منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القسم الإسلامي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=21)
-   -   نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=22514)

منتصر أبوفرحة 20 - 2 - 2012 11:59 PM

نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل
 
بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني عندما تكلم في العقيدة فهنا نسلم تسليما تاما بقولنا سمعنا واطعنا
ولا نقيس الأمور بالعقل
فهنا من يقرأ الحديث يذهب للعقل مباشرة كأنه سلم أو درج موجود واحد طالع ونازل عليه !!!!!!
ويعتقد أيضا أن الثلث الأخير في الاردن يختلف عنه في أمريكا !!!! فهنا يقع العقل بشكوك
فلذلك نسلم ونقول سمعنا وأطعنا وهو الأحوط والاضبط والاسلم
فنحن نؤمن أن الله ينزل نزولا حقيقيا يليق بجلال قدره وعظيم سلطانه

نجمع كلام أهل العلم في شرح هذا الحديث العظيم :

أولا سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله

سؤال :

كيف نرد على من قال: إنكم تقولون: إن الله ينـزل إلى السماء الدنيا بالثلث الأخير من الليل فإن ذلك يقتضي تركه العرش؛ لأن ثلث الليل الأخير ليس في وقت واحد على أهل الأرض؟ [1]

الجواب :
هذا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو القائل عليه الصلاة والسلام: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر))[2]. متفق على صحته، وقد بين العلماء أنه نزول يليق بالله وليس مثل نزولنا، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، فهو ينـزل كما يشاء ولا يلزم من ذلك خلو العرش فهو نزول يليق به جل جلاله، والثلث يختلف في أنحاء الدنيا وهذا شيء يختص به تعالى لا يشابه خلقه في شيء من صفاته كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[3]، وقال جل وعلا: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا[4] وقال عز وجل في آية الكرسي: وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء[5] والآيات في هذا المعنى كثيرة وهو سبحانه أعلم بكيفية نزوله، فعلينا أن نثبت النـزول على الوجه الذي يليق بالله، ومع كونه استوى على العرش، فهو ينـزل كما يليق به عز وجل ليس كنـزولنا، إذا نزل فلان من السطح خلا منه السطح، وإذا نزل من السيارة خلت منه السيارة، فهذا قياس فاسد له؛ لأنه سبحانه لا يقاس بخلقه، ولا يشبه خلقه في شيء من صفاته.
كما أننا نقول: استوى على العرش على الوجه الذي يليق به سبحانه ولا نعلم كيفية استوائه، فلا نشبهه بالخلق ولا نمثله وإنما نقول: استواء يليق بجلاله وعظمته.
ولما خاض المتكلمون في هذا المقام بغير حق حصل لهم بذلك حيرة عظيمة، حتى آل بهم الكلام إلى إنكار الله بالكلية، حتى قالوا: لا داخل العالم ولا خارج العالم ولا كذا ولا كذا، حتى وصفوه بصفات معناها العدم وإنكار وجوده سبحانه بالكلية، ولهذا ذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل السنة والجماعة تبعاً لهم فأقروا بما جاءت به النصوص من الكتاب والسنة، وقالوا: لا يعلم كيفية صفاته إلا هو سبحانه، ومن هذا ما قاله مالك رحمه الله: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيـمان به واجب والسؤال عنه بدعة) يعني: عن الكيفية ومثل ذلك ما يروى عن أم سلمة رضي الله عنها وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك رحمهما الله: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول والإيـمان بذلك واجب) ومن التزم بهذا الأمر سلم من شبهات كثيرة، ومن اعتقادات لأهل الباطل كثيرة عديدة وحسبنا أن نثبت ما جاء في النصوص وألا نزيد على ذلك.
وهكذا نقول: يسمع ويتكلم ويبصر ويغضب ويرضى على وجه يليق به سبحانه ولا يعلم كيفية صفاته إلا هو، وهذا هو طريق السلامة وطريق النجاة وطريق العلم وهو مذهب السلف الصالح، وهو المذهب الأسلم والأعلم والأحكم، وبذلك يسلم المؤمن من شبهات المشبهين، وضلالات المضللين، ويعتصم بالسنة والكتاب المبين، ويرد علم الكيفية إلى ربه سبحانه وتعالى، والله سبحانه ولي التوفيق.
[1] نشر في مجلة الدعوة، العدد 1655، بتاريخ 28 ربيع الآخر 1419هـ.

[2] أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم 1145، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة، برقم 758.

[3] سورة الشورى، الآية 11.

[4] سورة طه، الآية 110.

[5] سورة البقرة، الآية 255.



مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثامن والعشرون

من موقع الشيخ رحمه الله

******************

ثانيا : الشيخ محمد بن صالح المنجد حفظه الله :


السؤال:


عندما يُطرح علي السؤال "أين الله ؟" ، أجيب ، بأنه "فوق السماوات السبع والعرش".
لكن، إذا أخذنا الحديث الذي فيه أن الله ينزل للسماء السفلى في آخر جزء من الليل،
فإذا سأل شخص ، أين الله ؟ ، وذكر بأن الوقت (عند طرح السؤال) هو آخر ثلث من الليل ، فماهو الرد الذي يقال له ؟ ونقطة أخرى هي أن بعض الناس يقولون بأن الجزء الأخير من الليل هو مستمر في كل الوقت ( في مكان ما من الأرض وفي وقت محدد من الزمن ) ، ومن ذلك فإنهم يستنتجون أن الله ليس على عرشه .

الجواب:

الحمد لله
يجب علينا أولا معرفة عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته . فعقيدة أهل السنة والجماعة هي إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، ويعتقدون ما أمرهم الله باعتقاده فقال تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .

وقد أخبرنا الله سبحانه عن نفسه فقال تعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) الأعراف/54 وقال تعالى : ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) طه/5 وغيرها من الآيات التي فيها ذكر استواء الله تعالى على عرشه .

واستواء الله تعالى على عرشه ، علوه عليه بذاته ، علوا خاصا يليق بجلاله وعظمته لا يعلم كيفيتها إلا هو .

وقد ثبت كذلك في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ رواه البخاري( كتاب التوحيد/6940) ومسلم ( صلاة المسافرين/1262) .

والنزول عند أهل السنة معناه : أنه ينزل سبحانه بنفسه إلى السماء الدنيا نزولاً حقيقيا يليق بجلاله ولا يعلم كيفيته إلا هو .

ولكن هل يستلزم نزول الله عز وجل خلو العرش منه أو لا ؟
قال الشيخ ابن عثيمن في مثل هذا السؤال : نقول أصل هذا السؤال تنطُّعٌ وإيراده غير مشكور عليه مورده ، لأننا نسأل هل أنت أحرص من الصحابة على فهم صفات الله ؟
إن قال : نعم . فقد كذب .
وإن قال : لا . قلنا فلْيَسَعْكَ ما وسعهم ، فهم ما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : يارسول الله إذا نزل هل يخلو منه العرش ؟ وما لك ولهذا السؤال ، قل ينزل واسكت يخلو منه العرش أو ما يخلو ، هذا ليس إليك ، أنت مأمور بأن تصدِّق الخبر ، لا سيما ما يتعلق بذات الله وصفاته لأنه أمر فوق العقول .

مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين 1/204- 205

قال شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المسألة : والصواب أنه ينزل ولا يخلو منه العرش ، وروح العبد في بدنه لا تزال ليلاً ونهاراً إلى أن يموت ووقت النوم تعرج .. قال : والليل يختلف فيكون ثلث الليل بالمشرق قبل ثلثه بالمغرب ونزوله الذي أخبر به رسوله إلى سماء هؤلاء في ثلث ليلهم وإلى سماء هؤلاء في ثلث ليلهم لا يشغله شأن .. انظر مجموع فتاوى ابن تيمية 5/132

والاستواء والنزول من الصفات الفعلية التي تتعلق بمشيئة الله . فأهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك ، ولكنهم في هذا الإيمان يتحاشون التمثيل والتكييف ، أي أنهم لا يمكن أن يقع في نفوسهم أن نزول الله كنزول المخلوقين واستواءه على العرش كاستوائهم ، لأنهم يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ويعلمون بمقتضى العقل ما بين الخالق والمخلوق من التباين العظيم في الذات والصفات والأفعال ولا يمكن أن يقع في نفوسهم كيف ينزل ؟ وكيف استوى على العرش ؟ والمقصود أنهم لا يكيِّفون صفاته مع إيمانهم بأن لها كيفية لكنها غير معلومة لنا وحينئذ لا يمكن أبداً أن يتصور الكيفية .

ونحن نعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقول الله تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله .

ومن توَهَّم التَّناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما إما لقلَّة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر ، فليبحث عن العلم وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق . فإن لم يتبين له الحق فليَكِل الأمر إلى عالمه وليكُفَّ عن توهُّمِه وليقل كما قال الراسخون في العلم : ( آمنا به كل من عند ربنا ) وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما اختلاف . والله أعلم

انظر فتاوى ابن عثيمين 3/237- 238

وتوهّم تعارض النزول إلى السماء الدنيا مع الاستواء على العرش والعلو فوق السماء ناشئ عن قياس الخالق على المخلوق ، وإذا كان الإنسان لا يتصوَّر بعقله غيبيات مخلوقه كنعيم الجنة فكيف يستطيع أن يتصور الخالق عز وجل علام الغيوب ، فنؤمن بما ورد من الاستواء والنزول والعلو لله ونثبته كما يليق بجلاله وعظمته .



من موقع الشيخ


*******************************

هذا سؤال طرحه أحد الأخوة على فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح حفظه الله وكان هذا الأخ يدرس بالكلية واستاذهم يلقي عليهم الشبهات بالعقيدة ويريد أن يربط بين موضوع الشرع وموضوع العقل ، فأجاب الشيخ خالد المشيقح ردا على هذه الشبهة قائلا :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
في البداية أحب أن نقرر قاعدة أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى فنقول : القاعدة العامة عند أهل السنة والجماعة هو إثبات ما أثبته الله عز وجل لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته من الأسماء والصفات بلا تحريف، ولا تكييف، ولا تمثيل ولا تعطيل، هذه هي القاعدة العامة فإذا جاء كتاب الله وجاءت سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بإثبات اسم من الأسماء، أو صفة من الصفات فإننا نثبت هذه الصفة، ونثبتها أيضا صفة حقيقية لله سبحانه وتعالى، وإن كنا لا نعلم كيفية هذه الصفة وكون هذه الصفة، لأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا بهذه الصفة، لكن لم يبين لنا هذه الكيفية وهذه الحقيقة لهذه الصفة، فالله سبحانه وتعالى أعلم بها، وإن كنا نعتقد بأن هذه الصفة لها حقيقة ولها كيفية لكننا لا نعقلها ولا ندركها، فمثلا نزول الله سبحانه وتعالى اللي سأل عنه أخونا قد ثبت في الحديث المتواتر حديث أبى هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " ينزل ربنا حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى السماء الدنيا، فيقول من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، من يدعوني فأستجيب له وذلك كل ليلة حتى ينفجر الفجر"، فمذهب أهل السنة والجماعة يُثبت هذه الصفة الفعلية لله سبحانه وتعالى، فنقول بأن الله سبحانه وتعالى ينزل نزولاً حقيقياً يليق بجلاله وعظمته، وليس نزولاً معنوياً كما أشار إليه السائل. هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وأما كيف ينزل الله سبحانه وتعالى .. إلى آخره، وهل يخلو العرش من ذلك؟ أو لا يخلو؟ أو نحو ذلك، نقول بأننا نثبت هذه الصفة والله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، وسبب ورود بعض الأسئلة على بعض الأذهان أنهم قاسوا الخالق بالمخلوق، نعم قاسوا الخالق بالمخلوق فحصلت عندهم هذه الشُبَه وهذه التساؤلات، وكما أشرت أنت في سؤالك تحكيم العقل فيما يتعلق بما يجب إثباته لله سبحانه وتعالى، العقل ليس له مدخل في مثل هذه الأشياء وإنما المدخل في ذلك للشرع فيما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، وبذلك أيضا ما أشار إليه كون - أن الله سبحانه وتعالى ينصب أحدكم .. ينصب وجهه إلى وجه أحدكم إذا كان في الصلاة - فنقول نثبت أن الله سبحانه وتعالى ينصب وجهه لوجه عبده في الصلاة، لكن لا يلزم من ذلك أن يكون هو أمام الله سبحانه وتعالى ... أمام المصلى، فهو مستوىٍ على عرشه سبحانه وتعالى، لكن لا يلزم من ذلك أن يكون مقابل له تمام، فنحن نثبت هذه الصفة إثباتاً يليق بجلاله وعظمته، ونثبتها كما ذكرنا إثباتاً حقيقياً، والله سبحانه وتعالى ليس كمثله شئ وهو السميع العليم.
وهذه القاعدة التي ذكرتها تنهي هذه الإشكالات ويسلم الإنسان من هذه الإرادات

وأيضاً يجرد عقله من هذه الأمور، ويستريح حينئذ، يسلم له دينه.

من موقع الشيخ

**************************


الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

سئل الشيخ... كيف نجمع بين حديث أبي هريرة في النزول، وبين الواقع إذ الليل عندنا مثلاً نهار في أمريكا؟
فأجاب بقوله.. سؤالكم عن الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.. " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول .. من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفرله "، هذا لفظ البخاري في باب الدعاء والصلاة من آخر الليل. فتسألون كيف يمكن الجمع بين هذا الحديث، وبين الواقع إذ الليل عندنا مثلاً نهار في أمريكا.
فجوابه.. أنه لا إشكال في ذلك بحمد الله تعالى حتى يطلب الجمع، فإن هذا الحديث من صفات الله تعالى الفعلية، والواجب علينا نحو صفات الله تعالى سواء أكانت ذاتية كالوجه واليدين، أم معنوية كالحياة والعلم، أم فعلية كالاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا فالواجب علينا نحوها ما يلي..
1. الإيمان بها على ما جاءت به النصوص من المعاني والحقائق اللائقة بالله تعالى.
2. الكف عن محاولة تكييفها تصوراً في الذهن، أو تعبيراً في النطق، لأن ذلك من القول على الله تعالى بلا علم. وقد حرمه الله تعالى في قوله.. ) قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ( (1) . وفي قوله تعالى... ) ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً( (2). ولأن الله تعالى أعظم وأجل من أن يدرك المخلوق كنه صفاته وكيفيتها، ولأن الشيء لا يمكن إدراكه إلا بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، أو الخبر الصادق عنه، وكل ذلك منتف بالنسبة لكيفية صفات الله تعالى.
3. الكف عن تمثيلها بصفات المخلوقين سواء كان ذلك تصوراً في الذهن، أم تعبيراً في النطق لقوله تعالى... ) ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ( (3).
فإذا علمت هذا الواجب نحو صفات تعالى، لم يبق إشكال في حديث النزول ولا غيره من صفات الله تعالى وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أمته أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر مخاطباً بذلك جميع أمته في مشارق الأرض ومغاربها، وخبره هذا من علم الغيب الذي أظهره الله تعالى عليه، والذي أظهره عليه وهو الله تعالى عالم بتغير الزمن على الأرض وأن ثلث الليل عند قوم يكون نصف النهار عند آخرين مثلاً.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الأمة جميعاً بهذا الحديث الذي خصص فيه نزول الله تبارك وتعالى، بثلث الليل الآخر فإنه يكون عاماً لجميع الأمة، فمن كانوا في الثلث الآخر من الليل تحقق عندهم النزول الإلهي، وقلنا لهم : هذا وقت نزول الله تعالى بالنسبة إليكم ومن لم يكونوا في هذا الوقت فليس ثم نزول الله تعالى بالنسبة إليهم، والنبي صلى الله عليه وسلم حدد نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا بوقت خاص، فمتى كان ذلك الوقت كان النزول، ومتى انتهى انتهى النزول، وليس في ذلك أي إشكال. وهذا وإن كان الذهن قد لا يتصوره بالنسبة إلى نزول المخلوق لكن نزول الله تعالى ليس كنزول خلقه حتى يقاس به ويجعل ما كان مستحيلاً بالنسبة إلى المخلوق مستحيلاً بالنسبة إلى الخالق فمثلاً إذا طلع الفجر بالنسبة إلينا وابتدأ ثلث الليل بالنسبة إلى من كانوا غرباً قلنا : إن وقت النزول الإلهي بالنسبة إلينا قد انتهى. وبالنسبة إلى أولئك قد ابتدأ، وهذا في غاية الإمكان بالنسبة إلى صفات الله تعالى، فإن الله تعالى.. ) ليس كمثله شيء وهو السميع البصير( .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح حديث النزول: " فالنزول الإلهي لكل قوم مقدار ثلث ليلهم، فيختلف مقداره بمقادير الليل في الشمال والجنوب، كما اختلف في المشرق والمغرب، وأيضاً فإنه إذا كان ثلث الليل عند قوم فبعده بلحظة ثلث الليل عند ما يقاربهم من البلاد، فيحصل النزول الإلهي الذي أخبر به الصادق المصدوق أيضاً عند أولئك، إذا بقي ثلث ليلهم وهكذا إلى آخر العمارة" أ. هـ كلامه رحمه الله.

سئل الشيخ، أعلى الله درجته في المهديين.. من المعلوم أن الليل يدور على الكرة الأرضية والله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فمقتضى ذلك أن يكون كل الليل في السماء الدنيا فما الجواب عن ذلك؟
فأجاب بقوله.. الواجب علينا أن نؤمن بما وصف الله وسمى به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، فالتحريف في النصوص، والتعطيل في المعتقد، والتكييف في الصفة، والتمثيل في الصفة أيضاً إلا أنه أخص من التكييف لأنه تكييف مقيد بمماثلة، فيجب أن تبرأ عقيدتنا من هذه المحاذير الأربعة. ويجب على الإنسان أن يمنع نفسه عن السؤال بـ"لم " ؟ وكيف؟ فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، وكذا يمنع نفسه عن التفكير في الكيفية، وهذا الطريق إذا سلكه الإنسان استراح كثيراً، وهذه حال السلف رحمهم الله ولهذا جاء رجل إلى مالك بن أنس رحمه الله قال.. يا أبا عبد الله " الرحمن على العرش استوى " كيف استوى؟
فأطرق برأسه وعلته الرحضاء وقال.. " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً ".
وهذا الذي يقول .. إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة فيلزم من هذا أن يكون كل الليل في السماء الدنيا، لأن الليل يدور على جميع الأرض، فالثلث ينتقل من هذا المكان إلى المكان الآخر.
جوابنا عليه أن نقول... هذا سؤال لم يسأله الصحابة رضوان الله عليهم ولو كان هذا يرد على قلب المؤمن المستسلم لبينه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ونقول : ما دام ثلث الليل الأخير في هذه الجهة باقياً فالنزول فيها محقق، ومتى انتهى الليل انتفى النزول ونحن لا ندرك كيفية نزول الله ولا نحيط به علماً ونعلم أنه سبحانه ليس كمثله شيء، وعلينا أن نستسلم وأن نقول: سمعنا، وامنا، واتبعنا، وأطعنا هذه وظيفتنا

سئل الشيخ.. عما جاء في صحيفة ... من قول الكاتب: " إن نزول الله تعالى يكون في وقت لا يدريه إلا هو"؟
فأجاب بقوله.. لقد وددت أن الكاتب لم يستعجل بكتابة مثل هذا الجواب، لأن المقام خطير حيث يتعلق بصفة من صفات الله تعالى، وهذه الجملة التي وقع عنها السؤال لعلها سهو أو سبقة قلم، فإن نزول الله تعالى في وقت معلوم، حدده وعينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلث الليل، وهو واضح لا إشكال فيه، ولا يقع فيه إشكال إلا على من تصور أن نزول الله تعالى كنزول المخلوقين
، أما من قدر الله تعالى حق قدره وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق بمثل هذه الأمور الغيبية إلا بما أظهره الله عليه، وأنه صادق فيما أخبر به من ذلك، فإنه لن يشكل عليه هذا الحديث، فإنه يقول .. نزول الله تعالى ليس كنزول غيره، فإنه يكون نازلاً إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر بالنسبة لمن كانوا في ذلك الوقت، وليس نازلاً بالنسبة لمن لم يكونوا فيه، هذا مقتضى الحديث، وليس فيه إشكال.
لذا أرجو أن يكون فيما كتبت كفاية، وأن يعيد الكاتب كتابة الجواب حسبما يتبين له من هذه الكتابة التي هي مقتضى الحديث وعين دلالته، لا أقول .. لمن تأمله لأنه بمنتهى الوضوح بدون تأمل والله الموفق.


هذا ما بينه فضيلته الشيخ / محمد الصالح العثيمين
رحمه الله رحمة واسعه وأسكنه فسيح جناته ,,,,
اللهم آمين
تجد هذه الأسئلة والأجوبة في مجمع الفتوى في موقع الشيخ
البرنامج فتاوى رقم واحد .. في باب النزول ....


*********************
نكتفي بهذا القدر ان شاء الله
أتمنى أن تكون الصورة واضحة هكذا
وفق الله الجميع

الأصالة 21 - 2 - 2012 12:16 AM


رفع الله شانك اخي وبارك الله فيك بالذي افدتنا به
شكرا

شيماء يوسف 21 - 2 - 2012 12:55 AM

بارك الله تعالى فيك واحسن الله اليك


جزاك الله عنا وعن الاسلام والمسلمين خير الجزاء




السهم المصري 21 - 2 - 2012 01:49 AM

بارك الله بك ولك أخي منتصر
وجزاك الله كل خير

تقبل تحيات لك

الحسـام 21 - 2 - 2012 10:24 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ منتصر أبو فرحة
لي بعض الاسئلة بصدد هذا الموضوع
فهل تسمح لي ان أطرح ما عندي من الاسئلة لتجيب عليها
ونتحاور حوار موضوعي بالمنطق والدليل
في ما يخص هذا الموضوع ؟؟؟؟
وأكون لك من الشاكرين
مع التقدير

منتصر أبوفرحة 21 - 2 - 2012 10:37 PM

ضع أي سؤال تريده
ولادخل للموضوعية والمنطق هنا
فقط ادلة شرعية واقوال اهل العلم الربانيين
انتظر اسالتك

منتصر أبوفرحة 21 - 2 - 2012 10:38 PM

وإياكم إخواني وفيكم بارك الله جميعا ونفع الله بالجميع

الحسـام 22 - 2 - 2012 07:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منتصر أبوفرحة (المشاركة 226946)
ضع أي سؤال تريده
ولادخل للموضوعية والمنطق هنا
فقط ادلة شرعية واقوال اهل العلم الربانيين
انتظر اسالتك


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخ منتصر بعد ما قرأت ردك بهذه الصورة
قلت لعلي أذكرُكِ بحديث رسول الله (ص)
قال http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif: { لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا. ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم } [رواه مسلم].

ولطالما انك ترفض الموضوعية والمنطق
فلا يمكن ان اطرح أي سؤال ولا يمكن ان أتحاور معك اطلاقاً
لأنني كنت أظنك واسع الأفق
واذا أرى بك لم ترد حتى السلام الذي أوصى به رسول الله (ص)
أتمنى لك التوفيق
والسلام

منتصر أبوفرحة 22 - 2 - 2012 10:46 PM

أنا موجود دائما وأي سؤال يخطر ببالك أو اي شبهة تريد أن تلقيها ستجد لها جوابا بإذن الله
رفضت المنطق والموضوعية لأان الموضوع يتعلق بالعقيدة وبالإيمان بالغيب وهنا نؤمن ونسلم ونقول سمعنا واطعنا


الساعة الآن 09:13 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى