منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القسم الإسلامي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=21)
-   -   استقم ولا تتلون (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=10528)

ميارى 3 - 10 - 2010 05:45 AM

استقم ولا تتلون
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله


جـــاء رمضان .. ومضى رمضان ..
سوقٌ قام ثمَّ انفض .. رَبِحَ فيه من رَبِح، وخَسِر فيه من خَسِر .. ويتوجع المسلم لفراق رمضان ويتذكَّر أيـــامه ولياليــه كيف كانت عامرةٌ بالخيـــرات، ممتلئةٌ بالعبـــادات، مُنيرةٌ بالطاعـــات ..

لكن، لماذا ينتكس الناس ويعودون مرة أخرى للغفلة والانشغال بدنيـــاهم بعد أن ذاقوا حلاوة القُرب من مولاهم؟!
لما مات رسول الله http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg وقف أبو بكر http://www.manhag.net/main/images/Rady%20copy.png يقول "أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ" [صحيح البخاري]

فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان قد انقضى، ومن كان يعبد الله تعالى فإن الله حيٌ لا يموت ..
إن ديننــا دين الاستقامة .. لا يصْلُح فيه التلوُّن والتفلُت والزوغان، كما قال الله سبحانه وتعالى لرسوله http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ..** [هود: 112]
لما جاء حذيفة بن اليمان http://www.manhag.net/main/images/Rady%20copy.png الموت، جلس عبد الله بن مسعود http://www.manhag.net/main/images/Rady%20copy.png عند رأسه فقال: أوصني، فقال له: ألم يأتك اليقين؟، قال ابن مسعود: بلى وعزةِ ربِّي، فقال له حذيفة: فإيـــاك والتلوُّن؛ فإن دين الله واحد.

اسْتَقِمْ على طاعة الله حتى تلقاه، فيكون ذلك يوم عيدك الحقيقي،،
http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg
كُن ربانيًا ولا تكُن رمضانيًا ..
إنك لابد أن تخرج من رمضان بقلبٍ قد أَلِفَ الطاعة وأحبها واعتادها حتى صارت له كالهواء والماء للإنسان ..

فإيــــاك أن تقتل إيمانك بالتثاقل إلى الأرض، والإخلاد إلى الكسل، والرضـــا بالقعود والنكوص،،
واعلم إن أول خطوات طريق الفشل والضيــاع: أن تتحكم فيك نفسك ..فتُسيِّرك كيف شاءت، كلما أمرتك أن تقوم تقوم، اخرج تخرج، نم تنـــام، كُل تأكل ..

لابد أن تمتلك أنت زمام المٌبــادرة وتتحكَّم في نفسك وتُذللِّها لطاعة الملك جلَّ جلاله،،
http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg
الأعمال الصالحة لم تنقطع بانتهاء رمضان ..
فالقرآن لا يُهْجَر بمجرد انتهاء رمضان، بل حافظ على وردك الثابت فيه .. دُمْ على ذلك فالقرآن هو الذي يُزكي نفسك ويُصْلِح قلبك، ويُثبتك على طريق الحق .. فلتستمر في قراءة جزءين في اليوم على الأقل، ثمَّ زد إلى ثلاثة ثمَّ إلى خمسة؛ لتختم كل أسبوع كما كان يفعل الصحابة.
كذلك القيــام لم ينقطِع، قُم كل ليلة بإحدى عشرة ركعة .. فالنبي http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg كان لا يترك قيــام الليل، فإذا فاته يومًا من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ..

http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg


والصيـــام لم ينقطع، فعليك أن تُبـــادر بصيـــام ستة أيــــام من شوال .. حتى تكون كأنك صُمت السنة كلها .. عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ http://www.manhag.net/main/images/Rady%20copy.png: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg قَالَ "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ" [صحيح مسلم]
وصيـــام ثلاثة أيــــام من كل شهر .. عن جرير http://www.manhag.net/main/images/Rady%20copy.png: عن النبي http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg قال "صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، أيام البيض: صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة" [رواه النسائي وحسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1040)]
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: أَوْصَانِي حَبِيبِي http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg بِثَلَاثٍ لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لَا أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ.[صحيح مسلم]

http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg



وصيــام الاثنين والخميــــس .. عن أبي هريرة http://www.manhag.net/main/images/Rady%20copy.png: عن رسول الله http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg قال "تُعْرَض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم"[رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1041)]
ويُستحَب الصيـــام في شهر مُحرم استحبابًا عظيمًا ..عن أبي هريرة http://www.manhag.net/main/images/Rady%20copy.png قال: قال رسول الله http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg ".. أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ"[صحيح مسلم]
فالصيـــام مدرسة لتزكية النفس وأنواع الصيــام كثيرة .. وكان الرسول http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg يصوم حتى يقول الصحابة: لا يُفْطِر، ويُفْطِر حتى يقولوا: لا يصوم.

http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg
أحب العمل أدومه وإن قلَّ ..
عن عائشة قالت: قال رسول الله http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg "أَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ"[متفق عليه] .. وسُئِلَت عائشة http://www.manhag.net/main/images/Radya%20small.png: كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg، هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنْ الْأَيَّامِ؟، قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً.[متفق عليه]، وقالت: ما كان رسول الله http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.[رواه الترمذي وصححه الألباني] .. وقد كان النبي http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg يقضي ما فاته من أوراده في رمضان في شوال، فترك في عام اعتكاف العشر الأواخر من رمضان ثم قضاه في شوال فاعتكف العشر الأول منه.

http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg
علامــات القبول
خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد فطر فقال في خطبته: أيها الناس، إنكم صمتم لله ثلاثين يومًا وقمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبَّل منكم .. كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر، فيقال له: إنه يوم فرح وسرور، فيقول: صدقتم ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملاً فلا أدري أيقبله مني أم لا؟
روي عن علي http://www.manhag.net/main/images/Rady%20copy.png أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه .. وعن ابن مسعود http://www.manhag.net/main/images/Rady%20copy.png أنه كان يقول: من هذا المقبول منا فنهنيه ومن هذا المحروم منا فنعزيه؟،

أيها المقبول هنيئًا لك .. أيها المردود، جبَّر الله مصيبتك.
[لطائف المعارف (1:232)]
http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg
وقد يسأل سائل: كيف أعرف أنني من المقبولين؟
والجواب والله أعلم:
1) أن يجد قلبه أقرب إلى الله .. وآنس به وأحب إليه، ويستشعر أن له قلبًا جديدًا ينبض بحب الله .. فهذه ثمرة الطاعة وعلامة القبول.
2) أن يحب الطاعات ويقبل عليها .. ويشعر أن أبوابها تتفتح له ويُيسر له فعلها، ويشعر أن أبواب المعاصي تُغْلَق عنه ويُصْرَف عنها، ويكرهها ويستنكف من فعلها.
3) أن لا يفقد الطاعات التي كان يقوم بها في رمضان .. بل يواظب عليها، ويستحدث بعد رمضان أعمالاً لم تكن له قبله.
4) أن لا يعود إلى الذنوب التي تاب منها في رمضان .. لأن الإساءة بعد التوبة دليل على أن توبته لم تُقْبَل؛ لذلك جاء الأمر بالعمل الصالح بعد التوبة، قال تعالى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى** [طه: 82]، وقال رسول الله http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg ".. وأتبع السيئة الحسنة تمحها .." [رواه الترمذي وحسنه الألباني] .. فاشتراط العمل الصالح بعد التوبة حزمٌ في منع الرجوع إلى الذنب.
5) استشعار المنة وعدم الإدلال بالعمل .. قد يُبتلى العبد بعد رمضان بشعور غامر أنه أدى ما عليه، وحبس نفسه في رمضان عن كثيرٍ مما يشتهيه، فتجده يوم العيد عاصيًا!!
وهذه من علامات عدم القبول: أن ينقلب على عقبيه بعد رمضان مباشرةً .. قال تعالى {.. وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ**[آل عمران: 144] .. لذلك على العبد أن يكون خائفًا على العمل وجلاً ألا يُتَقبَّل، مستشعرًا فضل الله ونعمته عليه، شاكرًا لأنعم الله، مواصلاً للذكر .. فتلك هي علامة القبول.

http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg
فوائد صيـــام ستٌ من شوال بعد رمضان
ومن علامات قبول رمضان: صيـــــام ستٌ من شوال .. ذكر ابن رجب الحنبلي فوائد عظيمة لصيام الست، فخذها هنيئًا مريئًا، ولعل فهمك لهذه الفوائد وعملك بها رزقٌ ساقه الله إليك ليقبلك ..
1) تحصيل ثواب صيـــام الدهر .. يعني أن يُكتَب للعبد صيــام عشرة أشهر مقابل صيام شهر رمضان، ويكون صيام الستة أيام قائمًا مقام ثواب صيام شهرين آخرين، فيكون العبد بذلك قد استكمل ثواب صيام دهره.
2) أن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها .. فُيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة كما ورد ذلك عن النبي http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg من وجوه متعددة .. وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره ويكمله من الأعمال ..
كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول "من لم يجد ما يتصدق به فليصم"، يعني: من لم يجد ما يخرجه صدقة الفطر في آخر رمضان فليصم بعد الفطر؛ فإن الصيام يقوم مقام الإطعام في التكفير للسيئات، كما يقوم مقامه في كفارات الأيمان وغيرها من الكفارات.
3) أن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان .. فإن الله إذا تقبَّل عمل عبد وفقه لعملٍ صالح بعده، كما قال بعضهم: "ثواب الحسنة الحسنة بعدها"، فمن عمل حسنة ثم اتبعها بحسنة بعدها؛ كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم اتبعها بسيئة؛ كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها.

فمن رام أن يعلم مدى قبول عمله من ذلك، فليعوِّد نفسه على الصيــام والقيــام من جديد؛ حتى يكون صيامه الثاني علامة قبول صيامه الأول، ويكون قيـــامه الآخر علامة على قبول قيامه السابق،،

http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg


4) شكر نعمة رمضان .. لأن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدَّم من الذنوب، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر وهو يوم الجوائز .. فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكرًا لهذه النعمة؛ فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب ..
ألم تر أن رسول الله http://i31.tinypic.com/oqezgm.jpg كان يقوم حتى تتورم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر؟، فيقول: "أفلا أكون عبدًا شكورًا"[متفق عليه]
وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، وغير ذلك من أنواع شكره فقال تعالى {.. وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ**[البقرة: 185] .. فمن جملة شكر العبد لربِّه على توفيقه لصيام رمضان وإعانته عليه، ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكرًا عقب ذلك.

http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg

كان بعض السلف إذا وُفِّقَ لقيام ليلة من الليالي، أصبح في نهاره صائمًا، ويجعل صيامه شكرًا للتوفيق للقيام.
وكان وهب بن الورد يُسأل عن ثواب شيءٍ من الأعمال كالطواف ونحوه، فيقول: لا تسألوا عن ثوابه، ولكن اسألوا ما الذي على من وُفِّق لهذا العمل من الشكر؛ للتوفيق والإعانة عليه.
كل نعمة على العبد من الله عزَّ وجلَّ في دينٍ أو دنيا يحتاج إلى شكر عليها، ثم للتوفيق للشكر عليها نعمة أخرى تحتاج إلى شكرٍ ثان، ثم التوفيق للشكر الثاني نعمة أخرى يحتاج إلى شكر آخر ..

وهكذا أبدًا فلا يقدر العبد غلى القيام بشكر النعم، وحقيقة الشكر الاعتراف بالعجز عن الشكر،،
5) أن الأعمال التي كان العبد يتقرَّب بها إلى ربِّه في شهر رمضان لا تنقطع بانقضاء رمضان؛ بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حيًا .. وذلك لأن كثيرًا من الناس يفرح بانقضاء شهر رمضان؛ لاستثقال الصيام وملله وطوله عليه، ومن كان كذلك فلا يكاد يعود إلى الصيام سريعًا .. فالعائد إلى الصيام بعد فطره يوم الفطر يدل عوده على رغبته في الصيام وأنه لم يمله ولم يستثقله ولا تكرَّه به.
قيل لبشر: إن قومًا يتعبدون ويجتهدون في رمضان، فقال: بئس القوم لا يعرفون لله حقًا إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبَّد ويجتهد السنة كلها .. سُئل الشبلي: أيهما أفضل رجب أم شعبان؟، فقال: كن ربانيًا ولا تكن شعبانيًا.

http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg
حراسة الطاعــــات
إذا كان العمل لا يُقبَل إلا بالإخلاص، بأن تكون النية فيه غير مشوبة بريــــــاء أو سُمعة .. كان لابد من حراسة ذلك العمل؛ حتى لا يتطرق إليه ضرب من ضروب الخلل ..
والحراسة تكون:
أولاً: بالحذر من الإدلال بالطاعة ..
حراسة العمل من أن يحصل من العبد به مَنٌ على الله عزَّ وجلَّ أو على خلقه، بأن ينتظر حقًا يتقاضاه من الخلق أو من الربِّ عزَّ وجلَّ .. بل يرى ذلك العمل نعمة الله عزَّ وجلَّ التي تستوجب منه شكرًا آخر، وسعيًا موصولاً، واجتهادًا غير مُنقطع إلى الممات .. فهو وإن كان ثَمَّ عمل، فلا يزال يرى نفسه أقل إخوانه وأكثرهم ذنوبًا وأشدهم عيوبًا، فما له عليهم حَقٌ يتقاضاه بعمله.
ثانيًا: بالحذر من العُجب ..
حَقُّ العمل بعد انقضائه الحذر من أن يدرك النفس به عُجبٌ .. ودفع العُجب يكون بشهود مِنَّة الله عزَّ وجلَّ عليك، وتقصير نَفْسَك ..

فتندفع رؤيتك لعملك، حين تكون مستغرقًا برؤية نعمة الله عزَّ وجلَّ عليك لا برؤية عملك،،
ثالثًا: بالحذر من الغرور ..
وحَقُّ ذلك العمل بعد انقضائه حذر النفس من الغرور، فغرورها مبنيٌّ على نسبة ما كان من السعي لكَسبِها ومن العمل لتحصيلها، وهي نسبة كاذبة غير صحيحة .. فما كان من سعي أو كسب فذلك فضل الله عزَّ وجلَّ، عطاؤه ومنته، إحسانـه وجوده .. لا نسبة لشيءٍ من ذلك للعبد ألبتة.


http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg

رابعًا: بالمداومة على الطاعــات ..
وحَقُّ ذلك العمل بعد انقضائه أن يعلم المرء أن علامة قبوله إنما هي التوفيق لنظائره وأمثاله بعد انقضائه، وأن يعلم أن انقضاء موسم ذلك العمل يعني استجماع عدوِّه قوتَهُ في حبسه عن المزيد من ذلك العمل؛ حتى يجمع العدو اللعين كل الموانع والقواطع عن الصيام والقيام وتلاوة القرآن، فيحصل بعد رمضان انحدار شديد لما كان من الأعمال الصالحة بذهابها وفواتها.
خامسًا: بالاستعانة بالله لدفع الشواغل ..
فحق تلك الأعمال التي أوتيتموها وأعانكم الله عليها أن تحذروا لها من مكايد العدو المتربص بها، حتى إذا جمع الشواغل وكَثَّر الهموم والموانع والقواطع؛ كان عندكم من استعانتكم بالله عزَّ وجلَّ واستمدادكم لقوته ما يدفع الشواغل والموانع والقواطع ..
وإلا فإن أي استسلام لتلك المشاغل يعني ذهاب رمضان وانقطاعه بأعماله الصالحات .. ويعني رجوع العبد إلى مرذول عاداته وسيء مألوفاته التي هي حبسٌ عن الله عزَّ وجلَّ، وانقطاعٌ عن السير إليه، وتقصيرٌ في تحصيل أسبــاب النجـــاة.

http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg


عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله
هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مقادير الآجال ومواقيت الأعمال ثم تنقضي سريعًا وتمضي جميعًا، والذي أوجدها وابتدعها وخصَّها بالفضائل وأودعها باقٍ لا يزول ودائمٌ لا يحول؛ هو في جميع الأوقات إلهٌ واحدٌ، ولأعمال عباده رقيبٌ مشاهد.
فسبحان من قلَّبَ عباده في اختلاف الأوقات بين وظائف الخَدَم؛ ليسبغ عليهم فيها فواضل النِعَم ويعاملهم بنهاية الجود والكرم.
لما انقضت الأشهر الحرم الثلاثة الكرام التي أولها الشهر الحرام، وآخرها شهر الصيام؛ أقبلت الأشهر الثلاثة، أشهر الحج إلى بيت الله الحرام .. فكما أن من صام رمضان وقامه غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه؛ فمن حجَّ البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.


http://www.manhag.net/main/misc/images/rose-sep.jpg

فما يمضي من عمر المؤمن ساعة من الساعات إلا ولله فيها عليه وظيفة من وظائف الطاعات .. فالمؤمن يتقلَّب بين هذه الوظائف، ويتقرَّب بها إلى مولاه وهو راجٍ خائف، والمحبُّ لا يَمَلُّ من التقرُّب بالنوافل إلى مولاه، ولا يأمل إلا قربه ورضاه.
وكل وقتٍ يخليه العبد من طاعة مولاه فقد خسره، وكل ساعة يغفل فيها عن ذكر الله تكون عليه يوم القيامة ترة .. فوا أسفاه على زمان ضاع في غير طاعته وواحسرتاه على قلبٍ بات في غير خدمته.

http://www.manhag.net/main/images/Roses_sm.png
قال بعض السلف:
"صُم الدنيا واجعل فطرك الموت"
الدنيا كلها شهر صيام المتقين؛
يصومون فيه عن الشهوات المحرمات فإذا جاءهم الموت فقد انقضى شهر صيامهم واستهلوا عيد فطرهم ..
كان أبو بكر بن عياش يقول: لو سقط من أحدكم درهم لظل يومه يقول: إنا لله، ذهب درهمي!، وهو يذهب عُمُرهُ، ولا يقول: ذهب عُمري! .. وقد كان لله أقوام يبادرون الأوقات، ويحفظون الساعات، ويلازمونها بالطاعات. [مواعظ ابن الجوزي (1:4)]

سلوا الله الثبات على الطاعات إلى الممات، وتعوذوا به من تقلُّب القلوب ومن الحور بعد الكور ..
اللهم خذ بنواصينا إلى ما تُحِبُ وترضى؛ إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير،،

عاشقة الوطن 3 - 10 - 2010 05:39 PM




وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك




شكرا على الإفادة والطرح



B-happy 3 - 10 - 2010 05:44 PM

طالما قلت انك مميزة في انتقائك للمواضيع التي وان دل هذا الانتقاء على شيء فيدل على ثقافتك العاليه

بارك الله بك وجزاك خيرا عن كل حرف في موضوعك

الغراب الأسود 24 - 10 - 2010 10:14 PM

جزاك الله خيرا على الموضوع المفيد وبارك الله بك

سما 29 - 10 - 2010 01:17 PM


على الموضوع
ولاحرمك ربـــي الأجــــر
اسأل الله العظيم رب العرش العظيم
أن يثيبك على ما طرحت خير الثواب والأجر


ميارى 30 - 10 - 2010 04:00 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشقة الوطن (المشاركة 77501)



وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك




شكرا على الإفادة والطرح




اللهم آمين ، تشرفت بمرورك عاشقة الوطن ، لك مثل ما قلت وأكثر وجزاك الله كل خير

ميارى 30 - 10 - 2010 04:02 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة b-happy (المشاركة 77506)
طالما قلت انك مميزة في انتقائك للمواضيع التي وان دل هذا الانتقاء على شيء فيدل على ثقافتك العاليه

بارك الله بك وجزاك خيرا عن كل حرف في موضوعك

بي هابي العزيزة ، شهادة اعتز بها ، أشكرك على كلماتك الطيبة ومرورك العطر . لا عدمنا هذا التواصل

ميارى 30 - 10 - 2010 04:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الغراب الأسود (المشاركة 81297)
جزاك الله خيرا على الموضوع المفيد وبارك الله بك

تشرفت بتحليقك من هنا ايها الغراب، شكري وتقديري لك

ميارى 30 - 10 - 2010 04:08 PM

اللهم آمين ، لا نملك إلا أن نقول اللهم استجب اللهم آمين ونحن نقرأ مثل هذه الدعوات الطيبة ، لك مثل ما قلت واكثر "سما" ووفقك الله لما يحبه ويرضاه

روح الياسمين 30 - 10 - 2010 04:13 PM

كان أبو بكر بن عياش يقول: لو سقط من أحدكم درهم لظل يومه يقول: إنا لله، ذهب درهمي!، وهو يذهب عُمُرهُ، ولا يقول: ذهب عُمري! .. وقد كان لله أقوام يبادرون الأوقات، ويحفظون الساعات، ويلازمونها بالطاعات.

صدق القائل يا اختي العزيزة هي هكذا حالنا نحن نضيع العمر هباء
نسأل الله ان يردنا اليه ردا حسنا
وأسأل الله ان يبارك بك ويجزيك خير الجزاء


الساعة الآن 11:54 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى