منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الملاحم والأساطير ومعتقدات الشعوب (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=66)
-   -   أسطـــــورة بيــــرام و تسيبيــــــــه (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=2368)

صائد الأفكار 6 - 12 - 2009 02:15 AM

أسطـــــورة بيــــرام و تسيبيــــــــه
 
أسطـــــورة بيــــرام و تسيبيــــــــه


كان اجمل شباب بابل ، وكانت اجمل حسانها ، وكان بيتاهما متلاصقين فكان يراها وكانت تراه وكان يلقاها وكانت تلقاه وكانا يتلاعبان في الصغر وطفلين كالملائكة ثم شبا فكانا ينفران الى الخلاء



ولم يقو بيرام على عذاب البعد فاتفق وتسيبيه على ان يكلم اباه ليكلم اباها في الخطبة ولكن والد بيرام أبى واستكبر ورفض ان تكون هذه الفتاة التي هي مطمع ابصار شبان المدينة زوجة لولده ، وكذلك أبى والد الفتاة ثم شجر الخلاف واتسع وكثرت شياطينه وأحيا عداوات قديمة

فتدابر القوم وتناكروا ولكن ما في قلب الحبيبين ظل على ما كان عليه بل الهب البعد الذي جرت اليه الخصومة حبهما فازدادا هياما وذابا غراما وكانت عداوة اهليهما عليهما بردا وسلاما


ولم يعد يفكر الا فيها ولم تعد تفكر الا فيه و راح ينظم الشعر يتغنى به برجاء ويرسل موسيقاه يكلم السماء عسى ان ترق له آلهتها فترحمه مما يقاسي وراحت هي تبكي وتتكلم بلغة الدموع الى نفسها الملتاعة


وتصدعت السماء وانهمرت شآبيب الرحمة وانهل فيض الحنان وامرت الآلهة فزلزلت الارض زلزالها . وكانت الغرفة التي ينام فيها بيرام ملاصقة للتي تنام فيها حبيبته تسيبيه ، وكان يفصلهما جدار مشترك بين المنزلين المختصمين ، احدث الزلزال في هذا الجدار صدعا صغيرا كالشعرة فوصل هواء الغرفتين وحمل كلام الحبيبين واخذت موسيقى بيرام واخذت النجوى الحلوة والشكوى الجميلة وغزل الكلام وحنين القول ينتقل في برج هذا الشق كأنها كواكب السعد تحدوها الاهات الملتهبة


وعكذا كانت احاديث الحبيبين المعذبين كلما جنهما الليل وضمهما غاشي الظلام ، احاديث كأغشية الروض واقواف الزهر ونجوى البلابل ممزوجة بعبرة او عبرتين يريقيهما على جفاء الاهل ولدد الطباع وقسوة الايام ، اخذات تصرف عن عينيها رؤى عفاريت الليل وتصاوير الوهم المريض ثم سخرت من خوفها وذكرت التوتة البيضاء والنبع الذي عندها فارتدت اليهما لتجلس ثمة ترتقب زورة الحبيب


وجلست عند جذع التوتة تنتظر وهي في هذا وذاك تفكر في بيرام وتضرب لتأخره اخماسا لأسداس ثم ذعرت الفتاة ذعرا كبيرا ومادت الارض تحت قدميها المرتجفتين الواهنتين ذلك انها لمحت لبؤة تخرج من دغل قريب فجأة ثم تيمم شطر النبع الذي تعرش من فوقه التوتة . ماذا ؟ انها لبؤة ضارية اقبلت ترتوي كأنها عروس من الجن


واطلقت الفتاة ساقيها للريح ولم تحفل بها اللبؤة لانها قد افترست فريسة قبل ساعة ونهشتها وهذا فمها ملوث بالدم الدافئ


لم تصنع اللبؤة شيئا الا انها رأت الخمار الابيض الذي كانت تسيبيه ملتفعة به ملقى على الارض فعاثت فيه وكأنما ارادت ان تمسح فمها به فلوثته بالدم ثم همهمت نحو النبع فارتوت على مهل وعادت ادراجها نحو الدغل الذي تركت فيه فريستها لتأتي على بقاياها


اما الفتاة فقد ظلت تجري حتى بلغت شجرة ضخمة وجدت في اصلها فراغا فاختبأت فيه وراحت تلهث من الذعر والتعب وتتمنى ألا ترتد اللبؤة اليها وقد ايقنت ان " ديانا " الهة القمر قد سمعتها حين عابت على البدر فساقت اليها ذاك الوحش في هذا الليل


ولم يمض وقت طويل على تلك الاحداث حتى اقبل بيرام وفي نفسه لهفة وبقلبه قلق فقصد الى مقبرة نيتوس فلم يجد عندها شيئا
وفجأة هتف " ياللهول ويا للفزع الاكبر ، ما هذا ؟ خمار حريري ابيض ! لمن هذا الخمار يا ترى ؟ اوه انه خمارها لا ريب لقد شهدتها تتلفع به مرارا . يا أرباب السماء ما هذا الدم ؟! وا أسفاه عليك يا تسيبيه لقد قتلتك الوحوش فلن اراك بعد اليوم ، انا السبب يا حبيبتي . لقد جررت عليك هذا باقتراحي الضال .

ثم اغمد سيفه في صدره وسقط يتجرع غصص الموت !


وهدأ روع تسيبيه فبرزت من مكمنها في اصل الدوحة ، لترى من اين يتردد في اذنيها هذا النداء الحبيب . وكان شبح اللبؤة لا يزال يتمثل لها فيفزعها في الفينة بعد الفينة ، ولكنها كانت تسير بخطى وئيدة لانها ما شكت مطلقا في ان النداء هو لحبيبها لان الصوت الفضي الذي كان يمتزج بأضواء القمر فيغمر اذنيها وقلبها كان لا يزال يداعب اذنيها الصغيرتين ثم بدا لها ان تحث الخطى حتى تنبه بيرام الى وجود اللبؤة في هذا السهل الجميل فأسرعت وأسرعت


من هذا المستلقي على ضفاف النبع . هو من غير شك
ثم اسرعت اكثر من ذي قبل


بيرام ما هذا ، السيف في صدرك ، حبيبي رد عليّ ! تكلم تسيبيه ، ها انا ذي ، لم قتلت نفسك يا بيرام . آه هذا الخمار الابيض انه ملوث بالدم ، عاثت فيه اللبؤة الملعونة

تسيبيه

وأرسل القتيل هذا الاسم المحبب وحشرجة الموت في صدره ثم فتح عينيه قليلا فرأى فتاته تبكي فوق رأسه فتبسم ثم مات


بيرام .. لا . لا تمت .. لابد ان تعيش من اجلي
ولكنه مات برغم هذه الاماني
اذن انا قتلتك يا حبيبي .. اشهدي يا توتتنا البيضاء
ثم رفعت بصرها الى فوق ولكنها بدلا من ان ترى الثمر الشهي الابيض ، رأت ثمرا احمر يقطر دما قانيا





ملك القلوب 21 - 12 - 2009 02:21 AM

موضوع رائع ومميز
مشكور صائد الأفكار العجيب

أرب جمـال 20 - 1 - 2010 01:57 AM

نشاطكم يثمر بعطاءه يوماً بعد يوم
ورمز تميزكم يوازي حدود التميز

شروحاتكم ومواضيعكم شيقة
ومفيدة
لا تحرمونآإ من نبل أقلآمكم
كونوآإ بخير دائمـأاً

الغريب 15 - 6 - 2011 10:57 PM

شكرا لك على موضوعك الرائع

طرح موفق

تقديري واحترامي

شيماء يوسف 18 - 6 - 2011 02:29 AM

سلمت يمناك على روعة ما امتعتنا بهِ


والله لا يحرمنا من نور تواجدك ورقي عطائك



يعطيك ألف عافيه



مع أرق تحياتي العطره

shreeata 18 - 6 - 2011 02:46 AM

موضوع كثر من رائع
سلمت اخي
صائد
دائم تتحفنا بكل ما هو مميز
تحيات لك

وردة المسااااء 19 - 6 - 2011 09:59 PM

مشكورة هابي على الاسطورة وادراجها بالمنتدى
وافر التحيات

ابتهال 22 - 6 - 2011 03:11 AM

شكرا لك على موضوعك الرائع

طرح موفق

تقديري واحترامي

رهوفة 22 - 6 - 2011 06:05 PM


Mr.who 27 - 7 - 2011 11:40 PM

سلمت الايادي يا صائد المواضيع الجميلة


الساعة الآن 04:55 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى