منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الملاحم والأساطير ومعتقدات الشعوب (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=66)
-   -   التوظيف الأسطوري للمعتقد (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=33992)

B-happy 28 - 1 - 2015 12:14 AM

التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
التوظيف الأسطوري للمعتقد

حسين محمد حسين
يقصد بالمعتقد المعلومة أو الفكرة التي تنشأ لدى الفرد نتيجة خبرة محددة وتبقى راسخة في الفكر وذلك نتيجة لتفاعل الحواس والعقل والوجدان وهي تحدد للفرد صواب شيء ما من خطئه أو تحدد له طقساً يتبعه ليحميه من خطر معين أو تدر له ربحاً معين، وعلى مدى الأزمنة كونت الجماعات البشرية المختلفة لنفسها عدداً من المعتقدات، وهناك أنواع مختلفة من المعتقدات تتفاعل فيما بينها وتقوي من بعضها بعضاً ومنها ما ينتج عن تفاعلها مع بعضها أسطورة جوهرها معتقد؛ ما يعطي الأسطورة قوة وثباتاً واستمرارية. وقبل الحديث عن توظيف المعتقدات يجدر بنا توضيح أنواع المعتقدات التي نتحدث عنها هنا.
أنواع المعتقدات

هناك نوع من المعتقدات مرتبط بالدِّين وهذا خارج عن نقاشنا هنا فنحن لا نتناول الدِّين والعقيدة المرتبطة به. باستثناء ذلك بقيت هناك أربعة أنواع أساسية من المعتقدات هي: المعتقدات الخرافية والمعتقدات الوسطية (بين الدينية والخرافية)، والحقائق أو المعتقدات العلمية والمعتقدات المعيارية.
المعتقدات العلمية

تم اعتبار الحقائق العلمية على أنها معتقدات علمية وهناك من يصنفها ضمن نوع من المعتقدات أطلق عليه مسمى «المعتقدات الوضعية» والتي تمثل أحكاماً يمكن أن تكون لها طرائق مختلفة، فيمكنها أن تأخذ شكل المقولات التي تؤكد وجود أو عدم وجود حدث معين أو بصورة أعم حالة للأشياء، إمكانياتها أو استحالتها؛ ويمكنها، مع شيء من الدقة، أن تجمع الاحتمال إلى الحدث أو حالة الأشياء المعنية، ويمكن للمعتقد الوضعي أن يأخذ شكل مقولة تقديرية تتعلق بمستقبل بعيد إلى حد ما ومحدد التاريخ بوضوح إلى حد ما. وتتميز المعتقدات الوضعية بكون صحتها من حيث المبدأ قابلة للمراقبة من خلال المواجهة مع الواقع (شبكة النبأ المعلوماتية: مصطلح المعتقدات).
المعتقدات المعيارية

المعتقدات المعيارية هي أحكام معيارية يكتسبها الفرد وتكون متأثرة بأحكام أصدرها آخرون مقربون منه أو بعبارة أخرى تكون متأثرة بعوامل في مقدمتها التنشئة الاجتماعية والبيئية التي يعيش فيها الفرد، وتشمل تلك المعتقدات القيم والأفكار والآراء العالمية المعيارية والفلسفات الأخلاقية، والبعض يطلق على هذه المعتقدات «معايير اجتماعية» والبعض يختصر مفهومها في القيم. والقيم، بحسب مفهوم مدارس علم النفس، تمثل اتجاهات مركزية نحو ما هو مرغوب أو غير مرغوب، أو نحو ما يصلح وما لا يصلح، وهذه الاتجاهات قد تكون حباً أو كراهية، وقد اختصر البعض مفهوم القيم بقوله، إنها «قوانين من أجل الحياة» (خزعلي 2009). وتشكل المعتقدات المعيارية جوهر التصورات العامة التي تنبثق منها الأحكام القيمية - الأخلاقية حول ما هو خير أو شرّ، أو ما هو مقبول أو منبوذ اجتماعياً.
المعتقدات الخرافية والوسطية

أما المعتقد الخرافي فقد تناولناه في الفصل السابق وهو معتقد يفسر كيف يؤدي حدث ما إلى حدوث حدث آخر مع عدم وجود علاقة فيزيائية؛ أي دون وجود سبب عقلي أو منطقي مبني على العلم والمعرفة لتحديد سبب ترتب حدوث الحدث الثاني كنتيجة للحدث الأول كالتشاؤم من أرقام معينة للاعتقاد أنها تجلب سوء الحظ. وهناك عدد من المعتقدات صنفها البعض على أنها معتقدات خرافية بينما يرى آخرون أنها حقائق وأن لها علاقة بالدِّين، بينما بقي الرأي الديني عن هذه المعتقدات غير واضح، وعلى هذا الأساس قمت بتصنيف أي معتقد تنطبق عليه هذه المواصفات ضمن مجموعة خاصة من المعتقدات أسميتها المعتقدات الوسطية أو المعتقدات ما بين الخرافية والدينية ومن الأمثلة عليها الإصابة بالعين والحوبة (عاقبة الحق الضائع). والإصابة بالعين غير الحسد بل ناتج عنه فالعين «هي عبارة عن نظر المرء باستحسان مشوب بحسدٍ وخبث بحيث يحصل للمنظور إليه ـ إنساناً كان أو حيواناً أو شيئاً ـ ضرر أو عطب» (صحيفة بينات، ع 233)، ومعتقد الإصابة بالعين مرتبط بعدة معتقدات أخرى منها ما هو معتقدات خرافية وهي عبارة عن طقوس الوقاية من العين كاستخدام الملح أو أسماك مجففة أو خرزة زرقاء أو صورة عين أو غيرها، فلو سلمنا بحقيقة العين فهل يمكننا التسليم بعديد من المعتقدات الخرافية المرتبطة بها؟.
التوظيف الأسطوري للمعتقد

تختلف قيمة المعتقد في المجتمع بحسب توظيفه، فقد يكون هناك معتقد ديني إلا أن هذا المعتقد الديني تم إقرانه بمعتقد آخر يصنف كمعتقد خرافي، وفي هذه الحالة يتحول المعتقد الديني إلى معتقد خرافي، وربما يتحول إلى أسطورة في حال تم إضافة أحد عناصر الأسطورة مع المعتقدات التي تم اقترانها. سنتناول هنا مفهوم «الخسف» أو «المسخ» وهو عقاب إلهي يتم بمسخ أو تحويل شخص أو مجموعة أشخاص من صورة إلى صورة أقبح منها وقد تم التصريح في القرآن الكريم بحدوث المسخ في أمم سالفة، وقد وظفت العامة في البحرين والخليج العربي بصورة العامة مفهوم المسخ، أو كما هو متعارف عندنا بمفهوم «الخسف»، تم توظيفه لصياغة معتقدات خرافية وأساطير، وربما من أشهر تلك المعتقدات التي مازالت باقية في عقول عديد حتى يومنا هذا هي معتقد عقاب الشخص الذي يهين «النعمة» أو الخبز وذلك بمسخه إلى صخر، ولكي يعزز هذا المعتقد تم صياغة قصص عن حالات مسخ متعددة وبذلك بدأ هذا المعتقد يتحول إلى أسطورة.
صخرة «قرية الحجر»

يوجد في منطقة «البديعة» في شمال قرية «الحجر» مسجد قديم يعرف باسم «مسجد الخسفة» ويروى أن بالقرب من هذا المسجد حدثت معجزة تمثلت في عقاب أنزله الله سبحانه وتعالى على امرأة بعدما قامت بإزالة نجاسة طفلها بقطعة خبز فخسفها الله وحوَّلها إلى صخرة، بل وتحول كل شيء من حولها إلى صخور، ولاتزال هذه الأحجار موجودة حتى يومنا هذا، وقد وردت هذه القصة في كتاب توماس فيبيكر في كتابه عن البعثات الدنماركية في البحرين، حيث إن أحد أبناء قرية الحجر ويسمى إبراهيم منصور كان قد أرى للآثاري الدنماركي توركيد فوندر العام 1965م صخرة، وجاءت تفاصيل القصة كالآتي: «كان الحجر ذا ثقوب عديدة وعثر عليه فوق أحد الأعمدة خلف مسجد صغير للنساء يقع في منطقة خالية في قرية كانت حتى العام 1965م مليئة ببساتين النخيل لكنها أزيلت بسبب شق الطريق السريع الذي يربط السعودية بالبحرين. كان الحجر الغريب من صنع أياد بشرية بحسب تقدير الآثاريين، وهم بذلك لا يختلفون مع إبراهيم منصور، لكن منصور حدثنا عن قصة ترتبط بهذا الحجر ترجمتها لنا فتاة بحرينية ... وهي زينب أحمد التي ذكرت أن الأسطورة المرتبطة بهذا الحجر تدور حول امرأة نظفت طفلها بقطعة من الخبز لأنها لم تجد ماء فمسخت إلى حجر كعقاب لها على هذه الفعلة» (فيبيكر 2008، ص 45).
إدخال العناصر الأسطورية للقصة

تم تعديل القصة السابقة بعد إدخال عناصر الأسطورة عليها فتحولت القصة إلى أسطورة تعلل وجود البومة والردة والآثار القديمة، وقد ذكرت القصة بصورة مختصرة في كتاب «المعتقدات الشعبية في مملكة البحرين» (النشابة 2006، ص 121 - 122)، وجاءت بصورة مفصلة في كتاب محمد الحميدي عن الحكاية الشعبية الفراتية: «أن القرد والبومة كانا ولداً وامرأة وقد مسخهما الله لخطيئة أرتكبتها المرأة التي كانت تخبز على الصاج وكان ابنها يعبث بالقرب منها فوسخ نفسه فبحثت الأم عن شيء تمسح به مؤخرة الصبي فلم تجد حولها ما يسعفها فأمسكت النعمة (الخبز) ومسحة مؤخرة الصبي فدمر الله البلد وحولها إلى أطلال وخرائب وانقلبت المرأة إلى بومة تنعق فيها والولد إلى قرد محروق المؤخرة لذلك فإن مؤخرة السعدان حمراء. وبهذه الأسطورة نفسها يفسرون وجود كل الخرائب والخرائب والأطلال الدرسة» (الحميدي 2009، ص 25)

أبو جمال 28 - 1 - 2015 02:31 AM

رد: التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
يعطيك لعافية على الطرح
احترامي

Miss Jordan 28 - 1 - 2015 01:55 PM

رد: التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
شكرا جزيلا على اختيارك وطرحك الموفق
ارق تحية لك

صائد الأفكار 28 - 1 - 2015 04:21 PM

رد: التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
شكرا هابي على الموضوع المميز

تحياتي لك
صائد

همسه 28 - 1 - 2015 06:28 PM

رد: التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
تسلم الايادي
لك مني ارق تحية

ابو فداء 28 - 1 - 2015 09:42 PM

رد: التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
يسلموا
لا حرمناكي

شيماء يوسف 28 - 1 - 2015 11:49 PM

رد: التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
تسلم يداك على الموضوع الشيق

مع خالص ودى لك

أصدق احساس 29 - 1 - 2015 11:24 AM

رد: التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
تسلم الايادي
موفقه بالطرح
تحياتي لك

شيرين 29 - 1 - 2015 10:56 PM

رد: التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
تسلم الايادي على الموضوع
بانتظار جديدك
مودتي

أرب جمـال 30 - 1 - 2015 12:25 AM

رد: التوظيف الأسطوري للمعتقد
 
شكرا هابي على اختيارك
تقديري لك


الساعة الآن 11:48 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى