منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الشعر والأدب العالمي المترجم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=127)
-   -   الشاعر: فدريكو جارسيا لوركا / Federico Garcia Lorca (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=7912)

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:30 PM

الشاعر: فدريكو جارسيا لوركا / Federico Garcia Lorca
 
الشاعر: فدريكو جارسيا لوركا / Federico Garcia Lorca

نقل عن الكاتب الكبير عبد السلام مصباح



هو أحد أنشط أعضاء "جيل27 ". ولد في الخامس من يونيو1898 ب"فوينتي باكيروسFuente Vaqueros"؛ وهي قرية صغيرة تبعد عن غرناطة ، غرناطته، بعشرين كيلوميترات، من أب فلاح وأم مدرسة أدخلته إلى عالم المعرفة في سن مبكرة، ولم تكن تدري أنها بذلك حكمت عليه. كان والده يمتلك في تلك المنطقة الفلاحية الخصيبة أراض زراعية وضيعات...وسقط في فجر19 غشت من سنة1936 برصاصات آثمة رمته بها بنادق كتائبية حاقدة، خارج غرناطة؛ في منطقة "بيثنارViznar "تحت أشجار الزيتون؛ قرب نافورة،وهو لم يكتمل عقده الرابع.

نلقى دراسته في قريته ثم في "الميريا".أما المرحلة الثانوية فتابعها بغرناطة التي كانت أسرته قد انتقلت إليها؛ غير أنه لم يظهر اهتماما بدراسته، حيث كان همه الأكبر منصبا على القراءة الحرة وكتابة الأشعار إلى جانب العزف على البيانو، مما كان يغضب أساتذته؛ فكان ينال عقابا ظلت ذكرياته محفورة في أعماقه وفي كراسة يومياته: "إنني أعرف الكثير الكثير، لكن في المعهد كانوا يعطونني صفعات هائلة...".

وبعد نجاحه التحق بالجامعة ليدرس الأدب والفلسفة، وقد حدث لفتوره وقلة حماسته خلال هذه المرحلة أن رسب في مادة تاريخ اللغة الإسبانية، لكن الحدث لم يمر في صمت، كما يحدث مع غيره، فأساتذته استاءوا منه كثيرا،وأصدقاؤه استغربوا لما يعرفونه عنه من ذكاء حاد وذاكرة قوية يحسد عليها...أما الصحفي ج.م غانيدو فقد كتب مقالة، لنقل عنها مقالة تنبئية؛ ينبه فيها أساتذته هؤلاء إلى مكانة لوركا الأدبية، وأنه "سيأتي يوم يدرسون فيه شعره ويفسرونه من فوق منابرهم تلك...".

كان من عادة الجامعة أن تنظم، في نهاية كل سنة دراسية،رحلات استطلاعية تثقيفية لطلابها تحت إشراف أساتذة الجامعة أنفسهم، وفي إحدى تلك النهايات نظم "دومينكيث بارويطاDominguez Berueta"؛ أستاذ نظرية الأدب، رحلة إلى قشتالة والأندلس شارك فيها لوركا رفاقه، وقد كان من نتاجها كتابه الأول "انطباعات ومشاهدImpresiones y paisajes" الذي صدر في غرناطة سنة 1918 وهو في العشرين من عمره، وقد صدره بإهداء في ذكرى موت أستاذه "أنطونيو ساغوراAntonio Sagura" وإلى كافة الأصدقاء الذين رافقوه في الرحلة.

وفي سنة 1921 عقد صداقة عميقة وقوية مع موسيقار إسبانيا الكبير"مانويل دي فاياManuel de Falla"الذي تلقى على يديه دروسا في الموسيقى ساعدته على صقل موهبته الموسيقية ونمت في روحه تلك الرغبة الدفينة؛ فاستخدمها، كما ينبغي، في استيعاب وتسجيل الأغاني والألحان الشعبية؛ وبالأخص الأندلسية.

ظل هاجس خفي يعمل في نفسه، وطائر الأحلام يرفرف بأجنحته القزحية محاولا تكسير أسلاك ذاك القفص كي ينطلق بعيدا، بعيدا حيث الحب والدفء والخضرة، وحيث تتجمع كل العصافير المهاجرة حول ينابيع الضوء والمطر الأخضر...ظل هكذا زمنا إلى أن طار إلى مدريد واستقر بها، وفي سمائها لمع نجمه الأدبي وتألق.

ويوم22 مارس1920 تم عرض أولى مسرحياته "الرقية المؤذية للفراشةEl Maleficio de Mariposa" ، لكنها منيت بفشل ذريع، فبقي بعيدا عن المسرح سنوات، إلى أن عاد إليه في فترة كانت فيها إسبانيا يعيش بقوة الحديد والنار، في ظل الحكم القمعي الديكتاتوري لأحد أدعياء الأدب الفاشلين "بريمو دي ريفيراPrimo de Rivera"، فألف مسرحية "ماريانا بينيداMariana Pineda" التي استوحى موضوعها من تاريخ إسبانيا النضالي،وبالضبط من قصة فتاة كانت تسمى "مارياناMariana"، وهي أندلسية ، ومن غرناطة، أعدمت سنة1830

وإذا كانت أولى مسرحياته تعرضت للفشل وأخرسته زمنا؛ فإن ظهور ديوانه الأول " كتاب القصائدLibro de Poemas" سنة1921 بشر بميلاد شاعر جديد؛ كما كتب الناقد "أودولفو سالاثارSalazar" على صفحات جريدة "الشمسEl Sol"، ففيه تتجلى تلك الشفافية في الصور وتنوعها، والبساطة في الأسلوب وعفويته، وبعد قس الرؤى، وغنى في المعنى...إلى جانب نفس وجداني صادق مع إيقاع شبيه بأغاني القرويات وأغاني الغجر.

لقد كان للنجاح الذي حققه ديوانه الأول هذا أن تفتحت أمامه الآفاق الرحبة، وشرعت له أبوابها المنتديات والنوادي...كما انهالت عليه الدعوات ليلقي المحاضرات ويشارك في الأمسيات الشعرية، وأصبح له جمهور واسع يضم جميع طبقات الشعب: من الغجري البسيط إلى المثقف المتخصص؛ ومن جملة ما تلقى دعوة من المركز الفتي بغرناطة؛ حيث ألقى فيه محاضرة حول ديوانه الذي لم يكن قد صدر بعد"قصيدة الغناء الغجريPoena del Cante Jondo"، نظم على إثرها مهرجان كبير دام يومين؛ وكان من إشراف وتنسيق الموسيقار مانويل دي فايا.

وفي ربيع 1929 سافر إلى الولايات المتحدة مارا بباريس فلندن إلى أن وصل إلى عاصمة ناطحات السحب:نيويورك في يونيو؛ حيث عاش كطالب في جامعة كولوميا، ومن على منبرها أعاد بعض المحاضرات التي سبق

وألقاها بإسبانيا، ولحن بعض الأغاني التي استمد روحها من الموشحات الأندلسية ومن الفلامينكو إلى المغنية"أنطونيا ميرثيAntoňia Mirce"،ومن بينها :"الطحانون الأربعة" و"الحاجان الصغيران".

ولما كانت روحة التواقة دوما إلى الحرية، إلى الانطلاق، إلى التحليق بعيدا خارج أجوائها الطبيعية أحيانا، فقد تسلل مرة مبتعدا عن الجامعة، فقادته خطاه الشاردة إلى حي "هارلم"؛ الوجه المشوه والبشع لمدينة الإسفلت والحديد والورق...حيث تورق العفونة ويزهر البؤس والفقر...وحيث تتفتح عوسجات القتل المجاني، وتتأكسد التناقضات، وتتناسل وتتكاثر الخنافيس الإليكترونية في فضاءات الصخب الأسود، وحيث تتفجر أنهار الدم والعرق من أشلاء أجسام الزنوج المتآكلة، وحيث يباع اللحم القديد يثمن بخس، ويدرك الأطفال لحظة الولادة أن لا فردوس هناك ولا حب مجرد، ويعرفون أنهم إلى وحل الأرقام والقوانين العقيمة سوف يذهبون...احتك لوركا بسكان "هارلم" المضطهدين والمصلوبين دوما على أسنة الحياة،وعايش فقرهم الزنجي، ولاعب الأطفال...عاش حياتهم المريرة ورأى عذاباتهم السيزيفية اليومية، فأحس كأنه في غابة نأكل ذئابها خرفانها الوديعة، ورأى كيف تحول المادة الإنسان إلى آلة، إلى رقم، إلى لا شيئ...وكيف تقتل مدينة الورق والإسمنت والحديد إنسانية الإنسان وتمسخ روحه، طهره، براءته،

بساطته، تلقائيته...وقد كان من ثمار هذه الزيارة/الصدمة واحدة من أروع قصائد ديوانه "شاعر في نيويوركPoeta en Nueva York"،وهي قصيدة "نشيد إلى ملك هارلم Oda al Rey Harlem".

وحين زحف صيف 1930 عاد إلى وطنه بعد زيارة قصيرة إلى كوبا...وفي 24 دجنبر من نفس السنة قدمت له مسرحيته "الإسكافية العجيبة"على خشية المسرح الإسباني، ثم ألقى في"إقامة الطلبة" محاضرة حول ديوانه "شاعر في نيويورك" مع قراءة شعرية.

كما قام بجولة مسرحية على رأس فرقة تتألف من الطلبة ومن الفنانين المحترفين ، قدمت خلالها مسرحية"الكوخ"، وقد كان الغرض من هذه الجولة نقل المسرح إلى أبعد قرية، وحتى لا يبقى محتكرا من فئة قليلة.

غير أن عصفوره الداخلي اشتاق إلى نار السفر المقدسة، وحن إلى التحليق في الأجواء البعيدة، البعيدة جدا...غير الأجواء التي تعود عليها؛وهكذا ركب في"عربة من مياه سوداء"؛ وعاد في صيف 1932 إلى أمريكا، وهذه المرة إلى الجنوبية، حيث زار البرازيل، الأوروغواي، الأرجنتين...وفي عاصمة هذه الأخيرة"بوينس أيريسBuenos Aires" استغلت إحدى الفرق المسرحية الكبرى هذه الزيارة وعرضت ثلاثة من أحسن مسرحياته وهي:"عرس الدمBodas de Sangre" و"الإسكافية العجيبةLa Zapatera Prodigiosa" و"ماريانا بينيدا

Mariana Pineda"، كما أعاد المحاضرات التي سبق وألقاها في كل من إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ولكن أكبر كسب حمله معه عند العودة إلى وطنه هو ذاك التعارف المثمر والمتميز، ونلك الصداقة الحميمية التي ربطته بشاعر الشيلي العظيم "بابلو نيروداPablo Neruda" (12/07/1904 – 23/09/1973) الحائز على جائزة نوبل للأدب 1971 ، والتي سجلها كل واحد منهما بأسلوبه الخاص وطريقته المميزة الفريدة. ففي الفصل من مذكرات بابلو نيرود " أعترف أني عشتConfio que he vivido" والمعنون ب"إسبانيا في القلبEspaňa en el Corazón" نجد تسجيلا حيا لذلك اللقاء التاريخي وكأنهما صديقان منذ زمان؛ ذلك أن شهرتهما كانت السباقة، حتى أنهما بادرا جمهور الحضور بمفاجأة أخرست البعض وأدهشت البعض الآخر، وذلك من خلال الحفل ألتكريمي الذي أقامه على شرفهما "نادي القلم" في فتدق "بلاثاPlaza"، وذلك لإفشال مناورة الخصوم.

وحين اغتيل لوركا رثاه نيروذا بقصيدة غاضبة أشد الغضب، نقم فيها على كل شيء ، فقد كان موته المفاجئ وهو في تلك السن وفي أوج عطائه رمية أصابت نصالها منه الصميم.

وفيديركو غارسيا لوركاFederico Garcia Lorca شاعر ومسرحي؛ بل إنه شاعر الأساطير،وشعره فيجوهره رمزي؛ خلف مظهر الفولكلوري والشعبي،:بساطة في الأسلوب وبعد في الرؤى .أعماله تكشف عن مأساة كائن معذب. فلوركا دوما يعارض غريزيا وبصفته الإنسانية تقاليد المجتمع الهشة. من هذا التوتر تتدفق أعماله المتميزة الرمزية، وعالمه هو الليل بكل مهمشيه والمصلوبين على أرصفته. الليل المسكون بأحصنة سوداء حالمة، ليل مقمر دائما وأنثوي لكل مجدب وعقيم..

وقاموس لوركا اللغوي غني بالمفردات العربية: قصر، ياسمين، زيتون، طلح، ليمون، خرشوف، عنبر...حتى كتبه تحمل عناوين عربية: ديوان، قصيدة...


http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png

يتبع ..

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:40 PM

قصيدةُ الحضورِ الرهيب

أريدُ الماءَ محمولاً من مرقدِه.
أريدُ الريحَ متروكةً دون أنهار.
أريد الليلَ مطروحاً بلا عيون
وقلبي دونَ زهرةِ الذهب.
وأريد أن يتحدثَ الثورُ مع الأغصان
وأريد أن تتخلصَ الدودةً من الظلال.
وأريد أن تلمع أسنانُ الجماجم
وأريد أن يتغلغلَ الأصفرُ في الحرير.
أستطيع أن أرى مبارزةَ الليلِ الجريح
متلوياً في نزالِه مع النهار.
أنا أقاوم حلولَ السمِ الأخضر
والأقواس المكسورة حيث يعاني الوقت.
لكن لا تغمرني بنور جسدك العاري
كما لوِ الصبّار الأسود فتحَ الخيزران.
دعنى في حسراتِ الكواكبِ المظلمة
لكن لا تريني خصرك البردان.




يتبع ..



أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:41 PM

قصيدة الغرام الغير مرتقب

لا أحدَ أحاطَ بسرِ عطرِ
الماجنوليا السوداءِ في رحمِك.
لا أحد علمَ أنكِ عذبتي
طيرَ الغرامِ الطنانِ بين أسنانِك.
.
ألفُ مهرٍ فارسي أسلمَ للنوم
في ساحةِ جبينكِ المضاءةِ بنورِِ القمر
عندما كنتُ - عبرَ أربعِ ليالٍ
- أعانقُ خصرَكِ .. عدوَ الثلج.
.
نظرتكِ مابينَ الجصِ والياسمين
كانت غصناً شاحباً من البذور.
فتشتُ في قلبي كي أمنحكِ
الرسائل العاجية المسطرة بـ دوماً
.
دوماً .. دوماً .. يابستانَ لوعتي
جسدكِ يهربُ مني دوماً
الدم في عروقكِ وسط فمي
وفمكِ دونَ نورٍ يرقبُ موتي.




أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:43 PM

الأحداث التي حصلت لحلزونٍ مغامر

هناكَ عذوبة طفولية
في الصباحِ الساكن.
الأشجار مدّت
أذرعها نحو الأرض.
ضبابٌ متردد
غطى الحقول المبذورة
والعناكب نسجت
دروبها الحريرية –
خيوطاً تمتد عبر البلور النقي
للهواء.
.
في أيكةِ نبات الحور
ينبوعٌ أخذ يردد
أغنيته وسط العشب.
والحلزون المسالم
مواطن الأخدود المحفور
متواضع .. وبسيط
أخذ يتأمل المنظر.
السكون الرباني
للطبيعة
أعاره إيماناً وشجاعة
- متناسياً أشجانَ منزلهِ
الوثير – أسرّ في نفسهِ عزماً
أن يرى نهاية الطريق.
.
بدأ يزحفُ حتى دخلَ
غابة اللبلابِ
والقرّاص .. وقتَ الظهر
كان هناك ضفدعان عجوزان
يتمددانِ تحتَ الشمس
بمللٍ .. يضايقان الضفدعات العجائز.
.
" هذه الأغاني الحديثة"
أحدهم تمتم ..
" بلا معانٍ. " " كلها هكذا
ياصاحبي" أجاب
الضفدع الآخر الذي كان
مصاباً وشبه أعمى ..
" عندما كنت صبياً .. اعتقدت
أن الربّ لو سمع أخيراً
غنائنا .. سوف يرينا
بعض الرحمة. ولكن المعرفة التي اكتسبتها
- وقد عشت وعمرت طويلاً -
دفعتني أن أطرح إيماني جانباً.
والآن .. لست أغني ثانية. " ..
.
الضفدعانِ ابتهلا
طالبينَ الصدقة
من ضفدعة صغيرة
مرّت بغرور
مخلفةً وراءها أوراق العشب الراقصة.
.
متطلعاً في الغابة المظلمة
الحلزون أصابهُ الفزع.
حاولَ أن يصرخ. لم يقدر.
الضدعان اقتربا منه.
.
" هل هو فراشة؟ "
سألَ شبهُ الأعمى.
" هو يملك قرنين صغيرين"
أجاب الضفدع الآخر ..
" إنه الحلزون. حلزون..
هل جئت من أرض بعيدة ؟ "
.
" أنا جئت من بيتي .. وأريدُ
أن أرجعَ إلى بيتي في الحال. "
" إنه مخلوق جبان جداً !"
هتف الضفدع الأعمى.
" هل سبقَ لك أن غنيت؟" " أنا لا أغني "
قال الحلزون. " ولا تصلي .. أيضاً؟ "
" لا .. لم أتعلم كيف أصلي. "
" ألا تؤمن بحياةٍ أبدية ؟ "
" ماهذه ؟ "
" ماذا! أن تعيشَ دائماً
في أكثر المياه هدوءاً
بجانب تربةٍ خصبة
تنتجُ مايكفي للأكل. "
.
" عندما كنت صغيراً أخبرتني
في أحدِ الأيام جدتي المتوفاة
أنني حين أموت سوف أغادر
نحوَ الأغصان الغضة
في أكثر الأشجار علواً . "
.
" جدتك كانت ملحدةً.
الحقيقة هي ماتسمع
منّا. آمن بما نقول "
قال الضفدع الغاضب.
.
" لماذا أردت أن أرى نهاية الطريق؟"
تنهّد الحلزون. " حسنن .. صدقتكم
و بالحياةِ الأبدية
التي تبشران بها. " ..
.
الضفدعان
تحركا جانباً مستغرقان بالتفكير
والحلزون المرعوب
أكمل طريقه ضائعاً وسط الغابة.
.
الضفدعان الشحاذان
بقيا مثل أبي الهول.
أحدهما سأل:
" هل تؤمن بحياةٍ أبدية؟ "
" لا بالطبع " كان الجوابُ المفجع
للضفدع المصاب الأعمى.
" إذن .. لماذا أمرنا
الحلزون بأن يؤمن؟ "
" لماذا؟ لا أدري "
قال الضفدع الأعمى.
" تملأني العاطفة فجأة
حين أسمع صوت صغاري
يتضرعون بحرارةٍ
إلى الربِ وسط مجاري الري. " ..
.
الحلزون المسكين
حاول الرجوع. تلك اللحظة ملأتِ الطريق
أمواج الصمت
تدفقت من جوفِ أيكة نبات الحور.
صادفَ جماعةً
من النملِ الأحمر.
كانت في فوضى عارمة
يسحبنَ خلفهنَّ
نملةً أخرى
قرون استشعارها
منتزعة.
صاح الحلزون:
" أيها النملات .. تعقلنّ !
لماذا تعاملنَ بهذا الشكل
رفيقتكنّ؟
أخبرنني ماذا صنعت؟
سوف أحكم ضميري في الأمر.
أيها النملات .. أخبرنني. "
.
النملة شبه الميتة
قالت بأسى:
" رأيت النجوم. "
" ماهي النجوم؟ " صرختِ
النملات بعصبية.
سأل الحلزونُ
- مفكراً – " نجوم؟ "
" نعم " أعادتِ النملة
" رأيت النجوم.
تسلقت أعلى الأشجار
في أيكةِ نبات الحور
ورأيت آلافاً من العيون
داخلَ ظلمتي. "
سأل الحلزون:
" لكن ماهي النجوم؟ "
" إنها أضواء نتقلدها
فوق رؤوسنا. "
" نحن لا نراهنّ "
علقتِ النملات.
وأضاف الحلزون: " عيناي
لا تريان شيئا خلف الأعشاب. "
.
النملات صرخن
- ملوحاتٍ بقرونهنّ -
" سوف نقتلكِ أيتها النملة. أنتي
كسولة ومنحرفة.
قانونكِ الوحيد هنا: العمل! "
.
" رأيت النجوم "
قالتِ النملة الجريحة.
وكان حكمُ الحلزون:
" انفوها ..
أما البقية فليرجعن إلى العمل.
أغلب الظنِِ أنها ستموتُ
قريباً من الإعياء. "
.
عبرَ عذوبة الهواءِ الباعثة للغثيان
مرّت نحلة.
استنشقت النملة – وسطَ آلامِ موتها
المبرحة – رائحة المساء الضخم
وهتفت: " هذهِ هي من سوف تأتي
لتأخذني إلى النجوم. "
.
النملات الباقيات
هربنَ بسرعة عند رؤيتها ميتة.
.
تنهدَ الحلزون
وغادر بأفكارٍ خدرةٍ
مشوشة
عن الحياةِ الأبدية. " الطريق
بلا نهاية!" هتف قائلا ..ً
" ربما بهذا الإتجاه
يصل المرء إلى النجوم.
ولكن خطواتي الخرقاء
سوف تمنعني من الوصول.
يجب ألا أفكر بالنجوم ."
.
الضباب غطّى كل شيء
من الشروق الهزيل إلى السديم
أجراس الكنيسة البعيدة
دعتِ الناس إلى الصلاة
والحلزون المسالم
مواطنُ الأخدود المحفور
بذهولٍ ..و بدونِ سكينة
أخذ يتأملُ المنظر.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:45 PM

قصيدة الغرام اليائس

الليل يرفض أن يأتي
كي لا تستطيعين المجيء
ولا أستطيع القدوم.
.
لكن سوف آتي
رغم أن عقرب الشمس ينهش وسط صدغي.
.
لكن سوف تجيئين
بلسانٍ ألهبته قطرات المطر المالح.
.
النهار يرفض أن يأتي
كي لا تستطيعين المجيء
ولا أستطيع القدوم.
.
لكن سوف آتي
رامياً للضفادع قرنفلي الممضوغ.
.
لكن سوف تجيئين
عبر مجاري الظلمة الطينية.
.
الليل والنهار يرفضان القدوم
كي أموتَ من أجلكِ
وتموتين من أجلي.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:46 PM

رومانسية القمر، لونا..


تأتي لونا إلى كيرِ الحِدادة
بتنورتها الداخليةِ و الناردين
و الصبيُ يحدقُ، يحدقُ
الصبيُ يحدقُ بقوة
.
يهبُ النسيمُ بارداً
فتحركُ لونا ذراعيها
كاشفةً عن ثدييها
عن حرارةِ و نقاءِ ثدييها
.
"اهربي، لونا، لونا، لونا.
فلو عثرَ الغجرُ عليكِ
إذن لصنعوا من قلبكِ
قلائدَ و خواتمَ فضّة"
.
"يا صبيُ، دعني ارقُص
فحينَ يأتي الغجرُ
سيجدُونكَ فوقَ السندانِ
و عيونُكَ الصغيرةُ مُغلقة."
.
"اهربي، لونا، لونا، لونا.
أستطيعُ أن أسمعَ حوافرَ خيلهم."
.
"يا صبيُ، امضِ و لكنْ
لا تطأ بياضي المُنشّأ"
.
الفرسانُ يقتربونَ أكثر
قارعينَ الطبولَ و الثرى
و في جوفِ السندانِ
الصبيُ يغلقُ عينيه.
.
عبرَ بستانِ الزيتون
يأتي الغجرُ، بلونِ البرونز
رؤوسهم مرفوعةُ للأعلى
عيونُهم نصفُ مغلقة.
.
ها، كيفَ تغني بومةُ الليل!
كيفَ تغني فوقَ شجرِ الليل!
تمضي لونا، عبرَ السماء
ممسكةً بيدِ الصبيّ.
.
في جوفِ كيرِ الحدادةِ
يبكي الغجرُ و يعوِلون
و النسيمُ يراقبُ، و يراقبُ
النسيمُ يراقبُ طوالَ الليل.
____________
"لونا" هو الاسم الاسباني المؤنث لكلمة "قمر" العربية


http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png
يتبع

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:49 PM

بكائية من أجل إغناثيو سانشيز ميخِيّاس

إلى صديقتي العزيزة انكارناثيون لوبث خوليث
*
النطحة والموت (1)
في الخامسة بَعْد الظُهر.
كانت تمام الخامسة بَعْد الظُهر.
جاء طفلٌ بملاءة بيضاء
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
قُفّةٌ من الجير جُهّزَت
في الخامسة بَعْد الظُهر.
ما تبقّى موتٌ ولا شيء سواه
في الخامسة بَعْد الظُهر.
.
سَفَت الرياحُ القطنَ
في الخامسة بَعْد الظُهر.
والأكسيد بَذَر نِيكلاً وبلّوراً (2)
في الخامسة بَعْد الظُهر.
ها هما الفهد والحمامة يتصارعان
في الخامسة بَعْد الظُهر.
وفَخِذٌ فيه قرنٌ أسِيف
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
بدأ ونين الأوتار الرتيب
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
الأجراس الزرنيخيّة والدخان
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
في الأركان جمهرات صمتٍ
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
والثورُ وحده لن تُثبَط عزيمتُه
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
حين أخذ العَرَق الثلجي يقترب
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
حين غُطّيَت الحلبة باليود
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
وضع الموتُ بيوضاً في الجرح
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
في تمام الخامسة الزواليّة
السرير نَعْشٌ ذو عجلات
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
عظامٌ ومزاميرُ ترنّ في أُدْنيه
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
ذا هو الثورُ يخور لُدن جبهته
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
كانت الغرفة مُقزّحَةً بسَكْرة الموت
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
ذي هي الغنغرينا قادمة من بعيد
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
بوق زنبقٍ في منبت الفخذين الأخضر (3)
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
كشموسٍ كانت الجراح تَلهبُ
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
وكانت الحشود تهشّم النوافذَ
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
أه، يا لهول الخامسة بَعْْد الظُهر.
كانت الخامسة في كلّ الساعات
كانت الخامسة في ظل الأصيل.
.
الدم المراق
لا أريد أن أرى دمه.
.
قولوا للقمر أن يأتي
فلا أريد أن أرى دمَ
إغناثيو على الرمل.
لا أريد أن أرى دمه!
.
القمر مفتوحٌ على مصراعيه
جوادُ السُّحب الساكنة،
وحلبة المنام الرماديّة
ذات الصفصاف مدار الأسيجة.
.
لا أريد أن أرى دمَه!
فإنَّ ذاكرتي تشتعل.
ابلغوا الياسمين
ذا الزهيرات البيض!
لا أريد أن أرى دمه!
بقرةُ العالم القديم
مرّرت لسانَها الحزين
فوق مخطمِ الدماء
التي يتشرّبُها رملُ الحلبة، (4)
وثيرانُ غيساندو، (5)
كأنما هي موتٌ، حَجَرٌ،
تخور كقرنين من الزمن
سئمةً من وطء الأرض.
لا.
لا أريد أن أرى دمه!
.
عبر الدرجات يتجّه إغناثيو صُعداً
وجلُّ موتِه فوق ظهره.
كان يبحث عن الفجر
لكن الفجر لم يطلع
يتشوّف إلى طَلالَتِه الواثقة
فيضلّه المنام.
كان يبحث عن جسده الجميل
فوجد دمَه المفتوح.
لا تقولوا لي عليّ أن أرى الدّمَ!
لا أريد أن أتحسسَ الشُّخْبَة
الفاقدة كلَّ مرّةٍ قوّتها؛
تلك الشُخبة التي أخذت تنوّر (6)
المدرّجات وتَنصَبُّ
فوق مخامل
جمهور ظمآن وجلوده.
من ذا الذي يناديني كيما أُطِلُّ!
لا تقولوا لي عليّ أن أرى دمه!
.
لم يُغمض له جَفنٌ
حين رأى القَرنين قريبين،
لكنّ الأمّهات الرهيبات
أشرأبت رؤوسهنّ
ومن مَربى المواشي
ارتفعت نَدْهةُ أصواتِ سرّية،
أصواتِ رعاة الضباب الشاحب،
صارخةً إلى الثيران السماوية.
.
أميرٌ وليس كمثله
في اشبيلية أميرٌ،
ولا من سَيفٍ كسيفه،
ولا من شجاعة حقيقية إلى هذا الحد.
كسَيلٍ من الأُسود
قوّتُه المدهشة
وكتمثالٍ نصفي من المرمر
فطنته المرسومة
سيماءُ روما الأندلسية
كانت تكلل رأسَه بالذهب
بحيث غدت ضحكته سُنبُلاً
من المُلْحة والذكاء.
ما أعظمه من مصارع
ما أجوده من جبليّ!
ما أنعمه مع السنابل!
ما أقساه مع المهاميز!
ما أرقّه مع الندى!
ما أبهره في الأعياد!
ما أرهبه مع أخر
مناخس الظلمات! (7)
.
لكنّه الآنَ نائم نومةً سرمديّة.
ها هي الطحالب والأعشاب
تفتحُ بأصابع وثيقة
زهْرةَ جُمجمتِه.
هو ذا دمُه مغنّيا:
مغنّياً عبر المستنقعات والسُّهول،
ينزلق طوال القرون المتصلّبة من البرد،
يترنّح بلا روح في الضباب،
يتعثر بآلافِ الحوافر
كلسانٍ مستطيل، قاتم، كئيب،
مكوّناً قرب “وادي” النجوم “الكبير”
بِركةً من النزع الأخير.
آه يا جدارَ أسبانيا الأبيضَ!
آه يا ثورَ الحزن الأسودَ!
آه يا دمَ إغناثيو العسيرَ!
آه يا عندليبَ أوردتِه!
لا.
لا أريد أن أرى دمَه!
فما من كأس يحتويه،
ولا من سنونو يشربه،
ولا من صَقعة نورٍ تبرّده،
ما من أغنية ولا فيضان زنابق،
ولا من بلّور يُفضِّصَهُ.
لا.
لا أريد أن أرى دمَه!
جسدٌ حاضر (8)
بَلاطةُ الحجر (9) جبهةٌ حيث تنوح الأحلام
ليس لها ماء متعرّجٌ ولا سَرْو جليدي،
إنّها ظَهْرٌ محمولٌ فوقه الزمنُ
وأشجارُه المجبولة من الدمع، أشرطتُه وأجرامُه النّيّرة.
.
رأيتُ أمطارا رماديّةً تهرع تجاه الموج
رافعةً رهيفَ أذرعتِها المُثَقَّبةِ كالغربال،
كي لا يقتنصها الحجرُ الممدّد
الذي يطلق أعضاءها دون أن يتشرّب بالدّم.
.
فالحجر يمسكُ بالغيم والبِذار،
بهياكل القبّرات وذئاب الغَبش،
لكنّه لا يعطي أصواتاً ولا بلّورا ولا ناراً،
بل حلبات وحلبات ومزيدا من حلبات دون أسوار.
.
ها هو إغناثيو كريم الأصل والمنبت
ممدّدٌ على بَلاطة الحجر.
لقد أنتهى الأمر؛ ماذا يجري؟ انعموا النظر:
الموتُ يغطّيه بكبريت شاحب
ويعطيه رأسَ “مينوتور” داكن.
.
لقد أنتهى الأمر. من فمه يلجُ المطرُ.
مرتعباً يتركُ الهواءُ صدرَه المنخسِف.
والحبّ، المُشرّب بدموع الثلج،
يتدفّأُ في سدرة المراعي.
.
ماذا يقولون؟ صمتٌ منتن يستقرُّ.
نحن أمام جسدٍ حاضرٍ يتلاشى،
ذي شكل جليّ كان له بلابل
وها نحن نراه يمتلئ بثقوب ليس لها قرار.
.
مَن يجعّد الكفن؟ ليس صحيحاً ما يقوله!
فما من أحد هنا ليغنّي أو يبكي في ركنٍ ما،
ولا مَن يَنخسُ أو يرهب الأفعى
هنا لا أريد إلاّ عينين مستديرتين
حتّى أرى هذا الجسدَ دون راحة ممكنة.
.
أريد أن أرى هنا رجالاً أقوياءَ الصوت،
أولئك الذين يروّضون الخيل ويتحكّمون في الأنهار:
أولئك الذين ترنّ هياكلهم العظمية، ويغنّون
بأفواه مليئة بالشمس والصّوان.
.
أريد أن أراهم هنا. أمام بَلاطة الحجر
أمام هذا الجسد المحطّم العنان.
أريدهم أن يدلّوني على مخرجٍ
لهذا الربّان المقيّد بالموت.
.
أريدهم أن يلقنوني بكائية شبيهة بنهرٍ
عذب الضباب وعميق الضفاف
يجرف جسدّ إغناثيو معه حتّى يتلاشى
دون أن يسمعَ نخيرَ الثيران المضاعف.
.
علّه يتلاشى في الحلبة المستديرة للقمر
المتظاهرِ منذ الطفولة دابةً عليلة مشلولة؛
علّه يتلاشى في ليل خال من غَرَدِ الأسماك
وفي أجَمة الدخان المجمّد البيضاء.
.
لا تغطّوا وجهه بالمناديل،
أريده أنْ يعتاد على هذا الموت الذي يحمله.
اذهب يا إغناثيو. لا تسمع هذا الخوار الحار.
نمْ. حلّقْ. استرحْ: فالبحر أيضا يموت.
.
روح غائبة
لا الثورُ يعرفك ولا شجرةُ التين
لا الخيلُ، ولا نملُ دارِك.
لا الطفلُ يعرفك ولا ساعة الأصيل
لأنّكَ مُتّ إلى الأبد.
.
لا ظهرُ الحجرِ يعرفك،
لا الحريرُ الأسود حيث تتفتّت.
ولا ذاكرتُك البكماءُ تعرفك
لأنّكَ مُتّ إلى الأبد.
.
سيأتي الخريف بأبواق المحار، (10)
بأعناب الضباب وأفواج الجبال،
لكنّ أحداً لن ينظر في عينيك
لأنّكَ مُتّ إلى الأبد.
.
لأنّكَ مُتّ إلى الأبد.
ككلّ موتى الأرض،
ككلّ الموتى المنسيين
في كومة من كلاب منطفئة.
.
كلا. لا أحد يعرفك. لكنني أتغنّى بك.
أتغنّى بطَلالتكَ ولطفكَ، لفيمابعد.
بنضجِ حصافتك المرموق.
باشتهائك الموتَ وطعم فمه.
بالحزنِ الذي امتلكَتْهُ ذات مرّةٍ بهجتُك الباسلة.
.
لوقتٍ طويلٍ لن يولد، هذا إذا وُلِدَ،
أندلسيٌّ جليّ مثلك، وغنيّ بالمغامرة مثلك،
ذا أنا أُعظّم أناقتَه بنائح الكلمات،
ومتذكراً نسمة حزينة تخلّلت أشجار الزيتون.
__________________
. إحالات:
1- La cogida تعني حرفيا المَسْكة أو اللّزمة، أي نطحة القرن الجارحة جرحا جد بليغ، بحيث غالبا ما يُصاب المصارعُ إثرها بالغنغرينا الآكلة. وهذا عين ما حصل لميخيّاس فمات في اليوم الثاني. ويقال أن لوركا لم يكن بعيدا، رفض الذهاب الى المستشفى لرؤيته رغم ما توحيه
2- ترجم بعض المترجمين خصوصا الانجليز كلمة Oxido (أوكسيد) بـ rust (صدأ) مشيرين إلى مرض الشّقران في النبات. فضلت الاحتفاظ بالصورة كما هي في الأسبانية، إذ ليس هناك ما يشير إلى ذلك.
3- عصبة زنابق مشدودة على هيئة صُور. المعروف عن لوركا، كما يتضح لنا من خلال التحقيق النقدي للمسوّدات الذي قام به المختص بأعماله في اللغة الفرنسية أندريه بيلاميش، أنّ لوركا كان يشتغل قصيدته صوريا، ربما بسبب تأثره بالسوريالية. فمثلا هذا البيت: “بوق زنبق في م
4- Arena كلمة لاتينية تعني “الرمل” ومعروف عنه أنه يتشرّب الدم المراق. وقد أصبحت تعني في الانجليزية والفرنسية “حلبة” لكن احتفظت الأسبانية بالمعنى اللاتيني الأصلي. واستعمل لوركا في قصيدته كلمة La plaza كـ”حلبة”.
5- “ثيران غيساندو” تماثيل قديمة تعود إلى العهد الروماني.
6- ilumina يستعمل لوركا فعل “ينوّر” بمعنى “ينمنم أو يزخرف” مخطوطة. وثمّة مخطوطات تسمّى بالعربية “المخطوطات المنوّرة” أي المزوّقة. يذكر التوحيدي: “قال أبو سليم: كنت أكتب المصاحف فمرّ بي علي بن ابي طالب رضي الله عنه فقال: أُجلِلُ قلمك. فقصمتُ منه قَصمةً ثم
7- banderilla عصا يثبت في رأسها إبرة طويلة حادة تغرز في عنق الثور للقضاء عليه. يترجمه البعض يمغرز، لكنني فضلت كلمة منخس.
8- فضلت ترجمة عنوان المتوالية الثالثة Cuerpo presente بـ”جسد حاضر” لا بـ”جسد ظاهر للعيان أو جثمان مسجى”، حفاظا على التقابل الذي يضمره لوركا بينها وبين عنوان المتوالية الرابعة: “روح غائبة”.
9- Caracola تعني في منطقة “مورسي” زهرة متسلقة، وفي الأسبانية عموما تعني الحلزون، وصدفة جد صغيرة بيضاء، أما في اشبيلية حيث ولد ميخيّاس فتعني صدفة كبيرة يستعملها الرعاة بوقا.
*
. إغناثيو سانشيز ميخِيّاس: ولد في السادس من حزيران عام 1891 وتوفي في 12 آب 1934. كان إغناثيو سانشيز معروفا كأحد المصارعين الكبار، رغم أنه لم يمتهن هذا الفن، إذ كان غالبا ما يترك مهنة المصارعة ليركز على اهتماماته الشخصية الأدب والفلامنكو، وقد كتب مسرحية

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:51 PM

أنشودة الرغبة الأولى

في الصباح الأخضر
أردت أن أكون قلباً
قلباً
.
وفي المساءِ اليانع
أردت أن أكونَ عندليباً
عندليباً
.
( ياروح..
كوني بلونِ البرتقال
ياروح..
كوني بلونِ الحب )
.
في الصباح المفعمْ
أردت أن أكون أنا
كالقلبْ
.
وفي نهايةِ المساء
أردت أن يكون صوتي
العندليب
.
ياروح..
كوني بلون البرتقال
ياروح..
كوني بلون الحب

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:54 PM

وداع

عندما أموت
أتركِ الشرفة مفتوحة
.
الفتى الصغير يأكل البرتقال
( أستطيع رؤيته عبر شرفتي)
.
المزارع يحصدُ القمح
( أستطيع سماعه عبر شرفتي)
.
عندما أموت
أتركِ الشرفة مفتوحة!

http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png



أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:57 PM

انتحار

( ربما لأنه لم يتقن هندسته ورياضياته..)
*
في العاشرةِ ذات صباح
نسي الشاب.
.
قلبه كان يمتليء سريعاً
بالأجنحة المكسورةِ والأزهار الورقية.
.
حاولَ التركيز على فمِه
لكن كلمة واحدة صغيرة بقيت.
.
عندما خلع قفازيه
سقط رماد دقيق ونحيل من كفيه.
.
من فوقِ الشرفةِ .. رأى برجاً
وأحسَ بأن نفسَه تلك الشرفة وذاك البرج.
.
وبالطبعِ لاحظَ كيف أن الساعة المعدنية
وسطَ إطارها تراقبه.
.
ورأى ظله يتمددُ مرهقاً
فوقَ الأريكةِ الحريريةِ البيضاء.
.
ثم أن الصبي ، بتقعرهِ ، ورياضية ذهنِه
حطم المرآة بواسطة فأس.
.
عندما تحطمت .. تدفق نهرٌ من الظل
ليغرقَ حجرته الوهمية.


http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png


أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:59 PM

قصيدة الطفلِ الميت

كلَ مساءٍ في غرناطة
يموتُ طفلٌ كلَ مساء.
كل مساءٍ يتربعُ الماءُ جالساً
كي يتحدثَ معَ أصحابِه.
.
الميت يلبس أجنحةً تملأها الطحالب.
والريحُ الصافية والممطرة كانتا
طاوسينِ حلقا بين الأبراج
واليومُ كان طفلاً جريحاً.
.
لم يبقى حتى رفرفة قنبرةٍ في السماء
عندما قابلتك في كهوفِ الخمر.
لم توجد قطعة سحابٍ حينها فوق الأرض
عندما غرقتَ وسط النهر.
.
عملاق المياه تمدد فوق التلة
النهر يلهو بالكلابِ والزنابق.
جسمكَ بين ظلالِ يداي البنفسجية
كان ملاكاً بارداً .. ميتاً .. على الضفة.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:00 PM

الفتى الصغير المجنون

قلتُ: " العصر. "
لكن لم يكن كذلك.
العصرُ كان شيئاً آخرَ
رحل بعيداً منذ زمن.
.
( والنورُ اشرأبَ
بأكتافِهِ مثل صبية. )
.
" العصر. " لكنهُ بلا جدوى!
إنه مزيف .. إنه يملكُ
نصفَ قمرٍ سبِكَ من رصاص
والنصف الآخر لن يأتي.
.
( والنور تحت مرأى كل الناس
استطاب لعبَ دور التمثالِ مع الفتى المجنون. )
.
تلك الأخرى: كانت صغيرة
وكانت تأكل الرمان.
.
هذه خضراء وكبيرة .. لا أقدرُ
أن أعانقها .. أو ألبسها.
ألن تأتي؟ كيف كان شكلها؟
.
( والنور كما لو أنها مزحة مسلية
فصل الفتى المجنون عن ظله. )



http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png



أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:02 PM

استشارة

يازهرةَ الأحزانِ الزرقاء
سندانَ الفراشات!
هل رغدٌ عيشكِ في وحلِ
الساعات؟
.
(آه .. يا شاعري الطفل
حطم ساعتك!)
.
يانجمةً باهرةَ الزرقة
سندانَ الفجر.
أرغدٌ حياتكِ في رغوةِ
الظل؟
.
(آه .. ياشاعري الطفل
حطم ساعتك!)
.
ياقلبي الأزرق
يامصباحَ غرفةِ نومي
هل تخفقُ حقاً
دونَ دمي العاشقِ للحنْ؟
.
(آه .. ياشاعري الطفل
حطم ساعتك!)
.
إني أفهمكم كلكم .. إني أستودع نفسي
مهملاً – داخل مجموعةِ الأدراج
كي تأتي حشرةُ الوقت.
لعابها المعدني
لن يُسمعَ في هدأةِ
غرفةَ نومي.
يجب أن أخلدَ للنوم راضياً
مثلما تنامون
زهرةََ الأحزان .. النجوم
ففي النهاية .. سوف تطيرُ
الفراشة مع تيارِ
الساعات
بينما الوردةُ
تخرج برعمها من صدري.


http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png


أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:03 PM

نشيدُ فارس

قرطبة.
بعيدٌ أنا.. ووحيد.
.
مهرٌ أسود .. قمٌر كبير
والزيتون يملأ جرابي
رغمَ أني أعرف الدروب
لن أصلَ أبداً إلى قرطبة.
.
عبرَ الطريق .. عبرَ الرياح
مهرٌ أسود .. قمرٌ أحمر.
الموت يحدق فيني
من فوق أبراجِ قرطبة.
.
آهِ ! ماأطول الطريق!
آهِ ! يامهري الشجاع!
آه! ذلك الموت يجب أن ينتظرني
قبلَ أن أصل إلى قرطبة.
.
قرطبة.
بعيدٌ أنا .. ووحيد.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:05 PM

قصيدةُ الحمامِ الأسود

من خلالِ غصونِ الغار
رأيت حمامتين داكنتين
الأولى .. الشمس
والأخرى .. القمر
قلت لهما: يا جاراتاي
أين هو قبري؟
في ذيلي، قالت الشمس
في جوفي، قال القمر
وأنا الذي كنت أمشي
والأرض حزامٌ لي
رأيت حينها نسرين من الرخام
وبنتاً عارية
أحدهما كان الآخر
والبنت كانت لا أحد
قلت لهما: أيّها النسرين
أين هو قبري؟
في ذيلي، قالت الشمس
في جوفي، قال القمر
من خلالِ غصونِ الغار
رأيت حمامتين عاريتين
إحداهما كانت الأخرى
وكلتاهما .. لا أحد.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:06 PM

أغنيةُ شجرةِ البرتقالِ المجدبة

أيّها الحطاب.
اقطع ظلي
خلصني من العذاب
من رؤيةِ نفسي دونَ ثمر.
.
لماذا وُلِدتُ بين المرايا؟
اليومُ يدورُ من حولي
والليلُ يصنعُ نسخاً مني
في كل النجمات.
.
أريد العيشَ دون رؤية نفسي
وسوف أحلم بأن النملَ
وأن الشوك
صارا أغصاني وطيوري
.
أيّها الحطاب.
اقطع ظلي
خلصني من العذاب
من رؤيةِ نفسي دونَ ثمر.
*
ترجمة / عدي الحربش

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:07 PM

ياشجرة .. ياشجرة ..

ياشجرة.. ياشجرة
يابسةً خضراء.
.
الفتاة ذاتُ الوجه الجميل
ذهبت تجمعُ الزيتونْ.
الريح - التي تحف بالأبراج -
طوقتْ خصرها.
أربعة فرسان مروا
على خيولٍ أندلسية
ملابسهم خضراء ولازوردية
وعباءاتهم سوداء.
" تعالي إلى قرطبة .. يافتاة"
ولكن الفتاة لم تعرهم اهتماماً.
ثلاثةٌ من مصارعي الثيرانِ مرّوا
خصورهم رشيقة
ملابسهم برتقالية اللون
سيوفهم من الفضة المتجورة
" تعالي إلى إشبيلية .. يافتاة"
ولكن الفتاة لم تعرهم اهتماماً.
عندما تحول المساء
بنفسجياً- وسط الضوء الهارب-
شابٌ مرّ حاملاً
ورود الآسِ من القمر
" تعالي إلى غرناطة .. يافتاة"
ولكن الفتاة لم تعرهُ اهتماما.ً
الفتاة ذاتُ الوجه الجميل
لا تزال تجمع الزيتون
وذراع الريح الممطرة
تطوق خصرها
.
ياشجرة ياشجرة
يابسةً خضراء.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:08 PM

قد مات عندَ الفجر

ليلٌ بأربعةِ أقمار
وشجرةٍ وحيدة
بظلٍ مفردٍ وحيد
وطائرٍ وحيد
.
أبحث في جسدي
عن آثارَ شفتيكِ
الينبوعُ يقبلُ الرياح
دونِ أن يلمسها
.
أحمل اللا التي أهديتنيها
في راحةِ يدي
كليمونة شمعٍ
أصبحت بيضاء
.
ليلٌ بأربعةِ أقمار
وشجرةٍ وحيدة
على طرف إبرةٍ
غزلتي حبي !

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:11 PM

قصيدة الموت الأسود

أريدُ أن أغفوَ غفوةَ التفاحْ
أريدُ أن أبتعدَ عن زحمةِ القبورْ.
أريدُ أن أنام نومةَ طفلٍ
أرادَ شقَ قلبِه بعيداً في البحور.
.
لا أريدُ أن يخبرونني مرة ثانية كيف تحتفظ الجثة بدمِها
كيفَ أن الفمَ المتفتتَ يظل ينشد جرعةَ ماء.
لا أريدُ أن أسمع عن فصولِ التعذيبِ التي أعدها العشب
ولا عن القمر الذي أتم أعماله قبل الفجر
وأنفه الأشبه بالثعبان.
.
أريد أن أنامَ نصفَ ثانية
ثانيةً .. دقيقةً .. دهراً
لكنني أريدهم أن يعلموا بأنني مازلت حياً
أنني أمتلك معلفاً ذهبياً مابينَ شفتي
أنني مازلت الرفيقَ الصغيرَ للريحِ الغربية
أننّي أنا الظل الهائلُ لدموعي.
.
عندما يحلّ الفجرُ ارمِ فوقي شيئاً من ثيابْ
لأنني أعلم أن الفجرَ سيذرّ النملَ عليّ.
واسكب قليلاً من الماء على حذائي
كي تخطئني -عندما يأتي- مخالبُ عقربِ الفجر.
.
لأنني أريدُ أن أغفوَ غفوةَ التفاحْ
وأتعلم أغنيةَ نوحٍ تغسلني من كل الأرض
لأنني أريد أن أحيا مع ذاك الطفل الذي
أرادَ شقَ قلبه بعيداً في البحور.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:13 PM

بكائية إجناسيو سانشيز ميجاس

1. الطعنة والموت
في الخامسة بعد الظهر
كانت تمامَ الخامسة بعد الظهر
فتىً أتى بملاءةٍ بيضاء
في الخامسة بعد الظهر
و سلة الليمونٍ جُهزت
في الخامسة بعد الظهر
لم يبقَ غيرُ الموتِ، والموتُ فقط
في الخامسة بعد الظهر
الريحُ دفعت كومةَ القطن
في الخامسة بعد الظهر
الأكسيد فرق النيكل والبلور
في الخامسة بعد الظهر
حمامة تعاركت مع أسد
في الخامسة بعد الظهر
وفخذ عانق قرناً موحشاً
في الخامسة بعد الظهر
وترُ الكمانِ أطلق اللحن
في الخامسة بعد الظهر
أجراس الزرنيخ والدخان
في الخامسة بعد الظهر
جماعات صمتٍ تملأ الأركان
في الخامسة بعد الظهر
الثور منفردٌ مع قلبٍ نبيل
في الخامسة بعد الظهر
عندما كان الثلج ينزّ العرق
في الخامسة بعد الظهر
عندما كانت الحلبة مغطاة باليود
في الخامسة بعد الظهر
الموت ألقى بيضه على الجُرُح
في الخامسة بعد الظهر
في الخامسة بعد الظهر
كانت تمامَ الخامسة بعد الظهر
كفنٌ بأربع عجلاتٍ كان فراشه
في الخامسة بعد الظهر
صوت العظام والنايات يتردد في آذانه
في الخامسة بعد الظهر
خوار الثور دوى وسط جبينه
في الخامسة بعد الظهر
الغرفة كانت تشع بالألم
في الخامسة بعد الظهر
من بعيد أتتْ الغرغرينا
في الخامسة بعد الظهر
قرن الليلك يخترق الإلية الخضراء
في الخامسة بعد الظهر
الجراح كانت تحترق كالشموس
في الخامسة بعد الظهر
والجموع كانت تحطم الشرفات
في الخامسة بعد الظهر
في الخامسة بعد الظهر
إهٍ من تلك اللحظة القاتلة بعد الظهر
كانت الخامسة في كل الساعات
كانت الخامسة في ظلالِ الظهر
2. الدم المراق
أنا لن أراه!
قل للقمر أن يأتي
لأني لا أريد أن أرى دم إجناسيو
على الرمال
أنا لن أراه!
القمر مشرع الأبواب
حصان الغيوم الراكدة
وحلبة الثور الرمادي مع الأحلام
وأشجار الصفصاف في البريرا
أنا لن أراه!
أشعلْ شمعة ذكراي!
أدفئ ياسمينَ
ذاك البياضِ الدقيق!
أنا لن أراه!
بقرة العالم العتيق
لعقت بلسانها
خرطوم الدم
المراقِِ على الرملِ
وثيران جويساندو
نصفها ميت، ونصفها حجر
أطلقت خوارها كفيلقين رومانيين
عاثا في الأرض فساداً
لا..
أنا لا أريد أن أراه!
أنا لن أراه!
إجناسيو صعد عالياً وحلق
رغم ثقل الموت على كتفيه
حلقَ قاصداً الفجر
ولكن الفجر لمن يكن هناك
هو يبحث عن صورته الواثقة
ولكن الحلم فاجأه
هو بحث عن جسده الجميل
ولكنه لاقى دمه المراق
أنا لن أراه!
أنا لا أريد أن أسمعه ينزف
وأسمع الصوت يخفّ ببطء
ذاك النزيف الذي يضيء
كراسي الحشود، ويتدفق
على الجلود المدبوغة والأقمشة المضلعة
للحشود العشطى
التي تدعوني الى الاقتراب!
لا تطلبوا مني أن أراه!
عيناه لم تغمضان
عندما رأى القرون تقرتب
ولكن الأمهات المرعبات
رفعن رؤسهن
وعبر الحقول
ريحُ أصواتٍ سريّةٍ ارتفعت
صارخةَ بالثيران السماوية
- رعاةِ الضبابِ الشاحب-
أنه لا يوجد أميرٌ في أشبيلية
يمكن أن يُقارنَ به
ولا يوجد سيفٌ كسيفه
ولا قلبٌ كقلبِه.
كنهرٍ من الليوث
كانت شجاعتُه الباهرة
وكتمثالِ رخام
كان اعتدالُه الصلب
هواء روما الأندلسية
طلى له رأسه
حيث كانت ابتسامته نرديناً
من الذكاء والظرف
ياله من مصارعٍ رائعٍ في الحلبة!
ياله من مزارع ماهرٍ في الجبال!
يالرقته حين يحمل الحزمة!
يالقسوته حين ينخس الحصان!
يالنعومتهِ عند الندى!
يالروعتهِ عند الاحتفال!
يالضخامتهِ حين رمى
آخرَ رماحِ الظلام!
ولكنه الآن ينام بلا نهاية.
الآن الطحالب والأعشاب
تفتح بأناملَ واثقة
زهرةَََ جمجمتِه
والآن دمه يتدفقُ مغنياً
مغنياً عبر الحقولِ
والمروج
متزحلقاً على القرونِ الباردة
متداعياً بلا روحٍ وسط السديم
متعثراً بين ألف حافر
مثل لسانٍ طويلٍ أسود حزين
ليشكلَ بركة لوعةٍ
قربَ نجماتِ نهرِ كواديلكويفير
آهٍ ياجدارَ أسبانيا الأبيض!
آهٍ ياثورَ الحزنِ الأسود!
آهٍ يادمَ أجناسيو الغالي!
آهٍ ياكلَ عندليبٍ في وريدِه!
لا.
أنا لن أراه!
لا كأسَ يمكنُ أن يحتويه
لا سنونوَ يمكنُ أن يشربَه
لا صقيعَ ضياء يطفيء نارَه
لا أغنيةً لا مطراً من الليلكِ الأبيض
لازجاجَ يغطيهِ بالفضةِ
لا.
أنا لن أراه!
3. الجسد المسجى
الصخرةُ جبهةٌ تنتحب عليها الأحلام
دونَ مياهٍ متلاطمة وسروٍ متجمد
الصخرةُ كتفٌ نحمل عليها الزمان
بين أشجارٍ من الدموعِ والخيوطِ والكواكب
أنا رأيت زخاتٍ رمادية تتحرك نحو الأمواج
رافعةً أذرعها اللطيفة المثقبة
لتتجنب الوقوع في يدي الصخرة الملقاة
التي تفك أذرعها دون أن تشرب دمها
فالصخرةُ تجمع البذورَ والغيوم
والطيور العظمية وذئاب الظلال
لكنها لا تصدر حساً أو كريستالاً أو ناراً
وإنما حلباتٍ.. وحلباتٍ.. وحلباتٍ بلا جدران.
والآن ، اجناسيو – ذو المحتدِ الشريف – يرقد فوقَ الصخرة
كل شيءٍ انتهى. ماذا يجري؟ تأمل وجهه:
الموت غطاه بالكبريتِ الشاحب
وأبدل رأسه برأس مينوتور.
كل شيءٍ انتهى. المطر يخترق ثغره.
الهواء يغادر حانقاً صدره المتحشرج.
والحبُ المُشرّبُ بدموع الثلج
يتدفأ وحيداً على رأسِ القطيع.
ماذا يقولون؟ صمتٌ عفن يطبق.
نحنُ هنا نحمل جسده الملقى المتلاشي
بشكلهِ النقي المليء بالعنادل
و نراهُ يمتليء ثقوباً ليست بالعميقة.
من يجعّدُ الكفن؟ مايقولهُ غيرُ صحيح!
لا أحدَ يغني هنا .. لا أحدَ يبكي في الأركان
لا أحدَ يغمزُ بالمهماز .. لا أحد يفزعُ الثعبان.
هنا .. لا أريد شيئا سوى العيون المدورة
سوى أن أرى جسده دون فرصةٍ للراحة.
هنا أريد أن أرى الرجال ذوي الأصوات الصلبة.
هؤلاء الذين يطوعون الجياد ويقهرون الأنهار
الرجال ذوي الأجساد الجهورية الذين ينشدون
بفمٍ مليء بالشمسِ والصوان.
هنا أريد أن أراهم. أمام الصخرة.
أمام هذا الجسد المقطوع اللجام.
أريد أن أعرف منهم طريق الخلاص
نحو هذا القبطان الذي قيده الموت.
أريدهم أن يسمعوني بكائيةً كالنهر
الحاملٍ للسديمِ الحلوِ والشواطيء العميقة
لآخذ جسد إجناسيو إلى حيث يموت للأبد
دونَ سماعِ خوارِ الثيران المتكرر.
يموتُ للأبد في الحلبة المدورة للقمر
الذي يقلد في صباه ثوراً حزيناً هادئاً
يموتُ للأبد في الليل دون أغنية الأسماك
وفي الأجمة البيضاء للدخان المتجمد.
أنا لا أريدهم أن يغطوا وجهه بالمناديل
لربما يعتاد على الموت الذي يحمله.
اذهب اجناسيو .. لا تصغي للخوار الحارق
نمْ .. طرْ .. ارتاحْ .. فحتى البحر يموت!
4. روحٌ مفقودة
الثور لا يعرفك .. ولا شجرة التين
ولا الجياد .. ولا النمل في بيتك.. لا يعرفك.
الطفل والعصر لا يعرفانكَ
لأنك قد مت للأبد.
ظهر الصخرة لا يعرفك
ولا الساتان الأسود الذي تتفتت فيه.
ذكراك الصامتة لا تعرفك
لأنك قد مت للأبد.
الخريف سوف يأتي والحلزونات البيضاء الصغيرة
وعناقيد العنب الضبابية والتلال المرصوصة
ولكن لا أحد سوف ينظر نحو عينيك
لأنك قد مت للأبد.
لأنك قد مت للأبد
ككل موتى الأرض
ككل الموتى المنسيين
المرميين للكلاب الميتة.
لا أحد يعرفك.. لا.. لكني أتغنى بك
للأجيال القادمة أغني عن وجهك وجلالك
عن نضجك الفريدِ عن فهمك المحيط.
عن شوقك للموتِ وللطعم الذي في فمه.
عن حزن مرحك الذي قد كان باسلا ذات مرة.
سوف تمر دهور قبل ولادةِ – لو بالإمكان-
أندلسيٍ نقيٍ مليء بالمغامرة
أتغنى عن ألقهِ بكلمات تتأوه
وأتذكر نسيماً حزيناً بين أشجارِ الزيتون.
*
ترجمة / عدي الحربش
**
" Lament for Ignacio Sanchez Mejias "
- Lorca -
I
Cogida and death
At five in the afternoon.
It was exactly five in the afternoon.
A boy brought the white sheet
at five in the afternoon.
A frail of lime ready prepared
at five in the afternoon.
The rest was death, and death alone.
The wind carried away the cottonwool
at five in the afternoon.
And the oxide scattered crystal and nickel
at five in the afternoon.
Now the dove and the leopard wrestle
at five in the afternoon.
And a thigh with a desolated horn
at five in the afternoon.
The bass-string struck up
at five in the afternoon.
Arsenic bells and smoke
at five in the afternoon.
Groups of silence in the corners
at five in the afternoon.
And the bull alone with a high heart!
At five in the afternoon.
When the sweat of snow was coming
at five in the afternoon,
when the bull ring was covered with iodine
at five in the afternoon.
Death laid eggs in the wound
at five in the afternoon.
At five in the afternoon.
At five o'clock in the afternoon.
A coffin on wheels is his bed
at five in the afternoon.
Bones and flutes resound in his ears
at five in the afternoon.
Now the bull was bellowing through his forehead
at five in the afternoon.
The room was iridiscent with agony
at five in the afternoon.
In the distance the gangrene now comes
at five in the afternoon.
Horn of the lily through green groins
at five in the afternoon.
The wounds were burning like suns
at five in the afternoon.
At five in the afternoon.
Ah, that fatal five in the afternoon!
It was five by all the clocks!
It was five in the shade of the afternoon!
II
The Spilled Blood
I will not see it!
Tell the moon to come,
for I do not want to see the blood
of Ignacio on the sand.
I will not see it!
The moon wide open.
Horse of still clouds,
and the grey bull ring of dreams
with willows in the barreras.
I will not see it!
Let my memory kindle!
Warm the jasmines
of such minute whiteness!
I will not see it!
The cow of the ancient world
passed har sad tongue
over a snout of blood
spilled on the sand,
and the bulls of Guisando,
partly death and partly stone,
bellowed like two centuries
sated with threading the earth.
No.
I will not see it!
Ignacio goes up the tiers
with all his death on his shoulders.
He sought for the dawn
but the dawn was no more.
He seeks for his confident profile
and the dream bewilders him
He sought for his beautiful body
and encountered his opened blood
Do not ask me to see it!
I do not want to hear it spurt
each time with less strength:
that spurt that illuminates
the tiers of seats, and spills
over the cordury and the leather
of a thirsty multiude.
Who shouts that I should come near!
Do not ask me to see it!
His eyes did not close
when he saw the horns near,
but the terrible mothers
lifted their heads.
And across the ranches,
an air of secret voices rose,
shouting to celestial bulls,
herdsmen of pale mist.
There was no prince in Sevilla
who could compare to him,
nor sword like his sword
nor heart so true.
Like a river of lions
was his marvellous strength,
and like a marble toroso
his firm drawn moderation.
The air of Andalusian Rome
gilded his head
where his smile was a spikenard
of wit and intelligence.
What a great torero in the ring!
What a good peasant in the sierra!
How gentle with the sheaves!
How hard with the spurs!
How tender with the dew!
How dazzling the fiesta!
How tremendous with the final
banderillas of darkness!
But now he sleeps without end.
Now the moss and the grass
open with sure fingers
the flower of his skull.
And now his blood comes out singing;
singing along marshes and meadows,
sliden on frozen horns,
faltering soulles in the mist
stoumbling over a thousand hoofs
like a long, dark, sad tongue,
to form a pool of agony
close to the starry Guadalquivir.
Oh, white wall of Spain!
Oh, black bull of sorrow!
Oh, hard blood of Ignacio!
Oh, nightingale of his veins!
No.
I will not see it!
No chalice can contain it,
no swallows can drink it,
no frost of light can cool it,
nor song nor deluge og white lilies,
no glass can cover mit with silver.
No.
I will not see it!
III
The Laid Out Body
Stone is a forehead where dreames grieve
without curving waters and frozen cypresses.
Stone is a shoulder on which to bear Time
with trees formed of tears and ribbons and planets.
I have seen grey showers move towards the waves
raising their tender riddle arms,
to avoid being caught by lying stone
which loosens their limbs without soaking their blood.
For stone gathers seed and clouds,
skeleton larks and wolves of penumbra:
but yields not sounds nor crystals nor fire,
only bull rings and bull rings and more bull rings without walls.
Now, Ignacio the well born lies on the stone.
All is finished. What is happening! Contemplate his face:
death has covered him with pale sulphur
and has place on him the head of dark minotaur.
All is finished. The rain penetrates his mouth.
The air, as if mad, leaves his sunken chest,
and Love, soaked through with tears of snow,
warms itself on the peak of the herd.
What is they saying? A stenching silence settles down.
We are here with a body laid out which fades away,
with a pure shape which had nightingales
and we see it being filled with depthless holes.
Who creases the shroud? What he says is not true!
Nobody sings here, nobody weeps in the corner,
nobody pricks the spurs, nor terrifies the serpent.
Here I want nothing else but the round eyes
to see his body without a chance of rest.
Here I want to see those men of hard voice.
Those that break horses and dominate rivers;
those men of sonorous skeleton who sing
with a mouth full of sun and flint.
Here I want to see them. Before the stone.
Before this body with broken reins.
I want to know from them the way out
for this captain stripped down by death.
I want them to show me a lament like a river
wich will have sweet mists and deep shores,
to take the body of Ignacio where it looses itself
without hearing the double planting of the bulls.
Loses itself in the round bull ring of the moon
which feigns in its youth a sad quiet bull,
loses itself in the night without song of fishes
and in the white thicket of frozen smoke.
I don't want to cover his face with handkerchiefs
that he may get used to the death he carries.
Go, Ignacio, feel not the hot bellowing
Sleep, fly, rest: even the sea dies!
IV
Absent Soul
The bull does not know you, nor the fig tree,
nor the horses, nor the ants in your own house.
The child and the afternoon do not know you
because you have dead forever.
The shoulder of the stone does not know you
nor the black silk, where you are shuttered.
Your silent memory does not know you
because you have died forever
The autumn will come with small white snails,
misty grapes and clustered hills,
but no one will look into your eyes
because you have died forever.
Because you have died for ever,
like all the dead of the earth,
like all the dead who are forgotten
in a heap of lifeless dogs.
Nobady knows you. No. But I sing of you.
For posterity I sing of your profile and grace.
Of the signal maturity of your understanding.
Of your appetite for death and the taste of its mouth.
Of the sadness of your once valiant gaiety.
It will be a long time, if ever, before there is born
an Andalusian so true, so rich in adventure.
I sing of his elegance with words that groan,
and I remember a sad breeze through the olive trees

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:14 PM

قصيدة اليد المستحيلة

أنا لا أتمنى غير يد،
يد جريحة ، لو أمكن ذلك.
أنا لا أريد غير يد،
حتى لو قضيت ألف ليلة بلا مضجع.
.
ستكون زنبقاً شاحباً من كلس،
ستكون حمامة مربوطة بقلبي،
ستكون حارساً في ليل احتضاري،
يمنع بتاتاً القمر من الدخول.
.
أنا لا أتمنى شيئاً غير هذه اليد
للزيوت اليومية، وشرشف احتضاري الأبيض .
أنا لا أريد غير هذه اليد،
لتسند جناحاً من موتي.
.
كل ما تبقى يمر
تورد بلا اسم، كوكب أبدي دائم.
كل الباقي شيء آخر مختلف: رياح حزينة.
بينما تفر الأوراق أسراباً.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:16 PM

قصيدة الوردة

لم تكن الوردة
تبحث عن الفجر:
خالدة على غصنها تقريباً
كانت تبحث عن شيء آخر
.
لم تكن الوردة
تبحث عن علم ولا عن ظل :
تخوم من لحم وحلم،
كانت تبحث عن شيء آخر
.
لم تكن الوردة
تبحث عن الوردة .
جامدة عبر السماء،
كانت تبحث عن شيء آخر.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:18 PM

قصيدة جريح المياه

أريد أن أهبط إلى البئر،
أريد أن أتسلق جدران غرناطة،
لأنظر القلب المثقوب ،
بمخرز المياه المظلم.
.
كان الطفل الجريح يئن،
وتاجه من صقيع.
كانت برك، جبب، وينابيع،
تسل سيوفها في وجه الريح.
أي، أي جنون حب ، أي خنجر جارح ،
أي ضجيج ليلي، أي موت أبيض!
أي صحارى ضوء، كانت تحفر
رمال الفجر! كان الطفل وحده،
والمدينة غافية في حنجرته.
فوارة مياه آتية من الأحلام،
تحميه من الجوع، والطحلب،
كان الطفل واحتضاره، وجهاً لوجه،
مطرين أخضرين متعانقين.
كان الطفل يتمدد على الأرض،
ويحدودب ظهر احتضاره.
.
أريد أن أهبط إلى البئر،
أريد أن أموت موتي ، جرعة جرعة،
أريد أن أملأ قلبي طحلباً،
حتى أرى جريح المياه.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:19 PM

قصيدة البكاء

أغلقت شرفتي،
لأني لا أريد أن أسمع البكاء
إلا أن وراء الجدران الرمادية،
لا يسمع شيء غير البكاء.
.
هناك ملائكة قليلة تغني،
هناك كلاب قليلة تنبح،
يسقط ألف كمان في راحة يدي.
.
لكن البكاء كلب ضخم،
البكاء كمان ضخم،
الدموع تكم فم الريح،
ولا يسمع شيء غير البكاء.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:20 PM

غزالة الموت المظلم

أريد أن أنام نوم التفاح،
وأن أبتعد عن جلبة المقابر،
أريد أن أنام رقاد ذاك الطفل،
الذي كان يريد أن ينتزع قلبه في عرض البحر.
لا أريد أن يعيدوا علي، أن الأموات لا تفقد دمها ،
وأن الشفاه المتعفنة تظل متعطشة للماء.
لا أريد أن أعرف شيئاً عن العذاب الذي يعطيه العشب،
ولا عن القمر ذي الفم الأفعواني .
الذي ينشط قبل طلوع الفجر.
.
أريد أن أغفو برهة،
برهة ، دقيقة، دهراً،
لكن ، ليعلم الجميع أني لست ميتاً،
وأني أحمل بين شقتي إسطبلاً من ذهب،
إني الصديق الصغير لريح الغرب،
وإني الظل الكبير لدموعي.
.
غطني ببرقع فجراً،
لأنه سيرميني بحفنات نمل،
ويبلل بماء صلب حذائي ،
حتى ينزلق فكا عقربه.
لأني أريد أن أنام نوم التفاح،
لأتعلم نحيباً يطهرني من التراب،
لأني أريد أن أعيش مع ذاك الطفل المظلم،
الذي كان يريد أن ينتزع قلبه في عرض البحر.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:22 PM

غزالة الهروب

ضعت مرات كثيرة في البحر،
أذني مليئة بأزهار مقطوفة للتو،
ولساني ملئ بحجب وباحتضار.
ضعت مرات كثيرة في البحر،
كما أضيع في قلب بعض الأطفال.
.
ليس هناك من ليلة لا يشعر فيها المرء،
بابتسامة ناس بلا وجوه،وهو يعطي قبلة،
وليس هناك من أحد، ينسى الجماجم الجامدة،
للأحصنة الميتة ،وهو يداعب وليداً.
.
لأن الورود تبحث في الجبين
عن منظر قاس لعظم،
ليس لأيدي البشر اتجاه،
غير تقليد الجذور في باطن الأرض.
.
كما أضيع في قلب بعض الأطفال،
ضعت مرات عديدة البحر.
جاهلاً للماء،أمضي مفتشاً
عن موت من ضوء يفنيني.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:23 PM

غزالة ذكرى الحب

لا تحملي ذكراك.
دعيها وحيدة في صدري.
ارتعاش لكرز أبيض،
في عذاب كانون الثاني.
يفصلني عن الأموات ،
جدار أحلام شنيعة .
أعطي حزن زنبق بارد،
لقلب من جص.
طوال الليل ، تسهر عيناي
في البستان، مثل كلبين كبيرين.
طوال الليل، أطارد
سفرجل السم.
يكون الهواء أحياناً،
خزامى من خوف،
إنه خزامى مريضة،
في الصبح الشتائي.
جدار من أحلام شنيعة ،
يفصلني عن الموت.
يكسو الضباب بصمت،
الوادي الرمادي لجسدك.
في ظل جسر لقائنا،
ينمو الشوكران السام الآن.
لكن دعي ذكراك،
دعيها وحيدة في صدري.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:24 PM

غزالة الجذر المر

هناك جذر مر،
وعالم من ألف سطح.
إلا أن أصغر يد،
لا تستطيع أن تحطم باب الماء.
إلى أين تذهبين؟ إلى أين؟ إلى أين؟
هناك سماء ذات آلاف النوافذ
ـ عراك نحل داكن ـ
وهناك جذر مر.
مر.
إنه يخرج بأخمص القدمين،
أعماق الوجه،
ويجرح أيضاً جذع الليل البارد،
المقطوع للتو.
يا حب ، يا عدوي،
كيف يعض جذرك المر.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:26 PM

غزالة الحب الطارئ

لم يكن أحد يدرك عطر
الماغنوليا العتمة لبطنك.
لم يكن أحد يعرف أنك تعذبين
طائر حب بين أسنانك.
كان ألف مهر فارسي يغفو،
في الساحة المغمورة بقمر جبهتك،
بينما كنت أنا أحتضن طوال أربع ليال
خصرك، عدو الثلج.
كانت نظرتك ، بين جص وياسمين،
غصناً شاحباً لبذار.
بحثت أنا ، لأعطيك من صدري،
حروف العاج، التي تقول: دائماً،
دائماً، دائماً:حديقة احتضاري،
جسدك الهارب إلى الأبد،
دم وريدك على شفتي،
فمك الذي صار بلا ضوء باقتراب موتي.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:28 PM

غزالة الحب اليائس

لا يريد الليل أن يأتي،
حتى لا تأتي،
ولا أستطيع أنا الذهاب إليك.
إلا أني سأذهب،
رغم أن شمس عقارب تحرق صدغي.
.
إلا أنك ستأتين،
بلسان محروق من مطر الملح.
لا يريد النهار أن يطلع ،
حتى لا تأتي،
ولا أستطيع أنا الذهاب إليك.
لكني سأذهب،
مسلماً لضفادع البر قرنفلي المعضوض.
لكنك ستأتين،
عبر المواخير الكدرة للعتمة.
لا يريد الليل ولا النهار أن يأتيا،
حتى أموت من أجلك،
وتموتي من أجلي.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:29 PM

موت أنطونيو آل كامبوريو

دوت أصوات موت،
قرب نهر وادي الكبير.
أصوات عتيقة تحاصر،
نبرة لقرنفل ذكر.
شك في الجزمات،
عضات خنزير بري،
كان يثب في الصراع
كدلفين مغسول القفزات.
غسل بدم عدو ،
ربطة عنقه القرمزية.
إلا أن أربعة خناجر ،
أجبرته على أن يسقط ،
عندما سمرت النجوم،
حربات حادة في المياه الرمادية،
عندما كانت الثيران الصغيرة تحلم
بمنثور زاهر،
دوت أصوات موت،
قرب نهر وادي الكبير.
أنطونيو توريس إيريديا،
كامبوريو كثيف الشعر،
اسمر كقمر أخضر،
ونبرة رخيمة لقرنفل ذكر
من سلبك الحياة،
قرب نهر وادي الكبير؟
ـ أبناء عمي إيريديا الأربعة،
أبناء بينا ميخي.
والذي ما غبطوا الآخرين عليه،
كانوا يحسدونني أنا عليه:
ميداليات كبيرة من عاج،
وبشرتي المعجونة
بالزيتون والياسمين.
آي، يا أنطونيو آل كامبوريو،
الجدير بعشق إمبراطورة،
تذكر العذراء،
لأنك ستموت.
آي فيديريكو غارثيا،
نادي رجال الدرك!
وتحطمت قامتي ،
مثل ساق ذرة.
.
ثلاث دفقات دم ،
وسقط على جانبيه وجهه.
نقود نادرة،
لن يعاد سكها ثانية.
يمدد ملاك أندلسي،
رأسه على وسادة.
وأشعل ملائكة آخرون،
ـ متعبو الوجه ـ قنديلاً.
عندما وصل أبناء العم الأربعة
إلى بينا ميخي،
انطفأت أصوات موت،
قرب نهر وادي الكبير.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:33 PM

رقصة

ترقص كارمن ،
في شوارع إشبيلية.
شعرها أبيض،
وبؤبؤ عينيها براق.
يا طفلات،
أسدلن الستائر!
تلتف حول رأسها
أفعى صفراء،
وتمضي حالمة بالرقص،
مع عشاق لأيام مضت.
يا طفلات ،
أسدلن الستائر!
الشوارع مقفرة،
وفي أعماقها نتبين
قلوباً أندلسية،
باحثة عن أشواك عتيقة.
يا طفلات،
أسدلن الستائر!

http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png


أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:34 PM

شجيرة يابسة

شجيرة ، شجيرة
يابسة وخضراء.
الطفلة الجميلة الوجه
تقطف زيتوناً
الريح ـ عاشقة الأبراج ـ
أمسكت بها من الخصر.
مر فرسان أربعة،
يمتطون مهوراً أندلسية،
يرتدون أزياء زرقاء وخضراء،
ومعاطف طويلة عتمة.
"ـ تعالي إلى غرناطة يا صبية "
لا تستمع إليهم الطفلة.
مر ثلاث مصارعي ثيران شباب،
هيف الخصور،
يرتدون أزياء بلون الليمون،
ويحملون سيوفاً من فضة عتيقة.
"ـ تعالي إلى إشبيلية، يا صبية"
لا تستمع إليهم الطفلة.
عندما أصبحت العشية
بنفسجية، وضوءها مبهم،
مر فتى كان يحمل
وروداً وريحان قمر
" ـ تعالي إلى غرناطة يا صبية"
لا تستمع إليه الطفلة.
ظلت الطفلة الجميلة الوجه
تقطف زيتوناً
والذراع الرمادي للريح،
يزنرها من الخصر
شجيرة، شجيرة
يابسة وخضراء.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:35 PM

القيثارة

يبدأ بكاء
القيثارة.
تتكسر أقداح
الفجر.
يبدأ بكاء
القيثارة
غير مجد
أن نسكتها.
تبكي رتيبة،
كما تبكي المياه،
كما تبكي الريح،
فوق الثلج المتساقط ،
من المستحيل
أن نسكتها.
تبكي أشياء
بعيدة.
رمل الجنوب الساخن ،
متعطش لكاميليا بيضاء .
تبكي سهماً بلا هدف،
عشية بلا غد
والعصفور الأول الميت
فوق الغصن.
أوه! يا قيثارة!
يا قلباً جريحاً حتى الموت،
بخمس سيوف.

http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:36 PM

ثلاث مدن مالقية

يدخل الموت
ويخرج،
من الخمارة.
تمر أحصنة سوداء،
وناس مشؤومون،
عبر الدروب الغامضة
للقيثارة.
وهناك رائحة ملح،
ودم لأنثى!
في السنابل المحمومة،
لشاطئ هذا البحر.
الموت
يدخل ويخرج،
ويخرج ويدخل
موت
الخمارة.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:37 PM

حي من قرطبة

قولي ليلي
يحتمون في البيت،
من النجوم.
ينهار الليل.
في الداخل، هناك طفلة ميتة،
و وردة حمراء، مخبأة في شعرها.
يبكيها ست بلابل،
في الشباك الحديدي.
يتنهد الناس،
وقيثاراتهم ناحبة.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:39 PM

غرة الصباح

وكمثل الحب
فالرماة عميان
في الليل الأخضر
آثار السهام الدافئات زنابق
****
سفينة القمر
تحيل السحاب مزقا
والكنانات ملؤها الندى
آه ، كمثل الحب
الرماة عميان

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:40 PM

تضريعات

مياه الهواء ساكنة
تحت غصن الصدى
مياه المياه ساكنة
تحت سعف النجوم
مياه ثغرك ساكنة
وتحتها من القبلات أجمة

http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:41 PM

أغنية المسافر

قرطبة
نائية وحيدة
مهر أسود ، قمر ضخم
وفي خرج السرج الزيتون
****
ورغم أني أعرف الطريق
فلا سبيل أبلغ قرطبة
عبر السهل ، عبر الريح
سهر أسود ، قمر أحمر
والردى إلى ناظر
من على قلاع قرطبة
****
آه ألا ما أطول الطريق
آه ، أيا مهري الشجاع
آه ، فذلك الموت ينتظر
قبل بلوغ غرطبة
****
قرطبة
نائية وحيدة

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 10:42 PM

حقيقة الأمر

ما أعظمه من جهد
أن أهواك كما أهواك
****
بسبب هواك
تعذبني الأنسام وقلبي
تؤلمني قبعتي
****
من مني يبتاع وشاحي هذا
وحزني ذاك وقد صيغ من الكتان الأبيض
كيما يجعله مناديل
****
ما أعظمه من جهد
أن أهواك كما أهواك

http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png



الساعة الآن 03:48 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى