منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   كتاب العبر في خبر من غبر / الإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=2192)

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:30 PM

كتاب العبر في خبر من غبر / الإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي
 
الجزء الأول
http://www.arabna.info/vb/./images/up.gif السنة الأولى من التاريخ الإسلامي
فيها هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة‏.‏
فقدمها يوم الاثنين ضحى لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول فنزل بها وبنى مسجدها وأقام بها ثلاثا‏.‏
وفيها توفي‏:‏ البراء بن معرور أحد النقباء وأول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة‏.‏
وأبو أمامة أسعد بن زرارة بالذبحة‏.‏
وكان من سادة الأنصار ومن رؤسائهم الأبرار ومن بني مالك بن النجار‏.‏
سنة اثنتين كانت غزوة بدر يوم الجمعة سابع عشر من رمضان‏.‏
فاستشهد من المسلمين أربعة عشر وقتل من الكفار سبعون‏.‏
وفيها تزوج عثمان أم كلثوم بنت النبي صلى الله علية وسلم‏.‏
كانت وقعة أحد وفي يوم السبت حادي عشر شوال كانت وقعة أحد‏.‏
فاستشهد يومئذٍ حمزة عم النبي صلى الله علية وسلم ومصعب بن عمير العبدري وتتمة سبعين رجلًا رضي الله عنهم‏.‏
وفيها بئر معونة بعد أحد‏.‏
قال أنس‏:‏ بعث رسول الله صلى الله علية وسلم سبعين رجلًا فقتلوا ببئر معونة‏.‏
سنة أربع في صفر كانت غزوة بئر معونة‏.‏
قال أنس‏:‏ كانوا سبعين فقتلوا يومئذ‏.‏
قلت‏:‏ منهم‏:‏ المنذر بن عمرو الساعدي أميرهم ونافع بن بديل بن ورقاء وعامر بن فهيرة والحارث بن الصمة وحرام بن ملحان وعروة بن أسماء السلمي‏.‏
وقال غير أنس‏:‏ كانوا أربعين وكان يقال لهم القراء فاستشهدوا ونزل فيهم قرآن ثم نسخ‏.‏
وفيها

وبعدها غزوة ذات الرقاع‏.‏
ولقي النبي صلى الله علية وسلم جمعًا من غطفان فلم يكن قتال‏.‏
سنة خمس غزوة الخندق في شوال غزوة الخندق‏.‏
وهي غزوة الأحزاب‏.‏
ولم يكن فيها إلا رمي بالنبل ومصابرة أكثر من عشرين يومًا‏.‏
وخرج للمبارزة عمرو بن عبد ود‏.‏
فبارزه علي رضي الله عنه وقتله‏.‏
وبعدها في عقبها غزوة بني قريظة‏.‏
ثم نزلوا بعد حصار خمسة وعشرين يومًا على حكم سعد‏.‏
فقتلت مقاتلتهم وكانوا ست مائة أو أزيد‏.‏
وسبيت ذراريهم‏.‏
وبعدها توفي سيد الأوس سعد بن معاذ من سهم أصابه يوم الأحزاب‏.‏
وفي شعبان تزوج النبي صلى الله علية وسلم بجويرية بنت الحارث‏.‏
وفيها على الصحيح غزوة بني المصطلق‏.‏
وتسمى غزوة المريسيع‏.‏
فهزمهم النبي صلى الله علية وسلم‏.‏
وأصاب يومئذٍ جويرية‏.‏
وفيها مرجعهم من هذه الغزاة كان حديث الإفك‏.‏
وقيل في سنة ست في ذي القعدة خرج النبي صلى الله علية وسلم في ألف وأربع مائة معتمرين حتى نزل الحديبية‏.‏
وبايع أصحابه تحت الشجرة‏.‏
وصالح قريشًا‏.‏
سنة سبع من الهجرة في صفر فتحت خيبر‏.‏
واصطفى النبي صلى الله عليه وسلم من السبي صفية بنت حيي بن أخطب وجعل عتقها صداقها‏.‏
واستشهد من المسلمين بخيبر بضعة عشر رجلًا‏.‏
وفي ذي القعدة كانت غزوة القضاء‏.‏
قضاها المسلمون عن عمرة الحديبية‏.‏
وفي رجوعهم بنى النبي صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث بسرف في ذي الحجة‏.‏
ثم بعد أيام قدمت أم حبيبة بنت أبي سفيان من الحبشة‏.‏
ودخل النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
سنة ثمان من الهجرة وقعة مؤتة بقرب الكرك
في جمادى الأولى وقعة مؤتة بقرب الكرك‏.‏
فاستشهد أمراء الجيش ثلاثتهم‏:‏ زيد بن حارثة الكلبي مولى رسول الله صلى الله علية وسلم ثم جعفر بن أبي طالب‏.‏
ثم عبد الله بن رواحة الخزرجي أحد النقباء ليلة العقبة‏.‏
وقتل أيضًا غير من سمي ثمانية أنفس‏.‏
ثم أخذ الراية خالد بن الوليد من غير إمرة فجال بها واستظهر على المشركين وتحيز بالمسلمين‏.‏
وهي أول مشاهدة في الإسلام‏.‏
وفي رمضان في أواخره أو وسطه فتح مكة‏.‏
وفي شوال وقعة حنين‏.‏
وكان النبي صلى الله علية وسلم في عشرة آلاف مقاتل أو أزيد‏.‏
فولى يومئذ المسلمين الأدبار وثبت النبي صلى الله علية وسلم في طائفة وتراجع المسلمون واستشهد يومئذٍ طائفة يسيرة‏.‏
ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم فحاصر حصن الطائف بضعًا وعشرين ليلة ونصب عليها المنجنيق ثم ترحل عنها‏.‏
وأسلموا في العام المقبل‏.‏
واستشهد على الطائف جماعة‏.‏
وفيها توفيت أم أمامة زينب ابنة النبي صلى الله علية وسلم وأكبر بناته‏.‏
سنة تسع من الهجرة
في رجب غزوة تبوك فسار النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى قبل خروجه على النجاشي رضي الله عنه صلاة الغائب‏.‏
وفي شعبان توفيت أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم زوجة عثمان‏.‏
وفيها قتل عروة بن مسعود الثقفي‏.‏
قتله قومه إذ دعاهم إلى الإسلام‏.‏
وبعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك توفي سهيل بن بيضاء الفهري‏.‏
أحد السابقين الأولين‏.‏
وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد‏.‏
وعبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين‏.‏
وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وألبسه قميصه إكرامًا له‏.‏
وفيه نزلت‏:‏ ‏{‏ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا‏}‏‏.‏
ومات قتلًا ملك الفرس شهر براز بن شيرويه‏.‏
قتله أمراء الدولة وملكوا عليهم بوران بنت كسرى‏.‏
سنة عشر من الهجرة سنة الوفود
وفي ربيع الأول توفي إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن سنة ونصف‏.‏
حجة الوداع وحج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الإسلام‏.‏
وحج معه من الصحابة مائة ألف أو يزيدون حتى حج من لم يره قبلها ولا بعدها ونالوا بذلك نصيبًا من الصحبة‏.‏
وفي ذي الحجة ظهر الأسود العنسي الدجال الذي ادعى النبوة وكان له شيطان يخبره بالمغيبات فضل به خلق واستولى على اليمن إلى أن قتل في صفر من العام الآتي‏.‏
سنة إحدى عشرة من الهجرة
توفي سيد البشر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم في وسط نهار يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول‏.‏
غسل وكفن يوم الثلاثاء‏.‏
ودخل الناس أفواجًا يصلون عليه ويخرجون‏.‏
ودفن ليلة الأربعاء‏.‏
بيعة أبي بكر الصديق بكرة يوم الثلاثاء
واستفحل أمره‏.‏
وسار المسلمون لحربه وعليهم خالد بن الوليد‏.‏
فكانوا ألفين وسبع مائة فالتقوا‏:‏ طليحة الأسدي وعيينة بن حصن الفزاري وقرة بن هبيرة القشيري ببزاخة فاقتتلوا أشد قتال‏.‏
ثم هرب طليحة نحو الشام‏.‏
ثم حسن إسلامه وأسر خالد عيينة وقرة وبعث بهما إلى الصديق فحقن دمائهما‏.‏
وأتى خالد بمالك بن نويرة في رهط من بني حنظلة فضرب أعناقهم‏.‏
وكان خالد قد وجه ثابت بن أقرم الأنصاري وعكاشة بن محصن الأسدي فأخذوا ثقل طليحة وقتلوا رجلًا معه‏.‏
فساق خلفهم طليحة وأخوه سلمة فقتلا عكاشة وثابتًا‏.‏
وبعد النبي صلى الله علية وسلم بستة أشهر أو أقل توفيت ابنته أم الحسن فاطمة رضي الله عنها ولها أربع وعشرون سنة‏.‏
وفي تلك الأيام توفيت أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم ومولاته‏.‏
سنة اثنتي عشرة وقعة اليمامة
في ربيع الأول كانت وقعة اليمامة‏.‏
فقتل كبير القوم مسيلمة الكذاب‏.‏
وفتحت اليمامة صلحًا على يد خالد بعد أن استشهد من الصحابة أربع مائة وخمسون رجلًا‏.‏
وبعضهم يقول‏:‏ استشهد من الصحابة ست مائة نفس‏.‏
وقال غير واحد‏:‏ قتل من الصحابة وغيرهم ألف ومائة رجل‏.‏
قلت فمنهم‏:‏ زيد بن الخطاب العدوي‏.‏
وكان أسن من عمر‏.‏
وأسلم قبله‏.‏
وكان مفرط الطول وأسمر‏.‏
وكانت معه راية المسلمين يومئذ فلم يزل يتقدم بها في نحر العدو حتى قتل‏.‏
ووجد عليه عمر‏.‏
وكان يقول‏:‏ أسلم قبلي واستشهد قبلي وكان يقول‏:‏ ما هبت الصبا إلا وأنا أجد ريح زيد‏.‏
ومنهم أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس‏.‏
وسالم مولاه‏.‏
وكانا بدريين‏.‏
وكان سالم مولى أبي حذيفة من قراء الصحابة الأعيان‏.‏
ومنهم ثابت بن قيس بن شماس‏.‏
وأبو دجانة سماك بن خرشة الساعدي‏.‏
والطفيل بن عمرو الدوسي‏.‏
وشجاع بن وهب الأسدي والحكم بن سعيد بن العاص الأموي‏.‏
وبشير بن سعد الأنصاري أبو النعمان‏.‏
وعباد بن بشر‏.‏
وقد سمى خليفة بن خياط طائفة ممن استشهد يوم اليمامة‏.‏
ثم قال‏:‏ فجميع من استشهد من

وفي ذي الحجة توفي صهر النبي صلى الله عليه وسلم على زينب أبو العاص بن الربيع العبشمي وهو ابن أخت خديجة هالة بنت خويلد بن أسد‏.‏
سنة ثلاث عشرة من الهجرة
في أولها جهز أبو بكر الصديق البعوث إلى الشام وأمر على الجيش جماعة‏:‏ عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة‏.‏
وبعث إلى العراق خالد بن الوليد فافتتح الأبلة وأغار على السواد وحاصر عين التمر وأوطأ الفرس ذلًاوهوانا‏.‏
ثم خرق البرية إلى الشام‏.‏
واجتمع المسلمون فكانت وقعة أجنادين بين الرملة وبيت جبرين في جمادى الأولى‏.‏
واستشهد يومئذ طائفة من الصحابة‏.‏
ثم كان النصر ولله الحمد وكانت ملحمة عظيمة‏.‏
وفاة الصديق رضي الله عنه وتوفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه لثمان بقين من ذي القعدة عن ثلاث وستين سنة‏.‏
وعاش بعده أبوه أبو قحافة أشهرًا‏.‏
خلافة عمر بنص من أبي بكر

وولي الخلافة عمر بنص من أبي بكر‏.‏
فلم يختلف عليه اثنان‏.‏
فوالله لو نص لهم النبي صلى الله عليه وسلم على علي بن أبي طالب كما تفتري الرافضة لما اختلف عليه اثنان أيضًا‏.‏
سنة أربع عشرة في رجب
فتحت دمشق صلحًا وعنوة ثم أمضيت صلحًا بعد أن حوصرت حصارًا طويلًا‏.‏
وفيها كانت وقعة جسر أبي عبيد‏.‏
واستشهد يومئذ طائفة منهم‏:‏ أبو عبيد بن مسعود الثقفي وهو الذي نسب إليه الجسر وهو والد المختار الكذاب وكان من سادة الصحابة وهذه الوقعة عند نجران على مرحلتين من الكوفة‏.‏
وعن الشعبي قال‏:‏ قتل أبو عبيد في ثمان مائة من المسلمين‏.‏
وفيها مصر البصرة عتبة بن غزوان وأمر ببناء مسجدها الأعظم‏.‏
وفيها وقعة مرج الصفر في أول السنة‏.‏
وكانت وقعة هائلة استشهد فيها جماعة‏.‏
وفيها وقيل في العام الماضي وقعة فحل بالشام‏.‏
وفيها فتحت بعلبك وحمص صلحًا‏.‏
وهرب هرقل عظيم الروم من أنطاكية إلى القسطنطينية‏.‏
وقعة اليرموك في رجب وكان المسلمون ثلاثين ألفًا والروم أزيد من مائة ألف قد سلسلوا أنفسهم الخمسة والستة في سلسلة لئلا يفروا‏.‏
فلما هزمهم الله كان الواحد يقع في وادي اليرموك فيقع من معه في السلسلة حتى ردموا الوادي واستوت حافتاه فيما قيل وداستهم الخيل‏.‏
واستشهد يومئذ طائفة منهم‏:‏ عياش بن أبي ربيعة المخزومي وعكرمة ابن أبي جهل وعبد الرحمن بن العوام أخو الزبير وعامر بن أبي وقاص أخو سعد‏.‏
وفي شوال وقعة القادسية بالعراق‏.‏
وقيل كانت في أول سنة ست عشرة‏.‏
وأمير الناس بن أبي وقاص‏.‏
ورأس المجوس رستم ومعه الجالينوس وذو الحاجب‏.‏
وكان المسلمون أرجح من سبعة آلاف والمجوس ستين ألفًا أو أربعين ألفًا‏.‏
وكان معهم سبعون فيلًا‏.‏
فقتل رستم والجالينوس وذو الحاجب‏.‏
ثم حصرهم المسلمون في المدائن‏.‏
واستشهد عمرو بن أم مكتوم الأعمى المؤذن‏.‏
وفيها افتتحت الأردن كلها عنوة إلا طبرية فافتتحت صلحًا‏.‏
وفيها توفي سعد بن عبادة سيد الخزرج في حوران‏.‏
بال في بخش فمات لوقته فيقال إن الجن أصابته‏.‏
فيها افتتحت حلب وأنطاكية صلحًا‏.‏
وفيها مصر سعد الكوفة وأنشأها‏.‏
وفيها افتتحت الرها وسروج‏.‏
وفيها نزل عمر رضي الله عنه على بيت المقدس وأخذها بالأمان‏.‏
واستشهد بالقادسية أبو زيد الأنصاري القاري واسمه سعد بن عبيد وهو والد أمير حمص عمير بن سعد‏.‏
سنة سبع عشرة عام الرمادة قحط الناس بالحجاز‏.‏
واستسقى عمر بالعباس‏.‏
ثم خرج فيها إلى سرغ ورد منها للطاعون الذي بالشام‏.‏
وزاد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم زيادة‏.‏
وفيها سار أمير البصرة أبو موسى الأشعري وافتتح الأهواز‏.‏
وفيها كانت وقعة جلولاء‏.‏
فجال المسلمون جولة وانهزموا ثم ثبتوا فكان الفتح وقتل من وكان بعضهم يسميها فتح الفتوح وسميت جلولاء لما تجللها من الشر‏.‏
وبلغت الغنائم ثمانية عشر ألف ألف وقيل ثلاثين ألف ألف‏.‏
وفيها تزوج عمر بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراء‏.‏
وفيها توفي عتبة بن غزوان المازني أحد السابقين الأولين‏.‏
يقال أسلم سابع سبعة‏.‏
وهو الذي اختط البصرة‏.‏
سنة ثمان عشرة طاعون عمواس
وقع بناحية الأردن‏.‏
فاستشهد أبو عبيدة عامر ابن عبد الله بن الجراح الفهري أمين الأمة وأمير أمراء الشام‏.‏
ومن مناقبه أن أبا بكر أشار به وبعمر للخلافة يوم السقيفة‏.‏
واستشهد بالطاعون معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي وله ست وثلاثون سنة‏.‏
وكان من نجباء الصحابة‏.‏
ويزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي‏.‏
أسلم يوم فتح ثم كان من أفاضل الصحابة‏.‏
وهو أحد الأمراء الأربعة الذين استعملهم الصديق على غزو الشام‏.‏
ثم ولى دمشق لعمر‏.‏
وولي دمشق بعده أخوه معاوية‏.‏
واستشهد في الطاعون أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري الذي رده أبوه في قيوده يوم الحديبية‏.‏
وأبو عبد الرحمن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي أخو أبي جهل أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه‏.‏
وقيل استشهد باليرموك‏.‏
وفيها افتتحت حران ونصيبين وشميساط والموصل أكثرها على يد عياض بن غنم الفهري‏.‏
وفيها افتتحت السوس وجند يسابور وتستر‏.‏
سنة تسع عشرة فيها كانت وقعة بأرمينية أصيب فيها‏:‏ صفوان بن المعطل الذكواني‏.‏
وقيل فيها توفي يزيد بن أبي سفيان‏.‏
وفيها فتحت تكريت‏.‏
وفيها توفي بخلف أبو المنذر أبي بن كعب الأنصاري سيد القرآء‏.‏
سنة عشرين فيها سار عمرو بن العاص من الشام
فافتتح بعض ديار مصر‏.‏
وفيها توفي أبو سعد عياض بن غنم الفهري أحد السابقين الأولين‏.‏
وكان نائب أبي عبيدة على الشام فأقره عمر‏.‏
وفيها توفي بلال الحبشي مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بداريا‏.‏
وأبو الهيثم بن التيهان الأنصاري أحد النقباء‏.‏
وأسيد بن حضير الأسلمي عقبي بدري‏.‏
وسعيد بن عامر بن حذيم الجمحي‏.‏
وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي وصلى عليه عمر‏.‏
وأم المؤمنين زينب بنت جحش الأسدية‏.‏
وفيها مات هرقل في الباطن مسلمًا‏.‏
سنة إحدى وعشرين فيها توفي سيف الله خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي‏.‏
أسلم في صفر سنة ثمان‏.‏
وشهد غزوة مؤتة وكان أميرًا شريفًا بطلًا شجاعًا مجاهدًا عظيم القدر كثير الفتوحات ميمون النقيبة‏.‏
مات ابن ستين سنة
وفيها وقعة نهاوند وكانت ملحمة عظمى‏.‏
بقي المصاف ثلاث أيام ثم نزل النصر‏.‏
واستشهد أمير المسلمين النعمان بن مقرن المزني‏.‏
وكان من سادة الصحابة‏.‏
فنعاه عمر للناس على المنبر وبكى‏.‏
ولما قتل أخذ الراية حذيفة بن اليمان ففتح الله على يده‏.‏
وفيها شكا أهل الكوفة سعدًا فعزله عمر‏.‏
وولى عمار بن ياسر الصلاة وعبد الله بن مسعود بيت المال‏.‏
وفيها توفي العلاء بن الحضرمي حليف بني أمية‏.‏
وفيها استشهد يوم نهاوند طليحة بن خويلد الأسدي‏.‏
وكان صحابيًا فارتد ثم حسن إسلامه‏.‏
وكان يعد بألف فارس‏.‏
سنة اثنتين وعشرين فيها فتحت أذربيجان على يد المغيرة بن شعبة‏.‏
قاله ابن إسحاق‏.‏
وفيها افتتحت مدينة نهاوند صلحًا‏.‏
وافتتح حذيفة الدينور عنوة ثم غزا همذان فافتتحها عنوة‏.‏
وفيها افتتح جرجان‏.‏
وفيها توفي أبي بن كعب‏.‏
وقد مر سنة تسع عشرة‏.‏
سنة ثلاث وعشرين فيها توفي قتادة بن النعمان الظفري
الذي وقعت عينه يوم أُحد فردها النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وكان بدريًا نزل عمر في قبره‏.‏
واستشهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لثلاث بقين أو أربع من ذي الحجة‏.‏
وهو كان يحج بالناس مدة خلافته‏.‏
وقتل الهرمزان صاحب تستر‏.‏
قتله عبيد الله بن عمر وتوهم فيه أنه أعان على قتل أبيه‏.‏
سنة أربع وعشرين في أول المحرم دفن عمر رضي الله عنه‏.‏
بيعة عثمان ر ضي الله عنه بالخلافة وفيها توفي سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي أسلم بعد غزوة حنين وحسن إسلامه‏.‏
فيها انتقض أهل الري‏.‏
فغزاهم أبو موسى الأشعري‏.‏
وفيها استعمل عثمان على الكوفة أخاه لأمه الوليد بن عقبة بن أبي معيط‏.‏
فجهز سلمان بن ربيعة الباهلي في اثني عشر ألفًا إلى برذعة فقتل وسبى وفتحها‏.‏
وفيها انتقض أهل الأسكندرية‏.‏
فغزاهم عمرو بن العاص فقتل وسبي‏.‏
سنة ست وعشرين فيها زاد عثمان في المسجد الحرام‏.‏
وفيها فتحت سابور على يد عثمان بن أبي العاص‏.‏
وصالحهم على ثلاثة آلاف ألف درهم وثلاث مائة ألف درهم‏.‏
سنة سبع وعشرين فيها ركب معاوية بالجيش في البحر وغزا قبرس‏.‏
وفيها صالح أبو موسى الأشعري أهل أرجان على ألفي ألف درهم وصالح أهل دارابجرد على ألف ألف وثمانين ألفا‏.‏
وفيها عزل عمرو بن العاص عن مصر بعبد الله بن سعد بن أبي سرح‏.‏
فغزا ابن سرح إقليم
إفريقية وافتتحها‏.‏
فأصاب كل إنسان ألف دينار‏.‏
وقتل الملك جرجير في مائتي ألف‏.‏
وبلغ سهم الفارس وفرسه ثلاثة آلاف دينار‏.‏
وفيها توفيت أم حرام بنت ملحان بقبرس‏.‏
وكانت مع زوجها عبادة بن الصامت‏.‏
سنة ثمان وعشرين فيها انتقض أهل أذربيجان فغزاهم الوليد بن عقبة‏.‏
ثم صالحوه‏.‏
وقيل فيها غزوة قبرس وقد مرت‏.‏
سنة تسع وعشرين فيها افتتح عبد الله بن عامر بن كريز مدينة إصطخر عنوة بعد قتال عظيم‏.‏
واستشهد عبيد بن معمر بن عثمان التيمي الأمير‏.‏
وكان أحد الأجواد‏.‏
مختلف في صحبته‏.‏
وفيها عزل عثمان أبا موسى عن البصرة وعثمان بن أبي العاص عن فارس‏.‏
وجمع ذلك لعبد الله بن عامر بن كريز‏.‏
وكان شهمًا شجاعًا وافتتح فتحًا كبيرًا‏.‏
افتتح بلاد فارس ثم بلاد خراسان جميعها في سنة ثلاثين‏.‏
سنة ثلاثين
فيها افتتح ابن عامر خراسان وفارس‏.‏
وهرب من يديه يزدجرد بن كسرى‏.‏
وجهز وراءه جيشًا‏.‏
وبعث بزياد بن الربيع الحارثي فافتتح سجستان‏.‏
ولما تمت لابن عامر هذه الفتوحات العظيمة خرج من نيسابور محرمًا بعمرة وخلف على خراسان الأحنف بن قيس فاجتمع أهل خراسان جمعًا لم يسمع بمثله‏.‏
فالتقاهم الأحنف فهزمهم‏.‏
ثم قضى ابن عامر عمرته مسرعًا وأتى عثمان‏.‏
ثم رد إلى البصرة‏.‏
ولما كثرت الفتوحات في هذا العام وأتى الخراج من كل ناحية اتخذ عثمان له الخزائن ثم قسمها‏.‏
وكان يأمر للرجل بمائة ألف‏.‏
سنة إحدى وثلاثين فيها كانت غزوة الأساود فغزا ابن أبي سرح في البحر الرومي‏.‏
وفيها توفي أبو سفيان بن حرب الأموي‏.‏
وكان قد فقئت عينه على الطائف وذهبت الأخرى فيما قيل يوم اليرموك‏.‏
وكان يومئذ يحرض على الجهاد‏.‏
وقيل توفي في السنة الآتية‏.‏
وفيها توفي الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي والد مروان وابن عم أبي سفيان وعم عثمان بن عفان‏.‏
أسلم يوم الفتح‏.‏
كان يفشي سر النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وقيل كان يحاكيه في مشيته فطرده إلى الطائف وسبه‏.‏
فلم يزل طريدًا إلى أن استخلف عثمان فأدخله المدينة وأعطاه مائة ألف‏.‏
وقال الحاكم‏:‏ أجمع مشايخنا أن نيسابور فتحت صلحًا‏.‏
وفتحها في سنة إحدى وثلاثين‏.‏
ثم روى بإسناد له أن صاحب نيسابور كتب إلى ابن عامر يدعوه إلى خراسان ويخبره أن يزدجرد بن كسرى قد قتله أهل مرو‏.‏
فبادر ابن عامر إلى ناحية قومس ونزل على نيسابور وحاصرها سبعة أشهر ثم افتتحها‏.‏
سنة اثنتين وثلاثين فيها سار معاوية وتوغل في الروم فالتقى العدو بالقرب من القسطنطينية‏.‏
وفيها توفي العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ست وثمانين سنة‏.‏
وأبو الدرداء عويمر بن زيد وقيل ابن عبد الله الأنصاري الخزرجي‏.‏
أسلم بعد بدر‏.‏
وكان حكم هذه الأمة‏.‏
ولي قضاء دمشق وبها توفي‏.‏
ومات عبد الرحمن بن عوف الزهري أحد العشرة وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام‏.‏
وكان غنيًا شاكرًا بعد أن كان فقيرًا صابرًا‏.‏
وقد باع من أرضه بأربعين ألف دينار فتصدق بها‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري الذي أدى الأذان وكان بدريًا‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن مسعود الهذلي حليف بني زهرة وما أكثر مناقبه‏.‏
وفيها توفي أبو ذر الغفاري واسمه جندب إبن جنادة على الصحيح‏.‏
أسلم خامس خمسة ثم رجع إلى أرضه ثم هاجر بعد بدر‏.‏
وكان لا يأخذه في الله لومة لائم‏.‏
سنة ثلاث وثلاثين فيها غزا المسلمون قبرس ثانيًا وفيها جهز الملك قارن بخراسان أربعين ألفًا‏.‏
فقام بأمر المسلمين عبد الله بن خازم السلمي وجمع أربعة آلاف فالتقى قارن فقتل في المصاف قارن‏.‏
وكانت الهزيمة‏.‏
وفيها غزا معاوية افرنطية وملطية وحصن المرأة من أرض الروم‏.‏
وفيها غزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح بلاد الحبشة‏.‏
وفيها توفي المقداد بن الأسود الكندي ولم يثبت أن بدرًا شهدها فارس سواه‏.‏
واختلف في
سنة أربع وثلاثين فيها غزا ذات الصواري في البحر من ناحية إسكندرية وأميرها ابن أبي سرح‏.‏
وفيها وثب أهل الكوفة بسعيد بن العاص فأخرجوه ورضوا بأبي موسى‏.‏
وكتبوا فيه إلى عثمان فأمره عليهم‏.‏
ثم إنه رد عليهم سعيدًا فخرجوا ومنعوه‏.‏
وفيها توفي أبو طلحة الأنصاري زيد بن سهل أحد النقباء ليلة العقبة الذى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة‏)‏‏.‏
وفيها توفي عبادة بن الصامت أبو الوليد الخزرجي أحد النقباء ليلة العقبة‏.‏
ولي قضاء القدس‏.‏
ومات بالرملة وقيل ببيت المقدس‏.‏
وفيها مات كعب الأحبار بحمص‏.‏
وكان عالم أهل الكتاب قبل أن يسلم‏.‏
فأسلم زمن أبي بكر وروى عن عمر‏.‏
وفيها مات مسطح بن أثاثة وكان بدريًا‏.‏
سنة خمس وثلاثين وفيها غزوة ذي خشب وعلى الناس معاوية‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي أخو عياش‏.‏
وكان شريفًا نبيلًا من أحسن الناس وجهًا‏.‏
ولاه النبي صلى الله عليه وسلم الجند ومخاليفها فبقي عليها إلى أن مات‏.‏
وفي أواخرها حصر المصريون عثمان رضي الله عنه لينزع نفسه من الخلافة ولم يزل الأمر بهم إلى أن تجرؤوا عليه واقتحموا عليه داره فذبحوه والمصحف بين يديه في يوم الجمعة ثاني عشر ذي الحجة وله بضع وثمانون سنة‏.‏
رضي الله عنه‏.‏
فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏
ثم قل عثمان رضي الله عنه البيعة لعلي رضي الله عنه سنة ست وثلاثين لما قتل عثمان صبرًا توجع له كل أحد وأسقط في أيدي جماعة وسار طلحة والزبير وعائشة نحو البصرة طالبين بدم عثمان من غير أمر علي بن أبي طالب‏.‏
فساق وراءهم‏.‏
وكانت وقعة الجمل أثارها سفهاء الفريقين وقتل بينهما نحو العشرة آلاف‏.‏
ورمى مروان طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي أحد العشرة بسهم فقتله ومناقبه كثيرة‏.‏
وقتل الزبير بن العوام الأسدي حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته وأول من
قتله ابن جرموز بوادي السباع‏.‏
وممن قتل يوم الجمل مجاشع بن مسعود السلمي وأخوه مجالد ولهما صحبة‏.‏
وزيد بن صوحان وكان من سادة التابعين صوامًا قوامًا‏.‏
وفي أولها توفي حذيفة بن اليمان أحد السابقين وصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
ثبت عنه أنه قال‏:‏ ما معني وأبي أن نشهد بدرًا إلا أنا أخذنا كفار قريش فأخذوا علينا عهد الله وميقاقه أن لا نقاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
قال فأخبرناه الخبر‏.‏
فقال‏:‏ نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم‏.‏


أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:31 PM

سنة سبع وثلاثين وقعة صفين
في صفر وبقيت أيامًا وليالي وقتل بين الفريقين ستون ألفًا‏.‏
فقتل مع علي عمار بن ياسر أبو اليقظان العبسي الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ تقتلك الفئة الباغية‏.‏
وكان أحد السابقين وممن عذب في الله‏.‏
ومناقبه جمة‏.‏
وقتل مع علي من الصحابة‏:‏ أبو ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن وذو الشهادتين خزيمة بن سعد بن الحارث بن الصمة أخو أبي جهم‏.‏
ومن غير الصحابة‏:‏ عبيد الله بن عمر بن الخطاب العدوي‏.‏
كان على خيل أهل الشام يومئذ‏.‏
يقال‏:‏ قتله عمار‏.‏
ولما طعن والده سل سيفه ووثب على الهرمزان صاحب تستر فقتله وقتل أيضًا مفينة وبنتًا لأبي لؤلؤة فلما ولي عثمان هم بقتله ثم تركه‏.‏
وقتل مع علي‏:‏ هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المعروف بالمرقال حامل راية علي يومئذ ويقال‏:‏ له صحبة‏.‏
وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي‏.‏
وكان على رجالة علي‏.‏
وأبو حسان قيس بن المكشوح المرادي أحد الأبطال وأحد من أعان على قتل الأسود العنسي‏.‏
وقتل أيضًا مع معاوية‏:‏ حابس بن سعد الطائي قاضي حمص وكان على رجالة معاوية‏.‏
وقتل مع علي‏:‏ جندب بن زهير الغامدي الكوفي ويقال‏:‏ له صحبة‏.‏
وقتل من أمراء معاوية‏:‏ ذو الكلاع الحميري نزيل حمص وأحد من شهد اليرموك وكان على ميمنة معاوية وكان من أعظم أصحابه خطرًا لشرفه ودينه‏.‏
وطلب منه أن يخطب الناس ويحرضهم على القتال‏.‏
وقال يزيد بن هارون‏:‏ سمعت الجراح بن المنهال يقول‏:‏ كان عند ذي الكلاع اثنا عشر ألف بيت من المسلمين‏.‏
فبعث إليه عمر رضي الله عنه فقال‏:‏ نشتري هؤلاء نستعين بهم على عدوهم‏.‏
فقال‏:‏ لا هم أحرار‏.‏
فأعتقهم في ساعة واحدة‏.‏
الجراح متروك الحديث‏.‏
وصح عن أبي وائل عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال‏:‏ رأيت قبابًا في رياض‏.‏
فقلت‏:‏ لمن هذه قالوا‏:‏ لذي الكلاع وأصحابه‏.‏
ورأيت قبابًا في رياض فقيل‏:‏ هذه لعمار بن ياسر وأصحابه‏.‏
فقلت‏:‏ كيف وقد قتل بعضهم بعضًا قال‏:‏ إنهم وجدوا الله واسع المغفرة‏.‏
وممن قتل يومئذ‏:‏ كريب بن الصباح بن إبراهيم الحميري أحد الأبطال المذكورين‏.‏
قتل جماعة مبارزة ثم بارزه علي رضي الله عنه فقتله علي‏.‏
وكان معاويه في سبعين ألفًا وكان علي في تسعين ألفًا وقيل في مائة ألف وقيل في خمسين ألفًا‏.‏
قال خليفة‏:‏ تسمية من شهد صفين من البدريين مع علي بن أبي طالب‏:‏ سهل بن حنيف وخوات بن جبير وأبو أسيد الساعدي‏.‏
وأبو اليسر ورفاعة بن رافع الأنصاري وأبو أيوب الأنصاري بخلف فيه‏.‏
ومن غير البدريين‏:‏
خزيمة بن ثابت وقيس بن سعد عبادة وأبو مسعود عقبة بن عمرو البدري‏.‏
وأبو عياش الزرقي وقرظة بن كعب وسهل بن سعد وجابر بن عبد الله وأبو قتادة الأنصاريون‏.‏
وعدي بن حاتم والأشعث بن قيس وسليمان بن صرد وجندب بن عبد الله وجارية بن قدامة‏.‏
وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر والحسن والحسين‏.‏
ثم قال‏:‏ تسمية من شهدها مع معاوية من الصحابة‏:‏ عمرو بن العاص وابنة عبد الله وفضالة بن عبيد والنعمان بن بشير ومسلمة بن مخلد‏.‏
وبسر بن أبي أرطاة ومعاوية بن حديج الكندي وحبيب بن مسلمة الفهري وأبو الأعور السلمي‏.‏
وأبو غادية الجهني قاتل عمار‏.‏
فبلغنا أن الأشعث بن قيس برز في ألفين وبرز أبو الأعور السلمي في خمسة آلاف‏.‏
فاقتتلوا‏.‏
ثم غلب الأشعث على الماء وأزالهم عنه‏.‏
ثم التقوا يوم الأربعاء سابع صفر ويوم الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت‏.‏
ثم لما خاف أهل الشام الكسرة رفعوا المصاحف بإشارة عمرو بن العاص ودعوا إلى الحكم بما في كتاب الله‏.‏
فأجاب علي رضي الله عنه إلى تحكيم الحاكمين‏.‏
فاختلف عليه جيشه وخرجت الخوارج وقالوا‏:‏ لا حكم إلا لله‏.‏
وكفروا عليًا فحاربهم‏.‏
وقال ابن سيرين‏:‏ افترقوا عن سبعين ألف قتيل يوم صفين يعدون بالقضب‏.‏
فإنا لله وإنا إليه وفيها توفي خباب بن الأرت التميمي أحد السابقين البدريين وصلى عليه علي بالكوفة‏.‏
وفي رمضان اجتمع أبو موسى الأشعري ومن معه من الوجوه وعمرو بن العاص ومن معه من الوجوه بدومة الجندل للتحكيم فلم يتفقا لأن عمرًا خلا بأبي موسى وخدعه وقال‏:‏ تكلم قبلي فأنت أفضل مني وأكثر سابقة‏.‏
فقال‏:‏ أرى أن نخلع عليًا ومعاوية‏.‏
ويختار المسلمون لهم رجلًا يجتمعون عليه‏.‏
فقال‏:‏ هذا الرأي‏.‏
فلما خرجا وتكلم أبو موسى وحكم بخلعهما قام عمرو وقال‏:‏ أما بعد فإن أبا موسى قد خلع عليًا كما سمعتم وقد وافقته على خلع علي ووليت معاوية‏.‏
فسار الشاميون وقد بنوا في الظاهر على هذه الصورة‏.‏
ورد أصحاب علي إلى الكوفة أن الذي فعله عمرو حيلة وخديعة لا يعبأ بها‏.‏
سنة ثمان وثلاثين في شعبان قتلت الخوارج عبد الله بن خباب وعليهم مسعر بن فدكي وشبث بن ربعي‏.‏
وفيها كانت وقعة النهروان بين علي والخوارج‏.‏
فقتل رأس الخوارج عبد الله بن وهب السبائي‏.‏
وقتل أكثر صحابه‏.‏
وقتل من جند علي اثنا عشر رجلًا‏.‏
ويقال كانت هذه الوقعة في سنة تسع‏.‏
وفيها توفي صهيب بن سنان المعروف بالرومي توفي في شوال بالمدينة‏.‏
وكان من السابقين الأولين‏.‏
وفيها توفي سهل بن حنيف الأوسي والد أبي أمامة‏.‏
وكان بدريًا‏.‏
توفي بالكوفة وصلى عليه علي‏.‏
وفيها قتل محمد بن أبي بكر الصديق‏.‏
وكان قد سار إلى مصر واليًا عليها لعلي‏.‏
وبعث معاوية عسكرًا عليهم معاوية بن حديج الكندي‏.‏
فالتقى هو ومحمد فانهزم عسكر محمد واختفى هو في بيت لامرأة‏.‏
فدلت عليه‏.‏
فقال‏:‏ احفظوني في بيت أبي بكر‏.‏
فقال معاوية بن حديج‏:‏ قتلت ثمانين من قومي في دم عثمان وأتركك وأنت صاحبه فقتله وصيره في بطن حمار وأحرقه‏.‏
وقال شعبة عن عمرو بن دينار‏:‏ إن عمرًا قتل محمد بن أبي بكر‏.‏
وفيها مات الأشتر النخعي‏.‏
واسمه مالك بن الحارث‏.‏
بعثه علي على مصر‏.‏
فهلك في الطريق فيقال إنه سم وإن عبدًا لعثمان لقيه فسقاه عسلًا مسمومًا‏.‏
وكان الأشتر من الأبطال الكبار‏.‏
سنة تسع وثلاثين فيها توفيت أم المؤمنين ميمونة بسرف وثم بنى بها النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفيها تنازع أصحاب علي وأصحاب معاوية في إمامة الحج‏.‏
فمشى في الصلح أبو سعيد الخدري على أن يكون إمام الموسم شيبة بن عثمان الحجبي‏.‏
سنة أربعين فيها توفي خوات بن جبير الأنصاري البدري أحد الشجعان المذكورين‏.‏
وأبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري نزل ماء ببدر فقيل له البدري‏.‏
ولكنه شهد العقبة‏.‏
وأبو أسيد الساعدي مالك ربيعة بدري مشهور وقيل بقي إلى سنة ستين‏.‏
استشها استشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفيها ليلة الجمعة سابع عشر رمضان استشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‏.‏
وثب عليه عبد الرحمن بن ملجم الخارجي فضربه في يافوخه بخنجر فبقي يومًا وتوفي وعاش نيفًا وستين ستة أو دونها رضي الله عنه‏.‏
ثم قتل ابن ملجم وأحرق ولله الحمد‏.‏
وكان شريفًا مطاعًا جوادًا شجاعًا‏.‏
له صحبة‏.‏
ثم ارتد وحسن إسلامه‏.‏
وكان أجل أمراء علي‏.‏
وفيها مات معيقيب الدوسي‏.‏
هاجر إلى الحبشة وشهد بدرًا بخلف‏.‏
وكان على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
له حديثان‏.‏
سنة إحدى وأربعين في ربيع الآخر سار أمير المؤمنين الحسن بن علي في جيوشه يقصد معاويه‏.‏
وسار معاوية في جيوشه‏.‏
فدخل العراق وتنازل الجمعان بمسكن من ناحية الأنبار‏.‏
فرأى الحسن من عسكره الاختلاف عليه وقلة الخير‏.‏
وكان سيدًا وادعًا لا يرى سفك الدماء‏.‏
واتفق أنه وقع في معسكره هوشة وخبطة ووقع النهب حتى إنهم نهبوا فسطاطه وضربه رجل من الخوارج بخنجر مسموم في إليته فخدشه‏.‏
فتألم ومقت أهل العراق‏.‏
ورأى الصلح أولى تحقيقًا لقول جده المصطفى صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين‏)‏‏.‏
فراسل معاوية وشرط عليه شروطًا بادر إليها معاوية بالإجابة ثم سلم إليه الخلافة على أن تكون الأمر من بعده للحسن وعلى أن يمكنه أخذ ما شاء من بين المال ليقضي منه دينه وعداته وغير ذلك‏.‏
فروى مجالد عن الشعبي‏.‏
ويونس بن أبي إسحاق عن أبيه أن أهل العراق بايعوا الحسن وسار بهم نحو الشام‏.‏
وجعل على مقدمته قيس بعد سعد‏.‏
وأقبل معاوية حتى نزل منبج‏.‏
فبينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناد في عسكره‏:‏ قتل قيس بن سعد‏.‏
فشد الناس على خيمة الحسن فنهبوها‏.‏
وطعنه رجل بخنجر فتحول إلى القصر الأبيض وسبهم وقال‏:‏ لا خير فيكم‏.‏
قتلتم أبي بالأمس واليوم تفعلون بي هذا‏.‏
ثم كتب إلى معاوية على أن يسلم إليه بيت المال وأن لا يسب عليًا بحضرته وأن يحمل إليه خراج فسا ودارابجرد كل سنة‏.‏
فأجابه‏.‏
فكتب إليه أن أقبل‏.‏
فسار معاوية من منبج إلى مسكن في خمسة أيام‏.‏
فسلم إليه الحسن الأمر ثم سارا حتى دخلا جميعًا الكوفة‏.‏
وتسلم الحسن بيت المال وكان فيه سبعة آلاف ألف درهم فاحتملها وتجهز إلى المدينة وأجرى معاوية على الحسن في السنة ألف ألف درهم‏.‏
وقال عمرو بن دينار‏:‏ لما توفي علي بعث معاويه عهدًا‏:‏ إن حدث به حدث ليجعلن هذا الأمر إلى الحسن‏.‏
وصح في البخاري عن الحس البصري قال‏:‏ استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال‏.‏
فقال عمرو بن العاص‏:‏ إني لأرى كتائب لا تولي حتى يقتل أقرانها‏.‏
فقال له معاوية وكان والله خير الرجلين‏:‏ أي عمرو‏.‏
إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور المسلمين من لي بنسائهم وضعفتهم فبعث إليه برجلين عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز في الصلح‏.‏
فقال لهما الحسن‏:‏ إنا بني عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائنا‏.‏
قال‏:‏ وإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك‏.‏
قال‏:‏ فمن لي بهذا فما سألهما شيئًا إلا قالا نحن لك به فصالحه‏.‏
قلت‏:‏ وسمي هذا العام عام الجماعة لاجتماع الناس على معاوية‏.‏
وفيها توفي صفوان بن أمية بن خلف الجمحي‏.‏
أسلم بعد حنين ثم شهد اليرموك أميرًا‏.‏
وكان شريفًا جليلًا‏.‏
وملك قنطارًا من الذهب‏.‏
وله رواية في صحيح مسلم‏.‏
وفيها توفيت أم المؤمنين حفصة بنت عمر العدوية‏.‏
عن بضع وخمسين سنة‏.‏
وصلى عليها مروان أمير المؤمنين‏.‏
وقيل توفيت سنة خمس وأربعين‏.‏
وفيها فيما قيل توفي لبيد بن ربيعة العامري الشاعر المشهور القائل‏:‏
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسن إسلامه‏.‏
وقيل مات في إمرة عثمان بالكوفة عن مائة وخمسين سنة‏.‏
قيل‏:‏ أنه ما قال شعرًا منذ أسلم‏.‏
سنة اثنتين وأربعين فيها غزا عبد الرحمن بن سمرة سجستان‏.‏
فافتتح زرنج وغيرها‏.‏
وسار راشد بن عمرو فشن الغارات ووغل في بلاد السند‏.‏
سنة ثلاث وأربعين فيها فتحت الرخج من أرض سجستان‏.‏
وأفتتح عقبة بن نافع كورًا من بلاد السودان‏.‏
وشتا بسر بن أبي أرطاة بأرض الروم‏.‏
وفي ليلة عيد الفطر توفي أبو عبد الله عمرو بن العاص السهمي أمير مصر‏.‏
أسلم في هدنة الحديبية وهاجر وولي إمرة جيش ذات السلاسل‏.‏
وكان من دهاة قريش وأجدادها وذوي الحزم والرأي‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن سلام الإسرائيلي حليف الأنصار‏.‏
وقد شهد له النبي صلى الله عليه
وفيها توفي محمد بن مسلمة الأنصاري بالمدينة في صفر‏.‏
وكان بدريًا‏.‏
اعتزل الفتنة واتخذ سيفًا من خشب‏.‏
سنة أربع وأربعين في ذي الحجة توفي أبو موسى الأشعري المقرئ الأمير‏.‏
استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على عدن‏.‏
واستعمله عمر على الكوفة والبصرة‏.‏
وفتحت على يده عدة أمصار‏.‏
وفيها افتتح عبد الرحمن بن سمرة مدينة كابل‏.‏
وفيها غزا المهلب بن أبي صفرة في أرض الهند ووصل إلى قندابيل فالتقى العدو فهزمهم‏.‏
وفيها توفيت أم المؤمنين أم حبيبة بنت سفيان الأموية‏.‏
سنة خمس وأربعين فيها غزا معاوية بن حديج إفريقية‏.‏
وفيها توفي أبو خارجة زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري المقرئ الفرضي الكاتب وله ست وخمسون سنة‏.‏
وأول مشاهدة الخندق‏.‏
وكان عمر يستخلفه على المدينة إذا حج‏.‏
وقيل بقي إلى سنة أربع وخمسين‏.‏
وفيها توفي عاصم بن عدي سيد بني العجلان‏.‏
وكان رده النبي صلى الله عليه وسلم من بدر في شغل وضرب له بسهمه وقتل أخوه معن يوم اليمامة‏.‏
سنة ست وأربعين فيها ولي الربيع بن زياد الحارثي سجستان‏.‏
فزحف كابل شاه في جمع من الترك وغيرهم فالتقوا على بست فهزمهم الربيع وساق خلفهم إلى الرخج‏.‏
وفيها قيل في سنة تسع وأربعين توفي عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة‏.‏
وكان شريفًا جوادًا ممدحًا مطاعًا‏.‏
وكان إليه لواء معاوية يوم صفين‏.‏
وغزا الروم غير مرة‏.‏
سنة سبع وأربعين فيها جمعت الترك فالتقاهم عبد الله بن سوار العبدي ببلاد القيقان‏.‏
فاستشهد عبد الله وعامة من معه‏.‏
وغلبت الترك على القيقان‏.‏
وغزا رويفع بن ثابت الأنصاري أمير أطرابلس الغرب أفريقية فدخلها ثم انصرف‏.‏
سنة ثمان وأربعين فيها توجه سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي واليًا على أرض الهند عوض عبد الله بن سوار‏.‏
سنة تسع وأربعين في ربيع الأول توفي سيد شباب أهل الجنة أبو محمد الحسن بن علي الهاشمي‏.‏
وأرخه فيها الواقدي وسعيد بن عفير‏.‏
والأكثر على أنه سنة خمسين‏.‏
سنة خمسين فيها بخلف الحسن بن علي رضي الله عنه وله سبع وأربعون سنة بالمدينة‏.‏
وفيها توفي عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن ربيعة بن عبد شمس العبشمي الأمير أسلم يوم الفتح وافتتح سجستان وغيرها‏.‏
وفيها توفي كعب بن مالك السلمي الشاعر أحد الثلاثة الذين خلفوا وتاب الله عليهم‏.‏
وكان ممن شهد العقبة‏.‏
وفيها توفي المغيرة بن شعبة الثقفي‏.‏
أسلم عام الخندق وولي العراق لعمر ولغيره‏.‏
وكان من رجال الدهر حزمًا وعزمًا ورأيًا ودهاء‏.‏
يقال إنه أحصن ثلاث مائة امرأة وقيل ألف امرأة‏.‏
وفيها توفيت أم المؤمنين صفية بنت حييّ بن أخطب‏.‏
وفيها غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية وقيل في سنة إحدى‏.‏
فيها توفي على باب القسطنطينية أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد‏.‏
وكان عقبيًا بدريًا كثير المناقب‏.‏
وفيها على الأصح توفي جرير بن عبد الله البجلي بقرقيسيا‏.‏
وفيها توفيت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية‏.‏
وفيها توفيت بعذرا حجر بن عدي الكندي وأصحابه بأمر معاوية‏.‏
ولحجر صحبة ووفادة وجهاد وعبادة‏.‏
سنة اثنتين وخمسين توفي أبو نجيد عمران بن حصين الخزاعي‏.‏
أسلم عام خيبر‏.‏
وبعثه عمر يفقه أهل البصرة‏.‏
وولي قضاءها‏.‏
وكان الحسن يحلف ما قدم البصرة خير لهم من عمران‏.‏
وفيها توفي كعب بن عجرة الأنصاري‏.‏
من أهل بيعة الرضوان ومعاوية بن حديج الكندي التجيبي الأمير‏.‏
له صحبة ورواية‏.‏
وفيها أو قبيلها أبو بكرة الثقفي نفيع بن الحارث وقيل ابن مسروح‏.‏
تدلى من الطائف ببكرة‏.‏
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا‏.‏
فيها في قول المدائني توفي فضالة بن عبيد الأنصاري‏.‏
قاضي دمشق لمعاوية وخليفته عليها إذا غاب‏.‏
وكان أصغر من شهد الحديبية وقيل بقي إلى سنة تسع‏.‏
وفيها وقيل بعدها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق‏.‏
أسلم يوم بدر‏.‏
وقتل يوم اليمامة سبعة‏.‏
وكان من الرماة والشجعان‏.‏
وتوفي بمكة‏.‏
وفيها توفي الأمير زياد بن أبيه الذي استلحقه معاوية وزعم أنه ولد أبي سفيان‏.‏
وكان لبيبًا فاضلًا سيدًا يضرب المثل بدهائه‏.‏
وقد جمع له معاوية إمرة العراقين‏.‏
وفيها وقيل قبلها توفي عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي‏.‏
شهد الخندق وولي العلم على نجران وله سبع عشرة سنة‏.‏
وفيها توفي فيروز الديلمي قاتل الأسود العنسي‏.‏
له صحبة‏.‏
ورواية‏.‏
سنة أربع وخمسين فيها على الأصح أسامة بن زيد حارثة الكلبي حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه‏.‏
وأمه أم أيمن‏.‏
وفيها على الصحيح ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص‏.‏

وفيها جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف‏.‏
وكان من سادة قريش وحلمائها أسلم بعد بدر‏.‏
وفيها حسان بن ثابت الأنصاري الشاعر عن مائة وعشرين سنة كأبيه وجده‏.‏
وفيها سعيد بن يربوع المخزومي من مسلمة الفتح عن مائة وعشرين سنة أيضًا‏.‏
وفيها عبد الله بن أنيس الجهني حليف الأنصار‏.‏
وكان أحد من شهد العقبة‏.‏
وفيها حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد‏.‏
أسلم يوم الفتح وكان أحد الأشراف الأجواد‏.‏
باع دارًا بستين ألفًا لمعاوية‏.‏
فتصدق بثمنها‏.‏
وأعتق مائة نسمة في الجاهلية ومائة في الإسلام وقد قال لابن الزبير‏:‏ كم ترك أبوك من الدين قال‏:‏ ألف ألف درهم‏.‏
قال‏:‏ علي نصفها‏.‏
وفيها أبو قتادة الأنصاري السلمي الحارث بن ربعي فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
شهد أحدًا والمشاهد‏.‏
وفيها مخرمة بن نوفل الزهري والد المسور بن مخرمة‏.‏
وكان من المؤلفة قلوبهم‏.‏
وفيها غزا عبيد الله زياد فقطع نهر جيحون إلى بخارا وافتتح بعض البلاد‏.‏
وكان أول عربي عدى النهر‏.‏
فيها توفي أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص الزهري أحد العشرة ومقدم جيوش الإسلام في فتح العراق وأول من رمى بسهم في سبيل الله‏.‏
ومناقبه جمة‏.‏
وفيها أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري السلمي الذي أسر العباس يوم بدر‏.‏
وفيها وقيل في سنة ثلاث وخمسين الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي أحد السابقين‏.‏
سنة ست وخمسين وفيها استعمل معاوية سعيد بن عثمان بن عفان على خراسان فغزا سمرقند والتقى هو الصغد فكسرهم ثم صالحوه‏.‏
وكان معه من الأمراء المهلب‏.‏
واستشهد معه يومئذ قثم بن العباس بن عبد المطلب‏.‏
وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وهو آخر من طلع من لحد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفيها توفيت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث المصطلقية وصلى عليها مروان‏.‏
سنة سبع وخمسين فيها عزل سعيد عن خراسان وأضيفت إلى عبيد الله بن زياد وفيها توفي عبد الله بن السعدي العامري له صحبة‏.‏
وفيها توفي أبو هريرة بعد عائشة‏.‏
قاله هشام بن عروة أيضًا وابن المديني‏.‏
سنة ثمان وخمسين فيها توفي جبير بن مطعم‏.‏
قاله المدائني‏.‏
وقال الهيثم وخليفه‏:‏ مات سنة تسع‏.‏
وفيها توفي شداد بن أوس الأنصاري نزيل بيت المقدس‏.‏
وعبد الله بن حوالة الأزدي نزيل الأردن‏.‏
وعقبة بن عامر الجهني الأمير بمصر‏.‏
ولي مصر لمعاوية ثم عزله وولاه غزو البحر‏.‏
وكان مقرئًا فصيحًا مفوهًا من فقهاء الصحابة‏.‏
وفيها توفي عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب بالمدينة‏.‏
وله صحبة‏.‏
ورواية‏.‏
وكان أحد الأجواد‏.‏
ولي اليمن لعلي فسار إليه بسر بن أبي أرطاة فذبح ولديه‏.‏
وفيها في قول أبي معشر ويحيى بن بكير وجماعة توفي أبو هريرة الدوسي الحافظ‏.‏
وكان كثير العبادة والذكر حسن الأخلاق‏.‏
ولي إمرة المدينة مرة بل وليها مرات‏.‏
وقال الواقدي وغيره‏:‏ فيها توفيت أم المؤمنين أم عبد الله عائشة بنت الصديق حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقيهة نساء الأمة عن خمس وستين سنة في رمضان‏.‏
فيها توفي أبو هريرة في قول ابن إسحاق والواقدي وأبي عبيد وجماعة‏.‏
وفيها أبو محذورة الجمحي المؤذن‏.‏
له صحبة ورواية وكان من أندى الناس صوتًا وأحسنهم نغمة‏.‏
وفيها وقيل قبلها شيبة بن عثمان الحجي العبدري حاجب الكعبة‏.‏
وفيها سعيد بن العاص بن سعيد العاص بن أمية والد عمرو الأشدق والذي أقيمت عربية القرآن على لسانه لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
وولي الكوفة لعثمان‏.‏
وافتتح طبرستان‏.‏
وكان جوادًا ممدحًا حليمًا عاقلًا‏.‏
اعتزل الجمل وصفين‏.‏
ومولده قبل بدر‏.‏
وفيها على الصحيح أبو عبد الرحمن عبد الله بن عامر بن كريز العبشمي الأمير‏.‏
له رؤية‏.‏
ن ستين في رجب توفي أمير المؤمنين أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان عن ثمان وسبعين سنة بدمشق‏.‏
وفيِ أولها توفي سمرة بن جندب الفزاري نزيل البصرة من أهل بيعة الرضوان‏.‏
وفيها أو قبلها أبو حميد الساعدي‏.‏
فيها يوم عاشوراء استشهد ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبطه أبو عبد الله الحسين بن علي بكربلاء عن ست وخمسين سنة‏.‏
وكان قد أنف من إمرة يزيد ولم يبايعه‏.‏
وجاءته كتب أهل الكوفة يحضونه على القدوم عليهم‏.‏
فاغتر وسار في أهل بيته‏.‏
والقصة فيها طول‏.‏
وفيها توفي حمزة بن عمرو الأسلمي له صحبة ورواية‏.‏
وفيها توفيت أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية‏.‏
وقيل توفيت سنة تسع وخمسين‏.‏
وهي آخر أمهات المؤمنين وفاة‏.‏
وقتل مع الحسين ولداه علي الأكبر وعبد الله‏.‏
وإخوته جعفر ومحمد وعتيق والعباس الكبير‏.‏
وابن أخيه قاسم بن الحسن‏.‏
وأولاد عمه محمد وعون ابنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب‏.‏
ومسلم بن عقيل بن أبي طالب وابناه عبد الله وعبد الرحمن‏.‏
فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏
سنة اثنتين وستين فيها غزا سلم بن أحور خوارزم‏.‏
وصالحوه‏.‏
ثم عبر إلى سمرقند فصالحوه‏.‏
وفيها توفي على الأصح بريدة بن الحصيب الأسلمي وقبره بمرو‏.‏
وقد أسلم قبل بدر‏.‏
وفيها توفي عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي نزيل دمشق‏.‏
له صحبه ورواية‏.‏
وفيها توفي أمير مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري له صحبة ورواية‏.‏
وفيها على الأصح علقمة بن قيس النخعي الكوفي الفقيه صاحب ابن مسعود‏.‏
وكان يشبه بابن مسعود في هديه ودله وسمته‏.‏
وكان غير واحد من الصحابة يسألونه ويستفتونه‏.‏
وفيها توفي أبو مسلم الخولاني الزاهد سيد التابعين بالشام‏.‏
وفد على أبي بكر مسلمًا‏.‏
وله مناقب غزيرة وكرامات‏.‏
ويقال إن الأسود العنسي أمر بنار عظيمة وألقى أبا مسلم فيها‏.‏
فلم تضره فنفاه لئلا يضطرب عليه أتباعه‏.‏
وهذا ما رواه أحد إلا شرحبيل بن مسلم ولا رواه عنه إلا إسماعيل بن عياش‏.‏
وهو خبر مرسل‏.‏
سنة ثلاث وستين فيها كانت وقعة الحرة وذلك أن أهل المدينة خرجوا على يزيد لقلة دينه‏.‏
فجهز لحربهم جيشًا عليهم مسلم بن عقبة‏.‏
فالتقوا بظاهر المدينة لثلاث بقين من ذي الحجة‏.‏
فقتل من أولاد المهاجرين وقتل من الصحابة‏:‏ معقل بن سنان الأشجعي وعبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني الذي حكى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وممن قتل يومئذ‏:‏ محمد بن ثابت بن قيس بن شماس‏.‏
ومحمد بن عمرو بن حزم ومحمد بن أبي جهم بن حذيفة ومحمد بن أبي بن كعب‏.‏
ومعاذ بن الحارث أبو حليمة الأنصاري الذي أقامه عمر يصلي التراويح بالناس‏.‏
وواسع بن حبان الأنصاري‏.‏
ويعقوب ولد طلحة بن عبيد الله التيمي‏.‏
وكثير بن أفلح أحد كتاب المصاحب التي أرسلها عثمان‏.‏
وأبو أفلح مولى أبي أيوب‏.‏
وفيها توفي مسروق بن الاجدع الهمداني الفقيه العابد صاحب ابن مسعود‏.‏
وكان يصلي حتى تورم قدماه‏.‏
وحج فما نام إلا ساجدًا‏.‏
وعن الشعبي قال‏:‏ ما رأيت أطلب للعلم منه‏.‏
كان أعلم بالفتوى من شريح‏.‏
سنة أربع وستين في أولها هلك مسلم بن عقبة الذي استباح المدينة وعمل القبائح وما أمهله الله‏.‏
والمليح أنه
وكذلك لم يمهل يزيد بن حويه ومات بعد بضع وسبعين يومًا من الحرة‏.‏
وذلك في نصف ربيع الأول وله ثمان وثلاثون سنة‏.‏
وكان شديد الأدمة كثير الشعر ضخمًا عظيم الهامة في وجهه أثر الجدري‏.‏
كنيته أبو خالد‏.‏
واستخلف بعهد من أبيه معاوية‏.‏
فكانت مدته ثلاث سنين وثمانية أشهر‏.‏
وعهد بالأمر بعده إلى ابنه معاوية بن يزيد‏.‏
فبقي في الخلافة شهرين أو أقل ومات‏.‏
وكان شابًا مليحًا أبيض فيه خير وصلاح‏.‏
وعاش إحدى وعشرين سنة‏.‏
ولما احتضر قالوا له‏:‏ ألا تستخلف‏.‏
فامتنع وقال‏:‏ لم أصب من حلاوتها ما أتحمل به مرارتها‏.‏
وأما عبد الله بن الزبير فإنه كان قد أوى إلي مكة ولم يبايع يزيد‏.‏
فحاصره أصحاب يزيد ونصبوا المنجنيق على الكعبة ورموها بالنار واحترق فيها مما احترق قرنا كبش إسماعيل‏.‏
وقتل في الحصار بحجر المنجنيق المسور ابن مخرمة بن نوفل الزهري وله صحبة ورواية وشرف‏.‏
فبلغ ابن الزبير وفاة يزيد فترحل عنه عسكر يزيد وبايعه أهل الحرمين بالخلافة ثم أهل العراق واليمن وغير ذلك حتى كاد تجتمع الأمة عليه‏.‏
وغلب على دمشق الضحاك بن قيس الفهري‏.‏
وفي صحبته خلاف‏.‏
فدعا إلى ابن الزبير ثم تركه ودعا إلى نفسه‏.‏
وانحاز عنه مروان بن الحكم في بني أمية إلى أرض حوران‏.‏
فوافاهم عبيد الله بن زياد بن أبيه من الكوفة على البرية منهزمًا من أهلها‏.‏
فقوي عزم مروان على طلب الخلافة‏.‏
وجرت أمور طويلة إلى أن التقى هو والضحاك بمرج راهط شرقي الغوطة‏.‏
فقتل الضحاك وقتل معه نحو ثلاثة آلاف‏.‏
وانتصر مروان‏.‏
وذلك في آخر السنة‏.‏
وبايعه أهل الشام‏.‏
وسار أمير حمص يومئذ النعمان بن بشير الأنصاري لنصر الضحاك فقتله أصحاب مروان‏.‏
وفيها توفي بالطاعون الوليد بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب‏.‏
وكان جوادًا حكيمًا‏.‏
عين للخلافة بعد يزيد وولي إمرة المدينة غير مرة‏.‏
وفيها توفي ربيعة الجرشي شهيدًا يوم مرج راهط مع الضحاك‏.‏
وهو جد هشام بن الغاز‏.‏
ويقال‏:‏ له صحبة‏.‏
قال أبو المتوكل التاجي‏:‏ سألت ربيعة الجرشي وكان فقيه الناس في زمن معاوية‏.‏
وفيها نقض أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير الكعبة وبناها على قواعد إبراهيم عليه السلام وأدخل الحجر في البيت وكان قد تشقق أيضًا من المنجنيق واحترق سقفه‏.‏
سنة خمس وستين فيها توجه مروان إلى مصر فتملكها‏.‏
واستعمل عليها ابنه عبد العزيز ومهد قواعدها ثم عاد إلى دمشق‏.‏
ومات في رمضان فعهد بالأمر بعده إلى ابنه عبد الملك بن مروان‏.‏
وكان مروان من الفقهاء وكان كاتب السر لابن عمه عثمان رضي الله عنه‏.‏
وكان قصيرًا كبير الرأس واللحية دقيق الرقبة أو قص أحمر الوجه يلقب خيط باطل لدقة عنقه عاش ثلاثًا وستين سنة‏.‏
وفيها ولي خراسان المهلب بن أبي صفرة لابن الزبير‏.‏
وحارب الأزارقة وأباد منهم ألوفًا‏.‏
وفيها خرج سليمان بن صرد الخزاعي‏.‏
والمسيب بن نجبة الفزاري صاحب علي في أربعة آلاف يطلبون بدم الحسين‏.‏
وكان مروان قد جهز ستين ألفًا مع عبيد الله بن زياد ليأخذ العراق فالتقى مقدمة عبيد الله وعليهم شرحبيل بن ذي الكلاع هم وأولائك بالجزيرة وانكسروا‏.‏
وقتل سليمان بن صرد والمسيب وطائفة‏.‏
وكان لسليمان صحبة ورواية‏.‏
وفيها مات على الصحيح عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي‏.‏
وكان أصغر من أبيه بإحدى عشرة سنة‏.‏
وكان دينًا صالحًا كثير العلم كثير القدر‏.‏
يلوم أباه على القيام في الفتنة ويطيعه للأبوة‏.‏
وفيها توفي الحارث بن عبد الله الهمداني الكوفي الأعور الفقيه صاحب علي وابن مسعود‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:32 PM

سنة ست وستين فيها كان الوباء العظيم بمصر‏.‏
وتوثب على الكوفة عام أول المختار بن أبي عبيد وتتبع قتله الحسين‏.‏
فقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص وأضرابه‏.‏
وجهز جيشًا ضخمًا مع إبراهيم ابن الأشتر النخعي فكانوا ثمانية آلاف لحرب عبيد الله بن زياد‏.‏
فكانت وقعة الخازر بأرض الموصل‏.‏
وقيل كانت في سنة سبع وهو أصح‏.‏
وكانت ملحمة عظيمة‏.‏
وفيها وقيل في سنة ثمان توفي زيد بن أرقم الأنصاري وقد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة ونزل الكوفة‏.‏
وفيها وقيل في سنة أربع وسبعين توفي جابر بن سمرة بالكوفة‏.‏
وأبوه صحابي أيضًا‏.‏
وفيها قويت شوكة الخوارج واستولى نجدة الحروري على اليمامة والبحرين‏.‏
سنة سبع وستين في المحرم كانت وقعة الخازر اصطدم فيها أهل الشام وكانوا أربعين ألفًا ظفر بهم إبراهيم بن الأشتر‏.‏
وقتلت أمراءهم‏:‏ عبيد الله بن زياد ابن أبيه وحصين بن نمير السكوني الذي حاصر ابن
وبعثت رؤوسهم فنصبت بمكة والمدينة‏.‏
وفيها وقيل في سنة ثمان توفي عدي بن حاتم الطائي رئيس طي عن مائة وعشرين سنة بقرقيسيا‏.‏
ولما أسلم سنة سبع أكرمه النبي صلى الله عليه وسلم وألقى له وسادة وقال‏:‏ ‏(‏إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه‏)‏‏.‏
ولما تحقق ابن الزبير دبر المختار وكذبه بعث أخاه مصعب بن الزبير على العراق فدخل البصرة وتأهب منها وسار وعلى ميمنته وميسرته المهلب ابن أبي صفرة وعمرو بن عبيد الله التيمي‏.‏
فجهز المختار لحربهم جيشًا عليهم أحمر بن شميط وكيسان أبو عمرة فهزمهم مصعب وقتل أحمر وكيسان‏.‏
وقتل من عسكر مصعب محمد بن الأشعث بن قيس الكندي ابن أخت الصديق‏.‏
وعبيد الله بن علي أبي طالب‏.‏
وقتل من جند المختار عمر الأكبر ابن علي بن أبي طالب‏.‏
ثم ساق عسكر مصعب فدخلوا الكوفة وحصروا المختار بقصر الإمارة أيامًا إلى أن قتله الله في رمضان‏.‏
وكان كذابًا يزعم أن جبريل ينزل عليه‏.‏
وصفت العراق لمصعب‏.‏
سنة ثمان وستين فيها توفي أبو شريح الخزاعي الكعبي‏.‏
وكان قد أسلم قبل فتح مكة‏.‏
وفيها على قول عبد الله بن عمرو وزيد بن أرقم وزيد بن خالد الجهني‏.‏
وقد مر بعضهم‏.‏
وفيها توفي رباني الأمة عبد الله بن عباس الهاشمي الفقيه المفسر الحبر البحر بالطائف عن إحدى وسبعين سنة‏.‏
وفيها عزل ابن الزبير أخاه مصعبًا وولى ابنه حمزة‏.‏
سنة تسع وستين فيها كان طاعون الجارف بالبصرة‏.‏
قال المدائني‏:‏ حدثني من أدرك الجارف قال‏:‏ كان ثلاثة أيام فمات في كل يوم نحو من سبعين ألفًا‏.‏
وروى خليفة عن أبي اليقظان قال‏:‏ مات لأنس بن مالك في الجارف سبعون ابنًا‏.‏
وقيل‏:‏ مات في طاعون الجارف عشرون ألف عروس‏.‏
وأصبح الناس في الرابع ولم يبق إلا اليسير من الناس‏.‏
وصعد ابن عامر يوم الجمعة المنبر وما في الجامع إلا سبعة رجال وامرأة‏.‏
فقال‏:‏ ما فعلت الوجوه فقيل‏:‏ تحت التراب أيها الأمير وفيها قتل نجدة بن عامر الحروري‏.‏
قتله أصحابه واختلفوا وقيل بل ظفر به أصحاب ابن الزبير‏.‏
وفيها مات قاضي البصرة أبو الأسود الدؤلي صاحب النحو‏.‏
سمع من عمر وعلي‏.‏
روى عبد الملك بن عمير عنه قال‏:‏ لي عمر‏:‏ إني أراك شابًا فصيح اللسان فسيح الصدر‏.‏
وفيها أعاد ابن الزبير مصعبًا على العراق وعزل ابنه حمزة بن عبد الله‏.‏
فقصد هو وعبد الملك كل منهما الآخر‏.‏
ثم فصل بينهما الشتاء‏.‏
فتوثب على دمشق في غيبة عبد الملك عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق وأراد الخلافة‏.‏
فجاء عبد الملك وجرى بينهما قتال وحصار ثم نزل إليه بالأمان‏.‏
وفيها كان بين الأزارقة وبين المهلب حرب شديد ودام القتال أشهرا‏.‏
سنة سبعين فيها غدر عبد الملك بعمرو بن سعيد الأشدق وذبحه صبرًا بعد أن آمنه وحلف له وجعله ولي عهده من بعده‏.‏
وفيها توفي عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي‏.‏
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفيها وقتل في التي قبلها مالك بن يخامر السكسكي صاحب معاذ‏.‏
وكان قد أدرك الجاهلية‏.‏
وفيها كان الوباء بمصر‏.‏
وفيها قال ابن جرير‏:‏ ثارت الروم ووثبوا على المسلمين‏.‏
فصالح عبد الملك بن مروان ملك الروم
قلت‏:‏ هذا أول وهن دخل على الإسلام‏.‏
وما ذاك إلا لاختلاف الكلمة ولكون الوقت فيه خليفتان يتنازعان الأمر فما شاء الله كان‏.‏
سنة إحدى وسبعين فيها توفي عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي‏.‏
أحد من بايع تحت الشجرة‏.‏
له أحاديث ولكن في غير الكتب الستة‏.‏
سنة اثنتين وسبعين فيها توفي البراء بن عازب أبو عمارة الأنصاري الحارثي نزيل الكوفة‏.‏
وكان من أقران ابن عمر‏.‏
استصغر يوم بدر‏.‏
ومعبد بن خالد الجهني‏.‏
وكان صاحب لواء جهينة يوم الفتح‏.‏
له حديث عن أبي بكر‏.‏
وفيها على الصحيح عبيدة بن عمر بن السلماني المرادي الكوفي الفقيه المفتي‏.‏
أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتفقه بعلي وابن مسعود‏.‏
قال الشعبي‏:‏ كان يوازي شريحًا في القضاء‏.‏
وفيها على الصحيح الأحنف بن قيس أبو بحر التميمي السعدي الأمير‏.‏
أحد الأشراف ومن قلت‏:‏ سمع من عمر وجماعة‏.‏
وفيها كانت وقعة هائلة بالعراق بدير الجاثليق‏.‏
تجهز عبد الملك وطلب العراق‏.‏
وسار مصعب أيضًا يقصد الشام‏.‏
فالتقى الجمعان‏.‏
فخان مصعبًا بعض جيشه وأفلت زياد بن عمرو ومالك بن مسمع وطائفة لديهم ولحقوا بعبد الملك‏.‏
وكان عبد الملك قد كتب إليهم يعدهم ويمنيهم حتى أفسدهم‏.‏
وجعل مصعب كلما قال لمقدم من أمرائه‏:‏ تقدم لا يطيعه‏.‏
واستظهر عبد الملك فأرسل إلى مصعب يبذل له الأمان‏.‏
فقال‏:‏ إن مثلي لا ينصرف عن هذا الموطن إلا غالبًا أو مغلوبًا‏.‏
ثم إنهم أثخنوه بالرمي‏.‏
ثم شد عليه زائدة فطعنه وقال‏:‏ يا لثارات المختار‏.‏
وقتل مع مصعب ولداه عيسى وعروة وإبراهيم بن الأشتر سيد النخع وفارسها‏.‏
ومسلم بن عمرو الباهلي‏.‏
واستولى عبد الملك على العراق وما يليها‏.‏
فأمر أخاه بشرًا على العراق وبعث الأمراء على الأعمال‏.‏
وجهز الحجاج إلى مكة لحرب ابن الزبير‏.‏
سنة ثلاث وسبعين فيها توفي عوف بن مالك الأشجعي الحبيب الأمين‏.‏
وكان ممن شهد فتح مكة‏.‏
وفيها توفي أبو سعيد بن المعلى الأنصاري‏.‏
وله صحبة ورواية‏.‏
وفيها نازل الحجاج ابن الزبير فحاصره‏.‏
ونصب المنجنيق على أبي قبيس‏.‏
ودام القتال أشهرًا‏.‏
إلى أن قتل عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي أمير المؤمنين وفارس قريش وابن حواري الرسول صلى الله عليه وسلم كان صوامًا قوامًا بطلًا شجاعًا فصيحًا مفوهًا‏.‏
قتل في جمادى الأولى وطيف برأسه في مصر وغيرها‏.‏
وقتل معه عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي رئيس مكة وابن رئيسها‏.‏
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولما حج معاوية قدم له ابن صفوان ألفي شاة‏.‏
وقتل معه بحجر المنجنيق عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي الذي ولي الكوفة لابن الزبير قبل غلبة المختار‏.‏
وقتل معه عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي وقد أسلم يوم الحديبية‏.‏
وتوفيت أم ابن الزبير بعد مصابه بيسير‏.‏
وهي أسماء بنت أبي بكر الصديق وهي في عشر المائة‏.‏
وهي من المهاجرات الأول وتلقب بذات النطاقين‏.‏
وفيها استوثق الأمر لعبد الملك بن مروان بمقتل ابن الزبير‏.‏
وولي الحجاج إمرة الحجاز‏.‏
فنقض الكعبة وأعادها إلى بنائها من زمن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وكانت قد شعثت من المنجنيق وأصيب الحجر الأسود فأصلحوه ورمموه‏.‏
في أولها مات رافع بن خديج الأنصاري وقد أصابه يوم أحد سهم فنزعه وبقي النصل في جسمه إلى أن مات‏.‏
وفي أولها توفي أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي‏.‏
السيد الفقيه القدوة‏.‏
استصغر يوم أحد‏.‏
وقد عين للخلافة يوم الحكمين مع وجود علي والكبار رضي الله عنهم‏.‏
وقال سعيد بن المسيب يوم مات ابن عمر‏:‏ ما بقي في الأرض أحد أحب إلي أن ألقي الله بمثل عمله منه‏.‏
وهذا كنحو ما قال علي في عمر يوم مات‏.‏
وأما أبو داود فقال‏:‏ مات ابن عمر بمكة في أيام الموسم‏.‏
يعني سنة ثلاث وسبعين‏.‏
وتوفي بعده أبو سعيد سعد بن مالك الأنصاري الخدري‏.‏
وكان من فقهاء الصحابة وأعيانهم‏.‏
شهد الخندق وغيرها وشهد بيعة الرضوان‏.‏
وفيها توفي بالمدينة سلمة بن الأكوع الأسلمي‏.‏
وكان ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت يوم الحديبية‏.‏
وكان بطلًا شجاعًا راميًا يسبق الفرس سيرًا وله مواقف مشهورة‏.‏
وفيها توفي بالكوفة أبو جحيفة السوائي ويقال له وهب الخير‏.‏
له صحبة ورواية‏.‏
وكان صاحب شرطة علي رضي الله عنه‏.‏
فكان يقوم تحت منبره يوم الجمعة‏.‏
وقيل تأخر إلى بعد الثمانين‏.‏
وفيها توفي محمد بن خاطب بن الحارث الجمحي‏.‏
وله صحبة ورواية‏.‏
وهو أول من سمي في الإسلام محمدًا‏.‏
وفيها توفي أوس بن ضمغج الكوفي العابد‏.‏
وخرشة بن الحر‏.‏
وقد ربي يتيمًا في حجر عمر‏.‏
ونزل الكوفة‏.‏
وعاصم بن ضمرة السلولي‏.‏
صاحب علي‏.‏
ومالك بن أبي عامر مع الأصبحي جد الإمام مالك‏.‏
له عن عمر وعثمان رواية‏.‏
وفيها عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي بالمدينة‏.‏
له رؤية ورواية‏.‏
وكان كثير الحديث والفتيا‏.‏
سنة خمس وسبعين فيها حج عبد الملك بن مروان وخطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وعزل الحجاج عن الحجاز وأمره على العراق‏.‏
وفيها توفي العرباض بن سارية السلمي أحد أصحاب الصفة بالشام‏.‏
وأبو ثعلبة الخشني بالشام وقد شهد فتح خيبر‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ حج مائة حجة وعمرة‏.‏
وكان إذا رؤي ذكر الله‏.‏
والأسود بن يزيد النخعي الكوفي الفقيه العابد‏.‏
ورد أنه كان يصلي في اليوم والليلة سبع مائة ركعة‏.‏
وبشر بن مروان الأموي أمير العراقين بعد مصعب‏.‏
وسليم بن عتر التجيبي قاضي مصر وقاصها وناسكها‏.‏
وقد حضر خطبة عمر بالجابية‏.‏
سنة ست وسبعين فيها وجه الحجاج زائدة بن قدامة الثقفي ابن عم المختار لحرب شبيب والخوارج‏.‏
فالتقوا فاستظهر شبيب وقتل زائدة‏.‏
واستفحل أمر شبيب وهزم العساكر مرات‏.‏
سنة سبع وسبعين فيها بعث الحجاج لحرب شبيب عندما قتل عثمان الحارثي عتاب بن ورقاء الخزاعي الرباحي‏.‏
فالتقى شبيبًا بسواد الكوفة فقتل أيضًا عتاب وهزم جيشه‏.‏
فجهز الحجاج لقتاله الحارث بن معاوية الثقفي‏.‏
فالتقوا فقتل الحارث‏.‏
فوجه الحجاج أبا الورد النضري فقتل‏.‏
ففرق الحجاج وسار بنفسه‏.‏
فالتقوا واشتد القتال‏.‏
وقتلت غزالة امرأة شبيب‏.‏
وكانت يضرب بشجاعتها المثل‏.‏
وجحز بينهم الليل‏.‏
وسار شبيب إلى ناحية الأهواز وبها محمد بن موسى بن طلحة التيمي‏.‏
فخرج لقتال شبيب ثم بارزه فقتله شبيب‏.‏
وسار إلى كرمان فتقوى ورجع إلى الأهواز‏.‏
فبعث الحجاج لحربه سفيان الأبرد الكلبي وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي‏.‏
فالتقوا على جسر دجيل‏.‏
واشتد القتال حتى حجز بينهم الظلام‏.‏
ثم ذهب شبيب وعبر على الجسر فقطع به فغرق‏.‏
وكان إليه المنتهى في الشجاعة والبأس وأكثر ما يكون في مائتي نفس من الخوارج فيهزمون الألوف‏.‏
وفيها غزا عبد الملك بنفسه‏.‏
فدخل الروم وافتتح مدينة هرقلة‏.‏
وفيها توفي أبو تميم الجيشاني‏.‏
واسمه عبد الله بن مالك‏.‏
قرأ القرآن على معاذ‏.‏
وكان من عباد أهل مصر وعلمائهم‏.‏
سنة ثمان وسبعين فيها وثب الروم على ملكهم فنزعوه من الملك وقطعوا أنفه ونفوه إلى بعض الجزائر‏.‏
وولي فيها موسى بن نصير إمرة الغرب كله‏.‏
وولي خراسان المهلب بن أبي صفرة‏.‏
وفيها توفي جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام السلمي الأنصاري‏.‏
وهو آخر من مات من أهل العقبة‏.‏
وعاش أربعًا وتسعين سنة‏.‏
وكان كثير العلم من أهل بيعة الرضوان‏.‏
وفيها على الأصح زيد بن خالد الجهني بالكوفة وله خمس وثمانون سنة‏.‏
وهو من مشاهير الصحابة‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن غنم الأشعري بالشام‏.‏
وكان قد بعثه عمر يفقه الناس‏.‏
قال أبو مسهر‏:‏ هو رأس التابعين رحمه الله‏.‏
وفيها أبو أمية شريح بن الحارث الكندي القاضي‏.‏
وولي قضاء الكوفة لعمر ولمن بعده‏.‏
وعاش أزيد من مائة سنة‏.‏
واستعفى من القضاء قبل موته بعام فأعفاه الحجاج‏.‏
وكان فقيهًا قانتًا شاعرًا صاحب مزاح‏.‏
وفيها قتل بسجستان أبو المقدام شريح بن هانئ المذحجي صاحب علي عن مائة وعشرين سنة‏.‏
فيها أصاب أهل الشام طاعون كادوا يفنون من شدته‏.‏
قاله ابن جرير‏.‏
وفيها كان مقتل رأس الخوارج قطري بن الفجاءة التميمي بطبرستان‏.‏
عثر به فرسه فهلك‏.‏
وأتي الحجاج برأسه‏.‏
ومات بسجستان عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي‏.‏
وكان قد بعثه الحجاج أميرًا عليها في العام الماضي‏.‏
وكان جوادًا ممدحًا يعتق في كل عيد مائة عبد‏.‏
وفيها مات عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي وهو قليل الحديث‏.‏
سنة ثمانين فيها بعث الحجاج على سجستان عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي‏.‏
فلما استقر بها خلع الحجاج وخرج‏.‏
ثم كانت بينهما حروب يطول شرحها‏.‏
وفيها مات عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي‏.‏
وهو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم‏.‏
ولد بالحبشة‏.‏
ويقال لم يكن في الإسلام مثله في جوده وسخائه‏.‏
وفيها مات أبو إدريس الخولاني عائذ بن عبد الله فقيه أهل الشام وقاصهم وقاضيهم‏.‏
سمع من أبي الدرداء وطبقته‏.‏
وفيها مات أسلم مولى عمر رضي الله عنه‏.‏
اشتراه عمر في حياة أبي بكر‏.‏
وهو من سبي عين التمر‏.‏
وكان فقيهًا نبيلًا‏.‏
وفيها وقيل قبلها جنادة بن أبي أمية الأزدي بالشام له ولأبيه صحبة‏.‏
وحديثه في الصحيحين عن الصحابة ولي غزو البحر لمعاوية‏.‏
وفيها على الأصح أبو عبد الرحمن جبير بن نفير الحضرمي نزيل حمص‏.‏
كان من جلة التابعين‏.‏
روى عن أبي بكر وعمر‏.‏
وفيها توفي عبد الرحمن بن عبد القاري‏.‏
أتي به أبوه النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير‏.‏
روى عن جماعة‏.‏
وهو مدني‏.‏
وفيها صلب عبد الملك معبد الجهني في القدر‏.‏
قاله سعيد بن غفير‏.‏
وقيل بل عذبه الحجاج بأنواع العذاب وقتله‏.‏
له رواية وقد وثقوه‏.‏
وفيها توفي ملك عرب الشام حسان بن النعمان بن المنذر الغساني غازيًا بالروم‏.‏
وفيها مات اليون عظيم الروم‏.‏
وفيها حصر المهلب بن أبي صفرة كش ونسف‏.‏

فيها قام مع ابن الأشعث عامة أهل البصرة مع العلماء والعباد‏.‏
فاجتمع له جيش عظيم‏.‏
والتقوا عسكر الحجاج يوم الأضحى فانكشف عسكر الحجاج وانهزم هو وتمت بينهما بعد ذلك عدة وقعات حتى قيل كان بينهما أربع وثمانون وقعة على الحجاج والآخرة كانت له‏.‏
وفيها وقيل سنة اثنتين توفي أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي ابن الحنفية عن سبعين إلا سنة‏.‏
وكانت الشيعة قد لقبته المهدي‏.‏
وتزعم شيعته أنه لم يمت وأنه بجبل رضوى مختفيًا عنده عسل وماء‏.‏
وفيها توفي سويد بن غفلة الجعفي بالكوفة‏.‏
وقدم المدينة وقد دفنوا النبي صلى الله عليه وسلم ‏.‏
ومولده عام الفيل فيما قيل‏.‏
وكان فقيهًا إمامًا عابدًا كبير القدر‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن زرير الغافقي المصري‏.‏
روى عن عمر وعلي‏.‏
وفيها حجت أم الدرداء الأوصابية الحميرية‏.‏
وكان لها نصيب وافر من العلم والعمل‏.‏
ولهاحرمة زائدة بالشام‏.‏
وقد خطبها معاوية بعد وفاة أبي الدرداء فامتنعت‏.‏
وقتل مع ابن الأشعث ليلة دجيل أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود الهذلي‏.‏
روى عن طائفة‏.‏
ولم يدرك السماع من والده‏.‏
وقتل معه ليلتئذ عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي ابن خالة خالد ابن الوليد‏.‏
وكان فقيها كثير الحديث لقي كبار الصحابة وأدرك معاذ بن جبل
وفيها كانت الحروب تستعر بالعراق بين الحجاج وابن الأشعث وكاد ابن الأشعث أن يغلب على العراق‏.‏
وبلغ جيشه ثلاثة وثلاثين ألف فارس ومائة وعشرين ألف راجل‏.‏
ولم يتخلف عنه كثير‏.‏
قاموا معه على الحجاج لله‏.‏
وفيها توفي أبو عمر زاذان مولى كندة‏.‏
وقد شهد خطبة عمر بالجابية‏.‏
وكان من علماء الكوفة‏.‏
وفيها توفي أبو مريم زر بن حبيش الأسدي القاري بالكوفة عن مائة وعشرين سنة وكان عبد الله بن مسعود يسأله عن العربية فيما قيل‏.‏
وفيها قتل الحجاج كميل بن زياد النخعي صاحب علي‏.‏
وكان شريفًا مطاعًا شيعيًا متعبدًا‏.‏
وفيها في ذي الحجة توفي بمرو الروذ المهلب بن أبي صفرة الأزدي أمير خراسان وصاحب الحروب والفتوحات‏.‏
قال أبو إسحاق السبيعي‏:‏ لم أر أميرًا أيمن نقيبةً ولا أشجع لقاءً ولا أبعد مما يكره ولا أقرب مما يحب من المهلب‏.‏
قلت‏:‏ ومولده عام الفتح ولأبيه صحبة‏.‏
وفيها قتل مع ابن الأشعث سليم بن أسود المحاربي الكوفي‏.‏
وفيها قتل الحجاج محمد بن سعد أبي وقاص لقيامه مع ابن الأشعث‏.‏
فيها في قول الفلاس وغيره‏:‏ وقعة دير الجماجم‏.‏
وكان شعار الناس‏:‏ يا ثارات الصلاة‏.‏
لأن الحجاج قاتله الله كان يميت الصلاة ويؤخرها حتى يخرج وقتها‏.‏
فقتل مع ابن الأشعث أبو البخترى الطائي مولاهم واسمه سعيد بن فيروز وكان من كبار فقهاء الكوفة‏.‏
روى عن ابن عباس وطبقته‏.‏
وغرق مع ابن الأشعث بدجيل عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي الفقيه المقرئ‏.‏
قال ابن سيرين‏:‏ رأيت أصحابه يعظمونه كأنه أمير‏.‏
قلت‏:‏ أخذ عن عثمان وعلي ورأى عمر يمسح على الخفين‏.‏
وفيها توفي أبو الجوزاء الربعي البصري‏.‏
واسمه أوس بن عبد الله‏.‏
روى عن عائشة وجماعة‏.‏
وفيها توفي قاضي مصر عبد الرحمن بن جحيرة الخولاني‏.‏
روى عن أبي ذر وغيره‏.‏
وكان عبد العزيز بن مروان يرزقه في السنة ألف دينار فلا يدخرها‏.‏
سنة أربع وثمانين فيها افتتح موسى بن نصير أوربة من المغرب وبلغ عدد السبي خمسين ألفًا‏.‏
وفيها فتحت المصيصة على يد عبد الله بن عبد الملك بن مروان‏.‏
وفيها ظفروا بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي وقتلوه بسجستان وطيف برأسه في البلدان‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي بعمان‏.‏
هاربًا من الحجاج‏.‏
وهو ابن أخت معاوية‏.‏
ولما ولد أتي به النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه‏.‏
وفيها توفي عتبة بن الندر السلمي بالشام‏.‏
له صحبة وحديثان‏.‏
وفيها توفي عمران بن حطان السدوسي البصري آخر رؤوس الخوارج وشاعرهم البليغ‏.‏
وفيها توفي أبو زرعة روح بن زنباع الجذامي سيد جذام وأمير فلسطين‏.‏
وكان معظمًا عند عبد الملك لا يكاد يفارقه‏.‏
وهو عنده بمنزلة وزير‏.‏
وكان ذا علم وعقل ودين‏.‏
سنة خمس وثمانين وفيها غزا محمد بن مروان بن الحكم أرمينية‏.‏
فأقام سنة وأمر ببناء مدينة أردبيل وبرذعة‏.‏
وفيها كانت وقعة بين المسلمين والروم بطوانة أصيب فيها المسلمون واستشهد نحو الألف‏.‏
وفيها توفي أبو عمر عبد العزيز بن مروان بن الحكم أمير مصر والمغرب في جمادى الأولى‏.‏
وأرخه جماعة وقال بعضهم‏:‏ مات في العام الماضي وبقي على مصر عشرين سنة‏.‏
وروى عن أبي هريرة وغيره‏.‏
وكان ولي العهد بعد عبد الملك‏.‏
عقد لهما أبوهما ذلك‏.‏
فلما مات عقد العهد من بعده عبد الملك لولديه وبعث إلى عاملة على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي ليبايع له الناس بذلك‏.‏
فامتنع عليه سعيد بن المسيب وصمم‏.‏
فضربه هشام ستين سوطًا وطوف به‏.‏
وفيها أو في سنة ست توفي واثلة بن الأسقع الليثي‏.‏
أحد فقراء الصفة‏.‏
شهد غزوة تبوك‏.‏
وعاش ثمانيًا وتسعين سنة‏.‏
وكان فارسًا شجاعًا فاضلًا‏.‏
وفيها توفي عمرو بن حريث المخزومي‏.‏
وله صحبة ورواية‏.‏
مولده قبيل الهجرة‏.‏
وفيها في قول عمرو بن سلمة الجرمي البصري الذي صلى بقومه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
ويقال له صحبة‏.‏
وفيها توفي أسير بن جابر بالعراق وله أربع وثمانون سنة‏.‏
عمرو بن سلمة الهمداني‏.‏
سمع عليًا وابن مسعود‏.‏
ولم يخرجوا له في الكتب الستة شيئًا‏.‏
وهو مقل‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن عامر بن ربيعة العتري حليف آل عمر بن الخطاب‏.‏
ولد سنة ست من الهجرة‏.‏
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا ليس بمتصل‏.‏
خرجه أبو داود‏.‏
وله عن
سنة ست وثمانين فيها ولي قتيبة بن مسلم الباهلي خراسان وافتتح بلاد صاغان من الترك صلحًا‏.‏
وفيها توفي أبو أمامة الباهلي صدي بن عجلان نزيل حمص‏.‏
وقد قال‏:‏ كنت يوم حجة الوداع ابن ثلاثين سنة فيكون عمره مائة وست سنين‏.‏
وافتتح مسلمة بن عبد الملك حصنين من بلاد الروم‏.‏
وفيها وقيل سنة ثمان عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي‏.‏
وهو آخر الصحابة موتًا بالكوفة‏.‏
وآخر من شهد بيعة الرضوان الذين رضي الله عنهم بنص القرآن‏.‏
ولا يدخل أحد منهم النار بنص السنة‏.‏
وفيها على الصحيح وقيل سنة ثمان أيضًا عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي‏.‏
آخر الصحابة موتًا بمصر‏.‏
وفيها قبيصة بن ذؤيب الخزاعي المدني الفقيه بدمشق‏.‏
روى عن أبي بكر وعمر‏.‏
قال مكحول‏:‏ ما رأيت أعلم منه‏.‏
وقال الزهري‏:‏ كان من علماء الأمة‏.‏
وفي شوال مات الخليفة أبو الوليد عبد الملك بن مروان وله ستون سنة‏.‏
وكانت خلافته المجتمع عليها من بعد ابن الزبير ثلاث عشرة سنة وأشهرًا‏.‏
وكان أبيض طويلًا كبير العينين مشرف الأنف رقيق الوجه ليس بالبادن‏.‏
عدة أبو الزناد في الفقيه في طبقة ابن المسيب‏.‏
وقال نافع‏:‏ لقد رأيت أهل المدينة وما فيها شاب أشد تشميرًا ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك‏.‏
سنة سبع وثمانين فيها استعمل الوليد على المدينة عمر بن عبد العزيز إلى أن عزله سنة ثلاث وتسعين بأبي بكر بن حزم‏.‏
وفيها كانت ملحمة هائلة بناحية بخارا بين قتيبة والكفار‏.‏
ونصر الله الإسلام‏.‏
وفيها فتحت سردانية من المغرب‏.‏
وفيها ابتدأ بنيان جامع دمشق‏.‏
ودام العمل والجد والاجتهاد في بنائه وزخرفته أكثر من عشر سنين‏.‏
وكان فيه اثنا عشر ألف صانع‏.‏
وفيها توفي بحمص صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عتبة بن عبد السلمي وله أربع وتسعون وفيها توفي المقدام بن معدي كرب الكندي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن إحدى وتسعين سنة‏.‏
مات بحمص أيضًا‏.‏
سنة ثمان وثمانين فيها زحفت الترك وأهل فرغانة والصغد وعليهم ابن أخت ملك الصين في جمع لم يسمع بمثله‏.‏
فيقال‏:‏ كانوا مائتي ألف‏.‏
فالتقاهم قتيبة بن مسلم فهزمهم‏.‏
وفيها اقتتلت الروم في جمع عظيم‏.‏
فالتقاهم مسلمة فكسرهم أيضًا‏.‏
فلله الشكر والمنة‏.‏
وافتتح مسلمة حرثومة وطوانة‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن بسر المازني بحمص‏.‏
فكان آخر من مات بالشام من الصحابة‏.‏
سنة تسع وثمانين فيها جهز موسى بن نصير ولده عبد الله‏.‏
فافتتح جزيرتي ميورقة ومنورقة‏.‏
وجهز ولده الآخر مروان فغزا السوس الأقصى‏.‏
وبلغ السبي أربعين ألفًا‏.‏
وغزا مسلمة عمورية‏.‏
فالتقى الروم وهزمهم‏.‏
وفيها توفي على الصحيح عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير العذري المدني‏.‏
مسح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
سنة تسعين فيها غزا قتيبة وردان خداه الغزوة الثانية‏.‏
فاستصرخ عليه بالترك فالتقاهم قتيبة وكسرهم‏.‏
وفيها غزا مسلمة سورية وافتتح الحصون الخمسة‏.‏
وفيها غدر ملك الطالقان واستعان بترك طرخان على قتيبة‏.‏
ثم ظفر قتيبة بأهل الطالقان فقتل منهم صبرًا مقتلة لم يسمع بمثلها‏.‏
وصلب منهم سماطين طول كل سماط أربعة فراسخ في نظام واحد‏.‏
وفيها ولي مصر قرة بن شريك‏.‏
وكان جبارًا ظالمًا‏.‏
وفيها توفي أبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي الكوفي والد قابوس‏.‏
وفيها على الأصح خالد بن يزيد بن معاوية الأموي الدمشقي وكان موصوفًا بالعلم والدين والعقل‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري المدني الفقيه‏.‏
وأبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني المصري مفتي أهل مصر في وقته وعلى عقبة بن عامر تفقه‏.‏
سنة إحدى وتسعين فيها عزل الوليد عمه محمدًا عن الجزيرة وأذربيجان وإرمينية وولى عليها أخاه مسلمة‏.‏
فغزا مسلمة في هذا العام إلى أن بلغ الباب الحديد وافتتح حصونًا ومدائن‏.‏
وافتتح فيها قتيبة عدة مدائن بما وراء النهر‏.‏
وأوطأ الكفار ذلًا وخوفًا‏.‏
وحمل إليه طرخون القطيعة‏.‏
وفيها توفي وقيل في سنة ثمان وثمانين السائب بن يزيد الكندي ابن أخت نمر بالمدينة‏.‏
وقال‏:‏ حج بي أبي مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين‏.‏
ورأيت خاتم النبوة بين كتفيه‏.‏
وفيها توفي أبو العباس سهل بن سعد الساعدي الأنصاري وقد قارب المائة‏.‏
وهوآخر من مات بالمدينة من الصحابة‏.‏
سنة اثنتين وتسعين فيها افتتح إقليم الأندلس على يد طارق مولى موسى فتحه في سنة ثلاث‏.‏
وفيها توفي مالك بن أوس بن الحدثان النصري المدني‏.‏
أدرك الجاهلية ورأى أبا بكر‏.‏
وفيها توفي إبراهيم بن يزيد التيمي الكوفي ولم يبلغ الأربعين‏.‏
روى عن عمرو بن ميمون الأزدي سنة ثلاث وتسعين فيها افتتح قتيبة عدة فتوح وهزم الترك‏.‏
ونازل سمرقند في جيش عظيم ونصب المنجنيق فجاءت نجدة الترك فأكمن لهم كمينًا فالتقوا في نصف الليل‏.‏
فاقتتلوا قتالًا عظيمًا ولم يفلت من الترك إلا اليسير‏.‏
وافتتح سمرقند صلحًا وبنى بها الجامع والمنبر‏.‏
وأما الباهليون فيقولون‏:‏ صالحهم على مائة ألف فارس وعلى بيوت النار وعلى حلية الأصنام فسلبت‏.‏
ثم وضعت قدامه فكانت كالقصر العظيم يعني الأصنام‏.‏
فأمر بتحريقها‏.‏
ثم جمعوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضة خمسين ألف مثقال واستعمل على البلد ابنه عبد الله‏.‏
ورد إلى مرو‏.‏
وفيها كانت الفتوح بأرض المغرب والأندلس وبأرض الروم وبأرض الهند‏.‏
ولم يفتتح المسلمون منذ خلافة عثمان مثل هذه الفتوح التي جرت بعد التسعين شرقًا وغربًا‏.‏
فلله الحمد والمنة‏.‏
وفيها توفي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو حمزة أنس ابن مالك بن النضر الأنصاري‏.‏
قاله حميد الطويل وابن علية وجماعة‏.‏
وقال شعيب بن الحبحاب‏:‏ توفي سنة تسعين‏.‏
وقال الواقدي وغيره‏:‏ سنة اثنتين‏.‏
وقدم النبي صلى الله عليه وسلم وله عشر سنين‏.‏
وفيها توفي بلال بن أبي الدرداء‏.‏
يروي عن أبيه وقد ولي إمرة دمشق‏.‏
وفيها أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي الفقيه بالبصرة‏.‏
قال ابن عباس‏:‏ لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول أبي الشعثاء لأوسعهم علمًا عما في كتاب الله‏.‏
وفيها على الصحيح وقيل سنة تسعين أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي مولاهم البصري المقرئ المفسر‏.‏
وقد دخل على أبي بكر وقرأ القرآن على أبي‏.‏
قال أبو العالية‏:‏ كان ابن عباس يرفعني على السرير وقريش أسفل‏.‏
وقال أبو بكر بن أبي داود‏:‏ ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية وبعده سعيد بن جبير‏.‏
وفيها زرارة بن أوفى العامري أبو حاجب قاضي البصرة‏.‏
قرأ في الصبح‏:‏ ‏{‏فإذا نقر في الناقور‏}‏ فخر ميتًا‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن يزيد بن جارية الأنصاري المدني‏.‏
ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن الصحابة‏.‏
وولي قضاء المدينة‏.‏
وعن الأعرج قال‏:‏ ما رأيت بعد الصحابة أفضل منه‏.‏
فيها غزا قتيبة بن مسلم فرغانة فافتتحها بعد قتال عظيم وبعث جيشًا فافتتحوا الشاش‏.‏
وفيها افتتح مسلمة من أرض الروم سندرة‏.‏
وفيها توفي أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي المدني الفقيه‏.‏
أحد الأعلام‏.‏
قاله جماعة‏.‏
وقال ابن المديني وغيره‏:‏ توفي سنة ثلاث‏.‏
وولد في أثناء خلافة عمر‏.‏
قال مكحول وقتادة والزهري وغيرهم‏:‏ ما رأيت أعلم من ابن المسيب‏.‏
وقال علي بن المديني‏:‏ لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه‏.‏
وهو عندي أجل التابعين‏.‏
وقال أحمد العجلي‏:‏ كان لا يأخذ العطاء وله أربع مائة دينار يتجر بها في الزيت‏.‏
وقال مسعر عن سعد بن إبراهيم‏:‏ سمعت سعيد بن المسيب يقول‏:‏ ما أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر مني‏.‏
وفيها توفي أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المدني الفقيه الحافظ‏.‏
ولد في سنة تسع وعشرين وحفظ عن والده وكان يصوم الدهر ومات وهو صائم‏.‏
وكان يقرأ كل يوم ربع الختمة في المصحف ويقوم الليل فما تركه إلا ليلة قطعت رجله‏.‏
وكانت وقع فيها الأكلة فنشرها‏.‏
وفيها توفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ربيع الأول قاله يحي بن عبد الله ابن حسن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي‏.‏
وولد سنة ثمان وثلاثين بالكوفة أو سنة سبع‏.‏
قال الزهري‏:‏ ما رأيت أحدًا أفقه منه لكنه قليل الحديث‏.‏
وقال أبو حاتم الأعرج‏:‏ ما رأيت هاشميًا أفضل منه‏.‏
وعن سعيد بن المسيب قال‏:‏ ما رأيت أورع منه‏.‏
وقال مالك‏:‏ إن علي بن الحسين كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة إلى أن مات‏.‏
قال‏:‏ وكان يسمى زين العابدين لعبادته‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان عبد الملك يحبه ويحترمه‏.‏
وكان يوم مقتله والده مريضًا‏.‏
فقال عمر بن سعد‏:‏ لا تتعرضوا لهذا المريض‏.‏
قلت‏:‏ مناقبه كثيرة من صلواته وخشوعه وحجه وفضله رضي الله عنه‏.‏
وفيها توفي أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني الفقيه‏.‏
استصغر يوم الجمل فرد هو وعروة‏.‏
وكان يقال له راهب قريش لعبادته وفضله وكان مكفوفًا‏.‏
وهو أحد الفقهاء السبعة‏.‏
وفيها وقيل سنة أربع ومائة توفي أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني‏.‏
أحد
قال الزهري‏:‏ أربعة وجدتهم بحورًا‏:‏ عروة وابن المسيب وأبو سلمة وعبيد الله‏.‏
وفيها تميم بن طرفة الطائي الكوفي‏.‏
ثقة له عدة أحاديث‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:33 PM

سنة خمس وتسعين فيها قلع الله الحجاج بن يوسف الثقفي الطائفي
في ليلة مباركة على الأمة ليلة سبع وعشرين من رمضان وله خمس وخمسون سنة أو دونها‏.‏
وكان شجاعًا مقدامًا مهيبًا داهية فصيحًا مفوهًا بليغًا سفاكًا للدماء‏.‏
تولى الحجاز سنتين ثم العراق عشرين سنة‏.‏
وفيها توفي إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف‏.‏
روى عن أبيه وسعد وجماعة‏.‏
وفي شعبان قتل الحجاج قاتله الله سعيد بن جبير الوالبي مولاهم الكوفي المقرئ الفقيه المفسر أحد الأعلام‏.‏
وله نحو من خمسين سنة‏.‏
وفيها توفي مطرف بن عبد الله بن الشخير العامري البصري الفقيه العابد المجاب الدعوة‏.‏
روى عن علي وعمار‏.‏
وفيها توفي حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري‏.‏
سمع من خاله عثمان وهو صغير‏.‏
وكان عالمًا فاضلًا مشهورًا‏.‏
وفيها توفي إبراهيم بن يزيد النخعي الإمام أبو عمران فقيه العراق كهلًا‏.‏
أخذ عن علقمة والأسود ومسروق‏.‏
رأى عائشة وهو صبي‏.‏
سنة ست وتسعين يقال فيها توفي عبد الله بن بسر المازني بحمص‏.‏
ورخه عبد الصمد بن سعيد‏.‏
وقد مر‏.‏
وفيها قلع الله قرة بن شريك القيسي أمير مصر‏.‏
وكان عسوفًا ظالمًا‏.‏
قيل كان إذا انصرف من بناء جامع مصر دخله ودعا بالخمر والملاهي ويقول‏:‏ لنا الليل ولهم النهار‏.‏
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله‏:‏ الوليد بالشام والحجاج بالعراق وقرة بمصر وعثمان بن حبان بالحجاز امتلأت والله الأرض جورًا‏.‏
وفيها في جمادى الآخرة توفي الخليفة أبو العباس الوليد بن عبد الملك‏.‏
وكان دميمًا سائل الأنف يتبخر في مشيته وأدبه ناقص حتى قيل إنه قرأ في الخطبة فقال ‏{‏يا ليتها كانت القاضية‏}‏ ودخل عليه أعرابي فقال‏:‏ من ختنك فقال‏:‏ المزين‏.‏
فقيل‏:‏ إنما يريد أمير المؤمنين من ختنك قال‏:‏ نعم فلان‏.‏
لكنه كان مع ظلمه كثر التلاوة للقرآن‏.‏
قيل إنه كان يختم في ثلاث ويقرأ في رمضان سبع عشرة ختمة‏.‏
ورزق سعادة عظيمة في أيامه فأنشأ جامع دمشق‏.‏
وافتتحت في أيامه الهند والترك والأندلس‏.‏
وكان كثير الصدقات‏.‏
جاء عنه أنه قال‏:‏ لولا ذكر الله آل لوط في القرآن ما ظننت أن أحدًا يفعله‏.‏
وفي أواخرها قتل قتيبة بن مسلم بخراسان‏.‏
وقد وليها عشر سنين‏.‏
قال خليفة‏:‏ خلعه سليمان بن عبد الملك فقتلوه‏.‏
قلت‏:‏ كان بطلًا شجاعًا‏.‏
هزم الكفار وغير مرة وافتتح عدة مدائن‏.‏
سنة سبع وتسعين فيها توفي سعيد بن جابر المدني صاحب أبي هريرة‏.‏
والفقيه طلحة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قاضي المدينة‏.‏
وهو أحد الطلحات الموصفين بالجود‏.‏
روى عن عثمان وغيره‏.‏
وفيها أو في سنة ثمان توفي قيس بن أبي حازم الأحمسي البجلي الكوفي وقد جاوز المائة‏.‏
وفيها أو في سنة ست محمود بن لبيد الأنصاري الأشهلي‏.‏
قال البخاري‏:‏ له صحبة‏.‏
وذكره مسلم وغيره في التابعين‏.‏
وله عدة أحاديث حكمها الإرسال‏.‏
وحج بالناس خليفتهم سليمان بن عبد الملك‏.‏
فتوفي معه بوادي القرى أبو عبد الرحمن موسى بن نصير الأعرج الأمير الذي افتتح الأندلس وأكثر المغرب‏.‏
وكان من رجال العالم حزمًا ورأيًا وهمةً ونبلًا وشجاعةً وإقدامًا‏.‏
سنة ثمان وتسعين فيها غزا المسلون قسطنطينية وعلى الناس مسلمة‏.‏
وفيها افتتح يزيد بن المهلب بن أبي صفرة جرجان‏.‏
وفيها توفي أبو عمرو الشيباني الكوفي واسمه سعيد بن إياس عن مائة وعشرين سنة‏.‏
وكان يقرىء الناس بمسجد الكوفة روى عن علي وابن مسعود‏.‏
وفيها أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية الهاشمي المدني‏.‏
وهو الذي أوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وصرف الشيعة إليه ورفع إليه كتبًا وأسر إليه أشياء‏.‏
وفيها أو في التي بعدها عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي الكوفي الفقيه العابد‏.‏
أدرك
وفيها على الصحيح توفي عبيد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المدني‏.‏
أحد الفقهاء السبعة ومؤدب عمر بن عبد العزيز‏.‏
وفيها كريب مولى ابن عباس‏.‏
وكان كثير العلم كبير السن والقدر‏.‏
قال موسى بن عقبة‏:‏ وضع عندنا كريب عدل بعير من كتاب ابن عباس‏.‏
وفيها عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية الفقيهة وكانت في حجر عائشة فأكثرت عنها‏.‏
سنة تسع وتسعين فيها توفي محمود بن الربيع الأنصاري الخزرجي المدني‏.‏
وقد عقل مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر في دارهم وله أربع سنين‏.‏
ونافع بن جبير بن مطعم النوفلي المدني‏.‏
وكان هو وأخوه محمد من العلماء‏.‏
ولنافع رواية عن الزبير والعباس وكان محمد من علماء قريش وأشرفهم‏.‏
توفي قريبًا من أخيه‏.‏
وفيها إن شاء الله توفي عبد الله بن محيريز الجمحي المكي نزيل بيت المقدس وكان عابد الشام في زمانه‏.‏
قال رجاء بن حيوة‏:‏ إن يفخر علينا أهل المدينة بعابدهم ابن عمر فإنا نفخر عليهم بعابدنا ابن
وفي عاشر صفر توفي الخليفة ابو أيوب سليمان بن عبد الملك الأموي وله خمس وأربعون سنة‏.‏
وكانت خلافته أقل من ثلاث سنين‏.‏
وكان فصيحًا فهمًا محبًا للعدل والغزو عالي الهمة‏.‏
جهز الجيوش لحصار القسطنطينية وسار فنزل على قنسرين رداءًا لهم‏.‏
وقرب ابن عمه عمر بن عبد العزيز وجعله وزيره ومشيره ثم عهد إليه بالخلافة‏.‏
وكان أبيض مليح الوجه مقرون الحاجبين يضرب شعره منكبيه‏.‏
سنة مائة وفيها توفي أبو أمامة أسعد بن سهل بن جنيف الأنصاري المدني واسمه أسعد ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
روى عن عمر وجماعة‏.‏
وكان من علماء المدينة‏.‏
وفيها وقيل في سنة عشر ومائة أبو الطفيل عامر بن وائلة ابن الأسقع الكناني الليثي‏.‏
وهو آخر من من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا‏.‏
وكان من شيعة علي ترك الكوفة وتوفي بمكة‏.‏
وفيها بسر بن سعيد المدني الزاهد العابد المجاب الدعوة‏.‏
روى عن عثمان وزيد بن ثابت‏.‏
وولاؤه لبني الحضرمي‏.‏
وفيها خارجة بن زَيد بن ثابت الأنصاري المدني المفتي‏.‏
أحد الفقهاء السبعة‏.‏
وتفقه على والده‏.‏
وفيها أبو عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل بالبصرة‏.‏
وكان قد أسلم وأدى الزكاة إلى عمال النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وحجَ في الجاهلية‏.‏
وعاش مائة وثلاثين سنة وصحب سلمان الفارسي اثنتي عشرة سنة‏.‏
وفيها شهر بن حوشب الأشعري الشاميّ‏.‏
قرأ القرآن على ابن عباس‏.‏
وكان عالمًا كثير الرواية الحديث‏.‏
وفيها حنش بن عبد الله الصَّنعاني صَنعاءُ دمشق كان مع علي بالكوفة‏.‏
ثم ولي عشور إفريقية‏.‏
وروى عن جماعة‏.‏
وفيها مسلم بن يسار المكي ثم البصري‏.‏
روى عن ابن عمر وغيره‏.‏
وكان من عباد البصرة وفقهائها‏.‏
قال ابنُ عَون‏:‏ كان لايفضل عليه أحد في ذلك الزمان‏.‏
وقال محمد بن سعد‏:‏ كان ثقةً فاضلًا عابدًا وَرِعًا‏.‏
وفيها عيسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي‏.‏
أحدُ أشراف قريش وحكمائها وعقلائها‏.‏
روى عن أَبيه وجماعة‏.‏

في رجب توفي الامامُ العادلُ أميرُ المومنين وخامسُ الخلفاء الراشدين أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي بدير سمعان من أرض المعرة وله أربعون سنة‏.‏
وكانت خلافته سنتين وخمسة أَشهر‏.‏
كمثل خلافة الصديق‏.‏
وكان أَبيض جميلًا نحيفَ الجسم حسن الحية بجبهته أثر حافر فرس شجه وهو صغير‏.‏
فكان يقال له أشجُّ بني أمية‏.‏
وحفظ القرآن في صغره فبعثه أبوه من مصر فتفَقه بالمدينة حتى بلغ رتبة الاجتهاد‏.‏
ومناقبُه كثيرة رضي الله عنه‏.‏
وجدُّه لأُمه عاصم بن عمر بن الخطاب‏.‏
وفيها توفي أبو صالح السمان ذكوان صاحب أَبي هريرة‏.‏
قال أحمد بن حنبل‏:‏ كان ثقةَ من أجل الناس‏.‏
وفيها أو في سنة مائة ربعي بن حراش أَحد علماء الكوفة وعبادها‏.‏
وقد شهد خطبة عمر بالجابية‏.‏
قيل إِنه لم يكذب قط‏.‏
رحمه الله عليه‏.‏
وكان قد آلى أن لا يضحك حتى يعلم أفي الجنة هو أَو في النار‏.‏
وفيها مقسم مولى ابن عباس‏.‏
ولم يكن مولاه بل مَولى عبد الله بن الحارث بن نَوفَل وأضيف إلى ابن عبّاس لملازمته له‏.‏
وفيها محمد بن مروان بن الحكم الأمير والد الخليفة مروان‏.‏
وكان بطلًا شجاعًا شديد البأس‏.‏
وفيها وقيل في سنة خمس وتسعين الحسنُ بن محمد بن الحنفية الهاشمي العلوي ورد أنه صنف كتابًا في الإرجاء ثم ندم عليه‏.‏
وكان من عقلاء ِبني هاشم وعلمائهم‏.‏
وفيها استعمل يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة على إمرة العراقين وامره بمحاربة يزيد بن المهلب وكان قد خرج عليه فحاربه حتى قتل في السنة الآتية‏.‏
وممن توفي بعد المائة‏:‏ ابراهيم بن عبد الله بن حنين المدني له عن أبي هريرة‏.‏
وإبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس الهاشمي المدني له ابن عباس وميمونة‏.‏
وعبد الله بن شقيق العقيلي البصري سمع من عُمر والكبار‏.‏
والقطامي الشاعر المشهور‏.‏
ومُعاذةْ العدوية الفقيهة العابدة بالبصرة‏.‏
وعراك بن مالك المدني‏.‏
ومُورق العجلي‏.‏
وبشير بن يسار المدني الفقييه‏.‏
وأبو السوار العدويّ البَصري الفقيه صاحب عمران بن حنين‏.‏
وعبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري‏.‏
وحفصة بنت سيرين الفقيهة العابدة‏.‏
وعائشة بنت طلحة التيمية التي أصدَقَها مصعبُ بن الزبير مائة ألف دينار‏.‏
وعبد الرحمن بن أبي بكرة أول من ولد بالبصرة‏.‏
ومعبد بن كعب بن مالك‏.‏
وذو الرمة الشاعر المشهور‏.‏
وأبو الأشعث الصنعاني الشامي‏.‏
وزيادٌ الأعجم الشاعر‏.‏
وسعد بن أبي هند‏.‏
وأبو سلام ممطور الحبشي الأسود‏.‏
وأبو بكر بن أبي موسى الأشعري القاضي‏.‏
سنة اثنتين ومائة كان يزيد بن المهلب بن أبي صُفرةَ أمير الصلاة لسليمان‏.‏
فولي عمر فعزله وسجنه‏.‏
فلما توفي عمر أخرجه خواصه من السجن‏.‏
وتوثب على البصرة وفرّ منه عاملها‏.‏
عدي بن أرطاة

الفَزَاري‏.‏
ونصب يزيد رايات سودًا وتسمى بالقحطاني وقال‏:‏ أدعو إلى سيرة عمر بن الخطاب‏.‏
فجاء مسلمة وحاربه‏.‏
ثم قتل في صفر‏.‏
وكان جوادًا ممدحًَا كثير العزو والفتوح‏.‏
وفيها توفي بخراسان الضحاك بن مزاحم الهلاليَ صاحب التفسير‏.‏
وثقه الامام أحمد وغيره‏.‏
وورد أنه كان فقيه مكتب عظيم فيه ثلاثة آلاف صبي‏.‏
وكان يركب حمارًا ويدور عليهم إذا عيي‏.‏
وفيها توفي أبو المتوكل الناجي بالبصرة‏.‏
واسمه علي بن داود‏.‏
روى عن عائشة وجماعة‏.‏
وفيها توفي افريقية أبو العلاء‏.‏
ولما قتل يزيد بن المهلب في المعركة عهد لابنه معاوية‏.‏
فأخرج من الجيش عدي بن أرطاة في جماعة فذبحهم صبرًا‏.‏
سنة ثلاث ومائة فيها توفي عطاءُ بن يسار المدني الفقيه‏.‏
مَولى مَيمونة أم المؤمنين‏.‏
ثقة إمام كان يقص بالمدينة‏.‏
روى عن كبار الصحابة‏.‏
قال خصيف‏:‏ كان أعلمهم بالتفسير‏.‏
وعن مجاهد قال‏:‏ عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة وقال لي ابن عمر‏:‏ وددت أَن نافعًا يحفظ كحفظك‏.‏
قال سلمة بن كهيل‏:‏ ما رأيت أَحدًا أراد بهذا العلم وجه الله إلا عطاءً وطاوسًا ومجاهدًا‏.‏
وفيها مصعب بن سعد بن أبي وقاَص الزهري المدني‏.‏
وكان فاضلًا كثير الحديث‏.‏
روى عن علي والكبار‏.‏
وفيها موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي بالكوفة‏.‏
روى عن والده وعثمان‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ هو أفضل إخوته بعد محمد‏.‏
وكان يسمى في زمانه المهدي‏.‏
وفيها مقرئ الكوفة يحيى بن وثاب الأسدي مولاهم‏.‏
أَخذ عن ابن عباس وطائفة‏.‏
قال الاعمش‏:‏ كنت إذا رأَيته قد جاء قلتُ‏:‏ هذا قد وقف للحساب‏.‏
كان يعدد ذنوبه رحمه الله‏.‏
وفيها يزيد بن الأصم العامري ابن خالة ابن عباس‏.‏
نزل الرقة‏.‏
وروى عن خالته ميمونة وطائفة‏.‏
سنة أربع ومائة
فيها وقعة بهرازان دون الباب بفرسخين‏.‏
التقى المسلمون وعليهم الجراح الحكمي هم والخاقان‏.‏
فهزموه بعد قتال عظيم‏.‏
وقتل خلق من الكفار‏.‏
وفيها توفي خالد بن معدان الكلاعي الحمصي الفقيه العابدْ‏.‏
سمعه صفوان يقول‏:‏ لقيت سبعين من الصحابة‏.‏
وقال يحيى بن سعيد‏:‏ ما رأيتُ ألزم للعلم منه‏.‏
وقال الثوري‏:‏ ما أقدم عليه أحدًا‏.‏
وروي عنه أَنه كان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة‏.‏
وفيها وقيل قبل المائة عامر بن سعد بن أبي وقاص الزُهري أحد الإخوة التسعة‏.‏
وكان ثقةَ كثير العلم‏.‏
وفيها وقيل سنة ثلاث الحبر العَلاَمة أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي الكوفي عن بضع وثمانين سنة‏.‏
وقال‏:‏ ما كتبت سوداء في بيضاء‏.‏
وقال ابن المديني‏:‏ ابن عباس في زمانه وسفيان الثوري في زمانه والشعبي في زمانه‏.‏
وفيها وقيل في سنة سبع أبو قلابة الجرمي عبد الله بن زيد البصري الإمام‏.‏
وقد طُلب للقضاء فهرب‏.‏
وقدم الشام فنزل بدارَيا‏.‏
وكان رأسًا في العلم والعمل‏.‏
سمع من سمرة وجماعة‏.‏
وفيها أبو بردة عامر بن أبي موسى الأشعري قاضي الكوفة وأحد الأئمة‏.‏
لقي عليًا والكبار‏.‏
في رمضان التقى الجراحِ الحكَمي وخاقان ملك الترك‏.‏
ودام الحرب أيامًا ثم نصر الله دينه وهزم الترك شر هزيمة‏.‏
وكان المصاف بناحية إرمينية‏.‏
وفيها غزا الرومَ عثمانْ بن حيان المري الذي ولي المدينة للوليد بن عبد الملك‏.‏
وكان ظالمًا يقول الشعر على المنبر في خطبته‏.‏
وقد روى له مسلم‏.‏
وفي شعبان توفي الخليفة أبو خالد يزيد بن عبد الملك بن مروان‏.‏
وجدُّه لأمه يزيد بن معاوية‏.‏
عاش أربعًا وثلاثين سنة‏.‏
وَولي أربع سنين وشهرًا‏.‏
وكان أبيض جسيمًا مدور الوجه‏.‏
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلَم‏:‏ لما استخلفَ قال‏:‏ سيروا سيرة عمر ابن عبد العزيز فأتوه بأربعين شيخًا شهدوا له أن الخلفاء لاحساب عليهم ولا عذاب‏.‏
وفيها على الأصح أبو رجاء العطاردي بالبصرة عن مائة وعشرين سنة أو أقل‏.‏
واسمه عمران بن ملحان‏.‏
أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عن عمر وطائفة‏.‏
وفيها المسيب بن رافع الكوفي‏.‏
سمع البراء وجماعة‏.‏
وفيها عمارة بن خزيمة بن ثابت‏.‏
روى عن أبيه ذي الشهادتين وجماعة يسيرة‏.‏
وهو مدني‏.‏
وفيها توفي الأخوان عبيد الله وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر بن الخطاب‏.‏
وكان عبد الله وصي وفيها سليمان بن بريدة بن الحصيب الأسلمي روى عن أبيه وعائشة وغيرهما‏.‏
وفيها أبان بن عثمان بن عفان الأموي المدني الفقيه‏.‏
روى عن أبيه‏.‏
قال ابن سعد‏:‏ كان به صمم ووضح كثير‏.‏
وأصابه فالج قبل موته بسنة‏.‏
سنة ست ومائة فيها استعمل هشام بن عبد الملك على العراق خالد بن عبد الله القسري فدخلها وقبض على متوليها عمر بن عبد الله القسري‏.‏
فدخلها وقبض على متوليها عمر بن هبيرََة الفزاري وسجنه‏.‏
فعمد غلمانه فنقبوا سربًا إلى السجن أخرجوه منه‏.‏
وهرب إلى الشام‏.‏
وأجاره مسلمة بن عبد الملك‏.‏
مات قريبًا من ذلك‏.‏
وفيها غزا المسلمون فرغانة والتقوا الترك فقتل في الوقعة ابن خاقان‏.‏
وانهزموا ولله الحمد‏.‏
وفيها غزا الجراح الحكَمي ووغل في بلاد الخزر‏.‏
فصالحوه وأعطوه الجزية‏.‏
وحج بالناس خليفتهم هشام‏.‏
وفيها توفي سالم بن عبد الله بن عمر العَدَوِي المدني الفقيهُ القدوة‏.‏
وكان شديد الأَدمة خشن العيش يلبس الصوف ويخدم نفسه‏.‏
قال أحمد وإسحاق‏:‏ أصح الأسانيد‏:‏ الزهري عن سالم عن أبيه‏.‏
وفيها توفي طاوس بن كَيسان اليماني الجندي أحَدُ الأعلام علمًا وعملًا‏.‏
أخذ عن عائشة وطائفة‏.‏
توفي بمكة‏.‏
وفيها‏:‏ قاله خليفةُ‏:‏ أبو مجلز لاحق بن حُمَيد البصريّ‏.‏
أحد علماء البصرة‏.‏
لقِي كبارَ الصحابة كأَبي موسى وابن عباس‏.‏
قال هشام بن حبان‏:‏ كان قليلَ الكلام فإذا تكلم كان من الرجال‏.‏
سنة سبع ومائة فيها عزل هشام الجرَاح بن عبد الله الحكَمي عن أذربيجان وإرمينية واستعمل أخاه مَسلمةََ‏.‏
فغزا وافتتح في رمضان قَيسارية عنوةً‏.‏
وفيها توفي سلَيمان بن يسار المدني أخو عطاء وهم عدة إخوة‏.‏
وكان أحدَ الفقهاء السبعة‏.‏
أخد عن عائشة وطائفة‏.‏
قال الحسن بن محمد بن الحنفية‏:‏ سليمان بن يسار عندنا أفهم من سعيد بن المسيب‏.‏
وفيها عكرِمة بن عبد الله أبو عبد الله البربري ثم المدني مولى ابن عباس أحد الأعلام‏.‏
وقيل توفي في العام الماضي‏.‏
وكان كثير التنقل في الأقاليم‏.‏
دخل اليمن وخُراسان وَالمغرب‏.‏
وكانت الأمراء تكرمه وتصله‏.‏
وقال عِكرِمة‏:‏ طلبتُ العلم أربعين سنة‏.‏
وفيها وقيل سنة خمسٍ عطاءُ بن يزيد الليثِي المدنيّ صاحبُ نميم الداري‏.‏
وفيها وقيل في سنة ثمان القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيميّ المدني الإمام‏.‏
نشأ في حجر عمته عائشة فأكثر عنها‏.‏
قال يحيى بن سعيد‏:‏ ما أدركنا أحدًا نفضله بالمدينة على القاسم‏.‏
وعن أبي الزناد قال‏:‏ ما رأيت فقيهًا أَعلم منه‏.‏
وقال ابن عيينة‏:‏ كان القاسم أفضل أهل زمانه‏.‏
وعن عمر بن عبد العزيز قال‏:‏ لو كان أمر الخلافة إلي لما عدلت عن القاسم‏.‏
قلت‏:‏ لأن سليمان بن عبد الملك عهد إلى عمر بالخلافة وليزيد من بعده‏.‏
وفيها مات كثير عزة أبو صخر الخزاعي المدني الشاعر المشهور‏.‏
كان شيعيًا غاليًا يؤمن بالرجعة‏.‏
فيها غزا أسد بن عبد الله القسرِِيّ أمير خراسان فالتقاه الغوز في جمع عظيم فهزمهم‏.‏
وفيها زحف ابن خاقان إلى اذربَيجان وحاصر مدينة ديان كذا ونصَب عليها المجانيق‏.‏
فساد إليه المسلمون فهزموه وقتلوا من جيشه خلقًا ولكن استشهد أميرهم الحارث بن عمرو‏.‏
وفيها توفي أبو عبد الله بَكرُ بن عبد الله المُزَني البصري الفقيه‏.‏
روى عن المغيرة بن شعبة وجماعة‏.‏
وقيل توفي سنة ست‏.‏
وفيها وقيل سنة تسع أبو نضرة العبدي‏.‏
واسمه المنذر بن مالك‏.‏
أحد شيوخ البصرة‏.‏
أدرك عليًا وطلحة والكبار‏.‏
وفيها يزيد بن عبد الله بن الشخير البصري أخو مطَرِّف‏.‏
كان جليل القدر ثقة مشهورًا‏.‏
لقي عمران بن حصين وجماعة‏.‏
وعاش نحوًا من تسعين سنة‏.‏
وقيل بقي إلى سنة إحدى عشرة‏.‏
وفيها‏.‏
وقيل في سنة سبع عشرة محمد بن كعب القرظي الكوفي المولد والمنشإ ثم المدني‏.‏
روى عن كَبار الصحابة‏.‏
وبعضهم يقول‏:‏ ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وكان كبير القدرِ موصوفًا بالعلم والورع والصلاح‏.‏
سنة تسع ومائة
فيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام فافتتح حصين القطاسين كذا‏.‏
وفيها توفي أبو نجَيح يسار المكيّ مولى ثقيف ووالد عبد الله بن أبي نجيح‏.‏
روى عن أَبي سعيد وجماعة‏.‏
قال أحمد بن حنبل‏:‏ كان من خيار عباد الله‏.‏
وفيها أبو حَرب بن أبي الأسود الدّؤلي البصري‏.‏
روى عن عبد الله ابن عمر وجماعة‏.‏
سنة عشر ومائة فيها افتتح معاوية ولد هشام قلعتين من أرض الروم‏.‏
وفيها كانت وقعة الطين التقى مسلمة وطاغية الخزر بقرب باب الأبواب‏.‏
فاقتتلوا أيامًا كثيرةَ‏.‏
ثم كان النصر ولله الحمد في جُمادى الآخرة‏.‏
وفيها كانت وقعة بالمغرب أسر فيها بطريقُ المشركين‏.‏
وفيها توفي إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي وكان يُسمى أسد قُريش‏.‏
روى عن عائشة وجماعة‏.‏
وولي خراجَ الكوفة لابن الزبير‏.‏
وفيها في شوال محمد بن سيرين أبو بكر شيخ البصرة مع الحسن‏.‏
سمع عمران بن حصين وأبا هريرَة وطائفة‏.‏
وقال مؤرق العجلي‏:‏ ما رأَيت أفقه في ورعه من محمد بن سيرين‏.‏
وقال هشام بن حبان‏:‏ حدثني أصدق من رأَيتُ من البشر محمد بن سيرين‏.‏
قال ابن عَون‏:‏ لم أرَ مثل محمد بن سيرين‏.‏
وكان الشعبِيّ يقول‏:‏ عليكم بذاك الأصم يعني ابن سيرين‏.‏
وتوفي قبله بمائة يوم الحسن بن أَبي الحسن البصري أبو سعيد إمامُ أهل البصرة وَحَبر زمانه‏.‏
وْلد لسنتين بقيتا من خلافة عمر‏.‏
وسمع خطبةَ عثمان وشهد يوم الدار وشهرتُه تغني عن التعريف به‏.‏
قال ابن سعد في الطبقات‏:‏ كان جامعًا عالمًا رفيعًا‏.‏
فقيها حجة مأمونًا عابدًا ناسكًا كثير العلم فصيحًا جميلًا وسيمًا رحمه الله‏.‏
وفيها توفي بمكة أبو الطفيل عامر بن واثلة‏.‏
قاله جرير بن حازم‏.‏
وقد مر سنة مائة‏.‏
وفيها توفي نعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي وهو أقدم شيخ لشعبة‏.‏
ولأبيه صحبة‏.‏
وفيها توفي الفرزدق وجرير شاعر العصر‏.‏
سنة إحدى عشرة ومائة
فيها عُزل مسلمة عن أَذرَبيجان وأعيد الجراح الحكَمي‏.‏
فافتتح مدينة البيضاء التي للخزر‏.‏
فجمع ابن خاقان جمعًا عظيمًا وساق فنازل أردبيل‏.‏
وفيها توفي عطِيّة بن سعد العوفي الكوفي‏.‏
روى عن أبي هرَيرة وطائفة‏.‏
وقد ضربه الحجاج أَربع مائة سوط على أن يشتم عليًا رضي الله عنه فلم يفعل‏.‏
وهو ضعيف الحديث‏.‏
وفيها توفي القاسم بن مخيمرَة الهمداني الكوفيّ نزيلُ الشام‏.‏
روى عن أبي سعيد وعلقمة‏.‏
وكان عالمًا نبيلًا زاهدًا رفيعًا‏.‏
سنة اثنتي عشر ومائة وفيها سار مسلمة في شدة البرد والثلج في بلاد الترك حتى جاوز الباب‏.‏
وافتتح مدائن وحصونًا‏.‏
وافتتح معاوية بن هشام خرشنة من ناحية ملطية‏.‏
وفيها زحف الجراح الحكمي من برذعة إلى ابن خاقان وهو محاصر أردبيل‏.‏
فالتقى الجمعان واشتد القتال فكسر المسلمون وقتل الجراح الحَكمي اليماني رضي الله عنه‏.‏
وغلبت الخزر لعنهم الله على اذربَيجان‏.‏
وبلغت خيولهم إلى الموصل‏.‏
وكان بأسًا شديدًا على الإسلام‏.‏
فإنا
وروى أبو مسهر عن رجلٍ أن الجراح قال‏:‏ تركت الذنوب حياءً أربعين سنة‏.‏
ثم أدركني الورع وكان من قراءِ أهل الشام‏.‏
وقال غيره‏:‏ ولي الجراح خراسان لعمر بن عبد العزيز‏.‏
وكان إذا مر بجامع دمشق يميل رأسه عن القناديل من طوله‏.‏
وفيها غزا الأشرس السلمي فَرْغَانَةَ فاحاطت به التركُ‏.‏
وفيها أخذت الخَزَزُ أردَبيل بالسيف‏.‏
فبعث هشام إلى أذربيَجان سعيدَ بن عمرو الجرشي‏.‏
فالتقى الخزر وهزمهم واستنقذَ شيئًا كثيرًا وغنائم ولَطفَ الله‏.‏
وفيها توفي أبو المقدام رجاء بن حيْوة الكندِي الشامي الفقيه‏.‏
روى عن معاوية وطبقته‏.‏
وكان شريفًا نبيلًا‏.‏
كامل السؤدد‏.‏
قال مطر الوراق‏:‏ ما رأيت شاميا أفقه منه‏.‏
وقال مكحول‏:‏ هو سيد أهل الشام في أنفسهم‏.‏
وقال مسلَمة‏:‏ الأمير في كندة رجاء بن حَيوة‏.‏
وعبادةُ بن نسَي وعدي بن عدي‏.‏
إن الله لينزل بهم الغيث وينصر بهم على الأعداء‏.‏
وفيها القاسم أبو عبد الرحمن الدمشقي الفقيه‏.‏
مولى آل معاوية‏.‏
وفيها طلحة بن مصرف اليامي الهمداني الكوفي‏.‏
وكان يسمى سيد القراء‏.‏
قال أَبو معشر‏:‏ ما ترك بعده مثله‏.‏
قلتُ‏:‏ وكان يقدَم عثمان‏.‏
وكان أقرأ أَهل الكوفة‏.‏
فبلغه إجماعُهم على ذلك فذهب يقرأ على الأعمش رفيقه لتنزل رتبته في أعينهم‏.‏
سمع عبد الله بن أبي أوفَى وصغار الصحابة ومات كهلًا‏.‏
سنة ثلاث عشرة ومائة فيها التقى المسلمون والترك بظاهر سمرقَند‏.‏
فاستشهد أميرهم وعامة أصحابه‏.‏
وهو الأمير َسوْرَةُ بن أَبجر الدارمي عامل سمرقند‏.‏
ثم التقاهم الجُنيد المرّي فهزمهم‏.‏
وفيها أعيدَ مَسْلَمة إلى ولاية أذربيجان وإرمينية‏.‏
فالتقى خاقان‏.‏
واقتتلوا قتالًا عظيمًا وتحاجزوا ثم التقوا بعدها فانهزم خاقان‏.‏
وفيها غزا المسلمون وهم ثمانية آلاف وعليهم مالك بن شبيب الباهلي فوغل بهم في أرض الروم فحشدوا لهم والتقوا‏.‏
فانكسر المسلمون وقتل أميرهم مالك‏.‏
وقتل معه عبد الوهاب بن بخت مولى بني مروان‏.‏
وكان موصوفًا بالشجاعة والإقدام‏.‏
روى عن ابن عمر وأنس‏.‏
ووثقه أبو زرعة‏.‏
وكان معه الأمير أبو محمد البطال ويقال أبو يحيى واسمه عبد الأنطاكي‏.‏
أحد الشجعان الذين يضرب بهم المثل‏.‏
وله مواقف مشهودة‏.‏
وكان طليعةَ جيش مسلمة‏.‏
وله اخبارٌ في الجملة‏.‏
لكن كذبوا عليه وحملوه من الخرافات والكذب ما لا يحد ولا يوصف‏.‏
وفيها توفي فقيه الشام أبو عبد الله مكحوِل مَولى بني هذيل‏.‏
أرسل عن طائفة من الصحابة وسمع من واثِلَة بن الأسقع وأَنس وأبي أمامة الباهلي وخلق‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ سمعته يقول‏:‏ طفت الأرض في طلب العلم‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ ما أعلم بالشام أفقه من مكحول‏.‏
وقال سعيد بن عبد العزيز‏:‏ أعطوا مكحولًا مرة عشرة آلاف دينار فكان يعطى الرجل خمسين دينارًا‏.‏
وقال الزّهري‏:‏ العلماء ثلاثة فذكر منهم مكحولًا‏.‏
وفيها توفي ابو إياس معاوية بن قرّة المدني البصريّ عن ثمانين سنة‏.‏
وكان يقول‏:‏ لقيت ثلاثين صحابيًا‏.‏
وفيها توفي يوسف بن ماهَك المكيّ‏.‏
روى عن عائشة وجماعة‏.‏
وقد لقيه ابن جُرَيْج وغيره‏.‏
فيها عُزل مسلَمَةُ عن أذربَيْجَان والجزيرة ووليها مروان الحمار‏.‏
فسار مروان حتى جاوز نهر الروم‏.‏
فأغار وقتَل وسبى خلقًا من الصقالبة‏.‏
وفي رمضان على الأصَحّ وقيل في سنة خمس عشرة توفي فقيهُ الحجاز الإمامُ أبو محمد عَطَاءُ بن أبي رباح أسلم المكيّ مولى قريش عن سن عاليَة‏.‏
وكان من مولدي الجند أسودَ مُفَلفَلَ الشعر‏.‏
سمع عائشة وأبا هُريرة وابن عباس‏.‏
قال أبو حنيفة‏:‏ مارأيت أفضل منه‏.‏
وقال ابن جرَيج‏:‏ كان المسجد فراش عَطاءٍ عشرين سنة‏.‏
وكان من أحسن الناس صلاة‏.‏
وِقال الأوزاعيّ‏:‏ مات عطاءٌ يَوم مات وهو أرضى أهلِ الأرض عند الناس‏.‏
وقال إسماعيلُ بن أمية‏:‏ كان عطاءُ يُطيل الصّمت فإذا تكلم يخيل إلينا أنه يُؤيد كذا‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان لا يفترْ عن الذكر‏.‏
وفيها وقيل في سنة سبع عشرة علي بن رباح اللخميّ المصري وهوِ في عشر المائة‏.‏
حمل عن عدة من الصحابة وَولي غزو إفريقية لعبد العزيز بن مروان‏.‏
وكَان من علماء زمانه‏.‏
وفيها توفي السيد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الباقر‏.‏
وِلد سنة ست وخمسين من الهجرة‏.‏
وروى عن أبي سعيد الخدري وجابر وعدة‏.‏
وكان من فقهاء
وفيها أبو عبد الله وهب بن منَبه الصنعاني الحبر العلامةُ عن ثمانين سنه‏.‏
روى عن ابن عباس وجماعة‏.‏
وكان شديدَ العناية بكتب الأولين وأخبارِ الأمم وقصصهم بحيث أنه كان يشبه بكعب الأَحبار في زمانه‏.‏
سنة خمس عشرة ومائة فيها وقيل في الماضية الفقيه أبو محمد الحكم بن عتيبة الكوفي مولى كندة‏.‏
أخذ عن أبي حجيفة السوائي وغيره‏.‏
وتفقه على إبراهيم النخعي‏.‏
قال مَغيرة‏:‏ كان الحكم إذا قَدم المدينة أخلوا له ساريةَ النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليها‏.‏
وقال الأوزاعي‏:‏ قال لي عَبْدَةُ بن أبي لُبابة‏:‏ هل لقيت الحكم قلتُ‏:‏ لا‏.‏
قال‏:‏ فاْلَقهُ فما بين لابتيها أفقه منه‏.‏
وفيها قاضي مرو أبوِ سهيل عبدالله بن ُبريْدَة الأسلمي عن مائة سنة‏.‏
روى عن أبي موِسى وعائشة وطائفة‏.‏
وفيها توفي أبوِ يحيى عمير بن سعيد النخعي وقد قارب المائة أو جاوزها‏.‏
وحديثه عن علي في الصحيحين‏.‏
وهو أكبر شيخ لِمسْعَر‏.‏
وفيها تُوفي الُجنْيدُ بن عبد الرحمن المري الدمشقي الأمير على خراسان‏.‏
والسند‏.‏
وكان أحد الأجواد‏.‏
سنة ست عشرة ومائة فيها توفي عدِيّ بن ثابت الأنصاري الكوفي إِمام مسجد الشيعة وقاصهم‏.‏
روىعن البَراء وطائفة‏.‏
وعَمْرُو بن مُرّة المرادي الكوفي الضرير‏.‏
سمع ابن أبي أَوْفي وجماعة‏.‏
وكان حجةً حافظًا‏.‏
قال مِسْعَر‏:‏ ما أدركتُ أحدًا أَفضل منه‏.‏
وفيها مُحارب بن دثار السدوسي قاضي الكوفة سمع ابن عمرُ وجابرًا وطائفة‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:35 PM

سنة سبع عشرة ومائة فيها جاشت الترك بخراسان
وانضم إليهم الحارث بن أبي شريح الخارجي‏.‏
فاقتتوا وجاوزوا نهر جيحون‏.‏
وأغاروا على مرو الروذ‏.‏
فسار إليهم أسد بن عبد الله القسري فالتقَوا ونصَر الله وقتلهم المسلمون قتلًا ذريعًا‏.‏
وفيها افتتح مروان الحمار ثلاثةَ حصون وأسر الملك تومان شاه وبعث به إلى هشام‏.‏
وفيها توِفي أبو الحباب سعيد بن يسار المدني مولى ميمونة‏.‏
روى عن عبد العزيز وجماعة‏.‏
وفيها توِفي بالإسكندريّة عبد الرحمن بن هُرمز الأعرج صاحبُ أبي هريرة‏.‏
وفيها توفي عبدُ الله بن عبيد الله بن أبي ملَيكَة القرشي التيمي المدني عن سن عالية‏.‏
وقد ولى القضاء لابن الزبير‏.‏
وكان مؤذن الحَرَم‏.‏
وفيها فقيه أهل دمشق عبد الله بن أبي زكريا الخزاُعي‏.‏
وكان عُمر بن عبد العزيز يُجلسه معه على السرير‏.‏
قال أَبو مسهر‏:‏ سيد أهل المسجد‏.‏
قيل‏:‏ بما سادهم قال‏:‏ بحسن الخلق‏.‏
قلتُ‏:‏ أرسل عن أبي الدرداء وعبادة‏.‏
وهو ثقةٌ قليلُ الحديث‏.‏
وفيها وقيل في سنة ثمان عشرة الحافظ أبو الخطاب قَتَادة بن دعامة السدوسي‏.‏
عالم أهل البصرة‏.‏
روى معمر عنه‏.‏
قال‏:‏ أقمتُ عند سعيد بن المسيب ثمانية أيام‏.‏
فقال لي في اليوم الثالث‏:‏ ارتحل يا أعمى فقد أترفتني‏.‏
وقال قَتَادة‏:‏ ما قلتُ لمحدث قطّ أعدهُ علي وما سمعتُ شيئًا إِلا وعاه قلبي‏.‏
وقال فيه شيخُه ابن سيرين‏:‏ قَتاَدة أحفظ الناس‏.‏
وقال أحمد‏:‏ قل أن نجد من يتقدم قَتادة‏.‏
كان عالمًا بالتفسير وباختلاف العلماء‏.‏
ويُقال فيها محمد بن كعب القرظي‏.‏
ورّخه الواقديُّ والفلاس وقد مرّ‏.‏
وفيها موسى بن مروان بن وَرْدَان المصري القاضي‏.‏
روى عن أبي هُرَيْرَة وسعيد وطائفة‏.‏
وعاش نيفًا وثمانين سنة‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ ليس به بأْس‏.‏
قلت‏:‏ آخر أصحابه ضمَامُ بن إسماعيل‏.‏
وفيها توفي مَيْمونُ بن مِهْران الرقي أبو أيوب الفقيه قاضي الجزيرة‏.‏
و كَان من العلماء العاملين‏.‏
روى عن عائشة وأبي هريرة وطائفة‏.‏
وفيها توفي فقيه المدينة أبو عبد الله نافع مولى ابن عمر‏.‏
قال عبيد الله بن عمر‏:‏ بعث عمر بن عبد العزيز نافعًا إلى مصر يعلمهم السنن‏.‏
قلت‏:‏ وقد روى نافع أيضًا عن عائشة وأبي هُرَيْرَة‏.‏
وفيها توفيت عائشة بنت سعد بن أبي وقاص بالمدينة‏.‏
وقد ِرأت ستًا مِن أمهات المؤمنين وعاشت أربعًا وثمانين سنة‏.‏
وفيها توفيت سُكَيْنَة بنت الشهيد الحسين بن علي بالمدينة‏.‏
وكانت من أجمل النساء‏.‏
تزوّجها سنة ثمان عشرة ومائة يُقال فيها تُوفي أبو جعفر الباقر ومكحول‏.‏
وقد ذكِرا‏.‏
وفيها توفي علي بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب العباسي جدُّ الخلفاء بأرض البلقاء‏.‏
وولد ليلة قتل علي رضي الله عنه‏.‏
وكان من أجمل قريش وأجلَها وأهيبها‏.‏
قال الأوزاعيّ وغيره‏:‏ كان يسجدُ كل يَومٍ ألفَ سجدة‏.‏
وقيل‏:‏ كان يُقال له السجاد لكثرة صلاته‏.‏
وفيها توفي عمرو بن شعيب‏.‏
محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي أبو إبرهيم‏.‏
روى عن زينب ربيبة النبي صلى الله عليه‏.‏
فهو تابعيّ‏.‏
وثقه يحيى بن مَعِين وِابنُ راهُويَه‏.‏
وهو حسنُ الحديث‏.‏
وفيها توفي عُبادة بن نسي الكندي قاضي طبرية‏.‏
وكان شريفًا جليل القدر موصوفًا بالصلاح‏.‏
روى عن شداد بن أوْس وجماعة‏.‏
وفيها في المحرم قارىء الشام أبو عمران عبد الله بن عامر اليحصبي الدمشقيّ‏.‏
وله سبع وتسعون سنة‏.‏
قرأ القرآن العظيم على المغيرة بن أبي شهاب عن قراءته على عثمان‏.‏
وقيل إنه قرأ على عثمان نفسه نصف القرآن‏.‏
وورد أيضًا أنه قرأَ على أبي الدّرْداء‏.‏
وحدث عن فَضَالة بن عبَيد والنّعمان ابن بشير وَولي قضاءَ دمشق رحمه الله‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن جبيْر بن نفَير الحضرمِي الحمصي‏.‏
وهو مُكْثرٌ عن أبيه وغيره‏.‏
ولا أعلمه روى عن الصحابة‏.‏
وقد رأى جماعة من الصحابة‏.‏
وفيها عبدُ الرحمن بن سابط الجمحِي المكيّ الفقيه‏.‏
روى عن عائشة وجماعة‏.‏
وفيها معبد بن خالد الجدلي الكوفيّ القاص‏.‏
روى عن جابر بن سمرة وجماعة‏.‏
وفيها أبو عشانة المعَافري حَيّ بن يومن بمصر‏.‏
روى عن عُقبَة بن عامر وجماعة‏.‏
سنة تسع عشرة ومائة فيها غزا مروان غزوة السانحة فدخل من باب اللان فلم يزل يسير حتى طلع من بلاد الخزر‏.‏
ومر ببلَنجَر وسَمَندر وانتهى إلى مدينة خاقان الترك فانهزم خاقان‏.‏
وفيها توفي إياس بن سَلََمَة بن الأكوع المدني‏.‏
روى عن أبيه‏.‏
وفيها وقيل سنة اثنتين وعشرين توفي حبيب بن أبي ثابت الكوفيّ فقيه الكوفة ومفتيها‏.‏
مع حَماد بن أبي سليمان بل هو أكبر من حَمّاد وأجَل مكانةً‏.‏
روى عن ابن عباسن وابن عمر

وفيها فقيه دمشق سليمان بن موسى الأموي الأشدقُ‏.‏
مولى بني أمية‏.‏
روى عن أْبي أمامة ووَاثلة وطائفة‏.‏
قال سعيد بن عبد العزيز‏:‏ كان أعلم أَهلِ الشام بعد مكحُول‏.‏
وقالَ ابن لَهيعة‏:‏ ما لقيت مثله‏.‏
وفيها قَيْسُ بن سعد المكي صَاحبُ عطاء‏.‏
وكان مفتي أهل مكة في وقته‏.‏
وفيها الأمير أبو شاكر مُعَاويةُ ولد الخليفة هشام بن عبد الملك‏.‏
وكان أنبلَ أولاد أَبيه جوادًا مُمدحًا‏.‏
وَلي الغزو مرات وهو جد أمراء الأندلس‏.‏
سنة عشرين ومائة فيها وقيل سنة ثمان عشرة‏.‏
توفي أنس بن سيرين أخوه محمد ابن سيرين وله خمس وثمانون سنة‏.‏
روى عن ابن عباسن وجماعة‏.‏
وفيها فقيهُ الكوفة أبو إسماعيل حماد بن أبي سليمان الأشعري مولاهم‏.‏
صاحبُ إبراهيم النخَعي‏.‏
روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وطائفة‏.‏
وكان سَريًا محتشمًا يفطر كل ليلة في رمضان خمس مائة إنسان‏.‏
وقال شُعْبَة‏:‏ كان صَدُوقَ اللسان‏.‏
وفيها توفي عاصم بن عُمر بن قَتَادَة بن النعمان الأنصاري شيخُ محمد بن إسحاق‏.‏
وكان إخباريا علامةَ بالمغازي‏.‏
يروي عن جابر وغيره‏.‏
وفيها توفي قارىء أهل مكة أبو معبد عبد الله بن كثير الطائي مولاهم الفارسي الأَصل الداري العطّار‏.‏
قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي وعلى مُجاهد وحدث عن ابن الزبير وغيره‏.‏
وفيها توفي سيدُ أهل الجزيرة عَديُّ بن عدي بن عُمَيْرة الكندي الأمير‏.‏
وكان فقيهًا ناسكًا كبير الشأْن‏.‏
ولأبيه صُحبة‏.‏
وفيها توفي عَلْقَمَةُ بن مَرثَد الحَضرمي الكوفيّ‏.‏
وكَان ثبتًا في الحديث‏.‏
روى عن طارق بن شهاب ولطارق صُحبَة ما‏.‏
وفيها توفي قيس بن مسلم الجدلي الكوفي‏.‏
صاحب طارق ويَقال إنه ما رفع رأسه إلى السماء منذ زمنان تعظيمًا لله‏.‏
وفيها توفي محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي المدني الفقيه‏.‏
روى عن أسامة بن زيد وأبي سعيد وطائفة وجده من المهاجرين‏.‏
وفيها توفي واصل الأحدبُ الكوفي‏.‏
يروي عن أبي وائل وطبقته‏.‏
وفيها توفي أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزام الأنصاري قاضي المدينة‏.‏
عن نيف وثمانين سنة‏.‏
ويقال‏:‏ كان أعلم أهلِ المدينة بالقضاء‏.‏
وله خبرة بالسير‏.‏
سنة إحدى وعشرين ومائة فيها غزا مروِان‏.‏
فأتى قلعة بيت السرير فقتل وسبى ثم دخل حصن غومشك كذا وفيه سريرُ مُلكِهم فهرب منه الملك‏.‏
ثم إن مروان صالحهم في العام على ألف رأس ومائة ألف مديٍ‏.‏
ثم إنه سار حتى دخل أرض أرز ونطران كذا فصالحوه وصالحه تومان شاه على بلاده‏.‏
ثم سار حتى نازل حمرين كذا وحاصرها شهرين ثم صالحهم وافتتح مسدارة صُلحًا وتهيأ لمروان في هذه السنة من الفتوحات أمرٌ عظيم ووقع في قلوب الترك والخَزَر منه رعبٌ شديد‏.‏
وفيها توفي قاضي دمشق نمير بن أوس الأشعري أحد شعيوخ الاوزاعي‏.‏
وأبو عبد الله محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري المدني‏.‏
وقد لقي ابن عمر‏.‏
ورافع بن خديج‏.‏
وطائفة‏.‏
وكانت له حلَقة للفتوى‏.‏
وفيها أو في التي بعدها‏.‏
سَلمة بن كْهَيل الكوفي‏.‏
روى عن جندب البجلي وطائفة‏.‏
وكان من أثبات الشيعة وعلمائهم‏.‏
حمل عنه شُعبة والثوري‏.‏
وفيها مَسلَمة بن عبد الملك بن مروان الأموي الأميرُ ويلَقّبُ بالجرادة الصفراء‏.‏
وكان موصوفًا بالشجاعة والإِقدام وَالرأْي والدهاء‏.‏
ولي إرمينية وأذَربيجان غير مرة وإِمرة العراقَين‏.‏
وسار في مائة وعشرين الفًا وغزا القسطنطينية في خلافة سليمان أخيه‏.‏
وروى عن عمر بن عبد العزيز‏.‏
وفيها قتل زَيدْ بن علي بن الحسين بن علي بالكوفة‏.‏
وكان قد بايعه خلق كثير‏.‏
وحارب متولي العراق يوسف بن عمر فظفر به يوسف وبقي مصلوبًا أربع سنين‏.‏
ولما خرج أَتاه طائفة كبيرةٌ وقالوا‏:‏ تبرأْ من أبي بكر وعمر حتى نبايعك‏.‏
فأبى‏.‏
فقالوا‏:‏ إذًا نرفضك‏.‏
فمن ذلك الوقت سُموا الرافضة‏.‏
وسميت شيعته الزيدية‏.‏
روى عن اَبيه وجماعة‏.‏
وروى عنه شعبَة‏.‏
وفيها قتل أحد الشجعان الأبطال أبو محمد البطال وله حروبٌ ومواقف ولكن كذبوا عليه فأفرطوا ووضعوا له سيرةً كبيرة كل وقت يزيد فيها من لا يستحي من الكذب‏.‏
سنة اثنتين وعشرين ومائة فيها كانت بالمغرب حروب مزعجةّ وملاحم وخرجت طائفة كبيرة وبايعوا عبد الواحد الهواريَ‏.‏
والتف عليه أممٌ من البربر‏.‏
ثم نصير عليهم المسلمون وقتلوا منهم خلقًا‏.‏
وفيها توفي قاضي البصرة أبو وائلة إياس بن معاوية المزني أحد من يضرب به المثل في الذكاء
وفيها بكير بن عبد الله بن الأشج المدني الفقيه‏.‏
نزيل مصر وأحد شيوخ الليث بن سعد‏.‏
وهو من صغار التابعين‏.‏
وفيها زيد بن الحارث اليامي‏.‏
روى عن إبراهيم النَخَعِي وخلق من كبار التابعين‏.‏
وفيها سيار أبو الحكم صاحب الشعبي‏.‏
وهو واسطي حجة مشهور‏.‏
وفيها يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي المدني عن سن عالية‏.‏
لقِي أبا هريرة‏.‏
وفيها أبو هاشم الرماني الواسطي‏.‏
واسمه يحيى‏.‏
كان سكن قصر الرمان بواسط‏.‏
روَى عن أبي العالية وجماعة‏.‏
وفيها قتل زيد بن علي‏.‏
قاله خليفة‏.‏
وقد مر في التي قبلها‏.‏
سنة ثلاث وعشرين ومائة فيها قتل بالمغرب كْلثوم بن عياض القشيري في عدة من أمرائه واستبيح عسكره ومُزقوا‏.‏
هَزمهم أبو يوسف الأزري رأس الصُفرية‏.‏
و كَان كلثوم قد ولي دمشق لهشام ثم ولاه غزو الخَوارج بالمغرب‏.‏
وأتبعت الصفرية من انكسر من المسلمين‏.‏
فثبت لهم بلجٌ القًشَيري ابن عم كُلثوم‏.‏
وكان النصر وللَه الحمد‏.‏
وفيها حج بالناس يزيد ابنُ الخليفة هشام ومعه الزهري فأخذ عنه إذ ذاك مالك وابن عُيينة وأَهلُ الحجاز‏.‏
وفيها توفي ثابت البناَنيّ بالبصرة عن أكثر من ثمانين سنة‏.‏
وكان من سادة التابعين علمًا وفضلًا وعبادةً ونُبْلًا‏.‏
وربيعةُ بن يزيد الدمشقي القصير شيخ دمشق بعد مكحُول‏.‏
اسُتشْهد بإفريقية‏.‏
وقد لقي جبير بن نُفَير وطائفة‏.‏
قال نوح بن فَضَالَة‏:‏ كان يفضل على مكحُول‏.‏
وقال سعيد بن عبد العزيز‏:‏ لم يكن عندنا أَحسن سَمْتًا في العبادة منه ومن مكحُول‏.‏
وفيها سِماكُ بن حرب الدّهلِي الكوفيّ أحدُ الكبار‏.‏
قال‏:‏ أدركت ثمانين من الصحابة وذهَبَ بصري فدعوتُ الله فردّه الله عليّ‏.‏
وقال العجلي‏:‏ كان عالمًا بالشعر وأيامِ الناس فصيحا‏.‏
وفيها أبو يونس مولى أبي هريرة وقد شاخ‏.‏
واسمه سليمان بن جبَيْر‏.‏
نزل مصر وأدركه الليثُ‏.‏
وفيها عابد البصرة محمد بن واسمع الأزدي‏.‏
أخذ عن أنَس ومُطرف بن الشخير وطائفة‏.‏
وفيها قارىء أهلِ مكة بعد ابن كثير محمد بن عبد الرحمن بن مُحيَصن‏.‏
ومنهم من يسميه عُمر فأظنهما أخوين‏.‏
وله رواية شاذة في كتَاب المنهج وغيره‏.‏
وقد روى عن صفية بنت َشْيبة وغيرها‏.‏
سنة أربع وعشرين ومائة فيها تمت وقعةٌ كبيرة بالمغرب مع الصفرية‏.‏
ورأسهم َمْيسَرَةُ الحقير‏.‏
وذاق المسلمون منهم مشاقّ وبلاءً شديدًا‏.‏
وفيها مات محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري أحدُ الثقات‏.‏
وقد ولي إمرة المدينة لعمر بن عبد العزير وأدركَه ابن عيَينَة‏.‏
وفيها توفي القاسمُ بن أبي بزِة المكي‏.‏
روى عن أبي الطفيل وجماعة يسيرة‏.‏
وفيها في رمضان توفي الزُهري وهو أبو بكر محمد بن مُسلم بن عبَيْد الله بن عبد الله بن شهاب المدني أحد الأعلام‏.‏
أربعٍ وسبعين سنة‏.‏
سمع من سهل بن سعد وأَنَس بن مالك وخلق‏.‏
قال ابن المديني‏:‏ له نحو ألفي حديث‏.‏
وكذا قال مكحول‏.‏
وقال الليث‏:‏ قال ابن شهاب‏:‏ ما استودعتُ قلبي علمًا فنسيتْه‏.‏
قال الليث‏:‏ وكان يكثر شُرب العسل ولا يأكل شيئًا من النعاج‏.‏
وقال أيوب‏:‏ ما رأيت أعلم من الزهري‏.‏
قلت‏:‏ وكَان معظمًا وافر الحرمة عند هشام بن عبد الملك‏.‏
أعطاه مرّة سبعة آلاف دينار‏.‏
وقال عمروِ بن دينار‏:‏ ما رأيتُ الدينار والدرهم عند أحَد أهون منه عند الزهري كأنها بمنزلة البَعرْ‏.‏
سنة خمس وعشرين ومائة فيها توفي أبو سعيد سعيد بن أبي سعيد المَقبرِيّ عن سن عالية‏.‏
روى عن سَعْد بن أبي وقّاص وأكثرَ عن أبي هُرَيْرَة‏.‏
قال ابن سعد‏:‏ ثقة‏.‏
لكنه اختلط قبل موته بأربع سنين‏.‏
قلتُ‏:‏ ما سمع منه ثقة في اختلاطه‏.‏
وفيها مات في ربيع الآخر الخليفةُ أبو الوَليد هشام بن عبد الملك الأموي‏.‏
وكانت خلافته
عشرين سنة إِلا أشهرا‏.‏
وكانت دارُه عن الخواصين بدمشق فعمل منها مدرسة السلطانْ نور الدين‏.‏
وكان ذا رأي وحزم وحلم‏.‏
وجمع المال‏.‏
عاش أربعًا وخمسين سنة‏.‏
وكان أبيضَ جميلًا سمينًا أحول يخضب بالسوِاد‏.‏
وفيها أشعت بن أبي الشعثاء الحارثي الكوفي‏.‏
وآدمُ بن علي الشيباني الكوفي المدني‏.‏
روى عن ابن عمر‏.‏
وأبو بشر جعفر بن أبي وحشِية إياس صاحب سعيد بن جبَيْر‏.‏
وقد روى عن عبّاد بن شُرحْبيل الصحابي‏.‏
وأبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي والد المنصور والسفاح وله ستون سنة وكان جميلًا وسيمًا مهيبًا نبيلًا‏.‏
وكانت دُعاةُ بني العباس يكاتبونه وِيلقبونه بالإِمام‏.‏
وفيها وقيل في سنة أربع زَيْدُ بن أبي أنيسة الجزريّ الرّهاوي الحافظ أحد علماء الجزيرة وله أربعون سنة‏.‏
روى عن جماعة من التابعين‏.‏
وفيها أو بعدها زيادُ بن عِلاَقة الثعلبي الكوفي‏.‏
روى عن طائفة‏.‏
وكان معمرًا أدرك ابن مسْعود وسمع من جرير بن عبد الله‏.‏
وفيها صالح مَولى التوأمة المفتي وقد هرم وخرف‏.‏
لقي أبا هريرة وجماعة‏.‏
فيها في جُمادى الآخرة مقتلُ الخليفة الوليدِ بن يزيد بن عبد الملك بحصن البخرآء بقرب تدمر‏.‏
وكانت خلافته سنة وثلاثة أشهر‏.‏
وكان من أجمل الناس وأقواهم وأجودهم نظمًا‏.‏
ولكنه كان فاسقًا متهتكًا‏.‏
زعم أخوه سليمان أنه راوده عن نفسه‏.‏
فقاموا عليه لذلك مع ابن عمه يزيد ابن الوليد الملقب بالناقص‏.‏
لكونه نقص الجند أعطياتهم‏.‏
وبويع يزيد الناقص فمات في العشرين من ذي االحجة من السنة عن ست وثلاثين سنة‏.‏
وبويع بعده أخوهم إبراهيم بن الوليد‏.‏
وكان في يزيد زهد وعدل وخير‏.‏
لكنه قدري‏.‏
قال الشافعي‏:‏ ولي يزيد بن الولي فدعا الناس إلى القدر وحملهم عليه‏.‏
وفيها توفي جبَلة بن سحيم الكوفي‏.‏
روى عن ابن عمر ومعاوية‏.‏
وفي المحرم هلك خالد بن عبد الله بن يزيد القسري الدمشقي الأمير تحت العذاب وله ستون سنة‏.‏
وكان جوادًا ممدحًا خطيبا مفوهًا‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ كان رجل سوءٍ يَقع في علي رضي الله عنه‏.‏
ولي العراق لهشام‏.‏
وفيها توفي دَرَاج بن سمعان أبو السمح المصريّ القاص مَولى عبد الله بن عمرو بن العاص‏.‏
وسعيد بن مسروق والد سفيان الثوري‏.‏
وقيل مات في سنة ثمان والله أعلم‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر التيمي المدني الفقيه‏.‏
وكان إمامًا ورعًا كثير العلم‏.‏
وفيها على الصحيح سليمان بن حبيب المحاربي قاضي دمشق‏.‏
روى عن معاوية وجماعة‏.‏
قال أبو داود‏:‏ وَلي قضاء دمشق أربعين سنة‏.‏
وفيها الكميت الأسدي الشاعر المشهور‏.‏
وعبد الله بن هُبيرة السبائي المصري وله ست وثمانون سنة‏.‏
وعبيدُ الله بن أبي يزيد المكي صاحب ابن عباس‏.‏
ويحيى بن جابر الطائي قاضي حمص‏.‏
وفي أولها عالم أهلِ مكة في زمانه أبو محمد عمرو بن دينار الجُمحِيَ مولاهم المكي‏.‏
قال عبد الله بن أبي نجَيج‏:‏ ما رأيت أحدًا قطّ أفقه منه‏.‏
وقال شعبة‏:‏ ما رأيت أثبت في الحديث منه‏.‏
قلت‏:‏ سمع ابن عباس وجابرًا وطائفة‏.‏
سنة سبع وعشرين ومائة
لما بلغ مروان بن محمد بن مروان وفاة يزيد الناقص سار من إرمينية في جيوشه يطلب الأمر لنفسه‏.‏
فجهّز إبراهيم الخليفة أخويه بشرًا ومسرورًا في جيش فكسرهما مروان وحبسهما‏.‏
ثم نزل بمرج دمشق فحاربه سليمان بن هشام بن عبد الملك‏.‏
ثم انهزم وعسكر الخليفة إبراهيم بن الوليد‏.‏
فخلع نفسه وبايع مروان‏.‏
وفي هذه الفتنة قتل يوسف بن عمر الثقفي الذي كان أميرًا بالعراق في السجن بدمشق‏.‏
وقتل عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك والحكم وعثمان ابنا الوليد بن عبد الملك‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن دينار مولى ابن عمر بالمدينة‏.‏
ومالك بن دينار البصري الزاهد المشهور‏.‏
وعمير بن هانئ العنسي الداراني‏.‏
روى عن معاوية في الصحيحين وعن أبي هريرة في السنن‏.‏
قال له عبد الرحمن بن يزيد بن جابر‏:‏ أراك لا تفتر عن الذكر فكم تسبح قال‏:‏ مائة أَلف إلا أن تخطىء الأصابع‏.‏
وعبد الكريم بن مالك الجزري الحراني الحافظ كهلًا‏.‏
ووهب بن كيسان المدني المؤدب عن سن عالية‏.‏
وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوفَ الزهري المدني قاضي المدينة‏.‏
قال شعبة‏:‏ كان
وفيها‏:‏ توفي سنة تسعٍ‏.‏
إسماعيل السدي الكوفي المفسر المشهور‏.‏
وفيها وقيل سنة ثمان‏.‏
أبو إسحاق السبيعي الكوفي عمرو بن عبد الله شيخ الكوفة وعالمها‏.‏
وله نحو المائة‏.‏
رأى عليًا وغزا الروم زمن معاوية‏.‏
سنة ثمان وعشرين ومائة فيها ظهر الضحّاكُ بن قَيس الخارجي وقَتل متولّي الموصل‏.‏
واستولى عليها‏.‏
وكثرت جموعه وأغار على البلاد وخافه مروان‏.‏
فسار بنفس فالتقى الجيشان بنصيبين‏.‏
وكان قد أشار على الضحّاك أمراؤه أَن يتقهقر فقال‏:‏ ما لي في دنياكم من حاجة‏.‏
وقد جعلتُ لله علي إن رأيت هذا الطاغية أن أحمل عليه حتى يحكم الله بيننا‏.‏
وعلي دينٌ سبعةُ دراهم‏.‏
معي منها ثلاثة دراهم‏.‏
ودام الحرب إِلى آخر النهار فقتل الضحاك في المعركة في نحو ستة آلاف من الفريقين أَكثرهم من الخوارج‏.‏
وانهزم مروان لكن ثبت أمير الميمنة‏.‏
وجاء الخبيريّ فملك مخيم مروان وقعد على سريره‏.‏
فعطف نحو ثلاثة آلاف فأحاطت بالخبيري فقُتل وقام بأمر الخوارج شيبان فتحيّز بهم‏.‏
وخندقوا على نفوسهم‏.‏
وجاءَ مروان فنازلهم وقاتلهم عشرة أشهر كل يوم رايةُ مروان مهزومة‏.‏
وكانت فتنةً هائلة تُشبه فتنة ابن الأشعث مع الحجاج‏.‏

وفيها خرج بسطام بن الليث بأذربيجان ثم قدم بلد نصيبين في نيف وأربعين رجلًا‏.‏
فنهض لحربه عسكر الموصل فبيتهم وأصاب منهم ثم عاث بنصيبين ثم قتل‏.‏
وفيها ولي العراقين يزيد بن عمرو بن هبيرة‏.‏
وعزل عبد الله بن عمر بن عبد العزيز‏.‏
وفيها توفي بكر بن سوادة الجذامي المصري مفتي مصر‏.‏
وقد روى عن عبد الله بن عمرو وسهل بن سعد‏.‏
وفيها جابر بن يزيد الجعفي من كبار المحدثين بالكوفة‏.‏
روى عن أبي الطفيل‏.‏
ومجاهد‏.‏
وثقه وكيع وغيرهُ وضَعّفَه آخرون‏.‏
وفيها أبو قبيل المعافري المصري حيي بن هانئ الفقيه سمع عقبة وعبد الله بن عمرو‏.‏
وفيها عاصم بن أبي النجود الأسديَ مولاهم القارئ بالكوفة في زمانه وأحَدُ السبعة‏.‏
وكان صالحًا خيرًا حجةً في القرآن‏.‏
صدوقًا في الحديث‏.‏
قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش‏.‏
وفيها أبو عمران الجوني البصري عبد الملك بن حبيب عن سن عالية‏.‏
سمع جندب بن عبد الله وجماعة‏.‏
وفيها على الاصح أبو حصين الاسدي عثمان بن عاصم سيد بني أسد بالكوفة‏.‏
وكان ثبتًا وفيها أبو الزبير المكي‏.‏
محمد بن مسلم بن تدرس أحد العقلاء والعلماء لقي عائشة والكبار‏.‏
وفيها أبو حمزة الضبعي البصري نصر بن عمران صاحب ابن عباس‏.‏
وفيها فقيه مصر وشيخها ومفتيها أبو رجاء يزيد بن أبي حبيب الأزدي‏.‏
مولاهم‏.‏
لقي عبد الله بن الحارث بن جزء وطائفة‏.‏
قال الليث‏:‏ هو عالمنا وسيدنا‏.‏
وفيها أبو التياح البصري صاحب أنس‏.‏
واسمه يزيد بن حميد‏.‏
قال أبو إياس‏:‏ ما بالبصرة أحدٌ أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله من أبي التياح‏.‏
سنة تسع وعشرين ومائة في رمضان كان ظهور أبو مسلم صاحب الدعوة بمرو‏.‏
وفيها توفي المغرب وعابدها خالد بن أبي عمران التجيبي قاضي افريقية‏.‏
روى عن عروة وطبقته‏.‏
وفيها سالم أبو النضر المدني‏.‏
وحديثه عن عبد الله بن أبي أوفى إجازة في الصحيحين‏.‏
وفيها وقيل في سنة إحدى وثلاثين علي بن زيد بن جدعان التيمي البصري الضرير‏.‏
أحد وفيها على الصحيح يحيى بن أبي كثير أبو نصر اليمامي‏.‏
أحدُ الأعلام في الحديث‏.‏
له حديثٌ في صحيح مسلم عن أبي أمامة وآخر في سنن النسائي عن أنس‏.‏
فيقال‏:‏ لم يلقهما‏.‏
والله أعلم‏.‏
وفيها قارىء المدينة أبو جعفر يزيدُ بن أبي القَعقَاع الزاهد العابدُ عن بضع وثمانين سنة‏.‏
أخذ عن أبي هريرة وابن عباس‏.‏
قرأ عليه نافع وإلياس وله ذكر في سنن‏.‏
سنة ثلاثين ومائة فيها تُوفي بالبصرة شعَيب بن الحبحاب صاحب أنس‏.‏
وأبو الحويرث عبد الرحمن بن معاوية الأنصاري المدني‏.‏
وعبد العزيز بن رفيع المكي ثم الكوفي عن نيف وتسعين سنة‏.‏
روى عم ابن عباس وجماعة‏.‏
وشيبة بن نصاَح القارىء قرأ على أبي هريرة وابن عباس‏.‏
وقال قالون‏:‏ كان نافع أكثر َاتباعًا لشيبَة من أبي جعفر‏.‏
وعبد العزيز بن صهيب البصري الأعمى‏.‏
وكعب بن علقمة التنوخي المصريَ‏.‏
روى عن أبي تميم الجيشاني وطائفة‏.‏
وفيها وقيل سنة إحدى وثلاثين محمد بن المنكدر التيميّ الحافط الزاهدَ المدني القانت‏.‏
وقد وفيها كانت موقعة قديد وقتل فيها خلق منهم مَخرَمَة بن سليمان الوالبي‏.‏
روى عن عبد الله بن جعفر وجماعة‏.‏
وفيها توفي أَبو وَجزة السعديّ المدني يزيدُ بن عبَيد الذي روى عن عُمير بن أبي سلَمة‏.‏
وفيها توِفي يزيد الرشك بالبصرة‏.‏
روى عن مُطرف بن الشخير وجماعة‏.‏
وفيها توفي يزيد بن رومان المرني‏.‏
روى عن عروة وجماعة‏.‏
وقيل إنه قرأ على ابن عباس‏.‏
وهو من شيوخ نافع في القراءة‏.‏
وفيها توفي قاضي دمشق يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الهمداني الفقيه‏.‏
أخذ عن واثلة بن الأسقع وطائفة‏.‏
سنة إحدى وثلاثين ومائة فيها استولى أبو مسلم صاحب الدعوة على ممالك خراسان‏.‏
وهزم الجيوش‏.‏
واقبلت سعادة بني العباس وَولت الدنيا عن بني أمية‏.‏
وفيها توفي علي بن زيد بن جدعان وقد مرّ‏.‏
وفيها قتل أبو مسلم الخراساني إبراهيم بن ميمون الصائغ ظلمًا‏.‏
روى عن عطاء ونافع‏.‏
وفيها إسماعيلُ بن عبيد الله بن أَبي المهاجر الدمشقيّ مؤدّبُ أولاد عبد الملك بن مروان‏.‏
وكان زاهدًا عابدًا‏.‏
روى عن أنس وطائفة‏.‏
وفيها فقيه أهل البصرة أَيوب السختيَاني أحد الأعلام‏.‏
وكان من صغار التابعين‏.‏
قال شعبة‏:‏ كان سيد الفقهاء‏.‏
وقال ابن عُيينة‏:‏ لم ألق مثله‏.‏
وقال حماد بن زيد‏:‏ كان أفضل من جالسته وِأشدهم اتباعًا للسنة‏.‏
وقال ابن المديني‏:‏ له نحو ثمان مائة حديث‏.‏
وفيها الزبير بن عدي قاضي الري يروى عن أنس وجماعة‏.‏
وفيها سمَي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي المدني‏.‏
لقي كبار التابعين وفيها أبو الزناد الفقيه‏.‏
أحد علماء المدينة‏.‏
وهو أبو عبد الرحمن عبد الله بن ذكوان‏.‏
لقي عبد الله بن جعفر‏.‏
وأنسًا‏.‏
قال الليثَ‏:‏ رأيت أبا الزناد وخلفه ثلاث مائة تابعٍ من طالب فقهِ وعلم وشعرِ وصنوفٍ ثم لم يلبث أن بقي وحده وأقبلوا على ربيعة‏.‏
قال أبو حنيفة‏:‏ كَان أبو الزناد أفقه من ربيعة‏.‏
وفيها فرقد السبخي‏.‏
أحد الزهاد بالبصرة‏.‏
حدث عن أنس وجماعة‏.‏
وفيه ضعف‏.‏
وفيها محمد بن جحادة الكوفي‏.‏
يروي عن أنس وطائفة‏.‏
توفي في رمضان‏.‏
وفيها منصور بن زاذان زاهد البصرة وشيخُها‏.‏
روى عن أنس وجماعة‏.‏
وكان يصلي من بكرةِ إلى العصر ثم يُسبحُ إلى المغرب‏.‏
وفيهَا همام بن منبه اليماني صاحب أبي هُريرة‏.‏
وكان من أبناء المائة‏.‏
قال أحمد‏:‏ كان يغزو فجالس أبا هريرة‏.‏
وكان يشتري الكتب لأخيه وهب‏.‏
سنة اثنتين وثلاثين ومائة فيها ابتدا أمر دولة العباسية بني العباس‏.‏
وبويع السفاح بالكوفة‏.‏
وِجهز عمه عبدَ الله بن علي لمحاربة مروان‏.‏
فزحف مروان إليه في مائة ألف إلى أن نزل بالزاب دون الموصل‏.‏
فالتقوا في جمادى الآخرة‏.‏
فانكسر مروان واستولى عبد الله على الجزيرة وطلب الشام‏.‏
فهرب مروان إلى مصر وخْذل‏.‏
وانقضت أيامه‏.‏
فنزل عبد الله على دمشق وحاصرها‏.‏
وبها ابن عم مروان الوليد بن معاوية ابن مروان‏.‏
فأخذت بالسيف‏.‏
وقتل بها من الأمويين عدة ألوف منهم أميرها الوليد وسليمان بن هشام بن
وزرعة بن إبراهيم‏.‏
وفيها توفي بمكة إبراهيم بن ميسرة الطائفي صاحب أنس‏.‏
قال ابن عيينة‏:‏ أنَا إبراهيم بن ميسرة‏:‏ من لم تر عيناك والله مثله‏.‏
وفيها توفي بالمدينة‏.‏
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاريُ الفقيه وكان مالك لا يقدم عليه أحدًا لنبله عنده‏.‏
وفيها قتل خالد بن سلمة بن العاص المخزومي الكوفي‏.‏
وكان قد هرب إلى واسط مع يزيد بن عمر بن هبيرة فقتله بنو العباس‏.‏
وفيها توفي سالم الأفطس الحراني الفقيه مولى بني أمية‏.‏
قتله عبد الله بن علي‏.‏
روى عن سعيد بن جبير وجماعة‏.‏
وممن قتل عمر بن أَبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهرِي‏.‏
وفيها توفي أبو عبد الله صَفوانُ بن سُليم المدني الفقيه القدوَة‏.‏
روى عن ابن عمر وجابر وعدة‏.‏
قال أحمد بن حنبل‏:‏ ثقة من خيارِ عباد الله يستنزلُ بذكره القطر‏.‏
وفيها عبد الله بن طاوس اليماني ابن كَيسان اليماني النحوي‏.‏
روى عن أبيه‏.‏
قال معمر‏:‏ كان من أعلم الناس بالعربية وأحسنهم خلقًا‏.‏
ما رأيت ابن فقيهٍ مثله‏.‏
وفيها منصور بن المعتمر أبو عتاب السلمي الكوفي الحافظ‏.‏
أحد الأعلام‏.‏
أخذ عن أبي وائل وكبار التابعين‏.‏
وقال‏:‏ ما كتبت حديثًا قط‏.‏
وقال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ لم يكن بالكوفة أحفظ منه‏.‏
وقال زايدة‏:‏ صام منصور أربعين سنة وقام ليلها‏.‏
وكان يبكي الليل كله‏.‏
وقيل‏:‏ كان قد عمي من البكاء‏.‏
وقد أكره على قضاء الكوفة فقضى شهرين‏.‏
ومناقبه كثيرة يقال فيه يسير تشيع‏.‏
وقتل بجامع دمشق يونس بن ميسرة بن حلبس المقرأ الأعمى وله مائة وعشرين سنة‏.‏
روى عن معاوية والكبار‏.‏
وكان موصوفًا بالفضل والزهد كبير القدر‏.‏
وقتل بنهر أبي فطرس من الأردن الأمير محمد بن عبد الملك بن مروان الأموي‏.‏
وله رواية عن أبيه‏.‏
وفي ذي القعدة قتل الأمير أبو خالد يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أمير العراقين لمروان وله خمس وأربعون سنة‏.‏
وكان طويلًا شهمًا شجاعًا خطيبًا مفوهًا جوادًا مفرط الأكل واقع بني العباس فهزموه‏.‏
فتحصن بواسط‏.‏
فحاصره أبو جعفر المنصور أخو السفاح مدة ثم آمنه وغدر به وقتله‏.‏

وفيها كانت وقعة المسناة فقتل الأمير قحطبة بن شبيب الطائي المروزي أحد دعاة بني العباس‏.‏
وتأمر على الجيش في الحال ولده‏.‏
وفيها قتل مروان الخليفة الملقب بالجعدي وبالحمار عبر النيل طالبًا بلاد الحبشة‏.‏
فلحقه صالح بن علي عم السفاح وبيتوه ببوصير‏.‏
وقاتل حتى قتل وكان بطلًا شجاعًا ظالمًا أبيض ضخم الهامة ربع أشهل العين كث اللحية أسرع إليه الشيب‏.‏
وعاش بضعًا وخمسين سنة‏.‏
ذكره المنصور مرة فقال‏:‏ لله دره ما كان أحزمه وأسوسه وأعفه عن الفيء‏.‏
وقتل معه زبان أخو عمر بن عبد العزيز‏.‏
وكان أحد الفرسان ولكن تقنطر به فرسه فقتلوه‏.‏
وفيها قتل سليمان بن كثير الخزاعي المروزي الأمير أحد نقباء بني العباس‏.‏
قتله أبو مسلم الخراساني‏.‏
وفي ذي الحجة قتل بمصر عبيد الله بن أبي جعفر الليثي مولاهم المصري الفقيه‏.‏
أحد العلماء والزهاد‏.‏
ولد سنة ست‏.‏
قال محمد بن سعد‏:‏ كان ثقة بقية في زمانه‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:36 PM

سنة ثلاث وثلاثين ومائة فيها نازل طاغية الروم اليون بن قسطنطين ملطية
وألح عليهم بالقتال حتى سلموها بالأمان‏.‏
فهدم المدينة والجامع‏.‏
ووجه مع المسلمين عسكر حتى يبلغوهم مأمنهم‏.‏
وفيها بعث أبو مسلم الخرساني مرارًا الضبي فقتل الوزير أبا سلمة الخلال حفص بن سليمان السبيعي مولاهم الكوفي وزير آل محمد‏.‏
وفيه قيل هذا البيت‏:‏ إن الوزيرَ وزير آل محمدٍ أودى فمن يشناك كان وزيرًا وفيها توفي أيوب بن موسى بن الأشدق عمرو بن سعيد الأموي المكي الفقيه‏.‏
روى عن عطاء ومكحول‏.‏
ومات بمكة داود بن علي بن عبد الله بن عباس‏.‏
و كَان فصيحًا مفوّهًا‏.‏
ولي إمرة المدينة‏.‏
وروى عن جماعة أحاديث‏.‏
وفيها وقيل سنة خمس سعيد بن أبي هلال الليثي مولاهم المصري كهلًا‏.‏
يروي عن التابعين‏.‏
وفيها عمار الدهني دهن بن معاوية من بحيلة أبو معاوية الكوفي‏.‏
روى عن أبي الطفَيل وعدة‏.‏
وفيها عيّاش بن عباس القتباني المصري‏.‏
روى عن التابعين‏.‏
وفيها مغيرة بن مقسم الضبي مولاهم الكوفيّ الفقيهُ الأعمى أحد الأئمة‏.‏
روى عن أَبي وائل قال شعبة‏:‏ كان أحفظ من حماد بن أبي سليمان‏.‏
وقال مغيرة‏:‏ ما وقع في مسامعي شيء فنسيته‏.‏
ذكره أحمد بن حنبل فقال‏:‏ ذكي حافظٌ صاحب سنة‏.‏
وفيها أو في الماضية يحيى بن يحيى بن قيس الغساني سيد أهل دمشق في وقته‏.‏
وقد ولي قضاء الموصل لعمر بن عبد العزيز‏.‏
وأخذ عن أبي إدريس الخولاني وغيره‏.‏
وكان ثقةَ إمامًا‏.‏
ولا رواية له في الكتب الستة‏.‏
سنة أربع وثلاثين ومائة فيها تحول الخليفةُ السفّاح عن الكوفة فنزل الأنبار‏.‏
وفيها توفي بالبصرة أبو هارون العبديّ صاحب أبي سعيد الخدري‏.‏
أحد الضعفاء‏.‏
والفقيه يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقيّ‏.‏
روى عن مكحول و طائفة‏.‏
قال أَبو داود‏:‏ أجازه الوليد بن يزيد مرةً بخمسين ألف دينار‏.‏
وذكر للقضاء فإذا هو أكبر من القضاء‏.‏
وعن ابن عيينَة قال‏:‏ لا أعلم مكحولًا خلف بالشام مثل يزيد بن يزيد إِلا ما ذكره ابن جرَيح من وفيها توجّه من العراق موسى بن كعب إلى حرب منصور بن جمهور الكلبي الدمشقي حتى أتى السّند فالتقى منصورًا في اثني عشر ألفًا‏.‏
فهُزم منصورٌ ومات في البرية عَطَشًا‏.‏
وكان قَدَريًّا‏.‏
سنة خمس وثلاثين ومائة فيها توفي أبو العلاء بُرد بن سنان الدمشقي نزيلُ البصرة‏.‏
روى عن وِاثلة فمن بَعده‏.‏
وداود بن الحصين المدني مولى بني أمية‏.‏
روى عن عكرمة و جماعة‏.‏
وفيها على الأصح أبو عقيل زهرَةُ بن معبد التميي بالاسكندرية عن سن عالية‏.‏
قال الدارمي‏:‏ زعموا أنه كاَن من الأبدال‏.‏
قلتُ‏:‏ روىَ عن ابن عمرو ابن الزبير‏.‏
وفيها على الأصح‏.‏
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم الأنصاري المدني شيخ مالك والسفيانين‏.‏
روى عن أنَس وجماعة‏.‏
وكان كثير العلم‏.‏
وفيها عطاءُ الخراساني نزيل بيت المقدس‏.‏
وهو كثير الإِرسال عن الصحابة‏.‏
وإنما سمع من ابن بريدة والتابعين وَولد سنة خمس‏.‏
وكان يقول‏:‏ أوثق عمل في نفسي نشر العلم‏.‏

وكان يعظنا ويحثنا على التهجد‏.‏
سنة ست وثلاثين ومائة فيها توفي الأشعَت بن سوار الكندي الأفرق النجار بالكوفة‏.‏
لقي الشعبي ونحوه‏.‏
وجعفر بن ربيعة الكِندي المصريَ‏.‏
له عن أبي سامة والأعرج وطائفة‏.‏
وحصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي الحافظُ على ثلاث وتسعين سنة‏.‏
لقي جابر بن سمُرة والكبار‏.‏
وربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ الفقيه أبو عثمان المدنيّ‏.‏
عالم المدينة‏.‏
ويقال له ربيعة الرأْي‏.‏
سمع أنَسًا وابنَ المسيب وكانت له حَلقةٌ للفتوى أخذ عنه مالك‏.‏
وفيها زيدُ بن أسلم العَدوي مولاهم الفقيهُ العابد‏.‏
لقي ابنَ عمر وجماعةَ وكان له حلقةّ للفتوى والعلم بالمدينة‏.‏
قال أبو حازم الأعرج‏:‏ لقد رأيتنا في حلقة زيد بن أسلم أربعين فقيهًا أدنى خصلة فينا التواسي بما في أَيدينا‏.‏
ونقل البخاري أن زين العابدبن علي بن الحسين كان يجلس إلى زيد بن أسلم‏.‏
روى عن عبدالله بن بسر وطائفة‏.‏
وكَان ثقة مفتيًا جليلًا‏.‏
وفيها عبد الملك بن عمير اللخمي الكوفي عن مائة وبضع سنين‏.‏
رأى عليًا رضي الله عنه‏.‏
وروى عن عدي بن حاتم والكبار وولي قضاء الكوفة‏.‏
وفيها عطاءُ بن السائب بن مالك الثقفي الكوفي الصالح‏.‏
روى عن عبد الله بن أبي أوفى وطائفة‏.‏
قال أحمد بن حنبل‏:‏ وهو ثقة رجل صالح كان يختم كل ليلةٍ‏.‏
من سمع منه قديمًا كان صحيحًا‏.‏
وفيها يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي‏.‏
سمع أنسًا وجماعة‏.‏
قال ابن سعد‏:‏ له أحاديث وكان صاحب قرآن وعربية‏.‏
وفي ذي الحجة مات أبو العباس السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي بالأنبار عن اثنتين وثلاثين سنة‏.‏
وهو أول خلفاء بني العباس‏.‏
وكان طويلًا أبيض جميلًا حسن اللحية‏.‏
مات بالجدري‏.‏
وكانت دولته دون الخمس سنين‏.‏
وفي أيامه تفرقت الكلمة وخرج عن طاعته الناحية الغربية من بلاد السودان وإقليم الأندلس‏.‏
وتغلبت على هذه الممالك خوارج وجماعة‏.‏
وولي بعده أخوه أبو جعفر المنصوِر‏.‏

وفي أولها بلغ عبد الله بن علي موت ابن أخيه السفاح فدعى بالشام إلى نفسه‏.‏
وعسكر بدابق وزعم أن السفاح عهد إليه بالأمر‏.‏
وأقام شورًا بذلك‏.‏
فجهز المنصور لحربه أبا مسلم الخراساني‏.‏
فالتقى الجمعان بنصيبين في جمادى الآخرة‏.‏
فاشتد القتال‏.‏
ثم انهزم جيش عبد الله وهرب هو إلى البصرة وبها أخوه وحاز أبو مسلم خزائنه وكانت شيئًا عظيمًا لأنه استولى على جميع نعمة بني أمية فبعث المنصور إلى أبي مسلم‏:‏ أن احتفظ بها في يدك فصعب ذلك على أبي مسلم وعزم على خلع المنصور‏.‏
وسار نحو خراسان فأرسل إليه المنصور يستعطفه ويمنيه وما زال به حتى وقع في براثنه فأقدم على قتله‏.‏
وفي شعبان قتل أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم صاحب دعوة بني العباس ومنشىءُ دولتهم‏.‏
وكان قد دخل خراسان على بهيمة وهو شابٌّ طري له ذؤابة فما زال يتحيل بإعانة وجوِه شيعة بني العباس ونقبائهم حتى توثب على مرو ومَلَكَهَا‏.‏
وحاصل الأمر أنه خرج من خراسان بعد أَن حكم عليها وضبطها‏.‏
فقاد جيشًا هائلًا ومهد لبني العباس بعد أن قتل خلقًا لا يحصون محاربة وصبرًا‏.‏
وكَان حجاج زمانه‏.‏
وفيها وقيل في غيرها توفي خصيف بن عبد الرحمن الجزَري الحراني‏.‏
روى عن مجاهد وسعيد بن جبير‏.‏
وفيها أو في التي تليها منصور بن عبد الرحمن العبدري الحجبي المكي‏.‏
ولد صفية بنت شيبة‏.‏
قال ابن عيينة‏:‏ كان يبكي عند كل صَلاة‏.‏
فكانوا يرون أنه يذكر الموت‏.‏
وفيها يزيد بن أبي زياد الكوفي عن نحو تسعين سنة‏.‏
روى عن مولاه عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي وطائفة‏.‏
وهو لين الحديث‏.‏
روى له مسلم مقرونًا بآخر‏.‏
وفيها قُتل أحد الأشراف بدمشق وهو عثمان بن سراقة الأزدي‏.‏
وكان قد توثب عند موِت السفاح وسب بني العباس على منبر دمشق‏.‏
وأقام في الخلافة هاشم بن يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية الأموِي‏.‏
فبغتهم مجيء صالح عم السفاح فلم يَقو لحربه‏.‏
واختفى هاشم وضربت عنقُ ابن سراقة‏.‏
سنة ثمان وثلاثين ومائة فيها أقبل طاغية الروم قسطنطين بن اليون بن قسطنطين في مائة الف حتى نزل بدابق‏.‏
فالتقاه صالح بن علي عم المنصور فهزمه‏.‏
وللَه الحمد‏.‏
وفيها توفي زَيد بن واقِد الدمشقي‏.‏
روى عن جُبير بن نفَير وكثير ابن مرة وخلق‏.‏
وفيها أبو شبل العلاءُ بن عبد الرحمن بن يعقوب المدني مولى الحرقَة‏.‏
روى عن أبيه وأَنس وطائفة‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ ما أنكر من حديثه شيئًا‏.‏
وفيها ليث بن أبي سليم الكوفي‏.‏
ورخه فطَين وسيعاد‏.‏
سنة تسع وثلاثين ومائة فيها سار عسكر المنصور فنزلوا مَلَطية‏.‏
وهي خراب فزرعوا أرضها وطبخوا كلسًا لبنائها ورجعوا فبعث طاغية الروم من حرق الزرع‏.‏
وفيها توفي خالد بن يزيد المصري الفقيه كهلًا‏.‏
يروى عن عطاء والزهريَ وطبقتهما‏.‏
ويزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي المدني الفقيه الأعرجِ يروي عن شرَحبيل بن سعد وطبقته من التابعين‏.‏
ويونس بن عبيد شيخ البصرة رأى أنَسًا وأخَذَ عن الحسن وطبقته‏.‏
قال سعيد بن عامر الضبعي‏:‏ ما رأَيت رجلًا قط أفضل منه‏.‏
وأهل البصرة على ذاك‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ هو أَكبر من سليمان التيمي‏.‏
ولا يبلُغ سليمان منزلته‏.‏
سنة أربعين ومائة فيها نزل جبريل بن يحيى الأمير من جهة صالح بن علي مرابطًا بالمصيصة‏.‏
فأقام بها سنة حتى بناها حصنها‏.‏
وفيها توفي فقيه واسط أبو العلاء أيوب بن أبي مسكين القصاب كهلًا‏.‏
أخد عن قتادة وجماعة‏.‏
وفيها داود بن أبي هند البصري الفقيه‏.‏
وكان حافظًا مفتيًا نبيلًا‏.‏
روى عن سعيد بن المسيب وأبي العالية‏.‏
وفيها أبو حازم سلمة بن دينار المدني الأعرج‏.‏
عالم أهل المدينة وزاهدهم وواعظًهم‏.‏
سمع سَهل بن سَعد وطائفة‏.‏
وكان أشقر فارسيًا‏.‏
وأمه رومية‏.‏
وولاؤه لبني مخزوم‏.‏
قال ابن خزيمة‏:‏ ثقة لم يكن في زمانه مثله‏.‏
له حكم ومواعظ‏.‏
وفيها أبو يزيد سهَيل بن أبي صالح السمان المدني‏.‏
روى عن أبيه وطبقته‏.‏
وكَان كثير الحديث تقةً مشهورًا‏.‏
أخد عنه مالك والكبار‏.‏
وفيها عمارة بن غَزية المازني المدني‏.‏
يروي عن الشعبي وطبقته‏.‏
قال ابن سعد‏:‏ ثقة كثير الحديث‏.‏
روى عن عبد الله بن عمرو والكبار‏.‏
وذكر إسماعيل بن عياش أنه أدرك سبعين صحابيًا‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان عمرو بن قيس أميرًا من دولة عبد الملك بن مروان‏.‏
وكان سيد أهل حمص وشريفهم‏.‏
ولي غزو الروم لعمر بن عبد العزيز‏.‏
سنة إحدى وأربعين ومائة قال المدائني‏:‏ فيها ظهرت الريوندية‏.‏
وهم قوم خراسانيون على رأي أبي مسلم صاحب الدعوة يقولون بتناسخ الأرواح وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم المنصور وأن الهيثم بن معاوية جبريلُ‏.‏
فأتوا قصر المنصور وطافوا به فقبض على مائتين من كبارهم‏.‏
فغضب الباقون وحفوا بنعشٍ وحملوا هيئة جنازة‏.‏
ثم مروا بالسجن فشدوعلى الناس وفتحوا السجن وأخرجوا أصحابهم‏.‏
وقصدوا المنصور في ست مائة مقاتل‏.‏
فأغلق البلد وحاربهم العسكُر مع مَعْن بن زائدة‏.‏
ثم وضعوا فيهم السيف‏.‏
وأصيب عثمان بن نهيك الأمير‏.‏
فاستعمل المنصور مكانه على الحرس أخاه عيسى‏.‏
وكان ذلك بالهاشمية‏.‏
فحدثني أبو بكر الهذلي قال‏:‏ اطلع المنصور فقال رجل إلى جانبي‏:‏ هذا رب العزة الذي يطعمنا ويرزقنا‏.‏
وأقام الحج صالح بن علي أمير الشام‏.‏
وفيها توفي موسى بن عقبة المدني صاحبُ المغازي‏.‏
روى عن أم خالد بنت خالد الأموية ولها صُحبة‏.‏
قال الواقدي‏:‏ وكان مُوسى فقيهًا يُفتي‏.‏
وفيها أو في التي تليها‏.‏
أبو إسحاق الشيباني الكوفي سليمان بن فيروز ويُقال بن خاقان من مواليهم‏.‏
سمع عبد الله بن أبي أوفى وطائفة‏.‏
وفيها موسى بن كعب التميمي المروزي‏.‏
أحد نقباء بني العباس الاثني عشر‏.‏
وولي إمرة مصر سبعة أشهر‏.‏
ومات فيها أبان بن تغلب الكوفي القارىء المشهور‏.‏
وكان من ثقات الشيعة‏.‏
يروى عن الحكم وطائفة‏.‏
سنة اثنتين وأربعين ومائة فيها عزل عن مصر محمد بن الأشعث ووليها حميد بن قحطبة‏.‏
وولي الجزيرة والثغورعباس أخو المنصور‏.‏
وفيها توفي خالد الحذاء البصري الحافظ‏.‏
يروي عن كبار التابعين وقد رأى أنسًا‏.‏
وكان يجلس وفيها الأمير سليمان بن علي عم المنصور‏.‏
وكان جوادًا ممدحًا بلغت عطاياه في المواسم خمسة آلاف ألف درهم‏.‏
وولي إمرة البصرة وعاش ستين سنة‏.‏
وفيها عاصُم بن سُليمان الأحول أحدُ حُفاظِ البصرة‏.‏
روى عن عبد الله بن سرجس وأنس وطائفة‏.‏
وفيها أو في سنة ثلاثٍ عمرو بن عُبيد البصري الزاهد العابد المعتزلي القدري‏.‏
صَحب الحسن ثم خالفه‏.‏
واعتزل حلقته فلذا قيل المعتزلي‏.‏
وفيها محمد بن أبي إسماعيل الكوفي‏.‏
روى عن أنس وجماعة‏.‏
قال شريك‏:‏ رأيت أولاد أبي إسماعيل أربعة وُلدوا في بطن واحد وعاشوا‏.‏
وفيها أبو هانئ حميد بن هانئ الخولاني المصري‏.‏
روى عن علي بن رباح وعدة‏.‏
وأدركه ابن وهب‏.‏
سنة ثلاث وأربعين ومائة فيها ثارت الديلُم وبَدَعوا وقتلوا خلائق من المسلمين‏.‏
فانتُدب الناس لغزوهم‏.‏
وفيها سار الأمير محمد بن الأشعث إلى المغرب فالتقى الأباضية وهَزَمَهم وقُتل زعيمهم أبو الخطاب في المصاف‏.‏
وفيها على الصحيح حميد الطويل واسم أبيه أبي حميد تيرويه‏.‏
أحد الثقات التابعين البصريين‏.‏
قان قائمًا يصلي فسقط ميتًا‏.‏
سمع أنسًا وطائفة وكنيته أبو عبيدة‏.‏
وفي ذي القعدة سليمان بن طرخان أبو المعتمر التيمي‏.‏
أحد علماء البصرة وعبادها سمع أنسًا وطائفة‏.‏
قال شعبة‏:‏ كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه تغير لونه‏.‏
وما رأيت أصدق منه‏.‏
وقال المعتمر‏:‏ مكث أبي أربعين سنة يصوم يومًا ويفطر يومًا ويصلي الفجر بوضوء العشاء‏.‏
وعاش سبعًا وتسعين سنة‏.‏
وفيها على الأصح ليث بن أبي سليم الكوفي‏.‏
يروي عن مجاهد طبقته‏.‏
وكان أحد الفقهاء‏.‏
قال الفضيل بن عياض‏:‏ كان أعلم أهل بلده بالمناسك‏.‏
وقال الدراقطني‏:‏ كان صاحب سنة إنما أنكروا عليه جمعه بين عطاء وطاوس ومجاهد‏.‏
وفيها مطرف بن طريف الكوفي الحارثي الزاهد‏.‏
روى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وجماعة‏.‏
وفيها يحيى بن سعيد الأنصاري المدني الفقيه أبو سعيد‏.‏
أحد الأعلام‏.‏
ولي قضاء المنصور ومات بالهاشمية قبل أن يبني بغداد‏.‏
روى عن أنس وخلق‏.‏
قال أيوب السختياني‏:‏ ما تركت بالمدينة أفقه منه‏.‏
وكان يحيى القطان يقدمه على الزهري‏.‏
وقال ابن المديني‏:‏ له نحو ثلاث مائة حديث‏.‏
سنة أربع وأربعين ومائة فيها سار جيش العراق والجزيرة لغزو الديلم وعلى الناس محمد بن السفاح‏.‏
وحج بالناس المنصور‏.‏
وأهمه شأن محمد بن عبد الله بن حسن وأخيه إبراهيم لتخلفهما عن الحضور عنده‏.‏
فوضع عليهما العيون وبذل الأموال وبالغ في تطلبهما لأنه عرف مرامهما وجرت أمور يطول شرحها‏.‏
وقبض على أبيهما فسجنه‏.‏
وفيها توفي سعيد بن إياس الجريري البصري محدث البصرة‏.‏
روى عن أبي الطفيل وعدة‏.‏
وساء حفظه قبيل موته‏.‏
ويكنى أبا مسعود‏.‏
وفي آخرها أو في أول سنة خمس توفي عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمس بالمدينة في حبس المنصور وله اثنتان وسبعون سنة‏.‏
روى عن أبيه وعبد الله بن جعفر‏.‏
قال الواقدي‏:‏ كان من العباد وله شرف وهيبة ولسان سديد‏.‏
وفيها توفي فقيهُ الكوفة أبو شُبْرُمة عبد الله بن ُشْبُرمة الضبي القاضي‏.‏
روى عن أنس قال أحمد العجلي‏:‏ كان عفيفًا صارمًا عاقلًا يشبه النُساك شاعرًا جوادًا‏.‏
وفيها عقيل بن خالد الأيلي مولى بني أمية وصاحب الزهري‏.‏
لقي عكرمة وطائفة‏.‏
وكان حافطًا ثبتًا حجة‏.‏
وفي ذي الحجة مُجالد بن سعيد الهمداني الكوفي صاحب الشعبي‏.‏
كتبوا حديثه‏.‏
وقد خرح له مسلم في صحيحه مقرونًا بآخر‏.‏
سنة خمس وأربعين ومائة فيها ظهر محمد بن عبد الله بن حسن‏.‏
فخرح في مائتين وخمسين نفسًا بالمدينة وهو على حمار‏.‏
وذلك في أول رجب‏.‏
فوثب على متولي المدينة رباح وسجنه‏.‏
وتتبع أصحاب رباح‏.‏
ثم خطب الناس وبايعه بالخلافة أهل المدينة قاطبةً طوعًا وكرهًا‏.‏
وأظهر أنه قد خرج غضبًا لله وما تخلف عنه من الوجوه إلا نفر يسير‏.‏
واستعمل على مكة عاملًا وعلى اليمن وعلى الشام فلم يتمكن عماله وكان شديد الأدمة ضخمًا فيه تمتمة وندب المنصور لحربة ابن عمه عيسى ابن موسى وقال‏:‏ لا أبالي أيهما قتل صاحبه لأن عيسى كان ولي العهد بعد المنصور عقد له ذلك السفاح‏.‏
وكان المنصور يود هلاكه ليولي مكانه ولده المهدي‏.‏
وسار عيسى في أربعة آلاف وكتب إلى الأشراف يستميلهم ويمنيهم فتفرق عن محمد بن عبد الله ناس كثير‏.‏
وأشير عليه باللحاق بمصر ليتقوى منها‏.‏
فأبى وتحصن بالمدينة‏.‏
وعمق خندقها‏.‏
فلما أظله عيسى قال‏:‏ قد أحللتكم من بيعتي‏.‏
فإن هذا قد جاء في عَددٍ وعُددٍ‏.‏
فتسللوا عن محمد وبقي في طائفة فراسله عيسى يدعوه إلى الإنابة ويبذل له الأمان فلم يسمع‏.‏
ثم أنذر عيسى أهل المدينة ورغبهم ورهبهم أيامًا ثم زحف على المدينة فظهر عليها و بادر محمدًا وناشده الله ومحمد لا يرعوي‏.‏
قال عثمان بن محمد بن خالد‏:‏ إني لأحسب محمدًا قتل بيده يومئذ سبعون رجلًا‏.‏
وكان معه ثلاث مائة مقاتل‏.‏
ثم قتل في المعركة وبعث عيسى برأسه إلى المنصور‏.‏
وفيها خرج أخوه إبراهيم بن عبد الله بن حسن بالبصرة وكان قد سار من الحجاز إلى البصرة فدخلها سرًا‏.‏
في عشرة أنفس‏.‏
وقد جرت له أمور غريبة في اختفائه وكان ربما يقع به بعض الأعوان فيصطنعه‏.‏
فإنه دعا إلى نفسه سرًا بالبصرة حتى بايعه نحو أربعة آلاف‏.‏
وجاءه خبر ظهور أخيه بالمدينة فوجم واغتم‏.‏
ولما بلغ المنصور خروجه تحول فنزل الكوفة حتى يأمن غائلة أهلها‏.‏
وألزم الناس بلبس السواد وجعل يقتل كل من اتهمه أو يحبسه‏.‏
وكان بالكوفة ابن ماعز يبايع لإبراهيم سرًا‏.‏
وتهاون متولي البصرة في أمر إبراهيم حتى اتسع الخرق‏.‏
وخرج إبراهيم أول ليلة من رمضان وتحسس منه سفيان متولي البصرة‏.‏
وأقبل الخلق الى إبراهيم من بين ناصر وناظر‏.‏
ونزل سفيان بالأمان ووجد إبراهيم في الحواصل ست مائة ألف‏.‏
ففرضها لأصحابه خمسين خمسين‏.‏
وبعث عاملًا على الأهواز ليفتحها‏.‏
وبعث آخر إلى فارس وآخر إلى واسط‏.‏
فجهز المنصور لحربه خمسة آلافٍ عليهم عامر المسكي‏.‏
فكان بين الفريقين عدة وقعات‏.‏
وقتل خلق من أهل البصرة وواسط‏.‏
وبقي إبراهيم سائر رمضان يفرق العمال على البلدان ليخرج على المنصور من كل جهة فتق‏.‏
فأتاه مصرع أخيه بالمدينة قبل الفطر بثلاث‏.‏
فعيد بالناس وهم يرون فيه الانكسار‏.‏
وكان المنصور في جمعٍ يسير وعامة جيوشه في النواحي‏.‏
فالتزم بعدها أن لا يفارقه ثلاثون ألفًا‏.‏
فلم يبرح أن رد من المدينة عيسى بن موسى‏.‏
فوجهه لحرب إبراهيم‏.‏
ومكث المنصور لا يقر له قرار‏.‏
وجهز العساكر ولم يأو إلى فراش خمسين ليلة‏.‏
وكل يوم يأتيه فتق من ناحية‏.‏
هذا ومائة ألف سيف كامنة بالكوفة ولولا السعادة لثل عرشه بدون ذلك‏.‏
وكان ذلك صقرًا أحوذيًا مشمرًا ذا عزم ودهاء‏.‏
وعن داود بن جعفر قال‏:‏ أحصي ديوان إبراهيم بالبصرة فبلغوا مائة ألف‏.‏
وقال غيره‏:‏ بل قام معه عشرة آلاف فلو هجم بالكوفة لظفر بالمنصور ولكنه كان فيه دين‏.‏
قال‏:‏ أخاف إن هجمتها أن يستباح الصغير والكبير وكان أصحابه مع قلة رأيه يختلفون عليه‏.‏
وكل يشير برأي إلى أن التقى الجمعان بباخمرا على يومين من الكوفة‏.‏
فاشتد الحرب‏.‏
واستظهر أصحاب إبراهيم‏.‏
وكان على مقدمة جيوش المنصور حميد بن قحطبة‏.‏
فانهزم وجعل عيسى بن موسى يثبت الناس قد بقي في مائة من حاشيته‏.‏
فأشاروا عليه بالفرار‏.‏
فقال‏:‏ لا أزل حتى أظفر أو أقتل‏.‏
وكان يضرب به المثل بشجاعته ثم دار أبناء سليمان بن علي في طائفة وجاءوا من وراء إبراهيم‏.‏
وحملوا على عسكره‏.‏
قال عيسى‏:‏ لولا ابنا سليمان لافتضحنا‏.‏
ومن صنع الله أن أصحابنا انهزموا‏.‏
فاعترض لهم نهرٌ ولم يجدوا مخاضة فرجعوا‏.‏
فوقعت الهزيمة على أصحاب إبراهيم حتى بقي في سبعين وأقبل حميد بن قحطبة فحمل بأصحابه‏.‏
واشتد القتال حتى تفانى خلق تحت السيف طول النهار‏.‏
وجاء سهم غرب لا يدرى من رمي به في حلق إبراهيم فأنزلوه وهو يقول ‏{‏وكان أمر الله قدرًا مقدورًا‏}‏ أردنا أمرًا وأراد الله غيره‏.‏
واجتمع أصحابه يحمونه‏.‏
وأنكر حميدًا اجتماعهم وحمل عليهم‏.‏
فتفرقوا عن إبراهيم فنزل جماعة واحتزوا رأسه‏.‏
وبعث به إلى المنصور‏.‏
وذلك في الخامس والعشرين من ذي القعدة وعمره ثمان وأربعون سنة‏.‏
وكان قد آذاه يومئذ الحر وحرارة الزردية‏.‏
فحسرها عن صدره فأصيب في لبته‏.‏
ووصل إلى المنصور خلق منهزمين وهيأ النجائب ليهرب إلى الري وكان يتمثل‏:‏ ونصبت نفسي للرماح درية إن الرئيس لمثل ذاك فعول فلما أسرعوا إليه بالبشارة وبالرأس تمثل بقول معقر البارقي‏:‏ فألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عينًا بالإياب المسافر قال خليفة‏:‏ خرج مع إبراهيم‏:‏ هشيم وأبو خالد الأحمر وعيسى بن يونس‏.‏
وعباد بن العوام ويزيد بن هارون وكان أبو حنيفة يجاهر في أمره ويأمر بالخروج‏.‏
قال أبو نعيم‏:‏ فلما قتل هرب أهل البصرة برًا وبحرًا واستخفى الناس‏.‏
وفيها خرجت الترك والخزرج بباب الأبواب وقتلوا واستباحوا بعض أرمينية‏.‏
وفيها أمر المنصور فأسست بغداد‏.‏
وابتدىء بإنشائها ورسم هيئتها و كيفيتها أولًا بالرماد وفرغت في أربعة أعوام بالجانب الغربي وتحول إليها المنصور في سنة ست وأربعين قبل تمامها‏.‏
وبغداد في وقتنا أكثرها من الجانب الشرقي‏.‏
وفيها توفي الأجلح الكندي من مشاهير محدثي الكوفة‏.‏
روى عن الشعبي وطبقته‏.‏

وفيها وقيل في سنة ست إسماعيل بن أبي خالد البجلي مولاهم الكوفي الحافظ‏.‏
أحد أعلام الحديث‏.‏
سمع أبا جحيفة وابن أبي أوفى وخلقًا وكان صالحًا ثبتًا حجة‏.‏
وفيها حبيب ابن الشهيد البصري‏.‏
روي عن الحسن وأقرانه وأرسل عن أنس وجماعة‏.‏
وكان ثبتًا كثير الحديث‏.‏
وفيها عمرو بن ميمون بن مهران الجزري الفقيه‏.‏
أخذ عن أبيه مكحول وكان يقول‏:‏ لو علمت أنه بقي علي حرف من السنة باليمن لأتيتها‏.‏
وفيها عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي الكوفي الحافظ‏.‏
أحد المحدثين الكبار‏.‏
وكان شعبة جلالته يتعجب من حفظ عبد الملك‏.‏
روى عن أنس فمن بعده‏.‏
وفيها عمر بن عبد الله مولى غفرة عن سن عالية‏.‏
روى عن أنسٍ والكبار‏.‏
قال أحمد‏:‏ أكثر حديثه مراسيل وليس به بأس‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ ضعيف‏.‏
وفيها محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني‏.‏
روى عن أبي سلمة وطائفة‏.‏
وكان حسن الحديث كثير العلم مشهورًا‏.‏
أخرج له البخاري مقرونًا بآخر‏.‏
وفيها يحيى بن الحارث الذماري مقرىء دمشق وإمام جامعها‏.‏
قرأ على ابن عامر‏.‏
وروى عن واثلة بن الأسقع وخلق‏.‏
وورد أنه قرأ القرآن أيضًا على واثلة وعليه دارت قراءة الشاميين‏.‏
وفيها يحيى بن سعيد التيمي تيم الرباب الكوفي‏.‏
وكان ثقة إمامًا صاحب سنة‏.‏
روى عن الشعبي ونحوه‏.‏
سنة ست وأربعين ومائة في صفر تحول المنصور فنزل بغداد قبل استتمام بنائها‏.‏
وكان لا يدخلها أحد أبدًا راكبًا حتى إن عمه عيسى بن علي شكا إليه المشي فلم يأذن له‏.‏
وفيها توفي أشعث بن عبد الملك الحمراني مولى حمران مولى عثمان‏.‏
روى عن ابن سيرين وغيره وكان ثقة ثبتًا حافظًا‏.‏
أما أشعث بن سوار فكوفي فيه ضعف‏.‏
وكذا أشعث الحداني الراوي عن أنس ليس بالقوي‏.‏
وفيها عوف الأعرابي البصري‏.‏
وكان صدوقًا شيعيًا كثير الحديث‏.‏
روى عن أبي العالية وطائفة‏.‏
وفيها محمد بن السائب أبو نضر الكلبي الكوفي صاحب التفسير والأخبار والأنساب‏.‏
أجمعوا قال ابن عدي‏:‏ ليس لأحد أطول من تفسيره‏.‏
وفيها هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الفقيه أبو المنذر الأسدي المدني‏.‏
أحد أئمة الحديث‏.‏
أدرك عمه عبد الله بن الزبير وقال‏:‏ مسح ابن عمر رأسي ودعا لي‏.‏
قال وهيب‏:‏ قدم علينا هشام بن عروة‏.‏
وكان مثل الحسن وابن سيرين‏.‏
وفيها أو في التي تليها يزيد بن أبي عبيد صاحب سلمة بن الأكوع ومولاه بالمدينة‏.‏
ن سبع واربعين ومائة فيها بدعت الكفرة الترك بناحية إرمينية وقتلوا أممًا‏.‏
ودخلوا تفليس‏.‏
فالتقاهم المسلمون فلم ينصروا‏.‏
وهرب أميرهم جبريل بن يحيى وقتل مقدمه الآخر حرب الريوندي الذي تنسب إليه الحربية ببغداد‏.‏
وفيها ألح المنصور وأسرف وتحيل بكل ممكن على ابن عمه ولي العهد عيسى بن موسى بالرغبة والرهبة حتى خلع نفسه كرهًا‏.‏
وقيل بل عوضه عشرة آلاف ألف درهم‏.‏
وعلى أن يكون أيضًا ولي عهدٍ بعد المهدي بن المنصور‏.‏
وفيها توفي عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي حدث عن مجاهد وجماعة‏.‏
وفيها انهدم الحبس على الأمير عبد الله بن علي عم المنصور الذي هزم مروان وافتتح دمشق‏.‏
وكان من رجال الدهر حزمًا ورأيًا ودهاءً وشجاعة‏.‏
سجنه المنصور مدة‏.‏
وقيل إنه قتله سرًا وهدم الحبس قصدًا‏.‏
وفيه الإمام أبو عثمان عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري المدني‏.‏
وكان أوفق إخوته وأفضلهم وأكثرهم علمًا وصلاحًا وعبادة‏.‏
روى عن القاسم وسالم ونافع‏.‏
وفيها هشام بن حسان الأزدي القردوسي الحافظ محدث البصرة وصاحب الحسن وابن سيرين‏.‏
قال ابن عيينة‏:‏ كان أعلم الناس بحديث الحسن‏.‏
وقيل‏:‏ كان عنده ألف حديث‏.‏
سنة ثمان وأربعين ومائة فيها توجه حميد بن قحطبة في جيش كثيف إلى ثغر إرمينية‏.‏
وفي آخرها توفي الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق ولد أبي جعفر محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي‏.‏
وأمه فروة ابنه القاسم ابن محمد بن أبي بكر‏.‏
فهو علوي الأب بكري الأم‏.‏
روى عن أبيه وجده القاسم وطبقتهما‏.‏
وكان سيد بني هاشم في زمانه‏.‏
عاش
وفي ربيع الأول توفي الإمام أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش‏.‏
روى عن ابن أبي أوفى وأبي وائل والكبار‏.‏
وكان محدث الكوفة وعالمها‏.‏
قال ابن المديني‏:‏ للأعمش نحو ألف وثلاث مائة حديث‏.‏
وقال ابن عيينة‏:‏ كانأقرأهم لكتاب الله وأعلمهم بالفرائض وأحفظهم للحديث‏.‏
وقال يحيى القطان‏:‏ هو علامة الإسلام‏.‏
وقال وكيع‏:‏ بقي الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى‏.‏
قال الخريبي‏:‏ ما خلف أعبد منه‏.‏
وفيها شبل بن عباد قارىء أهل مكة‏.‏
وتلميذ ابن كثير‏.‏
حدث عن أبي الطفيل وطائفة‏.‏
وفيها عمرو بن الحارث المصري الفقيه‏.‏
حدث عن ابن أبي مليكه وطبقته‏.‏
قال ابن وهب‏:‏ ما رأيت أحفظ منه‏.‏
وقال أبو حاتم الرازي‏:‏ كان أحفظ الناس في زمانه لم يكن له نظير في الحفظ‏.‏
وفيها محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي القاضي عالم أهل حمص‏.‏
أخذ عن مكحول وعمرو بن شعيب وخلق‏.‏
وقال‏:‏ أقمت مع الزهري عشر سنين بالرصافة‏.‏
وقال محمد بن سعد‏:‏ كان أعلم التابعين بالفتوى والحديث‏.‏
وفيها العوام بن حوشب شيخ واسط‏.‏
وروى عن إبراهيم النخعي وجماعة‏.‏
قال يزيد بن هارون‏:‏ كان صاحب أمر بالمعروف ونهي عن المنكر‏.‏
وفيها في رمضان قاضي الكوفة ومفتيها أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الفقيه لم يدرك أباه‏.‏
وسمع الشعبي وطبقته‏.‏
قال أحمد بن يونس‏:‏ كان أفقه أهل الدنيا‏.‏
قلت‏:‏ وكان صاحب قرآن وسنة‏.‏
قرأ عليه حمزة وكان صدوقًا جائز الحديث‏.‏
وفيها محمد بن عجلان المدني‏.‏
روى عن أبيه وأنس وطائفة وكان ناسكًا صادقًا‏.‏
له حلقة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم للفتوى‏.‏
روى له مسلم مقرونًا بآخر‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:38 PM

سنة تسع وأربعين ومائة فيها غزا الناس بلاد الروم وعليهم العباس بن محمد‏.‏
فمات في الغزاة أكبر أمرائه محمد بن الأشعث الذي كان ولي إمرة مصر‏.‏
وفيها توفي بالكوفة زكريا بن أبي زائدة الهمداني القاضي ولد يحيى‏.‏
روى عن الشعبي وغيره‏.‏
وفيها كهمس بن الحسن البصري روى عن أبي الطفيل وجماعة‏.‏
وكان من أعبد الناس وفي حديثه ضعف‏.‏
سنة خمسين ومائة فيها خرجت أهل خراسان على المنصور مع الأمير استاذ سيس حتى اجتمع له فيما قيل ثلاث مائة ألف مقاتل من بين فارس وراجل سائرهم من أهل وسجستان‏.‏
واستولى على أكثر خرسان‏.‏
وعظم الخطب فنهض لحربه الأخثم المروروذي‏.‏
فقتل الأخثم واستبيح عسكره‏.‏
فسار حازم بن خزيمة في جيش عظيم بالمرة فالتقى الجمعان وصبر الفريقان وقتل خلق كثير حتى قيل إنه قتل في هذه الوقعة سبعون ألفًا‏.‏
وانهزم استاذ سيس في طائفة إلى جبل‏.‏
وكانت هذه الوقعة في السنة الآتية سقناها استطرادًا‏.‏
ثم أمر حازم بالأسرى فضربت أعناقهم كلهم‏.‏
وكانوا أربعة عشر ألفًا‏.‏
ثم حاصر استاذ سيس مدة‏.‏
ثم نزل على حكمهم فقيد هو وأولاده وأطلق أصحابه وكانوا ثلاثين ألفًا‏.‏
فيها توفي إمام الحجاز أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الرومي ثم المكي مولى بني أمية عن أكثر من تسعين سنة‏.‏
أخذ عن عطاء وطبقته‏.‏
وهو أول من صنف الكتب بالحجاز كما أن سعيد بن أبي عروبة أول من صنف بالعراق‏.‏
قلت‏:‏ ولم يطلب العلم إلا في الكهولة ولو سمع في عنفوان شبابه لحمل عن غير واحد من الصحابة‏.‏
فإنه قال‏:‏ كنت أتبع الأشعار والعربية والأنساب حتى قيل لي‏:‏ لو لزمت عطاءً فلزمته ثمانية عشر عامًا‏.‏
قال ابن المديني‏:‏ لم يكن في الأرض أعلم بعطاء بن أبي رباح من ابن جريج‏.‏
وقال عبد الرزاق‏:‏ ما رأيت أحدًا أحسن صلاة من ابن جريج‏.‏
وقال خالد بن نزار الأيلي‏:‏ رحلت بكتب ابن جريج سنة خمسين ومائة لألقاه فوجدته قد مات رحمه الله‏.‏
وفي رجب توفي فقيه العراق الإمام أبو حنيفة النعمان ابن ثابت الكوفي مولى بني تيم الله بن ثعلبة‏.‏
ومولده سنة ثمانين‏.‏
رأى أنسًا وروى عن عطاء بن أبي رباح وطبقه‏.‏
وتفقه على حماد بن أبي سليمان‏.‏
وكان من أذكياء بني آدم جمع الفقه والعبادة والورع والسخاء‏.‏
وكان لا يقبل جوائز الدولة بن ينفق ويؤثر من كسبه‏.‏
له دار كبيرة لعمل الخز وعنده صُناع وأجراءُ‏.‏
قال الشافعي‏:‏ الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة‏.‏
وقال يزيد بن هارون‏:‏ ما رأيت أورع ولا أعقل من أبي حنيفة‏.‏
وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف قال‏:‏ بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة إذ سمعت رجلًا يقول
لآخر‏:‏ هذا أبو حنيفة لا ينام الليل‏.‏
فقال‏:‏ والله لا يتحدث عني بما لم أفعل‏.‏
فكان يحيي الليل صلاة ودعاء وتضرعًا‏.‏
وقد روي أن المنصور سقاه السم فمات شهيدًا رحمه الله سمّه لقيامه مع إبراهيم‏.‏
وفيها توفي عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر العمري بعسقلان روى عن سالم بن عبد الله وطائفة‏.‏
ولم يعقب‏.‏
وكان من السادة العباد‏.‏
قال الثوري‏:‏ لم يكن في آل ابن عمر أفضل منه‏.‏
وقال أبو عاصم نبيل‏:‏ كان من أفضل أهل زمانه‏.‏
وفيها توفي عثمان بن الأسود المكي‏.‏
روى عن سعيد بن جبير ومجاهد وطاوس‏.‏
سنة إحدى وخمسين ومائة فيها قدم المهدي من الري إلى بغداد ليراها‏.‏
فأمر أبوه ببناء الرصافة المهدي في الجانب الشرقي مقابلة بغداد‏.‏
وجعل له حاشية وحشم وآلة في زي الخلافة‏.‏
وجدد البيعة بالخلافة للمهدي من بعده ومن بعد المهدي لعيسى بن موسى‏.‏
وفي رجب توفي الإمام عبد الله بن عون شيخ أهل البصرة وعالمهم‏.‏
قال هشام بن حبان‏:‏ لم تر عيناي مثل ابن عون‏.‏
وقال قرة‏:‏ كنا نعجب من ورع ابن سيرين فأنساناه ابن عون‏.‏
وقال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ ما كان بالعراق أعلم بالسنة من ابن عون‏.‏
وفيها على الصحيح محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم المدني صاحب السيرة‏.‏
رأى أنسًا‏.‏
وسمع الكثير من المقبري والأعرج وهذه الطبقة‏.‏
وكان بحرًا من بحور العلم‏.‏
ذكيًا حافظًا طالبًا للعلم أخباريًا نسابة علامة‏.‏
قال شعبة‏:‏ هو أمير المؤمنين في الحديث‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ هو ثقة وليس بحجة‏.‏
وقال أحمد بن حنبل‏:‏ هو حسن الحديث‏.‏
وفيها حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحي المكي‏.‏
روى عن مجاهد وطبقته‏.‏
فيها الوليد بن كثير المدني بالكوفة‏.‏
روى عن بشير بن يسار وطائفة‏.‏
وكان عارفًا بالمغازي والسير‏.‏
ولكنه إباضي‏.‏
وفيها سيف بن سليمان المكي‏.‏
روى عن مجاهد وغيره‏.‏

وفيها أو في التي تليها صالح بن علي الأمير عم المنصور وأمير الشام وهو الذي أمر ببناء أذنة التي في يد صاحب سيس‏.‏
وقد هزم الروم نوبة دابق وكانوا في مائة ألف‏.‏
وفيها قتلت الخوارج غيلة معن بن زائدة الشيباني الأمير بسجستان‏.‏
وكان قد وليها عام أول‏.‏
وكان أحد الأبطال والأجواد‏.‏
سنة اثنتين وخمسين ومائة فيها توفي إبراهيم بن أبي عبلة أحد الأشراف والعلماء بدمشق‏.‏
عن سن عالية‏.‏
روى عن أبي أمامة وواثلة الأسقع وخلق كثير‏.‏
وفيها عباد بن منصور الناجي‏.‏
روى عن عكرمة وجماعة‏.‏
وولي قضاء البصرة تلك الأيام لإبراهيم بن عبد الله بن حسن الحسني وليس بالقوي في الحديث‏.‏
وفيها أبو حرة واصل بن عبد الرحمن البصري‏.‏
روى عن الحسن وطبقته‏.‏
قال شعبة‏:‏ هو أصدق الناس‏.‏
وقال أبو داود الطيالسي‏:‏ كان يختم في كل ليلتين‏.‏
وفيها وقيل بعدها يونس بن يزيد الأيلي صاحب الزهري وأوثق أصحابه‏.‏
وقد روى عن سنة ثلاث وخمسين ومائة فيها غلبت الخوارج الإباضية على إفريقية وهزمواعسكرها وقتلوا متوليها عمر بن حفص الأزدي وكان على رأسهم ثلاثة‏:‏ أبو حاتم الإباضي وأبو محمد‏.‏
وأبو قرة الصفري‏.‏
وكان أبو قرة في أربعين ألفًا من الصفرية قد بايعوه بالخلافة‏.‏
وكان أبو حاتم وصاحبه في مئتي ألف فارس وأمم لا يحصون من الرجالة‏.‏
وفيها ألزم المنصور الناس بلبس القلانس المفرطة الطول‏.‏
وتسمى الدنية لشبهها بالدن‏.‏
وكانت تعمل من كاغد ونحوه على قصب ويعمل عليها السواد‏.‏
وفيها شبه من الشربوش‏.‏
وفيها توفي أبو زيد أسامة بن زيد الليثي مولاهم المدني‏.‏
روى عن سعيد بن المسيب فمن بعده‏.‏
وفيها أبو خالد ثور بن يزيد الكلاعي الحافظ محدث حمص‏.‏
روى عن خالد بن معدان وطبقته‏.‏
قال يحيى القطان‏:‏ ما رأيت شاميًا أوثق منه‏.‏
وقال أحمد‏:‏ كان يرى القدر‏.‏
ولذلك نفاه أهل حمص‏.‏
وفيها الفقيه أبو محمد الحسن بن عمارة الكوفي قاضي بغداد‏.‏
روى عن ابن أبي ملكية والحكم وطبقتهما‏.‏
وهو واه باتفاقهم‏.‏
وفيها عبد الحميد بن جعفر الأنصاري المدني‏.‏
روى عن المقبري وجماعة‏.‏
وفيها وقيل سنة خمس فطر بن خليفة أبو بكر الكوفي الحناط‏.‏
روى عن أبي الطفيل وأبي وائل وخلق‏.‏
وهو مكثر حسن الحديث روى له البخاري مقرونا بآخر‏.‏
وفيها محل بن محرز الضبي الكوفي‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ كان آخر من بقي من أصحاب إبراهيم‏.‏
ما بحديثه بأس‏.‏
ولا يحتج به‏.‏
قلت‏:‏ لم يخرجوا له في الكتب الستة شيئًا‏.‏
وقد روى أيضا عن أبي وائل والشعبي‏.‏
ووثقه أحمد‏.‏
وفي رمضان معمر بن راشد الأزدي مولاهم البصري الحافظ أبو غزوة صاحب الزهري كهلًا‏.‏
روى عن أبي جبارة والحسن‏.‏
وأقدم شيوخه موتًا قتادة‏.‏
قال أحمد‏:‏ ليس يضم معمر إلى أحد إلا وجدته فوقه‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان معمر صالحًا خيرًا وهو أول من ارتحل إلى اليمن في طلب الحديث فلقي بها همام بن منبه صاحب أبي هريرة‏.‏
وفيها موسى بن عبيدة الربذي بالمدينة روى عن نافع وطبقته‏.‏
وكان صالحًا ضعيفًا باتفاق‏.‏
وفيها على الأصح وقيل سنة أربع هشام بن أبي عبد الله الحافظ البصري الدستوائي ويقال صاحب الدستوائي لأنه كان يتجر في الثياب المجلوبة من دستوا‏.‏
وهي من الأهواز‏.‏
روى عن قال شعبة‏:‏ ما من الناس أحد أقول إنه طلب الحديث لله إلا هشام الدستوائي‏.‏
وهو أعلم بحديث قتادة مني‏.‏
وقال أبو داود الطيالسي‏:‏ كان أمير المؤمنين في الحديث‏.‏
قال شاذ بن فياض‏:‏ بكى هشام حتى فسدت عيناه‏.‏
وفيها هشام بن الغاز الجرشي الدمشقي متولي بيت المال للمنصور‏.‏
روى عن مكحول وطبقته‏.‏
وكان من ثقات الشاميين وعلمائهم‏.‏
وفيها وهيب بن الورد المكي العابد صاحب المواعظ والرقائق روى عن حميد بن قيس الأعرج وجماعة‏.‏
سنة أربع وخمسين ومائة فيها أهم المنصور أمر الخوارج واستيلاؤهم على المغرب فسار إلى الشام وزار القدس‏.‏
وجهز يزيد بن حاتم في خمسين ألف فارس وعقد له على المغرب‏.‏
فبلغنا أنه أنفق على ذلك الجيش ثلاثة وستين ألف ألف درهم‏.‏
ومر بدمشق فاستعمل على قضائها يحيى بن حمزة فبقي قاضيًا ثلاثين سنة‏.‏
وفيها توفي أشعب الطامع‏.‏
ويعرف بابن أم حميد المدني‏.‏
روى عن عكرعة وسالم‏.‏
وله نوادر وملح في الطمع والتطفل سائدة‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي‏.‏
محدث دمشق‏.‏
روى عن أبي الأشعث الصنعاني وخلق من التابعين‏.‏
وفيها قرة بن خالد السدوسي البصري صاحب الحسن وابن سيرين‏.‏
قال يحيى القطان‏:‏ كان من أثبت شيوخنا‏.‏
وفيها معمر في قول وقد مر‏.‏
وفيها الحكم بن أبان العدني‏.‏
روى عن طاوس وجماعة‏.‏
و كان شيخ أهل اليمن وعالمَهم بعد مَعْمر‏.‏
قال أحمد العجلي‏:‏ ثقة صاحب سنة‏.‏
كان إذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه فيذكر الله حتى يُصبج‏.‏
وفيها مقرىء البصرة الإمام أبوعمرو بن العلاء المازني أحد السبعة وله أربع وثمانون سنة قرأ على أبي العَالية الرياحيّ وجماعة‏.‏
وروى عن أنس وإياس‏.‏
قال أبو عمرو‏:‏ كنت رأسًا والحسن حي‏.‏
ونظرت في العلم قبل أن أختن‏.‏
وقال أبو عبيدة‏:‏ كان أبو عمرو أعلم الناس بالقرآن والعربية والشعر وأيام العرب‏.‏
قال‏:‏ وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف ثم تنسك فأحرقها‏.‏
سنة خمس وخمسين ومائة فيها افتتح يزيد بن حاتم إفريقية واستعادها من الخوارج وهزمهم وقتل كبارهم‏:‏ أبا حاتم وأبا عاد وطائفة‏.‏
ومهد قواعدها‏.‏
وفيها أو سنة ثمان توفي‏.‏
محدث حمص صفوان بن عمرو السكسكي‏.‏
أدرك أبا أمامة‏.‏
وروى عن عبد الله بن بسر وعن جبير بن نفير والكبار‏.‏
وفيها مسعر بن كدام الحافظ أبو سلمة الهلالي الكوفي‏.‏
أخذ عن الحكم وقتادة وخلق‏.‏
وكان عنده نحو ألف حديث‏.‏
وقال يحيى القطان‏:‏ ما رأيت أثبت منه‏.‏
وقال شعبة‏:‏ كنا نسمي مسعرًا المصنف‏.‏
وقال أبو نعيم‏:‏ مسعر أثبت من سفيان وشعبة‏.‏
وفيها عثمان بن أبي العاتكة الدمشقي القاضي‏.‏
روى عن عميربن هانئ العنس وجماعة‏.‏
فيها توفي سعيد بن أبي عروبة الإمام أبو النضر العدوي‏.‏
شيخ البصرة وعالمها‏.‏
وأول من دون العلم بها‏.‏
وكان قد تغير حفظه قبل موته بعشر سنين‏.‏
روى عن أبي رجاء العطاردي وابن سيرين والكبار‏.‏
وقيل توفي سنة سبع وخمسين‏.‏
وفي آخر السنة عبد الله بن شوذب البلخي ثم البصري نزيل بيت المقدس‏.‏
روى عن الحسن وطبقته‏.‏
وكان كثير العلم جليل القدر‏.‏
قال كثير بن الوليد‏:‏ كنت إذا رأيت ابن شوذب ذكرت الملائكة‏.‏
قلت‏:‏ عاش سبعين سنة‏.‏
وفيها شيخ إفريقية وقاضيها وأول من ولد بها من المسلمين عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم الشّعبْاني الإفريقيّْ الزاهد الواعظ‏.‏
روى عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي وطبقته‏.‏
وقد وفد على المنصور فوعظه بكلام خشن فاحتمله وليس بقوي في الحديث‏.‏
وفيها عمر بن ذر الهمداني الكوفي الواعظ البليغ‏.‏
روى عن أبيه وأبي وائل والكبار‏.‏
وفيها علي بن أبي حملة الدمشقي المعمر‏.‏
أدرك معاوية وروى عن أبي إدريس الخولاني والكبار‏.‏
و قد وثقه أحمد وغيره‏.‏
وفيها وقيل سنة ثمان فارسُ الكوفة أبو عُمارة حمزة بن حبيب التيمي‏.‏
مولى تيم الله بن
ربيعة الكوفي الزيات الزاهد‏.‏
أحد السبعة‏.‏
قرأ على التابعين‏.‏
وتصدر للإقراء‏.‏
فقرأ عليه جُل أهل الكوفة‏.‏
وحدث عن الحكم ابن عُييَنة وطبقته‏.‏
وكان رأسا في القرآن والفرائض قدوة في الورع‏.‏
سنة سبع وخمسين ومائة فيها توفي الحُسينُ بن واقد المروزي قاضي مرو‏.‏
روى عن عبد الله ابن بريدة وطبقته‏.‏
وفي صفر إمام الشاميين أبو عَمْرو عبدُ الرحمن بن عمرو الأْوزاعيُ الفقيهُ‏.‏
روى عن القاسم مُخَيْمَرة وعطاء وخلق كثيرمن التابعين‏.‏
وكان رأسًا في العلم والعمل جم المناقب‏.‏
ومع علمه كان بارعًا في الكتابة والترسل‏.‏
قال الهقل بن زياد‏:‏ أجاب الأوزاعي في سبعين ألف مسألة‏.‏
وقال إسماعيل بن عياش‏:‏ سمعتُ الناس سنة أربعين ومائة يقولون‏:‏ الأوزاعي اليوم عالم الأمة‏.‏
وقال عبد الله الخريبي‏:‏ كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه‏.‏
وقال الوليد بن مسلم‏:‏ ما رأيت أكثر اجتهادًا في العبادة من الأوزاعي‏.‏
وقال أبو مسْهَر‏:‏ كان يُحيي الليل صلاة وقرآنًا وبُكاءً‏.‏

وفيها محمد بن عبد الله ابن أخي الزُهّري المدني‏.‏
روى عن عمه وأبيه‏.‏
وفيها مُصْعَبُ بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بالمدينة‏.‏
روى عن أبيه وعطاء وطائفة‏.‏
ضعفه ابن معين‏.‏
وفيها يوسفُ بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي‏.‏
روى عن جده وعن الشعبي‏.‏
قال ابن عُيَبْنَة‏:‏ لم يكن في ولد أبي إسحاق أحَفظ منه‏.‏
سنة ثمان وخمسين ومائة فيها صادر المنصور خالد بن برمك وأخذ منه ثلاثة آلاف ألف درهم ثم رضي عليه وأمَّرّه على الموصل‏.‏
وفيها توفي أفْلَحُ بن حُمَيْد الأنصاري المدني‏.‏
روى عن القاسم أبي بكر بن حزْم‏.‏
وفيها توجه المنصور للحج‏.‏
فأدركه أجله يوم سادس ذي الحجة عند بئر ميمون بظاهر مكة مُحْرمًا‏.‏
فأقام الموسم إبراهيمُ بن يحيى بن محمد صبيّ أمرد‏.‏
وهو ابن أخي المنصور‏.‏
واستخلف المهدي‏.‏
وفيها توفي الفقيه أبوعمرو معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي نزيل الأندلس‏.‏
وقاضي الجماعة بها‏.‏
حج فأدركه الأجل بمكة‏.‏
صلى عليه الثوري روى عن مكحول وطبقته‏.‏
وأكثر عنه في هذا العام المصريون والحجاج‏.‏
وقيل مات سنة تسع‏.‏
وفيها على الصحيح حيوة بن شريح التجيبي المصري الفقيه أحَدُ الزهاد والعلماء السادة‏.‏
صحب يزيد بن أبي حبيب‏.‏
وروى عن أبي يونس مَولى أبي هريرة وطبقته‏.‏
وكان مجاب الدعوة‏.‏
وفيها زُفَرَ بن الهذيل العنبري الفقيه صاحب أبي حنيفة وله ثمان وأربعون سنة‏.‏
وكان ثقة في الحديث موصوفًا بالعبادة‏.‏
نزل البصرة وتفقهواعليه‏.‏
وفيها عبيد الله بن أبي زياد الرصافي الشامي صاحب الزهري‏.‏
وثقة الدارقطني لصحة كتابه‏.‏
وما روى عنه إلا حفيدُه حجاج بن أبي منيع‏.‏
وفيها توفي أخباريان كبيران‏:‏ عبدُ الله بن عياش الهمداني الكوفي صاحب الشعبي ويعرف بالمنتوف‏.‏
وعوانة بن الحكم البصريُ‏.‏
وفيها في ذي الحجة بمكة المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي وله ثلاث وستون سنة وكانت خلافته اثنتين وعشرين سنة‏.‏
وكانت أمه بربرية‏.‏
وكان طويلًا مهيبًا أسمرَ خفيف اللحية‏.‏
رحب الجبهة‏.‏
كأن عينيه لسانان ناطقان تقبله النُفوس‏.‏
وكان يُخالط أبهة الملك بزي أولي النسك‏.‏
ذا حزمٍ وعزمٍ ودهاءٍ ورأي وشجاعة وعَقْل‏.‏
وفيه جبروت وظلم‏.‏
وفيها مات طاغية الروم قسطنطين بن إليون عليه اللعنة‏.‏
سنة تسع وخمسين ومائة فيها ألحّ المهدي على ولي العهد عيسى بن موسى بكل ممكن بالرغبة والرهبة في خلع نفسه ليولي العهد لولده موسى الهادي فأجاب خوفًا على نفسه‏.‏
فأعطاه المهدى عشرة آلاف ألف درهم وإقطاعات‏.‏
وفيها تُوفي الإمام أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث ابن أبي ذئب هشام بن شعبة القرشي العامري المدني الفقيه‏.‏
ومولده سنة ثمانين‏.‏
روى عن عكْرمة ونافع وخلق‏.‏
قال أحمد بن حنبل‏:‏ كان يشبه بسعيد بن المسيب‏.‏
وما خلَفَ مثله‏.‏
كان أفضل من مالك إلا أن مالكًا أشد تنقية للرجال‏.‏
وقال الواقدي‏:‏ كان ابن أبي ذئب يصلي الليل أجمع ويجتهد في العبادة فلو قيل إن القيامة تقوم غدًا ما كان فيه مزيد من الإجتهاد‏.‏
وأخبرني أخوه أنه كان يصوم يومًا ويفطر يومًا‏.‏
ثم سرده‏.‏
وكان شديد الحال يتعشى بالخبز والزيت‏.‏
وكان من رجال العالم صرامة وقولًا بالحق‏.‏
وكان يحفظ حديثه لم يكن له كتاب‏.‏
وقال أحمد‏:‏ دخل ابن أبي ذئب على أبي جعفر يعني المنصور فلم يؤهله أن قال‏:‏ الظلم ببابك فاش وأبو جعفر أبو جعفر‏.‏
وفيها عبد العزيز بن أبي رواد بمكة‏.‏
روى عن عكرمة وسالم وطائفة‏.‏
قال ابن المبارك‏:‏ كان من أعبد الناس‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان مرجئًا‏.‏
وفيها عكرمة بن عمار اليمامي‏.‏
روى عن طاوس وجماعة وسمع من الهرماس بن زياد الصحابي‏.‏
قال عاصم بن علي‏:‏ كان مستجاب الدعوة‏.‏
قلت‏:‏ آخر من روى عنه يزيد بن عبد الله اليمامي شيخ ابن ماجه‏.‏
وفيها عمار بن زريق الضبي الكوفي‏.‏
روى عن منصور والأعمش‏.‏
وكان كبير القدر عالمًا خيرًا‏.‏
قال أبو أحمد الزبيري لبعضهم‏:‏ لو كنت اختلفت إلى عمار بن زريق لكفاك بأهل الدنيا‏.‏
وفيها أو في سنة سبع عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني‏.‏
ولقبه رباح‏.‏
روى عن أبيه وعن سعيد بن المسيب‏.‏
وهو أكبر شيخ للقعنبي‏.‏
وفيها في أولها مالك بن مغول البجلي الكوفي روى عن الشعبي وطبقته‏.‏
وكان كثير الحديث ثقة حجة‏.‏
قال ابن عيينة‏:‏ قال له رجل اتق الله فوضع خده بالأرض‏.‏
وفيها يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن سن عالية‏.‏
روى عن أنسٍ وكبار التابعين‏.‏
وكان صدوقًا كثيرالحديث قال عبد الرحمن بن مهدي وغيُره‏:‏ لم يكن به بأس‏.‏
وفيها أميرُ خراسان حمُيد بن قُحْطبة بن شبيب الطائيّ‏.‏
وقد ولي أيضًا الجزيرة ومصر‏.‏
سنة ستين ومائة في أولها كان خلع عيسى بن موسى‏.‏
وقد ذكرنا ابتداء ذلك في السنة الماضية‏.‏
وفيها افتتح المسلمون وعليهم عبد الملك المسمعي مدينة كبيرة بالهند‏.‏

وفيها فرق المهدي في الحرمين أموالًا عظيمة إلى الغاية قيل إنها بلغت ثلاثين ألف ألف درهم‏.‏
وفرق من الثياب مائة ألف وخمسين ألف ثوب‏.‏
وحمل محمد بن سليمان الأمير الثلج حتى وافى به مكة للمهديَ وهذا شيء لم يتهيأ لأحد‏.‏
وتُوفي في غزوة الهند في الرجعة بالبحر الربيع بن صبيح البصري صاحب الحسن‏.‏
وقد قال فيه شُعبةُ‏:‏ هو عندي من سادات المسلمين‏.‏
وقال أحمد‏:‏ لا بأس به‏.‏
وفيها لثلاث بقين من جُمادى الآخرة شعبة بن الحجاح بن الورد الإمام أبو بسطام العتكي الازدي‏.‏
مولاهم الواسطي شيخ البصرة‏.‏
وأمير المؤمنين في الحديث روى عن معاوية بن قرة وعمرو بن مرة وخلق من التابعين‏.‏
قال الشافعي‏:‏ لو لا شعبة ما عرف الحديث بالعراق‏.‏
وقال ابن المدني‏:‏ له نحو ألفي حديث‏.‏
وقال سفيان لما بلغه موت شعبة‏:‏ مات الحديث‏.‏
وقال أبو زيد الهروي‏:‏ رأيت شعبة يصلي حتى تورم قدماه‏.‏
وقد أثنى جماعة من كبار الأئمة على شعبة ووصفوه بالعلم والزهد والقناعة والرحمة والخير‏.‏
وكان رأسًا في العربية والشعر سوى
وفيها توفي المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي‏.‏
روى عن الحكم بن عيينة وعمرو بن مرة وخلق‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ كان أعلم أهل زمانه بحديث ابن مسعود‏.‏
وتغير قبل موته بسنة أو سنتين‏.‏
سنة إحدى وستين ومائة فيها كان ظهور عطاء المقنع الساحر الملعون الذي ادعى الربوبية بناحية مرو‏.‏
واستغوى خلائق لا يحصون ورأى الناس قمرًا ثانيًا في السماء كان يرى إلى مسيرة شهرين‏.‏
وفي شعبان توفي الإمام العالم أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري الكوفي الفقيه سيد أهل زمانه علمًا وعملًا وله ست وستون سنة‏.‏
روى عن عمرو بن مرة وسماك بن حرب وخلق كثير‏.‏
قال ابن المبارك‏:‏ كتبت عن ألف ومائة ما فيهم أفضل من سفيان الثوري‏.‏
وقال شعبة ويحيى بن معين وغيرهما‏:‏ سفيان أمير المؤمنين في الحديث‏.‏
وقال أحمد بن حنبل‏:‏ لا يتقدم سفيان في قلبي أحد‏.‏
وقال يحيى القطان‏:‏ ما رأيت أحدًا أحفظ من الثوري وهو فوق مالك في كل شيء‏.‏
وقال ورقاء‏:‏ لم ير الثوري مثل نفسه‏.‏
وكان كثير الحط على المنصور لظلمه‏.‏
فهم به وأراد قتله فما أمهله الله‏.‏
ومناقب سفيان كثيرة لا يحتملها هذا التاريخ‏.‏
وفي أولها أبو الصلت زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي الحافظ‏.‏
روى عن زياد بن علاقة وطبقته‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ ثقة صاحب سنة‏.‏
وقال الطيالسي‏:‏ كان لا يحدث عن صاحب بدعة‏.‏
وفيها حرب بن شداد اليشكري البصري‏.‏
روى عن شهر بن حوشب والحسن ويحيى بن أبي كثير‏.‏
وفيها سعيد بن أبي أيوب المصري وقد نيف على الستين‏.‏
روى عن أبي زهرة بن معبد و جماعة‏.‏
وفيها أو في حدودها ورقاء بن عمر اليشكري الكوفي بالمدائن‏.‏
روى عن عبيد الله بن أبي يزيد ومنصور وطبقتهما‏.‏
قال أبو داود الطياليسي‏:‏ قال لي شعبة‏:‏ عليك بورقاء فإنك لن تلقى مثله حتى ترجع‏.‏
وقال أحمد‏:‏ كان ثقة صاحب سنة‏.‏
وفيها أو في حدودها داود بن قيس المدني الفراء الدباغ‏.‏
روى عن المقبري وطبقته‏.‏
وأبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان‏.‏
روى عن عطاء بن أبي رباح الربيع بن أنس الخراساني‏.‏
وكان زميل المهدي إلى مكة‏.‏
سنة اثنتين وستين ومائة وفيها ظهرت المحمرة ورأسهم عبد القهار إبراهيم بن أدهم واستولوا على جرجان‏.‏
وقتلوا خلائق‏.‏
فقصده عمر بن العلاء من طبرستان فقتل عبد القاهر وخلق من أصحابه‏.‏
وفيها إبراهيم بن أدهم البلخي الزاهد بالشام‏.‏
روى عن منصور‏.‏
ومالك بن دينار وطائفة‏.‏
ووثقه النسائي‏.‏
وغيره‏.‏
وكان أحد السادات‏.‏
وفيها‏.‏
وقيل سنة ستين داود بن نصير الطائي الكوفي الزاهد‏.‏
وكان أحد من برع في الفقيه ثم اعتزل‏.‏
روى عن عبد الملك بن عمير وجماعة‏.‏
وكان عديم النظير زهدًا وصلاحًا‏.‏
وفيها قاضي العراق أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة القرشي العامري المدني‏.‏
أخذ عن زيد بن أسلم وجماعة‏.‏
وهو متروك الحديث‏.‏
قد ولي بعده القاضي أبو يوسف‏.‏
وفيها أبو المنذر زهير بن محمد التيمي المروزي الخراساني‏.‏
نزل الشام ثم الحجاز‏.‏
وحدث وفيها أو قبلها يزيد بن إبراهيم التستري ثم البصري‏.‏
روى عن الحسن وعطاء والكبار‏.‏
وكان عفان يثني عليه ويرفع أمره‏.‏
وفيها أو في حدودها شبيب بن شيبة المنقري البصري‏.‏
وكان فصيحًا بليغًا أخباريًا‏.‏
روى عن الحسن وابن سيرين‏.‏
وأبو سفيان حرب بن شريح المنقري البصري البزار روى عن ابن أبي مليكة وجماعة‏.‏
قال ابن عدي‏:‏ أرجو أنه لا بأس به‏.‏
وأبو مودود عبد العزيز بن أبي سليمان المدني القاص عن سن عالية‏.‏
رأى أبا سعيد الخدري‏.‏
وروى عن السائب بن يزيد وجماعة‏.‏
قال ابن سعد‏:‏ كان من أهل الفضل والنسك يعظ ويذكر‏.‏
قلت‏:‏ آخر من روى عنه كامل بن طلحة‏.‏
سنة ثلاث وستين ومائة فيها قتل المهدي جماعة من الزنادقة‏.‏
وصرف همته إلى تتبعهم وأتى بكتب من كتبهم فقطعت بحضرته بحلب‏.‏

وفيها بالغ سعيد الجرشي في حصار عطاء المقنع‏.‏
فلما أحس الملعون بالغلبة استعمل سما وسقى نساءه‏.‏
فأهلكهم الله‏.‏
ودخل المسلمون الحصن فقطعوا رأسه ووجهوا به إلى المهدي‏.‏
فوافاه بحلب‏.‏
وكان يقول بالتناسخ وأن الله تحول إلى صورة آدم ولذلك سجدت له الملائكة ثم تحول إلى صورة نوح ثم إلى غيره من الأنبياء والحكماء ثم إلى صورة أبي مسلم الخراساني ثم إلى صورته تعالى الله عن قوله علوًا كبيرًا‏.‏
فعبده خلق وقاتلوا دونه مع ما عاينوا من قبح صورته وعوره ولكنته وقصره‏.‏
وكان قد اتخذ وجهًا من ذهب ولذلك قيل له المقنع واستغواهم بالسحر وأطمع لهم قمرًا يرى من مسيرة شهرين‏.‏
كما قيل‏:‏ إليك فما بدرُ المّقنع طالعًا بأَسحر من ألحاظ بدري المّعمم وفيها توفي إبراهيم بن طهمان الخراساني بنيسابور روى عن عمر بن دينار وطبقته‏.‏
قال إسحاق بن راهويه‏:‏ كان صحيح الحديث‏.‏
ما كان بخراسان أكثر حديثًا منه‏.‏
وفيها أرطاة بن المنذر الألهاني الحمصي سمع سعيد بن المسيب والكبار‏.‏
وكان ثقة حافظًا زاهدًا معمرًا‏.‏
قال أبو اليمان‏:‏ كنت أشبه أحمد بن حنبل بأرطاة بن المنذر‏.‏
وفيها بكير بن معروف الدامغاني المفسر قاضي نيسابور بدمشق‏.‏
روى عن أبي الزبير المكي وجماعة‏.‏
قال النسائي‏:‏ ليس به بأس‏.‏
وفيها حريز بن عثمان الحمصي‏.‏
روى عن عبد الله بن بسر الصحابي وعن كبار التابعين‏.‏
واتهم بنصب ما‏.‏
قال أبو اليمان‏:‏ كان ساول من رجل ثم ترك‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ لا يصح ما يقال في رأيه‏.‏
ولا أعلم بالشام منه‏.‏
وقال أحمد‏:‏ ثقة ثقة‏.‏
وفيها عيسى بن علي عم المنصور روى عن أبيه وقال ابن معين‏:‏ ليس به بأس‏.‏
وفيها أو في التي قبلها شعيب بن أبي حمزة بن دينار الحمصي مولى بني أمية‏.‏
وصاحب الزهري‏.‏
قال أحمد بن حنبل‏:‏ رأيت كتبه قد ضبطها وقيدها‏.‏
قال‏:‏ وهو عندنا فوق يونس وعقيل‏.‏
وقال علي بن عياش‏:‏ كان عندنا من كبار الناس‏.‏
وكان من صنف آخر في العبادة‏.‏
وفيها موسى بن علي بن رباح اللخمي المصري‏.‏
روى عن أبيه وطائفة‏.‏
وولي إمرة ديار مصر وهمام بن يحيى العوذي مولاهم البصري‏.‏
روى عن وعطاء وطائفة‏.‏
وكان أحد أركان الحديث ببلده‏.‏
قال أحمد‏:‏ هو ثبت في كل مشايخه‏.‏
وفيها يحيى بن أيوب الغافقي المصري‏.‏
روى عن بكير بن الأشج وجماعة‏.‏
وكان كثير العلم فقيه النفس‏.‏
وفيها أو حدودها أبو غسان محمد بن مطرف المدني‏.‏
روى عن محمد ابن المنكدر وطبقته‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:40 PM

سنة أربع وستين ومائة فيها أقبل ميخائيل البطريق وطازاد الأرمني لعنهما الله في تسعي ألفًا‏.‏
ففشل عبد الكبير ومنع المسلمين من الملتقى ورد فهم المهدي بضرب عنقه وسجنه‏.‏
وفيها توفي إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني شيخ آل طلحة عن سن عالية‏.‏
روى عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وعن عمته موسى وعيسى‏.‏
وآخر روى عنه بشر بن الوليد الكندي‏.‏
وهو متروك الحديث‏.‏
وفيها أبو معاوية شيبان النحوي الكوفي‏.‏
نزل بغداد‏.‏
وروى عن الحسن وطائفة بعده‏.‏
وكان
وفيها عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون المدني الفقيه‏.‏
روى عن الزهري وطبقته‏.‏
وكان إمامًا مفتيًا صاحب حلقة‏.‏
وفيها مبارك بن فضالة البصري مولى قريش‏.‏
روى عن الحسن وبكر المزني وطائفة‏.‏
وكان من كبار المحدثين والنساك‏.‏
وكان يحيى القطان يحسن الثناء عليه‏.‏
وقال أبو داود‏:‏ مدلس‏.‏
فإذا قال حديثًا فهو ثبت‏.‏
وقال مبارك‏:‏ جالست الحسن ثلاث عشرة سنة‏.‏
وقال أحمد‏:‏ مارواه عن الحسن يحتج به‏.‏
وفيها أو في التي تليها عبد الله بن العلاء بن زبر الربعي الدمشقي‏.‏
يروي بن القاسم ومكحول وكان بن أشراف البلد‏.‏
عمر تسعين سنة‏.‏
سنة خمس وستين ومائة فيها غزا المسلمون غزوة مشهورة وعليهم هارون الرشيد وهو صبي أمرد‏.‏
وفي خدمته الربيع الحاجب‏.‏
فافتتحوا ماجدة من الروم والتقوا الروم وهزموهم ثم ساروا حتى وصلوا إلى خليج القسصنطينية وقتلوا وسبوا‏.‏
وصالحتهم ملكة الروم على مال جليل‏.‏
فقيل إنه قتل من الروم في هذه الغزوة المباركة خمسون ألفًا‏.‏
وغنم المسلمون ما لا يحصى حتى بيع الفرس بدرهم والبغل الجيد بعشرة دراهم‏.‏
وفيها توفي سليمان بن المغيرة البصري عالم أهل البصرة في وقته‏.‏
روى عن ابن سيرين وثابت‏.‏
قال شعبة‏:‏ هو سيد أهل البصرة‏.‏
وقال الخريبي‏:‏ ما رأيت بصريًا أفضل منه‏.‏
وقال أحمد‏:‏ ثبت ثبت‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي الزاهد عن تسعين سنة‏.‏
روى عن خالد بن معدان وطبقته‏.‏
قال أحد بن حنبل‏:‏ كان عابد أهل الشام‏.‏
وذكر من فضله‏.‏
وقال أبو داود‏:‏ كان مجاب الدعوة‏.‏
وكانت فيه سلامة‏.‏
وما به بأس‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ ثقة‏.‏
وفيها توفي معروف بن مشكان قارئ أهل مكة‏.‏
وأحد أصحاب ابن كثير‏.‏
وقد سمع من عطاء وغيره‏.‏
وفيها وهيب بن خالد أبو بكر البصري الحافظ‏.‏
روى عن منصور وطائفة كبيرة‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ يقال لم يكن بعد شعبة أعلم بالرجال منه‏.‏
وفيها خالد بن برمك وزير السفاح وجد جعفر البرمكي عن خمس وسبعين سنة‏.‏
وكان يتهم بالمجوسية‏.‏
وفيها في آخر يوم منها أبو الأشهب العطاردي جعفر بن حبان بالبصرة روى عن أبي رجاء العطاردي والحسن والكبار وعاش خمسًا وتسعين سنة‏.‏
سنة ست وستين ومائة فيها قبض المهدي على وزيره يعقوب بن داود لكونه أعطاه هاشميًا من ولد فاطمة رضي الله عنه ليقتله فاصطنعه وهربه‏.‏
فظفر به الأعوان وكان يعقوب شيعيًا يميل إلى الزيدية ويقربهم‏.‏
وفيها توفي أبو معاوية صدقة بن عبد الله السمين من كبار محدثي دمشق‏.‏
روى عن القاسم أبي عبد الرحمن وطائفة‏.‏
وفيها معقل بن عبد الله الجزري من كبار علماء الجزيرة‏.‏
روى عن عطاء بن أبي رباح وميمون بن مهران والكبار‏.‏
وفيها أبو بكر النهشلي الكوفي وفي اسمه أقوال‏.‏
روى عن أبي بكر ابن أبي موسى الأشعري

سنة سبع وستين ومائة فيها جد المهدي في طلب الزنادقة في الآفاق وأكثر الفحص عنهم وقتل طائفة‏.‏
وفيها أمر بالزيادة في المسجد الحرام وغرم عليها أموالًا عظيمةً ودخلت فيه دور كبيرة‏.‏
وفيها توفي عالم أهل البصرة حماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة البصري الحافظ‏.‏
في أواخر السنة‏.‏
سمع قتادة وأبا جمرة الضبيعي وطبقتهما‏.‏
وكان سيد أهل وقته‏.‏
قال وهيب بن خالد‏:‏ حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا‏.‏
وقال ابن المديني‏:‏ كان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشر آلاف حديث‏.‏
وقال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ لو قيل الحماد بن سلمة إنك تموت غدًا ما قدر أن يزد في العمل شيئًا‏.‏
وقال شهاب البلخي‏:‏ كان حماد بن سلمة يعد من الأبدال‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان فصيحًا مفوهًا إمامًا في العربية صاحب سنة‏.‏
وله تصانيف في الحديث‏.‏
وكان بطائنيًا‏.‏
فروى سوار بن عبد الله عن أبيه قال‏:‏ كنت آتي حماد بن سلمة في سوقه‏.‏
فإذا ربح ثوب حبة أو حبتين شد جونته وقام‏.‏
وقال موسى بن اسماعيل‏:‏ لو قلت إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكًا لصدقت‏.‏
كان يحدث أو يسبح أو يقرأ أو يصلي قد قسم النهار على ذاك‏.‏
وفيها الحسن بن صالح بن حي الهمداني فقيه الكوفة وعابدها‏.‏
روى عن سماك بن حرب وطبقته‏.‏
قال أبو نعيم‏:‏ ما رأيت أفضل منه‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ ثقة حافظ متقن‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ يكتب رأي الحسن بن صالح يكتب رأي الأوزاعي‏.‏
وهؤلاء ثقات‏.‏
وقال وكيع‏:‏ الحسن بن صالح يشبه سعيد بن جبير كان هو وأخوه علي وأمهما قد جزءا الليل ثلاثة أجزاء‏.‏
فماتت‏.‏
فقسما الليل بينهما‏.‏
فمات علي‏.‏
فقام حسن الليل كله‏.‏
قلت‏:‏ مات سنة أربع وخمسين‏.‏
وهما توأم‏.‏
أخرج مما مسلم‏.‏
وفيها الربيع بن مسلم الجمحي مولاهم البصري‏.‏
وكان من بقايا أصحاب الحسن‏.‏
وفيها مفضل بن مهلهل السعدي الكوفي صاحب منصور‏.‏
قال أحمد العجلي‏:‏ كان ثقة صاحب سنة وفضل وفقه‏.‏
لما مات الثوري جاء أصحابه إلى وفيها فقيه الشام بعد الأوزاعي أبو محمد سعيد بن عبد العزيز التنوخي‏.‏
عن نحو ثمانين سنة‏.‏
أخذ بن مكحول وربيعة بن يزيد القصير ونافع مولى ابن عمر وخلق‏.‏
وكان صالحًا قانتًا خاشعًا‏.‏
قال‏:‏ ما قمت إلى صلاة حتى مثلت لي جهنم‏.‏
وقال الحاكم‏:‏ هو لأهل الشام كمالك لأهل المدينة‏.‏
وفيها أبو روح سلام بن مسكين البصري‏.‏
روى عن الحسن والكبار‏.‏
قال أبو سلمة التبوذكي‏:‏ كان من أعبد أهل زمانه‏.‏
وفيها أبو شريح عبد الرحمن بن شريح المعافري بالإسكندرية‏.‏
روى عن أبي قبيل وطبقته‏.‏
وكان ذا عبادة وفضل وجلالة‏.‏
وفيها أبو عقيل يحيى بن المتوكل المدني بغداد روى عن بقية وابن المنكدر‏.‏
وليس بالقوي عندهم‏.‏
وفيها عبد العزيز بن مسلم بالبصرة‏.‏
روى عن مطر الوراق وطائفة‏.‏
وكان عابدًا قدرةً‏.‏
روى عنه يحيى السليحيني وقال‏:‏ كان من الأبدال‏.‏
وفيها القاسم بن الفضل الحداني بالبصرة‏.‏
روى عن ابن سيرين والكبار‏.‏
وكان كثير الحديث‏.‏
قال ابن مهدي‏:‏ هو من مشايخنا الثقات‏.‏

وفيها أبو هلال محمد بن سليم الراسبي بالبصرة‏.‏
روى عن الحسن والكبار‏.‏
وهو حسن الحديث‏.‏
وثقه أبو داود وغيره‏.‏
وفيها محمد بن طلحة بن مصرف اليامي الكوفي‏.‏
أحد المكثرين الثقات‏.‏
يروي عن أبيه وطبقته‏.‏
وفيها أبو حمزة محمد بن ميمون المروزي السكري‏.‏
ارتحل وأخذ عن زياد بن علاقة ونحوه‏.‏
وكان شيخ بلده في الحديث والفضل والعبادة‏.‏
وفيها أبو بكر الهذلي البصري الأخباري‏.‏
أحد الضعفاء‏.‏
واسمه سلمى‏.‏
روى عن الشعبي ومعاذة العدوية والقدماء‏.‏
وفيها قتل في الزندقة بشار بن برد البصري الأعمى شاعر العصر‏.‏
ن ثمان وستين ومائة فيها غزا المسلمون الروم لنقضهم الهدنة‏.‏
وفيها سار سعيد الجرشي في أربعين ألفًا إلى طبرستان‏.‏
وفيها مات السيد الأمير أبو محمد الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب شيخ بني هاشم في زمانه وأمير المدينة للمنصور ووالد الست نفيسة‏.‏
خافه المنصور فحبسه‏.‏
ثم أخرجه المهدي وقربه‏.‏
ولم يزل معه حتى مات بطريق مكة معه عن خمس وثمانين سنة‏.‏
روى عن أبيه‏.‏
وفيها أبو الحجاح خارجة بن مصعب السرخسي من كبار المحدثين بخراسان‏.‏
رحل أخذ عن زيد بن أسلم وطبقته‏.‏
وهو صدوق كثير الغلط لا يحتج به‏.‏
وفيها سعيد بن بشير البصري ثم الدمشقي المحدث المشهور‏.‏
أكثر عن قتادة وطبقته‏.‏
قال أبو مسهر‏:‏ لم يكن في بلدنا أحفظ منه‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ محلة الصدق‏.‏
وضعفه وغيره‏.‏
وفيها على الصحيح قيس بن الربيع أبو محمد الأسدي الكوفي الحافظ‏.‏
أحد علماء الحديث مع ضعفه‏.‏
على أن ابن عدي قال فيه عامة رواياته مستقيمة‏.‏
والقول فيه ما قال شعبة‏:‏ فإنه لا بأس به‏.‏
وقال عفان‏:‏ ثقة‏.‏
وقال أبو الوليد‏:‏ حضر شريك القاضي جنازة قيس بن ربيع فقال‏:‏ ما ترك بعده مثله‏.‏
قلت‏:‏ روى عن محارب بن دثار وطبقته‏.‏
وفيها الأمير عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس العباسي‏.‏
ولي عهد وقد توفي أبوه شابًا سنة ثمان ومائة‏.‏
وفيها فليح بن سليمان المدني مولى آل الخطاب‏.‏
روى عن نافع وطبقته‏.‏
وكان ثقة مشهودًا كثير العلم‏.‏
لينه ابن معين‏.‏
وفيها مندل بن علي العنزي الكوفي‏.‏
روى عن عبد الملك بن عمير وطبقته‏.‏
وكان صدوقًا مكثرًا في حديثه لين‏.‏
وفيها نافع بن يزيد المصري بن جعفر بن ربيعة وطبقته‏.‏
وكان أحد الثقات‏.‏
وفيها يعلى بن الحارث المحاربي الكوفي‏.‏
روى عن إياس بن سلمة بن الأكوع وغيره‏.‏
وليس بالمكثر‏.‏
سنة تسع وستين ومائة فيها عزم المهدي على أن يقدم هارون في العهد ويؤخر موسى الهادي‏.‏
فطلبه وهو بجرجان ففهمها ولم يقدم‏.‏
فهم بالمصير إلى جرجان لذلك‏.‏
وفيها لثمان بقين من المحرم ساق المهدي واسمه أبو محمد بن عبد الله أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس العباسي خلف صيد فدخل الوحش خربة فدخل وقيل بل أكل طعامًا سمته جارية لضرتها فلما وضع يده فيه ما جسرت أن تقول هيأته لضرتي فيقال كان انجاص‏.‏
فأكل واحدة وصاح من جوفه ومات من الغد عن ثلاث وأربعين سنة‏.‏
وكانت خلافته عشر سنين وشهرًا‏.‏
وكان جوادًا ممدحًا محببًا إلى الناس‏.‏
وصولًا لأقاربه حسن الأخلاق حليمًا‏.‏
قصابًا للزنادقة‏.‏
وكان طويلًا أبيض مليحًا‏.‏
يقال إن المنصور خلف في الخزاين مائة ألف ألف وستين ألف ألف درهم ففرقها المهدي‏.‏
ولم يل الخلافة أحد أكرم منه ولا أبخل من أبيه ويقال إنه أعطى شاعرًا مرةً خمسين ألف دينار‏.‏
ولما مات أرسلوا بالخاتم والقضيب إلى الهادي‏.‏
فأسرع على البريد وقدم بغداد وبلغ في طلب الزنادقة وقتل منهم عدة‏.‏
وفيها خرج الحسين بن علي بن حسن بن حسن بن علي الحسيني بالمدينة وتابعة عدد كثير‏.‏
وحارب العساكر التي بالمدينة وقتل مقدمهم خالد البربري‏.‏
ثم تأهب وخرج في جمع إلى مكة فالتف عليه خلق كثير‏.‏
فأقبل عليه ركب العراق معهم جماعة من أمراء بني العباس بعدة وخيل‏.‏
فالتقوا بفج فقتل الحسين في مائة من أصحابه‏.‏
وقتل الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسن الذي خرج أبوه زمن المنصور‏.‏

وهو جد الشرفاء الإدريسيين‏.‏
ثم تحيل الرشيد وبعث من سم إديس‏.‏
فقام بعده ابنه إدريس بن إدريس وتملك مدة‏.‏
وفيها توفي أبو السليل عبيد الله بن إياد بن لقيط الكوفي‏.‏
وله عن أبيه نسخة وكان عريف قومه بني سدوس‏.‏
وفيها أبو سعيد المؤدب ببغداد واسمه محمد بن مسلم‏.‏
وهو جزري روى عن عبد الكريم الجزري وحماد بن أبي سليمان وجماعة‏.‏
وهو مؤدب موسى الهادي‏.‏
وفيها نافع بن أبي نعيم أبو عبد الرحمن وقيل أبو رويم الليثي مولاهم قارىء أهل المدينة وأحد السبعة‏.‏
قال موسى بن طارق‏:‏ سمعته يقول‏:‏ قرأت على سبعين من التابعين‏.‏
وقال الليث‏:‏ حججت سنة ثلاث عشرة ومائة وإمام الناس في القراءة نافع ابن أبي نعيم‏.‏
وقال مالك‏:‏ نافع إمام الناس في القراءة‏.‏
قلت‏:‏ وثقه غير واحد وليس له رواية في الكتب الستة‏.‏
وفيها نافع بن عمر الجمحي المكي‏.‏
سمع ابن أبي مليكة وسعيد بن أبي هند وطائفة‏.‏
وقال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ كان من أثبت الناس‏.‏
سنة سبعين ومائة في ربيع الأول توفي الخليفة الهادي أبو محمد بن المهدي‏.‏
وكان طويلًا أبيض‏.‏
جسيمًا مات من قرحة أصابته‏.‏
وقيل قتلته أمه الخيزران لما هم بقتل أخيه الرشيد‏.‏
فعمدت لما وعك إلى أن غمته‏.‏
وعاش بضعًا وعشرين سنة‏.‏
فالله يسامحه وقد كان جبارًا ظالم النفس‏.‏
وفيها توفي أبو النضر جرير بن حازم الأزدي البصري أحد فصحاء البصرة ومحدثيها‏.‏
عمر دهرًا‏.‏
أختلط بأخرة فحجبه ابنه وهب‏.‏
فلم يرو شيئًا في اختلاطه‏.‏
روى عن الحسن والكبار‏.‏
وحضر جنازة ابن الطفيل بمكة‏.‏
وفيها الربيع بن يونس أبو الفضل حاجب المنصور والمهدي وفيها عبد الله بن جعفر المخزومي المدني‏.‏
روى عن عمة أبيه أم بكر بنت المسور بن مخرمة وجماعة من التابعين‏.‏
قال الواقدي‏:‏ كان عالمًا بالمغازي والفتوى‏.‏
وكان قصيرًا دميمًا‏.‏
وفيها محمد بن مهاجر الحمصي‏.‏
روى عن نافع وطبقته‏.‏
وآخر من حدث عنه أبو توبة الحلبي‏.‏
وفيها أبو معشر السندي واسمه نجيح بن عبد الرحمن المدني صاحب المغازي والأخبار‏.‏
قال ابن معين‏:‏ كان أميًا يتقى من حديثه المسند‏.‏
قلت‏:‏ روى عن محمد بن كعب القرظي والكبار‏.‏
واستصحبه المهدي معه لما حج إلى بغداد‏.‏
وقال‏:‏ يكون بحضرتنا ويفقه من حولنا وصله بألف دينار‏.‏
وكان أبيض أزرق سمينًا‏.‏
وقيل له السندي بن قبيل اللقب بالضد‏.‏
وفيها الوزير أبو عبيد الله واسمه معاوية بن عبيد الله بن يسار الأشعري‏.‏
مولاهم كاتب المهدي ووزيره‏.‏
و كان من خيار الوزراء صاحب علم‏.‏
وعبارة وصدقات‏.‏
روى عن منصور بن المعتمر‏.‏
وفيها أو في حدودها محمد بن جعفر بن أبي كثير المدني مولى الأنصار‏.‏
أخذ عن زيد بن أسلم وطبقته‏.‏
وكان ثقة كثير العلم‏.‏
وأسباط بن نصر الهمداني الكوفي المفسر صاحب إسماعيل السدي‏.‏
سنة إحدى وسبعين ومائة فيها على الأصح توفي حبان بن علي العنزي أخو مندل‏.‏
وكان من فقهاء الكوفة‏.‏
وهو ضعيف‏.‏
روى عن عبد الملك بن عمير وطبقته‏.‏
وفيها أبو المنذر سلام بن سلم المزني مولاهم البصري ثم الكوفي النحوي المقرئ‏.‏
أخذ عن عاصم ابن أبي النجود وأبي عمرو‏.‏
وحدث عن ثابت البناني وغيره‏.‏
وهو شيخ يعقوب الحضرمي المقرئ‏.‏
وفيها أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم العمري المدني أخو عبيد الله بن عمرو روى عن نافع وجماعة وكان محدثًا صالحًا‏.‏
قال أحمد‏:‏ لا بأس به‏.‏
وفيها أبو شهاب الحناط عبد ربه بن نافع الكوفي‏.‏
روى عن عاصم الأحول وطبقته وتوفي كهلًا‏.‏
وقيل توفي سنة اثنتين وسبعين‏.‏
وفيها أو نحوها مات الأمير يزيد بن حاتم بن قصيبة بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي البصري‏.‏
أحد الشجعان المذكورين‏.‏
ولي إمرة المغرب مدة طويلة‏.‏
وولي إمرة مصر قبل ذلك سبع سنين‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله حنظلة بن الغسيل المدني‏.‏
رأى سهل بن سعد وروى عن عكرمة والكبار‏.‏
وكان كثير الحديث ثقة جيلًا‏.‏
وفي هذه الحدود مات أبو دلامة الشاعر المشهور‏.‏
وكان عبدًا حبشيًا فصيحًا صاحب نوادر ومزاح‏.‏
فيها توفي الإمام بن محمد سليمان بن بلال المدني مولى آل أبي بكر الصديق روى عن عبد الله بن دينار وطبقته‏.‏
قال ابن سعد‏:‏ كان بربريًا جميلًا حسن الهيئة عاقلًا‏.‏
كان يفتي بالمدينة‏.‏
وولي خراج المدينة‏.‏
وفيها أمير دمشق الفضل بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس العباسي ابن عم المنصور‏.‏
وهو الذي أنشأ القبة التي بجامع دمشق وتعرف بقبة المال‏.‏
وفي جمادى الأولى مات صاحب الأندلس الأمير أبو المطرف عبد الرحمن بن معاوية الأموي الدمشقي المعروف بالداخل‏.‏
فر إلى المغرب عند زوال دولتهم‏.‏
فقامت معه اليمانية‏.‏
وحارب يوسف الفهري متولي الأندلس وهزمه‏.‏
ومالك قرطبة في يوم الأضحى سنة ثمان وثلاثين ومائة وامتدت أيامه‏.‏
وكان عالمًا حسن السيرة‏.‏
عاش اثنتين وستين سنة‏.‏
وولي بعده ابنه هشام‏.‏
وبقيت الأندلس لعقبه إلى حدود الأربع مائة‏.‏
وفيها أو في سنة ست وسبعين صالح المري الزاهد‏.‏
واعظ البصرة‏.‏
روى عن الحسن وجماعة‏.‏
وحديثه ضعيف‏.‏
قال عفان‏:‏ كان شديد الخوف من الله إذأ قص كأنه ثكلى‏.‏
وفيها مهدي بن ميمون المعولي مولاهم البصري‏.‏
روى عن أبي رجاء العطاردي وابن سرين والكبار‏.‏
وفيها الوليد بن أبي ثور الهمداني الكوفي‏.‏
روى عن زياد بن علاقة وجماعة‏.‏
وهو ضعيف‏.‏
وفي حدودها معاوية بن سلام بن الأسود أبو سلام ممطور الحبشي ثم الشامي‏.‏
روىعن أبيه‏.‏
والزهري وجماعة‏.‏
قال يحيى بن معين‏:‏ أعده محدث أهل الشام‏.‏
سنة ثلاث وسبعين ومائة فيها وقيل سنة أربع إسماعيل بن زكريا الخلقاني الكوفي ببغداد روىعن العلاء بن عبد الرحمن وطبقته‏.‏
وعاش خمسًا وستين سنة‏.‏
وفيها أمير البصرة وفارس محمد بن سليمان بن علي ابن عم المنصور وله إحدى وخمسون سنة‏.‏
وكان الرشيد يبالغ في تعظيمه وإكرامه‏.‏
ولما مات احتوى على خزائنه فكانت خمسين ألف ألف درهم‏.‏
وفيها في رجب الإمام أبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي الكوفي نزيل الجزيرة‏.‏
روى عن سماك بن حرب وطبقته‏.‏
وكان أحد الحفاظ الأعلام حتى بالغ فيه شعيب بن حرب وقال‏:‏ كان أحفظ من عشرين مثل شعبة‏.‏
وفيها أبو سعيد سلام بن أبي مطيع البصري‏.‏
روى عن أبي عمران الجوني وطائفة‏.‏
قال أحمد بن حنبل‏:‏ ثقة صاحب سنة‏.‏
وقال ابن عدي‏:‏ كان يعد من خطباء أهل البصرة وعقلائهم‏.‏
وفيها نوح الجامع‏.‏
وهو أبو عصمة نوح بن أبي مريم الفقيه قاضي مرو ولقب بالجامع لأنه أخذ الفقه عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى والحدديث عن حجاح بن أرطاة‏.‏
والمعازي عن ابن إسحاق والتفسير عن مقاتل ابن سليمان وهو متروك الحديث‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن أبي الموالي المدني مولى آل علي‏.‏
روى عن أبي جعفر الباقر وطائفة‏.‏
وضربه المنصور أربع مائة سوط على أن يدله على محمد بن عبد الله بن حسن فلم يدله‏.‏
وكان من شيعته‏.‏
وفيها جويرية بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري‏.‏
روى عن نافع والزهري وكان ثقةً كثير الحديث‏.‏
فيها توفي في جمادى الآخرة الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة الحضرمي الحافظ‏.‏
روى عن الأعرج وعطاء بن أبي رباح وخلق كثير‏.‏
قال أحمد بن صالح المصري‏:‏ كان ابن لهيعة صحيح الكتاب طلابة للعلم‏.‏
وقال زيد بن الحباب‏:‏ سمعت سفيان الثوري يقول‏:‏ عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع‏.‏
وقال أحمد بن حنبل‏:‏ لم يكن بمصر مثل ابن لهيعة في كثرة حديثه وضبطه واتقانه‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ ليس بذاك القوي‏.‏
قلت‏:‏ وقد ولي قضاء مصر في خلافة ابن المنصور‏.‏
وفيها بكر بن مضر المصري من نيف وسبعين سنة‏.‏
روى عن أبي قبيل المصري المعافري وطائفة‏.‏
أكثر عنه قتيبة‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن أبي الزناد المدني ببغداد‏.‏
وكان فقيهًا مفتيًا‏.‏
قال ابن معين‏:‏ هو أثبت الناس في هشام بن عروة‏.‏
قلت‏:‏ وروى الكثير عن أبيه وطبقته‏.‏
وفيه ضعف يسير‏.‏
وفيها وقيل قبلها يعقوب بن عبد الله الأشعري القمي‏.‏
رحل وحمل عن زيد بن أسلم وأكثر عن جعفر بن أبي المغيرة القمي‏.‏

وفيها الأمير روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب المهلبي أخو يزيد أحد القواد الكبار‏.‏
ولي إمرة الكوفة وغيرها‏.‏
سنة خمس وسبعين ومائة فيها هاجت العصبية والأهواء بالشام بين القيسية واليمانية‏.‏
ورأس القيسية يومئذ أبو الهيذام المري‏.‏
وقتل بيهنم بشر كثير‏.‏
وفيها توفي شيخ الديار المصرية وعالمها أبو الحارث الليث بن سعد الفمهي مولاهم الفقيه‏.‏
وأصله فارسي إصبهاني‏.‏
روى عن عطاء بن أبي رياح وابن أبي مليكة ونافع وخلق كثير‏.‏
توفي يوم الجمعة يوم نصف شعبان عن إحدى وثمانين سنة‏.‏
وكان إمامًا ثقة حجةً رفيعًا واسع العلم سخيًا جوادًا محتشمًا‏.‏
قال الشافعي‏:‏ الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به‏.‏
وكان أتبع للأثر مالك‏.‏
وقال يحيى بن بكير‏:‏ الليث أفقه بن مالك لكن الحظوة لمالك‏.‏
وقال محمد بن رمح‏:‏ كان دخل الليث في السنة ثمانين ألف دينار فما أوجب الله عليه زكاة درهمٍ‏.‏

وقال غيره‏:‏ كان نائب مصر وقاضيها من تحت أوامر الليث‏.‏
وإذا رابه من أحدهم شيء كاتب فيه فيعزل‏.‏
وقد أراده المنصور أن يلي إمرة مصر فامتنع‏.‏
وفيها أبو الله حزم بن أبي حزم القطعي أخو سهيل روى عن الحسن وجماعة‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ هو من ثقات من بقي بن أصحاب الحسن‏.‏
وفيها داود بن عبد الرحمن العطار المكي روى عن عمرو بن دينار وجماعة‏.‏
قال الشافعي‏:‏ ما رأيت أورع منه‏.‏
وفيها قاضي الكوفة أبو عبد الله القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي‏.‏
روى عن عبد الملك بن عمير وطبقته‏.‏
قال أحمد‏:‏ كان ثقة صاحب نحو وشعر‏.‏
وكان لا يأخذ على القضاء رزقًا‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ كان أروى الناس للحديث والشعر وأعلمهم بالعربية والفقه‏.‏
وفيها على أحد الأقول وقيل قبلها وبعدها الخليل بن أحمد الأزردي البصري أبو عبد الرحمن‏.‏
صاحب العربية والعروض‏.‏
روى عن أيوب السيختياني وطائفة‏.‏
وكان إمامًا كبير القدر في لسان العرب خيرًا متواضعًا فيه زهد وتعفف‏.‏
صنف كتاب العين في اللغة‏.‏
ويقال إنه حج فدعا أن يرزق علمًا لم يسبق إليه‏.‏
فرجع وقد فتح عليه بعلم العروض فوضعه ورتبه فيها افتتح المسلمون مدينة دبسة من أرض الروم بعد حرب طويلة‏.‏
وفيها اشتد البلاء والقتل بين القيسية واليمانية بالشام‏.‏
واستمرت بينهم إحن وأحقاد ودماء يهيجون لأجلها في كل وقت وإلى اليوم‏.‏
وفيها توفي قاضي بغداد للرشيد أبو عبد الله سعيد بن عبد الرحمن الجمحي المدني‏.‏
روى عن عبد الرحمن بن القاسم وطبقته‏.‏
وكان من أولي العلم والصلاح‏.‏
وفيها وقيل في التي تليها عبد الواحد بن زياد العبدي مولاهم البصري‏.‏
روى عن كليب بن وائل وطائفة كبيرة‏.‏
وفيها في ربيع الأول أبو عوانة الوضاح مولى يزيد بن عطاء اليشكري الواسطي البزاز الحافظ أحد الأعلام‏.‏
رأى الحسن وروى عن قتادة وخلق‏.‏
قال يحيى القطان‏:‏ ما أشيه حديثه بحديث سفيان وشعبة‏.‏
وقال عفان‏:‏ هو عندنا أصح حديثًا بن شُعْبة‏.‏
وقال غيره‏:‏ هو من سبي جُرْجان‏.‏
سنة سبع وسبعين ومائة
فيها توفي عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد الذي قيل إنه صلى الغداة بوضوء العشاء أربعين سنة‏.‏
ومن مواعظه قوله‏:‏ ألا تستحيون من طول ما لا تستحيون‏.‏
روى عن الحسن وجماعة وهو متروكُ الحديث‏.‏
وفبها شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي أبو عبد الله‏.‏
أحد الأعلام عن نيف وثمانين سنة‏.‏
روى عن سلمة بن كهيل والكبار‏.‏
سمع منه إسحاق الأزرق تسعة آلاف حديث‏.‏
قال ابن المبارك‏:‏ هو أعلم بحديث بلده من سفيان الثوري‏.‏
وقال النسائي‏:‏ ليس به بأس‏.‏
وقال غيره‏:‏ فقيه إمام لكنه يغلظ‏.‏
وفيها محمد بن مسلم الطائفي المكي‏.‏
روى عن عمرو بن دينار وجماعة‏.‏
وقال ابن مهدي‏:‏ كتُبه صحاح‏.‏
وفيها مُوسى بن أعْيَن الحَراني‏.‏
رحل إلى العراق وأخذ عن عبد الله ابن محمد بن عقيل وطبقته‏.‏
فأكثر‏.‏
وفيها أبو خالد يزيد بن عطاء الَيْشُكري الواسطي‏.‏
روى عن علقمة بن مَرْثد وطبقته‏.‏
وليس وفيها أو في حدودها عبد العزيز بن المختار البصري الدباغ روى عن ثابت البناني وجماعة‏.‏
سنة ثمان وسبعين ومائة فيها توفي جعفر بن سليمان الضبعي بالبصرة‏.‏
روى عن أبي عمران الجوني وطائفة‏.‏
وكان أحد علماء البصرة‏.‏
وفيه تشيع‏.‏
أخذ ذلك عنه عبد الرزاق باليمن‏.‏
وفيها عبثر بن القاسم أبو زبيد الكوفي‏.‏
روى عن حصين بن عبد الرحمن وجماعة‏.‏
ذكره أبو داود فقال‏:‏ ثقة ثقة‏.‏
وفيها عبد الله بن علي بن جعفر بن نجيع السعدي مولاهم المديني نزيل البصرة ووالد على المديني‏.‏
روى عن عبد الله بن دينار وطبقته‏.‏
وهو ضعيف الحديث‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:42 PM

سنة تسع وسبعين ومائة فيها كانت فتنة الوليد بن طريف الشاري الخارجي‏.‏
وفي بكرة رابع عشر ربيع الأول توفي في إمام دار الهجرة وفقيه الأمة أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي المدني‏.‏
وذو أصبح بطن من حمير‏.‏
ولد سنة أربع وتسعين وسمع من نافع والزهري
قال الشافعي‏:‏ إذا ذكر العلماء فمالك النجم‏.‏
قال معن القزاز وجماعة‏:‏ حملت بمالك أمه ثلاث سنين‏.‏
وقال غير واحد‏:‏ كان مالك طوالًا جسيمًا عظيم الهامة أبيض الرأس واللحية أشقر عظيم اللحم‏.‏
وقيل‏:‏ كان أزرق العينين تبلغ لحيته صدره ويلبس الثياب الرفيعة البياض‏.‏
وقال أشهب‏:‏ كان مالك إذا اعتم جعل منها تحت ذقنه ويسدل طرفها بين كتفيه‏.‏
وقال خالد بن خداش‏:‏ رأيت على مالك طيلسانًا وثيابًا مرويةً جيادًا‏.‏
وقال ابن عيينة وبلغه موت مالك‏:‏ ما ترك على ظهر الأرض مثله‏.‏
وقال أبو مصعب‏:‏ سمعت مالكًا يقول‏:‏ ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك‏.‏
ومناقب مالك كثيرة قد سقت بعضها في تاريخ الإسلام‏.‏
وفيها خالد بن عبد الله الواسطي الطحان الحافظ وله سبعون سنة‏.‏
روى عن سهيل بن أبي صالح وطبقته‏.‏
قال إسحاق الأزرق‏:‏ ما أدركت أفضل منه‏.‏
وقال أحمد‏:‏ كان ثقة صالحًا بلغني أنه اشترى نفسه من الله ثلاث مرات‏.‏
وفيها أبو الأحوص سلام بن سليم الكوفي‏.‏
روى عن زياد بن علاقة وطبقته‏.‏
وكان أحد الحفاظ الأثبات‏.‏
قال أحمد العجلي كان ثقة صاحب سنة وأتباع‏.‏
قلت‏:‏ آخر من روى عنه هناد‏.‏
وفي رمضان إمام أهل البصرة أبو إسماعيل حماد بن زيد بن درْهم الأزدي مولاهم‏.‏
سمع أبا عمران الجوني‏.‏
وأنس بن سيرين‏.‏
وطبقتهما‏.‏
قال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ أئمة الناس أربعة‏:‏ الثوري بالكوقة ومالك بالحجاز وحماد بن زيد بالبصرة والأوزاعي بالشام‏.‏
وقال يحيى بن يحيى التيمي‏:‏ ما رأيت شيخًا أحفظ من حماد بن زيد‏.‏
وقال أحمد العجلي‏:‏ حماد بن زيد ثقة‏.‏
كان حديثه أربعة آلاف حديث يحفظهما ولم يكن له كتاب‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ ليس أحد أثبت من حماد بن زيد‏.‏
وفيها الهقل بن زياد الدمشقي الفقيه كاتب الأوزاعي‏.‏
قال ابن معين‏:‏ ما كان بالشام أوثق منه‏.‏
وقال مروان الطاطري‏:‏ كان أعلم الناس بالأوزاعي وبمجلسه وفتياه‏.‏
فيها هاج الهوى والعصبية بالشام بين اليمانية والنزارية وتفاقم الأمر واشتد الخطب‏.‏
وفيها كانت الزلزلة العظمى التي سقط منها رأس منارة الإسكندرية‏.‏
وفيها نزل الرشيد الرقة واتخذها وَطَنا‏.‏
وفيها توفي إسماعيل بن جعفر الأنصاري مولاهم المدني‏.‏
قارىء المدينة بعد نافع ومحدثها بعد مالك‏.‏
روى عن عبد الله بن دينار والعلاء بن عبد الرحمن وطائفة‏.‏
وفيها بشر بن منصور السليمي الأزدي البصري الزاهد‏.‏
روى عن أيوب وطبقته‏.‏
قال ابن المديني‏:‏ مارأيت أحدًا أخوف لله منه‏.‏
وكان يصلي كل يوم خمس مائة ركعة‏.‏
وقال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ ما رأيت أحدًا أقدمه عليه في الرقة والورع‏.‏
وفيها حفص بن سليمان الغاضري الكوفي قارىء الكوفة وتلميذ عاصم‏.‏
وقد حدث عن علقة بن مرثد وجماعة‏.‏
وعاش تسعين سنة‏.‏
وهو متروك الحديث حجة في القراءة‏.‏
وفيها صدقة بن خالد الدمشقي‏.‏
قرأ على يحيى الذماري‏.‏
وروى عن التابعين‏.‏
وكان من ثقات الشاميَين‏.‏
وفيها عبد الوارث بن سعيد التنوري الحافظ محدث البصرة بعد حماد ابن زيد‏.‏
ولد سنة وفيها أبو وهب عبيد الله بن عمرو الرقى الفقيهالجزيرة مُحدَث ومفتيها‏.‏
روى عن عبد الملك بن عُمَيْر وطبقته‏.‏
قال محمد بن سعد‏:‏ كان ثقة لم يكن أحد ينازعه في الفتوى في دهره يعني ببلده‏.‏
وفيها فضيل بن سليمان النميري بالبصرة‏.‏
روى عن أبي حازم الأعرج وصغارالتابعين‏.‏
وفيها مبارك بن سعيد أخو سفيان الثوري‏.‏
أبو عبد الرحمن الكوفي الضرير ببغداد‏.‏
روى عن عاصم بن أبي النجود وطائفة‏.‏
وهوثقة‏.‏
وفيها فقيه مكة أبو خالد مسلم بن خالد الزنجي وله ثمانون سنة‏.‏
روى عن ابن أبي مليكة والزهري وطائفة‏.‏
قال أحمد بن محمد الأزرقي‏:‏ كان فقيهًا عابدًا يصومُ الدهر‏.‏
وضعفه أبو داود وغيُره‏.‏
ولقب بالزنجي في صغره‏.‏
وكان أشقر‏.‏
وعليه تفقه الشافعي‏.‏
وفيها أبو المحياه يحيى بن يعلى التيمي الكوفي روى عن سلمة بن كهيل وطائفة‏.‏
وعمر وأسن‏.‏
وفيها الزاهدة الخاشعة رابعة العدوية بالبصرة ولها ثمانون سنة‏.‏
وفيها أمير الأندلس أبو الوليد هشام بن عبد الرحمن الداخل ابن معاوية الأموي المرواني وله

سبع وثلاثون سنة‏.‏
وولي الأمر ثمانية أعوام‏.‏
وكان متواضعًا حسن السيرة كثير الصدقات‏.‏
وقام بعده ابنه الحكم‏.‏
وفيها على الصحيح إمام أهل البصري في العربية سيبويه أبو بشرعمرو بن عثمان بن قنبر البصري مصَنفُ الكتاب في النحو‏.‏
وتلميذ الخليل‏.‏
عن بضع وثلاثين سنة‏.‏
سنة إحدى وثمانين ومائة فيها غزا الرشيد وافتتح حصن الصفصاف من أرض الروم بالسيف‏.‏
وسار عبد الملك بن صالح بن علي العباس حتى بلغ أنقرة وافتتح حصنًا‏.‏
وفيها توفي الامام محدث الشام ومفتي أهل حمص أبو عتبة إسماعيلُ بن عياش العنسي عن بضع وسبعين سنة‏.‏
روى عن شرحبيل بن مسلم ومحمد بن زياد الألهاني‏.‏
وخلق من التابعين بالشام والحرمين‏.‏
قال ابن معين‏:‏ هو ثقة في الشاميين‏.‏
وقال يزيد بن هارون‏:‏ ما رأيت شاميًا ولاعراقيًا أحفظ من إسماعيل بن عياش‏.‏
ما أدري ما الثوري‏.‏
وقال أبو اليمان‏:‏ كان إسماعيل جارنا فكان يحيي الليل‏.‏
وقال داود بن عمرو‏:‏ ما حدثنا إسماعيل إلا من حفظه‏.‏
وكان يحفظ نحوًا من عشرين ألف حديث‏.‏
وقيل توفي سنة اثنتين وثمانين‏.‏
ومناقبه كثيرة‏.‏
وفيها أبو المليح الرقي‏.‏
وله نيف وتسعون سنة واسمه الحسنُ بن عمر روى عن ميمون بن مهران‏.‏
وابن الزهري‏.‏
والكبار وثقه الإمام أحمد وغيره‏.‏
وفيها حفص بن ميسرة الصنعاني بعسقلان‏.‏
روى عن زيد بن أسْلَم وطبقته‏.‏
وكان ثقة صاحب حديث‏.‏
وفيها المعمَر أبو أحمد خلف بن خليفة الكوفي ببغداد‏.‏
وقد جاوز المائة بعام‏.‏
رأى عمرو بن حُرَيْث الصابي‏.‏
وروى عن مُحارب بن دثار وجماعة‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ َصدوق ثقة‏.‏
قلتُ‏:‏ هو أقدم شيخ للحسن بن عرفة‏.‏
وفيها الأمير حسن بن قحطبة بن شبيب الطائي وله أربع وثمانون سنة‏.‏
وكان من كبار قواد المنصور‏.‏
وفيها وقيل سنة ثمانين أبو معاوية عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب المهلبي البصري‏.‏
أحد المحثين والأشراف‏.‏
روى عن أبي جمرة الضبعي صاحب ابن عباس وغيره‏.‏
وفيها في رمضان الإمام العلم أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك الحنظلي مولاهم المروزي الفقيه الحافظ الزاهد ذو المناقب رحمه الله وله ثلاث وستون سنة‏.‏
سمع هشام بن عروة وحميد الطويل وهذه الطبقة‏.‏
وصنف التصانيف الكثيرة‏.‏
وحديثه نحو من عشرين ألف حديث‏.‏
قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه‏.‏
وقال شعبة‏:‏ ما قدم علينا مثله‏.‏
وقال أبو إسحاق الفزاري‏:‏ ابن المبارك إمام المسلمين‏.‏
وعن شعيب بن حرب قال‏:‏ ما لقي ابن المبارك مثل نفسه‏.‏
وقال غيره‏:‏ كانت له تجارة واسعة وكان ينفق على الفقراء في السنة مائة ألف درهم‏.‏
وكان يحج سنة ويغزو سنة‏.‏
كان استاذه تاجرًا فتعلم منه‏.‏
وكان ابوه تركيًا وأمه خوارزمية‏.‏
وقال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ كان ابن المبارك أعلم من سفيان الثوري‏.‏
قلت‏:‏ كان رأسا في العلم رأسا في العمل رأسا في الذكاء رأسًا في الشجاعة والجهاد رأسا في الكرم وقبره بهيت ظاهر يُزار رحمه الله‏.‏
وفيها أبو الحسن ابن علي بن هاشم بن البريد الكوفي الخزاز‏.‏
يروي عن الأعمش وأقرانه‏.‏
وكان شيعيًا جلْدًا‏.‏
وفيها قاضي مصر أبو معاوية المفضل بن فضالة القتباني الفقيه‏.‏
روى عن يزيد بن أبي حبيب وطائفة كثيرة‏.‏
وكان زاهدًا ورعًا قانتًا مُجاب الدعوة عاش أربعًا وسبعين سنة‏.‏
وفيها بالإسكندرية يعقوب بن عبد الرحمن القاري المدني‏.‏
روى عن زيد بن أسلم وطبقته فأكثر‏.‏
سنة اثنتين وثمانين ومائة في سملت الروم عيني طاغيتهم قسطنطين وملكوا عليهم أمة‏.‏
وفيها توفي عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي العمري مولاهم المدني روى عن أبيه وجماعة‏.‏
وهو ضعيف كثير الحديث‏.‏
وفيها عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي الكوفي الحافظ‏.‏
سمع من هشام بن عروة وجماعة‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ ما بالكوفة أعلم بالثوري من عبيد الله الأشجعي‏.‏
وفيها عمار بن محمد الثوري الكوفي ابن أخت سفيان‏.‏
روى عن منصور والأعش وعدة‏.‏
قال ابن عرفة‏:‏ كان لا يضحك وكنا لا نسك أنه من الأبدال‏.‏
وفيها أبو سفيان المعمري محمد بن حميد البصري نزيل بغداد وكان محدثًا مشهورًا ذا صلاح وعبادة‏.‏
رحل إلى معمر فلقب بالمعمري‏.‏
وفيها الوليد بن محمد الموقري البلقاوي والموقر حصين بالبلقاء‏.‏
وهو من ضعفاء أصحاب الزهري‏.‏
وفيها على الأصح عالم أهل الكوفة أبو زكريا يحيى بن أبي زائدة الكوفي الحافظ روى عن أبيه وعاصم الأحول‏.‏
وطبقتهما‏.‏
وعاش ثلاثًا وستين سنة‏.‏
قال علي بن المديني‏:‏ انتهى العلم في زمانه إليه‏.‏
ما كان بالكوفة بعد الثوري أثبت منه‏.‏
وقال غيره‏:‏ ولي قضاء المدينة وبها توفي رحمه الله‏.‏
وفيها الحافظ الثبت أبو معاوية يزيد بن زريع العيشي‏.‏
بالبصرة‏.‏
روى عن أيوب السختياني وطبقته‏.‏
قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ كان ريحانة البصرة ما أتقنه وما أحفطه‏!‏
وقال نصر بن علي الجهضمي‏:‏ رأيت يزيد بن زريع في النوم فقلت‏:‏ ما فعل الله بك قال‏:‏ دخلت الجنة‏.‏
قلت‏:‏ بماذا قال‏:‏ بكثرة الصلاة‏.‏
وفيها في شهر ربيع الآخر القاضي أبو يوسف واسمه يعقوبُ بن إبراهيم الكوفي قاضي القضاة‏.‏
وهو أول من دعي بذلك‏.‏
تفقه على الإمام أبي حنيفة وسمع من عطاء بن السائب وطبقته‏.‏
قال يحيى بن معين‏:‏ كان القاضي أبو يوسف يحب أصحاب الحديث ويميل إليهم‏.‏
وقال محمد بن سماعة‏:‏ كان أبو يوسف يصلي بعد ما ولي القضاء في كل يوم مائتي ركعة‏.‏
وقال يحيى بن يحيى النيسابوري‏:‏ سمعت أبا يوسُف يقول عند وفاته‏:‏ كل ما أفتيت به فقد رجعت عنه إلا ما وافق الكتاب والسنة‏.‏
قلت‏:‏ كان أبو يوسف مع سعة علمه أحد الأجواد الأسخياء‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ يكتب حديثه‏.‏
وقال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ صدوق‏.‏
وفيها توفي أمير عرب الشام القيسية وفارسهم البطل أبو الهيذام عامر بن عمارة المري سنة ثلاث وثمانين ومائة
فيها خرج الخزرُ لعنهم الله‏.‏
و من قصتهم أن ستيت إبنة ملك الترك خاقان خطبها الأمير الفضل بن يحيى البرمكي وحُملت إليه في عام أول‏.‏
فماتت في الطريق ببرذعة فرد من كان معها في خدمتها من العساكر وأخبروا خاقان أنها قتلت غيلة‏.‏
فاشتد غضبه وتجهز للشر وخرج بجيوشه من الباب الحديد وأوقع بأهل الإسلام وبالذمة وقتل وسبى وبدع وبلغ السبي مائة ألف وعظمت المصيبة على المسلمين‏.‏
فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏
فانزعج هارون الرشيد واهتم لذلك وجهز البعوث‏.‏
فاجتمع المسلمون وطردوا العدو عن إرمينية ثم سدوا الباب الذي خرجوا منه‏.‏
وفيها توفي الإمام أبو معاوية هشيم بن بشير السلمي الواسطي محدث بغداد‏.‏
روى عن الزهري وطبقته‏.‏
قال يعقوب الدورقي‏:‏ كان عند هشيم عشرون ألف حديث‏.‏
وقال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ هشيم أحفظ للحديث من الثوري‏.‏
وقال يحيى القطان‏:‏ هو أحفظ من رأيت بعد سفيان وشعبة‏.‏
وقال ابن أبي الدنيا‏:‏ حدثني من سمع عمرو بن عون يقول‏:‏ مكث هشيم يصلي الفجر بوضوء العشاء عشر سنين قبل موته‏.‏
وفيها الواعظُ ابن السماك أبو العباس محمد بن صبيح الكوفي الزاهدُ‏.‏
مولى بني عجل‏.‏
روى عن الأعمش وجماعة‏.‏
وكان كبير القدر‏.‏
دخل على الرشيد فوعظه وخوفه‏.‏
وفيها أبو محمد زياد بن عبد الله البكائي العامري الكوفي صاحب المغازي‏.‏
وهو أوثق الناس في ابن إسحاق‏.‏
وسمع بن عبد الملك بن عُمير ومنصور والكبار‏.‏
وفيها السيد أبو الحسن موسى الكاظم ولد جعفر الصادق وَوالد عليَ ابن موسى الرضا‏.‏
ولد ثمان وعشرين ومائة وروى عن أبيه‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ ثقة إمام من أئمة المسلمين‏.‏
وقال غيره‏:‏ أقدمه الرشيد معه من المدينة فحبسه ببغداد ومات في الحبس رحمه الله‏.‏
وكان صالحًا عابدًا جوادًا حليمًا كبير القدر‏.‏
وفيها شيخ إصبهان وعالمها أبو المنذر النعمان بن عبد السلام التيمي تيم الله من ثعلبة‏.‏
وكان فقيهًا إمامًا زاهدًا عابدًا صاحب تصانيف‏.‏
أخذ عن الثوري وأبي حنيفة وطائفة‏.‏
وفيها الفقيه أبو عبد الرحمن يحيى بن حمزة الحضرمي البتهلي قاضي دمشق ومحدثها وله ثمانون سنة‏.‏
قال دحيم‏:‏ هو ثقة عالم‏.‏

سنة أربع وثمانين ومائة فيها توفي الفقيه أبو إسحاق أبو إبراهيم بن سعد الزهري العوفي المدني قاضي المدينة ومحدثها وله خمس وسبعون سنة‏.‏
وقيل توفي في العام الماضي‏.‏
سمع أباه والزهري وجماعة‏.‏
وفيها الفقيه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي مولاهم روى عن الزهري وابن المنكدر وطبقتهما‏.‏
يروي عنه الشافعي فيقول‏:‏ أخبرني من لا أتهم‏.‏
وقال‏:‏ قدريًا‏.‏
وقال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ كان قدريًا معتزليًا جهميًا كل بلاء فيه لا يكتب حديثه‏.‏
وقال البخاري‏:‏ جهمي تركه الناس‏.‏
وقال ابن عدي‏:‏ لم أر له حديثًا منكرًا إلا عن شيوخ يحتملون وله كتاب الموطأ أضعاف موطأ مالك‏.‏
وفيها الزاهد العمري بالمدينة واسمه عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب روى عن أبيه‏.‏
وكان إمامًا فاضلًا رأسًا في الزهد والورع‏.‏
وفيها فقيه أهل المدينة أبو تمام عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار‏.‏
أخذ عن أبيه وزيد بن أسلم وطائفة‏.‏
وقال ابن سعد‏:‏ ولد سنة سبع ومائة ومات ساجدًا رحمة الله عليه‏.‏
وفيها علي بن غراب الكوفي القاضي‏.‏
روى عن هشام بن عروة وطبقته‏.‏
وفيها مروان بن شجاع الجزري ببغداد‏.‏
روى عن خصيف وعبد الكريم بن مالك‏.‏
وفيها أو في التي مَضَتَ نُوح بن قيس الُحَدانيّ الطاحي البصري‏.‏
روى عن محمد بن واسع وطبقته‏.‏
سنة خمس وثمانين ومائة فيها وقيل في التي تليها توفي الإمام القارىء القدوة أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد بن الحارث الكوفي نزيل ثغر المصيصَة‏.‏
روى عن عبد الملك بن عمير وطبقته‏.‏
ومن جلالته روى عنه الأوزاعي حديثًا فقيل له‏:‏ من حدثك بهذا قال‏:‏ حدثني الصادق المصدق أبو إسحاق الفزاريَ‏.‏
وقال الفضل بن عياض‏:‏ ربُما اشتقت إلى المصيصة ما بي فضل الرباط بل لأرى أبا إسحاق الفزاري‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان إمامًا قانتًا مجاهدًا مرابطًا أمارًا بالمعروف إذا رأى بالثغر مبتدعًا أخرجه‏.‏
وفيها الأمير عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس شيخُ آل العبّاس وبقية عمومة المنصور‏.‏
روى عن أبيه عن جده ابن عباس وكان ذا قعدد في النسب‏.‏
ولي إمرة البصرة مرة إمرة دمشق‏.‏
وفيها ضمام بن إسماعيل المصري بالإسكندرية‏.‏
روى عن أبي قبيل المعافري وطبقته‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ كان صدوقًا متعبدًا‏.‏
قلتُ‏:‏ لم يخرجوا له في الكتب الستة شيئًا‏.‏
وهو من مشاهير المحدثين‏.‏
وفيها عُمرُ بن عبيد الطنافسي الكوفي‏.‏
وكان أكبر إخونه‏.‏
روى عن سماك بن حرب وطبقته‏.‏
وفيها المطّلبُ بن أبي زياد الكوفي‏.‏
روى عن زياد بن علاقة والكبار‏.‏
وثقه أحمد وابن معين‏.‏
وفيها على الأصح المُعافى بن عمران الإمام أبو مسعود الأزدي‏.‏
عالم أهل الموصل وزاهدهم‏.‏
رَحَلَ وطَوَف وسمع من ابن جُرَيَّح وطبقته‏.‏
ذكره سفيان الثوري فقال‏:‏ هو ياقوتةُ العلماء‏.‏
وقال محمد بن عبد الله بن عمار الحافظ‏:‏ لم ألق أفضلَ منه‏.‏
وقال ابن سعد‏:‏ كان ثقةً فاضلًا صاحبَ سُنَة‏.‏
وكان ابنُ المبارك وهو أسن منه‏.‏
يقول‏:‏ حدثني ذاك الرجل الصالح‏.‏
وفيها يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون المدنيّ ابن عم عبد العزيز الماجشون‏.‏
روى
وفيها أمير دمشق للرشيد محمد بن ابراهيم الإمام بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس العباسي‏.‏
سنة ست وثمانين ومائة فيها سار علي بن عيسى بن ماهان في الجيوش من مرو فالتقى هو وأبو الخصيب بنسا‏.‏
فظفر بأبي الخصيب واستقامت خراسان للرشيد‏.‏
وفيها توفي حاتم بن اسماعيل المدني‏.‏
روى عن هشام بن عُروة وطبقته‏.‏
وكان ثقة كثير الحديث‏.‏
وقيل مات في التي تليها‏.‏
وفيها حسان بن إبراهيم الكرماني قاضي كرمان يروي عن عاصم الأحول وجماعة‏.‏
وفيها خالد بن الحارث أبو عثمان البصري الحافظ‏.‏
روى عن أيوب وخلق‏.‏
قال الإمام أحمد‏:‏ إليه المنتهى في التثبت بالبصرة‏.‏
وفيها سفيان بن حبيب البصري البزاز روى عن عاصم الأحول وطائفة‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ ثقة‏.‏
أعلم الناس بحديث سعيد بن أبي عروبة‏.‏
وفيها أو في التي تليها‏.‏
عباد بن العوام الواسطي ببغداد‏.‏
روى عن أبي مالك الأشجعي
وفيها عيسى بن موسى غنجار أبو أحمد البخاري‏.‏
محدث ما وراء النهر رحل وحمل عن سفيان الثوري وطبقته‏.‏
قال الحاكم‏:‏ هو إمام عصره طلب العلم على كبر السن وطوف‏.‏
يروي عن أكثر من مائة شيخ من المجهولين‏.‏
وحديثه الثقات مستقيم‏.‏
وفيها فقيه المدينة أبو هاشم المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي وله اثنتان وستون سنة‏.‏
روى عن هشام بن عروة وطبقته‏.‏
قال الزبير بن بكّار‏:‏ عرض عليه الرشيد قضاء المدينة فامتنع‏.‏
فأعفاه ووصله بألفي دينار‏.‏
وكان فقيه المدينة بعد مالك‏.‏
سنة سبع وثمانين ومائة فيها خلعت الروم من الملك الست ريني وهلكت بعد أشهر‏.‏
وأقاموا عليهم نقفور‏.‏
والروم تزعم أن تقفور من ولد جفنة الغساني الذي تنصّر‏.‏
وكان نقفور قبل الملك يلي نظر الديوان‏.‏
فكتب نقفور هذا الكتاب من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيدق‏.‏
فحملت إليك من أموالها وذلك لضعف النساء وحمقهن‏.‏
فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل قبلك وافتد نفسك وإلا فالسيفُ بيننا‏.‏
فلما قرأ الرشيد الكتاب اشتد غضبه وتفرق جلساؤه خوفًا من بادرة تقعُ منه‏.‏
ثم كتب بيده على ظهر الكتاب‏:‏ من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم‏:‏ قرأت كتابك يا ابن الكافرة‏.‏
والجواب ما تراه دون ما تسمعه‏.‏
ثم ركب من يومه وأسرع حتى نزل على مدينة هرقلة وأوطأ الروم ذلًا وبلاءً‏.‏
فقتل وسبى‏.‏
وذل نقفور وطلب الموادعة على خراج يحملُه‏.‏
فأجابه‏.‏
فلما رد الرشيد إلى الرقة نقض نقفور‏.‏
فلم يجسر أحد أن يبلغ الرشيد حتى عملت الشعراء أبياتًا يلوحون بذلك‏.‏
فقال أو قد فعلها فكر راجعًا في مشقة الشتاء حتى أناخ بفنائه ونال منه مراده‏.‏
وفي ذلك يقول أبو العتاهية‏:‏ ألا نَادَتْ هرَقّلةْ بالخراب منَ الملكِ الموفق للصواب غدا هارونُ يُرعد بالمنايا ويُبرق بالمذكرة الصعاب وفيها توفي أو في التي قبلها بشر بن المفضل أحدُ حفاظ البصرة‏.‏
روى عن سهل بن أبي صلح وخالد الحذاء‏.‏
وطائفة‏.‏
قال علي المديني‏:‏ كان يصلي كل يوم أربع مائة ركعة ويصوم يومًا ويفطر يومًا رحمه الله‏.‏
وفيها محمد بن عبد الرحمن الطفاوي البصري‏.‏
سمع أيوب السختياني وجماعة‏.‏
وفيها رباح بن زيد الصنعاني صاحب معمر‏.‏
قال أحمد‏:‏ كان خيارًا‏.‏
ما أرى في زمانه من كان خيرًا منه‏.‏
انقطع في بيته‏.‏
وفيها عبد الرحيم سليمان الرازي نزيل الكوفة‏.‏
كان ثقة صاحب حديث‏.‏
له تصانيف‏.‏
روى عن عاصم الأحول وخلق‏.‏
وفيها عبد السلام بن حرب الملاني الكوفي الحافظ‏.‏
وله ست وتسعون سنة‏.‏
روى عن أيوب السختياني وطبقته‏.‏
وفيها عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري الحافظ‏.‏
روى عن أبي عمران الجوني والكبار‏.‏
يكنى أبا الصمد‏.‏
وفيها أبو محمد عبد العزيز بن محمد الدراوردي المدني‏.‏
روى عن صفوان بن سليم وخلق‏.‏
وكان فقيهًا صاحب حديث‏.‏

وفيها علي بن نصر بن علي الجهضمي‏.‏
والد نصر بن علي‏.‏
روى عن هشام الدستوائي وأقرانه‏.‏
وفيها أبو الخطاب محمد بن سواء السدوسي البصري المكفوف الحافظ‏.‏
سمع من حسين المعلم‏.‏
وأكثر عن أبي عروبة‏.‏
وفيها الإمام أبو محمد معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي الحافظ‏.‏
أحد شيوخ البصرة‏.‏
وله إحدى وثمانون سنة‏.‏
روى عن عن أبيه ومنصور وخلق لا يحصون‏.‏
قال قرة بن خالد‏:‏ ما معتمر عندنا بدون أبيه‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان عابدًا صالحًا حجة‏.‏
وفيها غضب الرشيد على البرامكة وضرب عنق جعفر بن يحيى البرمكي الوزير أحد الأجواد والفصحاء‏.‏
وفيها توفي معاذ بن مسلم الكوفي النحوي شيخ الكسائي عن نحو مائة سنة وهو الذي سارت فيه هذه الكلمة‏:‏ إن معاذ بن مسلم رجل ليس لميقات عمره أمد الأبيات‏.‏

وفيها في الأبيات في المحرم شيخ الحجاز الإمام أبو علي الفضيل بن عياض التميمي المروزي الزاهد‏.‏
أحد الأعلام‏.‏
الذي قال فيه ابن المبارك‏:‏ ما بقي على ظهر الأرض أفضل من الفضيل بن عياض‏.‏
وكان قد قدم الكوفة شابًا فحمل عن منصور وطبقته‏.‏
قال شريك‏:‏ القاضي فضيل حجة لأهل زمانه‏.‏
سنة ثمان وثمانين ومائة فيها غزا المسلمون الروم من درب الصفصاف والتقوا فجرح الملك نقفور ثلاث جراحات‏.‏
وانهزم وقتل من جيشه عدة ألوف‏.‏
وفيها توفي محدث الري الحافظ أبو عبد الله جرير بن عبد الحميد الضبي‏.‏
وله ثمان وسبعون سنة‏.‏
روى عن منصور وطبقته من الكوفيين ورحل إليه الناس لثقته وسعة علمه‏.‏
وفيها رشدين بن سعد المهري‏.‏
محدث مصر لكنه ضعيف وفيه دين وصلاح‏.‏
روى عن زبان بن فائد وحميد بن هانئ وخلق كثير‏.‏
وفيها عبدة بن سليمان الكلابي الكوفي‏.‏
روى عن عاصم الأحول وطبقته‏.‏
قال أحمد‏:‏ ثقة
وفيها وقيل في سنة تسعين‏.‏
عتاب بن بشير الحراني صاحب خصيف‏.‏
وكان صاحب حديث‏.‏
وفيها عقبة بن خالد السكوني الكوفي‏.‏
روى عن هشام بن عروة وطبقته‏.‏
وفيها أو في سنة تسعين محمد بن يزيد الواسطي عن إسماعيل بن أبي خالد وجماعة‏.‏
وفيها عمر بن أيوب الموصلي المحدث الزاهد‏.‏
رحل وسمع من جعفر بن برقان وطبقته‏.‏
قال ابن معين‏:‏ ثقة مأمون‏.‏
وقال ابن عمار‏:‏ ما رأيته يذكر الدنيا‏.‏
وفيها مقرئ الكوفة سليم بن عيسى الحنفي مولاهم‏.‏
صاحب حمزة‏.‏
تصدر لإقراء الناس مدة عليه دارت قراءة حمزة‏.‏
وفيها على الصحيح الإمام أبو عمرو عيسى بن بن أبي إسحاق السبيعي‏.‏
رأى جده وسمع من إسماعيل بن أبي خالد وخلق من طبقته‏.‏
وروى عنه من الكبار حماد بن أبي سلمة وهو أكبر منه‏.‏
ذكر لابن المديني فقال‏:‏ بخ بخ ثقة مأمون‏.‏
وقال أحمد بن داود الحداني‏:‏ سمعت عيسى بن يونس يقول‏:‏ لم يكن في أسناني أبصر بالنحو مني فدخلتني منه نخوة فتركته‏.‏
وقال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ الذي كنا نخبر أن عيسى سنة في الغزو وسنة في الحج‏.‏
فقدم بغداد
وفيها أو في السنة الماضية مرحوم بن عبد العزيز العطار بالبصرة‏.‏
كان محدثًا صالحًا عابدًا‏.‏
روى عن أبي عمران الجوني والكبار‏.‏
قال الخريبي‏:‏ ما رأيت بصريًا أفضل منه ومن سليمان بن المغيرة‏.‏
وفيها يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية الكوفي روى عن العلاء بن المسيب وعدة‏.‏
وكان بن عباد المحدثين‏.‏
قال أحمد العجلي‏:‏ قالوا له‏:‏ دواء عينيك ترك البكاء‏.‏
قال‏:‏ فما خيرهما إذًا سنة تسع وثمانين ومائة فيها كان الفداء الذي لم يسمع بمثله حتى لم يبق بأيدي الروم مسلم إلا فودي به‏.‏
وفيها توهم الرشيد في علي بن عيسى بن علي بن ماهان أمير خراسان الخروح فسار حتى نزل بالري‏.‏
فبادر إليه علي بأموال وجواهر وتحف تتجاوز الوصف‏.‏
فأعجب الرشيد ورده على عمله‏.‏
وفيها توفي في صحبة الرشيد شيخ القراءات والنحو الإمام أبو الحسن علي بن حمزة الأسدي الكوفي الكسائي‏.‏
أحد السبعة‏.‏
قرأ على حمزة وأدب الرشيد وولده الأمين‏.‏
وهو من تلامذة قال الشافعي‏:‏ من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي‏.‏
وفيها توفي في صحبة الرشيد أيضًا بالري قاضي القضاة وفقيه العصر أبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني مولاهم‏.‏
الكوفي المنشأ‏.‏
ولد بواسط وعاش سبعًا وخمسين سنة‏.‏
وسمع أبا حنيفة ومالك بن مغول وطائفة‏.‏
وكان من أذكياء العالم‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ ما رأيت أعلم بكتاب الله منه‏.‏
قال الشافعي‏:‏ لو أشاء أن أقول تنزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلت لفصاحته وقد حملت عنه وقر بختي‏.‏
وقال محمد بن الحسن‏:‏ خلف أبي ثلاثين ألف درهم فأنفقت نصفها على النحو بالري‏.‏
وأنفقت الباقي على الفقه ولما توفي هو والكسائي قال الرشيد‏:‏ دفنا الفقه والنحو بالري‏.‏
قال الخطيب‏:‏ وولي القضاء بعد محمد بن الحسن علي بن حرملة التيمي صاحب أبي حنيفة‏.‏
وفيها أو محمد عبد الأعلى بن عبد الأعلى الشامي البصري‏.‏
أحد علماء الحديث‏.‏
سمع من حميد الطويل وطبقته‏.‏
وفيها أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان الكوفي أحد الكبار روى عن أبي مالك الأشجعي وخلق من طبقته‏.‏

فيها قاضي الموصل علي بن مسهر‏.‏
أبو الحسن الكوفي الفقيه‏.‏
روى عن أبي مالك الأشجعي وأقرانه‏.‏
قال أحمد‏:‏ هو أثبت من ابن أبي معاوية في الحديث‏.‏
وقال أحمد العجلي‏:‏ ثقة جامع للفقه والحديث‏.‏
وفيها حكام بن سلم الرازي‏.‏
يروي بن حميد الطويل وطبقته‏.‏
وفيها وقيل قبلها بعام يحيى بن اليمان العجلي الكوفي الحافظ‏.‏
روىعن هشام بن عروة وإسماعيل بن أبي خالد وطائفة‏.‏
ذكره أبو بكر بن عياش فقال‏:‏ ذاك راهب‏.‏
وعن وكيع قال‏:‏ ما كان أحد من أصحابنا أحفظ منه‏.‏
كان يحفظ في المجلس خمس مائة حديث ثم نسي‏.‏
وقال ابن المديني‏:‏ صدوق ثقة تغير من الفالج‏.‏
وفيها أو في حدودها‏.‏
محمد بن مروان السدوسي الصغير الكوفي المفسر صاحب الكلبي وهو متروك الحديث‏.‏
فيها فتح هرقلة في شوال‏.‏
استعد للرشيد وأمعن في بلاد الروم‏.‏
فدخلها في مائة ألف وبضعة وثلاثين ألفًا سوى المجاهدين تطوعًا‏.‏
وبث جيوشه تغير وتغنم وتخرب‏.‏
ولما افتتح هرقلة أخربها وسبى أهلها‏.‏
وكان مقامه عليها شهرًا‏.‏
وسارت فرقة فافتتحت حصن الصقالبة‏.‏
وفرقة افتنحت حصن الصفصاف ومقدونية‏.‏
وركب حميد بن معيوف في البحر فغزا قبرس فخرب وسبى وأحرق وبلغ السبي من قبرس ستة عشر ألفًا‏.‏
وكان فيهم أسقف قبرس ابن علية فنودي عليه فبلغ ألفي دينار وبعث نقفور الجزية عن رأسه وامرأته وخواصه‏.‏
فكان ذلك خمسين ألف دينار‏.‏
وبعث إلى الرشيد يخضع له ويلتمس منه أن لا يخرب حصونًا سماها‏.‏
فاشترط عليه الرشيد أن لا يعمر هرقلة وأن يحمل في العام ثلاث مائة ألف دينار‏.‏
وكتب نقفور إليه‏:‏ أما بعد فلي إليك حاجة أن تهب لي لابني جارية من سبي هرقلة كنت خطبتها له فأسعفني بها‏.‏
فأحضر الرشيد الجارية فزينت‏.‏
وأرسل معها سرادقًا وتحفًا‏.‏
فأعطى نقفور للرسول خمسين ألفًا وثلاثين مائة ثوب وبراذين وبزاة‏.‏
وفيها توفي الفقيه أسد بن عمرو البجلي الكوفي صاحب أبي حنيفة وقاضي بغداد‏.‏
وفيها قارىء مكة في زمانه إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين المخزومي مولاهم‏.‏
المعروف
وفيها أبو عبيدة الحداد البصري نزيل بغداد‏.‏
واسمه عبد الواحد بن واصل‏.‏
روى عن عوف الأعرابي وعدة‏.‏
وفيها عبيده بن حميد الكوفي الحذاء الحافظ وله بضع وثمانون سنة‏.‏
روى عن الأسود بن قيس ومنصور والكبار‏.‏
وكان صاحب قرآن وحديث ونحو أدب الأمين بعد الكسائي‏.‏
وفيها عمر بن علي المقدمي أبو حفص البصري‏.‏
كان حافظًا مدلسًا‏.‏
كان يقول‏:‏ ثنا‏.‏
يقول‏:‏ سمعت‏.‏
ثم يسكت‏.‏
ثم يقول‏:‏ هشام بن عروة وينوي القطع‏.‏
وفيها عطاء بن مسلم الخفاف‏.‏
كوفي صاحب حديث ليس بالقوي‏.‏
نزل حلب‏.‏
وروى عن محمد بن سوقة وطبقته‏.‏
وفيها حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي الكوفي‏.‏
روى عن الأعمش وطبقته‏.‏
قال أبو بكر بن أبي شيبة‏:‏ قل من رأيت مثله‏.‏
وفيها يحيى بن خالد البرمكي‏.‏
توفي في سجن الرشيد‏.‏
وله سبعون سنة‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 05:55 PM

سنة إحدى وتسعين ومائة فيها توفي سلمة بن الفضل الأبرش
قاضي الري وراوي المغازي عن ابن إسحاق‏.‏
وهو مختلف وفيها الإمام أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم العتقي مولاهم‏.‏
المصري الفقيه صاحب مالك‏.‏
وله ستون سنة‏.‏
وقد أنفق أموالًا كبيرة في طلب العلم‏.‏
ولزم مالكًا مدة‏.‏
وسأله عن دقائق الفقه‏.‏
وفيها الفضل بن موسى السيناني شيخ مرو ومحدثها وسينان من قرى مرو‏.‏
ارتحل وكتب الكثير‏.‏
وحدث بن هشام بن عروة وطبقته‏.‏
قال أبو نعيم الكوفي‏:‏ هو أثبت من ابن المبارك‏.‏
وقال وكيع‏:‏ أعرفه ثقة صاحب سنة‏.‏
وفيها محمد بن سلمة الحراني الفقيه‏.‏
محدث حران ومفتيها‏.‏
روى عن هشام بن حبان وطبقته‏.‏
قال ابن سعد‏:‏ كان ثقة فاضلًا له رواية وفتوى‏.‏
وفيها مخلد بن الحسين الأزردي المهلبي البصري‏.‏
نزيل المصيصة‏.‏
وكان من عقلاء زمانه وصلحائهم‏.‏
وفيها معمر بن سليمان الرقي‏.‏
روى عن إسماعيل بن أبي خالد وطبقته‏.‏
وكان من أجلاء المحدثين‏.‏
ذكره الإمام أحمد فذكره من فضيلته وهيبته‏.‏
وقال أبو عبيد‏:‏ كان من خير من رأيت‏.‏

فيها أول ظهور الخرمية المارقة بجبال أذربيجان‏.‏
فغزاهم حازم ابن خزيمة فقتل وسبى‏.‏
وفيها توفي الإمام الكبير أبو محمد عبد الله إدريس الأزدي الكوفي الحافظ العابد‏.‏
روى عن حصين بن عبد الرحمن وطبقته‏.‏
وقد روى عن مالك مع تقدمه وجلالته‏.‏
قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ كان عبد الله بن إدريس نسيج وحده‏.‏
وقال ابن عرفة‏:‏ ما رأيت بالكوفة أفضل منه‏.‏
وقال أبو حاتم‏:‏ هو إمام من أئمة المسلمين حجة‏.‏
وقال غيره‏:‏ لم يكن بالكوفة أعبد لله منه‏.‏
عاش اثنتين وسبعين سنة‏.‏
وفيها علي بن ظبيان العبسي الكوفي القاضي أبو الحسن ولي قضاء الجانب الشرقي ببغداد ثم ولي قضاء القضاة وروى عن أبي حنيفة وإسماعيل بن أبي خالد‏.‏
وكان محمود الأحكام دينا متواضعًا ضعيف الحديث‏.‏
وفيها الأمير الفضل بن يحيى البرمكي أخو جعفر البرمكي مات في السجن وقد ولي أعمالًا جليلة‏.‏
وكان أندى كفًا من جعفر مع كبر وتيه‏.‏
له أخبار في السخاء المفرط حتى إنه وصل مرة بعض أشراف العرب بخمسين ألف دينار‏.‏
وفيها مفتي الأندلس وخطيب قرطبة صعصعة بن سلام الدمشقي‏.‏

سنة ثلاث وتسعين ومائة فيها سار الرشيد إلى خراسان ليمهد قواعدها‏.‏
وكان قد بعث في العام الماضي هرثمة بن أعين فقبض له على الأمير بن عيسى بن ماهان بحيلة وخديعة واستصفى أمواله وخزائنه فبعث بها الرشيد وهو بجرجان‏.‏
على ألف وخمسين مائة جمل‏.‏
ثم سار إلى طوس في صفر‏.‏
وهو عليل‏.‏
وكان رافع بن الليث قد استولى على ما وراء النهر وعصى فالتقى جيشه وعليهم أخوه هم وهرثمة فهزمهم‏.‏
وقتل أخو رافع‏.‏
وملك هرثمة بخارى‏.‏
وفيها توفي في ذي القعدة‏.‏
توفي الإمام العلم أبو بشر إسماعيل بن علية الأسدي‏.‏
مولاهم البصري‏.‏
واسم أبيه إبراهيم بن مقسم‏.‏
وعلية أمه‏.‏
سمع أيوب وطبقته‏.‏
قال فهد بن هارون‏:‏ دخلت البصرة وما بها أحد يفضل في الحديث علي بن علية‏.‏
وقال الإمام أحمد‏:‏ إليه المنتهى في التثبت بالبصرة‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ كان ثقة ورعًا تقيًا‏.‏
وقال شعبة‏:‏ ابن علية سيد المحدثين‏.‏
وتوفي بعده بأيام محمد بن جعفر غندر الحافظ أبو عبد الله البصري صاحب شعبة‏.‏
وقد قال ابن معين‏:‏ كان من أصح الناس كتابًا‏.‏
وقال آخر‏:‏ مكث غندر خمسين سنة يصوم يومًا ويفطر يوما‏.‏
وفيها مخلد بن يزيد الحراني محدث رحال‏.‏
روى عن يحيى بن سعيد الأنصاري وطبقته‏.‏
وفيها في ذي الحجة أبو عبد الله مروان بن معاوية الفزاري الكوفي الحافظ نزيل دمشق‏.‏
وابن عم أبي إسحاق الفزاري‏.‏
روى عن حميد الطويل وطبقته‏.‏
قال الإمام أحمد‏:‏ ثبت حافظ‏.‏
وقال ابن المديني‏:‏ ثقة فيما روى عن المعروفين‏.‏
وفيها الإمام أبو بكر بن عياش الأسدي مولاهم الكوفي الخياط‏.‏
شيخ الكوفة في القراءة والحديث‏.‏
وله بضع وتسعون سنة‏.‏
كان من شيخ من أجل أصحاب عاصم‏.‏
قطع الإقراء بن قبل موته بتسع عشرة سنة‏.‏
وقال ابن المبارك‏:‏ ما رأيت أحدًا أسرع إلى السنة من أبي بكر بن عياش‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان لا يفر من التلاوة قرأ اثني عشر ألف ختمة‏.‏
وقيل أربعة وعشرين ألف ختمة‏.‏
وفيها العباس بن الأحنف أحد الشعراء المجيدين ولاسيما في الغزل‏.‏
وفي ثالث جمادى الآخر توفي هارون الرشيد أبو جعفر بن المهدي محمد بن المنصور عبد الله

العباسي بطوس‏.‏
وكانت أيامه ثلاثًا وعشرين سنة‏.‏
ومولده بالري سنة ثمان وأربعين ومائة‏.‏
روى عن أبيه وجده‏.‏
مبارك بن فضالة‏.‏
وحج مرات في خلافته‏.‏
وغزا عدة غزوات حتى قيل فيه‏:‏ فمن يطلب لقائك أو يرده فبالحرمين أو أقصى الثغور وكان شهمًا شجاعًا حازمًا جوادًا ممدحًا فيه دين وسنة مع انهماكه على اللذات والقيان‏.‏
وكان أبيض طويلًا سمينًا مليحًا قد خطه الشيب‏.‏
ورد أنه كان يصلي في اليوم مائة ركعة إلى أن مات ويتصدق كل يوم من صلب ماله بألف درهم‏.‏
وكان يخضع للكبار ويتأدب معهم‏.‏
وعظه الفضيل‏.‏
وابن السماك وغيرهما‏.‏
وله مشاركة قوية في الفقه والعلم والأدب‏.‏
وفيها وقيل بعدها‏.‏
فقيه الأندلس زياد بن عبد الرحمن اللخمي شبطون صاحب مالك‏.‏
وعليه تفقه يحيى بن يحيى قبل أن يرحل الى مالك‏.‏
وكان زياد ناسكًا ورعًا أريد على القضاء فهرب‏.‏
وفيها نقفور ملك الروم في حرب برجان‏.‏
وكانت مملكته تسعة أعوام‏.‏
فملك بعده ابنه شهرين وهلك‏.‏
فملك زوج أخته ميخائل بن جرجس لعنهم الله‏.‏
سنة أربع وتسعين ومائة فيها وثب الروم على ملكهم ميخائيل فهرب وترهب‏.‏
وقام بعده ليون القائد‏.‏
وفيها مبدأ الفتنة بين الأمين والمأمون‏.‏
وكان الرشيد أبوهما قد عقد بالعهد للأمين ثم من بعده للمأمون‏.‏
وكان المأمون على إمرة خراسان‏.‏
فشرع الأمين في العمل على خلع أخيه ليقدم ولده ابن خمس سنين وأخذ يهدي الأموال للقواد ليقوموا معه في ذلك‏.‏
ونصحه أولو الرأي فلم يرعو حتى آل الأمر إلى أن قتل‏.‏
وفي آخرها توفي الإمام أبو عمر حفص بن غياث بن طلق النخعي قاضي الكوفة وقاضي بغداد‏.‏
روى عن الأعمش وطبقته‏.‏
وعاش خمسًا وسبعين سنة‏.‏
قال يحيى القطان‏:‏ حفص أوثق أصحاب الأعمش‏.‏
وقال سجادة‏:‏ كان يقال ختم القضاء يحفص بن غياث‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ جميع ما حدث به حفص بالكوفة وبغداد فمن حفظه‏.‏
وقال حفص‏:‏ والله ما وليت القضاء حتى حملت لي الميتة‏.‏
وفيها سويد بن عبد العزيز الدمشقي قاضي بعلبك‏.‏
قرأ القرآن على يحيى الزماري‏.‏
وروى عن أبي الزبير المكي‏.‏
والكبار وعاش بضعًا وثمانين سنة‏.‏
ضعفوه‏.‏
وفيها عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي محدث البصرة‏.‏
روى عن أيوب السختياني‏.‏
ومالك بن دينار‏.‏
وطبقتهما‏.‏
وقال أبو إسحاق النظام المتكلم وذكر عبد الوهاب‏:‏ هو والله أحلى من أمن من بعد خوف‏.‏
وبرء بعد سقم وخصب بعد جذب وغنى بعد فقر ومن إطاعة المحبوب ومن فرج المكروب‏.‏
وفيها محمد بن أبي عدي البصري المحدث‏.‏
وروى عن حميد وطبقته‏.‏
وكان أحد االثقات الكبار‏.‏
وفيها محمد بن حرب الخولاني الأبرش الحمصي قاضي دمشق‏.‏
روى عن الزبيدي فأكثر‏.‏
وعن محمد بن زياد الألهاني وكان حافظًا مكثرًا‏.‏
وفيها يحيى بن سعيد بن أبان الأموي الكوفي الحافظ ولقبه جمل‏.‏
روى عن الأعمش وخلق‏.‏
وحمل المغازي عن ابن إسحاق واعتنى بها وزاد فيها أشياء‏.‏
وفيها استشهد في غزوة أبو علي شقيق البلخي الزاهد شيخ خراسان‏.‏
سافر مرة وفي صحبته ثلاث مائة مريد‏.‏
وهو شيخ حاتم الأصم‏.‏
وفيها سلم بن سالم البلخي الزاهد‏.‏
روى عن ابن جريج وجماعة‏.‏
وكان صوامًا قوامًا في الأمر بالمعروف‏.‏
قال أبو مقاتل السمرقندي‏:‏ سلم في زماننا كعمر بن الخطاب في زمانه‏.‏
قلت‏:‏ هو وشقيق ضعيفان في الحديث‏.‏
وفيها عمر بن هارون البلخي‏.‏
روى عن جعفر الصادق وطبقته‏.‏
وكان كثير الحديث بصيرًا بالقراءات‏.‏
تركوه‏.‏
سنة خمس وتسعين ومائة فيها لما تيقن المأمون أن الأمين خلعه تسمى بإمام المؤمنين وكوتب بذلك‏.‏
وجهز الأمين علي بن عيسى بن ماهان في جيش عظيم أنفق عليهم أموالًا لا تحصى‏.‏
وأخذ علي معه له قيد فضة ليقيد به المأمون بزعمه‏.‏
فبلغ إلى الري‏.‏
وأقبل طاهر بن الحسين الخزاعي في نحو أربعة آلاف‏.‏
فأشرف على جيش ابن ماهان وهم يلبسون السلاح وقد إمتلأت بهم الصحراء بياضًا وصفرة في العدد المذهبة‏.‏
فقال ابن طاهر‏:‏ هذا ما لا قبل لنا به‏.‏
ولكن جعلوها خارجية واقصدوا القلب‏.‏
ثم ذلك ذكروا ابن ماهان الأيمان التي في عنقه للمأمون‏.‏
فلم يلتفت‏.‏
وبرز فارس من جند ابن ماهان فحمل عليه طاهر بن الحسين فقتله‏.‏
وشد داود شباه على علي بن عيسى بن ماهان فطعنه وصرعه وهو لا يعرفه ثم ذبحه بالسيف‏.‏
فانهزم جيشه وحمل رأسه على رمح‏.‏
وأعتق طاهر مماليكه شكرًا لله‏.‏
وشره أمر الأمين في سفال وملكه في زوال‏.‏
قيل إنه لما بلغه قتل ابن ماهان وهزيمة جيشه كان يتصيد سمكًا‏.‏
فقال للبريدي‏:‏ ويلك دعني‏.‏
كوثر وقد صاد سمكتين وأنا فما صدت شيئًا بعد‏.‏
وندم في الباطل على خلع أخيه وطمع في أمراؤه‏.‏
ولقد فرق عليهم أموالًا لا تحصى حتى فرغ الخزائن وما نفعوه‏.‏
وجهز جيشًا فالتقاهم طاهر أيضًا بهمدان‏.‏
فقتل في المصاف خلق كثير من الفريقين وانتصر طاهر بعد وقعتين أو ثلاث‏.‏
وقتل مقدم الجيش الأمين عبد الرحمن الأساوي أخذ الفرسان المذكورين بعد أن قتل جماعة‏.‏
وزحف طاهر حتى نزل بحلوان‏.‏
وفيها ظهر بدمشق أبو العميطر السفياني فبايعوه بالخلافة‏.‏
واسمه علي بن عبد الله بن خالد بن الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان‏.‏
فطرد عاملها الأمير سليمان بن المنصور‏.‏
فسير الأمين عسكرًا لحربه‏.‏
فنزلوا الرقة ولم يقدموا عليه‏.‏
وفيها توفي إسحاق بن يوسف الأزرق محدث واسط‏.‏
روى عن الأعمش وطبقته وكان حافظًا عابدًا يقال إنه بقي عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء‏.‏
وفيها بشر بن السري البصري الأفوه نزيل مكة‏.‏
وكان فصيحًا بالمواعظ مفوهًا ذا صلاح‏.‏
وقال الإمام أحمد‏:‏ كان متقنًا للحديث عجبًا‏.‏
قلت‏:‏ روى عن مسعر والثوري وطبقتهما‏.‏
وفيها أبو معاوية الضرير محمد بن معاوية الكوفي الحافظُ‏.‏
ولد سنة ثلاث عشرة ومائة‏.‏
ولزم وقال أبو نعيم‏:‏ سمعت الأعمش يقول لأبي معاوية‏:‏ أما أنت فقد ربطت رأس كيسك‏.‏
وكان شعبة إذا توقف في حديث الأعمش راجع أبا معاوية وسأله عنه‏.‏
وفيها عبد الرحمن بن محمد المحاربي الحافظ‏.‏
روى عن عبد الملك بن عُميْر وخلق‏.‏
قال وكيع‏:‏ ما كان أحفظه للطوال‏.‏
توفي بالكوفة‏.‏
وفيها أو في التي مضت عثام بن علي الكوفي‏.‏
روى عن هشام بن عروة والأعمش‏.‏
وفيها أو في الماضية محمد بن فضيل بن غزوان الضبي مولاهم روى عن حصين بن عبد الرحمن وطبقته وكان يتشيع‏.‏
وفيها محدث الشام أبو العباس الوليد بن مسلم الدمشقي وله ثلاث وسبعون سنة‏.‏
توفي بذي المروة راجعًا من الحج في المحرم‏.‏
روى عن يحيى الذماري ويزيد بن أبي مريم‏.‏
وخلائق‏.‏
وصنف التصانيف‏.‏
قال ابن جوصا‏:‏ ثم نزل نسمع انه بن كتب مصنفات الوليد بن مسلم صلح أن يلي القضاء‏.‏
وهي سبعون كتابًا‏.‏
وقال أبو مسهر‏:‏ كان مدلسًا ربما دلس عن الكذابين‏.‏
وفيها يحيى بن سليم الطائفي الحذاء بمكة‏.‏
وكان ثقة صاحب حديث‏.‏
روى عن عبد الله بن سنة ست وتسعين ومائة‏.‏
فيها توثب الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان ببغداد‏.‏
فخلع الأمين في رجب وحبسه‏.‏
ودعا إلى بيعة المأمون فلم ينشب أن وثب الجند عليه فقتلوه‏.‏
وأخرجوا الأمين‏.‏
وجرت أمور طويلة وفتنة كثيرة‏.‏
وفيها توفي قاضي البصرة أبو المثنى معاذ بن معاذ العنبري في ربيع الآخر‏.‏
روى عن حميد الطويل وطبقته وكان أحد الحفاظ‏.‏
قال يحيى القطان‏:‏ ما بالبصرة‏.‏
و لابالكوفة‏.‏
ولا بالحجاز‏.‏
أثبت من مُعاذ بن معاذ‏.‏
وقال الإمام أحمد‏:‏ كان ثبتًا‏.‏
وما رأيت أعْقَلَ منه‏.‏
وفيها قاضي شيراز ومحدثها سعد بن الصلت الكوفي‏.‏
روى عن الأعمش وطبقته وكان حافظًا‏.‏
قال سفيان‏:‏ ما فعل سعد بن الصلت قالوا له‏:‏ ولي القضاء‏.‏
قال‏:‏ ذره واقعد في الحش‏.‏
قلت‏:‏ آخر من روى عنه شيخه إسحاق بن ابراهيم بن شاذان‏.‏
وفيها أبو نواس الحسن بن هانئ الحكمي الأديب شاعر العراق‏.‏
وقال الحافظ‏:‏ ما رأيت أعلم باللغة منه‏.‏
سنة سبع وتسعين ومائة فيها حوصر الأمين ببغداد وأحاط به طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين وزهير بن المسيب في جيوشهم‏.‏
وقاتلت مع الأمين الرعية‏.‏
وقاموا معه قيامًا لا مزيد عليه ودام الحصار سنة‏.‏
واشتد البلاء وعظم الخطب‏.‏
وفيها أي سنة ثمان توفي الإمام العلم أبو محمد سفيان بن عيينة الهلالي مولاهم الكوفي‏.‏
شيخ الحجاز في أول رجب وله إحدى وتسعون سنة‏.‏
سمع زياد بن علاقة الزهري والكبار‏.‏
وقال الشافعي‏:‏ لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز‏.‏
وقال ابن وهب‏:‏ لاأعلم أحدًا أعلم بالتفسير منه‏.‏
وقال أحمد العجلي‏:‏ كان حديثه نحوًا من سبعة آلاف حديث‏.‏
ولم يكن له كتاب و كان ثبتًا في الحديث‏.‏
وقال فهر بن أسد‏:‏ مارأيت متل ابن عيينة‏.‏
فقيل له‏:‏ ولا شعبة قال‏:‏ ولا شعبة‏.‏
وقال أحمد‏:‏ ما رأيت أحدًا أعلم بالسنن منه‏.‏
وفيها الإمام الحبر أبو محمد عبد الله بن وهب الفهري مولاهم المصري أحد الأعلام في شعبان‏.‏
ومولده سنة خمس وعشرين ومائة‏.‏
وطلب العلم بعد الأربعين ومائة بعام أوعامين‏.‏
وروى عن ابن جُرَيْج‏.‏
وعمرو بن الحارث وخلق‏.‏
وتفقه بمالك والليث‏.‏
قال أبو سعد بن يونس‏:‏ جمع ابن وهب بين الفقه والرواية والعبادة‏.‏
وله تصانيف كثيرة‏.‏
وقال أحمد بن صالح المصري‏:‏ حدث ابن وهب بمائة ألف حديث مارأيت أحدًا أكثر حديثًا منه‏.‏
وقال خالد بن خداش‏:‏ قرىء على ابن وهب كتابه في أهوال يوم القيامة فخر مغشيًا عليه فلم يتكلم بكلمة حتى مات بعد أيام‏.‏
وقال يونس بن عبد الأعلى‏:‏ كانوا أرادوه على القضاء فتغيب‏.‏
وفيها محدث الشام الإمام أبو يحمد بقية بن الوليد الكلاعي الحمصي الحافظ‏.‏
ومولده سنة عشر ومائة‏.‏
وروى عن محمد بن زياد الألهاني و بجير بن سعد والكبار‏.‏
وأخذ عمن دب ودرج‏.‏
وتفقه بالأوزاعي‏.‏
وكان مشهورًا بالتدليس كالوليد بن مسلم‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ إذا روى عن ثقة فهو حجة‏.‏
وقال بقية‏:‏ قال لي شعبةُ‏:‏ إني لأسمع منك أحاديث لو لم أسمعها لطرت‏.‏
وفيها شُعَيْبُ بن حرب المدائني الزاهد أحد علماء الحديث‏.‏
روى عن مالك بن مغول وطبقته‏.‏
قال الطبيب بن إسماعيل‏:‏ دخلنا عليه وقد بنى له كوخًا وعنده خبز يابس يبله ويأكل وهو جلد وعظم‏.‏
وقال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ حمل على نفسه في الورع‏.‏
وفيها شيخ الإقراء بالديار المصرية أبو سعيد عثمان بن سعيد القيرواني ثم المصري ورش صاحبُ نافع‏.‏
وله سبع وثمانون سنة‏.‏
وفيها محمد بن فليح بن سليمان المدني‏.‏
روى عن هشام بن عروة وطبقته‏.‏
وفيها قاضي صنعاء وعالمها هشام بن يوسف الصنعاني‏.‏
أخذ عن معمر‏.‏
وابن جريح وجماعة‏.‏
قال ابن معين‏:‏ هو أثبت بن عبد الرزاق في ابن جُريْج‏.‏
وفيها الإمام العلم أبو سفيان وكيع بن الجراح الرؤاسي في المحرم راجعًا من الحج بفَيد وله سبع وستون سنة‏.‏
روى عن الأعمش وأقرانه‏.‏
قال ابن معين‏:‏ كان وكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه‏.‏
وقال أحمد‏:‏ ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع‏.‏
وقال القعنبي‏:‏ كنا عند حماد بن زيد فخرج وكيع فقالوا‏:‏ هذا راوية سفيان‏.‏
قال‏:‏ إن شئتم وقال يحيى بن أكثم‏:‏ صحبت وكيعًا فكان يصومُ الدهر ويختم القرآن فيه كل ليلة‏.‏
وقال الإمام بن أحمد‏:‏ ما رأت عيني مثل وكيع قط‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ ما رأيت أفضل بن و كيع‏.‏
كان يحفظ حديثه ويوم يقوم الليل‏.‏
ويسرد الصوم ويفتي بقول أبي حنيفة قال‏:‏ وكان يحيى القطان يفتي بقوله أيضًا‏.‏
سنة ثمان وتسعين ومائة في المحرم ظفر طاهر بن الحسين بعد أمور يطول شرحها بالأمين‏.‏
فقتله ونصب رأسه على رمح‏.‏
وكان مليحًا أبيض جميل الوجه طويل القامة‏.‏
عاش سبعًا وعشرين سنة‏.‏
واستخلف ثلاث سنين وأيامًا وخلع في رجب سنة ست وتسعين‏.‏
وحارب سنة ونصفًا وهو ابن زبيدة بنت جعفر بن المنصور‏.‏
وكان مبذرًا للأموال قليل الرأي كثير اللعب‏.‏
لا يصلح للخلافة‏.‏
سامحه الله ورحمه‏.‏
وفيها توفي أول رجب شيخ الحجاز وأحد الأعلام أبو محمد سفيان بن عيينة الهلالي مولاهم الكوفي الحافظ نزيل مكة‏.‏
وله إحدى وتسعون سنة‏.‏
سمع زياد بن علاقة والزهري والكبار‏.‏
وقال الشافعي‏:‏ لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز‏.‏

وقال أحمد العجلي‏:‏ كان حديثه نحوًا من سبعة آلاف حديث‏.‏
ولم يكن له كتب‏.‏
وقال فهر بن أسد‏:‏ ما رأيت مثل ابن عيينة‏.‏
وقال أحمد بن حنبل‏:‏ ما رأيت أحدًا أعلم بالسنن من ابن عيينة‏.‏
توفي سنة سبع وهذا هو الصحيح‏.‏
وفي جمادى الآخرة الإمام أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي البصري اللؤلؤي الحافظ‏.‏
أحد أركان الحديث بالعراق‏.‏
وله ثلاث وستون سنة‏.‏
روى عن هشام الدستوائي وخلق‏.‏
وأول طلبه سنة نيف وخمسين ومائة‏.‏
فكتب عن صغار التابعين كأيمن بن نائل وغيره‏.‏
قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ هو أفقه من القطان وأثبت من وكيع‏.‏
وقال ابن المديني‏:‏ كان عبد الرحمن بن مهدي أعلم الناس‏.‏
لو حلفت‏.‏
لحلفت بين الركن والمقام أني لم أر أعلم منه‏.‏
قلت‏:‏ وكان أيضًا رأسًا في العبادة رحمه الله‏.‏
وفي شوال الإمام أبو يحيى معن بن عيسى المدني القزاز صاحب مالك‏.‏
روى عن موسى بن علي بن رباح وطائفة‏.‏
وكان حجة صاحب حديث‏.‏
قال أبو حاتم‏:‏ هو أثبت أصحاب مالك وأوثقهم‏.‏

وفي صفر الإمام أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان البصري الحافظ‏.‏
أحد الأعلام‏.‏
وله ثمان وسبعون سنة روى عن عطاء بن السائب وحميد وخلق‏.‏
قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ ما رأيت بعيني مثله‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ قال لي عبد العجمان بن مهدي‏:‏ لا ترى بعينيك مثل يحيى لقطان‏.‏
وقال بندار‏:‏ اختلفت إليه عشرين سنة فما أظنه أنه عصى الله قط‏.‏
وقال ابن معين‏:‏ أقام يحيى القطان عشرين سنة يختم في كل ليلة ولم تفته الزوال في المسجد أربعين سنة‏.‏
وفيها أبو عبد الرحمن مسكين بن كبير الحراني‏.‏
روى عن جعفر بن برقان وطبقته‏.‏
وكان مكثرًا تقة‏.‏
وفيها انتدب محمد بن صالح بن بيهس الكلابي أميرعرب الشام لحرب السفياني ولمن قام معه من الأموية‏.‏
وأخذ منهم دمشق‏.‏
وهرب أبو العميطر السفياني في إزار بن المزة‏.‏
وجرت بين أهل المزة وداريا وبين ابن بيهس حروب ظهر فيها عليهم‏.‏
واستولى على دمشق‏.‏
وأقام الدعوة فيها للمأمون‏.‏
فيها فتنة ابن طباطبا العلوي‏.‏
وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب‏.‏
ظهر بالكوفة وقام بأمره أبو السرايا السري بن منصور الشيباني‏.‏
وسرع الناس إلى ابن طباطبا وغلب على الكوفة‏.‏
وكثر جيشه‏.‏
فسار لحربه زهير بن المسيب في عشرة آلاف‏.‏
فالتقوا‏.‏
فهزم زهير واستبيح عسكره‏.‏
وذلك في سلخ جمادى الآخرة‏.‏
فلما كان بن الغد أصبح ابن طباطبا ميتًا‏.‏
فقيل إن أبا السرايا سمه لكونه لم ينصفه في الغنيمة‏.‏
وأقام بعده في الحال محمد بن محمد ابن زيد بن علي الحسيني‏.‏
شاب أمرد‏.‏
ثم جهز الحسن بن سهل جيشًا عليهم عبدوس المروذي فالتقوا فقتل عبدوس‏.‏
وأسر عمير وقتل خلق من جيشه‏.‏
وقوي العلويون‏.‏
ثم استولى أبو السرايا على واسط فسار لحربه هرثمة بن أعين‏.‏
فالتقوا فقتل خلق من أصحاب أبي السرايا وتقهقر إلى الكوقة‏.‏
ثم التقوا ثانيًا وعظمت الفتنة ولا سيما بالحجاز‏.‏
وفيها توفي إسحاق بن سليمان الرازي الكوفي الأصل‏.‏
روى عن ابن أبي ذيب وطبقته‏.‏
وكان عابدًا خاشعًا يقال إنه من الأبدال‏.‏
وفيها حفص بن عبد الرحمن البلخي ثم النيسابوري أبو عمر قاضي نيسابور‏.‏
روى عن عاصم الأحول وأبي حنيفة وطائفة‏.‏
وكان ابن المبارك يزوره ويقول‏:‏ هذا اجتمع فيه الفقه والوقار والورع‏.‏
وفيها أبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي الفقيه صاحب أبي حنيفة وصاحب كتاب الفقه الأكبر وله أربع وثمانون سنة‏.‏
ولي قضاء بلخ‏.‏
وحدث عن ابن عون وجماعة‏.‏
قال أبو داود‏:‏ كان جهميًا تركوا حديثه‏.‏
وبلغنا أبا مطيع كان من كبار الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر‏.‏
وفيها شعيب بن الليث بن سعد المصري الفقيه‏.‏
وفيها عبد الله بن نمير أبو هشام الخارقي الكوفي‏.‏
أحد أصحاب الحديث المشهورين‏.‏
روى عن هشام بن عروة وطبقته‏.‏
وعاش بضعًا وثمانين سنة‏.‏
وفيها عمرو بن محمد العنقزي الكوفي‏.‏
والعنقز هو المرزنجوش‏.‏
روى عن ابن جريج وطبقته‏.‏
وكان صاحب حديث‏.‏
وفيها محمد بن شعيب بن سابور الدمشقي ببيروت‏.‏
روى عن عروة ابن رويم وطبقته‏.‏
وكان من عقلاء المحدثين وعلمائهم المشهورين‏.‏
وفيها يونس بن بكير أبو بكر الشيباني الكوفي الحافظ صاحب المغازي‏.‏
روى عن الأعمش

قال ابن معين‏:‏ صدوق‏.‏
وفيها‏.‏
وقيل في التي سيار بن حاتم العنزي البصري‏.‏
صاحب القصص والرقائق وراوية جعفر بن سليمان الضبعي‏.‏
وثقه ابن حبان‏.‏
سنة مائتين من الهجرة في أولها أبو السرايا والعلويون بن الكوفة إلى القادسية وضعف سلطانهم‏.‏
فدخل هرثمة الكوفة وآمن أهلها‏.‏
ثم ظفر أصحاب المأمون بأبي السرايا ابن وبمحمد بن محمد العلوي فأمر الحسن بن سهل فقتل أبو السرايا في ربيع الأول وبعث بمحمد إلى المأمون‏.‏
وخرج بالبصرة خارجي وبالحجاز آخر‏.‏
فلم تقم لهما قائمة بعد فتن وحروب‏.‏
وفيها طلب لمأمون هرثمة بن أعين‏.‏
فشتمه وضربه وحبسه‏.‏
وكان الفضل بن سهل الوزير يبغضه فقتله في‏:‏ الحبس سرًا‏.‏
وفيها أحصي ولد العباس رضي الله عنه فبلغوا ثلاثة وثلاثين الف نسمة‏.‏
وفيها قتلت الروم عظيمهم إليون‏.‏
وكانت أيامه سبع سنين ونصفا‏.‏
وأعادوا الملك الى ميخائيل الذي ترهب‏.‏
وفيها توفي أسباط بن محمد أبو محمد الكوفي‏.‏
وكان ثقة صاحب حديث روى عن الأعمش وطبقته‏.‏
وفيها أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي المدني‏.‏
وله ست وتسعون سنة‏.‏
روى عن سهيل بن أبي صالح وطبقته‏.‏
وكان مكثرًا صدوقًا‏.‏
وفيها سلم بن قتيبة بالبصرة‏.‏
روى عن يونس بن أبي إسحاق وطبقته‏.‏
وأصله خراساني‏.‏
وفيها عبد الملك بن الصباح المسمعي الصنعاني البصري‏.‏
روى عن ثور ابن يزيد وابن عون‏.‏
وفيها عمر بن عبد الواحد السلمي الدمشقي‏.‏
ولد سنة ثماني عشرة ومائة‏.‏
وقرأ القران على الذماري‏.‏
وحدث عن جماعة‏.‏
وكان من ثقات الشاميين‏.‏
وفيها قتادة بن الفضل الرهاوي‏.‏
رحل وسمع من الاعمش وعدة‏.‏
وفيها أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك الدؤلي مولاهم المدني الحافظ‏.‏
روى عن سلمة بن ودان وطبقته‏.‏
وكان كثير الحديث‏.‏
وفيها أبو عبد الله أمية بن أسد بن خالد أخو هدية‏.‏
روى عن شعبة والثوري‏.‏
وفيها صفوان بن عيسى القسام بالبصرة‏.‏
روى عن يزيد بن أبي عبيد وطبقته‏.‏
وفيها محمد بن الحسن الأسدي الكوفي بن التل‏.‏
روى عن فطر بن خليفة وطبقته‏.‏
وفيها في صفر محمد بن حمير السليحي محدث حمص‏.‏
روى عن محمد ابن زياد الألهاني وطائفة‏.‏
وثقه ابن معين ودحيم‏.‏
وفيها أبو إسماعيل مبشر بن إسماعيل الحلبي‏.‏
روى عن جعفر بن برقان وطبقته‏.‏
وكان صاحب حديث وإتقان‏.‏
وفيها معاد بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي‏.‏
روى عن أبيه وابن عون‏.‏
وطائفة‏.‏
وكان صاحب حديث له أوهام يسيرة‏.‏
وفيها المغيرة بن سعيد بن سلمة المخزومي بالبصرة‏.‏
قال ابن المديني‏:‏ ما رأيت قرشيًا أفضل منه ولا أشد تواضعًا‏.‏
أخبرني بعض جيرانه أنه كان يصلي طول الليل‏.‏
قلت‏:‏ روى عن القاسم بن الفضل الحداني وطبقته‏.‏
وفيها القاضي أبو البختري وهب بن وهب القرشي المدني ببغداد‏.‏
وكان جوادًا محتشمًا‏.‏
روى عن هشام بن عروة وطائفة واتهم بالكذب‏.‏
وفيها على الصحيح القدوة الزاهد معروف الكرخي أبو محفوظ‏.‏
صاحب الأحوال والكرامات‏.‏
فيها عهد المأمون إلى علي موسى الرضا العلوي‏.‏
فعهد إليه بالخلافة من بعده‏.‏
وأمر الدولة بترك السواد ولبس الخضرة‏.‏
وأرسل من العراق بهذا‏.‏
فعظم هذا على بن العباس الذين ببغداد‏.‏
ثم خرجوا عليه وأقاموا منصور ابن المهدي‏.‏
ولقبوه بالمرتضى‏.‏
فضعف عن الأمر وقال‏:‏ إنما أنا خليفة المأمون‏.‏
فتركوه وعدلوا إلى أخيه بن إبراهيم بن المهدي الأسود‏.‏
فبايعوه بالخلافة ولقبوه بالمبارك‏.‏
وخلعوا المأمون‏.‏
وجرت بالعراق حروب شديدة وأمور مزعجة‏.‏
وفيها أول ظهور بابك الخرمي فعاث وأفسد وكان يقول بالتناسخ‏.‏
وفيها توفي أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي الحافظ مولى بني هاشم وله إحدى وثمانون سنة‏.‏
روى عن الأعمش والكبار‏.‏
قال الإمام أحمد‏:‏ ما كان أثبته‏.‏
لايكاد يخطىء‏!‏ وفيها حماد بن مسعدة بالبصرة‏.‏
روى عن هشام بن عروة وعدة‏.‏
وكان صاحب حديث‏.‏
وفيها حرمي بن عمارة بن أبي حفصة البصري‏.‏
روى عن قرة بن خالد وشعبة‏.‏
وفيها سعد بن إبراهيم سعد الزهري العوفي‏.‏
قاضي واسط‏.‏
سمع أباه و ابن أبي ذئب‏.‏
وفيها علي بن عاصم أبو الحسن الواسطي محدث واسط‏.‏
وله بضع وتسعون سنة‏.‏
روى عن
قال وكيع‏:‏ أدركت الناس والحلقة لعلي بن عاصم بواسط‏.‏
وضعفه غير و حد لسوء حفظه‏.‏
و كان إمامًا ورعًا صالحًا جليل القدر‏.‏
وفيها قتل المسيب بن زهير أكبر قواد المأمون‏.‏
وضععف أمر الحسن بن سهل بالعراق وهزم جيشه مرات‏.‏
ثم ترجح أمره‏.‏
وحاصل القصة أن أهل بغداد أصابهم بلاء عظيم في هذه السنوات حتى كادت تتداعى بالخراب‏.‏
وجلا خلق من أهلها عنها بالنهب والسبي والغلاء وخراب الدور‏.‏
وفيها يحيى بن عيسى النهشلي الكوفي الفاخوري بالرملة‏.‏
روى عن الأعمش وجماعة‏.‏
وهو حسن الحديث‏.‏
سنة اثنتين ومائتين فيها توفي على الصحيح ضمرة بن ربيعة في رمضان بفلسطين روى عن الأوزاعي وطبقته وكان من العلماء المكثرين‏.‏
وفيها أبو بكر بن أبي أويس المدني أخو اسماعيل‏.‏
واسمه عبد الحميد الأعمش روى عن ابن أبي ذئب‏.‏
وسليمان بن بلال وطائفة‏.‏
قال أبو داود‏:‏ كان داعية إلى الإرجاء‏.‏
وفيها أبو حفص عمرو بن شبيب المسلي الكوفي‏.‏
روى عن عبد الملك بن عمير والكبار‏.‏
قال النسائي‏:‏ ليس بالقوي‏.‏
وفيها يحيى بن المبارك اليزيدي المقرئ النحوي اللغوي صاحب التصانيف الأدبية‏.‏
وتلميذ أبي عمرو بن العلاء وله أربع وسبعون سنة وهو بصري نزل بغداد‏.‏
وفيها الفضل بن سهل ذو الرياستين وزير المأمون‏.‏
قتله بعض أعدائه في حمام بسرخس‏.‏
فانزعج المأمون وتأسف عليه‏.‏ وقتل به جماعة‏.‏
وكان من مسلمة المجوس‏.‏


الساعة الآن 01:23 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى