (أوتو)، فترة الفراخ بصيحة (ياسوكاتا) وكان الصيادون يقبضون على كل من الطيور وفراخها بتقليدهم هاتين الصيحتين. وتضيف الأسطورة أن الطيور كانت تبكي دموعاً من دم حين ترى صغارها في قبضة الصيادين. ولذا كانوا يضعون على رؤوسهم قبعات كبيرة ويرتدون معاطف واقية كيلاً تصيبهم الدموع المنهمرة التي إذا ما أصابت أحدهم أوقعت به المرض ثم الموت. وبسبب هذه الميزة التي تتمتع بها تلك الطيور أصبحت أحد رموز العقيدة البوذية التي ترى في الاعتداء على الحياة خطيئة مهما كان السبب وأياً كان الأسلوب.‏


يتبع

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:22 AM

الشخصيات:‏
راهببوذي.‏
شبحصياد ميت.‏
زوجةالصياد.‏
قروي.‏
الجوقة.‏
القسمالأول‏
الزمان: شهر نيسان.‏
(المسرح خال تماماً. قارعاً طبل وعازف مزماريدخلون من خلف الستارة ويعبرون الجسر ويأخذون أمكنتهم المعتادة في خلفية المسرح. ثميتلوهم في صمت الزوجة والولد. الزوجة تضع قناعاً وشعراً مستعاراً يشعران أنهامتوسطة في العمر، وترتدي ثوباً بلون أوراق الخريف الجافة فوقه إزار (كيمونو) ضيقوإزار خارجي فضفاض تجرر أذياله على الأرض ذو لون قاتم. يبدو الولد في حوالي السادسةأو الثامنة من العمر يرتدي الـ (هاكاما) وإزاراً داخلياً أحمر وفوق إزار خارجي مطرزبخيوط براقة. يجلسان قرب عمود واكي. يدخل الراهب مصاحباً بنغمات المزمار. يرتديإزاراً غامقاً وعلى رأسه قلنسوة مقصبه تتدلى استطالاتها على كتفيه.‏
وبيدهمسبحة. يعبر إلى المسرح حيث يقف عند مقعد التقديم. يواجه الجمهور مقدماً نفسه).‏
الراهب: أنا راهب جوال جحي هو التطواف فيالبلاد.‏
ماسبق لي أن زرت قرية (سوتونوهاما) في (ميتشي نوكو). وحين فكرت بذلك عقدت العزم علىأن أزورها في وقت قريب ولما كان الظرف ملائماً قررت أن أقوم بطقوس التقشف الدينيةعلى جبل (تاتياما).‏
(يتقدم خطوتين إلى الأمام مشعراً أنه وصل إلى سفحالجبل).‏
حثثتخطاي الدرب وهأنذا أصل إلى تاتياما، وبقلب مفعم بالهيبة والوقار أبداً الآن فيزيارة الجبل.‏
(يمضيإلى منتصف المسرح مشعراً أنه تسلق القمة).‏
لكنيا للهول! عند بلوغي هذا المكان على قمة تاتياما ترى عيناي جحيماً حياًَ حقيقياً.. لا بد أن أشجع الرجال يجبنون حين تقع عيونهم على مثل هذا المنظر الأكثر إفزاعاً منالعفاريت والشياطين. هنا الدروب الجبلية التي لا تحصى المتحدرة الجهمة تنشطر كما لوأنها تقود إلى مملكة أشباح الضواري أو تهوي إلى مملكة الوحوش.‏
"يصفأفعاله" لقد تغلبت عليه ذكرى خطاياه الماضية وقضى وقتاً قبل أن يستطيع كبح جماحدموعه المدرارة. ثم يهبط نادماً إلى سفح الجبل.. إلى سفح الجبل، نادماً....‏
(يتحرك الراهب باتجاه الجوقة مشعراً أنه قد عادمن جديد إلى سفح الجبل. يدور ويواجه الجسر. الستارة مغلقة ويسمع صوت من غرفة المرآةالمظلمة خلف الستارة. إنه شبح الصياد الذي يتكلم صائحاً كأنه يعدو خلف الراهب).‏
الصياد: ياهو!.. تمهل أيها الراهب الفاضل. يجب أنأكلمك.‏
الراهب: ماذا تريد مني؟‏


يتبع

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:26 AM

(يدخلالصياد. يُرى في هيئته الفانية. يضع قناع رجل سعيد وعلى رأسه شعر مستعار أبيض. ويرتدي إزاراً خارجياً بسيطاً ملوناً مصنوعاً من نسيج خشن فوق ثياب بنية غامقةوخضراء فاتحة. يتحرك ببطء مجتازاً الجسر قائلاً):‏
الصياد: إن كنت متجهاً إلى ميتش نوكو فأرجوك أنتحمل معك رسالة إلى هناك. أنا أحد صيادي سوتو نوهاما قضيت نحبي في الخريف الماضي. أتوسل إليك أن تزور دار زوجتي وولدي وتقول لهما أن يبعثا لي بمعطف القش وقبعةالبرديّ من هناك.‏
الراهب: ما أغرب الطلب الذي أسمعه. إن حملالرسالة أمر هين ولكن كيف لها أن تصدقني إذا خاطبتها هكذا ولا دليل بين يدي كمطريهبط فجأة من سماء بلا غيوم؟‏
الصياد: حقاً أنت على صواب فبدون علامة محددة أورمز لن يكون للرسالة أي نفع.‏
(الصياد متقدماً على طول الجسر يتوقف الآن عندالسروة الأولى ويطرق برأسه مغموماً. ولا تلبث أن تواتيه فكرة فيرفع رأسه).‏
آه. الآن أذكر، هذا هو الإزار الذي كنت أرتديه لحظة حل بي الموت.‏
"يصففعله" وهكذا يمزق كم الأزرار الذي يرتديه الإزار المخيط من الخيش كذلك الذي كان لـ (كيزو) منذ زمان وارتداه في أيام حياته.‏
(ينتزع الصياد الكم الأيسر للأزرار يقربه منجبهته، ومن ثم يحمله بكلتا يديه إلى الكاهن).‏
الجوقة: يقول: "قدم هذا علامة" وما أن يتم قولهحتى يناوله للراهب الجوال ودموعه تنهمر... للراهب الجوال ودموعه تنهمر.‏
(الراهب يتوجه إلى الصياد عند السرو الأولى ويأخذالكم ويعود أَدْراجه إلى المسرح في حين يتوجه الصياد عبر الجسر نحو الستارة).‏
انحنيا مودعين.. آثار قدمي الراهب تقود إلى ميتشينوكو.‏
وهوينحدر مع الوادي عبر أشجار الربيع المتألقة بالزهر والبراعم.. نائياً وسط الدخانالمتصاعد وغمام تاتياما إلى أن يلوح كقطعة من الغيم.‏
(يتابع الراهب السير نحو مقدمة المسرح. يضعالصياد يده على جبهته في هيئة الباكي. ثم يستدير نحو الجسر ناظراً إلى المسرحمظللاً عينيه بكفه).‏
الميتيبكي، يبكي متأملاً الراهب الراحل.. ثم يختفي، لا أحد يعلم أين.. لا أحد يعلمأين...‏
(يكونالصياد قد استدار متابعاً المسير على الجسر. تُسحب الستارة ويغيب في جوف الظلمةخلفها).‏

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:27 AM

فصلإضافي‏
(فترةسكون قصيرة يفهم منها انقضاء الزمن اللازم لرحلة الراهب إلى ميتشي نوكو. يبلغالراهب مقعد التقديم حيث يستدير مخاطباً الممثل الذي كان جاثماً بلا حراك على مقعدالكيوجين خلال القسم الأول).‏
الراهب: هل أنت من أهالي سوتونوهاما!‏
(ينهضالفلاح ويقف على الجسر قرب السروة الأولى. يرتدي كيمونو بسيطاً وكميشيمو مطرزاً).‏
الفلاح: نعم. هل من عون أقدمه لك.‏
الراهب: دلني رجاء على دار الصياد الذي توفي فيالخريف الماضي.‏
الفلاح: لماذا، طبعاً. دار الصياد المتوفى هو ذلكالذي تراه هناك داخل ذلك السياج العالي من أغصان الخيزران المتشابكة. تصل إليه فيدقيقة إن شئت.‏
الراهب: فهمت. أشكرك على لطفك. سأذهب إليه حالاًللزيارة.‏
الفلاح: هل هناك ما يمكن أن أساعدك به.. أرجوك أنتقول.‏
الراهب: شكراً جزيلاً.‏
الفلاح: أهلاً وسهلاً.‏
(يعودالفلاح إلى مقعده. بعد ذلك ينسحب بهدوء).‏
القسمالثاني‏
الزوجة: صحيح أني منذ زمان طويل عرفت أن هذاالعالم شيء سريع الزوال، يأتي ويروح مثل الحلم. غير أني الآن أدرك أكثر من أي وقتمضى.‏
لكنما جدوى العهد الذي قطعته على نفسي. لقد قطع الموت الروابط التي تشدني إلى زوجي.‏
الذيلم يخلف وراءه غير هذا الطفل الحبيب كأثر القدم بعد الفراق والذيل لا يني يجعل حزنيبلا نهاية.. أواه كيف لقلب الأم أن يتحمل مثل هذا الأسى؟‏
(تأخذالزوجة هيئة الباكية. يخرج الراهب الكم من ثنية إزاره ويتقدم ببطء من المسرح. عندوصوله إلى عمود شيت يقف ويستدير نحو الزوجة مشعراً أنه وصل إلى الدار.‏
الراهب: أتسمحين لي بالدخول؟‏
الزوجة: من هناك؟‏
الراهب: أنا راهب جوال أحج إلى سائر المقاطعات. كنت أقوم ببعض الطقوس الدينية على جبل تاتياما فجاءني شيخ عائر الخط وقال: "إذا كنتنازلاً إلى ميتشي نوكو فأرجوك أن تنقل رسالة. أنا أحد صيادي سوتوهاما وقدمت في خريفالعام الماضي. زر دار زوجتي وولدي واطلب منهما أن يبعثا لي بمعطف القش وقبعة البردياللتين لديهما"؟ أجبته: "إذا قلت لها هذا القول دونما أي دليل كمطر يهطل من سماءصافية فإنها بلا شك لن تصدقني" عند ذلك حل إزاره وأعطاني كمه. وقد حملته معي فيرحلتي.‏
لعلهعلامة تعيد الذكرى إلى قلبك.‏


يتبع

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:29 AM

الزوجة: لا ريب في هذا حلم. أو أنه أمر مثيرللشفقة.‏
أغنيةالوقواق الصادحة في الصباح الباكر حاملة من جهنم آخر رسالة من الموتى. رغم هذهالأنباء التي أسمعها من الغائب لا أملك وأنا أصغي إلا أن تنفر الدموع من عيني.‏
(تأخذهيئة الباكية).‏
ومعذلك. فهذا أمر عجيب يتجاوز إمكانات التصديق. لذلك، رغم أنه يبدو بسيطاً ووديعاًكقطعة قماش منسوجة من لحاء العرائش، سأخرج الإزار.‏
(يتقدم خادم المسرح من الزوجة حيث تجلس ويقدم لهاالإزار مطوياً. الإزار نفسه الذي كان يرتديه الصياد في القسم الأول. ترفعه الزوجةباسطة ذراعيها نحو الراهب).‏
الراهب: هذا الإزار ذكرى عزيزة منه.. وهذا الكمالذي حملته منذ فترة طويلة..‏
(يقدمالراهب الكم إلى الزوجة)‏
الزوجة: بعد إخراجهما..‏
الراهب:.... والمقارنة بينهما جيداً..‏
"يتأمل الراهب بالإزار الذي تحمله الزوجةمحدقاً".‏
الجوقة: لا مجال للشك.‏
(يتقدم الراهب من الزوجة واضعاً بين يديها الكمفوق الإزار. تحني الزوجة رأسها فوق الإزار والكم متفحصة إياهما بدقة، في حين تتحدثالجوفة بالنيابة عنها).‏
القماش نفسه رقيق وبسيط يلائم الصيف.. رقيق وبسيطيلائم الصيف.. آه انظر إنه بلا كم وهذا الكم يناسبه تماماً.. لقد بعث به هو، ماأعظم شوقي إليه..‏
(تركعالزوجة فوق الكساء في هيئة الباكية. تشرح الجوقة الآن حركات الراهب وهو يتناول منخادم المسرح قبعة كبيرة سوداء ملمعة بالورنيش عند عمود الناي. ويتقدم بها إلى مقدمةالمسرح ويضعها على الأرض، ثم يركع أمامها مواجهاً الجمهور).‏
وأخذالراهب يقوم بالابتهالات والصلوات. كأنما يتوسل أن يرفع إلى الميت هذا المعطف منالقش وتلك القبعة من ورق البردي.‏
(يسبحالراهب بالمسبحة التي بين يديه فوق القبعة ويتمتم بصلاة بوذية).‏
الراهب: تحية أيتها الروح. فلتولدي من دائرةالتجسد اللانهاية. ولتحرزي الإشراق الفوري للبوذية.‏
(ينهضليتخذ مكاناً قرب عمود الناي. يرافق ذلك فاصل موسيقي مصاحب بصيحات من الطبالين. تسحب الستارة ويظهر الصياد في حالة خارقة للطبيعة على وجهه قناع مأساوي لشيخ نحيلالجسم لا يبعده عن كونه غير أرضي إلا مظهره وعلى رأسه شعر مستعار ينسدل فوق كتفيهوفوق إزاره الخارجي ذي اللون الرمادي والأبيض مئزر قصير منسوج من الريش الأبيضوالبني. يحمل عصا طويلة ومروحة.

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:30 AM

يتقدمببطء نحو الجسر، كأنما استدعته صلوات الراهب. عند وصوله إلى عمود شيت يقف منشداًقصيدة قديمة).‏
الصياد: في سوتوهاما تسمع صوت الطيور تناديبحنان، تناغي بحنان. الآباء في السماء تصيح أوتو ويُجيب الصغار من على الشواطئياسوكاتا.‏
(يقومالصياد بحركة يفهم منها أنه يقترب من الدار).‏
يقومسوترا المقدس: "إن وليت وجهك مرة شطر الستوبا (1) مرة نجوت إلى الأبد من ثلاثة دروبتعج بها الوحوش والشياطين والأشباح" ولا شك في أن الستوبا شيء مبارك، لوحة تذكاريةمن خمس طبقات: هي العناصر الخمسة لجسد بوذا، الرؤية المنجية الوحيدة. لكن ما أعظمأن تنهض الستوبا من أجلي أنا وأن تتلى صلاة باسمي..‏
لكنمع ذلك لا تزال أثقال أوزاري تتراكم فوق هذا الجسد... فمتى يا ترى يحل بهذه الروحالسلام؟.. متى تعثر الطيور على أفراخها المسروقة؟.. آه من القتل!‏
(يستدير الصياد نحو الراهب رافعاً ذراعيهمتضرعاً).‏
الجوقة: تحت ضياء بوذا الرحيم تصبح خطايا الإنسانحبات ندى فوق العشب. خل بركتك تجعل الشمس تشرق على أيها الراهب.‏
(يرخيالصياد يديه مواجهاً الجمهور. تصف الجوقة الآن المكان، في حين يقوم الصياد بدورةبطيئة حوالي المسرح، مستعيداً مرة أخرى مشاهد حياته الأرضية).‏
المكان هو ميتشي نوكو.. المكان هو ميتشي نوكووهنا في قرية الصيادين الموحشة، على أحد خلجان البحر، محاطة من كل جوانبها كإحدىجزر (الهدجر) –الآن قرب أغصان السرو الواطئة المتشابكة التي ترافق النهر.. الآن قربالقصب المالح الذي ينبت ذاوياً كامد اللون وقت الجزر ليطفو مع المد –هنا فيسوتونوهاما يقوم كوخ مبني من الحصير.. منزل متواضع ذو سقف رقيق من القش.... غير أنهالآن حين تتسلل أشعة القمر من خلال السقف إلىى الغرفة –منزل قلب وحيد.‏
أوه! حقاً منزل قلب وحيد.‏
(يعودالصياد الآن إلى مقعد التقديم حيث يتكئ بلا حراك على عصاه ناظراً إلى الزوجةوالطفل.‏
مشعراً أنه يبلغ داره. الزوجة والطفل يرفعانرأسيهما نحو الصياد).‏
الزوجة –حاذر! فالصورة ستزول إن نطقت بكلمةواحدة.‏
(ينهضان. تقود الزوجة الطفل نحو الصياد عدةخطوات. واصفة ما تقوم به).‏
الأموالطفل متشابكاً الأيدي... ولا شيء غير البكاء.‏
(تتركالزوجة الطفل واقفاً ثم تعود إلى وضعيتها الأصلية تركع وتبكي).‏
الصياد: واأسفاه. كانت هذه في الأيام الخاليةشريكة حياتي وكان هذا ولدي. ولكننا الآن غرباء إلى الأبد –كآباء تلك الطيور. هأنذاأصيح "أوتو" منتظراً بقلب خافق ولا أسمع "ياسوكاتا" جواباً.. لماذا؟‏
أواه! لماذا قتلتها؟ فما دمت أحب طفلي فلا بد أن تكون الطيور والوحوش تحن إلى صغارها. والآن ما أشد شوقي إلى أن أربت على شعر ولدي تشي بودو وأقول: "آه: كم اشتقت إليك".‏
(يمدالصياد ذراعيه ويندفع فجأة باتجاه ولده لكن الولد يتراجع خطوة كلما اقترب منهالصياد خطوة كان هناك حاجزاً غير مرثي يحافظ على مسافة ثابتة بينهما. إنه الحاجزالأسطوري الضبابي للشهوات الأرضية التي تحجب شمس بوذا وتمنع أرواح الخاطئين منالعودة لزيارة الأرض. يتخذ الطفل مقعداً قرب الزوجة. ويعود الصياد إلى وسط المسرحوظهره إليهما مشعراً أنه عاجز عن ولوج الدار وأنه لم يرى ما بداخلها).‏
الجوقة:.... ظلال شهواتي الأرضية أغربي عن وجهيغيمة حزن الآن تقف بيننا.. غيمة حزن تظللنا.‏
(يتخذالصياد هيئة الباكي).‏
لاأستطيع أن أراه، كان الآن ماثلاً أمامي، ولدي، ثابتاً قوياً كصنوبرة شابة..‏

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:31 AM

هاربوطاف.... إلى أين؟... لا أستطيع العثور على قبعتي –ضاءت في رحاب غابة تسو تحت ظلالصنوبر وأداء المنتشر. لا أستطيع بلوغ المعطف –طوفان الدموع ينهمر، بلل أرادني كأنهرذاذ شلال مينو. لا أستطيع رؤية الستوبا المباركة.‏
(يقومالصياد بدورات بطيئة حول المسرح مشعراً أنه يبذل جهداً كي يرى من خلال الضباب. ومنثم يخبط بقدمه الأرض غاضباً).‏
منذاك الذي يقف خارج داره غير قادر على ولوجه، مبعداً عن زوجه وولده.. عن معطفهوقبعته. نعم، مبعداً حتى عن الستوبا المباركة؟... "وأنا عائد من ماتسوشيما، إلىأوجيما، لا أرى الأكواخ المقامة من القش فوق الجزر –القرى معزولة بالأمواج التيتؤدي إلى الضياع".. الأغنية قديمة ولكني أرى فيها الآن نفسي، أنا الذي لا أستطيع أنأدخل الكوخ المقام من القش....‏
طائرسوتونوهاما عاجز عن العثور على عشه.. يرفع صوته بحزن.. لا شيء غير البكاء..‏
(يدورالصياد ببطء، باتجاه عمود شيت، حيث يركع متخذاً وضعية الباكي).‏
الماضي الضبابي الفسيح كالحلم.. لم يعد سوى حطامتلك الملذات الزائلة في تلك الأيام الحافلة بالشرور، هأنذا أهبط إلى الربيعالأصفر.. إلى مياه الجحيم المرة..‏
(يرفعرأسه وهو لا يزال راكعاً).‏
الصياد: دربي كانت دوماً نائية منذ الولادة عندروب الطبقات البشرية الأربع.. لم أكن معلماً ولا فلاحاً ولا عاملاً ولا تاجراً.‏
الجوقة: ولا استمتعت بالمسرات الأربع للحياة –لاالموسيقى ولا الشطرنج ولا القراءة ولا الرسم.‏
الصياد: لم يكن ثمة غير طلوع النهار... وحلولالليل.. والقتل!‏
الجوقة: غباء إضاعة أيام الربيع الهانئة في الصيدليست تلك الأيام إلا من أجل التمتع بمسرات الحياة. لكن الشهوة إلى القتل تظلدائماً شرهة.. وهكذا حين أصبحت ليالي الخريف أطول وأطول لم أضئها بغير شموع الصيد،لتبقى صاحية.‏
الصياد: لا أحسب حساباً لقيظ أيام الصيفالتسعين.‏
الجوقة: ولا لبرد صباحات الشتاء..‏
(تأخذالجوقة بوصف حياة الصياد الماضية. الصياد لا يزال راكعاً يتلفت بين حين وآخر ذاتاليمين وذات اليسار كما لو أنه ينظر إلى المشاهد الموصوفة).‏
"الصياد يلاحق الغزال ويعمى عن رؤية الجبل" هكذايقول المثل، وهذا ما حدث معي بالضبط –لم أكن أفكر إلا بالانقضاض وبالإشراك. كنتمكمن خدرته زنبقة النهار، غافلاً عن أي ألم يحل بالجسد، عن أي أسى يحز في القلب. تتقاذفني الرياح والأمواج ما تتقاذف كثبان الرمل في سوتو ماتسوياما.. ثيابي مبللةيقطر منها الماء كالصخر المطل على الشاطئ أبدأ يواجه المد والجزر.‏
... أواجه البحر، يمتد نظري حتى شواطئ الجزر البعيدة.. جسدي احترق كأني دنوت من آتونالملح في تشيسكا...‏
انسقتدائماً في دروب الضلال غافلاً عن يوم الحساب، غافلاً عن الندم.‏
(يتشابك كفا الصياد على الهيئة المعروفة التيتنبئ عن تقديم رقصة رئيسية يحني رأسه ويرفعه وهو ممسك بعصاه. يتلمس بالتدريج إيقاعالموسيقى ولكن دون أن يتحرك من مكانه).‏
ليسأكثر من أساليب قتل الطيور.. لكن تلك الطريقة التي كان يقضى بها على تلك الأفراخالمسكينة..‏
الصياد: هل يمكن أن توجد طريقة أشد قساوة منها؟‏
(يبدأالصياد بالتحرك شيئاً فشيئاً حول المسرح في هيئة المتقفي أثر الأعشاش مسايراً إيقاعالموسيقى).‏
الجوقة: ما أبلدك أيها الطائر الغبي! ماذا لوبنيت عشك بالريش عالياً فوق رؤوس أشجار الغابات، الغابات الكثيفة التي تجلل قمةتسوكوبا.. لو أنك نسجت مهوداً طوافة فوق الأمواج.. ولكنك لم تفعل.‏
وهناعلى الشواطئ الرملية العريضة التي تحط عليها أسراب البط المهاجرة إلى الشمال بضعدقائق تربي صغارك! وهنا يا طائر الأسى تظن أنك تخفيها. ولكن ما أن أصيح "أوتو " حتىيأتي الجواب "يوسوكاتا".. ويلقى القبض على الأفراخ. هكذا، بل بساطة..‏
(لايزال يبحث، ويكون قد شرع بالتحرك نحو الجسر، ولكن عندما تعلي الجوقة صيحة "أوتو" يتوقف عند مقعد التقديم ويصغي. وعند صيحة "ياسوكاتا" يدور إلى الخلف نحو المسرح كمالو كان يسمع الطيور التي في الأعشاش. يثبت قدمه لحظة وفي قلب الصمت يصيح صيحةالطائر).‏
الصياد: أوتو.‏
(يضربأرض المسرح بعصاه بحركات إيمائية راقصة تمثل عملية الصيد التي سبقت موته. تبدأالرقصة بطيئة باكتشاف الطيور وتعقبها، ثم تزداد ضراوة وتتصاعد تدريجياً عند القبضعليها وقتلها.‏
فيالبدء يرفع الصياد عصاه باتجاه عمود واكي كما لو كانت الطيور مختفية قربه، ثم ينزلبعصاه ليبث بالطيور الفزع فتخرج من أعشاشها. يُفهم أنها تغادر أعشاشها هرباً باتجاهالجسر. يتبعها.‏
يقفعند الجسر. يقوس جسمه كأنه يبحث عنها في الأفق. أخيراً يكشف الطيور عند السروةالأولى.‏
يجفلها مجدداً بتلويحة من عصاه تركض الطيور إلىمقدمة المسرح ويتعقبها ملوحاً بعصاه بوحشية.‏
تصبحفي متناوله قرب القبعة التي لا تزال في مقدمة المسرح. يهوي بعصاه على أرض المسرحبضربتين قويتين تعبران عن أي القتل وتختتم الحركة بضربتي قدم ثابتين).‏
الجوقة: أمهات الطيور وآباؤها يبكون في السماءدموعاً من دم.‏
(يتغير التأثير العاطفي للرقصة فجأة. يتراجعالصياد بضع خطوات إلى الوراء ناظراً إلى أعلى بذعر.‏
يرميبعصاه بعيداً ويركض إلى القبعة ليحتمي بها).‏
منالسماء تتساقط دموع من دم. وأنا أقي نفسي بقبعة البردي ومعطف القش، أحاول الهرب منالدموع المنهمرة أروغ من هنا إلى هناك.‏

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:33 AM

يتقدمببطء نحو الجسر، كأنما استدعته صلوات الراهب. عند وصوله إلى عمود شيت يقف منشداًقصيدة قديمة).‏
الصياد: في سوتوهاما تسمع صوت الطيور تناديبحنان، تناغي بحنان. الآباء في السماء تصيح أوتو ويُجيب الصغار من على الشواطئياسوكاتا.‏
(يقومالصياد بحركة يفهم منها أنه يقترب من الدار).‏
يقومسوترا المقدس: "إن وليت وجهك مرة شطر الستوبا (1) مرة نجوت إلى الأبد من ثلاثة دروبتعج بها الوحوش والشياطين والأشباح" ولا شك في أن الستوبا شيء مبارك، لوحة تذكاريةمن خمس طبقات: هي العناصر الخمسة لجسد بوذا، الرؤية المنجية الوحيدة. لكن ما أعظمأن تنهض الستوبا من أجلي أنا وأن تتلى صلاة باسمي..‏
لكنمع ذلك لا تزال أثقال أوزاري تتراكم فوق هذا الجسد... فمتى يا ترى يحل بهذه الروحالسلام؟.. متى تعثر الطيور على أفراخها المسروقة؟.. آه من القتل!‏
(يستدير الصياد نحو الراهب رافعاً ذراعيهمتضرعاً).‏
الجوقة: تحت ضياء بوذا الرحيم تصبح خطايا الإنسانحبات ندى فوق العشب. خل بركتك تجعل الشمس تشرق على أيها الراهب.‏
(يرخيالصياد يديه مواجهاً الجمهور. تصف الجوقة الآن المكان، في حين يقوم الصياد بدورةبطيئة حوالي المسرح، مستعيداً مرة أخرى مشاهد حياته الأرضية).‏
المكان هو ميتشي نوكو.. المكان هو ميتشي نوكووهنا في قرية الصيادين الموحشة، على أحد خلجان البحر، محاطة من كل جوانبها كإحدىجزر (الهدجر) –الآن قرب أغصان السرو الواطئة المتشابكة التي ترافق النهر.. الآن قربالقصب المالح الذي ينبت ذاوياً كامد اللون وقت الجزر ليطفو مع المد –هنا فيسوتونوهاما يقوم كوخ مبني من الحصير.. منزل متواضع ذو سقف رقيق من القش.... غير أنهالآن حين تتسلل أشعة القمر من خلال السقف إلىى الغرفة –منزل قلب وحيد.‏
أوه! حقاً منزل قلب وحيد.‏
(يعودالصياد الآن إلى مقعد التقديم حيث يتكئ بلا حراك على عصاه ناظراً إلى الزوجةوالطفل.‏
مشعراً أنه يبلغ داره. الزوجة والطفل يرفعانرأسيهما نحو الصياد).‏
الزوجة –حاذر! فالصورة ستزول إن نطقت بكلمةواحدة.‏
(ينهضان. تقود الزوجة الطفل نحو الصياد عدةخطوات. واصفة ما تقوم به).‏
الأموالطفل متشابكاً الأيدي... ولا شيء غير البكاء.‏
(تتركالزوجة الطفل واقفاً ثم تعود إلى وضعيتها الأصلية تركع وتبكي).‏
الصياد: واأسفاه. كانت هذه في الأيام الخاليةشريكة حياتي وكان هذا ولدي. ولكننا الآن غرباء إلى الأبد –كآباء تلك الطيور. هأنذاأصيح "أوتو" منتظراً بقلب خافق ولا أسمع "ياسوكاتا" جواباً.. لماذا؟‏
أواه! لماذا قتلتها؟ فما دمت أحب طفلي فلا بد أن تكون الطيور والوحوش تحن إلى صغارها. والآن ما أشد شوقي إلى أن أربت على شعر ولدي تشي بودو وأقول: "آه: كم اشتقت إليك".‏
(يمدالصياد ذراعيه ويندفع فجأة باتجاه ولده لكن الولد يتراجع خطوة كلما اقترب منهالصياد خطوة كان هناك حاجزاً غير مرثي يحافظ على مسافة ثابتة بينهما. إنه الحاجزالأسطوري الضبابي للشهوات الأرضية التي تحجب شمس بوذا وتمنع أرواح الخاطئين منالعودة لزيارة الأرض. يتخذ الطفل مقعداً قرب الزوجة. ويعود الصياد إلى وسط المسرحوظهره إليهما مشعراً أنه عاجز عن ولوج الدار وأنه لم يرى ما بداخلها).‏
الجوقة:.... ظلال شهواتي الأرضية أغربي عن وجهيغيمة حزن الآن تقف بيننا.. غيمة حزن تظللنا.‏
(يتخذالصياد هيئة الباكي).‏
لاأستطيع أن أراه، كان الآن ماثلاً أمامي، ولدي، ثابتاً قوياً كصنوبرة شابة..‏
(يحملالقبعة بكلتا يديه فوق رأسه وينقلها من جانب إلى آخر بسرعة، ثم يرتمي لحظة علىركبتيه).‏
لكنهما واأسفاه ليسا قبعة ومعطفاً مسحورين يخفيانمرتديهما عن النظر.‏
(ينهضويتجه نحو عمود واكي).‏
يزدادويتسارع تهطال دموع الدم، وجسدي غير قادر على تجنب مساسها المميت، إلى أن ينصبغالعالم بلون قرمزي في عيني.. قرمزي كذلك الجسر الخرافي عبر السماء المقام من الريشوالذي يتوهج بالحمرة عند الفجر حزناً لعاشقين يتفارقان بالدموع.‏
(يرميالقبعة بعنف ويتناول المروحة. تنتقل الجوقة الآن من وصف الماضي من الحوادث إلىرواية العذابات التي تحل بالصياد في الجحيم. تأخذ الرقصة بالهدوء يستخدم الصيادالمروحة معبراً عن المشاهد التي ستصفها الجوقة. المروحة بيضاء كبيرة عليها رسم طائرمحلق بجناحيه).‏
فيالعالم الأرضي ظننت ذلك الطائر فريسة سهلة. فريسة سهلة لا غير. ولكنه الآن فيالجحيم انقلب إلى شبح مرعب يلاحق الخاطئ، ينقره بمنقاره الحديدي، ضارباً إياهبجناحيه الجبارين منشباً به مخالبه النحاسية.. إنه يمزق حدقتي عيني، ينهش لحمي. كمأريد أن أصرخ ولكني وسط ألسنة اللهيب المزمجرة وسحب الدخان اختنق. لا أستطيع أنأنبس بشيء.‏
(يركضالصياد حوالي المسرح بوحشية وحزن).‏
أليسبَكَمي جزاء لي على قتل الطيور العاجزة عن النطق؟‏
أليسعجزي عن الطيران الآن جزاء ذبحي الأفراخ الزغب؟‏
(يشرعالصياد بالتوجه نحو عمود المواجهة وفجأة يبدو عليه العجز عن الحركة ويخر راكعاً علىركبتيه، مرتعداً في وسط المسرح).‏
الصياد: لقد انقلب الطائر الوديع إلى صقر، إلىنسر!‏
الجوقة: وأنا! –أنا صرت طريدة، عبثاً أبحث عنمأوى.. في قلب عاصفة ثلجية كتلك التي تهب على حقول الصيد في غاتانو. أطير بلا أملفوق الأرض وأذعر أيضاً من السماء. من فوق تغير عليّ الصقور، وتنبح علي الكلاب منتحت.‏
(ينهضالصياد، رافعاً رأسه متطلعاً إلى السماء ثم يحني رأسه عائداً بنظره إلى الأرض،يتحرك ببطء مهزوماً نحو عمود شيت).‏
آواه! يالقتل هذه الطيور. هذا القلب المثقل بالوزر لن يعرف لحظة سلام! وهذا الجسد لنيبارحه الألم!‏
(يقفالصياد عند عمود شيت ويستدير مومئاً إلى الراهب بإصبعه).‏
ساعدني أرجوك أيها الراهب الفاضل أرجوك ساعدني.. (يرخي كلتا يديه وتنشد الجوقة الخاتمة التقليدية لمسرحية النو).‏
(يضربالصياد بقدميه على الأرض مشعراً أنه اختفى وأن المسرحية انتهت. يمشي ببطء إلىالجسر، ثم يعبر الستارة، يتبعه باقي الممثلين الواحد إثر الآخر يليهم الموسيقيون. تخرج الجوقة من باب الخروج على الطرف الآخر من المسرح، ليعود المسرح خالياً.‏
-انتهت-‏

أرب جمـال 10 - 5 - 2010 12:34 AM

التوهج: لفظة اخترناها ترجمة لكلمة "يوجين" اليابانية والتي لم يجد المترجم إلىالإنكليزية مقابلاً لها فاستخدمها في النص الإنكليزي وقد رأيت في كلمة "توهج" مايمكن أن يدل على المعنى المقصود.‏
2 -يرى زيامي أن الأدوار الرئيسية هي التي تمثل الشيخ والمحارب والمرأة.‏
3 -يتناول زيامي في مقالة أخرى العلاقة بين ما يعبر عنه الممثل بجسده وبين ما يعرفهدون أن يعبر عنه بشكل ظاهر.‏
الممثل الدارس على يدي معلم لا يعرف في البدايةأكثر مما تلقى من التعليم. إلا أنه بعد أن يتمكن يأخذ في فهم أمور الجسد والقدمانعلى نمط واحد كان التأثير فجاً. لذا وجب، في الفقرات المثيرة للمشاعر، أن تكونحركات الجسم لطيفة عندما تضرب القدمان الأرض بقوة، وإلا حدث تأثير مخل يفسد متعةالرائي.‏


الساعة الآن 04:51 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى