زينه المرأة أمام الأجانب
اتفق الفقهاء على انه لا يجوز للمرأة ان تبدى أمام الأجانب شيئا من بدنها – باستثناء الوجه والكفين – وقد اختلفوا فى جواز إبدائها أمام الأجانب على قولين :


- القول الأول: ويقضى باعتبار الوجه والكفين من الزينة التى لا يحرم إبداؤها أمام الأجانب وان الزينة المحرمة من المرأه أمامهم جميع بدنها باستثناء الوجه والكفين .

وهذا القول ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك وهو احد قولي الشافعي


- القول الثاني : ويقضى باعتبار الوجه والكفين من الزينة التى يحرم إبداؤها أمام الأجانب عليه فجميع بدن المرأة عورة بما فيه الوجه والكفان وهذا القول للشافعية فى قولهم الثاني وللحنابلة وقد نص الإمام احمد رحمه الله فقال ( وكل شئ من المرأة عورة حتى الظفر)


سبب الخلاف:


سبب الخلاف فى ذلك كما قال ابن رشد قوله تعالى ( ولا تبدين زينتهن الا ما ظهر منها) هل هذا المستنثى المقصود منه أعضاء محدودة أم إنما المقصود ما لا يملك ظهورة؟)


فمن ذهب الى ان المقصود من ذلك ما لا يملك ظهورة عند الحركة قال: بدنها كله عورة ومن رأى المقصود من ذلك ما جرت به العادة بأنه لا يستر الوجه والكفان ذهب الى أنهما ليسا بعورة


وهذا وقد استدل كل من الفريقين بادله على قوله هذا بيانها


أدله القول الأول: وهم الأحناف والمالكية : ...


واستدل هؤلاء على ان ( الوجه والكفين) ليسا بعورة بما يلي :


أولا : من القران :


قوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها) فقد استثنت الايه ما ظهر منها اى ما دعت الحاجة الى كشفه وإظهاره وهو الوجه والكفان وقد نقل هذا عن بعض الصحافة والتابعين فقد قاله سعيد بن جبير وعطاء والاوزاعى والضحاك


ثانيا : من السنة:


استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها ونصه( ان أسماء بنت ابى بكر الصديق دخلت على رسول الله وعليها ثياب رقاق فاعرض عنها رسول الله وقال لها( يا أسماء ان المرأة اذا بلغت المحيض لم يصلح ان يرى منها الا هذا وهذا وأشار الى وجهه وكفيه )


وجه الدلاله: يدل الحديث على ان المرأة لا تبدى زينتها الا ما ظهر منها من وجهها وكفيها


ثالثا: من المعقول: وقالوا مما يدل على ان الوجه والكفين ليسا بعورة ان المرأة تكشف وجهها فى صلاتها وتكشفه أيضا فى الإحرام فلو كانا من العورة لمل أبيح لها كشفة لان ستر العورة واجب فى الصلاة والإحرام ولا تصح بدونها


ب) ادلة القول الثانى : وهم الشافعية والحنابلة


( الذين يقولون بأن الوجه والكفين عورة )


أولا : من الكتاب:


أ ) فقوله تعالى : ( ولا تبدين زينتهن) فقد حرمت الايه إبداء الزينة والزينة على قسمين خلقية ومكتسبه والوجه من الزينة الخلقيه بل هو اصل الجمال ومصدر الفتنه والأغراء أما الزينة المكتسبة فهي ما تحاول المرأة فى تحسين خلقتها كالثياب والحلي والكحل والخضاب والايه منعت ابداء الزينه مطلقا وتاولوا قوله تعالى : ( الا ما ظهر منها) ان المراد ما ظهر بدون قصد ولا عمد مثل ان يكشف الريح عن نحرها او ساقها او شئ من جسدها فهن غير مؤاخذات بذلك


ب )- استدلوا بقوله ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب )


وجه الدلاله : الايه صريحة فى عدم جواز النظر والحكم فيها عام يتناول جميع النساء


ثانيا : من السنة :


- حديث جرير بن عبد الله قال ( سالت رسول الله عن النظر الفجاة فامرني ان اصرف بصري )


- حديث الخثعمه الذى رواه ابن عباس رضي الله عنهما وفيه: ان النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل بن عباس يوم النحر خلفة وكان رجلا حسن الشعر ابيض وسيما فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله يصرف وجه الفضل الى الشق الاخر


وجه الدلاله: فى الحديثين دلاله تفيد حرمه النظر الى المرأة الاجنبيه


ثالثا : الدليل العقلي:


ان المرأة لا يجوز النظر إليها خشيه الفتنه وان وجه المرأة هو اصل جمالها ورؤيته من أعظم أسباب الفتنه والفتنه فيه أعظم من فتنه القدم والشعر والساق


الترجيح :


بعد النظر فى أدلة الفريقين والمناقشات التى دارت بينهما أرى أن الراى الأول وهو الحنفية والمالكية أرجح وذلك للأسباب الآتية :


1- قوة أدلة الجمهور وضعف الاعتراضات الواردة عليها .


2- إن كشف الوجه واليدين يتفق مع المبادئ العامة للشريعة القائمة على التيسير ورفع الحرج .


3- أن وجوب ستر الوجه لم يرد فيه نص صريح من القران فالآيات تحتمل أكثر من وجه ولا بيان واضح من السنة


4- حاجات الحياة تدعو الى كشف الوجه .


5- إن الشارع أباح كشف الوجه والكفين فى العبادات مع العلم أنه يشترط لصحة هذه العبادات ستر العورة فكيف يكون الوجه والكفان عورة ويبيح الشارع كشفهما .


6- إن وجوب ستر الوجه لو صح لانتشر وتضافرت الروايات على حكايته ولأصبح مما يعلم الدين بالضرورة وكشف الوجه يعين على تخفيف حدة الفتنة ، حين يألف الرجل خروج النساء كذلك فلا يلفتن أنظارهم .


7- إذا كان الزمان غير مأمون ، وإذا كانت المرأة جميلة ولا تؤمن الفتنة من الرجال فعليها تغطية وجهها