منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   مواضيع ثقافية عامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=67)
-   -   ملامح من صورة المرأة في أدب نجيب محفوظ (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=1633)

أزهار 22 - 11 - 2009 03:16 PM

ملامح من صورة المرأة في أدب نجيب محفوظ
 
عند قراءتي لأدب نجيب محفوظ وتطلعي لبعض الدراسات النقـدية التي كـتبت فــي الإنتاج الأدبي له، وجدت أنه هناك بعض القضايا الـتي أثـيرت حـول أعـماله الـروائـية، والصاق بعـض الاتهامات له، وإدعـاء البعـض بـأن لنجـيب محفوظ إطار محدد في الكتابة لا يستطيع الـخروج عـليـه، فمثـلا يـراه البعض بأنه لم يصور الحياة المصرية كاملة فـكـانت حـدوده الـحـارة المصرية القـديـمة، وخـلا إنتـاجـه مـن لـمسة الريف أو مسحة من صعـيد مصر كذلك أيضا رواياته بها نزعة دينية، وهى الـتي كادت أن تفقد صاحــبها أعـز ما يملك وهى النفس ويتهمه البعض بـأنــه أسير للمدرسة الواقعية وللفكر الفلسفي .

أمـا بـخـصوص قـضيـة الـمرأة وصـورتها عـند نجيـب محفوظ فـإنـني وجـدت كــثيــرا مـن النـقـاد يتـفـقـون عـلى أن نجـيب مـحفـوظ جـعـــل الـمرأة إما فـي صــورة الـبـغـاء أو الـخائنة أو الجاهلة المستسلمة للحياة لاشخصية لـهـا وأشـاروا بهذا إلـى أنـه فـي روايـاتـه لــم ينصف الـمرأة ولـم يعـطيـها حـقهـا فـهـل حقــا مـا زعـموه مـن اتهامات تخص صورة المرأة عنده ؟ أم أنهم جنوا عليه وظلموه ؟ .

وأنـا فـي هـذا البـحـث قـد رسـمـت مـع نـفسي الزاوية الـتي مـن خـلالها أستـطيـع تـناول أعــمال نجـيب مـحفوظ وهـى صـورة المرأة عنده فمن الـصعـب أن أقــوم بـدراســة الإنــتاج الـروائي كله وذلك لغزارته فنحن نعــرف أن نجـيب مـحفوظ استمر أكثر من خمسين عاما ينتج لنا أعمالا روائـيـة ولهــذا سـتكـون وقـفــتي مـع عمــلين مـن أعـماله العـمل الأول
( اللص و الكلاب ) 1961 و العمل الثاني ( ميرامار ) 1967وستكون قـراءتـي الـنقـديــة لـهمـا مـما تـفيـض بـه قريحتي والتي تبنى على النقد الانطباعي أولا .






(2)

النموذج الأول رواية ( اللص و الكلاب )

اسـتطـاع نجيـب محـفــوظ فـي روايـة الـلص و الكـلاب أن يـصور لنـا الـمـرأة مـن خــلال شـخـصيـتين النموذج الأول ( نـبـويـة ) الـمـرأة الـخائنة لزوجها ( سعيد مهران )، وهـذه الـشـخصية لــم تـظــهر لنا في هذا العمل بشكل ظاهـري إلا فــي مشـهد أو مشهدين فقط ، ولكنها ظلت أمامنا عن طريق منطقة اللاوعــي لدى البطل سعيد مهران الذي طـالما يتذكر خيانة زوجته مع صديقه و صبيه ( عليش سدره ) .

فـنجيـب محـفوظ نجح في توظيف تكنيك(الفلاش باك) أو تيار الوعي ، لـيتحدث فـيه عـن الخديعة والخيانة التي ، وقع فيها واستحضر شخصية نـبوية دون ظـهـورها بشكــل ظاهــري ، فهـى مازالت في الظل ، وعن تكنيك الـفلاش بـاك وخـاصة في توظيفه في هذه الرواية تعتبر الدكتورة فوزية الـعشـماوي أن نجـيب مـحفـوظ هــو أول من نـقل هـذا التكنيك الفني من الروائيين الفرنسين إلى الرواية العربية :

"هـذاالتكنيك الروائي الجديد لم يبتدعه نجيب محفوظ ولكنه كان سائدا فـي الأدب الفرنسي حـيـث أطـلق عليه تعبير الرواية الجديدة وتألق فيه روائيون فـرنسـيون كـبار أمـثال روب جرييه وميشيل بـوتور ولكـن نجيـب مـحفوظ هــو أول من نقـل هذا التكنيك الروائي الجديد إلى الرواية العربية ابتداء من اللص والكلاب " (1)

وعـن طـريق الـمنـولوج الـداخـلي وتـذكـره للماضي بما في ذلك شهوة الانتـقام من الذين خدعوه وخانوه واتصاله بالأحـداث الخـارجية ، يظهر لنا النموذج الثاني ( نور ) تلك المرأة البغية التي تبيع جسدها كل لحظة مـقابـل الـمال لا رغـبة مـنـها فــي الـشهـوة لكنها مضطرة لذلك لتعيش فـإنـهـا إمـرأة مـلـوثة الجسد لكنها فاضلة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
1- المرأة في أدب نجيب محفوظ – د/ فوزية العشماوي مكتبة الأسرة 2005 صفحة 52



(3)
جعل الـكاتب نـور الإنـسانـه الوحيده في عالم البطل التي تقف بجانبه ، وجعلها شعاعا لـنور الأمل في حياته ؛ ليتفاعل مع المجتمع مــرة أخرى ، ولكـن سـعيد مهـران مـازالـت الـخيـانة أمامه ، ومازال الإنتقام يجرى في عروقه .


هكـذا فـإن نجيـب مـحفوظ بعـد الفـصل العاشر يحاول أن يفسر لنا سبب نـزوح نـور إلى القاهـرة ، وإلقـاء الـضوء عـلى حـياتـها الفـقيـرة المليئة بالمـشاكـل الاجتماعـية من خلال رصـد صـورة بيئتـها ، فالمياه الراكدة والهـرب .. كـل هـذا يـعطـينا مـؤشـرا لحيـاة نـور أو شلبية قبل نزوحها للعاصمة بحـثا عـن الـرزق و التمتع بحياة كريمة شريفة ، لكن ما حدث هـو ما كـان سـائـرا فـي الخمسينـيات فـي الـقاهرة لفتيات الريف ، فتيار الـبغـاء يـجـرفـهــن لشـاطـىء مـجهـول ويـأسـرهـن فـي مكــان يجعلهن منفصلين فيه عن المجتمع

" وأفـرطـت فـي الشراب حتى دار رأسها واعترفت له بأن اسمها الحقيقي هو شلبية وقصت عليه نوادر من عهد البلينا ، الطفولة و المياه الراكدة والشباب و الهرب ... كان أبي عمدة ... كان خادم العمدة " (1)

إن نـور رغـم مهنتها فـإنـها تعيش بعيدة عن الناس ، وعن أعينهم تعيش بجوار القـبور، لم يـزرها أحد من قبل فهى حريصة على عدم ود الناس لها بمنزلها ، أو أن يعـرف عن سكـنها أحد من الـناس غير سعيد مهران الذي أحبته ، وحاولـت ألا تفتـقده وتخسـره بالرغـم من إحـساسها بنفوره الدائم منها ، ولكنها حاولت أكثر من مرة أن تبعده عن الإنتقام

"البيت الوحيد في الشارع ، تحته وكالة خشب ، ووراءه القرافة .. لا يعرفني هناك أحد ، ولم يزرني فيه أحد ، ستكون أول رجل يدخله ، وشقتي في أعلى دور " (2)


ونجـد أن سعيد مهران لم يتخذ من بيت نور إلا مكانا ليختبىء فيه ويبعد عن أعين البوليس

"أنا هنا في مكان آمن مطمئن لن تمتد إليه أعين البوليس " (3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
1- رواية اللص و الكلاب – نجيب محفوظ / دار القلم 1973 (ص 100)
2- نفس المصدر (ص 58)
3- نفس المصدر (ص 116)

(4)
سعيد مهران شك فـي كـل من حوله ؛ لأنه أصبح مريضا نفسيا وخاصة فـي موقـفه مـن النـساء بعـد خيانة نبوية له مـع عـليـش سـدره ، لكـنه لم يـشـك لحـظة فـي خـيانة نورله ، وعـلى الرغـم من المكافأة المالية الـتي رصدتها الشـرطة فـيمن يساعـدهم أو يدلهم على مكانه ، فإنـه كان يعـلم مدى حب ووفاء نـور لـه رغـم أنـها تبـيع جسدها وأعز ما تملك للرجال كل لحظة إلا أنـها لـم تفـكر فـي خـيانة سعيد مهران ، ولعل هذا الموقف من وجهة نظـري أول شيء فعله الكاتب ليـنصف نور وينـصف الـمرأة ويجـعلها هنا صاحبة مبدأ فالوفاء أصبح عملة نادرة
" هل يمكن أن تلعب المكافأة الموعودة بقلب نور ؟ حقا تلوث دمه بسوء الظن لآخر قطرة ، و الخيانة في عينيه أضحت كرائحة الغبار في اليوم الخماسيني ولكن رغـم ذلـك كـله فـنور لـن تخـونه ، ولن تسلمه غلى البوليس طمعا في مكافأة ، فقد ضجـرت مـن المعاملات وتقدم العمر وباتت تحن إلى عاطفة إنسانية خالصة " (1)

فـعلت نـور محاولات كثيرة لتغير ما وصل إليه سعيد مهران من مرض نـفسي تجاه الأخرين ، والحـرص على الإنتقام منهم ففكرة الإنتقام ظلت تـراوده طوال الـوقـت لكـنها فـي النـهايـة لـم تنجح بالرغم من كل ألوان العطف و الحنان و الحب و الأمل صنعت من كل هذا كأسا وأرادت أن تسـقيه لسعـيد مهـران ؛ ليـنزح منـه الغـل و الإنـتقـام وتـنجيه من مصير الضياع الذي ينـتظره ، وأكتـفى المؤلف نهاية المطاف باختفاء نور دون أي إشـارة لســبب الإخـتـفاء أو إعــطاء مقــدمة لـلقارىء بـهذا الإختفاء
لكـنه جعـل سعيد مهـران ينـدم على فراقها ويحس بقيمتها ويتمنى لو أنه أفدى حياته لترجع له

" لن يرى نور مرة أخرى ، وخنقه اليأس خنقا ،ودهمه حزن شديد الضراوة لا لأنه سيفقد عما قرييب مخبأه الأمن ولكن لأنه فقد قلبا وعطفا وأنسا ، وتمثلت لعينيه في الظـلمة بابتـسامتـها ودعـابتـها وتعـاستها فانعصر قلبه ، ودلت حاله على أنها كانت أشـد تـغلـغلا فـي نـفسه مـما تـصـور ، إنـها كانت جزءا لا يصح أن يتجزأ من حياته الممزقة المترنحة فوق الهاوية ، وأغمض عينيه في الظلام وأعترف اعترافا صامتا بأنه يحبها ، وأنه لايتردد في بذل النفس ليستردها سالمة " (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
1- المصدر السابق ( ص 123)
2- المصدر السابق ( ص 126)



(6)
وبإختفاء نور جعلنا الكاتب نتعاطف مع هذه الشخصية التي لم تذق طعم الراحة في حياتها حتى وعندما وجدت سعيد مهران مرة أخرى، وجدته مطرودا من البوليس وهذا هو نجيب محفوظ في نظر الدكتور طه وادي يجعل الـمرأة البغي مغلفة بإطار إنساني تكسب عطف القارىء يقول :

" هكذا تلقانا صورة (البغي) في روايات نجيب محفوظ دائما مغلفة بإطار إنساني نبيل ، ليؤكد أن الظروف الاجتماعية مهما تعقدت ، لا تجتث كل ما هو إنسان في الإنسان ، وإنه لضرورات العيش الصعبة يأثم الجسد ،ولكن تظل الروح محتفظة بجوهرها " (1)

حتى أنني قد وقعت على عبارات وجمل لنجيب محفوظ في مجلة الهلال 1970 قـسـم فيـها الـمنحـرفات وعلل لأسباب انحرافهن في المجتمع بل لمحت فـي كلامـه الدفاع عنهن ، وهذا مأخذ على كاتبنا الكبير لأنه ليس له الـحـق فـي الحــديث عـن أعـماله طالما أنه قــد تـرك قلمه وفرغ مـن كتابة الرواية حتى لا تفقد قيمتها وسط النقاد يقول :

" هناك منحرفات فاضلات ومنحرفات غير فاضلات و الواقع أن كثيرا من المنحرفات في رواياتي ، يرجع انحرافهن إلى أسباب اجتماعية ، المتهم وراءهن لـيس سلـوكهـن بـقدر ما هو المجتمع الذي يعشن فيه ، إن الغالبية العظمى منهن يرتكبن الإثم بسبب الفقر .. بسبب المجتمع " (2)

نـهاية الكـلام أنـا أجـد أن نجـيب محـفوظ لـم ينـصف الـمـرأة كامـلا ، و لم يظلمـها أيضـا طـوال الأحـداث ، لكـن تجـسيــدها بهـذه الصورة فــي الرواية مال للظلم أكـثر منـه للمناصفة ؛ وذلك لأن النموذج الأول نبوية كانت خائنة ، وجعلها دائـما مخـفيـة غيـر ظـاهرة لا نعـرف عنـها شـيئا إلا مـن خلال منطقة الـلاوعي لدى البطل ، والنموذج الثاني نور كانت إمـرأة مــومس ولــم تظهر لنـا فـي الرواية إلا في الفصل الخامس وأول مـاظهـرت كـانـت لها ضحكة لعـلعت وفسـتان عـار ونراها منـبوذة مـن الـمجتمـع لمهـنتـها القذرة لكن الموقف الوحـيد كما ذكـرت من قبل الذي قد يجعلنا نتعاطف معها ونظن أن الكاتب لم يظلم المرأة طوال الأحداث هو وفائها للبطل رغم المـكافـأة المالية التي رصدت لمن يقبض عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
1- صورة المرأة العربية في الرواية المعاصرة ، طه وادي – مركز كتب الشرق الأوسط
(ص 302)

2- مجلة الهلال 1970 ، نقل عن كتاب الدكتورة فوزية العشماوي (116)

النموذج الثاني رواية ( ميرامار )

" فرأيت أمامي وجها انشرح لمرآه صدري ، من النظرة الأولى انشرح له صدري ، وجه أسمر لفلاحة مطوقة الرأس و الوجه بطرحة سوداء " (1)

نجيـب محفوظ لم يكن مولعا بـرصد الـحياة الـريفـيـة كمـا أشرنا من قبل لكـن فـي هـذه الـرواية نجده يرسم لنا لأول مرة ملامح الفتاة الريفية من خـلال شخـصـية ( زهـرة ) واستعمل لـلشخصـية اسـم يـدل عـلى البـيئة الـريفـيـة ونجـح نجـيب محفوظ في رسم الشخصـية الريفية بكل صفاتها الـتي تـتمتـع بـهـا أي إمـرأة ريـفية حـيـث الـقوة الـجسـدية و الأخلاقـيــة والشجـاعة و الجـرأة و الاعتـداد بالنفـس وعـلى الرغـم من أن البـدايات الأولـى لـزهـرة فـي البنسيـون شـهدت تغـيرا في ملابسها فهى لم تستمر بالجلباب الفضفاض ولكنها بعد أيام غيرت ملابسها وأهتمت بشعرها

" هكذا خطرت زهرة في فستان من الكستور فصل على جسمها الرشيق ليبرز محاسـنه ، ربـما لأول مـرة ، بعد طول اختفاء تحت الجلباب الفضفاض المسترسل حتى الكعبين ، ومشط شـعرها جيـدا بـعد أن غسل بالجاز ثم فرق في وسط الدماغ ليجتمع في ضفيرتين انسابتا في امتلاء وراء الأذنين " (2)

شخـصيـة زهـرة رُسـمت لـنا مـن خلال عيون الأشخاص الخمسة فكلهم أعجـبوا بشخصـيتـها ولكـن باخـتلاف تفكـيرهم وظروف حياتهم فزهرة بشخصـيتها استـطاعـت أن تـؤثـر فـي المتـواجدين حولها إما بالسلب أو الإيجاب فإذا نظرت مثلا لشخصـية (حسني علام) الشاب الأرستقراطي الـذي له سجـل حافـل بالمغامـرات النسائـية الناجحـة و الفاشـلة لا يشغل تفكيره غير اصطياد الفتيات و القضاء معهن أحلى الأوقات فعندما رأى زهـرة عرف أنهـا ليست كباقـي فتيـات المدينة فمازالت في وجهة نظره أرض بكر


" جسدها قوي رشيق مفصل المحاسن ، وإن صدق ظني فهى لم تحبل ، ولم تجهض بعد " (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
1- رواية ميرامار – نجيب محفوظ / دار الشروق 2005 (ص 35)
2- نفس المصدر (ص 41)
2- نفس المصدر (ص 91)
(8)

نـجد أيـضا أن نجيـب مـحفوظ مـن خـلال الأحـداث يوضح لنا مدى قوة شـخصية زهـرة وشـجاعـتها وجـرأتـها الـفائـقة الـتي قـد تـكون في نظر البعـض تـصرفـات لا تـصدر إلا مـن الشخـصيات ذات التفكـير الريـفي الـمحدود فـنـرى مـثـلا أن زهـرة قـامت بـصفع ثـلاثـة مـن الـرجـال في البـنسيـون هـم (طـلبة مرزوق) و(حسـني عـلام) و(سـرحان البحيـري) وكلهم كانت لزهرة كل الحق في هذا التصرف فطلبة مرزوق عندما أراد أن تـدلكـه زهـرة وهـو فـي الحجرة شبه عار لم تألف زهرة مشهدا كهذا فقامت بصفعه

" أردا أن أدلكه ، لم أسمع شيئا عن ذلك من قبل ، دخلت حجرته بنية سليمة فرأيته منطرحا على وجهه شبه عار! (1)


فـزهـرة الفـلاحة القـوية لم يـغلبها أحـد مـهما كـانت منزلته ومهما كانت قـوته فهـى الـفلاحة التـي تؤمـن بـأن الـشـرف هــو الـعـرض و الأرض والحرص علـيهما هو الحفاظ على حياة كريمة وسط المجتمع فنى أيضا الـمؤلف يرصد لنا من خلال الفلاش باك حادثة تؤكد ما يصرعليه طول الرواية بأن زهرة لاتخاف أحدا ولا تخشى أي إنسان يحاول أن يغتصب حقها فتحدث صديقها ( عامر وجدي)

" أراد زوج أختي أن يأكلني فزرعت أرضي بنفسي !
- الم يشق عليكي ذلك يا زهرة ؟
- كلا ، إني قوية بحمد الله ، لم يغلبني احد في المعاملة لا في الحقل و لا في السوق " (2)

- المصدر السابق ( ص 47)
2- المصدر السابق ( ص 42)


(9)
ومـوقـف أخـر كـان أشـد وطأة على نفس زهرة عندما هربت من القرية لـكي لا تـتزوج مـن الـرجـل الـعجـوز وعـلى الـرغم من توسلات أختها وإقـناع زوج أختها لها بالرجوع وموقف أهل القرية من هروبها إلا أنها ظـلت قـوية وشـجاعـة تقابل هذه المواقف بثقة تامة في النفس وهذا نابع بـأن هـذا هو حـقها في الحياة فلأبد من الدفاع عنه فلا رجوع للقرية مرة أخرى لأنها ترى في القرية رمزا للمهانة و الذل و الفقر و الجهل

" لن أرجع و لو رجع الأموات .
وهم زوج أختها بالكلام ولكنها بادرته : لا شأن لك بي ! (1)

بينما رأت في المدينة عكس ذلك تماما على حد قول نجيب محفوظ

"هنا الحب و التعليم والنظافة و الأمل !" (2)

ولابـد هـنا أن نلاحـظ الـترتيب فلم يكن عشوائيا لكنه كان مقصودا فهى فـي سـن يبحث عن الـحب ، فـهى هـربـت مـن الجـواز التقلـيدي وأيضا رفـضت الجـواز مـن بـائـع الجـرائد لهذا السبب بحثا عن الحب الحقيقي وهـى طمـوحة لـن تستـطيـع الوصول لهدفها إلا بالعلم فبالتعليم سيرتقي مسـتـواها الاجتـماعي ، وهـى أيضا تدرك مدى جهل القرية وأول ملمح فيـه ينـدرج تحـت النـظـافة ، ثم صنع نسيج من الأمل في الحياه ليكسبها طعم ومذاقا خاصا .

وعـلى الـرغـم مـن نهـاية حبهـا مـع سرحان البحيري وفشلها في إقناعه بأنـها أفـضل مـن الـمدرسة الـتي خطبها وتزوجها وهذا الفشل كان سببه سـرحان البحيـري الانتـهازي نجـد أن المؤلف يصنع لنا خيطا أخر وهو طـلب منصـور باهي الإذاعـي النـاجـح الزواج منـها لكـنها تأبـى نهــاية المـطاف وتـرفـض معللة أنـها لن تقبل على كرامتها العطف و الإحسان وخاصة في الزواج .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
1- المصدر السابق ( ص 68)
1- المصدر السابق ( ص 69)


(10)
" أنت كريم نبيل ، وعطفك يدفعك في طريقه بلا تفكير ، كلا ، لن أقبل ذلك ، وأنت لا تعنيه ، كلا و لا تعد إلى ذلك ... إني أشكر عطفك وأقدره ، ولكني لا أستطيع أن أقبله " (1)

نجـيب محفوظ هـنا في هـذه الرواية كأنه يقول لمن تجنوا عليه كلية بأنه ظـلم الـمرأة كـثيرا وكأنه يصالح من لامه لموقفه من المرأة نجده بالفعل يجسد المرأة في شخـصية زهـرة ولا يعـترينـي هنا الرمز لزهرة أكانت لمصـر أو لشيء أخر المهم هو أنه أظهر المرأة المصرية الفلاحة بشكل أنصفها تـماما ولاحظنا هذا من خلال قوتها وشجاعتها وجرأتها المعتادة فتركيـزي كان منـصبا على هذا في هـذه الرواية ولـم يكـن هـذا اعتباطا مـني لكـنه كـان عـن قصـد لنصل في النــهاية إلى إجابة السؤال هل حقا نجيب محفوظ لم ينصف المرأة ؟


منقول

صائد الأفكار 24 - 11 - 2009 09:23 PM


بيسـان 25 - 11 - 2009 04:33 PM

http://www.up.u555u.com/uploads/9fa79e3471.gif

أرب جمـال 29 - 11 - 2009 12:08 AM

الموضوع مكرر بنفس القسم


الساعة الآن 09:42 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى