منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الشعر والأدب العالمي المترجم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=127)
-   -   الشاعر: فدريكو جارسيا لوركا / Federico Garcia Lorca (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=7912)

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:30 PM

الشاعر: فدريكو جارسيا لوركا / Federico Garcia Lorca
 
الشاعر: فدريكو جارسيا لوركا / Federico Garcia Lorca

نقل عن الكاتب الكبير عبد السلام مصباح



هو أحد أنشط أعضاء "جيل27 ". ولد في الخامس من يونيو1898 ب"فوينتي باكيروسFuente Vaqueros"؛ وهي قرية صغيرة تبعد عن غرناطة ، غرناطته، بعشرين كيلوميترات، من أب فلاح وأم مدرسة أدخلته إلى عالم المعرفة في سن مبكرة، ولم تكن تدري أنها بذلك حكمت عليه. كان والده يمتلك في تلك المنطقة الفلاحية الخصيبة أراض زراعية وضيعات...وسقط في فجر19 غشت من سنة1936 برصاصات آثمة رمته بها بنادق كتائبية حاقدة، خارج غرناطة؛ في منطقة "بيثنارViznar "تحت أشجار الزيتون؛ قرب نافورة،وهو لم يكتمل عقده الرابع.

نلقى دراسته في قريته ثم في "الميريا".أما المرحلة الثانوية فتابعها بغرناطة التي كانت أسرته قد انتقلت إليها؛ غير أنه لم يظهر اهتماما بدراسته، حيث كان همه الأكبر منصبا على القراءة الحرة وكتابة الأشعار إلى جانب العزف على البيانو، مما كان يغضب أساتذته؛ فكان ينال عقابا ظلت ذكرياته محفورة في أعماقه وفي كراسة يومياته: "إنني أعرف الكثير الكثير، لكن في المعهد كانوا يعطونني صفعات هائلة...".

وبعد نجاحه التحق بالجامعة ليدرس الأدب والفلسفة، وقد حدث لفتوره وقلة حماسته خلال هذه المرحلة أن رسب في مادة تاريخ اللغة الإسبانية، لكن الحدث لم يمر في صمت، كما يحدث مع غيره، فأساتذته استاءوا منه كثيرا،وأصدقاؤه استغربوا لما يعرفونه عنه من ذكاء حاد وذاكرة قوية يحسد عليها...أما الصحفي ج.م غانيدو فقد كتب مقالة، لنقل عنها مقالة تنبئية؛ ينبه فيها أساتذته هؤلاء إلى مكانة لوركا الأدبية، وأنه "سيأتي يوم يدرسون فيه شعره ويفسرونه من فوق منابرهم تلك...".

كان من عادة الجامعة أن تنظم، في نهاية كل سنة دراسية،رحلات استطلاعية تثقيفية لطلابها تحت إشراف أساتذة الجامعة أنفسهم، وفي إحدى تلك النهايات نظم "دومينكيث بارويطاDominguez Berueta"؛ أستاذ نظرية الأدب، رحلة إلى قشتالة والأندلس شارك فيها لوركا رفاقه، وقد كان من نتاجها كتابه الأول "انطباعات ومشاهدImpresiones y paisajes" الذي صدر في غرناطة سنة 1918 وهو في العشرين من عمره، وقد صدره بإهداء في ذكرى موت أستاذه "أنطونيو ساغوراAntonio Sagura" وإلى كافة الأصدقاء الذين رافقوه في الرحلة.

وفي سنة 1921 عقد صداقة عميقة وقوية مع موسيقار إسبانيا الكبير"مانويل دي فاياManuel de Falla"الذي تلقى على يديه دروسا في الموسيقى ساعدته على صقل موهبته الموسيقية ونمت في روحه تلك الرغبة الدفينة؛ فاستخدمها، كما ينبغي، في استيعاب وتسجيل الأغاني والألحان الشعبية؛ وبالأخص الأندلسية.

ظل هاجس خفي يعمل في نفسه، وطائر الأحلام يرفرف بأجنحته القزحية محاولا تكسير أسلاك ذاك القفص كي ينطلق بعيدا، بعيدا حيث الحب والدفء والخضرة، وحيث تتجمع كل العصافير المهاجرة حول ينابيع الضوء والمطر الأخضر...ظل هكذا زمنا إلى أن طار إلى مدريد واستقر بها، وفي سمائها لمع نجمه الأدبي وتألق.

ويوم22 مارس1920 تم عرض أولى مسرحياته "الرقية المؤذية للفراشةEl Maleficio de Mariposa" ، لكنها منيت بفشل ذريع، فبقي بعيدا عن المسرح سنوات، إلى أن عاد إليه في فترة كانت فيها إسبانيا يعيش بقوة الحديد والنار، في ظل الحكم القمعي الديكتاتوري لأحد أدعياء الأدب الفاشلين "بريمو دي ريفيراPrimo de Rivera"، فألف مسرحية "ماريانا بينيداMariana Pineda" التي استوحى موضوعها من تاريخ إسبانيا النضالي،وبالضبط من قصة فتاة كانت تسمى "مارياناMariana"، وهي أندلسية ، ومن غرناطة، أعدمت سنة1830

وإذا كانت أولى مسرحياته تعرضت للفشل وأخرسته زمنا؛ فإن ظهور ديوانه الأول " كتاب القصائدLibro de Poemas" سنة1921 بشر بميلاد شاعر جديد؛ كما كتب الناقد "أودولفو سالاثارSalazar" على صفحات جريدة "الشمسEl Sol"، ففيه تتجلى تلك الشفافية في الصور وتنوعها، والبساطة في الأسلوب وعفويته، وبعد قس الرؤى، وغنى في المعنى...إلى جانب نفس وجداني صادق مع إيقاع شبيه بأغاني القرويات وأغاني الغجر.

لقد كان للنجاح الذي حققه ديوانه الأول هذا أن تفتحت أمامه الآفاق الرحبة، وشرعت له أبوابها المنتديات والنوادي...كما انهالت عليه الدعوات ليلقي المحاضرات ويشارك في الأمسيات الشعرية، وأصبح له جمهور واسع يضم جميع طبقات الشعب: من الغجري البسيط إلى المثقف المتخصص؛ ومن جملة ما تلقى دعوة من المركز الفتي بغرناطة؛ حيث ألقى فيه محاضرة حول ديوانه الذي لم يكن قد صدر بعد"قصيدة الغناء الغجريPoena del Cante Jondo"، نظم على إثرها مهرجان كبير دام يومين؛ وكان من إشراف وتنسيق الموسيقار مانويل دي فايا.

وفي ربيع 1929 سافر إلى الولايات المتحدة مارا بباريس فلندن إلى أن وصل إلى عاصمة ناطحات السحب:نيويورك في يونيو؛ حيث عاش كطالب في جامعة كولوميا، ومن على منبرها أعاد بعض المحاضرات التي سبق

وألقاها بإسبانيا، ولحن بعض الأغاني التي استمد روحها من الموشحات الأندلسية ومن الفلامينكو إلى المغنية"أنطونيا ميرثيAntoňia Mirce"،ومن بينها :"الطحانون الأربعة" و"الحاجان الصغيران".

ولما كانت روحة التواقة دوما إلى الحرية، إلى الانطلاق، إلى التحليق بعيدا خارج أجوائها الطبيعية أحيانا، فقد تسلل مرة مبتعدا عن الجامعة، فقادته خطاه الشاردة إلى حي "هارلم"؛ الوجه المشوه والبشع لمدينة الإسفلت والحديد والورق...حيث تورق العفونة ويزهر البؤس والفقر...وحيث تتفتح عوسجات القتل المجاني، وتتأكسد التناقضات، وتتناسل وتتكاثر الخنافيس الإليكترونية في فضاءات الصخب الأسود، وحيث تتفجر أنهار الدم والعرق من أشلاء أجسام الزنوج المتآكلة، وحيث يباع اللحم القديد يثمن بخس، ويدرك الأطفال لحظة الولادة أن لا فردوس هناك ولا حب مجرد، ويعرفون أنهم إلى وحل الأرقام والقوانين العقيمة سوف يذهبون...احتك لوركا بسكان "هارلم" المضطهدين والمصلوبين دوما على أسنة الحياة،وعايش فقرهم الزنجي، ولاعب الأطفال...عاش حياتهم المريرة ورأى عذاباتهم السيزيفية اليومية، فأحس كأنه في غابة نأكل ذئابها خرفانها الوديعة، ورأى كيف تحول المادة الإنسان إلى آلة، إلى رقم، إلى لا شيئ...وكيف تقتل مدينة الورق والإسمنت والحديد إنسانية الإنسان وتمسخ روحه، طهره، براءته،

بساطته، تلقائيته...وقد كان من ثمار هذه الزيارة/الصدمة واحدة من أروع قصائد ديوانه "شاعر في نيويوركPoeta en Nueva York"،وهي قصيدة "نشيد إلى ملك هارلم Oda al Rey Harlem".

وحين زحف صيف 1930 عاد إلى وطنه بعد زيارة قصيرة إلى كوبا...وفي 24 دجنبر من نفس السنة قدمت له مسرحيته "الإسكافية العجيبة"على خشية المسرح الإسباني، ثم ألقى في"إقامة الطلبة" محاضرة حول ديوانه "شاعر في نيويورك" مع قراءة شعرية.

كما قام بجولة مسرحية على رأس فرقة تتألف من الطلبة ومن الفنانين المحترفين ، قدمت خلالها مسرحية"الكوخ"، وقد كان الغرض من هذه الجولة نقل المسرح إلى أبعد قرية، وحتى لا يبقى محتكرا من فئة قليلة.

غير أن عصفوره الداخلي اشتاق إلى نار السفر المقدسة، وحن إلى التحليق في الأجواء البعيدة، البعيدة جدا...غير الأجواء التي تعود عليها؛وهكذا ركب في"عربة من مياه سوداء"؛ وعاد في صيف 1932 إلى أمريكا، وهذه المرة إلى الجنوبية، حيث زار البرازيل، الأوروغواي، الأرجنتين...وفي عاصمة هذه الأخيرة"بوينس أيريسBuenos Aires" استغلت إحدى الفرق المسرحية الكبرى هذه الزيارة وعرضت ثلاثة من أحسن مسرحياته وهي:"عرس الدمBodas de Sangre" و"الإسكافية العجيبةLa Zapatera Prodigiosa" و"ماريانا بينيدا

Mariana Pineda"، كما أعاد المحاضرات التي سبق وألقاها في كل من إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ولكن أكبر كسب حمله معه عند العودة إلى وطنه هو ذاك التعارف المثمر والمتميز، ونلك الصداقة الحميمية التي ربطته بشاعر الشيلي العظيم "بابلو نيروداPablo Neruda" (12/07/1904 – 23/09/1973) الحائز على جائزة نوبل للأدب 1971 ، والتي سجلها كل واحد منهما بأسلوبه الخاص وطريقته المميزة الفريدة. ففي الفصل من مذكرات بابلو نيرود " أعترف أني عشتConfio que he vivido" والمعنون ب"إسبانيا في القلبEspaňa en el Corazón" نجد تسجيلا حيا لذلك اللقاء التاريخي وكأنهما صديقان منذ زمان؛ ذلك أن شهرتهما كانت السباقة، حتى أنهما بادرا جمهور الحضور بمفاجأة أخرست البعض وأدهشت البعض الآخر، وذلك من خلال الحفل ألتكريمي الذي أقامه على شرفهما "نادي القلم" في فتدق "بلاثاPlaza"، وذلك لإفشال مناورة الخصوم.

وحين اغتيل لوركا رثاه نيروذا بقصيدة غاضبة أشد الغضب، نقم فيها على كل شيء ، فقد كان موته المفاجئ وهو في تلك السن وفي أوج عطائه رمية أصابت نصالها منه الصميم.

وفيديركو غارسيا لوركاFederico Garcia Lorca شاعر ومسرحي؛ بل إنه شاعر الأساطير،وشعره فيجوهره رمزي؛ خلف مظهر الفولكلوري والشعبي،:بساطة في الأسلوب وبعد في الرؤى .أعماله تكشف عن مأساة كائن معذب. فلوركا دوما يعارض غريزيا وبصفته الإنسانية تقاليد المجتمع الهشة. من هذا التوتر تتدفق أعماله المتميزة الرمزية، وعالمه هو الليل بكل مهمشيه والمصلوبين على أرصفته. الليل المسكون بأحصنة سوداء حالمة، ليل مقمر دائما وأنثوي لكل مجدب وعقيم..

وقاموس لوركا اللغوي غني بالمفردات العربية: قصر، ياسمين، زيتون، طلح، ليمون، خرشوف، عنبر...حتى كتبه تحمل عناوين عربية: ديوان، قصيدة...


http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png

يتبع ..

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:40 PM

قصيدةُ الحضورِ الرهيب

أريدُ الماءَ محمولاً من مرقدِه.
أريدُ الريحَ متروكةً دون أنهار.
أريد الليلَ مطروحاً بلا عيون
وقلبي دونَ زهرةِ الذهب.
وأريد أن يتحدثَ الثورُ مع الأغصان
وأريد أن تتخلصَ الدودةً من الظلال.
وأريد أن تلمع أسنانُ الجماجم
وأريد أن يتغلغلَ الأصفرُ في الحرير.
أستطيع أن أرى مبارزةَ الليلِ الجريح
متلوياً في نزالِه مع النهار.
أنا أقاوم حلولَ السمِ الأخضر
والأقواس المكسورة حيث يعاني الوقت.
لكن لا تغمرني بنور جسدك العاري
كما لوِ الصبّار الأسود فتحَ الخيزران.
دعنى في حسراتِ الكواكبِ المظلمة
لكن لا تريني خصرك البردان.




يتبع ..



أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:41 PM

قصيدة الغرام الغير مرتقب

لا أحدَ أحاطَ بسرِ عطرِ
الماجنوليا السوداءِ في رحمِك.
لا أحد علمَ أنكِ عذبتي
طيرَ الغرامِ الطنانِ بين أسنانِك.
.
ألفُ مهرٍ فارسي أسلمَ للنوم
في ساحةِ جبينكِ المضاءةِ بنورِِ القمر
عندما كنتُ - عبرَ أربعِ ليالٍ
- أعانقُ خصرَكِ .. عدوَ الثلج.
.
نظرتكِ مابينَ الجصِ والياسمين
كانت غصناً شاحباً من البذور.
فتشتُ في قلبي كي أمنحكِ
الرسائل العاجية المسطرة بـ دوماً
.
دوماً .. دوماً .. يابستانَ لوعتي
جسدكِ يهربُ مني دوماً
الدم في عروقكِ وسط فمي
وفمكِ دونَ نورٍ يرقبُ موتي.




أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:43 PM

الأحداث التي حصلت لحلزونٍ مغامر

هناكَ عذوبة طفولية
في الصباحِ الساكن.
الأشجار مدّت
أذرعها نحو الأرض.
ضبابٌ متردد
غطى الحقول المبذورة
والعناكب نسجت
دروبها الحريرية –
خيوطاً تمتد عبر البلور النقي
للهواء.
.
في أيكةِ نبات الحور
ينبوعٌ أخذ يردد
أغنيته وسط العشب.
والحلزون المسالم
مواطن الأخدود المحفور
متواضع .. وبسيط
أخذ يتأمل المنظر.
السكون الرباني
للطبيعة
أعاره إيماناً وشجاعة
- متناسياً أشجانَ منزلهِ
الوثير – أسرّ في نفسهِ عزماً
أن يرى نهاية الطريق.
.
بدأ يزحفُ حتى دخلَ
غابة اللبلابِ
والقرّاص .. وقتَ الظهر
كان هناك ضفدعان عجوزان
يتمددانِ تحتَ الشمس
بمللٍ .. يضايقان الضفدعات العجائز.
.
" هذه الأغاني الحديثة"
أحدهم تمتم ..
" بلا معانٍ. " " كلها هكذا
ياصاحبي" أجاب
الضفدع الآخر الذي كان
مصاباً وشبه أعمى ..
" عندما كنت صبياً .. اعتقدت
أن الربّ لو سمع أخيراً
غنائنا .. سوف يرينا
بعض الرحمة. ولكن المعرفة التي اكتسبتها
- وقد عشت وعمرت طويلاً -
دفعتني أن أطرح إيماني جانباً.
والآن .. لست أغني ثانية. " ..
.
الضفدعانِ ابتهلا
طالبينَ الصدقة
من ضفدعة صغيرة
مرّت بغرور
مخلفةً وراءها أوراق العشب الراقصة.
.
متطلعاً في الغابة المظلمة
الحلزون أصابهُ الفزع.
حاولَ أن يصرخ. لم يقدر.
الضدعان اقتربا منه.
.
" هل هو فراشة؟ "
سألَ شبهُ الأعمى.
" هو يملك قرنين صغيرين"
أجاب الضفدع الآخر ..
" إنه الحلزون. حلزون..
هل جئت من أرض بعيدة ؟ "
.
" أنا جئت من بيتي .. وأريدُ
أن أرجعَ إلى بيتي في الحال. "
" إنه مخلوق جبان جداً !"
هتف الضفدع الأعمى.
" هل سبقَ لك أن غنيت؟" " أنا لا أغني "
قال الحلزون. " ولا تصلي .. أيضاً؟ "
" لا .. لم أتعلم كيف أصلي. "
" ألا تؤمن بحياةٍ أبدية ؟ "
" ماهذه ؟ "
" ماذا! أن تعيشَ دائماً
في أكثر المياه هدوءاً
بجانب تربةٍ خصبة
تنتجُ مايكفي للأكل. "
.
" عندما كنت صغيراً أخبرتني
في أحدِ الأيام جدتي المتوفاة
أنني حين أموت سوف أغادر
نحوَ الأغصان الغضة
في أكثر الأشجار علواً . "
.
" جدتك كانت ملحدةً.
الحقيقة هي ماتسمع
منّا. آمن بما نقول "
قال الضفدع الغاضب.
.
" لماذا أردت أن أرى نهاية الطريق؟"
تنهّد الحلزون. " حسنن .. صدقتكم
و بالحياةِ الأبدية
التي تبشران بها. " ..
.
الضفدعان
تحركا جانباً مستغرقان بالتفكير
والحلزون المرعوب
أكمل طريقه ضائعاً وسط الغابة.
.
الضفدعان الشحاذان
بقيا مثل أبي الهول.
أحدهما سأل:
" هل تؤمن بحياةٍ أبدية؟ "
" لا بالطبع " كان الجوابُ المفجع
للضفدع المصاب الأعمى.
" إذن .. لماذا أمرنا
الحلزون بأن يؤمن؟ "
" لماذا؟ لا أدري "
قال الضفدع الأعمى.
" تملأني العاطفة فجأة
حين أسمع صوت صغاري
يتضرعون بحرارةٍ
إلى الربِ وسط مجاري الري. " ..
.
الحلزون المسكين
حاول الرجوع. تلك اللحظة ملأتِ الطريق
أمواج الصمت
تدفقت من جوفِ أيكة نبات الحور.
صادفَ جماعةً
من النملِ الأحمر.
كانت في فوضى عارمة
يسحبنَ خلفهنَّ
نملةً أخرى
قرون استشعارها
منتزعة.
صاح الحلزون:
" أيها النملات .. تعقلنّ !
لماذا تعاملنَ بهذا الشكل
رفيقتكنّ؟
أخبرنني ماذا صنعت؟
سوف أحكم ضميري في الأمر.
أيها النملات .. أخبرنني. "
.
النملة شبه الميتة
قالت بأسى:
" رأيت النجوم. "
" ماهي النجوم؟ " صرختِ
النملات بعصبية.
سأل الحلزونُ
- مفكراً – " نجوم؟ "
" نعم " أعادتِ النملة
" رأيت النجوم.
تسلقت أعلى الأشجار
في أيكةِ نبات الحور
ورأيت آلافاً من العيون
داخلَ ظلمتي. "
سأل الحلزون:
" لكن ماهي النجوم؟ "
" إنها أضواء نتقلدها
فوق رؤوسنا. "
" نحن لا نراهنّ "
علقتِ النملات.
وأضاف الحلزون: " عيناي
لا تريان شيئا خلف الأعشاب. "
.
النملات صرخن
- ملوحاتٍ بقرونهنّ -
" سوف نقتلكِ أيتها النملة. أنتي
كسولة ومنحرفة.
قانونكِ الوحيد هنا: العمل! "
.
" رأيت النجوم "
قالتِ النملة الجريحة.
وكان حكمُ الحلزون:
" انفوها ..
أما البقية فليرجعن إلى العمل.
أغلب الظنِِ أنها ستموتُ
قريباً من الإعياء. "
.
عبرَ عذوبة الهواءِ الباعثة للغثيان
مرّت نحلة.
استنشقت النملة – وسطَ آلامِ موتها
المبرحة – رائحة المساء الضخم
وهتفت: " هذهِ هي من سوف تأتي
لتأخذني إلى النجوم. "
.
النملات الباقيات
هربنَ بسرعة عند رؤيتها ميتة.
.
تنهدَ الحلزون
وغادر بأفكارٍ خدرةٍ
مشوشة
عن الحياةِ الأبدية. " الطريق
بلا نهاية!" هتف قائلا ..ً
" ربما بهذا الإتجاه
يصل المرء إلى النجوم.
ولكن خطواتي الخرقاء
سوف تمنعني من الوصول.
يجب ألا أفكر بالنجوم ."
.
الضباب غطّى كل شيء
من الشروق الهزيل إلى السديم
أجراس الكنيسة البعيدة
دعتِ الناس إلى الصلاة
والحلزون المسالم
مواطنُ الأخدود المحفور
بذهولٍ ..و بدونِ سكينة
أخذ يتأملُ المنظر.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:45 PM

قصيدة الغرام اليائس

الليل يرفض أن يأتي
كي لا تستطيعين المجيء
ولا أستطيع القدوم.
.
لكن سوف آتي
رغم أن عقرب الشمس ينهش وسط صدغي.
.
لكن سوف تجيئين
بلسانٍ ألهبته قطرات المطر المالح.
.
النهار يرفض أن يأتي
كي لا تستطيعين المجيء
ولا أستطيع القدوم.
.
لكن سوف آتي
رامياً للضفادع قرنفلي الممضوغ.
.
لكن سوف تجيئين
عبر مجاري الظلمة الطينية.
.
الليل والنهار يرفضان القدوم
كي أموتَ من أجلكِ
وتموتين من أجلي.

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:46 PM

رومانسية القمر، لونا..


تأتي لونا إلى كيرِ الحِدادة
بتنورتها الداخليةِ و الناردين
و الصبيُ يحدقُ، يحدقُ
الصبيُ يحدقُ بقوة
.
يهبُ النسيمُ بارداً
فتحركُ لونا ذراعيها
كاشفةً عن ثدييها
عن حرارةِ و نقاءِ ثدييها
.
"اهربي، لونا، لونا، لونا.
فلو عثرَ الغجرُ عليكِ
إذن لصنعوا من قلبكِ
قلائدَ و خواتمَ فضّة"
.
"يا صبيُ، دعني ارقُص
فحينَ يأتي الغجرُ
سيجدُونكَ فوقَ السندانِ
و عيونُكَ الصغيرةُ مُغلقة."
.
"اهربي، لونا، لونا، لونا.
أستطيعُ أن أسمعَ حوافرَ خيلهم."
.
"يا صبيُ، امضِ و لكنْ
لا تطأ بياضي المُنشّأ"
.
الفرسانُ يقتربونَ أكثر
قارعينَ الطبولَ و الثرى
و في جوفِ السندانِ
الصبيُ يغلقُ عينيه.
.
عبرَ بستانِ الزيتون
يأتي الغجرُ، بلونِ البرونز
رؤوسهم مرفوعةُ للأعلى
عيونُهم نصفُ مغلقة.
.
ها، كيفَ تغني بومةُ الليل!
كيفَ تغني فوقَ شجرِ الليل!
تمضي لونا، عبرَ السماء
ممسكةً بيدِ الصبيّ.
.
في جوفِ كيرِ الحدادةِ
يبكي الغجرُ و يعوِلون
و النسيمُ يراقبُ، و يراقبُ
النسيمُ يراقبُ طوالَ الليل.
____________
"لونا" هو الاسم الاسباني المؤنث لكلمة "قمر" العربية


http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png
يتبع

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:49 PM

بكائية من أجل إغناثيو سانشيز ميخِيّاس

إلى صديقتي العزيزة انكارناثيون لوبث خوليث
*
النطحة والموت (1)
في الخامسة بَعْد الظُهر.
كانت تمام الخامسة بَعْد الظُهر.
جاء طفلٌ بملاءة بيضاء
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
قُفّةٌ من الجير جُهّزَت
في الخامسة بَعْد الظُهر.
ما تبقّى موتٌ ولا شيء سواه
في الخامسة بَعْد الظُهر.
.
سَفَت الرياحُ القطنَ
في الخامسة بَعْد الظُهر.
والأكسيد بَذَر نِيكلاً وبلّوراً (2)
في الخامسة بَعْد الظُهر.
ها هما الفهد والحمامة يتصارعان
في الخامسة بَعْد الظُهر.
وفَخِذٌ فيه قرنٌ أسِيف
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
بدأ ونين الأوتار الرتيب
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
الأجراس الزرنيخيّة والدخان
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
في الأركان جمهرات صمتٍ
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
والثورُ وحده لن تُثبَط عزيمتُه
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
حين أخذ العَرَق الثلجي يقترب
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
حين غُطّيَت الحلبة باليود
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
وضع الموتُ بيوضاً في الجرح
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
في تمام الخامسة الزواليّة
السرير نَعْشٌ ذو عجلات
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
عظامٌ ومزاميرُ ترنّ في أُدْنيه
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
ذا هو الثورُ يخور لُدن جبهته
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
كانت الغرفة مُقزّحَةً بسَكْرة الموت
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
ذي هي الغنغرينا قادمة من بعيد
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
بوق زنبقٍ في منبت الفخذين الأخضر (3)
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
كشموسٍ كانت الجراح تَلهبُ
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
وكانت الحشود تهشّم النوافذَ
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
في الخامسة بَعْْد الظُهر.
أه، يا لهول الخامسة بَعْْد الظُهر.
كانت الخامسة في كلّ الساعات
كانت الخامسة في ظل الأصيل.
.
الدم المراق
لا أريد أن أرى دمه.
.
قولوا للقمر أن يأتي
فلا أريد أن أرى دمَ
إغناثيو على الرمل.
لا أريد أن أرى دمه!
.
القمر مفتوحٌ على مصراعيه
جوادُ السُّحب الساكنة،
وحلبة المنام الرماديّة
ذات الصفصاف مدار الأسيجة.
.
لا أريد أن أرى دمَه!
فإنَّ ذاكرتي تشتعل.
ابلغوا الياسمين
ذا الزهيرات البيض!
لا أريد أن أرى دمه!
بقرةُ العالم القديم
مرّرت لسانَها الحزين
فوق مخطمِ الدماء
التي يتشرّبُها رملُ الحلبة، (4)
وثيرانُ غيساندو، (5)
كأنما هي موتٌ، حَجَرٌ،
تخور كقرنين من الزمن
سئمةً من وطء الأرض.
لا.
لا أريد أن أرى دمه!
.
عبر الدرجات يتجّه إغناثيو صُعداً
وجلُّ موتِه فوق ظهره.
كان يبحث عن الفجر
لكن الفجر لم يطلع
يتشوّف إلى طَلالَتِه الواثقة
فيضلّه المنام.
كان يبحث عن جسده الجميل
فوجد دمَه المفتوح.
لا تقولوا لي عليّ أن أرى الدّمَ!
لا أريد أن أتحسسَ الشُّخْبَة
الفاقدة كلَّ مرّةٍ قوّتها؛
تلك الشُخبة التي أخذت تنوّر (6)
المدرّجات وتَنصَبُّ
فوق مخامل
جمهور ظمآن وجلوده.
من ذا الذي يناديني كيما أُطِلُّ!
لا تقولوا لي عليّ أن أرى دمه!
.
لم يُغمض له جَفنٌ
حين رأى القَرنين قريبين،
لكنّ الأمّهات الرهيبات
أشرأبت رؤوسهنّ
ومن مَربى المواشي
ارتفعت نَدْهةُ أصواتِ سرّية،
أصواتِ رعاة الضباب الشاحب،
صارخةً إلى الثيران السماوية.
.
أميرٌ وليس كمثله
في اشبيلية أميرٌ،
ولا من سَيفٍ كسيفه،
ولا من شجاعة حقيقية إلى هذا الحد.
كسَيلٍ من الأُسود
قوّتُه المدهشة
وكتمثالٍ نصفي من المرمر
فطنته المرسومة
سيماءُ روما الأندلسية
كانت تكلل رأسَه بالذهب
بحيث غدت ضحكته سُنبُلاً
من المُلْحة والذكاء.
ما أعظمه من مصارع
ما أجوده من جبليّ!
ما أنعمه مع السنابل!
ما أقساه مع المهاميز!
ما أرقّه مع الندى!
ما أبهره في الأعياد!
ما أرهبه مع أخر
مناخس الظلمات! (7)
.
لكنّه الآنَ نائم نومةً سرمديّة.
ها هي الطحالب والأعشاب
تفتحُ بأصابع وثيقة
زهْرةَ جُمجمتِه.
هو ذا دمُه مغنّيا:
مغنّياً عبر المستنقعات والسُّهول،
ينزلق طوال القرون المتصلّبة من البرد،
يترنّح بلا روح في الضباب،
يتعثر بآلافِ الحوافر
كلسانٍ مستطيل، قاتم، كئيب،
مكوّناً قرب “وادي” النجوم “الكبير”
بِركةً من النزع الأخير.
آه يا جدارَ أسبانيا الأبيضَ!
آه يا ثورَ الحزن الأسودَ!
آه يا دمَ إغناثيو العسيرَ!
آه يا عندليبَ أوردتِه!
لا.
لا أريد أن أرى دمَه!
فما من كأس يحتويه،
ولا من سنونو يشربه،
ولا من صَقعة نورٍ تبرّده،
ما من أغنية ولا فيضان زنابق،
ولا من بلّور يُفضِّصَهُ.
لا.
لا أريد أن أرى دمَه!
جسدٌ حاضر (8)
بَلاطةُ الحجر (9) جبهةٌ حيث تنوح الأحلام
ليس لها ماء متعرّجٌ ولا سَرْو جليدي،
إنّها ظَهْرٌ محمولٌ فوقه الزمنُ
وأشجارُه المجبولة من الدمع، أشرطتُه وأجرامُه النّيّرة.
.
رأيتُ أمطارا رماديّةً تهرع تجاه الموج
رافعةً رهيفَ أذرعتِها المُثَقَّبةِ كالغربال،
كي لا يقتنصها الحجرُ الممدّد
الذي يطلق أعضاءها دون أن يتشرّب بالدّم.
.
فالحجر يمسكُ بالغيم والبِذار،
بهياكل القبّرات وذئاب الغَبش،
لكنّه لا يعطي أصواتاً ولا بلّورا ولا ناراً،
بل حلبات وحلبات ومزيدا من حلبات دون أسوار.
.
ها هو إغناثيو كريم الأصل والمنبت
ممدّدٌ على بَلاطة الحجر.
لقد أنتهى الأمر؛ ماذا يجري؟ انعموا النظر:
الموتُ يغطّيه بكبريت شاحب
ويعطيه رأسَ “مينوتور” داكن.
.
لقد أنتهى الأمر. من فمه يلجُ المطرُ.
مرتعباً يتركُ الهواءُ صدرَه المنخسِف.
والحبّ، المُشرّب بدموع الثلج،
يتدفّأُ في سدرة المراعي.
.
ماذا يقولون؟ صمتٌ منتن يستقرُّ.
نحن أمام جسدٍ حاضرٍ يتلاشى،
ذي شكل جليّ كان له بلابل
وها نحن نراه يمتلئ بثقوب ليس لها قرار.
.
مَن يجعّد الكفن؟ ليس صحيحاً ما يقوله!
فما من أحد هنا ليغنّي أو يبكي في ركنٍ ما،
ولا مَن يَنخسُ أو يرهب الأفعى
هنا لا أريد إلاّ عينين مستديرتين
حتّى أرى هذا الجسدَ دون راحة ممكنة.
.
أريد أن أرى هنا رجالاً أقوياءَ الصوت،
أولئك الذين يروّضون الخيل ويتحكّمون في الأنهار:
أولئك الذين ترنّ هياكلهم العظمية، ويغنّون
بأفواه مليئة بالشمس والصّوان.
.
أريد أن أراهم هنا. أمام بَلاطة الحجر
أمام هذا الجسد المحطّم العنان.
أريدهم أن يدلّوني على مخرجٍ
لهذا الربّان المقيّد بالموت.
.
أريدهم أن يلقنوني بكائية شبيهة بنهرٍ
عذب الضباب وعميق الضفاف
يجرف جسدّ إغناثيو معه حتّى يتلاشى
دون أن يسمعَ نخيرَ الثيران المضاعف.
.
علّه يتلاشى في الحلبة المستديرة للقمر
المتظاهرِ منذ الطفولة دابةً عليلة مشلولة؛
علّه يتلاشى في ليل خال من غَرَدِ الأسماك
وفي أجَمة الدخان المجمّد البيضاء.
.
لا تغطّوا وجهه بالمناديل،
أريده أنْ يعتاد على هذا الموت الذي يحمله.
اذهب يا إغناثيو. لا تسمع هذا الخوار الحار.
نمْ. حلّقْ. استرحْ: فالبحر أيضا يموت.
.
روح غائبة
لا الثورُ يعرفك ولا شجرةُ التين
لا الخيلُ، ولا نملُ دارِك.
لا الطفلُ يعرفك ولا ساعة الأصيل
لأنّكَ مُتّ إلى الأبد.
.
لا ظهرُ الحجرِ يعرفك،
لا الحريرُ الأسود حيث تتفتّت.
ولا ذاكرتُك البكماءُ تعرفك
لأنّكَ مُتّ إلى الأبد.
.
سيأتي الخريف بأبواق المحار، (10)
بأعناب الضباب وأفواج الجبال،
لكنّ أحداً لن ينظر في عينيك
لأنّكَ مُتّ إلى الأبد.
.
لأنّكَ مُتّ إلى الأبد.
ككلّ موتى الأرض،
ككلّ الموتى المنسيين
في كومة من كلاب منطفئة.
.
كلا. لا أحد يعرفك. لكنني أتغنّى بك.
أتغنّى بطَلالتكَ ولطفكَ، لفيمابعد.
بنضجِ حصافتك المرموق.
باشتهائك الموتَ وطعم فمه.
بالحزنِ الذي امتلكَتْهُ ذات مرّةٍ بهجتُك الباسلة.
.
لوقتٍ طويلٍ لن يولد، هذا إذا وُلِدَ،
أندلسيٌّ جليّ مثلك، وغنيّ بالمغامرة مثلك،
ذا أنا أُعظّم أناقتَه بنائح الكلمات،
ومتذكراً نسمة حزينة تخلّلت أشجار الزيتون.
__________________
. إحالات:
1- La cogida تعني حرفيا المَسْكة أو اللّزمة، أي نطحة القرن الجارحة جرحا جد بليغ، بحيث غالبا ما يُصاب المصارعُ إثرها بالغنغرينا الآكلة. وهذا عين ما حصل لميخيّاس فمات في اليوم الثاني. ويقال أن لوركا لم يكن بعيدا، رفض الذهاب الى المستشفى لرؤيته رغم ما توحيه
2- ترجم بعض المترجمين خصوصا الانجليز كلمة Oxido (أوكسيد) بـ rust (صدأ) مشيرين إلى مرض الشّقران في النبات. فضلت الاحتفاظ بالصورة كما هي في الأسبانية، إذ ليس هناك ما يشير إلى ذلك.
3- عصبة زنابق مشدودة على هيئة صُور. المعروف عن لوركا، كما يتضح لنا من خلال التحقيق النقدي للمسوّدات الذي قام به المختص بأعماله في اللغة الفرنسية أندريه بيلاميش، أنّ لوركا كان يشتغل قصيدته صوريا، ربما بسبب تأثره بالسوريالية. فمثلا هذا البيت: “بوق زنبق في م
4- Arena كلمة لاتينية تعني “الرمل” ومعروف عنه أنه يتشرّب الدم المراق. وقد أصبحت تعني في الانجليزية والفرنسية “حلبة” لكن احتفظت الأسبانية بالمعنى اللاتيني الأصلي. واستعمل لوركا في قصيدته كلمة La plaza كـ”حلبة”.
5- “ثيران غيساندو” تماثيل قديمة تعود إلى العهد الروماني.
6- ilumina يستعمل لوركا فعل “ينوّر” بمعنى “ينمنم أو يزخرف” مخطوطة. وثمّة مخطوطات تسمّى بالعربية “المخطوطات المنوّرة” أي المزوّقة. يذكر التوحيدي: “قال أبو سليم: كنت أكتب المصاحف فمرّ بي علي بن ابي طالب رضي الله عنه فقال: أُجلِلُ قلمك. فقصمتُ منه قَصمةً ثم
7- banderilla عصا يثبت في رأسها إبرة طويلة حادة تغرز في عنق الثور للقضاء عليه. يترجمه البعض يمغرز، لكنني فضلت كلمة منخس.
8- فضلت ترجمة عنوان المتوالية الثالثة Cuerpo presente بـ”جسد حاضر” لا بـ”جسد ظاهر للعيان أو جثمان مسجى”، حفاظا على التقابل الذي يضمره لوركا بينها وبين عنوان المتوالية الرابعة: “روح غائبة”.
9- Caracola تعني في منطقة “مورسي” زهرة متسلقة، وفي الأسبانية عموما تعني الحلزون، وصدفة جد صغيرة بيضاء، أما في اشبيلية حيث ولد ميخيّاس فتعني صدفة كبيرة يستعملها الرعاة بوقا.
*
. إغناثيو سانشيز ميخِيّاس: ولد في السادس من حزيران عام 1891 وتوفي في 12 آب 1934. كان إغناثيو سانشيز معروفا كأحد المصارعين الكبار، رغم أنه لم يمتهن هذا الفن، إذ كان غالبا ما يترك مهنة المصارعة ليركز على اهتماماته الشخصية الأدب والفلامنكو، وقد كتب مسرحية

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:51 PM

أنشودة الرغبة الأولى

في الصباح الأخضر
أردت أن أكون قلباً
قلباً
.
وفي المساءِ اليانع
أردت أن أكونَ عندليباً
عندليباً
.
( ياروح..
كوني بلونِ البرتقال
ياروح..
كوني بلونِ الحب )
.
في الصباح المفعمْ
أردت أن أكون أنا
كالقلبْ
.
وفي نهايةِ المساء
أردت أن يكون صوتي
العندليب
.
ياروح..
كوني بلون البرتقال
ياروح..
كوني بلون الحب

أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:54 PM

وداع

عندما أموت
أتركِ الشرفة مفتوحة
.
الفتى الصغير يأكل البرتقال
( أستطيع رؤيته عبر شرفتي)
.
المزارع يحصدُ القمح
( أستطيع سماعه عبر شرفتي)
.
عندما أموت
أتركِ الشرفة مفتوحة!

http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png



أرب جمـال 29 - 6 - 2010 09:57 PM

انتحار

( ربما لأنه لم يتقن هندسته ورياضياته..)
*
في العاشرةِ ذات صباح
نسي الشاب.
.
قلبه كان يمتليء سريعاً
بالأجنحة المكسورةِ والأزهار الورقية.
.
حاولَ التركيز على فمِه
لكن كلمة واحدة صغيرة بقيت.
.
عندما خلع قفازيه
سقط رماد دقيق ونحيل من كفيه.
.
من فوقِ الشرفةِ .. رأى برجاً
وأحسَ بأن نفسَه تلك الشرفة وذاك البرج.
.
وبالطبعِ لاحظَ كيف أن الساعة المعدنية
وسطَ إطارها تراقبه.
.
ورأى ظله يتمددُ مرهقاً
فوقَ الأريكةِ الحريريةِ البيضاء.
.
ثم أن الصبي ، بتقعرهِ ، ورياضية ذهنِه
حطم المرآة بواسطة فأس.
.
عندما تحطمت .. تدفق نهرٌ من الظل
ليغرقَ حجرته الوهمية.


http://dc04.arabsh.com/i/00143/isshjuaydypj.png



الساعة الآن 11:52 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى