منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الملاحم والأساطير ومعتقدات الشعوب (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=66)
-   -   من كتاب كيد النساء - هيلين وقصص اخرى (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=11184)

أرب جمـال 25 - 10 - 2010 02:19 AM

من كتاب كيد النساء - هيلين وقصص اخرى
 
http://up.arab-x.com/pic/hyc12658.jpg






عندما تذكر بلاد اليونان ( أسطورة الجمال) تستيقظ الخرافات المتصلة بآلهتهم ، وذكّروا الأنام بالمثل الأعلى للجمال (هيلين ) ابنة ملك أسبرطة " تينداريوس" من الزوجة الحسناء "ليدا" ومن شدة جمالها أدّعى اليونانيين في خرافاتهم المزعومة أن أمها حملت من كبير آلهتهم " زوس" حيث جاء أمها على شكل طائر جميل الهيئة من جنس البجع ، يمتلك عنق ناصع البياض ، فانتقل ذاك الجمال للحورية هيلين .
تناقلت الأخبار حول جمال هيلين في جميع أنحاء بلاد الإغريق ، وبدأ الأمراء يفدون من كل صوب لخطبتها من أجل امتلاك درة الجمال النادرة ، فاحتار والدها في اختيار الزوج المناسب لابنته الحسناء ، فتأخر بإعطاء الموافقة للأمراء المتقدمين ، فضاقوا وتذمروا ، فازداد سخطهم .
هنا أضاء عقل نور الحكمة " عوليس" ملك جزيرة أتاكا ،فأدرك أمراً غاية في الخطورة حول موقف والد هيلين تجاه الأمراء المتقدمين لخطبة ابنته وتأخره الذي قد يشعل أمراً مجهولاً ، وكان " عوليس" أشد أمراء الإغريق فطنة ، وأبرعهم في اتخاذ الآراء السليمة ، لذا قرر تخليص ملك أسبرطة من محنته الصعبة ، ذهب إليه قائلاً :" يا عاهل أسبرطة العظيم ، ستحدث خطوب في بلاطك الكريم ، إذا أنت لم تعجل بإعلان قرارك في شأن زواج ابنتك هيلين ، إن الخاطبين في قلق يزداد يوماً بعد يوم ، وأنت أعرف بطباعهم من أن تتوقع صبرهم على هذا الحال "

أجابه ملك أسبرطة بحزن وقلق :" أنت على حق يا عوليس الحكيم ، ولكن ما الحيلة ؟ لو أنهم في مثل حكمتك ورجاحة عقلك ، ما ترددت في إعلان قراري ، ولكني مشفق إن أنا أعلنت اختيار أحدهم زوجاً لهيلين ، أن أثير عليه حسد الآخرين ، وينشب النزاع ، وتحل بنا كوارثه أجمعين ، فهل ترى لي من ذلك مخرجاً يا عوليس "

انفرجت ابتسامة الحكيم " عوليس " قائلاً:" من أجل ذلك توخيت لقاءك فإن عندي لك المخرج ، وهو غاية في البساطة "
اندهش ملك أسبرطة لكلامه قائلاً :" أحقاً تقول ، هات إذن يا عوليس الحكيم ، وسأكون شاكراً لك طوال العمر شاكراً معروفك "

همس " عوليس " بأذن ملك أسبرطة بكلمات أشرقت فيها ملامح الملك فرحاً ، انصرف عوليس فودعه الملك بكلماته :" شكراً يا صديقي ، أرى اليونانيين لم يكونوا مبالغين حين قالوا أنك خير الناصحين "

فدعا الملك الأمراء في اجتماع بعد أن أخبرهم أنه اتخذ القرار في شأن زواج ابنته هيلين ، وفي اليوم الموعود أطل الشيخ الملك ومعه ابنته هيلين ، ويشع من عيناها الزرقاء بريق البحر ، ويضيء من وجهها الأبيض نور جميل ، تقدم الشيخ لتحية الأمراء قائلاً:" سأختار اليوم من بينكم يا أمراء اليونان زوج ابنتي ، ولكن أطالبكم قبلها أن تؤدوا اليمين بين يدي ".

فصاحوا بصوت واحد أحدث رنين صاخب بين الجدران :" أية يمين يا ملك أسبرطة ؟ ومن منّا تريده على أداء هذه اليمين ؟

أجابهم :" أريدها منكم أجمعين ، وأريدكم على القسم بأغلظ الإيمان ، أن لا يكون زواج هيلين مثاراً بينكم للتحاسد والأضغان ، وأن تؤدوا حق الزوج الذي سيختار منكم أياً كان ، وأن ترعوا حرمة هذا القران ، وتدفعوا عنه كل عدوان "

هتفوا جميعاً :" فلنقسم"

فقدم الملك النبيذ للأمراء ، ثم بدأ يبتهل بكلماته :" نشهدك يا رب الأرباب ، وأنت أيتها الآلهة المنتقمة من الحانثين نشهدكم أجمعين على هذا القسم العظيم "

وتلا عليهم الملك القسم وتلا الأمراء كلماته من بعده:" نقسم بأغلظ الإيمان ، أن نؤيد حق الزوج الذي سيختار منّا وأن نرعى حرمة هذا القران ، وندفع عنه كل عدوان "

فنحرت الأغنام وشُرب الشبان جرعة من خمورهم وهم يرددون :" هكذا فليهدر دمه من حنث بقسمه "
فجأة ساد سكون غريب ثم اقترب الشيخ الملك بخطواته والجميع في انتظار هذه اللحظة ويأمل كل واحد منهم أن يكون هو الزوج قائلا لهم :"أيها الأمراء إنكم جميعاً من شرف القدر ... وعلو الهمة والشجاعة ، ادع الخيار لكِ يا هيلين فاختاري زوجاً من ترين "


http://up.arab-x.com/pic/0so13669.jpg
وبعد انتهاء الملك من كلماته رفعت هيلين بصرها فتلألأت زرقة البحر الموجودة بعينيها وتقدمت كميول خيوط الشمس أمام صفوف الأمراء متنقلة ونور وجها موجه للأمراء ، فاحتارت هيلين في الاختيار ، فعادت من جديد للصفوف تدقق النظر هنا وهناك وبعد عدة نظرات ألتفتت لأبيها قائلة " اخترت الأمير منلاوس "
اندهش الجميع من قرارها حتى الأمير ذاته ذهل لأنه لم يكن أكثرهم وسامة أو ثراء ، فاستاء الأمراء لقرارها ولكنهم تذكروا تلك اليمين ، وبأن اللعنة ستحل عليهم لو أحنثوا العهد .
وفي يوم زفاف هيلين احتفل الجميع وأستمر الرقص ، وترددت الأناشيد ، وفي صباح اليوم التالي تنازل ملك أسبرطة عن العرش لصهره هدية لزواجه.
مرت بضع سنوات فرحل الشيخ تاركاً على العرش صهره منلاوس وابنته هيلين وابنتهما " هرميون ".

كان في اليونان بلاد تقع شرقي بحر إيجة ، حصينة ، غنية تدعى " طروادة " تقع بين جبل " أيدا " تجملها الأودية الخصبة ، كان الجالس على عرشها يدعى " بريام" له من الأولاد خمسين ، وفي ليلة مشئومة رأت الملكة " هيكوبا " بمنامها قبل ولادتها طفلها الأخير حلماً غريباً : رأت ناراً تندلع من بطنها ، ثم ازدادت النيران في الاشتعال حتى أحرقت طروادة كلها "
استيقظت الملكة خائفة مذعورة ، فقصت رؤياها للملك ، وفي الصباح دعا الكاهنين الكهول فجاءوا وقد غطى الشيب الأبيض شعرهم ولحاهم البيضاء المسترسلة ، فقص عليهم الملك الرؤيا فقال كبير الكهنة :" رؤياكِ أيتها الملكة رؤيا محزنة ، فالولد الذي سوف تلدين سبباً في حريق عظيم يدمر طروادة "
فهز بقية الكهنة العرّافين رؤوسهم حزناً فانصرفوا .
انسكبت الدموع على وجنتي الملكة ، فسألت الملك عن قراره حول ذلك :" فقال :" نحن غير محرومين من الولد وعندنا منهم الكثير ، فلا بأس ألا يكون لنا هذا الأخير ...... إذا كان حريق طروادة على يديه "
قالت له والألم يعتصر قلبها :" وإذا كان الكهنة مخطئين ؟ وإذا كان الوجه في تعبير الرؤيا غير ما ذهبوا إليه "

أجابها الملك مُصراً على رأيه :" كلا الكهنة لا يخطئون وقد رأيت كيف هم على هذا التأويل مجمعون لا يمكن أن نحتفظ بالوليد ، سيحمل عند مولده إلى الغابة البعيدة ويترك هناك ، وبهذا نكون قد كفلنا الخلاص لمدينتنا "

قالت الأم باكية :"ولكن ماذا يكون أمر الطفل المطروح في الغابة ؟ إنه هالك لا محالة نحن سبب هلاكه "
أجابها بحزم :" إنني المسئول عن هذا البلد ،............إن فجيعتي في ولدي واقعة عليّ وحدي ،أما الوطن فالفجيعة فيه تشمل الأجداد والأبناء والأحفاد والأجيال القادمة جميعاً"

ولدت الملكة وليدها فلفته بقماش من الخرز المطرز ، ودثرت جسده الناعم بدثار من الصوف فوضعته في سلة صنعت من أجل هذا اليوم المبكي بالنسبة لها ، ودعت وليدها بالقبلات وبالدموع ، أعطته للملك وأسرعت لغرفتها تبكي وتنتحب على فراق وليدها ، أعطى الملك ابنه لراعي من رعاته الذين يثق بهم ، وطلب منه أن يأخذه إلى " جبل أيدا "، نفذ الراعي كلمات الملك ، وعاد لكوخه الصغير ، وفي يوم ما رأى الراعي منظر عجيب، رأى دبة من الدببة تصعد صباح كل يوم الجبل وتهبط المساء ، فتتبع أثرها فإذا بالدبة تقترب من الطفل الموضوع بالسلة لترضعه ، فتعجب الراعي لمّا رأى هذا المشهد ، عاد للملكة يخبرها بما رأى فقالت له :" هذا من خوارق المعجزات ، وهو دليل على أن الآلهة تريد خيراً بالأمير الصغير ، فينبغي أن لا ندعه يهلك "
فتأثر الراعي لكلامها فذهب تحت ضوء القمر حاملاً معه سلة الطفل الصغير ، فاعتنى هو وزوجته بالطفل وسموه " باريس" ، وأصبح الطفل شاباً وازداد حسناً ونبالة ، فقد كانت تتعرض له الفتيات ولكن قلبه لم يخفق سوى للصبيّة " اينون " التي تسكن في جبل " أيدا" فاعتادت في الصباح قطف الأزهار الذي يجمل شعرها ، كانت تتوسط حديقة الزهور فتغني بصوتها الرنان أغنية عصفور حالم تائه ، فتولّع بها باريس .
وتروى الأساطير بخرافاتها أن آلهتهم كانوا في ولائهم لا يدعون آلهة الخلف والشقاق " إيريس " حتى لا يعكر وجودها صفوهم ، فحملت ضغينة عليهم ، وعلمت ذات مرة أن الآلهة تقيم حفلة من أبهى الحفلات ولم توجه الدعوة إليها ، فدخلت على الآلهة وهم مجتمعين على المائدة وألقت عليهم تفاحة ذهبية منقوش عليها " إلى أجمل النساء " فتنافسوا عليها ثم انحصرت المنافسة بين "افروديت " و" وهيرا" و " بالاس أثينا " فطلبن من كبيرهم " روس " أن يحتكم بينهم فرفض ذلك ولاسيما أن زوجته "هيرا" بينهم ، فأمرهم بالذهاب لجبل أيدا قرب طروادة والاحتكام عند الشاب الأمير باريس الذي يجهل أصله النبيل .

(1) زيوس Zeus

http://homepage.mac.com/cparada/GML/...m/zeus1208.jpg


(2) هيرا

http://homepage.mac.com/cparada/GML/...m/hera1207.jpg

أثينا

http://www.astro.princeton.edu/%7Ejs...ges/athena.gif


أفروديت

http://up.arab-x.com/pic/FCm14554.gif



تعجب باريس عندما ظهرت الربات الثلاثة أمامه ، فقال له هرمز :" لا تعجب مما ترى يا " باريس" إن هؤلاء الربات الحسان إنما هبطن ليحتكمن إلى البشر أيهن أبرع حسناً ، ............فمن وقع عليها اختيارك بعد التأمل والرؤية فامنحها التفاحة الذهبية "

أخذ الفتى يتأمل وكأنه في حلم فتقدمت نحوه " بالاس أثينا " قائلة له :
" تعال يا ابني ملك طروادة ، فأنا ربة المعرفة والحرب .......فإذا أنت منحتني التفاحة الذهبية جعلتك من أهل التدبير والمعرفة وكنت حامية بلادك ونصيرتك على سائر المحاربين الأبطال "

تقدمت بعدها هيرا قائلة له :" أنا زوجة زوس ...... وأنت ابن أمير كبير ....... وفي مستطاعي إذا أنت قضيت لي بالتفاحة أن أجعلك ملكاً على آسيا كلها وأضع في يديك خزائنها واجعل كلمتك فوق ملوك الأرض أجمعين "

ثم أقبلت افروديت بدلال قائلة له :" انظر يا أفروديت إلى ربة الحُب .....، ماذا أنت واجد في السيادة أو احتوائك كنوز الأرض ؟ إنك ابن أمير ..... ولا ينقصك شيء ، فإذا أنت جعلت من نصيبي التفاحة ، جعلت من نصيبك "هيلين" أجمل نساء الدنيا ، فعرفت طعم السعادة "
كان العرض الأخير مغري بالنسبة لباريس حيث سيلقى الغرام والنشوة ، فألقى إليها بالتفاحة الذهبية .
ومنذ معرفة " باريس" بنسبه تبدل حاله مع فتياته بفتور وكذلك مع حبيبته " اينون"
فاعتزل الجميع يفكر في طريقة للعثور على أهله ، فقرر الرحيل باحثاً عنهم ، وذكرت كتب التاريخ أنه أقيمت مباراة رياضية في طروادة تقام كل عام ، فعزم "باريس" على المشاركة ، ودع "باريس " الراعي وزوجته وأرادا أن يضمانه وكأنهما على دراية بأنه الوداع الأخير ، وشعرا بأنه يخفي ورائه لغزاً وسراً غامضاً ، أجهشت حبيبته " إينون " بالبكاء واشتعل نار قلبها فهو الفراق المؤبد .
وفي طروادة جاء العديد من الشبان الطرواديين للمشاركة بالمباراة ، جاء الفقير والغني من كل بقعة ، حضر جمهور غفير ، وبدأت الجموع تهلل وتشجع من تعرفه ، ولكن باريس كان شخصاً مجهولاً فلم يلقى التشجيع من أي أحد ، بدأت المباراة واشتعل حماس الجمهور مرددين أسماء معارفهم ، وما هي إلا قلائل حتى تفوق "باريس" على الجميع ، وبدأت الأنظار توجه إليه مندهشين ومتسائلين :" من هو يا ترى ؟"
قيد باريس للمنصة الملكية ، فأثنى الملك عليه ، وظهرت ابتسامة عريضة على فم الملكة ، ثم سُئل عن اسمه فقال بأعلى صوته بدون خوف أو تردد :" أنا الأمير "باريس" بن بريام ملك طروادة وابن هيكوبا ملكتها "
ظهرت الدهشة على أوجه الجميع ، وحتى يثبت ما يقول أحضر السلة والغطاء المطرز ، فصاح المنادي أمام المحتشدين لإعلان أن الفائز" باريس" ابن ملك طروادة وابن هيكوبا ملكتها .
بدأ " باريس" يتعلم الحياة الجديدة في كنف والديه وسرعان ما تبخرت طريقة حياته كراعي ، فصار يسلك درب الأمراء ، وحتى يعلمه والده الخبرة والمعرفة أرسله في بعض الأسفار ، فأراده والده في بادئ الأمر أن يزور عمته الموجودة في الناحية الأخرى من بحر إيجة ،فبعد مقتل أب الملك على يد هرقل ، وسبي "عمة" باريس الصغيرة ، وإرغامها على الزواج من ملك جزيرة سلاميس ، جاءت الأخبار بالمعاملة السيئة التي تلقاها العمة هناك ، أبحر "باريس " في مركب محمل بالهدايا النفيسة ، وما أن بانت له مياه سلاميس ، قصد القصر الملكي لعمته ، فاستقبله الملك استقبال الملوك ، إلا أن "باريس" أحس بوجود بعض الجفاء ، بقى باريس مع العمة يومين شعر فيها بالظلم والقسوة الذي تلقاها من زوجها ، فركب البحر من جديد ، وتلاطمت الأمواج ، وبدأت أفكاره تتقلب مع الموج الصاعد والنازل مفكراً بهيلين ، فأمر بالمجاديف لتزداد سرعة المركب من أجل الوصول لأسبرطة للقاء الجمال النادر ، وفي الظهيرة وصلوا ، فتقدمه رسله لإرسال الهدايا للملك زوج هيلين ، صعد "باريس" مركبة موشاة على جوانب العجلة بالذهب ، خرج منها أمام القصر فتى وسيم بكامل زينته ، استقبله الملك "منلاوس " بمظهره البسيط المتواضع ، وفي المجلس سأله عن موطنه وعن البلاد الآسيوية ، تقدمت الجواري لإكرام الضيف باللحم المشوي والخبز والنبيذ ، وبعد أن فرغا من المائدة


http://up.arab-x.com/pic/PRX13669.gif




أقبلت امرأة حسناء تبدو على ملامحها علامات الحزن والضجر ، تُكرر على مسامع زوجها الملك هذه العبارات :" ألا تزال معتزماً على السفر ؟وهل لا تزال عند رأيك في السفر وحدك ؟"
وحتى يتجاهل الزوج الموقف قام بتعريفها على الضيف ، واعتذر عن رغبته في السفر وحده ، ارتفع بصر "باريس" إلى "هيلين فأعجب بجمالها ، فرأت هيلين تأثير جمالها على الضيف، فراق لها ذلك لكسر كبرياء الزوج العنيد ، ولاسيما أنه كان أجمل من الزوج وأصغر ، تأهب منلاوس للسفر ، فخرج مودعاً هيلين وابنتهما مع أتباعه قاصداً جزيرة كريت في مهمة ما مع ملكها .
بقيت هيلين بالدار وحدها منزعجة تفكر بزوجها ، فتذكرت لقائها بذلك الفتى الوسيم .
اليوم هو عيد " أفروديت " والجميع يحتفل به ، مواكب راقصة من الفتيان والفتيات متجهين لمعبد " أفروديت" وقد جمّل تمثالها بأكاليل الزهور والقلائد الجوهرية والدرر .


http://up.arab-x.com/pic/2Mf13669.jpg
وخلف ستار الليل ذهبت "هيلين" للمعبد ومعها الجواري يحملن لها القرابين ، فوضعته في المذبح وكان " باريس " إلى جانبها يطلب من " أفروديت "
صورة تمثل هيلين وباريس
http://up.arab-x.com/pic/13U83254.gif

أن تفي بوعدها له بجعل " هيلين " مُلكه ، نهضت هيلين فإذا بذراع " باريس " تحيط ذراعيها ، انجذبت إليه بدون تردد ، خرجا من المعبد متوجهين للميناء ، وتتحرك المجاديف فترحل السفينة حاملة " الجمال الخلاب" وفي عرض البحر وجد العاشقين متعانقين وشعلة الحب متقدة في قلبيهما .
http://www.marefa.org/images/b/be/Il...c_or_early.jpg
فاشتعلت نار الحرب للمرة الأولى بين الشرق والغرب ، تأهب اليونانيين للقتال فحمل السلاح000 . 100 يوناني بقيادة أخ الزوج المهان " أجاممنون " ملك أرجوس ، وشاركه في الحرب ملوك المدن اليونانية الأخرى ، أبحرت مراكبهم من ميناء " أوليس " عابرة بحر " إيجة " حتى اقتربت من مضيق الدردنيل " طروادة "
http://us.ent4.yimg.com/movies.yahoo.../troy/oars.jpg
فاشتعلت الحرب الغاضبة وأول من تغنى بها "هوميروس " في الإلياذة ، لم يستطع اليونانيين اختراق طروادة لمنعتها ،ولم يسفر القتال على أي انتصار يذكر ، فعمد اليونانيين لأسلوب الحصار لمدة عشر سنوات .


http://www.bnitamem.com/uploadcenter/files/6311.jpg



ولكن الحرب ازدادت سنواتها بخشونة اليونانيين وخيانتهم ، بعد أن قتلوا أطفالهم ورجالها ، وسبوا نسائهم ، ونهبوا أموالها ، وأخيراً أضرموا النيران في المدينة كلها لتتحقق رؤيا الملكة "أم باريس"، احترقت طروادة وبقيت صحراء قاحلة بدون أثر .
لقد ضحت اليونان في الحرب بأبطالها وفقدوا أغلب رجالها ولكنهم استعادوا " هيلين " رمز الجمال فأشرقت شمس جديدة على أسبرطة ، وعلى اليونان إلى اليوم وما زالت " هيلين " " آية الجمال" في مخيلة اليونانيين .
صورة توضيحية لمدينة طروادة
http://www.utexas.edu/courses/ancien...s/o_troyVI.jpg


صور لمدينة مدمرة عثر عليها أحد علماء الآثار ويقال طروادة


http://www.utexas.edu/courses/ancien...s/p_troyVI.jpg


http://www.utexas.edu/courses/ancien...s/q_troyVI.jpg


زيوس


http://www.mexat.com/vb/attachment.p...5&d=1156296107
تمثال زيوس وهو أحد عجائب الدنيا
http://www.mexat.com/vb/attachment.p...6&d=1156296208
أفروديت
http://www.mexat.com/vb/attachment.p...9&d=1156296364


أثينا
http://www.mexat.com/vb/attachment.p...1&d=1156296406


http://www.mexat.com/vb/attachment.p...1&d=1156297105


معبد أثينا
http://www.mexat.com/vb/attachment.p...4&d=1156297931


هيرا


http://www.mexat.com/vb/attachment.p...1&d=1156297634


هرمز


http://www.mexat.com/vb/attachment.p...1&d=1156298840




http://www.uaeec.com/vb/imgcache/25521.imgcache


حصان طروادة جزء من أساطير حرب طروادة


http://zoom.maktoob.com/showImage.ph...57263&size=500



يتبع

أرب جمـال 25 - 10 - 2010 02:23 AM

أفروديت


الإلياذة
هوميروس


الفصل الأول
كما ورد فيها حرفياً بدون إضافة مني

غني يا ربة الشعر غضبة آخيل ، ابن بيليوس ،
وعواقبها ، التي عادت بآلاف الويلات على الآخيين ،
وأودت بجموع غفيرة من أرواح الأبطال الباسلة إلى هيدز ،
وخلت أجسادهم ولائم شهية للكلاب والطيور
وتحقق وعد زيوس
منذ أن وقع النزاع بين
ابن أتريوس ، ملك البشر ، وآخيل الرائع •
فأي رب إذاً زج بهما في العراك المرير ؟
أبولو ، ابن زيوس ، وليتو ، لنقمته على المَلِك ،
نشر الوباء بين الجموع، ففني الناس، 01
لأن ابن أتريوس قد أهان خروسي ، كاهن أبولو ،
حين اقترب هذا من سفن الآخيين السريعة
ليفتدي ابنته ، وهو يحمل ما لا يحصى من الغنائم
وبين يديه ، على محفة من ذهب ، أوشحة أبولو ،
الذي يضرب عن بعد 3 ، وتضرع إلى الآخيين ، 51
وعلى رأسهم القائدين ، ابنَي أتريوس :
" يا ابنَي أتريوس ، ويا أيها الآخيون المدججون ،
فلتمكّنْكم الآلهةُ المستوية على الأولمب
من مدينة بريام لتغنموها ، ولتَظفروا بعودة سالمة إلى موطنكم بعدها •
ولكن أعيدوا إليّ ابنتي ، وخذوا الفدية

--------------------------------------------------------------------------------

فتكونوا قد كرّمتم أبولو ، ابن زيوس الذي يضرب عن بعد " •
هلل الآخيون جميعاً موافقين
على أن يُكرّم الكاهن ، وتؤخذ الفدية المبهرة •
لكن هذا لم يهدّئ قلب أغاممنون ، ابن أتريوس •
بل طرده بقسوة وأمره بصرامة حاسمة :
" لا تدعني أراك ثانية ، أيها العجوز ، قرب سفننا الخاوية •
فلا تتلكأ الآن ، ولا تعد مرة أخرى إلى هنا •
خشية أن لا يحميك صولجانك ولا أوشحة الإله بعد اليوم •
لن أعيد الفتاة • وسرعان ما ستشيخ
في بيتي ، في آرغوس ، بعيداً عن موطنها
وهي تكدح على النول ، وتشاركني فراشي •
فلتذهب الآن ، ولا تثر غضبي ، فذلك أكثر أماناً لك " •
ولما فرغ من كلامه، انصاع العجوز مرعوباً •
وابتعد بصمت على شاطئ البحر المهمهم •
واستغرق العجوز في صلاته ، وهو يمشي وحيداً ،
للملك أبولو ، الذي حملته ليتو ذات الشعر الجميل :
" اسمعني يا ذا القوس الفضية ، يا من تفرض سلطانك على
خريسي وكيلا المقدسة ، يا من تفرض سطوتك القوية على تينيدوس ،
إن كان سَرَّك ، يا سمينثيوس ، أنني بنيت معبدك
وإن كان قد سرك أنني أحرقت الأفخاذ السمينة
للعجول والتيوس ، فحقِّقْ لي هذه الرغبة التي أتضرع إليك بها •
وليدفع الدانانيون ثمن دموعي المنهمرة بفعل سهامك " •
هذا ما قاله في صلاته • وقد سمعه فويبوس أبولو


رقم صفحة الكتاب الورقي: 25

فنزل عبر قمم الأولمب ، والغضب 45
يترع قلبه ، وهو يحمل قوسه وكنانته المغطاة على كتفيه ،
والسهام تصلصل فوق كتفي الإله السائر بغضب •
جاء كما يهبط الليل ، وركع على مبعدة وأطلق سهماً •
وحين أنبض القوسَ الفضية كان الصوت رهيباً •
لحق في البدء بالبغال والكلاب الهائمة ، ثم أطلق 50
سهماً شارخاً على الرجال أنفسهم وضربهم •
وتأججت نيران حرق الموتى دون توقف •
تسعة أيام والجيش عرضة لسهام الإله
ولكن في اليوم العاشر دعا آخيل 10 قومه إلى اجتماع •
أمرٌ ما ورد إلى ذهنه من الربة هيرا ذات الذراعين الأبيضين، 55
والتي أدركتها الشفقة على الدانانيين وهي تراهم يموتون •
وفيما هم محتشدون في مكان واحد ،
وقف بينهم أخيل ، ذو القدمين السريعتين ، وبادر بالقول :
" يا ابن أتريوس • أعتقد أننا سنتقهقر
ونعود إلى أوطاننا ، إذا استطعنا النجاة من الموت • 60
وإذا ما كان القتال ومعه الطاعون سيسحقان الآخيين •
فلنتوجه بالسؤال إلى أحد التقاة ، أو الأنبياء ،
أو حتى مفسر أحلام ، حيث أن حلماً قد ورد من زيوس أيضاً ،
يمكن أن يوضح لنا سبب غضب أبولو ؛
أكان ذلك من أجل نذر ما ، أو بسبب الأضحية 11 يلومنا • 65
فلعله ، إن وصله شذى دخان الخراف والتيوس ،
سيقبل أن يحول لعنته عنا " •

---------------------------------------

10 إن آخيل هو الذي يدعو إلى الاجتماع. وبذلك فهو يعرض نفسه لغضب أغاممنون.
11 كانت التضحية تتضمن ذبح مئة ثور. وأينما وردت كلمة "أضحية" فهذا العدد هو المقصود.


رقم صفحة الكتاب الورقي: 26

ولما فرغ من كلامه عاد إلى الجلوس ، فنهض من بينهم
كالخاس بن تيستور ، المشهور بفهم الطيور ،
والعارف بكل ما كان ، وما سيكون والأمور السالفة ، 07
والذي وجّه سفن الآخيين 12 إلى أرض إليون
بعرافته التي وهبه إياها فويبوس أبولو •
وبحسن نية تجاه الجميع وقف وخاطبهم :
" لقد دعوتني ، يا آخيل حبيب زيوس ، لكي أفسر
لك هذا الغضب من أبولو ، الرب الذي يضرب عن بعد • 75
ولذا سأتكلم • ولكن عِدني ، وأقسم أمامي
معلناً عن استعدادك للدفاع عني قولاً وفعلاً •
لأنني أعتقد أنني سأُغضب من يتولى المُلْك القوي
على أهل أرغوس ، ويدين له الآخيون كلهم بالطاعة والولاء •
فالمَلك يكون في منتهى القوة حين يغضب ممن هو أدنى منه • 80
وحتى لو افترضنا أنه سيكتم غضبه اليوم
فإنه يظل يحتفظ بضغينته ، إلى أن ينفّس عنها ،
في أعماق قلبه • فتكلم الآن ، وقل إن كنت ستحميني "•
وتحدث آخيل ذو القدمين السريعتين مجدداً ، رداً على ذلك
" تكلم • وفسر كل شيء • ولا تخف • 85
فبحق اسم أبولو ، الذي هو حبيب زيوس ، والذي تقدم له
صلواتك يا كالخاس ، حين تفسر إرادة الرب للدانانيين ،
طالما أنا حي وأرى ضوء النهار ، ما من رجل على وجه الأرض ،
سيمد يده عليك قرب السفن الخاوية ؛
لا أحد من الدانانيين ، ولا حتى لو كنت تعني أغاممنون 90

-------------------------------------------------------

12 كان كالخاس هو الذي قام بتوجيه سفن اليونانيين نحو طروادة قبل تسع سنوات.


رقم صفحة الكتاب الورقي: 27

الذي يتبوأ الآن أعلى مكانة بين الآخيين " •
بهذا تشجع العراف المصان وتكلم :
" لا • ليس من أجل نذر أو أضحية يلومنا •
بل يلومنا من أجل كاهنه الذي أذله أغاممنون
ولم يقبل بإرجاع ابنته له ، ولم يقبل فديته • 95
ولهذا بدأ الرامي يطلق علينا مصائبه ، وسيتابع
إطلاقها ، ولن يحجب طاعونه المذل عن الدانانيين
ما لم نُعد الفتاة ذات الطرف اللماح إلى أبيها
دون مقابل ، ودون فدية ، مع تقديم أضحية مباركة
إلى خروسي • بهذا يمكن أن نسترضيه ونقنعه " • 100
ولما فرغ من كلامه جلس ، فوقف من بينهم
ابن أتروس ، أغاممنون البطل واسع السطوة ،
وهو يغلي غضباً ، وقلبه مترع بسواد السخط ،
وعيناه تقدحان شرراً •
تطلع أولاً إلى كالخاس ، وخاطبه معنفاً : 105
" يا عراف السوء • ما سبق لك في عمرك أن قلت لي ما فيه الخير •
الشر هو الأقرب إلى قلبك في النبوءة •
ولكنك لم تقل يوماً شيئاً مجيداً ، ولم تفعله •
وهاأنت مرة أخرى تلقي بتكهناتك بين الدانانيين ، وتقدم لهم
تفسيرك للسبب الذي يجعل الرامي عن بعد يستهدفهم 110
فتراه لأنني من أجل البنت خروسييس لم أتقبل
الفدية المغرية • والحق أنني أرغب كثيراً في الاحتفاظ بها
في بيتي ، حيث أنها تستهويني أكثر من كلوتيميسترا

---------------------------

رقم صفحة الكتاب الورقي: 28

زوجتي • وهي في الحقيقة ليست أقل منها في شيء •
لا في البنية ولا في الشكل ولا في الذكاء ، ولا في الشغل 14 • 115
ومع ذلك فأنا راغب في إعادتها إن كان هذا هو الحل الأمثل •
لأنني ساع إلى سلامة شعبي ، وليس إلى فنائه •
فابحثوا لي عن مكافأة مقابلة تكون لي ، لئلا أكون
الوحيد بين الآخيين الذي يخرج بلا غنيمة ، وهذا لا يليق •
وأنتم ، جميعاً ، شهود على أنني أفقد غنيمتي " • 120
ورداً على ذلك تكلم ثانية آخيل الماجد ذو القدمين السريعتين :
يا ابن أتريوس المبجل ، والأكثر اشتهاء للمكاسب بين الرجال •
كيف للآخيين الطيبين أن يعطوك الآن غنيمة ؟
إذ لا أعرف أن هناك كماً كبيراً من الأشياء مخزون لدينا
وكل ما غنمناه من المدن 15 قد تم توزيعه 125
وليس من اللائق استعادة ما مُنح •
فأعدِ البنت هبة للإله ، ونحن ، الآخيين ،
سنعوضك ثلاثة أضعاف أو أربعة ، إذا مكننا زيوس
من حصن طروادة المنيع واستبحناه " •
وثانية تحدث أغاممنون رداً على ذلك : 130
" ما هكذا يا آخيل الشبيه بالآلهة ، رغم كونك محارباً مجيداً •
إنك تجهد كي تغش • ولكنك لن تخدعني • ولن تقنعني •
ما الذي ترمي إليه ؟ أن تظل محتفظاً بغنيمتك ، وأظل هنا
دون غنيمة ؟ أوتأمرني بإعادة الفتاة ؟
إما أن يعطيني الآخيون الطيبون غنيمة جديدة 135
أختارها وفق هواي تعويضاً عن الفتاة التي أخسرها ،

----------------------------------------------

14 في بناء شخصية أغاممنون الدرامية يقع هنا في الخطأ الثاني (بعد إهانته لخروسيس)، إذ يقارن بين زوجته وجارية.
15 كان اليونانيون يغيرون على المدن المجاورة خلال حصارهم لطروادة.


رقم صفحة الكتاب الورقي: 29

وإلا ، إن لم يعطوني ، فسآخذ بنفسي
غنيمتك أنت ، أو غنيمة أياس ، أو غنيمة أوليس 16 و 17 •
وسأفعل ذلك بنفسي • والذي أذهب إليه سيكون الخاسر •
ولكن هذه أمور سنتداولها فيما بعد • 140
فتعالوا الآن • علينا أن ننزل سفينة سوداء إلى البحر المتألق ،
ونحشد لها ما يكفي من المجذفين ، ونضع على متنها
الأضحية ، والفتاة نفسها ، خروسييس ذات الخدين الجميلين •
وليكن واحدٌ فقط مسؤولاً عنها ،
إما أياس أو إيدومينوس أو أوليس العظيم ، 145
أو أنت يا ابن بيليوس ، الأرهب بين الرجال 18 ،
لاسترضاء الرامي 19 بتقديم الأضحية " •
فنظر إليه آخيل ذو القدمين السريعتين شزراً وقال :
" أيها الملفع بقلة الحياء ، المنشغل أبداً بالمغانم •
كيف يمكن أن يطيعك أي آخيّ 150
سواء في الارتحال أو في القتال ؟
من جهتي أنا لم آت هنا من أجل أن أحارب
الكماة الطرواديين ، فهم بالنسبة لي لم يفعلوا شيئاً •
لم يشتتوا قطعاني ولا خيولي •
ولم يفسدوا محاصيلي في فثيا حيث التربة خصبة 155
والرجال يشبون بعظمة ، إذ تفصل بيننا الآماد ،
الجبال الغامضة والبحر العاتي ، بل من أجلك أنت 20 ،
يا أيها القحّة الكبيرة • تبعناك ، لنقدم معروفاً لك ،
يا ذا العينين الكلبيتين ، لاسترداد شرفك وشرف مينيلاوس


----------------------------

[16 ) اللفظ الحقيقي لاسمه هو أوديسيوس ( ومن هنا يأتي اسم الأوديسة

17)كان لكل قائد سبيّة تعتبر غنيمته الخاصة به. ومن الواضح أن القادة الكبار الآن هم الأربعة المذكورون : آخيل وأغاممنون وأياس وأوليس.

18 ) في العبارة، كما يرى ميلكوك، تعريض بآخيل يقصد به أنه الأرهب لشدة طمعه. وهذا ما يثير رد آخيل الغاضب. ولكن ميلكوك يعلق على رد آخيل التالي بأن تلك الحدة من سمات آخيل الدائمة.

19 المقصود بالرامي هو أبولو.

20 يشير آخيل إلى سبب الحرب. فأغاممنون آت لاسترداد هيلين زوجة أخيه مينيلاوس، التي اختطفها باريس. والآخرون جاؤوا لنصرة أغاممنون الملك العظيم.


رقم صفحة الكتاب الورقي: 30

من الطرواديين • وأنت تنسى ذلك كله ولا تهتم لشيء • 160
وتكون مكافأتي الآن أن تهددني شخصياً بأن تجردني
من هبة أبناء الآخيين ، التي كانت ثمرة جهودي •
وأنا الذي لم يسبق لي ، حين سلب الآخيون حصناً منيعاً
من الطرواديين ، أن أخذت غنيمة تعادل الغنيمة التي تأخذها أنت ،
ودائماً كان القسط الأعظم من القتال الضاري 165
على يديّ • ولكن حين يأتي وقت توزيع الغنائم
تكون غنيمتك هي الأكبر بما لا يقاس ، بينما أعود إلى سفينتي
مرهقاً من القتال ، ومعي الغنيمة الأصغر ، ولكنها عزيزة عليّ •
سأعود الآن إلى فثيا ، لأنه من الأفضل كثيراً
أن أعود بسفني المقوسة • فأنا لم أعد معنياً 170
بالبقاء مهاناً وأنا أُراكم لك ثرواتك ، وأزيد من ترفك " •
فردعليه بدوره سيد الرجال أغاممننون قائلاً :
" فلتهرب إذاً إن كان قلبك يطاوعك • ولن أطلب منك
البقاء من أجلي • فمعي آخرون يشرّفونني •
وعلى رأسهم زيوس رب المجالس • 175
ولأنت عندي أكره الملوك الذين تحبهم الآلهة •
لقد كان الشجار دائماً محبباً إليك ، وكذلك الحروب والمعارك •
وإذا كنت فعلاً قوياً جداً فتلك هبة من الإله •
فلترجع إذاً بسفنك ومرافقيك •
وابق ملكاً على المورميدون • فلست مهتماً بك • 180
ولست أحسب حساباً لغضبك • ولكن هاك تهديدي :
حتى وفويبوس أبولو يأخذ مني خروسيسي

------------------------------------------------

رقم صفحة الكتاب الورقي: 31

فإنني سأعيدها على سفينتي مع أتباعي •
ولكنني سآخذ جميلة الخدين بريسيس ،
سبيتك • سأذهب بنفسي إلى مأواك لكي تعرف جيداً 185
كم أنا أعظم منك • وإن أي إنسان آخر سيحجم
عن التشبه بي والوقوف في وجهي " •
ولما انتهى من كلامه شب الغضب لدى ابن بيليوس
وفي صدره الخشن انفلع قلبه نصفين ،
متردداً بين أن يمتشق عن جانب فخذه سيفه البتار ، 190
دافعاً كل من يقف بينهما ليقتل ابن أتريوس ؛
وبين أن يكبت غيظه ، ويكبح جماح غضبه •
وفيما كان يقلب الأمرين في قلبه وروحه ،
وقد كاد أن يستل سيفه العظيم من غمده ، هبطت أثينا 21 من السماء • لقد أرسلتها هيرا بيضاء الذراعين 195
التي تحب كلا الرجلين من كل قلبها ، وتهتم لأمرهما 22 •
وقفت الربة وراء ابن بيليوس وأمسكت به من شعره الأشقر ،
وهي لا تظهر إلا له ، إذ لم يرها أي شخص آخر •
والتفت آخيل مندهشاً • وسرعان ما عرف
بالاس أثينا ، فالتمعت العينان الرهيبتان 200
وقال لها بكلمات مجنحة 23 :
" وأنت تجيئين أيضاً يا ابنة زيوس المحصن ؟
ألكي تري شطط أغاممنون ، ابن أتريوس ؟
ولكنني أقول لك إن ما سيحدث هو أنه
بسبب حماقة صلفة منه قد يفقد حياته
---------------------


21 ألكسندر بوب يسميها منيرفا المرسلة من قبل جوف، وهي زوجته وأخته. ويجب أن نلاحظ أن تعبير" زوجته وأخته" مرتبطة بالتراث الفرعوني، ولكنها مرتبطة أيضاً بالتراث اليوناني، كما سترى لاحقاً في أكثر من مكان. "لقد نزلت من السماء لكي أهدىء من غضبك".
22 تظهر الآلهه لمن يريدون. ولا يراهم إلا من يريدونه أن يراهم. وكل من الآلهه يناصر، أو تناصر، شخصاً أو قوماً وتؤمن الحماية والرعاية. ولكل إله مهمة محددة. وكلهم يتمتعون بقوى خارقة. وقد يتضامن إلهان مع خصمين . فيخوض الخصمان معركتهما نيابة عن الآلهة. فأثينا هنا مناصرة لليونانيين. وهي تمارس أفعالها من خلال أوليس وآخيل وديو ميديس. وفي هذا الموقف تريد من آخيل أن يضبط أعصابه.
23 بما أن الكلمات تنتقل عبر الهواء إلى أن أذن السامع، فهي تطير. وتعبير " الكلمات المجنحة" كثير التردد في الإلياذة.

يتبع

أرب جمـال 25 - 10 - 2010 02:28 AM

سميراميس



http://up.arab-x.com/pic/Qne44423.gif



تدفقت أمطار هائلة في إحدى الأيام الغائمة على منابع نهر الفرات في جبل أرمينيا ، فامتلئ النهر بالسيول المتدفقة بعنف ، فأخذت مياهه تندفع بقوة وعنف إلى اليابسة حتى خرجت منه بعض الأسماك لتصبح على وجه الأرض ،


http://up.arab-x.com/pic/xVQ44514.gif



فكانت من بين الأسماك سمكتين كبيرتين شاهدتا مشهد بيضة ضخمة طافية على سطح الماء ،


http://www.rooyl.com/vb/images/statusicon/wol_error.gifThis image has been resized. Click this bar to view the full image. The original image is sized 1024x768.http://up.arab-x.com/pic/i0R44514.jpg


فعادت السمكتين للنهر تدفعان البيضة إلى الضفة ، وفي لمح البصر هبطت حمامة بيضاء من السماء تحتضن البيضة لحمايتها من الأجواء العنيفة ،

وما أن هدأ الجو ، بقيت الحمامة تحتضن البيضة فإذا بها تفقس لتخرج منها الربة "ديركيتو" بوجه امرأة وجسد سمكة .
هذا ما تقوله الأساطير حول ابنة الحمام (سميراميس) ، فأعجب الإله الأكبر بديركيتو وزاده إعجابه فيها في حكمتها ، فطلب منها الإله أن تطلب منه شيئاً ينفذه لها ، فطلبت " ديركيتو" أن يجعل السمكتين اللتان أنقذتاها من الطوفان مخلدتين ، فرفعهما الإله للسماء ليصبحا ألمع نجمتين في برج الحوت .
ثم أرادت "ديركيتو" أن تحمل ، فالربات في الأساطير يحملن بدون زوج ، فحملت فأنجبت طفلة لها جسد آدمي ، يشع من وجهها نور ساطع ، فما أن رأت " ديركيتو " ابنتها ذعرت لأن جسدها مماثل للإنسان ، فنظرت لها الربات نظرة ريبة وشك ، وفي ليلة ظلماء أخذت " ديركيتو " طفلتها للبادية ، تركتها في العراء أمام غضب الريح وقسوة البرد والجوع القاتل .
فكان " بيلوس " إله "نينوي" العظيم يرقب الأوضاع فشاهد الطفلة في البرد ، فأشفق على حالها ، فأرسل نداء للسماء يستدعي رسوله " ينبو" ليحميها من قسوة الطقس وأن يحمل معه سرباً من الحمام لترفرف بأجنحتها على جسدها لتطرد حر النهار وبرودة الليل القاسية ، وكانت الحمائم تروي ظمأ الطفلة المسكينة بأن تذهب حيث يوجد الرعاة فتحضر بمناقيرها ما يتسع من الحليب فتنقطه في فم الطفلة .
مرت السنين ، فأصبح هذا المكان يزدحم بالرعاة الذين يصنعون الجبن ، فتغتنم الحمائم الفرصة المناسبة عند ذهاب الرعاة لينقروا الجبن ويأخذوه للطفلة ، لاحظ الرعاة عند عودتهم مساءاً أن الجبن منقوراً ، فقرروا أن يذهبوا لعملهم على أن يتركوا أحد منهم ليستطلع سر الجبن المنقور ، فشاهد الراعي منظر الحمائم وهي تحط على الجبن فتطير به ،


http://up.arab-x.com/pic/ULT44536.jpg




فتبعها الراعي فوجد الحمائم تطعم بمنقارها طفلة ذات جمال ، فأخذها الرعاة معهم مقررين بيعها في سوق "نينوي " العظيم .
لقد تداخل التاريخ في ذكره لسميراميس التي تربط دائماً بتاريخ آشور وبابل ، حتى قال المنقبون عن آثارها بأنها آلهة شرقية ومعنى اسمها هو الحمامة لأن الحمام احتضنها ورعاها وقت الشدة ، فهي رمز الحب والظفر بالحروب ورمز الحب والسعادة .
ولكن جاءت مفاجأة في عام 1901م من قبل البروفيسور " لهمان هوت" الألماني الذي جاء ليكشف الستار عن سر الأسطورة سميراميس فاستطاع بخبرته أن يدرك حقيقتها من خلال الأساطير المتعلقة بها والتي ذكرها " ديودوراس سيكلاس" و " جوستن " ليؤكد بأن سميراميس ليست أسطورة بل حقيقة ، ولكنها أدخلت في الأساطير .
بعد أن أخذ الرعاة الصبية الجميلة لسوق نينوي الذي يكتظ بالشبان والشابات حيث يختار الشاب من تلك السوق زوجة له أو يختار صبية يربيها ليتزوجها هو أو يتزوجها ابنه .
وضعت الطفلة في الصف الأول لبيعها ، فلمح جمال الصبية رجل يدعى " سيما " ناظر مرابط خيول الملك ، فكان سيما عقيماً بدون ولد ، فساوم " سيما " الرعاة على ثمنها ، فاشتراها فعاد إلى زوجته يحملها معه ففرحت الزوجة بالصبية الصغيرة الجميلة .
وفي إحدى أيام الربيع حيث تزهر الأرض بأزهارها الفواحة ، جاء " مينوتس" قائد الملك ووزيره ليتفقد مرابط الخيل فشاهد الحسناء " سميراميس " فراقت له فوقف الوزير بقدميه مندهشاً ، فدعا الفتاة ليتحدث معها في حديقة القصر فذهبت " سميراميس " ورائه بخجل وعندما وقف ركعت أمامه على ركبتيها ، فسألها من تكون؟
ترددت في بادئ الأمر في الإجابة ، ولكن سرعان ما قالت له :بأنها ابنة ناظر مرابط خيول الملك ،نادى الوزير " سيما " فأخبره بقصة " سميراميس " كلها وكيف عثر الرعاة عليها إلى أن رباها وأصبحت صبية ذات جمال لا يطيق فرقها ولكنه لا يمانع لو أخذها مقابل مال كبير.
أخذ الوزير صرة مال فألقاها بين يدي سيما ، فأخذ سميراميس معه إلى العاصمة فقد شغف بها حباً ، وفي القصر أعطى "سميراميس " للمزينات والماشطات فأخرج لها أجمل ما تضمه خزائنه من الجواهر ، أخذتها النساء لتزيينها وتمشيط شعرها الطويل ثم عقدت خصلات شعرها بالجواهر ، وجمّلت النساء سميراميس بالأرجوان الفينيقي الموشى بالذهب ، خرجت للوزير بأجمل حلة .
تزوجها الوزير "مينوتس" في حفلة ضخمة ، فأصبحت المرأة التي توجهه بآرائها ، لها المقام الأول بين جميع النساء ، فاستطاعت بفرض نفوذها نتيجة حب زوجها الكبير لها ، فقد خدمها جمالها كثيراً وذكائها الكبير في تحقيق أروع الانتصارات للمملكة .
فما هو النصر الذي ستحققه هذه المرأة لتهزم حصون الأعداء بفطنتها قبل رجال الدولة وملكها، لتخترق أسوار العدو .
يعد هذا اليوم أروع يوم فقد انتهى الملك " نينوس" من بناء عاصمة مملكته ، فجهز أقوى الجيوش مع قائد جيشه " مينوتس " ليسيطر على بقية المدن ليحقق العديد من المجد والانتصارات .
استعدت الجيوش للخروج من "نينوي " ليبتعد شيئاً فشيئاً عنها متوجهاً نحو مطامع جديدة ، ولكن رغم قوة جيشهم لم يعد بمقدورهم اختراق عاصمة العدو " بكتريا" وظلوا على هذه الحال أياماً طوال ، فاستمرت الهجمات قرب الأسوار المحاطة بالقلعة ، أحس الوزير بغيابه الطويل عن حبيبة قلبه زوجته "سميراميس " فأرسل إليها يطلب أن تأتي معه ، حضرت سميراميس بزي رجل فلم يتعرف عليها أحد وبعد أن أمعنوا النظر في وجهها الوضاء أدركوا أنها "سميراميس "
وفي صباح اليوم التالي أخذت سميراميس تتمعن بالعاصمة الجميلة من بعد ، فلاحظت ملاحظة غيرت موازين المعركة حيث وجدت أن جيش الملك مركز هجماته في أماكن السهول لا القلعة ، مما جعل العدو لا يركز على حراسة قلعتهم الشامخة ، هنا أضاءت فكرة سميراميس ، فأسرعت بإيقاظ زوجها لتهديه خطة جديدة ، وهي أن تخترق هي ومعها أقوى الرجال ممن تختارهم هي القلعة لتنهار قوة الأعداء .


صورة لسميراميس رسمت بالقرن الثامن عشر


http://upload.wikimedia.org/wikipedi...mis-Regina.png


بعد مرور ساعة ومع شروق يوم جميل اهتزت قلعة العدو عندما تقدمت سميراميس مع بعض الرجال ، فاستطاعت اقتحام القلعة ببسالة ، فأخذت سميراميس تلوح بذراعيها للملك ولزوجها ولبقية الجيش تدعوهم للتقدم بعد أن أحرزت النصر الأول .
التفت الملك لوزيره "مينوتس " مندهشاً من شجاعة تلك المرأة التي استطاعت قيادة بضعة رجال ومتسائلاً : من تكون هذه المرأة؟
رفض الوزير الإجابة حتى لا يكتشف بأنها زوجته ، فكرر الملك السؤال فأجاب الوزير بأنها زوجته .
فطلب الملك من الوزير بدعوة زوجته لقصره ، ذهبت سميراميس القصر مرفوعة على محفة يرفعها أربعة عبيد ، وبجانبها وصيفتان جميلتان تقودانها للملك ، وما أن وقعت عيناه عليها ، أعجب بزينتها ولفتاتها ودلالها وجمالها فخطفت قلبه ، فطلب منها الملك أن تتخلى عن زوجها ليتزوجها هو .
وكيف ترفض سميراميس العرض فهو سيرقيها إلى أعالي المجد ، عادت سميراميس لزوجها ومع رسول الملك فقال لزوجها الوزير :" إن سميراميس قد راقت في عيني الملك ، فإذا كنت في حاجة إلى زوجة تحل مكانها فليس لدى الملك ما يمنعه من أن يسمح لك بالزواج من ابنته بدلاً من سميراميس "
شعر الوزير بهول الموقف وبأن ما يطلبه الملك كالصاعقة ، فسأل زوجته بأن تعطيه طوق النجاة من هذه الورطة ، فأشارت إليه بالحيلة بأن يدعها تذهب للملك لعلها تقنعه بالعودة فيما بعد إليه ، استجاب الزوج المقهور لطلبها ، فخرجت سميراميس من منزله حتى اختفت عن الأنظار .
جن جنون الزوج العاشق لما رآه ، فصعد إلى أعلى شجرة شمطاء ، ليهوى جسده في التراب ، فقد اختار إعدام نفسه على أن يرى حبيبته بيد رجل آخر ،


http://www.rooyl.com/vb/images/statusicon/wol_error.gifThis image has been resized. Click this bar to view the full image. The original image is sized 700x500.http://up.arab-x.com/pic/ui344514.gif


وصل الخبر للزوجة سميراميس وهي في موكبها للقصر فلم تعر خبر موت زوجها اهتماماً ، فهناك حياة جديدة مرفهة قادمة إليها ، تزوجها الملك فسيطرت على قلبه حتى طلبت منه طرد جميع نساء القصر .

http://www.rooyl.com/vb/images/statusicon/wol_error.gifThis image has been resized. Click this bar to view the full image. The original image is sized 728x500.http://up.arab-x.com/pic/S3644423.gif


أنجبت له الملكة سميراميس ابنها " ميناس" فكان الملك لا يفارقها للحظة حتى جعلها ترافقه في جميع غزواته ، وفي كل معركة كان قلبها يفيض كرهاً للملك لاستخدامه أبشع أنواع التنكيل والعذاب بالمدينة التي يدخلها ، فعندما دخل بلاد الطورانيين الثوار عليه وانتصر عليهم ، أمر بسلخ جلود كل الشبان وهم أحياء ، مع تعليق جلودهم على جدران بناها أمام أبواب المدينة ، وأمر بقطع رؤوس الثوار على أن يتم نظمها كعقد اللؤلؤ بحبل ، وحكم على من بقي من الرجال بأكل لحوم بناتهم وأبنائهم ومن أبى ذلك أمر بقطع أذناه وفمه وأنفه ،فهذه صفة امتاز بها ملوك بابل وآشور في التعذيب.
كرهته سميراميس فاتخذت قرار التخلص منه بأي وسيلة لتنال المجد .
كانت سميراميس تمتنع عن الملك حتى يزداد بها شوقاً وشغفاً ، فكانت تطلب ما تشاء حتى يقترب منها ،
فطلبت منه في إحدى الأيام التي امتنعت عنه ، أن يجعلها تحكم المملكة لمدة ثلاث أيام تكون هي الآمر والناهي وجميع من في القصر تحت سلطتها ، فضحك الملك لطلبها السخيف في رأيه ، فسمح لها بذلك ،


جلست سميراميس على عرش "نينوي " تأمر فتطاع ، فكان أول أمر طلبته في اليوم الثاني لحكمها أن يتم القبض على الملك ، فأطاعها الجنود ، فراح يستعطفها الملك بذل ، فظهرت على فمها ابتسامة سخرية غير آبهة لتوسلاته ، فأمرت الجنود بذبحه ، فثار الشعب بعد ذبح الملك فزحفوا للقصر يطلبون الثأر ، فما أن سمعت سميراميس صوت الشعب الثائر أمام القصر ، خرجت من الحمام شبه عارية تطل من نافذة القصر ، فعم صمت بين الجماهير فسجدوا لها حتى تفرقت الجموع .


لوحة تمثل سميراميس

http://72.5.117.144/fif=fpx/sc1/SC19...d=400&cvt=jpeg




حكمت سميراميس المملكة بقوة رجل وحدها لمدة عشرين عاماً ، أنشأت جيشاً ضخماً قوياً لم تشهده بابل وآشور قط ، فأخضعت أرمينيا وميديا وفينيقيا ، وفارس ، فبقي أمامها البلد المنيع الهند .
استعدت سميراميس لمدة سنتين من أجل إخضاع الهند ، ولاسيما أن الهنود مشهورين باستخدام فيلتهم الضخمة في الحرب ، فعمدت للمكر والحيلة فأمرت بتغطية مائة ألف من الجمال بجلود الثيران ، ليصبح شكلها بهيئة الفيلة ، وأمرت بصنع ألفي مركب لتعبر فيها نهر السند .
بدأت الحرب فأنزلت الملكة فيلتها المزيفة لساحة المعركة ، فكسبت النصر الأول بإغراق ألف مركب هندي وأسر مائة ألف هندي .
وفي اليوم التالي استمر القتال بواسطة الفيلة المزيفة ،ولكن الهنود اكتشفوا حيلة الفيلة المزيفة بعد أن شاهدوا جثث الفيلة الميتة ، فاستخدموا من جديد فيلهم فعادوا يتقدمون ، ففرت سميراميس ومن بقي لتعبر نهر السند فتعود هباء لبلادها ، فعقد الصلح في تبادل الأسرى .
شمت سميراميس رائحة مؤامرة تحاك ضدها في القصر ، ولاسيما بعد أن وجد ابنها " ميناس" بأنه أمام عظمة أمه وسلطانها لا يساوي شيئاً ، فأكلت النار قلبه وأشعلت غيرته ، فأحست الملكة بذلك فتداركت الموقف فتزوجته ، ولكن ما يزال "ميناس" يحيك المصيدة حولها فلم تجد حلاً آخر سوى خلع التاج والتنازل عن العرش الذي أخذته بالدماء لميناس .
تقول الأساطير بعدها: أن سميراميس خرجت من بابل منبوذة عائدة للبادية التي احتضنتها وهي صغيرة ، فرفعت يديها للسماء تطلب من الإله بيلوس أن يأخذها معه ، فاستجاب لها فحولها لحمامة بيضاء طارت للسماء وحولها حمائم بيض ترفرف كتلك الحمائم التي ربتها وهي صغيرة في العراء .
فعاشت سميراميس بعدها كربة من ربات بابل وآشور ، فعبدها أهل الأرض ، فرحلت الحمامة البيضاء وبقيت أسطورة بابل وآشور

تابع


أرب جمـال 25 - 10 - 2010 02:30 AM

تزوهسي إمبراطورة الصين
1835م _ 1908م



http://up.arab-x.com/pic/ae357493.gif
في 3 تشرين الأول (نوفمبر) عام 1835م تراقصت أضواء مدينة بكين ، فساد صخب رهيب فقد شهدت القبيلة المنشورية الصينية خبر الساعة ، ولدت طفلة لها عينين صغيرتين يشع منهما بريقاً غريب ، سميت الطفلة "يهونللة " أضيفت الحكومة اسمها في سجلاتها باعتبارها تنتمي لأقدم وأكبر أسرة منشورية ليست مَلَكية،


http://up.arab-x.com/pic/N7n57493.gif
ترعرعت الصغيرة داخل جدران مغلقة إلى أن أصبحت صبية لا تغادر باب المنزل حسب عُرف الأسر الصينية المرموقة ، وبما أنها من أسرة ذات شأن عظيم تربت على أن تكون مؤهلة يوماً ما لتصبح إحدى زوجات الملك الثانوية ، توفي والد " يهونللة" لتحمل أمها " نيوهولو " لقب أرملة، فلازمت الأم أبنائها في منزلها الواقع في بكين المكوّن من طابق واحد، تطل عبر نوافذه حديقة غنّاء بالزهور ، ويحيط بأسوارها مغارة تسمح للسكان بالتنقل بين أرجائها دون الخروج من الباب ، وعلى الطرف الآخر توجد البرك التي تلهو الأسماك فيها بمرح ، اعتادت " يهونللة" قضاء وقتها أمام البركة ، بينما كانت تقضي أوقاتها الأخرى في قراءة كتب الأدب وفنون الشعر ، ومالت عيناها بشكل كبير لكتب التاريخ ، منحها الله عقلاً يزخر بالفطنة .
http://i185.photobucket.com/albums/x...r_Empress_.png
استقدمت والدتها قريب لها يدعي " موجانجا " ليقع على كاهله أمر تربية أطفالها ، طوقت " يهونللة" عزلة شديدة ، لم تهدي يديها قط لصديقة تستأنس بصحبتها ولكنها بحكم وجود قريب والدتها الذي أشرف على تربيتهم فقد كانت لها صديقة وحيدة تدعى " ساكوتا"هي ابنة " موجانجا " وصديق آخر من أقاربها يدعى " جونج لو " وكما قيل بأنه خطيبها منذ نعومة أظافرها !
طرقت أجراس الحزن في الصين فقد أعلنت الأجراس وفاة الإمبراطور "تاوكوانج " ، ليصعد على عرشها ابنه " هسيان " فأصدر مرسوماً سريعاً ينص على أن يتم جلب كل فتاة منشورية في سن الانتخاب ليتخذها زوجة له، توافدت جموع الفتيات في قصر الإمبراطور الجديد فبلغ عددهن ستين فتاة من بينهن "يهونللة" و صديقتها " ساكوتا" ،


http://www.fotobank.ru/img/BR00-8087.jpg?size=l
تقدمت والدة الإمبراطور أمام المتقدمات فاختارت منهن ثمان وعشرين دون تدخل الإمبراطور ،فكانت من بينهن "يهونللة" و " ساكوتا".
وضعت " يهونللة" في قصر أشبه بمعتقل لا يسمح لها بزيارة أهلها ولا بزيارتهم لها داخل القصر، استمر وضعها هكذا لمدة خمس سنوات فجاءت العناية الإلهية لتمزق أسوار وحدتها الطويلة بعد أن وضعت " يهونللة" ولي العهد ، اجتمع أقاربها في القصر يباركون لها ولادة الوريث، فجلست والدتها بجانبها ، فلما شارف النهار على الرحيل ولاح في السماء وقت الأصيل ، ودعت " يهونللة" أقاربها مانحة كل واحد منهم هدية ، واعدة أمها بأنها ستأخذ إذن السماح لها بالزيارة وقتما تشاء.


http://up.arab-x.com/pic/f5E59998.gif


تمسكت " يهونللة" بسلاح فتّاك هو سلاح الجمال ، فكسبت بالحيلة محبة ورضا والدة الإمبراطور ، مرت الأيام على " يهونللة" مستبشرة إلى أن عادت للصين ألحان الشجن فيقرع الحزن أبوابهم برحيل والدة الإمبراطور ، هنا رُفعت " يهونللة" إلى رتبة المحظية الأولى ثم إلى مقام تزوهسي في عيد ميلاد ولي العهد ، فأُطلق عليها لقب " بوذا العجوز "
وعلى المسرح الناري السياسي تفجرت براكين الثوار فتقدمت ثورتهم لتشعل نيران الغضب في مدينة" نانكين " فاستولوا عليها ، فأمرت تزوهسي فوراً بإخراج جيش الإمبراطورية العظيم بقيادة "تسنج كرو _ فان " فاستطاع إخماد الثورة .
كان الإمبراطور "هسيان" فتى يميل للخمول ، لا يحبذ القراءة ، خالي الرأس تماماً ، خائر القوى ، فعند بلوغه سن الخامسة والعشرين لم يرزق بولي العهد الذي تنتظره الصين بفارغ الصبر فظنت الجموع بأنه آخر وريث لأسرته ، فثارت الجماهير على الإمبراطورية ، وما أن رُزق بالوريث هدأت الجماهير متهامسين :" أن الله عاد فابتسم للعرش وأصحابه !"
في ظل هذه التحولات رُقيت ساكوتا لمقام الزوجة الثانية ، فمنحت لقب " تزو آن "
صورة ساكوتا ( تزو آن )
http://www.galleryhistoricalfigures....Emprs_Best.jpg
إلا أن "تزوهسي" لم تترك مجالاً لصديقتها ساكوتا في التدخل بشؤون الإمبراطورية بعد أن استحوذت على عقل الإمبراطور فكانت توجه شؤون الدولة واليد اليمنى للإمبراطور في جميع مشورته.
أصيب الإمبراطور "هسيان " بفالج أقعده عن استكمال مهماته كإمبراطور ، فأصبحت " تزوهسي" الآمر والناهي بصفتها والدة وريث العرش، فارتفعت مكانتها وقسا طبعها فتم ترقيتها لمقام المحظية الإمبراطورية " فابي "
فأمسكت بالصين بقبضة يديها الحديدية .


http://www.up-00.com/xafiles/rQw63265.gif


وفي عام 1860م تأزمت الأوضاع السياسية بالصين بعد أن أغار الفرنسيون والإنكليز على شمالي الصين ، فأحدثت تلك الإغارة حالة اضطراب شديد بين الصينيين ، حزم الشعب الأمتعة للفرار من المدينة " الحرام" بكين ، ولم يفكر أحد في المقاومة ، عمت فوضى في المكان الذي اصطخب بأصوات الشعب الراحل ، ففر الإمبراطور مذعوراً وكأنه يفر من الموت المستعجل ، ولكنه أدّعى بأنه لم يهرب ولكنها كانت رحلة الخريف! ، تاركاً شقيقه الأمير كونج حاكماً على البلاد ، فعنّفته " تزوهسي " لهروبه من مهامه ويقول أحد الكتّاب في هذه الحادثة :" يظن بعض الأمراء والوزراء أن المحظية " تزوهسي" أشارت على الإمبراطور بالرحيل ولم يكن يشتهي غير ذلك ، ولكنها عادت فأوحت إلى اثنين من كتّاب الدولة........ وصدر منشوراً بأنه لا يجوز للإمبراطور بحال أن يغادر عاصمته ثم أصدرت المحظية مرسوماً بمكافأة من يقتل البربر"
وفي اليوم التالي وصلت أنباء تقول بتقدم الأجانب نحو البلد ، فأصبح الإمبراطور بحالة جنون جعلته يتخذ قرار الفرار مع جميع محظياته والدوقات والوزراء وجميع ضباط القصر ، وألحت عليه تزوهسي من جديد من أجل بقائه قائلة له بعنف :
كيف يبقى الأجانب على المدينة متى علموا أن الإمبراطور قد غادرها وترك عرشها خالياً ، ومعابدها خراباً "
ثم قدمت له أدلة مقنعة بما أصاب أجدادهم من أسرة "شو" فبعد هروب ابن السماء من العاصمة احتقره الشعب الصيني بعد أن لاقى الذل والهوان من العدو ، قضى الإمبراطور يومه في معبد يبعد عن قصره ثمانية عشر ميلاً تاركاً أمور الدولة بيد كونج رافضاً إصدار أي قرار وهو بعيد عن الإمبراطورية هذا ما قاله لكونغ عندما أخبره بتقدم الأجانب .
وفي الطريق شعر كونج بإعياء شديد لم يستطع على أثره إقامة الجلسات فأصبحت تزوهسي النائب الرسمي في إصدار الأوامر مستنجدة بأمراء ووزراء الأقاليم المجاورة .
http://www.rooyl.com/vb/images/statusicon/wol_error.gifThis image has been resized. Click this bar to view the full image. The original image is sized 950x794.http://up.arab-x.com/pic/puJ62565.gif
وفي ساحة الحرب لاقت جيوش الأمير الهزيمة الساحقة مراراً لتتشكل غيوم النوائب كثيرة على وجه البلاد المغتصبة ،
أمرت تزوهسي الأمير كونغ بقسوة بقتل جميع أسرى البربر ، لكن الأمير اعترض فرأى أن يتم الإفراج عنهم ، فثارت بريطانيا بقرار تزوهسي متهمة الصين بخروجها عن قوانين الحرب وباستخدامها أبشع طرق التعذيب لرجالها ومطالبة بذلك بتعويض عن ما فعلته بمبلغ قدره 500.000 تايل ، فخضعت الصين لطلباتهم فدفعت التعويض ، فظهرت ملامح الغضب على وجه "تزوهسي" نتيجة خضوع الأمير لطلبات العدو ، فحاولت أن تستنهض عزيمة الإمبراطور من أجل التأهب للقتال ، ولكنه كان جباناً فرفض ما تأمره به مفضلاً البقاء في " جهول" وموافقاً من جهة أخرى على نظام الصلح ، بعد أن قام مستشاره " سوشون" بتحريضه على عدم الاندفاع والموافقة على طلبات " تزوهسي" .
وبعد الصلح قرر الإمبراطور العودة للعاصمة بعد اتخاذه مع العدو الإجراءات السلمية التي لا تكلفه شيئاً ولا تجهد بدنه فراراً من الموت ، وفي الطريق اشتد مرضه ولاحت له السماء معلنة اقتراب أجله التي خاف أن تذهب وهو في ساحة المعركة في سبيل الوطن .
في هذه الأثناء تصاعد دخان مكيدة في قصر الإمبراطور العليل ، فقد رأى المستشار "سوشون " وشريكا الأميران "بي" و "توان" أن يستخرجا من عند الإمبراطور وثيقة ليحق لهم من بعده الوصايا على الإمبراطور القاصر من أجل نسج مكيدة لإبعاد "تزوهسي" عن الإمبراطورية ، مستغلين صداقتها منذ صباها للشاب "غونغ لو " ومُدّعين أمام الإمبراطور بأنها تحب هذا الشاب وتقربه لها، ولابد من نفيها إلى "القصر البارد " فرفض الإمبراطور طلبهم ومع الإلحاح عليه وكثرة النميمة والتشكيك بسلوكها أصدر أمر أخذ ابنها ولي العهد من حضنها على أن تربيه زوجة الأمير "بي" .بدأت سحب الرعب والقلق تسيطر على المدينة بعد أن استغل المستشار سوشون منصبه قاذفاً التهم على من يشاء وملقياً بهم خلف الأسوار ، ويطلق سراحهم إذا ما قدموا له النقود ، وبذلك جمع من هذه السياسة ثروة طائلة .
http://i185.photobucket.com/albums/x..._during_Bo.jpg
شعر المتآمرون بما تضمره لهم "تزوهسي" و بأنها تخطط لأمر خطير ضدهم بعد أن أمرت الأمير كونغ بإرسال جيش لها يبقى في "جهول" فأسرعوا مجتمعين حول الإمبراطور العليل مطالبين أن يوقع الوصايا ،فأصدر مرسوماً بتعيين "بي" و "توان هو " و " سوشون " أوصياء على ابنه الذي يبلغ من العمر خمس سنوات ويحرم من حضن أمه "تزوهسي" ، لفظ الإمبراطور أنفاسه الأخيرة ، فعين ابنه إمبراطوراً على العرش ، فقام المتآمرين بإصدار قرار بجعل "تزوهسي" و"ساكوتا " تحملان لقب الإمبراطورة الكبيرة ، وبعدها أصدروا قراراً رسمياً بالوصايا على الإمبراطور ، و استمروا يصدرون المراسيم حسب أهوائهم بدون ختم الملكة ،فقد أخفته "تزوهسي"بعيداً عنهم ، فلما رأى الناس المراسيم بدون ختم الملكة ثاروا على سوشون فاتهموه بالتلاعب في شؤون الدولة ، فوصلت نار الضغينة لمدينة بكين ، فعقد الأعيان جلسة سريعة سرية اجتمعت فيها الإمبراطوريتين فوضعت فيها ستاراً حاجباً عن أسرار الدولة ، فأحضر المتآمرون المغتصبون جثة الميت كما تجري العادات لديهم ، وألقوا تقريرهم فقالت "تزوهسي" بصلابة :"باسم شريكتي واسمي نشكر لكم الخدم التي أديتموها ونعلن إقالتكم ، لقد انتهت مهمتكم فانتهت وصايتكم "
ثم انطلقت شرارة حقد وغضب عليهم من "تزوهسي" فالتفتت للحراس تقول :" ألقوا القبض على هؤلاء الثلاثة "
بعدها شيعت الجنازة في احتفال ، وكانت "تزوهسي" وقتها في عمر السادسة والعشرين ، بينما كانت شريكتها ساكوتا صورة خالية رسمت على وجه المياه ليس لها سلطة في أي شيء .
فأصدرت باسم ابنها مرسوماً يقول :" إني اتهم أولئك الأوصياء .............. وإذا كان مسلكهم هذا جريمة ضد الإمبراطور الراحل وضد الشعب ...........، فعليه نأمر بحرمان الأمير" بي" و" سوشون" و "توان هوا" من مناصبهم "
فتم أيضاً ضمن نصوص المرسوم مصادرة أملاك سوشون المقدرة بالملايين لكثرة اختلاساته وكثرة ما ارتشى، وبعد ثبوت الجرم في حق المتآمرين قررت اللجنة الإمبراطورية إصدار حكم الموت عليهم جميعاً مع التعذيب ، فأشفقت "تزوهسي" على حالهم وعلى هذا الحكم القاسي فسمحت لهم أن ينتحروا !
بدأت "تزوهسي" تصدر ما شاءت من رسوم باسم ابنها فكسبت محبة الجميع حتى سموها :الأم العطوف"
كانت الإمبراطوريتين تعقدان يومياً جلسة بالقصر يحضرها المستشار الأمير كونغ ، فكان يثقل عليها كثيراً ، فأمرت حراسها بنفيه بعيداً عن القصر بتهمة الخيانة ، ولكنها سرعان ما استقدمته خوفاً من غدره وطلباً في مشورته .
اليوم هو انتهاء مدة الحداد ، انتشرت شائعات بين أرجاء الصين تقول :" أن المجون والخلاعة أصبحا يحكمان القصر بعد رحيل الإمبراطور" ، وانغماس الأميرة "تزوهسي" في اللهو تاركة أمر تربية الصبي بيد رجلان ، ولكن "تزوهسي" أصدرت بلاغاً تؤكد فيه بأنها أم صالحة أشرفت على تربية ابنها حتى ترتقي الإمبراطورية على يديه .
إلا أنها استخدمت رجلاً يدعى "آن ت ـــ هي " وكلته لجمع الضرائب فأكثر من التعسف وأساء التصرف ، فثار الحكام وانتشرت الشكاوي حتى وصلت أصدائها مسامع الأمير كونغ ،


صورة الإمبراطورة الثانية(تزو آن )
http://www.galleryhistoricalfigures....AnEmprs_Rt.jpg


فطالب الإمبراطورة الثانية " تزو آن " أن تصدر مرسوماً تطالب فيه بقطع رأس " آن ت ـــ هي " بدون محاكمة وبدون علم "تزوهسي" ، ترددت الشريكة في بادئ الأمر خوفاً من ثوران غضب "تزوهسي" ولكنها أمضت على الأمر المطلوب .
بعد تنفيذ حكم الإعدام عرفت "تزوهسي" بخبر إعدام المحبوب ، فعينت رجلاً آخر لجمع الضرائب يدعى " لي ليان ـــ ينج " فكان أشد قسوة وجبروتاً من صاحبه ، فقد تحكم بيديه في أرواح الملايين من الصينيين .
بلغ الإمبراطور( تونغ ــ شيه ) سن الرشد (السابعة عشرة) ، فأعلنت "تزوهسي" أن ابنها يصلح الآن لتولي الحكم ، أحضرت له الفلكيون فاختاروا أن يبدأ حكمه في يوم الحظ السعيد 28 تشرين الأول سنة 1872م ، هنا تخلت الوصيتان عن حقوقهما في العرش مطالبين الإمبراطور أن يسعى للكمال في حكمه !
أخذ الإمبراطور بالسير على الطرق الخليعة والتمرد على أمه ومتجاهلاً آرائها ، مفضلاً شريكتها " تزو آن " عليها .
في هذه الأثناء أخذت الأم تبحث له عن زوجة مناسبة قد تقلب أخلاقه وتعينه على أعبائه ، فاختارت له " آ ـــ لو ــــ ته "التي سرعان ما أصبحت تشن حرب الكراهية على حماتها وتحاول بشتى الطرق أن تشدد عليه بألا ينجرف وراء آراء والدته في مهام الدولة .
مرت ثلاث سنوات على حكم الإمبراطور حتى أصيب بمرض الجدري ، فاستبشر الصينيين بمرضه فاعتبروه بركة كما هو وارد في عُرفهم !
لم يستطع الإمبراطور المقاومة أكثر ففاضت الروح للسماء في كانون الثاني (يناير ) سنة 1875م دون أن ينجب ولي العهد .
وفي ليلة باردة عقدت "تزوهسي" جلسة مستعجلة بمساعدة "جونج لو " وأنصاره ، فعينت ابن الأمير شون على العرش ، منتقمة بذلك من الأمير كونغ الذي حرمها من المحبوب الذي أُعدم حسب مشورته ، وحصرت وراثة العرش في ابن أختها باعتبار أختها زوجة الأمير شون ، طالبت "تزوهسي" بإحضار ابن أختها في الحال فطلبوا منها عدم التسرع ولاسيما أن البرد غطى المدينة الحزينة ، إلا أن الوريث الجديد سرعان ما جاء للقصر مع خدمه ومربياته وكأن السماء فتحت له حلماً وفرشت له بساطاً مُذهباً بسهولة دون أن يسعى إليه .
عادت الإمبراطوريتان الوصيتان لمكانهما فابتسمت "تزوهسي" ابتسامة الانتصار ، فأحست أرملة ابنها " آ ـــ لو ــــ ته " بالتعاسة تحيط بها من كل جانب بعد رحيل زوجها ولاسيما أنها لم تنجب وريث العهد فانتحرت ، وتلا انتحارها انتحار العالم " وو كونو " احتجاجاً على تنصيب ابن الأمير شون إمبراطوراً على العرش ، فأثر ذلك على سمعة "تزوهسي" التي لطخت بالتراب والوحل .
ثارت ثورة غضب "تزوهسي" بعد أن رأت الإمبراطور الجديد يفضل شريكتها "تزو آن " عليها ، فاستطاعت بفطنتها أن تستميله إليها ، فبدأت شريكتها " تزو آن " تشكوها بسبب فظاظة طباع " لي ليان ـــ ينج" المًكلف بجمع الضرائب نتيجة ما يدّعيه من ألقاب تخص الإمبراطور فينسبها له ، فاستفحل الشجار بينهما .
فمضت عدة أيام حتى مرضت " تزو آن " مرضاً شديداً فرحلت ، وقيل أن "تزوهسي" أرسلت لها كعكاً مسكراً بالسم ، فانتشر السم في جسدها ، ليخلو جو الحكم لها .
استمرت "تزوهسي" تحكم وحدها ثماني سنوات ، حتى بلغ الإمبراطور الجديد العشرين من عمره ، فاختارت له ابنة أخيها زوجه ولكنه لم يكن يميل إليها بل كان يفضل أكبر المحظيات .
http://up.arab-x.com/pic/Du257493.gif
وتمضي السنون وترسم خرائط التجاعيد على وجه "تزوهسي" التي بلغت الخامسة والخمسين ففضلت الانسحاب من أعباء الدولة والاعتزال في قصر الصيف من أجل الإنس ، فبدأت تنفق أموالاً طائلة لتستمتع بما تبقى لها من العمر ، واستمرت على ذلك 10 سنوات فأخذت تسيء للإمبراطور فمن العُرف عندما كان يزورها أن يستقبلها الإمبراطور أمام بابها راكعاً ، فتتركه على هذه الحال راكعاً مدة طويلة حتى تأذن له بالدخول ، كانت تتعمد الإساءة إليه بأن تطيل الحديث مع زوارها فلا تستقبله إلا بعد انتهاء حديثها .
في سنة 1894م بدأت الصين تستعد لمهرجانات ضخمة لم يسبق لها مثيل احتفالاً بميلاد " تزوهسي " الستين.
فبدأت حرب اليابان الدموية تزحف بهذه السنة للصين وتذلها أشد إذلال ، فألغت " تزوهسي " المهرجانات ، فوجهت الجماهير أصابع الاتهام في هذه الحرب لنائب الملك " لي هونغ شانغ " ولكن الإمبراطورة " تزوهسي " دافعت عنه متهمة الإمبراطور بأنه وراء هذه الحرب التي أقامها بدون مشورتها ، فحاك الإمبراطور حولها مؤامرة بعد أن ألقى بها في جزيرة صغيرة فقد اتهمها بالإسراف من أموال الدولة بدون حساب ، ولكن المؤامرة انقلبت ضده فتم القبض على الإمبراطور ، فعاد الحكم من جديد إلى " تزوهسي ".
صورة تمثل ثورة الملاكمون
http://www.bookpalace.com/acatalog/HowatChina.jpg
هبت عاصفة ثائرة في الصين عام 1900م المعروفة بثورة البوكسر (الملاكمون ) "هي عبارة صينية تعني قبضة النظام العادل " وفي هذه الأثناء تعهدت الصين بمساعدة اليابان على دفع قروضها في أوروبا ، فاستغلت أوروبا ذلك بأخذ المرافق الخصبة الغنية المفيدة الخاصة بالصين ، فضاقوا ذراعاً بتدخل الفرنسيين والإنجليز والروسيين والجرمانيين في بلادهم فقرروا طردهم من بلادهم .
تجمعت أيادي الأشراف مع الإمبراطورة لإيقاف المذبحة الشنيعة التي امتدت ثوراتها للشعب ، وبدأت أوروبا تضرب ضرباتها بعنف التي كادت تقتلها فبدأت تفرض غرامة ثقيلة ، استمر تقدم الأجانب بخطوات زلزالية ، أوقعوا الدمار ، ففزعت الإمبراطورة لتلك المشاهد فالمعابد والقصور أصبحت مجرد طلل ودخان ، ففرت في إحدى الليالي البائسة قضت أيامها فيها كالبؤساء بل أسوأ ما يلقاه البائس اليائس فقررت الانتحار ، ولكنها عدلت عن رأيها .
عادت السكينة تدب في قلبها ، فكادت ترقص فرحاً بعد توقيع الصلح ، عادت " تزوهسي " القصر فقررت أن تتخذ إجراء الإصلاح ولكن ماذا تصلح فقد هدمت القصور والمعابد فاهتمت بها قبل كل شيء .
ورغم جميع النوائب التي أحاطت بالإمبراطورة " تزوهسي "إلا أنها ما زالت تحتفظ بصحتها الفائقة ، ولكنها بعد ذلك أدمنت تدخين الأفيون فتدهورت صحتها فأمرها الأطباء بتركه بعد ذكر أضراره ، فأصدرت قراراً يحرم تجارته .
عادت " تزوهسي " العاصمة فبدأت تحسن علاقتها بالإمبراطور فكانت تُطلعه على مراسيمها قبل صدورها وتستشيره في أمور الدولة ، وإذا قيده المرض رفضت أن يركع إليها حسب العُرف قائلة له بلطف ورحمة اجتاحت فجأة قلبها :" أوثر أن أراك معافى على أن أراك تضرب الأرض بجنبك "
وفي عام 1903م احتفلت " تزوهسي " بعيد ميلادها الثالث والسبعون ولكن علامات الوهن والضعف بدت ظاهرة على الإمبراطور فلم يستطع حضور الحفلة.
تساقطت ثلوج الشتاء لتلون الأراضي الصينية بلون النقاء والصفاء الأبيض ، فبدأت تضرب البرودة جسد " تزوهسي " ولكنها استمرت بإرادة قوية صبورة تدير شؤون الصين .
وفي يوم تبلدت فيه غيوم سوداء لم تنقشع لتخبر الناس بوفاة الإمبراطور في 14 تشرين الأول ، فأصدرت " تزوهسي " بتلك الليلة مرسوماً بتعيين الأمير شون بأن يقوم بنفس مقامه ، فقامت بترقية ابنة أختها أرملة الإمبراطور للقب الإمبراطورة الكبيرة ، بينما احتفظت بلقبها العظيم الإمبراطورة الكبرى .
وفي يوم ساكن يخفي ورائه آلام مرض الإمبراطورة " تزوهسي " وتخفي أنينها الذي ضمته جدران غرفتها ، أحست بدنو أجلها فنهضت من فراشها مثقلة واهنة الجسد ، مسرعة لعقد جلستها الأخيرة في المجلس الذي كان في اجتماع لأداء شؤون الدولة كاتبة بيديها :" لقد صار من واجبي الذي لا مناص منه أن أتولى الوصاية"
وفي الساعة الثالثة بعد الظهر في نفس اليوم سكن جسدها برودة الأموات فقد لفظت أنفاسها الأخيرة ، فرحلت المرأة التي حكمت الصين نصف قرن تقريباً وبرحيلها ورحيل ابن أختها أغلق التاريخ الصيني صفحاته على الأسرة المنشورية التي انتهت وراثتها بوفاة الإمبراطورة لتفتح الصين ستاراً جديداً لعهد يرفرف على النظام الجمهوري الصيني الجديد .


أرب جمـال 25 - 10 - 2010 02:31 AM

القصر الصيفي الخاص بتزوهسي الواقع بالمنطقة الشمالية الغربية وسط بكين وقيل أنها أفضل حديقة إمبراطورية محفوظة بالعالم



http://www.chinahighlights.com/image...ace-dragon.jpg

http://www.johnstonsarchive.net/pict...a/sumpal01.jpg

http://www.johnstonsarchive.net/pict...a/sumpal02.jpg

http://www.johnstonsarchive.net/pict...a/sumpal03.jpg

http://www.johnstonsarchive.net/pict...a/sumpal06.jpg

http://www.johnstonsarchive.net/pict...a/sumpal05.jpg


عاشق تراب الأقصى 25 - 10 - 2010 09:39 AM

موضوع فخم جدا وسأعود اليه للاستفادة
الف شكر اخت ارب

أزهار 26 - 10 - 2010 12:55 AM

استمتعت جدا بالقراءة
شكرا ارب

أرب جمـال 26 - 10 - 2010 12:55 AM

كاترين هوارد



صورة دمية على شكل كاترين هوارد

http://images.replacements.com/image...502S0037T2.jpg
صورة لكاترين


أطل القمر في ليلة جميلة أمام نوافذ قصر نورفولك القديم ، وضج المكان بالضيوف وما أن انتصف الليل بدأت الأنوار تنطفئ شيئاً فشيئاً حيث أن ربة هذا القصر امرأة عجوز وكانت لا تسمح لضيوفها أو زوارها بإنارة الأضواء وقت خلودها للنوم فهذا ما تعلمته ولاسيما أن ضيوفها من سلالة الأسر المعروفة المرموقة المستوى ، ولكن ما أن تخلد العجوز للنوم ، حتى يبدأ الفتيان والفتيات كذلك يبدأن بإنارة الأضواء متناسين تلك القوانين وتستمر ليالي السمر في أثناء نوم المرأة العجوز المحافظة على القوانين والقواعد بالنسبة للأسر الكبيرة .
كانت تلك العجوز غريبة الأطوار فقد حولت غرفتها إلى حديقة طيور تغرد داخل أقفاصها في غرفتها لأنها عاجزة عن اللهو فهذه العصافير ترجع ذكريات شبابها الضائعة لها .
في هذا القصر كانت تقيم به الفتاة الفقيرة كاترين ابنة سير أدموند هوارد حيث أن والدها أخو اللورد نورفولك لوالدته الذي يمتلك هذا القصر .
كانت كاترين فتاة فقيرة الحال ، فقد عاشت مع أسرة فقيرة الحال ولم يكن هناك من دلائل أو بشرى تشير على أنها سترتقي يوماً ما لعرش انجلترا فقد كانت فتاة في سن الخامسة عشر ، مرحة ، حسناء ، ذات شعر حريري ، براقة العينين
فقد أغناها ذلك الجمال الرائع عن ارتداء أجمل العقود فلم تكن تعشق ارتداء الحلي أو الخواتم فجمالها غطى عن كل ذلك ، فقد كانت جمال قصر نورفولك ، وفي هذا القصر الذي امتلئ بالفتيان والفتيات كان هناك شاب يعشق كاترين الصغيرة يدعى فرانسوا ديرهام من أقارب أسرة نورفولك ولكنه كان فقير الحال مثلها تماماً ، وكانت الدوقة تستلطف فرانسوا لأنه يمتلك لساناً جميلاً في التحدث مع الآخرين وكان يحب النوادر وكان له دور كبير في القصر من حيث تنظيم الرحلات وابتكاره وسائل جميلة للتسلية وكانت الدوقة تكتفي بالجلوس مع بقية الشبان وتضحك من نوادر فرانسوا رغم أنها لا تعرف ما يقول بسبب سمعها الضعيف .
واعتلت مكانة ديرهام عند رفقائه كثيراً فأثار ذلك الحقد والحسد من قبل المعلم مانوكس الذي طرد من القصر مرة بسبب كاترين حيث كلف بمهمة تدريسها وهي في عمر الثالثة عشرة وكان يحاول التقرب منها بشتى الطرق ومرة تجاوز حدود الأدب بإلصاقه وجهه بوجهها ، ففزعت الصغيرة لتصرفه المجنون وصرخت وعندما جاءت الدوقة اعتبرت الطرفين مذنبان فصفعت الفتاة وطردت الأخير .
ولكنه هذه المرة عاد واستلطف الدوقة وبدأ يحقد على ديرهام لأن امتلك قلب كاترين وقام بوضع مكيدة تمهيداً لطرده من أجل الحصول على كاترين فأخبر الدوقة أن ديرهام وكاترين يتجاوزان في كونهما صديقان وهناك أمور أخرى مخفية عنها تتعدى حدود الأدب مما جعل الدوقة تدخل على كاترين والشاب وهما يتحدثان معاً وكانا على وشك قبلة فانهالت ضرباً عليهما بالعصا
فصاحت كاترين " نحن عازمين على الزواج "
ولكنها لم تهتم بذلك ، وبعد ذلك قرر الدوق والدوقة إرسال كاترين إلى " لامبت " حتى يتم تأهيلها للعمل كوصيفة في قصر الملوك ، وفي هذا القصر التقت كاترين بابن خالها توماس كولبيبر " وكان شاباً جميل الهيئة ويهتم بأناقته ، فبدأ يتودد لكاترين وبدأ الاثنين دائماً يتنزهان في الغابات والحدائق معاً ورأى أنهما متشابهين في الميول وهنا نسيت كاترين الجميلة " ديرهام" .
وجاء القدر يعصف في وجه كاترين وتوماس فلقد أمر توماس بالتوجه إلى لندن لخدمة الملك هنري الثامن وتصبح كاترين كذلك خادمة للملكة .
وبدأت كاترين تسأل بشغف عن مواصفات ذلك الملك فقام توماس بالتحدث عنه باعتباره رجل غريب الأطوار ، يحب الثقافة ويعشق دراسة كتب اللاهوت ، ضخم الجثة ، له شعر أحمر نابت على وجهه وعينان صغيرتان واحدة مفتوحة وأخرى مغمضة وهو في عمر الخمسين ، ثم أخذا يتحدثان عن الملكة بعد أن سألت" كاترين " توماس عن ذلك فوصفها بأنها قبيحة المظهر أتت من شواطئ نهر الراين وهي بعمر الرابعة والثلاثين ومنذ أن وقع ناظر الملك عليها كرهها ، حيث أن وزيره كرومويل هو من ساهم على إتمام هذا الزواج ولذا ظل الملك حانقاً عليه بسبب هذا الاختيار .
فبدأ الخوف يتسرب لكاترين بعدما سمعته عن الملك والملكة ، ذهب الفتيان و معهن الفتيات للقصر وهناك قام رئيس الأساقفة " ونشستر" بتجهيز وليمة كبيرة للملك هنري الثامن وكان في هذه الوليمة ما لذ وطاب من أصناف الطعام وبدأ الجميع يأكل بشراهة ومن شدة هذه الشراهة إذا أرادوا تنظيف أياديهم من بقايا الطعام لم يكفلوا أنفسهم بغسلها بالماء أو بمناديل ورقية بل كانوا يغسلونها بأغطية المائدة أو برؤوس الكلاب التي أخذت نصيبها من ذلك الطعام الشهي .

صورة هنري الثامن

http://b8.ac-images.myspacecdn.com/0...98203518_m.jpg


My hunk of a husband, Henry VIII

وقد تخلل الحفل ، عزف الموسيقى والألعاب ، وفي هذه الأثناء جلس هنري الثامن على كرسيه وهو يداعب لحيته الحمراء وكانت الملكة بجانبه ويقال أن الفتيات ارتفعت ضحكاتهن بسبب شكل الملكة المائل للبلاهة ، وفجأة لفت نظر الملك هنري "كاترين الحسناء" فاقترب الملك من توماس وسأله عن تلك الفتاة ، فقال توماس بفخر : هي ابنة عمتي جاءت لخدمة الملكة منذ أيام .....وبدأ يدقق النظر في كاترين متناسياً وجود زوجته الملكة فلقد أعجبته من النظرة الأولى ، بدأ الملك يتقرب من كاترين بإعطائها الهدايا الثمينة، ومع الأيام صار الملك يناديها " ورد بلا أشواك "
أحست كاترين بالقلق من جراء اهتمام الملك تجاهها ، وشعر توماس بأن كاترين تبتعد عنه ولكنه رضخ للواقع فكيف يعترض وهذا ملك قد يأخذه يوماً لحبل المشنقة لو تدخل ، وبدأت كاترين تعيش صراعاً نفسياً فإذا ما وفت لتوماس الفقير وتزوجته ستتلقى التوبيخ من أسرتها وخاصة أن فرصة اقتران فقيرة بالملك لأمر تتمناه جميع الأسر الكبيرة فكيف بالفقيرة .
وفي هذه الأثناء قرر الملك فسخ عقد زواجه من زوجته آنا كليف وهي رابع زوجه له بعد أن تزوج قبلها كاترين دارجون ذات العينين الغليظتين وبعدها أنابولين النحيلة ومن ثم جان سيمور الفاترة وأخيراً آنا كليف التي لم تكن بشيء من الجمال وقد تزوجها في يناير 1540م .
وقد رأى الملك هنري الثامن أن أول خطوة سيقوم بها هي إرسال وزيره كرومويل لبرج لندن تمهيداُ لإعدامه لأنه خدعه بزوجته آنا وبعد بضعة أشهر قام رئيس الأساقفة الانجليكان بفك العقد ، ورأى الملك أن يرسل الملكة" آن " لأهلها في ألمانيا بدل من إرسالها للمقصلة لقطع رأسها كما كان مصير زوجاته الأخريات حسب القانون وكانت" آنا " سعيدة لأنها لم تقتل كالسابقات .
وفي يوم إعدام الوزير بعد أن فصل رأسه عن جسده تم زواج كاترين من الملك هنري الثامن ذو الخمسين عاماً والذي يشكو من عاهات كثيرة ، فتم الزفاف وسط حفلات ضخمة لم تشهدها بريطانيا قط في ذلك العصر .
شعر الملك بسعادة عارمة لوجوده مع الجميلة كاترين حيث ألبسته ثوب الشباب والنظارة فكان يتمشى معها ويذهب للصيد معها ، وبعد ذلك استطاعت الملكة أن تفرض نفوذها عليه بجلب جميع أفراد أسرتها " أسرة هوارد " للقصر الملكي فأدخلتهم في حاشية الملك وأصبحوا ذو نفوذ ، وبلغ حب الملك لمدللته كاترين أنه في إحدى المرات قرر أحد الأشراف من مقاطعات الشمال الثوار على العرش بالزحف لإخضاع المملكة فطلبت كاترين من زوجها أن تذهب معه فوافق وقال لجيشه " أصغوا للأميرة فإذا رأت أن خوض المعركة ضروري فافعلوا ............... وإذا رأت أن تمتنعوا عن القتال فامتنعوا عنه"
وبذلك أصبحت كاترين "قائد الجيش الأعلى" وفي أثناء سير الجيش كانت تتبادل الرسائل مع توماس الذي كان يسير جنباً إلى جنب أمام الملك وذلك بمساعدة وصيفتها الليدي روشفورد التي كان من المستوجب أن تطيع الملكة في ذلك باعتبارها الوصيفة .
مرت الأيام وبدأت كاترين تقابل توماس خطيبها وحبيبها السابق على خفية عن الملك وبكيا معاً فقالت كاترين له وهي تبكي " يجب ألا تحقد عليّ يا توم العزيز ........ إنك تمزق قلبي وإن الملك ليس خالداً ولكنني أطلب من الله أن يطيل عمر الملك .
فأخذ توم يديها وهو يبكي ويقول : سأنتظر متذرعاً بالصبر ............ مهما طال الانتظار .
ولم يكن الملك يشك في تصرفات توماس فقد كان يصطحبه معه للصيد والقنص ، ولكن جاءت العواصف تلطم كاترين مرة أخرى في الصميم ، حيث كان هناك حقاد يحومون عليها وأولهم رئيس الأساقفة " كرانمر" وهو صديق الوزير المعدوم كرومويل ويعطف على زوجة الملك السابقة جان سيمور التي فصل رأسها عن جسدها كذلك .
فقد جاء رجل من قبل خادماً من قصر نورفولك يخبر الرئيس بأن سلوك كاترين بالقصر فيه العديد من الشوائب وكان هذا الخبر مهماً لينتقم رئيس الأساقفة " كرانمر" من كاترين ولكن كان هناك عائق من سيخبر الملك بذلك ؟ لأن المكلف بهذه المهمة طبعاً سيقتل فالملك يحب كاترين بجنون.
وفي نهاية الأمر قرر رئيس الأساقفة نفسه أداء هذه المهمة "مهمة إخبار الملك بسلوك كاترين في ذلك القصر " وفي إحدى الأيام عاد هنري الثامن من رحلة صيد فأعطي ورقة مطوية تكشف ماضي كاترين ، فما أن قرأها الملك حتى استدعى الأسقف كرانمر وأرسله لبرج لندن وبعدها تم طلبه من قبل الملك فأخبره بما سمع عنها في قصر نورفولك .
وبدأ الملك بالتحقق من الأمر ، وفي تلك الأثناء ذهب كرانمر للملكة وكانت تجهل ما حدث ، فأخبرها بأنها خدعت الملك وخانته فبدأت تنتحب وتبكي مؤكدة أنها منذ اقترانها بالملك لم تفعل أي خطيئة وأقسمت بذلك ثم قال لها : ليس هذا السؤال يا ابنتي ما يهمنا ما حدث في قصر نورفولك ،............ لقد دونت أجوبتكِ ، وقعي هنا ، وهنا ، والآن أضرعي لله أن يشملكِ برحمته "
سقطت الملكة على الأرض وقد غطت عينيها الدموع ، ذهب كرانمر للملك ثم وضع أمامه الورقة التي دون فيها الأسئلة والأجوبة وعليها توقيع الملكة أي أن التهمة ثبتت ووجب إدانتها .
بكى الملك هنري الثامن بشدة وبدأ يصيح : إن هذه المرأة عار على أسرتنا لقد سمعتهم يقولون أنها ترمق ابن خالها توماس بنظرات لها مغزاها أراهن هو أيضاً أحد العاشقين "
بعد ذلك قام الملك بالسؤال عن مكان تواجد الملكة فقيل أنها مسجونة في دير بالقرب من ريشموند وكذلك الدوقة نورفولك هي وأسرتها بعد إحراقها جميع الأدلة التي تهدد ديرهام وكذلك تم اعتقال توماس كوليبير .
وفي ديسمبر 1541 م حوكم الحبيبان السابقان للملكة (توم و ديرهام) بالإعدام شنقاً على أن يتم إنزالهما قبل أن يفقدا حياتهما ويتم تقطيع بطنيهما ويتم إحراق أمعائهما مع قطع رأسيهما أي تم التمثل بهما وقتلا أبشع قتلة .

وفي أواسط يناير عام 1542م عقد مجلس النواب واللوردات جلسة تم توجيه وإدانة التهمة على الملكة وتم إصدار حكم إعدامها ولم تدافع الملكة عن نفسها ، وبقي الملك يفكر بزوجته التي أحبها بصدق وهو عاجز عن الدفاع عنها بعد الإدانة ، ولكن الملكة كانت متيقنة أن هناك شعاع من الأمل سيأتي ليخلصها من الحكم الجائر في حقها ، وفي إحدى الأيام دخل رسول الملك على الملكة يخبرها بأنها ذاهبة للندن ، فصرخت بأعلى صوتها " لا لا لا ، لأنها أدركت أنها ذاهبة لمصيرها الموت .
وفي 6 فبراير أُخذت الملكة الصغيرة لبرج لندن وكانت تقول بصوت خافت :" لقد أخذوا توم هنا لقد قتلوه هنا"
وفي التاسع من فبراير دخل عليها الرسول جون جاج ليخبرها بأن حكم الإعدام سينفذ غداً وتم إحضار الملكة قبل إعدامها إلى منصة الإعدام ليخبروها كيف يجب عليها أن تضع رأسها بعد أن تركع بركبتيها مع إلصاق جبينها بالخشب واكتفت كاترين بعبارة " أشكركم سأذكر هذه النصيحة "
وفي يوم الأثنين العاشر من فبراير ، أعدت منصة الإعدام ومشت الملكة بثوبها الأسود كيومها الحالك آنذاك فهي لم تفارقها طرقات الليل المستمرة حيث كان النجارون يعدون المنصة بإحكام ، مشت خطوات والمحتشدين حولها ، كانت شاحبة الوجه، ألقت نظرة حزينة باكية على المحتشدين وقالت بصوت خافت : أقسم لم ارتكب أي خيانة تجاه الملك ، نعم كنت منذ سنوات أحب توم قبل أن يتخذني الملك زوجته .......... ليتني أخذت بنصيحة توم عندما قال :
أخبري الملك أنكِ مرتبطة بسواه ........فلو فعلت ذلك لما قُتلت يا توم ولكنت زوجتك أفضل على أن أكون ملكة ولكن الجميع أرغمني على ذلك ......... أنا لم أخن هنري ولكن خطيئتي أنني افترقت عن توم وأنا ذاهبة للقائه ارحمني يا رب .
صعدت كاترين الملكة الصغيرة بخطوات متثاقلة منصة الإعدام ، فركع الجلاد أمامها يطلب الغفران لما هو مقدم عليه لأنه عبد مأمور فقالت له كاترين بصلابة : قم بمهمتك واذكرني في صلاتك !
وضعت رأسها في المكان المخصص لذلك كما تعلمته ليلة البارحة ورفع الجلاد فأسه لتنهال على رأسها الناعم وانفصل عنقها عن جسدها وكانت كاترين في عمر العشرين.


http://bp0.blogger.com/_DMSMf6AvdRo/...ine+Howard.png


أرب جمـال 26 - 10 - 2010 12:59 AM

( ليدي هاملتون ) الفاتنة التي أسرت بطل البحار!!




أشرقت الشمس الزاهية الفرحة ، في سماء نابولي ولاحت الخيوط الشقراء تداعب البارجة البحرية " أجاممنون " وهي تقترب إلى أرض نابولي في إحدى أيام شهر أغسطس في سنة 1793 م ، وبدأت قلوب رجال السفينة من ضباط وجنود في التحليق أكثر بعد اقترابهم من نابولي فهنا في نابولي النساء واللهو والخمر ، كان الجميع يفكر في تلك الملذات باستثناء ضابط صغير برتبة كابتن يدعى " هوراشيو نلسون " إذا أن وجوده الدائم في مملكة نابولي من أجل زيارة رسمية لها .......

كان نلسون شاباً في الخامسة والثلاثين من عمره ألتحق بالبحرية البريطانية في عمر صغير عندما ألحقه خاله الضابط على البارجة " ريزونابل " وهو في عمر الثانية عشرة حيث كان خاله ضابطاً عليها وبدأ يظهر مهاراته المتعددة إلى أن وصل لرتبة كابتن بعمر العشرين !واستطاع نلسون بأخلاقه وبأناقته أن يكتسب حب رؤسائه ، بالإضافة إلى ذلك حبه لتثقيف ذاته وبعده عن الملذات .

وفي عام 1787م شاء قدره أن يذهب بالبارجة " بورياس" لجزر الهند الغربية والتقى هناك بأرملة انجليزية شابة تدعى " فرانسيس" توفي زوجها الطبيب مخلفا لها ابناً يتيماً وبدأ يتقرب إليها بعطفه على ابنها وتزوجها وكان مخلصاً لها .

نزل نلسون من البارجة قاصداً " السير وليم هاملتون " وهو في أوائل العقد السادس من عمره الأخ الغير الشرعي لجورج الثالث ملك انجلترا ، ويعد السير وليم كذلك عالماً ومؤلفاً للعديد من كتب البراكين والزلال وقد رحب بالكابتن نلسون أشد ترحيب .


صورة لورد نلسون





وفي الصباح التالي ومع إشراقه شمس هادئة حالمة ذهب نلسون إلى الوزير في منزله وفوجئ بغيابه لأداء بعض المهام وبقي ينتظره ريثما يأتي ، وقد شغل وقته في مشاهدة اللوح الفنية في منزله وبينما كان يمعن النظر بهذه اللوحات ، رأى حسناء ذات شعر ذهبي ووجه صبوح ، ناصعة البياض ، تقترب منه وظن أنها ابنة للسفير لكونها شابة وبدأت ترحب به فأدرك أنها الليدي هاملتون ، وفي إحدى الليالي أقام السفير مأدبة للكابتن نلسون بحضور زوجته وبدأ يوجه نظراته للزوجة الجميلة ولكن "السير وليم" لم ينهره لذلك فقد أدرك أن زوجته الفاتنة دائماً كانت محل إعجاب وفتنة للجميع ، ومن شدة جمالها رسم لها الرسام المشهور " جورج رومنى" 23 لوحة مختلفة الأشكال والأوضاع ويقول الرسام في ذلك " أنه لو قضي كل عمره في رسم فتنتها الطاغية لما أستطاع أن يلم إلهامه بجميع أوجه فتنتها !




http://upload.wikimedia.org/wikipedi..._Straw_Hat.jpg












وكانت كذلك ملهمة الشعراء فقد تغنى بها الشاعر الألماني " جيته " في أجمل قصائده الخالدة وحتى أن سحرها تجاوز الرجال فقد أحبها النساء فأحبتها ملكة نابولي " ماريا كارولينا " وقربتها إليها صديقة وأخت أحبتها بشدة ....

تكررت زيارة "ونلسون" إلى "السير وليم" ناسياً زوجته فرانسيس وكان حبه وإعجابه لزوجة السير وليم يزداد أكثر حتى أنه في آخر زيارة له في نابولي وفي اليوم الأخير لموعد رحيله راح يلتمس الأعذار لزوجته حتى يطيل بقاؤه مع الليدي هاملتون مشيراً في رسالته لها إلى أن هذه الأميرة ستقدم الكرم لابنها من زوجها السابق وبدأ يخبر زوجته عن تلك الملكة ولكن بتحفظ دون أن يثير شكها في شيء .....

لم يكن الكابتن ونلسون يتصور أن القدر سيجمعه يوماً بحب تلك الليدي المنحدرة من أصول فقيرة وماضي انغمس في وحل الخطيئة والرذيلة ، حيث فتحت " إيما " عينيها النور في عام 1765م في منزل عامل فحم فقير بمناطق " تشيشاير" يدعى " هنري لايونز" وبدأ جمالها واضح كالشمس منذ طفولتها ، حيث كانت تجر عربة يجرها حمار وهي تجوب بلدة " جريت ينستون "

وعندما أكملت عامها الثالثة عشر عملت " إيما " خادمة ومن ثم بدأت تطمح إلى ما هو أعلى نظراً لجمالها الطاغي ، ففرت لندن تعمل بإحدى الحانات ومحاولة صيد الرجال في مشارب " كوفنت جاردن "

وهناك تعرفت إلى شاباً من الطبقة الراقية يدعى " تشارلس جريفيل " أخذها معه عام 1781م وهي في عمر السادسة عشر لتكون عشيقته وأغدق أمواله عليها على التعليم في الرقص والغناء والتمثيل وأخلصت له ....

وفي إحدى الأيام زاره خاله " السير وليم" الذي توفيت زوجته ورأى عشيقة ابن أخته فأعجبته وهمس له قائلاً : " الآن فهمت سر إلحاحك في طلب المعونة المالية حتى كدت تستنزف مواردي المالية "

ومنذ ذلك اليوم والسير يغدق أمواله على ابن أخته ليغدقها على تلك الشابة الجميلة " إيما".

ولكن مع الأيام ومع كثرة إسراف جريفيل المال ازدادت ديونه وبدأ مطالبيه يزدادون ، فلجأ إلى خاله " السير وليم " واقترح عليه اقتراحاً قلب الموازين وهو أنه سيدفع كل ديونه ولكن بشرط أن يهديه الجميلة إيما ، في بادئ الأمر رفض طلبه ومع زيادة ضغط الديون أخبر جريفيل " إيما " بقراره بإهدائها لخاله على أن يسدد ديونه وفاضت عيناها دمعاً قائلة له : " إذا كنت قد مللتني ......فخير لي أن تطردني على أن تبيعني "

فأخبرها خائفاً على مصيرها المجهول معه لكونه حالياً مكبل بالديون ، فطلب منها الذهاب وأن تجرب حظها في نابولي وإذا لم تشعر بالراحة تعهد لها بأنه ذاهب بنفسه إليها ، وسافرت لنابولي ومرت أربعة أشهر على وجودها هناك فشعرت بالراحة ولاسيما أن السير وليم رفعها للمجتمعات الراقية وهناك أعجبت الجميع بفتنتها وبأناقتها وأحبتها الملكة " ماريا كارولينا" كما ذكرنا آنفاً ، وأصبحت ثياب " إيما " ( موضة ) في ذلك العصر وفي حفلاتها يسارع الجميع لحضورها فقد كانت تسلي الضيوف بتمثيلها ...

وفي صيف 1791م أخذها السير وليم لانجلترا في رحلة قائلاً لها " ما رأيكِ يا عزيزتي في اسمي "

أجابته بسرعة وبصدق " إنه أعز الأسماء وأكرمها "

فقال : " وما رأيكَِ أن ألحقه باسمكِ"

ذهلت " إيما" لطلبه المفاجئ لفارق العمر بينهما ، وتم زواجهما في 6 سبتمبر في العام ذاته ، وبقيت إيما وفية لزوجها لأنه رفعها من بيئة وضيعة إلى أرقى المجتمعات الأوروبية، وفي هذه الأثناء كانت مسرح الأحداث السياسية في الاشتعال بعد نشوب الثورة الفرنسية ، وكانت بريطانيا آنذاك عدوة لفرنسا ، وفي هذه الأثناء استطاعت الليدي هاملتون أن تعزز قوتها السياسية بعد اتصالها بصديقتها الملكة " ماريا كارولينا " ولها الفضل في حصول بريطانيا على أسرار مملكة نابولي وما يفعله الملك " فرديناند " عام 1796م.

وبدأ دور الليدي هاملتون في الظهور سياسياً 1798م ...

وفي يوم ما في صباح محموم استيقظ السير " وليم هاملتون " مفزوعاً بعد أن جاء إليه رسوله يحمل رسالة خطيرة مهمة من " نلسون " حيث كان ونلسون وقتها يتتبع أثر الأسطول الفرنسي بقيادة بونابرت يخبره بأن الظروف ألزمته بأن تلجأ سفنه لمياه نابولي وصقلية من أجل الماء والمؤن ....

فسارع هاملتون لعقد اجتماع سريع مع الملك " فرديناند" وكانوا خائفين من الأسطول الفرنسي فقرروا أن يعود نلسون لجبل طارق ولكن العودة كذلك سيجعله يفقد أثر الأسطول الفرنسي ، وهنا تدخلت الليدي هاملتون قاصدة صديقتها الودودة الملكة ماريا باكية أمام قدميها تطلب منها بحق الحب الذي يجمعهما أن تقنع زوجها الملك بدخول أسطول نلسون الميناء ، وفي بادئ الأمر خشيت الملكة من تدخلها في سياسة زوجها ولكنها رضخت لحبيبتها وسمح لأسطول نلسون بدخول الميناء ، ذهبت الليدي هاملتون مع زوجها ترقب ظهور نلسون محمرة الوجه خائفة بعد فراق دام خمس سنوات وعرفت أن " نلسون قاد معارك في أثناء محاولته لاستيلاء " سانتاكروز" أفقدته ذراعه اليمنى وفقد عينه اليسرى في إحدى العمليات البحرية في " كالفى "

اقترب نلسون من الميناء وعلى عينيه اليسرى عصابة سوداء ومقطوع اليد اليمنى ولكنه عاد برتبة " اميرال "

وأدركت " إيما " أنها عندما توسلت الملكة للسماح لنلسون بعبور الميناء ليس بغريزة حب الوطن فقط بل بحب هذا الفارس البطل وبدأ كلاهما يتبادلان نظرات الحب والابتسامات ......

ومن جديد عاد الحبيب نلسون مع الأسطول للمياه المصرية وبدأت تعيش " إيما" حالات قلق عليه وحاولت إخفاء هذا القلق عن زوجها وشعبها متصنعة ابتسامتها وطلتها المعتادة ، وجاءت الأنباء السارة تبشر بانتصار البطل "نلسون" في ( معركة النيل) وتحطيمه الأسطول الفرنسي في " أبي قير " وبدأت الطرقات ترقص فرحاً بهذا الانتصار وبدأت " إيما " تعد المآدب والحفلات لاستقبال البطل نلسون ولم يلحظ أحد هذا الاهتمام سوى صديقتها المقربة الملكة ولكنها أشفقت عليها ..


وفي الثاني والعشرون من شهر سبتمبر عام 1798م بدأ الجميع ينتظر البطل أمام مياه نابولي بلهفة وكانت الليدي هاملتون وزوجها في انتظاره فالرسميات تمنعها من الركض كالبقية لاستقباله بدون قيود ومن شدة لهفتها لبطلها زاد وجهها تورداً وفرحاً وظن الجميع أن ذلك بسبب نسيم البر ، وحاولت اصطناع الرسميات بوجودها بجانب زوجها ولكن ما أن اقترب جسد نلسون من البر صرخت وعيناها يشع منهما بريقاً وهاجاً " يا ألهي ..... أهذه حقيقة ؟!

وتجاوزت الرسميات بتلك الصرخة ومن شدة هول الموقف أغمي عليها فحملها حبيبها " البارون نلسون أوف نيل " بذراعه الوحيدة وبادلها نظراته البراقة بعينه الوحيدة ...

أحس نلسون بشعور غريب لم يكن يشعر به تجاه زوجته فرانسيس قط ، ونسيت " إيما" الرسميات وبدأ الحبيبان يلتقيان وقال لها بإحدى المرات وهي بحضنه : " ما يحزنني أنني لا أستطيع أن اتخذكِ زوجة "قالت له : سأقنع أن أكون زوجتك أمام الله !!

وفي هذه الأثناء ما زالت الأحداث السياسية تشتعل فقد اشتغلت انجلترا بتكوين حلف أوروبي ضد نابليون ، وقدم نلسون اقتراح أن يوجه الجيش للشمال لمجابهة القوة الفرنسية ونفذت الخطة حيث استطاع الأسطول البريطاني قطع خطوط الاتصال الفرنسية ولكن حدث تخاذل من جيش نابولي فعم بالجيش الفوضى واشتعلت ثورة الثوار الجمهورين على الملك وهنا لجأت الملكة ماريا لحبيبتها " إيما " حتى ترد لها جميلها السابق مع نلسون فاستطاع نلسون من إنقاذ الأسرة المالكة من الثوار وأخذهم إلى بالريمو التي جعلت عاصمة لفترة وجيزة للحكم في ظل تلك الظروف ...

واستطاع نلسون على أن يحاصر الجيش الفرنسي في مالطة وحاصر الثوار الجمهوريين من جهة أخرى على خليج نابولي وفي ذلك هناك رأيان حيث يرى المؤرخون : " أنه اتخذ هذه الوسيلة ليجنب أسطوله الخسائر " بينما رأى الأدباء" أنه اتخذ هذه وسيلة للبقاء على البر ليبقى مع الحبيبة إيما "

ولكن الملك " فرديناند وزوجته ازدادا ضجراً من الحصار الطويل وطلبا من كردينالاً يدعى " فابريزيورفو" أن يساعدهما مع المخلصين لهما فكون جيشاً من المتطوعين استطاع من خلاله أن يجعل الفرنسيين والثوار للجوء لقلاع نابولي وهنا بدأت الليدي هاملتون تهمس لصديقتها الملكة بهواجس خطيرة بأن هذا الكردينال رفو سيشكل خطراً على الملك إذا نجحت مهمته وهنا طلب الملك من نلسون أن يزحف على نابولي ويمسك زمام الأمور بيده ، وذهب الأسطول وعلى ظهره الليدي هاملتون وزوجها .

وفي 24 يونيو عام 1799م وصل الأسطول نابولي متعجبين من وجود الأعلام البيضاء ترفرف على القلاع أي أن رفو وقع صلح بين الفرنسيين والثوار ولكن نلسون رفض هذا القرار لأن الفرنسيين كانوا سيهزمون بدون هذا الصلح .

، ووجد نلسون أمتعة الثوار الجمهوريين على متن مراكبهم للخروج بحراً من البلاد بطلب من رفو حيث كان ذلك جزء من الصلح أن يؤمن حياة هؤلاء ولكن نلسون اعتقل عدداً كبيراً منهم وأعدم رؤساءهم وعارضه الحساد في ذلك ......

وفي تلك الأثناء بلغ السير وليم هاملتون سن السبعين وأعفي من مصبه وهنا قرر الثلاثي نلسون والليدي هاملتون وزوجها ترك نابولي ليجوبوا الدول الأوروبية ورضي الزوج في ذهاب نلسون معه لأنه يمجده وقد أثر هذا الوداع على الملكة ماريا لرحيل صديقتها المقربة وقدمت لها قبل رحيلها من زوجها الملك وسام صليب مالطة فهي أول امرأة تنال هذا الوسام .

عبر الثلاثي في طريقهما " فيينا" و"همبورج" و"درسدن"وغيرها من البلدان ولقوا ترحيباً وحفاوة في تلك المدن وعاش العاشقين هناك أجمل لحظات عمرهما ....

وفي أثناء وجودهم بانجلترا طلب نلسون من زوجته فرانسيس أن تبقى الليدي وزوجها بنفس المنزل ، وبدأ يذل زوجته ويهتم بحبيبته أكثر وبدأ الزوجان يتشاجران وعندما يشتد شجارهما يخرج نلسون ليلاً للطرقات ، وفي نهاية الأمر هجرت فرانسيس زوجها وبعد عام بدأت تشعر بشوق إليه وكتبت له رسالة تخبره بشوقها له وأن عليه نسيان ما حدث ........

ولكن نلسون اعتبرها فرصة للبقاء مع حبيبته " إيما" وانفصل عن زوجته وطلبت " إيما" من زوجها أن يسمح لنلسون بالبقاء معهم تحت سقف واحد ، وافق الزوج المسكين على ذلك ، وشربا كلاهما كأس السعادة وازدادا جرأة واستهتاراً في انغماس الحبيبان بالملذات ووقعا بالمحظور وأنجبت له " إيما" " هوراشيا" ابنته الوحيدة وأدعى أنه تبناها وفي ولادة ابنته كان نلسون يخوض معركة " كوبنهاجن" فانتصر بها وأقيمت الاحتفالات الكبرى في ذلك واشترت " إيما" لحبيبها منزلاً في مرتون مطلة على حديقة غناء وبقي العاشقان هناك وفي عام 1802م وجد الزوج سير وليم بأنه بلا وجود في حياة زوجته ففارق الحياة وهو يوصي نلسون بالعزيزة " إيما"

وكان موت الزوج فرصة لهما ليخلا الجو لهما ولكنهما لم يستمتعا طويلاً بعد أن قرر نابليون العودة والانتقام والحرب على انجلترا وبدأت " إيما" تدفع حبيبها لخوض هذه المعركة في سبيل المجد وفي 1803 ذهب لخوض معركة " الطرف الأغر" وأحس قبل بدأ المعركة باقتراب منيته حتى أنه جهز تابوتاً له وكتب رسالته الأخيرة "لأيما " قائلاً دعائه " ليكلل آلة المعارك جهودي بالنجاح "

وأصيب نلسون بالحرب إصابة بالغة خطيرة وأوصى صديقه الكابتن "هاردي" بتأمين حياة كريمة لحبيبته ولابنته قائلاً قبل أن يلفظ أنفاسه " أعطوا كل متاعي لعزيزتي .......ارع عزيزتي الليدي هاملتون...... الآن أموت راضياً .... فقد أديت واجبي والحمد لله "

ورثت الليدي هاملتون عن حبيبها ضيعة " مرتون " وأرباح قدرها 4000 جنيه لابنته الوحيدة ، مع وجود مكافأة سنوية لها قدرها 500 جنيه تكريماً لذكراه ولكنها مع الأيام أسرفت وأغرقت نفسها بالديون وبدأ الدائنون يطاردونها فألقيت في السجن عاماً كاملاً.

وبعد انتهاء مدة حبسها خرجت من السجن شبحاً ضائعاً بلا حيوية أو بريق ،فقيرة ، تجوب الطرقات ، جائعة تريد ولو فتات من الخبز ليسكت جوعها فاحتست أرخص أنواع الخمور وفي مساء صاخب عام 1815م أخذت تتجول في مدينة " كاليه" المدينة التي احتضنت نهايتها المؤلمة وكانت قاصدة الحانات لعلها تجد رجلاً طالباً للهوى يأخذها من الفقر ، ويهديها فتات الخبز و استمرت في التجوال بين الحانات وقد أغرقت جسدها بالخمر ، ثملة وفي صباح اليوم التالي أشرقت الشمس من جديد لتنطفئ حياة " إيما" سقطت ورقتها الأخيرة وهي فقيرة ، مشردة ، ثملة ، جائعة

........


أرب جمـال 26 - 10 - 2010 01:04 AM

( مدام ريكامييه ) فاتنة الملوك ورجال الأدب والسياسة


http://up.arab-x.com/uploads/images/...193954ee17.jpg

في مدينة ليون ،تفتحت أزهار النرجس في ربيع احتضن صرخة طفلة خلف جدران مدينة ليون تعلن ميلاد ملكة الحسن والقلوب جولييت برناد ، فقد ورثت حسنها الخلاب من أمها ، حسناء أسرت الألباب في عصرها ، بالإضافة إلى حسنها كانت مرهفة الحس يجري في قلبها مجرى الحنان والرقة ، قدمت إلى باريس عام 1793م وكانت هذه الفترة فترة اشتعال الثورة الفرنسية ، فقد كانت ترقب يومياً العربة المارة على طرقات المدينة وهي تحمل الضحايا لجلبهم للمقصلة فتشعر بالأسى وتتفجر عواطفها الحانية ، عشقها رجال الأدب والسياسة ، فقد كانت طيرهم المغرد الذي يلهم الفنانون في رسم لوحاتهم ، ونحت تماثيلهم مثل دافيد وجيرار وكانوفا وكانت ملهمة الأدباء مثل فيكتور هيجو ولامرتين وشاتوبريان ...



http://up.arab-x.com/uploads/images/...f6bcfcccdf.gif


وكانت كذلك القيثارة العذبة الذي يفد إلى مجلسها الأدبي رجال السياسة فقد أسرت قلوب النبلاء والأشراف والملوك......



http://up.arab-x.com/uploads/images/...ce314e1775.jpg

حتى أن زعيم أوروبا نابليون بونابرت الأشبه بالجبل الشامخ يفد لمجلسها ليس من أجل الاستزادة من لسانها المثقف في مجلسها الأدبي فقط ولكن للتمتع أيضاً بجمالها الآسر الذي غارت منه حسناوات ذاك العصر وحقدن عليها لفتنتها الصارخة ، ورغم فتنتها المبكرة وكثرة عشاقها إلا أن قلبها لم يرفرف لأحد العشاق .



http://up.arab-x.com/uploads/images/...863caa4e2b.jpg

في هذه الأثناء كان لعائلتها صديق قديم يدعى ريكامييه صاحب المصرف الشهير في ذلك العصر وكان من معارضي الثورة وكان يدرك أن معارضته هذه قد تقوده يوماً لحبل الموت ، قام ريكامييه بخطبة جولييت من أمها وألحت أمها على ابنتها على أن تقترن به لأنها ظنت بلا شك أن ريكامييه بمعارضاته للثورة قد يقتل وترث ابنتها الملايين ، فرضخت جولييت لرغبة والدتها دون أن تعرف ما تهدف إليه أمها رغم أنها كانت زهرة ربيع متفتحة للتو أما ريكامييه فهو خريفي العمر في سن الأربعين وتزوجت زهرة الربيع جولييت بأوراق الخريف ريكامييه ، ولكن ريكامييه لم يكن يوماً يعشق جولييت فقد كان هذا الزواج يخفي ورائه سراً مخيف لم تكتشفه المسكينة جولييت وهو أن زوجها يعشق أمها ، كان الزوجان مجرد زوجان على الورق وجودهما معاً رسمي ومن أجل الظواهر الخارجية ، وتعجبت جولييت من تصرف زوجها معها بشكل رسمي وبنفوره منها ، وكانت شديدة الحياء فلم تستطع إطلاق لسانها ومصارحته .


http://up.arab-x.com/uploads/images/...da6e7015a5.gif

جاءت رياح الحرب في فرنسا تقلب الموازين وتقلب القلوب والأخلاق فقد هبت رياح الحرب تدمر أخلاق أهلها وانغمسوا في ملذاتهم وأهوائهم ولكن مدام ريكامييه ( جولييت ) لم تمسها تلك العواصف المنحطة ، كانت أينما حلت تمتلك حب الجميع متمسكة بمبادئها وقيمها الأخلاقية ، كان هذا الاهتمام وانتشار خبر جمال تلك الفاتنة له أثر في حقد آيتا الجمال مدام هاملان ومدام تاليان لأنها أينما حلت تسبا عقول الجميع .


http://up.arab-x.com/uploads/images/...d7468cfb9e.jpg

استخدمت مدام ريكامييه ثروة زوجها في فتح صالوناً لرجال الأدب والسياسة فقد كانت محبة لتثقيف ذاتها ، كان زوجها يدرك أن أغلب هؤلاء الرجال يهيمون بزوجته وكان زوجها يفخر بها أمام أصدقائه ويعتبرها تحفة جميلة ثمينة بمنزله ، عشقها شبان كثر أبرزهم مونتمورنسي ولوسيان بونابرت والبرنس أوجستاس البروسي وبالانش وامبير وشاتوبريان ولكن قلبها خفق لأفضل الأدباء بفرنسا وهو فرنسوا رينيه شاتوبريان يكبرها بتسع سنوات ، ولكنه كان متقلب في حبه لها ، أحبته جولييت بجنون وساهمت في مساعدته في حياته السياسية والأدبية ورغم تقلبه الدائم في حبها كتب مذكرات تفصح عن مدى هيامه وإعجابه وتقديره لها طبعت تلك المذكرات بعد وفاته باسم ( مذكرات من العالم الآخر ).


http://up.arab-x.com/uploads/images/...60e757e220.gif

في هذه الأثناء حيث يفد رجال السياسة والأدب إليها كانت جولييت مناهضة لسياسة نابليون ، وفي صالونها اتصلت بالكاتبة المشهورة دي ستايل ولكنهما كانتا مختلفتان تماماً بالأهواء فقد كانت صديقتها حرة طليقة كالطير ، تمشي وراء لذاتها في أثناء جريان العاشقين لها بينما جولييت تحتفظ بقيمها رغم كثرة عشاقها ، وبسبب جرأة صديقتها وحريتها كتبت كتابات تعادي نابليون بونابرت عندما كان قنصلاً وكرهها حتى أنه تعهد أن ينتقم منها يوماً ما .

http://up.arab-x.com/uploads/images/...863caa4e2b.jpg

كان بونابرت ذلك القائد بأخلاقه الحربية القوية ، ما أن وقعت عيناه يوماً على جولييت وهي كانت متواجدة في قصر أخيه لحضور حفلة كبيرة حتى أعجبته وكانت ترمقه نظرة ساحرة غير آبهة به وقرر القنصل بونابرت إخضاعها مهما يكن .
مرت عقارب الزمن وأصبح نابليون من يحرك زمام الأمور ، وكان والد جولييت وقتها مديراً عاماً للبريد الفرنسي فساهم في إيصال المكاتبات للحزب الملكي المناوئ الذي يناهضه وتم القبض عليه بتهمة الخيانة لذلك .


http://up.arab-x.com/uploads/images/...4f9eaff10a.gif

فزعت جولييت من ذلك وبدأت تلجأ لكبار رجال الدولة حتى تتوسط لديهم من أجل والدها وشاءت الأقدار أن التقت بالجنرال برنادوت وسهل أمر دخولها قصر التويلرى لمقابلة القنصل الأول نابليون ، وهنا كان اللقاء بين الطائرة الجريحة وبين الأسد المفترس ، أستقبلها بونابرت بحفاوة وأصدر أمر الإفراج عن والدها فقد كان وجودها هنا كافي لمحو عداوته السابقة لها لأنها لم تعره اهتماماً .
ويجري الزمن من جديد ويصبح بونابرت الإمبراطور العظيم ويقرر الفتك وقتل كل ما عاداه وقتل وشرد من كرهه وقد كان في مجموعة من قبض عليهم مدام دي ستايل التي كتبت قبلاً كتابات تعادي بونابرت عندما لم يرتقي بعد إلى المجد والشهرة ولكن مدام ستايل لم تأسف على ذلك ولكن حزنت على فراق صديقتها جولييت .
ورغم ما آل إليه نابليون من المجد والشهرة ما زالت مدام ريكامييه في ذهنه ، عرض عليها أن تكون وصيفة لزوجته الإمبراطورة إلا أن جولييت رفضت طلبه فقرر اضطهادها وإذلالها مهما يكن ، فأشاع أعوان بونابرت في باريس أن مصرف ريكامييه الشهير سيفلس ورفض بنك فرنسا تقديم المساعدة المادية له ، فأسرع الناس يسحبون الودائع الموجودة بالمصرف ، فأصبح المصرف في موقف حرج فلجأت جولييت إلى جينو حاكم باريس حتى يتوسط لها عند الإمبراطور نابليون فرفض نابليون طلبها لأنه أراد ذلها وقال لها شامتاً:
" لم يوضع مال الأمة لمساعدة أناس يبذرون الأموال تبذيراً فينفقون في السنة 600,000 ألف فرنك على ملاذهم ، ولست أنا عاشقاً لمدام ريكامييه لأنقذها "
وأدى ذلك إلى إفلاس المصرف ونزلت جولييت إلى حضيض الفقر ، وجاءت النوائب مرة واحدة تحوم حولها فقد تبع هذا الخبر موت أمها وحاولت الأم أن تبوح لأبنتها بسرها عندما أحست بدنو أجلها وهي تقول " أرجو منكِ عفواً يا ابنتي ..... إني لم أحضكِ على مثل هذا الزواج إلا لعلمي أن دقائق ريكامييه كانت معدودة .........."
وظنت جولييت أن أمها تهذي هذيان الحمى وماتت الأم دافنة سرها معها ، ومع كثرة المصائب رحلت جولييت سويسرا لقصر صديقتها دي ستايل المطل على بحيرة ليمان فالتقت هناك بالبرنس أوجست البروسي فأحبها وصارحها بذلك وكان جولييت في عمر الثلاثين ، فبادلته العاطفة ذاتها وطلب منها البرنس أن ترسل رسالة لزوجها حتى يطلقها ليتزوجا ، فأرسلت خطاباً لزوجها حتى يطلقها ، فأرسل لها خطاباً يصفها فيه بأنها قاسية القلب وأنه في أثناء ثرائه استخدمت ثروته لخدمة ذاتها والآن بعد أن أصبح معدوماً فقيراً نبذته .....
حن قلبها عليه ورفضت التخلي عنه ، تركت البرنس وشيعت قلبه الحزين قائلة : هذا الرجل الوحيد الذي أحببته .......
ومع مرور الوقت بدأ جسدها بالذبول وتناولت أقراص الأفيون بطلب من أطبائها وأدمنت عليها حتى تجد راحة الموت الأبدية وفي ليلة ما دخل عليها والدها ينتزع قطعة الأفيون من يديها الذابلة ورماها عنها وهو يصرخ : ابنتي ...... ابنتي
وقالت بحرقة : أبي أحبك من صميم فؤادي
وتوالت الأعوام القاحلة في حياتها واستمر نابليون في اضطهادها ، فنفاها خارج فرنسا ....
ولما سقطت دولة الطاغي بونابرت عادت باريس وهي تشارف الأربعين ، اعتزلت الوجود بلجوئها ( لدير الأبيبي دي بوا) وعاد رجال العلم والأدب يفدون إليها هناك وذبلت زهرتنا الجميلة وهي في عمر السبعين وأصبحت ضعيفة النظر حتى كادت تصبح كفيفة ، ومات لديها جميع الأحباب وبقيت وحيدة ،



http://up.arab-x.com/uploads/images/...2d476e7fb1.jpg

فعرض عليها أحد رجال العلم من الذين يفدون عليها الزواج ويدعى " شاتوبريان " فأمسكت بمرآه تنظر لخريطة وجهها المجعد الذي أذبله الزمن بما يحمله من نوائب لها وشاهدت عينيها التي كادت المصائب تعتمها وقالت :
" إن حبك لي هو آخر زهرة تينع في طريق حياتي ، ولكن أصوات من سبقوني إلى عالم الأبدية ترن في أذني طالبة مني أن ألبث كما كنت مدام ريكامييه ، ....... فأية فائدة لنا من ضم قلبينا ونحن على أبواب القبر "

هذه كانت حياة الزهرة الحزينة وقيثارة عصرها والوتر الحزين الذي عزف الأشجان معها في بداية حياتها وفي نهايتها ، وبقيت صبورة جلدة حتى ذبلت في تربة سموم الزمن .


http://upload.wikimedia.org/wikipedi..._engraving.gif



الساعة الآن 04:00 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى