منتديات المُنى والأرب

قصةقصيرة

الملامح نفسها ، حتى سكنات جلوسها تحكي حياء فتاة قروية تحتشم من الغرباء ،
تعمد استيضاحها بمكر :
المكان جميل هنا والوجوه بالتأكيد زادته روعة وبهاء ...
تلفتت اليه باستحياء رفيع، كأنها تستنطق أنوثتها بابتسامة لم يألفها من بعيد
فما يخفيه الجمال من محاسن تفضحه العيون .
من انتِ ؟
هل سبق لكِ أن رأيتني أو تعارفنا سابقا ؟
أحس كأني أعرفك !!!
لا شك انك عربية خالصة او تنحدرين من أسرة عريقة جذورها في الجزيرة
وفروعها في كل قلب ...
عيناك جميلة جدا وفضاء ليس له حدود او بحر اعجز عن سبر غوره ...
هل لك أصول من بلادي ؟
لم تجبه !!!
سامحيني على جرأتي وتطفلي فانا لا أجد في إعجابي لك ِ ما يحرمه الدين
او يمنعه القانون ، فلنا في الشرع نظرة واحدة لئلا يكون القادم أسدا .
لابد انك ِ قرأتي رسالتي الأولى ...
هل تذكرينها ؟
أجابت بالإيجاب : نعم فهي واضحة لأنك لم تضع لها عنوانا !!!
الحمد لله عرفتِ قصدي إذن .
نظرت إليه باستعطاف كأنها تريد أن تسمع منه مزيدا من التوضيح
نكس رأسه خجلا ، افتعل حديثا مغايرا لإدارة الحديث خوفا من مجهول غير محمود
كان بوده لو تفرد لسماعه ساعة فتصغي لترانيم دقات قلبه وهيامه ...
شعر بعجز كبير نحوها، وكأن دلوه نضب ولم يعد ينضح ولو بالنزر اليسير وان كلمات الحب غادرت قواميس ذاكرته ...هكذا كان إحساسه !!!
استشف من إصغائها شيئا غير معلوم في لحظة صفاء قلما يجود الحظ به
بادرها بسؤال مباغت :
سومرية انت ِ ؟
لم تجبه بل أومأت اليه بالنفي بحركة تدلل عن التواضع والخلق .
ارجو ان لا أثقل عليك بكثرة تساؤلاتي وفضولي المفرط هذه الساعة حيث لا زلت غير متأكد منك ِ .
كان يبحث في عينيها عن شيء يقرّبه منها أكثر دون جدوى ...استشعرت منه إلحاحا لكنها لم تنطق ببنت كلمة بل انسحبت منكمشة حول كرسي متحرك تخبئ خلف سكوتها شيئا مجهولا !!!
دبيب قلبه يزداد ، استطالت لحظة صمتها ...
ابتسامتها الخجولة المألوفة لم تفارق محياها كجرس حرك كل معالم وجهها الهلالي الجميل إيذانا بطي صفحات الجرح القديم الذي تركه شجرا إذ غادره الربيع ...
رنت إليه بعينيها الصافيتين الواسعتين فاختلج قلبه قليلا لكنه تماسك...
تبادر إلى ذهنه فكرة شغلها بشيء بعيد عما يحسانه من الأخر، علّها تنوه له عن معلومة تخصانهما معا لعلاقة جديدة ، لكن الاثنين كانا يخشيان البوح ولم يقدِم
اي منهما تنازلا كي لا يستعجلا المحتوم والمقدّر .
ازدحمت الكلمات والمعاني في نفسه وتسارعت نبضاته وهي تزغرد بلقاء حميم قريب
يريد ان يطلقها دفعة واحدة كشحنة ضوء تقتحم ظلمة دامسة .
بترتيب عجيب وجرأة أثارت استغرابه يتراءى له انه يكلمها !!!
تلفت عن جانبيه لم يجد غير شارع طويل وبعض الصبية الذين يحملون حقائبهم
وهم عائدون من المدارس .

طرابلس 1999م